You are on page 1of 19

‫محددات التصور الديني عن اآلخر عند البيروني‬

‫الباحثة‪ :‬نسيبة الطيب بومعراف‬

‫الباحثة‪ :‬سارة صبحي مصطفى‬

‫كمية الشريعة ‪ -‬جامعة قطر‬

‫‪E-mail:n_boumaraf@hotmail.com‬‬ ‫‪E-mail: Sm1509321@qu.edu.qa‬‬

‫ممخص‬

‫يستيدؼ ىذا البحث المعنكف بػ "محددات التصكر الديني عف اآلخر عند البيركني"‪ ،‬السؤاؿ عف‬
‫العكامؿ التي شكمت تصكر البيركني عف اآلخر اليندم‪ ،‬كيجمميا في ثبلثة محددات‪ ،‬األكلى نفسية‪ ،‬كالثانية‬
‫عممية‪ ،‬كالثالثة عممية‪ ،‬كذلؾ مف خبلؿ كتابو الشيير تحقيؽ ما لميند مف مقكلة مقبكلة في العقؿ أك مرذكلة‪،‬‬
‫لنبيف كيؼ درس أدياف اليند‪ ،‬كما أدكاتو كآلياتو ككيؼ أثرت ىذه المحددات عمى دراستو في تحقيؽ التعارؼ‬
‫كالتعايش‪ .‬كيخمص البحث إلى أف ىناؾ محددات ساىمت في تبمكر تصكره المكضكعي عف اآلخر‪ ،‬كتتمثؿ‬
‫المحددات النفسية في االنفتاح كالتسامح‪ ،‬تحرم الصدؽ‪ ،‬كالتفيـ كاستيعاب االختبلؼ‪ .‬كتتمثؿ المحددات‬
‫العممية في تعدد المناىج في دراسة أدياف اليند‪ ،‬كالعكدة إلى المصادر األساسية‪ ،‬إلى جانب امتبلؾ المغة‪ ،‬أما‬
‫في المحددات العممية‪ ،‬فيي المعاينة كالمعايشة كالتفاعؿ‪.‬‬

‫الكممات المفتاحية‪ :‬اآلخر‪ ،‬التصكر‪ ،‬البيركني‪ ،‬أدياف اليند‪ ،‬التعايش‪ ،‬الحكار‪ ،‬التفاعؿ‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬

‫‪This research, entitled "Determinants of Al-Biruni's Religious Perception of the‬‬


‫‪Other", aims to ask about the factors that formed Al-Biruni's perception of the‬‬
‫‪Indian Other, and summarizes them in three determinants. The first psychological,‬‬

‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪13 Page‬‬
the second scientific, and the third practical, through his famous book
"Investigating about Indian utterance Acceptance in the mind or rejection, to show
how he studied the Indian religions, what his tools and mechanisms were, and
how these determinants affected his study in investigating acquaintance and
coexistence. The research concludes that there are determinants that contributed
to the formation of his objective perception of the other. these psychological
determinants shows clearly in openness, tolerance, insisting on honesty,
understanding and the absorption of difference. The scientific determinants are
represented in the multiplicity of approaches to the study of the religions of India,
the return to the basic sources, as well as the possession of the language, while
the practical determinants are observation, coexistence and interaction.

Keywords: the other, perception, al-Biruni, India's religions, coexistence,


dialogue, interaction.

‫مقدمة‬

‫ كتزداد‬،‫يحتؿ مكضكع التصكرات الدينية عف اآلخر مكانةن كبيرة عند الباحثيف عمى المستكل النظرم‬
‫ فمـ يعد‬،‫خصكصا مع االنفتاح اإلنساني الذم ساىمت العكلمة في تكسيع نطاقو‬
‫ن‬ ‫أىميتو عمى المستكل العممي‬
.‫أيضا‬
‫ بؿ فرض عميو الكاقع التعامؿ مع اآلخر المغاير ن‬،‫الفرد يتعامؿ مع اآلخر المماثؿ فقط‬
‫كال يمكف الحديث عف أشكاؿ التعامؿ مع اآلخر كمكقفنا منو دكف المركر عمى قضية التصكر نفسيا التي تعد‬
‫كتجسيد ليا كما‬
‫ه‬ ‫ فالسمككيات فرع عف تصكرات كامنة عف اآلخر‬،‫ركنا أساسيا في تشكيؿ مكقفنا مف اآلخر‬
.‫ىك معركؼ في عمـ االجتماع‬

‫ يدرس‬،‫ كالمعايشة‬،‫ كانطبلقا مف النمكذج البيركني الذم يعد نمكذجا فارقا في اإلنصاؼ كالمكضكعية‬،‫كمف ثـ‬
‫ىذا البحث محددات التصكر الديني لآلخر عند البيركني مف خبلؿ رحمتو إلى اليند كالمكثقة في كتابو‬
‫ ما ىي العكامؿ التي ساىمت في‬:‫ فيطرح سؤاؿ‬،"‫"تحقيق ما لمهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة‬

_____________________________________________________________________________
)0202 ‫ – عدد خاص ( ديسمبر‬3 ‫المجلد‬ 14 Page
‫تشكيؿ تصكر البيركني عف اآلخر اليندم؟ كذلؾ لممساىمة في تقديـ نمكذج محددات إسبلمي يمكف‬
‫المساىمة بو في تعزيز رؤل التعايش كالتعارؼ اإلنساني‪.‬‬

‫كلئلجابة عف ىذا السؤاؿ‪ ،‬سينتج البحث المنيج الكصفي‪ ،‬كاالستقرائي كالتحميمي في تحميؿ نصكص كتاب‬
‫البيركني سالؼ الذكر‪ ،‬كاستقراء المحددات التي يدكر حكليا مكضكع البحث‪ .‬كسيعرؼ البحث المصطمحات‬
‫األساسية في التمييد‪ ،‬ثـ يقسـ البحث إلى ثبلثة مطالب‪ ،‬يتناكؿ المطمب األكؿ المحددات النفسية‪ ،‬كفي‬
‫المطمب الثاني المحددات العممية‪ ،‬أما المطمب الثالث كاألخير فيبحث المحددات العممية‪.‬‬

‫مصطمحات البحث‪:‬‬

‫أكال‪ :‬التصكرات‪ :‬يعرؼ الجرجاني التصكر بأنو "حصكؿ صكرة الشيء في العقؿ" كما يعرفو عند المناطقة‬
‫عمى أنو "إدراؾ الماىية مف غير أف يحكـ عمييا بنفي أك إثبات" (الجرجاني‪ ،‬د‪.‬ف‪ ،‬ص‪ ،)35‬كيعد التصكر‬
‫أحد المفاىيـ األساسية في عمـ المنطؽ كالذم يأتي كقسيـ لمتصديؽ فيناؾ تصكر كىناؾ تصديؽ‪ ،‬كيعرؼ‬
‫التصكر بأنو إدراؾ القضايا كفيميا‪ ،‬أك اإلدراؾ ببل حكـ‪ ،‬أك إدراؾ المفرد‪.‬‬

‫كاذا اعتبرنا التصكر إجابة عف سؤاؿ كيؼ نفيـ فإف ىذا البحث يريد أف يبحث عف محددات ذلؾ الفيـ التي‬
‫فيمو البيركني لآلخر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اآلخر‪ :‬اآلخر في لساف العرب البف منظكر ىك "اسـ عمى أفعؿ كاألنثى أخرل‪ ،‬إال أف فيو معنى‬
‫ن‬
‫الصفة ألف أفعؿ مف كذا ال يككف إال في الصفة‪ ،‬كتصغير آخر أكيخر‪ ،‬كقكلو تعالى "فآخراف يقكماف‬
‫مقاميما" فسره الفراء فقاؿ‪ :‬معناه آخراف مف غير دينكـ مف النصارل كالييكد‪ ،‬كالجمع بالكاك كالنكف‪ ،‬كأخرياف‬
‫كأخر‪ .‬كحكي بعضيـ‪ :‬أبعد اهلل اآلخر‪ ،‬كيقاؿ‪ :‬ال مرحبا باآلخر أم باألبعد"(ابف منظكر‪ ،‬د‪.‬ف‪ ،‬ص‪)35‬‬
‫كاآلخر في منجد المغة كاألدب كالعمكـ بمعنى "غير‪ ،‬كجمع أخر كأخريات" (معمكؼ‪ ،‬د‪.‬ف‪ ،‬ص‪ )35‬أما رشيد‬
‫مسعكد فيعرؼ اآلخر في المكسكعة الفمسفية العربية عمى أنو المختمؼ أك المغاير أك المتبايف أك المتميز‪،‬‬
‫كىك يتعارض مع فكرة المماثؿ أك المماىي‪ ،‬أم أف اآلخر ليس المشابو‪( .‬زيادة‪ ،3431 ،‬ص‪.)35‬‬

‫كالديني في مصطمح "اآلخر الديني" قيد احترازم يخرج ما عدا الديني‪ ،‬كنقصد باآلخر الديني الغير أك اآلخر‬
‫المختمؼ دينيا‪ ،‬كالديني قيد احترازم يخرج ما عدا الديني كاالجتماعي كالسياسي كالثقافي‪ .‬كنقصد بمحددات‬
‫التصكر اآلخر أم العكامؿ التي ساىمت في تشكيؿ التصكرات عند البيركني‪.‬‬
‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪15 Page‬‬
‫كتجدر اإلشارة قبؿ الحديث عف المحددات أف نقدـ نبذة عف كتابو الذم ألفو إباف مككثو في اليند‬
‫برفقة السمطاف محمكد الغزنكم‪ ،‬فقد أتيحت لمبيركني فرصة التعرؼ عمى اليند كدراستيا كتعمـ لغاتيا كمحاكرة‬
‫أناسيا‪ ،‬ليذا نتج كتابو ىذا "تحقيؽ ما لميند مف مقكلة مقبكلة في العقؿ أك مرذكلة"‪ ،‬كتذكر بعض المصادر‬
‫أف البيركني كاف قد قطع كعدا لمحمكد الغزنكم أف يؤلؼ كتابا شامبل عف ببلد اليند كأحكاؿ أىميا‪ ،‬فكفى‬
‫بكعده ككاف ىذا الكتاب (الجندم‪7552 ،‬ـ‪ ،‬ص ‪)747‬‬

‫كفرغ البيركني مف كتابة الكتاب في محرـ مف عاـ ‪375‬ىػ ‪ 3553 /‬ـ‪ ،‬كىك في عمر الثامنة‬
‫كالخمسيف‪ ،‬كحكؿ أىمية ىذا الكتاب كتب إدكارد سخاك –المستشرؽ األلماني‪ -‬الذم حقؽ كتاب البيركني في‬
‫أكاخر القرف الماضي‪ ،‬أنو ضـ كافر المعمكمات التي جيميا المسممكف أثناء عصر البيركني‪ ،‬كجيميا‬
‫األكركبيكف في العصكر الحديثة (الجندم‪7552 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.)747‬‬

‫كيقع الكتاب في ‪ 255‬صفحة تقريبا‪ ،‬ككاف البيركني قد كتبو عمى دفعات حتى أتـ كتابتو كامبل في‬
‫بمدة غزنة (الجندم‪7552 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ ،)747‬كىك كتاب "قريب مف أدب الرحمة كالجغرافيا كالتاريخ‬
‫كيتقاطع مع كتب الفرؽ كالممؿ كينزع نحك مجاؿ تأريخ العمكـ كدراسة األلسف كاألساطير كىذا يعني أف كتاب‬
‫(تحقيؽ ما لميند مف مقكلة مقبكلة في العقؿ أك مرذكلة) تقاطع بيف أجناس معرفية مختمفة كاستحضار لركافد‬
‫فكرية متعددة" (مبارؾ‪ ،‬ص ‪.)533‬‬

‫كيعد الكثير مما حكاه ىذا الكتاب جديدا ليس فقط عمى الحضارة اإلسبلمية‪ ،‬بؿ الحضارة األكركبية‬
‫أيضا في عصكره الحديثة‪ ،‬كقد سبؽ البيركني في كصؼ اليند ميغاستيف السفير اإلغريقي‪ ،‬كحاجاف بكذياف‪،‬‬
‫األكؿ بعثو سمككس األكؿ عاـ ‪ 543‬ؽ‪.‬ـ إلى مؤسسة دكلة المكريا بعد ذىاب اإلسكندر عف اليند‪ ،‬كاآلخراف‬
‫كيفرؽ الباحثيف بيف دراسة البيركني لميند كدراسة مف قبمو‬ ‫قدما اليند في القرنيف الخامس كالسابع الميبلدييف‪ّ ،‬‬
‫ليا في أف البيركني لـ يدرس فقط طبيعتيا كأحكاؿ سكانيا‪ ،‬إنما لغتيا كآدابيا‪ ،‬كعاداتيا كتقاليدىا‪ ،‬ليذا يقرر‬
‫األستاذ بيمر أف ما كتبو ىؤالء ال يقارف بكتاب البيركني‪ ،‬كىك أشبو بما يكتب لمصغار (الساداتي‪3413 ،‬ـ‪،‬‬
‫ص ‪.)353‬‬

‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪16 Page‬‬
‫المطمب األول‪ :‬المحددات النفسية‪:‬‬

‫إف تفاني البيركني في جمع البيانات المباشرة إلى جانب التزامو بالدقة كالحياد الفكرم‪ ،‬يضعو في‬
‫صدارة مجاؿ الدراسات الدينية في عصره‪ ،‬بؿ لقد أصبح أسمكبو في جمع البيانات حجر الزاكية في الدراسات‬
‫األنثركبكلكجية في كقت مبكر‪ .‬كقد حفزه غياب كتابات جيدة عف اليند في عصره‪ ،‬كافتقادىا الدقة‪ ،‬إلى‬
‫الكتابة بأكبر قدر مف الدقة‪ (Senin, et l. 2019, p6) .‬كببل شؾ ىذا التفاني يكشؼ عف محددات نفسية‬
‫كامنة في شخص البيركني تجعمو يحقؽ المكضكعية‪ ،‬كمف ىذه المحددات‪:‬‬

‫أوال‪ :‬االنفتاح والتسامح‬

‫لقد أبدل البيركني انفتاحا تجاه الثقافات المختمفة‪ ،‬جعمو يعمد إلى الحكار معيا ال الجدؿ‪ ،‬كىذا الذم خطو في‬
‫نياية مقدمتو إذ أكد أف كتابو ىذا ليس كتاب حجاج كجدؿ حتى يقكـ "بإيراد حجج الخصكـ كمناقضة الزائغ‬
‫منيـ عف الحؽ" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬ص ‪.)31-33‬‬

‫كال شؾ أف الحجا ج كالجدؿ فيو مف األفكار كاالىداؼ المسبقة ما يمنع الباحث عف النظر لممكضكع بحياد‬
‫خاؿ مف األحكاـ‪ ،‬فالمجادؿ ييتـ بنقض كبلـ خصمو ميما تطمب األمر‪ ،‬كال يريد الكصكؿ إلى الحقيقة‬ ‫و‬
‫فأكرد‬
‫ُ‬ ‫بالضركرة‪ ،‬بينما البيركني يريد أف يصؿ لحقيقة ما عميو أىؿ اليند‪ ،‬فحدد كتابو بأنو "ىك كتاب حكاية‬
‫كبلـ اليند عمى كجيو" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ )31‬أم كما ىك‪.‬‬

‫كيمكف القكؿ إف تجربتو في مرافقتو كتعممو عمى يد معمميف مف مختمؼ األعراؽ كالديانات‪ ،‬ش ّكمت درسا رفع‬
‫مف كعيو الحضارم كانفتاحو‪ ،‬عمى رأسيـ معممو أبا سيؿ عيسى بف يحيى المسيحي كقد كتب ابف أبي‬
‫أصبيعة في طبقاتو أنو سمع مف اإلماـ الحكيـ ميذب الديف عبد الرحيـ بف عمي " لـ أجد أحدا مف األطباء‬
‫النصارل المتقدميف كالمتأخريف أفصح عبارة كال أجكد لفظا كال أحسف معنى مف كبلـ أبي سيؿ المسيحي"‬
‫(ابف أبي أصبيعة‪ ،)351 ،‬كتعمـ أيضا عمى يد عالـ الرياضيات أبك نصر بف عمي بف عراؽ‪ ،‬كالمحدث أبك‬
‫عمي الحسف بف عمي الجبمي‪( .‬الساداتي‪ ،3413 ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)372‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحري الصدق‬

‫يتسـ البيركني بالصدؽ‪ ،‬كقد انعكس ذلؾ في تحريو الصدؽ عبر منيجو الذم عمد إليو في تعاممو مع الخبر‪،‬‬
‫فقد حدد أكلكية النص باعتباره مصد ار مف مصادر األخبار مف خبلؿ ما كتبو في المقدمة حيث قاؿ "كالكتابة‬
‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪17 Page‬‬
‫نكع مف أنكاعو يكاد أف يككف أشرؼ مف غيره‪ ،‬فمف أيف لنا العمـ بأخبار األمـ لكال خكالد آثار القمـ؟ "‬
‫(البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ ،)35‬فالنصكص تكاد تككف أشرؼ المصادر التي تمكف الدارس مف‬
‫معرفة اآلخر الحضارم‪ ،‬لذلؾ نجد البيركني يرجع إلى الكتب في كثير مف مادتو حكؿ اليند‪ .‬كال تتساكل‬
‫المعمكمة مف مصدر مكتكب مع المصدر المسمكع لذلؾ يقكؿ "كحقيؽ عمينا أف نكرد مف كتبيـ شيئا مف‬
‫صريح كبلميـ في ىذا الباب" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ )35‬كفي سياؽ حديثو عف أصكليـ‬
‫المدخمية ف ي أحكاـ النجكـ‪ ،‬ذكر بأنو لـ يتطرؽ لمحديث عف المذنبات إال بعد االستيعاب التاـ لما في كتبيـ‬
‫عنيا‪( .‬البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)345‬‬

‫كقد تحدث البيركني عما سماه حبلكة الصدؽ إذ يقكؿ "ككما أف العدؿ في الطباع مرضي محبكب لذاتو‬
‫مرغكب في حسنو كذلؾ الصدؽ إال عند مف لـ يذؽ حبلكتو أك عرفو كتحاماه" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪ )33‬كتشير خاتمة البيركني إلى أف تحريو الصدؽ قائـ عمى دكاعي عقدية ابتغاء مرضاة اهلل كما‬
‫نراه يطمب تكفيقو في ىذه الميمة إذ يقكؿ "فمنقطع الكبلـ الذم أم ّؿ بطكلو كعرضو‪ ،‬كنستغفر اهلل في‬
‫الحكايات إال عف حؽ‪ ،‬كنستكفقو لبلعتصاـ بما يرضيو‪ ،‬كنسترشده إلى الكقكؼ عمى الباطؿ لنتّقيو إف الخير‬
‫مف عنده‪ ،‬كىك الرؤكؼ بعبيده"‪( .‬البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ )355‬كقد عمؽ )‪(Ahsanul Hadi‬‬
‫عمى ذلؾ بأنو فيو اعتراؼ أننا كبشر ننظر إلى العالـ مف منظار المجتمع كالثقافة التي ننتمي ليا‪.‬‬
‫)‪.(Ahsanul, 2015, p8‬‬

‫كتأمؿ البيركني في مقدمتو‪ ،‬اآلفات المؤثرة عمى مكضكعية الخبر كمكضكعيتو فمـ يحصرىا في سبب كاحد‬
‫بؿ تفيـ اختبلؼ الطبائع كتعدد الدكافع التي قد ينتج عنيا كركد كذب في الخبر‪ ،‬كيكرد ىذه األسباب كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬الكذب مف أجؿ تعظيـ نفس الناقؿ أك جنسو أك أصحاب ممتو‪ ،‬كىذا مف دكاعي الشيكة كالغضب‬
‫المذمكميف‪.‬‬

‫‪ -‬الكذب مف أجؿ طبقة يحبيـ أك يبغضيـ كىك مف دكاعي المحبة كالغمبة‪.‬‬

‫‪ -‬الكذب بسبب طباع في النفس جبؿ عمييا الشخص كذلؾ مف دكاعي الش اررة كالخبث‪.‬‬

‫شر‪ ،‬أك لمتقرب مف و‬


‫خير كىك مف دكاعي دناءة الطبع‬ ‫‪ -‬الكذب اتقاء و‬

‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪18 Page‬‬
‫‪ -‬الك ذب جيبل كمف دكاعيو تقميد المخبريف كالنقؿ عنيـ فيككف ىك كىك "كسائط فيما بيف السامع كبيف‬
‫المتعمد األكؿ" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.)33‬‬

‫كيكشؼ البيركني ىنا عف فيـ عظيـ لمدكاعي النفسية الكامنة كراء كؿ احتماؿ أك حالة مف الكذب‪ ،‬كيستكعب‬
‫الصكرة الكبرل التي تكجد فييا فيقكؿ إنيا عائدة "لتفاكت اليمـ كغمبة اليراش كالنزاع عمى األمـ" (البيركني‪،‬‬
‫‪3435‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ ،)35‬فيك قد كاف في عصر شيدت األمـ انفتاحا عمى بعضيا البعض‪ ،‬كخاصة‬
‫األمة اإلسبلمية التي كانت قد تكسعت كقد طرقت أبكاب الحضارات األخرل لمتعرؼ عمييا‪ ،‬كىك نفسو كاف‬
‫يحيط بو أشخاص مف مختمؼ الخمفيات الثقافية كالدينية كالقكمية‪.‬‬

‫كيمتد تحرم الصدؽ عند البيركني إلى اآلخريف كمصدر لممعرفة‪ ،‬فيك يتحرل الصادقيف لينقؿ عنيـ‪ ،‬كفي‬
‫حديثو عف أحد أخبار البحار كاألنيار‪ ،‬قرر أف ذلؾ الحديث ليس ممتنع كال مستبدع ماداـ صدر عف طرؼ‬
‫أميف‪ ،‬كثقة كممعف في أسفار البحر‪( .‬البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)322‬‬

‫كىذا مثاؿ عمى قبكلو الخبر لصدؽ صاحبو‪ ،‬كعمى الجانب اآلخر ال يعتد بالخبر إذا ما صدر ممف ىك‬
‫متساىؿ في النقؿ‪ ،‬كحالة أىؿ اليند "كلكال أف اليند في أمر الترتيب متساىمكف كعف نظاـ تكاريخ الممكؾ في‬
‫التكالي متغافمكف كالى التجازؼ عند الحيرة كالضركرة ممتجئكف ألكردنا ما ذكره قكـ منيـ" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)532‬‬

‫كبالعكدة إلى تمثؿ البيركني لمصدؽ‪ ،‬كمحاكلة تثبتو مف المعمكمة‪ ،‬يبلحظ أنو ال ينقؿ خب ار إال عف شخص‬
‫شاىد كعايف الشيء حتى يككف لممنقكؿ كزف‪ ،‬ففي الباب الذم يتحدث عف معارؼ أىؿ اليند كبحارىـ‬
‫كأنيارىـ‪ ،‬حكى عف حيكاف مائي دقيؽ كطكيؿ جدا يسمى "تندكه" كقاؿ" كسمعت بعضيـ يحكي عف المشاىدة‬
‫أف لو رأسا كرأس كمب كذنبا ذا شعب كثيرة طكيمة" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ )333‬فنجده يقيد‬
‫النقؿ عف الخبر بقيد المشاىدة‪ ،‬كشتاف بيف الخبر المنقكؿ عف عياف كالخبر المنقكؿ بدكف عياف‪.‬‬

‫كمف صكر التثبت مف المعمكمة‪ ،‬دقة البيركني في تكضيح مصادر المعمكمات التي يكتبيا‪ ،‬فمرة يكتب أنو‬
‫سمعيا مف فبلف‪ ،‬كمرة يقكؿ إنو شاىدىا‪ ،‬كتارة يكضح أنو سمعيا‪ ،‬كأخرل أنو قرأىا مف كتاب‪ .‬كيبمغ التثبت‬
‫عنده مبمغا عظيما حينما تأتي في كتابو نصكص يكتب فييا أنو يظف كيرجح‪ ،‬ليبيف أنو معتمد في ذكره‬

‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪19 Page‬‬
‫لممعمكمة عمى ظنو فييا ال متيقف منيا‪ ،‬مثؿ ما كتبو في "شاككر" أك "ششمار" الحيكاف الذم تصكره اليند‬
‫عمى ىيئة حيكاف مائي ذم أربع أرجؿ‪.‬‬

‫كأحيانا‪ ،‬يعترؼ بأنو لـ يحصؿ لو العمـ الكافي ألف يعترؼ بامتبلكو ما يصمح لمتعريؼ في ىذا الفف أك ذاؾ‬
‫(مثؿ حديثو عف األكزاف الشعرية) كيضيؼ‪" :‬إال أني مع ذلؾ أبذؿ فيو جيد المقؿ" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)357‬‬

‫ثالثا‪ :‬التفهم واستيعاب االختالف‬

‫يبلحظ المتأمؿ لكتاب البيركني أنو ييتـ في بحث العقائد كالعادات بسؤاؿ لماذا أكثر مف سؤاؿ ماذا‪ ،‬ففي‬
‫فصؿ أفرده بعنكاف في األياـ المعظمة كاألكقات المسعكدة ذكر سبب تعظيـ الينكد بعض األياـ قائبل‪" :‬األياـ‬
‫تتفاضؿ في التعظيـ بسبب صفات تنضاؼ إلييا كاألحد فإنو عند اليند بسبب الشمس كبسبب ابتداء األسبكع‬
‫فيو" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ )333‬كفي حديثو عف إطبلقيـ عدة تسميات عمى شيء كاحد‪،‬‬
‫نجده يبرر االختبلؼ فيقكؿ "فربما أحمؿ ذلؾ االختبلؼ عمى سعة المغة فإنيـ يسمكف الشيء الكاحد بأسماء‬
‫كثيرة جدا" مف ذلؾ الشمس التي سمكىا بألؼ اسـ كىـ يشبيكف في ذلؾ العرب في كثرة أسماء األسد‪،‬‬
‫كأضاؼ البيركني تفسي ار قائما عمى تفرس الشخصية اليندية إذ تحدث عف تبجحيـ بتمؾ الكثرة كعاب ذلؾ‬
‫عمييـ ألنو عدىا مف أعظـ معايب المغة‪( .‬البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ )313‬كفي مكضع آخر أكد‬
‫عمى أف اليند يقصدكف استعماؿ االشتقاقات كتكثير األسامي عمى الشيء الكاحد بؿ كيعدكنيا مفخرة‬
‫(البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ )775‬كأف السبب نفسي كليس المغة‪ ،‬ككاف االنساف ىك مف صنع‬
‫ىذه المغة‪ .‬كفي مكطف آخر يتحدث عف نفس الفكرة كأنيـ ال يستثقمكف كثرة العدد بؿ كيتبجحكف بذلؾ‪ ،‬إال‬
‫أنيـ يضطركف إلى تقميميا أثناء االستخداـ (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)537‬‬

‫كما نجد البيركني يستفتح الفصكؿ بالحديث عف الطبيعة اإلنسانية‪ ،‬مثؿ حديثو عف أف النفس تكاقة إلى كؿ‬
‫أمر منظّـ كتشمئز عما ال نظاـ لو‪ ،‬كذلؾ في معترض حديثو عف كتبيـ المنظكمة التي يقصدكف مف خبلليا‬
‫سيكلة استرجاعيا دكنما حاجة إلى العكدة إلى الكتب‪ ،‬كيفضمكنيا عمى المنثكر كاف سيؿ (البيركني‪،‬‬
‫‪3435‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .)41‬كبيف كذلؾ في تفسيره ترؾ الناس الكتاب الحؽ كتكجييـ إلى الخرافات‪ ،‬أف‬
‫"قمكب العامة إلى الخرافات أميؿ فتشكشت األخبار لذلؾ" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ )341‬كفي‬

‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪20 Page‬‬
‫مكضع آخر "كليس لمعقؿ في ىذا مدخؿ كال أعرؼ لبلختبلؼ سببا سكل التجازؼ في التعديد كيؼ اتفؽ ‪"..‬‬
‫(البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)325‬‬

‫عبلكة عمى إبداء البيركني استيعابا لبلختبلؼ ظير في تقريره أف أىؿ اليند لدييـ ما يخالؼ رسكـ أىؿ ببلدنا‬
‫تصؿ إلى أننا قد نعدىا أعجكبة (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ )374‬كعدد منيا كثي ار مف‬
‫السمككيات نذكر منيا عدـ حمقيـ الشعر‪ ،‬كأصميـ العرم لشدة الحر‪ ،‬كتحمير األسناف كغير ذلؾ‪( .‬البيركني‪،‬‬
‫‪3435‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ ،)374‬ككشؼ البيركني عف قدرة كاسعة عمى االستيعاب كرد األفعاؿ إلى سببيا‬
‫العائد لمطبيعة اإلنسانية إذ قاؿ إنو مف المعمكـ أف "غرابة الشيء تككف لعزة كجكده كقمة االعتياد في‬
‫مشاىدتو" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)374‬‬

‫كيبدم سعة في االستيعاب كبيرة أيضا في معرض حديثو عف غريب العادات مثؿ طكم الثياب مقمكبة كفرش‬
‫الفرش معككسة بما فيو انعكاس "كلست أفرد اليند بالتكبيخ عمى الجاىمية‪ ،‬فقد كاف العرب في مثميا يرتكبكف‬
‫العظائـ كالفضائح مف نكاح الحيض كالحبالى كاجتماع النفر عمى إتياف امرأة كاحدة في الطير الكاحد كادعاء‬
‫األدعياء كأكالد األضياؼ ككأد االبنة‪( "..‬البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.)357‬‬

‫كجدير بالذكر بعد المحددات النفسية السابقة‪ ،‬أف المكضكع النفسي ال يتكقؼ فقط عند حدكد الشخصية‬
‫البيركنية البلكاعية‪ ،‬بؿ ىي حاضرة أيضا في كعيو بالشخصية اليندية‪ ،‬كاإلنسانية بشكؿ عاـ‪ ،‬نجد ذلؾ‬
‫حاض ار في تفسيره مكقفيـ مف اآلخر عمى أنو "مميج" كىك القذر الذم "ال يستجيزكف مخالطتو‪ ،‬في مناكحة‬
‫كمقاربة أك مجالسة كمؤاكمة كمشاربة مف جية النجاسة‪ ،‬كيستقذركف ما تصرؼ عمى مائو كناره كعمييما مدار‬
‫المعاش " (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ )33‬كيقؼ كراء ىذه الرؤية لآلخر عند اليند‪ ،‬إلى شيء في‬
‫طباعيـ‪ ،‬مف ذلؾ "أنيـ يعتقدكف في األرض أنيا أرضيـ كفي الناس أنيـ جنسيـ كفي الممكؾ أنيـ رؤساؤىـ‬
‫كفي الديف أنو حؿ تيـ كفي العمـ أنو ما معيـ فيترؼ عكف كيتبرمكف كيعجبكف بأنفسيـ فيجيمكف‪ ،‬كفي‬
‫طباعيـ الضف بما يعرفكنو كاإلفراط في الصيانة لو عف غير أىمو منيـ فكيؼ عف غيره‪ ،‬عمى أنيـ ال يظنكف‬
‫أف في األرض غير بمدانيـ‪ ،‬كفي الناس غير سكانيا كأف لمخمؽ غيرىـ عمما حتى أنيـ إف ُحِدثكا بعمـ أك‬
‫عالـ في خراساف كفارس استجيمكا المخبر كلـ يصدقكه لآلفة المذككرة " (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص‪ )75‬كليذا يكصييـ البيركني "كلك أنيـ سافركا كخالطكا غيرىـ لرجعكا عف رأييـ" (البيركني‪ ،‬ص‪،)75‬‬
‫قميف بأف يمقى عناية أكبر مف الباحثيف‪.‬‬
‫كىذا الحضكر لمبعد النفسي في كتاب البيركني‪ ،‬ه‬
‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪21 Page‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬المحددات العممية‬

‫ال تخمك دراسة البيركني ألىؿ اليند مف محددات عممية أفضت إلى تصكره المكضكعي عف اآلخر‬
‫اليندم‪ ،‬كمنيا‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تعدد المناهج في دراسة أديان الهند وتشمل‪:‬‬

‫‪ -1‬المنهج التاريخي‪ :‬يدرس ىذا المنيج األحداث التاريخية‪ ،‬كيصفيا كيحمميا كفؽ أسس منيجية‪ ،‬مف أجؿ‬
‫فيـ الظاىرة عمى ضكء الماضي‪ .‬كيقكـ ذلؾ عمى جمع المادة العممية التاريخية مف مصادرىا األكلية كالثانكيةػ‬
‫إضافة إلى فحصيا بدقة كنقدىا‪ ،‬ثـ عرض النتائج كتفسيرىا‪.‬‬

‫مف مكاضع ذلؾ ما حكاه البيركني مف أمر اليكنانييف أياـ الجاىمية‪ ،‬كقبؿ ظيكر النصرانية‪ ،‬إذ كانكا مشتركيف‬
‫مع أىؿ اليند في العقيدة‪ ،‬فالخكاص في كؿ قكـ ىـ نفسيـ في قكـ آخر‪ ،‬كميـ يجنحكف إلى النظر كالبحث‪،‬‬
‫أما عكاميـ في كؿ قكـ ىـ نفسيـ في آخر‪ ،‬يعمدكف إلى عبادة األصناـ (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص‪ .)73‬كما عاد لمتاريخ أيضا في مطمع حديثو عف (حؽ الميت في جسده كاألحياء في أجسادىـ)‪ ،‬ففي‬
‫األزمنة األكلى كانت األجساد تمقى في الصحارم كالجباؿ‪ ،‬تجسيدا لنية دفعيا إلى السماء‪ ،‬كيخرج إلييا‬
‫المرضى أيضا فإف تشافكا عادكا إلى منازليـ‪ ،‬كاال فمصيرىـ كمصير األمكات‪ .‬كقد تطكر األمر عبر السنيف‬
‫فتركت أجسادىـ لمريح‪ ،‬إلى أف رسـ ليـ "نارايف" أف يدفعكىا إلى النار‪ ،‬كاستمر األمر عمى ذلؾ فأصبحكا‬
‫يحرقكنيا فتتبلشى مع الحرؽ كؿ رائحة أك عفكنة‪( .‬البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)352‬‬

‫‪ -2‬المنهج المقارن‪ :‬عمد البيركني إلى استخداـ المنيج المقارف الذم يبيف أكجو االختبلؼ كالتشابو بيف‬
‫ظاىرتيف أك أكثر‪ ،‬كبرز ىذا المنيج في عدة مكاطف‪ ،‬أىميا في مقدمتو التي أباف فييا عف كبير تشابو بيف‬
‫اليند كاليكناف‪ ،‬كأكضح أنو سيعمد إلى إيراد كبلـ اليند عمى كجيو ثـ يضيؼ إليو " ما لميكنانييف مف مثمو‬
‫لتعريؼ المقاربة بينيـ" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)31‬‬

‫كقد التزـ بيذا الخط في ذكر أحكاؿ اليند كايراد التشابو أك االختبلؼ مع ثقافة كأحكاؿ اليكناف متى استدعى‬
‫الحاؿ ذلؾ‪ ،‬فعندما تحدث عف أسماء الككاكب كالنجكـ كالبركج كمنازؿ القمر كأمثاؿ ذلؾ عند الييكد‪ ،‬أكرد‬
‫جرة‪ ،‬كعمؽ البيركني قائبل " كانما‬
‫كبلـ براىـ في كتاب المكاليد الكبير‪ ،‬في صكرة البرج الحادم عشر بأنو ّ‬

‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪22 Page‬‬
‫تعديدىـ إياه أك بعضو في صكر الناس دليؿ عمى أنيـ يذىبكف فيو مذىب اليكنانييف مف الرجؿ الساكب‬
‫لمماء"‪( .‬البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.)333‬‬

‫كما قارب بيف الحاؿ اليندم كاليكناني عند حديثو عف برىماند‪ ،‬التي تعني بيضة براىـ‪ ،‬كتشير عند البعض‬
‫إلى األرض التي خمقيا اهلل تعالى لبراىـ قائبل‪" :‬إني خالؽ بيضة أفعميا لسكناؾ فيو" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪،‬‬
‫مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ )315‬كيشير البيركني أف اليكنانييف يذىبكف إلى ما ىك قريب مف ىذا القكؿ في‬
‫"اسقميبيكس" المستنبط لصناعة الطب" فإنيـ عمى ما ذكر جالينكس إذا صكره كضعكا في يده بيضة لتككف‬
‫إشارة إلى كرية العالـ كمثاؿ الكؿ‪ ،‬كاف العالـ كمو محتاج إلى الطب" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص‪)315‬‬

‫كما يكرد في مكاضع أخرل مقارنة ذكر فييا صكرة السماء كاألرض في اليند‪ ،‬إذ ينقؿ عف رسالة‬
‫أرسطكطالس إلى االسكندر قكلو إف "األرض محصكرة بالماء كالماء باليكاء كاليكاء بالنار كالنار باألثير"‬
‫(البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ .)315‬كيقرر أف محؿ اآللية ىنا ىي البمدة العميا‪ ،‬كالسفمى ىي‬
‫محؿ الدكاب المائية‪ ،‬ثـ ي كرد ما يشبيو مف كبلـ اليند عبر كتاباتيـ (باج براف) قائبل‪ ":‬كفي باج براف ما‬
‫يشبيو كىك أف األرض يمسكيا الماء كالماء يمسكو النار المحض‪ ،‬كالنار يمسكيا الريح كالريح يمسكيا السماء‬
‫كالسماء يمسكيا ربيا"‪ .‬كىك حيف ذكر ىذا التشابو في القكؿ في السماكات لـ يغفؿ أكجو االختبلؼ المكجكد‬
‫كىي أنيا خالفت في الترتيب فقط‪.‬‬

‫‪ -3‬المنهج الظاهراتي‪ :‬كيطمؽ عميو أيضا المنيج الفيمكنكلكجي‪ ،‬كيقصد بو تعميؽ الحكـ‪ ،‬كيستمزـ محك أم‬
‫قصد أك نية مسبقة اتجاه اآلخر قد تكجو الدراسة نحك ما يخدـ النية –التي تنحك نحك اليكل‪ -‬ال ما يخدـ‬
‫العمـ كالمنيج العممي المكضكعي‪ .‬كقد كتب البيركني في مقدمتو ما يعكس ىذا االىتماـ‪ ،‬فكافؽ استقباح أبي‬
‫سيؿ عبد المنعـ بف عمي ابف نكح التفميسي لمف حكى عف المعتزلة قاصدا االزدراء عمييـ‪ ،‬بمجرد أنيـ‬
‫خصكمو‪ ،‬فعمؽ البيركني بالقكؿ "فأعممتُو–أم أبا سيؿ‪ -‬أف ىذه طريقة –أم قصد االزدراء عمى أحدىـ‪ -‬ق ّؿ‬
‫ما يخمكا منيا مف يقصد الحكاية عف المخالفيف كالخصكـ" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)33-33‬‬

‫كقػػد أعػػرض البيركنػػي عػػف الحكػػـ عمػػى مػػا ال عمػػـ لػػو بػػو إذ يقػػكؿ فػػي معػػرض الحػػديث عػػف عبػػادة اليكنػػاف‬
‫لؤلصػػناـ "فػػبل عمػػـ لنػػا بشػػيء منػػو كال يجػػكز أف نقضػػي عمػػى مػػا ال عمػػـ لنػػا بػػو" (البيركنػػي‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجػػع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص ‪.)32‬‬
‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪23 Page‬‬
‫كعطفا عمى ما سبؽ مف المناىج‪ُ ،‬يستنتج أنيا مناىج تحقؽ في مجمميا المنهج التكاممي الذم يرل الظاىرة‬
‫مف جميع أبعادىا‪ ،‬كمحاكال تحقيؽ أكبر فيـ لمظاىرة‪ ،‬كلعؿ ىذا كاف مطمبا عند البيركني فيك عندما أعرب‬
‫أنو سيرد كبلـ أىؿ اليند عمى كجيو‪ ،‬قرر إضافة ما لميكنانييف أيضا لما فيو مف تشابو مع أىؿ اليند خاصة‬
‫عمى مستكل العكاـ بيف الينكد كاليكنانييف‪ ،‬كما أكرد كبلـ غيرىـ مف الصكفية كالنصارل كاستفاد مف اشتراؾ‬
‫كبلميـ حكؿ االتحاد كالحمكؿ كتقارب أقكاليـ فييا‪ ،‬كيعني ىذا فيما ألبعاد التأثر كالتأثير المكجكديف في‬
‫الحضارة اليندية‪ ،‬فبل يقؼ عند الحضارة اليندية فقط بؿ يتجاكزه إلى كؿ ما لو تأثير عمييا‪ ،‬كيكسع دائرة‬
‫الفيـ أكثر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العودة إلى المصادر األساسية‪:‬‬

‫ال يرجع البيركني إلى أم كتاب يقع بيف يديو‪ ،‬بؿ يقيد األمر في الكتب األكلية لمحضارة المراد‬
‫دراستيا‪ ،‬فيك أكال يعكد إلى الكتب التي كتبيا أىؿ اليند كثانيا‪ :‬يقيد المسألة أكثر فينتقي مف أميات الكتب‬
‫اليندية ‪ ،‬فيك القائؿ‪" :‬كلنكرد في ذلؾ شيئا مف كتبيـ لئبل يككف حكايتنا كالشيء المسمكع فقط" (البيركني‪،‬‬
‫‪3435‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ )75‬كىذا يفسر لماذا تعد الكتابة عنده أشرؼ مف الخبر كالعياف‪ ،‬إذ إف النقؿ‬
‫عنيا يعني النقؿ عما ىك مكضع اتفاؽ بيف أىؿ اليند كأدعى لمتثبت المعرفي كالمكضكعية‪.‬‬

‫كعاد البيركني إلى كتابي سانؾ كبياتنجؿ‪ ،‬كما عاد إلى غيرىما مثؿ كتاب بيذ الذم يقكؿ عنو إنو‬
‫كبلـ نسبو الينكد إلى اهلل تعالى مف فـ "براىـ" كيقكـ البراىمة بتبلكتو كتعممو فيما بينيـ دكف فيـ تفسيره‪ ،‬كال‬
‫يفيـ تفسيره إال قمة‪ ،‬كينظر في معانيو كيتصرؼ في تأكيبلتو قمة قميمة عمى كجو النظر كالجدؿ‪ .‬كيفسر "بيذ"‬
‫بأنو العمـ لما ليس بمعمكـ‪ ،‬كيتضمف بيذ مسائؿ الترغيب كالترىيب بالتحديد كالتعييف كالثكاب كالعقاب‪ ،‬األكامر‬
‫كالنكاىي‪ ،‬كمعظـ مادتو عف قرابيف النار بأنكاعو‪ ،‬كالتسابيح‪( .‬البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)33‬‬

‫كفي حديثو عف أصناؼ الشيكر كالسنيف عند أىؿ اليند‪ ،‬كعاداتيـ في استفتاح الشيكر الشمسية كالقمرية‪،‬‬
‫تحدث عف االفتتاح باالستقباؿ كقاؿ بأنو سمع براىمر يفعميا لكنو لـ يتحقؽ مف كتبو بعد‪ ،‬كيبدك أف الذم‬
‫حاؿ دكف تحققو ككف الكتاب منيي عنو‪( .‬البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)717‬‬

‫كيبمغ الرجكع إلى كتب الحضارة المراد دراستيا‪ ،‬مبمغا مف األىميةن تجعؿ البيركني يذـ أصحاب ممّتو‪ ،‬فيـ‬
‫كتبكا في النجكـ دكف أف يعكدكا إلى كتبيـ كليذا يقكؿ البيركني " إف أصحابنا في ىذه الديار لـ يعيدكا طرؽ‬

‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪24 Page‬‬
‫اليند في أحكاـ النجكـ بؿ لـ يقفكا قط عمى كتاب ليـ فييا‪ ،‬فمذلؾ يظنكف بيـ المكافقة كيحككف عنيـ حكايات‬
‫ما كجدنا عندىـ منيا شيئا"‪( .‬البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)325‬‬

‫كتتضح مكانة األخذ عف المصادر األكلية عند البيركني فيما يحكيو عما ركاه أبك بكر بف زكريا الرازم حكؿ‬
‫ماني‪ ،‬كلحرصو عمى التثبت مف كبلمو ظؿ يبحث عف كتاب الرازم زمنا غير يسير قارب األربعيف عاما‪،‬‬
‫حتى كجده فأعمف "أف الرازم قد خدع بما اطمع عميو كأنو ىك نفسو ليس بخادع"‪( .‬الساداتي‪ ،3413 ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪ )373‬كيحكي عف ذلؾ في كتاب آخر فيقكؿ ‪ ":‬ذلؾ أني طالعت كتابو –أم الرازم‪ -‬في العمـ‬
‫اإلليي كىك يبادئ فيو بالداللة عمى كتب ماني كخاصة كتابو المكسكـ بسفر األسرار‪ ...‬فحرضتني الحداثة‬
‫بؿ خفاء الحقيقة عمى طمب تمؾ األسرار مف معارفي في البمداف كاألقطار‪ ،‬كبقيت في تباريح الشكؽ نيفا‬
‫كأربعيف سنة إلى أف قصدني بخكارزـ بجند مف ىمذاف متكسؿ بكتب كجدىا‪ ...‬كفييا مصحؼ قد اشتمؿ مف‬
‫كتب المانكية ‪ ...‬كمف جممتيا طمبي سفر األسرار فغشيني لو مف الفرح ما يغشى الظمآف مف رؤية الشراب‬
‫‪ ...‬ثـ اختصرت ما في السفر مف اليذياف البحث كاليجر المحض ليطالعيا مأككؼ بآفتي كسيعجؿ الشفاء‬
‫منيا‪ ،‬فيذه حاؿ أبي بكر الرازم كلست أعتقد فيو مخادعة بؿ انخداعا لما يعتقده ىك فيمف نزىيـ اهلل عف ذلؾ‬
‫كلـ يبخس حظو فيما رامو فاألعماؿ بالنيات ككفى بنفسو يكمئذ عميو حسيبا"‪( .‬الساداتي‪ ،3413 ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪.)374-373‬‬

‫كأفصح البيركني عف معرفة بالكتب األصمية ليس فقط اليندية‪ ،‬بؿ حتى التكراة (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ )53 ،‬كالقرآف‪ ،‬كاإلنجيؿ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬امتالك المغة‬

‫إف أحد األمكر التي تعيف عمى فيـ اآلخر كتككيف صكرة معمقة عنو كصحيحة‪ ،‬ىك امتبلؾ لغتيـ‪ ،‬ألف‬
‫اختبلؼ المغة يقع بو سكء الفيـ الذم يخؿ بصحة التصكر‪" ،‬فمكي تنفذ إلى أم ديف يجب أف تق أر مقدساتو‬
‫كتعاليمو بالمغة األصمية ليذا الديف" كما يقكؿ بيكمي (بيكمي‪ ،‬ص‪ ،)53‬كنظ ار لذلؾ لـ يتكاف البيركني عف‬
‫تعمـ لغاتيـ فقد تعمـ المغة السنسكريتية‪ ،‬لغتيـ القديمة‪ ،‬مما مكنو مف قراءة كتبيـ كفيميا‪ ،‬كالتكاصؿ مع‬
‫أىميا‪.‬‬

‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪25 Page‬‬
‫كما تعمـ المغة اليكنانية كعاد إلى جممة مف كتبيـ‪ ،‬كيضـ كتابو مصطمحات اليند كاليكناف كبمغاتيـ‪ ،‬كيمتزـ‬
‫البيركني ذكرىا مرة كاحدة كحد أدنى كعمى كجو التعريؼ‪ ،‬ثـ يحكلو إلى العربية بعد اإلشارة إلى معناه‬
‫المعرب إال إف كاف استعمالو باليندية أخؼ نطقا كاستعماال فإنو يفضمو عمى غيره مف‬
‫ّ‬ ‫كيستخدـ لفظيا‬
‫األلفاظ‪.‬‬

‫كيظير البيركني معرفة عالية بالمغات األخرل كالفارسية‪ ،‬فقد حكى عف "ششمار" نقبل عف كتاب المسالؾ‬
‫"سسمار " (البيركني‪3435 ،‬ـ‪،‬‬
‫لمجيياني‪ ،‬كبيف كجو المشابية بيف المفظ اليندم "ششمار" كالمفظ الفارسي ُ‬
‫مرجع سابؽ‪ ،)322 ،‬األمر الذم دعاه إلى االعتقاد بأف ىذا الحيكاف ىك الضب الكبير فيك في الفارسية‬
‫يعني سسمار‪ .‬كاف كانت معرفة المغات األخرل مما يرفع الدارس درجة فإف استيعابو لؤللفاظ المتشابية مف‬
‫مختمؼ المغات كاستحضارىا كالمقاربة بينيا ىك ما يرفعو درجات في سمـ المعرفة‪ ،‬كقد نجح البيركني في‬
‫حصاد ىذه الدرجة كبرع فييا‪.‬‬

‫كقد بدأ البيركني تعمـ المغات منذ سف صغيرة ألف المغة بالنسبة لو كانت مف العناصر البلزمة في الدراسة‬
‫المقارنة‪ .‬مكنو ىذا مف كتابة ‪ 335‬كتابا بالمغتيف العربية كالفارسية لـ ينج منيـ إال القميؿ ‪(Ahsanul,‬‬
‫)‪2015, p3‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬المحددات العممية‬

‫تتمثؿ المحددات العممية في ثبلثة عناصر‪ ،‬أكليا المعاينة ثـ المعايشة كأخي ار التفاعؿ‪ .‬كالفرؽ بيف‬
‫كخكض في الكاقع‪،‬‬
‫ُ‬ ‫المعاينة كالمعايشة أف األكلى فييا رصد لممكضكع المدركس بينما المعايشة فييا رصد‬
‫كنحسب أف ىذا ما يطمؽ عميو في العمكـ االجتماعية بالمبلحظة المشاركة كالمبلحظة غير المشاركة‪ ،‬كتشير‬
‫األكلى إلى المعايشة‪ ،‬كالثانية تشير إلى المعاينة‪ ،‬كليس الفصؿ بينيما إال فصؿ تقني‪ ،‬ألنيما لـ ينفصبل في‬
‫التجربة البيركنية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المعاينة‪:‬‬
‫تعبر المعاينة عف الحضكر المباشر في المجتمع أك الحضارة‪ ،‬كفييا مبلحظة ألفرادىا كأفكارىـ كسمككياتيـ‪.‬‬
‫إف منيج البيركني في (تحقيؽ ما لميند) قد شيد تطك ار بالمقارنة مع كتابو السابؽ (اآلثار الباقية لمقركف‬
‫السابقة) مف حيث االىتماـ بالمعاينة‪ ،‬ففي اآلثار الباقية كاف يكلي أىمية بما كتبو السمؼ حكؿ الشعكب‬

‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪26 Page‬‬
‫كتقاليدىـ كأحكاليـ لكنو في كتابو (تحقيؽ ما لميند) يحدد مكانة كبيرة لممعاينة في معرفة الشعكب‪ ،‬كيكفي‬
‫دليبل أنو قد خاض غمار ىذه التجربة عبر كتابتو ليذا الكتاب كىك في اليند كبيف أىمو‪ ،‬كىك بيذا يحقؽ‬
‫أقصى درجة مف التعرؼ عمى شعب أك أمة ما‪ ،‬عبر االلتقاء بيا كجيا لكجو‪ ،‬ال القراءة عنيا‪.‬‬

‫معيف عمى االختبلط بيـ ليذا يحدد البيركني أنيا "ذخيرة لمف راـ مخالطتيـ"‬
‫ه‬ ‫كال شؾ أف معرفة اآلخر‬
‫(البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ )33‬كالمعرفة ال تتـ دكف االتصاؿ بيـ ليذا يقرر أف "القطيعة تخفي‬
‫ما تبديو الكصمة" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ )32‬لذلؾ فقد سافر إلييـ البيركني ككتب أنيـ قكـ‬
‫يختمفكف عف العرب كالمسمميف في المغة كالديانة كالرسكـ كالعادات كالتقاليد‪ ،‬كقد أفرد أبكاب كتابو في بياف‬
‫كعد جزء كبير مما في كتابو قائـ عمى المعاينة‪.‬‬
‫ذلؾ بالتفصيؿ ّ‬
‫ثانيا‪ :‬المعايشة‪:‬‬
‫لقد القى البيركني بعض الصعكبات في معايشة المجتمع اليندم بسبب الحكاجز التي يضعيا أماـ الغريب –‬
‫خاصة المسمـ الذم ارتبط عندىـ بالغازم كالفاتح‪ ،-‬كتعكد ىذه الرؤية لآلخر عند اليند إلى شيء في‬
‫طباعيـ‪ ،‬مف ذلؾ "أنيـ يعتقدكف في األرض أنيا أرضيـ كفي الناس أنيـ جنسيـ كفي الممكؾ أنيـ رؤساؤىـ‬
‫كفي الديف أنو حمّتيـ كفي العمـ أنو ما معيـ فيترفّعكف كيتبرمكف كيعجبكف بأنفسيـ فيجيمكف‪ ،‬كفي طباعيـ‬
‫الضف بما يعرفكنو كاإلفراط في الصيانة لو عف غير أىمو منيـ فكيؼ عف غيره‪ ،‬عمى أنيـ ال يظنكف أف في‬
‫األرض غير بمدانيـ‪ ،‬كفي الناس غير سكانيا كأف لمخمؽ غيرىـ عمما حتى أنيـ إف ُح ِّدثكا بعمـ أك عالـ في‬
‫يصدقكه لآلفة المذككرة" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪،)75‬‬ ‫ّ‬ ‫خراساف كفارس استجيمكا المخبر كلـ‬
‫كليذا يكصييـ البيركني "كلك أنيـ سافركا كخالطكا غيرىـ لرجعكا عف رأييـ" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع‬
‫سابؽ‪ ،‬ص‪.)75‬‬

‫كرغـ الصعكبة‪ ،‬نجد أف المعايشة حاضرة بشكؿ كبير في كتابو‪ ،‬كيتعجب المرء مف القدرة العالية عمى‬
‫االندماج التي حققيا البيركني كم ّكنتو مف الكلكج إلى داخؿ المجتمع اليندم كسبر أغكاره‪ ،‬إنيا ببل شؾ‬
‫قرب اآلخر إليو عكض تنفيره‪.‬‬
‫حصيمة معرفة نفسية باآلخر اليندم كتعامؿ حضارم ّ‬
‫لقد كاف البيركني يقؼ مقاـ المتعايش كالمندمج مع الحضارة اليندية كالمجتمع اليندم‪ ،‬كمما يزيد العجب أف‬
‫اتصالو قد بمغ عدة أصعدة ىي‪:‬‬

‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪27 Page‬‬
‫عمى صعيد العكاـ فينقؿ طقكسيـ‪ ،‬عاداتيـ‪ ،‬معتقداتيـ‪ ،‬بؿ أيضا يحمؿ نفسية الشخصية اليندية كىذا‬ ‫‪-‬‬
‫ينبئ عف حدكث أقصى احتكاؾ بالمجتمع اليند‪ ،‬فالحديث عف أبعاد الشخصية لمجتمع ما ال ينشأ إال عف‬
‫عميؽ احتكاؾ بو‪ ،‬كمما قالو في ىذا الشأف‪( .‬البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.)75‬‬
‫‪ -‬عمى صعيد الخكاص‪ :‬كاف يحتؾ بأساتذتيـ كعممائيـ كمنجمييـ‪ ،‬منو ما حكاه عف جمكسو بيف يدييـ إذ‬
‫منجمييـ مقاـ التمميذ مف األستاذ لعجمتي فيما بينيـ كقصكرم عما ىـ فيو مف‬
‫يقكؿ" إني كنت أقؼ مف ّ‬
‫مكاضعاتيـ" (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.)75‬‬

‫ثالثا‪ :‬التفاعل الحضاري‬

‫كبعد المبلحظة لممجتمع اليندم‪ ،‬ثـ معايشتو نضيؼ ىنا عنصر التفاعؿ‪ ،‬كالى جانب تفاعؿ البيركني مع‬
‫أىؿ اليند عمى األصعدة التي سبؽ ذكرىا‪ ،‬ىناؾ شكبلف مف التفاعؿ برزا‪ ،‬كىما الترجمة‪ ،‬كالتصحيح‪.‬‬

‫‪ -3‬الترجمة‪:‬‬

‫تمثؿ الترجمة العممية التي يتـ فييا أخذ كعطاء متبادؿ‪ ،‬كتتيح الفرصة اللتقاء الثقافات كالتفاعؿ بينيا‪ ،‬كليا‬
‫دكرىا الكبير في تقدـ األمـ كالحضارات‪ ،‬كما تعمؽ مف العبلقات مع األمـ المتقدمة كتسمح بتقميص اليكة‬
‫بينيا كبيف األمـ المتخمفة‪ ،‬لذلؾ أصبحت الترجمة مقياسا لدرجة تقدـ أمة ما‪ ،‬ككمما التقت ثقافة بأخرل تنشط‬
‫الترجمة كتقكل‪ ،‬كت قرب بيف ثقافات العالـ كتسيـ إسياما كبي ار في تعزيز التفاعؿ الحضارم اإلنساني العاـ‪.‬‬
‫(الدجاني‪ ،‬ص‪.)3‬‬

‫كقد ساىـ اتقاف البيركني لمغات أىؿ اليند‪ ،‬مف ترجمة كتبيـ بقدر استطاعتو إلى لغة قكمو‪ ،‬عمى رأسيا‬
‫كتابي و"سانؾ" الذم يتحدث عف المبادئ كصفة المكجكدات ك"بياتنجؿ" الذم يضـ أصكؿ اعتقاداتيـ دكف‬
‫فركع الشرائع‪( .‬البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪ )31‬فقد نقميما إلى العربية كعاد إلييما كثي ار في تقرير‬
‫بعض المسائؿ‪.‬‬

‫‪ -7‬التصحيح‪:‬‬

‫رغـ التزاـ البيركني المنيج الفيمنكلكجي (تعميؽ الحكـ) أماـ أحكاؿ اليند كطقكسيـ كعاداتيـ كمعتقداتيـ‪ ،‬إال‬
‫أنو في سياؽ العمكـ كالمعارؼ‪ ،‬جاد بما لديو مف بضاعة عممية رأل أنيا أفضؿ مما لدييـ في جكانب‪ ،‬فتدخؿ‬
‫بالنقد كالتصكيب‪ ،‬فصكب في كتابو معمكماتيـ في الككاكب كالعمكـ كالنجكـ كالفمؾ كغيرىا‪ ،‬كقد قاؿ في ىذا‬
‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪28 Page‬‬
‫الصدد " إني كنت أقؼ مف منجمييـ مقاـ التمميذ مف األستاذ لعجمتي فيما بينيـ كقصكرم عما ىـ فيو مف‬
‫مكاضعاتيـ فمما اىتديت قميبل ليا أخذت أكقفيـ عمى العمؿ كأشير إلى شيء مف البراىيف كألكح ليـ الطرؽ‬
‫الحقيقية في الحسابات فانثالكا عمي متعجبيف كعمى االستفادة متيافتيف " (البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪،‬‬
‫ص ‪.)73-75‬‬

‫كال ينطمؽ البيركني في تصكيب عمكـ اليند عف عمـ كدراية مكسكعية فحسب‪ ،‬بؿ عف فيـ لنفسية اآلخر‬
‫تكجب عميو التدقيؽ عمى صكاب كصحة ما لديو‪ ،‬كلمتأكد مف‪ :‬ىؿ ما عندىـ ىك الحؽ؟ أـ أنيـ يتكىمكف‬
‫كيعظمكنو عف تفضيؿ عنصرم لمجرد أنو ليـ؟‬

‫كقد برز تصكيبو في عدة مكاطف مثؿ الحديث عف األكزاف في النسخة العربية مف كتاب "جرؾ" إذ أثبت‬
‫فساده كسائر األشياء المنقكلة في أىؿ زمانو ‪-‬بحسب بقكلو‪ -‬الذيف ال ييتمكف بتصحيح نقكالتيـ‪ ،‬كأضاؼ‬
‫في مكطف آخر"كىذا مف نتائج التجزيؼ في الترجمة كخمط اآلراء المختمفة مف غير معرفة" (البيركني‪،‬‬
‫صكب آراءىـ في تنصيؼ البيضة لعدـ عمميـ بأمكر السماء كاألرض‬
‫‪3435‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪ )333‬كما ّ‬
‫(البيركني‪3435 ،‬ـ‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ‪.)313‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫لقد حقؽ البيركني معرفة عميقة باآلخر الديني اليندم‪ ،‬إلى درجة اعتبرت المستشرقة األلمانية آنا‬
‫مارم شيميؿ كتاب البيركني عف اليند أكؿ كتاب مكضكعي كتب عمى اإلطبلؽ عف تاريخ الديف ( ‪Ataman,‬‬
‫‪ ،)2005, p2‬األمر الذم يستدعي السؤاؿ حكؿ المحددات التي ساىمت في تشكيؿ ىذا التصكر المكضكعي‬
‫عند البيركني عف اآلخر‪.‬‬

‫كرغـ أف البيركني لـ يمتمؾ عضكية انتماء إلى المجتمع اليندم‪ ،‬إال أنو استطاع تحقيؽ أقصى درجات فيـ‬
‫ىذا المجتمع‪ ،‬كيطرح عالـ األدياف فاخ استشكاال عمى مبدأ الفيـ في األدياف فيقكؿ‪ :‬ىؿ يكفي لتحقيؽ الفيـ‬
‫أف تككف عضكا مف المجتمع الديني محؿ الدراسة‪ ،‬يعتبر فاخ أف العضكية في مجتمع ما ليست ضامنا‬
‫لتحقيؽ الفيـ فيقكؿ‪" :‬العضكية في مجتمع ما ليست شرطا لتحقيؽ الفيـ" (بيكمي‪ ،‬ص‪ )55‬كيشترط خمسة‬
‫شركط إلى جانب العضكية كىي‪ :‬امتبلؾ معمكمات مكثفة عف الديف المدركس أك الظاىرة المدركسة‪ ،‬معرفة‬

‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪29 Page‬‬
‫العديد مف المغات‪ ،‬إدراؾ أف الديف يستحكذ عمى مشاعر كأفكار المتديف‪ ،‬كجكد ىدؼ كاضح مف أجؿ دراسة‬
‫الديف‪ ،‬إضافة إلى امتبلؾ خبرة كاسعة بالخصائص اإلنسانية‪.‬‬

‫كتتكافؽ ىذه الشركط التي حددىا فاخ‪ ،‬مع المحددات التي خمص إلييا ىذا البحث كالمتمثمة في المحددات‬
‫النفسية كالمحددات العممية‪ ،‬كالمحددات العممية‪ .‬ككشؼ البحث عف أف ىذه المحددات بأشكاليا‪ ،‬كاف ليا‬
‫األثر في تشكؿ تصكر البيركني بشكمو المكضكعي الذم جعمو رائدا في مجاؿ دراسة األدياف‪.‬‬

‫المصادر والمراجع‬

‫أوال‪ :‬المصادر‪:‬‬

‫‪ -‬البيركني‪ ،‬تحقيؽ ما لميند مف مقكلة مقبكلة في العقؿ أك مرذكلة‪ ،‬ط‪ ،7‬بيركت‪ ،‬عالـ الكتب‪،‬‬
‫‪3435‬ـ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المراجع‪:‬‬
‫ً‬

‫‪ -‬ابف منظكر (‪3333‬ق)‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬ط‪ ،5‬بيركت‪ ،‬لبناف‪ :‬دار صادر‪.‬‬
‫‪ -‬ابف أبي أصبيعة‪ ،‬عيكف األنباء في طبقات األطباء‪ ،‬تحقيؽ‪ :‬نزار رضا‪ ،‬بيركت‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪.‬‬
‫‪ -‬الجرجاني‪ ،‬ع‪ .‬معجـ التعريفات‪ .‬تحقيؽ‪ :‬محمد صديؽ المنشاكم‪ ،731 .‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار‬
‫الفضيمة‪.‬‬
‫‪ -‬الجندم‪ ،‬محمد‪ ،‬صكرة اآلخر في كتابات عمماء المسمميف‪ ،‬جامعة تكنس‪ -‬كمية العمكـ اإلنسانية‬
‫كاالجتماعية ‪7552‬ـ‪.‬‬
‫‪ -‬الدجاني‪ ،‬مساىمة الترجمة في حكار الحضارات‪ :‬أمثمة مف الحضارة العربية اإلسبلمية عبر العصكر‪.‬‬
‫مجمة فكر كابداع‪ ،‬العدد ‪ ،7554 ،)7( 37‬رابطة األدب الحديث في مصر‪.‬‬
‫‪ -‬الساداتي‪ ،‬بحث تحقيؽ ما لميند مف مقكلة مقبكلة في العقؿ أك مرذكلة‪ ،‬مجمة تراث اإلنسانية‪ ،‬ع‪،7‬‬
‫‪ ،3413‬الييئة المصرية العامة لمتأليؼ كالنشر‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫_____________________________________________________________________________‬
‫المجلد ‪ – 3‬عدد خاص ( ديسمبر ‪)0202‬‬ ‫‪30 Page‬‬
‫ دار المشرؽ كالمكتبة‬:‫ لبناف‬،‫ بيركت‬،3‫ ط‬،‫ المنجد في المغة كاإلعبلـ‬،)7553( ‫ لكيس معمكؼ‬-
.‫الشرقية‬
‫ معيد‬،3 ‫ ط‬.‫ معف زيادة كآخركف‬:‫ تحرير‬.‫ المكسكعة الفمسفية العربية‬.)3431( ‫ مجمكعة مؤلفكف‬-
.‫اإلنماء العربي‬
.‫ـ‬3444 ،‫ دار المعرفة‬،‫ االسكندرية‬،‫ عمـ االجتماع الديني‬،‫ محمد أحمد بيكمي‬-
‫ أبك الريحاف البيركني‬،‫ إسيامات المسمميف العممية في دراسة األدياف كالحضارات‬،‫ عمي‬،‫ مبارؾ‬-
.7533 ، 7 ‫ العدد‬،57 ‫ المجمد‬،‫ مجمة كمية الشريعة كالدراسات اإلسبلمية‬،‫نمكذجا‬
- Hadi, MD Ahsanul. BIRUNI'S CONTRIBUTION TO THE COMPARATIVE
STUDY OF RELIGIONVFAST Transactions on Islamic Research.
http://vfast.org/index.php/VTIR@ 2013 ISSN-2309-6519 Volume 6,
Number 1, January-February, 2015.
- Kemal Ataman (2005) Re-reading al-birūnī's India: a case for intercultural
understanding, Islam and Christian–Muslim Relations, 16:2, 141-
154, DOI:10.1080/09596410500059623.
- Nurhanisah Senin, Fadila Grine, Wan Adli Wan Ramli, Khadijah Mohd
Khambali @ Hambali, Siti Fairuz Ramlan, (2019) "Understanding the
‘other’: the case of Al-Biruni (973-1048 AD)", International Journal of
Ethics and Systems, https://doi.org/10.1108/IJOES-01-2018-0010

_____________________________________________________________________________
)0202 ‫ – عدد خاص ( ديسمبر‬3 ‫المجلد‬ 31 Page

You might also like