You are on page 1of 17

ISSN :1112-4377 ‫مجلة المعيار‬

4242 :‫السنة‬ 24 :‫عدد‬ 42 :‫مجلد‬

‫اإلنسان في علم الكالم القديم‬


‫مقاربة تأصيلية تحليلية‬
Mankind throughout the speculative theology
Fundamental and analytical approaches
1‫ نورة رجاتي‬.‫د‬

‫جامعة األمير عبد القادر للعلوم اإلسالمية‬


benchanora@gmail.com
9797/70/01 :‫النشر على الخط‬/ 9702/07/10 :‫ القبول‬9702/70/70: ‫تاريخ الوصول‬
Received: 70/70/9702 / Accepted: 10/07/9702 / Published online : 01/70/9797

:‫الملخص‬
‫يتعلق موضوع الدراسة مبناقشة دواعي التجديد يف علم الكالم واليت من بينها غياب مبحث اإلنسان يف علم الكالم‬
‫ ومما يدفع كذلك على‬،‫ مما يستدعي جعل موضوع اإلنسان وقضاياه حمورا أساسيا يف الدراسات الكالمية اجلديدة‬،‫القدمي‬
‫ وذلك من خالل حماولة تأصيلية حتليلية تتتبع موضوع‬،‫دراسة استقرائية للرتاث الكالمي للتحقق من صدقية هذه الفرضية‬
‫ اهلادفة إىل‬،‫ التأسيس للدراسات العلمية النقدية‬:‫ وكانت الغاية من ذلك أولا‬،‫اإلنسان يف الدراسات الكالمية الرتاثية القدمية‬
‫ترسيخ منهج التبني القرآين يف الدراسات اإلسالمية من خالل بناء األحكام بعد القراءة اجلادة والصحيحة واملوضوعية‬
‫ اختبار الدواعي اليت يبين عليها علم الكالم اجلديد أحكامه ومعارفه لبناء الثقة فيه من جهة ولتحقيق املقصد‬:‫ وثانيا‬،‫للرتاث‬
.‫منه من جهة أخرى‬
،‫ وكشف اللثام عن عالقة املرأة بعلم الكالم قدميا‬،‫ويهدف حبثنا إىل بيا ن مكانة اإلنسان يف علم الكالم القدمي ووظيفته‬
.‫إلظهار اإلشكاالت احلقيقية اليت ينبغي أن يؤسس هلا علم الكالم اجلديد‬
.‫الوظيفة الوجودية‬-‫املرأة‬-‫اإلنسان‬-‫ علم الكالم القدمي‬:‫الكلمات المفتاحية‬
Abstract:
The subject of the current study relates to the debate on the reasons of the speculative science of
speech, among which ,the rhetoric in the didactical theology, that supports the subject of human being
and its issues a central focus in the neo speculative studies,an analytical attempt leading to the issues
of the ancient Koran speech, the focus aims to the consolidation of the Islamic studies by building
judgments after a contextual reading and correction.The second target highlights the consciousness of
of the judgments and knowledge through the restoration of the Trust
and veracity in one hand, and through achieving the intent of it on the other hand. Thus,our research
aims to indicate the status of the human kind in the ancient speech science and function, as well as to
uncover the relationship of women with the science of ancient theology speech, besides to the real
problematics that should establish The neo theology didactical and speculative Speech Science
pillars
Kay words:Human being- Old speculative theology- Woman- Existentialist function.

benchanora@gmail.com :‫ نورة رجايت اإلمييل‬:‫املؤلّف املرسل‬ 1


291
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫إن مننن األسننباب القويننة الننيت قننال تننا دعنناة التجدينند يف علننم الكننالم‪ ،‬أو املنكننرون ملننا يسننمى بعلننم الكننالم اجلدينند‪ ،‬هننو‬
‫عقننم علننم الكننالم القنندمي (يف مقابلننة اجلدينند)‪ ،‬ذلننك أنننه أسننل اإلنسننان يف مباحثننه‪ ،‬واسننتغرا يف التجرينند‪ ،‬فعج ن اليننوم عننن‬
‫اإلجابننة علننى اإلشننكاالت احلقيقيننة الننيت تتجرعهننا اإلنسننانية ملعنناء واإلنسننان املسننلم علننى وجننه ا صننو ‪ ،‬كونننه ميتلننك كتابننا‬
‫خامتا وناسخا ومهيمنا‪ ،‬حيوي كالم اهلل الذي حيفظ له القدسية والثبات والكمال‪.‬‬
‫وهننو مننا يسننتف الباحننث للتحقننق مننن منندى مصننداقية هننذا السننبي‪ ،‬الننذي يقننوم علننى فرضننية غينناب اإلنسننان علننى وجننه‬
‫العمننوم باشننكاالته املختلفننة‪ ،‬يف الدراسننات واملباحننث الكالميننة القدميننة‪ ،‬وه ننو م ننا ك ننان فننأظهر حق ننائق ج نرأت الباح ننث علننى‬
‫التخصيص يف اجلنس‪ ،‬فاختذ املرأة كأمنوذج للبحث يف الدراسات الكالمية‪.‬‬
‫وعليه كانت إشكالية هذا املقال‪ :‬ما مدى صدقية غياب اإلنسان وإشكاالته في الدراسات الكالمية القديمة؟‬
‫‪-‬وهل كان للمرأة على وجه ا صو نصيي يف هذه الدراسات‪.‬‬
‫ولإلجابة على هذين اإلشكالني أُدرجت احملاور التالية‪.‬‬
‫‪-‬التعريف بعلم الكالم القدمي وعلم الكالم اجلديد‪.‬‬
‫‪-‬مبحث اإلنسان يف الدراسات الكالمية‪.‬‬
‫‪ -‬املرأة يف الدراسات الكالمية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف علم الكالم‪.‬‬
‫املتكلمنني‪ ":‬األصتلل مررفتة الرتارع ترتالح اليدانياته وصتواتهف ومررفتة الرستل ا يتاته‬ ‫نقل الشهرستااني قنول بعن‬
‫واينتتاته ‪...‬ومننن المرلتتلأ أن التتدين إاا كتتان منقستتما إلتتح مررفتتة و ا تتة‪ ،‬والمررفتتة أصتتل والطاعننة فننرع‪ ،‬فمتتن تكل ت فتتي‬
‫المررفة والالييد كان أصلليا‪ ،‬ومن تكلم يف الطاعة والشريعة كان فروعيا‪ ،‬فاألصلل هي ملضلع ل الكتالأ والفنروع هني‬
‫موضوع علم الفقه"‪1‬‬
‫أما االيجي فعرفه مبا نصه‪" :‬والكالأ ل يقادر مره لح إثرات الرقائد الدينية اإيراد الحجج ودفع الشتره‪ ،‬واملنراد‬
‫بالعقائد ما يقصد فيه نفس االعتقاد دون العمل‪ ،‬وبالدينية املنسوبة إىل دين حممد عليه السالم"‪2‬‬
‫اينما النسوي يقلل‪" :‬اعلم أن األحكام الشرعية منها ما يتعلق بكيفية العمل وتسنمى فرعينة وعملينة‪ ،‬ومنهتا متا يارلت‬
‫ااال اقاد وتسمح أصلية وا اقادية‪ ،‬والعلم املتعلق باألوىل يسمى الشرائع واألحكام‪...‬واالثانية ل الالييد والصوات"‪3‬‬
‫وقبل هذا يررف الوارااي علم الكالم تعريفنا يصله االوقه وأصلله فيقلل‪ ":‬صنا ة الكالأ ملكة يقاتدر اهتا اإلنستان‬
‫لح نصرة اآلراء واألفرال المحدودة الاي صرح اها واضع الملة‪ ،‬وتزييف ما خالوهتا ااألقاويتل وهتجا يتزأين‪ :‬يتزء فتي‬

‫‪- 1‬الشهرستاين‪ :‬امللل والنحل‪ ،‬ج‪.11 ،1‬‬


‫‪- 2‬االجيي‪ :‬املواقف‪ ،‬املوقف األول يف املقدمات من املرصد األول‬
‫‪- 3‬شرح العقائد النسفية‪.11-9 ،‬‬
‫‪291‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫اآلراء ويتتزء فتتي األفرتتال وهنني غننف الفقننه‪ :‬ألن الفقننه يأخننذ ا راء واألفعننال الننيت صننرح تننا واضننع امللننة مسننلمة علهننا أصننوال‬
‫فيسننتنبم منهننا األشننياء الالهمننة عنهننا‪ ،‬واملننتكلم ينصننر األشننياء الننيت يسننتعملها الفقيننه أصننوال مننن غننف أن يسننتنبم عنهننا أشننباء‬
‫أخرى "‪1‬‬

‫ثانيا‪-‬عوامل نشأته وتطوره‪:‬‬


‫لقد تكافرت أسباب عديدة لنشأة علم الكالم بصفة عامة وحتديد مواضيعه بصفة خاصة‪ ،‬وملا كانت املسألة‬
‫أهم‬
‫وتطوره‪ ،‬ومن ّ‬
‫املباشرة يف نشأة علم الكالم هي مسألة القضاء والقدر‪ ،‬كان التأريخ هلذه القضية مرتبم بنشأة علم الكالم ّ‬
‫وتطوره أسباب داخلية وأخرى خارجية‪:‬‬
‫أسباب نشأته ّ‬
‫ا‪-‬الرلامل الداخلية‪:‬‬
‫‪-‬القرآن الكري واالخاالف في توسيره‪ :‬يقول سهل بن عبد اهلل التسرتي‪« :‬لو أ ّن عبدا لكل حرف من القرآن‬
‫ألف فهم ملا بلغ هناية علم اهلل فيه وإّمنا يفهم على قدر ما يفتح اهلل على قلوب أوليائه من فهم كالمه»‪.2‬‬
‫‪-‬إضافة إىل احتوائه على جمادلة املخالفني يف العقائد ودعوته إىل النكر العقلي يف ا يات الكونية الكاهرة‬
‫لالستدالل على الوجود الربّاين(*) فكان من ضمن منهجه يف الدعوة إىل اإلميان‪:‬‬
‫‪-‬إعمال العقل لالستدالل عليه‪.‬‬
‫‪-‬حماربته ملخ ّدرات العقل املعنوية كالتقليد واجلهل والكن واعتبارها آفات تعيق العقل عن أداء ّ‬
‫مهامه‪.‬‬

‫وقصة إبراهيم مع قومه أكرب دليل على ذلك‪.3‬‬


‫واعتماده على هذا املنهج الدعوي كخم يسف عليه األنبياء ّ‬
‫‪-‬واحتوائه السرب والتقسيم وهو إسقاط ادعاء ا صم بذكر أقسام موضوع اجلدل وإظهار ادعاء ا صم ال يعين‬
‫خاصة من خواصه‪ ،‬واستخدامه القياس التمثيلي وهو قياس املستدل األمر الذي ي ّدعيه على أمر معروف وتبيني اجلهة اجلامعة‬
‫بينهما‪.4‬‬
‫قال تعاىل‪ ﴿:‬وضرب لنا مثال ونسي خلقه‪ ،‬قال من حيي العكام وهي رميم‪ ،‬قل حيييها الذي أنشأها أول مرة وهو‬
‫بكل خلق عليم‪ ،‬الذي جعل لكم من الشجر األخضر نارا فاذا أنتم منه توقدون َأو ْليس الذي خلق السموات واألرض‬
‫بقادر على أن خيلق مثلهم بلى وهو ا الّا العليم ﴾(يس‪.)71-87 :‬‬

‫‪- 1‬إحصاء العلوم‪ :‬الفارايب‪ ،‬املصدر السابق‪.78-78 ،‬‬


‫‪-2‬تفسف التسرتي‪ ،‬نقال عن‪ :‬أمحد حممود صبحي‪ ،‬يف علم الكالم‪ ،‬دراسة فلسفية راء الفرا اإلسالمية يف أصول الدين‪-1 ،‬املعت لة ج‪،1‬‬
‫بفوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1041( ،1‬هن‪1971-‬م)‪.144 ،‬‬
‫*‪-‬لكن دون إفراط‪ ،‬ألن هذا اإلفراط كان عامال من عوامل نشوء اجلدل يف العقائد‪.‬‬
‫‪-3‬علي عبد الفتاح املغريب‪ :‬الفرا الكالمية اإلسالمية‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪1011( ،‬هن‪1991-‬م)‪ ،‬ط‪.08 ،2‬‬
‫‪-4‬املرجع السابق‪.12 ،‬‬
‫‪291‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫وعرضه ملسائل التكليف واجلرب واالختيار‪ ،‬كما أبان احلجة فيها فحكى عن طائفة من املنافقني يوم احد ّأهنم قالوا‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬ ‫"‪...‬هل لنا من األمر شيء‪...﴿ "...‬ينَ ُقولُو َن لَ ْو َكا َن لَنَا م َن األ َْم ِر َش ْيءٌ َما قُت ْلنَا َه ُ‬
‫اهنَا قُ ْل لَ ْو ُكْنتُ ْم يف بنُيُوت ُك ْم لَبَنَرَه الذ َ‬
‫الص ُد ْور﴾ (آل‬ ‫ات ُّ‬ ‫اجعِ ُكم ولِيبتلِي اهلل ما ِيف ص ُدوِرُكم ولِيمحص ما ِيف قُنلُوبِ ُكم واهلل علِيم بِ َذ ِ‬ ‫ُكتِي علَي ِهم ال َقتل إِ َىل مض ِ‬
‫ْ َ َ ٌ‬ ‫ُ ْ َ َُ َ َ‬ ‫ْ َ َْ َ َ َ‬ ‫َ َْ ُ َُ َ َ‬
‫عمران‪.)110 :‬‬
‫‪-‬الواقع اإلسالمي السياسي واالجتماعي‪:‬‬
‫ا‪-‬اللاقع السياسي (الخالفة أو اإلمامة)‪:‬‬
‫ويرجح أن تاريخ هذا اإلشكال السياسي‪ ،‬يعود إىل مقتل ا ليفة الثالث عثمان ابن عفان "رضي اهلل عنه" وليس‬
‫ّ‬
‫جيسد أعلى هرم ميكن أن يصل إليه‬
‫إىل ما بعد وفاة النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فذاك نقاش كان ينبغي أن يكون‪ ،‬وهو ّ‬
‫يسجل التاريخ على تلك‬
‫مصطلح الدميقراطية "إن صح التعبف" يف عصرنا‪ ،‬وانتهى إىل إملاع حول من خيلف األمة دون أن ّ‬
‫النخبة من صحابته صلى اهلل عليه وسلم‪-‬وهم بشر خيطئون ويصيبون‪-‬أي شيء مشني‪ ،‬وبالتايل فان جذور األهمة تبدأ مبقتل‬
‫وتويل بين أمية احلكم ليقع بعد ذلك ما وقع من‬
‫كرم اهلل وجهه‪ّ ،‬‬
‫لتتأصل مبقتل علي ّ‬
‫ا ليفة عثمان بن عفان رضي اهلل عنه ّ‬
‫جتسد فيما مسّي يف التاريخ اإلسالمي "بفرقة الشيعة"‪ ،‬وخروج لطائفة تن ّكرت‬
‫تعاطف وتأييد ونصرة لعلي رضي اهلل عنه‪ّ ،‬‬
‫يتوجه وجهتها وال حيمل أفكارها أو لنقل عقيدهتا‪ ،‬مسّيت بفرقة "ا وارج"‪،‬‬ ‫لعلي وملعاوية رضي اهلل عنهما‪ ،‬ولكل من ال ّ‬
‫متحججا باجتناب الفتنة اليت ح ّذر منها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وهم "املرجئة"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ومتوقف بني هؤالء وهؤالء‬
‫ومع أ ّن هذه الفرا الثالث نشأت لدو ٍاع سياسية إال أهنا اصطبغت صبغة دينية قوية وصار كل ح ب سياسي فرقة‬
‫دينية‪ .‬يقول أمحد أمني‪ :‬ولكن طبيعة ال مان صبغت املسالة (السياسية يف أصلها) هذه الصبغة الدينية مث تنوسي أصلها على‬
‫ويرجح السبي يف هذا وهو ترجيح منطقي سليم إىل أ ّن‬
‫جمردة من السياسة ّ‬ ‫مر ال مان ووضعت املسالة على أ ّهنا مسألة إميانية ّ‬
‫ّ‬
‫تتحرك‬
‫الدين اإلسالمي كان يف عنفوانه‪ ،‬وقد امتألت نفوس الناس به ويف هذا استغالل لعواطف الناس اليت كانت ممتلئة وال ّ‬
‫إالّ بامسه(‪.)1‬‬
‫‪-‬إذن فبتحول ا الفة إىل ملك عضوض على يد معاوية رضي اهلل عنه مصداقا لنبوءته صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫[ا الفة من بعدي ثالثون عاما مث تكون ملكا عضوضا يع ّ عليه بالنواجد](‪.)2‬‬
‫وبرفع املسلم السالح يف وجه أخيه‪ ،‬أثفت تساؤالت عديدة حول اإلميان والكفر‪ ،‬ومرتكي الكبفة‪ ،‬حبثا عن حتديد‬
‫يتحمل مسؤول ية ما حيدث‪ ،‬كان ينبغي أن يقع جدال وأن حتمي كل طائفة نفسها حاكمة‬ ‫عمن ّ‬ ‫الكامل من املكلوم‪ ،‬بل ّ‬
‫وحمكومة‪ ،‬فطرحت قضية القضاء والقدر يف همن بين أمية (فكان املذهي اجلربي هو السائد)‪.‬‬

‫‪-1‬أمحد أمني‪ :‬ضحى اإلسالم‪ ،‬ج‪ ،2‬دار الكتاب العريب‪ ،‬بفوت‪ ،‬لبنان‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ط‪.3-2 ،14‬‬
‫‪-2‬رواه أمحد يف املسند (عن سفينة أبو عبد الرمحن قال مسعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول)‪ .)224/1( ،‬وسليمان بن داود‬
‫الطيالسي يف مسند الطيالسي‪.]1148[ )111/1( ،‬‬
‫‪291‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫كرد‬
‫يتسن له أن يكون هو الرائد‪ ،‬لردود الفعل املناهضة له‪ ،‬واليت ظهرت وتبلورت على شكل فرقة ثانية‪ّ ،‬‬
‫ولكن مل ّ‬
‫لتتأصل فيما بعد‪ ،‬وتنضج لتخرج أكرب فرقة كالمية وهي "املعت لة" ليقف الفكر اإلسالمي‬
‫فعل للفرقة األوىل وهي القدرية ّ‬
‫متضادتني يف كل شيء تقريبا‪ ،‬ليفسح اجملال لفرقة كالمية ثالثة‪ ،‬أرادت‪ ،‬أو أريد هلا أن تتوسم‬
‫ّ‬ ‫أمام فرقتني تكادان تكونان‬
‫سين هلذه املشكلة وهي فرقة "األشاعرة"‪.‬‬
‫حبل عقائدي ّ‬
‫الفرقتني فكرا‪ّ ،‬‬
‫ب‪-‬اللاقع االياما ي‪:‬‬
‫دب إليه الفساد‪ ،‬حيث أ ّن ح ّكام بين أميّة بتشجيعهم للفكر‬
‫ولقد خلق هذا اجلدل السياسي‪ ،‬واقعا اجتماعيا ّ‬
‫اجلربي‪ ،‬فتحوا جماال للمعاصي حتت غطاء عقائدي‪ ،‬فأصبح الناس يرتكبوهنا ويرجعون ذلك إىل القضاء والقدر‪ ،‬رافعني عن‬
‫أنفسهم كل مسؤولية ويف هذا يقول صاحي معارج القبول‪« :‬ولقد بالغ بعضهم يف ذلك حىت قال‪ :‬القدر عذر مليع العصاة‬
‫وإمنا مثلنا يف ذلك كما قيل‪:‬‬
‫إذا مرضنا أتيناكم نعودكم ‪ #‬وتذنبون فنأتيكم فنعتذر»‪.1‬‬
‫ويذكر يف موضع آخر أ ّن ملاعة ذهبت إىل من ل رجل من هؤالء‪ ،‬فلم جيدوه‪ ،‬فلما رجع قال‪ :‬كنت أصلح بني‬
‫قوم‪ ،‬فقيل له وأصلحت بينهم؟ قال‪ :‬أصلحت إن مل يفسد اهلل‪ ،‬فقيل له‪ :‬بؤسا لك أحتسن الثناء على نفسك وتسيء الثناء‬
‫على ربّك‪.2‬‬
‫جل وعال‪ ،‬مع االعرتاض على حدوده‬
‫ويالحظ هنا أهنم مل يكتفوا برفع املسؤولية عن أنفسهم بل حتميلها للبارئ ّ‬
‫علي‪ ،‬فأمر به فقطعت‬
‫وأحكامه وتكاليفه اليت شرعها حيث يذكر أ ّن عمر أتى بسارا‪ ،‬فقال‪ :‬مل سرقت؟ فقال‪ :‬قضى اهلل ّ‬
‫وضرب أسواطا‪ ،‬فقيل له فيم ذلك؟ فقال‪ :‬القطع للسرقة‪ ،‬واجللد ملا كذب على اهلل‪.3‬‬
‫يده ُ‬
‫ويف هذا تعطيل ألساس من أسس قيام ال ّدين واألمة القائمة عليه‪ ،‬وهو األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬ورّمبا هذا‬
‫وتصورهم‪ ،‬إضافة إىل قوهلم حبريّة الفعل عند‬
‫يفسر اعتماده عند املعت لة كأصل من األصول ا مسة اليت بنوا عليها فرقتهم‪ّ ،‬‬ ‫ما ّ‬
‫اإلنسان «ومن الناحية التارخيية جند رأي املعت لة يف خلق األفعال مثّل مقاومة ملا ظهر يف اجملتمع اإلسالمي من ظاهرة التحلّل‬
‫املوجه هلا توجيها قسريا وقد ُوجدت هذه الكاهرة يف اجملال‬
‫من أوامر الشرع بدعوى القدر اإلهلي املسيطر على أفعال العباد ّ‬
‫يوجهها تنكف فكري عقائدي»(‪.)4‬‬ ‫األخالقي واالجتماعي والسياسي ّ‬

‫‪-1‬الشيخ حافظ بن أمحد احلكمي‪ :‬معارج القبول‪ ،‬ضبم نصه وعلق عليه وخرج أحاديثه‪ :‬عمر بن حممود أبو عمر‪ ،‬مج‪ ،3‬دار ابن القيم‪ ،‬دار‬
‫ابن ح م‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪1011( ،‬هن‪1991-‬م)‪ ،‬ط‪.907 ،3‬‬
‫‪-2‬املرجع نفسه‪.907 ،‬‬
‫‪-3‬حممد أبو ههرة‪ :‬تاريخ اجلدل‪ ،‬مرجع سابق‪.148 ،‬‬
‫‪-4‬أبو لبانة (حسني) مبشاركة علي الشايب‪ ،‬عبد اجمليد النجار‪ :‬املعت لة بني الفكر والعمل‪ ،‬الشركة التونسية للتوهيع‪1989( ،‬م)‪.00 ،‬‬
‫‪291‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫‪-‬إضافة إىل ما نشأ عن القول باإلرجاء من تعطيل وإسال للجاني السلوكي والعملي‪ ،‬وهو ما متثّله قولتهم املشهورة‬
‫يضر مع اإلميان معصية كما ال ينفع مع الكفر طاعة‪ ،‬وهم «ي عمون أ ّن اإلميان باهلل هو املعرفة باهلل وبرسله و ميع ما‬‫ال ّ‬
‫جاء من عند اهلل فقم‪ ،‬وإ ّن ما سوى املعرفة من اإلقرار باللّسان وا ضوع بالقلي واحملبّة هلل ولرسوله والتعكيم هلما وا وف‬
‫منهما والعمل باجلوارح فليس باميان»(‪.)1‬‬

‫أحل اهلل دخل‬


‫أحل ما ّ‬
‫حرم اهلل و ّ‬
‫وحرم ما ّ‬
‫ولقد بالغوا ب عمهم حني قالوا أ ّن "من قال ال إله إالّ اهلل حممد رسول اهلل ّ‬
‫مقرا تا‪،‬‬
‫اجلنّة إذا مات وإن هنا وإن سرا وقتل وشرب ا مر‪ ،‬وقذف احملصنات‪ ،‬وترك الصالة‪ ،‬والكاة‪ ،‬والصيام إذا كان ّ‬
‫يضره وقوعه على الكبائر وتركه للفرائ وركوبه الفواحش"(‪.)2‬‬
‫يسوف التوبة‪ ،‬مل ّ‬
‫ّ‬
‫وهي دعوة صرحية على الفسق واجملون وهتك األعراض وتعطيل الفرائ ‪ ،‬وهو ما من شأنه أن يقضي على اإلميان‬
‫ال أن ينقص منه فقم‪.‬‬

‫السليب كان وراء قول املعت لة بأ ّن مرتكي الكبفة إذا مل يتي عنها خملد يف النار ال خيرج عنها أبدا(‪.)3‬‬
‫وهذا الفكر ّ‬
‫وهكذا يتّضح لنا كيف أ ّن الواقع االجتماعي الذي ساده التناق ‪ ،‬والفساد يف معكمه كان سببا من أسباب نشأة‬
‫علم الكالم‪.‬‬

‫‪-‬األسراب الخاريية‪:‬‬

‫وإن كانت هناك اجتهادات معتربة يف رصد كل هذه األسباب وتفصيلها‪ ،‬فيمكن إملاهلا يف‪ :‬تأثر الفرا اإلسالمية‬
‫بغفها ومن ذلك‪:‬‬

‫‪-‬الاأثّر االمسيحية واليهلدية‪:‬‬

‫‪-1‬األشعري‪ :‬مقاالت اإلسالميني‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حمي الدين عبد احلميد‪ ،‬ط‪1989( ،2‬م)‪.210/1 ،‬‬
‫‪-2‬امللطي حممد بن أمحد أبو احلسن‪ :‬التنبيه والرد على أهل األهواء والبدع‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد هاهر الكوثري‪ ،‬طبعة مكتبة املثىن بغداد‪،‬‬
‫(‪1987‬م)‪.03 ،‬‬
‫‪-3‬اإلجيي عبد الرمحن بن أمحد عضد الدين‪ :‬املواقف‪ ،‬طبعة بوالا‪ ،‬القاهرة (‪1913‬م)‪( 008 ،‬شرح اجلرجاين)‪.‬‬
‫‪291‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫ممّا الشك فيه أن املسلمون عاصروا املسيحيني وقامسوهم املواطن‪ ،‬ابتداءً من عصر الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬
‫ومرورا بعهد الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ،‬وصوال إىل أوج االتصال إبّان الفتوحات اإلسالمية‪ ،‬وكان هلذا تأثفه يف الفكر‬
‫العقائدي اإلسالمي بسبي احلوار بني املسلمني وغفهم الذي يفرضه التعايش‪.‬‬

‫فنجد من الفرا اليت تأثرت بالفكر اليهودي دون طعن يف إسالمهم ولكن لقصورهم الذهين‪:‬‬
‫*‪-‬الكرامية(*) اليت كانت من املشبّهة‪.‬‬
‫*‪-‬واملقاتلية(**) اليت كانت من احلشوية‪.‬‬
‫تسرب اإلسرائيليات"(‪.)1‬‬
‫اجملسمة واملشبهة واحلشوية نتيجة ّ‬
‫"وهكذا ظهرت فرا ّ‬
‫‪-‬وممّن تأثر بالفكر املسيحي (الديانة املسيحية) الشيعة يف اعتقادهم بالرجعة (يف قوهلم برجعة علي واملهدي املنتكر‬
‫بعد غيابه)‪.‬‬
‫مثّ تطور النقاش حول الذات العلية انطالقا من قول القرآن الكرمي بأ ّن عيسى كلمة اهلل‪ ،‬وطبيعة عالقة هذه الكلمة‬
‫وتطور البحث‬
‫مرت بالفكر اإلسالمي‪ ،‬وهي قضية خلق القرآن‪ّ ،‬‬ ‫بالذات العلية؟ وهل هي قدمية أم حمدثة؟ لتُخلّف أكرب حمنة ّ‬
‫يف الذات العليّة وصفاهتا هل هي عني ذاهتا أم ال؟‬
‫"وإذا كان القول باجلوهرية (الذات) واألقنومية (الصفات) يش ّكل أهم أصول العقيدة املسيحية فقد ل م عن ذلك‬
‫وتتجسد يف موجود مغاير هلل أم هي‬
‫ّ‬ ‫حبث يف ذات اهلل‪ ،‬وصفاته وهل صفات اهلل عني ذاته حىت ال تستقل صفة عن الذات‬
‫ذاته كما يرى املسيحيون؟‬
‫وهكذا أصبحت مشكلة الذات والصفات تش ّكل مبحثا من أهم موضوعات علم الكالم وال خيفى ما ملبحث‬
‫الشر قد دخل العامل مبعصية آدم وورث بنوه مفاث‬
‫الصفات من عالقة مببحث القضاء والقدر حيث يرى املسيحيّون «أ ّن ّ‬
‫املتأصل فيهم إ ال فداء عام‪ ،‬وملا كان الذي يفدي اإلنسانية ال يكون‬
‫ّ‬ ‫ا طيئة األصلية‪ ،‬وأنه ال خيلص البشرية من الشر‬
‫متأصل يف اإلنسان (فهو قضاء وقدر) وإّمنا الذي يفديها الب ّد أن يكون خالصا من الشر ومن مفاث‬
‫إنسانا‪-‬أل ّن الشر ّ‬
‫البشرية من مفاث ا طيئة بصلي املسيح‪ ،‬فا طيئة األصلية وألوهية املسيح‬ ‫خطيئة آدم‪ ،‬فاملسيح إله وابن إله‪ ،‬وقد متّ خال‬
‫وصلبه أركان ثالثة متالهمة يف املسيحية»‪.2‬‬

‫جمسما حشويا‪.‬‬
‫*الكرامية‪ :‬نسبة إىل حممد بن كرام السجستاين (ت ‪211‬هن) كان ّ‬
‫**املقاتلية‪ :‬نسبة إىل مقاتل بن سليمان (ت ‪114‬هن) من رجال التفسف واحلديث ذهي إىل أ ّن اهلل جسم من حلم ودم وأنه سبعة أشبار بشرب‬
‫نفسه‪...‬‬
‫‪-1‬أمحد حممود صبحي‪ :‬دراسة فلسفية راء الفرا اإلسالمية يف أصول الدين‪ ،‬ج‪ ،1‬مرجع سابق‪.08 ،‬‬
‫‪-2‬علي عبد الفتاح املغريب‪ :‬الفرا الكالمية اإلسالمية‪-‬املعت لة‪ ،‬مدخل ودراسة‪ ،‬مكتبة وهبة‪1011( ،‬هن‪1991-‬م)‪ ،‬ط‪.14 ،2‬‬
‫‪291‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫ويف ضوء ذلك نستطيع أن نق ّدر أ ّن هناك تيّارات أجنبية سرت إىل العامل اإلسالمي وأ ّن منها ما يتصل مبشكلة‬
‫حرية اإلرادة‪ ،‬وقد أثفت هذه املشكلة يف دمشق حيث كانت توجد جالية مسيحية كبفة وعلى رأسها بع آباء الكنيسة‪،‬‬
‫مرة يف اإلسالم‪.1‬‬
‫ألول ّ‬
‫وثبت أ ّن معبد اجلهين هار دمشق‪ ،‬وأ ّن غيالن أقام تا وسا اللّذان أثارا هذه املشكلة ّ‬
‫‪-‬تأثّر اإلسالأ اديانات الورس‪:‬‬
‫وعلى رأسها ال رادشتية اليت عرفت بع ّدة أمساء منها‪:‬‬
‫*‪-‬الثنوية‪ :‬لقوهلم بأصلني اثنني ا ف والشر أو النور والكلمة‪.‬‬

‫*‪-‬اجملوسية‪ :‬ألن الدين* أول ما اشتد كان بني قبيلة اجملوس عبّاد النار ألن مكهر العبادة يتم يف بيوت النار‪.2‬‬
‫هذا جممل عقائد أهم دين واجهه املسلمون يف بالد الفرس فكان على املتكلّمني أن جيدوا حالّ إسالميا لتفسف‬
‫ليضل الناس ويغويهم؟‬
‫الشر هل ينسي إىل اهلل أم إىل إبليس؟ وكيف رضي اهلل ببقاء إبليس ّ‬
‫وتكهر فرقة املعت لة لتضع أصل العدل وجتعله أصلهم الثاين بعد التوحيد وفيه نكرياهتم يف اللّطف اإلهلي والصالح‬
‫واألصلح يردون على ما خيالف اإلسالم من عقائد ال رادشتية‪ ،‬ويقدمون بذلك حال إسالميا ملشكلة نشأة الشر ومصفه (‪.)3‬‬
‫إال أن هذا احلل قوبل بنقاش حاد بني مفكري اإلسالم‪.‬‬
‫‪-‬الاأثر االولسوة اليلنانية خصلصا‪:‬‬
‫وإن كنّا نالحظ تباينا يف موقف املتكلّمني من الفلسفة اليونانية بني راف هلا وهم أهل السنة‪ ،‬وبني قابل لبع ما‬
‫حوته سعيا الستعماله يف الذود عن العقيدة اإلسالمية‪ ،‬باستعمال أساليبهم وبدا ذلك واضحا يف التأثر باملنطق األرسطي‪،‬‬
‫الربم بينه وبني علم التنجيم ليوجدوا له حالّ يف الفكر‬
‫إالّ أن األمر الذي يبدو أ ّن له عالقة بالقضاء والقدر هو حماولة ّ‬
‫العقدي اإلسالمي‪.‬‬
‫« لقد كان مما نقل من الفلسفة األفالطونية احملدثة ما هو خا بالتنجيم فحاولوا أن يوجدوا جماال لالعرتاف بعلم‬
‫التنجيم يف داخل اإلسالم بقوهلم "إن القدر" هو موجبات أحكام النجوم‪ ،‬والقضاء هو علم اهلل السابق مبا يوجبه أحكام‬
‫النجوم»(‪.)4‬‬

‫‪-1‬إبراهيم مدكور‪ :‬يف الفلسفة اإلسالمية منهج وتطبيقه‪ ،‬ج‪ ،2‬مسفكو للنشر والطبع‪.98 ،‬‬
‫*‪-‬ألن هناك من يعتربها دين (علي بن أيب طالي‪ ،‬حذيفة رضي اهلل عنه‪ ،‬سعيد بن املسيي‪ ،‬قتادة وملهور أهل الكاهر)‪.‬‬
‫‪-2‬علي عبد الفتاح املغريب‪ :‬الفرا الكالمية اإلسالمية‪ ،‬املرجع السابق‪.84 ،‬‬
‫‪-3‬املرجع السابق‪.81 ،‬‬
‫‪-4‬الفرا الكالمية‪ :‬املرجع السابق‪.94 ،‬‬
‫‪299‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫جرها عليها فعال‪،‬‬
‫جير على األمة الكوارث‪ ،‬بل لقد ّ‬
‫وهذا طبعا احنراف خطف يف مفهوم القضاء والقدر ال نقول قد ّ‬
‫سجله التاريخ يف جمال علم الكالم عموما‪ ،‬واحنراف عقيدة القضاء والقدر خصوصا‪ ،‬إضافة إىل انقسام األمة إىل‬
‫وهو ما ّ‬
‫حتول هذا التنوع‬
‫طوائف وفرا جيادل بعضها بعضا‪ ،‬ومع أ ّن األمر قد يبدو صحيّا يوحي حبرية الفكر يف اإلسالم‪ ،‬إالّ أ ّن ّ‬
‫والثراء الفكري إىل انشقاا عقائدي مّا عقيدة التوحيد إىل عقائد‪ ،‬ووحدة األمة إىل وحدات متناحرة متقاتلة يك ّفر بعضها‬
‫بعضا يرجع األمر َمَر ِضيّا يستدعي وضع ا طوات واحللول بل العالج الالّهم‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مفهوم تجديد علم الكالم‪:‬‬
‫إن جتديد علم الكالم مفهوم الهال ا الف دائنرا بنني العلمناء حولنه‪ ،‬حينث ذهني النبع إىل أننه "ال يعنين سنوى دمنج‬
‫املسننائل اجلدينندة واسننتيعاتا يف إطننار املنكومننة املوروثننة لعلننم الكننالم‪ ،‬فمننىت مننا انضننمت مسننائل أخننرى لعلننم الكننالم جتنندد هننذا‬
‫العلم‪ ،‬فيما ذهي غفهم إىل أن مفهنوم جتديند علنم الكنالم يتسنع ليشنمل التجديند يف املسنائل واهلندف واملنناهج واللغنة واملبناين‬
‫واهلندسة املعرفية"‪1‬‬
‫والتجدينند يف املسننائل ننناتج عننن الشننبهات املسننتحدثة‪ ،‬بينمننا التجدينند يف اهلنندف فيعننين حتليننل حقيقننة اإلميننان وجممننل‬
‫التجربنة الدينينة بندل االكتفناء بالندفاع عنن العقائند‪ ،‬كمنا أن التجديند يف املننهج يرمنو إىل اعتمناد منناهج حديثنة متعنددة تشننمل‬
‫الرومنطيقية والسيمائية والتجريبية والربهانية‪...‬‬
‫بينما التجديد يف اللغة فيعين استبدال لغة املتكلمني القدمية بلغة العصر املستقاة من العلوم واملعارف احلديثة ‪2‬‬
‫واملتأمننل هلننذا الكننالم تسننتوقفه مالحكننات عدينندة يف القصنند مننن التجدينند تننذه الصننورة‪ ،‬ذلننك أ ّن علننم الكننالم القنندمي‬
‫كانننت مسننائله إف نراهات للتحننديات الواقعيننة املعاشننة وهنني تننذا ال ختتلننف عننن متطلبننات علننم الكننالم اجلدينند‪ ،‬واألمننر نفسننه‬
‫بالنسبة للتجديد يف اهلدف فلئن كان علم الكالم اجلديد يسنعى إىل حتلينل حقيقنة اإلمينان والتجربنة الدينينة‪ ،‬فاننه اهلندف نفسنه‬
‫الذي جاء من أجل حتقيقه علم الكالم القدمي بداللة حضور موضوع اإلميان كمسألة من املسائل املهمة النيت تناوهلنا املتكلمنون‬
‫وصنننفت فيهننا املؤلفننات‪ ،‬وكننذلك بالنسننبة للمنننهج فلقنند اعتمنند علننم الكننالم القنندمي مننناهج علننوم العصننر ووظفوهننا أحسننن‬
‫توظيف يف عرض آرائهم ودح آراء غفهم‪ ،‬ورمبا هلذا كان حمل انتقاد من مدرسة الفقه واحلديث‪.‬‬
‫وامللفنت لالنتبناه أ ّن منن دواعني جتديند علنم الكنالم‪ ،‬غيناب اإلنسنان وقضناياه يف علنم الكنالم القندمي‪ ،‬وهنو منا اسننتدعى‬
‫حبث هذه املسألة يف تراثنا الكالمي‪ ،‬وقد أفره البحث نتائج ذات أسية قصوى نفرد هلا املبحث املوايل‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬مبحث اإلنسان في الدراسات الكالمية التراثية‪.‬‬
‫واجننه علننم الكننالم القنندمي هجمننات وانتقننادات كثننفة مننن بينهننا غينناب اإلنسننان وقضنناياه يف مباحثننه ويف هننذا يقننول عبنند‬
‫اجلبار الرفاعي‪" :‬مل يدرج املتكلمون يف مؤلفاهتم مبحثا خاصنا باإلنسنان‪ ،‬يتنناول تأصنيل موقنف نكنري حيندد موقنع اإلنسنان يف‬

‫‪- 1‬علم الكالم اجلديد مدخل لدراسة الالهوت اجلديد وجدل العلم والدين‪ :‬عبد اجلبار الرفاعي‪ ،‬مرك دراسات فلسفة الدين –بغداد‪-‬الطبعة‬
‫األوىل‪03 ،2418 :‬‬
‫‪ - 2‬علم الكالم اجلديد مدخل لدراسة الالهوت اجلديد وجدل العلم والدين‪ :‬املرجع نفسه‪.03 ،‬‬
‫‪122‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫سنلم املخلوقننات‪ ،‬أي من لننة اإلنسننان وقيمتننه بالنسنبة إىل غننفه‪ ،‬واهلنندف مننن وجننوده‪ ،‬وحقوقنه وحرياتننه‪ ،‬وطبيعننة وظيفتننه‪ ،‬وأمننناط‬
‫حياته‪ ،‬وثقافته‪ ،‬وعيشه‪ ،‬وعالقتها مبا يتشكل لديه من رؤية للعامل‪ ،‬وما يرتبم بذلك من مسائل‪1"...‬‬
‫إال أ ّن واقع احلال واستقراء تراثنا العلمني الكالمني يثبنت حقنائق يقنف الباحنث أمامهنا متسنائال أينن ا لنل؟ هنل هنو يف‬
‫جتاوه ممنهج للرتاث لدواع جمهولة؟ أم لعدم قراءة للرتاث أصال حبجة عدم فاعليته وأهليته ملعايشة الواقع وحل إشكاالته؟‬
‫ذلك أن مبحث اإلنسان كان من احملاور الكربى اليت أسالت حرب الكثف من علماء الكالم‪ ،‬بل منن أسنباب نشنأة علنم‬
‫الكننالم يف حنند ذاتننه إشننكاالت اإلنسننان وتسنناؤالته مننن خننالل قضننايا معايشننة‪ ،‬أمل تكننن مسننؤولية اإلنسننان علننى أفعالننه ومننا‬
‫يرتتي عليها من ثواب أو عقاب يف الدنيا وا خرة‪ ،‬هي الشعلة اليت انبثقت منها مسائل البحث يف علم الكالم؟‬
‫حيننث أنننه بعنند مقتننل عثمننان "رضنني اهلل عنننه"‪ ،‬طرحننت إشننكالية مرتكنني الكبننفة ومننا تسننتتبعه مننن مواضننيع وقضننايا‪،‬‬
‫وإش ننكالية احلك ننم املتمثل ننة يف مبح ننث اإلمام ننة‪ ،‬ماهيته ننا وش ننروطها وم ننا يرتت نني عنه ننا‪ ،‬وغفه ننا م ننن القض ننايا كحري ننة اإلنس ننان‬
‫واملسن ننؤولية‪ " .‬فقن نند اهن ننتم املتكلمن ننون بالبحن ننث عن ننن ج ن ننوهر اإلنسن ننان‪ ،‬وم ن نندى حريت ن ننه يف أفعالن ننه‪ ،‬وقض ن ننايا املسن ننؤولية واجل ن ن اء‬
‫وحنوها‪2"...‬‬
‫ومل يتوقف االهتمام بقضايا اإلنسان عند طرح ج ئيات ختصه‪ ،‬بل صنفت املؤلفات العديدة بعنوان اإلنسان بعد أن أفاضت‬
‫يف تعريفه‪ ،‬حيث أن املطلع على ما ملع يف موسوعة مصطلحات علم الكالم اإلسالمي لسميح دغيم حول تعريف اإلنسان‬
‫عند املتكلمني كالنكام وبشر بن املعتمر وهشام بن احلكم والبلخي والعالف‪ ،‬يسجل باندهاش كبف ال خم والعمق املعرفني يف‬
‫حماولة ضبم حد اإلنسان‪ ،‬حيث حكى أبو القاسم البلخي عن أيب اهلذيل أنه هذا اجلسد الكاهر املرئي ا كل الشارب‪،‬‬
‫وحياته غفه‪ ،‬وجيوه أن تكون احلياة عرضا وجيوه أن تكون جسما‪ 3"...‬كما ذكر أبو بكر ا الل "أن ِْ‬
‫اإلنْ َسان يسمى‬
‫مستطيعا إِذا َكا َن سليما من اْ فَات‪ 4‬وكذلك فعل األشعري وهو يفصل يف دليل العناية املبثوث يف األنفس قائال‪ ":‬فاذا‬
‫وجدنا ما صار إليه اإلنسان يف هيئته املخصوصة به دون غفه من األجسام‪ ،‬وما فيه من ا الت املعدة ملصاحله كسمعه‬
‫وبصره‪ ،‬ومشه وحسه‪ ،‬وآالت ذوقه‪ ،‬وما أعد له من آالت الغذاء اليت ال قوام له إال تا على ترتيي ما قد حوج إليه من ذلك‪،‬‬
‫حىت يوجد يف حال حاجته إىل الرضاع بال أسنان متنعه من غذائه وحتول بينه وبني مرضعته‪ ،‬فاذا نقل من ذلك وحوج إىل‬
‫غذاء ال ينتفع به‪ ،‬وال يصل منه إىل غرضه إال بطحنها له جعل له منها بقدر ما به احلاجة يف ذلك إليه‪.‬‬

‫‪- 1‬علم الكالم اجلديد مدخل لدراسة الالهوت اجلديد وجدل العلم والدين‪ :‬عبد اجلبار الرفاعي‪ ،‬مرك دراسات فلسفة الدين‪-‬بغداد‪-‬الطبعة‬
‫األوىل‪.29 ،2418 :‬‬
‫‪ - 2‬املدخل إىل دراسة علم الكالم‪ :‬حسن حممود شافعي‪ ،‬إدارة القرآن والعلوم اإلسالمية‪-‬باكستان‪-‬الطبعة الثانية (‪ 1022‬ه‪2441-‬م)‪،‬‬
‫‪.221‬‬
‫‪ - 3‬موسوعة مصطلحات علم الكالم اإلسالمي‪ :‬مسيح دغيم‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪-‬لبنان‪ ،-‬الطبعة األوىل‪.239 ،1997:‬‬
‫‪ -4‬العقيدة رواية أيب بكر ا الل‪ :‬أبو عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباين (املتوىف‪201 :‬هن)‬
‫احملقق‪ :‬عبد الع ي ع الدين السفوان‪ ،‬دار قتيبة – دمشق‪-‬الطبعة‪ :‬األوىل‪.110 ،1047 ،‬‬
‫‪122‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫واملعدة امل َعدَّة لطبخ ما يصل إليها من ذلك‪ ،‬وتلطيفه حىت يصل إىل الشعر والكفر‪ ،‬وغف ذلك من سائر األعضاء يف جمار‬
‫ُ‬
‫لطاف قد هيئت لذلك مبقدار ما يقيمها‪ ،‬والكبد املع ّدة لتسخينها مبا يصل من حرارة القلي‪ ،‬والرئة املهيأة إلخراج خبار‬
‫احلرارة اليت يف القلي‪ ،‬وإدخال ما يعتدل به من اهلواء البارد باجتذاب املناخر‪ ،‬وما فيها من ا الت املعدة روج ما يفضل‬
‫من الغذاء عن وقت احلاجة يف جماري‪ 1‬ينفذ ذلك منها‪ ،‬وغف ذلك مما يطول شرحه مما ال يصح وقوعه باالتفاا‪ ،‬وال‬
‫يستغين فيما هو عليه عن مقوم يرتبه‪.‬‬
‫إذ كان ذلك ال يصح أن يرتتي وينقسم يف ساللة الطني واملاء املهني بغنف صنانع وال مندبر عنند كنل عاقنل متأمنل‪ ،‬كمنا‬
‫ال يصنح أن يرتتني الندار علنى مننا حيتناج فيهنا منن البنناء بغننف مندبر يقسنم ذلنك فيهنا‪ 1"..‬مضتتيوا قللته‪ ":‬واسنتدل علنى وجننود‬
‫اهلل وحدوث اإلنسان من وجود اإلنسان نفسه‪2‬‬

‫وم ننن عن نناوين املؤلف ننات ال ننيت ج نناءت حت ننت مس ننمى اإلنس ننان عل ننى س ننبيل املث ننال ال احلص ننر‪ :‬كا تتاب خلت ت اإلنس تتان‬
‫لألصمعي أبو سعيد عبد امللك بن قريي بن علي بن أصمع (املتوىف‪218 :‬هن)‬
‫وكتنناب اإلنستتان أليب هاشننم عبنند السننالم حممنند الجرتتائي‪3‬ف وأن يكننون كتابننا كننامال خمصصننا لإلنسننان فهننذا يعننين أنننه يتننناول‬
‫إشكاالته املطروحة والتحديات املعرفية والنفسية واالجتماعينة‪ ،‬وكنذلك " عن ّد للنتلاخاي ‪-‬حسنن بنن ُم َ‬
‫وسنى الننوخبيت أَبُنو ُحمَ َّمند‬
‫ي الشننيعي الْ ُمننتَ َكلّم مننن عُلَ َمناء اإلماميننة َكننا َن بعنند سننة ‪ 344‬ثََالمثِائَننة بَِقلِيننل‪-‬مصنننفا بعننوان كاتتاب ْاال ِستتاَْةا ةة كاتتاب‬ ‫ِ‬
‫الْبَن ْغ َنداد ّ‬
‫الرد على ابن الراوندي‪5".‬‬ ‫‪4‬‬
‫ْ‬ ‫اإلنسان‪ ..‬و"كتاب اإلنسان َو َّ ّ‬
‫كما جاء يف كتاب روح البيان‪ ،‬أن للعامل اجللدكي أحد أشهر علماء القرن الثامن كتابا موسوما ب "اإلنسان"‪6‬‬

‫‪.78-71‬‬ ‫‪ -1‬رسالة إىل أهل الثغر بباب األبواب‪ :‬املصدر السابق‪،‬‬


‫‪ -2‬رسالة إىل أهل الثغر بباب األبواب‪ :‬أبو احلسن علي بن إمساعيل بن إسحاا بن سامل بن إمساعيل بن عبد اهلل بن موسى بن أيب بردة بن أيب موسى‬
‫األشعري (املتوىف‪320 :‬هن)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد اهلل شاكر حممد اجلنيدي‪ ،‬الناشر‪ :‬عمادة البحث العلمي باجلامعة اإلسالمية‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬اململكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬الطبعة‪1013 :‬هن‪10 ،‬‬
‫‪ - 3‬الفهرست‪ :‬أبو الفرج حممد بن إسحاا بن حممد الوراا البغدادي املعت يل الشيعي املعروف بابن الندمي (املتوىف‪037 :‬هن)‬
‫احملقق‪ :‬إبراهيم رمضان‪ ،‬دار املعرفة بفوت – لبنان‪-‬الطبعة‪ :‬الثانينة ‪ 1018‬ه ن ‪ 1998-‬منن‪ 210. ،‬و ةه ْديَّتة الرتارفين أةس ةتماء املنؤلفني وآثنار املصننفني‪:‬‬
‫نوىف‪1399 :‬ه ن)‪ ،‬طبننع بعنايننة وَكالَننة املعننارف اجلليلننة ِيف مطبعتهننا البهيننة إسننتانبول‪،1911 ،‬‬
‫ي (الْ ُمتَن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫إ ْمسَاعيننل بننن ُحمَ َّمنند أَمننني بننن مننف سننليم البابنناين الْبَن ْغن َنداد ّ‬
‫يب بفوت – لبنان‪-‬ج‪.189 ،1‬‬ ‫إحيَاء الرتاث الْ َعَرِ ّ‬
‫أعادت طبعه باألوفست‪َ :‬دار ْ‬
‫‪َ - 4‬ه ِديَّة العارفني أَمسَاء املؤلفني وآثار املصنفني‪ :‬املرجع نفسه‪-‬ج‪.189 ،1‬‬
‫‪َ -5‬ه ِديَّة العارفني أَمسَاء املؤلفني وآثار املصنفني‪ :‬املرجع نفسه‪ ،‬ج‪.247 1‬‬
‫‪ - 6‬روح البيان‪ :‬املؤلف‪ :‬إمساعيل حقي بن مصطفى اإلستانبويل احلنفي ا لويت ‪ ،‬املوىل أبو الفداء (املتوىف‪1128 :‬هن)‬
‫‪.318‬‬ ‫الناشر‪ :‬دار الفكر – بفوت‪-‬ج‪،0‬‬
‫‪121‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫ني‬ ‫ِ‬
‫نيعة تننوىف سنننة ‪ 388‬سننبع َوسننت َ‬
‫اجلَن ْنيش املكفننر بننن ُحمَ َّمنند بننن أ ْمحَنند البلخنني‪ ،‬الْ ُمننتَ َكلّم مننن عُلَ َمنناء الشن َ‬
‫وللبلخنني أَبنُنو ْ‬
‫وثالمثائة‪ ،‬كااب اإلنسان‪ ،‬وكتي أخرى حول بع قضاياه ككتاب اْ جال‪ ،‬وكتاب األرهاا‪1.‬‬
‫َ‬
‫هذا من ييث ناوين المصتنوات الاتي اتختجت مصتَلإل اإلنستان كرنتلان لهتا‪ ،‬أمنا اإلنسنان كمحنور يف الدراسنات ضنمن‬
‫حماور أخرى فحدث وال حرج‪ ،‬فمنها مصنف الصوات للنضر ان شميل بن خرشنة بنن ي يند بنن كلثنوم بنن عننرتة بنن ههنف بنن‬
‫جلهمة بن حجر بن خ اعي بن ماهن بن مالنك بنن عمنرو بنن متنيم البصنري املتنويف سننة أربنع ومنائتني أو ثنالث‪ ،‬والنذي عن ّد لنه‬
‫اب ننن الن نندمي ع نندة كت نني‪ ،‬حي ننث حيت ننوي اجل ن ن ء األول م ننن مص نننف الص ننفات عل ننى خل ت ت اإلنست تتان واجل ننود والك ننرم وص ننفات‬
‫النساء‪2"...‬‬
‫كما يسجل املتصفح لعناوين الكتي الرتاثية ما يؤكد يضلر اإلنسان وقضاياه يف هذا الرتاث املعريف بكثرة ك‪:‬‬
‫‪-‬محاسرة النوس البن أيب الدنيا أليب بكر عبد اهلل بن حممد بن عبيد بن سفيان بن قيس البغدادي األموي القرشي املعروف‬
‫بابن أيب الدنيا (املتوىف‪271 :‬هن)‬
‫‪-‬رياضة النوس حملمد بن علي بن احلسن بن بشر‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬احلكيم الرتمذي (املتوىف‪ :‬حنو ‪324‬هن)‬
‫‪ -‬أدب النوس حملمد بن علي بن احلسن بن بشر‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬احلكيم الرتمذي (املتوىف‪ :‬حنو ‪324‬هن)‬
‫‪-‬رسالة ضمن «مجملع في السياسة» حملمد بن حممد بن طرخان بن أوهلغ‪ ،‬أبو نصر الفارايب‪ ،‬ويعرف باملعلم الثاين‬
‫(املتوىف‪339 :‬هن)‪.‬‬
‫‪ -‬يلب النوس حملمد بن احلسني بن حممد بن موسى بن خالد بن سامل النيسابوري‪ ،‬أبو عبد الرمحن السلمي (املتوىف‪:‬‬
‫‪012‬هن)‬
‫‪ -‬رسالة ضمن «مجملع في السياسة» لحلسني بن علي بن احلسني‪ ،‬أبو القاسم الوهير املغريب (املتوىف‪017 :‬هن)‬
‫‪ -‬رسالة ضمن «مجملع في السياسة» للحسين بن عبد اهلل بن سينا‪ ،‬أبو علي‪ ،‬شرف امللك‪ :‬الفيلسوف الرئيس (املتوىف‪:‬‬
‫‪027‬هن)‬
‫‪-‬األ ضاء والنوس للحكي الارمجع‬
‫‪-‬سرور النوس امدارك الحلاس الخمس أليب العباس أمحد بن يوسف التيفاشي (املتوىف‪811 :‬هن)‬
‫‪ -‬رسالة النوس أليب الوليد حممد بن أمحد بن حممد بن أمحد بن رشد القرطيب الشهف بابن رشد احلفيد (املتوىف‪191 :‬هن)‬
‫‪ -‬مرارج القدس في مدراج مررفة النوس أليب حامد حممد بن حممد الغ ايل الطوسي (املتوىف‪141 :‬هن)‬
‫‪ -‬االشرتاك املتعمد يف اجلناية على النفس بالقتل أو اجلرح لعبد اهلل بن معتق السهلي‬
‫‪-‬الَرق الحكمية في السياسة الشر ية أليب عبد اهلل حممد بن أيب بكر بن أيوب ابن قيم اجلوهية (‪)811 - 891‬‬

‫‪.083‬‬ ‫‪َ - 1‬ه ِديَّة العارفني أَمسَاء املؤلفني وآثار املصنفني‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫‪.80‬‬ ‫‪-2‬الفهرست‪ :‬املصدر السابق‪،‬‬
‫‪121‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫‪ -‬السياسة الشرعية ل تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم بن عبد اهلل بن أيب القاسم بن حممد ابن‬
‫تيمية احلراين احلنبلي الدمشقي (املتوىف‪827 :‬هن)‬
‫‪ -‬رسلأ دار الخالفة هلالل بن احملسن بن إبراهيم بن هالل الصاب احلراين‪ ،‬أبو احلسني‪ ،‬أو أبو احلسن (املتوىف‪007 :‬هن)‬
‫‪ -‬األيكاأ السلَانية‪ :‬أبو احلسن علي بن حممد بن حممد بن حبيي البصري البغدادي‪ ،‬الشهف باملاوردي (املتوىف‪:‬‬
‫‪014‬هن)‬
‫وقد أفرد القاضي عبد اجلبار يف املغين (ج ء التكليف) فصال يف حد اإلنسان وفائدته‪1‬‬
‫كما أورد أبو احلسن بن ميمنون الكنناين املكني املتنويف سننة‪204‬ه‪ ،‬حنديثا قيمنا عنن اإلنسنان يف القنرآن الكنرمي‪":‬إن اهلل‬
‫أخرب يف كتابه عنن خلنق اإلنسنان يف مثانينة عشنر موضنعا‪ ،‬منا ذكنره يف موضنع منهنا إال أخنرب عنن خلقنه‪ ،‬وذكنر القنرآن يف أربعنة‬
‫ومخسننني موضننعا مننن كتابننه فلننم خيننرب عننن خلقننه يف موضننع منهننا وال أشننار إليننه بشننيء مننن صننفات ا لننق‪ ،‬مث ملننع بننني القننرآن‬
‫واإلنسننان يف موضننع واحنند وأخننرب عننن خلننق اإلنسننان‪ ،‬ونفننى ا لننق عننن القننرآن‪ .‬فقننال ع ن وجننل‪{ :‬الن َّنر ْمحَ ُن َعلَّن َنم الْ ُقن ْنرآ َن َخلَن َنق‬
‫األنْسا َن} ‪ 3‬ففرا بني القرآن وبني اإلنسان‪2‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬

‫ومل نرصد اهتمام املتكلمني باإلنسان بصفة عامة فقم‪ ،‬بل فاجأنا حضور املرأة يف الدراسات الكالمينة الرتاثينة‪ ،‬وهنو منا‬
‫سيكون حمور حبثنا فيما يأيت‪:‬‬
‫خامسا‪ :‬المرأة في الدراسات الكالمية‪.‬‬
‫نجل النرتاث الكالمنني مبناء منن ذهنني عناينة املنرأة املسننلمة واهتمامهنا بفهنم عقينندهتا مث نصنرهتا‪ ،‬حينث كانننت وراء‬ ‫لقند س ّ‬
‫ت ننأليف العدي نند م ننن املص نننفات الكالمي ننة‪ ،‬ح ننني اجته ننت إىل أعل ننم علم نناء عص ننرها يف ف نرتات هماني ننة خمتلف ننة تطل نني احل ننق فيه ننا‬
‫لنصرهتا‪ ،‬حيث يسجل الباقالين يف مدخل كتاب اإلنصاف سبي التأليف قنائال‪" :‬أمنا بعند فقند وقفنت علنى منا التمسنته احلنرة‬
‫الفاضننلة الديّنننة –أحسننن اهلل توفيقهننا‪-‬ملننا تتوخنناه مننن طلنني احلننق ونص نرته‪ ،‬وتنكنني الباطننل وجتنبننه‪ ،‬واعتم نناد القربننة باعتقنناد‬
‫املفروض يف أحكام الدين‪ ،‬واتباع السلف الصاحل من املؤمنني‪ ،‬من ذكر ملل منا جيني علنى املكلفنني اعتقناده‪ ،‬وال يسنع اجلهنل‬
‫به‪ ،‬وما إذا تدين به املرء صار إىل الت ام احلق املفروض‪ ،‬والسالمة من البدع والباطل املرفوض‪3"...‬‬

‫‪- 1‬املغين يف أبواب التوحيد والعدل (التكليف)‪ :‬القاضي أيب احلسن عبد اجلبار األسد آبادي (ت ‪011‬ه)‪ ،‬حتقيق جممد علي النجار‪،‬‬
‫مراجعة‪ :‬إبراهيم مدكور‪ ،‬وعبد احلليم النجار‪ ،‬إشراف‪ :‬طه حسني‪ ،‬ج ‪.371 ،11‬‬
‫‪ -2‬احليدة واالعتذار يف الرد على من قال خبلق القرآن‪ :‬أبو احلسن عبد الع ي بن حيىي بن مسلم بن ميمون الكناين املكي (املتوىف‪204 :‬هن)‪ ،‬احملقق‪:‬‬
‫علي بن حممد بن ناصر الفقهي‪ ،‬مكتبة العلوم واحلكم‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬اململكة العربية السعودية‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪1023 ،‬هن‪2442/‬م‪.71 ،‬‬
‫‪.13‬‬ ‫‪- 3‬اإلنصاف‪:‬‬
‫‪121‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫ولقد أعد الباحث يوسف احل ميري مشكورا دراسة قيمة يف املوضنوع أفناد تنا يف ملنع املنادة املعرفينة‪ 1‬ومنن الشخصنيات‬
‫النسننوية األخننرى "ام نرأة تسننمى خفونننة أو خدونننة‪ ،‬كانننت فقيهننة صنناحلة‪ ،‬وممننا يننذكر مننن مفاخرهننا أن باقرتاحهننا وضننع اإلمننام‬
‫السالجلي عقيدته الشهفة‪ ،‬توفيت سنة ‪190‬ه"‪ 2‬و"كانت حتضر جملس عثمان السالجلي إمام أهل فاس يف األصول"‪3 .‬‬
‫كمنا "كاننت تعكننم أبنا عمننرو وتنوقره وتلن م جملسنه‪ ،‬فرغبننت إلينه أن يكتنني هلنا يف لوحهننا شنيئا تقنرأه علنى مننا يل مهنا مننن‬
‫العقيدة‪ ،‬فكان يكتي هلا يف لوحها فصال مىت كلفته ذلك‪ ،‬فكانت حتفكه فاذا حفكته وحمته كتي هلنا لوحنا ثانينا‪ ،‬فكنان ذلنك‬
‫دأتا حىت كملت هلا عقيدة وكتبتها وكتبت عنها ولقبت بالربهانية"‪ 4‬علما أن الرجل كان يع ف عن الكتابة والتأليف‪.‬‬
‫وقد كان هلا الدور الباره ف الرتويج لعلم الكالم األشعري باملغرب وبفاس‬
‫وهكذا أصبحت املرأة من أهم حلقات السند يف رواية العقيدة الربهانية‪" ،‬هذه العقيدة املختصرة اليت فعلت يف الفكر‬
‫العقدي املغريب ما مل تفعله املؤلفات الضخمة‪ ،‬وأثرت فيه مبا مل تؤثره الكتي املطولة"‪.5‬وقد وضعت هلا شروحا عديدة مما‬
‫يبني األسية القصوى هلا‪.‬‬
‫وقد كان حلرائر اجل ائر نصيبا يف االهتمام بعلم الكالم والعقيدة‪ ،‬مل تتمثل يف شخصية نسوية بعينها‪ ،‬حيث نكم‬
‫السنوسي صغرى الصغرى للنساء وضعفاء احلفظ‪ ،‬وتسمى أيضا احلفيدة وصغرى النساء‪6‬‬

‫وعلى هذا النسق سار اإلمام سيدي عبد القادر بن علي الفاسي (ت‪1491‬هن) حيث وضع خمتصر عقدي‬
‫ليسهل تعليم العقيدة للنساء والصبيان‪ ،‬فقد ألف كتاب "عقيدة أهل اإلميان"" فهذا سرد عقيدة أهل اإلميان موضوعة ملن‬
‫أراد تعليمها للنساء والصبيان‪ ،‬مصونة عن شبه أهل ال يغ وا ذالن‪ ،‬خالية من تقرير الدليل والربهان‪ ،‬قابلها اهلل بالقبول‬
‫والرضوان‪ ،‬وأحتف عبده البائس املنكسر بالعفو والغفران"‪7‬‬
‫كما نكمها وشرحها حممد بن حممد بن أيب الغيث املعروف بدخان لعقيدة الشيخ السنوسي املسماة بعقيدة النساء‬

‫احل ميري‪ ،‬العدد ‪ - 2191‬ا ميس ‪ 40‬سبتمرب ‪2447‬م املوافق ‪43‬‬ ‫‪ - 1‬صفحات من عناية املرأة املسلمة بالدرس العقدي‪ :‬يوسف‬
‫رمضان ‪1029‬هن األرشيف ‪http://www.achaari.ma/Article.aspx‬‬
‫‪- 2‬العلوم وا داب‪ ،‬والفنون على عهد املوحدين‪ :‬حممد املنوين‪ ،‬مطبوعات دار املغرب للتأليف والرتملة والنشر‪-‬الرباط‪-‬طبعة ثاين‪ 1398‬ه‪-‬‬
‫‪.31 ،1988‬‬
‫‪- 3‬خفونة الفاسية املغربية العاملة‪ :‬حممد امحيمد‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪ ،‬ط‪ ،‬د‪ ،‬ت‪1 ،‬‬
‫‪- 4‬املباحث العقلية يف شرح معاين العقيدة الربهانية‪ :‬أبو احلسن علي بن عبد الرمحن اليفرين الطنجي (ت‪1330 /870‬م‪ ،‬تقدمي وحتقيق‪:‬‬
‫ملال عالل البخيت‪ ،‬الرابطة احملمدية للعلماء‪-‬اململكة املغربية‪ ،‬اجمللد األول‪.32 ،‬‬
‫‪ - 5‬عثمان السالجلي ومذهبيته األشعرية‪ :‬الدكتور ملال عالل البخيت‪.170: ،‬‬
‫‪ - 6‬ثالث عقائد أشعرية‪ :‬أبو عبد اهلل حممد بن يوسف السنوسي التلمساين (ت‪731‬ه)‪ ،‬دراسة وحتقيق‪ :‬خالد ههري‪.74 ،‬‬
‫‪- 7‬عقيدة أهل ا إلميان‪ :‬الشيخ اإلمام أبو حممد عبد القادر الفاسي املالكي األشعري(‪1491‬ه)‪ ،‬اعتىن تا‪:‬ن ار محادي‪ ،‬دار اإلمام ابن‬
‫عرفة‪-‬تونس‪.30 -‬‬
‫‪121‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫هننو دخنان راجنني اإلل ن نه‬ ‫قن ن ننال حمنمن ن نند عبين ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن ن نند اهلل‬
‫لنكمننا عقيندة السنوسي‬ ‫مستوهي الفتنح من القدوس‬
‫مبتدينا باحل ن ن ن ن نمد والثنن نناء‬ ‫أعننني ت ن نا عقين ن ن ن ن ن ن ن ندة النسن ن نناء‬

‫كما يسجل الرتاث الكالمي أ ّن املرأة مل تكن فقم طالبة لعلم الكالم بل كانت ناظمة للعقيدة‪ ،‬ومرمي بنت حني‬
‫الشيخة الفقيهة العابدة منوذجا حيا هلا حيث نكمت يف العقيدة "العشرون الواجبة"‬

‫ومما نكمته يف صفة الكالم قوهلا‪:‬‬


‫و ِاجبَ ننة َلربنن ن ننا قَ ِدميَن ننة‬ ‫يمننة‬ ‫ِ‬ ‫ُمثَّ ال َك ِ‬
‫الم ص َفن ن نةٌ عك َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫َص َنوات‬
‫َح ُرف َوال أ ْ‬ ‫ت بِأ ْ‬‫لَْي َس ْ‬ ‫للسك ننوت وا ف ننات‬ ‫تنُنَ ِايف ُّ‬
‫أو ِض ن ُّند ذا تنن نََّه ال َق ِدي ن ُنم‬ ‫اب أو تقدي ن ن ن ُنم‬ ‫وال هلا إعر ٌ‬
‫الالهمنات بِك ننالم ال ن َّنذات‬ ‫َّ‬ ‫على حنو ذلك ِمن الص ننفات‬
‫ِ‬ ‫وما به خي ُ ِ ِ‬
‫ت‬‫وسى وس َك ْ‬ ‫من أنّه كلَّم ُم َ‬ ‫نت‬
‫نال جاهن ننل ُت ن ْ‬
‫كوت وحدود‪1‬‬ ‫ج َّل اإللَه عن س ٍ‬ ‫ناده ُجحننود‬
‫ُ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫فهو َج ْهل واعتق ن ُ‬

‫ونصل من خالل هذه الدراسة إىل أن علم الكالم القدمي مل يهمل اإلنسان‪ ،‬بل كان اإلنسان احملور األساس الذي تدور‬
‫حوله القضايا العقدية‪ ،‬سواء تعلق األمر باإلهليات حيث أ ّن حبثها املقصد منه معرفة اإلنسان هلل ليهتدي إىل حسن عبادته يف‬
‫الدنيا والنجاة من عقابه يف ا خرة‪ ،‬وكذلك مبحث النبوات والسمعيات‪ ،‬فان املكلف املقصود من حبثها هو اإلنسان‪ ،‬وقد‬
‫دارت األحباث واجلدل يف املسائل الكالمية حول قضاياه‪ .‬وهذا ال يدين علم الكالم القدمي كونه تناول مسائل ختص كل يف‬
‫همنه‪ ،‬مما جيعل السؤال مشروعا حول دعوى التجديد يف علم الكالم خصوصا إذا كانت القضية منقوضة يف األساس‪ ،‬كون‬
‫السبي الداعي إىل التجديد متوفر يف علم الكالم القدمي ‪ ،‬وقد استشهدنا حبضور املرأة اإلنسان يف علم الكالم القدمي لتأكيد‬
‫حضور اإلنسان نسيه يف املباحث الكالمية القدمية واحلديث‪ ،‬وهو ما جيعل السؤال حول االستئناف بدل التجديد –‬
‫حسي تصوري‪ -‬مشروعا‪.‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪ -‬امللل والنحل‪ :‬أبو الفتح حممد بن عبد الكرمي بن أىب بكر أمحد الشهرستاين (املتوىف‪107 :‬هن)‪ ،‬مؤسسة الحلري ج‪.1‬‬
‫‪( 008‬شرح اجلرجاين)‬ ‫‪ -2‬املواقف‪ :‬اإلجيي عبد الرمحن بن أمحد عضد الدين ‪،‬طبعة بوالا‪ ،‬القاهرة (‪1913‬م)‪،‬‬

‫‪- 1‬بنت حني اجلكنية (ت‪2411.‬م) ونكم العشرون الواجبة‪ ،‬مرك أيب احلسن األشعري للدراسات والبحوث العقدية‪.‬‬
‫‪http://www.achaari.ma/Article.aspx?C=5944‬‬
‫‪121‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬
‫‪ - 3‬شرح العقائد النسفية‪ :‬سعد الدين بن عمر التفتاهاين‪ ،‬تقدمي‪ :‬جملس املدينة العلمية‪ ،‬مكتبة املدينة‪ ،‬باكستان‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪1033‬ه‪2412-‬م‪.‬‬
‫‪ - 0‬إحصاء العلوم‪ :‬أبو نصر الفارايب‪ ،‬قدم له وشرحه وبوبه‪ :‬علي أبو ملحم‪ ،‬دار ومكتبة اهلالل‪ ،‬الطبعة األوىل‪،1998:‬‬
‫‪-1‬تفسف التسرتي‪ ،‬نقال عن‪ :‬أمحد حممود صبحي‪ ،‬يف علم الكالم‪ ،‬دراسة فلسفية راء الفرا اإلسالمية يف أصول الدين‪،‬‬
‫‪-1‬املعت لة ج‪ ،1‬بفوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1041( ،1‬هن‪1971-‬م)‪.‬‬
‫‪-8‬علي عبد الفتاح املغريب‪ :‬الفرا الكالمية اإلسالمية‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪1011( ،‬هن‪1991-‬م)‪ ،‬ط‪.2‬‬
‫‪ -8‬ضحى اإلسالم ‪:‬أمحد أمني ‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬بفوت‪ ،‬لبنان‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ط‪،14‬‬
‫‪ -7‬مسند اإلمام أمحد بن حنبل‪ :‬أبو عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباين (املتوىف‪201 :‬هن)‪،‬‬
‫احملقق‪ :‬أمحد حممد شاكر‪ ،‬دار احلديث ‪ -‬القاهرة‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1018 ،‬هن ‪ 1991 -‬أ‬
‫‪-9‬الشيخ حافظ بن أمحد احلكمي‪ :‬معارج القبول‪ ،‬ضبم نصه وعلق عليه وخرج أحاديثه‪ :‬عمر بن حممود أبو عمر‪ ،‬مج‪،3‬‬
‫دار ابن القيم‪ ،‬دار ابن ح م‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪1011( ،‬هن‪1991-‬م)‪ ،‬ط‪.3‬‬
‫‪ -11‬املعت لة بني الفكر والعمل‪ :‬أبو لبانة (حسني) مبشاركة علي الشايب‪ ،‬عبد اجمليد النجار‪ ،‬الشركة التونسية للتوهيع‪،‬‬
‫(‪1989‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬مقاالت اإلسالميني‪ :‬األشعري ‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حمي الدين عبد احلميد‪ ،‬ط‪1989( ،2‬م)‪.‬‬
‫‪ -13‬التنبيه والرد على أهل األهواء والبدع ‪ :‬امللطي حممد بن أمحد أبو احلسن‪ ، :‬حتقيق‪ :‬حممد هاهر الكوثري‪ ،‬طبعة مكتبة‬
‫املثىن بغداد‪1987( ،‬م‪.‬‬
‫‪-10‬علي عبد الفتاح املغريب‪ :‬الفرا الكالمية اإلسالمية‪-‬املعت لة‪ ،‬مدخل ودراسة‪ ،‬مكتبة وهبة‪1011( ،‬هن‪1991-‬م)‪،‬‬
‫ط‪.،2‬‬
‫‪ -11‬يف الفلسفة اإلسالمية منهج وتطبيقه ‪:‬إبراهيم مدكور ‪ ،‬ج‪ ،2‬مسفكو للنشر والطبع‪.،‬‬
‫‪-18‬علم الكالم اجلديد مدخل لدراسة الالهوت اجلديد وجدل العلم والدين‪ :‬عبد اجلبار الرفاعي‪ ،‬مرك دراسات فلسفة‬
‫الدين –بغداد‪-‬الطبعة األوىل‪2418 :‬‬
‫‪ - 18‬املدخل إىل دراسة علم الكالم‪ :‬حسن حممود شافعي‪ ،‬إدارة القرآن والعلوم اإلسالمية‪-‬باكستان‪-‬الطبعة الثانية‬
‫(‪ 1022‬ه‪2441-‬م‪.‬‬
‫‪ - 17‬موسوعة مصطلحات علم الكالم اإلسالمي‪ :‬مسيح دغيم‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪-‬لبنان‪ ،-‬الطبعة األوىل‪.1997:‬‬
‫‪ -19‬العقيدة رواية أيب بكر ا الل‪ :‬أبو عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباين (املتوىف‪201 :‬هن)‪،‬‬
‫احملقق‪ :‬عبد الع ي ع الدين السفوان‪ ،‬دار قتيبة – دمشق‪-‬الطبعة‪ :‬األوىل‪.1047 ،‬‬

‫‪121‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4242 :‬‬ ‫عدد‪24 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬

‫‪ -24‬رسالة إىل أهل الثغر بباب األبواب‪ :‬أبو احلسن علي بن إمساعيل بن إسحاا بن سامل بن إمساعيل بن عبد اهلل بن‬
‫موسى بن أيب بردة بن أيب موسى األشعري (املتوىف‪320 :‬هن)‪ ،‬احملقق‪ :‬عبد اهلل شاكر حممد اجلنيدي‪ ،‬الناشر‪ :‬عمادة البحث‬
‫العلمي باجلامعة اإلسالمية‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬الطبعة‪1013 :‬هن‪.‬‬
‫‪ - 21‬الفهرست‪ :‬أبو الفرج حممد بن إسحاا بن حممد الوراا البغدادي املعت يل الشيعي املعروف بابن الندمي (املتوىف‪:‬‬
‫‪037‬هن)‪ ،‬احملقق‪ :‬إبراهيم رمضان‪ ،‬دار املعرفة بفوت – لبنان‪-‬الطبعة‪ :‬الثانية ‪ 1018‬هن ‪ 1998-‬من‪ 210. ،‬و ةه ْديَّة‬
‫ي (الْ ُمتَ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وىف‪1399 :‬هن)‪ ،‬طبع‬ ‫ةسماء املؤلفني وآثار املصنفني‪ :‬إ ْمسَاعيل بن ُحمَ َّمد أَمني بن مف سليم الباباين الْبَن ْغ َداد ّ‬
‫الرارفين أ ة‬
‫يب بفوت‬ ‫بعناية وَكالَة املعارف اجلليلة ِيف مطبعتها البهية إستانبول‪ ،1911 ،‬أعادت طبعه باألوفست‪َ :‬دار ْ‬
‫إحيَاء الرتاث الْ َعَرِ ّ‬
‫– لبنان‪-‬ج‪.189 ،1‬‬
‫‪ - 22‬روح البيان‪ :‬املؤلف‪ :‬إمساعيل حقي بن مصطفى اإلستانبويل احلنفي ا لويت ‪ ،‬املوىل أبو الفداء (املتوىف‪1128 :‬هن)‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الفكر – بفوت‪-‬ج‪.0‬‬
‫‪- 23‬املغين يف أبواب التوحيد والعدل (التكليف)‪ :‬القاضي أيب احلسن عبد اجلبار األسد آبادي (ت ‪011‬ه)‪ ،‬حتقيق جممد‬
‫علي النجار‪ ،‬مراجعة‪ :‬إبراهيم مدكور‪ ،‬وعبد احلليم النجار‪ ،‬إشراف‪ :‬طه حسني‪ ،‬ج ‪.11‬‬
‫‪ -20‬احليدة واالعتذار يف الرد على من قال خبلق القرآن‪ :‬أبو احلسن عبد الع ي بن حيىي بن مسلم بن ميمون الكناين املكي‬
‫(املتوىف‪204 :‬هن)‪ ،‬احملقق‪ :‬علي بن حممد بن ناصر الفقهي‪ ،‬مكتبة العلوم واحلكم‪ ،‬املدينة املنورة‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪،‬‬
‫الطبعة‪ :‬الثانية‪1023 ،‬هن‪2442/‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬صفحات من عناية املرأة املسلمة بالدرس العقدي‪ :‬يوسف احل ميري‪ ،‬العدد ‪ - 2191‬ا ميس ‪ 40‬سبتمرب ‪2447‬م‬
‫املوافق ‪ 43‬رمضان ‪1029‬هن األرشيف ‪http://www.achaari.ma/Article.aspx‬‬
‫‪- 28‬العلوم وا داب‪ ،‬والفنون على عهد املوحدين‪ :‬حممد املنوين‪ ،‬مطبوعات دار املغرب للتأليف والرتملة والنشر‪-‬الرباط‪-‬‬
‫طبعة ثاين‪ 1398‬ه‪.1988-‬‬
‫‪- 28‬خفونة الفاسية املغربية العاملة‪ :‬حممد امحيمد‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪ ،‬ط‪ ،‬د‪ ،‬ت‪1 ،‬‬
‫‪ - 27‬عثمان السالجلي ومذهبيته األشعرية‪ :‬الدكتور ملال عالل البخيت‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪- 29‬ثالث عقائد أشعرية‪ :‬أبو عبد اهلل حممد بن يوسف السنوسي التلمساين (ت‪731‬ه)‪ ،‬دراسة وحتقيق‪ :‬خالد ههري‪.‬‬
‫‪- 34‬عقيدة أهل اإلميان‪ :‬الشيخ اإلمام أبو حممد عبد القادر الفاسي املالكي األشعري(‪1491‬ه)‪ ،‬اعتىن تا‪ :‬ن ار محادي‪،‬‬
‫دار اإلمام ابن عرفة‪-‬تونس‪.-‬‬
‫‪-31‬املباحث العقلية يف شرح معاين العقيدة الربهانية‪ :‬أبو احلسن علي بن عبد الرمحن اليفرين الطنجي (ت‪1330 /870‬م‪،‬‬
‫تقدمي وحتقيق‪ :‬ملال عالل البخيت‪ ،‬الرابطة احملمدية للعلماء‪-‬اململكة املغربية‬
‫‪ 32‬ى ‪-‬بنت حني اجلكنية (ت‪2411.‬م) ونكم العشرون الواجبة‪ ،‬مرك أيب احلسن األشعري للدراسات والبحوث العقدية‪.‬‬
‫‪http://www.achaari.ma/Article.aspx?C=5944‬‬

‫‪121‬‬

You might also like