You are on page 1of 4

‫النشأة والتطور التاريخي‬

‫تع ود بداي ة المعرف ة الى بداي ة خل ق االنس ان‪ ،‬حيث خلق ه اهلل تع الى على الفط رة ثم علم ه وه داه‬
‫الس بيل‪ ،‬ويتض ح ذل ك من قول ه تع الى ‪‬وعلم آدم األس ماء كله ا‪ ، 1‬إن الط ابع ال تراكمي للمعرف ة‬
‫اإلنس انية‪ ،‬جعله ا تتطور عبر الت اريخ من ذ الحض ارات القديم ة‪ ،‬ومن أب رز ه ذه المحط ات التاريخي ة م ا‬
‫يلي‪:‬‬
‫*المعرف ة األس طورية‪ :‬ازده رت خالل الحض ارة الس ومرية والفرعوني ة‪ ،‬وك ان الط ابع الغ الب على‬
‫المعرفة آنذاك أنها لم تخرج عن كونها خبرات متوارثة ومقترنة في جانب كبير منها باإللهام‪ ،‬فلم ينقل‬
‫لن ا الت اريخ إش ارات عن اخض اع المعرف ة للتجرب ة والبره ان‪ ،‬ل ذا لم تح اول أي من ه ذه الحض ارات‬
‫التأطير للمعرفة المتراكمة لديها بنظريات علمية‪ .‬وبني الكثير من هذا التراكم المعرفي على القصص‬
‫واألساطير‪ ،‬لهذا سميت المعرفة في هذه الحقبة بالمعرفة األسطورية‪.2‬‬
‫*المعرف ة الفلس فية‪ :‬عن د الب ابليين انتقلت على أي دييهم المعرف ة من كونه ا أس طورية الى م ا يس مى‬
‫"المعرف ة الفلس فية" التي انصرفت الى معرفة األشياء والحوادث ومعرف ة كيفي ة فعل األشياء‪ ،‬وفي هذه‬
‫المرحل ة ع دت المعرف ة ش يئا موج ودا‪ ،‬وم ا على العق ل البش ري إال أن يتأمله ا كم ا هي‪ ،‬واس تخدمت‬
‫المعرفة الفلسفية في بعض االستخدامات العلمية لكنها لم تحظ بالتحليل العقلي ولم تؤطر نظريا‪.‬‬
‫*المعرفة النظرية‪ :‬انتقلت المعرف ة على ي د اليون انيين من المعرف ة الفلس فية الى المعرف ة النظري ة‪ ،3‬فق د‬
‫رك ز الفك ر اليون اني على الطبيع ة والتأم ل فيه ا قص د فهم ظواهره ا ‪.4‬فعلى س بيل المث ال‪ ،‬ك ان س قراط‬
‫يس تعين باالس تقراء في تحدي د المع اني الكلي ة‪ ،‬وه و ب ذلك يع د أول من م يز بين الحس والعق ل‪ ،‬ليص بح‬
‫لليقين قيمة موضوعية قائال " أن المعرفة ليست معاني عامة مستخلصة من المظاهر المتعددة في العالم‬
‫المحسوس‪ ،‬وإ نما نكتشفها بالحدس المباشر وهذا الحدس ال يأتينا من التجربة بل هو المرحلة األخيرة‬
‫في منهج جدلي نقوم به " ‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة ألفالطون وتلميذه أرسطو اللذان دعما هذه النظرة في‬
‫الوصول إلى المعرفة؛ حيث استخدم أرسطو منهج االستقراء ( من الجزئيات إلى الكليات) على عكس‬
‫أفالطون‪.5‬‬

‫القرآن الكريم‪ ،‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫صالح الدين الكبيسي(‪ ،)2005‬إدارة المعرفة‪ ،‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬بحوث ودراسات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.04‬‬ ‫‪2‬‬

‫زكريا فؤاد(‪ ،)1978‬التفكير العلمي‪ ،‬سلسلة كتب عالم المعرفة‪ ،‬ط‪ ،3‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واألدب‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫الكويت‪ ،‬ص ‪.138‬‬


‫وهذا ما ميز اليونانيين عن البابليين والفراعنة الذين استخدموا معارفهم في بناء شخصيات خالدة لكنهم لم يدونوا هذه‬ ‫‪4‬‬

‫المعارف بنظريات يمكن الرجوع اليها كم فعل اليونانيين‪ ،‬الذين أطلقوا على ما كان يسمى فلسفة في الحضارات القديمة‬
‫(معرفة)‪.‬‬
‫زكريا فؤاد (‪ ،)2004‬نظرية المعرفة والموقف الطبيعي لإلنسان‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪.142‬‬ ‫‪5‬‬
‫*المعرفة العقلية‪ :‬في العصور اإلسالمية األولى ونتيجة لحث اإلسالم على طلب العلم‪-‬حيث ورد ذلك‬
‫في أول أوام ره في الس ورة األولى من الق رآن الك ريم ‪‬اق رأ باس م رب ك ال ذي خل ق‪ .‬خل ق االنس ان من‬
‫عل ق‪ .‬اق رأ ورب ك األك رم‪ .‬ال ذي علم ب القلم‪ .‬علم اإلنس ان م ا لم يعلم‪ ، 6‬وق د ب رع المس لمون في نق ل‬
‫معارف الحضارات األخرى مع محاوالت جادة إلخضاعها للتجربة والبرهان‪ ،‬ولم يقتصر دورهم على‬
‫الترجمة والنسخ‪ ،‬بل كانت لهم مساهمات في توليد المعرفة الجديدة عندما فهموا العلم على أنه ترجمة‬
‫لمعرفة نظري ة تس تهدف أغراض ا علمي ة وتطبيقي ة‪ .7‬وق د م يزوا بين ن وعين من المعرف ة‪ :‬معرف ة ت درك‬
‫بالعقل وهي الحكمة‪ ،‬ومعرفة تدرك عن طريق النصوص الدينية‪ ،‬ولهذا اعتبروا القياس طريقا يوصل‬
‫إلى اليقين‪ ،‬كما بحثوا في طبيعة العقل الذي تقوم فيه المعرفة واستفسروا عن الطريق التي يصل بها‬
‫إلى المعاني والتصورات المختلفة‪.‬‬
‫*المعرفة العلمية‪ :‬بعد أن بلغت أوربا ما يسمى بعصر النهضة‪ ،‬انتقل مركز الريادة في توليد المعرفة‬
‫اليها‪ ،‬وظهر على أيدي األوربيين ما يطلق عليه " المعرفة العلمية"‪ ،‬التي تستخدم أساليب فكري ة وعلمي ة‬
‫جدي دة تختل ف عن األس اليب الفلس فة النظري ة‪ ،‬ودائم ا م ا تخض ع للتجرب ة والبره ان‪ .‬فتمخض ت عنه ا‬
‫م دارس وم ذاهب عدي دة س اهمت في تطوره ا‪ ،‬من أبرزه ا‪ :‬م ذهب العقل يين ويمثل ه ديك ارت‪ ،‬م ذهب‬
‫التجريبيين ويمثله جون لوك‪ ،‬وبينهما مذهب النقديين عند كانط‪ .‬والجدول التالي يبين تفسير المعرفة‬
‫عند كل مذهب‬

‫الجدول رقم(‪ :)01‬نظرة المعرفة عند المذاهب الثالثة‬

‫تفسيره للمعرفة‬ ‫المذهب‬


‫برى أن العقـل هـو المصـدر للمعرفـة الحقيقيـة وهـو قـوة فطريـة فـي اإلنسان‪ ،‬فالمعرفة الحقيقية‬ ‫العقلي‬
‫ليست نتاج الخبرة الحسية وإ نما عملية عقلية بديهيـة تتميـز بالضـرورة والشـمول‪ ،‬وتعد‬
‫الرياضيات نموذجا كالسيكيا لهذا النوع من التفكير‪.‬‬
‫يذهب إلى أنه ال توجه معرفة سابقة وأن المصدر الوحيد للمعرفة هو الخبرة الحسية‪ ،‬وفقا لهذا‬ ‫التجريبي‬
‫المنظور فإن لكل شيء في العالم وجود مدرك‪.‬‬
‫يؤكد بأن مصـدر المعرفـة هـو العقـل والحــس مع ـًا‪ ،‬فبعــض المعــارف قبليــة ســابقة علــى التجربــة‬
‫مثــل مفاهيــم الزمــان والمــكان‪ ،‬وبعضهــا الحقة علــى التجربــة‪ ،‬فالمعرفـة تنتـج عـن اجتمـاع عامليـن‬ ‫النقـدي‬
‫أحدهمـا صـوري يرجـع إلـى العقـل واآلخر تجريبـي يرجـع إلـى الحـس‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحث باالعتماد على‪ :‬محمد رضوان(‪ ،)2017‬نظرية المعرفة‪ :‬مكانتها وأهميتها في الفكرين‬
‫الفلسفي والصوري‪ ،‬مجلة ‪ ،KURIOSITAS‬مجلد‪ ،11‬عدد‪-02‬ديسمبر‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.03‬‬

‫القرآن الكريم‪ ،‬سورة العلق‪ ،‬اآلية ‪.5-1‬‬ ‫‪6‬‬

‫صالح الدين الكبيسي(‪ ،)2005‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.06‬‬ ‫‪7‬‬


‫ويبين الشكل الموالي التطور التاريخي لمفهوم المعرفة‪:‬‬
‫الشكل رقم(‪ :)01‬التطور التاريخي لمفهوم المعرفة‬

‫قبل البابليين‬

‫المعرفة‬
‫ألسطورية‬

‫بنية على‬
‫القصص‬
‫األساطير‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحث‬


‫عالمن ا المعاص ر‪ ،‬تك املت المعرف ة م ع التط ورات الفكري ة الحديث ة في اإلدارة‪ ،‬وبخاص ة م ع‬
‫انتشار إدارة الجودة الشاملة والتي أسهمت أدواتها مثل االيزو في تطور المعرفة‪ .‬وتعاظم دورها مع‬
‫انتشار نظم المعلومات واالتصال مما سهل انتشارها وتوزيعها‪.‬‬

You might also like