Professional Documents
Culture Documents
A bs t ra c t
Dr. Idris al-Tarkawi
The research attempts to explore the basics of the principle of the overlap of
science and its integration at the time of Badiu’zzaman Al Nursi, and the
resulting scientific manifestations and theories of knowledge, the most important
of which was the Sufi interpretation theory. The most prominent entrance of this
theory; is the search for generics regulating its problematic forms in the nature of
its existence Building and research for purposes, on the grounds that the book
of ALLAH (holly Quran) and his world are two harmonious sectors in theory’s
nutrition and supply, by discovering the secrets of things And linking them with
patterns and threads that bind them to their creator in terms of instinct, even if
the demands and terminology were different in terms of industry. All this
without forgetting the linguistic, logical and jurisprudential controls and what
they produce of purposeful goals and functional benefits of the theory that
increases its affirmation and support the pillars of adopting it. Which in the end
helps to find a scientific status to be considered among the other theories of
knowledge and the sciences of Islamic law.
Keywords:
Theoretical interpretation, the integration of science, generic, the Holly
Quran, Universe.
ﺍﻟﻤﻠﺨﺺ
1
إدريس التركاوي.د
يحاول البحث التنقيب في أساسيات مبدأ تداخل العلوم وتكاملها عند بديع الزمان
وما ترتب عليها من تجليات علمية ونظريات معرفية كان أهمها نظرية،النورسي
يطل الناظر منه-في منظور الدراسة- وقد كان أبرز مدخل.التفسير الصوفي ا�شاري
على هذه النظرية؛ هو البحث عن كليات تنظم إشكالها المندرج في ماهية وجودها
على اعتبار أن كتاب ا� المسطور وكونه المنظور مجا�ن متعاد�ن،تأسيسا وتقصيدا
من خ�ل اكتشاف أسرار ا�شياء وربطها بأنساق،منسجمان في تغذية النظرية وإمدادها
وخيوط تشدها إلى خالقها من حيث الفطرة وإن فرقتها المطالب والمصطلحات من
هذا كله دون نسيان الضوابط اللغوية والمنطقية والفقهية وما تنتجه من.حيث الصناعة
السنة التاسعة /يناير / ٢٠١٨العدد١٧ : « ˇ١٥٠
غايات مقاصدية وثمرات وظيفية للنظرية تزيد في تقريرها وتدعم أركان القول بها
ووجوب استحضارها .مما يسعف في النهاية في إيجاد منزلة علمية تعيد لها اعتبارها
بين سائر نظريات المعرفة وعلوم الشريعة ا�س�مية.
الكلمات المفاتيح:
النورسي ،التفسير ا�شاري ،تكامل العلوم ،الكليات ،القرآن ،الكون.
***
ﻣﻘﺪﻣﺔ
للحقيقة القرآنية خصوصيتها؛ فبعضها متجلية بنفسها ،وأخرى متوارية تحسن
ا�ظهار والتخفي؛ �ن ما تنضح به من معنى قد يدغدغ مشاعر البعض فيستسلم
لومضات معرفية قليلة مستريحا بها عن الغوص في ا�عماق راضيا بالصدف عن
محملة بأسرار الغيب مشحونة بخزائن
ّ ال�لئ 2 ،إنها تأبى ا�د�ء بكل ما تحمله؛ �نها
الماوراء.
وما كان هذا شأنه في الوجود وضع ع�مات تنبه عليه فقط وتومئ إليه .وإذ يرتبط
كل ما في ا�ذهان هو ما في ا�عيان، المقام بأذهان الناس يزداد ا�مر إبهاما؛ �ن ليس ّ
بل شأن الذهن أن يقارب ويحوم في مثل هذه المواضع.
من هنا كان جوهر التحدي في استدرار لوامع القرآن ومعانيه -في مثل هذه
المباحث المعرفية -ليس هو حكاية د�لة تأويلية معينة أو تخريج لغوي أو ك�مي
قديم؛ وإنما هو إصابة عين ا�شكال أو مقاربة جوهره بمنظور الكليات القرآنية
والقواعد العلمية منزلة على الواقع ا�بت�ئي الظرفي ومواءمتها مع نسبية جريان
ا�حداث فيه� ،ستفادة ا�حكام واستنباط السنن بمنهج جديد ،يبدو على صورة
منسل من ذات الصورة الكلية التي نظر بها نظار التفسير القرآني -عدا
ّ جديدة لكنه
المغرقين في التأويل اللغوي أو الفلسفي أو الباطني -...سابقا إلى واقعهم المعيش.
وهو في هذا السياق نوع انسجام المطلق مع النسبي أو قل هو هنا وفي هذا المقام
بالذات :الوحي مع الواقع.
من هذه الزاوية بالذات نظر النورسي إلى حقيقة التفسير عموما وا�شاري الصوفي
منه على الخصوص .إذ كان التصوف عنده يعد علما أساسيا لم يستغن عنه عبر
ولكن المزاولة ا�شارية عند النورسي تجعله
َّ ماسة في عصرنا،
العصور ،والحاجة إليه ّ
تركز على مسالك إنتاج المعرفية المستفادة
فوق الد�لة العامة المتداولة للتصوف ،فهي ّ
التدبر الجامع بين العقل والقلب والمسمى عند
ّ من إشارات القرآن الكريم بطريق
١٥١ كليات التفسير ا�شاري عند النورسي :ا�سس والمقاصد Ã
أن هذا المسلك المعرفي مشحون بمفاهيم وأنساق ود��ت بالتفكر ا�يماني ،ذلك ّ
ّ
من حقول علمية أخرى مثل الب�غة والمقاصد واللغة والك�م يجعل الناظر يحكم بأن
ٍ
معان وعلوم ومعارف فطرية ذلك ليس تصوفا بالمعنى الصناعي المتداول؛ وإنما هي
قرآنية تداخلت مناهجها فصارت جميعا روافد تصب في حوض التفسير ا�شاري
القرآني.
بمجرد مسحة واحدة لكليات رسائل النور؛ يلفي الناظر نفسه مشدودا إلى ث�ثة
أوتاد تشد خيمة ا�شارة القرآنية بكل تجلياتها العلمية والوجودية عند النورسي:
فالفراسة والبصيرة منبعها ،والقرآن موجهها ،ثم المجال الكوني محركها؛ أقصد
المنطقة الجغرافية التي نشأ فيها وترعرع ”ب�د ا�ناضول“ بطبيعتها الخ�بة من جمال
ألوانها ورقرقة مياهها وحركة أشجارها ...وغيرها من الكائنات الجميلة الصافية ذات
)المتنوع(“ التي جعلت قلب النورسي مجهرا دقي ًقا يتلقى كل
ّ الطابع ”الفسيفسائي
ً
إشاراتها ولوائحها ،ثم يسبرها بعيار القرآن كشافها ودليلها على وظائفها وطبائعها.
الملكة والوحي والكون؛ تلك كانت أثافي نظرية التفسير ا�شاري عند النورسي
باعتبارها منهجا تفسيريا يتداخل فيه العلم بالعمل ويتآخى العقل مع الفن ويتساوق
ا�يمان مع الوجود .وتأتي كليات القرآن المنبجسة من تجليات الربوبية المطلقة
والقدرة السرمدية ا�لهية فتنير المشهد على قدر التقاط عين البصيرة لذرات النور
المحيطة فيه بالكائنات .من هنا نجد النورسي مولعا بقواعد ومصطلحات النور مشدود
الوجدان إلى قاموسه اللفظي والمعنوي؛ �نه صورة رمزية ل�شارات والخواطر
الربانية .حتى آل به المطاف إلى ترجمة رسائله التفسيرية بما يدل على ذلك أو هو
قطعة منه؛ )كليات رسائل النور( ...هكذا؛ إشارة لطيفة منه إلى ما كان يعتلج في باطنه
من أسرار ضاربة في عمق إبهام الظاهرة البشرية كما خلقها ا� ،ف� كاشف لها إ�
نوره .فالعملية كلها جدلية بين النور والظ�م والكلي والجزئي والكامل المطلق
والنسبي المقيد بظروف المحيط والعوارض...
ف� عجب أن نجد عم�ق ا�ناضول يجمع بين الشعاع ومنبعه في رسائله ُي َعنون
مطالب كتابه بما جد وفاض من نور شعاعات الكليات وإشاراتها ،ثم يبقى للقلب
والعقل مهمة استقبال الوافد الدليل لتكشف ع�مات الكائنات ومنازلها والتعرف على
طبائعها ووظائفها ،علما بأن الكليات � تعادي العقل والقلب والفطرة؛ بل هي مزيج
متناسق من قواعد العقل وفيوضات القلب وأبجديات الفطرة ! � مجال للتفريق بين
تلك المصادر العلمية ومجا�تها .وأي محاولة للتفريق أو التفكيك؛ تعد نسفا لنفس
السنة التاسعة /يناير / ٢٠١٨العدد١٧ : « ˇ١٥٢
تلك الكليات ،ف� جرم كانت عند النظار هي أساس الدين كله وكماله وغدت منظاره
الكشافي ا�بدي إلى انقطاع أصل التكليف .وهي المقصود بقوله تعالى﴿ :ا ْلي ْو َم
المائدةَ 3 ٣:
يت َل ُكم ا ِ� ْس�َ َم ِد ًينا﴾.
ت َع َل ْي ُك ْم ِن ْع َم ِتي َو َر ِض ُ
ت َل ُك ْم ِد َين ُك ْم َوأَ ْت َم ْم ُ
أَ ْك َم ْل ُ
ُ
تأتي هذه الدراسة للكشف عن نظرة النورسي للتفسير ا�شاري القرآني وفق مبدأ
تكامل العلوم عنده وعلى وزان ما تمليه الكليات القرآنية الكونية وا�يمانية التوحيدية
من سداد منهجي وضبط علمي معرفي ،يعد الخوض في ا�شارات في غيابهما؛ ضربا
في متاهات الجهل وتجاسرا على حقائق الغيب ،فيغدو الخائض فيها مثل الخابط خبط
عشواء؛ ف� هو ساكن في ظلمة الليل و� هو مبصر بنور النهار!
مشيدا به في سياق تصنيفه للعلوم والتعريض بالتفسير الظاهري” :علم ً قال الغزالي
ُ
الد ّر ،ولذلك يشتد
اسة ُّ
الصدفة القريبة من ُم َم َّ
التفسير الظاهر ،وهو الطبقة ا�خيرة من َّ
أنفس منه ،وبه قنع أكثر الخلق ،وما وراءه ُ
َ الد ّر وليس
به َش َب ُه ُه حتى يظن ال َظا ُّنون أنه ُّ
وحرما َنهم ،إذ ظنوا أنه � رتبة وراء رتبتهم “!
7 أعظم ُغب َنهم ِ
ُ َ ْ ُ
من هنا سيقت معالم إشكال الهوية في التفسير ا�شاري الذي يعتبر التصوف مادته.
وكثير من النظار بحثوا في ا�شكال بمسالك تقارب فهومهم وتساوق تخصصاتهم ،بيد
أن ما يصادف المتأمل في منهج طرق عم�ق ا�ناضول لهذه النظرية هو تداخل العلم
بالعمل والقرآن بالوجود في تأصيل النظرية ،وربطها بقواعد قادرة على إخراجها من
”زئبقيتها“ وعدم انضباطها في السلوك والتصوف إلى ”صلبيتها“ وانضباطها في
أنموذجا آخر 8وصورة جلية
ً الكليات الفطرية القرآنية والكونية .مما يؤهلها لتكون
لتكامل كليات القرآن مع مواقع الوجود .فما ا�سس التي اعتمدها بديع الزمان
لرصد النظرية؟ وما هي مشاربها العلمية المجلية لحقيقة التكامل المعرفي فيها؟ وما
مقاصدها وتجلياتها؟
ﺛﺎﻧﻴﺎ :ﺃﺳﺲ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻹﺷﺎﺭﻱ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﻮﺭﺳﻲ
-١ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ
المقصود أن القرآن الكريم مصدر ا�شارات وموجهها عموما ومركز انط�قها
”�ن التنزيل كما يفيدك بد��ته ونصوصه؛ كذلك يع ّلمك بإشارته ورموزه“ 9 ،و�نه
10
”الجامعية الخارقة لمقاصد القرآن ومسائله ومعانيه وأساليبه ولطائفه ومحاسنه“.
وسماه الشاطبي ”ا�عتبار القرآني“ في مقابل ”ا�عتبار الوجودي“ 11 ،أي الذي يأخذ
ماهيته من وجود الكائنات وإدراك سر المناسبات بينها بخ�ف ا�عتبار القرآني
وسيأتي في مبحثه.
والمقصود أن ا�ساس القرآني هو مجموع القوانين اللغوية والمقاصدية والعلمية
ضوابط �ستدرار ا�شارات دونَ التي سطرها النورسي -مبينا منبعها في القرآن-
ا�ستنجاد بالكائنات .فههنا عندنا أساسان كليان متقاب�ن هما مصدر ا�شارات:
ا�ساس القرآني اللغوي وا�ساس الوجودي الكوني .فماذا عن مكونات ا�ول؟
لون الحمرة فيصير قر ِمزاً“” 12 .فهو أكمل الكتب ،فهو يقيني؛ إذ كمال الكتاب
يتجسم ُ
ْ
مجسم الهداية للبشر“ .وشأن الهداية أن تبوح بأسرارها ولوامعها
13
َّ باليقين ،فهو
ٍ
صاف وعقل ُم َّت ِقد وهم ولوامحها إلى من رزقوا أجهزة ا�ستعداد وا�ستمداد من قلب
اق إﳍﻲ أﻫﺪاﻩ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﲔ ﻟﻴﺴﻠﻜﻮا ،وﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ المؤمنون .يقول” :ﻫﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮآن ﺑُﺮ ٌ
14
اﻟﻄﺮﻳﻖ اﳌﺴﺘﻘﻴﻢ ﺳﺎﺋﺮﻳﻦ إﱃ ﻋﺮش اﻟﻜﻤﺎﻻت“.
إذا كان كذلك وكانت الهداية هي مسلك المرور الصحيح على الصراط المستقيم
إلى الفوز بالنعيم في ا�خرة؛ كان �بد لزوما أن تحمل أسرارا في الدنيا لفهم القرآن
ع�مات في صورة مدارج يرتقي عبرها السالكون إلى تذوق القرآن واكتناه ٍ وتنصب
حكمه الباطنية الدقيقة ال�نهائية .يقول في تفسير صدر سورة البقرة” :تنكير )هدى(؛
فيه إيماء إلى نهاية دقة هداية القرآن حتى � ُي ْكتنه ُك ْنهها ،وإلى غاية وسعتها حتى �
15
ُيحاط بها علم ًا“.
من هنا حقا يمكن وصفها بباطن القرآن كما فعل أبو إسحاق الشاطبي إذ قال يصف
ا�عتبار القرآني ...” :فذلك ا�عتبار صحيح ،وهو معتبر في فهم باطن القرآن من غير
إشكال؛ �ن فهم القرآن إنما يرد على القلوب على وفق ما نزل له القرآن وهو الهداية
التامة على ما يليق بكل واحد من المكلفين وبحسب التكاليف وأحوالها � بإط�ق .
وإذا كان كذلك فالمشي على طريقها مشي على الصراط المستقيم ...فإن ا�عتبار
الصحيح في الجملة هو الذي يخرق نور البصيرة فيه حجب ا�كوان من غير توقف،
فإن توقف فهو غير صحيح أو غير كامل حسبما بينه أهل التحقيق بالسلوك“ 16 .أو
بتعبير صاحبنا� ...” :ن القرآن الكريم قد نزل من العلم المحيط ،فيمكن أن تكون
جميع معانيه مرادة ،إذ معاني القرآن � تنحصر في واحد أو اثنين من المعاني كما
17
ينحصر ك�م ا�نسان الحاصل بإرادته الشخصية وبفكره الجزئي المحدود“.
فهذه النصوص جميعها تعد تقعيدا لحقيقة ا�ساس القرآني أو ا�عتبار القرآني،
ٍ
ومعان باطنية تتدفق من غير توقف ،يلوح بها حيث ترجع إلى ا�حتفال بمرامز إشارية
النظر القرآني عند التدبر .لكن باعتبار كلي الهداية التي تخص أصحابها دون غيرهم.
ويستخرج من الدرر على قدر طاقته وبحسب قربه منه إيمانا وتسليما وإذعانا
وخضوعا ،إذ تنفتح ا�شارات وا�يماءات المدفونة ،كما تبرز العبارات والمنطوقات
الصريحة؛ �نه ك�م ا� ا�زلي المحيط بما يتصور في الذهن البشري ،وما � يتصور
فيه و� له طاقة على فهمه أو إدراكه .يقول” :ولما كان القرآن الكريم خطاب ًا أزليا
للجن وا�نس بطبقاتهم كافة ،فكل طبقة من البشر تأخذ إ ًذا حصتها من كل آية من
ٍ
معان القرآن الكريم ،وكل آية أيضا ُتشبع أفهام كل طبقة من الناس ،أي لكل آية
متنوعة متعددة ضمن ًا وإشارة.
نعم! إن سعة خطاب القرآن وشمول معانيه وإشاراته ومراعاته درجات أفهام
الطبقات عامة ومداركهم من أدنى العوام الى أخص الخواص تبين :أن كل آية لها وجه
18
متوجه إلى كل طبقة من الناس“.
وهذا معنى كونه شام� أي محيطا بجميع طبقات الفهم البشري المتفتقة من
قلوبهم وعقولهم ،كل حسب درجة تدبره وإدراكه ”فلكل آية طبقات كثيرة من
المعاني .و�ن القرآن الكريم قد نزل من العلم المحيط ،فيمكن أن تكون جميع معانيه
مرادة ،إذ معاني القرآن � تنحصر في واحد أو اثنين من المعاني كما ينحصر ك�م
19
ا�نسان الحاصل بإرادته الشخصية وبفكره الجزئي المحدود“.
والم�طفة والتعليم في نفس المعاملة به قبل النظر إلى ما حواه من المعارف والخيرات
23
) (...وهو أصل التخلق بصفات ا� وا�قتداء بأفعاله“.
فالقاعدة راجعة في طبيعتها ابتداء إلى أصل خلقي تربوي ينبع من مشكاة
التصرفات ا�لهية الحسنة تجاه الخلق ،إذ ما وجد في القرآن من إيماء أو إشارة إلى
فعل حسن إ� والقصد منه نصبه أمام المكلفين ل�قتداء به والتخلق بمضامينه ،كما هي
في الصفات ا�لهية كالرفق ورفع الحرج والم�طفة ...وغيرها من الكيفيات والهيئات
الخلقية التي حملت قضايا الخطاب الشرعي والوحي ا�لهي .فهو نظر في مقصد
الخطاب وغايته التي تحملها هيئاته اللغوية من مجاز واستعارة وتمثيل ...أي بتعبير
آخر :تصوير العناية بهم من خ�ل مراعاة مداركهم وفهومهم ،والمقصدان معا
يصور الحقائق بتمثي�ت بناء على ما تقتضيه
ّ يجتمعان في ا�سلوب التصويري؛ ”فإذاً
24
العناية مع التنز�ت ا�لهية“.
فهناك إذن تجد نظرية التفسير ا�شاري منزلتها� ،نها راجعة إلى –والمقالة
للشاطبي” -التنز�ت الفائقة الحسن في محاسن العادات“ 25 .فالتنز�ت ا�لهية إذن
هي طرائق توصيل الخطاب المتفاوتة المدارج ،وإذا كانت كذلك وجب أن تتفاوت
على وفقها فهوم المكلفين ،إذ الفهم يتبع المفهوم.
الخفية المحفوفة بمخاطر ومفاوز قد � ينجو منها الشادي في علوم اللغة والب�غة
أك َثر القرآ ُن من حذف والمنطق ومقاصد الشريعة .قال” :ف�جل هذا السر والحكمة
ْ َ
كل مقتضى ذوقه واستحسانه .ولقد نظم القرآن ُج َمله ووضعها الخاص للتعميم ِّ
ليقدر ٌ
كل ٍ
فهم في مكان ينفتح من جهاته وجوه محتملة لمراعاة ا�فهام المختلفة ليأخذ ُ
حصته .وقس!..
فإذ ًا يجوز أن يكون الوجوه بتمامها مرادة بشرط أن � تردها علوم العربية ،وبشرط
28
أن تستحسنها الب�غة ،وبشرط أن يقبلها علم أصول مقاصد الشريعة“.
ولب النظم عند النورسي هو ا�ستعارة والتمثيل .يقول” :اعلم! أن كمال الك�م
وحلته البيانية بأسلوبه .وأسلوبه صورة الحقائق وقالب المعاني المتخذ من وجماله ُ
قطعات ا�ستعارة التمثيلية .وكأن تلك القطعات ”سي ُِموطُو ْغراف“ خيالي؛ كإراءة لفظ
ّ َ 29
”الثمرة“ جنتها وحديقتها .ولفظ ”بارز“ معركة الحرب“.
فمن خ�ل هذا التفاوت في النظم تبدو د��ت الكلمات والجمل أيضا متفاوته في
التجلي؛ بعضها أرق من بعض وأقوى في العمق وأوغل في ا�بهام ،وذلك لما يتضمنه
ا�سلوب من مدارج منطقية ت�ئم حركة الفهم البشري النسبية تجاه الخطاب .يقول:
طب كما في أساليب القرآن الكريم ”إن أسلوب الك�م قد يكون باعتبار خيال المخا َ
أرق من النسيم إذا سرى يرمز إليه
تنس .ثم إن مراتب ا�سلوب متفاوتة؛ فبعضها ّ ف� َ
بهيئات الك�م .وبعضها أخفى من دسائس الحرب � يشمه إ� ذو دهاء في الحرب؛
ام َو ِهي َر ِميم﴾يس ٧٨:أسلوب ” َمن يبرز ِ
ٌ َ الزمخشري من ﴿ َم ْن يُ ْحيِي ا ْلع َظ َ كاستشمام
30
إلى الميدان“.
غير أن هذا كله مبني على وجوب استنباط سر المناسبة بين ا�شياء والكائنات في
الخارج؛ �ن اللغة في النهاية تصوير وتوصيف وحكاية ما في نظام الكائنات في
الوجود .يقول” :إن التمثي�ت مؤسسة على سر المناسبات بين ا�شياء ،وا�نعكاسات
ّ
في نظام الكائنات ،وإخطار أمور أمورا؛ كإخطار رؤية اله�ل في الثريا في ذهن أبناء
31
غصنها ا�بيض بالقدم المتقوس بتدلي العنقود“.
َ النخلة
إن سر المناسبة بين هاته ا�شياء كامن في صدفة الطبقية في ا�د�ء بالمقصود ،
كل كائن يدل بقدر مكانته في الوضوح أو ا�بهام ،فكانت اللغة واصفة لما هو موجود
بمختلف طبقاته الد�لية ،ف� عجب أن تكون فهوم الناس والمجتهدين والف�سفة
متناسقة مع المقصود .يقول بديع الزمان في قطعة لغوية يصور بها هذا المعنى في
ألطف بيان وأعذب تخريج” :إن س�مة الك�م وم�سته واعتدال مزاجه؛ بتقسيم
السنة التاسعة /يناير / ٢٠١٨العدد١٧ : « ˇ١٥٨
العناية وتوزيع خلع ا�ساليب حسب ما يستحقه كل قيد .فان كان الك�م حكاية؛
فيجب على المتكلم فرض نفسه في موضع المحكي عنه ،إذ � بد من الحلول في
المحكي عنه والنزول ضيف ًا إلى قلبه والتكلم بلسانه لدى تصوير أفكاره وحسياته .وإذا
تصرف في ماله فيجب العدالة بتقسيم الرعاية وا�هتمام -الدالين على القيمة
قيد للك�م واستعداده ورتبته ،بنظر ا�عتبار ،وإلباس ا�ساليب والمكانة -بأخذ كل ٍ
على قامة استعداد كل قيد .حتى يتحلى المقصد بما يناسبه من أسلوب ،إذ أسس
ا�ساليب ث�ثة:
ا�ول :ا�سلوب المجرد ،كا�سلوب السلس للسيد الشريف الجرجاني ونصير
الدين الطوسي.
الثاني :ا�سلوب المزين ،كا�سلوب الباهر الساطع لعبد القاهر الجرجاني في
د�ئل ا�عجاز وأسرار الب�غة.
الثالث:ا�سلوب العالي ،كبعض الك�م المهيب للسكاكي والزمخشري وابن سينا
أو بعض الفقرات العربية لهذا الكتاب ،و�سيما في المقالة الثالثة ،فهي تبدو مشوشة
إ� أنها تحوي فقرات رصينة .ذلك �ن علو الموضوع قد أفرغ هذا الكتاب في أسلوب
ٍ
عال .وما صنعتي أنا إ� جزئية فيه.
كنت في بحث ا�لهيات وتصوير ا�صول ،فعليك با�سلوب العالي ،ففيه الشدة إن َ
والقوة والهيبة ،بل عليك إ� تغادر هذا ا�سلوب.
وإن كنت في بحث الخطاب وا�قناع ،فعليك با�سلوب المز ّين ذي الحلي
والحلل والترغيب والترهيب.
وإن كنت في المعام�ت والمحاورات وفي العلوم ا�لية؛ فعليك با�سلوب
المجرد وحده ،فهو الذي يحقق وفاء الموضوع واختصار البحث وس�مة القصد
32
ويجري على وفق السليقة حتى إنه يبين جماله الذاتي بس�سته“.
ومن هنا يظهر أن للنظم القرآني اسق�ليته الذاتية عن إدماج العلوم التي تبدو أجنبية
عنه فيه واستحضارها معه إ� للضرورة� .ن المقصد الكلي إذا وضح وسط المعاني
وجب أن يكون ا�سلوب الذي يحكيه حام� لجوهره بمختلف الد��ت العبارية
وا�شارية القريبة والبعيدة ،ف� يحتاج إلى غير اللغة ومقاصدها �ستج�ء غموضه
تمد عينيك إلىواكتناه معناه؛ ذلك ”�ن قناعة الك�م واستغناءه وعصبيته ،أن � ّ
تفصل أسلوبا على قامة معنى من المعاني، أسلوب خارج المقصد .فلو أردت أن ّ
فالمعنى نفسه والمقام والصنعة والقصة والصفة يعينك بتفاريق لوازمها وتوابعها،
١٥٩ كليات التفسير ا�شاري عند النورسي :ا�سس والمقاصد Ã
فتخيط من تلك التفاريق لباس أسلوبك .ف� تمد نظرك إلى الخارج إ� مضطر ًا .أو
بتعبير آخر :قاطع أموال ا�جانب ،فهو أساس مهم للحيلولة دون تبعثر ثروة الب�د.
فمقاطعة ا�جانب تزيد قوة الك�م ،أي :إن المعنى والمقام والصنعة يفيد الك�م
بد�لته الوضعية ،إذ كما ُيظهر الك�م المعنى بد�لته الوضعية ،فمثل هذا ا�سلوب
33
يشير بطبيعته إلى المعنى“.
إن قاعدة النظم معناها في النهاية استحضار روابط الكلم وع�قاته العقلية التي تبثها
في الذهن من أساليب البيان والبديع ،ت�ؤما مع حركة التدبر العقلية النسبية التي
تمحضت في خلقة ا�نسان للطبقية في الفهم والتفاوت في ا�ستنباط؛ حكم ًة من
العلي القدير الذي شاءت مشيئته أن يكون لب المسؤولية والتكليف مبنيين على تينك
الخاصيتين ،ف� جرم كانت أساليب الخطاب موضوعة ابتداء على الت�ؤم معها .فكانت
د�لة ا�شارة التفسيرية منها.
لذا كانت العبرة بالمعنى الكلي �نه هو ا�صل في التدبر ،والجزئي تابع له فرد من
أفراده ،ذلك أن ”معنى ا�ية شيء ،وأفراد ذلك المعنى وما يشتمل عليه من تلك
المعاني من الجزئيات شيء آخر .فإن لم يوجد فرد من أفراد كثيرة لذلك المعنى
36
الكلي؛ ف� ُينكر ذلك المعنى الكلي“.
ومن هنا تتحدد فلسفة ا�س�م في ا�فهام ُم َن َّزلة على طرائق التفكير البشري
المحكومة بالتفاوت في الفهم والتفهم .لذا كانت ا�شارات المنضبطة -حتى ولو لم
توجد -مقصودة مندرجة تحت مظلة الكلي كما الد��ت المنطوقة الصريحة� ،ن
ابتداء كما سبق أن بينا .يقول
ً ا�عجاز في اللفظة القرآنية أو ا�ية مهيأ �حتضانها
النورسي” :لو أن فرداً واحداً من تلك المعاني � ،وجود له في الواقع إ�ّ في ألسنة
الناس ،يصح أن يكون داخ�ً ضمن ذلك المعنى الكلي ،رعاي ًة �فكار العامة“ 37 .من
هنا طفق يعقب على بعضهم مستصحبا هذا القانون بقوله” :أ� ترى هؤ�ء المغمورين
بسكر الجغرافية وعلم الفلك الذين � ينصفون ،كيف يقعون في خطأ فيغمضون ُ
مصدقات ا�ية
ّ يرون ف� وصدق، وحقيقة حق هو الذي الكلي المعنى عن عيونهم
الكثيرة جداً ،ويتوهمون معنى ا�ية منحصراً في فرد خيالي عجيب .فرشقوا ا�ية
38
الكريمة بالحجارة ،فارتدت على رؤوسهم فكسرتها ،ففقدوا صوابهم وإيمانهم“.
المحصلة :هكذا تتحدد ع�قة الجزئي بكليه باعتبارها قاعدة منهجية ومسلكا
ّ
وظيفيا -كما أخواتها -يفتح المجال ل�شارات الصوفية والذوقية ،لكن � تخرج
جميعها عن مهيع القرآن وأساليبه اللغوية والب�غية ا�عجازية ،فهو مجال حراكها
والمشيمة التي تحتضنها وتنميها .فإذا عاد التدبر تفكرا وخرج من العلم اللغوي
المسطور إلى الكون الخارجي المنظور احتاجت النظرية إلى مرتع آخر تترعرع فيه
وذلك في:
-٢ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱ
أ -ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ
المقصود به جملة الكائنات التي تسبح في الكون بانتظام وبب�غة تربطها خيوط
موضوعة نصب عين ا�نسان مجا� للتفكر والتدبر وإدراك ا�نساق الفلسفية التي
تربطها بالغيب .تبدو هذه ا�نساق والخيوط مشدودة في عقد متراص ينظم �لئ خفية
ٍ
وبيانات ودررا مستورة ،تماما كما يخفي نظم الجمل والكلمات والحروف معاني
َ
استعارية ومجازية تبدو غير طافية فوق سطح الد��ت الصريحة .وهي إشارة لطيفة
من بديع الزمان يلمح إلى هذا التناسب بين اللغة والوجود قائ�” :إن الكائنات في
١٦١ كليات التفسير ا�شاري عند النورسي :ا�سس والمقاصد Ã
الخلقة حكمة تامة ،وأن � عبثية في العالم ،وأن � إسراف في الفطرة .والمزكي لهؤ�ء
شاهد صدق على نظام نوعُ الشواهد :ا�ستقراء التام بجميع الفنون التي كل منها
موضوعه“ 42 .هذا النظام الثابت بمنهج ا�ستقراء هو نفسه النظام الثابت في ع�قة
ا�لفاظ في اللغة ،يستحيل أن تتضح الحقائق بمقاصدها الوجودية بدونه .فيحتاج
ا�مر حقا إلى تتبع الجزئيات �ستخ�ص المعنى الكلي ،كما إذا فهمنا من معنى
الشجرة المنتصبة في زاويتها كلية توحيد الخالق أو كلية الد�لة على الجنة،كما مثل
أع�ه حين قال” :ولفظ )ثمرة( يفتح لك باب الجنة وقس“ ،لكن هذا كله إنما هو
د�لة إشارية تلوح بها الكلمة وسط النظم.
من هنا وجب التدرج في التتبع وكشف الغوامض وتتبع ا�شارات ”فيلزم التدرج
في المعاني المتسلسلة والحذر من ا�شتباك العشوائي بدون نظام� ...ن القوانين
الكلية هي أساس الصنعة الكونية وحقيقة النظام في الكون وإن كثرت الجزئيات.
وهكذا؛ فمنابع هذه الكثرة والجزئيات ومعادنها ا�ساس �بد أنها قوانين كلية،
43
وتجليات كلية ل�سماء الحسنى“.
إن مخزونية النظام التي تموج فيها حركات الكائنات ود��تها ووظائفها إنما
توجب ضرورة إعمال القلب لفك طلسم إشاراتها فض� عن عباراتها الظاهرة ،ومن هنا
ٍ
فيوضات غير محدودة ،وقد يسرح العقل خطورة هذا ا�ساس الوجودي؛ �ن للقلب
فيما � َيو ُّده الشرع! وذلك راجع با�ساس إلى طبيعة ا�شارات واللوائح التي تُقذف
إلهاما وتحديثا في قلوب أصحاب ا�حوال .وبسبب صعوبة إيقافها في عالم الروح
لشدة تناغمه مع الكون ومخلوقاته وما ينساب منها من حوادث وظواهر؛ فإن القلب
يسارع في بادئ النظر إلى الحكم عليها .ومن هنا خطورتها .ولهذا أوصى النظار
بالتوقف فيه لصعوبة مورده .يقول شيخ المقاصد ...” :فالتوقف عن اعتباره في فهم
باطن القرآن �زم ،وأخذه على إط�قه فيه ممتنع �نه بخ�ف ا�ول؛ ف� يصح إط�ق
القول باعتباره في فهم القرآن“ 44 .إذ � يسمح �ي عارف مبتدئ أو ناظر معتبر أن
يرى شيئا في الكون ثم يجعله د�لة تفسيرية من د��ت القرآن أو ظاهرة وجودية
تصور حقيقة قرآنية! بل المفروض العكس -إ� �رباب ا�حوال -بحيث يربط علمه
الذهني بالحقائق الخارجية وينقح تصوراته على ميزان ما في الخارج من كليات
وقواعد دون الظواهر النسبية المؤقتة التي تعرض للذهن فيخالها الحقيقة .إذ ”لو
يرده الخارج ...ف�
تجسمت تصورات المتكلم في الخارج -هاربة من الدماغّ � -
يخفى ان شأن ا��ت التي تثقب السطح نافذة إلى الحقيقة ،وتدل على الطبيعة
45
والحقيقة الخارجية ،وتربط الحكم الذهني بالقانون الخارجي“.
١٦٣ كليات التفسير ا�شاري عند النورسي :ا�سس والمقاصد Ã
هنا فقط يبدو ا�بصار جليا تجاه هاته المخلوقات وحركاتها؛ �نها بعيدة عن ظ�م
النفس والهوى وقهرهما الشهواني ،وإ ًذا؛ فإن الكون يصير عبارة عن تموجات متكاثفة
ومتراصة تنطلق بقوة إلى إحساس الناظر المتدبر حتى إذا اصطدمت بوجدانه؛ راحت
تنعكس عليه ظ�� من التأوهات الجمالية والحكم اللدنية التي تبدو غريبة في الحس
البليد والطبع المتكلس.
إن الكون مجال لسياحة قلبية ،ترتشف من أعيان الكائنات التي يموج بها في
مساحة ممتدة وغير متناهية� ،ن طبيعتها مسكوكة بسكة الكلمات القرآنية غير المتناهية
ات َر ِبّي َل َن ِف َد ا ْل َب ْح ُر َق ْب َل أَ ْن َت ْن َف َد َك ِل َم ُ
ات َر ِبّي ان ا ْلبحر ِم َدادا ِل َك ِلم ِ
َ ً هي كذلك ﴿قل لو ك
ُْ َْ َ َ َ ْ ُ
وليست الجسوم وا�عراض المادية الحاملة لتلك الكهف١٠٩:
َو َل ْو ِج ْئ َنا ب ِِم ْث ِل ِه َم َد ًدا﴾.
الجواهر سوى ع�مات مادية تظهر وتختفي لتترك بعد اختفائها وظيفتها التعبدية
الكونية التي حددها لها الخالق في حدود التعريف به ل�نسان .فهي خادمة له لكن
خدمة تعبدية منوطة بها تكوينا وخلقا .فكان �بد من استنطاق هذه الكائنات والحفر
في أسرارها الكونية الملكوتية بمعاول القرآن نفسه؛ أليس هو الكتاب المعرف بمجالها
ووظائفها؟ فكيف يطلق للقلب السياحة الشعورية في مجالها دون الرجوع إليه خضوعا
لكلياته العلمية الشاملة؟
لهذا كله وجب استحضار حقائق القرآن عند النورسي ضابطة للمجال ،متناغمة
كليا مع قوانين الوجود ،قاهرة لها ،قاضية عليها ،خارقة غشاءها بنور الوحي المطلق.
يمزق غطاء ا�لفة وستار العادة
يقول” :إن القرآن الكريم ،ببياناته القوية النافذة ،إنما ّ
الملقى على موجودات الكون قاطبة ،والتي � تُذكر إ� أنها عادية مألوفة مع أنها
قدرة بديعة ومعجزاتها العظيمة .فيكشف القرآن بتمزيقه ذلك الغطاء حقائق ٍ خوارق
ويلفت أنظارهم إلى ما فيها من دروس بليغة ل�عتبار والعظة، عجيبة لذوي الشعورُ ،
46
فاتح ًا كنزاً � يفنى للعلوم أمام العقول.
لقد بدا واضحا أن ا�ساس الوجودي -وهو حركة الكون والكائنات وما يلزم عنها
ويترتب عليها من لوائح ولوامع تدبرية -مجا� لتحرك ا�شارات التي تبثها فراسة
الذوق والبصيرة في وجدان المتدبر لكن مع استحضار شرط مصاحبة القرآن بكلياته؛
�نه فهرسة الكون والوجود ،تماما كما كان استحضار ضوابط اللغة العربية والب�غة
وعلم مقاصد الشريعة شرطا في ا�ساس القرآني سابقا.
السنة التاسعة /يناير / ٢٠١٨العدد١٧ : « ˇ١٦٤
-۳اﻷﺳﺎس اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ:
جبل ا�نسان في ابتداء الخلق على أجهزة واستعدادات وقوى إدراكية خلقها ا� فيه
وركبها في ماهيته �لتقاط المعاني وا�حاسيس والصور ،من تعاقب ا�جسام
وأعراضها في الكون .وهذه القوى الباطنية كما هي عند العلماء :القوة الباصرة التي
تبصر الموجودات ،والقوة الخيالية التي تبقي على صور تلك الموجودات بعد رؤيتها
فهي تدرك الصور ،ثم القوة الخيالية المدركة للمعاني ،ثم القوة المفكرة وهي التي
47
تركب المعاني على الصور وتحفظها.
تساعد هذه القوى وا�تستعدادات ا�نسان على إدراك كنوز المخفيات واكتناه
دفائنها كما تعينه على فهم الجليات والواضحات .فا� ”خلق ا�نسان باستعداد زرع
واعده لتع ّلم
ّ فيه أنواع المعالي ،وجهزه بالحواس وبوجدان تتمثل فيه الموجودات،
48
حقائق ا�شياء بأنواعها ،ثم ع ّلمه ا�سماء كلها.
من هنا كان هذا ا�نسان عالما مصغرا يطوي منظومة خارقة من مظاهر الكون
وتجليات ا�سماء والصفات .يقول النورسي مبينا ذلك” :ا�نسان هو النسخة الجامعة
والمظهر ا�تم لكل التجليات لتنوع استعداداته وتكثر طرف استفاداته وعلمه ،فيحيط
ّ
49
بالكائنات بحواسه الخمس الظاهرة والباطنة �سيما بوجدانه الذي � قعر له“.
لطالما إذن كانت ا�نسانية في ا�نسان تمده بقدرة خارقة وطاقة جبارة لفك لغز
ا�شارات المسطورة والمنظورة على السواء ،بصورة � توجد عند غيره من الكائنات
ا�خرى .والسبب في ذلك جاهزيته واستعداداته التي ُب َّث ْت في حافظاته المتنوعة التي
تلتقط الد��ت الظاهرة مثلما تستنطق الرموز وا�شارات الخفية.
ﺛﺎﻧﻴﺎ :ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺪﻳﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻹﺷﺎﺭﻱ
إذا ثبت أن ل�شارات مكانة مهمة في التفسير توجبها هيئات التفكير العقلي
المتفاوتة ثم كليات القرآن والوجود الكوني وا�نساني؛ وجب أن يكون لها في منظور
النورسي مقاصد وغايات تلتز غير مفارقة بتلك المسالك التي أوجبتها .وهذه التجليات
والمقاصد تتنوع بتنوع مسالك التدبر ومجا�ته؛ تارة ترتبط بالقرآن وتارة ترتبط بالكون
وترتبط بهما معا تارة أخرى .نكتفي بث�ث مقاصد كلية متنوعة المشرب نسوقها
للتمثيل دون الحصر كما يلي:
ا�ساليب القرآنية هيئات وكيفيات للتعبير عن المقصد وا�شارة إليه بالمنطوق تارة
وبالمفهوم تارة أخرى ،فيكون ل�شارة نفس الغاية التي للعبارة؛ وهي الد�لة على
المقصد لكن بصورة جمالية ذوقية تنبو عنها العبارة في بعض ا�حيان ،إذ يغدو أسلوب
ا�شارة لباس زينة يلف العبارة ويظمها تماما كما تلف القوالب ا�ستعارية والتمثيلية
المعنى الصريح ،فيضفيان على التركيب مسحة جمالية بتساندهما وتعاونهما في تأدية
الد�لة المقصودة والغاية المرجوة .يقول رحمه ا�” :اعلم! أن الك�م إنما يكون ذا
قوة وقدرة إذا كان أجزاؤه مصداقا لما قيل: ّ
ِ
اك ا ْل َج َمال ُيشير:
َو ُك ٌّل إلى َذ َ ِ
حسنُ َك َواح ٌد ِ
ع َباراتُنا َشتى َو ْ
كل بيد ا�خر ويظاهره ،ويمد بأن تتجاوب قيودات الك�م ونظمه وهيئته ،ويأخذ ٌ
الكلي مع ثمراته الخصوصية .كأن الغرض المشترك حوض يتشرب ِّ الغرض
َ كل ب َق َدرِ ه
ٌ
من جوانبه الرطبة ،فيتولد من هذه المجاوبة المعاون َة ،ومنها ا�نتظام ،ومنه التناسب،
50
ومنه الحسن والجمال الذاتي .وهذا السر من الب�غة يت�� من مجموع القرآن“.
إن طبقات اللغة إنما هي نتيجة منطقية للتفاوت الحاصل في ا�ذهان البشرية ،لكن
�بد من تضافر الكل لتحقق المقصد الكلي وخدمته .يسترسل في نص طويل” :إن
ثمرات الك�م هي :المعاني المتولدة في صور متعددة والمتفجرة في طبقات متفاوتة.
فكما هو معلوم لدى الكيمياويين :أن الذهب عند استحصاله ،يمر ُر في أنابيب معامل
َّ
متعددة ويرسب ترسبات مختلفة في طبقات متفاوتة ويشكل بأشكال متنوعة .وفي
يحصل على قسم من الذهب .كذلك الك�م الذي هو خريطة مختصرة أخذت ّ الختام
من صورة المعاني المتفاوتة ،فالمفاهيم المتفاوتة تتشكل صورها كا�تي:
وبتكون معان
ّ إنه باهتزاز قسم من أحاسيس القلب بتأثيرات خارجية ،تتولد الميول.
توجه العقل إلى نفسها .ثم بتكاثف قسم من ذلك هوائية منها وتع ّلقها بنظر العقل؛ ِ ّ
المعنى البخاري؛ يبقى قسم من الميول والتصورات معلقة .ثم بتقطر قسم آخر؛ يرغب
ويص ّلب ،فيضمه العقل ضمن الك�م .ثم فيه العقل .ثم القسم المائع؛ يتحصل منه ُ
ذلك المتصلب �نه يتجلى ويتمثل برسم خاص به؛ ُيظهره العقل بك�م خاص حسب
قامته المخصوصة.
مسمى ”ا�سم“ ،ومعنى ”الفعل“ ،ومدلول ”الحرف“ ّ ومن هذا النبع ينفجر
ومظروف ”النظم“ ،ومفهوم ”الهيئة“ ،ومرموز ”الكيفية“ ،ومشار ”المستتبعات“
ومحرك ”ا�طوار المشايعة للخطاب“ ومقصود ”الدال بالعبارة“ ومدلول ”الدال
با�شارة“ والمفهوم القياسي ”للدال بالفحوى“ والمعنى الضروري ”للدال
السنة التاسعة /يناير / ٢٠١٨العدد١٧ : « ˇ١٦٦
ويلوح إلى ِ
الح َكم والفوائد المتدلية كالعناقيد في حلقات س�سل الموجودات،
ِّ
الفنون أع�م الشهادة على قصدُ المستترة في معاطف انق�بات ا�حوال .فترفع
53
الصانع وحكمته ،كأن كل فن نجم ثاقب في طرد شياطين ا�وهام“.
فا�شارات مع العبارات في الكون كالنجوم في السماء تلوح إلى المقصود الكلي
نفسه على قدر وظيفتها .ومن هنا كان فعل الذرة في فكر النورسي � يتقاعس منزلة
عن فعل المجرة ،فهما سيان بالنسبة إلى القدرة في الد�لة على المقصود؛ ”� مراتب
54
في تلك القدرة ،فتتساوى بالنسبة إليها الذرات والنجوم والقليل والكثير“.
ومنها :أن الكفر وإن كان في زمان متناه لكنه جناية على غير المتناهي ،وتكذيب
لغير المتناهي أعني عموم الكائنات التي تشهد على الوحدانية.
ومنها :أن الكفر كفرا ٌن ٍ
لنعم غير متناهية.
ومنها :أن الكفر جناية في مقابلة الغير المتناهي وهو الذات والصفات ا�لهية.
ومنها :أن وجدان البشر -بسر حديث ”�َ َي َس ُعني ْأر ِضي َو� َسمائي“ -58وإن كان
في الظاهر والملك محصوراً ومتناهي ًا لكن ملكوتيته بالحقيقة نشرت ومدت عروقها
إلى ا�بد .فهو من هذه الجهة كغير المتناهي وبالكفر تلوث واضمحل“ 59 .من هنا
سيق تزاحم الكائنات لخدمة ا�نسان باعتباره ثمرة شجرة الخلقة ،إذ ما انفكت تنبهه
في جريانها بإشاراتها ورموزها ،بوجودها وفنائها على خطورة الشرود عن باب ا�
والتيه الوجودي وسط ما � ينتهي من السبل الفلسفية المظلمة ،الحاجزة دون تذوق
ح�وة طريق ا� المستقيم في وجدانه ،وا�ستضاءة بنوره ا�زلي المنقذ له وحده دون
سواه.
تلك هي قصة الفناء والوجود للكائنات وا�نسان جميعا ،وهي النتيجة الحتمية
الموضوعة نصب عقل كل إنسان ليتملى مشاهدها في الكون ،عساه يؤوب إلى رشده
من حيث هو إنسان مخلوق مقهور تحت سلطة مبدل الكائنات ومجددها ،ف� جرم
كان هدف النورسي هو احتضان ا�نسان الغربي بعقلنته حقائق الوجود والفناء وبيان
جذورها المنطقية الفطرية وإن كانت تفاصيلها غيبية .
ﺧﺎﺗﻤﺔ
يمكن اعتبار محاولة تنزيل القوانين الكلية القرآنية والكونية على ما � يحد من
الحوادث والنوازل ا�نسانية المعاصرة لحياة المتدبر ومعالجة إشكاليات العلوم؛ أهم
فكرة سيطرت على وجدان النورسي وهو يرسي دعائم فريدته )كليات رسائل النور(.
أنموذجا
ً وقد اختارت الدراسة التفسير الصوفي ا�شاري بمكوناته القرآنية والوجودية
لرصد تجليات هذه الفكرة؛ مبينة بعض مظاهر تكامل التصوف مع جملة علوم متآخية
معه مثل اللغة وا�صول والمقاصد والمنطق في دعم نظرية التفسير ا�شاري ووضعها
موضعا وسطا يليق بها .وقد كانت الكليات أقرب منهج نظري للم مشارب ا�شكال
وتب ُّين بعض التجليات والمقاصد في ودمج اللطائف وا�ذواق بالمساطر والقواعد،
ََ
د�لتها المزدوجة التي خطفت حقيقتها من تناغم الكون المنظور مع الكتاب المسطور
وتعادلهما.
١٦٩ كليات التفسير ا�شاري عند النورسي :ا�سس والمقاصد Ã
هكذا تأسست نظرية التفسير ا�شاري عند عم�ق ا�ناضول وامتدت عروقها إلى
كل موضع في الشريعة نسج فيه الكلي خيوطه .وإنما اقتصرنا على سوق نماذج منها
وإنه حقا َل َمرام صعب ومطلب عسير ،ولو� أنه على فقط؛ �ن المقصود بيان المنهجَّ .
وم َت َحي ٍِل لها على غيرِ ِ
ذلك ،لما وجدت الناس منذ القدم بين ُم ْنكرٍ لها من أصلها،
ُ ّ
ومعتق ٍد أَنها باب � يسلك منها إلى المرام ،و� يملك فيها غير ا�بهام!ِ وجهها،
لتبقى هذه الدراسة المتواضعة قبسا تنير درب المباحثة في ا�شكال وتسهل على
الدارسين -لمن شاء منهم -ا�د�ج في بحره البهيم المت�طم ا�طراف وفق موازين
العلم والمنهج السليم .وذلك من خ�ل مقترحات تدارسية قد يكون أهمها ما يلي:
-نظرية التفسير ا�شاري عند نظار التفسير القرآني المعاصر مثل رشيد رضا وسيد
قطب والطاهر ابن عاشور؛ دراسة تصف كليات النظرية وترصد أهم قواعدها
وأصولها.
-التصوف عند النورسي؛ دراسة في كليات العلم وقواعده وأهم معالم التداخل
العلمي والتكامل المنهجي بينه وبين سائر العلوم ا�خرى القريبة منه المشكلة لوحدة
الشريعة.
-مقاصد الجمال التعبدي عند النورسي؛ دراسة في نظرية الجمال كما قررها
القرآن وفهمها النورسي بمختلف أنواعها وأطيافها وتجلياتها العمرانية والحضارية.
ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﻣﺮﺍﺟﻌﻪ
ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺒﺤﺚ
مؤلفات النورسي
-١الكلمات ،ضمن كليات رسائل النور ،القاهرة ،طبع شركة سوزلر للنشر ،ط٢٠٠٥ ،٤.م.
-٢اللمعات ،ضمن كليات رسائل النور ،القاهرة ،طبع شركة سوزلر للنشر ،ط.٢٠٠٥ ،٤.
-٣إشارات ا�عجاز ،ضمن كليات رسائل النور ،القاهرة ،طبع شركة سوزلر للنشر ،ط٢٠٠٥ ،٤.م.
-٤صيقل ا�س�م ،ضمن كليات رسائل النور ،القاهرة ،طبع شركة سوزلر للنشر ،ط٢٠٠٥ ،٤.م.
المصادر البحث )كتب علوم القرآن والسنة وا�صول واللغة(
-١ا�لباني ،ناصر الدين ،سلسلة ا�حاديث الضعيفة والموضوعة ،الرياض ،دار المعارف١٩٩٢ ،م.
-٢السيوطي ج�ل الدين ،ا�شباه والنظائر في النحو ،ت .عبد ا�له نبهان ،دمشق ،طبع مجمع اللغة العربية،
ط١٩٨٥ ،١.م.
-٣الشاطبي إبراهيم بن موسى ،ا�عتصام ،ضبطه وصححه أحمد عبد الشافي ،لبنان ،دار الكتب العلمية ،ط،٢.
٢٠٠٥م.
-٤الغزالي أبو حامد محمد بن محمد ،جواهر القرآن ،ت .محمد رشيد رضا القباني ،بيروت ،دار إحياء العلوم ،
ط١٤٠٦ ،٢.هـ١٩٨٦-م.
السنة التاسعة /يناير / ٢٠١٨العدد١٧ : « ˇ١٧٠
المراجع العامة
-١التركاوي ادريس ،جمالية النسق التعبدي أو موسيقى الكائنات من منظور النورسي :دراسة في الكليات،
مجلة إس�مية المعرفة ،المعهد العالمي للفكر ا�س�مي ،هرنند ،العدد٢٠١٧ ،٨٧م.
-٢جابر حسن ،المقاصد الكلية في مناهج التفسير ،لندن ،مؤسسة الفرقان للتراث ا�س�مي٢٠٠٧،م.
-٣الغزالي أبو حامد ،تهافت الف�سفة ،قدم له وضبط نصه أحمد شمس الدين ،بيروت ،دار الكتب العلمية ،ط .
٢٠٠٠ ،١م.
***
ﺍﻟﻬﻮﺍﻣﺶ
1دكتوراه أصول الفقه ومقاصد الشريعة جامعة ابن الزهر أغادير المغرب
2جابر حسن ،المقاصد الكلية في مناهج التفسير ،لندن ،مؤسسة الفرقان للتراث ا�س�مي٢٠٠٧ ،م :ص.٠٩
3الشاطبي إبراهيم بن موسى ،ا�عتصام ،ضبطه وصححه أحمد عبد الشافي ،لبنان ،دار الكتب العلمية ،ط،٢.
٢٠٠٥م :ص.٢١٦
4ذلك قولهُ ” :ك ُّل مسألة مرسومة في أصول الفقه � ينبني عليها فروع فقهية )الفقه الجوارحي( أو آداب شرعية
)التصوف والفقه الباطني( أو � تكون عونا في ذلك فوضعها في أصول الفقه عارية“ .انظر:
-الشاطبي أبو إسحاق إبراهيم بن موسى ،الموافقات في أصول الشريعة ،ت .الشيخ عبد ا� دراز ،بيروت ،دار
الكتب العلمية ،ط٢٠٠١ ،١.م :ج ١ص .١٩وسنورد بعض م�مح الوحدة المنهجية بينه وبين النورسي في
رصد ا�شارات التفسيرية في المتن قريبا.
5السيوطي ج�ل الدين ،ا�شباه والنظائر في النحو ،ت .عبد ا�له نبهان ،دمشق ،طبع مجمع اللغة العربية،
ط١٩٨٥ ،١.م :ج ١ص.٠٦
6نفس المصدر والصفحة.
7الغزالي أبو حامد محمد بن محمد ،جواهر القرآن ،ت .محمد رشيد رضا القباني ،بيروت ،دار إحياء العلوم،
ط١٤٠٦ ،٢.هـ ١٩٨٦-م :ص.٣٧
8قدمنا صورة أخرى لهذا التكامل من خ�ل نظريات الكليات تعلقت بالمقاصد الجمالية عند النورسي ينظر:
-التركاوي ادريس ،جمالية النسق التعبدي أو موسيقى الكائنات من منظور النورسي :دراسة في الكليات ،مجلة
إس�مية المعرفة ،المعهد العالمي للفكر ا�س�مي ،هرنند ،العدد٢٠١٧ ،٨٧م .وتعد الدراستان معا ديباجة
بحث متكامل حول الكليات عند النورسي تجاوز الحفر فيها عقدا من الزمن نسأل ا� التوفيق إلى إتمامه.
9النورسي سعيد ،إشارات ا�عجاز ،ضمن كليات رسائل النور ،القاهرة ،طبع شركة سوزلر للنشر ،ط،٤.
٢٠٠٥م :ص .٢٣٨
10النورسي سعيد ،الكلمات ،ضمن كليات رسائل النور ،القاهرة ،طبع شركة سوزلر للنشر ،ط٢٠٠٥ ،٤.م:
ص.٤٦٦
11الشاطبي ،الموافقات ،مصدر سابق :ج ٣ص.٣٠٢
12النورسي سعيد ،إشارات ا�عجاز ،مصدر سابق :ص.١٤٨
13المصدر نفسه :ص.٤٨
14المصدر نفسه :ص.٦٩
15المصدر نفسه.٤٨ :
16الشاطبي ،الموافقات ،مصدر سابق :ج ٣ص.٣٠٢
17النورسي سعيد ،إشارات ا�عجاز ،مصدر سابق :ص.٤٧
18المصدر نفسه :ص.١٠٦
١٧١ كليات التفسير ا�شاري عند النورسي :ا�سس والمقاصد Ã
ضمن كليات رسائل النور ،القاهرة ،طبع شركة سوزلر للنشر ،ط:٢٠٠٥ ،٤. النورسي سعيد ،اﻟﻠﻤﻌﺎت، 19
ص.٤٧
20النورسي ،إشارات ا�عجاز ،مصدر سابق :ص.٢٦
21نفس المصدر والصفحة.
22المصدر نفسه.١٧٥ :
23الشاطبي ،الموافقات ،مصدر سابق :ج ٣ص.٢٨٢
24النورسي ،إشارات ا�عجاز ،مصدر سابق :ص .٢٠٥
25الشاطبي ،الموافقات ،مصدر سابق :ج ٤ص.١٨١
26النورسي ،اﻟﻠﻤﻌﺎت ،مصدر سابق :ص.٤٧
27النورسي ،إشارات ا�عجاز ،مصدر سابق :ص.٤٤
28المصدر نفسه :ص٤٩
29المصدر نفسه :ص.١١٩
30المصدر نفسه :ص.١٢١
31المصدر نفسه :ص.١٢٠
32النورسي سعيد ،صيقل ا�س�م ،ضمن كليات رسائل النور ،القاهرة ،طبع شركة سوزلر للنشر ،ط،٤.
٢٠٠٥م :ص.١١٣
33النورسي ،إشارات ا�عجاز ،مصدر سابق :ص.١١٤-١١٣
34النورسي ،اﻟﻠﻤﻌﺎت ،مصدر سابق :ص.٤٦٣
35المصدر نفسه :ص.١٠٧
36النورسي ،اﻟﻠﻤﻌﺎت ،مصدر سابق :ص.١٠١
37المصدر نفسه :ص.١٠٧
38نفس المصدر والصفحة.
39النورسي ،إﺷﺎرات اﻹﻋﺠﺎز ،مصدر سابق :ص.١١٩
40النورسي ،اﻟﻜﻠﻤﺎت ،مصدر سابق :ص.٦٩٣
41المصدر نفسه.٦٩ :
42النورسي ،إﺷﺎرات اﻹﻋﺠﺎز ،مصدر سابق :ص.٦١
43النورسي ،الصيقل ،مصدر سابق :ص.٦٩٥
.
44الشاطبي ،اﳌﻮاﻓﻘﺎت ،مصدر سابق٣٠٣/ ٣ :
45النورسي ،الصيقل ،مصدر سابق :ص.١١٥
46النورسي ،اللمعات ،مصدر سابق :ص.١٥٠
47الغزالي أبو حامد ،تهافت الف�سفة ،قدم له وضبط نصه أحمد شمس الدين ،بيروت ،دار الكتب العلمية ،ط .
٢٠٠٠ ،١م :ص.١٧٦ -١٧٥
48النورسي ،إشارات ا�عجاز ،مصدر سابق :ص.٢١
49المصدر نفسه.٢٤٠ :
50المصدر نفسه.١٢٢-١٢١ :
51النورسي ،الصيقل ،مصدر سابق :ص.١٠٥
52نفس المصدر والصفحة.
53المصدر نفسه.١٥٠ :
54النورسي ،اللمعات ،مرجع سابق :ص.٤٨٤
السنة التاسعة /يناير / ٢٠١٨العدد١٧ : « ˇ١٧٢