Professional Documents
Culture Documents
يش هد النظ ام االقتص ادي اإلس المي رواج ا ملفت ا ح تى في ال دول الغربي ة وذل ك راج ع لنجاع ة
الوحي اإللهي في تسيير حياة الفرد االقتصادية وفق قاعدة ال ضرر وال ضرار.
تش كل المف اهيم االقتص ادية القرآني ة عص ب النظ ام اإلس المي االقتص ادي ،إذ تتحم ل الترجم ة
مس ؤولية نق ل آي ال ذكر الحكيم الحام ل لتل ك المف اهيم وتحقي ق العملي ة التواص لية بم ا يحق ق األث ر نفس ه
الذي حققه القرآن الكريم في القارئ العربي.
المفه وم لغ ةً :مص در فهم ،والفهم معرفت ك بالش يء ب القلب ،فهم ه فهم اً ،وفهم ا وفهام ه:
علمه.وتفهم الكالم :فهمه شيئاً بعد شيء(.ابن منظور ،2008،ص)459
أم ا اص طالحا فه و م ا فهم من اللف ظ في غ ير مح ل النط ق (اآلم دي ،2003 ،ص ،)74وه و
وحدة معرفية مستقلة ال ترتبط بالضرورة بلغة من اللغات أو بلهجة من اللهجات وإ نما تنتمي مباشرة
إلى المس توى الفك ري (كل ود ل وم ،2012 ،ص ،)20كم ا تع د المف اهيم أس اس التفك ير ،والتحلي ل،
والتنظ ير في كاف ة العل وم ،وفي مختلف األبح اث ،وتختلف تعريف ات المفهوم تبع اً للنظ رة الخاص ة بك ل
علم أو مجال من مجاالت التفكير ،فكل علم ينظر إلى المفهوم من زاويته الخاصة.
يتكون المفهوم عبر ثالث عمليات ذهنية معقدة ،هي التعميم والتخصيص والتجريد ،ويبقى في
حالة فكرة حتى يجد طريقه إلى شكل من أشكال التعبير اللغوي أو الرمزي (ولد خليفة ،2004 ،ص
،)554فه و ب األحرى وح دة فكري ة يع بر عنه ا بمص طلح أو رم ز ح رفي أو أي رم ز آخ رISO( .
)1087
تتكون قاعدة المفاهيم،إذن،من ثالثة مستويات تجريدية (ولد خليفة ،2004 ،ص:)562
مستوى اصطالحي. أ-
مستوى الخاصيات الحدية أو التعريفية. ب-
ت-مستوى التمثيل.
إنه لمن األهمية بمكان أن نؤكد أن المفهوم يختلف عن المصطلح في أنه يركز على صورته
الذهني ة ،أم ا المص طلح فإن ه يرك ز على الدالل ة اللفظي ة للمفه وم ،كم ا أن المفه وم أس بق من المص طلح،
فك ل مفه وم مص طلح ،وليس العكس ،وينبغي التأكي د على أن المفه وم ليس ه و المص طلح ،وإ نم ا ه و
مض مون ه ذه الكلم ة ،ودالل ة ه ذا المص طلح في ذهن مس تعمليه؛ وله ذا يعت بر التعري ف بالكلم ة أو
المصطلح هو "الداللة اللفظية للمفهوم".
نس َوا ْل ِج ُّن المفاهيم القرآنية هي حقل معرفي إلهي ال يضاهيه كالم البشر ُ ﴿:قل لَِّئ ِن ْ ِ
اجتَ َم َعت اإْلِ ُ
/يرا ( .﴾)88فهي وحي ظ ِهً / ض ُ /ه ْم ِل َب ْع ٍ
ض َ ون ِب ِمثِْل/ِ /ه َولَ/ْ /و َكَ /
/ان َب ْع ُ َعلَ ٰى أَن َي /أْتُوا ِب ِمثْ/ِ /ل َٰهَ /ذا ا ْلقُ/ْ /ر ِ
آن اَل َي /أْتُ َ
إلهي جامع لتأطير حياة الفرد المسلم العقائدية والسياسية واالجتماعية واالقتصادية.
تتجاوز المفردة القرآنية المعنى المطروح لأللفاظ في عصر النزول ،إذ تأخذ في
السياق القرآني معنى يتميز بالثبات من خالل الخصائص المميزة له والعالقة السياقية أو
اإلسنادية للمفردة القرآنية ،وكذلك الترابط بين مختلف المفردات القرآنية ،هذه الخاصية
1
تفرضها ماهية المفردات القرآنية التي ال تنفصل عن ماهية معنى القرآن.
إن ص مود س ماقة الخط اب الق رآني رغم مختل ف التغ يرات الزمني ة والمكني ة ،يؤك د
قدسيته وصالحه لكل األزمنة .فتشاكلت التفاسير القرآنية وتباينت في بعض المواضع في
محاول ة لجس نبض الدالل ة القرآني ة ال تي –رغم عدي د الدراس ات ال تي أج ريت عليه ا -ال
- 1أبو العزب سليمان عبد هللا موسى .) 1995 ( .اإلبداع اللفظي في القرآن الكريم :دراسة نقدية .لندن :مجلة الجامعة اإلسالمية .عدد .5ص
.114-103
ت زال حقال يافع ا غ ير مستكش ف بالكام ل .و"بق راءة أفقي ة للتفاس ير والدراس ات القرآني ة بم ا
هي مقاربات للنص ،نجدها تتكرر نفسها وتتنزل بلبوس جديد دون أن تضيف جديدا فضال
2
عن أن تحل مشكال".
يختص القرآن الكريم بنظام مفاهيمي يتجاوز المفاهيم الفردية إذا أخ ذت منعزلة عن
ال تركيب ،فينبغي مراع اة ك ل مفه وم مف رد في عالقت ه بالمف اهيم األخ رى في النظ ام الع ام
الكلي للنص ،فتل ك الكلم ات والمف اهيم القرآني ة ليس ت هي نفس ها تل ك الكلم ات والمف اهيم
الفردي ة ال تي ك انت مس تخدمة قب ل اإلس الم .ف القرآن أع اد اس تخدام تل ك المف اهيم وأض فى
عليه ا قيم ا جدي دة من خالل س ياقها الق رآني ،وب إدراك ه ذا التح ول في االس تخدام اللغ وي
يمكن الكشف عن الرؤية الكونية للقرآن 3.هذا التحول في االستخدام القرآني للمفردات هو
م ا يع رف في مختل ف العل وم اإلس المية باألس ماء الش رعية في خض م حق ل مف اهيمي ق رآني
محض.
تتعدى مفاهيم الخطاب القرآني مستواها اللغوي ،منتقلة من الشحنة العلمية المعرفية
إلى الشحنة الفقهية الروحية ،إذ يحمل هذا الخطاب في ثناياه أحكاما للفرد المسلم ،تجعل
من ترجمته ا عائق ا أم ام الم ترجم ال ذي يجب أن يك ون ملم ا بالثقاف ة العربي ة اإلس المية كي
يتسنى له محاولة النقل اللغوي السليم للمفهوم اإلسالمي.
إن اللغة القرآنية بشكل عام قدمت نسقا لغويا جديدا ينبغي اكتش اف خصائصه من داخل النص
نفس ه وبنيت ه وتراكيب ه ،ال ب القطع م ع اللغ ة ال تي انطل ق منه ا إنم ا بفهم م ا أض افه إليه ا وارتقى ب ه من
مفرداتها في سياقاتها القرآنية التي ال يستقيم تفسيرها باالقتصار على داللة ألفاظها المعجمية ،وأجلى ما
تتض ح ب ه ه ذه النقل ة القرآني ة في اللغ ة ه و المف ردات القرآني ة ال تي تعت بر بمثاب ة المف اتيح لفهم النص
المفاهيم االقتصادية القرآنية هي وعاء معرفي جامع لعدة عناصر تتشارك مع بعضها البعض
للدالل ة على ص ورة ذهني ة إلج راء اقتص ادي معين .إذ تتش ابك ه ذه المف اهيم القرآني ة مش كلة نظام ا
اقتص اديا إس الميا للف رد المس لم ،بحيث "ال تش كل المف اهيم المنف ردة منظوم ة ،ولكنه ا عن دما ت دخل في
عالقات منطقية أو وجودية فيما بينها تُ ّك ون والحالة تلك منظومة مفهومية"(القاسمي،6)333 ،2008 ،
فالنظ ام االقتص ادي اإلس المي لحم ة مف اهيم قرآني ة ونبوي ة ،س راطها تس يير الحي اة االقتص ادية للف رد
المسلم.
وعلي ه ،يمكن الق ول ب أن كلم ة "الزك اة" مثال م ا ه و إال مص طلح لمفه وم معين ينتج عن إدراك
العناصر المشتركة كالصدقة والنصاب ،واإلحسان وكذا حكمها الفقهي .و"الربا" أيضا مصطلح لمفهوم
ينتج عن إدراك عناص ر مش تركة ك البيع ،والزي ادة الربوي ة ،والم ال ورأس الم ال ،وحكمه ا الفقهي.
وكذلك كلمة "الرزق" ما هو إال مصطلح ينتج عن إدراك عناصر مشتركة كاألجر ،والبركة ،ورضا اهلل
والطيبات وغيرها.
لق د ش كلت المص طلحات االقتص ادية في الق رآن الك ريم إط ارا مفاهيمي ا لنظ ام اقتص ادي قوام ه
القرآن الكريم ،إذ توجب دراسة المفهوم القرآني ضمن حقله القرآني ومتابعة تطوراته قبل وبعد النزول
قصد إيفاء مفهومه لدى القارئ األجنبي أثناء عملية الترجمة.
لقد تعلقت الترجمة منذ القدم بترجمة المقدس الذي يتالزم والدين في عالقة جدلية ،فال وجود
ألحدهما من دون اآلخر ،بحيث يحتل المقدس موقعاً جوهريا بالنسبة إلى الدين ،بل هو عماده األساسي،
ذلك أن المؤمن يوليه كل مظاهر المحبة والخوف والرهبة ،بما يساعد على طاعته والتسليم له.
- 4صولة ،عبد هللا .)2001( .الحجاج في القرآن .ج .1تونس :كلية اآلداب ،جامعة منوبة .ص .75
- 5الصغير ،محمد حسين علي .تطور البحث الداللي /دراسة تطبيقية في القرآن الكريمن ص /www.rafed.net/books .44
- 6علي القاسمي ،علم المصطلح ،مكتبة لبنان ناشرون ،بيروت ،لبنان ،ط 2008 ،1ص . 333
أم ا من ناحي ة النص ،فيرتبط المق دس "ب الحرف (أي الش كل) وب الروح ( أي المع نى) إرتباط ا
اب المق دس الوحي د
اب الق رآني الخط َ
وثيق ا يجع ل ك ل تفري ق بينهم ا يخ ل بكليهم ا" .وعلي ه ،يبقى الخط ُ
7
ال ذي لم يتع رض للمس اس ال بمس تواه اللفظي وال المع نى ،مم ا ي تيح للم ترجم العم ل على نص إلهي
أصيل.
إن ص مود س ماقة الخط اب الق رآني رغم مختل ف التغ يرات الزمني ة والمكني ة ،يؤك د
قدسيته وصالحه لكل األزمنة .فتشاكلت التفاسير القرآنية وتباينت في بعض المواضع في
محاول ة لجس نبض الدالل ة القرآني ة ال تي –رغم عدي د الدراس ات ال تي أج ريت عليه ا -ال
ت زال حقال يافع ا غ ير مستكش ف بالكام ل .و"بق راءة أفقي ة للتفاس ير والدراس ات القرآني ة بم ا
هي مقاربات للنص ،نجدها تتكرر نفسها وتتنزل بلبوس جديد دون أن تضيف جديدا فضال
8
عن أن تحل مشكال".
علم الداللة هي اللفظة التقنية المستعملة لإلشارة إلى دراسة المعنى ،وبما أن المعنى جزء من
اللغة ،فإن علم الداللة جزء من اللسانيات (9 .)Palmer, p05إذ يعتني علم الداللة بدراسة المفردة
في سياق معين وفق منطق لغوي تواصلي بين المرسل والمرسل إليه.
ي درس علم الدالل ة إذا مآخ ذ المع نى ،ومن اهج اس تخراجه من اللف ظ ،كم ا ي درس أن واع الدالل ة
وتطوره ا ،والعالق ة بين األلف اظ ومعانيه ا ،ووظ ائف الص يغ" 10إذ يعت بر غاي ة الدراس ات الص وتية
والفونولوجية والنحوية والمعجمية.
فيتن اول علم الدالل ة نظري ة المع نى ،وم ا يجب على الرم ز أن تتوافر في ه من ش روط كي يكون
قادرا على حمل المعنى .وكذا النظرية التواصلية التي تدرس مدى تحقق العملية التواصلية بين طرفي
االتصال وما شابه.
-7جمعة ،علي 14( .جويلية .) 2014اللغة المقدسة وقدسية اللغة .القاهرة ،جمهورية مصر العربية :مجلة األهرام.
- 8حللي ،ص .66
9
Palmer. F.R, Semantics, p05.
Semantics is the technical term used to refer the study of meaning, Semantics is part of linguistics, the scientific
study of language
- 10جبل ،محمد حسن .)1982 ( .علم اللغة – تمهيد عام .القاهرة :مطبعة السعادة .ص .39
تبحث الدراسة الداللية في معنى الرموز اللغوية من خالل مستويات مختلفة ،نذكر منها:
الدالل ة الص وتية :إذ تعطي الكلم ات والرم وز اللغوي ة دالالت مختلف ة على حس ب ت رادف -
حروفها ونبرة صوتها ونغمته.
الداللة الصرفية :إذ يدرس معنى الكلمة من خالل صيغتها ومبناها في الجملة. -
الداللة المعجمية للكلمة :إذ يدرس معنى الكلمة بادئ الرأي ضمن حقلها اللغوي الوارد في -
المعاجم والقواميس اللغوية.
الداللة التركيبية :إذ يدرس معنى الكلمة من خالل ارتباطها بأجزاء الجملة . -
الداللة االجتماعية (أو السياقية) :إذ يدرس معنى الكلمة وفق سياقها االجتماعي التي ذكرت -
في ه ،إذ يمكن تأخ ذ الكلم ة الواح دة منحني ات عدي دة من ط رف تع دد مس تعمليها ووض عهم
االجتماعي.
ومن حيث الدالل ة اإللهي ة ،فيع ني علم الدالل ة أيض ا بدراس ة العالق ة بين رم وز الع الم الخ ارجي
ومس مياتها ،وكيفي ة دالل ة الكلم ات على معانيه ا ،أي الص لة بين اللف ظ وص ورته في ال ذهن 11.إذ ص ار
لزام ا على علم الدالل ة أن يعتم د في دراس ته على مس تويات اللغ ة الص وتية والفونولوجي ة والنحوي ة
والص رفية والتركيبي ة واإلجتماعي ة وف ق س ياق ق رآني محض معتم دا في ذل ك على مقارب ات النص
القرآني التي تتمثل في التفاسير الواردة حياله ،وكذا سنته النبوية الشارحة له وباتباع اإلطار الزماني
والمكاني لآلية وكذا أسباب نزولها.
لق د س عى الب احث اللغ وي Toshihko Izutsuفي تطبيق ه علم الدالل ة على النص الق رآني إلى اق تراح
تسمية خاصة به :علم الداللة القرآني ،Semantics of Koran13وذلك في إطار دراسته للمفاهيم
14
القرآنية المفتاحية التي تكشف عن الرؤية العالمية للقرآن أو الرؤية القرآنية للكون.
إذ يرى أنه البد لدراسة المفاهيم القرآنية من مراعاة معنيين :هو المعنى المعجمي أو األساسي
أو المفه وم الض مني للكلم ة ( )basic meaningوال ذي تحف ظ ب ه كيانه ا أين أخ ذت وفي أي س ياق
وضعت ،وأما المعنى الثاني فهو المعنى العالئقي أو السياقي للكلمة ( )relational meaningوذلك
عندما توضع الكلمة ضمن نظام خاص وتأخذ مكانها فيه مع كلمات أخرى ،فتشحن بكثير من العناصر
الداللية الجديدة التي تنشأ من هذه الحالة الخاصة ،حتى إن السياق الجديد ليعدل أحيانا بشكل تام المعنى
وعبر البعض عن 15
األساسي للكلمة فتفقد المعنى األساسي للكلمة ونشهد والدة كلمة جديدة ( .ص)72
16
المعنى األول بالداللة المركزية وعن الثاني بالداللة الهامشية.
فتقتضي دراسة المفردة القرآنية إذا تحديد الداللة المعجمية بدءا من الجذر وتحولها من داللتها
اللغوي ة إلى داللته ا الجدي دة في س ياقها الق رآني وذل ك من خالل معرف ة مختل ف س ياقاتها في النص
ومقارنتها ،وربطها بمفردات أخرى تشكل معها مفاتيح بنية النص ،وما يحمله اختيار تلك الكلمة وذلك
االشتقاق من داللة دون غيره للتعبير عن المعنى السياقي الجديد ( .ص)74
إذ تح دد أبع اد المفه وم الق رآني وف ق دراس ة تاريخي ة تطوري ة ( )diachroniqueإلى ينقط ع
تطوره ا في النص الق رآني ويثبت معناه ا وه و م ا يس موه اللس انيون باآلني ة أو التزامني ة (
.)synchronique
- 12الصغير ،محمد حسين علي .تطور البحث الداللي /دراسة تطبيقية في القرآن الكريم .ص .44
13
- Toshihko, Izutsu (1964). God and Man in the Koran : Semantics of the Koranic Weltanschannung. Tokyo:
Keio Institute of cultural an linguistic Studies. P 9.
14
- Ibid, p11.
15
Ibid. p 19-21.
- 16أنيس ،إبراهيم .)1976 ( .داللة األلفاظ .القاهرة :مكتبة األنجلو المصرية .ص .3ص .107-106
فتحدد داللة المفهوم القرآني بتحديد الجذر اللغوي للمفردة أوال واشتقاقاته ،ومالحظة التطور التاريخي
الس تخدامات المف ردة ودالالته ا المختلف ة قب ل ال نزول ،ومالحظ ة م دى اختالف اس تخدام المف ردة داخ ل
النص القرآني ضمن تاريخ النزول (مابين المكي والمدني) ،وكذا مالحظة مدى استمرارية االستخدام
اللغ وي للمف ردة داخ ل النص أو التح ول به ا إلى مع نى اص طالحي خ اص ،ومن ثم دراس ة المف ردة
القرآنية في سياقها القرآني من خالل تركيب الجمل التي وردت فيها وما حف بها من مفردات أخرى،
ودراسة المفردة في ضوء مقارنتها بالسياقات المختلفة الستخداماتها ضمن بنية النص القرآني الشاملة،
وأخيرا دراسة المفردة في ضوء عالقتها بالمفردات ذات الصلة بها أو بموضوعها ( .ص .)75
ص عوبة تحقي ق ه ذه األبع اد لغي اب معجم ت اريخي لأللف اظ العربي ة ،ع دم مراع اة التط ور ال داللي في
17
المعاجم المتوفرة.
ويمكن أن نصنف استعماالت المفردة القرآنية إلى أربعة ،تكون المفردة في الصنف األول لفظا لغويا:
وذل ك في االس تخدام اللغ وي للمف ردة في الس ياق الق رآني س واء في وض عها األص لي أو المج ازي،
كالص الة بمع نى ال دعاء ،وتك ون في الص نف الث اني مص طلحا قرآني ا :وهي منض بطة الدالل ة وحدي ة
التعري ف وال ت دل عليه ا مف ردة غيره ا كالص الة بمعناه ا الش رعي .وتك ون في الص نف الث الث مفهوم ا
قرآني ا :وهي مفتوح ة الدالل ة غ ير منض بطة التعري ف م ع إحالته ا على مع نى مش ترك ق د ت دل علي ه
مفردات أخرى ،كلفظ التقوى .وتأتي أخيرا المفردة القرآنية المترددة في نظر متدبري القرآن بين كونها
مفهوما غير منضبط التعريف أو مصطلحا حدي التعريف كلفظ اإليمان .ص .88
فس بر أغ وار النص الق رآني يع ني بالض رورة تج اوز مع نى المف ردات بحث ا عن رن ة ص وتها،
وتركيبتها النحوية وموضعها الصرفي في اآليات ،وذلك قصد إيفاء قصدية النص التواصلية من خالل
الترجمة التي أصبحت حتمية ال مفر منها لنقل آي الذكر الحكيم لغير الناطقين باللغة العربية.
- 17غرم هللا ،زياد صالح .) 2000( .المصطلح األدبي :بين غناه بالمعرفة وغناه في التاريخ" .الكويت :مجلة عالم الفكر ( مجلد ،28عدد )03
ص .107
ت أرجحت الترجم ة من ذ األزل بين مطرق ة الحرفي ة وس ندان المع نى ،فالق ارئ لترجم ات الق رآن
الكريم يالحظ تباينا كبيرا بينها ،نظرا لطبيعة الخطاب القرآني من جهة ،ولمرجعية المترجم من جهة
أخ رى .س نحاول فيم ا يلي تقص ي ترجم ة عين ة من المف اهيم االقتص ادية القرآني ة عن د بعض الم ترجمين
على اختالف مشاربهم عرب وعجم ،مسلمين وغير مسلمين ،قصد تحري نجاعة نق ل الدالل ة القرآنية
من خالل التفاسير الواردة حيال اآلية القرآنية.
الزكاة :وهو مفهوم اقتصادي وركن من أركان اإلسالم ،إذ تقتلع الزكاة من النفس جذور الشح،
وعب ادة الم ال ،والح رص على ال دنيا ،وهي مص لحة للجماع ة ،فتقيم دع ائم التع اون بين المج دودين
والمحرومين ،وتشعر النفس بتكامل الجماعة شعورا يخرجها من ضيق األثرة واالنفراد 18.وهي إجراء
اقتصادي إسالمي يحمل حكما فقهيا للفرد المسلم.
قال تعالى:
- « (1) Comblés sont les croyants (2) Ceux qui dans leur prière témoignent
d’humilité (3) Qui s’écarte du verbiage (4) Qui produisent à charge de
purification »19.
- « (1) Bienheureux sont les croyants. (2) Qui, dans leur prière, sont
»humbles,(3) Qui, de la jactance, se détournent, (4) Qui font l’aumône
20
- « (1) Les adhérents triomphent déjà, (2)Ceux qui s’humilient dans leur
prière, (3)Ceux qui s’écartent de la futilité,(4) Ceux qui donnent la
dîme ». 21
بينما ترجمها ريجيس بالشير بـ « ،» Aumône والتي يراد بها الصدقة ،وشتان بين الصدقة
والزكاة،
أم ا أن دري ش وراكي فترجمه ا بـ« //،» Dîme ذات الخلفي ة المس يحية واليهودي ة وال تي تع ني
اقتطاع بنسبة %10للمساهمة في إعانة المعوزين عند المسيحيين ،في حين كانت ضريبة تفرض على
اليهود للمساهمة في إعانة اليتامى ،واألرامل وعابري السبيل ،وكذا خدمة المعابد اليهودية.
إن ترجم ة مفه وم "الزك اة" لترجم ة لحكم فقهي إس المي ذو دالالت وإ يح اءات روحاني ة ،فه و
تشريع إسالمي يراد من وراءه ضبط لحياة الفرد المسلم من الناحية االقتصادية ،إذ تتعدى داللته بكثير
الترجمات الواردة إزاءه ،بحيث كان من األجدر اقتراض المصطلح الحامل لمفهوم "الزكاة" بالحرف
الالتيني ZAKATومن ثم إضافة تهميش يشرح مفهومه وفق مقاربة اقتصادية إسالمية.
الربا :الرب ا في اللغ ة :الزي ادة المطلق ة ،يق ال رب ا الش يء يرب و إذا زاد ،22أم ا اص طالحا فهي
مشترك بين عدة معان :األول كل عقد فاسد ،والثاني عقد فيه فضل ،والقبض فيه مفيد للملك الفاسد،
23
والثالث فضل شرعي خال عن عوض شرط ألحد المتعاقدين في عقد المعاوضة.
َّ َِّ
اعفَةً َواتَّقُ وا اللهَ
ض ََض َعافًا ُم َ آمُن وا اَل تَ ْأ ُكلُوا ِّ
الر َبا أ ْ ين َ
يقول تعالى في محكم تنزيلهَ ﴿ :ي ا أَيُّهَ ا الذ َ
ون( ﴾ آل عمران)130 : ِ َّ
لَ َعل ُك ْم تُْفل ُح َ
« O vous qui croyez ! Ne vivez pas de l’usure produisant plusieurs fois
le double. Craignez Dieu ! Peut-être serez-vous heureux ».24
« O les croyants ! Ne pratiquez pas l’usure en multipliant
démesurément votre capital. Et craignez Allah afin que vous
réussissiez !».25
« O vous qui devîntes croyants, ne mangez pas l’usure plusieurs fois
multipliée, craignez Allah, afin que cultiviez »26
من،إن اس تنباط المك افئ المناس ب حي ال مفه وم "الرب ا" يس تلزم إدراك ك ل العناص ر المحيط ة ب ه
Usure إذ ترجمه عديد المترجمين بـ.إطار تاريخي وداللة لغوية وشحنة عاطفية وحكم فقهي للمفهوم
:Larousseوالتي تعني حسب القاموس اللغوي
إن ترجم ة مفه وم "الرب ا" يختل ف ومرجعي ة الم ترجم ،إذ يتب ادر للم ترجم الع ربي ذو الخلفي ة
االسالمية مباشرة حكم فقهي حيال المفهوم ،في حين يراها المترجم الغربي فائدة مربحة ال ضير منها.
انطالقا من مفهوم "ربا" وفق المعاجم االقتصادية اإلسالمية وكذا داللة المكافئ « » usure في
المعاجم اللغوية والفقهية الفرنسية فإن هذه الترجمة ال تؤدي غرض المفهوم ،الذي يتجاوز بعده الداللي
إلى حكم فقهي حي ال مس ألة المع امالت المالي ة في اإلس الم ،إذ يتع ذر إيج اد المك افئ في البيئ ة الفرنس ية
للمفه وم ،وعلي ه ف األرجح اق تراض المفه وم ب الحرف الالتي ني El-Ribàم ع إض افة تهميش للترجم ة
تشرح المفهوم في إطاره االقتصادي االسالمي.
انطالق ا مم ا قي ل ح ول دالل ة المفه وم ،يت وجب على الم ترجم إذن تجس ي نبض النص الق رآني
الحام ل للمف اهيم االقتص ادية باس تعمال أدوات إجرائي ة تمكن ه من س بر أغ وار المفه وم ،وتتب ع طيف ه،
ومدلوله ،إذ يحمل المفهوم شحنة علمية ومعرفية ،وتاريخية وعاطفية.