You are on page 1of 13

‫داللة مفاهيم القرآن الكريم االقتصادية من منظور ترجماتي‬

‫المعب ر في َكِل ِم ه‪،‬‬


‫ّ‬ ‫الق رآن الك ريم ه و كت اب اهلل الم نزل‪ ،‬المحكم في نظم ه‪ ،‬المعج ز في داللت ه‪،‬‬
‫أذهل العرب منذ القدم وهم أهل اللغة والفصاحة‪ ،‬فعجز جهابذتهم عن مجاراته واإلتيان ولو بشق آية‬
‫منه‪ .‬بحيث تناول الذكر الحكيم تصريف حياة الفرد المسلم العقائدية والسياسية واالجتماعية واالقتصادية‬
‫بما يحفظ الذات اإلنسانية في منتهى العدل والقسط‪.‬‬

‫يش هد النظ ام االقتص ادي اإلس المي رواج ا ملفت ا ح تى في ال دول الغربي ة وذل ك راج ع لنجاع ة‬
‫الوحي اإللهي في تسيير حياة الفرد االقتصادية وفق قاعدة ال ضرر وال ضرار‪.‬‬

‫تش كل المف اهيم االقتص ادية القرآني ة عص ب النظ ام اإلس المي االقتص ادي‪ ،‬إذ تتحم ل الترجم ة‬
‫مس ؤولية نق ل آي ال ذكر الحكيم الحام ل لتل ك المف اهيم وتحقي ق العملي ة التواص لية بم ا يحق ق األث ر نفس ه‬
‫الذي حققه القرآن الكريم في القارئ العربي‪.‬‬

‫تعريف المفهوم‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫المفه وم لغ ةً‪ :‬مص در فهم‪ ،‬والفهم معرفت ك بالش يء ب القلب‪ ،‬فهم ه فهم اً‪ ،‬وفهم ا وفهام ه‪:‬‬
‫علمه‪.‬وتفهم الكالم‪ :‬فهمه شيئاً بعد شيء‪(.‬ابن منظور‪ ،2008،‬ص‪)459‬‬

‫أم ا اص طالحا فه و م ا فهم من اللف ظ في غ ير مح ل النط ق (اآلم دي‪ ،2003 ،‬ص ‪ ،)74‬وه و‬
‫وحدة معرفية مستقلة ال ترتبط بالضرورة بلغة من اللغات أو بلهجة من اللهجات وإ نما تنتمي مباشرة‬
‫إلى المس توى الفك ري (كل ود ل وم‪ ،2012 ،‬ص ‪ ،)20‬كم ا تع د المف اهيم أس اس التفك ير‪ ،‬والتحلي ل‪،‬‬
‫والتنظ ير في كاف ة العل وم‪ ،‬وفي مختلف األبح اث‪ ،‬وتختلف تعريف ات المفهوم تبع اً للنظ رة الخاص ة بك ل‬
‫علم أو مجال من مجاالت التفكير‪ ،‬فكل علم ينظر إلى المفهوم من زاويته الخاصة‪.‬‬

‫يتكون المفهوم عبر ثالث عمليات ذهنية معقدة‪ ،‬هي التعميم والتخصيص والتجريد‪ ،‬ويبقى في‬
‫حالة فكرة حتى يجد طريقه إلى شكل من أشكال التعبير اللغوي أو الرمزي (ولد خليفة‪ ،2004 ،‬ص‬
‫‪ ،)554‬فه و ب األحرى وح دة فكري ة يع بر عنه ا بمص طلح أو رم ز ح رفي أو أي رم ز آخ ر‪ISO( .‬‬
‫‪)1087‬‬
‫تتكون قاعدة المفاهيم‪،‬إذن‪،‬من ثالثة مستويات تجريدية (ولد خليفة‪ ،2004 ،‬ص‪:)562‬‬
‫مستوى اصطالحي‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫مستوى الخاصيات الحدية أو التعريفية‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫ت‪-‬مستوى التمثيل‪.‬‬

‫إنه لمن األهمية بمكان أن نؤكد أن المفهوم يختلف عن المصطلح في أنه يركز على صورته‬
‫الذهني ة‪ ،‬أم ا المص طلح فإن ه يرك ز على الدالل ة اللفظي ة للمفه وم‪ ،‬كم ا أن المفه وم أس بق من المص طلح‪،‬‬
‫فك ل مفه وم مص طلح‪ ،‬وليس العكس‪ ،‬وينبغي التأكي د على أن المفه وم ليس ه و المص طلح‪ ،‬وإ نم ا ه و‬
‫مض مون ه ذه الكلم ة‪ ،‬ودالل ة ه ذا المص طلح في ذهن مس تعمليه؛ وله ذا يعت بر التعري ف بالكلم ة أو‬
‫المصطلح هو "الداللة اللفظية للمفهوم"‪.‬‬

‫المفاهيم القرآنية‪:‬‬ ‫‪1.1‬‬

‫نس َوا ْل ِج ُّن‬ ‫المفاهيم القرآنية هي حقل معرفي إلهي ال يضاهيه كالم البشر ‪ُ ﴿:‬قل لَِّئ ِن ْ ِ‬
‫اجتَ َم َعت اإْلِ ُ‬
‫‪/‬يرا (‪ .﴾)88‬فهي وحي‬ ‫ظ ِه‪ً /‬‬ ‫ض ‪ُ /‬ه ْم ِل َب ْع ٍ‬
‫ض َ‬ ‫ون ِب ِمثِْل‪/ِ /‬ه َولَ‪/ْ /‬و َك‪َ /‬‬
‫‪/‬ان َب ْع ُ‬ ‫َعلَ ٰى أَن َي ‪/‬أْتُوا ِب ِمثْ‪/ِ /‬ل َٰه‪َ /‬ذا ا ْلقُ‪/ْ /‬ر ِ‬
‫آن اَل َي ‪/‬أْتُ َ‬
‫إلهي جامع لتأطير حياة الفرد المسلم العقائدية والسياسية واالجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫تتجاوز المفردة القرآنية المعنى المطروح لأللفاظ في عصر النزول‪ ،‬إذ تأخذ في‬
‫السياق القرآني معنى يتميز بالثبات من خالل الخصائص المميزة له والعالقة السياقية أو‬
‫اإلسنادية للمفردة القرآنية‪ ،‬وكذلك الترابط بين مختلف المفردات القرآنية‪ ،‬هذه الخاصية‬
‫‪1‬‬
‫تفرضها ماهية المفردات القرآنية التي ال تنفصل عن ماهية معنى القرآن‪.‬‬

‫إن ص مود س ماقة الخط اب الق رآني رغم مختل ف التغ يرات الزمني ة والمكني ة‪ ،‬يؤك د‬
‫قدسيته وصالحه لكل األزمنة‪ .‬فتشاكلت التفاسير القرآنية وتباينت في بعض المواضع في‬
‫محاول ة لجس نبض الدالل ة القرآني ة ال تي –رغم عدي د الدراس ات ال تي أج ريت عليه ا‪ -‬ال‬

‫‪ - 1‬أبو العزب سليمان عبد هللا موسى‪ .) 1995 ( .‬اإلبداع اللفظي في القرآن الكريم‪ :‬دراسة نقدية‪ .‬لندن‪ :‬مجلة الجامعة اإلسالمية‪ .‬عدد ‪ .5‬ص‬
‫‪.114-103‬‬
‫ت زال حقال يافع ا غ ير مستكش ف بالكام ل‪ .‬و"بق راءة أفقي ة للتفاس ير والدراس ات القرآني ة بم ا‬
‫هي مقاربات للنص‪ ،‬نجدها تتكرر نفسها وتتنزل بلبوس جديد دون أن تضيف جديدا فضال‬
‫‪2‬‬
‫عن أن تحل مشكال‪".‬‬

‫يختص القرآن الكريم بنظام مفاهيمي يتجاوز المفاهيم الفردية إذا أخ ذت منعزلة عن‬
‫ال تركيب‪ ،‬فينبغي مراع اة ك ل مفه وم مف رد في عالقت ه بالمف اهيم األخ رى في النظ ام الع ام‬
‫الكلي للنص‪ ،‬فتل ك الكلم ات والمف اهيم القرآني ة ليس ت هي نفس ها تل ك الكلم ات والمف اهيم‬
‫الفردي ة ال تي ك انت مس تخدمة قب ل اإلس الم‪ .‬ف القرآن أع اد اس تخدام تل ك المف اهيم وأض فى‬
‫عليه ا قيم ا جدي دة من خالل س ياقها الق رآني‪ ،‬وب إدراك ه ذا التح ول في االس تخدام اللغ وي‬
‫يمكن الكشف عن الرؤية الكونية للقرآن‪ 3.‬هذا التحول في االستخدام القرآني للمفردات هو‬
‫م ا يع رف في مختل ف العل وم اإلس المية باألس ماء الش رعية في خض م حق ل مف اهيمي ق رآني‬
‫محض‪.‬‬

‫تتعدى مفاهيم الخطاب القرآني مستواها اللغوي‪ ،‬منتقلة من الشحنة العلمية المعرفية‬
‫إلى الشحنة الفقهية الروحية‪ ،‬إذ يحمل هذا الخطاب في ثناياه أحكاما للفرد المسلم‪ ،‬تجعل‬
‫من ترجمته ا عائق ا أم ام الم ترجم ال ذي يجب أن يك ون ملم ا بالثقاف ة العربي ة اإلس المية كي‬
‫يتسنى له محاولة النقل اللغوي السليم للمفهوم اإلسالمي‪.‬‬

‫إن اللغة القرآنية بشكل عام قدمت نسقا لغويا جديدا ينبغي اكتش اف خصائصه من داخل النص‬
‫نفس ه وبنيت ه وتراكيب ه‪ ،‬ال ب القطع م ع اللغ ة ال تي انطل ق منه ا إنم ا بفهم م ا أض افه إليه ا وارتقى ب ه من‬
‫مفرداتها في سياقاتها القرآنية التي ال يستقيم تفسيرها باالقتصار على داللة ألفاظها المعجمية‪ ،‬وأجلى ما‬
‫تتض ح ب ه ه ذه النقل ة القرآني ة في اللغ ة ه و المف ردات القرآني ة ال تي تعت بر بمثاب ة المف اتيح لفهم النص‬

‫‪ - 2‬حللي‪ ،‬ص ‪.66‬‬


‫‪3‬‬
‫‪- Toshihko, Izutsu. (1964). God and man in the Koran : semantic of the Koranic Weltanschaning. Tokyo: Keio‬‬
‫‪Institute of Cultural and Linguistic Studies. P 12-15.‬‬
‫الق رآني واكتن اف معاني ه بم ا تحمل ه الكلم ة القرآني ة من خص ائص حجاجي ة وتداولي ة‪ 4 ،‬فللنص الق رآني‬
‫‪5‬‬
‫داللته الخاصة التي تتجاوز البعد البالغي واالستخدامي الجاهلي للغة‪.‬‬

‫المفاهيم االقتصادية القرآنية ‪:‬‬ ‫‪1.2‬‬

‫المفاهيم االقتصادية القرآنية هي وعاء معرفي جامع لعدة عناصر تتشارك مع بعضها البعض‬
‫للدالل ة على ص ورة ذهني ة إلج راء اقتص ادي معين‪ .‬إذ تتش ابك ه ذه المف اهيم القرآني ة مش كلة نظام ا‬
‫اقتص اديا إس الميا للف رد المس لم‪ ،‬بحيث "ال تش كل المف اهيم المنف ردة منظوم ة‪ ،‬ولكنه ا عن دما ت دخل في‬
‫عالقات منطقية أو وجودية فيما بينها تُ ّك ون والحالة تلك منظومة مفهومية"(القاسمي‪،6)333 ،2008 ،‬‬
‫فالنظ ام االقتص ادي اإلس المي لحم ة مف اهيم قرآني ة ونبوي ة‪ ،‬س راطها تس يير الحي اة االقتص ادية للف رد‬
‫المسلم‪.‬‬

‫وعلي ه‪ ،‬يمكن الق ول ب أن كلم ة "الزك اة" مثال م ا ه و إال مص طلح لمفه وم معين ينتج عن إدراك‬
‫العناصر المشتركة كالصدقة والنصاب‪ ،‬واإلحسان وكذا حكمها الفقهي‪ .‬و"الربا" أيضا مصطلح لمفهوم‬
‫ينتج عن إدراك عناص ر مش تركة ك البيع‪ ،‬والزي ادة الربوي ة‪ ،‬والم ال ورأس الم ال‪ ،‬وحكمه ا الفقهي‪.‬‬
‫وكذلك كلمة "الرزق" ما هو إال مصطلح ينتج عن إدراك عناصر مشتركة كاألجر‪ ،‬والبركة‪ ،‬ورضا اهلل‬
‫والطيبات وغيرها‪.‬‬

‫لق د ش كلت المص طلحات االقتص ادية في الق رآن الك ريم إط ارا مفاهيمي ا لنظ ام اقتص ادي قوام ه‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬إذ توجب دراسة المفهوم القرآني ضمن حقله القرآني ومتابعة تطوراته قبل وبعد النزول‬
‫قصد إيفاء مفهومه لدى القارئ األجنبي أثناء عملية الترجمة‪.‬‬

‫لقد تعلقت الترجمة منذ القدم بترجمة المقدس الذي يتالزم والدين في عالقة جدلية‪ ،‬فال وجود‬
‫ألحدهما من دون اآلخر‪ ،‬بحيث يحتل المقدس موقعاً جوهريا بالنسبة إلى الدين‪ ،‬بل هو عماده األساسي‪،‬‬
‫ذلك أن المؤمن يوليه كل مظاهر المحبة والخوف والرهبة‪ ،‬بما يساعد على طاعته والتسليم له‪.‬‬

‫‪ - 4‬صولة‪ ،‬عبد هللا‪ .)2001( .‬الحجاج في القرآن‪ .‬ج ‪ .1‬تونس‪ :‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة منوبة‪ .‬ص ‪.75‬‬
‫‪ - 5‬الصغير‪ ،‬محمد حسين علي ‪.‬تطور البحث الداللي ‪ /‬دراسة تطبيقية في القرآن الكريمن ص ‪/www.rafed.net/books .44‬‬
‫‪ - 6‬علي القاسمي‪ ،‬علم المصطلح‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ 2008 ،1‬ص ‪. 333‬‬
‫أم ا من ناحي ة النص‪ ،‬فيرتبط المق دس "ب الحرف (أي الش كل) وب الروح ( أي المع نى) إرتباط ا‬
‫اب المق دس الوحي د‬
‫اب الق رآني الخط َ‬
‫وثيق ا يجع ل ك ل تفري ق بينهم ا يخ ل بكليهم ا" ‪ .‬وعلي ه‪ ،‬يبقى الخط ُ‬
‫‪7‬‬

‫ال ذي لم يتع رض للمس اس ال بمس تواه اللفظي وال المع نى‪ ،‬مم ا ي تيح للم ترجم العم ل على نص إلهي‬
‫أصيل‪.‬‬

‫إن ص مود س ماقة الخط اب الق رآني رغم مختل ف التغ يرات الزمني ة والمكني ة‪ ،‬يؤك د‬
‫قدسيته وصالحه لكل األزمنة‪ .‬فتشاكلت التفاسير القرآنية وتباينت في بعض المواضع في‬
‫محاول ة لجس نبض الدالل ة القرآني ة ال تي –رغم عدي د الدراس ات ال تي أج ريت عليه ا‪ -‬ال‬
‫ت زال حقال يافع ا غ ير مستكش ف بالكام ل‪ .‬و"بق راءة أفقي ة للتفاس ير والدراس ات القرآني ة بم ا‬
‫هي مقاربات للنص‪ ،‬نجدها تتكرر نفسها وتتنزل بلبوس جديد دون أن تضيف جديدا فضال‬
‫‪8‬‬
‫عن أن تحل مشكال‪".‬‬

‫علم الداللة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫علم الداللة هي اللفظة التقنية المستعملة لإلشارة إلى دراسة المعنى‪ ،‬وبما أن المعنى جزء من‬
‫اللغة‪ ،‬فإن علم الداللة جزء من اللسانيات (‪9 .)Palmer, p05‬إذ يعتني علم الداللة بدراسة المفردة‬
‫في سياق معين وفق منطق لغوي تواصلي بين المرسل والمرسل إليه‪.‬‬

‫ي درس علم الدالل ة إذا مآخ ذ المع نى‪ ،‬ومن اهج اس تخراجه من اللف ظ‪ ،‬كم ا ي درس أن واع الدالل ة‬
‫وتطوره ا‪ ،‬والعالق ة بين األلف اظ ومعانيه ا‪ ،‬ووظ ائف الص يغ"‪ 10‬إذ يعت بر غاي ة الدراس ات الص وتية‬
‫والفونولوجية والنحوية والمعجمية‪.‬‬

‫فيتن اول علم الدالل ة نظري ة المع نى‪ ،‬وم ا يجب على الرم ز أن تتوافر في ه من ش روط كي يكون‬
‫قادرا على حمل المعنى‪ .‬وكذا النظرية التواصلية التي تدرس مدى تحقق العملية التواصلية بين طرفي‬
‫االتصال وما شابه‪.‬‬

‫‪ -7‬جمعة‪ ،‬علي‪ 14( .‬جويلية ‪ .) 2014‬اللغة المقدسة وقدسية اللغة‪ .‬القاهرة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ :‬مجلة األهرام‪.‬‬
‫‪ - 8‬حللي‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Palmer. F.R, Semantics, p05.‬‬
‫‪Semantics is the technical term used to refer the study of meaning, Semantics is part of linguistics, the scientific‬‬
‫‪study of language‬‬
‫‪ - 10‬جبل‪ ،‬محمد حسن‪ .)1982 ( .‬علم اللغة – تمهيد عام‪ .‬القاهرة‪ :‬مطبعة السعادة‪ .‬ص ‪.39‬‬
‫تبحث الدراسة الداللية في معنى الرموز اللغوية من خالل مستويات مختلفة‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫الدالل ة الص وتية‪ :‬إذ تعطي الكلم ات والرم وز اللغوي ة دالالت مختلف ة على حس ب ت رادف‬ ‫‪-‬‬
‫حروفها ونبرة صوتها ونغمته‪.‬‬

‫الداللة الصرفية‪ :‬إذ يدرس معنى الكلمة من خالل صيغتها ومبناها في الجملة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الداللة المعجمية للكلمة‪ :‬إذ يدرس معنى الكلمة بادئ الرأي ضمن حقلها اللغوي الوارد في‬ ‫‪-‬‬
‫المعاجم والقواميس اللغوية‪.‬‬

‫الداللة التركيبية‪ :‬إذ يدرس معنى الكلمة من خالل ارتباطها بأجزاء الجملة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الداللة االجتماعية (أو السياقية)‪ :‬إذ يدرس معنى الكلمة وفق سياقها االجتماعي التي ذكرت‬ ‫‪-‬‬
‫في ه‪ ،‬إذ يمكن تأخ ذ الكلم ة الواح دة منحني ات عدي دة من ط رف تع دد مس تعمليها ووض عهم‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫ومن حيث الدالل ة اإللهي ة‪ ،‬فيع ني علم الدالل ة أيض ا بدراس ة العالق ة بين رم وز الع الم الخ ارجي‬
‫ومس مياتها‪ ،‬وكيفي ة دالل ة الكلم ات على معانيه ا‪ ،‬أي الص لة بين اللف ظ وص ورته في ال ذهن‪ 11.‬إذ ص ار‬
‫لزام ا على علم الدالل ة أن يعتم د في دراس ته على مس تويات اللغ ة الص وتية والفونولوجي ة والنحوي ة‬
‫والص رفية والتركيبي ة واإلجتماعي ة وف ق س ياق ق رآني محض معتم دا في ذل ك على مقارب ات النص‬
‫القرآني التي تتمثل في التفاسير الواردة حياله‪ ،‬وكذا سنته النبوية الشارحة له وباتباع اإلطار الزماني‬
‫والمكاني لآلية وكذا أسباب نزولها‪.‬‬

‫‪ 2-1‬علم الداللة القرآني‪:‬‬


‫‪11‬‬
‫‪ -‬فوزي عيسى‪ ،‬رانيا فوزي عيسى‪ ،‬علم الداللة بين النظرية والتطبيق‪ ،‬ط ‪ .1‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬االسكندرية ‪ ،‬مصر‪ ،2008 ،‬ص ‪.13‬‬
‫نقص د بعلم الدالل ة الق رآني م ا ج اد ب ه ال ذكر الحكيم من حق ول داللي ة إلهي ة َّ‬
‫منزل ة‪ ،‬إذ تتج انس‬
‫اللغ ة العربي ة زمن التنزي ل ولغ ة الق رآن الك ريم من حيث س ماقة الحق ل ال داللي وس مو معاني ه الغامض ة‬
‫‪12‬‬
‫المنال‪" .‬فللنص القرآني داللته الخاصة التي تتجاوز البعد البالغي واالستخدام الجاهلي للغة"‪.‬‬

‫لق د س عى الب احث اللغ وي ‪ Toshihko Izutsu‬في تطبيق ه علم الدالل ة على النص الق رآني إلى اق تراح‬
‫تسمية خاصة به ‪ :‬علم الداللة القرآني ‪ ،Semantics of Koran13‬وذلك في إطار دراسته للمفاهيم‬
‫‪14‬‬
‫القرآنية المفتاحية التي تكشف عن الرؤية العالمية للقرآن أو الرؤية القرآنية للكون‪.‬‬

‫إذ يرى أنه البد لدراسة المفاهيم القرآنية من مراعاة معنيين‪ :‬هو المعنى المعجمي أو األساسي‬
‫أو المفه وم الض مني للكلم ة (‪ )basic meaning‬وال ذي تحف ظ ب ه كيانه ا أين أخ ذت وفي أي س ياق‬
‫وضعت‪ ،‬وأما المعنى الثاني فهو المعنى العالئقي أو السياقي للكلمة (‪ )relational meaning‬وذلك‬
‫عندما توضع الكلمة ضمن نظام خاص وتأخذ مكانها فيه مع كلمات أخرى‪ ،‬فتشحن بكثير من العناصر‬
‫الداللية الجديدة التي تنشأ من هذه الحالة الخاصة‪ ،‬حتى إن السياق الجديد ليعدل أحيانا بشكل تام المعنى‬
‫وعبر البعض عن‬ ‫‪15‬‬
‫األساسي للكلمة فتفقد المعنى األساسي للكلمة ونشهد والدة كلمة جديدة‪ ( .‬ص‪)72‬‬
‫‪16‬‬
‫المعنى األول بالداللة المركزية وعن الثاني بالداللة الهامشية‪.‬‬

‫فتقتضي دراسة المفردة القرآنية إذا تحديد الداللة المعجمية بدءا من الجذر وتحولها من داللتها‬
‫اللغوي ة إلى داللته ا الجدي دة في س ياقها الق رآني وذل ك من خالل معرف ة مختل ف س ياقاتها في النص‬
‫ومقارنتها‪ ،‬وربطها بمفردات أخرى تشكل معها مفاتيح بنية النص‪ ،‬وما يحمله اختيار تلك الكلمة وذلك‬
‫االشتقاق من داللة دون غيره للتعبير عن المعنى السياقي الجديد‪ ( .‬ص‪)74‬‬

‫إذ تح دد أبع اد المفه وم الق رآني وف ق دراس ة تاريخي ة تطوري ة (‪ )diachronique‬إلى ينقط ع‬
‫تطوره ا في النص الق رآني ويثبت معناه ا وه و م ا يس موه اللس انيون باآلني ة أو التزامني ة (‬
‫‪.)synchronique‬‬

‫‪ - 12‬الصغير‪ ،‬محمد حسين علي‪ .‬تطور البحث الداللي ‪ /‬دراسة تطبيقية في القرآن الكريم‪ .‬ص ‪.44‬‬
‫‪13‬‬
‫‪- Toshihko, Izutsu (1964). God and Man in the Koran : Semantics of the Koranic Weltanschannung. Tokyo:‬‬
‫‪Keio Institute of cultural an linguistic Studies. P 9.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪- Ibid, p11.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪Ibid. p 19-21.‬‬
‫‪ - 16‬أنيس‪ ،‬إبراهيم‪ .)1976 ( .‬داللة األلفاظ‪ .‬القاهرة‪ :‬مكتبة األنجلو المصرية‪ .‬ص ‪ .3‬ص ‪.107-106‬‬
‫فتحدد داللة المفهوم القرآني بتحديد الجذر اللغوي للمفردة أوال واشتقاقاته‪ ،‬ومالحظة التطور التاريخي‬
‫الس تخدامات المف ردة ودالالته ا المختلف ة قب ل ال نزول‪ ،‬ومالحظ ة م دى اختالف اس تخدام المف ردة داخ ل‬
‫النص القرآني ضمن تاريخ النزول (مابين المكي والمدني)‪ ،‬وكذا مالحظة مدى استمرارية االستخدام‬
‫اللغ وي للمف ردة داخ ل النص أو التح ول به ا إلى مع نى اص طالحي خ اص‪ ،‬ومن ثم دراس ة المف ردة‬
‫القرآنية في سياقها القرآني من خالل تركيب الجمل التي وردت فيها وما حف بها من مفردات أخرى‪،‬‬
‫ودراسة المفردة في ضوء مقارنتها بالسياقات المختلفة الستخداماتها ضمن بنية النص القرآني الشاملة‪،‬‬
‫وأخيرا دراسة المفردة في ضوء عالقتها بالمفردات ذات الصلة بها أو بموضوعها‪ ( .‬ص ‪.)75‬‬

‫ص عوبة تحقي ق ه ذه األبع اد لغي اب معجم ت اريخي لأللف اظ العربي ة‪ ،‬ع دم مراع اة التط ور ال داللي في‬
‫‪17‬‬
‫المعاجم المتوفرة‪.‬‬

‫ويمكن أن نصنف استعماالت المفردة القرآنية إلى أربعة‪ ،‬تكون المفردة في الصنف األول لفظا لغويا‪:‬‬
‫وذل ك في االس تخدام اللغ وي للمف ردة في الس ياق الق رآني س واء في وض عها األص لي أو المج ازي‪،‬‬
‫كالص الة بمع نى ال دعاء‪ ،‬وتك ون في الص نف الث اني مص طلحا قرآني ا‪ :‬وهي منض بطة الدالل ة وحدي ة‬
‫التعري ف وال ت دل عليه ا مف ردة غيره ا كالص الة بمعناه ا الش رعي‪ .‬وتك ون في الص نف الث الث مفهوم ا‬
‫قرآني ا‪ :‬وهي مفتوح ة الدالل ة غ ير منض بطة التعري ف م ع إحالته ا على مع نى مش ترك ق د ت دل علي ه‬
‫مفردات أخرى‪ ،‬كلفظ التقوى‪ .‬وتأتي أخيرا المفردة القرآنية المترددة في نظر متدبري القرآن بين كونها‬
‫مفهوما غير منضبط التعريف أو مصطلحا حدي التعريف كلفظ اإليمان‪ .‬ص ‪.88‬‬

‫فس بر أغ وار النص الق رآني يع ني بالض رورة تج اوز مع نى المف ردات بحث ا عن رن ة ص وتها‪،‬‬
‫وتركيبتها النحوية وموضعها الصرفي في اآليات‪ ،‬وذلك قصد إيفاء قصدية النص التواصلية من خالل‬
‫الترجمة التي أصبحت حتمية ال مفر منها لنقل آي الذكر الحكيم لغير الناطقين باللغة العربية‪.‬‬

‫‪ - 17‬غرم هللا‪ ،‬زياد صالح‪ .) 2000( .‬المصطلح األدبي‪ :‬بين غناه بالمعرفة وغناه في التاريخ"‪ .‬الكويت‪ :‬مجلة عالم الفكر ( مجلد‪ ،28‬عدد ‪)03‬‬
‫ص ‪.107‬‬
‫ت أرجحت الترجم ة من ذ األزل بين مطرق ة الحرفي ة وس ندان المع نى‪ ،‬فالق ارئ لترجم ات الق رآن‬
‫الكريم يالحظ تباينا كبيرا بينها‪ ،‬نظرا لطبيعة الخطاب القرآني من جهة‪ ،‬ولمرجعية المترجم من جهة‬
‫أخ رى‪ .‬س نحاول فيم ا يلي تقص ي ترجم ة عين ة من المف اهيم االقتص ادية القرآني ة عن د بعض الم ترجمين‬
‫على اختالف مشاربهم عرب وعجم‪ ،‬مسلمين وغير مسلمين‪ ،‬قصد تحري نجاعة نق ل الدالل ة القرآنية‬
‫من خالل التفاسير الواردة حيال اآلية القرآنية‪.‬‬

‫الزكاة‪ :‬وهو مفهوم اقتصادي وركن من أركان اإلسالم‪ ،‬إذ تقتلع الزكاة من النفس جذور الشح‪،‬‬
‫وعب ادة الم ال‪ ،‬والح رص على ال دنيا‪ ،‬وهي مص لحة للجماع ة‪ ،‬فتقيم دع ائم التع اون بين المج دودين‬
‫والمحرومين‪ ،‬وتشعر النفس بتكامل الجماعة شعورا يخرجها من ضيق األثرة واالنفراد‪ 18.‬وهي إجراء‬
‫اقتصادي إسالمي يحمل حكما فقهيا للفرد المسلم‪.‬‬

‫قال تعالى‪:‬‬

‫َِّ‬ ‫َّ‬ ‫َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬


‫ين‬
‫ون‪َ  )3( ‬والذ َ‬
‫ض َ‬‫ين ُه ْم َع ِن الل ْغ ِو ُم ْع ِر ُ‬ ‫صاَل ت ِه ْم َخاش ُع َ‬
‫ون (‪َ )2‬والذ َ‬ ‫ين ُه ْم في َ‬ ‫﴿قَ ْد أَ ْفلَ َح اْل ُم ْؤ ِمُن َ‬
‫ون‪ )1( ‬الذ َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ون‪(﴾ )4( ‬المؤمنون ‪)04-01‬‬ ‫ُه ْم ل َّلز َكاة فَاعلُ َ‬

‫ترجمت اآلية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪- « (1) Comblés sont les croyants (2) Ceux qui dans leur prière témoignent‬‬
‫‪d’humilité (3) Qui s’écarte du verbiage (4) Qui produisent à charge de‬‬
‫‪purification »19.‬‬
‫‪- « (1) Bienheureux sont les croyants. (2) Qui, dans leur prière, sont‬‬
‫»‪humbles,(3) Qui, de la jactance, se détournent, (4) Qui font l’aumône ‬‬
‫‪20‬‬

‫‪- « (1) Les adhérents triomphent déjà, (2)Ceux qui s’humilient dans leur‬‬
‫‪prière, (3)Ceux qui s’écartent de la futilité,(4) Ceux qui donnent la‬‬
‫‪dîme ». 21‬‬

‫‪ -18‬القطان‪ ،‬مناع (‪،)1995‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.270‬‬


‫‪19‬‬
‫‪Berque, Jaques (1990), op.cit, p 361.‬‬
‫‪20‬‬
‫‪Blachère, Régis (1966), op.cit, p 39.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪Chauraqui, André (1990), op.cit, p 478.‬‬
‫الالفت لالنتب اه االختالف الكب ير في ترجم ة مص طلح "الزك اة" ال وارد في ه ذه اآلي ة‪ ،‬فترجم ه‬
‫جاك بيرك بـ «‪ ،» Purification ‬والتي تعني تنقية الشيء وتطهيره‪ ،‬في حين أن داللة "زكاة" أبعد من‬
‫ذلك‪ ،‬فهي إجراء اقتصادي إسالمي له أبعاد اجتماعية وأخرى روحانية‪.‬‬

‫بينما ترجمها ريجيس بالشير بـ «‪ ،» Aumône ‬والتي يراد بها الصدقة‪ ،‬وشتان بين الصدقة‬
‫والزكاة‪،‬‬

‫أم ا أن دري ش وراكي فترجمه ا بـ«‪ //،» Dîme ‬ذات الخلفي ة المس يحية واليهودي ة وال تي تع ني‬
‫اقتطاع بنسبة ‪ %10‬للمساهمة في إعانة المعوزين عند المسيحيين‪ ،‬في حين كانت ضريبة تفرض على‬
‫اليهود للمساهمة في إعانة اليتامى‪ ،‬واألرامل وعابري السبيل‪ ،‬وكذا خدمة المعابد اليهودية‪.‬‬

‫تقتضي الداللة اإللهية إزاء ترجمة مفهوم "زكاة" تقصي‬

‫إن ترجم ة مفه وم "الزك اة" لترجم ة لحكم فقهي إس المي ذو دالالت وإ يح اءات روحاني ة‪ ،‬فه و‬
‫تشريع إسالمي يراد من وراءه ضبط لحياة الفرد المسلم من الناحية االقتصادية‪ ،‬إذ تتعدى داللته بكثير‬
‫الترجمات الواردة إزاءه‪ ،‬بحيث كان من األجدر اقتراض المصطلح الحامل لمفهوم "الزكاة" بالحرف‬
‫الالتيني ‪ ZAKAT‬ومن ثم إضافة تهميش يشرح مفهومه وفق مقاربة اقتصادية إسالمية‪.‬‬

‫الربا ‪ :‬الرب ا في اللغ ة ‪ :‬الزي ادة المطلق ة‪ ،‬يق ال رب ا الش يء يرب و إذا زاد‪ ،22‬أم ا اص طالحا فهي‬
‫مشترك بين عدة معان‪ :‬األول كل عقد فاسد‪ ،‬والثاني عقد فيه فضل‪ ،‬والقبض فيه مفيد للملك الفاسد‪،‬‬
‫‪23‬‬
‫والثالث فضل شرعي خال عن عوض شرط ألحد المتعاقدين في عقد المعاوضة‪.‬‬

‫َّ‬ ‫َِّ‬
‫اعفَةً َواتَّقُ وا اللهَ‬
‫ض َ‬‫َض َعافًا ُم َ‬ ‫آمُن وا اَل تَ ْأ ُكلُوا ِّ‬
‫الر َبا أ ْ‬ ‫ين َ‬
‫يقول تعالى في محكم تنزيله‪َ ﴿ :‬ي ا أَيُّهَ ا الذ َ‬
‫ون‪( ﴾ ‬آل عمران‪)130 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫لَ َعل ُك ْم تُْفل ُح َ‬

‫‪ -22‬معجم المصطلحات المالية واالقتصادية في لغة الفقهاء‪.‬‬


‫‪ -23‬المعجم االقتصادي االسالمي‬
:‫ترجمت اآلية على النحو التالي‬

 « O vous qui croyez ! Ne vivez pas de l’usure produisant plusieurs fois
le double. Craignez Dieu ! Peut-être serez-vous heureux ».24
 « O les croyants ! Ne pratiquez pas l’usure en multipliant
démesurément votre capital. Et craignez Allah afin que vous
réussissiez !».25
 « O vous qui devîntes croyants, ne mangez pas l’usure plusieurs fois
multipliée, craignez Allah, afin que cultiviez »26

‫ من‬،‫إن اس تنباط المك افئ المناس ب حي ال مفه وم "الرب ا" يس تلزم إدراك ك ل العناص ر المحيط ة ب ه‬
Usure ‫ إذ ترجمه عديد المترجمين بـ‬.‫إطار تاريخي وداللة لغوية وشحنة عاطفية وحكم فقهي للمفهوم‬
:Larousse‫والتي تعني حسب القاموس اللغوي‬

« Intérêt, profit qu’on exige d’un agent ou d’une marchandise prêtée,


au-dessus du taux fixé par la loi ou établi par l’usage en matière de
commerce »

:‫أما اصطالحا فنجدها في قاموس الكتاب المقدس كالتالي‬

« Intérêt abusif tiré de l’argent » (Vigoureux, 1912, p 2365)


24
- Denise Masson, p 79.
25
Hamidullah, P 66.
26
- ZeinabAbdelAziz, P 127.
‫بحيث حرم اليهود الربا فيما بينهم في العهد القديم وأباحوها مع غير اليهود‪ ،‬بالرغم من ذلك فقد‬
‫مارس اليهود الربا فيما بينهم وخالفوا ما جاء في العهد القديم‪ ،‬وال يزالون يمارسونها إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫وكذلك األمر بالنسبة للمسيحية‪ ،‬بحيث ظل التعامل بالربا مباحا ال حرج منه مع األجانب‪.‬‬

‫‪« Vers l’époque évangélique, le prêt à l’intérêt restait toujours légitime‬‬


‫‪vis-à-vis les étrangers, et sur sa pratique que se fondaient les opérations de‬‬
‫)‪banque auxquelles Notre Seigneurs fut allusion » (Vigoureux, 1912, p 2366‬‬

‫إن ترجم ة مفه وم "الرب ا" يختل ف ومرجعي ة الم ترجم‪ ،‬إذ يتب ادر للم ترجم الع ربي ذو الخلفي ة‬
‫االسالمية مباشرة حكم فقهي حيال المفهوم‪ ،‬في حين يراها المترجم الغربي فائدة مربحة ال ضير منها‪.‬‬

‫انطالقا من مفهوم "ربا" وفق المعاجم االقتصادية اإلسالمية وكذا داللة المكافئ «‪ » usure ‬في‬
‫المعاجم اللغوية والفقهية الفرنسية فإن هذه الترجمة ال تؤدي غرض المفهوم‪ ،‬الذي يتجاوز بعده الداللي‬
‫إلى حكم فقهي حي ال مس ألة المع امالت المالي ة في اإلس الم‪ ،‬إذ يتع ذر إيج اد المك افئ في البيئ ة الفرنس ية‬
‫للمفه وم‪ ،‬وعلي ه ف األرجح اق تراض المفه وم ب الحرف الالتي ني ‪ El-Ribà‬م ع إض افة تهميش للترجم ة‬
‫تشرح المفهوم في إطاره االقتصادي االسالمي‪.‬‬

‫الق رآن ال ذي عج ز الع رب عن معارض ته لم يخ رج عن س نن كالمهم‪ ،‬ألفاظ ا وحروف ا‪ ،‬تركيب ا‬


‫وأسلوبا‪ ،‬ولكنه في استاق حروفه‪ ،‬وطالوة عبارته‪ ،‬وحالوة أسلوبه‪ ،‬وجرس آياته‪ ،‬ومراعاة مقتضيات‬
‫الح ال في أل وان البي ان‪ ،‬في الجم ل اإلس مية والفعلي ة‪ ،‬وفي النفي واإلثب ات‪ ،‬وفي ال ذكر والح ذف‪ ،‬وفي‬
‫التعري ف والتنك ير‪ ،‬وفي التق ديم والت أخير‪ ،‬وفي الحقيق ة والمج از‪ ،‬وفي اإلطن اب واإليج از‪ ،‬وفي العم وم‬
‫والخصوص‪ ،‬وفي اإلطالق والتقييد‪ ،‬وفي النص والفحوى – وهلم جرا‪ -‬ولكن القرآن في هذا ونظائره‬
‫‪27‬‬
‫بلغ الذروة التي تعجز أمامها القدرة اللغوية لدى البشر‪.‬‬

‫انطالق ا مم ا قي ل ح ول دالل ة المفه وم‪ ،‬يت وجب على الم ترجم إذن تجس ي نبض النص الق رآني‬
‫الحام ل للمف اهيم االقتص ادية باس تعمال أدوات إجرائي ة تمكن ه من س بر أغ وار المفه وم‪ ،‬وتتب ع طيف ه‪،‬‬
‫ومدلوله‪ ،‬إذ يحمل المفهوم شحنة علمية ومعرفية‪ ،‬وتاريخية وعاطفية‪.‬‬

‫‪ -27‬مناع القطان‪ ،‬مباحث في علوم القرآن‪ ،‬ص ‪.258‬‬


‫تتعدى مفاهيم النص القرآني الشحنة العلمية المعرفية إلى الشحنة الفقهية الروحية‪ ،‬إذ يحمل في‬
‫ثناي اه أحكام ا للف رد المس لم‪ ،‬تجع ل من ترجمته ا عائق ا أم ام الم ترجم ال ذي يجب أن يك ون ملم ا بالثقاف ة‬
‫العربية اإلسالمية كي يتسنى له محاولة النقل اللغوي للمفهوم اإلسالمي‪.‬‬

You might also like