Professional Documents
Culture Documents
– 2اذا نظرنا إلى التعريف الثاني للمتشابه لغةً وهو (الخفاء واإلشكال) فإن معناه اصطالحاً :أن
ال ُمحكم ما ظهر معناه وانكشف كشفا ً يزيل اإلشكال ويرفع االحتمال
عرفهُ االسكافي :هوما تكرر من آيات الكتاب العزيز بالكلمات المتفقة والمختلفة تشابها ً لفظا ً أو اختلف إيجازا ً
عرفهُ الطبري :ما اشتبهت األلفاظ من قصصهم عند التكرير في السور بقصة باتفاق األلفاظ واختالف المعاني
عرفه الكرماني :بقوله اآليات المتشابهات التي تكررت في القرآن وألفاظها متفقة ولكن وقع بعضها زيادة أو
نقصان أو تقديم أو تأحير
عرفهُ السيوطي :مثل له فقال :والقصد به إيراد القصة الواحدة في سور شتى وفواصل مختلفة بل تأتي في
موضع واحد مقدما ً وفي آخر مؤخرا ً " ..وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة" ..البقرة
"وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا" ..األعراف
1
أهمية علم متشابه نظم القرآن :تدول حول 3محاور
- 1الموضوع :فموضوع هذا العلم القرآن الكريم وهذا العلم مما يعتنى به من يتعرض لتفسير القرآن فذلك
أهميته من أهمية علم التفسير
- 2النشأة :فترجع أيضا ً أهمية هذا العلم إلى أهمية نشأته حيث أنه أُنشئ حفاظا ً على القرآن من أن يقع اللحن في
كلماته
- 3كثرة فوائده:
- 1إثبات عجز البشر عن اإلتيان بمثل
-2تنبيه هللا لعباده إلى الوصايا النافعة في اآليات المتكررة
-3يعين على تيسير حفظ القرآن وإتقانه
-4االمتحان واالختبار للبشر ولقلوبهم
- 2المرحللة الثانية :وهي نظم المتشابهات في أبيات شعرية وهذا يفعله العلماء لتسهيل الحفظ على طلبة العلم
الذي نظم في المتشابهات لإلمام السخاوي
- 3المرحلة الثالثة :وهي توجيه المتشابه وذكر علله ونكاته ومن الكتب التي أُلفت فيه
- 1أسرار التكرار في القرآن – البرهان (للكرماني)
- 2درة التنزيل وغرة التأويل (عبدهللا األصبهاني) المعروف باإلسكافي
- 3مالك التأويل (البن الزبير الغرناطي)
- 4كشف المعاني (لبدر الدين)
- 5قطف األزهار في كشف األسرار (للسيوطي)
ملحوظة :بدأ علم المتشابه في بداية القرن ال 4هجريا ً على يد اإلسكافي
2
الموازنة بين كتابي (درة التنزيل وغرة التأويل) لإلسكافي
( مالك التأويل) البن الزبير الغرناطي
3
طريقة عرضه للكتاب:
اتخذ في عرض آيات المتشابه التي يريد توجيهها منهجا ً خاصا ً حيث عقد في كل سورة بحثا ً خاصا ً لكل آية
يعتبرها من نوع التشابه اللفظي ويذكر معها ما يشابهها من آيات أخرى سولء كانت من نفس السورة أو من
سور أخرى ثم يقوم بتوجيه هذا عن طريق إثارة السؤال وتقرير الجواب
الوسائل التي كان يعتمد عليها االسكافي في توجيه المتشابه:
– 1القرآن :فينظر في (اآليات التي تزيل اإلشكال – السياق الفاصلة)
مثال" :يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء هلل "...اآلية (النساء)
" يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين هلل شهداء بالقسط "...اآلية (المائدة)
اآلية التي في سورة المائدة تدل على أنها للوالة فقال كونوا قوامين هلل
مثال" :2قالوا يا موسى إما أن تُلقي وإما أن نكون نحن ال ُملقين"
(إما) إنها فاصلة ..ألن الفواصل قبله على هذا الوزن واختير سورة طه لتكون الفاصلة فيها مساوية لما قبلها
سنة :مثال" :تلك حدود هللا فال تقربوها"
- 2ال ُ
"تلك حدود هللا فال تعتدوها"
كيف اختص الموضع األول (تقربوها) والموضع الثاني (تعتدوها)؟
األول خرج على أغلظ الوعيد كما قال "وال تقربا هذه الشجرة" وإنما كان نهي عن أكلها ال من الدنو منها فخرج
مخرج قول القائل إذا نهى عن الشئ وشدد األمر فيه
- 3اللغة العربية :ينظر في معاني الكلمات واستعمالها عند العرب وينظر في األوجه النحوية الممكنة والصور
البالغية
مثال" :وما جعله هللا إال بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به "...اآلية (آل عمران)
"وما جعله هللا إال بشرى لكم ولتطمئن به قلوبكم "...اآلية (األنفال)
تأخير الضمير المجرور بالباء على المناسبة اللفظية فذكر أنه تأخر لكم في الجملة قبلها ولذلك وجب التأخير
ليكون الثاني كاألول ..إما في سورة األنفال فتقديم الضمير المجرور لكم ألن القرآن جاء مراعيا ً حالة
المخاطبين النفسية التي كانوا عليها
مصادر الكتاب :اعتمد على المروي عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان واعتمد على كبار األئمة
مثل (أحمد الفراهيدي -سيبويه – الفراء – المبرد)
القيمة العلمية :أنه أول كتاب وصل إلينا خالصا ً لتوجيه وتفسير اآليات المتشابهة في القرآن من ناحية ومن ناحية
أخرى فأهمية الكتاب تظهر فيما انطوي عليه من توجيهات سديدة وفوائد نادرة
4
– 2كتاب مالك التأويل البن الزبير الغرناطي:
التعريف بابن الزبير :هو اإلمام أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم بن الزبير بن الحسن بن
الحسين بن الزبير الجياني ..الغرناطي المنشأ ..كان ُمحدثا ً جليالً ناقدا ً فصيحا ً أديبا ً
مولده :في ذي القعدة في أواخر سنة 627هجريا ً وقيل 628بمدينة جيان في أسرة عريقة النسب ذات ثراء
ويسار ووجاهة
أهم مصنفاته:
- 1تاريخ علماء األندلس
- 2البرهان في ترتيب سور القرآن
- 3اإلعالم بمن ختم به القطر األندلسي من األعالم
وفاته :توفي سنة 708هجريا ً بغرناطة ودفن بها يوم الثالثاء من ربيع األول عن عمر تخطى 80عام
موضوع الكتاب :يعني الكتاب بتوجيه المتشابه اللفظي وهذا أمر ظاهر من عنوانه وقد نص مؤلفه على ذلك في
مقدمة الكتاب توجيه ما تكرر من آياته لفظا ً أو اختلف بتقديم أو تأخير وبعض زيادة في التعبير فعسر إال على
الماهر حفظا ً وظن الغافل عن التدبر والخالد عن التفكير
منهج المؤلف :أخذ ابن الزبير بمنهج اإلسكافي سواء في ترتيب المسائل أو طريقة عرضها وتوجيهها إال في
اختالفات يسيرة فتتبع ابن الزبير ترتيب التالوة سورة سورة فيبدأ بالنساء مثال ثم المائدة فيذكر اآلية األم التي
تكون البداية للمتشابهات ثم يلحق بها ما يشابهها من اآليات من السورة نفسها ثم من باقي السور بشكل مرتب
واعتمد ابن الزبير اآليات التي ذكرها صاحب درة التنزيل وزاد عليها ما نقص من اآليات المتشابه وةبما تبعه
في التوجيه أو خالفه وغالبا ً ما تكون له شخصيته المستقلة حتى لو توافق معه في تخريج اآلية فإنه يخالفه في
طريقة العرض والتحليل ..وانتهج في توجيهاته نهج تتلخص طريقته فيما يلي:
- 1االستقراء التام لمؤلفات السابقين في موضوع المتشابه
- 2استحسانه لكتاب (درة التنزيل) وتنبيهه إلى تقدمه وأمامته في هذا الفن
- 3النظر الدقيق الذي يؤدي به إلى نكات ولطائف لم يُسبق إليها
- 4نقده أحيانا ً لما ُكتب قبله
الوسائل التي عتمد عليها ابن الزبير :هي نفس الوسائل التي اعتمد عليها اإلسكافي في كتابه
- 1القرآن" :ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام" فعقب قوله األول ..
ثم عقب بقوله" :وإنه للحق من ربك وما ربك بغافل عما تعملون"
فجاءت هذه اآلية بين آية األمر وبين ما شأنه أن يكون مبنيا ً عليها
5
"وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى" ..القصص
"وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى" ..يس
فالفاعل في سورة القصص مقدما ً ألن مرتبة الفاعل التقديم وال يتأخر عن واليته الفعل إال لعارض من جهة الفظ
أو من جهة المعنى ..أما تقديم المجرور في سورة يس مشيرا ً إلى إحراز معنى جليل مطلع على حكم السوابق
سنة :هي المصدر الثاني بعد القرآن وهي وحي كالقرآن فاعتمد عليها ابن الزبير وإن كان ليس كثيرا ً
- 2ال ُ
مثال" :لقد أرسلنا نوحا ً إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا هللا "...اآلية (األعراف)
"ولقد أرسلنا نوحا ً إلى قومه إني لكم نذير مبين ( "...هود)
"ولقد أرسلنا نوحا ً إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا هللا "...اآلية (المؤمنون)
إن دعاء الرسل أ ُ َممهم مما يتكرر ويتوالى في أوقات مختلفة محال متباينة ..فَمرة يرغبون ومرة يخوفون
وينذرون وذلك بسبب حال حال ولكل مقام مقال
- 3اللغة العربية :اللغة العربية في مقدمة العلوم التي اعتمد عليها ابن الزبير في توجيه المتشابه من آيات القرآن
"أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى" فعدل بالكالم عن إخبار الغيبة إلى الخطاب تحكيما ً الستحقاقه نيل الجزاء
على فعله وهو كالم يقال لمستوجب االمتحان جار مجرى الدعاء
6
– 2االختالف بين الكتابين:
- 1أن ابن الزبير زاد مواطن لم يتعرض لها الخطيب اإلسكافي مثل حديثه عن سورة الفاتحة ولم يتعرض
لها اإلسكافي ..فكان كتابه أوفى وأشمل من كتاب درة التنزيل في مجموع اآليات التي تناولها االسكافي في
كتابه ( )273بينما بلغ ما تناوله بن الزبير ( )377فيكون بذلك عدد ما أغفله صاحب درة التنزيل وحظى
بعناية صاحب مالك التأويل ( )104آية
- 2أن ابن الزبير تجاوز مجموعة من السور تبلغ ( )34سورة لم يبين ما فيها من متشابه أغنى عن ذلك
تجنبا َ للتكرار أو ألنه ليس فيها من المتشابه شتى
أما اإلسكافي فهو يشير إلى هللا ويبين أنه تقدم الحديث عنها مثل سورة األنفال قد مر في سورة البقرة وآل
عمران من اآليات التي تشبه اآليات من هذه السورة كراهة إخالء هذه السور من تخصيصها بما خصصنا
به أمثالها
- 3أن ابن الزبير كان أكثر إحاطة بالموضوع وأكثر استقرا ًء من الخطيب
- 4كان ابن الزبير أكثر استشهادا ً بآراء العلماء من الخطيب
- 5كان يرد على الفرق والملل المخالفة ألهل السنة في بعض المسائل الخالفية
7
-النبوات" :قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما ...فمن كان يرجوا لقاء ربه "..اآلية (الكهف)
"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما ...فاستقيموا إليه واستغفروه" (فصلت)
"قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون" (األنبياء)
فتالحظ هنا زيادة قوله (أنا بشر) في اآليتين األولين دون الثالثة وعليه يثور في الذهن سؤل عن السر وراء
التعبير بلفظ البشرية فيهما دونها؟
فإنه تقدم في أول سورة األنبياء إثبات كون الرسل من البشر أما في سورة الكهف فلم يتقدم فيها مثل هذا
فكان مظنة اإلعالم بكونه صلى هللا عليه وسلم من البشر إرغاما ً ألعدائه ولما في ذلك من تلطفه بالحق
ورحمته ..وأما ما يتعلق بسورة فصلت فقد أبان ذلك عن سر التعبير بلفظ البشرية فيها ألنه إنما يحجبكم
عن ذلك ويغطي قلوبكم عن فهم ذلك ويغطي قلوبكم عن فهم ذلك الكفر
-السمعيات :جاء في سورة النبأ" :جزا ًء وفاقاً" ..جزاء أهل النار
"جزا ًء من ربك عطا ًء حساباً" ..جزاء أهل الجنة
إن وصف كل من الجزئين بما وصف به إنما جاء تماشيا ً مع القانون اإللهي في محاسبة العباد على أعمالهم
التي عملوها في الدنيا من خير أو شر
8
وعي في تعريفها الجانب الديني كونها جزءا ً من كتاب سماوي بمعنى أن مدلول اقصة
القصة القرآنية :فقد ُر َ
في القرآن هو مدلولها اللغوي مضافا ً إليه تلك الخصائص والسمات التي تميز بها القصص القرآني على
غيره
الحكمة من وقوع التشابع فيها أكثر من أي موضوع آخر في القرآن:
ينبغي تقرير حقيقة هامة وهي أن القرآن كنص سماوي معجز فإن أحد أهم السمات والخصائص التي ميزته
عن غيره من النصوص البشرية هو سمة التشابه اللفظي كونها من أظهر الدالئل على قدسية هذا الكتاب
وأنه من عند هللا ال من عند أي أحد من خلقه ..فالقصة القرآنية تعد أحد األركان والموضوعات الرئيسة في
القرآن
أهم فوائد القصة القرآنية:
- 1شدة عناية الحق بالجانب المكرر من القصة
- 2إقامة البرهان الساطع على صحة رسالة النبي صلى هللا عليه وسلم
- 3أن هذا التشابه ليس من باب الترديد أي التكرار الممل الخالي من أي فائدة
- 4اختالف الغاية التي من أجلها ساق القصة في كل مرة
هناك سؤالين:
أولهما :ورد األمر آلدم وزوجته باألكل في سورة البقرة معطوفا ً على أمرهما بالسكن بواو النسق المقضية
عدم الترتيب ..أما في األعراف معطوفا ً بالفاء المقضية للتعقيب والترتيب واألمر واحد والقصة واحدة؟
الجواب:
- 1أنه وإن كان المعطوف عليه في الموضعين واحدا ً في اللفظ وهو األمر بالسكن إال أنه مختلف من حيث
المعنى فالسكن في البقرة بمعنى اإلقامة ..أما في األعراف فاألمر بالسكن فيه إنما هو بمعنى اتخاذ المسكن
- 2أن الوارد في اآليتين مختلف في الموضعين ولما اختلف القصدان اختلفت العبارة عنهما ..فـ ورد كل
على ما يناسب ..وبيانه أن ما في البقرة وارد على سبيل الحكاية من هللا فهو إخبار وإعالم لرسول هللا
وأمته بما جرى في قصة آدم ..أما في األعراف فمقصودها تعداد نعم هللا على آدم وذريته
ثانيهما :وصف األكل في البقرة بالرغد ولم يقع هذا الوصف في األعراف مع اتحاد األمر أيضا ً؟
الجواب:
- 1إن ورود الرغد في البقرة وسقوط ذلك في األعراف ألجل كلمة منها فمعنى من للتبعيض والتبعيض قد
يسبق إلى الفهم منه إرادة التقليل وهو غير مراد هنا ..أما آية األعراف فلم يحتج فيها إلى استعمالها فالعبارة
أعم مما في البقرة فكلمة من في األعراف أفادت اإلباحة
9
- 2أنه زاد في البقرة رغدا ً لما زاد في الخبر تعظيما ً حيث نسب القول إليه بقوله وقلنا وليس ذلك في
األعراف
- 3الموضع السابع :الفرق بين أمر هللا إلبليس بالهبوط وبين أمره إياه بالخروج
"قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين" ( ..األعراف)
"قال فاخرج منها فإنك رجيم" ( ..الحجر)
أجاب اإلسكافي على ذلك :بأنه ال فرق بينهما وال تعارض ألنه إذا أمره بالخروج من الجنة أو من السماء
فقد أمره بالهبوط إلى األرض
-أن الفعلين معا َ يكمالن المعنى المقصود أدائه وذلك أنه لو تم االقتصار في التعبير على الفعل أخرج لربما
فهم منه أن إبليس أُخرج من الجنة إلى محل آخر في السماء أو أنه أُخرج من سماء أعلى إلى سماء أقل
-غير أنه ينبغي التنبيه على أن هذا التقليل أو التحقير المقصود إلبليس بأمره بالهبوط لألرض ال ينسحب
على سيدنا آدم وذلك أمه في األصل قد خلقه هللا ليكون خليفة في األرض "إني جاعل في األرض خليفة" ..
ليس إبليس .
10