You are on page 1of 2

‫احملاضرة الثانية ‪:‬خصائص التفكري الفلسفي‬

‫يتميز التفكير الفلسفي بسمات تميزه عن غيره من أنماط التفكير األخرى‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬الكلية والشمول ‪:‬تُعىن الفلسفة بدراسة الكليات أو القضااي الكلية الشمولية ‪،‬ولذلك فهي تبحث الوجود‬
‫–العام واخلاص – وكذا عالقة اإلنسان ابإلله واآلخرين من طبيعة وجمتمع ‪ ،‬فموضوعها إذن هو العالقات ‪ ،‬ومن‬
‫هنا فأي موضوع جزئي هو علم وليس فلسفة‪ ،‬دون أن يكون يف ذلك ما يعين أن الفلسفة مبا هي كلية تلغي العلم‬
‫مبا هو جزئي ‪،‬بل على العكس من ذلك متاما ‪،‬ألن الكل ال يلغي اجلزء بقدر ما حيده فيكمله ويثريه ‪،‬ولذلك اعترب‬
‫هيجل ‪)1831-1770( Georg Wilhelm Friedrich Hegel‬أن "الكلية والشمول من أهم‬
‫خصائص النسق الفلسفي‪،‬حىت أهنا اخلاصة اليت جتعل النسق نسقا حقيقيا ‪،‬ولذلك نرى النسق األرسطي شامال‬
‫لنواحي الوجود كلها ‪...‬وينسحب ذلك على جممل األنساق الفلسفية الكربى كلها عند أفالطون وديكارت‬
‫وكانط "‬
‫ب‪ -‬التجريد ‪:‬ملا كانت الفلسفة قد اختصت يف الدراسات والبحوث الفكرية اجملردة ‪،‬فإن موضوعاهتا –كما‬
‫سبق اإلشارة إليه – هي النظرايت واملفاهيم والتصورات واألفكار ‪،‬وبذلك خيرج عن إطارها جممل املوضوعات‬
‫العينية ابعتبارها علم وليست فلسفة ‪،‬غري أن ذلك ال يعين أن الفلسفة منفصلة عن الواقع ‪،‬إذ املعرفة قائمة على‬
‫االنتقال من العيين –املشكلة‪ -‬إىل اجملرد –احلل‪ -‬مث إىل العيين مرة أخرى بغية تغيريه ابلعمل ‪.‬‬
‫الفلسفة إذن هي مبثابة مقدمات جمردة ال تؤخذ يف عزلة عن نتائجها العينية ‪،‬ألن وظيفتها إيضاح األصول الفكرية‬
‫معّي من الواقع‪.‬‬
‫اجملردة ملواقف عينية ‪،‬ومن مثة فكل دعوة لاللتزام أبفكار جمردة وراءها دعوة ملوقف ن‬

‫ج‪ -‬الروح النقدية ‪:‬وهي من أهم مسات التفكري الفلسفي ‪،‬الذي يقوم يف جوهره على الشك املنهجي‬
‫البناء‪،‬ألن التفكري النقدي هو يف ذاته يتأسس أوال على الشك ‪،‬والشك ابلنفي أو الرفض و اإلنكار‪،‬فليس ذلك‬
‫ما يستهدفه ‪،‬إضافة إىل أنه يدعو إىل الرتوي يف اختاذ وإصدار األحكام إىل حّي اإلثبات والتأكيد ‪،‬الذي يلي‬
‫مرحلة الفحص والتمحيص ‪،‬فالتفكري النقدي يتيح للفكر فرصة معرفة احلقيقة والوصول إىل اليقّي ‪،‬ذلك ما نلمسه‬
‫يف جل املدارس الفلسفية ‪،‬فلم يكن لـ ديكارت أن يؤسس للفلسفة احلديثة لو مل يتسم فكره بروح الشك والنقد‬
‫البناء – كما سبق اإلشارة – كما مل يكن ل ـ كانط ‪ )1804-1724(Immanuel Kant‬التأسيس ملذهبه‬
‫النقدي إالن كنتيجة للروح النقدية اليت غلبت على فلسفة ‪،‬واألمر نفسه مع جل الفالسفة واملفكرين ‪.‬‬
‫د‪ -‬االتساق (الرتابط والنسقية) ‪:‬توحي التجربة الفلسفية بكوهنا استدالال بنائيا يسري من احملسوس إىل‬
‫املعقول ‪،‬وأن كل فيلسوف يصدر عن حدسه الفلسفي األصيل ‪،‬ففعل التفلسف ال يتأتى عند الفيلسوف إالن من‬
‫يكون من جمموع احلقائق العقلية اليت يؤمن هبا‬
‫فكرة أولية أصيلة يُ نرد إليها النسق كله "وحّي حياول الفيلسوف أن ن‬
‫نسقا فكراي متكامال ‪،‬أو نظاما عقليا متناسقا يظهر النسق الفلسفي بوصفه الصورة املنتظمة اليت تتخذها املبادئ‬
‫العقلية حّي تصبح صرحية متماسكة "‬

‫يظهر االنسجام أو النسقية يف التجربة الفلسفية من خالل العالقة بّي التجربة احلسية والعقل الفلسفي الذي حيول‬
‫املعطى احلسي إىل مفاهيم ومقوالت ونظرايت ‪،‬فضال عن جتليه –االتساق‪ -‬من خالل العالقة بّي الذات‬
‫واملوضوع ‪،‬أو بّي الواقع احلسي املعطى والصياغة العقلية هلذا الواقع بعدد من املقوالت الفكرية والتصورات املرتابطة‬
‫و املتكاملة‪.‬‬

You might also like