Professional Documents
Culture Documents
-1تعريف الفلسفة:
أ) -التعريف اللغوي :هي كلمة يونانية األصل ( )Philosophiaوتتكوّ ن من
كلمتين األولى ( )Philosوتعني محب والثانية ( )Sophiaوتعني الحكمة اي محبة
الحكمة .فيكون الفيلسوف ( )Philosophosهو المحب للحكمة ،وهناك من يرى أن ّ
أول من استخدم مصطلح الفلسفة هو الفيلسوف اليوناني فيثاغورس ( 497-572ق.م)
وذلك عندما رفض أن يوصف بالحكيم ألنها صفة ال تليق إال باآللهة وكفى اإلنسان شر ًفا أن
يكون مُحبًا للحكمة وساعيا وراءها ،لكن يوجد من يرد المصطلح إلى سقراط.
ب) -التعريف اإلصطالحي :ال يوجد مفهوم إصطالحي واح ًدا للفلسفة يكون جامعًا
مانعًا ،ألنا يختلف من عصر إلى آخر ،ومن مذهب آلخر وبحسب إختالف الفالسفة فقد
عرفها أفالطون ( 427ق م 347 -ق م) أنها معرفة ماهية األشياء الكلية التي تكون وراء
عالم الحس أي في عالم المثل " كما عرّ فها أرسطو بقوله " :أنها العلم باألسباب القصوى،
أو علم الموجود بما هو موجود" ،وفي الحضارة اإلسالمية عرّ فها ابن سينا( 370هـ-
427هـ) " :أنها الوقوف على حقائق األشياء كلّها على قدر ما يمكن االنسان أن يقف عليه
".
كما عرّ فها ابن رشد ( 520هـ 595 -هـ) أ ّنها " :النظر في الموجودات وإعتبارها
من جهة داللتها على الصانع " وفي العصر الحديث شبّه ديكارت (1596م1650 -م)
الفلسفة " :بأنها شجرة جذورها الميتافيزيقا وجذعها علم الطبيعة وفروعها أو أغصانها
العلوم األخرى كالطب والميكانيكا وعلم األخالق ".
-2موضوع الفلسفة:
عادة ما تقسم المواضيع الفلسفية إلى ثالثة مباحث رئيسية وهي:
-1مبحث الوجود ANTHOLOGYويدرس الوجود عامة في صورته الكلية
وببحثه في خصائصه األساسية العامة ،ويحاول كشف القوانين التي تفسِّر حقيقة الوجود
وتكشف عن جوهره ،بعكس العلوم الطبيعية واإلنسانية التي تدرس جوانب مح ّددة من هذا
الوجود ،فهو يبحث في الموجود في ذاته مستقال عن أحواله وظواهره ومن أهم إشكاالته
ماهو أصل الوجود وعلته ؟ وهل العالم قديم أم حادث ؟ ومما تتكوّ ن الموجودات ؟
-2مبحث المعرفة :وهو البحث في طبيعة المعرفة وأصلها أو مصدرها وقيمتها
ووسائلها وحدودها ،وهل نتائجها يقينية أم ظنية ؟ مطلقة أم نسبية ؟
-3مبحث القيم :Axiologieهي البحث في طبيعة القيم ،وأصنافها ومعاييرها،
وتتعرّ ض لدراسة المثل العليا والكشف عن ماهية القيم المطلقة التي يسعى الجميع لتحقيقها
في حياتهم ،وثمة ثالثة قيم أساسية هي :الحق والخير والجمال ،ولكل واحد منها تخصص
يدرس موضوعاته فالحق يدرسه المنطق والخير يدرسه علم األخالق ،أما قيمة الجمال
فيدرسه علم الجمال.
كما أيضا يمكن تقسيم مواضيع الفلسفة بالعلوم أو المواضيع التي ترتبط بها فنقول
على سبيل المثال ال الحصر ،فلسفة التاريخ ،فلسفة اللغة ،فلسفة العلوم ،الفلسفة السياسية،
الفلسفة االقتصادية.
أيضا تقس ّم الفلسفة حسب المذاهب فنقول الفلسفة المثالية والفلسفة المادية أو الفلسفة
العقالنية والفلسفة التجريبية....إلخ.
كما تقس ّم حسب المراحل التاريخية والزمنية فنقول الفلسفة القديمة ،الفلسفة اليونانية،
الفلسفة الوسيطية ،الفلسفة الحديثة وأخيرا الفلسفة المعاصرة.
كما تربط أيضا الفلسفة بالفالسفة فيقال فلسفة أفالطون أو فلسفة ابن رشد ،أو فلسفة
هيغل أو فلسفة نيتشه.
-3مناهج فلسفية:
أ)المنهج الديكارتي:
لقد كان ديكارت فيلسوفا مهتما بالرياضيات ،فقد اعتبر الرياضيات نموذجا للمعرفة
اليقينية ولمناهج تحصيلها ،وهذا ما أثر كثيرا في تفكيره الفلسفي فرأى أن الفلسفة اليمكن أن
تكون معرفة يقينية إال إذا اعتمدت على مناهج واضحة ويقينية مثل المنهج الرياضي لذا قام
بتأليف كتابه " مقالة الطريقة " سنة 1637م وهاجسه الكبير إقامة
منهج صارم صالح للبحث عن الحقيقة في مستوياتها المتباينة ،منطلقا من مقدمتين أساسيتين
وهي أن " :العقل هو أعدل األشياء توزعًا بين الناس" وأنه ال يمكن الوصول إلى اليقين
بدون المرور عبر الشك المنهجي ،لذا إنطلق ديكارت من الكوجيتو الشهير ،ليضع منهجا
عقالنيا مكوّ نا من أربعة قواعد هي:
أ -/قاعدة البداهة " :أن ال أتلقى على االطالق شيئا على أنه حق ما لم أتبين بالبداهة
أنه كذلك ،أي أن أتجنب التعجّ ل والتشبّث باألحكام السابقة وأن ال أدخل في أحكامي إال ما
يتمثل لعقلي في وضوح وتميُّز اليكون لديّ معهما أي مجال لوضعه موضع الشك " .أي أن
األفكار الوحيدة التي أبد منها هي األفكار البديهية الواضحة بذاتها والتي يمكن تمييزها عن
طريق الحدس العقلي ،وال يتم هذا الحدس إال عن طريق تجنب األفكار التي تأتيه من
الخارج سواء من الحواس أو من المخيلة ،وأنطلق ديكارت في تفكيره من الكوجيتو كقاعدة
بديهية أنا أفكر إذن أنا موجود ".
ب -/قاعدة التحليل " :أن اقتسم كل واحدة من المعضالت التي أبحثها إلى عدد من
األجزاء الممكنة والالزمة لحلّها على أحسن وجه ".
فإذا كانت المعرفة العقلية الصحيحة هي المعرفة التي يدرك فيها العقل أفكارا بديهية
ومتميزة بواسطة الحدس ،فإن األفكار الموجودة ليست كلها بسيطة بل مرّ كبة ومتداخلة فيما
بينها ،لذا يجب تحليل هذه المسائل المركبة إلى عناصرها البسيطة واألولية ودراستها
بصورة منفردة حسب طبيعتها ،وبهذا التحليل يمكن للعقل من إدراك كنه الشيء إدراكا
ً
متميزا إدراكا يختزن أبعاد العالقة بين الجزء والكل.
ج -/قاعدة التركيب :أن أر ّتب أفكاري ،فأبدا بأبسط األمور وأيسرها معرفة ،وأتدرّ ج
في الصعود شيئا فشيئا حتى أصل إلى معرفة أكثر األمور تركيبا ،بل أن أفترض ترتيبا بين
األمور التي لم يسبق بعضها بعضا بالطبع ".
ويُقصد بها ترتيب المسائل ترتيبا تصاعديا حيث ننتقل من العناصر البسيطة إلى
المركبة واألكثر تركيبًا ،حتى يتسنى للعقل إدراكها وهي في قمة وضوحها وتسلسلها.
د -/قاعدة اإلحصاء (المراجعة) " :أن أقوم في جميع األحوال بإحصاءات كاملة
ومراجعات عامة تجعلني على ثقة من أنني لم أغفل شيئا ".
وبهذه القاعدة نقوم بمراجعة جميع الخطوات المنهجية المتبعة للتأكد من عدم اإلخالل
بقواعد المنهج ،وأننا لم نغفل شيئا ،فهذه المراجعة بإختصار هي المقياس الحقيقي لسالمة
المنهج الديكارتي ككلّ.
منهج العقالنية النقدية لكارل بوبر:
إن كارل بوبر الذي شيد صرحً ا ابستمولوجيا في إستراتيجية السياسة عبر إزدواجية
االنفتاح والمناقشة النقدية وذلك على مستوى تأسيسية الدور التفاعلي للذات المفكرة حيث
يعتبر أن الثقافة والتعليم لم تكن شيئا يرثه االنسان ،ولكنها شيئا يصنعه االنسان نفسه ،كما
يرى أنّ ما يسمّى بالموضوعية العلمية يتوقف على المقاربة النقدية فقط ال غير حيث
يقول ":إذا ما ظهرت لك نظرية على أنها الوحيدة الممكنة ،فاعتبر ذلك مؤشرا على أنك لم
تفهم النظرية ولم تفهم المشكلة التي يفترض أن تحلّها هذه النظرية ".
فهذه المقولة تؤسس لمشروع بوبر في مجال النقد المعرفي والنظرية العلمية المبنية
على " معيار التكذيب " أو القابلية للتكذيب الذي يمثل الح ّد الفاصل بين العلم والالعلم ،حيث
يقول " :إن هذا االختبار الشديد هو دائما محاولة إلكتشاف نقاط الضعف الموجودة في ما
نخضعه لالختبار مثلما أن إختبار النظريات محاولة الكتشاف ضعفها ،إختبار النظرية إذا
محاولة لتفنيدها أو تكذيبها ".
إن العقالنية النقدية عند بوبر تتس ّم بالشكية النقدية بمعنى االختبار النقدي الدائم
فوضع بوبر منهجا علميا ليس فقط من أجل التطوّ ر العلمي بل أيضا أسلوب في التعامل مع
الحياة ،يمرّ بالمراحل التالية:
المرحلة األولى :التي تكمن في تحديد المشكلة والتي تنشأ من حدوث أي خرق في
التوقعات سواءًا كان خر ًقا لتوقع موجود من قبل أو لتوقع نتعلمه من خالل المحاولة
والخطأ.
المرحلةالثانية :تكمن في محاوالت الحل ،وهنا يرى بوبر أنه ال توجد هناك محاولة
واحدة بل ع ّدة محاوالت لحل المشكلة.
المرحلة الثالثة :هي االستبعاد بمعنى إستبعاد محاوالت الحل الخاطئة ،من خالل
المناقشة النقدية واالختبار العلمي ،أي أنّ الحل نجده بعد دراسة نقدية وإختبار لجميع
الحلول المقترحة.
هذا اإلطار الثالثي :المشكلة ،محاوالت الحل ،االستبعاد ينطبق على وصف العلم
حيث تكمن خصوصية العلم في االستخدام الواعي للمنهج النقدي حيث يقول بوبر " :إنّ في
المرحلة الثالثة لمنهجنا ،في إستبعاد أخطائنا نحن نقوم بمهمة نقدية واعية...فكل معرفة هي
معرفة اعتقادية ،وبإكتشاف المنهج غير االعتقادي ،أي المنهج النقدي يبدأ العلم ".
ومن هنا نرى أننا نصل إلى المرحلة الرابعة.
المرحلة الرابعة :وهي بداية جديدة فعند المناقشة النقدية لنظرياتنا تنشأ مشكلة جديدة
فنرجع للمرحلة األولى.
المالحظ من منهج بوبر هو إعطائه للعلم طابع ديناميكي ،فكل مرحلة من مراحل
المنهج نطوي في ذاتها على قوة داخلية منطقية تؤدي إلى مرحلة أخرى تليها.