You are on page 1of 10

‫المحور األول‪ :‬المدخل إلى الفلسفة‪:‬‬

‫‪ -1‬تعريف الفلسفة‪:‬‬
‫أ)‪ -‬التعريف اللغوي‪ :‬هي كلمة يونانية األصل (‪ )Philosophia‬وتتكوّ ن من‬
‫كلمتين األولى (‪ )Philos‬وتعني محب والثانية (‪ )Sophia‬وتعني الحكمة اي محبة‬
‫الحكمة‪ .‬فيكون الفيلسوف (‪ )Philosophos‬هو المحب للحكمة‪ ،‬وهناك من يرى أن ّ‬
‫أول من استخدم مصطلح الفلسفة هو الفيلسوف اليوناني فيثاغورس (‪ 497-572‬ق‪.‬م)‬
‫وذلك عندما رفض أن يوصف بالحكيم ألنها صفة ال تليق إال باآللهة وكفى اإلنسان شر ًفا أن‬
‫يكون مُحبًا للحكمة وساعيا وراءها‪ ،‬لكن يوجد من يرد المصطلح إلى سقراط‪.‬‬
‫ب)‪ -‬التعريف اإلصطالحي‪ :‬ال يوجد مفهوم إصطالحي واح ًدا للفلسفة يكون جامعًا‬
‫مانعًا‪ ،‬ألنا يختلف من عصر إلى آخر‪ ،‬ومن مذهب آلخر وبحسب إختالف الفالسفة فقد‬
‫عرفها أفالطون (‪ 427‬ق م‪ 347 -‬ق م) أنها معرفة ماهية األشياء الكلية التي تكون وراء‬
‫عالم الحس أي في عالم المثل " كما عرّ فها أرسطو بقوله‪ " :‬أنها العلم باألسباب القصوى‪،‬‬
‫أو علم الموجود بما هو موجود"‪ ،‬وفي الحضارة اإلسالمية عرّ فها ابن سينا(‪ 370‬هـ‪-‬‬
‫‪ 427‬هـ)‪ " :‬أنها الوقوف على حقائق األشياء كلّها على قدر ما يمكن االنسان أن يقف عليه‬
‫"‪.‬‬
‫كما عرّ فها ابن رشد (‪ 520‬هـ‪ 595 -‬هـ) أ ّنها‪ " :‬النظر في الموجودات وإعتبارها‬
‫من جهة داللتها على الصانع " وفي العصر الحديث شبّه ديكارت (‪1596‬م‪1650 -‬م)‬
‫الفلسفة‪ " :‬بأنها شجرة جذورها الميتافيزيقا وجذعها علم الطبيعة وفروعها أو أغصانها‬
‫العلوم األخرى كالطب والميكانيكا وعلم األخالق "‪.‬‬
‫‪ -2‬موضوع الفلسفة‪:‬‬
‫عادة ما تقسم المواضيع الفلسفية إلى ثالثة مباحث رئيسية وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬مبحث الوجود ‪ ANTHOLOGY‬ويدرس الوجود عامة في صورته الكلية‬
‫وببحثه في خصائصه األساسية العامة‪ ،‬ويحاول كشف القوانين التي تفسِّر حقيقة الوجود‬
‫وتكشف عن جوهره‪ ،‬بعكس العلوم الطبيعية واإلنسانية التي تدرس جوانب مح ّددة من هذا‬
‫الوجود‪ ،‬فهو يبحث في الموجود في ذاته مستقال عن أحواله وظواهره ومن أهم إشكاالته‬
‫ماهو أصل الوجود وعلته ؟ وهل العالم قديم أم حادث ؟ ومما تتكوّ ن الموجودات ؟‬
‫‪ -2‬مبحث المعرفة‪ :‬وهو البحث في طبيعة المعرفة وأصلها أو مصدرها وقيمتها‬
‫ووسائلها وحدودها‪ ،‬وهل نتائجها يقينية أم ظنية ؟ مطلقة أم نسبية ؟‬
‫‪ -3‬مبحث القيم ‪ :Axiologie‬هي البحث في طبيعة القيم‪ ،‬وأصنافها ومعاييرها‪،‬‬
‫وتتعرّ ض لدراسة المثل العليا والكشف عن ماهية القيم المطلقة التي يسعى الجميع لتحقيقها‬
‫في حياتهم‪ ،‬وثمة ثالثة قيم أساسية هي‪ :‬الحق والخير والجمال‪ ،‬ولكل واحد منها تخصص‬
‫يدرس موضوعاته فالحق يدرسه المنطق والخير يدرسه علم األخالق‪ ،‬أما قيمة الجمال‬
‫فيدرسه علم الجمال‪.‬‬
‫كما أيضا يمكن تقسيم مواضيع الفلسفة بالعلوم أو المواضيع التي ترتبط بها فنقول‬
‫على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬فلسفة التاريخ‪ ،‬فلسفة اللغة‪ ،‬فلسفة العلوم‪ ،‬الفلسفة السياسية‪،‬‬
‫الفلسفة االقتصادية‪.‬‬
‫أيضا تقس ّم الفلسفة حسب المذاهب فنقول الفلسفة المثالية والفلسفة المادية أو الفلسفة‬
‫العقالنية والفلسفة التجريبية‪....‬إلخ‪.‬‬
‫كما تقس ّم حسب المراحل التاريخية والزمنية فنقول الفلسفة القديمة‪ ،‬الفلسفة اليونانية‪،‬‬
‫الفلسفة الوسيطية‪ ،‬الفلسفة الحديثة وأخيرا الفلسفة المعاصرة‪.‬‬
‫كما تربط أيضا الفلسفة بالفالسفة فيقال فلسفة أفالطون أو فلسفة ابن رشد‪ ،‬أو فلسفة‬
‫هيغل أو فلسفة نيتشه‪.‬‬
‫‪ -3‬مناهج فلسفية‪:‬‬
‫أ)المنهج الديكارتي‪:‬‬
‫لقد كان ديكارت فيلسوفا مهتما بالرياضيات‪ ،‬فقد اعتبر الرياضيات نموذجا للمعرفة‬
‫اليقينية ولمناهج تحصيلها‪ ،‬وهذا ما أثر كثيرا في تفكيره الفلسفي فرأى أن الفلسفة اليمكن أن‬
‫تكون معرفة يقينية إال إذا اعتمدت على مناهج واضحة ويقينية مثل المنهج الرياضي لذا قام‬
‫بتأليف كتابه " مقالة الطريقة " سنة ‪1637‬م وهاجسه الكبير إقامة‬
‫منهج صارم صالح للبحث عن الحقيقة في مستوياتها المتباينة‪ ،‬منطلقا من مقدمتين أساسيتين‬
‫وهي أن‪ " :‬العقل هو أعدل األشياء توزعًا بين الناس" وأنه ال يمكن الوصول إلى اليقين‬
‫بدون المرور عبر الشك المنهجي‪ ،‬لذا إنطلق ديكارت من الكوجيتو الشهير‪ ،‬ليضع منهجا‬
‫عقالنيا مكوّ نا من أربعة قواعد هي‪:‬‬
‫أ‪ -/‬قاعدة البداهة‪ " :‬أن ال أتلقى على االطالق شيئا على أنه حق ما لم أتبين بالبداهة‬
‫أنه كذلك‪ ،‬أي أن أتجنب التعجّ ل والتشبّث باألحكام السابقة وأن ال أدخل في أحكامي إال ما‬
‫يتمثل لعقلي في وضوح وتميُّز اليكون لديّ معهما أي مجال لوضعه موضع الشك "‪ .‬أي أن‬
‫األفكار الوحيدة التي أبد منها هي األفكار البديهية الواضحة بذاتها والتي يمكن تمييزها عن‬
‫طريق الحدس العقلي‪ ،‬وال يتم هذا الحدس إال عن طريق تجنب األفكار التي تأتيه من‬
‫الخارج سواء من الحواس أو من المخيلة‪ ،‬وأنطلق ديكارت في تفكيره من الكوجيتو كقاعدة‬
‫بديهية أنا أفكر إذن أنا موجود "‪.‬‬
‫ب‪ -/‬قاعدة التحليل‪ " :‬أن اقتسم كل واحدة من المعضالت التي أبحثها إلى عدد من‬
‫األجزاء الممكنة والالزمة لحلّها على أحسن وجه "‪.‬‬
‫فإذا كانت المعرفة العقلية الصحيحة هي المعرفة التي يدرك فيها العقل أفكارا بديهية‬
‫ومتميزة بواسطة الحدس‪ ،‬فإن األفكار الموجودة ليست كلها بسيطة بل مرّ كبة ومتداخلة فيما‬
‫بينها‪ ،‬لذا يجب تحليل هذه المسائل المركبة إلى عناصرها البسيطة واألولية ودراستها‬
‫بصورة منفردة حسب طبيعتها‪ ،‬وبهذا التحليل يمكن للعقل من إدراك كنه الشيء إدراكا‬
‫ً‬
‫متميزا إدراكا يختزن أبعاد العالقة بين الجزء والكل‪.‬‬
‫ج‪ -/‬قاعدة التركيب‪ :‬أن أر ّتب أفكاري‪ ،‬فأبدا بأبسط األمور وأيسرها معرفة‪ ،‬وأتدرّ ج‬
‫في الصعود شيئا فشيئا حتى أصل إلى معرفة أكثر األمور تركيبا‪ ،‬بل أن أفترض ترتيبا بين‬
‫األمور التي لم يسبق بعضها بعضا بالطبع "‪.‬‬
‫ويُقصد بها ترتيب المسائل ترتيبا تصاعديا حيث ننتقل من العناصر البسيطة إلى‬
‫المركبة واألكثر تركيبًا‪ ،‬حتى يتسنى للعقل إدراكها وهي في قمة وضوحها وتسلسلها‪.‬‬
‫د‪ -/‬قاعدة اإلحصاء (المراجعة)‪ " :‬أن أقوم في جميع األحوال بإحصاءات كاملة‬
‫ومراجعات عامة تجعلني على ثقة من أنني لم أغفل شيئا "‪.‬‬
‫وبهذه القاعدة نقوم بمراجعة جميع الخطوات المنهجية المتبعة للتأكد من عدم اإلخالل‬
‫بقواعد المنهج‪ ،‬وأننا لم نغفل شيئا‪ ،‬فهذه المراجعة بإختصار هي المقياس الحقيقي لسالمة‬
‫المنهج الديكارتي ككلّ‪.‬‬
‫منهج العقالنية النقدية لكارل بوبر‪:‬‬
‫إن كارل بوبر الذي شيد صرحً ا ابستمولوجيا في إستراتيجية السياسة عبر إزدواجية‬
‫االنفتاح والمناقشة النقدية وذلك على مستوى تأسيسية الدور التفاعلي للذات المفكرة حيث‬
‫يعتبر أن الثقافة والتعليم لم تكن شيئا يرثه االنسان‪ ،‬ولكنها شيئا يصنعه االنسان نفسه‪ ،‬كما‬
‫يرى أنّ ما يسمّى بالموضوعية العلمية يتوقف على المقاربة النقدية فقط ال غير حيث‬
‫يقول‪ ":‬إذا ما ظهرت لك نظرية على أنها الوحيدة الممكنة‪ ،‬فاعتبر ذلك مؤشرا على أنك لم‬
‫تفهم النظرية ولم تفهم المشكلة التي يفترض أن تحلّها هذه النظرية "‪.‬‬
‫فهذه المقولة تؤسس لمشروع بوبر في مجال النقد المعرفي والنظرية العلمية المبنية‬
‫على " معيار التكذيب " أو القابلية للتكذيب الذي يمثل الح ّد الفاصل بين العلم والالعلم‪ ،‬حيث‬
‫يقول‪ " :‬إن هذا االختبار الشديد هو دائما محاولة إلكتشاف نقاط الضعف الموجودة في ما‬
‫نخضعه لالختبار مثلما أن إختبار النظريات محاولة الكتشاف ضعفها ‪ ،‬إختبار النظرية إذا‬
‫محاولة لتفنيدها أو تكذيبها "‪.‬‬
‫إن العقالنية النقدية عند بوبر تتس ّم بالشكية النقدية بمعنى االختبار النقدي الدائم‬
‫فوضع بوبر منهجا علميا ليس فقط من أجل التطوّ ر العلمي بل أيضا أسلوب في التعامل مع‬
‫الحياة‪ ،‬يمرّ بالمراحل التالية‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬التي تكمن في تحديد المشكلة والتي تنشأ من حدوث أي خرق في‬
‫التوقعات سواءًا كان خر ًقا لتوقع موجود من قبل أو لتوقع نتعلمه من خالل المحاولة‬
‫والخطأ‪.‬‬
‫المرحلةالثانية‪ :‬تكمن في محاوالت الحل‪ ،‬وهنا يرى بوبر أنه ال توجد هناك محاولة‬
‫واحدة بل ع ّدة محاوالت لحل المشكلة‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬هي االستبعاد بمعنى إستبعاد محاوالت الحل الخاطئة‪ ،‬من خالل‬
‫المناقشة النقدية واالختبار العلمي‪ ،‬أي أنّ الحل نجده بعد دراسة نقدية وإختبار لجميع‬
‫الحلول المقترحة‪.‬‬
‫هذا اإلطار الثالثي‪ :‬المشكلة‪ ،‬محاوالت الحل‪ ،‬االستبعاد ينطبق على وصف العلم‬
‫حيث تكمن خصوصية العلم في االستخدام الواعي للمنهج النقدي حيث يقول بوبر‪ " :‬إنّ في‬
‫المرحلة الثالثة لمنهجنا‪ ،‬في إستبعاد أخطائنا نحن نقوم بمهمة نقدية واعية‪...‬فكل معرفة هي‬
‫معرفة اعتقادية‪ ،‬وبإكتشاف المنهج غير االعتقادي‪ ،‬أي المنهج النقدي يبدأ العلم "‪.‬‬
‫ومن هنا نرى أننا نصل إلى المرحلة الرابعة‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة‪ :‬وهي بداية جديدة فعند المناقشة النقدية لنظرياتنا تنشأ مشكلة جديدة‬
‫فنرجع للمرحلة األولى‪.‬‬
‫المالحظ من منهج بوبر هو إعطائه للعلم طابع ديناميكي‪ ،‬فكل مرحلة من مراحل‬
‫المنهج نطوي في ذاتها على قوة داخلية منطقية تؤدي إلى مرحلة أخرى تليها‪.‬‬

‫الفلسفة االقتصادية للنظام الرأسمالي‬


‫*‪ -‬تعريف الرأسمالية‪ :‬هو نظام إقتصادي يعتمد على الملكية الفردية لوسائل اإلنتاج‬
‫وحرية إختيار النشاط االقتصادي والتنافس الحر من أجل تحقيق الربح وال تتدخل الدولة إال‬
‫في الحفاظ على األمن الداخلي وحماية الحدود السياسية للبلد وضمان العالقات التعاقدية بين‬
‫االفراد والمؤسسات‪.‬‬
‫مبادئ الرأسمالية‪:‬‬
‫‪ -‬مبدأ الحرية االقتصادية‪ :‬وهو إمكانية قيام الشخص بالنشاط االقتصادي الذي يريده‬
‫على أساس المنافسة وحرية نظام االسعار وفق متطلبات السوق‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ الملكية الفردية لوسائل االنتاج ومعها حق اإلرث‪.‬‬
‫‪ -‬التنافس الحر ومنع االحتكار‪.‬‬
‫‪ -‬الالمركزية في التسيير والتخطيط‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تدخل الدولة في النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫فلسفة الرأسمالية‪:‬‬
‫تشير الرأسمالية إلى نظام قانوني وإجتماعي وإقتصادي وثقافي يتبنى المساواة في‬
‫الحقوق و " إتاحة فرص العمل أمام المواهب " ويستحث االبتكار الالمركزي وعمليات‬
‫المحاولة والخطأ‪ .‬كما أسماه االقتصادي جوزيف شومبيتر " التدمير االبداعي من خالل‬
‫العمليات الطوعية للتبادل السوقي "‪.‬‬
‫فالرأسمالية حسب منظريها ليست بحلبة تتصارع فيها المصالح دون أدنى إعتبار‬
‫لألخالق‪ ،‬كما يصوِّ رها من يسعى لتقويضها أو تدميرها‪ ،‬بل إن التفاعل الرأسمالي منظم‬
‫تنظيما كبيرا بمجموعة من األعراف والقواعد األخالقية‪ ،‬وفي الواقع تقوم الرأسمالية على‬
‫رفض سلوكيات السلب والنهب التي كانت سائدة قبل القرن التاسع عشر‪ ،‬فتس ُِّخر الرأسمالية‬
‫قدرة اإلبداع اإلنسانية في خدمة البشرية وذلك بإحترامها لالبتكارات المغامرة والتشجيع‬
‫عليها‪.‬‬
‫ومن أهم أسس الفلسفة الرأسمالية الليبرالية‪:‬‬
‫‪ -/1‬الليبرالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الليبرالية االقتصادية‪ :‬هو مذهب إقتصادي يرى أن الدولة ال ينبغي لها أن تتولى‬
‫وظائف صناعية وال وظائف تجارية وأنه ال يحق لها التدخل في العالقات االقتصادية‪ ،‬فهم‬
‫يرون أن االقتصاد ينظم نفسه بنفسه إذا ما ترك يعمل بمفرده حسب مقوله آدم سميت‪:‬‬
‫" دعه يعمل‪ ،‬دعه يمر"‬
‫ب‪ -‬المذهب الليبرالي‪:‬هو مذهب فلسفي يرّ كز على الحرية الفردية‪ ،‬وينادي بوجوب‬
‫إحترام إستقالل األفراد‪ ،‬ويعتقد أن الوظيفة االساسية للدولة هي حماية حريات المواطنين‬
‫مثل‪ :‬حرية التفكير والتعبير وحرية المعتقد والملكية الخاصة وغيرها من الحريات‬
‫الشخصية‪ ،‬ولهذا يسعى هذا المذهب إلى وضع قيود على السلطة السياسية وتقليل دورها‬
‫إلى الحد األدنى وإبعاد الحكومة عن السوق وتوسيع الحريات المدنية وقد عبّر آدم سميث‬
‫عن ذلك في أن تطوّ ر المجتمع يحتاج إلى تمكين الفرد من مزاولة أقصى درجات حريته في‬
‫المنافسة ولكي يتحقق التوافق بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة يجب إنتهاج سياسة‬
‫عدم التدخل وهو ما سمّاه " باليد االخفية "‪ ،‬حيث يرى جون لوك أن الحرية والملكية حقان‬
‫طبيعيان سابقا عن المجتمع المدني‪ ،‬وأن اإلنسان كائن إجتماعي بطبعه‪ ،‬ويفسّر إنتقاله من‬
‫الحالة الطبيعية إلى المجتمع المدني‪ ،‬للحفاظ على ممتلكاته وحياته فقد أصبحت مه ِّددة‬
‫بالخطر في الحالة الطبيعية‪ ،‬لذا نجد لوك يعرّ ف الدولة أنها مجتمع من البشر يتش ِّكل بهدف‬
‫توفير الخيرات المدنية والحفاظ عليها وتنميتها‪ ،‬وبالتالي فاإلنسان يدخل في المجتمع بغية‬
‫الحفاظ على حقوقه الطبيعية فيعتبر جون لوك الملكية الفردية حقا ألنها مرتبطة بالحفاظ‬
‫شرطا للحق الثاني وهو " الحرية "‪ ،‬فبدون ملكية فردية ال توجد حرية‬ ‫ً‬ ‫على الذات كما أنها‬
‫ومن هذا المنطلق يربط بين هدف إقامة السلطة السياسية والملكية‪ ،‬فإذا كان هدف إقامة‬
‫السلطة حماية ملكية األفراد‪ ،‬فإنّ الحقوق السياسية والمدنية تح ّددها الملكية‪ ،‬ما يلزم عن ذلك‬
‫عند جون لوك أن المساواة بين االفراد في الحقوق الطبيعية يؤدي إلى التفاوت في الحقوق‬
‫المدنية والسياسية‪.‬‬
‫ويرى لوك أنّ الشعب هو صاحب السيادة ولكنه ال يحكم بل يقوم بالتفويض‬
‫ألشخاص يأتمنهم ويعهد إليهم بمهمة تحقيق السلم واألمن من خالل النظام الديمقراطي وأنّ‬
‫الدولة حين تقصّر في حماية الثروة والحرية‪ ،‬وجب تغييرها‪.‬‬
‫ويعتبر لوك غريزة متعة التملك غريزة طبيعية وأن اإلنسان بطبعه حر وأن االنتقال‬
‫من الحالة الطبيعية إلى الحالة اإلجتماعية هو تنازل أفراد المجتمع عن جزء من حقوقهم في‬
‫مقابل ضمان تم ّتعهم بباقي الحقوق‪ ،‬فالسلطة هي وديعة في يد الحكام يسندها المجتمع‬
‫المدني إليهم في مقابل إلتزام الحاكم بالسهر على الحفاظ على الحقوق االساسية على رأسها‬
‫الحق في الحياة‪ ،‬الحرية‪ ،‬الملكية‪.‬‬
‫‪ -/2‬الصراع من أجل البقاء‪ :‬وضع مالتيس نظريته للسكان ورأى أن السكان‬
‫يتزايدون بمتتالية هندسية بينما الموارد الطبيعية تتزايد بمتتالية حسابية مما يؤدي إلى‬
‫الصراع بين االفراد من أجل البقاء بما أن الموارد ال تلبي حاجات الجميع‪ ،‬وإعتبر دارون‬
‫أن هذا القانون هو قانون طبيعي يطبق على االنسان كما يطبق على المملكة الحيوانية‪.‬‬
‫كما حاول سومنر‪ Sumner‬من بعد تبرير الرأسمالية األمريكية وفق هذا القانون‬
‫الطبيعي‪ ،‬فيقول‪ " :‬أن أصحاب الماليين إنما نتاج إنتخاب طبيعي يعمل في كل األفراد‬
‫إلختيار القادرين على أداء الواجبات إلنجاز عمل ما"‪.‬‬
‫ويستطرد قائال‪ " :‬فإنما القوي والضعيف إنما هما اصطالحان ال يوجد لهما التعريف‬
‫المالئم‪ ،‬إذا سوي بينهما وبين المنتج والكسول‪ ،‬والمقتصد والمسرف‪...‬فإذا لم نقبل األصلح‬
‫فإن البديل الوحيد المحتمل هو بقاء األسوأ "‪.‬‬
‫لذا يقول جون روكفلر أهم رجال األعمال األمريكيين‪ " :‬إن نمو أي عمل تجاري هو‬
‫بقاء لألصلح‪...‬إنما هو تطبيق لقانون الطبيعة وقانون السماء "‪.‬‬
‫لذا يرى ‪ ،‬هذا الصراع الطبيعي يتناسب مع مبادئ الرأسمالية التي تنادي بالمنافسة‬
‫االقتصادية الحرّ ة‪ ،‬فهذه المنافسة هي صراع من أجل البقاء بين المؤسسات‪ ،‬لذا ال يجب‬
‫إيقاف عمل هذا القانون الطبيعي‬
‫الفلسفة االقتصادية للنظام االشتراكي‬
‫*‪ -‬تعريف النظام اإلشتراكي‪ :‬هو نظام إقتصادي إجتماعي يعتمد على الملكية‬
‫الجماعية لوسائل اإلنتاج من أجل تلبية حاجات المجتمع وتحقيق العدالة اإلجتماعية والقضاء‬
‫على الفوارق الطبقية‪ ،‬وتقوم الدولة بتوجيه النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫مبادئ النظام االشتراكي‪:‬‬
‫‪ -‬الملكية الجماعية لوسائل اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -‬غاية النشاط االقتصادي هو تلبية حاجات المجتمع (تحقيق المنفعة العامة)‪.‬‬
‫‪ -‬المركزية في التخطيط (توجيه النشاط االقتصادي)‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيق العدالة اإلجتماعية بإلغاء الطبقية في المجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬التأميم كوسيلة لتحقيق النظام االشتراكي‪.‬‬
‫الفلسفة االقتصادية للنظام االشتراكي‪:‬‬
‫‪ -‬رغم وجود عدة تيارات إشتراكية ظهرت في العصر الحديث إال أن الماركسية‬
‫أصبحت هي التيار السائد والمهيمن‪ ،‬ألنها تطرّ قت إلى جميع المباحث االقتصادية والفلسفية‬
‫في إطار نسقي واحد ويقصد بالماركسية أفكار كارل ماركس و إنجلز وأعمالهما واللذان‬
‫أصدرا البيان الشيوعي سنة ‪1848‬م التي أصبحت وثيقة مرجعية للفكر الشيوعي‬
‫الماركسي‪.‬‬
‫‪ -‬تعتقد الماركسية أن الوضع االقتصادي لكل مجتمع هو الذي يح ِّدد أوضاعه‬
‫االجتماعية والسياسية والدينية والفكرية‪ ،‬واليُمكن التطرق إلى الوضع االقتصادي دون‬
‫الحديث عن وسائل االنتاج وهي األدوات التي يستخدمها الناس في إنتاج حاجاتهم المادية‪،‬‬
‫ذلك أن االنسان مضطر إلى الصراع مع الطبيعة في سبيل وجوده‪ ،‬وهذا الصراع يتطلب‬
‫وجود قوى وأدوات معيّنة يستعملها االنسان في تذليل الطبيعة وإستثمار خيراتها‪ ،‬إبتداء من‬
‫يده وذراعه إلى الحجر‪ ،‬إلى أن أصبحت اليد ُتستخدم في صنع األداة المنتجة ال في االنتاج‬
‫المباشر‪ ،‬وصار االنتاج يعتمد على أدوات منفصلة (اآلالت)‪.‬‬
‫هذه اآلالت التي يستخدمها العامل في العملية اإلنتاجية لكن اليملكها فهي ملك‬
‫صاحب العمل أدى إلى اغتراب العامل‪ ،‬هذا المصطلح " االغتراب" هو مصطلح محوري‬
‫في الفكر الماركسي "‪..‬‬
‫المادية التاريخية‪:‬‬
‫يقول كارل ماركس‪ " :‬ليس وعي الناس هو الذي يح ّدد وجودهم االجتماعي وإنما‬
‫وجودهم اإلجتماعي هو الذي يح ّدد وعيهم"‪.‬‬
‫فماركس يرى أن الوسائل المنتجة تولّد الحركة التاريخية‪ ،‬وتطوّ ر القوى المنتجة‬
‫يغيِّر من أشكال اإلنتاج‪ ،‬وبما أن الناس ينتجون بصفة جماعية وليست فردية‪ ،‬فهذه‬
‫العالقات‪ -‬عالقات اإلنتاج التي تقوم بين الناس‪ ،‬هي في الحقيقة عالقات الملكية التي تح ّدد‬
‫الوضع االقتصادي وطريقة توزيع الثروة المنتجة في المجتمع وبمعنى آخر ُتح ّدد شكل‬
‫الملكية‪.‬‬
‫وتعتبر هذه العالقات (عالقات اإلنتاج أ وعالقات الملكية) هي األساس الواقعي التي‬
‫تقوم عليه البنية العلوية للمجتمع (البنية السياسية والفكرية والقانونية والدينية)‪.‬‬
‫يرى ماركس أن الصراع بين القوى المنتجة والقوى المالكة هو محرّ ك التاريخ وأن‬
‫التاريخ عبارة عن صراع طبقي‪ ،‬حيث يقول مع إنجلز في البيان الشيوعي‪ " :‬السلطة‬
‫السياسية بمعناها الحقيقي‪ ،‬هي العنف المنظم لطبقة في سبيل قمع طبقة أخرى "‪.‬‬
‫لذا يرو أنه يجب أن ينتهي هذا الصراع بزوال الملكية وزوال الطبقية‪ ،‬ويحدث هذا عندما‬
‫تمتلك الطبقة البروليتارية وسائل اإلنتاج‪ ،‬فنصل إلى نهاية التاريخ بقيام المجتمع الشيوعي‪،‬‬
‫فالمبدأ الشيوعي ال ينحصر فقط في القول‪ ":‬أن لكل إنسان ما يستحقه بحسب عمله "‪ ،‬بل‬
‫يتضمن القول‪ " :‬بوجوب عمل كل فرد حسب طاقته‪ ،‬وأخذه على قدر حاجته "‪..‬‬
‫لذا يفسّر ماركس التاريخ ويقسمّه حسب الصراع الطبقي إلى عدة مراحل‪:‬‬
‫● المشاعية؛‬
‫● العبودية؛‬
‫● اإلقطاعية؛‬
‫● الرأسمالية الصناعية‪.‬‬
‫ويتنبأ بعد الرأسمالية الصناعية بتحويل الملكية الفردية لوسائل اإلنتاج إلى ملكية‬
‫جماعية عن طريق تأميم الطبقة البروليتارية لوسائل اإلنتاج‪ ،‬لتنتقل إلى النظام االشتراكي‬
‫ومن ثمّة إلى النظام الشيوعي‪ ،‬كايديولوجية ذو خلفية اقتصادية حيث يقول بليخانوف‪:‬‬
‫" إن الوضع االقتصادي لشعب ماهو الذي يُح ِّدد وضعه االجتماعي‪ ،‬الوضعي االجتماعي‬
‫لهذا الشعب يح ّدد بدوره وضعه السياسي والديني "‪.‬‬
‫إن المادية التاريخية هو تطبيق المنهج الماركسي (الجدلية المادية) على التاريخ‪.‬‬
‫المفاهيم والمصطلحات االساسية في النظام االشتراكي‪:‬‬
‫‪ -‬الجدلية المادية‬ ‫‪ -‬اإلغتراب؛‬
‫‪ -‬المادية التاريخية‬ ‫‪ -‬الصراع الطبقي‬
‫‪ -‬التأميم‬ ‫‪ -‬نظرية فائض القيمة‬
‫‪ -‬البرجوازية‬ ‫‪ -‬البروليتاريا‬
‫الفكر االقتصادي االسالمي‪:‬‬
‫*‪ -‬المفهوم‪ :‬هو مجموعة األصول العامة االقتصادية التي نستخرجها من القرآن‬
‫والسنة والبناء االقتصادي الذي نقيمه على أساس تلك األصول وذلك حسب كل بيئة‬
‫و عصر‪.‬‬
‫المشكلة االقتصادية في النظام االقتصادي اإلسالمي‪:‬‬
‫إنّ المشكلة االقتصادية في الفكر االقتصادي اإلسالمي ال تعني كما جاءت في‬
‫الدراسات االقتصادية المعاصرة من ندرة الموارد االقتصادية من جهة وال محدودية‬
‫الحاجات االنسانية من ناحية أخرى‪ ،‬وإنما تعني تضييع هذه الموارد في أمور ال فائدة منها‪.‬‬
‫والحاجات في االقتصاد اإلسالمي تنقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -)1‬الحاجات األساسية‪ :‬وهي الحاجات األساسية لضمان أو حفظ الدين والنفس‬
‫والعقل والمال والنسل‪ ،‬يُمكن إشباعها بواسطة السلع األساسية‪.‬‬
‫‪ -)2‬الحاجات التحسينية‪ :‬وهي الحاجات التي يُقصد بها تحسين مستوى الحياة برفع‬
‫المشقة والتوسيع في الحياة‪.‬‬
‫أصول االقتصاد االسالمي‪:‬‬
‫‪ -1‬األصل أن المال مال هللا والبشر مستخلفون فيه‪.‬‬
‫‪ -2‬أصل ضمان حد الكفاية لكل فرد في المجتمع‪.‬‬
‫‪ -3‬إحترام الملكية الخاصة‪.‬‬
‫‪ -4‬أصل الحرية االقتصادية المقيّدة بالشرع‪ ،‬وذلك بتحريم أوجه النشاط االقتصادي‬
‫الذي يتضمن استغالل أو ربا‪.‬‬
‫‪ -5‬أصل ترشيد االستهالك واإلنفاق‪.‬‬
‫‪ -6‬أصل التنمية االقتصادية الشاملة‪.‬‬

‫خصائص النظام االقتصادي اإلسالمي‪:‬‬


‫‪ -‬أهمية الربح في النشاط االقتصادي لكن بمفهوم وضوابط إسالمية؛‬
‫‪ -‬أهمية نظام السوق وحرية األسعار بضوابط إسالمية؛‬
‫‪ -‬أهمية العمل واقترانه باإليمان؛‬
‫‪ -‬الحرص على اإلنفاق بأنواعه الثالثة االستهالكي‪ ،‬االستثماري والتصدقي على‬
‫أساس أن اإلنفاق هو أساس التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪-‬تحريم الربا؛‬
‫‪ -‬تحريم االحتكار واالكتناز؛‬
‫‪ -‬نظام مالي متكامل مركزه الزكاة؛‬
‫‪ -‬تكافل إجتماعي يعمل على توفير تمام الكفاية لكل فرد من أفراد المجتمع؛‬
‫‪ -‬نظام توزيع الدخل على أساس معايير العمل‪ ،‬الحاجة والمخاطرة؛‬
‫‪ -‬نظام ملكية متعدد ويشمل الملكية العامة والملكية الخاصة على أساس أن الملكية‬
‫الخاصة هي عصب هذا النظام‪.‬‬
‫‪ -‬نظام رقابي شامل من الفرد على نفسه ومن الفرد على الحاكم ومن الحاكم على‬
‫الفرد ومن الخالق على الجميع‪.‬‬
‫تدخل الدولة في النظام االقتصادي واالسالمي‪:‬‬
‫‪ -‬منع الربا‪.‬‬
‫‪ -‬الحجر على السفيه‪.‬‬
‫‪ -‬بيع أموال المحتكر‪.‬‬
‫‪ -‬منع بيع اإلضرار بالغير " دفع الضرر مق ّدم على جلب المنفعة "؛‬
‫‪ -‬نزع الملكية رعاية لحق اآلخرين‪ ،‬ألنّ الملكية في اإلسالم ليست ملكية أصلية بل‬
‫إستخالفية فمن حق الحاكم أن ينتزع ملكية ال يستغلها صاحبها ولكن نزع الملكية مح ّددة‬
‫بعدة شروط وقواعد ألنه كما قلنا أن الملكية الخاصة هي عصب الفكر االقتصادي‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫جواز تحديد األسعار في الحاالت الخاصة‪ ،‬لكن األصل أنّ السعر يح ّدده السوق ‪-‬‬

You might also like