Professional Documents
Culture Documents
ايبستمولوجية التربية
القسم األول يتطرق الى مفهوم االبستومولوجيا ويهدف الي تزويد الطالب بمجموعة من األدوات والتي بدونها يكون من
الصعب استيعاب ايبستمولوجية التربية.
يهدف الجزء الثاني من المحاضرات الى اكتساب بعض المفاهيم المهمة في نظرية المعرفة لمعرفة او لفهم القضايا
المعرفية في النظريات التربوية ،والتمكن من دراسة الجدليات الكبرى المحيطة بالوضع المعرفي للتربية.
ظهر مصطلح االبستمولوجيا في بداية القرن العشرين لإلشارة إلى فرع من فروع الفلسفة متخصص في دراسة نظريات
المعرفة .فهي تهتم بدراسة تكوين المعرفة الصحيحة .وتهتم بثالثة محاور :تعريف المعرفة ،ومفهومها ،وطريقة تبرير
صحتها.
االيبستمولوجيا هي فرع من فلسفة العلم الذي يدرس بشكل نقدي المنهج العلمي واألشكال المنطقية وأنماط االستدالل
المستخدمة في العلم ،باإلضافة إلى المبادئ والمفاهيم األساسية والنظريات ونتائج العلوم المختلفة لتحديد أصلها المنطقي
وقيمتها ونطاقها الموضوعي.
تعريف اللوند :Lalandeاألبستمولوجيا هي الدراسة النقدية والعلمية لكل مناهج العلوم ومبادئها ونتائجها وكذلك قوانينها
ونظرياتها بينما تهدف مناهج العلوم إلى دراسة وصفية تحليلية لبيان مراحل الكشف العلمي عن مختلف المناهج المتبعة في
العلوم .فالمنهجية Méthodologieهي إّذن فرع من فروع األبستمولوجيا
أما جان بياجيه J. Piagetفيعرف نظرية المعرفة كما يلي :دراسة تشكُل المعرفة الصحيحة" ،وهو اسم يسمح لنا،
وفقًا لـ ،Jean-Louis Le Moigneبطرح األسئلة الرئيسية الثالثة:
نظرية المعرفة مشتقة من اليونانية القديمة ( " epistémêالمعرفة الحقيقية ،العلم" و " disc / lógosالخطاب") و
يمكن أن تحدد مفهومين:
ففي التقاليد الفلسفية الناطقة بالفرنسية ،تغطي نظرية المعرفة فقط المجال العلمي للمعرفة البشرية بينما في التقليد األنجلو
سكسوني ،تغطي نظرية المعرفة كل المعارف البشرية.
بمعنى أنه:
-في العالم الناطق بالفرنسية :االبستومولوجيا هي الدراسة النقدية للعلم والمعرفة العلمية؛
1
األستاد هادف
.1ما هو العلم (أو العلوم)؟ ما الذي يميز هذا النوع من المعرفة عن اآلخرين؟ كيفية تعريفه؟
-2كيف نشأ العلم؟ ما هي العوامل (التكنولوجية ،االجتماعية ،الفلسفية ،الدينية )... ،التي أثرت على تطوره؟ ما هي طرق
العمل والتفكير التي تم استخدامها لبنائه؟
-3كيفية الحكم على صالحيته أو قيمته ،ماذا يعني أن النظرية العلمية صحيحة؟ كيفية التحقق من صحة النظرية العلمية.
تهتم نظرية المعرفة اوال بتصنيف العلوم .لذلك من الضروري الفصل بين ما يمكن اعتباره "معرفة علمية" وما ال يمكن
اعتباره كذلك ويصنف على أنه "معتقد" .من هذا المنطلق يفترض تحديد المعرفة العلمية الحقيقية والمعرفة غير العلمية،
والتي يشار إليها غالبًا بالمعرفة المشتركة أو الفطرة السليمة.
تعريف العلم":مجموعة من المعارف ،والدراسات ذات قيمة عالمية ،وتتميز بموضوع معين (المجال) ومنهج ،وتقوم على
أساس عالقات موضوعية يمكن التحقق منها.
-يجب تحديد موضوع العلم ،أي القدرة على تحديد األشياء التي يدرسها.
في أعلى المقياس نجد الرياضيات والمنطق وهما من العلوم المجردة .formellesإنها علوم مجردة تما ًما ومستقلة عن
العالم المادي .فهي تبني نفسها بنفسها دون أي تدخل من العالم المادي ،بطريقة مفاهيمية بحتة.
ثم لدينا العلوم التجريبية أو "الصعبة" .فهذه هي العلوم الحقيقية مثل الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا أو حتى علم النفس .ما
يميز العلوم التجريبية هو طريقة بناء معرفتهم على أساس التجريب والمالحظات الملموسة واألساليب االستنتاجية
االفتراضية.
فالقوانين التي وصفتها العلوم التجريبية مستقلة عن اإلنسان ،فهي موجودة خارج اإلنسان.
تحتل العلوم اإلنسانية أو العلوم "اللينة" المركز األخير في التسلسل الهرمي .في الواقع ،إنها تدرس على وجه التحديد
السلوك البشري والمجتمع بشكل عام.
من ناحية أخرى ،يمكن تفسير بع ض النماذج من خالل نفسية الممثلين او الفاعلين أنفسهم ،حيث يمكن التحقق من صحة
النظريات في علم النفس أو إبطالها من خالل التجارب البحتة.
2
األستاد هادف
ال شك أن هناك فرقا ً كبيرا ً بين العلم والمعرفة؛ فالعلم عبارة ٌ عن مفاهيم وقوانين متسلسلة ومترابطة مع بعضها
البعض ،وتنشأ هذه المفاهيم من التجارب ،أو المالحظات ،ويمكن القول إنه يتَّسم بالتنظيم ،ويأتي عبر البحث والتفكير ،أما
المعارف تتكون تتشكل وتتحول ،وفقًا لكل فرد ووفق لتمثالته أو تصوراته،
لذلك يمكن مثال في نهاية درس معين أن تتشكل عند األفراد أو الطلبة معرفة تختلف من فرد الى أخر .المعرفة داخلية
للشخص .العلم مرتبط بالمجتمع ،والمعرفة بالفرد.
.يمكننا التمييز بين المعرفة الناتجة عن التفكير الفلسفي ،والمعرفة الناتجة عن الممارسة العلمية ،والمعرفة الناتجة عن
المعتقد الديني ،المعرفة الناتجة عن الممارسة ،وما إلى ذلك .تسمى المعرفة الشائعة أيضًا المعرفة المشتركة ،والمعرفة
التلقائية ،والمعرفة التجريبية.
التجربة األولى أو ،على وجه التحديد ،المالحظة األولى هي دائ ًما العقبة األولى أمام الثقافة العلمية.
يجب أن نفصل بين فكرة ال إيمان croyanceوفكرة المعرفة .االعتقاد هو فكرة من المفترض أن تكون صحيحة في حين
ارا أخرى
أن المعرفة هي فكرة يأتي صدقها من المنطق .يفترض المنطق أن يبدأ من األفكار الحقيقية ويستنتج منها أفك ً
بفضل البناء المنطقي .لذلك لكي يعتبر المنطق صال ًحا ،يجب أن تكون األفكار التي يستند إليها المنطق صحيحة ويجب أن
يكون المنطق كافيًا الستنتاج االستنتاجات من هذه األفكار األساسية.
إذا أكدت التجرب ة النظرية ،فإنها تعتبر صالحة حتى إشعار آخر .هذا ال يعني أنه ال يمكن تناقضها الحقًا من خالل تجربة
أخرى أو نظرية أخرى .هذا هو ما يسمى مبدأ التزوير الذي طرحه بوبر والذي يريد منا أن نعترف بأنه المنطق العلمي فقط
ما من المحتمل أن يبطل من تجربة جديدة.
هي العملية التي يستخدمها العلماء بصورة جماعية خالل الزمن من أجل بناء صورة دقيقة عن العالم .ألن المعتقدات
الشخصية والثقافية تؤثر في تصورنا وتفسيرنا للظواهر العلمية،
3
األستاد هادف
يفترض هذا أنه يمكن للمرء أن ينتج تجربة تسمح بالتحكم في معلمات الظاهرة التي يسعى المرء إلى استنساخها .ومع ذلك،
في الواقع ،التحقق من الصحة عن طريق التجارب ليس دائ ًما سهالً ألن الظواهر يصعب أحيانًا تحفيزها ،أو حتى مستحيلة
من الناحية الفنية .تعتبر الطريقة التجريبية موثوقة للغاية.
-طريقة الحجة هي المنطق الذي يهدف إلى إقناع االقتراح ولكن ال يثبت تما ًما صحة االقتراح .هذه الطريقة لألسف ال تقدم
قيمة علمية لالقتراح.
االستقراء واالستنباط
ان الفرد أو الباحث ال يستطيع أن يقوم بدراسة أو مالحظة ظاهرة ما بأكملها ،ففي حال دراسة ظاهرة الرسوب المدرسي
مثال فالباحث ال يستطيع أن يدرس الظاهرة بكل المدارس الموجودة بالقطر الجزائري مثال أو يأخذ عينة تمثل كل التالميذ
اللذين رسبوا .ففي هذه الحالة يلجأ الباحث الى المنطق أو الى المحاكمة العقلية ) .(raisonnementواالستقراء واالستنباط
هما اثنين من إجراءات المنطق.
االستقراء عملية عقلية تسمح للفرد من االنتقال من الخاص (حقائق ملحوظة ،حاالت فردية ،بيانات تجريبية ،حاالت)
إلى العام (قانون ،نظرية ،معرفة عامة) .فهو أسلوب من أساليب الحكم المنطقي ويتشكل بفضل قراءة عدة حاالت ومن ثم
التعميم .ويستخدم هذا األسلوب عندما تتم دراسة حقائق جديدة أو يتم اكتشافها .لذا فإن التعميم يتم على هذا األساس .وهناك
أربع حاالت ضرورية علينا أن نأخذها بعين االعتبار عند استخدام األسلوب االستقرائي وهي:
-1يجب أن تكون المالحظة دقيقة ومسجلة ،وكذلك الحال بالنسبة للبيانات المجمعة.
االستدالل أو االستنباط هو عملية عكسية تقريبًا تجعل من الممكن استنتاج (استنتاج) بيان من الفرضيات أو من مسبقات
prémissesأومن إطار نظري :تنتج االستنتاجات من مقدمات هذه الفرضيات أو من هذه النظرية.
االستنباط عملية عقلية تمثل تطبيق العام على الخاص .وهذا االنتقال من العام إلى الخاص جيدا في حل المشكالت ،ولكنه
ليس مفيدا في الوصول لحقائق جديدة أي أن هذا االسلوب من التفكير ال يفيد كثيرا في تقدم المعرفة .ويستطيع األسلوب
االستقرائي أن يتغلب على هذه الجوانب .والستخدام االستنباط البد من مراعاة الجوانب التالية:
أدت المناهج االستقرائية كأساس لتشكيل "قوانين عامة" إلى إثارة العديد من المناقشات واالنتقادات بين الفالسفة والعلماء.
يطرح هيوم (القرن الثامن عشر) السؤال إلى أي مدى يمكن تبرير استقراء استنتاج عام من المالحظات التجريبية على
المواقف الفردية السابقة .غالبًا ما يتم إعطاء أمثلة للغربان السوداء أو البجع األبيض لتوضيح هذه المشكلة بمنطق
االستقراء .من بين أبرز الفالسفة اللذين يمكن ذكرهم في هذا الصدد هما:
)بوبر K. POPPERمبدأ الطعن ) réfutationوالمثال الشهير المتعلق بالغربان السوداء أو البجع األبيض .فمالحظة
واحدة لغراب ليس أسود أو بجعة ليست بيضاء تدحض النظرية العامة .با شالرد (روح علمية جديدة) :وحدة العلم ال
تتوافق أبدًا مع حالة مستقرة ،ومن الخطر افتراض نظرية المعرفة الموحدة .كما يالحظ أن الفكر العلمي يجمع بشكل منهجي
4
األستاد هادف
بين نشاطين متكاملين :التصحيح التجريبي مرتبط دائ ًما بالدقة النظرية .التقدم العلمي ال يتم من خالل تراكم المعارف بل من
خالل احداث القطيعة االبستمولوجية.
بالنسبة K. POPPERلبوبر :اعتماد طريقة استنتاجية من خالل إظهار أن االستقراء المتمثل في رسم قواعد عامة من
مراقبة العالم يمكن أن يؤدي إلى ظروف خاطئة .لكي تُعتبر النظرية علمية ،يجب أن تكون قابلة للدحض بالتجربة .بالنسبة
لبوبر :فكرة "التأييد" :بما أنه ال يمكن للمرء إثبات صحة النظرية ،ينبغي بدالً من ذلك أن يسعى إلى دعم نظرية بمحاوالت
متعددة لدحض األخيرة وهذا يجعل بوبر يقول إنه بينما ال توجد "معايير للحقيقة" ،هناك "معايير للتقدم" في الحصول
على تقديرات تقريبية لـ "الحقيقة".
بنفس الطريقة مثل ، Comteسوف يفكر في نشأة المعرفة العلمية ولكن من حيث معارضة رؤية .Comte
-بالنسبة لباشالرد ،ال يحدث تطور المعرفة في استمرارية زمنية :فهناك مراحل من الركود وحتى من االنحدار.
-بينما يعتقد كونت أن المعرفة تتطور بالتراكم ،يعتقد با شالرد أن المعرفة تتطور عن طريق تصحيح المعرفة السابقة
وتوسيع إطار المعرفة.
بالنسبة لباشالر ،فإن فكرة الموضوعية المطلقة هي أسطورة لسبب بسيط هو أن العلم يعتمد بشكل كبير على سياق
الوقت.
لذلك يقترح عدم السعي إلى الموضوعية المطلقة ولكن قياس جزء من الموضوعية لتحديد دائرة المعرفة بوضوح.
تصور باشالرد العلم على أنه "بناء بشري ،مؤسسة تطورت تدريجيًا ،مشروطة تاريخيا ً وال يمكن فصلها عن المؤسسات
واألنشطة البشرية األخرى".
لم يعد يُنظر إلى العلوم على أنها منفصلة عن الحياة االجتماعية.
ال يتقدم العلم من خالل تطور الفكر العلمي كما يراه اوغست كونت لكن من خالل القطيعة حيث يرى بان هناك عوائق أو
معوقات تعرقل البحث العلمي وتقدمه
» « Vérité en sursis
يتصور باشالرد التقدم العلمي على أنه صراع دائم ضد "العقبات المعرفية" .أول عائق معرفي يجب التغلب عليه ،وفقًا
لباشالرد ،هو المالحظة نفسها ،وبالتالي معارضة "اإلدراك الفوري" كأداة للمعرفة" ،لم يتم إعطاء أي شيء .كل شيء
مبني" .بالنسبة للوضعيين ،يتم التقدم العلمي من خالل التراكم المستمر والتدريجي وف ًقا لمنطق موسوعي .بالنسبة لجي
5
األستاد هادف
باشالرد ،يتقد م التطور العلمي من خالل سلسلة من فترات الراحة الالزمة لتحرير العقل من المفاهيم العلمية السابقة.
وبالتالي يأخذ مفهوم الخطأ مكانه في ديناميكيات الفكر.
-1العقالنية
العقالنية (القرن السابع عشر) :من فيثاغورس إلى ديكارت عبر أفالطون الذين هم من رواد هذا التيار المعرفي الذي
سا من استخدام العقل .يتميز هذا التبار بالتفكير بشكل عام واالستنتاج بشكل يعتبر أن كل المعرفة الصحيحة تأتي أسا ً
خاص والذي ينتقل من المجرد إلى الملموس كآلية إلنتاج المعرفة.
العقالنية هي إدن هي مذهب فلسفي يفترض أولوية العقل في اكتساب المعرفة .وبعبارة أخرى ،لكي نعرف ،يجب على
المرء أن يثق بالعقل .في هدا الصدد أكد أفالطون في كتاب الجمهورية على أن المعرفة األكثر دقة للشيء تأتي من فهم
جوهره ،أي فكرته الحقيقية .تطورت العقالنية خالل القرنين السابع عشر والثامن عشر ،وكان أبرز مؤلفيها رينيه
ديكارت.
وهذا التيار يعارض التجريبية ،ألن هده ألخيرة يمكن أن تقودنا إلى خداع حواسنا وإرباكها .وبدال من ذلك ،فإن العقالنية،
ووفقا لمؤلفيها ،هي المذهب الصالح لبلوغ المعرفة الحقيقية.
العقالنية تدعى الى تفضيل العقل كوسيلة لمعرفة الواقع أو تفسيره و تنص على أن العقل البشري لديه مبادئ أو معرفة
مسبقة ،مستقلة عن الخبرة .من المهم أن نفهم هنا أنه بالنسبة للعقالنيين ،يتم استبعاد التجريب من آلية إنتاج المعرفة الجديدة.
العقالنية تفترض فطرية األفكار .وهي أفكار نظرية بحتة يملكها اإلنسان بطبيعته دون االستعانة بأي إدراك حسي .إن أفضل
المعرفة ال يمكن أن تكون إال نظرية و يجب علينا أن نجد هذه األفكار الفطرية المخبأة في داخلنا .العقل قادر على القيام
بالبرهان المنطقي .ومن ثم ،فإن التفكير سيسمح لنا بمعرفة بعض هذه األفكار بشكل مطلق وليس بالتجربة الحسية .ولذلك
تنتقد العقالنية اإلدراك ،أي الحواس ،كمصدر للمعرفة .يجد هذا النقد أصله في تصور اإلحساس باعتباره وه ًما .وال يعتبر
اإلحساس مصدرا موثوقا للمعرفة ألنه يعتمد على الحواس والظروف التي نجد أنفسنا فيها.
عالوة على ذلك ،فإن المادة التي ندركها ،أي الشيء الخارجي عنا الذي نسعى لمعرفته يتغير ،فكيف يمكنني إثبات حقيقة
ثابتة حول مادة غير مستقرة؟ وهذا ما دفع ديكارت إلى القول بأن "الحواس تخدعنا" .إذا كان حكمنا يعتمد على البيانات
الحسية ،فإننا نقع في الخطأ .بالنسبة للعقالنية ،اإلدراك غير كافٍ لفهم جوهر الشيء.
يقترح ديكارت في كتابه خطاب المنهج Le discours de la méthodeطريقة للحصول على المعرفة الحقيقية .وللقيام
بذلك يقترح مبدأ الشك ،ويطلق على هذه الطريقة اسم "الطريقة الديكارتية"؛ مستوحى من الرياضيات والهندسة .وعندما
طورها المؤلف ،كان طموحه هو إنشاء منهج عالمي ،أي يمكن تطبيقه على جميع العلوم .ويتكون هذا من أربع قواعد و
هي :البرهان والتحليل والتركيب والتحقق.
باختصار ،تقترح العقالنية أن العقل هو أعلى قيمة في السعي وراء المعرفة .وللهروب من الفخاخ الحسية ،تصبح
الرياضيات النظام األساسي في هذا البحث ،حيث إن المعرفة التي تم تحليلها دقيقة،
دورا مه ًما في تطوير وتبرير الموقف المعرفي العقالني .على سبيل المثال
تاريخيًا ،لعبت المعرفة المرتبطة بمجال الهندسة ً
أفادت بريتانيكا ( ) 2001أن أفالطون ،في حواره بعنوان مينو ،يسلط الضوء على الطابع المؤكد والعالمي والفطري
للمعرفة من خالل سرد أو ذكر كيف نجح سقراط في جعل العبد الشاب األمي يتعلم ،خطوة بخطوة وبدون علمه ،نظرية
فيثاغورس .
6
األستاد هادف
خصائص العقالنية
المعرفة المبنية على العقل :العقل والفكر والتفكير هي األدوات األكثر فائدة التي يمتلكها اإلنسان لتحقيق المعرفة الحقيقية.
الطريقة الديكارتية :يتم التحقيق وفق الطريقة التي صممها ديكارت ،وتتميز بااللتزام بسلسلة من القواعد .
الرياضيات :اعتقد ديكارت أنه يستطيع تطبيق طرق علمية في البحت على العلوم االجتماعية .لقد أولى أهمية كبيرة
للرياضيات والهندسة لدقتها.
الطريقة االستنباطية :وهي االنتقال من العام إلى الخاص .أي أنه من خالل مالحظة القواعد العامة التي تحدث في حاالت
مختلفة ،يتم التنبؤ أو التأكيد على ما سيحدث في حالة معينة.
الحقائق الفطرية :هناك أأنواع من الحقائق ال يستطيع الفرد الوصول إليها من خالل التجربة .على العكس من ذلك ،فهي
فيه منذ الوالدة ،ويمكنه أن يعرفها بالعقل.
-2االمبريقية أو التجريبية.
تعتبر االمبريقية من أقدم تيارات االبستمولوجيا ،ألنها ارتبطت بالفالسفة والعلماء في العصور القديمة .من اليونانية
سا من التجربة .لقد استمر هذا التيار الفكري على مر empeiriaالتجربة ,االمبريقية تشير إلى أن العلم يأتي أسا ً
القرون ،إد تبناه فرانسيس بيكون على وجه الخصوص في القرن السابع عشر .بالنسبة له ،تهدف العلوم االمريقية ،أو
العلوم المادية ،إلى وصف العالم بنا ًء على المالحظة وعلى نقل المعرفة المتراكمة في الماضي.
وفقا لالمبريقيين ،فإن "المالحظات تجعل من الممكن تفسير الواقع .وبالتالي فإن تراكم المالحظات يسمح للعلم بالتقدم
من خالل اقتراح القوانين عبر النهج االستقرائي تسمح لنا االمبرقية باالنتقال من الملموس إلى المجرد .ومع ذلك ،فإننا
نعلم اآلن أن التجارب ،في سياقها ،ال تعكس دائ ًما حقيقة ظاهرة ما .وبالتالي فإن الخبرة وحدها ال تكفي لخلق معرفة جديدة
التجريبية هي مذهب فلسفي يؤكد على دور الخبرة في المعرفة اإلنسانية ،مع التقليل من دور العقل ".ووفقًا لهذا النموذج،
فإن كل ما يعرفه المتعلم ال يمكن أن يأتي إال من التجربة الحسية .
بالنسبة للتجريبيين ،كل شيء يأتي من حواسنا ،وأي فكرة معقدة يتم تطويرها من أفكار بسيطة ،وهي نفسها مبنية على
ارتباطات نشأت خالل تجارب سابقة .إن المتعلم هو "صفحة بيضاء" ،لوح شمعي تأتي الخبرة لتكتب عليه .وبهذا المعنى،
ترفض التجريبية أي نموذج نظري .مبدأها هو "التجربة والخطأ"،
تعارض االمبريقية الفطرية والعقالنية ،التي تفترض على العكس من ذلك أن معرفتنا وأفكارنا ومبادئنا موجودة في كل
.في مجال علم النفس يمكن اعتبار واحد منا ،بشكل مسبق .أفالطون ،ديكارت ،كانط ...دافعوا عن التيار العقلي
السلوكية قريبة من التجريبية ،الجشطالت قريبة من المثالية أو التيار العقالني.
اإلنجليزي فرانسيس بيكون ( ،) 1561-1626أبو التجريبية الحديثة ،وأول من وضع أسس العلم الحديث وأساليبه.
7
األستاد هادف
اإلحساس " .يرفض التجريبيون اإلنجليز أيضًا فكرة المعرفة الفطرية .يفترض هؤالء الفالسفة أن عقل الطفل عبارة عن
"صفحة بيضاء" " ،وأن محتواه يأتي من التجربة الحسية للعالم الخارجي .يتكون هذا المحتوى من األحاسيس والصور
واألفكار.
طرقة االلقاء
التيار الوضعي
تعرف الفلسفة الوضعية " "Positivismeعلى أنها إبستمولوجيا العلوم التي تعتمد على البرهنة التجريبية ،وال تأخذ بأي
فكرة ال يمكن إثباتها من خالل التجربة ،فكل ما يدخل ضمن إطار االعتقاد أو الميتافيزيقا ال يمكن برهنته ،إذن ليس علميًا
بالنسبة للتيار الوضعي،
الفلسفة الوضعية هي إحدى فلسفات العلوم التي تستند إلى رأي يقول أنه في مجال العلوم االجتماعية ،كما في العلوم
الطبيعية ،فإن المعرفة الحقيقية هي المعرفة والبيانات المستمدة من التجربة الحسية ،والمعالجات المنطقية والرياضية لمثل
هذه البيانات والتي تعتمد على الظواهر الطبيعية الحسية وخصائصها والعالقات .
تقوم الوضعية علي مبدأ أحادية الواقع و إمكانية إدراكه كما هو.
تعتمد الوضعية على منهجية الوصف descriptionوالتفسير Explicationفي دراسة الظواهر ،على أساس
ارتباطها السببي والعلٌي .بمعنى دراسة المتغيرات المستقلة والمتغيرات التابعة ،ضمن رؤية تجريبية استقرائية وعلمية ،بغية
تحصيل القوانين والنظريات.
كما يسعى المنهج الوضعي إلى الوصول إلى القوانين العامة التي تحكم الظواهر االجتماعية ،فكما ان العلوم الطبيعية لها
قوانين تفسر العالقة بين الظواهر المادية ،كذلك علم االجتماع يجب ان يكون هدفه االول محاولة الوصول إلى القوانين
العامة التي تحكم العالقة بين الظواهر االجتماعية.
العلمية هي أول صفات الوضعية ،والتي اتسمت بوجوب البحث عن األسباب الكامنة وراء مختلف الظواهر ،وكذا في
القوانين المالزمة لها ،وباعتبار القانون بمثّل العالقة الثابتة بين الظواهر المتماثلة والحوادث المتتابعة. ،
يعتبر كونت A. COMTEمؤسس الوضعية ،الذي و الداعي الى تطبيق المنهج العلمي في العلوم االجتماعية) يسمي
علم االجتماع الفيزياء االجتماعية( ،اعتمادا ً على المالحظة والتجربة والمقارنة والتاريخ ،ويعرف كذلك بوضع قانون
المراحل الثالث الذي يتمثل فيما يلي :قانون المرحلة الدينية أو الالهوتية ،والمرحلة الميتافيزيقية ،والمرحلة الوضعية.
-البنائية
البنائية هي مدرسة فكرية ظهرت في منتصف القرن العشرين و ترى أن معرفة الواقع هي بناء ناتج عن التفاعل بين
الفرد والواقع وليس االنعكاس الدقيق لهذ الواقع .البنائية في األبستمولوجيا تقوم على فكرة أن صورتنا للواقع ،و المفاهيم
التي تبني حول هذه الصورة هي نتاج العقل البشري في التفاعل مع هذا الواقع وليس االنعكاس الدقيق للواقع نفسه.
البنائية هي تيار أو اتجاه ظهر في مختلف التخصصات (الفلسفة والرياضيات وعلم االجتماع والهندسة المعمارية وغيرها)
.تاريخيا ،تأتي البنائية من فلسفة العلوم التي تسعى بشكل خاص إلى فهم ما هو أساس المعرفة وعلى وجه الخصوص
المعايير التي تجعل من المعرفة المشكلة معرفة علميًة .البنائية تعارض التجريبية والواقعية .يتمثل االختالف بينهم في
الطريقة التي يتم بها انتاج و اكتساب المعرفة وخاصة دور الباحث في هذه العملية .يفترض النهج التجريبي أن التجربة هي
أصل المعرفة :فالباحث يالحظ ،ومن خالل إدراكه للواقع يمكنه استخالص النظريات (على عكس العقالنية التي ترى
المعرفة تولد بالعقل) .فيما يتعلق بالواقعية ،فإنها تفترض وجود واقع موضوعي مستقل عن الفرد :تعتبر موضوعات البحث
مستقلة عن الباحث ويتم تجاهل التأثير الذي يمكن أن يحدثه على موضوع دراسته.
8
األستاد هادف
وفقًا للبنائيين ،إن معرفة العالم هي دائ ًما بناء إنساني واجتماعي ،وال يمكن أبدًا معرفة هذا الواقع مثل ما هو موجود.
كما ال يمكن وصف بشكل دقيق لكيفية حدوث األشياء ،ألن الواقع ليس له وجود مستقل عن الذات الداركة له .يتعارض
النهج البنائي مع النظرية المعرفية لمعالجة المعلومات؛ ألنه يعتبر أن الواقع ليس فريدًا ،وال موضوعيًا ،وال مستقالً عن من
يسعى إلى وصفه وتفسيره.
ال ينفي البنائيون وجود الواقع ،لكنهم يؤكدون أنه ال يمكن معرفته .بالنسبة لهم ،معرفة الواقع هي بناء :فالباحث يشارك في
بناء موضوعه ،من خالل الطريقة التي يالحظ بها ،من خالل تمثيالته ،وما إلى ذلك .ال يتمتع الباحث بإمكانية الوصول
المباشر إلى العالم الحقيقي ،بل فقط إلى تمثيله .وبالتالي فإن المعرفة ليست مستقلة عن السياق الذي خلقت فيه.
في علم االجتماع ،البنائية هي النهج الذي ينظر إلى الواقع االجتماعي باعتباره بناء اجتماعي .كان بيتر ل .بيرجر وتوماس
الكمان Peter L. Berger et Thomas Luckmannأول من طور هذا النهج في عمل مرجعي" :البناء االجتماعي
للواقع" ( .)1966حاول هدان المفكران إظهار كيفية بناء الواقع االجتماعي (األعراف والقيم والثقافة وما إلى ذلك) من قبل
الجهات االجتماعية .الفاعلة .يحدث البناء االجتماعي من خالل عمليتين :التخريج (يقوم اإلنسان ببناء الواقع االجتماعي)
واالستبطان (من خالل التنشئة االجتماعية ،يستوعب اإلنسان هذا الواقع) .وكان لهذا العمل تأثير هائل على علم االجتماع
المعاصر .
تم تطوير النظرية البنائية بواسطة جان بياجيه ( )1923كرد فعل على السلوكية ،حيث تسلط الضوء على حقيقة أن األنشطة
والقدرات المعرفية للفرد تسمح له بفهم الحقائق من حوله .وبالتالي ،فالشخص الذي يواجه موقفًا أو مشكلة معينة يقوم
بتعبئة عدد معين من البنيات المعرفية ،تسمى مخططات التشغيل .من هنا ،يمكن للشخص إما دمج المعلومات المدركة داخل
بنيته المعرفية (االستيعاب) ،أو تعديل بنيته المعرفية من أجل دمج عناصر جديدة قادمة من الموقف (التكيف).
يصر بياجيه في نظريته على حقيقة أننا نبني معرفتنا المختلفة من خالل مالمسة و التعامل مع "األشياء" و من خالل
التجريب.
يرى بياجيه أن الطفل ينمو عبر أربع مراحل ،دائ ًما بنفس الترتيب.
في كل فترة من هذه الفترات ،يقوم الطفل ببناء الواقع ودمج الواقع من خالل استيعاب مواقف جديدة .
البنائية هي موقف معرفي يدعي أن اإلنسان ينمي ذكاءه ويبني معرفته من خالل الفعل و في موقف ومن خالل التفكير في
الفعل ونتائجه .يدرك الشخص المواقف الجديدة ويفهمها من خالل ما يعرفه سابقا ويقوم بتعديل معرفته السابقة من أجل
التكيف مع الموقف الجديد .فكل تكيف مع موقف ما يؤدي إلى توسيع وإثراء شبكة المعرفة السابقة للشخص ،وهذا
التقدم المستمر للشبكة يسمح له بالتعامل مع المواقف المتزايدة التعقيد.
البنائية هي نظرية التعلم التي تركز على الفرد .المتعلم ال يتلقى المعرفة و هو سلبي ،بل يكتسبها من خالل تجربته
وتمثيالته ،فهو "يبني" معرفته .
فالبنائية هي نظرية معرفة (فاعلة ,نشطة ) أكثر من كونها نظرية معرفة (سلبية) ألن الفعل هو محرك التطور المعرفي.
لذلك تهتم البنائية بالمعرفة في العمل ،في فعل المعرفة.
على السؤال "ماذا يعني أن تعرف؟" » ،تجيب البنائية :المعرفة هي التكيف مع المقف الجديد ،إنها مسألة فهم المواقف
الجديدة .في الواقع ،وظيفة الذكاء هي التكيف مع المواقف الجديدة.
البنائية هي نظرية للتعلم تقوم على فكرة أن المعرفة يتم بناؤها ها من قبل المتعلم على أساس نشاط عقلي من خالل تفاعله
مع العالم الخرجي.
9
األستاد هادف
إدن فهو من الصعب تفسير البنائية دون اللجوء الى أعمال بياجيه الذي كان له تأثير كبير على هذه النظرية .في الواقع،
وصف بياجيه اآللية العامة للنمو المعرفي للطفل من حيث "عدم التوازن" و"التكيف" وبتعبير إن الطفل "يبني" بشكل
عفوي وغير واعي "بنيات معرفية" لتنظيم تجاربه وتوقع آثار األفعال التي يقوم بها في بيئته المادية واالجتماعية .فإن
التجارب الجديدة "تستوعب" من خالل البنيات المعرفية للطفل ،أي يتم دمجها بالتالي يجعلها تتطور تدريجيا ً .عندما ال
تتناسب التجارب الجديدة مع هذه البنيات ،فإنها تسبب "خلالً في التوازن" ،وتعطل الطفل معرفيًا .دائ ًما وبشكل عفوي وغير
واعٍ ،يغير الطفل تدريجيًا أجزاء معينة من هذه البنيات المعرفية ويعيد تنظيمها (عملية التكيف هذه ال تحدث فجأة ولكن على
المدى الطويل) .ويشير بياجيه إلى عملية التكيف هذه باسم "التكيف" أو "التوازن".
البنائية االجتماعية.
البنائية االجتماعية ،هي نظرية تعلم اجتماعي طورها عالم النفس الروسي ليف فيجوتسكي ،lev vigotskyتفترض هده
النظرية أن األفراد يشاركون بنشاط في خلق معارفهم الخاصة .يعتقد فيجوتسكي أن التعلم يتم في المقام األول في
السياقات االجتماعية والثقافية ،وليس داخل الفرد وحده كما هو الشأن عند بياجيه.
المعرفي ،لكنه رفض فرضية المعرفيين مثل بياجيه التي تقر بأنه من الممكن فصل التعلم
ً ينتمي فيجوتسكي الى التيار
عن سياقه االجتماعي .وقال إن جميع الوظائف المعرفية تنشأ في التفاعالت االجتماعية وأن التعلم ال يتكون ببساطة من
استيعاب /مواءمة .
البنائية االجتماعية هي نظرية تعليمية تؤكد على أهمية التفاعالت االجتماعية ودور الثقافة في خلق المعرفة .على عكس
البنائية التي تؤكد على التجارب الشخصية ،تؤكد هذه النظرية على العوامل االجتماعية .وتوضح أن التفاعل االجتماعي هو
المفتاح لبناء المعرفة .على سبيل المثال ،الشخص الذي لديه فهم محدد لشيء ما أو أيديولوجية ما قد يغير رأيه نتيجة
التفاعل االجتماعي .وعلى عكس التيار االمبريقي ،يرى التيار االجتماعي البنائي أن كل إنسان يبني معرفته الخاصة،
بشكل مستقل عن النظريات الموجودة مسبقًا .المعرفة ال تنتقل ،بل يتم بناؤها.
ووفقا ً لهذا االتجاه المعرفي ،ال بد من مراعاة بعدين أساسيين :البعد البنائي والتفاعل االجتماعي .يبني كل فرد معرفته من
خالل التجارب اليومية ،بما في ذلك التفاعالت االجتماعية التي يجريها مع اآلخرين .بدون النشاط العقلي لتنفيذ التجربة ،ال
يمكن تعديل أوتغيير البنية المعرفية ،.فإن عملية بناء المعرفة الجديدة بالنسبة للتلميد مثال ال يمكن فصلها عن التبادل
االجتماعي مع األقران.
لذلك ،ففي سياق تدريس العلوم مثال ،فإن البنائية االجتماعية تؤكد على ربط التمثالت والمفاهيم األولية للطالب بالعنصر
الجديد الذي سيتم تعلمه .في الواقع ،يمكن لهذه التمثالت األولية أن تكشف عن عقبات أو حواجز كبيرة أمام تعلم التالميد.
لذلك ،بالنسبة للمعلم ،ال يكفي أن يكون لديه معرفة بعمليات تعلم التالميد ،بل أن يعرف كيفية تطبيقها ،من خالل استغالل
هذه التمثيالت في الفصل في موقف سياقي.
تنص البنائية أو البنائية االجتماعية على أن الواقع مبني اجتماعيًا .على عكس الوضعيين ،الذين يؤمنون إيمانًا راس ًخا
بحقيقة وواقع واحد ،تؤكد البنائية على أنه ال يوجد واقع واحد .وفقا للبنائيين ،فإن الواقع هو خلق ذاتي .كبشر ،نحن جميعًا
نبني نظرتنا للعالم .و يعتمد هذا عادة على تصورنا الفردي .وبهذا المعنى ،تؤكد البنائية االجتماعية على أن الواقع هو واقع
اجتماعي ذاتي تم إنشاؤه باإلجماع.
مثل النظرية البنائية ،تعترف البنائية االجتماعية بأن المتعلم يتميز بالنشاط عند بناء معرفته الخاصة .ومع ذلك ،فإن بناء
المعرفة يحدث في المقام األول نتيجة للتفاعل االجتماعي .يتم بناء المعرفة من خالل عملية المناقشة والتفاوض.
فالمعرفة عملية تحدث أوال على مستوى العالقات بين األشخاص ثم تصبح شخصية .ولذلك فإن بناء المعرفة يتم في
دورا مه ًما في عملية التعلم .
السياق االجتماعي والثقافي الذي يتصرف فيه الفرد .ولذلك يلعب التفاعل واللغة ً
10
األستاد هادف
الوضعية والبنائية موقفان فلسفيان مختلفان تما ًما .هناك فرق بين األفكار األساسية وراء كل فلسفة .يمكن فهم الوضعية
على أنها موقف فلسفي يؤكد على وجوب اكتساب المعرفة من خالل حقائق يمكن مالحظتها وقياسها .وبهذا المعنى فهي
يتميز بالطابع العلمي الصارم .ومن ناحية أخرى ،تؤكد البنائية أن الواقع هو بناء اجتماعي .و يمكن تسمية التيار
الوضعي بالتجريبي أو أألمبريقي .الوضعيون ال يعتمدون على التجارب الذاتية.
• يمكن فهم الوضعية على أنها موقف فلسفي يؤكد على ضرورة بناء و اكتساب المعرفة من خالل حقائق يمكن مالحظتها
وقياسها.
وف ًقا للوضعيين ،فإن العلوم الطبيعية فقط مثل الفيزياء والكيمياء و علم األحياء هي التي تعتبر علو ًما حقيقية .وذلك
ألنهم اعتقدوا أن العلوم االجتماعية تفتقر إلى البيانات القابلة للمالحظة والقياس التي تؤهلها ألن تكون علو ًما حقيقية.
على عكس عالم الطبيعة ،الذي يعتمد على أشياء يمكن التحكم فيها في المخبر ،أما بالنسبة لعالم االجتماع فالمجتمع هو
مختبره .فدراسة األشخاص وتجارب الحياة والمواقف والعمليات االجتماعية من قبل علماء االجتماع ال يمكن مالحظتها
أو قياسها .وبما أن هذه الظواهر ذاتية للغاية وتختلف من شخص آلخر ،فقد اعتبرها الوضعيون غير علمية تماما.
ومع ذلك ،يعتقد أوغست كونت على أنه في علم االجتماع ،ينبغي استخدام األساليب الوضعية لفهم السلوك البشري .وقال
إن الوضعية ال ينبغي أن تقتصر على العلوم الطبيعية فقط بل تنطبق أيضا على العلوم االجتماعية ويوضحون أن القوانين
االجتماعية تخضع لنفس المبادئ المعرفية والمنهجية التي تتبعها علوم المادة وهذا هو الحال على وجه الخصوص عند
إميل دوركهايم E. Durkheim
ومع ذلك ،تم رفض هذه الفكرة الحقًا مع تقديم مواقف معرفية أخرى مثل البنائية.
فعلماء االجتماع مثل ماكس فيبر أو جورج سيميل والفيزيائيون مثل فيرنر هايزنبرج يرفضون التوجهات الحتمية
والميكانيكية للوضعين في تفسير كل شيء بأشكال كمية أو من خالل قوانين "طبيعية" عامة .ويشيرون إلى هذا االنحراف
باسم "العلموية".Scientisme
11
األستاد هادف
ايستمولوجية التربية
الجزء الثاني
مفهوم التربية -I
التربية خاصية انسانية و لها طابع عالمي إد ال توجد مجتمعات بشرية ال تهتم بنقل التراث الفكري والتقني
كما ال توجد مجتمعات بشرية ال يمارس فيها الفرد عمالً لتغيير فرد آخر .أن التربية هي خاصية مميزة
لإلنسان عن الحيوانات .من وجهة النظر هذه فأن الكائن البشري ،عند الوالدة غير ناضج أو غير مكتمل بقدر
ما ليس لديه ردود أفعال جاهزة للتفعيل كما هو الحال عند الحيوانات .بفضل التربية وصل إلى مرحلة معينة
من النضج من خالل دمج المعرفة التي تراكمت من قبل األجيال السابقة .
منذ العصور القديمة ،لم يتحدث المفكرون العظماء في مجال التربية بصوت واحد .إذا كاننت التربية بالنسبة للجميع،
سواء كان فالسفة أو علماء أخالق أو منظرين أو ممارسين ،هي المحك لبناء عالم يلبي تطلعاتهم ،فقد اعتبر البعض أنه من
الضروري تعليم األجيال الشابة ،في سياق عقائدي و تلقيني .ودافع آخرون ،أكثر إنسانية ،عن حرية الطفل والتعليم األكثر
ديمقراطية .في القرنين التاسع عشر والعشرين ،أولى علماء النفس وعلماء االجتماع واالقتصاديون واليوم المختصون في
علم األعصاب اهتماما كبيرا بمسائل التربية و التعليم من خالل نظريات المعرفة ،تطوير الذكاء ،وعمل الدماغ .وهذه
أيضًا هي اللحظة التي ظهرت فيها شخصيات عظيمة في البيداغوجيا في بداية القرن العشرين مثل ماريا مونتيسوري،
تصورا قويًا لطريقة التعليم ،وأعطوا شيئًا ما
ً وجون ديوي ،وسيليستين فرينيت ...وقد اقترح المثقفون من جميع البلدان
لطريقة التعليم.
أصل المصطلح:
كلمة التربية أصال تأتي من الكلمة الالتينية و ex-ducere, educareوالتي تعني تربية الحيوانات أو النباتات
وبالتالي رعاية األطفال وتدريبهم وتعليمهم و كانت التربية في البداية مقترنة بالطعام والغداء هو ما يقدمه الراشد الى
القاصر .فالطفل في وضعية قاصر أنه كالحيوان و ان الصبي ال يمكنه ان يتغدى بمفرده .فالتربية موجهة الى الجسد وبالتالي
فإن التربية هي عملية تهدف إلى إخراج الشخص من حالته األولية وإبراز إمكاناته .و تعني كدلك القيادة والهيمنة
واإلخراج والتحول من حال إلى آخر ،كما تعني العلم ال ُمعين على إخراج الطفل من حالته األولية التي كان عليها في البيت
واألسرة ومساعدته على تحصيل الفضائل والقيم من المحيط القريب منه.
تم توسع المصطلح ليشمل تربية األطفال تربية دهنية .إنه عمل إخراج الطفل من حالته ؛ فالتربية هي إدن عمل تنشئة
الطفل وتوجيهه نحو البلوغ .فالمسؤول عن تربية الطفل يقرر في مكان هدا االخير ،ويختار له ما هو من المفروض في
صالحه .انها ليست خاصة بالطفولة .العالقة هرمية ,هناك عالقة المسيطر المهيمن والشخص الذي يعرف والشخص الذي
ال يعرف.
كانت التربية في العصور الوسطى كانت تربية دينيًة تحت مسؤولية رجال الين و استمر التقليد القديم للعقاب الجسدي
وتقديس المعلم )صورة السيد( ،تقديس ليس بمعنى االحترام ،ولكن بمعنى القهر .عالوة على ذلك ،فإن معرفة المعلم
ال جدال فيها وال يمكن مناقشتها .كانت السلطة المطلقة للسيد ،حتى قسوته ،هي القاعدة حتى القرن الثامن عشر.
12
األستاد هادف
في النظام القديم ،لم يكن هناك اهتمام بخصوصية األطفال ،كانت التربية تهدف إلى تحويل الطفل إلى شخص بالغ نشط في
أسرع وقت ممكن .فمفهوم الطفولة لم يكن موجودا حتى القرن الثامن عشر و هدا بعد االنتقادات الشديدة التي وجهت
الى التعليم التقليدي من طرف اصحاب النزعة االنسانية و على رأسهم كومينيوس Comeniusالدي يعتبر أب التعليم
الحديث و روسو J.J. Rousseauالدي نادى باحترام الطفولة.
يجب اإلشارة إلى أن مفهوم التربية من أكثر المصطلحات تداوال واستخداما وشيوعا بين الباحثين والدارسين والمتدخلين
عصر إلى عصر ،ومن مكان إلى آخر ،ومن بيئة إلى أخرى .فهناك تعريفات في العملية التربوية و كدا فهو يختلف من ٍ
كثيرة للتربية تختلف باختالف النظرة إليها عبر العصور والثقافات والبيئات المختلفة وتطور االتجاهات الفكرية والعلوم
االجتماعية واألهداف المرسومة والنتائج المرجوة لكل مجتمع على حدة ،و هدا ما جعل منه مفهوما من أكثر المفاهيم
استشكاال في التحديد والمقاربة والبيان والتعيين .فإن أكبر االشكاالت االبستمولوجية في التربية يكمن أساسا في إشكالية
التعريف والتحديد ،بحيث اختلفت التحديدات ،وتعددت التعريفات وتباينت المقاربات لمصطلح التربية تبعا لمرجعية
المدارس التربوية في اختياراتها لمقاربة الظاهرة التربوية ،بحكم االمتداد التاريخي الطويل الذي مرت منه التربية من جهة،
وبحكم تداخل عدد من العلوم وتواصلها مع هذا العلم الجديد المسمى بعلوم التربية من جهة أخرى.
-تعريف إميل دوركايم « :هي الفعل الذي تمارسه األجيال الراشدة على األجيال الصغيرة التي لم تصبح بعد للحياة
االجتماعية ،وموضوعها إثارة و تنمية عدد من االستعدادات الجسدية و الفكرية و األخالقية عند الطفل ،و التي بتطلبها
المجتمع السياسي في مجمله والوسط الخاص الذي يوجه إليه .
ب فيها
-وجاء في موسوعة الالند الفلسفية : "Education:تربية ،تهذيب ،تأديب ...:سلسلة عملية إجرائية يُد ّر ُ
الراشدون (األهل عموما ً) الصغار من جنسهم ،ويشجعون لديهم ّ
نمو بعض النزعات وبعض العادات.
وعرفت اليونسكو -في مؤتمرها الـ 18الذي عقد في باريس عام 1974م-التربية بأ ّنها" :مجموع عملية الحياة االجتماعية ّ
ّ ّ
التي عن طريقها يتعلم األفراد والجماعات داخل مجتمعاتهم الوطنية والدولية لصالحها وأن ين ّموا وبوعي منهم كافة قدراتهم
الشخصية واتّجاهاتهم واستعداداتهم ومعارفهم .وهذه العملية ال تقتصر على أنشطة بعينها
تعريف افالطون ان التربية هى ان تضفي على الجسم والنفس كل عمال وكمال .
جون دوى التربية هى الحياة ,وهى عملية تكيف بين الفرد وبيئته
من خالل هذه التعاريف نجد أن مفهوم التربية يتمركز حول مفاهيم أخرى أساسية مؤثثة له كمفهوم "النمو ،التنشأت،
التهذيب ،وكذا االكتساب" ،إذا فالتربية هي نمو جسدي وعقلي ،ونفسي وكذا تنشأة اجتماعية ،وهي من ناحية أخرى تهذيب
وتقويم للسلوك وترشيده عن طريق عقلنته ،وهي كذلك من جهة أخرى مكتسبة أي أنها ال تكون بالفطرة فال يولد اإلنسان بها
بقدر ما تكون نتاج تفاعالته الداخلية والخارجية (المحيط األسري .المدرسي ،وبصفة أهم المجتمع(.
عموما هناك رؤيتان التربية و يمكن تجميع تعريفات التربية في فئتين رئيسيتين ،وهما:
من هدا التعريف ،يظهر بان التربية تهم الفرد بشكل اساسي ،حيث انها تؤكد بشكل خاص على إمكاناته الطبيعة و التي
تهدف التربية إلى تطويرها .
ب -تعريف تؤكد على البعد االجتماعي لإلنسان :وفقا لهذه التوجهات تتمثل التربية في تعزيز و تنمية قدر اإلمكان
قدرات كل شخص كفرد وكعضو في المجتمع .تشكل التربية من هدا المنظور عامال اساسيا للتنمية االجتماعية.
13
األستاد هادف
ويتمسك بهذا المنظور أحد المؤلفين األكثر تأثيرا في مجال علم االجتماع التربية ،وهو دوركايم E. DURKHEIMالذي
يرى بأن التربية هي فعل اجتماعي بامتياز.
بهدا يمكن وصف التربية بأنها عملية تدريجية لها فضائل على المستوى الفردي واالجتماعي .ويجب أن تأخذ هذه
العملية في االعتبار عدة عوامل مؤثرة ،سواء كانت فردية أو سياقية .في البيئة المدرسية ،أدى تطور التربية إلى االنتقال من
منظور المعلم والتلميد إلى مفهوم الوضع التعليمي) نظريات التعلم الحديثة( الذي يأخذ في االعتبار تفاعل العوامل
المختلفة والتي تبرز أهمية الجانب متعدد التخصصات .
ان العملية التربوية توجه وفق غايات محددة و التي تكون األساس الذي يقوم عليه بناء النظام التعليمي .فهي مجموعة
التطلعات التي يجب أن تقود التعليم نحوها سواء على المستوى الفردي واالجتماعي .و عليه يبقى الهدف الرئيسي للتربية
هو تكوين اإلنسان كشخص وكمواطن .وتحقيقا لهذه الغاية ،تقوم التربية بالمهام التالية:
-ضمان تنمية األفراد :أي تحقيق التنمية على المستوى الفكري والنفسي والجسدي.
-ضمان اكتساب قاعدة معرفية :أي اكتساب مجموعة من المعارف التربوية والثقافية واالجتماعية التي يجب على المتعلم
تحقيقها في نهاية المراحل التعليمية.
-ضمان استقاللية األفراد :من خالل التربية ،يشكل الفرد شخصيته تدريجيا (يطور تفكيره ،ويكتسب القدرة على إدارة
مشاكله ،واتخاذ القرارات ،وما إلى ذلك) ولكن أيضا مؤهالته (يكتسب دبلوما ومهارات مهنية) .وهكذا تتحقق االستقاللية
على المستوى النفسي والعقلي وكذلك على المستوى المهني والمادي .كما تعمل التربية على تمكين المجتمعات على ضمان
التنمية االقتصادية والتكنولوجية.
لقد أثرت األحداث التاريخية والسياقات االجتماعية واالقتصادية على المحتوى الذي يتم تدريسه ،والعالقة بين المعلم
والتلميد و المعرقة ;.قبل أن نعطي أمثلة عن تاريخ التربية في بعض البلدان سنتطرق الى تطور التربية من خالل
بعض الشخصيات العظيمة (الشخصيات والحركات) .كما سنثري هدا العرض بتقديم مساهمات بعض المفكرين الكبار
الدين ساهموا في تطوير التربية.
يمكننا التعرف على أربعة مسارات رئيسية ،ضمن أربع حضارات ،امتدت عبر القرون حتى يومنا هذا.
- 1المفكر األول الدي نذكره هو كونفوشيوس Conficiusو يعود إلى ما قبل عصرنا بكثير .ولد كونفوشيوس
Conficiusفي الصين عام 551قبل الميالد و كان مشروعه اجتماعي و تعليمي يهدف الى خلق مجتمع متناغم على
أساس "الثقافة الصينية" ،وقيمها .يشير كونفوشيوس إلى أن هدف التربية هو خدمة المجتمع :خلق مجتمع متناغم لتعليم
المواطنين القادرين على خدمة المدينة )الوطن( بشكل جيد ; ،و هدا يتقاطع مع رؤية بعض الفالسفة اليونانيين؛ الدين
يرون بأن هدف التربية هو خلق أمة ديمقراطية ،حيث يطور كل فرد قدراته المميزة داخل الفصل الدراسي ويضعها في
خدمة المجموعة ،و مع رؤية ديوي " .J.Deweyأي تعليم يخدم أي مجتمع يجب أن يبني »
- 2أما الحضارة اليونانية فلقد اخترعت مفهوم بايديا Paiedea1أي التكوين و مجموعة المعارف التي يتوجب على
صا على تكوين نخبة قادرة على إدارة "المدينة" بشكل جيد ،أولى الفالسفة ،بما في ذلك أرسطو الطفل اكتسابها .وحر ً
وأفالطون ،أهمية كبيرة لتعليم ثقافة واسعة ،تعتمد على التخصصات المعروفة في ذلك الوقت .يتجاوز الطفل إلى التميز عند
أفالطون) .وبالتالي فإن Paiedeaهي تعليم وثقافة النخبة .تم نقل مفهوم التربية هذا في جميع أنحاء العالم الالتيني ،ثم
المسيحي الذي شهد تحوالت خالل عصر النهضة وعصر التنوير (ال سيما من خالل االعتماد على كتابات العالم العربي
اإلسالمي(.
1 1بيديا (باليونانية القديمة ): παιδείαهي التربية ومجموعة المعارف األساسية التي يجب أن يتمتع بها المواطن الصالح في اليونان القديمة.
14
األستاد هادف
- 3ومن جانبها ،تطورت الحضارة العربية اإلسالمية حول العلوم الدينية التي كونت أساس للتعليم و التربية ؛ وقد
توسعت بسرعة إلى الشرق األوسط وغرب آسيا والمغرب العربي واألندلس .في هدا الصدد حاول اثنان من المفكرين
الكبار ،ابن رشد وابن خلدون ،تحرير التعليم من هذا القيد ) العلوم الدينية( من خالل التمييز بين العلوم الدينية التي ال يمكن
إثباتها ،والعلوم التي تقوم على "اليقين" (المالحظة والبرهان) .على الرغم من أن كتاباتهما لم يكن لها تأثير يذكر على العالم
اإلسالمي لسنوات عديدة فقد تم نشرها إلى حد كبير من قبل اليهود األندلسيين وخلفائهم ،من خالل الترجمات العبرية ،ثم
بلغات أخرى .ووجد مثقفو القرون التالية عند ابن رشد وابن خلدون بدايات مفهوم العلمية و بوادر التعليم الحديث و
التعليمية ،من خالل مقترحاتهم لتنظيم التعليم.
- 4قبل ظهور هذه الحضارات الثالث )الصينية و اليونانية و االسالمية( كانت هناك حضارات "أصلية" ،حيث تم التعليم
بشكل أساسي من خالل ناقلين :من طرف الطبيعة مورد الحياة و التي كان من الضروري معرفتها جيدًا و القبيلة أو
مجتمع االنتماء ،والتي تسمى غالبًا "العائلة الكبيرة" ،والتي نقل شيوخها الحكمة (بالمعنى االشتقاقي للمصطلح ،صوفيا التي
آثارا عميقة لهدا الشكل من التربية في أفريقيا السوداء وفي بعض
تحدد المعرفة للعيش في المجتمع) .و ال زالت توجد ً
المناطق الريفية المعزولة في عدة قارات.
إن الحضارات األربعة التي ذكرناها امتدت الى جميع مناطق العالم ،باستثناء الحضارة الهندوسية والتي ظهرت منها
شخصيتان عظيمتان بين القرنين التاسع عشر والعشرين :الكاتب العظيم رابندراناث طاغور Rabindranath Tagore
والمهاتما غاندي Mahatma Gandhiو قبلهم بوقت طويل ،قبل 1500عام من عصرنا ،كان التعليم جز ًءا من التقاليد
الدينية على أساس مخطوطة الفيدا Veda; 2و يقتصر على الطبقة الفكرية من البراهمة ،ويتم من طرف معلم في أماكن
قريبة من الطبيعة ،أو الحقًا داخل monastèreاألديرة البوذية.
أما التربية المعاصرة فلقد تم تشكياها تدريجيا ً على مر القرون ،ويجب اإلشارة إلى أن أوروبا الغربية أوالً ،ثم أمريكا
الشمالية (تأثير الهجرة) وأمريكا الجنوبية (رد الفعل على االستعمار) هي التي كانت مصدر أو اساس هذه الديناميكية.
يمكننا أن نعزو البدايات األولى للتربية المعاصرة إلى مجموعة من الشخصيات العظيمة (روسو )J.J. Rousseauو
(كوندورسيه ،) Condorcetو تطبيق أفكارها بشكل ملموس في مجال التعليم (فيري(. Ferry
ففي القرن العشرين ،طرح العديد من الشخصيات اشكاليات حول جوانب معينة من شكل المدرسة ،وخاصة تنظيمها
وطريقة نقل المعرفة والخبرة .فهناك عدة مفكرين ساهمت أفكارهم في إنشاء حركات تربوية مهمة :بياجيه ،Piaget
المؤسس لحركة التعليم الجديدة والبنائية؛ فيجوتسكي ،Vigotskiالملهم الروسي للبنائية االجتماعية والذي طور حركة
التربية الحديثة ؛ ديوي ، Deweyاألمريكي المدافع عن التعلم من خالل التجربة و اعتباره عملية اجتماعية وديمقراطية؛
فرويد freudالنمساوي ،الذي من خالل تأكيده على دور الالوعي ،قاد المحللين النفسيين إلى لفت االنتباه إلى أهمية
العالقة التربوية .حول هذه الشخصيات ،نشهد موجة من األفكار والمبادرات في كل مكان تقريبا .يمكن دكر من بين
أمثلة كثيرة أخرى :في سويسرا ،فيريير Ferrièreومدرسته في الريف؛ في فرنساFreinet ،والتلمس tatonnement
التجريبي ،و أيضًا Ouryوالتربية المؤسساتية المستوحاة من التحليل النفسي؛ في اسكتلندا ،نيل Neilواإلدارة الذاتية
ألطفال سمرهيل Summerhill؛ وفي بولندا ،تم تنظيم كورزاك Korczakودار األيتام كجمهورية لألطفال؛ وفي
إسبانيا ،فيرير ferrerوالتربية التحررية في المدرسة الحديثة؛ وفي ألمانيا ،كيرشنستاينر ومدارس العمل ،في الواليات
المتحدة ،روجرز C. Rogersوتنمية الشخص ...إذا كانت هذه المبادرات تشترك في السمة المشتركة المتمثلة في التشكيك
في جوانب معينة من الشكل المدرسي ،فإنها لم تنجح في اختراق النظم التعليمية الوطنية بعمق ،على الرغم من الترحيب
الحار من طرف مجتمع البحث ،على األقل من حيث األفكار لمؤسسات تدريب المعلمين.
نجد اإليطالية ماريا مونتيسوري ، Maria Montessoriوهي امرأة ملتزمة ضد الفاشية ،والتي أظهرت أهمية تعليم
األطفال الصغار واقترحت طريقة ناجعة لهذا الغرض .هناك أيضا شخصيتان رئيسيتان احدثتا ثورة في تعليم الكبار .
أوالً ،ساهم الدانماركي غروندتفيغ ، Grundtvigفي القرن التاسع عشر ،في تأسيس التعليم الشعبي في الدول اإلسكندنافية
ونشر مفهوم التعليم مدى الحياة ،والذي تبنته المنظمات الدولية فيما بعد .بعد ذلك ،عمل البرازيلي باولو فريري Paulo
2لفيدا هو الكتاب الذي جمع األساطير واألغاني والصلوات والترانيم واألشعار التي راجت خالل الغارات والغزوات القديمة .و«الفيدا» على هذا
— هي الكتاب المقدس عند الهندوس الذين يعتقدون أنه وحي من هللا موجه إلى قادة الماضي وأنبيائه وعنهم تلقاه «البراهمة»؛ أي طبقة الكهنة أو
القسس
15
األستاد هادف
، Freireالذي أهتم بإشكالية األمية وعواقبها الضارة ،على تطوير أساليب تدريس موجهة للبالغين ،ليس فقط لجعلهم
متعلمين ،ولكن أيضًا وقبل كل شيء لتحريرهم من االضطهاد السياسي واالجتماعي والثقافي .و لقد أمتدت بيداغوجية
التحرر Emancipationهذه على نطاق واسع على المستوى الدولي ،بل إنها ألهمت مؤتمر اليونسكو العالمي للتعليم
العالي ،من خالل تناول مفهوم التعليم باعتباره منفعة عامة. ،
سا في كل المدن الفكرية الكبرى في العالم العربي اإلسالمي ،فإن إذا كان ابن رشد Averroèsقد عمل في عصره مدر ً
ابن خلدون Ibn Khaldûnعلى العكس من ذلك شهد انهيار هذا العالم .ومع ذلك فإن كالهما ،في اتصال مع فكر فالسفة
العصور القديمة العظماء ،حاوال تحرير نفسيهما من سيطرة العلوم الدينية والالهوتية إلظهار أهمية العلوم العلمانية ،في
تعليم الشباب ،على أساس معايير علمية .
يجب اإلشارة الى أن لسياق العلمي في ذلك الوقت ،وليس السياق السياسي ،هو أساس الرؤى الجديدة للتعليم .ففي القرن
الثامن عشر ،شهد مشروع الموسوعة 3نمو العلوم والتكنولوجيا .تميزت نهاية القرن التاسع عشر والنصف األول من القرن
العشرين بظهور العلوم الصعبة)،فيزياء,كيمياء الخ (...ومن ثم العلوم اإلنسانية .وفي هذا السياق من التطور العلمي ،تم
خلق رؤى جديدة في قطيعة مع بعض المفاهيم السائدة في العلوم اإلنسانية في ذلك الوقت ،و ولدت تخصصات جديدة لها
تأثير على المشاريع التعليمية .لم يكن بياجيه متحمسا أو باألحرى راضيًا عن الفيزياء النفسية ، psycho-physiqueالتي
أنشأها فيشنر وفونت Fechner et Wundtفي ألمانيا ،أو عن السلوكية التي اكتشفها خالل رحلته إلى الواليات المتحدة؛
وبذلك أسس علم نفس النمو ،بنظريته عن المراحل والبنائية ("المعرفة يبنيها الطفل من خالل عمله على البيئة")؛ و كان
الكتشافاته آثار كبيرة على التعليم ،إد كونت األساس لحركة التعليم الجديدة التي أٍسسها.
من جانبه ،ابتكر فيجوتسكي Vygotskiعلم النفس الروسي مبتعدا نوعا ما من بنائية بياجيه ،ومن هنا جاء مفهوم
"منطقة التطور القريب ،)"ZPDفهو يرى بأن الطفل يحتاج إلى البالغين واللغة من أجل التقدم؛ التعلم هو عملية
اجتماعية وثقافية .أخترقت البنائية االجتماعية حركة التربية الجديدة و جعلتها تتطور .
وفي سياق يتميز بتجريبية لوك ، Lockeأبتعد جون ديوي John Deweyهو االخر عن السلوكية وعن بنيامين
بلوم ، Benjamin Bloomمؤسس "بيداغوجية اإلتقان أو التحكم » " « pédagogie de maîtriseومؤسس "
القيادة بالنتائج . pilotage par les résultatsوفقًا لديوي فليس المنعكس الشرطي اإلجرائي وال استخدام أهداف محددة
جيدًا وقابلة للتنفيذ هي التي تميز التعلم ، ،ولكن اللجوء إلى التجربة ،وإعطاء الفرصة لكل طالب لتنفيذ "قدراته المميزة" .
وبهذا يكون التعليم في خدمة الديمقراطية (المفهوم األساسي لعمله الفلسفي ومشروعه التربوي( .
كما قلنا ،شاركت ماريا مونتيسوري في توسيع مجال التعليم ،وهي طبيبة ،في حركة األطباء في عصرها ،والتي من
شأنها أن تُحدث ثورة في طريقة رعاية األيتام واألطفال الذين يعتبرون خارج نطاق األعراف االجتماعية .لقد ألهمها هذا
العمل إلنشاء dei bambini Casaفي روما وتجربة طريقة لتعليم األطفال الصغار .وهكذا عملت في نفس السياق و
االتجاه الدي عمل فيه فروبيل Froebelالذي أنشأ في القرن التاسع عشر "رياض األطفال" .وهذان المؤلفان هما أساس
مأسسة ما يسمى بالتعليم الفرويبلي أو حتى ما قبل المدرسة .سيُظهر عمل الباحثين التربويين الح ًقا أهمية التعلم خالل هذه
الفترة من نمو الطفل.
3الموسوعة أو دائرة المعارف أو ال َمعْلَمة هي مؤلف يحتوي على معلومات عامة حول موضوعات ال َمعرفة اإلنسانية أو ال ُمتخصصة في موضوع
معين ،ويَغلب على معلوماتها االختصار ،وتعتمد على دقة التنظيم بحسب الترتيب الهجائي ليس ُهل على المستفيد الرجوع إليها بأقل جهد
16
األستاد هادف
و تم بعد ذلك تطوير مفهوم ،احتل مكانة متزايدة األهمية في العقود األخيرة :مفهوم الفعالية ،كالعالقة بين التأثيرات التي
تمت مالحظتها أو تقييمها أو قياسها بالفعل والمؤشرات أو النتائج المتوقعة من قبل الجهات الفاعلة المعنية؛ واإلنصاف ،أي
التوزيع المتساوي لفوائد التعليم بين المجموعات السكانية المختلفة ،دون تمييز على أساس الجنس ،أو الطبقة االجتماعية ،أو
األصل ،أو اإلقليم ،وما إلى ذلك.
التطورات الحالية
اتسم عقدنا هذ بالعديد من التطورات .فهي كثيرة جدًا وتتفاعل بقوة .يمكن تصنيفها في عدة اتجاهات أو فئات :
-صعود العولمة
تتعلق الفئة األولى من التغييرات بتسارع التطور التكنولوجي .أصبح لدى كل شخص ،بما في ذلك األطفال الصغار ،أدوات
تكنولوجية قوية تحت تصرفه ،مثل الهواتف الذكية ،التي تمكن من الوصول إلى قواعد بيانات شاملة ومحركات بحث
متزايدة السرعة .ولم يعد سيد المعلومات هو العالم في مجتمعاتنا ،وال المعلم في مدارسنا .لكن فرص التنقل االفتراضي ،
وذلك بفضل تعدد التطبيقات مثل سكايب Skypeوشبكات التواصل االجتماعي ،والتي تستخدم في مختلف مجاالت النشاط
البشري .قبل وقت ليس ببعيد ،لم يكن من الممكن تصور مثل هذه التقنيات؛ لقد أصبحت ضرورية اآلن وهذا ال يخلو من
إثارة تساؤالت جدية ،خاصة فيما يتعلق بصحة المعلومات ("األخبار المزيفة )"fack newsواستخدامات التطبيقات (نفكر
في التحرش داخل المؤسسات التعليمية أو استخدامها ألغراض اإلرهاب( .كما يمكن دكر ChatGPT4
إن تطوير بعض التخصصات الدقيقة خلقت افاق جديدة في مختلف مجاالت النشاط البشري .وهذا هو الحال بالنسبة للعلوم
البيولوجية التي يمكنها التأثير على الجينوم Génome 5البشري؛ أو علم األعصاب الذي يُظهر العالقة الوثيقة بين اإلدراك
والعاطفة ودور الخاليا العصبية "المرآة"؛ أو حتى الذكاء االصطناعي الذي ،مدعو ًما بقوة تخزين ومعالجة المعلومات
ومعالجتها ،يحل محل البشر بشكل متزايد .وتثار قضايا أخالقية هائلة.
ونتيجة لهذه التحوالت العديدة ،نشأت "العولمة" ،وهي عملية ظهور نظام عالمي يميل إلى فرض نفسه كنموذج فريد
ومعترف به عالميًا وعابر للحدود الوطنية والثقافات ،يؤثر على جميع مجاالت النشاط (بما في ذلك التعليم) . ،إن الحوكمة
الوطنية تفسح المجال بشكل متزايد للحوكمة الدولية (منظمة التعاون والتنمية في الميدان االقتصادي ،والبنك الدولي،
وصندوق النقد الدولي ،واألمم المتحدة ،واليونسكو ،واليونيسيف ،واالتحاد األوروبي ،وما إلى ذلك) .هناك مخاوف بشأن
فرض ثقافة ولغة واحدة بشكل خادع وما ينتج عن ذلك من فقدان الهويات (العديد من اللغات اختفت بالفعل ) .يعتمد أصحاب
المصلحة في التعليم ،على المستويين الوطني والمحلي ،بشكل متزايد على الضرورات االقتصادية والربحية ،تحت ضغط
اإلدارة الجديدة .وتزداد المخاوف ألن منظمة مثل منظمة التجارة العالمية تميل إلى اعتبار التعليم خدمة يمكن للقطاع
الخاص أن يجعلها أكثر ربحية ،وترفض مفهوم "الصالح العام" .ويحدث هذا في سياق يكون فيه الطلب على الفردية قويًا
جدًا من ناحية ،وحيث ترغب بعض األنظمة ،من ناحية أخرى ،في فرض محتوى يتم تدريسه في بعض البلدان.
4هو عبارة عن روبوت محادثة يعمل بالذكاء االصطناعي ،طورته شركة Open Aiاألمريكية في نوفمبر ،2022وأحدث ضجّة كبيرة في
العالم .ولجأت العديد من الشركات واألفراد إلى بدء تعلم كيفية استخدامه ،باعتباره أهم األدوات التي سوف يحتاجها األفراد في مختلف
التخصصات سواء موظفين أو طالب أو أصحاب أعمال ،لتطوير أعمالهم وإنجاز العديد من المهام بسرعة أكبر .
ويمكن استخدام شات جي بي تي في صياغة المقاالت وحل المعادالت الرياضية وكتابة أو التحقق من دقة أكواد ، HTMLوكذلك تقديم أفكار
إب داعية لتصميمات الجرافيك ،باإلضافة إلى العديد من المهام األخرى .كما يمكنه المساعدة في إنشاء نص مقروء عند الطلب بمجموعة متنوعة من
األنماط واألصوات وألغراض مختلفة حسب طبيعة العمل.
... 5لجينوم البشري أو المجين البشري باإلنجليزية) : (Human Genomeهو مجموعة كاملة من المعلومات الوراثية لإلنسان (Homo
)sapinsالموجودة في تسلسل الحمض الريبوزي النووي منقوص األكسجين (الدي أن إيه )) (DNAفي 23زوجا ً من الصبغيات في نواة الخلية
باألضافة إلى الحمض النووي داخل الميتوكوندريا.
17
األستاد هادف
إنها تربية عملية بشكل خاص .يتعلم الطفل كيفية استخدام األدوات والصيد والجمع وصيد األسماك وفن الزراعة أو إدارة
المنزل .يتم تحديد األنشطة حسب الميول الفردية واالحتياجات االجتماعية.
طرق التدريس :المالحظة والتقليد ،األلعاب ،مراسم التنشئة ،المشاركة المباشرة في الحياة الجماعية.
- 2التربية في العصور القديمة :ا لتربية تهدف إلى إدامة و المحافظة على النظم االجتماعية.
في مصر القديمة :هو مجتمع من الطبقات المتوارثة من األب إلى االبن .ويستفيد "الشعب" من التعليم المهني العملي الذي
تضاف إليه مفاهيم القراءة والكتابة الهيراطيقية (الكتابة اإلدارية) ،والحساب البسيط والهندسة.
في الهند القديمة :هذا أيضًا مجتمع من طبقات هرمية تتراوح من المنبوذين إلى البراهمة .فقط البراهمة يمكنهم الوصول
إلى التعليم العالي .يعتمد هذا التعليم العالي على الكتب المقدسة المكتوبة باللغة السنسكريتية .ويشمل النحو واألدب والقوانين
وعلم الفلك والطب والرياضيات.
مصر القديمة :التعليم من حيث المبدأ هو مسؤولية والد األسرة .يتم التطوير المهني بطريقة مؤسستية .يبقى "التعليم العالي"
من اختصاص الكهنة.
طرق التدريس:
مصر القديمة :الذاكرة والتقليد . ،تعليم شمولي يستخدم العقاب البدني ،وهو صارم للغاية.
الهند القديمة :الحفظ "عن ظهر قلب" لتنغمس في روح الحكماء .التعليم ينمي الصفات الحميدة والتأملية ،مع تجاهل األشياء
األرضية أي الدنياوية والجسد.
الصين القديمة :ثقافة الذاكرة وتبجيل أو تفضيل الكتب .تعليم نخبوي يحتقر األنشطة اليدوية ،ويخصص لتطوير مجتمع
ثابت .يتم ازدراء األصالة والمبادرة والحرية.
في :Spartaتهدف التربية إلى تدريب جنود شجعان وأقوياء مرتبطين بوطنهم .ويتكون من تدريب على الصيد وتمارين
بدنية وعسكرية.
في أثينا :اعتمادًا على عدم المساواة االجتماعية ،فإن مستوى التعليم ليس هو نفسه .ويجب على ابن الصانع أن يكتفي بتعلم
القراءة والكتابة والحساب .األغنياء يحصلون على تعليم كامل لجعلهم مواطنين حقيقيين .يهدف التعليم إلى توليد االنسجام
بين الجسد والفن والفكر .حتى سن الخامسة أو السادسة ،تقوم النساء بتعليم األطفال .من سن السابعة ،يُعهد باألطفال إلى
معلم رقيق ،أو موصل أطفال .ويرافق العبد الطفل إلى دروسه ويراقب سلوكه .ويتعلم النحو و القراءة والكتابة واألساطير
والحساب ثم الرسم والهندسة .يقوم عازف آلة القانون بتدريس الموسيقى والجمباز
18
األستاد هادف
التعليم الروماني :وهو عسكري ووطني ونفعي :القراءة والكتابة والحساب والتدريب العسكري وبالطبع اإلخالص للوطن.
أصبحت القواعد والبالغة حاضرة بشكل متزايد في المدرسة.
في المدارس الجامعية ،نتعلم اللغة الالتينية ،والشعر ،والعلوم ،والبالغة ،والقانون.
إن تعليم الفروسية ،الذي تم إنشاؤه في أعقاب الحروب الصليبية ،مستوحى من المسلمين والفرس .وتشمل التربية البدنية
دورا مه ًما بشكل خاص.
والغناء والموسيقى واألخالق الحميدة .يلعب الشرف ً
يتم تدريس الفنون الليبرالية السبعة في الجامعة :الفنون الثالثية (القواعد والبالغة والمنطق) والرباعية (الموسيقى والهندسة
وعلم الفلك) كانت المدارس األسقفية تحت مسؤولية األسقف ،ولهذا السبب يوجد في كل كاتدرائية مدرس مجاني .
تحتفظ األسرة بوظائفها في تدريس المهام المنزلية .تم تنفيذ المهام المهنية من قبل مؤسسات محددة :الشركات.
في المدارس األسقفية ،تُقرأ النصوص المقدسة بطريقة "عالمية" بجمل كاملة.
في الجامعة ،يتم التدريس على شكل محاضرات ،أي من خالل التعليقات على الكتب .الدروس العادية التي يعرض خاللها
المعلم المادة تتم في الصباح .يتم استخدام فترة ما بعد الظهر لإلجابة على األسئلة وتكرار المادة .مرة واحدة في األسبوع،
يتم إجراء مناقشة نتناقش خاللها بشكل علني يتم إعطاء الدروس في اإلسطبل وفي منزل المعلم.
-4القرنان السابع عشر والثامن عشر :من الصورة للعبقرية اليونانية إلى اإلنسانية العلمية
في المدارس االبتدائية :يتم تقسيم الطالب إلى مجموعات مستوى .أثناء التعليم المسيحي ،نتعلم عن ظهر قلب باستخدام
نظام األسئلة واألجوبة.
طرق التدريس مبتكرة ويتم التعرف على نفسية الطفل المحددة .يتم استخدام اللعبة كأداة تعليمية .يفضل التواصل الشفهي
على الكتب أو الموسوعة.
تتطلب مبادئ التدريس الخاصة معرفة التالميد جيدًا ،وإضفاء الطابع الفردي على التدريس ،وتقديم التعليم العملي مدى
الحياة ،وإشراك األطفال في الحياة المدرسية وتقديم التدريس التفاضلي .
يدافع روسو في ) L'Emile (1762عن طرق تدريس نشطة من شأنها أن تجد طرقًا للتربية الحديثة ويلهم العديد من
التربويين مثل كانط أو بيستالوزي.
ثالثة تيارات تساهم بقوة في تغيير التقاليد :فلسفة لوك (المعرفة ال تأتي إال من خالل اإلدراك الحسي والتعليم يجب أن
يقوم على الفضول) ،روسو (التعليم ال يمكن أن يكون فعاال إال إذا كان مبنيا على طبيعة الطفل) ،والموسوعيون (التنمية).
اإلنسانية التقنية التي تعيد الكرامة إلى المعرفة اليدوية والتقنية).
-5القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين :من االندفاع الديمقراطي إلى التأمالت التربوية
بروز العديد من المعلمين و تأثير حاسم على البيئة التعليمية،Maria Montessori ،Froebel ،Owen ،: Pestalozzi
Steiner. ،Dewey ،J. Lancaster ،André Bell ،Makarenko ،Freinet ،Decroly
19
األستاد هادف
أنشأ المعلم أدولف فيريير وعالم النفس إدوارد كالباريد معهد جان جاك روسو في عام .1912في عام ،1921أنشأ أدولف
فيريير الرابطة الدولية للتعليم الجديد .التعليم الجديد مستوحى من بيداغوجية ديوي :الطفل نشط واجتماعي.
التدريس المتبادل ،التعليم الجديد ،طرق التدريس النشطة ،طرق تدريس مونتيسوري ،طرق تدريس شتاينر-والدورف،
طرق التدريس الجماعية ،طرق التدريس االجتماعية البنائية ، _ ،جول فيري ،بول بيرت ،بيستالوزي ،أوين ،فروبيل،
ماريا مونتيسوري ،ديكرولي ،فرينيت ،ماكارينكو ،أندريه بيل ،جي النكستر ،ديوي ،أدولف فيريير ،جيزيل دي فايلي،
روجر كوزينيه ،إدوارد كالباريد.
منحت البيداغوجيا المؤسستية التي طورها سيليستين فرينيت وفرناند أوري وعايدة فاسكيز التالميد مكانة في تنظيم
الفصل .
يتم إيالء اهتمام أكبر لألطفال الذين يواجهون صعوبات :األجانب أو المعاقين (التعليم الداعم ،مجموعات العمل التربوي
النفسي ،إنشاء مجاالت العمل ذات األولوية).
ظلت المدرسة التي أدخل عليها إصالحات وفية لللفظية والتعليمية والموسوعية مع انتشار استخدام الحاسوب اآللي في
المدارس مع حدوث الثورة العلمية والتقنية .كما تزايد استخدام تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت في التدريس .
التدريس المبرمج ،التدريس بمساعدة الحاسوب ،البيداغوجيا المؤسستية ،تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ،دونالد
وينيكوت ،فرانسواز دولتو ،سكينر ،سي جي يونج ،إف أوري ،أ .سكينر .العلوم المعرفية علم االعصاب و التربية.
-التربية الحديثة:
التربية الحديثة هي حركة تعليمية تدافع عن مبدأ المشاركة الفعالة لألفراد في تعلمهم الخاص والتي تدافع على فكرة أن
التعلم قبل أن يكون تراكم للمعرفة ،يجب أن يكون عامالً في التقدم الشامل للشخص .هناك ثالثة مبادئ رئيسية توحد
المدارس الجديدة :التركيز على الطفل ،والتربية األخالقية (التي تؤدي إلى االستقاللية ولكن أيضًا إلى المساعدة المتبادلة
والتعاون) وممارسة األساليب النشطة .
لقد تم التفكير في التربية الحديثة في المقام األول من قبل المنظرين ،والفالسفة مثل ديوي ،وعلماء النفس مثل كالباريد،
وعلماء االجتماع مثل فيريير ،ومفتشي التعليم مثل كيرشنستاينر . Kerschensteinerتم اعتماد مبادئ التربية الحديثة من
قبل ممارسين مثل Pestalozziأو Freinet.اللدان استنكرا كالهما في البداية عدم كفاية المدارس في عصرهما ألنها لم
تلبي احتياجات التلميذ وال احتياجات المجتمع.
التربية الحديثة أحدث تحوال عميقا في التعلم الدهني حيث التعليم الجديد يشجع بناء المعرفة من قبل الطالب نفسه .إن
احتياجات الطفل الن يعرف و أن يفهم هي أصل كل التعلم .وبالتالي فإن الوصول إلى المعرفة يجب أن يتبع مسارات
البحث الشخصي او المحاولة وأن يتجذر في عمليات عفوية تتكيف مع العمر والمهارة .إن بناء المفاهيم يجب أن يتبع
مسارات النمو العقلي الطبيعي حيث يكون للبناء الحقيقي والتبادل بين األقران مكانة أساسية .قدمت أعمال علماء النفس مثل
كالباريد ،ووالون ،وبياجيه ،وبرونر ،وفيجوتسكي مرجعيات نظرية ،ودعمت افكار الممارسين مثل فرينيت.
عند األطفال الصغار وحتى سن المراهقة ، ،يجب أن يحظى العمل اليدوي بمكانة خاصة في البناء الفكري .وبالمثل ،فإن
مجموعات ال مناقشة التي يكون للمعلم مكانه هي أماكن مميزة لهذا البناء .نرى من هذا كيف أن هذا المفهوم وهذه الممارسة
يتعارضان مع تصورات المدرسة .ومن ناحية أخرى ،فإن كل التعلم الفكري الحي يجب أن يكون جز ًءا من مشروع عام
20
األستاد هادف
عكس التعلم الكالسيكي الذي يتم من خالل أنشطة تخصصية محددة ،دون تنسيق مع التخصصات المجاورة ،إال بطريقة
عشوائية،
االيبستمولوجيا و التربية
كلمة ايبستمولوجيا " Épistêmêتعني في اليونانية كما أشرنا اليها في الجزء األول العلم ،و " "logosتعني الكالم.
نظرية المعرفة هي خطاب حول العلم .إنها على وجه التحديد تفكير نقدي حول لمبادئ وأساليب ونتائج العلم -المعرفة التي
ينتجها اإلنسان .أما ايبستمولوجية التربية فيمكن تعريفها كاألتي :ايبستمولوجية التربية هي فرع من فروع فلسفة التربية
التي تهدف الى دراسة التأسيس النقدي للمعرفة في مجال التربية من حيث اهمية التعريفات العلمية العامة و االسس و
القوانين و المبادئ و ااقواعد ل هدا التأسيس .و كدا عالقة هده القواعد و المعايير بالممارسة التربوية ,كما تدرس من جهة
اخرى مصدر و انواع و مناهج المعرفة في التربية و كدا التحلبل النقدي للمفاهيم و المبادئ و القوانين التربوعية و تشكيل
المعرفة و نقلها,
جميع النظريات التربوية ،تقوم بنمدجة إلى حد ما الفعل التربوي و يتم اشتقاقها من قيم تستند إلى فلسفة معينة .كل نظرية
مدعومة بفكرة عن االنسان ،ومكانه في الكون ،وإضفاء الطابع اإلنساني عليه .إن مسألة األهداف و الغايات تجعل من
التربية مسألة تخص الفالسفة .كان معظم المعلمين الكبار في علوم التربية فالسفة و األسئلة المتعلقة بأغراض التربية ترجع
دائما إلى فلسفة التربية .من يجب أن يعلم؟ من يجب تعليمه؟ ما الذي يجب تدريسه؟ كيف يجب ان نعلم؟ إن النظرة او
الفكرة التي نكونها عن لإلنسان و المجتمع هي التي تقدم االجابات عن هذه األسئلة األساسية .كان السفسطائيون هم أول
من طرح هذه األسئلة في القرن الخامس قبل الميالد في اليونان القديمة .إنهم "معلمو الحكمة" ويعلمون الشباب االلتزام
بالقواعد االجتماعية من خالل ضبط النفس.
توجد األبستمولوجيا أينما وجد ت مادة للتفكير .يتم اللجوء اليها لمالحظة ظاهرة ،نقد فكرة ،تلخيص نص ،انتقاء المراجع،
بناء المعلومات ،اختيار المنهجية ،تمثل ظاهرة ،تحليل البيانات على ضوء إطار نظري ،إثبات فرضية .وبالتالي فإن
االنخراط في االعتبارات اايبستمولوجية يعني ضمنيًا أننا نستكشف عالقاتنا بالمعرفة العارفة أو العلمية ،ولكن أيضًا
عالقاتنا بعمليات اكتساب المعرفة وتطوير المهارات ،وبالتالي بالتعلم .
إن معرفة األبستمولوجيا لها آثار ملموسة على الطريقة التي نعلم و نتعلم بها ،ولهذا السبب بالتحديد من الضروري أن
نخضع ،كمعلمين و كمتعلمين ،لتأمالت معينة ذات طبيعة معرفية أو ايبستمولوجية.
ومن ثم ،فمن الضروري أن يكون الجميع قادرين على تحديد موقفهم المعرفي سواء من زاوية التخصص و كدا من الناحية
البيداغوجية و البحثية .إن الموقف المعرفي لكل شخص يمر عبر عدة وجهات نظر ،جميعها مرتبطة بالمعرفة.
يمكن أن تتوافق هذه مع المعرفة العارفة (أو حتى العلمية ،التخصصية) ،التي يتم تشكيلها من خالل البحث العلمي وكذلك
من خالل التفكير الجماعي والتي توجد في المختبرات والجامعات والكليات والكتب والمجالت والمدونات واألفالم
الوثائقية والمواقع اإللكترونية .يمكن أن ترتبط المعرفة أيضًا بما تعلمناه ،واكتسبناه ،والذي دمجه كل شخص خالل دراسته
أو خبراته الشخصية والمهنية,
إن فحص الموقف المعرفي للفرد يعني إلقاء نظرة على مكانة وقيمة المعرفة وكذلك الطريقة التي تسمح بالوصول إليها.
للقيام بذلك ،يمكننا أن نطرح أربعة أسئلة رئيسية:
ما هي المعرفة؟
21
األستاد هادف
•من أين تأتي أو كيف تم إنشاؤها على وجه التحديد ،في تخصص معين؟
كيف يتعلم اإلنسان ؟ ؟ وكيف يدمج المعرفة العلمية بحيث تصبح معرفة متقنة وقابلة لالستخدام؟
قي الواقع ،فبوعي أو بغير وعي ،ننقل مفهومنا الخاص عن تخصصنا إلى الطالب :من خالل رؤيتنا للمعرفة ،وتصوراتنا،
واستراتيجيات التدريس ،نقوم بتكوين الطلبة على جوهر مجال تخصصه .وهم ،من جانبهم أي الطلبة ،يصلون إلى
الفصل بتصوراتهم الخاص للمفاهيم التي يجب أن يتعلموها أو بفكرة عما يعتقدون أنهم يعرفونه بالفعل .إن فهم العالقة التي
تربطهم بالمعرفة المنقولة في الفصل سيسمح للمعلم بتأكيد المعرفة الكافية وتفكيك المعتقدات الخاطئة ،لتعزيز نهجهم أو
تعديله ،إذا لزم األمر ,قدم بروسو Brousseauمفهوم نظرية المعرفة المدرسية للداللة على مجموعة القنعات و المعتقدات
-صريحة أو ضمنية -والتي تسود داخل المدرسة ،حول طرق التدريس و الغاية المعرفة والتعليم والتعلم .االبستمولوجية
المدرسية تؤثر على النشاط التعليمي على البرامج حيث تؤثر بشكل كبير على اختيار المعرفة التي سيتم تدريسها،
والمنهجي ة التي سيتم اعتمادها ،ونماذج التعلم التي يتم على أساسها تنظيم التدريس .فمن بين المدارس الفكرية المختلفة
الموجودة في مجال نظرية المعرفة و التي لها تأثير بالغا في ميدان التربية الحديثة ،هناك واحدة تستحق المزيد من
االهتمام لدعوتها إلى جعل معتقداتنا نسبية :المفهوم البنائي االجتماعي لعمليات تشكيل أو بناء المعرفة والعلم ،والذي يعتبره
العديد من الفكرين علي غرار جيرار فوريز واحدًا من أعظم رواده .ويعتبر هذا الفيزيائي والفيلسوف المعاصر أن
الب احثين ال يكتشفون الحقائق ،بل يخترعون نماذج تفسيرية للعالم ،من خالل المناقشة والتفاوض.
على مر العصور ،أثرت الكيفيات المختلفة التي اتبعناها في إدراك بناء المعرفة العلمية على مفاهيمنا حول اكتساب المعرفة.
ومع ذلك ،فقد أنتجت كل هذه الرؤى العديد من نظريات التعلم ،بما في ذلك المنهج المعرفي والبنائي االجتماعي .ومن ثم
فإن العديد من االتجاهات في التعليم يمكن أن تساعدنا في اإلجابة على سؤال "كيف نتعلم ؟" " ،ولكن أيضًا على األسئلة
التالية:
هل نتعلم عن طريق الحفظ؟ من خالل تجارب معينة؟ من خالل التبادل مع اآلخرين؟
هل يفضل اعتماد أسلوب التعلم من خالل االنتقال من البسيط إلى المعقد أو اختيار مدخل من خالل التعقيد؟
هل نحن مستعدون دائ ًما الستقبال أو اكتساب المعرفة الجديدة ،مثل الصفحة البيضاء ،أم أننا نزود بشبكات تفسيرية من
شأنها أن تنظم طريقتنا في تطوير هذه المعرفة ( والتي ستحددها ثقافتنا ،وتاريخنا ،وخبرتنا ،وتجاربنا السابقة؟ )؟
ما هي أهمية المعرفة التي اكتسبها الطالب سابقاً؟ وإلى أي مدى ينبغي على المعلم أن يأخذ هذه األمور بعين االعتبار؟
ما هو مكان الخطأ في التعلم؟ هل ينبغي اعتبار هذا األخير بمثابة إزعاج يجب تجنبه أو كمؤشر يسمح لنا بفهم التطور
الفكري للطالب؟ هل يجب أن نحاول فهم مصدر أخطائهم؟
هل يعيد المعلم إنتاج استراتيجيات التدريس التي كانت فعالة في نظره ،تلك التي يعرفها كمتعلم؟
إن الموقف االبستمولوجي الذي ينتهجه كل فرد يتوافق في المقام األول مع رؤيتهم للعالم .وهو يتطابق ،بشكل أكثر تحديدًا
لدى كل شخص مع تصوره لبناء المعرفة العلمية المتعلقة بتخصصه .في التعليم يؤثر هذا الموقف ،إذن ،على االختيارات
التعليمية للمعلمين وطريقتهم في تناول الموضوع الذي يدرسونه ( مثلث هوساي ،مثلث شوفالر وعلى وجه الخصوص
العالقته الثالثية بين المعلم ,المتعلم والمعرفة .
من منظور فردي ،يتداخل الموقف المعرفي للشخص أيضًا بشكل عام ،مع عالقته بالتعلم .وبالتالي ،فهو يوجه نظرة المعلم
لطالبه وكذلك احتياجاتهم ،وبالتالي الخيارات التي يتخذها فيما يتعلق باستراتيجيات التدريس .
22
األستاد هادف
تدعونا نظرية المعرفة إلى االهتمام بشكل مختلف بماهية المعرفة ،بما نعرفه ،بما يعرفه الطلبة وما يجب أن يعرفوه،
بالطريقة التي نتصور بها التعلم ،ولكن أيضًا بالطريقة التي يرى بها الطالب أنفسهم هذه السيرورة . .وذلك ألن وضع كل
شخص يتطور من خالل تعلماته في تخصصه وفي كيفية التعلم ،وكذلك من خالل تأمالته الشخصية والمهنية
إن التحليل المعمق لإلبستمولوجيا في التربية يسمح لنا بإقامة عالقة بين مفهوم المعرفة ومفاهيم القناعة ,اإلعتقاد التصور
,المعرفة والعلم .
في الواقع ،من خالل مفهوم األبستمولوجيا ،فإننا نحدد مجموعة من القناعات ،من المعرفة والمعرفة العلمية التي تسعى
إلى تحديد معرفة الفرد أو مجموعة من األفراد وأداءهم وكذلك وسائل تقييم صالحيتها أو صحتها و كيفية اكتسابها
وبالتالي تعليمها وتعلمها .تسعى نظرية المعرفة إلى تحديد و توحيد المفاهيم المعرفية المختلفة المتعلقة ببعض العلوم
والحركات للفكر ،لمجموعات من األفراد ،للمؤسسات أو الثقافات.
االبستمولوجية المدرسية تؤثر على النشاط التعليمي على البرامج حيث تؤثر بشكل كبير على اختيارالمعرفة التي
سيتم تدريسها ،والمنهجي ة التي سيتم اعتمادها ،ونماذج التعلم التي يتم على أساسها يجب تنظيم التدريس.
تتطلبدراسة نظرية المعرفة في التربية معرفة عدد معين من المفاهيم األساسية المرتبطة بالعملية التعليمية .يتعلق األمر
بشكل أساسي بالتعليم والتدريس والتعلم وطرق التدريس وطرق اكتساب المعرفة و ايبتمولوجية المعلم و المتعلم.
البيداغوجيا و الديداكتيك.
تعتبر البيداغوجيا والتعليمية مفهومين أساسيين في مجال التعليم ،على الرغم من أنهما غير قابلين للتبادل .وعلى الرغم من
التشابه الظاهري بينهما ،إال أن لهما معاني مختلفة .لفهم هذين المصطلحين بشكل أفضل ،من الضروري مالحظة أنهما
مترابطان :ال يمكن للبيداغوجيا أن تكون بدون تعليمية ،والعكس صحيح.
مفهوم البيداغوجيا:
عرف هذا المفهوم عند اليونان ويعني :العبد الذي كان يرافق األطفال إلى المدرسة( :بيدا) وتعني الطفل و(غوجي) وتعني
القيادة والسياقة.
يرى إيميل دوركايم أن البيداغوجيا نظرية تطبيقية للتربية تعتمد مفاهيمها من علم النفس وعلم االجتماع.
أما روني أوبير فيرى أنها ليست علما وال تقنية وال فلسفة وال فنا ،بل هي هذا كله منظم وفق تمفصالت منطقية.
23
األستاد هادف
باختصار ،يعتبر التعليم التفكير حول كيفية نقل المعرفة ،في حين أن البيداغوجيا موجة نحو الممارسات الصفية.
" • ) G. Vergnaud (1985يتم تعريف الديداكتيك بشكل خاص من خالل البحث في شروط اكتساب المعرفة .ومن ثم
فهو ال يتساءل عن المفاهيم في حد ذاتها بقدر ما يتساءل عن كيفية بنائها .في التعلم ،المتطلبات األساسية التي تنطوي
عليها ،والتمثيالت العادية لدى المتعلمين واألنواع المختلفة من عوائق التعلم التي يمكنهم خلقها أو مصادفتها.
كلمة "تعليمية" تأتي من اللغة اليونانية "didaskein".وتعني التدريس و ""tékneتشير إلى الفن" ،فن التدريس".
الديداكتيك هو العلم الذي يهتم بالجوانب المتعلقة بالتدريس .الهدف من دراستها هو تحويل المعرفة التخصصية (معرفة
درسة) .وبعبارة أخرى ،تتعلق الوسيلة التعليمية
الخبراء ،المعرفة المرجعية) إلى مجال المعرفة األكاديمية (المعرفة ال ُم َّ
بتدريس محتوى معين .إنها تفكر في منطق التدريس المبني على منطق المعرفة .يشير مصطلح "الديداكتيك" إلى علم
التدريس . ،ترتبط العديد من المكونات بالممارسات التعليمية ،أبرزها • :األهداف • المواضيع • األساليب • أطر التدريس
والتعلم باختصار ،تعتبر الديداكتيك التخصص الذي يهتم بشكل أساسي بعلم التدريس والتكوين .
الديداكتيك مرتبطة بالمحتوى .إنه فن تحليل المعرفة وتنظيم عمليات التعلم .وتهدف إلى:
-تحديد المفاهيم األساسية التي سيتم نقلها - ،توقع صعوبات التعلم المتعلقة بهذه المفاهيم - ،تحديد المعارف القبلية التي
يمتلكها التالميد - ،تحديد تمثالت المتعلمين - ،تحديد النهج لعمليات التعلم .يعتمد التعليم على التحكم في المحتوى ،وال
سيما على المعرفة التفصيلية لتاريخ تطور المعرفة المعنية.
-دراسة عمل المجموعة وأنماط العالقات بين األفراد الذين يتكونون منها،
يجب أن يتمتع المعلم بمعرفة واسعة في العلوم التربوية وعلم النفس وعلم األعصاب وما إلى ذلك.
التعلم:
من خالل مقاربة عامة وباالستناد او بالرجوع إلى علم النفس المعرفي ،يمكن تعريف التعلم على أنه االستقبال واالدماج
والقدرة على إعادة استخدام المعرفة في المواقف المناسبة.
ولتحقيق هذه الغاية يجب أن يكون لدى التلميذ معرفة في الذاكرة تسمح له بإقامة روابط مع المعلومات الجديدة المقدمة له
حتى يمكن استيعابها ويكون لها معنى بالنسبة له.
وبالتالي فإن ربط المعلومات المقدمة بالمعرفة السابقة يمكن أن يوفر تأكيدا لهذه األخيرة أو إضافة عناصر إليها وإثرائها أو
طرح األسئلة ومناقشتها قبل دمج المعلومات الجديدة .ال يمكن إبطال المعلومات السابقة فقط ،بل تخضع المعلومات الجديدة
أيضًا للمعالجة والتحليل .
نمادج التعلم.
24
األستاد هادف
نموذج النقل
-التلميذ عبارة عن شمع ناعم -يكفي أن يعرف المعلم تماما التخصص الذي يدرسه -منطق المعرفة يحكم التعلم و تركز
طريقة التعليم على:
-سلطة المعلم والمنافسة بين التالميذ تدعم لجوء الطالب للحفظ من خالل التكرار و يعبر الخطأ
عن عدم امتالك القدرات و اإلرادة الالزمة لتعلم .أخطاء التالميذ هي أخطاء ،يعاقب عليها بالدرجات .
-النموذج البنائي
جان بياجيه - :نمو الطفل حسب المراحل :احترامه -دور التفاعالت بين التلميذ والواقع :جعل الطفل نشطا
الخطأ لم يعد يعبر عن غياب قدرات عند التلميذ و انه من الطبيعي أن يخطئ التلميذ .مكانة الوضعيات إشكالية .الطرق
النشيطة الخ ....
-فيجوتسكي :نقد بياجيه :خطر انتظار النضج التلقائي :التعلم يسبق النمو والعمل في "منطقة التطوير القريبة" الدور
األساسي للغة (الوساطة(
يواجه المعلمون مشكلتين أساسيتين في ممارساتهم التعليمية :إدارة المناهج وإدارة الفصل الدراسي (من وجهة نظر
انضباط الطالب) .أحد أهم الجوانب المرتبطة بإدارة المناهج يتعلق ببناء المعرفة األكاديمية .إنها عملية معقدة ،تتأثر بالعديد
من العوامل التي تكون نقطة بدايتها جميع المعرفة العلمية ونقطة نهايتها جميع المعرفة التي اكتسبها الطالب .تخضع
المعرفة العلمية لتحوالت متعددة لكي تشكل نفسها كموضوع للتدريس :وتندرج هذه التحوالت تحت ما نسميه "التحويل
التعليمي أو الديداكتيكي " .فما هو المقصود بالتخويل الديداكتيكي؟
هو ذلك التغيير واالنتقاء الذي يطرأ على النص األصلي في صيغته العالمة لكي يصبح نصا قابال للتدريس واالكتساب من
طرف المتعلمين .إنه مجموع التحوالت التي تطرأ على معرفة معينة في مجالها العالم من أجل تحويلها إلى معرفة تعليمية
قابلة للتدريس .
عا للتعلم،
عندما تصبح المعرفة العالمة ،أي معرفة المتخصصين في هذا المجال ،معرفة يتم تدريسها ،لكي تصبح موضو ً
يجب أن تخضع لتحوالت لجعلها في متناول الطالب.
هذه التحوالت التي تسمى "النقلة التعليمية" أو التتحويل الديداكتيكي تتم على مرحلتين :األولى هي التي ستنقل المعرفة
العالمة إلى المعرفة التي سيتم تدريسها ،وهذا النقل الخارجي يؤدي إلى تحديد برامج التدريس لكل تخصص مدرسي ، .
النقل الداخلي هو الذي ينقل هذه المعرفة التي سيتم تدريسها ،إلى المعرفة التي يتم تدريسها بالفعل ،هذا النقل هو ما يقوم به
كل معلم في فصوله حسب طالبه والقيود المفروضة عليه (الوقت ،االمتحانات ،االلتزام بالمقررات) .شرائع المدرسة وما
إلى ذلك .
التحويل الديداكتيكي الخارجي : transposition didactique externeهو ذلك التحويل واالنتقاء والتقطيع الذي
يحدثه المختصين والديداكتيكيين على النصوص الموجودة في صيغتها العالمة أي على المعرفة التي أنتجها الباحثون في
25
األستاد هادف
صيغتها الخام الغير قابلة للتدريس ،لكي تكون على شكل برامج ومناهج ،ويسمى بالتحويل الخارجي ألنه يحدث خارج
النظام التعليمي أي خارج الفصل الدراسي .ويقوم به األشخاص الذين يفكرون في المحتوى التعليمي ومن بينهم األكاديميون
المهت مون بالمشاكل التعليمية ومفتشو المدارس ومؤلفو الكتب المدرسية وممثلو المجتمع ...
التحويل التعليمي هو العمل على تحويل المعرفة العالمة إلى معرفة يتم تدريسها في الكتب المدرسية ،ثم إلى معرفة يتم
تدريسها في الفصول الدراسية .ويجب أن يضمن هذا التحول أن تكون المعرفة التي سيتم تدريسها والتي يمكن تدريسها
متوافقة مع األهداف التعليمية والخصائص المعرفية للمتعلمين .إن عملية النقل التعليمي تشتمل على مرحلتين ،النقل الداخلي
والنقل الخارجي.
التحويل الديداكتيكي الخارجي هي المرحلة التي تتحول خاللها المعرفة العالمة (أو المعرفة المتخصصة) إلى معرفة يتم
تدريسها (المعرفة المحددة في المناهج المدرسية أو التي تظهر في الكتب المدرسية) .يتم تنفيذ هذه الخطوة بشكل عام من
قبل المسؤولين عن البرنامج المدرسي .
التحويل التعليمي الداخلي هو المرحلة التي تتحول فيها المعرفة التي يجب تدريسها إلى معرفة يمكن تدريسها في الفصول
الدراسية .والقائم بهذا العمل هو المعلم (المحاضر والمدرس) والباحث التربوي .واستنادًا إلى المعرفة بالمناهج الدراسية
وخصائص المتعلم والظروف المدرسية .
نعني بـ "المعرفة العالمة" "مجموعة يتم إثراءها باستمرار بالمعرفة الجديدة ،والتي يعترف بها المجتمع العلمي المتخصص
على أنها مهمة وصالحة )...( .المعرفة العلمية هي في األساس نتاج الباحثين المعترف بهم من قبل أقرانهم ،من قبل
الجامعة .وهم الذين يقيمونها”
المعرفة العالمة هي "المعرفة المصادق عليها ،المنتجة في مكان معين وتحت ظروف معينة ،و "المجتمع العلمي" ،الذي
يضفي الشرعية على هذه المعرفة ،ويعطيها عالمة الدقة واالهتمام.
المعارف : les savoirsهي مجموع المضامين المعرفية قد تكون قابلة للتدريس وقد تكون غير قابلة لذلك
المعارف من اجل التدريس :les savoirs a enseignerهي المعارف المنتقاة والتي تم تحويلها وتصنيفها وتنظيمها
وإعادة هيكلتها من صيغتها العالمة إلى صيغة قابلة للتدريس أي من الكتب التي أنتجها المختصون إلى الكتب المدرسية،
بمعنى أخر هي ذلك التحويل الذي يطرأ على المعرفة العالمة من أجل الوصول الى مناهج منتظرة تحدد الغايات واألغراض
واألهداف التعليمية والكتب المدرسية ووثائق التوجيهات التربوية والمذكرات الوزارية على الترجمة اإلجرائية لمقتضياتها.
وحسب األسناد الموجودة أسفله فإن المعرفة المراد تدريسها هي المعرفة الموصوفة والمحددة في جميع النصوص.
المعارف المدرسة : savoirs enseignesهي المعارف التي تبنى بالفصل الدراسي من طرف المتعلمين وبمساعدة
المدرس بمعنى هي أجرأة المعارف المتاحة لدى المدرس من اجل التدريس.
باختصار هي ما يقدمه المدرس لمتعلميه داخل القسم اعتمادا على المعرفة المدرسية (المنهاج الدراسي-الكتب المدرسية-
التوجيهات التربوية -المذكرات الوزارية " )...المعرفة المدرسة هي تلك التي بناها المعلم والتي سيطبقها في الفصل.
"المعرفة المكتسبة" هي مجموعة المعرفة التي يكتسبها جميع الذين يتعلمون في المدرسة.
ويمكن القول كذلك بأنها هي المعرفة التي يقوم المدرس ببنائها والتي ينجزها في الفصل الدراسي.
المعارف المكتسبة : les acquisهي المعارف التي اكتسبها التلميذ ،وهي معرفة ال تعكس بالضرورة ما درسه األستاذ،
بحيث أن التلميذ في محاولته الستيعاب المعرفة المدرسة من طرف المدرس ،يمارس بدوره عملية ذهنية على ما يتلقاه ،أي
26
األستاد هادف
يؤول ويعيد تنظيم مكتسباته وفق تصور جديد .عموما يمكن القول بان المعارف المكتسبة هي المعارف التي يكتسبها
المتعلمون في المدرسة .ف هي المعارف التي يكتسبها المتعلم ويضيفها إلى معارف كان قد اكتسبها من قبل لحل وضعية .
المثلث الديداكتيكي: le triangle didactiqueهو ذلك المثلث المعبر عن الوضعية التعليمية باعتبارها نسقا يجمع بين
ثالثة أقطاب غير متكافئة هي :التلميذ -المدرس -المعرفة ،وما يحدث من تفاعالت بين كل قطب من هذه األقطاب في
عالقته بالقطبين اآلخرين.
التعاقد الديداكتيكي : contrat didactiqueهو مجموع سلوكات المدرس المتوقعة من طرف المتعلمين ،ومجموع
سلوكات المتعلم المتوقعة من طرف الم درس .إنه مجموع القواعد التي تحدد ،بصورة ضمنية ،ما يتوجب على كل شريك في
العالقة الديداكتيكية ،وما سيكون موضوع محاسبة أمام األخر.
الدرايات :هي المعرفة التي يكتسبها المتعلم والتي يستخدمها لحل الوضعيات
التعاقد البيداغوجي
إجراء بيداغوجي مقتبس من ميدان التشريع والصناعة ،يقوم في إطار العمل التربوي على اتفاق تعاقدي بين طرفين هما
المدرس والتلميذ .وينبني هذا االتفاق على مفاوضة بينهما حول متطلبات المتعلم ،وأهداف التعليم ،وواجبات كل طرف
وحقوقه ،وأهداف ومرامي عملية التعليم والتكوين (مياالري).
يتعلق العقد البيداغوجي بتنظيم عادات الفصل والعمل بينما يتعلق العقد التعليمي ببناء المعرفة ونقلها .يتكون العقد التعليمي
من جميع قواعد الحياة المعمول بها في الفصل الدراسي.
كلمة "تعليمية" تأتي من الكلمة اليونانية القديمة"( didaktikόsموهوب للتعليم") ،المستمدة من الفعل didáschein
"(يعلم"" ،يرشد") .التعليم هو دراسة األسئلة التي يطرحها التدريس واكتساب المعرفة في التخصصات المدرسية المختلفة.
تختلف الديداكتيك عن البيداغوجيا من خالل الدور المركزي للمحتوى الخاص بالحقل المعرفي وببعده االيبستمولوجي
(طبيعة المعرفة التي سيتم تدريسها).
العقد التعليمي أو الديداكتيكي هو عقد يتم نسجه بين المعلم والتالميذ فيما يتعلق بالمعرفة من خالل آليات ضمنية .يحدد هذا
العقد أدوار وأماكن ووظائف كل طرف .فهو يحدد األنشطة المتوقعة من كل من المعلم والطالب ،وأماكن كل منهم فيما
يتعلق بالمعرفة المغطاة وحتى الظروف العامة التي ستتطور فيها هذه العالقات بالمعرفة أثناء التدريس . .يعمل العقد
التعليمي كعامل توازن بين المعلم والمعرفة والطالب.
العقد التعليمي هو نتيجة التفاوض على العالقات التي تم إنشاؤها صراحة و/أو ضم ًنا بين طالب أو مجموعة من الطالب
وبيئة معينة ونظام تعليمي ،بهدف إكساب الطالب المعرفة المناسبة التي تم تشكيلها أو الموجودة فيها.
يتعلق العقد البيداغوجي بتنظيم عادات الفصل والعمل بينما يتعلق العقد التعليمي ببناء المعرفة ونقلها .يتكون العقد التعليمي
من جميع قواعد الحياة المعمول بها في الفصل الدراسي .ال ترتبط طبيعة هذا العقد باالختصاص او المادة الذي يتم تدريسه.
العائق االبستمولوجي
العائق اإلبستمولوجي هو مفهوم اخترعه الفيلسوف جاستون باشالر في كتابه تكوين العقل العلمي عام . 1938
ويعرف باشالر فئة العوائق المعرفية بأنها عائق أمام إنتاج المعرفة العلمية حيث يقول" إن المعرفة السابقة هي التي تبطئ
ّ
ظهور المعرفة الجديدة".
هي المعرفة التي تبدو صحيحة والتي تعارض بناء المعرفة من خالل منع دمج نموذج تفسيري جديد
هو عائق يتوافق مع تصور خاطئ أو غير مكتمل يمنع المتعلم من التقدم في بناء المعرفة.
27
األستاد هادف
عوائق التعلم
عوائق التعلم هي عقبات تحول دون اكتساب معرفة جديدة لدى المتعلم وهي ثالثة أنواع ،عوائق نفسية متعلقة بالجانب
السيكولوجي للمتعلم ،وعوائق تعليمية متعلقة بالجانب البيداغوجي للمعلم ،وعوائق ابستمولوجية متعلقة بجانب المعرفة وهي
معارف وتصورات سابقة خاطئة في ذهن التل ميذ ،ولمواجهة هذه العوائق البد من إتباع مجموعة من االستراتيجيات ..
في هذا اإلطار ،يُنظر إلى الفكر على أنه يتم بناؤه عن طريق القطيعة مع المفاهيم السابقة .يتم بعد ذلك تنظيم عملية التعلم
والتدريس حول التغلب على العقبات من خالل االنفصال عن المعرفة السابقة.
العوائق الجينية ontogenetiqueأو العوائق النفسية :المرتبطة بالتطور النفسي للتلميد( .مرتبط بالخصائص المعرفية
للتلميد(
العوائق التعليمية :ترتبط بأجهزة ونماذج التدريس وترتبط بالتحويل التعليمي أو الديدكتيكي :وهي عقبة يمكن تجنبها دون
أن يكون لها أي أثر على بناء المعرفة ،والتي يمكن أن تختفي من خالل العمل على مواقف تدريسية .
المثلث البيداغوجي
"يمكن حسب (جان هوساي) تحديد الوضعية البيداغوجية بوصفها مثلثا تتكون من ثالثة عناصر أو ثالثة أقطاب و هي :
المعرفة والمدرس والتالميذ"
وتقتضي معالجة قضايا التعليم والتعلم من منظور ديداكتيكي ،أي تحديد العالقة البيداغوجية بين األقطاب الثالثة المذكورة.
كما تتحدّد طبيعة الفعل البيداغوجي من خالل نوعية العالقات القائمة بين هذه العناصر الثالثة . ،وعلى أساس المكانة التي
يحتلها كل عنصر من هذه العناصر في العملية التعليمية التعلمية ،يمكن التمييز بين بيداغوجيا متمركزة حول المعرفة،
وأخرى متمركزة حول األستاذ ،وثالثة متمركزة حول التلميذ كما هو الحال في البيداغوجيا الحديثة.
تطور التفكير في عالقة التلميذ بالمعرفة ،بسبب تصور البيداغوجيا التقليدية السلبي للتالميذ باعتبارهم مجرد ذوات لقد ّ
محايدة قابلة للشحن بالمعلومات .وفي مقابل ذلك ،انطلقت الديداكتيك من كون التالميذ ليسوا علبا ً فارغة ،بل إنّهم يشاركون
في بناء تعلمهم على أساس معارفهم المكتسبة من قبل ،داخل وخارج المؤسسة المدرسية.
إنه بناء للتعلم حول هدف يسمح اكتسابه من طرف المتعلم و العبور الى مستوى من التقدم عن طريق تعديل نظام
تمثالته .تم توظيف مفهوم العائق الموضوعي بواسطة جان – لويس مارتناند J.L Martinandفي أطروحته للدكتوراه
( .)1982لقد حاول مارتناند أن يجمع بين مفهومين متناقضين :العوائق واألهداف .وفي معرض حديثه عن هذا االقتران،
يقول مارتناند“ :محاولة للجمع بين تيارين ،تيار التربويين الذين يسعون ،من خالل األهداف ،إلى جعل اإلجراءات التعليمية
أكثر فعالية ،وتيار علماء المعرفة المهتمين بالصعوبات التي يواجهها التفكير العلمي « و كان باشالر هو من قدم فكرة
العائق .
و يرى Durouxدورو
تنتج هذه المعرفة استجابات مناسبة في سياق معين ،يتم مواجهته بشكل متكرر و لكنها تولد إجابات خاطئة خارج هذا
السياق .تتطلب اإلجابة الصحيحة والعالمية وجهة نظر مختلفة تما ًما.
28
األستاد هادف
يمكن تعريف العائق بأنه كل ما يعيق عملية التعلم أو يضلل المتعلم .لذلك هناك عائق عندما تتعارض "المفاهيم الجديدة"
التي سيتم تبنيها مع "المفاهيم السابقة" للطالب.
في إطار تكوين المعلمين ،فإن إدخال مفهوم الهدف عائق يعني تغيير وجهة النظر حول أخطاء الطالب ،و اعتبار
العوائق كنقاط دعم في خلق المواقف التعليمية.
العوائق الجينية كما يسميها بياجي أو العوائق النفسية :المرتبطة بالتطور النفسي النمائي للطالب( .مرتبط بالخصائص
المعرفية للتلميذ (
بالنسبة ألفالطون وأرسطو ،تهدف كل التربية إلى تحقيق االنسجام بين الجسد وروح الفرد .يتحقق هذا التوازن تحت
سلطة العقل .إنها مسألة إخراج الطفل من عنفه الفردي الغير مالئم اجتماعيًا ،لضبط النفس الذي بدونه ال يستطيع أن يطور
حياة اجتماعية .إنها عملية التنشئة االجتماعية التي تديرها الدولة .سقراط مدرس لم يكتب شيئًا ،لكننا نعلم أنه طور (-470
399قبل الميالد) طريقة تدريس :فن الوالدة . Maieuticsفهده المقاربة تكون اساس الفلسفة السقراطية .و تعني
توليد العقول من خالل التساؤل يتمكن عقل الفرد من الوصول الي الحقيقة الموجودة داخل نفسه .يؤكد سقراط كفيلسوف
29
األستاد هادف
أن كل شخص يحمل المعرفة بداخله دون أن يدرك ذلك .االستجواب يهدف إلى استعادة الذكريات ،هذه هي نظرية
الذكريات الشهيرة .هذا بالطبع يعتمد على أطروحة خلود الروح .بما أن الروح خالدة ،فهي تمتلك بالفعل كل المعرفة.
يري سقراط في هذا الفن أفضل طريقة ليكتشف التلميذ عن الكينونة الحقيقية الموجودة فيه .أصبحت Maieuticsاآلن
أسلوبًا تعليميًا يشجع المتعلم على تعبئة المعرفة التي تم تدريسها سابقًا والتمثالت الشخصية والتفكير في شكل حوار :يطلق
عليه دورة الحوار ،وهي شائعة جدًا حتى الى يومنا هدا في المؤسسات التعليمية .وهكذا يقوم المعلم بإنشاء إجابات في
أذهان التالميذ من خالل طرح األسئلة بمهارة .يناقش القدماء أيضًا "نوع الرجل" الذي يريد المرء تعليمه ،وطرق التعلم
(أفالطون ،لو مينون)" :كيف يمكن للمرء أن يفعل او يعرف ما ال يعرف وكيف يفعله ،على وجه التحديد أن يتعلم كيف
يفعل؟ في العصور الوسطى ،لم يعد هذا النوع من األسئلة يطرح نفسه .يتأثر العصر بالمسيحية التي تملي أن التعلم هو في
النهاية ايجاد هللا في داخلنا .تبين أن تعليم القرون الوسطى ممارسة بدون نظرية .يتم تطوير التدريس البارع واللفظي حيث
يتم االحتفاظ بالتعلم قبل كل شيء بعد التعلم عن ظهر قلب .تعتبر هذه التربية "عقمة" و "جامدة" نسبيًا ،فهي تشير إلى
المدرسة التي تدعو إلى التعلم القائم على الحفظ اآللي للمعرفة المحدودة والخضوع لسلطة ااالساتدة والعلماء والكتاب
المقدس.
2ابن رشد،
ولد ابن رشد عام 1126في قرطبة ،وتدرب في العلوم الدينية واألدبية في عصره ،لكنه وسع نطاق تكوينه من خالل
دراسة ما يسمى بالتخصصات العلمانية .قادته دراسته وتعليقاته على أعمال أرسطو إلى تصميم مشروع علمي وتعليمي مهم
في ذلك الوقت ،يقوم على مبدأين :المعايير واألساليب العلمية كأساس للعلم؛ طرق تعليم وتعلم المعرفة .ولذلك يوصي بعدم
اتباع التعاليم التقليدية الموصى بها في األندلس حرفيًا ،والتي تتطلب حفظ المبادئ الالهوتية عن ظهر قلب ،والتخلص من
األفكار المسبقة التي تشكل عائ ًقا أمام ظهور اليقين .بل على العكس من ذلك ،ال بد من التكيف مع مستوى الطالب وتدريس
التخصصات بترتيب معين .رغم ان هده االفكار لم تنل قبول في بيئته ولكنها فتحت الطريق أمام القيم العلمانية الغربية
وطرق التدريس الحديثة.
3ابن خلدون
ولد ابن خلدون عام ،1332وقام بالتدريس في العواصم الفكرية الكبرى في عصره وشهد انهيار العالم السياسي الذي
عاش فيه ،وال سيما مع خسارة األندلس .ولذلك أراد تصميم مشروع اجتماعي يوضح أهمية العلم والتعليم في الحياة
االجتماعية .ولذلك فهو يقوم بتصنيف العلوم ،ويفرق فيه بين العلوم التقليدية المنقولة إلينا والتي تضمن استقرار القوى
السياسية ،وبين العلوم العقالنية التي يصل إليها اإلنسان المتمتع بالعقل بفضل قواه الطبيعية وحدها .لقد أحدث ثورة في
التعليم من خالل الدعوة إلى التدريس الذي يتبع نظا ًما تربويًا يقوم على االنتفال من األبسط إلى األكثر تعقيدًا ،واالختيار
الحكيم للكتب المدرسية ،وإتقان اللغة بشكل جيد للتحدث بشكل جيد ،و القدرة على والمجادلة واإلقناع ،ورفض العقاب
الجسدي السلوك العدواني .إن أفكار ابن خلدون التي تعتبر سابقة لعصرها ،وجدت صعوبة في اختراق عالم التعليم
التقليدي .ومع ذلك ،أظهر المحللون الالحقون مدى قرب بعض مساهماته من مساهمات اإلصالح اإليطالي ،مثل مونتين،
ومونتسكيو ،وكونت ،وباشالر ،وبياجيه ،وشفاالر.
روسو هو من فالسفة عصر التنوير ،القرن الثامن عشر قدم كتاب بعنوان Émileأو On Educationعبارة عن
أطروحة تعليمية حول "فن تدريب الرجال" ،نُشرت عام ... .1762وال تزال حتى اليوم واحدة من أكثر األعمال قراءةً
وشعبيةً واألكثر شعبية حول هذا الموضوع .تصف الكتب األربعة األولى التعليم المثالي لصبي صغير خيالي ،إميل ،وهي
مرتبة ترتيبًا زمنيًا ،وتتناول ،خطوة بخطوة ،القضايا التعليمية التي تظهر عندما يكبر .يتناول الكتاب األخير "التعليم" ،أو
باألحرى عدم تعليم الفتيات استنادا إلى مثال خيالي آخر :صوفي ،نشأت وتعلمت لتكون زوجة إميل .يعارض روسو تعليم
30
األستاد هادف
متحيزا للغاية بشأن دور المرأة في المجتمع ،مثل دورها في األسرة « .لقد ولدنا ضعفاء،ً الفتيات الصغيرات ويتبنى موق ًفا
ونحتاج إلى القوة؛ لقد ولدنا محرومين من كل شيء ،ونحتاج إلى المساعدة؛ لقد ولدنا أغبياء ،ونحتاج إلى الحكم .كل ما ال
نملكه عند الوالدة ،وما نحتاجه عندما نكبر ،يُمنح لنا من خالل التربية» .
تم تقديم العمل أو الكتاب في شكل خيالي ومقسم إلى خمسة أجزاء ،ويعرض المراحل المتعاقبة للتطور التدريجي للصبي،
إميل ،وتعليمه ،من الوالدة إلى البلوغ والزواج ،تحت إشراف الحاكم (المعلم) الذي وظيفته الحصرية هي الحرص على
تربيته بطريقة سليمة ،حتى اللحظة "التي يصبح رجالً بال ًغا ،لن يحتاج بعد إلى أي مرشد آخر غير نفسه .
في الواقع أن كتاب "إميل" أو "في التعليم" ،الذي نُشر عام ،1762هو ،في رأي المؤلف نفسه" ،ليس أطروحة عن
التربية بقدر ما هو تصور أو رؤية حول التعليم".
تتمحور فلسفة روسو السياسية حول فكرة أن اإلنسان صالح بطبيعته وأن المجتمع يفسده.
بالنسبة لروسو ،هناك في الواقع ثالثة أنواع من التعليم :تلك التي تأتي من الطبيعة ("التطور الداخلي لقدراتنا وأعضائنا")،
وتلك التي تأتي من البشر ،وتلك التي تأتي من األشياء "المعرفة المكتسبة من تجربتنا على األشياء". .
يقترح روسو طريقة أصلية للتعليم :التعليم السلبي .إنها تربية بطبيعتها ،تربية ترفض اآلراء واألخالق؛ تعليم ال يقوم على
المعرفة التقريرية ،ألن التعلم يجب أن يأتي من تجربة األشياء وليس من المعرفة من خالل الكلمات .وبالتالي فإن التعليم
السلبي يسمح للطبيعة بالتصرف .يتعلم الطفل من خالل تجربته الخاصة لألشياء.
حسب المختصون في التربية يعتبر روسو هو الدي ادخل مفهوم الطفولة في مجال التربية و لهدا يرى بأنه
"للطفولة طرقها الخاصة في الرؤية والشعور والتفكير ".يجب أن نتعلم أن نضع أنفسنا مكانهم" :نحن ال ندخل في أفكارهم،
بل نقرضهم أفكارنا» .يجب علينا أيضًا أن نأخذ في االعتبار خصوصية كل طفل“ :لكل عقل شكله الخاص الذي يجب أن
يُحكم وفقًا له .
ومن المناسب احترام المراحل التي تمر بها الطبيعة دون خوف من إضاعة الوقت" :السماح للطفولة بأن تنضج في الطفل"
لذلك طور روسو تربية نشطة ،أي تربية يشارك فيها الطفل بشكل كامل في عملية التعلم .تعتبر طريقة التدريس هذه ملموسة
أيضًا ألنها تستخدم المالحظة .كما أنها نفعية في األساس .وبهذا المعنى فهو يهيئ للحياة بين أفراد المجتمع .تركز
بيداغوجية روسو أيضًا على التجريب وليس على الدراسة الكتابية أو المحاضرات .
- 1دع الطفل يجري تجاربه ويكملها حتى النهاية ويجد الحل بمفرده.
3ـ وضعه في مواقف يواجه فيها البيئة التي تجبره على تعلم شيء يلبي حاجة ما" .ال تمنحه شيئًا ألنه يطلبه ،بل ألنه
يحتاج إليه» .
- 4ـ يجب أن يكون التعليم مبنيا ً على مالحظة الطفل ،ومرتبطا ً بنظرية عامة في الطبيعة اإلنسانية؛
31
األستاد هادف
7التعليم باألشياء يجب أن يتقدم على التعليم بالكلمات ،وبالتالي يجب تفضيل األساليب التي تركز على الحواس والحدسية
والفعالة؛
طا وتشاركيًا يتمحور حول الطفل وهي تدعو إلى سياق تعليمي حيث يمكن تعتبر أساليب تدريس Freinetنه ًجا تعليميًا نش ً
لكل طفل التعبير عن نفسه ،وتحمل المسؤولية ،والتعاون ،والتجربة ،واالنفتاح على العالم .بواسطة طريقة تدريس
،Freinetيتعلم الطالب من خالل التجريب وليس من خالل إعادة إنتاج ما يتم تدريسه له .إنه يطرح فرضياته الخاصة،
ويقوم باكتشافاته الخاصة ،ويبني معرفته الخاصة.
فإدا كانت الطريقة التقليدية تركز على نقل المعرفة ،تضع أساليب تدريس فرينيت الطالب في قلب المشروع التعليمي.
ً
ومسؤوال ومنفت ًحا على العالم. ويأخذ في االعتبار البعد االجتماعي للطفل ،الذي يكرس نفسه ليصبح كائنًا مستقالً
والخطأ التجربة
" يقول فريني :بالمشي يتعلم الطفل المشي ،وبالكالم يتعلم الكالم ،وبالرسم يتعلم الرسم.
مع بيداغوجيا فرينيت يتعلم الطالب من خالل التجربة وليس من خالل إعادة إنتاج ما يدرس له .إنه يطرح فرضياته
الخاصة ،ويقوم باكتشافاته الخاصة ،ويبني معرفته الخاصة .إذا كان هناك فشل ،فإنه يصبح تعليميًا ،والنجاحات تعزز الثقة
بالنفس و قدرة الفرد على التقدم بمفرده.
صا لوتيرة التعلم لكل طالب .إذا قام المعلم أوالً بوضع خريطة طريق جماعية تولي بيداغوجية Freinetاهتما ًما خا ً
لألسبوع مع الفصل ،فسيحدد كل طالب المهام واألنشطة التي سينجزها بشكل فردي ،وفقًا لقدراته وأهدافه .إنه يتقدم بوتيرته
الخاصة.
تشجيع االستقاللية
من خالل تطوير جدولهم األسبوعي ،يتولى الطالب بشكل طبيعي المسؤولية ويطورون استقالليتهم ويتحملون المسؤولية.
تشجع هذه المرونة األكبر على العمل أكثر ،مع عدم احتساب األطفال لساعاتهم إلكمال العمل الذي يحبونه .وفي الوقت
نفسه ،يقوم المعلم بوضع جداول زمنية للتأكد من أن جميع نقاط البرنامج المدرسي قد تم العمل عليها .وفي اتجاه االستقاللية،
تسمح ملفات العمل ذات التصحيح الذاتي ،والتي تم إنشاؤها في مواضيع مختلفة ،للطالب بتقييم بتصحيح أنفسهم.
التعاون هو جوهر بيداغوجية Freinetوبالتالي يتم تشجيع العمل الجماعي ،مهما كانت التخصصات .والفوائد عديدة:
تطوير الحوار ،والقدرة التنظيمية ،والشعور باالحترام والتضامن ،واالستقاللية والمساءلة .يمكن للطالب تشكيل مجموعات
العمل الخاصة بهم بحرية .يمكن أن يضمن التدريس أيضًا أن تكون المجموعات غير متجانسة بما يكفي إلعطاء مساحة
للتعلم من األقران.
بشكل عام ،يتم تنظيم الفصل بشكل تعاوني .تسمح المقابالت الصباحية واألوقات العديدة للمناقشة الجماعية بتطوير قواعد
الحياة المشتركة وتنظيم النزاعات وتنفيذ المشاريع والمشاركة في العمل المنجز.
32
األستاد هادف
تعمل أنشطة التواصل هذه على تطوير مهارات االستماع والتحدث وبناء التفكير النقدي.
دورالمعلم
رمزا لذلك اختفاء المنصة فيً في منتصف القرن العشرين ،عندما جرب سيليستين فرينيت طرق تدريسه البديلة ،كان
الفصل الدراسي .يجب على المعلم أال يهيمن على الفصل ،بل أن يضع نفسه في مستواه .لم تعد السلطة تعتبر ضرورية لنقل
المعرفة ولم يعد التدريس يعتمد على عالقة هرمية .المعلم موجود لدعم األطفال وتزويدهم بالوسائل الالزمة لبناء المعرفة
الشخصية .يمكنه حتى تفويض بعض مسؤولياته للطالب.
حرية التعبير
الرسم أو الطلي أو النصوص أو التعبير الشفهي أو الجسدي ...فاألمر ال يتعلق بفرض موضوع أو نموذج على الطفل.
لإلنتاج ،سيعتمد على موارده اإلبداعية الخاصة ،ويختار المواضيع والعواطف التي يرغب في التعبير عنها .يعد إنشاء
صحيفة مدرسية أداة رائعة لحرية التعبير ،تما ًما مثل المراسالت المدرسية .العروض التقديمية والمؤتمرات ،التي يتم اختيار
موضوعاتها من قبل الطالب ،تجد أيضًا مكانها في أساليب تدريسFreinet.
التقييم التكويني
اعترض سيليستين فرينيت على مبدأ التقييم النهائي واالمتحانات الذي بدا أنه الهدف الوحيد للتعليم .يجب أن يكون التقييم
تعليميًا ويعزز تقدم الط
-دعا إلى تجهيز المدرسة بالمطبعة من أجل تمكين التالميذ من إعداد العروض بأنفسهم.
-اعتماد برنامج سنوي موزع بين التالميذ بحيث يحضر كل منهم جانبا منه ويلقيه أمام رفاقه.
-إلغاء التدريس والتركيز على التعامل مع األشياء ذاتها اعتمادا على المالحظة المباشرة والتجربة.
-توفير الحرية للمتعلمين إلبدا ء أرائهم واالتصال برفاقهم ومناقشتهم وتصحيح متبادل لألخطاء.
-اعتماد المراسلة بين المدارس كي يستطيع التالميذ االتصال مع أقرانهم لتوسيع آفاقهم الفكرية.
تؤكد مونتيسوري "العديد من المشاكل التي تعتبر طبية هي في الواقع تعليمية " "أدوات مكيفة تأخذ في االعتبار حاجة
الطفل للنشاط " "ساعدني على القيام بكل شيء بمفردي » ".االنتباه ،الدقة واإلحكام ،الصمت ،المساعدة المتبادلة ،احترام
عمل اآلخرين.
33
األستاد هادف
يركز أسلوب مونتيسوري على توجيه األطفال نفسيا ً ،بدالً من االكتفاء بتزويدهم بمجموعة من األدوات .بدالً من تزويد
األطفال بمجموعة من األدوات الستخ دامها ،يركز أسلوب مونتيسوري على توجيههم الستخدام األدوات المناسبة لنموهم
بشكل صحيح.
تعد طرق تدريس مونتيسوري طريقة تعليمية بديلة توفر للطفل حرية التعلم .يختار أنشطته بمفرده لتطوير قدراته
المعرفية ومهاراته الحركية من خالل االستقاللية والتجريب.
في مدرسة مونتيسوري ،يتمتع الطفل بحرية اختيار النشاط الذي يحبه وتخصيص الكثير من الوقت له كما يريد .وهكذا ،فإن
اكتساب المعرفة يحدث تدريجيًا ،وبمجرد إتقان مجال ما بشكل جيد ،يمكن للطفل االنتقال إلى شيء آخر.
طريقة مونتيسوري هي طريقة تدريس بديلة رائعة أخرى تأسست في بداية القرن العشرين .هناك العديد من النقاط المشتركة
ً
فاعال في تعلمهم بين فرينيت ومونتيسوري :أساليب التدريس النشطة التي تهدف إلى تطوير االستقاللية ،فهي تجعل الطفل
وتثير فضولهم .ولكن لديهم أيضا اختالفا تهم .مع مونتيسوري يبني الطفل معرفته من خالل اللعب ،بينما يرى فرينيت ،على
العكس من ذلك ،أن العمل أمر طبيعي بالنسبة للطفل ،فهو قادر على بناء خطة عمل شخصية .كما رأينا ،مع طريقة
، Freinetيتعلم الطالب بشكل خاص من خالل التعاون ،فهم يغذون بعضهم البعض .عند مونتيسوري ،يكون التعلم فرديًا
ويتم باستخدام مواد محددة متاحة.
دوركايم E.DURKHEIM
من الواضح أن مسألة التربية ،بالنسبة لدوركهايم ،أمر بالغ األهمية ،ألنها تقع على مفترق طرق لجميع المسائل الكبرى
التي يهدف "علم اجتماعه" إلى تسليط الضوء عليها .ومن وجهة نظر النظرية االجتماعية العامة فهي الوساطة الحقيقية بين
الفرد والمجتمع و بالتالي فهو يعرف التربية كاآلتي:
» التربية هو الفعل الذي تمارسه األجيال الراشدة على أولئك الذين لم ينضجوا بعد للحياة االجتماعية .والغرض منها هو
إثارة وتطوير عدد معين من الحاالت الجسدية والفكرية واألخالقية لدى الطفل التي يطلبها منه المجتمع السياسي ككل والبيئة
الخاصة التي يتجه إليها بشكل خاص» .فالتربية حسب دو ركايم هي أيضا ً وسيلة لضمان االستمرارية بين الجيل و
االخر .فهي تمثل فعل اجتماعي في حد ذاتها ،فهي مسار أو سيرورة لنقل ما تفرضه األجيال البالغة على األطفال ،من
خالل ممارسة الضغط المستمر عليهم .فالطرق المختلفة في الرؤية والشعور والتصرف هي االخرى افعال االجتماعية .
هكذا تشكل البيئة االجتماعية الطفل على صورتها من خالل اآلباء والمعلمين.
للتربية أهمية مركزية بالنسبة لدوركهايم .إنها في المقام األول فعل اجتماعي من بين أخرىن ،وعلى هذا النحو يمكن
وصفها علميًا وفقًا للمبادئ المنصوص عليها في القواعد .كما أن التربية هي وسيلة ضمان االستمرارية من جيل إلى جيل .
وهي فعل اجتماعي في حد ذاتها ،إنها المسار الذي تفرض به األجيال البالغة على األطفال ،من خالل ممارسة الضغط
المستمر عليهم ،الطرق المختلفة للرؤية االشياء والشعور والتصرف التي هي افعال اجتماعية األخرى .هكذا تشكل البيئة
االجتماعية الطفل على صورتها من خالل اآلباء والمعلمين.
وعلى المستوى المنهجي ،يؤدي هذا المنظور إلى رفض "الطبيعة اإلنسانية" كمبدأ لتفسير الحقائق و االفعال االجتماعية.
إن دوركهايم ،كما نعلم ،يرفض أي مقاربة نهائية ونفسية تفسر الظواهر االجتماعية من خالل أفكار األفراد واحتياجاتهم،
وتستمد الحياة الجماعية من الطبيعة اإلنسانية بشكل عام .بالنسبة له ال يمكن تفسيره إال من خالل المقاربة االجتماعية:
بهذه الشروط يتصور إميل دوركهايم التربية كنوع من المثالية التي يجب تحقيقها ،والقادرة على تحويل الطالب إلى كائن
اجتماعي .ولتحقيق ذلك تشكل المدرسة مساحة مناسبة لفرض نفسها على األفراد والعمل على التأثير على شخصيتهم .
تساهم المدرسة في التماسك االجتماعي من خالل نقل ثقافة ولغة مشتركة :تتيح المدرسة للجميع الحصول على مؤهل
يضمن لهم مكانًا في المجتمع من خالل عالم العمل.
34
األستاد هادف
يرفض إميل دوركهايم رؤية أو مفهوم التربية التي قدمها الليبراليون ،مثل جون ستيوارت ميل ،الذين جعلوا التربية وسيلة
لتحقيق اإلنجاز الفردي .تأثر دوركهايم بفكر جان جاك روسو ،الذي يرى أن التربية تتطلب االعتراف بالفرد في تعلمه
على "األشياء" والتكيف مع البيئة.
يرى دوركهايم أن التربية تجعل الطفل على اتصال بمجتمع معين .ال أحد يستطيع تعليم طفل بالطريقة التي يريدها .معايير
المجتمع تفرض نفسها .إن التربية التي ال تراعي األعراف االجتماعية تجعل الطفل غير قادر على االندماج.
بالنسبة لدوركهايم ،أحد األدوار األساسية للمدرسة هو تعليم األخالق .ووفقا له ،تتكون األخالق من مجموعة من القواعد
المحددة التي تحدد سلوك الفرد بطريقة حتمية .ويتطلب االنضباط من جانب الفرد لقبول هذه السلطة الخارجية .ومن ثم
تتجاوز األفعال اإلنسانية المصالح الفردية لتستهدف المصالح الجماعية.
تعرف الطفل أوالً بالواجبات المختلفة ثم تنمي لديه الفضائل األخالقية .يتعلم الطفل تدريجيا ً الحد من أذواقه
التربية األخالقية ّ
ورغباته واحترام القواعد .يتعلم إدراك أهمية التنظيم االجتماعي .
يطلب المجتمع قدرات فكرية معينة من الفرد .بالنسبة لدوركهايم ،فإن تدريس القواعد يجعل من الممكن اكتساب مفاهيم
الوضوح والدقة ،وفي اللغات مفهوم المنطق ،وفي الرياضيات مفهومي العدد والشكل ،وفي الفيزياء مفهوم الواقع ،وفي
درا على فهم
الجغرافيا مفاهيم المحلية .البيئة والبيئة الكوكبية والتاريخ :مفاهيم المدة والتقدم .وبهذا األساس ،يصبح الطفل قا ً
العالم من حوله .ويجب أن تكون هذه المهارات الفكرية متناغمة مع الشخص األخالقي.
بالنسبة إلميل دوركهايم ،التربية هي قبل كل شيء تربية اجتماعية .هدفها دمج الطفل في المجتمع .ويتم هذا التكامل من
خالل التربية األخالقية والفكرية.
بالنسبة لدوركهايم ،ال تهدف هذه التربية إلى تشويه اإلنسان بجعله مجرد جزء من كل ،بل على العكس من ذلك ،مساعدته
على تحقيق ذاته.
إذا كان دوركهايم يستبعد أو يرفض أي فكرة مجردة عن الطبيعة البشرية كمبدأ لتفسير ما هو اجتماعي ،فذلك ألن البشر
في نظره مختلفون اال انهم نتاج المجتمع و يتأثرون به .وبالتالي ال توجد طبيعة بشرية ثابتة وأبدية .أو باألحرى ،إن
وجدت ،فهي تتميز بالمرونة والتنوع . ،فاإلنسان بالنسبة لدوركهايم كائن مرن ،و حتى إدا كانت سلوكاته ومعتقداته
وتمثالته ،تقوم على ركائز عضوية ونفسية ،فهي نتاج الظروف التاريخية التي يجد نفسه فيها ،وللبيئة االجتماعية التي
صحيحا أن "الفرد يكتسب عند الوالدة أذواقًا
ً ينتمي إليها .إن مرونة الطبيعة البشرية تتزايد دون انقطاع .في الواقع ،إذا كان
وقدرات تؤهله للقيام بوظائف معينة دون غيرها" ،فإن نير الوراثة يضعف بمرور الوقت' .التربية
التربية هي عملية تسهيل التعلم أو اكتساب المعرفة والمهارات والقيم والمعتقدات والعادات لمجموعة من األشخاص الذين
ينقلونها إلى أشخاص آخرين ،من خالل السرد أو المناقشة أو التدريس أو التكوين أو البحث.
ان ''بياجيه'' يشجع وبقوة روح التجربة الحية التي يمكننا ان نتعلمها من المدرس ،وانما من خالل التماسنا مع الواقع الحي
والتحقق من الفرضيات تجريبيا ،من أجل تنمية وتكوين العقل التجريبي عند الطفل بدال من التلقين الجاف والتكرار ،ولذلك
نجده يحدد فرضيات لنظريته البنائية في التعلم الذي يرى فيه عملية ذاتية تنشأ بين الفرد والعالم المحيط به.
35
األستاد هادف
أثار اهتمام بياجيه هو بناء شخصية الطفل من خالل التنشئة االجتماعية التدريجية للعقل والعاطفة واألخالق .وإذا كانت
العوامل المعرفية والعاطفية ،بحسب بياجيه ،ال يمكن فصلها ،فإن ذلك يعني أن “التربية تشكل كالً” ،أي أن أي فعل تربوي
له تداعيات فكرية وعاطفية وأخالقية في الوقت نفسه .التربية تتعلق إدن باكتساب المعرفة وبناء الذكاء .ولهذا يوصي
طا ،بمعنى ،Claparèdeوالعمل الجماعي إلى حد أنه من خالل مواجهة بياجيه بالبحث الشخصي حيث يكون التلميد نشي ً
اليقينيات الفردية مع تلك الخاصة باألقران ،فإنه يزعزع االستقرار ويسمح بصراع المراكز التشبث بالرأي.
إذا كان عمل جان بياجيه ( )1896-1980ال يبدو للوهلة األولى يمنح مكانة مركزية للمسائل التربوية ،إال انه أثر بشكل
كبير على الخطابات و الممارسات التربوية مند عدة عقود .فبالرغم من إنتاجه العلمي الغزير ( 523مقاالً و 53كتابا ،أي
أكثر من 20ألف صفحة منشورة ) ،إال أن المسائل التربوية تحتل مكانًا هامشيًا نسبيًا :نجد كتابان فقط بقلمه مخصصان
للتربية (علم النفس والبيداغوجيا و إلى أين يتجه التربية؟ يُعرف جان بياجيه بال شك بأنه أحد أعظم علماء النفس التطور أو
النمو المعرفي في القرن العشرين. ( .
لكن يجب االشارة الى أن بياجيه كتب أيضًا الكثير عن التربية ،حتى لو ظلت نصوصه حول هذا الموضوع غير معروفة
بشكل عام .و يظهر هدا من خالل التزامه الشخصي في مجال التربية في إطار الوظائف التي مارسها أوال في معهد جان
جاك روسو ،في عشرينيات القرن العشرين ،ثم في المكتب الدولي للتعليم ) (IBEالذي كان يرأسه .لمدة أربعين عا ًما تقريبًا
(.(1968-1929
كبيرا جدًا على الخطابات والممارسات التربوية ،ليس خالل حياته فقط -خاصة في ً تأثيرا
ً مارس بياجيه كما قفلنا
عشرينيات وثالثينيات القرن العشرين ،باعتباره مصدر إلهام و دعم لعلمي لحركة التربية الحديثة -فحسب بل بعد وفاته
نظرا للنجاح المستمر للبنائية و البنائية االجتماعية و تطبيقاتها في الساحة التربوية ) المقاربة بالكفاءات( .
أيضا (ً ،)1980
نظرية الذكاء التي اقترحها بياجيه لها بعدان أساسيان .يقدم في بعدها الهيكلي وصفًا دقي ًقا للغاية لمراحل النمو المعرفي
المختلفة لدى األطفال والمراهقين ،بالترتيب :مرحلة الذكاء الحسي الحركي ( 0-2سنة) ،مرحلة العمليات الملموسة (الذكاء
قبل االعملي والعمليات الملموسة :من 2إلى 12-11سنة) ،ومرحلة العمليات المجردة (من 7-6سنوات إلى 12-11
سنة) .و يقدم في بعدها الوظيفي آلية لتفسير االنتقال التدريجي من مرحلة إلى أخرى :عملية االستيعاب/التكيف/التوازن
الشهيرة.
بالنظر إلى البعد األول ،فإن نظرية المراحل -بما في ذلك وصفها التفصيلي وتسلسلها االمرحلي خالل الطفولة -قد
سا نظريًا وعلميًا لحركة التربية الحديثة التي شهدت اهتماما كبيرا منذ بداية القرن العشرين ،من طرف وفرت بال شك أسا ً
الشخصيات األكثر شهرة ،باإلضافة إلى زمالئه المباشرين ،إدوارد كالباريد ،بيير بوفيه ،أدولف فيريير ،وما إلى ذلك)،
سيليستين فرين يت ،أوفيد ديكرولي ،ماريا مونتيسوري ،وفي الواليات المتحدة ،جون ديوي .وبشكل أكثر تحديدًا ،أسست
مبدأين أساسيين لهذه الحركة :من ناحية ،الحاجة إلى تكييف المحتوى واألساليب التعليمية مع خصائص الطفل وفقًا لمستوى
نموه المعرفي الحقيقي ،ومن ناحية أخرى ،بناء المناهج المدرسية والتسلسالت التعليمية على مبدأ التدرج من الملموس إلى
المجرد .تستمر هذه المبادئ في توجيه الممارسات التعليمية المعمول بها اليوم .علي سبيل المثال "التربية المتمايزة" أو
البيداغوجيا الفارقية.
وفي بعدها الوظيفي ،قدمت نظرية بياجيه للنمو أيضًا مساهمة كبيرة في مجال التعليم .أسست المبدأ الرئيسي الذي يقوم
عليه النموذج البنائي الدي ال يزال يهيمن على المشهد التربوي اليوم في التدريس والتكوين .هذا المبدأ ذو شقين .إد يفترص
أوال أن التفاعالت بين الذات وبيئتها تتم بوساطة البنيات المعرفية التي تنظم وتوجه تمثيل الفرد العقلي للموقف ،وفي نهاية
المطاف السلوك الذي سيتبناه وبالتالي ،فإن الذات ال تتفاعل بشكل مباشر مع بيئتها ،بل وفقًا للتمثيل العقلي الذي بناه
الفرد للبيئة .ومن ثم يفترض أن هذه البنبات التي توظفها الذات في موقف ما هي نتيجة لعملية بناء («التكوين» ،في
المفردات البياجية) تم تنفيذها من خالل البنيات التي شكلها الفرد مسبقا من تفاعالته مع البيئة وهي مدعوة )أي البنى أو
البنيات( للتحول ،من خالل آلية االستيعاب/التكيف .لذلك ،يجب أن يُنظر إلى التعلم قبل كل شيء بأنه عملية بناء ،أو
36
األستاد هادف
باألحرى تحويل المعرفة "الموجودة من قبل في الدهن" إلى معرفة جديدة .ومن هذا المنظور ،ال يمكن بأي حال من
األحوال اعتبار المتعلم بمثابة طاولة جرداء أو وعاء فارغ .وبالتالي فمن الضروري لكي نعلم يجب تحديد وتعبئة البنيات
المعرفية التي يمكننا االعتماد عليها لبدء التحول الذي يهدف إلى اكتساب معرفة جديدة.
يرى بياجيه بأن التطور المعرفي عملية داخلية و"طبيعية" نسبيًا ،و لهدا يجب أن يكون التدخل التربوي أقرب ما يمكن
إلى الظروف التي يكتشف فيها الطفل المفاهيم ويبنيها بشكل طبيعي بنفسه ،وفقًا لتفاعالته مع بيئته .ولذلك ،فإن األمر يتعلق
مباشرا (الشرح الفوري للقواعد والحلول ،والتغذية الراجعة التصحيحية ،والتوضيح، ً بتجنب أي شيء قد يتضمن توجي ًها
لالكتشاف ،التي تتيح للمتعلم أن يكتشف بنفسه ،من خالل التجربة وما إلى ذلك) .وهذا ما نسميه اليوم بيداغوجية
والخطأ ،وبالسرعة التي تناسبه ،ما يمكن تعلمه.
في عام 1836أنشأ فروبل ،بعد قيامه بجوالت كثيرة ،معهده الجديد في مدينة بالنكينبورغ ، Blankenburgوأطلق عليه
اسم «المدرسة القائمة على غرائز األطفال الفعالة» ثم غير التسمية السابقة إلى اسم «مدرسة التربية
النفسية ،» Psychological Educational Schoolوقال إن العلوم النفسية هي أساس األنشطة التعليمية .وفي عام
1840أطلق فروبل المصطلح الذي بهره وقفز إلى مخيلته في أثناء خروجه بنزهة وهو «روضة أطفال،» kindergarten
وكانت مدرسته التي سميت فيما بعد بالروضة مكانا ً يتاح فيه النمو الطبيعي للطفل على أيدي خبراء في التربية.
إن تصو ر دوركايم للتربية كظاهرة سوسيولوجية ال ينفصل عن تصوره العام للظاهرة االجتماعية ،وهي أن التربية تتميز
باستقاللها عن الفرد و بأسبقيتها عليه و عموما فهي تتسم بخاصيتي الخارجية و القهر ،ألن النظام االجتماعي يفرض معايير
أخالقية و عادات تربوية يلزم األفراد و الجماعات باالمتثال لها و التكيف معها و إال تعرضوا بفعل ذلك للعقاب .فأن
التربية في نهاية المطاف هي ظاهرة اجتماعية كغيرها من الظواهر والغاية المنشودة منها هي تنمية عدد معين من الحاالت
الجسمية والذهنية واألخالقية لدى الطفل وذلك عبر تكوين جيد وتعليم فعال يكرس الوحدة الوطنية وروح التفاعل من أجل
تحقيق ما ينبغي أن يكون الراشد .اجتماعية
المدرسة هي الحياة ،باعتبارها تجربة مستمرة ،هي اجتماعية منذ البداية .وبالتالي فإن وظيفة المدرسة ليست تكييف الطالب
مع المجتمع كما هو ،بل ضمان االستمرارية االجتماعية للتربية.
"التعلم بالممارسة" ،تكون الفكرة االساسية في النظرية التعليمية ،كان مؤسس التربية التقدمية ،جون ديوي ،هو البادئ
في التعلم بالممارسة في نهاية القرن التاسع عشر .وكان هدفها تغيير األساليب التقليدية في التدريس من خالل التأكيد على
الدور اإليجابي ،وليس السلبي ،للمتعلم من خالل السماح له بتطوير مهاراته في مواقف حقيقية أو قريبة من الواقع.
ً
أشكاال مختلفة :النهج القائم على المشاريع ،والنهج القائم على حل المشكالت ،والتعلم يمكن أن يتخذ التعلم بالممارسة
سا ،أو يحل مشكلة معقدة غالبًا في
عا ملمو ً
الخدمي ،وما إلى ذلك .يصبح الطالب بعد ذلك في مركز تعلمه :فهو ينفذ مشرو ً
مجموعة صغيرة أو ينخرط في نشاط خدمي من خالل اعتماد وضعية تأملية.
بياجيه و فيجوتسكي
37
األستاد هادف
تمثل نظرية بياجي بشكل مثالي التيارات الفكرية التي تؤكد أولوية النمو على التعلم .ووفقا لهذا المنظور ،فإن التعلم يعتمد
نظرا ألن التلميد قد وصل إلى مستوى معين من النمو ،يمكن للمدرسة القيام بنوع جديد من التدريس .يشير ً على النمو
بياجيه إلى مساهمة علم نفس النمو في مشاكل التدريس :العمل المتعلق ببناء البنى المعرفية يبرز دور نشاط الطفل في
المقدمة ويهتم بشكل أساسي باآلليات الداخلية لهذه العمليات من خالل انتقاد التدريس اللفظي والتأكيد على نشاط الطالب
عند أكتساب المعرفة الجديدة ،يصر بياجيه على حاجة المعلم إلى اخد بعين االعتبار مستوى التطور المعرفي الذي وصل
إليه الطالب قبل الشروع في برنامج جديد.
بالنسبة ألولئك الذين يريدون فهم األداء العفوي للطفل ،فمن األفضل اختيار المواقف اإلشكالية البعيدة عن المواضيع التي تم
تناولها بالفعل في بيئة المدرسة.
مع ذلك ،هناك نقطة اتفاق أساسية بين بياجيه وفيجوتسكي .النقد الذي يوجهه بياجيه للممارسات المدرسية األكثر استخدا ًما
(التعلم اللفظي الذي يعتمد بشكل أساسي على الحفظ ،ونسيان األنشطة المحددة التي من خاللها يخصص الطفل محتوى
جديدًا) .كالهما يشتركان في االهتمام بتطوير نظرية تطور الهياكل أو البنى المعرفية (بالنسبة لبياجيه) ،والوظائف
النفسية العليا (بالنسبة لفيجوتسكي) .بالنسبة لكليهما ،فإن مفاهيم النشاط والنمو تقع في قلب نهجهما .من ناحية أخرى ،ال يتم
تفسير هذا التطور بنفس الطريقة لهذين العالمين :اآلليات الداخلية للموازنة ألحدهما ،وإعادة بناء نفسه من خالل
النشاطات البشرية و كدا الموروث التقافي المتشكل عبر التاريخ ،والتحول خالل هذا العمل للوظائف النفسية الموجودة
لآلخر .مهمة فيجوتسكي هي شرح العالقات المعقدة القائمة بين التعلم والنمو دون الرجوع إلى المفهوم االختزالي للنمو
كما هو الشأن عند بياجيه .وهكذا ،فيما يتعلق بالعالقة بين النمو والتعلم ،يشارك فيجوتسكي اإلنشغال الذي عبر عنه بياجيه:
عندما يقدم المعلم محتوى جديدًا ،يجب عليه أن يأخذ في االعتبار التطور أو النمو الحالي للطفل -أي البنيات التي يستعملها
في سعيه إلكتساب محتوى جديد .ف فيجوتسكي – يتصور الوظائف النفسية العليا باعتبارها ذات جوهر ثقافي – و هدا
ثان :التعلم الجيد هو الذي "يستبق" النمو :
يقوده إلى طرح متطلب ٍ
EDOUARD CLAPAREDE
في عام 1912أنشأ مدرسة العلوم التربوية (معهد جان جاك روسو بسويسرة) :مكان لتعليم األطفال وتدريب المعلمين.
واقترح مراقبة تعلم التالميذ " :المعلم يتعلم من التلميد" .مضاعفة فرص النمو الطبيعي حول الطفل :فهو يؤكد على أهمية
اللعب لتعلم األفكار التي يتسم بها مفهوم الوظيفة التكيفية الناشئة عن اهتماماته البيولوجية ويطبقها على الحياة العقلية.
يوضح كالباريد أن الذكاء هو وظيفة نشطة للتكيف مع المواقف الجديدة .وفي مواجهة موقف مجهول ،يقوم الفرد بالتجربة
والخطأ الذي يرشده في البحث عن الفرضيات التي سيتم التحقق منها .
برونر عالم نفس أمريكي ،يركز عمله بشكل خاص على علم النفس التربوي .كان من أوائل مكتشفي «الفكر واللغة» لليف
فيجوتسكي واستلهم بياجيه ،فهو أصل «الثورة المعرفية » تعتمد أفكار برونر على التصنيف ،أو «فهم كيف يبني اإلنسان
عالمه» .انطالقا ً من مبدأ أن اإلنسان يفسر العالم من حيث أوجه التشابه واالختالف .بالنسبة له ،يتم إجراء الوساطة أثناء
السلوك الصفي (تفاعالت اإلشراف) بطريقة تواصلية .ويقدم مفهومين يتعلقان بالعمليات التنظيمية في هذه التفاعالت
اإلشرافية" :الدعم" و"التنسيق" (األشكال التنظيمية للتبادالت .
فيجوتسكي عالم نفس روسي ،عالم نفس النمو ،البنائية االجتماعية النمو الفكري للطفل "الفكر واللغة" ،هناك فكر ولغة
يسيران م ًعا ،ويرتبطان ارتبا ً
طا وثيقًا .نحن نفكر بالكلمات،
ويوضح فيجوتسكي أن الذكاء يتطور بفضل أدوات نفسية معينة يجدها الطفل في بيئته ،ومنها اللغة (األداة األساسية).
وهكذا ،يتم استيعاب النشاط العملي في أنشطة عقلية متزايدة التعقيد بفضل الكلمات ،مصدر تكوين المفاهيم .منطقة النمو
القريبة ) (ZPDوالتي تصف المسافة المفاهيمية بين المهمة التي يستطيع الطفل القيام بها بنفسه والمهمة التي ال يستطيع
القيام بها حتى بمساعدة شخص بالغ .وبالتالي فإن ZPDهو كل ما يمكن للطفل إتقانه عند تقديم المساعدة المناسبة.
38
األستاد هادف
برونر عالم نفس أمريكي ،يركز عمله بشكل خاص على علم النفس التربوي .كان من أوائل مكتشفي «الفكر واللغة»
لليف فيجوتسكي واستلهم بياجيه ،فهو أصل «الثورة المعرفية » تعتمد أفكار برونر على التصنيف ،أو «فهم كيف يبني
اإلنسان عالمه» .انطالقا ً من مبدأ أن اإلنسان يفسر العالم من حيث أوجه التشابه واالختالف .بالنسبة له ،يتم إجراء
الوساطة أثناء السلوك الصفي (تفاعالت اإلشراف) بطريقة تواصلية .ويقدم مفهومين يتعلقان بالعمليات التنظيمية في هذه
التفاعالت اإلشرافية" :الدعم" و"التنسيق" (األشكال التنظيمية للتبادالت .
فيجوتسكي عالم نفس روسي ،عالم نفس النمو ،البنائية االجتماعية النمو الفكري للطفل "الفكر واللغة" ،هناك فكر ولغة
يسيران م ًعا ،ويرتبطان ارتبا ً
طا وثيقًا .نحن نفكر بالكلمات،
ويوضح فيجوتسكي أن الذكاء يتطور بفضل أدوات نفسية معينة يجدها الطفل في بيئته ،ومنها اللغة (األداة األساسية).
وهكذا ،يتم استيعاب النشاط العملي في أنشطة عقلية متزايدة التعقيد بفضل الكلمات ،مصدر تكوين المفاهيم .منطقة النمو
القريبة ) (ZPDوالتي تصف المسافة المفاهيمية بين المهمة التي يستطيع الطفل القيام بها بنفسه والمهمة التي ال يستطيع
القيام بها حتى بمساعدة شخص بالغ .وبالتالي فإن ZPDهو كل ما يمكن للطفل إتقانه عند تقديم المساعدة المناسبة.
باالعتماد على أحدث األبحاث في العلوم المعرفية وخاصة علم األعصاب ،يقدم لنا ستانيسالس ديهين ،األستاذ في كوليج دو
صا جميالً ومدرو ً
سا لرأيته للتعلم. فرانس ،وصاحب كرسي علم النفس التجريبي ،ملخ ً
"التعلم هو بناء نموذج جديد للعالم داخل دماغنا ".وفقًا لستانيسالس ديهين ،فإننا نقوم باستمرار بتعديل نموذجنا العقلي
ليناسب بيئتنا .
العالم من حولنا ال يصل إلى دماغنا أبدًا كما هو .يتم دائ ًما تصفيته وتفسيره وتفكيكه إلعادة بنائه بشكل أفضل .يمكننا حتى
أن نقول إننا نذهب للقاء الرسائل أو المعلومات التي تصل إلينا أكثر مما تأتي إلينا وحدها .
لكن هذا ال يعني أن بيئتنا ليس لها تأثير على نماذجنا العقلية وعلى دماغنا بشكل عام .على العكس تماما .كلما زاد عدد أو
حجم المؤثرات الخارجية التي نتلقاها ،زادت المعلومات التي نتلقاها ،وكلما مارسنا أكثر ،تعلمنا أكثر .ولكننا لسنا صفحة
بيضاء ،وال لوحة حساسة للتصوير الفوتوغرافي .نحن نواجه باستمرار نماذجنا العقلية بالرسائل أي المعلومات التي تصل
إلينا .نحن دائما نشطين عند معالجة البيانات.
يمتلك دماغنا قدرات ال حصر لها تقريبًا .نحن قادرون على تطوير مناطق الدماغ من خالل الممارسة والتعلم .ويمكن
إعادة تدريب مناطق الدماغ هذه باستمرار .ومن المؤكد أن ستانيسالس ديهيني يذكرنا أنه من األفضل تعلم اللغات في سن
مبكرة .أن مرونة دماغنا رائعة جدًا ونحن قادرون على التعلم في أي عمر .وقبل كل شيء ،كلما تعلمنا أكثر ،كلما قمنا
بتطوير قدراتنا العقلية ،وأصبحنا قادرين على التعلم بسهولة أكبر .يبدو أن دماغنا يعمل مثل العضالت ويصبح التدريب هو
مفتاح النجاح
يعد ستانيسالس ديهين ،األستاذ في كوليج دو فرانس ،أحد الممثلين البارزين في هذا المجال .وهو عالم نفس معرفي وعالم
أعصاب ،وقد ركز بشكل خاص على العوامل الرئيسية التي تعزز التعلم الناجح ،وهي االهتمام والمشاركة النشطة والتغذية
الراجعة على األخطاء والدمج.
من المستحيل أن نتعلم إذا لم ننتبه إلى ما يجب أن نتعلمه :وهذا هو الشرط األول للتعلم الناجح ،وفقا لستانيسالس ديهيني.
بشكل ملموس ،هذا يعني في المقام األول أن المعلم لديه مصلحة في جذب انتباه الطالب،
في الواقع ،االهتمام انتقائي :فهو يعمل مثل المصفات التي تحتفظ بمعلومات معينة بينما يسمح لآلخرين بالمرور.
39
األستاد هادف
لالحتفاظ بالمعرفة الجديدة ،ال يكفي االستماع بشكل سلبي إلى المعلم :من األفضل أن تسأل نفسك ،وتضع فرضيات ،وربما
تجري تجارب لمحاولة فهم ما نتحدث عنه حقًا.
في الواقع ،يوضح ستانيسالس ديهين ،ال شيء يحل محل هذا الجهد الفكري لترسيخ المعرفة في أدمغتنا وذاكرتنا .وبهذا
المعنى ،تساهم أساليب التدريس النشطة في التعلم الفعال .
ويشير عالم األعصاب على العكس من ذلك إلى أن الخطأ يمكن أن يكون مفيدًا ،إذا فهمنا لماذا ارتكبنا الخطأ.
ومن هنا تأتي أهمية الحصول على ردود فعل :هذه "التعليقات" ،كما نقول في كثير من األحيان باللغة اإلنجليزية ،تسمح لنا
بالتغلب على خطأنا وتصحيحه ،بشرط أن نشعر بأننا مسيطرون على األمور ،ونثق ونشجع ،وال نكون محل انتقادات.
يصر ستانيسالس ديهين على أهمية االهتمام في أي عملية تعليمية .وهو يقتبس من عالم النفس األمريكي مايكل بوسنر
ليذكرنا بأن دماغنا لديه ثالثة أنظمة انتباه متكاملة ومتكاملة.
"1-التنبيه ،الذي يشير إلى متى يجب االنتباه ويكيف مستوى يقظتنا"،
-2اتجاه االنتباه ،الذي يشير إلى ما يجب االنتباه إليه ويضخم أي شيء محل اهتمام
يجب على المعلم أن يهتم و يوجه انتباه متعلميه .ومن خالل وضعية موضع التنفيذ ،فإنه يطور قدراتنا على " اليقظة" .من
خالل تقديم توجيهات واضحة تتكيف مع ملمح المتعلمين ،فإنه ي سهل التوجيه ،مما يؤدي بهم إلى التركيز على األساسيات.
من خالل بيئة التعلم التي يخلقها ،فإنه يعزز الضبط التنفيذي الجيد أم ال .من خالل إعطاء الوقت الالزم للعمل ،وتجنب
تعدد المهام ،وتبسيط المعرفة التي سيتم اكتسابها أو توفير طرق لدمجها ،فإنه يتجنب التحميل الزائد على الذاكرة العاملة
ويجعل التحكم أو الضبط التنفيذي أكثر فعالية.
"التعلم الفعال يعني رفض السلبية ،واالنخراط ،واالستكشاف بفضول ،وطرح فرضيات بنشاط محاولة اختبارها ".لقد
أخبرنا بياجيه Piagetوفرينيه Freinetبهذا منذ فترة ما بين الحربين العالميتين .واليوم تؤكد نتائج تصوير الدماغ ذلك.
يشكك ستانيسالس ديهين ،بطريقة أولئك الذين يزعمون أنه يمكننا التعلم بسهولة من خالل اللعب" .دون االهتمام ،دون
جهد ،دون عمق التفكير ،يختفي الدرس دون أن يترك أثرا ً في الدماغ".
يجب على المربي أن يمنح المتعلم الوقت الكافي إلنتاج االستدالالت وتركيب معرفته وإعادة تركيبها .من المؤكد أن السلبية
هي عدو التعلم ،لكن النشاط يكون أكثر من مجرد النقر على األزرار أو اإلجابة على األسئلة .إنه نشاط تأمل موجه يجب
على المربي تنفيذه .إنها ليست لعبة للتسلية أو طريقة تدريس لالستكشاف للترفيه.
طا ،ولكن يتم توجيهه عن كثب من قبل المعلم -التدريس المنظم ،مع "األفضل هو أسلوب التدريس الذي يجعل الطالب نش ً
تقدم واضح وصارم ،والذي يبدأ باألساسيات ،ويتحقق من إتقانها ،ويعتمد عليها لبناء هرم من المعنى.
40
األستاد هادف
نحن نتعلم من اخطائنا .ستانيسالس ديهيني ليس أول من يذكرنا بهذا .لكن منهجه يفتح اآلفاق للمعلم .يأتي الخطأ أوالً من
الفجوة بين ما يتوقعه دماغ المتعلم وما يحدث بالفعل .الخطأ يثير االنتباه .إنه مصدر للفضول ويطلق أو يحرر العمليات
المعرفية للتساؤل والتحليل.
A. عا من الغلط . .يذكرنا ستانيسالس ديهيني بما علمنا إياه ألبرت باندورا لكن الخطأ هو أيضًا األكثر شيو ً
Banduraمنذ زمن طويل .ولكي نتعلم من أخطائنا ،يجب أن تكون ردود الفعل بناءة .نحن بحاجة إلى معرفة ما هو
الصواب وما هو الخطأ ،ولكن ال ينبغي أن يقال لنا ما كان ينبغي علينا فعله .كلما اختبرنا معرفتنا ،كلما تقدمنا أكثر .يجب أن
يكون ي االختبار متكيفة تما ًما مع ملمح المتعلم .وبخالف ذلك ،فإن إحساسنا بالكفاءة الذاتية قد يضعف ونصاب
بالتوتر والقلق و هدا ما يضر بقدرتنا على التعلم.
"الدمج ،وف ًقا لستانيسالس ديهين ،هو االنتقال من المعالجة البطيئة الواعية ،مع بذل الجهد ،إلى األداء السريع ،الالواعي،
والتلقائي" .إنها تقود المتعلم إلى االنتقال من التصرف بوعي إلى التصرف بغير وعي .الشخص الذي يتصرف دون
التفكير في فعله يحرر ذاكرته العاملة التي هي بحكم تعريفها محدودة وتلعب دور عنق الزجاجة في قدراته على التعلم .هذا
هو الفرق المعروف بين السائق المتمرس الذي يمكنه القيادة في حركة المرور الكثيفة أثناء إجراء محادثة مستمرة والسائق
المبتدئ الذي ال يزال يتعين عليه التركيز حصريًا على قيادته.
"لماذا تعتبر الروتينية مهمة جدًا؟ "ألنه يحرر موارد القشرة ... cortexطالما أن التعلم غير آلي ،فإنه يمتص الموارد
ويمنعنا من التركيز على أي شيء آخر"
والسؤال الذي يجب طرحه على المعلم هو كيفية تعزيز هذا الدمج .حسب ستانيسالس ديهين من خالل النوم!
في كل ليلة ،يقوم دماغنا بترسيخ ما تعلمه خالل النهار ...ويختلف مقدار التعلم بشكل مباشر حسب مدة النوم ،وخاصة
عمقه .والسبب بسيط ،ففي نومنا العميق نقوم بإعادة تنشيط معرفتنا الحديثة ونعزز الروابط مع نماذجنا العقلية الراسخة في
دماغنا .ومع ذلك ،كلما قمنا بإعادة تنشيط معرفتنا ،زاد احتمال إنتاج روابط جديدة بين ما رأيناه وما نعرفه سابقا .وهذا هو
السبب في أن الطريقة األخرى لتعزيز الدمج هي تكرار المعرفة التي سيتم اكتسابها.
كلما كان التعلم موزعا ،كلما كان التعلم أقوى .ولكن ال ينبغي أن يتم التوزيع بشكل عشوائي.
41