You are on page 1of 41

‫األستاد هادف‬

‫ايبستمولوجية التربية‬

‫ينقسم محتوى هذا المقياس الى قسمين‪:‬‬

‫القسم األول يتطرق الى مفهوم االبستومولوجيا ويهدف الي تزويد الطالب بمجموعة من األدوات والتي بدونها يكون من‬
‫الصعب استيعاب ايبستمولوجية التربية‪.‬‬

‫يهدف الجزء الثاني من المحاضرات الى اكتساب بعض المفاهيم المهمة في نظرية المعرفة لمعرفة او لفهم القضايا‬
‫المعرفية في النظريات التربوية‪ ،‬والتمكن من دراسة الجدليات الكبرى المحيطة بالوضع المعرفي للتربية‪.‬‬

‫الجزء االول‪ :‬اإليبستمولوجيا‬


‫االيبستمولوجيا‬

‫ظهر مصطلح االبستمولوجيا في بداية القرن العشرين لإلشارة إلى فرع من فروع الفلسفة متخصص في دراسة نظريات‬
‫المعرفة‪ .‬فهي تهتم بدراسة تكوين المعرفة الصحيحة‪ .‬وتهتم بثالثة محاور‪ :‬تعريف المعرفة‪ ،‬ومفهومها‪ ،‬وطريقة تبرير‬
‫صحتها‪.‬‬

‫االيبستمولوجيا هي فرع من فلسفة العلم الذي يدرس بشكل نقدي المنهج العلمي واألشكال المنطقية وأنماط االستدالل‬
‫المستخدمة في العلم‪ ،‬باإلضافة إلى المبادئ والمفاهيم األساسية والنظريات ونتائج العلوم المختلفة لتحديد أصلها المنطقي‬
‫وقيمتها ونطاقها الموضوعي‪.‬‬

‫تعريف اللوند ‪ :Lalande‬األبستمولوجيا هي الدراسة النقدية والعلمية لكل مناهج العلوم ومبادئها ونتائجها وكذلك قوانينها‬
‫ونظرياتها بينما تهدف مناهج العلوم إلى دراسة وصفية تحليلية لبيان مراحل الكشف العلمي عن مختلف المناهج المتبعة في‬
‫العلوم‪ .‬فالمنهجية ‪ Méthodologie‬هي إّذن فرع من فروع األبستمولوجيا‬

‫أما جان بياجيه ‪ J. Piaget‬فيعرف نظرية المعرفة كما يلي‪ :‬دراسة تشكُل المعرفة الصحيحة"‪ ،‬وهو اسم يسمح لنا‪،‬‬
‫وفقًا لـ ‪ ،Jean-Louis Le Moigne‬بطرح األسئلة الرئيسية الثالثة‪:‬‬

‫• ما هي المعرفة (السؤال العرفاني ‪)gnoséologique‬؟‬

‫• كيف يتم تكوينها أو تشكيلها (السؤال المنهجي)؟‬

‫• كيفية تقييم قيمتها أو صالحيتها؟‬

‫نظرية المعرفة مشتقة من اليونانية القديمة ( ‪" epistémê‬المعرفة الحقيقية ‪ ،‬العلم" و ‪" disc / lógos‬الخطاب") و‬
‫يمكن أن تحدد مفهومين‪:‬‬

‫ففي التقاليد الفلسفية الناطقة بالفرنسية‪ ،‬تغطي نظرية المعرفة فقط المجال العلمي للمعرفة البشرية بينما في التقليد األنجلو‬
‫سكسوني ‪ ،‬تغطي نظرية المعرفة كل المعارف البشرية‪.‬‬

‫بمعنى أنه‪:‬‬

‫‪ -‬في العالم الناطق بالفرنسية‪ :‬االبستومولوجيا هي الدراسة النقدية للعلم والمعرفة العلمية؛‬

‫‪ -‬في العالم األنجلوسكسوني‪ :‬االبستومولوجيا هي دراسة المعرفة بشكل عام‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫األستاد هادف‬

‫أسئلة تأسيس المعرفة‬

‫‪ .1‬ما هو العلم (أو العلوم)؟ ما الذي يميز هذا النوع من المعرفة عن اآلخرين؟ كيفية تعريفه؟‬

‫‪-2‬كيف نشأ العلم؟ ما هي العوامل (التكنولوجية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الفلسفية‪ ،‬الدينية‪ )... ،‬التي أثرت على تطوره؟ ما هي طرق‬
‫العمل والتفكير التي تم استخدامها لبنائه؟‬

‫‪ -3‬كيفية الحكم على صالحيته أو قيمته‪ ،‬ماذا يعني أن النظرية العلمية صحيحة؟ كيفية التحقق من صحة النظرية العلمية‪.‬‬

‫ما يمكن اعتباره عل ًما‪.‬‬

‫تهتم نظرية المعرفة اوال بتصنيف العلوم‪ .‬لذلك من الضروري الفصل بين ما يمكن اعتباره "معرفة علمية" وما ال يمكن‬
‫اعتباره كذلك ويصنف على أنه "معتقد"‪ .‬من هذا المنطلق يفترض تحديد المعرفة العلمية الحقيقية والمعرفة غير العلمية‪،‬‬
‫والتي يشار إليها غالبًا بالمعرفة المشتركة أو الفطرة السليمة‪.‬‬

‫تعريف العلم‪":‬مجموعة من المعارف‪ ،‬والدراسات ذات قيمة عالمية‪ ،‬وتتميز بموضوع معين (المجال) ومنهج‪ ،‬وتقوم على‬
‫أساس عالقات موضوعية يمكن التحقق منها‪.‬‬

‫ما هي معايير المعرفة العلمية او العلم؟‬

‫‪ -‬يجب تحديد موضوع العلم‪ ،‬أي القدرة على تحديد األشياء التي يدرسها‪.‬‬

‫‪ -‬العلم يبني المعرفة على األشياء ‪ objets‬التي يدرسها‪.‬‬

‫‪ -‬يجب التحقق من هذه المعرفة العلمية من خالل الحقائق الموضوعية‪.‬‬

‫‪ -‬يجب أن تكون هذه المعرفة ثمرة طريقة بناءة وحازمة‪.‬‬

‫‪ -‬النظرية العلمية هي مجم وعة متماسكة من القوانين المستمدة من الفرضيات األساسية‪.‬‬

‫‪ .2‬التسلسل الهرمي للعلوم‪.‬‬

‫في أعلى المقياس نجد الرياضيات والمنطق وهما من العلوم المجردة ‪ .formelles‬إنها علوم مجردة تما ًما ومستقلة عن‬
‫العالم المادي‪ .‬فهي تبني نفسها بنفسها دون أي تدخل من العالم المادي‪ ،‬بطريقة مفاهيمية بحتة‪.‬‬

‫ثم لدينا العلوم التجريبية أو "الصعبة"‪ .‬فهذه هي العلوم الحقيقية مثل الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا أو حتى علم النفس‪ .‬ما‬
‫يميز العلوم التجريبية هو طريقة بناء معرفتهم على أساس التجريب والمالحظات الملموسة واألساليب االستنتاجية‬
‫االفتراضية‪.‬‬

‫فالقوانين التي وصفتها العلوم التجريبية مستقلة عن اإلنسان‪ ،‬فهي موجودة خارج اإلنسان‪.‬‬

‫تحتل العلوم اإلنسانية أو العلوم "اللينة" المركز األخير في التسلسل الهرمي‪ .‬في الواقع‪ ،‬إنها تدرس على وجه التحديد‬
‫السلوك البشري والمجتمع بشكل عام‪.‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬يمكن تفسير بع ض النماذج من خالل نفسية الممثلين او الفاعلين أنفسهم‪ ،‬حيث يمكن التحقق من صحة‬
‫النظريات في علم النفس أو إبطالها من خالل التجارب البحتة‪.‬‬

‫‪ -3‬الفرق بين المعرفة والعلم‬

‫‪2‬‬
‫األستاد هادف‬

‫ال شك أن هناك فرقا ً كبيرا ً بين العلم والمعرفة؛ فالعلم عبارة ٌ عن مفاهيم وقوانين متسلسلة ومترابطة مع بعضها‬
‫البعض‪ ،‬وتنشأ هذه المفاهيم من التجارب‪ ،‬أو المالحظات‪ ،‬ويمكن القول إنه يتَّسم بالتنظيم‪ ،‬ويأتي عبر البحث والتفكير‪ ،‬أما‬
‫المعارف تتكون تتشكل وتتحول‪ ،‬وفقًا لكل فرد ووفق لتمثالته أو تصوراته‪،‬‬

‫لذلك يمكن مثال في نهاية درس معين أن تتشكل عند األفراد أو الطلبة معرفة تختلف من فرد الى أخر‪ .‬المعرفة داخلية‬
‫للشخص‪ .‬العلم مرتبط بالمجتمع‪ ،‬والمعرفة بالفرد‪.‬‬

‫‪ .‬يمكننا التمييز بين المعرفة الناتجة عن التفكير الفلسفي‪ ،‬والمعرفة الناتجة عن الممارسة العلمية‪ ،‬والمعرفة الناتجة عن‬
‫المعتقد الديني‪ ،‬المعرفة الناتجة عن الممارسة‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬تسمى المعرفة الشائعة أيضًا المعرفة المشتركة‪ ،‬والمعرفة‬
‫التلقائية‪ ،‬والمعرفة التجريبية‪.‬‬

‫العلم أكثر موضوعية من المعرفة الشائعة‪.‬‬

‫التجربة األولى أو‪ ،‬على وجه التحديد‪ ،‬المالحظة األولى هي دائ ًما العقبة األولى أمام الثقافة العلمية‪.‬‬

‫صل إليها الفرد عبر تجاربه الحياتية‪،‬‬


‫المعرفة أشمل من العلم؛ إذ تضم مختلف العلوم والمجاالت والمعلومات التي يتو َّ‬

‫يجب أن نفصل بين فكرة ال إيمان ‪ croyance‬وفكرة المعرفة‪ .‬االعتقاد هو فكرة من المفترض أن تكون صحيحة في حين‬
‫ارا أخرى‬
‫أن المعرفة هي فكرة يأتي صدقها من المنطق‪ .‬يفترض المنطق أن يبدأ من األفكار الحقيقية ويستنتج منها أفك ً‬
‫بفضل البناء المنطقي‪ .‬لذلك لكي يعتبر المنطق صال ًحا‪ ،‬يجب أن تكون األفكار التي يستند إليها المنطق صحيحة ويجب أن‬
‫يكون المنطق كافيًا الستنتاج االستنتاجات من هذه األفكار األساسية‪.‬‬

‫‪ -‬وصف‪ :‬جمع المعلومات حول الظاهرة التي نالحظها‪.‬‬

‫‪ -‬شرح‪ :‬تحديد الفرضيات التي يمكن أن تفسر الظاهرة‪.‬‬

‫‪ -‬التنبؤ‪ :‬باستخدام هذه الفرضيات‪ ،‬تطوير نظرية تنبؤيه‪.‬‬

‫‪ -‬تحقق‪ :‬مقارنة النظرية بالتجربة‪.‬‬

‫إذا أكدت التجرب ة النظرية‪ ،‬فإنها تعتبر صالحة حتى إشعار آخر‪ .‬هذا ال يعني أنه ال يمكن تناقضها الحقًا من خالل تجربة‬
‫أخرى أو نظرية أخرى‪ .‬هذا هو ما يسمى مبدأ التزوير الذي طرحه بوبر والذي يريد منا أن نعترف بأنه المنطق العلمي فقط‬
‫ما من المحتمل أن يبطل من تجربة جديدة‪.‬‬

‫الطريقة العلمية او المنهج العلمي ‪Méthode Scientifique‬‬

‫هي العملية التي يستخدمها العلماء بصورة جماعية خالل الزمن من أجل بناء صورة دقيقة عن العالم‪ .‬ألن المعتقدات‬
‫الشخصية والثقافية تؤثر في تصورنا وتفسيرنا للظواهر العلمية‪،‬‬

‫هناك اربعة مراحل في الطريقة العلمية‪:‬‬


‫‪ 1.‬مراقبة ووصف ظاهرة او مجموعة من الظواهر‬
‫‪2.‬صياغة فرضية ‪ hypothèse‬تفسر الظواهر‪ .‬في علم الفيزياء‪ ،‬فان الفرضية غالبا ً ما تأخذ شكل آلية سببية او عالقة‬
‫رياضية‪.‬‬
‫‪ 3.‬استخدام الفرضية للتنبؤ او توقع وجود مشاهدات اخرى او للتنبؤ كميا ً بنتائج ظواهر جديدة‪.‬‬
‫‪-4‬أ داء اختبارات تجريبية للتنبؤات من قبل عدد من المجربين المستقلين عبر تجارب تجرى بعناية ودقة‪.‬‬
‫إذا كانت التجارب تثبت الفرضية فان الفرضية قد تصبح نظرية او قانون طبيعي أما اذا لم تثبت التجارب الفرضية فان‬
‫الفرضية يجب ان ترفض او تعدل‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫األستاد هادف‬

‫يفترض هذا أنه يمكن للمرء أن ينتج تجربة تسمح بالتحكم في معلمات الظاهرة التي يسعى المرء إلى استنساخها‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬
‫في الواقع‪ ،‬التحقق من الصحة عن طريق التجارب ليس دائ ًما سهالً ألن الظواهر يصعب أحيانًا تحفيزها‪ ،‬أو حتى مستحيلة‬
‫من الناحية الفنية‪ .‬تعتبر الطريقة التجريبية موثوقة للغاية‪.‬‬

‫‪ -‬طريقة الحجة هي المنطق الذي يهدف إلى إقناع االقتراح ولكن ال يثبت تما ًما صحة االقتراح‪ .‬هذه الطريقة لألسف ال تقدم‬
‫قيمة علمية لالقتراح‪.‬‬

‫االستقراء واالستنباط‬

‫ان الفرد أو الباحث ال يستطيع أن يقوم بدراسة أو مالحظة ظاهرة ما بأكملها‪ ،‬ففي حال دراسة ظاهرة الرسوب المدرسي‬
‫مثال فالباحث ال يستطيع أن يدرس الظاهرة بكل المدارس الموجودة بالقطر الجزائري مثال أو يأخذ عينة تمثل كل التالميذ‬
‫اللذين رسبوا‪ .‬ففي هذه الحالة يلجأ الباحث الى المنطق أو الى المحاكمة العقلية )‪ .(raisonnement‬واالستقراء واالستنباط‬
‫هما اثنين من إجراءات المنطق‪.‬‬

‫االستقراء عملية عقلية تسمح للفرد من االنتقال من الخاص (حقائق ملحوظة‪ ،‬حاالت فردية‪ ،‬بيانات تجريبية‪ ،‬حاالت)‬
‫إلى العام (قانون‪ ،‬نظرية‪ ،‬معرفة عامة) ‪ .‬فهو أسلوب من أساليب الحكم المنطقي ويتشكل بفضل قراءة عدة حاالت ومن ثم‬
‫التعميم‪ .‬ويستخدم هذا األسلوب عندما تتم دراسة حقائق جديدة أو يتم اكتشافها‪ .‬لذا فإن التعميم يتم على هذا األساس‪ .‬وهناك‬
‫أربع حاالت ضرورية علينا أن نأخذها بعين االعتبار عند استخدام األسلوب االستقرائي وهي‪:‬‬

‫‪-1‬يجب أن تكون المالحظة دقيقة ومسجلة‪ ،‬وكذلك الحال بالنسبة للبيانات المجمعة‪.‬‬

‫‪-2‬يجب أن تغطي المالحظات الحاالت الممثلة لمجتمع الدراسة‪.‬‬

‫‪-3‬يشترط في المالحظات أن تغطي العدد الكافي من الحاالت‪.‬‬

‫‪-4‬يجب أن تبني النتائج وتعمم على الحاالت المدروسة‪.‬‬

‫االستدالل أو االستنباط هو عملية عكسية تقريبًا تجعل من الممكن استنتاج (استنتاج) بيان من الفرضيات أو من مسبقات‬
‫‪ prémisses‬أومن إطار نظري‪ :‬تنتج االستنتاجات من مقدمات هذه الفرضيات أو من هذه النظرية‪.‬‬

‫االستنباط هو إذن االنتقال من العام الى الخاص‪.‬‬

‫االستنباط عملية عقلية تمثل تطبيق العام على الخاص‪ .‬وهذا االنتقال من العام إلى الخاص جيدا في حل المشكالت‪ ،‬ولكنه‬
‫ليس مفيدا في الوصول لحقائق جديدة أي أن هذا االسلوب من التفكير ال يفيد كثيرا في تقدم المعرفة‪ .‬ويستطيع األسلوب‬
‫االستقرائي أن يتغلب على هذه الجوانب‪ .‬والستخدام االستنباط البد من مراعاة الجوانب التالية‪:‬‬

‫‪-1‬أن تكون القاعدة العامة ‪ prémisses‬لالفتراضات صحيحة‪.‬‬

‫‪-2‬أن تطبق القاعدة العامة على الحاالت المدروسة فقط‪.‬‬

‫أدت المناهج االستقرائية كأساس لتشكيل "قوانين عامة" إلى إثارة العديد من المناقشات واالنتقادات بين الفالسفة والعلماء‪.‬‬
‫‪ ‬يطرح هيوم (القرن الثامن عشر) السؤال إلى أي مدى يمكن تبرير استقراء استنتاج عام من المالحظات التجريبية على‬
‫المواقف الفردية السابقة‪ .‬غالبًا ما يتم إعطاء أمثلة للغربان السوداء أو البجع األبيض لتوضيح هذه المشكلة بمنطق‬
‫االستقراء‪ .‬من بين أبرز الفالسفة اللذين يمكن ذكرهم في هذا الصدد هما‪:‬‬

‫)بوبر ‪ K. POPPER‬مبدأ الطعن‪ ) réfutation‬والمثال الشهير المتعلق بالغربان السوداء أو البجع األبيض‪ .‬فمالحظة‬
‫واحدة لغراب ليس أسود أو بجعة ليست بيضاء تدحض النظرية العامة‪  .‬با شالرد (روح علمية جديدة)‪ :‬وحدة العلم ال‬
‫تتوافق أبدًا مع حالة مستقرة‪ ،‬ومن الخطر افتراض نظرية المعرفة الموحدة‪ .‬كما يالحظ أن الفكر العلمي يجمع بشكل منهجي‬

‫‪4‬‬
‫األستاد هادف‬

‫بين نشاطين متكاملين‪ :‬التصحيح التجريبي مرتبط دائ ًما بالدقة النظرية‪ .‬التقدم العلمي ال يتم من خالل تراكم المعارف بل من‬
‫خالل احداث القطيعة االبستمولوجية‪.‬‬

‫بالنسبة ‪ K. POPPER‬لبوبر‪ :‬اعتماد طريقة استنتاجية من خالل إظهار أن االستقراء المتمثل في رسم قواعد عامة من‬
‫مراقبة العالم يمكن أن يؤدي إلى ظروف خاطئة‪ .‬لكي تُعتبر النظرية علمية‪ ،‬يجب أن تكون قابلة للدحض بالتجربة ‪ .‬بالنسبة‬
‫لبوبر‪ :‬فكرة "التأييد"‪ :‬بما أنه ال يمكن للمرء إثبات صحة النظرية‪ ،‬ينبغي بدالً من ذلك أن يسعى إلى دعم نظرية بمحاوالت‬
‫متعددة لدحض األخيرة وهذا يجعل بوبر يقول إنه بينما ال توجد "معايير للحقيقة" ‪ ،‬هناك "معايير للتقدم" في الحصول‬
‫على تقديرات تقريبية لـ "الحقيقة"‪.‬‬

‫الفرد غير مثالي فهو معرض للخطأ‬

‫العلم ال يستطيع إثبات صحة نظرية (نقد االستقراء)‬

‫الفكر العلمي يقوم على النقد‬

‫ليس هناك علم إال الذي هو قابل للتفنيد‬

‫ب‪ -‬باشالر ‪Gaston Bachelard‬‬

‫يقترح غاستون باشالرد نظرية تتعارض تما ًما مع الوضعية‪.‬‬

‫بنفس الطريقة مثل ‪ ، Comte‬سوف يفكر في نشأة المعرفة العلمية ولكن من حيث معارضة رؤية ‪.Comte‬‬

‫‪ -‬بالنسبة لباشالرد‪ ،‬ال يحدث تطور المعرفة في استمرارية زمنية‪ :‬فهناك مراحل من الركود وحتى من االنحدار‪.‬‬

‫‪ -‬بينما يعتقد كونت أن المعرفة تتطور بالتراكم‪ ،‬يعتقد با شالرد أن المعرفة تتطور عن طريق تصحيح المعرفة السابقة‬
‫وتوسيع إطار المعرفة‪.‬‬

‫بالنسبة لباشالر ‪ ،‬فإن فكرة الموضوعية المطلقة هي أسطورة لسبب بسيط هو أن العلم يعتمد بشكل كبير على سياق‬
‫الوقت‪.‬‬

‫لذلك يقترح عدم السعي إلى الموضوعية المطلقة ولكن قياس جزء من الموضوعية لتحديد دائرة المعرفة بوضوح‪.‬‬

‫تصور باشالرد العلم على أنه "بناء بشري‪ ،‬مؤسسة تطورت تدريجيًا‪ ،‬مشروطة تاريخيا ً وال يمكن فصلها عن المؤسسات‬
‫واألنشطة البشرية األخرى"‪.‬‬

‫لم يعد يُنظر إلى العلوم على أنها منفصلة عن الحياة االجتماعية‪.‬‬

‫ال يتقدم العلم من خالل تطور الفكر العلمي كما يراه اوغست كونت لكن من خالل القطيعة حيث يرى بان هناك عوائق أو‬
‫معوقات تعرقل البحث العلمي وتقدمه‬

‫حقائق اليوم هي أخطاء الغد‬

‫ليس هناك معرفة مثبتة نهائيا‬

‫» ‪« Vérité en sursis‬‬

‫يتصور باشالرد التقدم العلمي على أنه صراع دائم ضد "العقبات المعرفية"‪ .‬أول عائق معرفي يجب التغلب عليه‪ ،‬وفقًا‬
‫لباشالرد‪ ،‬هو المالحظة نفسها‪ ،‬وبالتالي معارضة "اإلدراك الفوري" كأداة للمعرفة‪" ،‬لم يتم إعطاء أي شيء‪ .‬كل شيء‬
‫مبني‪" .‬بالنسبة للوضعيين‪ ،‬يتم التقدم العلمي من خالل التراكم المستمر والتدريجي وف ًقا لمنطق موسوعي‪ .‬بالنسبة لجي‬

‫‪5‬‬
‫األستاد هادف‬

‫باشالرد‪ ،‬يتقد م التطور العلمي من خالل سلسلة من فترات الراحة الالزمة لتحرير العقل من المفاهيم العلمية السابقة‪.‬‬
‫وبالتالي يأخذ مفهوم الخطأ مكانه في ديناميكيات الفكر‪.‬‬

‫التيارات االيبستمولوجية الكبرى‪.‬‬

‫‪ -1‬العقالنية‬

‫العقالنية (القرن السابع عشر)‪ :‬من فيثاغورس إلى ديكارت عبر أفالطون الذين هم من رواد هذا التيار المعرفي الذي‬
‫سا من استخدام العقل‪ .‬يتميز هذا التبار بالتفكير بشكل عام واالستنتاج بشكل‬ ‫يعتبر أن كل المعرفة الصحيحة تأتي أسا ً‬
‫خاص والذي ينتقل من المجرد إلى الملموس كآلية إلنتاج المعرفة‪.‬‬

‫العقالنية هي إدن هي مذهب فلسفي يفترض أولوية العقل في اكتساب المعرفة‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬لكي نعرف‪ ،‬يجب على‬
‫المرء أن يثق بالعقل‪ .‬في هدا الصدد أكد أفالطون في كتاب الجمهورية على أن المعرفة األكثر دقة للشيء تأتي من فهم‬
‫جوهره‪ ،‬أي فكرته الحقيقية ‪ .‬تطورت العقالنية خالل القرنين السابع عشر والثامن عشر‪ ،‬وكان أبرز مؤلفيها رينيه‬
‫ديكارت‪.‬‬

‫وهذا التيار يعارض التجريبية‪ ،‬ألن هده ألخيرة يمكن أن تقودنا إلى خداع حواسنا وإرباكها‪ .‬وبدال من ذلك‪ ،‬فإن العقالنية‪،‬‬
‫ووفقا لمؤلفيها‪ ،‬هي المذهب الصالح لبلوغ المعرفة الحقيقية‪.‬‬

‫العقالنية تدعى الى تفضيل العقل كوسيلة لمعرفة الواقع أو تفسيره و تنص على أن العقل البشري لديه مبادئ أو معرفة‬
‫مسبقة‪ ،‬مستقلة عن الخبرة‪ .‬من المهم أن نفهم هنا أنه بالنسبة للعقالنيين‪ ،‬يتم استبعاد التجريب من آلية إنتاج المعرفة الجديدة‪.‬‬
‫العقالنية تفترض فطرية األفكار ‪ .‬وهي أفكار نظرية بحتة يملكها اإلنسان بطبيعته دون االستعانة بأي إدراك حسي‪ .‬إن أفضل‬
‫المعرفة ال يمكن أن تكون إال نظرية و يجب علينا أن نجد هذه األفكار الفطرية المخبأة في داخلنا‪ .‬العقل قادر على القيام‬
‫بالبرهان المنطقي ‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن التفكير سيسمح لنا بمعرفة بعض هذه األفكار بشكل مطلق وليس بالتجربة الحسية‪ .‬ولذلك‬
‫تنتقد العقالنية اإلدراك‪ ،‬أي الحواس‪ ،‬كمصدر للمعرفة‪ .‬يجد هذا النقد أصله في تصور اإلحساس باعتباره وه ًما‪ .‬وال يعتبر‬
‫اإلحساس مصدرا موثوقا للمعرفة ألنه يعتمد على الحواس والظروف التي نجد أنفسنا فيها‪.‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن المادة التي ندركها‪ ،‬أي الشيء الخارجي عنا الذي نسعى لمعرفته يتغير‪ ،‬فكيف يمكنني إثبات حقيقة‬
‫ثابتة حول مادة غير مستقرة؟ وهذا ما دفع ديكارت إلى القول بأن "الحواس تخدعنا"‪ .‬إذا كان حكمنا يعتمد على البيانات‬
‫الحسية‪ ،‬فإننا نقع في الخطأ‪ .‬بالنسبة للعقالنية‪ ،‬اإلدراك غير كافٍ لفهم جوهر الشيء‪.‬‬

‫يقترح ديكارت في كتابه خطاب المنهج ‪ Le discours de la méthode‬طريقة للحصول على المعرفة الحقيقية‪ .‬وللقيام‬
‫بذلك يقترح مبدأ الشك‪ ،‬ويطلق على هذه الطريقة اسم "الطريقة الديكارتية"؛ مستوحى من الرياضيات والهندسة ‪ .‬وعندما‬
‫طورها المؤلف‪ ،‬كان طموحه هو إنشاء منهج عالمي‪ ،‬أي يمكن تطبيقه على جميع العلوم‪ .‬ويتكون هذا من أربع قواعد و‬
‫هي‪ :‬البرهان والتحليل والتركيب والتحقق‪.‬‬

‫باختصار‪ ،‬تقترح العقالنية أن العقل هو أعلى قيمة في السعي وراء المعرفة‪ .‬وللهروب من الفخاخ الحسية‪ ،‬تصبح‬
‫الرياضيات النظام األساسي في هذا البحث‪ ،‬حيث إن المعرفة التي تم تحليلها دقيقة‪،‬‬

‫دورا مه ًما في تطوير وتبرير الموقف المعرفي العقالني‪ .‬على سبيل المثال‬
‫تاريخيًا ‪ ،‬لعبت المعرفة المرتبطة بمجال الهندسة ً‬
‫أفادت بريتانيكا (‪ ) 2001‬أن أفالطون ‪ ،‬في حواره بعنوان مينو ‪ ،‬يسلط الضوء على الطابع المؤكد والعالمي والفطري‬
‫للمعرفة من خالل سرد أو ذكر كيف نجح سقراط في جعل العبد الشاب األمي يتعلم ‪ ،‬خطوة بخطوة وبدون علمه ‪ ،‬نظرية‬
‫فيثاغورس ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫األستاد هادف‬

‫خصائص العقالنية‬

‫تميز العقالنية عن التيارات األخرى من خالل تحديد سلسلة من الخصائص‪:‬‬

‫المعرفة المبنية على العقل‪ :‬العقل والفكر والتفكير هي األدوات األكثر فائدة التي يمتلكها اإلنسان لتحقيق المعرفة الحقيقية‪.‬‬

‫الطريقة الديكارتية‪ :‬يتم التحقيق وفق الطريقة التي صممها ديكارت‪ ،‬وتتميز بااللتزام بسلسلة من القواعد ‪.‬‬

‫الرياضيات‪ :‬اعتقد ديكارت أنه يستطيع تطبيق طرق علمية في البحت على العلوم االجتماعية‪ .‬لقد أولى أهمية كبيرة‬
‫للرياضيات والهندسة لدقتها‪.‬‬

‫الطريقة االستنباطية‪ :‬وهي االنتقال من العام إلى الخاص‪ .‬أي أنه من خالل مالحظة القواعد العامة التي تحدث في حاالت‬
‫مختلفة‪ ،‬يتم التنبؤ أو التأكيد على ما سيحدث في حالة معينة‪.‬‬

‫الحقائق الفطرية‪ :‬هناك أأنواع من الحقائق ال يستطيع الفرد الوصول إليها من خالل التجربة‪ .‬على العكس من ذلك‪ ،‬فهي‬
‫فيه منذ الوالدة‪ ،‬ويمكنه أن يعرفها بالعقل‪.‬‬

‫طريقة توليد االفكار عند سقراط ‪Maeutique‬‬

‫اسطورة الكهف عند افالطون‬

‫‪ -2‬االمبريقية أو التجريبية‪.‬‬

‫تعتبر االمبريقية من أقدم تيارات االبستمولوجيا‪ ،‬ألنها ارتبطت بالفالسفة والعلماء في العصور القديمة‪ .‬من اليونانية‬
‫سا من التجربة ‪ .‬لقد استمر هذا التيار الفكري على مر‬ ‫‪ empeiria‬التجربة‪ ,‬االمبريقية تشير إلى أن العلم يأتي أسا ً‬
‫القرون‪ ،‬إد تبناه فرانسيس بيكون على وجه الخصوص في القرن السابع عشر‪ .‬بالنسبة له‪ ،‬تهدف العلوم االمريقية‪ ،‬أو‬
‫العلوم المادية‪ ،‬إلى وصف العالم بنا ًء على المالحظة وعلى نقل المعرفة المتراكمة في الماضي‪.‬‬

‫وفقا لالمبريقيين‪ ،‬فإن "المالحظات تجعل من الممكن تفسير الواقع‪ .‬وبالتالي فإن تراكم المالحظات يسمح للعلم بالتقدم‬
‫من خالل اقتراح القوانين عبر النهج االستقرائي تسمح لنا االمبرقية باالنتقال من الملموس إلى المجرد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإننا‬
‫نعلم اآلن أن التجارب‪ ،‬في سياقها‪ ،‬ال تعكس دائ ًما حقيقة ظاهرة ما‪ .‬وبالتالي فإن الخبرة وحدها ال تكفي لخلق معرفة جديدة‬

‫التجريبية هي مذهب فلسفي يؤكد على دور الخبرة في المعرفة اإلنسانية‪ ،‬مع التقليل من دور العقل‪ ".‬ووفقًا لهذا النموذج‪،‬‬
‫فإن كل ما يعرفه المتعلم ال يمكن أن يأتي إال من التجربة الحسية ‪.‬‬

‫بالنسبة للتجريبيين‪ ،‬كل شيء يأتي من حواسنا‪ ،‬وأي فكرة معقدة يتم تطويرها من أفكار بسيطة‪ ،‬وهي نفسها مبنية على‬
‫ارتباطات نشأت خالل تجارب سابقة‪ .‬إن المتعلم هو "صفحة بيضاء"‪ ،‬لوح شمعي تأتي الخبرة لتكتب عليه‪ .‬وبهذا المعنى‪،‬‬
‫ترفض التجريبية أي نموذج نظري‪ .‬مبدأها هو "التجربة والخطأ"‪،‬‬

‫تعارض االمبريقية الفطرية والعقالنية‪ ،‬التي تفترض على العكس من ذلك أن معرفتنا وأفكارنا ومبادئنا موجودة في كل‬
‫‪ .‬في مجال علم النفس يمكن اعتبار‬ ‫واحد منا‪ ،‬بشكل مسبق‪ .‬أفالطون‪ ،‬ديكارت‪ ،‬كانط‪ ...‬دافعوا عن التيار العقلي‬
‫السلوكية قريبة من التجريبية‪ ،‬الجشطالت قريبة من المثالية أو التيار العقالني‪.‬‬

‫اإلنجليزي فرانسيس بيكون (‪ ،) 1561-1626‬أبو التجريبية الحديثة‪ ،‬وأول من وضع أسس العلم الحديث وأساليبه‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫األستاد هادف‬

‫اإلحساس "‪ .‬يرفض التجريبيون اإلنجليز أيضًا فكرة المعرفة الفطرية‪ .‬يفترض هؤالء الفالسفة أن عقل الطفل عبارة عن‬
‫"صفحة بيضاء"‪ " ،‬وأن محتواه يأتي من التجربة الحسية للعالم الخارجي‪ .‬يتكون هذا المحتوى من األحاسيس والصور‬
‫واألفكار‪.‬‬

‫في التعليم ‪ :‬الطريقة التقليدية‬

‫طرقة االلقاء‬

‫التيار الوضعي‬
‫تعرف الفلسفة الوضعية "‪ "Positivisme‬على أنها إبستمولوجيا العلوم التي تعتمد على البرهنة التجريبية‪ ،‬وال تأخذ بأي‬
‫فكرة ال يمكن إثباتها من خالل التجربة‪ ،‬فكل ما يدخل ضمن إطار االعتقاد أو الميتافيزيقا ال يمكن برهنته‪ ،‬إذن ليس علميًا‬
‫بالنسبة للتيار الوضعي‪،‬‬

‫الفلسفة الوضعية هي إحدى فلسفات العلوم التي تستند إلى رأي يقول أنه في مجال العلوم االجتماعية‪ ،‬كما في العلوم‬
‫الطبيعية‪ ،‬فإن المعرفة الحقيقية هي المعرفة والبيانات المستمدة من التجربة الحسية‪ ،‬والمعالجات المنطقية والرياضية لمثل‬
‫هذه البيانات والتي تعتمد على الظواهر الطبيعية الحسية وخصائصها والعالقات ‪.‬‬

‫تقوم الوضعية علي مبدأ أحادية الواقع و إمكانية إدراكه كما هو‪.‬‬

‫تعتمد الوضعية على منهجية الوصف ‪ description‬والتفسير ‪ Explication‬في دراسة الظواهر ‪ ،‬على أساس‬
‫ارتباطها السببي والعلٌي ‪ .‬بمعنى دراسة المتغيرات المستقلة والمتغيرات التابعة‪ ،‬ضمن رؤية تجريبية استقرائية وعلمية‪ ،‬بغية‬
‫تحصيل القوانين والنظريات‪.‬‬

‫كما يسعى المنهج الوضعي إلى الوصول إلى القوانين العامة التي تحكم الظواهر االجتماعية‪ ،‬فكما ان العلوم الطبيعية لها‬
‫قوانين تفسر العالقة بين الظواهر المادية‪ ،‬كذلك علم االجتماع يجب ان يكون هدفه االول محاولة الوصول إلى القوانين‬
‫العامة التي تحكم العالقة بين الظواهر االجتماعية‪.‬‬

‫العلمية هي أول صفات الوضعية‪ ،‬والتي اتسمت بوجوب البحث عن األسباب الكامنة وراء مختلف الظواهر‪ ،‬وكذا في‬
‫القوانين المالزمة لها‪ ،‬وباعتبار القانون بمثّل العالقة الثابتة بين الظواهر المتماثلة والحوادث المتتابعة‪. ،‬‬
‫يعتبر كونت ‪ A. COMTE‬مؤسس الوضعية‪ ،‬الذي و الداعي الى تطبيق المنهج العلمي في العلوم االجتماعية) يسمي‬
‫علم االجتماع الفيزياء االجتماعية(‪ ،‬اعتمادا ً على المالحظة والتجربة والمقارنة والتاريخ‪ ،‬ويعرف كذلك بوضع قانون‬
‫المراحل الثالث الذي يتمثل فيما يلي‪ :‬قانون المرحلة الدينية أو الالهوتية‪ ،‬والمرحلة الميتافيزيقية‪ ،‬والمرحلة الوضعية‪.‬‬

‫‪ -‬البنائية‬
‫البنائية هي مدرسة فكرية ظهرت في منتصف القرن العشرين و ترى أن معرفة الواقع هي بناء ناتج عن التفاعل بين‬
‫الفرد والواقع وليس االنعكاس الدقيق لهذ الواقع‪ .‬البنائية في األبستمولوجيا تقوم على فكرة أن صورتنا للواقع‪ ،‬و المفاهيم‬
‫التي تبني حول هذه الصورة هي نتاج العقل البشري في التفاعل مع هذا الواقع وليس االنعكاس الدقيق للواقع نفسه‪.‬‬

‫البنائية هي تيار أو اتجاه ظهر في مختلف التخصصات (الفلسفة والرياضيات وعلم االجتماع والهندسة المعمارية وغيرها)‬
‫‪ .‬تاريخيا‪ ،‬تأتي البنائية من فلسفة العلوم التي تسعى بشكل خاص إلى فهم ما هو أساس المعرفة وعلى وجه الخصوص‬
‫المعايير التي تجعل من المعرفة المشكلة معرفة علميًة‪ .‬البنائية تعارض التجريبية والواقعية‪ .‬يتمثل االختالف بينهم في‬
‫الطريقة التي يتم بها انتاج و اكتساب المعرفة وخاصة دور الباحث في هذه العملية‪ .‬يفترض النهج التجريبي أن التجربة هي‬
‫أصل المعرفة‪ :‬فالباحث يالحظ‪ ،‬ومن خالل إدراكه للواقع يمكنه استخالص النظريات (على عكس العقالنية التي ترى‬
‫المعرفة تولد بالعقل)‪ .‬فيما يتعلق بالواقعية‪ ،‬فإنها تفترض وجود واقع موضوعي مستقل عن الفرد‪ :‬تعتبر موضوعات البحث‬
‫مستقلة عن الباحث ويتم تجاهل التأثير الذي يمكن أن يحدثه على موضوع دراسته‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫األستاد هادف‬

‫وفقًا للبنائيين‪ ،‬إن معرفة العالم هي دائ ًما بناء إنساني واجتماعي‪ ،‬وال يمكن أبدًا معرفة هذا الواقع مثل ما هو موجود‪.‬‬
‫كما ال يمكن وصف بشكل دقيق لكيفية حدوث األشياء‪ ،‬ألن الواقع ليس له وجود مستقل عن الذات الداركة له‪ .‬يتعارض‬
‫النهج البنائي مع النظرية المعرفية لمعالجة المعلومات؛ ألنه يعتبر أن الواقع ليس فريدًا‪ ،‬وال موضوعيًا‪ ،‬وال مستقالً عن من‬
‫يسعى إلى وصفه وتفسيره‪.‬‬

‫ال ينفي البنائيون وجود الواقع‪ ،‬لكنهم يؤكدون أنه ال يمكن معرفته‪ .‬بالنسبة لهم‪ ،‬معرفة الواقع هي بناء‪ :‬فالباحث يشارك في‬
‫بناء موضوعه‪ ،‬من خالل الطريقة التي يالحظ بها‪ ،‬من خالل تمثيالته‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬ال يتمتع الباحث بإمكانية الوصول‬
‫المباشر إلى العالم الحقيقي‪ ،‬بل فقط إلى تمثيله ‪ .‬وبالتالي فإن المعرفة ليست مستقلة عن السياق الذي خلقت فيه‪.‬‬

‫في علم االجتماع‪ ،‬البنائية هي النهج الذي ينظر إلى الواقع االجتماعي باعتباره بناء اجتماعي‪ .‬كان بيتر ل‪ .‬بيرجر وتوماس‬
‫الكمان ‪ Peter L. Berger et Thomas Luckmann‬أول من طور هذا النهج في عمل مرجعي‪" :‬البناء االجتماعي‬
‫للواقع" (‪ .)1966‬حاول هدان المفكران إظهار كيفية بناء الواقع االجتماعي (األعراف والقيم والثقافة وما إلى ذلك) من قبل‬
‫الجهات االجتماعية ‪.‬الفاعلة ‪.‬يحدث البناء االجتماعي من خالل عمليتين‪ :‬التخريج (يقوم اإلنسان ببناء الواقع االجتماعي)‬
‫واالستبطان (من خالل التنشئة االجتماعية‪ ،‬يستوعب اإلنسان هذا الواقع)‪ .‬وكان لهذا العمل تأثير هائل على علم االجتماع‬
‫المعاصر ‪.‬‬

‫البنائية في المجال التربوي‬

‫تم تطوير النظرية البنائية بواسطة جان بياجيه (‪ )1923‬كرد فعل على السلوكية‪ ،‬حيث تسلط الضوء على حقيقة أن األنشطة‬
‫والقدرات المعرفية للفرد تسمح له بفهم الحقائق من حوله ‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فالشخص الذي يواجه موقفًا أو مشكلة معينة يقوم‬
‫بتعبئة عدد معين من البنيات المعرفية‪ ،‬تسمى مخططات التشغيل‪ .‬من هنا ‪ ،‬يمكن للشخص إما دمج المعلومات المدركة داخل‬
‫بنيته المعرفية (االستيعاب)‪ ،‬أو تعديل بنيته المعرفية من أجل دمج عناصر جديدة قادمة من الموقف (التكيف)‪.‬‬

‫يصر بياجيه في نظريته على حقيقة أننا نبني معرفتنا المختلفة من خالل مالمسة و التعامل مع "األشياء" و من خالل‬
‫التجريب‪.‬‬

‫يرى بياجيه أن الطفل ينمو عبر أربع مراحل‪ ،‬دائ ًما بنفس الترتيب‪.‬‬

‫في كل فترة من هذه الفترات‪ ،‬يقوم الطفل ببناء الواقع ودمج الواقع من خالل استيعاب مواقف جديدة ‪.‬‬

‫البنائية هي موقف معرفي يدعي أن اإلنسان ينمي ذكاءه ويبني معرفته من خالل الفعل و في موقف ومن خالل التفكير في‬
‫الفعل ونتائجه‪ .‬يدرك الشخص المواقف الجديدة ويفهمها من خالل ما يعرفه سابقا ويقوم بتعديل معرفته السابقة من أجل‬
‫التكيف مع الموقف الجديد‪ .‬فكل تكيف مع موقف ما يؤدي إلى توسيع وإثراء شبكة المعرفة السابقة للشخص‪ ،‬وهذا‬
‫التقدم المستمر للشبكة يسمح له بالتعامل مع المواقف المتزايدة التعقيد‪.‬‬

‫البنائية هي نظرية التعلم التي تركز على الفرد‪ .‬المتعلم ال يتلقى المعرفة و هو سلبي ‪ ،‬بل يكتسبها من خالل تجربته‬
‫وتمثيالته‪ ،‬فهو "يبني" معرفته ‪.‬‬

‫فالبنائية هي نظرية معرفة (فاعلة‪ ,‬نشطة ) أكثر من كونها نظرية معرفة (سلبية) ألن الفعل هو محرك التطور المعرفي‪.‬‬
‫لذلك تهتم البنائية بالمعرفة في العمل‪ ،‬في فعل المعرفة‪.‬‬

‫على السؤال "ماذا يعني أن تعرف؟" »‪ ،‬تجيب البنائية‪ :‬المعرفة هي التكيف مع المقف الجديد‪ ،‬إنها مسألة فهم المواقف‬
‫الجديدة‪ .‬في الواقع‪ ،‬وظيفة الذكاء هي التكيف مع المواقف الجديدة‪.‬‬

‫البنائية هي نظرية للتعلم تقوم على فكرة أن المعرفة يتم بناؤها ها من قبل المتعلم على أساس نشاط عقلي من خالل تفاعله‬
‫مع العالم الخرجي‪.‬‬

‫المبادئ األساسية للبنائية‬

‫‪9‬‬
‫األستاد هادف‬

‫إدن فهو من الصعب تفسير البنائية دون اللجوء الى أعمال بياجيه الذي كان له تأثير كبير على هذه النظرية‪ .‬في الواقع‪،‬‬
‫وصف بياجيه اآللية العامة للنمو المعرفي للطفل من حيث "عدم التوازن" و"التكيف" وبتعبير إن الطفل "يبني" بشكل‬
‫عفوي وغير واعي "بنيات معرفية" لتنظيم تجاربه وتوقع آثار األفعال التي يقوم بها في بيئته المادية واالجتماعية‪ .‬فإن‬
‫التجارب الجديدة "تستوعب" من خالل البنيات المعرفية للطفل‪ ،‬أي يتم دمجها بالتالي يجعلها تتطور تدريجيا ً‪ .‬عندما ال‬
‫تتناسب التجارب الجديدة مع هذه البنيات‪ ،‬فإنها تسبب "خلالً في التوازن"‪ ،‬وتعطل الطفل معرفيًا‪ .‬دائ ًما وبشكل عفوي وغير‬
‫واعٍ‪ ،‬يغير الطفل تدريجيًا أجزاء معينة من هذه البنيات المعرفية ويعيد تنظيمها (عملية التكيف هذه ال تحدث فجأة ولكن على‬
‫المدى الطويل)‪ .‬ويشير بياجيه إلى عملية التكيف هذه باسم "التكيف" أو "التوازن"‪.‬‬

‫البنائية االجتماعية‪.‬‬

‫البنائية االجتماعية‪ ،‬هي نظرية تعلم اجتماعي طورها عالم النفس الروسي ليف فيجوتسكي ‪ ،lev vigotsky‬تفترض هده‬
‫النظرية أن األفراد يشاركون بنشاط في خلق معارفهم الخاصة‪ .‬يعتقد فيجوتسكي أن التعلم يتم في المقام األول في‬
‫السياقات االجتماعية والثقافية‪ ،‬وليس داخل الفرد وحده كما هو الشأن عند بياجيه‪.‬‬

‫المعرفي ‪ ،‬لكنه رفض فرضية المعرفيين مثل بياجيه التي تقر بأنه من الممكن فصل التعلم‬
‫ً‬ ‫ينتمي فيجوتسكي الى التيار‬
‫عن سياقه االجتماعي‪ .‬وقال إن جميع الوظائف المعرفية تنشأ في التفاعالت االجتماعية وأن التعلم ال يتكون ببساطة من‬
‫استيعاب ‪/‬مواءمة ‪.‬‬

‫البنائية االجتماعية هي نظرية تعليمية تؤكد على أهمية التفاعالت االجتماعية ودور الثقافة في خلق المعرفة ‪ .‬على عكس‬
‫البنائية التي تؤكد على التجارب الشخصية‪ ،‬تؤكد هذه النظرية على العوامل االجتماعية‪ .‬وتوضح أن التفاعل االجتماعي هو‬
‫المفتاح لبناء المعرفة‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬الشخص الذي لديه فهم محدد لشيء ما أو أيديولوجية ما قد يغير رأيه نتيجة‬
‫التفاعل االجتماعي‪ .‬وعلى عكس التيار االمبريقي‪ ،‬يرى التيار االجتماعي البنائي أن كل إنسان يبني معرفته الخاصة‪،‬‬
‫بشكل مستقل عن النظريات الموجودة مسبقًا ‪ .‬المعرفة ال تنتقل‪ ،‬بل يتم بناؤها‪.‬‬

‫ووفقا ً لهذا االتجاه المعرفي‪ ،‬ال بد من مراعاة بعدين أساسيين‪ :‬البعد البنائي والتفاعل االجتماعي‪ .‬يبني كل فرد معرفته من‬
‫خالل التجارب اليومية‪ ،‬بما في ذلك التفاعالت االجتماعية التي يجريها مع اآلخرين ‪ .‬بدون النشاط العقلي لتنفيذ التجربة‪ ،‬ال‬
‫يمكن تعديل أوتغيير البنية المعرفية‪ ،.‬فإن عملية بناء المعرفة الجديدة بالنسبة للتلميد مثال ال يمكن فصلها عن التبادل‬
‫االجتماعي مع األقران‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬ففي سياق تدريس العلوم مثال ‪ ،‬فإن البنائية االجتماعية تؤكد على ربط التمثالت والمفاهيم األولية للطالب بالعنصر‬
‫الجديد الذي سيتم تعلمه‪ .‬في الواقع‪ ،‬يمكن لهذه التمثالت األولية أن تكشف عن عقبات أو حواجز كبيرة أمام تعلم التالميد‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬بالنسبة للمعلم‪ ،‬ال يكفي أن يكون لديه معرفة بعمليات تعلم التالميد‪ ،‬بل أن يعرف كيفية تطبيقها‪ ،‬من خالل استغالل‬
‫هذه التمثيالت في الفصل في موقف سياقي‪.‬‬

‫تنص البنائية أو البنائية االجتماعية على أن الواقع مبني اجتماعيًا‪ .‬على عكس الوضعيين‪ ،‬الذين يؤمنون إيمانًا راس ًخا‬
‫بحقيقة وواقع واحد‪ ،‬تؤكد البنائية على أنه ال يوجد واقع واحد‪ .‬وفقا للبنائيين‪ ،‬فإن الواقع هو خلق ذاتي‪ .‬كبشر‪ ،‬نحن جميعًا‬
‫نبني نظرتنا للعالم‪ .‬و يعتمد هذا عادة على تصورنا الفردي‪ .‬وبهذا المعنى‪ ،‬تؤكد البنائية االجتماعية على أن الواقع هو واقع‬
‫اجتماعي ذاتي تم إنشاؤه باإلجماع‪.‬‬

‫مثل النظرية البنائية‪ ،‬تعترف البنائية االجتماعية بأن المتعلم يتميز بالنشاط عند بناء معرفته الخاصة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن بناء‬
‫المعرفة يحدث في المقام األول نتيجة للتفاعل االجتماعي‪ .‬يتم بناء المعرفة من خالل عملية المناقشة والتفاوض‪.‬‬

‫فالمعرفة عملية تحدث أوال على مستوى العالقات بين األشخاص ثم تصبح شخصية‪ .‬ولذلك فإن بناء المعرفة يتم في‬
‫دورا مه ًما في عملية التعلم ‪.‬‬
‫السياق االجتماعي والثقافي الذي يتصرف فيه الفرد‪ .‬ولذلك يلعب التفاعل واللغة ً‬

‫‪- 4‬الوضعية و البنائية‬

‫‪10‬‬
‫األستاد هادف‬

‫الوضعية والبنائية موقفان فلسفيان مختلفان تما ًما‪ .‬هناك فرق بين األفكار األساسية وراء كل فلسفة‪ .‬يمكن فهم الوضعية‬
‫على أنها موقف فلسفي يؤكد على وجوب اكتساب المعرفة من خالل حقائق يمكن مالحظتها وقياسها‪ .‬وبهذا المعنى فهي‬
‫يتميز بالطابع العلمي الصارم‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬تؤكد البنائية أن الواقع هو بناء اجتماعي ‪ .‬و يمكن تسمية التيار‬
‫الوضعي بالتجريبي أو أألمبريقي‪ .‬الوضعيون ال يعتمدون على التجارب الذاتية‪.‬‬

‫• يمكن فهم الوضعية على أنها موقف فلسفي يؤكد على ضرورة بناء و اكتساب المعرفة من خالل حقائق يمكن مالحظتها‬
‫وقياسها‪.‬‬

‫تؤكد البنائية على أن الواقع مبني اجتماعيا‪.‬‬

‫يعتمد الوضعيون على حقائق قابلة للقياس والمالحظة‪.‬‬

‫تقوم البنائية على البناء االجتماعي‪.‬‬

‫الموضوعية هي السمة الرئيسية للوضعية‪.‬‬

‫تقترب البنائية أكثر من الذاتية ‪.‬‬

‫الوضعية أكثر مالءمة للعلوم الطبيعية‪.‬‬

‫البنائية هي أكثر مالءمة للعلوم االجتماعية‪.‬‬

‫وفقا للوضعيين‪ ،‬هناك حقيقة واحدة فقط‪.‬‬

‫•وفقا للبنائية‪ ،‬ال يوجد واقع واحد‬

‫‪- 5‬الوضعية والعلوم االجتماعية‪.‬‬

‫وف ًقا للوضعيين‪ ،‬فإن العلوم الطبيعية فقط مثل الفيزياء والكيمياء و علم األحياء هي التي تعتبر علو ًما حقيقية‪ .‬وذلك‬
‫ألنهم اعتقدوا أن العلوم االجتماعية تفتقر إلى البيانات القابلة للمالحظة والقياس التي تؤهلها ألن تكون علو ًما حقيقية‪.‬‬
‫على عكس عالم الطبيعة‪ ،‬الذي يعتمد على أشياء يمكن التحكم فيها في المخبر‪ ،‬أما بالنسبة لعالم االجتماع فالمجتمع هو‬
‫مختبره‪ .‬فدراسة األشخاص وتجارب الحياة والمواقف والعمليات االجتماعية من قبل علماء االجتماع ال يمكن مالحظتها‬
‫أو قياسها‪ .‬وبما أن هذه الظواهر ذاتية للغاية وتختلف من شخص آلخر‪ ،‬فقد اعتبرها الوضعيون غير علمية تماما‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬يعتقد أوغست كونت على أنه في علم االجتماع‪ ،‬ينبغي استخدام األساليب الوضعية لفهم السلوك البشري‪ .‬وقال‬
‫إن الوضعية ال ينبغي أن تقتصر على العلوم الطبيعية فقط بل تنطبق أيضا على العلوم االجتماعية ويوضحون أن القوانين‬
‫االجتماعية تخضع لنفس المبادئ المعرفية والمنهجية التي تتبعها علوم المادة وهذا هو الحال على وجه الخصوص عند‬
‫إميل دوركهايم ‪E. Durkheim‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬تم رفض هذه الفكرة الحقًا مع تقديم مواقف معرفية أخرى مثل البنائية‪.‬‬

‫فعلماء االجتماع مثل ماكس فيبر أو جورج سيميل والفيزيائيون مثل فيرنر هايزنبرج يرفضون التوجهات الحتمية‬
‫والميكانيكية للوضعين في تفسير كل شيء بأشكال كمية أو من خالل قوانين "طبيعية" عامة‪ .‬ويشيرون إلى هذا االنحراف‬
‫باسم "العلموية"‪.Scientisme‬‬

‫‪11‬‬
‫األستاد هادف‬

‫ايستمولوجية التربية‬
‫الجزء الثاني‬
‫مفهوم التربية‬ ‫‪-I‬‬
‫التربية خاصية انسانية و لها طابع عالمي إد ال توجد مجتمعات بشرية ال تهتم بنقل التراث الفكري والتقني‬
‫كما ال توجد مجتمعات بشرية ال يمارس فيها الفرد عمالً لتغيير فرد آخر‪ .‬أن التربية هي خاصية مميزة‬
‫لإلنسان عن الحيوانات‪ .‬من وجهة النظر هذه فأن الكائن البشري ‪ ،‬عند الوالدة غير ناضج أو غير مكتمل بقدر‬
‫ما ليس لديه ردود أفعال جاهزة للتفعيل كما هو الحال عند الحيوانات‪ .‬بفضل التربية وصل إلى مرحلة معينة‬
‫من النضج من خالل دمج المعرفة التي تراكمت من قبل األجيال السابقة ‪.‬‬

‫منذ العصور القديمة‪ ،‬لم يتحدث المفكرون العظماء في مجال التربية بصوت واحد‪ .‬إذا كاننت التربية بالنسبة للجميع‪،‬‬
‫سواء كان فالسفة أو علماء أخالق أو منظرين أو ممارسين‪ ،‬هي المحك لبناء عالم يلبي تطلعاتهم‪ ،‬فقد اعتبر البعض أنه من‬
‫الضروري تعليم األجيال الشابة‪ ،‬في سياق عقائدي و تلقيني ‪ .‬ودافع آخرون‪ ،‬أكثر إنسانية‪ ،‬عن حرية الطفل والتعليم األكثر‬
‫ديمقراطية‪ .‬في القرنين التاسع عشر والعشرين‪ ،‬أولى علماء النفس وعلماء االجتماع واالقتصاديون واليوم المختصون في‬
‫علم األعصاب اهتماما كبيرا بمسائل التربية و التعليم من خالل نظريات المعرفة‪ ،‬تطوير الذكاء‪ ،‬وعمل الدماغ ‪ .‬وهذه‬
‫أيضًا هي اللحظة التي ظهرت فيها شخصيات عظيمة في البيداغوجيا في بداية القرن العشرين مثل ماريا مونتيسوري‪،‬‬
‫تصورا قويًا لطريقة التعليم‪ ،‬وأعطوا شيئًا ما‬
‫ً‬ ‫وجون ديوي‪ ،‬وسيليستين فرينيت‪ ...‬وقد اقترح المثقفون من جميع البلدان‬
‫لطريقة التعليم‪.‬‬

‫أصل المصطلح‪:‬‬

‫كلمة التربية أصال تأتي من الكلمة الالتينية و ‪ ex-ducere, educare‬والتي تعني تربية الحيوانات أو النباتات‬
‫وبالتالي رعاية األطفال وتدريبهم وتعليمهم و كانت التربية في البداية مقترنة بالطعام والغداء هو ما يقدمه الراشد الى‬
‫القاصر‪ .‬فالطفل في وضعية قاصر أنه كالحيوان و ان الصبي ال يمكنه ان يتغدى بمفرده‪ .‬فالتربية موجهة الى الجسد وبالتالي‬
‫فإن التربية هي عملية تهدف إلى إخراج الشخص من حالته األولية وإبراز إمكاناته‪ .‬و تعني كدلك القيادة والهيمنة‬
‫واإلخراج والتحول من حال إلى آخر‪ ،‬كما تعني العلم ال ُمعين على إخراج الطفل من حالته األولية التي كان عليها في البيت‬
‫واألسرة ومساعدته على تحصيل الفضائل والقيم من المحيط القريب منه‪.‬‬

‫تم توسع المصطلح ليشمل تربية األطفال تربية دهنية ‪ .‬إنه عمل إخراج الطفل من حالته ؛ فالتربية هي إدن عمل تنشئة‬
‫الطفل وتوجيهه نحو البلوغ‪ .‬فالمسؤول عن تربية الطفل يقرر في مكان هدا االخير ‪ ،‬ويختار له ما هو من المفروض في‬
‫صالحه‪ .‬انها ليست خاصة بالطفولة‪ .‬العالقة هرمية ‪ ,‬هناك عالقة المسيطر المهيمن والشخص الذي يعرف والشخص الذي‬
‫ال يعرف‪.‬‬

‫كانت التربية في العصور الوسطى كانت تربية دينيًة تحت مسؤولية رجال الين و استمر التقليد القديم للعقاب الجسدي‬
‫وتقديس المعلم )صورة السيد( ‪ ،‬تقديس ليس بمعنى االحترام ‪ ،‬ولكن بمعنى القهر‪ .‬عالوة على ذلك ‪ ،‬فإن معرفة المعلم‬
‫ال جدال فيها وال يمكن مناقشتها‪ .‬كانت السلطة المطلقة للسيد ‪ ،‬حتى قسوته ‪ ،‬هي القاعدة حتى القرن الثامن عشر‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫األستاد هادف‬

‫في النظام القديم ‪ ،‬لم يكن هناك اهتمام بخصوصية األطفال ‪ ،‬كانت التربية تهدف إلى تحويل الطفل إلى شخص بالغ نشط في‬
‫أسرع وقت ممكن ‪ .‬فمفهوم الطفولة لم يكن موجودا حتى القرن الثامن عشر و هدا بعد االنتقادات الشديدة التي وجهت‬
‫الى التعليم التقليدي من طرف اصحاب النزعة االنسانية و على رأسهم كومينيوس ‪ Comenius‬الدي يعتبر أب التعليم‬
‫الحديث و روسو ‪ J.J. Rousseau‬الدي نادى باحترام الطفولة‪.‬‬

‫بعض التعاريف لمفهوم التربية‪.‬‬

‫يجب اإلشارة إلى أن مفهوم التربية من أكثر المصطلحات تداوال واستخداما وشيوعا بين الباحثين والدارسين والمتدخلين‬
‫عصر إلى عصر‪ ،‬ومن مكان إلى آخر‪ ،‬ومن بيئة إلى أخرى‪ .‬فهناك تعريفات‬ ‫في العملية التربوية و كدا فهو يختلف من ٍ‬
‫كثيرة للتربية تختلف باختالف النظرة إليها عبر العصور والثقافات والبيئات المختلفة وتطور االتجاهات الفكرية والعلوم‬
‫االجتماعية واألهداف المرسومة والنتائج المرجوة لكل مجتمع على حدة‪ ،‬و هدا ما جعل منه مفهوما من أكثر المفاهيم‬
‫استشكاال في التحديد والمقاربة والبيان والتعيين‪ .‬فإن أكبر االشكاالت االبستمولوجية في التربية يكمن أساسا في إشكالية‬
‫التعريف والتحديد‪ ،‬بحيث اختلفت التحديدات‪ ،‬وتعددت التعريفات وتباينت المقاربات لمصطلح التربية تبعا لمرجعية‬
‫المدارس التربوية في اختياراتها لمقاربة الظاهرة التربوية‪ ،‬بحكم االمتداد التاريخي الطويل الذي مرت منه التربية من جهة‪،‬‬
‫وبحكم تداخل عدد من العلوم وتواصلها مع هذا العلم الجديد المسمى بعلوم التربية من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪-‬تعريف إميل دوركايم ‪« :‬هي الفعل الذي تمارسه األجيال الراشدة على األجيال الصغيرة التي لم تصبح بعد للحياة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وموضوعها إثارة و تنمية عدد من االستعدادات الجسدية و الفكرية و األخالقية عند الطفل‪ ،‬و التي بتطلبها‬
‫المجتمع السياسي في مجمله والوسط الخاص الذي يوجه إليه ‪.‬‬

‫ب فيها‬
‫‪-‬وجاء في موسوعة الالند الفلسفية ‪: "Education:‬تربية‪ ،‬تهذيب‪ ،‬تأديب‪ ...:‬سلسلة عملية إجرائية يُد ّر ُ‬
‫الراشدون (األهل عموما ً) الصغار من جنسهم‪ ،‬ويشجعون لديهم ّ‬
‫نمو بعض النزعات وبعض العادات‪.‬‬

‫وعرفت اليونسكو ‪-‬في مؤتمرها الـ‪ 18‬الذي عقد في باريس عام ‪1974‬م‪-‬التربية بأ ّنها‪" :‬مجموع عملية الحياة االجتماعية‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التي عن طريقها يتعلم األفراد والجماعات داخل مجتمعاتهم الوطنية والدولية لصالحها وأن ين ّموا وبوعي منهم كافة قدراتهم‬
‫الشخصية واتّجاهاتهم واستعداداتهم ومعارفهم‪ .‬وهذه العملية ال تقتصر على أنشطة بعينها‬

‫تعريف افالطون ان التربية هى ان تضفي على الجسم والنفس كل عمال وكمال ‪.‬‬

‫جون دوى التربية هى الحياة ‪ ,‬وهى عملية تكيف بين الفرد وبيئته‬

‫من خالل هذه التعاريف نجد أن مفهوم التربية يتمركز حول مفاهيم أخرى أساسية مؤثثة له كمفهوم "النمو‪ ،‬التنشأت‪،‬‬
‫التهذيب‪ ،‬وكذا االكتساب"‪ ،‬إذا فالتربية هي نمو جسدي وعقلي‪ ،‬ونفسي وكذا تنشأة اجتماعية‪ ،‬وهي من ناحية أخرى تهذيب‬
‫وتقويم للسلوك وترشيده عن طريق عقلنته‪ ،‬وهي كذلك من جهة أخرى مكتسبة أي أنها ال تكون بالفطرة فال يولد اإلنسان بها‬
‫بقدر ما تكون نتاج تفاعالته الداخلية والخارجية (المحيط األسري‪ .‬المدرسي‪ ،‬وبصفة أهم المجتمع(‪.‬‬

‫التربية هي إدن عملية تأثير و تغيير‪.‬‬

‫عموما هناك رؤيتان التربية و يمكن تجميع تعريفات التربية في فئتين رئيسيتين‪ ،‬وهما‪:‬‬

‫أ‪ -‬تعريف يؤكد على تطوير القدرات الفردية‪:‬‬

‫من هدا التعريف ‪ ،‬يظهر بان التربية تهم الفرد بشكل اساسي ‪ ،‬حيث انها تؤكد بشكل خاص على إمكاناته الطبيعة و التي‬
‫تهدف التربية إلى تطويرها ‪.‬‬

‫ب‪ -‬تعريف تؤكد على البعد االجتماعي لإلنسان‪ :‬وفقا لهذه التوجهات تتمثل التربية في تعزيز و تنمية قدر اإلمكان‬
‫قدرات كل شخص كفرد وكعضو في المجتمع‪ .‬تشكل التربية من هدا المنظور عامال اساسيا للتنمية االجتماعية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫األستاد هادف‬

‫ويتمسك بهذا المنظور أحد المؤلفين األكثر تأثيرا في مجال علم االجتماع التربية‪ ،‬وهو دوركايم ‪ E. DURKHEIM‬الذي‬
‫يرى بأن التربية هي فعل اجتماعي بامتياز‪.‬‬

‫بهدا يمكن وصف التربية بأنها عملية تدريجية لها فضائل على المستوى الفردي واالجتماعي‪ .‬ويجب أن تأخذ هذه‬
‫العملية في االعتبار عدة عوامل مؤثرة‪ ،‬سواء كانت فردية أو سياقية‪ .‬في البيئة المدرسية‪ ،‬أدى تطور التربية إلى االنتقال من‬
‫منظور المعلم والتلميد إلى مفهوم الوضع التعليمي) نظريات التعلم الحديثة( الذي يأخذ في االعتبار تفاعل العوامل‬
‫المختلفة والتي تبرز أهمية الجانب متعدد التخصصات ‪.‬‬

‫ان العملية التربوية توجه وفق غايات محددة و التي تكون األساس الذي يقوم عليه بناء النظام التعليمي‪ .‬فهي مجموعة‬
‫التطلعات التي يجب أن تقود التعليم نحوها سواء على المستوى الفردي واالجتماعي‪ .‬و عليه يبقى الهدف الرئيسي للتربية‬
‫هو تكوين اإلنسان كشخص وكمواطن‪ .‬وتحقيقا لهذه الغاية‪ ،‬تقوم التربية بالمهام التالية‪:‬‬

‫‪-‬ضمان تنمية األفراد‪ :‬أي تحقيق التنمية على المستوى الفكري والنفسي والجسدي‪.‬‬

‫‪-‬ضمان اكتساب قاعدة معرفية‪ :‬أي اكتساب مجموعة من المعارف التربوية والثقافية واالجتماعية التي يجب على المتعلم‬
‫تحقيقها في نهاية المراحل التعليمية‪.‬‬

‫‪ -‬ضمان استقاللية األفراد‪ :‬من خالل التربية ‪ ،‬يشكل الفرد شخصيته تدريجيا (يطور تفكيره‪ ،‬ويكتسب القدرة على إدارة‬
‫مشاكله‪ ،‬واتخاذ القرارات‪ ،‬وما إلى ذلك) ولكن أيضا مؤهالته (يكتسب دبلوما ومهارات مهنية)‪ .‬وهكذا تتحقق االستقاللية‬
‫على المستوى النفسي والعقلي وكذلك على المستوى المهني والمادي‪ .‬كما تعمل التربية على تمكين المجتمعات على ضمان‬
‫التنمية االقتصادية والتكنولوجية‪.‬‬

‫نبدة تاريخية عن تطور التربية عبر العصور ‪,‬‬

‫لقد أثرت األحداث التاريخية والسياقات االجتماعية واالقتصادية على المحتوى الذي يتم تدريسه‪ ،‬والعالقة بين المعلم‬
‫والتلميد و المعرقة ‪ ;.‬قبل أن نعطي أمثلة عن تاريخ التربية في بعض البلدان سنتطرق الى تطور التربية من خالل‬
‫بعض الشخصيات العظيمة (الشخصيات والحركات)‪ .‬كما سنثري هدا العرض بتقديم مساهمات بعض المفكرين الكبار‬
‫الدين ساهموا في تطوير التربية‪.‬‬

‫يمكننا التعرف على أربعة مسارات رئيسية‪ ،‬ضمن أربع حضارات‪ ،‬امتدت عبر القرون حتى يومنا هذا‪.‬‬

‫‪ - 1‬المفكر األول الدي نذكره هو كونفوشيوس ‪ Conficius‬و يعود إلى ما قبل عصرنا بكثير ‪ .‬ولد كونفوشيوس‬
‫‪ Conficius‬في الصين عام ‪ 551‬قبل الميالد و كان مشروعه اجتماعي و تعليمي يهدف الى خلق مجتمع متناغم على‬
‫أساس "الثقافة الصينية"‪ ،‬وقيمها‪ .‬يشير كونفوشيوس إلى أن هدف التربية هو خدمة المجتمع‪ :‬خلق مجتمع متناغم لتعليم‬
‫المواطنين القادرين على خدمة المدينة )الوطن( بشكل جيد‪ ; ،‬و هدا يتقاطع مع رؤية بعض الفالسفة اليونانيين؛ الدين‬
‫يرون بأن هدف التربية هو خلق أمة ديمقراطية‪ ،‬حيث يطور كل فرد قدراته المميزة داخل الفصل الدراسي ويضعها في‬
‫خدمة المجموعة‪ ،‬و مع رؤية ديوي ‪" .J.Dewey‬أي تعليم يخدم أي مجتمع يجب أن يبني »‬

‫‪ - 2‬أما الحضارة اليونانية فلقد اخترعت مفهوم بايديا ‪ Paiedea1‬أي التكوين و مجموعة المعارف التي يتوجب على‬
‫صا على تكوين نخبة قادرة على إدارة "المدينة" بشكل جيد‪ ،‬أولى الفالسفة‪ ،‬بما في ذلك أرسطو‬ ‫الطفل اكتسابها‪ .‬وحر ً‬
‫وأفالطون‪ ،‬أهمية كبيرة لتعليم ثقافة واسعة‪ ،‬تعتمد على التخصصات المعروفة في ذلك الوقت‪ .‬يتجاوز الطفل إلى التميز عند‬
‫أفالطون)‪ .‬وبالتالي فإن ‪ Paiedea‬هي تعليم وثقافة النخبة‪ .‬تم نقل مفهوم التربية هذا في جميع أنحاء العالم الالتيني‪ ،‬ثم‬
‫المسيحي الذي شهد تحوالت خالل عصر النهضة وعصر التنوير (ال سيما من خالل االعتماد على كتابات العالم العربي‬
‫اإلسالمي‪(.‬‬

‫‪ 1 1‬بيديا (باليونانية القديمة )‪: παιδεία‬هي التربية ومجموعة المعارف األساسية التي يجب أن يتمتع بها المواطن الصالح في اليونان القديمة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫األستاد هادف‬

‫‪ - 3‬ومن جانبها‪ ،‬تطورت الحضارة العربية اإلسالمية حول العلوم الدينية التي كونت أساس للتعليم و التربية ؛ وقد‬
‫توسعت بسرعة إلى الشرق األوسط وغرب آسيا والمغرب العربي واألندلس‪ .‬في هدا الصدد حاول اثنان من المفكرين‬
‫الكبار‪ ،‬ابن رشد وابن خلدون‪ ،‬تحرير التعليم من هذا القيد ) العلوم الدينية( من خالل التمييز بين العلوم الدينية التي ال يمكن‬
‫إثباتها‪ ،‬والعلوم التي تقوم على "اليقين" (المالحظة والبرهان)‪ .‬على الرغم من أن كتاباتهما لم يكن لها تأثير يذكر على العالم‬
‫اإلسالمي لسنوات عديدة فقد تم نشرها إلى حد كبير من قبل اليهود األندلسيين وخلفائهم‪ ،‬من خالل الترجمات العبرية‪ ،‬ثم‬
‫بلغات أخرى‪ .‬ووجد مثقفو القرون التالية عند ابن رشد وابن خلدون بدايات مفهوم العلمية و بوادر التعليم الحديث و‬
‫التعليمية ‪ ،‬من خالل مقترحاتهم لتنظيم التعليم‪.‬‬

‫‪ - 4‬قبل ظهور هذه الحضارات الثالث )الصينية و اليونانية و االسالمية( كانت هناك حضارات "أصلية"‪ ،‬حيث تم التعليم‬
‫بشكل أساسي من خالل ناقلين‪ :‬من طرف الطبيعة مورد الحياة و التي كان من الضروري معرفتها جيدًا و القبيلة أو‬
‫مجتمع االنتماء‪ ،‬والتي تسمى غالبًا "العائلة الكبيرة"‪ ،‬والتي نقل شيوخها الحكمة (بالمعنى االشتقاقي للمصطلح‪ ،‬صوفيا التي‬
‫آثارا عميقة لهدا الشكل من التربية في أفريقيا السوداء وفي بعض‬
‫تحدد المعرفة للعيش في المجتمع)‪ .‬و ال زالت توجد ً‬
‫المناطق الريفية المعزولة في عدة قارات‪.‬‬

‫إن الحضارات األربعة التي ذكرناها امتدت الى جميع مناطق العالم‪ ،‬باستثناء الحضارة الهندوسية والتي ظهرت منها‬
‫شخصيتان عظيمتان بين القرنين التاسع عشر والعشرين‪ :‬الكاتب العظيم رابندراناث طاغور ‪Rabindranath Tagore‬‬
‫والمهاتما غاندي ‪ Mahatma Gandhi‬و قبلهم بوقت طويل‪ ،‬قبل ‪ 1500‬عام من عصرنا‪ ،‬كان التعليم جز ًءا من التقاليد‬
‫الدينية على أساس مخطوطة الفيدا ‪ Veda; 2‬و يقتصر على الطبقة الفكرية من البراهمة‪ ،‬ويتم من طرف معلم في أماكن‬
‫قريبة من الطبيعة‪ ،‬أو الحقًا داخل‪ monastère‬األديرة البوذية‪.‬‬

‫أما التربية المعاصرة فلقد تم تشكياها تدريجيا ً على مر القرون‪ ،‬ويجب اإلشارة إلى أن أوروبا الغربية أوالً‪ ،‬ثم أمريكا‬
‫الشمالية (تأثير الهجرة) وأمريكا الجنوبية (رد الفعل على االستعمار) هي التي كانت مصدر أو اساس هذه الديناميكية‪.‬‬
‫يمكننا أن نعزو البدايات األولى للتربية المعاصرة إلى مجموعة من الشخصيات العظيمة (روسو ‪ )J.J. Rousseau‬و‬
‫(كوندورسيه ‪ ،) Condorcet‬و تطبيق أفكارها بشكل ملموس في مجال التعليم (فيري‪(. Ferry‬‬

‫ففي القرن العشرين‪ ،‬طرح العديد من الشخصيات اشكاليات حول جوانب معينة من شكل المدرسة‪ ،‬وخاصة تنظيمها‬
‫وطريقة نقل المعرفة والخبرة‪ .‬فهناك عدة مفكرين ساهمت أفكارهم في إنشاء حركات تربوية مهمة ‪ :‬بياجيه ‪،Piaget‬‬
‫المؤسس لحركة التعليم الجديدة والبنائية؛ فيجوتسكي ‪ ،Vigotski‬الملهم الروسي للبنائية االجتماعية والذي طور حركة‬
‫التربية الحديثة ؛ ديوي ‪ ، Dewey‬األمريكي المدافع عن التعلم من خالل التجربة و اعتباره عملية اجتماعية وديمقراطية؛‬
‫فرويد ‪ freud‬النمساوي‪ ،‬الذي من خالل تأكيده على دور الالوعي‪ ،‬قاد المحللين النفسيين إلى لفت االنتباه إلى أهمية‬
‫العالقة التربوية ‪ .‬حول هذه الشخصيات ‪ ،‬نشهد موجة من األفكار والمبادرات في كل مكان تقريبا‪ .‬يمكن دكر من بين‬
‫أمثلة كثيرة أخرى‪ :‬في سويسرا‪ ،‬فيريير ‪ Ferrière‬ومدرسته في الريف؛ في فرنسا‪Freinet ،‬والتلمس ‪tatonnement‬‬
‫التجريبي‪ ،‬و أيضًا ‪ Oury‬والتربية المؤسساتية المستوحاة من التحليل النفسي؛ في اسكتلندا‪ ،‬نيل ‪ Neil‬واإلدارة الذاتية‬
‫ألطفال سمرهيل ‪ Summerhill‬؛ وفي بولندا‪ ،‬تم تنظيم كورزاك ‪ Korczak‬ودار األيتام كجمهورية لألطفال؛ وفي‬
‫إسبانيا‪ ،‬فيرير ‪ ferrer‬والتربية التحررية في المدرسة الحديثة؛ وفي ألمانيا‪ ،‬كيرشنستاينر ومدارس العمل‪ ،‬في الواليات‬
‫المتحدة‪ ،‬روجرز ‪ C. Rogers‬وتنمية الشخص‪ ...‬إذا كانت هذه المبادرات تشترك في السمة المشتركة المتمثلة في التشكيك‬
‫في جوانب معينة من الشكل المدرسي‪ ،‬فإنها لم تنجح في اختراق النظم التعليمية الوطنية بعمق‪ ،‬على الرغم من الترحيب‬
‫الحار من طرف مجتمع البحث‪ ،‬على األقل من حيث األفكار لمؤسسات تدريب المعلمين‪.‬‬

‫نجد اإليطالية ماريا مونتيسوري ‪ ، Maria Montessori‬وهي امرأة ملتزمة ضد الفاشية‪ ،‬والتي أظهرت أهمية تعليم‬
‫األطفال الصغار واقترحت طريقة ناجعة لهذا الغرض ‪ .‬هناك أيضا شخصيتان رئيسيتان احدثتا ثورة في تعليم الكبار ‪.‬‬
‫أوالً‪ ،‬ساهم الدانماركي غروندتفيغ ‪ ، Grundtvig‬في القرن التاسع عشر‪ ،‬في تأسيس التعليم الشعبي في الدول اإلسكندنافية‬
‫ونشر مفهوم التعليم مدى الحياة‪ ،‬والذي تبنته المنظمات الدولية فيما بعد‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬عمل البرازيلي باولو فريري ‪Paulo‬‬

‫‪ 2‬لفيدا هو الكتاب الذي جمع األساطير واألغاني والصلوات والترانيم واألشعار التي راجت خالل الغارات والغزوات القديمة‪ .‬و«الفيدا» على هذا‬
‫— هي الكتاب المقدس عند الهندوس الذين يعتقدون أنه وحي من هللا موجه إلى قادة الماضي وأنبيائه وعنهم تلقاه «البراهمة»؛ أي طبقة الكهنة أو‬
‫القسس‬

‫‪15‬‬
‫األستاد هادف‬

‫‪ ، Freire‬الذي أهتم بإشكالية األمية وعواقبها الضارة‪ ،‬على تطوير أساليب تدريس موجهة للبالغين‪ ،‬ليس فقط لجعلهم‬
‫متعلمين‪ ،‬ولكن أيضًا وقبل كل شيء لتحريرهم من االضطهاد السياسي واالجتماعي والثقافي ‪ .‬و لقد أمتدت بيداغوجية‬
‫التحرر ‪ Emancipation‬هذه على نطاق واسع على المستوى الدولي‪ ،‬بل إنها ألهمت مؤتمر اليونسكو العالمي للتعليم‬
‫العالي‪ ،‬من خالل تناول مفهوم التعليم باعتباره منفعة عامة‪. ،‬‬

‫سا في كل المدن الفكرية الكبرى في العالم العربي اإلسالمي ‪ ،‬فإن‬ ‫إذا كان ابن رشد ‪ Averroès‬قد عمل في عصره مدر ً‬
‫ابن خلدون‪ Ibn Khaldûn‬على العكس من ذلك شهد انهيار هذا العالم‪ .‬ومع ذلك فإن كالهما‪ ،‬في اتصال مع فكر فالسفة‬
‫العصور القديمة العظماء‪ ،‬حاوال تحرير نفسيهما من سيطرة العلوم الدينية والالهوتية إلظهار أهمية العلوم العلمانية‪ ،‬في‬
‫تعليم الشباب‪ ،‬على أساس معايير علمية ‪.‬‬

‫يجب اإلشارة الى أن لسياق العلمي في ذلك الوقت‪ ،‬وليس السياق السياسي‪ ،‬هو أساس الرؤى الجديدة للتعليم‪ .‬ففي القرن‬
‫الثامن عشر‪ ،‬شهد مشروع الموسوعة‪ 3‬نمو العلوم والتكنولوجيا‪ .‬تميزت نهاية القرن التاسع عشر والنصف األول من القرن‬
‫العشرين بظهور العلوم الصعبة)‪،‬فيزياء‪,‬كيمياء الخ‪ (...‬ومن ثم العلوم اإلنسانية‪ .‬وفي هذا السياق من التطور العلمي‪ ،‬تم‬
‫خلق رؤى جديدة في قطيعة مع بعض المفاهيم السائدة في العلوم اإلنسانية في ذلك الوقت‪ ،‬و ولدت تخصصات جديدة لها‬
‫تأثير على المشاريع التعليمية‪ .‬لم يكن بياجيه متحمسا أو باألحرى راضيًا عن الفيزياء النفسية‪ ، psycho-physique‬التي‬
‫أنشأها فيشنر وفونت ‪ Fechner et Wundt‬في ألمانيا‪ ،‬أو عن السلوكية التي اكتشفها خالل رحلته إلى الواليات المتحدة؛‬
‫وبذلك أسس علم نفس النمو‪ ،‬بنظريته عن المراحل والبنائية ("المعرفة يبنيها الطفل من خالل عمله على البيئة")؛ و كان‬
‫الكتشافاته آثار كبيرة على التعليم‪ ،‬إد كونت األساس لحركة التعليم الجديدة التي أٍسسها‪.‬‬

‫من جانبه‪ ،‬ابتكر فيجوتسكي ‪ Vygotski‬علم النفس الروسي مبتعدا نوعا ما من بنائية بياجيه‪ ،‬ومن هنا جاء مفهوم‬
‫"منطقة التطور القريب ‪ ،)"ZPD‬فهو يرى بأن الطفل يحتاج إلى البالغين واللغة من أجل التقدم؛ التعلم هو عملية‬
‫اجتماعية وثقافية‪ .‬أخترقت البنائية االجتماعية حركة التربية الجديدة و جعلتها تتطور ‪.‬‬

‫وفي سياق يتميز بتجريبية لوك‪ ، Locke‬أبتعد جون ديوي ‪ John Dewey‬هو االخر عن السلوكية وعن بنيامين‬
‫بلوم ‪ ، Benjamin Bloom‬مؤسس "بيداغوجية اإلتقان أو التحكم » ‪ " « pédagogie de maîtrise‬ومؤسس "‬
‫القيادة بالنتائج ‪ . pilotage par les résultats‬وفقًا لديوي فليس المنعكس الشرطي اإلجرائي وال استخدام أهداف محددة‬
‫جيدًا وقابلة للتنفيذ هي التي تميز التعلم‪ ، ،‬ولكن اللجوء إلى التجربة ‪ ،‬وإعطاء الفرصة لكل طالب لتنفيذ "قدراته المميزة" ‪.‬‬
‫وبهذا يكون التعليم في خدمة الديمقراطية (المفهوم األساسي لعمله الفلسفي ومشروعه التربوي( ‪.‬‬

‫متأثرا بعمل شاركو‪ Charcot‬في‬


‫ً‬ ‫فرويد‪ ،‬طبيب نمساوي‪ ،‬ينفصل عن الطب النفسي التقليدي والفيزياء النفسية األلمانية‪.‬‬
‫التنويم المغناطيسي والهستيريا سلط الضوء على دور الالوعي عند اإلنسان ‪ ،‬وخاصة في العالقة بين الطبيب والمريض؛‬
‫فهو خلق عل ًما جديدًا‪ .‬لقد تم تناول عمله من قبل المحللين النفسيين الذين درسوا العالقة التعليمية‪ ،‬ومن خالل حركة‬
‫محصورا بشكل أساسي في العالج ولن يتمكن من اختراق‬ ‫ً‬ ‫التربية المؤسسية‪ .‬إال أن ‪ ،‬هدا النهج أي التحليل النفسي‬
‫المؤسسة التعليمية إال بصعوبة‪ ،‬باستثناء المدارس الخاصة النادرة (على سبيل المثال‪ ،‬تلك التي تدعي أنها فرانسواز‬
‫دولتو‪(Françoise Dolto .‬‬

‫كما قلنا‪ ،‬شاركت ماريا مونتيسوري في توسيع مجال التعليم ‪ ،‬وهي طبيبة‪ ،‬في حركة األطباء في عصرها‪ ،‬والتي من‬
‫شأنها أن تُحدث ثورة في طريقة رعاية األيتام واألطفال الذين يعتبرون خارج نطاق األعراف االجتماعية‪ .‬لقد ألهمها هذا‬
‫العمل إلنشاء ‪ dei bambini Casa‬في روما وتجربة طريقة لتعليم األطفال الصغار‪ .‬وهكذا عملت في نفس السياق و‬
‫االتجاه الدي عمل فيه فروبيل ‪ Froebel‬الذي أنشأ في القرن التاسع عشر "رياض األطفال"‪ .‬وهذان المؤلفان هما أساس‬
‫مأسسة ما يسمى بالتعليم الفرويبلي أو حتى ما قبل المدرسة‪ .‬سيُظهر عمل الباحثين التربويين الح ًقا أهمية التعلم خالل هذه‬
‫الفترة من نمو الطفل‪.‬‬

‫‪ 3‬الموسوعة أو دائرة المعارف أو ال َمعْلَمة هي مؤلف يحتوي على معلومات عامة حول موضوعات ال َمعرفة اإلنسانية أو ال ُمتخصصة في موضوع‬
‫معين‪ ،‬ويَغلب على معلوماتها االختصار‪ ،‬وتعتمد على دقة التنظيم بحسب الترتيب الهجائي ليس ُهل على المستفيد الرجوع إليها بأقل جهد‬

‫‪16‬‬
‫األستاد هادف‬

‫و تم بعد ذلك تطوير مفهوم ‪ ،‬احتل مكانة متزايدة األهمية في العقود األخيرة‪ :‬مفهوم الفعالية‪ ،‬كالعالقة بين التأثيرات التي‬
‫تمت مالحظتها أو تقييمها أو قياسها بالفعل والمؤشرات أو النتائج المتوقعة من قبل الجهات الفاعلة المعنية؛ واإلنصاف‪ ،‬أي‬
‫التوزيع المتساوي لفوائد التعليم بين المجموعات السكانية المختلفة‪ ،‬دون تمييز على أساس الجنس‪ ،‬أو الطبقة االجتماعية‪ ،‬أو‬
‫األصل‪ ،‬أو اإلقليم‪ ،‬وما إلى ذلك‪.‬‬

‫التطورات الحالية‬

‫اتسم عقدنا هذ بالعديد من التطورات ‪ .‬فهي كثيرة جدًا وتتفاعل بقوة‪ .‬يمكن تصنيفها في عدة اتجاهات أو فئات ‪:‬‬

‫‪ -‬تسارع التطور التكنولوجي؛‬

‫‪ -‬تطوير التخصصات ذات القضايا االجتماعية واألخالقية الهامة؛‬

‫‪ -‬صعود العولمة‬

‫تتعلق الفئة األولى من التغييرات بتسارع التطور التكنولوجي‪ .‬أصبح لدى كل شخص‪ ،‬بما في ذلك األطفال الصغار‪ ،‬أدوات‬
‫تكنولوجية قوية تحت تصرفه‪ ،‬مثل الهواتف الذكية‪ ،‬التي تمكن من الوصول إلى قواعد بيانات شاملة ومحركات بحث‬
‫متزايدة السرعة‪ .‬ولم يعد سيد المعلومات هو العالم في مجتمعاتنا‪ ،‬وال المعلم في مدارسنا‪ .‬لكن فرص التنقل االفتراضي ‪،‬‬
‫وذلك بفضل تعدد التطبيقات مثل سكايب‪ Skype‬وشبكات التواصل االجتماعي‪ ،‬والتي تستخدم في مختلف مجاالت النشاط‬
‫البشري‪ .‬قبل وقت ليس ببعيد‪ ،‬لم يكن من الممكن تصور مثل هذه التقنيات؛ لقد أصبحت ضرورية اآلن وهذا ال يخلو من‬
‫إثارة تساؤالت جدية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بصحة المعلومات ("األخبار المزيفة ‪ )"fack news‬واستخدامات التطبيقات (نفكر‬
‫في التحرش داخل المؤسسات التعليمية أو استخدامها ألغراض اإلرهاب(‪ .‬كما يمكن دكر ‪ChatGPT4‬‬

‫إن تطوير بعض التخصصات الدقيقة خلقت افاق جديدة في مختلف مجاالت النشاط البشري‪ .‬وهذا هو الحال بالنسبة للعلوم‬
‫البيولوجية التي يمكنها التأثير على الجينوم‪ Génome 5‬البشري؛ أو علم األعصاب الذي يُظهر العالقة الوثيقة بين اإلدراك‬
‫والعاطفة ودور الخاليا العصبية "المرآة"؛ أو حتى الذكاء االصطناعي الذي‪ ،‬مدعو ًما بقوة تخزين ومعالجة المعلومات‬
‫ومعالجتها‪ ،‬يحل محل البشر بشكل متزايد‪ .‬وتثار قضايا أخالقية هائلة‪.‬‬

‫ونتيجة لهذه التحوالت العديدة‪ ،‬نشأت "العولمة"‪ ،‬وهي عملية ظهور نظام عالمي يميل إلى فرض نفسه كنموذج فريد‬
‫ومعترف به عالميًا وعابر للحدود الوطنية والثقافات‪ ،‬يؤثر على جميع مجاالت النشاط (بما في ذلك التعليم)‪ . ،‬إن الحوكمة‬
‫الوطنية تفسح المجال بشكل متزايد للحوكمة الدولية (منظمة التعاون والتنمية في الميدان االقتصادي‪ ،‬والبنك الدولي‪،‬‬
‫وصندوق النقد الدولي‪ ،‬واألمم المتحدة‪ ،‬واليونسكو‪ ،‬واليونيسيف‪ ،‬واالتحاد األوروبي‪ ،‬وما إلى ذلك)‪ .‬هناك مخاوف بشأن‬
‫فرض ثقافة ولغة واحدة بشكل خادع وما ينتج عن ذلك من فقدان الهويات (العديد من اللغات اختفت بالفعل )‪ .‬يعتمد أصحاب‬
‫المصلحة في التعليم‪ ،‬على المستويين الوطني والمحلي‪ ،‬بشكل متزايد على الضرورات االقتصادية والربحية‪ ،‬تحت ضغط‬
‫اإلدارة الجديدة‪ .‬وتزداد المخاوف ألن منظمة مثل منظمة التجارة العالمية تميل إلى اعتبار التعليم خدمة يمكن للقطاع‬
‫الخاص أن يجعلها أكثر ربحية‪ ،‬وترفض مفهوم "الصالح العام"‪ .‬ويحدث هذا في سياق يكون فيه الطلب على الفردية قويًا‬
‫جدًا من ناحية‪ ،‬وحيث ترغب بعض األنظمة ‪ ،‬من ناحية أخرى‪ ،‬في فرض محتوى يتم تدريسه في بعض البلدان‪.‬‬

‫‪ 4‬هو عبارة عن روبوت محادثة يعمل بالذكاء االصطناعي‪ ،‬طورته شركة ‪ Open Ai‬األمريكية في نوفمبر ‪ ،2022‬وأحدث ضجّة كبيرة في‬
‫العالم‪ .‬ولجأت العديد من الشركات واألفراد إلى بدء تعلم كيفية استخدامه‪ ،‬باعتباره أهم األدوات التي سوف يحتاجها األفراد في مختلف‬
‫التخصصات سواء موظفين أو طالب أو أصحاب أعمال‪ ،‬لتطوير أعمالهم وإنجاز العديد من المهام بسرعة أكبر ‪.‬‬
‫ويمكن استخدام شات جي بي تي في صياغة المقاالت وحل المعادالت الرياضية وكتابة أو التحقق من دقة أكواد‪ ، HTML‬وكذلك تقديم أفكار‬
‫إب داعية لتصميمات الجرافيك‪ ،‬باإلضافة إلى العديد من المهام األخرى‪ .‬كما يمكنه المساعدة في إنشاء نص مقروء عند الطلب بمجموعة متنوعة من‬
‫األنماط واألصوات وألغراض مختلفة حسب طبيعة العمل‪.‬‬

‫‪ ... 5‬لجينوم البشري أو المجين البشري باإلنجليزية) ‪ : (Human Genome‬هو مجموعة كاملة من المعلومات الوراثية لإلنسان ‪(Homo‬‬
‫)‪sapins‬الموجودة في تسلسل الحمض الريبوزي النووي منقوص األكسجين (الدي أن إيه ))‪ (DNA‬في ‪ 23‬زوجا ً من الصبغيات في نواة الخلية‬
‫باألضافة إلى الحمض النووي داخل الميتوكوندريا‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫األستاد هادف‬

‫العالم‪.‬‬ ‫نمادج من اشكال التربية في سياق تاريخي في بعض المناطق من‬


‫‪ - 1‬التربية البدائية في عصور ما قبل التاريخ ‪ :‬تربية طبيعية تدوم مدى الحياة‬

‫إنها تربية عملية بشكل خاص‪ .‬يتعلم الطفل كيفية استخدام األدوات والصيد والجمع وصيد األسماك وفن الزراعة أو إدارة‬
‫المنزل‪ .‬يتم تحديد األنشطة حسب الميول الفردية واالحتياجات االجتماعية‪.‬‬

‫طرق التدريس‪ :‬المالحظة والتقليد‪ ،‬األلعاب‪ ،‬مراسم التنشئة‪ ،‬المشاركة المباشرة في الحياة الجماعية‪.‬‬

‫‪ - 2‬التربية في العصور القديمة‪ :‬ا لتربية تهدف إلى إدامة و المحافظة على النظم االجتماعية‪.‬‬

‫في مصر القديمة‪ :‬هو مجتمع من الطبقات المتوارثة من األب إلى االبن‪ .‬ويستفيد "الشعب" من التعليم المهني العملي الذي‬
‫تضاف إليه مفاهيم القراءة والكتابة الهيراطيقية (الكتابة اإلدارية)‪ ،‬والحساب البسيط والهندسة‪.‬‬

‫في الهند القديمة‪ :‬هذا أيضًا مجتمع من طبقات هرمية تتراوح من المنبوذين إلى البراهمة‪ .‬فقط البراهمة يمكنهم الوصول‬
‫إلى التعليم العالي‪ .‬يعتمد هذا التعليم العالي على الكتب المقدسة المكتوبة باللغة السنسكريتية‪ .‬ويشمل النحو واألدب والقوانين‬
‫وعلم الفلك والطب والرياضيات‪.‬‬

‫في بالد الفرس‪ :‬التعليم حكومي وعسكري وأخالقي‬

‫مصر القديمة‪ :‬التعليم من حيث المبدأ هو مسؤولية والد األسرة‪ .‬يتم التطوير المهني بطريقة مؤسستية‪ .‬يبقى "التعليم العالي"‬
‫من اختصاص الكهنة‪.‬‬

‫طرق التدريس‪:‬‬

‫مصر القديمة‪ :‬الذاكرة والتقليد‪ . ،‬تعليم شمولي يستخدم العقاب البدني‪ ،‬وهو صارم للغاية‪.‬‬

‫الهند القديمة‪ :‬الحفظ "عن ظهر قلب" لتنغمس في روح الحكماء‪ .‬التعليم ينمي الصفات الحميدة والتأملية‪ ،‬مع تجاهل األشياء‬
‫األرضية أي الدنياوية والجسد‪.‬‬

‫بالد الفرس‪ :‬تتشكل الشخصية من خالل الممارسة والقدوة و الحاكاة‪.‬‬

‫الصين القديمة‪ :‬ثقافة الذاكرة وتبجيل أو تفضيل الكتب‪ .‬تعليم نخبوي يحتقر األنشطة اليدوية‪ ،‬ويخصص لتطوير مجتمع‬
‫ثابت‪ .‬يتم ازدراء األصالة والمبادرة والحرية‪.‬‬

‫التعليم اليوناني و الروماني‪ :‬من التربية األسرية إلى المعلم العبيد‬

‫في ‪ :Sparta‬تهدف التربية إلى تدريب جنود شجعان وأقوياء مرتبطين بوطنهم‪ .‬ويتكون من تدريب على الصيد وتمارين‬
‫بدنية وعسكرية‪.‬‬

‫في أثينا‪ :‬اعتمادًا على عدم المساواة االجتماعية‪ ،‬فإن مستوى التعليم ليس هو نفسه‪ .‬ويجب على ابن الصانع أن يكتفي بتعلم‬
‫القراءة والكتابة والحساب‪ .‬األغنياء يحصلون على تعليم كامل لجعلهم مواطنين حقيقيين‪ .‬يهدف التعليم إلى توليد االنسجام‬
‫بين الجسد والفن والفكر‪ .‬حتى سن الخامسة أو السادسة‪ ،‬تقوم النساء بتعليم األطفال‪ .‬من سن السابعة‪ ،‬يُعهد باألطفال إلى‬
‫معلم رقيق‪ ،‬أو موصل أطفال‪ .‬ويرافق العبد الطفل إلى دروسه ويراقب سلوكه‪ .‬ويتعلم النحو و القراءة والكتابة واألساطير‬
‫والحساب ثم الرسم والهندسة‪ .‬يقوم عازف آلة القانون بتدريس الموسيقى والجمباز‬

‫‪18‬‬
‫األستاد هادف‬

‫التعليم الروماني‪ :‬وهو عسكري ووطني ونفعي‪ :‬القراءة والكتابة والحساب والتدريب العسكري وبالطبع اإلخالص للوطن‪.‬‬
‫أصبحت القواعد والبالغة حاضرة بشكل متزايد في المدرسة‪.‬‬

‫‪ - 3‬التربية في العصور الوسطى‪:‬‬


‫استحودت الكنيسة على التربية و كان يعلم في المدارس األسقفية (المدارس االبتدائية لجميع فئات المجتمع)‪ ،‬أساسيات‬
‫القراءة والكتابة والعد بالقريصا ت ومفاهيم اللغة الالتينية‪.‬‬

‫في المدارس الجامعية‪ ،‬نتعلم اللغة الالتينية‪ ،‬والشعر‪ ،‬والعلوم‪ ،‬والبالغة‪ ،‬والقانون‪.‬‬

‫إن تعليم الفروسية‪ ،‬الذي تم إنشاؤه في أعقاب الحروب الصليبية‪ ،‬مستوحى من المسلمين والفرس‪ .‬وتشمل التربية البدنية‬
‫دورا مه ًما بشكل خاص‪.‬‬
‫والغناء والموسيقى واألخالق الحميدة‪ .‬يلعب الشرف ً‬

‫يتم تدريس الفنون الليبرالية السبعة في الجامعة‪ :‬الفنون الثالثية (القواعد والبالغة والمنطق) والرباعية (الموسيقى والهندسة‬
‫وعلم الفلك) كانت المدارس األسقفية تحت مسؤولية األسقف‪ ،‬ولهذا السبب يوجد في كل كاتدرائية مدرس مجاني ‪.‬‬

‫النحويون مسؤولون عن التدريس في المدارس الجامعية‪.‬‬

‫تحتفظ األسرة بوظائفها في تدريس المهام المنزلية‪ .‬تم تنفيذ المهام المهنية من قبل مؤسسات محددة‪ :‬الشركات‪.‬‬

‫في المدارس األسقفية‪ ،‬تُقرأ النصوص المقدسة بطريقة "عالمية" بجمل كاملة‪.‬‬

‫في الجامعة‪ ،‬يتم التدريس على شكل محاضرات‪ ،‬أي من خالل التعليقات على الكتب‪ .‬الدروس العادية التي يعرض خاللها‬
‫المعلم المادة تتم في الصباح‪ .‬يتم استخدام فترة ما بعد الظهر لإلجابة على األسئلة وتكرار المادة‪ .‬مرة واحدة في األسبوع‪،‬‬
‫يتم إجراء مناقشة نتناقش خاللها بشكل علني يتم إعطاء الدروس في اإلسطبل وفي منزل المعلم‪.‬‬

‫‪ -4‬القرنان السابع عشر والثامن عشر‪ :‬من الصورة للعبقرية اليونانية إلى اإلنسانية العلمية‬

‫في المدارس االبتدائية‪ :‬يتم تقسيم الطالب إلى مجموعات مستوى‪ .‬أثناء التعليم المسيحي‪ ،‬نتعلم عن ظهر قلب باستخدام‬
‫نظام األسئلة واألجوبة‪.‬‬

‫طرق التدريس مبتكرة ويتم التعرف على نفسية الطفل المحددة‪ .‬يتم استخدام اللعبة كأداة تعليمية‪ .‬يفضل التواصل الشفهي‬
‫على الكتب أو الموسوعة‪.‬‬

‫تتطلب مبادئ التدريس الخاصة معرفة التالميد جيدًا‪ ،‬وإضفاء الطابع الفردي على التدريس‪ ،‬وتقديم التعليم العملي مدى‬
‫الحياة‪ ،‬وإشراك األطفال في الحياة المدرسية وتقديم التدريس التفاضلي ‪.‬‬

‫يدافع روسو في )‪ L'Emile (1762‬عن طرق تدريس نشطة من شأنها أن تجد طرقًا للتربية الحديثة ويلهم العديد من‬
‫التربويين مثل كانط أو بيستالوزي‪.‬‬

‫ثالثة تيارات تساهم بقوة في تغيير التقاليد‪ :‬فلسفة لوك (المعرفة ال تأتي إال من خالل اإلدراك الحسي والتعليم يجب أن‬
‫يقوم على الفضول)‪ ،‬روسو (التعليم ال يمكن أن يكون فعاال إال إذا كان مبنيا على طبيعة الطفل)‪ ،‬والموسوعيون (التنمية)‪.‬‬
‫اإلنسانية التقنية التي تعيد الكرامة إلى المعرفة اليدوية والتقنية)‪.‬‬

‫‪ -5‬القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين‪ :‬من االندفاع الديمقراطي إلى التأمالت التربوية‬

‫بروز العديد من المعلمين و تأثير حاسم على البيئة التعليمية‪،Maria Montessori ،Froebel ،Owen ،: Pestalozzi‬‬
‫‪Steiner. ،Dewey ،J. Lancaster ،André Bell ،Makarenko ،Freinet ،Decroly‬‬

‫‪19‬‬
‫األستاد هادف‬

‫أنشأ المعلم أدولف فيريير وعالم النفس إدوارد كالباريد معهد جان جاك روسو في عام ‪ .1912‬في عام ‪ ،1921‬أنشأ أدولف‬
‫فيريير الرابطة الدولية للتعليم الجديد‪ .‬التعليم الجديد مستوحى من بيداغوجية ديوي‪ :‬الطفل نشط واجتماعي‪.‬‬

‫التدريس المتبادل‪ ،‬التعليم الجديد‪ ،‬طرق التدريس النشطة‪ ،‬طرق تدريس مونتيسوري‪ ،‬طرق تدريس شتاينر‪-‬والدورف‪،‬‬
‫طرق التدريس الجماعية‪ ،‬طرق التدريس االجتماعية البنائية‪ ، _ ،‬جول فيري‪ ،‬بول بيرت‪ ،‬بيستالوزي‪ ،‬أوين‪ ،‬فروبيل‪،‬‬
‫ماريا مونتيسوري‪ ،‬ديكرولي‪ ،‬فرينيت‪ ،‬ماكارينكو‪ ،‬أندريه بيل‪ ،‬جي النكستر‪ ،‬ديوي‪ ،‬أدولف فيريير‪ ،‬جيزيل دي فايلي‪،‬‬
‫روجر كوزينيه‪ ،‬إدوارد كالباريد‪.‬‬

‫‪- 6‬الجزء الثاني من القرن العشرين‬


‫بدأت البيداغوجيا يستعير أفكارا من علم النفس‪ .‬يضع كليفورد مايز نظريًا طريقة تدريس نموذجية تعتمد على علم النفس‬
‫التحليلي الذي طوره كارل جوستاف يونج في عام ‪.1956‬‬

‫منحت البيداغوجيا المؤسستية التي طورها سيليستين فرينيت وفرناند أوري وعايدة فاسكيز التالميد مكانة في تنظيم‬
‫الفصل ‪.‬‬

‫يتم إيالء اهتمام أكبر لألطفال الذين يواجهون صعوبات‪ :‬األجانب أو المعاقين (التعليم الداعم‪ ،‬مجموعات العمل التربوي‬
‫النفسي‪ ،‬إنشاء مجاالت العمل ذات األولوية)‪.‬‬

‫‪ - 7‬بين الستينيات والثمانينيات‪،‬‬

‫ظلت المدرسة التي أدخل عليها إصالحات وفية لللفظية والتعليمية والموسوعية مع انتشار استخدام الحاسوب اآللي في‬
‫المدارس مع حدوث الثورة العلمية والتقنية‪ .‬كما تزايد استخدام تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت في التدريس ‪.‬‬

‫التدريس المبرمج‪ ،‬التدريس بمساعدة الحاسوب‪ ،‬البيداغوجيا المؤسستية‪ ،‬تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪ ،‬دونالد‬
‫وينيكوت‪ ،‬فرانسواز دولتو‪ ،‬سكينر‪ ،‬سي جي يونج‪ ،‬إف أوري‪ ،‬أ‪ .‬سكينر‪ .‬العلوم المعرفية علم االعصاب و التربية‪.‬‬

‫‪ -‬التربية الحديثة‪:‬‬
‫التربية الحديثة هي حركة تعليمية تدافع عن مبدأ المشاركة الفعالة لألفراد في تعلمهم الخاص والتي تدافع على فكرة أن‬
‫التعلم قبل أن يكون تراكم للمعرفة‪ ،‬يجب أن يكون عامالً في التقدم الشامل للشخص‪ .‬هناك ثالثة مبادئ رئيسية توحد‬
‫المدارس الجديدة‪ :‬التركيز على الطفل‪ ،‬والتربية األخالقية (التي تؤدي إلى االستقاللية ولكن أيضًا إلى المساعدة المتبادلة‬
‫والتعاون) وممارسة األساليب النشطة ‪.‬‬

‫لقد تم التفكير في التربية الحديثة في المقام األول من قبل المنظرين‪ ،‬والفالسفة مثل ديوي‪ ،‬وعلماء النفس مثل كالباريد‪،‬‬
‫وعلماء االجتماع مثل فيريير‪ ،‬ومفتشي التعليم مثل كيرشنستاينر‪ . Kerschensteiner‬تم اعتماد مبادئ التربية الحديثة من‬
‫قبل ممارسين مثل ‪ Pestalozzi‬أو ‪ Freinet.‬اللدان استنكرا كالهما في البداية عدم كفاية المدارس في عصرهما ألنها لم‬
‫تلبي احتياجات التلميذ وال احتياجات المجتمع‪.‬‬

‫التربية الحديثة أحدث تحوال عميقا في التعلم الدهني حيث التعليم الجديد يشجع بناء المعرفة من قبل الطالب نفسه‪ .‬إن‬
‫احتياجات الطفل الن يعرف و أن يفهم هي أصل كل التعلم ‪ .‬وبالتالي فإن الوصول إلى المعرفة يجب أن يتبع مسارات‬
‫البحث الشخصي او المحاولة وأن يتجذر في عمليات عفوية تتكيف مع العمر والمهارة‪ .‬إن بناء المفاهيم يجب أن يتبع‬
‫مسارات النمو العقلي الطبيعي حيث يكون للبناء الحقيقي والتبادل بين األقران مكانة أساسية‪ .‬قدمت أعمال علماء النفس مثل‬
‫كالباريد‪ ،‬ووالون‪ ،‬وبياجيه‪ ،‬وبرونر‪ ،‬وفيجوتسكي مرجعيات نظرية‪ ،‬ودعمت افكار الممارسين مثل فرينيت‪.‬‬

‫عند األطفال الصغار وحتى سن المراهقة‪ ، ،‬يجب أن يحظى العمل اليدوي بمكانة خاصة في البناء الفكري‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فإن‬
‫مجموعات ال مناقشة التي يكون للمعلم مكانه هي أماكن مميزة لهذا البناء‪ .‬نرى من هذا كيف أن هذا المفهوم وهذه الممارسة‬
‫يتعارضان مع تصورات المدرسة‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن كل التعلم الفكري الحي يجب أن يكون جز ًءا من مشروع عام‬

‫‪20‬‬
‫األستاد هادف‬

‫عكس التعلم الكالسيكي الذي يتم من خالل أنشطة تخصصية محددة‪ ،‬دون تنسيق مع التخصصات المجاورة‪ ،‬إال بطريقة‬
‫عشوائية‪،‬‬

‫االيبستمولوجيا و التربية‬

‫كلمة ايبستمولوجيا "‪ Épistêmê‬تعني في اليونانية كما أشرنا اليها في الجزء األول العلم‪ ،‬و "‪ "logos‬تعني الكالم‪.‬‬
‫نظرية المعرفة هي خطاب حول العلم‪ .‬إنها على وجه التحديد تفكير نقدي حول لمبادئ وأساليب ونتائج العلم ‪ -‬المعرفة التي‬
‫ينتجها اإلنسان ‪ .‬أما ايبستمولوجية التربية فيمكن تعريفها كاألتي ‪ :‬ايبستمولوجية التربية هي فرع من فروع فلسفة التربية‬
‫التي تهدف الى دراسة التأسيس النقدي للمعرفة في مجال التربية من حيث اهمية التعريفات العلمية العامة و االسس و‬
‫القوانين و المبادئ و ااقواعد ل هدا التأسيس‪ .‬و كدا عالقة هده القواعد و المعايير بالممارسة التربوية‪ ,‬كما تدرس من جهة‬
‫اخرى مصدر و انواع و مناهج المعرفة في التربية و كدا التحلبل النقدي للمفاهيم و المبادئ و القوانين التربوعية و تشكيل‬
‫المعرفة و نقلها‪,‬‬

‫جميع النظريات التربوية ‪ ،‬تقوم بنمدجة إلى حد ما الفعل التربوي و يتم اشتقاقها من قيم تستند إلى فلسفة معينة‪ .‬كل نظرية‬
‫مدعومة بفكرة عن االنسان ‪ ،‬ومكانه في الكون ‪ ،‬وإضفاء الطابع اإلنساني عليه ‪ .‬إن مسألة األهداف و الغايات تجعل من‬
‫التربية مسألة تخص الفالسفة‪ .‬كان معظم المعلمين الكبار في علوم التربية فالسفة و األسئلة المتعلقة بأغراض التربية ترجع‬
‫دائما إلى فلسفة التربية ‪ .‬من يجب أن يعلم؟ من يجب تعليمه؟ ما الذي يجب تدريسه؟ كيف يجب ان نعلم؟ إن النظرة او‬
‫الفكرة التي نكونها عن لإلنسان و المجتمع هي التي تقدم االجابات عن هذه األسئلة األساسية‪ .‬كان السفسطائيون هم أول‬
‫من طرح هذه األسئلة في القرن الخامس قبل الميالد في اليونان القديمة‪ .‬إنهم "معلمو الحكمة" ويعلمون الشباب االلتزام‬
‫بالقواعد االجتماعية من خالل ضبط النفس‪.‬‬

‫توجد األبستمولوجيا أينما وجد ت مادة للتفكير‪ .‬يتم اللجوء اليها لمالحظة ظاهرة‪ ،‬نقد فكرة‪ ،‬تلخيص نص‪ ،‬انتقاء المراجع‪،‬‬
‫بناء المعلومات‪ ،‬اختيار المنهجية‪ ،‬تمثل ظاهرة ‪ ،‬تحليل البيانات على ضوء إطار نظري‪ ،‬إثبات فرضية ‪ .‬وبالتالي فإن‬
‫االنخراط في االعتبارات اايبستمولوجية يعني ضمنيًا أننا نستكشف عالقاتنا بالمعرفة العارفة أو العلمية‪ ،‬ولكن أيضًا‬
‫عالقاتنا بعمليات اكتساب المعرفة وتطوير المهارات‪ ،‬وبالتالي بالتعلم ‪.‬‬

‫تأثيرا عميقًا على اختيار المعرفة التي سيتم‬


‫ً‬ ‫تؤثر االبستمولوجيا على األنشطة والبرامج التعليمية إلى الحد الذي تؤثر فيه‬
‫تدريسها‪ ،‬والمنهجية التي يجب اعتمادها‪ ،‬ونماذج التعلم التي يجب تنظيم التدريس على أساسها‪,.‬‬

‫إن معرفة األبستمولوجيا لها آثار ملموسة على الطريقة التي نعلم و نتعلم بها‪ ،‬ولهذا السبب بالتحديد من الضروري أن‬
‫نخضع‪ ،‬كمعلمين و كمتعلمين ‪ ،‬لتأمالت معينة ذات طبيعة معرفية أو ايبستمولوجية‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬فمن الضروري أن يكون الجميع قادرين على تحديد موقفهم المعرفي سواء من زاوية التخصص و كدا من الناحية‬
‫البيداغوجية و البحثية‪ .‬إن الموقف المعرفي لكل شخص يمر عبر عدة وجهات نظر‪ ،‬جميعها مرتبطة بالمعرفة‪.‬‬

‫يمكن أن تتوافق هذه مع المعرفة العارفة (أو حتى العلمية‪ ،‬التخصصية)‪ ،‬التي يتم تشكيلها من خالل البحث العلمي وكذلك‬
‫من خالل التفكير الجماعي والتي توجد في المختبرات والجامعات والكليات والكتب والمجالت والمدونات واألفالم‬
‫الوثائقية والمواقع اإللكترونية ‪ .‬يمكن أن ترتبط المعرفة أيضًا بما تعلمناه‪ ،‬واكتسبناه‪ ،‬والذي دمجه كل شخص خالل دراسته‬
‫أو خبراته الشخصية والمهنية‪,‬‬

‫إن فحص الموقف المعرفي للفرد يعني إلقاء نظرة على مكانة وقيمة المعرفة وكذلك الطريقة التي تسمح بالوصول إليها‪.‬‬
‫للقيام بذلك‪ ،‬يمكننا أن نطرح أربعة أسئلة رئيسية‪:‬‬

‫ما هي المعرفة؟‬
‫‪21‬‬
‫األستاد هادف‬

‫•من أين تأتي أو كيف تم إنشاؤها على وجه التحديد‪ ،‬في تخصص معين؟‬

‫كيف يمكننا تقييم قيمتها أو صالحيتها؟‬

‫كيف يتعلم اإلنسان ؟ ؟ وكيف يدمج المعرفة العلمية بحيث تصبح معرفة متقنة وقابلة لالستخدام؟‬

‫قي الواقع‪ ،‬فبوعي أو بغير وعي‪ ،‬ننقل مفهومنا الخاص عن تخصصنا إلى الطالب‪ :‬من خالل رؤيتنا للمعرفة‪ ،‬وتصوراتنا‪،‬‬
‫واستراتيجيات التدريس ‪ ،‬نقوم بتكوين الطلبة على جوهر مجال تخصصه‪ .‬وهم‪ ،‬من جانبهم أي الطلبة‪ ،‬يصلون إلى‬
‫الفصل بتصوراتهم الخاص للمفاهيم التي يجب أن يتعلموها أو بفكرة عما يعتقدون أنهم يعرفونه بالفعل‪ .‬إن فهم العالقة التي‬
‫تربطهم بالمعرفة المنقولة في الفصل سيسمح للمعلم بتأكيد المعرفة الكافية وتفكيك المعتقدات الخاطئة‪ ،‬لتعزيز نهجهم أو‬
‫تعديله‪ ،‬إذا لزم األمر‪ ,‬قدم بروسو ‪ Brousseau‬مفهوم نظرية المعرفة المدرسية للداللة على مجموعة القنعات و المعتقدات‬
‫‪ -‬صريحة أو ضمنية ‪ -‬والتي تسود داخل المدرسة‪ ،‬حول طرق التدريس و الغاية المعرفة والتعليم والتعلم‪ .‬االبستمولوجية‬
‫المدرسية تؤثر على النشاط التعليمي على البرامج حيث تؤثر بشكل كبير على اختيار المعرفة التي سيتم تدريسها‪،‬‬
‫والمنهجي ة التي سيتم اعتمادها‪ ،‬ونماذج التعلم التي يتم على أساسها تنظيم التدريس ‪ .‬فمن بين المدارس الفكرية المختلفة‬
‫الموجودة في مجال نظرية المعرفة و التي لها تأثير بالغا في ميدان التربية الحديثة ‪ ،‬هناك واحدة تستحق المزيد من‬
‫االهتمام لدعوتها إلى جعل معتقداتنا نسبية‪ :‬المفهوم البنائي االجتماعي لعمليات تشكيل أو بناء المعرفة والعلم‪ ،‬والذي يعتبره‬
‫العديد من الفكرين علي غرار جيرار فوريز واحدًا من أعظم رواده‪ .‬ويعتبر هذا الفيزيائي والفيلسوف المعاصر أن‬
‫الب احثين ال يكتشفون الحقائق‪ ،‬بل يخترعون نماذج تفسيرية للعالم‪ ،‬من خالل المناقشة والتفاوض‪.‬‬

‫على مر العصور‪ ،‬أثرت الكيفيات المختلفة التي اتبعناها في إدراك بناء المعرفة العلمية على مفاهيمنا حول اكتساب المعرفة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فقد أنتجت كل هذه الرؤى العديد من نظريات التعلم‪ ،‬بما في ذلك المنهج المعرفي والبنائي االجتماعي‪ .‬ومن ثم‬
‫فإن العديد من االتجاهات في التعليم يمكن أن تساعدنا في اإلجابة على سؤال "كيف نتعلم ؟" "‪ ،‬ولكن أيضًا على األسئلة‬
‫التالية‪:‬‬

‫هل نتعلم عن طريق الحفظ؟ من خالل تجارب معينة؟ من خالل التبادل مع اآلخرين؟‬

‫هل يفضل اعتماد أسلوب التعلم من خالل االنتقال من البسيط إلى المعقد أو اختيار مدخل من خالل التعقيد؟‬

‫هل نحن مستعدون دائ ًما الستقبال أو اكتساب المعرفة الجديدة‪ ،‬مثل الصفحة البيضاء‪ ،‬أم أننا نزود بشبكات تفسيرية من‬
‫شأنها أن تنظم طريقتنا في تطوير هذه المعرفة ( والتي ستحددها ثقافتنا‪ ،‬وتاريخنا‪ ،‬وخبرتنا‪ ،‬وتجاربنا السابقة؟ )؟‬

‫ما هي أهمية المعرفة التي اكتسبها الطالب سابقاً؟ وإلى أي مدى ينبغي على المعلم أن يأخذ هذه األمور بعين االعتبار؟‬

‫ما هو مكان الخطأ في التعلم؟ هل ينبغي اعتبار هذا األخير بمثابة إزعاج يجب تجنبه أو كمؤشر يسمح لنا بفهم التطور‬
‫الفكري للطالب؟ هل يجب أن نحاول فهم مصدر أخطائهم؟‬

‫هل يتعلم الجميع بنفس الطريقة؟ هل هناك أشخاص جيدون في التعلم؟‬

‫هل يعيد المعلم إنتاج استراتيجيات التدريس التي كانت فعالة في نظره‪ ،‬تلك التي يعرفها كمتعلم؟‬

‫إن الموقف االبستمولوجي الذي ينتهجه كل فرد يتوافق في المقام األول مع رؤيتهم للعالم‪ .‬وهو يتطابق‪ ،‬بشكل أكثر تحديدًا‬
‫لدى كل شخص مع تصوره لبناء المعرفة العلمية المتعلقة بتخصصه‪ .‬في التعليم يؤثر هذا الموقف‪ ،‬إذن‪ ،‬على االختيارات‬
‫التعليمية للمعلمين وطريقتهم في تناول الموضوع الذي يدرسونه ( مثلث هوساي‪ ،‬مثلث شوفالر وعلى وجه الخصوص‬
‫العالقته الثالثية بين المعلم ‪ ,‬المتعلم والمعرفة ‪.‬‬

‫من منظور فردي‪ ،‬يتداخل الموقف المعرفي للشخص أيضًا بشكل عام‪ ،‬مع عالقته بالتعلم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فهو يوجه نظرة المعلم‬
‫لطالبه وكذلك احتياجاتهم‪ ،‬وبالتالي الخيارات التي يتخذها فيما يتعلق باستراتيجيات التدريس ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫األستاد هادف‬

‫تدعونا نظرية المعرفة إلى االهتمام بشكل مختلف بماهية المعرفة‪ ،‬بما نعرفه‪ ،‬بما يعرفه الطلبة وما يجب أن يعرفوه‪،‬‬
‫بالطريقة التي نتصور بها التعلم‪ ،‬ولكن أيضًا بالطريقة التي يرى بها الطالب أنفسهم هذه السيرورة‪ . .‬وذلك ألن وضع كل‬
‫شخص يتطور من خالل تعلماته في تخصصه وفي كيفية التعلم ‪ ،‬وكذلك من خالل تأمالته الشخصية والمهنية‬

‫إن التحليل المعمق لإلبستمولوجيا في التربية يسمح لنا بإقامة عالقة بين مفهوم المعرفة ومفاهيم القناعة‪ ,‬اإلعتقاد التصور‬
‫‪,‬المعرفة والعلم ‪.‬‬

‫في الواقع ‪ ،‬من خالل مفهوم األبستمولوجيا ‪ ،‬فإننا نحدد مجموعة من القناعات‪ ،‬من المعرفة والمعرفة العلمية التي تسعى‬
‫إلى تحديد معرفة الفرد أو مجموعة من األفراد وأداءهم وكذلك وسائل تقييم صالحيتها أو صحتها و كيفية اكتسابها‬
‫وبالتالي تعليمها وتعلمها‪ .‬تسعى نظرية المعرفة إلى تحديد و توحيد المفاهيم المعرفية المختلفة المتعلقة ببعض العلوم‬
‫والحركات للفكر‪ ،‬لمجموعات من األفراد‪ ،‬للمؤسسات أو الثقافات‪.‬‬

‫االبستمولوجية المدرسية تؤثر على النشاط التعليمي على البرامج حيث تؤثر بشكل كبير على اختيارالمعرفة التي‬
‫سيتم تدريسها‪ ،‬والمنهجي ة التي سيتم اعتمادها‪ ،‬ونماذج التعلم التي يتم على أساسها يجب تنظيم التدريس‪.‬‬

‫مفاهيم أخرى متصلة بمفهوم ايبستمولوجية التربية‪:‬‬

‫تتطلبدراسة نظرية المعرفة في التربية معرفة عدد معين من المفاهيم األساسية المرتبطة بالعملية التعليمية‪ .‬يتعلق األمر‬
‫بشكل أساسي بالتعليم والتدريس والتعلم وطرق التدريس وطرق اكتساب المعرفة و ايبتمولوجية المعلم و المتعلم‪.‬‬

‫البيداغوجيا و الديداكتيك‪.‬‬
‫تعتبر البيداغوجيا والتعليمية مفهومين أساسيين في مجال التعليم‪ ،‬على الرغم من أنهما غير قابلين للتبادل‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫التشابه الظاهري بينهما‪ ،‬إال أن لهما معاني مختلفة‪ .‬لفهم هذين المصطلحين بشكل أفضل‪ ،‬من الضروري مالحظة أنهما‬
‫مترابطان‪ :‬ال يمكن للبيداغوجيا أن تكون بدون تعليمية‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬‬

‫تركز أصول التدريس أو البيداغوجيا على‪:‬‬

‫مفهوم البيداغوجيا‪:‬‬

‫عرف هذا المفهوم عند اليونان ويعني‪ :‬العبد الذي كان يرافق األطفال إلى المدرسة‪( :‬بيدا) وتعني الطفل و(غوجي) وتعني‬
‫القيادة والسياقة‪.‬‬

‫يرى إيميل دوركايم أن البيداغوجيا نظرية تطبيقية للتربية تعتمد مفاهيمها من علم النفس وعلم االجتماع‪.‬‬

‫أما روني أوبير فيرى أنها ليست علما وال تقنية وال فلسفة وال فنا‪ ،‬بل هي هذا كله منظم وفق تمفصالت منطقية‪.‬‬

‫للعالقات بين الطالب والطالب‪.‬‬

‫للعالقات بين المعلم والطالب‪.‬‬

‫تنظيم الفصل لتعزيز التعلم‪.‬‬

‫تركز الديداكتيك على‪:‬‬

‫•نقل المعرفة العلمية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫األستاد هادف‬

‫•على مستوى الطالب وتمثالتهم األولية والصعوبات التي يواجهونها‪.‬‬

‫•المشاكل التي تنشأ من مراقبة عالم معقد‪.‬‬

‫باختصار‪ ،‬يعتبر التعليم التفكير حول كيفية نقل المعرفة‪ ،‬في حين أن البيداغوجيا موجة نحو الممارسات الصفية‪.‬‬

‫" • )‪ G. Vergnaud (1985‬يتم تعريف الديداكتيك بشكل خاص من خالل البحث في شروط اكتساب المعرفة‪ .‬ومن ثم‬
‫فهو ال يتساءل عن المفاهيم في حد ذاتها بقدر ما يتساءل عن كيفية بنائها‪ .‬في التعلم‪ ،‬المتطلبات األساسية التي تنطوي‬
‫عليها‪ ،‬والتمثيالت العادية لدى المتعلمين واألنواع المختلفة من عوائق التعلم التي يمكنهم خلقها أو مصادفتها‪.‬‬

‫كلمة "تعليمية" تأتي من اللغة اليونانية ‪ "didaskein".‬وتعني التدريس و "‪"tékne‬تشير إلى الفن‪" ،‬فن التدريس"‪.‬‬
‫الديداكتيك هو العلم الذي يهتم بالجوانب المتعلقة بالتدريس‪ .‬الهدف من دراستها هو تحويل المعرفة التخصصية (معرفة‬
‫درسة)‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬تتعلق الوسيلة التعليمية‬
‫الخبراء‪ ،‬المعرفة المرجعية) إلى مجال المعرفة األكاديمية (المعرفة ال ُم َّ‬
‫بتدريس محتوى معين‪ .‬إنها تفكر في منطق التدريس المبني على منطق المعرفة‪ .‬يشير مصطلح "الديداكتيك" إلى علم‬
‫التدريس‪ . ،‬ترتبط العديد من المكونات بالممارسات التعليمية‪ ،‬أبرزها‪ • :‬األهداف • المواضيع • األساليب • أطر التدريس‬
‫والتعلم باختصار‪ ،‬تعتبر الديداكتيك التخصص الذي يهتم بشكل أساسي بعلم التدريس والتكوين ‪.‬‬

‫الديداكتيك مرتبطة بالمحتوى‪ .‬إنه فن تحليل المعرفة وتنظيم عمليات التعلم‪ .‬وتهدف إلى‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد المفاهيم األساسية التي سيتم نقلها‪ - ،‬توقع صعوبات التعلم المتعلقة بهذه المفاهيم‪ - ،‬تحديد المعارف القبلية التي‬
‫يمتلكها التالميد‪ - ،‬تحديد تمثالت المتعلمين‪ - ،‬تحديد النهج لعمليات التعلم‪ .‬يعتمد التعليم على التحكم في المحتوى‪ ،‬وال‬
‫سيما على المعرفة التفصيلية لتاريخ تطور المعرفة المعنية‪.‬‬

‫البيداغوجيا تتمحور حول المتعلم‪ .‬وتهدف إلى‪:‬‬

‫‪ -‬دراسة عمل المجموعة وأنماط العالقات بين األفراد الذين يتكونون منها‪،‬‬

‫‪ -‬تحديد دوافع المتعلمين‪،‬‬

‫‪ -‬إعطاء معنى للتعلم‪،‬‬

‫‪ -‬تنظيم تسلسل التعلم‪،‬‬

‫‪ -‬تنويع الوسائل التعليمية اعتمادا على اختالفات االفراد ‪.‬‬

‫يجب أن يتمتع المعلم بمعرفة واسعة في العلوم التربوية وعلم النفس وعلم األعصاب وما إلى ذلك‪.‬‬

‫التعلم‪:‬‬

‫من خالل مقاربة عامة وباالستناد او بالرجوع إلى علم النفس المعرفي‪ ،‬يمكن تعريف التعلم على أنه االستقبال واالدماج‬
‫والقدرة على إعادة استخدام المعرفة في المواقف المناسبة‪.‬‬

‫ولتحقيق هذه الغاية يجب أن يكون لدى التلميذ معرفة في الذاكرة تسمح له بإقامة روابط مع المعلومات الجديدة المقدمة له‬
‫حتى يمكن استيعابها ويكون لها معنى بالنسبة له‪.‬‬

‫وبالتالي فإن ربط المعلومات المقدمة بالمعرفة السابقة يمكن أن يوفر تأكيدا لهذه األخيرة أو إضافة عناصر إليها وإثرائها أو‬
‫طرح األسئلة ومناقشتها قبل دمج المعلومات الجديدة‪ .‬ال يمكن إبطال المعلومات السابقة فقط‪ ،‬بل تخضع المعلومات الجديدة‬
‫أيضًا للمعالجة والتحليل ‪.‬‬

‫نمادج التعلم‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫األستاد هادف‬

‫نموذج النقل‬

‫‪-‬التلميذ عبارة عن شمع ناعم ‪ -‬يكفي أن يعرف المعلم تماما التخصص الذي يدرسه ‪ -‬منطق المعرفة يحكم التعلم و تركز‬
‫طريقة التعليم على‪:‬‬

‫‪-‬الحفظ من خالل التكرار‬

‫‪-‬سلطة المعلم والمنافسة بين التالميذ تدعم لجوء الطالب للحفظ من خالل التكرار و يعبر الخطأ‬

‫عن عدم امتالك القدرات و اإلرادة الالزمة لتعلم ‪.‬أخطاء التالميذ هي أخطاء‪ ،‬يعاقب عليها بالدرجات ‪.‬‬

‫‪-‬النموذج البنائي‬

‫جان بياجيه‪ - :‬نمو الطفل حسب المراحل‪ :‬احترامه ‪ -‬دور التفاعالت بين التلميذ والواقع‪ :‬جعل الطفل نشطا‬

‫الخطأ لم يعد يعبر عن غياب قدرات عند التلميذ و انه من الطبيعي أن يخطئ التلميذ‪ .‬مكانة الوضعيات إشكالية ‪ .‬الطرق‬
‫النشيطة الخ ‪....‬‬

‫مالمح تعليمية مختلفة ‪ :‬يحتاجون إلى التمييز ‪- La Garanderie:‬‬ ‫‪-‬للتالميد‬

‫انتقادات لبياجيه‪ :‬اشكالية انتظار النضج النمائي للتعلم ‪:‬‬

‫‪-‬فيجوتسكي‪ :‬نقد بياجيه‪ :‬خطر انتظار النضج التلقائي‪ :‬التعلم يسبق النمو والعمل في "منطقة التطوير القريبة" الدور‬
‫األساسي للغة (الوساطة(‬

‫‪-‬ما وراء المعرفة‪ :‬لكي تتعلم عليك أن تعرف كيف تتعلم‪.‬‬

‫التحويل الديداكتيكي ‪: transposition didactique‬‬

‫يواجه المعلمون مشكلتين أساسيتين في ممارساتهم التعليمية‪ :‬إدارة المناهج وإدارة الفصل الدراسي (من وجهة نظر‬
‫انضباط الطالب)‪ .‬أحد أهم الجوانب المرتبطة بإدارة المناهج يتعلق ببناء المعرفة األكاديمية‪ .‬إنها عملية معقدة‪ ،‬تتأثر بالعديد‬
‫من العوامل التي تكون نقطة بدايتها جميع المعرفة العلمية ونقطة نهايتها جميع المعرفة التي اكتسبها الطالب‪ .‬تخضع‬
‫المعرفة العلمية لتحوالت متعددة لكي تشكل نفسها كموضوع للتدريس‪ :‬وتندرج هذه التحوالت تحت ما نسميه "التحويل‬
‫التعليمي أو الديداكتيكي "‪ .‬فما هو المقصود بالتخويل الديداكتيكي؟‬

‫هو ذلك التغيير واالنتقاء الذي يطرأ على النص األصلي في صيغته العالمة لكي يصبح نصا قابال للتدريس واالكتساب من‬
‫طرف المتعلمين‪ .‬إنه مجموع التحوالت التي تطرأ على معرفة معينة في مجالها العالم من أجل تحويلها إلى معرفة تعليمية‬
‫قابلة للتدريس ‪.‬‬

‫عا للتعلم‪،‬‬
‫عندما تصبح المعرفة العالمة‪ ،‬أي معرفة المتخصصين في هذا المجال‪ ،‬معرفة يتم تدريسها‪ ،‬لكي تصبح موضو ً‬
‫يجب أن تخضع لتحوالت لجعلها في متناول الطالب‪.‬‬

‫هذه التحوالت التي تسمى "النقلة التعليمية" أو التتحويل الديداكتيكي تتم على مرحلتين‪ :‬األولى هي التي ستنقل المعرفة‬
‫العالمة إلى المعرفة التي سيتم تدريسها‪ ،‬وهذا النقل الخارجي يؤدي إلى تحديد برامج التدريس لكل تخصص مدرسي ‪، .‬‬
‫النقل الداخلي هو الذي ينقل هذه المعرفة التي سيتم تدريسها‪ ،‬إلى المعرفة التي يتم تدريسها بالفعل‪ ،‬هذا النقل هو ما يقوم به‬
‫كل معلم في فصوله حسب طالبه والقيود المفروضة عليه (الوقت‪ ،‬االمتحانات‪ ،‬االلتزام بالمقررات)‪ .‬شرائع المدرسة وما‬
‫إلى ذلك ‪.‬‬

‫التحويل الديداكتيكي الخارجي‪ : transposition didactique externe‬هو ذلك التحويل واالنتقاء والتقطيع الذي‬
‫يحدثه المختصين والديداكتيكيين على النصوص الموجودة في صيغتها العالمة أي على المعرفة التي أنتجها الباحثون في‬

‫‪25‬‬
‫األستاد هادف‬

‫صيغتها الخام الغير قابلة للتدريس‪ ،‬لكي تكون على شكل برامج ومناهج‪ ،‬ويسمى بالتحويل الخارجي ألنه يحدث خارج‬
‫النظام التعليمي أي خارج الفصل الدراسي‪ .‬ويقوم به األشخاص الذين يفكرون في المحتوى التعليمي ومن بينهم األكاديميون‬
‫المهت مون بالمشاكل التعليمية ومفتشو المدارس ومؤلفو الكتب المدرسية وممثلو المجتمع ‪...‬‬

‫التحويل التعليمي هو العمل على تحويل المعرفة العالمة إلى معرفة يتم تدريسها في الكتب المدرسية‪ ،‬ثم إلى معرفة يتم‬
‫تدريسها في الفصول الدراسية‪ .‬ويجب أن يضمن هذا التحول أن تكون المعرفة التي سيتم تدريسها والتي يمكن تدريسها‬
‫متوافقة مع األهداف التعليمية والخصائص المعرفية للمتعلمين‪ .‬إن عملية النقل التعليمي تشتمل على مرحلتين‪ ،‬النقل الداخلي‬
‫والنقل الخارجي‪.‬‬

‫التحويل الديداكتيكي الخارجي هي المرحلة التي تتحول خاللها المعرفة العالمة (أو المعرفة المتخصصة) إلى معرفة يتم‬
‫تدريسها (المعرفة المحددة في المناهج المدرسية أو التي تظهر في الكتب المدرسية)‪ .‬يتم تنفيذ هذه الخطوة بشكل عام من‬
‫قبل المسؤولين عن البرنامج المدرسي ‪.‬‬

‫‪Transposition didactique interne‬‬ ‫النقل التعليمي الداخلي‬

‫التحويل التعليمي الداخلي هو المرحلة التي تتحول فيها المعرفة التي يجب تدريسها إلى معرفة يمكن تدريسها في الفصول‬
‫الدراسية‪ .‬والقائم بهذا العمل هو المعلم (المحاضر والمدرس) والباحث التربوي‪ .‬واستنادًا إلى المعرفة بالمناهج الدراسية‬
‫وخصائص المتعلم والظروف المدرسية ‪.‬‬

‫نعني بـ "المعرفة العالمة" "مجموعة يتم إثراءها باستمرار بالمعرفة الجديدة‪ ،‬والتي يعترف بها المجتمع العلمي المتخصص‬
‫على أنها مهمة وصالحة‪ )...( .‬المعرفة العلمية هي في األساس نتاج الباحثين المعترف بهم من قبل أقرانهم‪ ،‬من قبل‬
‫الجامعة‪ .‬وهم الذين يقيمونها”‬

‫المعرفة العالمة ‪Le savoir Savant‬‬

‫المعرفة العالمة هي "المعرفة المصادق عليها‪ ،‬المنتجة في مكان معين وتحت ظروف معينة‪ ،‬و "المجتمع العلمي"‪ ،‬الذي‬
‫يضفي الشرعية على هذه المعرفة‪ ،‬ويعطيها عالمة الدقة واالهتمام‪.‬‬

‫المعارف‪ : les savoirs‬هي مجموع المضامين المعرفية قد تكون قابلة للتدريس وقد تكون غير قابلة لذلك‬

‫المعارف من اجل التدريس ‪:les savoirs a enseigner‬هي المعارف المنتقاة والتي تم تحويلها وتصنيفها وتنظيمها‬
‫وإعادة هيكلتها من صيغتها العالمة إلى صيغة قابلة للتدريس أي من الكتب التي أنتجها المختصون إلى الكتب المدرسية‪،‬‬
‫بمعنى أخر هي ذلك التحويل الذي يطرأ على المعرفة العالمة من أجل الوصول الى مناهج منتظرة تحدد الغايات واألغراض‬
‫واألهداف التعليمية والكتب المدرسية ووثائق التوجيهات التربوية والمذكرات الوزارية على الترجمة اإلجرائية لمقتضياتها‪.‬‬

‫وحسب األسناد الموجودة أسفله فإن المعرفة المراد تدريسها هي المعرفة الموصوفة والمحددة في جميع النصوص‪.‬‬

‫المعارف المدرسة ‪ : savoirs enseignes‬هي المعارف التي تبنى بالفصل الدراسي من طرف المتعلمين وبمساعدة‬
‫المدرس بمعنى هي أجرأة المعارف المتاحة لدى المدرس من اجل التدريس‪.‬‬

‫باختصار هي ما يقدمه المدرس لمتعلميه داخل القسم اعتمادا على المعرفة المدرسية (المنهاج الدراسي‪-‬الكتب المدرسية‪-‬‬
‫التوجيهات التربوية ‪-‬المذكرات الوزارية ‪" )...‬المعرفة المدرسة هي تلك التي بناها المعلم والتي سيطبقها في الفصل‪.‬‬
‫"المعرفة المكتسبة" هي مجموعة المعرفة التي يكتسبها جميع الذين يتعلمون في المدرسة‪.‬‬

‫ويمكن القول كذلك بأنها هي المعرفة التي يقوم المدرس ببنائها والتي ينجزها في الفصل الدراسي‪.‬‬

‫المعارف المكتسبة ‪ : les acquis‬هي المعارف التي اكتسبها التلميذ‪ ،‬وهي معرفة ال تعكس بالضرورة ما درسه األستاذ‪،‬‬
‫بحيث أن التلميذ في محاولته الستيعاب المعرفة المدرسة من طرف المدرس‪ ،‬يمارس بدوره عملية ذهنية على ما يتلقاه‪ ،‬أي‬

‫‪26‬‬
‫األستاد هادف‬

‫يؤول ويعيد تنظيم مكتسباته وفق تصور جديد‪ .‬عموما يمكن القول بان المعارف المكتسبة هي المعارف التي يكتسبها‬
‫المتعلمون في المدرسة‪ .‬ف هي المعارف التي يكتسبها المتعلم ويضيفها إلى معارف كان قد اكتسبها من قبل لحل وضعية ‪.‬‬

‫المثلث الديداكتيكي‪: le triangle didactique‬هو ذلك المثلث المعبر عن الوضعية التعليمية باعتبارها نسقا يجمع بين‬
‫ثالثة أقطاب غير متكافئة هي‪ :‬التلميذ‪ -‬المدرس‪ -‬المعرفة‪ ،‬وما يحدث من تفاعالت بين كل قطب من هذه األقطاب في‬
‫عالقته بالقطبين اآلخرين‪.‬‬

‫التعاقد الديداكتيكي‪ : contrat didactique‬هو مجموع سلوكات المدرس المتوقعة من طرف المتعلمين‪ ،‬ومجموع‬
‫سلوكات المتعلم المتوقعة من طرف الم درس‪ .‬إنه مجموع القواعد التي تحدد‪ ،‬بصورة ضمنية‪ ،‬ما يتوجب على كل شريك في‬
‫العالقة الديداكتيكية‪ ،‬وما سيكون موضوع محاسبة أمام األخر‪.‬‬

‫الدرايات‪ :‬هي المعرفة التي يكتسبها المتعلم والتي يستخدمها لحل الوضعيات‬

‫التعاقد البيداغوجي‬

‫إجراء بيداغوجي مقتبس من ميدان التشريع والصناعة‪ ،‬يقوم في إطار العمل التربوي على اتفاق تعاقدي بين طرفين هما‬
‫المدرس والتلميذ‪ .‬وينبني هذا االتفاق على مفاوضة بينهما حول متطلبات المتعلم‪ ،‬وأهداف التعليم‪ ،‬وواجبات كل طرف‬
‫وحقوقه‪ ،‬وأهداف ومرامي عملية التعليم والتكوين (مياالري)‪.‬‬

‫ما الفرق بين العقد التعليمي والعقد البيداغوجي؟‬

‫يتعلق العقد البيداغوجي بتنظيم عادات الفصل والعمل بينما يتعلق العقد التعليمي ببناء المعرفة ونقلها‪ .‬يتكون العقد التعليمي‬
‫من جميع قواعد الحياة المعمول بها في الفصل الدراسي‪.‬‬

‫كلمة "تعليمية" تأتي من الكلمة اليونانية القديمة"( ‪ didaktikόs‬موهوب للتعليم")‪ ،‬المستمدة من الفعل ‪didáschein‬‬
‫"(يعلم"‪" ،‬يرشد")‪ .‬التعليم هو دراسة األسئلة التي يطرحها التدريس واكتساب المعرفة في التخصصات المدرسية المختلفة‪.‬‬
‫تختلف الديداكتيك عن البيداغوجيا من خالل الدور المركزي للمحتوى الخاص بالحقل المعرفي وببعده االيبستمولوجي‬
‫(طبيعة المعرفة التي سيتم تدريسها)‪.‬‬

‫العقد التعليمي أو الديداكتيكي هو عقد يتم نسجه بين المعلم والتالميذ فيما يتعلق بالمعرفة من خالل آليات ضمنية‪ .‬يحدد هذا‬
‫العقد أدوار وأماكن ووظائف كل طرف‪ .‬فهو يحدد األنشطة المتوقعة من كل من المعلم والطالب‪ ،‬وأماكن كل منهم فيما‬
‫يتعلق بالمعرفة المغطاة وحتى الظروف العامة التي ستتطور فيها هذه العالقات بالمعرفة أثناء التدريس‪ . .‬يعمل العقد‬
‫التعليمي كعامل توازن بين المعلم والمعرفة والطالب‪.‬‬

‫العقد التعليمي هو نتيجة التفاوض على العالقات التي تم إنشاؤها صراحة و‪/‬أو ضم ًنا بين طالب أو مجموعة من الطالب‬
‫وبيئة معينة ونظام تعليمي‪ ،‬بهدف إكساب الطالب المعرفة المناسبة التي تم تشكيلها أو الموجودة فيها‪.‬‬

‫يتعلق العقد البيداغوجي بتنظيم عادات الفصل والعمل بينما يتعلق العقد التعليمي ببناء المعرفة ونقلها‪ .‬يتكون العقد التعليمي‬
‫من جميع قواعد الحياة المعمول بها في الفصل الدراسي‪ .‬ال ترتبط طبيعة هذا العقد باالختصاص او المادة الذي يتم تدريسه‪.‬‬

‫العائق االبستمولوجي‬
‫العائق اإلبستمولوجي هو مفهوم اخترعه الفيلسوف جاستون باشالر في كتابه تكوين العقل العلمي عام ‪. 1938‬‬

‫ويعرف باشالر فئة العوائق المعرفية بأنها عائق أمام إنتاج المعرفة العلمية حيث يقول" إن المعرفة السابقة هي التي تبطئ‬
‫ّ‬
‫ظهور المعرفة الجديدة"‪.‬‬

‫هي المعرفة التي تبدو صحيحة والتي تعارض بناء المعرفة من خالل منع دمج نموذج تفسيري جديد‬

‫هو عائق يتوافق مع تصور خاطئ أو غير مكتمل يمنع المتعلم من التقدم في بناء المعرفة‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫األستاد هادف‬

‫إنها "هياكل وطرق التفكير التي توفر المقاومة في التعليم والتعلم"‬

‫عوائق التعلم‬

‫عوائق التعلم هي عقبات تحول دون اكتساب معرفة جديدة لدى المتعلم وهي ثالثة أنواع‪ ،‬عوائق نفسية متعلقة بالجانب‬
‫السيكولوجي للمتعلم‪ ،‬وعوائق تعليمية متعلقة بالجانب البيداغوجي للمعلم‪ ،‬وعوائق ابستمولوجية متعلقة بجانب المعرفة وهي‬
‫معارف وتصورات سابقة خاطئة في ذهن التل ميذ‪ ،‬ولمواجهة هذه العوائق البد من إتباع مجموعة من االستراتيجيات ‪..‬‬

‫في هذا اإلطار‪ ،‬يُنظر إلى الفكر على أنه يتم بناؤه عن طريق القطيعة مع المفاهيم السابقة‪ .‬يتم بعد ذلك تنظيم عملية التعلم‬
‫والتدريس حول التغلب على العقبات من خالل االنفصال عن المعرفة السابقة‪.‬‬

‫العوائق الجينية ‪ ontogenetique‬أو العوائق النفسية‪ :‬المرتبطة بالتطور النفسي للتلميد‪( .‬مرتبط بالخصائص المعرفية‬
‫للتلميد(‬

‫العوائق التعليمية‪ :‬ترتبط بأجهزة ونماذج التدريس وترتبط بالتحويل التعليمي أو الديدكتيكي‪ :‬وهي عقبة يمكن تجنبها دون‬
‫أن يكون لها أي أثر على بناء المعرفة‪ ،‬والتي يمكن أن تختفي من خالل العمل على مواقف تدريسية ‪.‬‬

‫المعوقات المعرفية‪ :‬المرتبطة بالتطور التاريخي للمفهوم و خصوصية المادة المدرسة‪.‬‬

‫المثلث البيداغوجي‬

‫"يمكن حسب (جان هوساي) تحديد الوضعية البيداغوجية بوصفها مثلثا تتكون من ثالثة عناصر أو ثالثة أقطاب و هي ‪:‬‬
‫المعرفة والمدرس والتالميذ"‬

‫وتقتضي معالجة قضايا التعليم والتعلم من منظور ديداكتيكي‪ ،‬أي تحديد العالقة البيداغوجية بين األقطاب الثالثة المذكورة‪.‬‬
‫كما تتحدّد طبيعة الفعل البيداغوجي من خالل نوعية العالقات القائمة بين هذه العناصر الثالثة‪ . ،‬وعلى أساس المكانة التي‬
‫يحتلها كل عنصر من هذه العناصر في العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬يمكن التمييز بين بيداغوجيا متمركزة حول المعرفة‪،‬‬
‫وأخرى متمركزة حول األستاذ‪ ،‬وثالثة متمركزة حول التلميذ كما هو الحال في البيداغوجيا الحديثة‪.‬‬

‫تطور التفكير في عالقة التلميذ بالمعرفة‪ ،‬بسبب تصور البيداغوجيا التقليدية السلبي للتالميذ باعتبارهم مجرد ذوات‬ ‫لقد ّ‬
‫محايدة قابلة للشحن بالمعلومات‪ .‬وفي مقابل ذلك‪ ،‬انطلقت الديداكتيك من كون التالميذ ليسوا علبا ً فارغة‪ ،‬بل إنّهم يشاركون‬
‫في بناء تعلمهم على أساس معارفهم المكتسبة من قبل‪ ،‬داخل وخارج المؤسسة المدرسية‪.‬‬

‫الهدف – عقبة أو الهدف حاجز‬

‫إنه بناء للتعلم حول هدف يسمح اكتسابه من طرف المتعلم و العبور الى مستوى من التقدم عن طريق تعديل نظام‬
‫تمثالته ‪ .‬تم توظيف مفهوم العائق الموضوعي بواسطة جان – لويس مارتناند ‪ J.L Martinand‬في أطروحته للدكتوراه‬
‫(‪ .)1982‬لقد حاول مارتناند أن يجمع بين مفهومين متناقضين ‪ :‬العوائق واألهداف‪ .‬وفي معرض حديثه عن هذا االقتران‪،‬‬
‫يقول مارتناند‪“ :‬محاولة للجمع بين تيارين‪ ،‬تيار التربويين الذين يسعون‪ ،‬من خالل األهداف‪ ،‬إلى جعل اإلجراءات التعليمية‬
‫أكثر فعالية‪ ،‬وتيار علماء المعرفة المهتمين بالصعوبات التي يواجهها التفكير العلمي « و كان باشالر هو من قدم فكرة‬
‫العائق ‪.‬‬

‫و يرى ‪ Duroux‬دورو‬

‫العائق هي معرفة أو تصور وليس صعوبة أو نقص المعرفة‪.‬‬

‫تنتج هذه المعرفة استجابات مناسبة في سياق معين‪ ،‬يتم مواجهته بشكل متكرر و لكنها تولد إجابات خاطئة خارج هذا‬
‫السياق‪ .‬تتطلب اإلجابة الصحيحة والعالمية وجهة نظر مختلفة تما ًما‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫األستاد هادف‬

‫يمكن تعريف العائق بأنه كل ما يعيق عملية التعلم أو يضلل المتعلم‪ .‬لذلك هناك عائق عندما تتعارض "المفاهيم الجديدة"‬
‫التي سيتم تبنيها مع "المفاهيم السابقة" للطالب‪.‬‬

‫في إطار تكوين المعلمين‪ ،‬فإن إدخال مفهوم الهدف عائق يعني تغيير وجهة النظر حول أخطاء الطالب‪ ،‬و اعتبار‬
‫العوائق كنقاط دعم في خلق المواقف التعليمية‪.‬‬

‫العوائق الجينية كما يسميها بياجي أو العوائق النفسية‪ :‬المرتبطة بالتطور النفسي النمائي للطالب‪( .‬مرتبط بالخصائص‬
‫المعرفية للتلميذ (‬

‫العوائق التعليمية‪ :‬ترتبط بطرق أو نماذج التدريس وترتبط بالتحويل التعليمي‪.‬‬

‫المعوقات المعرفية‪ :‬المرتبطة بالتطور التاريخي للمفهوم أو بطبيعة المادة المدرسة‪.‬‬

‫بعض كبار مفكري التربية‬


‫عا‬
‫في البداية كان الفالسفة كانط ‪ ،‬أرسطو ‪ ،‬سقراط ‪ ،‬أفالطون (قصة الكهف ‪ ،‬مايوتيك) هم الذين جعلوا التعليم موضو ً‬
‫للفكر ‪.‬‬
‫‪- 1‬سقراط و افالطون‬

‫بالنسبة ألفالطون وأرسطو ‪ ،‬تهدف كل التربية إلى تحقيق االنسجام بين الجسد وروح الفرد‪ .‬يتحقق هذا التوازن تحت‬
‫سلطة العقل‪ .‬إنها مسألة إخراج الطفل من عنفه الفردي الغير مالئم اجتماعيًا‪ ،‬لضبط النفس الذي بدونه ال يستطيع أن يطور‬
‫حياة اجتماعية‪ .‬إنها عملية التنشئة االجتماعية التي تديرها الدولة‪ .‬سقراط مدرس لم يكتب شيئًا ‪ ،‬لكننا نعلم أنه طور (‪-470‬‬
‫‪ 399‬قبل الميالد) طريقة تدريس‪ :‬فن الوالدة‪ . Maieutics‬فهده المقاربة تكون اساس الفلسفة السقراطية‪ .‬و تعني‬
‫توليد العقول من خالل التساؤل يتمكن عقل الفرد من الوصول الي الحقيقة الموجودة داخل نفسه‪ .‬يؤكد سقراط كفيلسوف‬

‫‪29‬‬
‫األستاد هادف‬

‫أن كل شخص يحمل المعرفة بداخله دون أن يدرك ذلك‪ .‬االستجواب يهدف إلى استعادة الذكريات ‪ ،‬هذه هي نظرية‬
‫الذكريات الشهيرة‪ .‬هذا بالطبع يعتمد على أطروحة خلود الروح‪ .‬بما أن الروح خالدة ‪ ،‬فهي تمتلك بالفعل كل المعرفة‪.‬‬

‫يري سقراط في هذا الفن أفضل طريقة ليكتشف التلميذ عن الكينونة الحقيقية الموجودة فيه‪ .‬أصبحت ‪ Maieutics‬اآلن‬
‫أسلوبًا تعليميًا يشجع المتعلم على تعبئة المعرفة التي تم تدريسها سابقًا والتمثالت الشخصية والتفكير في شكل حوار‪ :‬يطلق‬
‫عليه دورة الحوار ‪ ،‬وهي شائعة جدًا حتى الى يومنا هدا في المؤسسات التعليمية ‪ .‬وهكذا يقوم المعلم بإنشاء إجابات في‬
‫أذهان التالميذ من خالل طرح األسئلة بمهارة‪ .‬يناقش القدماء أيضًا "نوع الرجل" الذي يريد المرء تعليمه ‪ ،‬وطرق التعلم‬
‫(أفالطون ‪ ،‬لو مينون)‪" :‬كيف يمكن للمرء أن يفعل او يعرف ما ال يعرف وكيف يفعله ‪ ،‬على وجه التحديد أن يتعلم كيف‬
‫يفعل؟ في العصور الوسطى ‪ ،‬لم يعد هذا النوع من األسئلة يطرح نفسه‪ .‬يتأثر العصر بالمسيحية التي تملي أن التعلم هو في‬
‫النهاية ايجاد هللا في داخلنا‪ .‬تبين أن تعليم القرون الوسطى ممارسة بدون نظرية‪ .‬يتم تطوير التدريس البارع واللفظي حيث‬
‫يتم االحتفاظ بالتعلم قبل كل شيء بعد التعلم عن ظهر قلب‪ .‬تعتبر هذه التربية "عقمة" و "جامدة" نسبيًا ‪ ،‬فهي تشير إلى‬
‫المدرسة التي تدعو إلى التعلم القائم على الحفظ اآللي للمعرفة المحدودة والخضوع لسلطة ااالساتدة والعلماء والكتاب‬
‫المقدس‪.‬‬

‫‪ 2‬ابن رشد‪،‬‬
‫ولد ابن رشد عام ‪ 1126‬في قرطبة‪ ،‬وتدرب في العلوم الدينية واألدبية في عصره‪ ،‬لكنه وسع نطاق تكوينه من خالل‬
‫دراسة ما يسمى بالتخصصات العلمانية‪ .‬قادته دراسته وتعليقاته على أعمال أرسطو إلى تصميم مشروع علمي وتعليمي مهم‬
‫في ذلك الوقت‪ ،‬يقوم على مبدأين‪ :‬المعايير واألساليب العلمية كأساس للعلم؛ طرق تعليم وتعلم المعرفة‪ .‬ولذلك يوصي بعدم‬
‫اتباع التعاليم التقليدية الموصى بها في األندلس حرفيًا‪ ،‬والتي تتطلب حفظ المبادئ الالهوتية عن ظهر قلب‪ ،‬والتخلص من‬
‫األفكار المسبقة التي تشكل عائ ًقا أمام ظهور اليقين‪ .‬بل على العكس من ذلك‪ ،‬ال بد من التكيف مع مستوى الطالب وتدريس‬
‫التخصصات بترتيب معين‪ .‬رغم ان هده االفكار لم تنل قبول في بيئته ولكنها فتحت الطريق أمام القيم العلمانية الغربية‬
‫وطرق التدريس الحديثة‪.‬‬

‫‪ 3‬ابن خلدون‬
‫ولد ابن خلدون عام ‪ ،1332‬وقام بالتدريس في العواصم الفكرية الكبرى في عصره وشهد انهيار العالم السياسي الذي‬
‫عاش فيه‪ ،‬وال سيما مع خسارة األندلس‪ .‬ولذلك أراد تصميم مشروع اجتماعي يوضح أهمية العلم والتعليم في الحياة‬
‫االجتماعية‪ .‬ولذلك فهو يقوم بتصنيف العلوم‪ ،‬ويفرق فيه بين العلوم التقليدية المنقولة إلينا والتي تضمن استقرار القوى‬
‫السياسية‪ ،‬وبين العلوم العقالنية التي يصل إليها اإلنسان المتمتع بالعقل بفضل قواه الطبيعية وحدها‪ .‬لقد أحدث ثورة في‬
‫التعليم من خالل الدعوة إلى التدريس الذي يتبع نظا ًما تربويًا يقوم على االنتفال من األبسط إلى األكثر تعقيدًا‪ ،‬واالختيار‬
‫الحكيم للكتب المدرسية‪ ،‬وإتقان اللغة بشكل جيد للتحدث بشكل جيد‪ ،‬و القدرة على والمجادلة واإلقناع‪ ،‬ورفض العقاب‬
‫الجسدي السلوك العدواني‪ .‬إن أفكار ابن خلدون التي تعتبر سابقة لعصرها‪ ،‬وجدت صعوبة في اختراق عالم التعليم‬
‫التقليدي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬أظهر المحللون الالحقون مدى قرب بعض مساهماته من مساهمات اإلصالح اإليطالي‪ ،‬مثل مونتين‪،‬‬
‫ومونتسكيو‪ ،‬وكونت‪ ،‬وباشالر‪ ،‬وبياجيه‪ ،‬وشفاالر‪.‬‬

‫‪ 4‬جون جاك روسو‬


‫في النصف الثاني من القرن الثامن عشر‪ ،‬أصبحت التربية مركز اهتمام و تفكير من طرف الفالسفة و العلماء‪ .‬وقد ساهم‬
‫في ذلك جان جاك روسو بنشر عمله المهم "إميل" أو "في التعليم"‬

‫روسو هو من فالسفة عصر التنوير‪ ،‬القرن الثامن عشر قدم كتاب بعنوان ‪ Émile‬أو ‪ On Education‬عبارة عن‬
‫أطروحة تعليمية حول "فن تدريب الرجال"‪ ،‬نُشرت عام ‪ ... .1762‬وال تزال حتى اليوم واحدة من أكثر األعمال قراءةً‬
‫وشعبيةً واألكثر شعبية حول هذا الموضوع ‪ .‬تصف الكتب األربعة األولى التعليم المثالي لصبي صغير خيالي‪ ،‬إميل‪ ،‬وهي‬
‫مرتبة ترتيبًا زمنيًا‪ ،‬وتتناول‪ ،‬خطوة بخطوة‪ ،‬القضايا التعليمية التي تظهر عندما يكبر ‪ .‬يتناول الكتاب األخير "التعليم"‪ ،‬أو‬
‫باألحرى عدم تعليم الفتيات استنادا إلى مثال خيالي آخر‪ :‬صوفي‪ ،‬نشأت وتعلمت لتكون زوجة إميل‪ .‬يعارض روسو تعليم‬

‫‪30‬‬
‫األستاد هادف‬

‫متحيزا للغاية بشأن دور المرأة في المجتمع‪ ،‬مثل دورها في األسرة ‪ « .‬لقد ولدنا ضعفاء‪،‬‬‫ً‬ ‫الفتيات الصغيرات ويتبنى موق ًفا‬
‫ونحتاج إلى القوة؛ لقد ولدنا محرومين من كل شيء‪ ،‬ونحتاج إلى المساعدة؛ لقد ولدنا أغبياء‪ ،‬ونحتاج إلى الحكم‪ .‬كل ما ال‬
‫نملكه عند الوالدة‪ ،‬وما نحتاجه عندما نكبر‪ ،‬يُمنح لنا من خالل التربية» ‪.‬‬

‫تم تقديم العمل أو الكتاب في شكل خيالي ومقسم إلى خمسة أجزاء ‪ ،‬ويعرض المراحل المتعاقبة للتطور التدريجي للصبي‪،‬‬
‫إميل‪ ،‬وتعليمه‪ ،‬من الوالدة إلى البلوغ والزواج‪ ،‬تحت إشراف الحاكم (المعلم) الذي وظيفته الحصرية هي الحرص على‬
‫تربيته بطريقة سليمة ‪ ،‬حتى اللحظة "التي يصبح رجالً بال ًغا‪ ،‬لن يحتاج بعد إلى أي مرشد آخر غير نفسه ‪.‬‬

‫في الواقع أن كتاب "إميل" أو "في التعليم"‪ ،‬الذي نُشر عام ‪ ،1762‬هو‪ ،‬في رأي المؤلف نفسه‪" ،‬ليس أطروحة عن‬
‫التربية بقدر ما هو تصور أو رؤية حول التعليم‪".‬‬

‫نقدم أفكاره في بعض العناصر التي قد تكون مفيدة لنا اليوم‪.‬‬

‫تتمحور فلسفة روسو السياسية حول فكرة أن اإلنسان صالح بطبيعته وأن المجتمع يفسده‪.‬‬

‫بالنسبة لروسو‪ ،‬هناك في الواقع ثالثة أنواع من التعليم‪ :‬تلك التي تأتي من الطبيعة ("التطور الداخلي لقدراتنا وأعضائنا")‪،‬‬
‫وتلك التي تأتي من البشر‪ ،‬وتلك التي تأتي من األشياء "المعرفة المكتسبة من تجربتنا على األشياء‪". .‬‬

‫يقترح روسو طريقة أصلية للتعليم‪ :‬التعليم السلبي‪ .‬إنها تربية بطبيعتها‪ ،‬تربية ترفض اآلراء واألخالق؛ تعليم ال يقوم على‬
‫المعرفة التقريرية‪ ،‬ألن التعلم يجب أن يأتي من تجربة األشياء وليس من المعرفة من خالل الكلمات‪ .‬وبالتالي فإن التعليم‬
‫السلبي يسمح للطبيعة بالتصرف‪ .‬يتعلم الطفل من خالل تجربته الخاصة لألشياء‪.‬‬

‫احترام خصوصية الطفل‬

‫حسب المختصون في التربية يعتبر روسو هو الدي ادخل مفهوم الطفولة في مجال التربية و لهدا يرى بأنه‬

‫مصغرا‪ ،‬إد يقول‪:‬‬


‫ً‬ ‫من المهم جدا احترام خصوصية الطفل الذي ليس هو بالغًا‬

‫"للطفولة طرقها الخاصة في الرؤية والشعور والتفكير‪ ".‬يجب أن نتعلم أن نضع أنفسنا مكانهم‪" :‬نحن ال ندخل في أفكارهم‪،‬‬
‫بل نقرضهم أفكارنا» ‪ .‬يجب علينا أيضًا أن نأخذ في االعتبار خصوصية كل طفل‪“ :‬لكل عقل شكله الخاص الذي يجب أن‬
‫يُحكم وفقًا له ‪.‬‬

‫ومن المناسب احترام المراحل التي تمر بها الطبيعة دون خوف من إضاعة الوقت‪" :‬السماح للطفولة بأن تنضج في الطفل"‬
‫لذلك طور روسو تربية نشطة‪ ،‬أي تربية يشارك فيها الطفل بشكل كامل في عملية التعلم‪ .‬تعتبر طريقة التدريس هذه ملموسة‬
‫أيضًا ألنها تستخدم المالحظة‪ .‬كما أنها نفعية في األساس‪ .‬وبهذا المعنى فهو يهيئ للحياة بين أفراد المجتمع‪ .‬تركز‬
‫بيداغوجية روسو أيضًا على التجريب وليس على الدراسة الكتابية أو المحاضرات ‪.‬‬

‫بعض المبادئ التربوية عند روسو‪:‬‬

‫‪ - 1‬دع الطفل يجري تجاربه ويكملها حتى النهاية ويجد الحل بمفرده‪.‬‬

‫‪ 2‬ال تقدم له المساعدة إال عندما يطلبها ‪.‬‬

‫‪3‬ـ وضعه في مواقف يواجه فيها البيئة التي تجبره على تعلم شيء يلبي حاجة ما‪" .‬ال تمنحه شيئًا ألنه يطلبه‪ ،‬بل ألنه‬
‫يحتاج إليه» ‪.‬‬

‫‪- 4‬ـ يجب أن يكون التعليم مبنيا ً على مالحظة الطفل‪ ،‬ومرتبطا ً بنظرية عامة في الطبيعة اإلنسانية؛‬

‫‪ - 5‬هناك طبيعة خاصة بالنفس الطفولية؛‬

‫‪31‬‬
‫األستاد هادف‬

‫‪ - 6‬من الضروري التمييز بين المراحل المتعاقبة للتطور الطبيعي؛‬

‫‪7‬التعليم باألشياء يجب أن يتقدم على التعليم بالكلمات‪ ،‬وبالتالي يجب تفضيل األساليب التي تركز على الحواس والحدسية‬
‫والفعالة؛‬

‫‪ - 8‬ال يكون التعلم فعاال إال بقدر ما يحفز دوافع الطفل؛‬

‫‪Celestin Freinet‬‬ ‫فرينيت‬

‫طا وتشاركيًا يتمحور حول الطفل وهي تدعو إلى سياق تعليمي حيث يمكن‬ ‫تعتبر أساليب تدريس ‪ Freinet‬نه ًجا تعليميًا نش ً‬
‫لكل طفل التعبير عن نفسه‪ ،‬وتحمل المسؤولية‪ ،‬والتعاون‪ ،‬والتجربة‪ ،‬واالنفتاح على العالم ‪.‬بواسطة طريقة تدريس‬
‫‪ ،Freinet‬يتعلم الطالب من خالل التجريب وليس من خالل إعادة إنتاج ما يتم تدريسه له‪ .‬إنه يطرح فرضياته الخاصة‪،‬‬
‫ويقوم باكتشافاته الخاصة‪ ،‬ويبني معرفته الخاصة‪.‬‬

‫فإدا كانت الطريقة التقليدية تركز على نقل المعرفة‪ ،‬تضع أساليب تدريس فرينيت الطالب في قلب المشروع التعليمي‪.‬‬
‫ً‬
‫ومسؤوال ومنفت ًحا على العالم‪.‬‬ ‫ويأخذ في االعتبار البعد االجتماعي للطفل‪ ،‬الذي يكرس نفسه ليصبح كائنًا مستقالً‬

‫والخطأ‬ ‫التجربة‬

‫" يقول فريني ‪ :‬بالمشي يتعلم الطفل المشي‪ ،‬وبالكالم يتعلم الكالم‪ ،‬وبالرسم يتعلم الرسم‪.‬‬

‫مع بيداغوجيا فرينيت يتعلم الطالب من خالل التجربة وليس من خالل إعادة إنتاج ما يدرس له‪ .‬إنه يطرح فرضياته‬
‫الخاصة‪ ،‬ويقوم باكتشافاته الخاصة‪ ،‬ويبني معرفته الخاصة‪ .‬إذا كان هناك فشل‪ ،‬فإنه يصبح تعليميًا‪ ،‬والنجاحات تعزز الثقة‬
‫بالنفس و قدرة الفرد على التقدم بمفرده‪.‬‬

‫احترام وتيرة التعلم الفردية‬

‫صا لوتيرة التعلم لكل طالب‪ .‬إذا قام المعلم أوالً بوضع خريطة طريق جماعية‬ ‫تولي بيداغوجية ‪ Freinet‬اهتما ًما خا ً‬
‫لألسبوع مع الفصل‪ ،‬فسيحدد كل طالب المهام واألنشطة التي سينجزها بشكل فردي‪ ،‬وفقًا لقدراته وأهدافه‪ .‬إنه يتقدم بوتيرته‬
‫الخاصة‪.‬‬

‫تشجيع االستقاللية‬

‫من خالل تطوير جدولهم األسبوعي‪ ،‬يتولى الطالب بشكل طبيعي المسؤولية ويطورون استقالليتهم ويتحملون المسؤولية‪.‬‬
‫تشجع هذه المرونة األكبر على العمل أكثر‪ ،‬مع عدم احتساب األطفال لساعاتهم إلكمال العمل الذي يحبونه‪ .‬وفي الوقت‬
‫نفسه‪ ،‬يقوم المعلم بوضع جداول زمنية للتأكد من أن جميع نقاط البرنامج المدرسي قد تم العمل عليها‪ .‬وفي اتجاه االستقاللية‪،‬‬
‫تسمح ملفات العمل ذات التصحيح الذاتي‪ ،‬والتي تم إنشاؤها في مواضيع مختلفة‪ ،‬للطالب بتقييم بتصحيح أنفسهم‪.‬‬

‫التعاون بين األقران‬

‫التعاون هو جوهر بيداغوجية ‪ Freinet‬وبالتالي يتم تشجيع العمل الجماعي‪ ،‬مهما كانت التخصصات‪ .‬والفوائد عديدة‪:‬‬
‫تطوير الحوار‪ ،‬والقدرة التنظيمية‪ ،‬والشعور باالحترام والتضامن‪ ،‬واالستقاللية والمساءلة‪ .‬يمكن للطالب تشكيل مجموعات‬
‫العمل الخاصة بهم بحرية‪ .‬يمكن أن يضمن التدريس أيضًا أن تكون المجموعات غير متجانسة بما يكفي إلعطاء مساحة‬
‫للتعلم من األقران‪.‬‬

‫التنظيم التعاوني للفصل‬

‫بشكل عام‪ ،‬يتم تنظيم الفصل بشكل تعاوني‪ .‬تسمح المقابالت الصباحية واألوقات العديدة للمناقشة الجماعية بتطوير قواعد‬
‫الحياة المشتركة وتنظيم النزاعات وتنفيذ المشاريع والمشاركة في العمل المنجز‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫األستاد هادف‬

‫تعمل أنشطة التواصل هذه على تطوير مهارات االستماع والتحدث وبناء التفكير النقدي‪.‬‬

‫دورالمعلم‬

‫رمزا لذلك اختفاء المنصة في‬‫ً‬ ‫في منتصف القرن العشرين‪ ،‬عندما جرب سيليستين فرينيت طرق تدريسه البديلة‪ ،‬كان‬
‫الفصل الدراسي‪ .‬يجب على المعلم أال يهيمن على الفصل‪ ،‬بل أن يضع نفسه في مستواه‪ .‬لم تعد السلطة تعتبر ضرورية لنقل‬
‫المعرفة ولم يعد التدريس يعتمد على عالقة هرمية‪ .‬المعلم موجود لدعم األطفال وتزويدهم بالوسائل الالزمة لبناء المعرفة‬
‫الشخصية‪ .‬يمكنه حتى تفويض بعض مسؤولياته للطالب‪.‬‬

‫حرية التعبير‬

‫الرسم أو الطلي أو النصوص أو التعبير الشفهي أو الجسدي‪ ...‬فاألمر ال يتعلق بفرض موضوع أو نموذج على الطفل‪.‬‬
‫لإلنتاج‪ ،‬سيعتمد على موارده اإلبداعية الخاصة‪ ،‬ويختار المواضيع والعواطف التي يرغب في التعبير عنها‪ .‬يعد إنشاء‬
‫صحيفة مدرسية أداة رائعة لحرية التعبير‪ ،‬تما ًما مثل المراسالت المدرسية‪ .‬العروض التقديمية والمؤتمرات‪ ،‬التي يتم اختيار‬
‫موضوعاتها من قبل الطالب‪ ،‬تجد أيضًا مكانها في أساليب تدريس‪Freinet.‬‬

‫التقييم التكويني‬

‫اعترض سيليستين فرينيت على مبدأ التقييم النهائي واالمتحانات الذي بدا أنه الهدف الوحيد للتعليم‪ .‬يجب أن يكون التقييم‬
‫تعليميًا ويعزز تقدم الط‬

‫مبادئ مدرسة فريني‪:‬‬

‫‪ -‬دعا إلى تجهيز المدرسة بالمطبعة من أجل تمكين التالميذ من إعداد العروض بأنفسهم‪.‬‬

‫‪-‬أحدث جريدة المدرسة التي يتم عبرها نشر أعمال التالميذ‪.‬‬

‫‪-‬إلغاء المنصة التي يعلوها األستاذ ليعلم أو يستمع للتالميذ‪.‬‬

‫‪-‬اعتماد برنامج سنوي موزع بين التالميذ بحيث يحضر كل منهم جانبا منه ويلقيه أمام رفاقه‪.‬‬

‫‪-‬اقتصار المدرس على تنظيم العمل وتيسيره ومساعدة التالميذ‪.‬‬

‫‪ -‬إلغاء التدريس والتركيز على التعامل مع األشياء ذاتها اعتمادا على المالحظة المباشرة والتجربة‪.‬‬

‫‪-‬توفير الحرية للمتعلمين إلبدا ء أرائهم واالتصال برفاقهم ومناقشتهم وتصحيح متبادل لألخطاء‪.‬‬

‫‪ -‬اعتماد المراسلة بين المدارس كي يستطيع التالميذ االتصال مع أقرانهم لتوسيع آفاقهم الفكرية‪.‬‬

‫ماريا مونتيسوري ‪Maria Montessori‬‬


‫فلمدة ‪ 50‬عا ًما‪ ،‬قامت ماريا مونتيسوري‪ ،‬وهي طبيبة إيطالية بدراسة األطفال في بيئات محرومة اجتماعيًا وثقافيًا‪ ،‬بتطبيق‬
‫طريقة مونتيسوري‪ ،‬وهي طريقة تعليمية تعتمد على مبادئ علمية وفلسفية وتعليمية‪.‬‬

‫تؤكد مونتيسوري "العديد من المشاكل التي تعتبر طبية هي في الواقع تعليمية " "أدوات مكيفة تأخذ في االعتبار حاجة‬
‫الطفل للنشاط " "ساعدني على القيام بكل شيء بمفردي » ‪ ".‬االنتباه‪ ،‬الدقة واإلحكام‪ ،‬الصمت‪ ،‬المساعدة المتبادلة‪ ،‬احترام‬
‫عمل اآلخرين‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫األستاد هادف‬

‫يركز أسلوب مونتيسوري على توجيه األطفال نفسيا ً ‪ ،‬بدالً من االكتفاء بتزويدهم بمجموعة من األدوات‪ .‬بدالً من تزويد‬
‫األطفال بمجموعة من األدوات الستخ دامها‪ ،‬يركز أسلوب مونتيسوري على توجيههم الستخدام األدوات المناسبة لنموهم‬
‫بشكل صحيح‪.‬‬

‫تعد طرق تدريس مونتيسوري طريقة تعليمية بديلة توفر للطفل حرية التعلم‪ .‬يختار أنشطته بمفرده لتطوير قدراته‬
‫المعرفية ومهاراته الحركية من خالل االستقاللية والتجريب‪.‬‬

‫في مدرسة مونتيسوري‪ ،‬يتمتع الطفل بحرية اختيار النشاط الذي يحبه وتخصيص الكثير من الوقت له كما يريد‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن‬
‫اكتساب المعرفة يحدث تدريجيًا‪ ،‬وبمجرد إتقان مجال ما بشكل جيد‪ ،‬يمكن للطفل االنتقال إلى شيء آخر‪.‬‬

‫ما هي االختالفات بين طريقة مونتيسوري و فريني؟‬

‫طريقة مونتيسوري هي طريقة تدريس بديلة رائعة أخرى تأسست في بداية القرن العشرين‪ .‬هناك العديد من النقاط المشتركة‬
‫ً‬
‫فاعال في تعلمهم‬ ‫بين فرينيت ومونتيسوري‪ :‬أساليب التدريس النشطة التي تهدف إلى تطوير االستقاللية‪ ،‬فهي تجعل الطفل‬
‫وتثير فضولهم‪ .‬ولكن لديهم أيضا اختالفا تهم‪ .‬مع مونتيسوري يبني الطفل معرفته من خالل اللعب‪ ،‬بينما يرى فرينيت‪ ،‬على‬
‫العكس من ذلك‪ ،‬أن العمل أمر طبيعي بالنسبة للطفل‪ ،‬فهو قادر على بناء خطة عمل شخصية‪ .‬كما رأينا‪ ،‬مع طريقة‬
‫‪ ، Freinet‬يتعلم الطالب بشكل خاص من خالل التعاون‪ ،‬فهم يغذون بعضهم البعض‪ .‬عند مونتيسوري‪ ،‬يكون التعلم فرديًا‬
‫ويتم باستخدام مواد محددة متاحة‪.‬‬

‫دوركايم ‪E.DURKHEIM‬‬

‫من الواضح أن مسألة التربية ‪ ،‬بالنسبة لدوركهايم‪ ،‬أمر بالغ األهمية‪ ،‬ألنها تقع على مفترق طرق لجميع المسائل الكبرى‬
‫التي يهدف "علم اجتماعه" إلى تسليط الضوء عليها‪ .‬ومن وجهة نظر النظرية االجتماعية العامة فهي الوساطة الحقيقية بين‬
‫الفرد والمجتمع و بالتالي فهو يعرف التربية كاآلتي‪:‬‬

‫» التربية هو الفعل الذي تمارسه األجيال الراشدة على أولئك الذين لم ينضجوا بعد للحياة االجتماعية‪ .‬والغرض منها هو‬
‫إثارة وتطوير عدد معين من الحاالت الجسدية والفكرية واألخالقية لدى الطفل التي يطلبها منه المجتمع السياسي ككل والبيئة‬
‫الخاصة التي يتجه إليها بشكل خاص» ‪ .‬فالتربية حسب دو ركايم هي أيضا ً وسيلة لضمان االستمرارية بين الجيل و‬
‫االخر ‪ .‬فهي تمثل فعل اجتماعي في حد ذاتها‪ ،‬فهي مسار أو سيرورة لنقل ما تفرضه األجيال البالغة على األطفال‪ ،‬من‬
‫خالل ممارسة الضغط المستمر عليهم‪ .‬فالطرق المختلفة في الرؤية والشعور والتصرف هي االخرى افعال االجتماعية ‪.‬‬
‫هكذا تشكل البيئة االجتماعية الطفل على صورتها من خالل اآلباء والمعلمين‪.‬‬

‫للتربية أهمية مركزية بالنسبة لدوركهايم‪ .‬إنها في المقام األول فعل اجتماعي من بين أخرىن‪ ،‬وعلى هذا النحو يمكن‬
‫وصفها علميًا وفقًا للمبادئ المنصوص عليها في القواعد‪ .‬كما أن التربية هي وسيلة ضمان االستمرارية من جيل إلى جيل ‪.‬‬
‫وهي فعل اجتماعي في حد ذاتها‪ ،‬إنها المسار الذي تفرض به األجيال البالغة على األطفال‪ ،‬من خالل ممارسة الضغط‬
‫المستمر عليهم‪ ،‬الطرق المختلفة للرؤية االشياء والشعور والتصرف التي هي افعال اجتماعية األخرى‪ .‬هكذا تشكل البيئة‬
‫االجتماعية الطفل على صورتها من خالل اآلباء والمعلمين‪.‬‬

‫وعلى المستوى المنهجي‪ ،‬يؤدي هذا المنظور إلى رفض "الطبيعة اإلنسانية" كمبدأ لتفسير الحقائق و االفعال االجتماعية‪.‬‬
‫إن دوركهايم‪ ،‬كما نعلم‪ ،‬يرفض أي مقاربة نهائية ونفسية تفسر الظواهر االجتماعية من خالل أفكار األفراد واحتياجاتهم‪،‬‬
‫وتستمد الحياة الجماعية من الطبيعة اإلنسانية بشكل عام‪ .‬بالنسبة له ال يمكن تفسيره إال من خالل المقاربة االجتماعية‪:‬‬

‫بهذه الشروط يتصور إميل دوركهايم التربية كنوع من المثالية التي يجب تحقيقها‪ ،‬والقادرة على تحويل الطالب إلى كائن‬
‫اجتماعي‪ .‬ولتحقيق ذلك تشكل المدرسة مساحة مناسبة لفرض نفسها على األفراد والعمل على التأثير على شخصيتهم ‪.‬‬

‫تساهم المدرسة في التماسك االجتماعي من خالل نقل ثقافة ولغة مشتركة ‪ :‬تتيح المدرسة للجميع الحصول على مؤهل‬
‫يضمن لهم مكانًا في المجتمع من خالل عالم العمل‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫األستاد هادف‬

‫يرفض إميل دوركهايم رؤية أو مفهوم التربية التي قدمها الليبراليون‪ ،‬مثل جون ستيوارت ميل‪ ،‬الذين جعلوا التربية وسيلة‬
‫لتحقيق اإلنجاز الفردي‪ .‬تأثر دوركهايم بفكر جان جاك روسو‪ ،‬الذي يرى أن التربية تتطلب االعتراف بالفرد في تعلمه‬
‫على "األشياء" والتكيف مع البيئة‪.‬‬

‫يرى دوركهايم أن التربية تجعل الطفل على اتصال بمجتمع معين‪ .‬ال أحد يستطيع تعليم طفل بالطريقة التي يريدها‪ .‬معايير‬
‫المجتمع تفرض نفسها‪ .‬إن التربية التي ال تراعي األعراف االجتماعية تجعل الطفل غير قادر على االندماج‪.‬‬

‫بالنسبة لدوركهايم‪ ،‬أحد األدوار األساسية للمدرسة هو تعليم األخالق‪ .‬ووفقا له‪ ،‬تتكون األخالق من مجموعة من القواعد‬
‫المحددة التي تحدد سلوك الفرد بطريقة حتمية‪ .‬ويتطلب االنضباط من جانب الفرد لقبول هذه السلطة الخارجية‪ .‬ومن ثم‬
‫تتجاوز األفعال اإلنسانية المصالح الفردية لتستهدف المصالح الجماعية‪.‬‬

‫تعرف الطفل أوالً بالواجبات المختلفة ثم تنمي لديه الفضائل األخالقية‪ .‬يتعلم الطفل تدريجيا ً الحد من أذواقه‬
‫التربية األخالقية ّ‬
‫ورغباته واحترام القواعد‪ .‬يتعلم إدراك أهمية التنظيم االجتماعي ‪.‬‬

‫يطلب المجتمع قدرات فكرية معينة من الفرد‪ .‬بالنسبة لدوركهايم‪ ،‬فإن تدريس القواعد يجعل من الممكن اكتساب مفاهيم‬
‫الوضوح والدقة‪ ،‬وفي اللغات مفهوم المنطق‪ ،‬وفي الرياضيات مفهومي العدد والشكل‪ ،‬وفي الفيزياء مفهوم الواقع‪ ،‬وفي‬
‫درا على فهم‬
‫الجغرافيا مفاهيم المحلية‪ .‬البيئة والبيئة الكوكبية والتاريخ‪ :‬مفاهيم المدة والتقدم‪ .‬وبهذا األساس‪ ،‬يصبح الطفل قا ً‬
‫العالم من حوله‪ .‬ويجب أن تكون هذه المهارات الفكرية متناغمة مع الشخص األخالقي‪.‬‬

‫بالنسبة إلميل دوركهايم‪ ،‬التربية هي قبل كل شيء تربية اجتماعية‪ .‬هدفها دمج الطفل في المجتمع‪ .‬ويتم هذا التكامل من‬
‫خالل التربية األخالقية والفكرية‪.‬‬

‫بالنسبة لدوركهايم‪ ،‬ال تهدف هذه التربية إلى تشويه اإلنسان بجعله مجرد جزء من كل‪ ،‬بل على العكس من ذلك‪ ،‬مساعدته‬
‫على تحقيق ذاته‪.‬‬

‫إذا كان دوركهايم يستبعد أو يرفض أي فكرة مجردة عن الطبيعة البشرية كمبدأ لتفسير ما هو اجتماعي ‪ ،‬فذلك ألن البشر‬
‫في نظره مختلفون اال انهم نتاج المجتمع و يتأثرون به‪ .‬وبالتالي ال توجد طبيعة بشرية ثابتة وأبدية‪ .‬أو باألحرى‪ ،‬إن‬
‫وجدت‪ ،‬فهي تتميز بالمرونة والتنوع‪ . ،‬فاإلنسان بالنسبة لدوركهايم كائن مرن‪ ،‬و حتى إدا كانت سلوكاته ومعتقداته‬
‫وتمثالته‪ ،‬تقوم على ركائز عضوية ونفسية‪ ،‬فهي نتاج الظروف التاريخية التي يجد نفسه فيها‪ ،‬وللبيئة االجتماعية التي‬
‫صحيحا أن "الفرد يكتسب عند الوالدة أذواقًا‬
‫ً‬ ‫ينتمي إليها‪ .‬إن مرونة الطبيعة البشرية تتزايد دون انقطاع‪ .‬في الواقع‪ ،‬إذا كان‬
‫وقدرات تؤهله للقيام بوظائف معينة دون غيرها"‪ ،‬فإن نير الوراثة يضعف بمرور الوقت‪' .‬التربية‬

‫التربية هي عملية تسهيل التعلم أو اكتساب المعرفة والمهارات والقيم والمعتقدات والعادات لمجموعة من األشخاص الذين‬
‫ينقلونها إلى أشخاص آخرين‪ ،‬من خالل السرد أو المناقشة أو التدريس أو التكوين أو البحث‪.‬‬

‫بياجي ‪J. Piaget‬‬


‫أما عند ''بياجيه'' فالتربية تعني تكييف الفرد مع البيئة االجتماعية المحيطة به‪ ،‬وهذا ما تعمل عليه المناهج الجديدة‪ ،‬اذ‬
‫تسعى لتسيير هذا التكييف بتوظيف ميوالت الطفولة نفسها‪ .‬ان ''بياجيه'' كان يدعو الى تربية مختلفة عن ممارسات‬
‫المدرسة التقليدية التي كانت تعمل بنظام فرض العمل سواء رغب الطفل في أدائه أو لم يرغب‪ ،‬و يقول‪» :‬أسلوب اإلكراه‬
‫هو أسوأ أساليب في التربية ولذلك في مجال التربية تكون القدوة أجدى من اإلكراه«‪ ،‬وهنا ''بياجي ه'' يرفض رفضا قاطعا‬
‫ما كانت تذهب إليه المدرسة التقليدية التي تعتمد على طريقة تلقين المعلومات‪ ،‬فيقول‪» :‬الحقيقة هي التي نصل إليها الطفل‬
‫أو يعيد بنائها واكتشافها«‬

‫ان ''بياجيه'' يشجع وبقوة روح التجربة الحية التي يمكننا ان نتعلمها من المدرس‪ ،‬وانما من خالل التماسنا مع الواقع الحي‬
‫والتحقق من الفرضيات تجريبيا‪ ،‬من أجل تنمية وتكوين العقل التجريبي عند الطفل بدال من التلقين الجاف والتكرار‪ ،‬ولذلك‬
‫نجده يحدد فرضيات لنظريته البنائية في التعلم الذي يرى فيه عملية ذاتية تنشأ بين الفرد والعالم المحيط به‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫األستاد هادف‬

‫أثار اهتمام بياجيه هو بناء شخصية الطفل من خالل التنشئة االجتماعية التدريجية للعقل والعاطفة واألخالق‪ .‬وإذا كانت‬
‫العوامل المعرفية والعاطفية‪ ،‬بحسب بياجيه‪ ،‬ال يمكن فصلها‪ ،‬فإن ذلك يعني أن “التربية تشكل كالً”‪ ،‬أي أن أي فعل تربوي‬
‫له تداعيات فكرية وعاطفية وأخالقية في الوقت نفسه ‪ .‬التربية تتعلق إدن باكتساب المعرفة وبناء الذكاء‪ .‬ولهذا يوصي‬
‫طا‪ ،‬بمعنى ‪ ،Claparède‬والعمل الجماعي إلى حد أنه من خالل مواجهة‬ ‫بياجيه بالبحث الشخصي حيث يكون التلميد نشي ً‬
‫اليقينيات الفردية مع تلك الخاصة باألقران‪ ،‬فإنه يزعزع االستقرار ويسمح بصراع المراكز التشبث بالرأي‪.‬‬

‫نمو الطفل‪ :‬مساهمة بياجيه في مجال التربية‪.‬‬

‫إذا كان عمل جان بياجيه (‪ )1896-1980‬ال يبدو للوهلة األولى يمنح مكانة مركزية للمسائل التربوية‪ ،‬إال انه أثر بشكل‬
‫كبير على الخطابات و الممارسات التربوية مند عدة عقود‪ .‬فبالرغم من إنتاجه العلمي الغزير (‪ 523‬مقاالً و‪ 53‬كتابا‪ ،‬أي‬
‫أكثر من ‪ 20‬ألف صفحة منشورة )‪ ،‬إال أن المسائل التربوية تحتل مكانًا هامشيًا نسبيًا‪ :‬نجد كتابان فقط بقلمه مخصصان‬
‫للتربية (علم النفس والبيداغوجيا و إلى أين يتجه التربية؟ يُعرف جان بياجيه بال شك بأنه أحد أعظم علماء النفس التطور أو‬
‫النمو المعرفي في القرن العشرين‪. ( .‬‬

‫لكن يجب االشارة الى أن بياجيه كتب أيضًا الكثير عن التربية‪ ،‬حتى لو ظلت نصوصه حول هذا الموضوع غير معروفة‬
‫بشكل عام‪ .‬و يظهر هدا من خالل التزامه الشخصي في مجال التربية في إطار الوظائف التي مارسها أوال في معهد جان‬
‫جاك روسو‪ ،‬في عشرينيات القرن العشرين‪ ،‬ثم في المكتب الدولي للتعليم )‪ (IBE‬الذي كان يرأسه‪ .‬لمدة أربعين عا ًما تقريبًا‬
‫(‪.(1968-1929‬‬

‫كبيرا جدًا على الخطابات والممارسات التربوية‪ ،‬ليس خالل حياته فقط ‪ -‬خاصة في‬ ‫ً‬ ‫تأثيرا‬
‫ً‬ ‫مارس بياجيه كما قفلنا‬
‫عشرينيات وثالثينيات القرن العشرين‪ ،‬باعتباره مصدر إلهام و دعم لعلمي لحركة التربية الحديثة ‪ -‬فحسب بل بعد وفاته‬
‫نظرا للنجاح المستمر للبنائية و البنائية االجتماعية و تطبيقاتها في الساحة التربوية ) المقاربة بالكفاءات( ‪.‬‬
‫أيضا (‪ً ،)1980‬‬

‫نظرية تطور الذكاء و تأسيس النموذج البنائي للتعلم‬

‫نظرية الذكاء التي اقترحها بياجيه لها بعدان أساسيان‪ .‬يقدم في بعدها الهيكلي وصفًا دقي ًقا للغاية لمراحل النمو المعرفي‬
‫المختلفة لدى األطفال والمراهقين‪ ،‬بالترتيب‪ :‬مرحلة الذكاء الحسي الحركي (‪ 0-2‬سنة)‪ ،‬مرحلة العمليات الملموسة (الذكاء‬
‫قبل االعملي والعمليات الملموسة‪ :‬من ‪ 2‬إلى ‪ 12-11‬سنة)‪ ،‬ومرحلة العمليات المجردة (من ‪ 7-6‬سنوات إلى ‪12-11‬‬
‫سنة)‪ .‬و يقدم في بعدها الوظيفي آلية لتفسير االنتقال التدريجي من مرحلة إلى أخرى‪ :‬عملية االستيعاب‪/‬التكيف‪/‬التوازن‬
‫الشهيرة‪.‬‬

‫بالنظر إلى البعد األول‪ ،‬فإن نظرية المراحل ‪ -‬بما في ذلك وصفها التفصيلي وتسلسلها االمرحلي خالل الطفولة ‪ -‬قد‬
‫سا نظريًا وعلميًا لحركة التربية الحديثة التي شهدت اهتماما كبيرا منذ بداية القرن العشرين‪ ،‬من طرف‬ ‫وفرت بال شك أسا ً‬
‫الشخصيات األكثر شهرة‪ ،‬باإلضافة إلى زمالئه المباشرين‪ ،‬إدوارد كالباريد‪ ،‬بيير بوفيه‪ ،‬أدولف فيريير‪ ،‬وما إلى ذلك)‪،‬‬
‫سيليستين فرين يت‪ ،‬أوفيد ديكرولي‪ ،‬ماريا مونتيسوري‪ ،‬وفي الواليات المتحدة‪ ،‬جون ديوي‪ .‬وبشكل أكثر تحديدًا‪ ،‬أسست‬
‫مبدأين أساسيين لهذه الحركة‪ :‬من ناحية‪ ،‬الحاجة إلى تكييف المحتوى واألساليب التعليمية مع خصائص الطفل وفقًا لمستوى‬
‫نموه المعرفي الحقيقي‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬بناء المناهج المدرسية والتسلسالت التعليمية على مبدأ التدرج من الملموس إلى‬
‫المجرد ‪ .‬تستمر هذه المبادئ في توجيه الممارسات التعليمية المعمول بها اليوم‪ .‬علي سبيل المثال "التربية المتمايزة" أو‬
‫البيداغوجيا الفارقية‪.‬‬

‫وفي بعدها الوظيفي‪ ،‬قدمت نظرية بياجيه للنمو أيضًا مساهمة كبيرة في مجال التعليم‪ .‬أسست المبدأ الرئيسي الذي يقوم‬
‫عليه النموذج البنائي الدي ال يزال يهيمن على المشهد التربوي اليوم في التدريس والتكوين‪ .‬هذا المبدأ ذو شقين‪ .‬إد يفترص‬
‫أوال أن التفاعالت بين الذات وبيئتها تتم بوساطة البنيات المعرفية التي تنظم وتوجه تمثيل الفرد العقلي للموقف‪ ،‬وفي نهاية‬
‫المطاف السلوك الذي سيتبناه وبالتالي‪ ،‬فإن الذات ال تتفاعل بشكل مباشر مع بيئتها‪ ،‬بل وفقًا للتمثيل العقلي الذي بناه‬
‫الفرد للبيئة ‪ .‬ومن ثم يفترض أن هذه البنبات التي توظفها الذات في موقف ما هي نتيجة لعملية بناء («التكوين»‪ ،‬في‬
‫المفردات البياجية) تم تنفيذها من خالل البنيات التي شكلها الفرد مسبقا من تفاعالته مع البيئة وهي مدعوة )أي البنى أو‬
‫البنيات( للتحول‪ ،‬من خالل آلية االستيعاب‪/‬التكيف‪ .‬لذلك‪ ،‬يجب أن يُنظر إلى التعلم قبل كل شيء بأنه عملية بناء‪ ،‬أو‬

‫‪36‬‬
‫األستاد هادف‬

‫باألحرى تحويل المعرفة "الموجودة من قبل في الدهن" إلى معرفة جديدة‪ .‬ومن هذا المنظور‪ ،‬ال يمكن بأي حال من‬
‫األحوال اعتبار المتعلم بمثابة طاولة جرداء أو وعاء فارغ‪ .‬وبالتالي فمن الضروري لكي نعلم يجب تحديد وتعبئة البنيات‬
‫المعرفية التي يمكننا االعتماد عليها لبدء التحول الذي يهدف إلى اكتساب معرفة جديدة‪.‬‬

‫يرى بياجيه بأن التطور المعرفي عملية داخلية و"طبيعية" نسبيًا‪ ،‬و لهدا يجب أن يكون التدخل التربوي أقرب ما يمكن‬
‫إلى الظروف التي يكتشف فيها الطفل المفاهيم ويبنيها بشكل طبيعي بنفسه‪ ،‬وفقًا لتفاعالته مع بيئته‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإن األمر يتعلق‬
‫مباشرا (الشرح الفوري للقواعد والحلول‪ ،‬والتغذية الراجعة التصحيحية‪ ،‬والتوضيح‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بتجنب أي شيء قد يتضمن توجي ًها‬
‫لالكتشاف‪ ،‬التي تتيح للمتعلم أن يكتشف بنفسه‪ ،‬من خالل التجربة‬ ‫وما إلى ذلك)‪ .‬وهذا ما نسميه اليوم بيداغوجية‬
‫والخطأ‪ ،‬وبالسرعة التي تناسبه‪ ،‬ما يمكن تعلمه‪.‬‬

‫ب ألماني‪ ،‬والمؤسس الحقيقي لرياض األطفال‪.‬‬


‫فريدريش فروبل ‪ Friedrich Froebel‬مر ٍ‬
‫تأثر فروبل باآلراء التربوية اإلصالحية للمربي السويسري بستالوتزي[ر ‪] Pestalozzi‬صاحب كتاب «يوميات أب» الذي‬
‫يعد أول مصدر في دراسة سيكولوجية الطفل‪.‬‬

‫في عام ‪ 1836‬أنشأ فروبل‪ ،‬بعد قيامه بجوالت كثيرة‪ ،‬معهده الجديد في مدينة بالنكينبورغ‪ ، Blankenburg‬وأطلق عليه‬
‫اسم «المدرسة القائمة على غرائز األطفال الفعالة» ثم غير التسمية السابقة إلى اسم «مدرسة التربية‬
‫النفسية‪ ،» Psychological Educational School‬وقال إن العلوم النفسية هي أساس األنشطة التعليمية‪ .‬وفي عام‬
‫‪ 1840‬أطلق فروبل المصطلح الذي بهره وقفز إلى مخيلته في أثناء خروجه بنزهة وهو «روضة أطفال‪،» kindergarten‬‬
‫وكانت مدرسته التي سميت فيما بعد بالروضة مكانا ً يتاح فيه النمو الطبيعي للطفل على أيدي خبراء في التربية‪.‬‬

‫إن تصو ر دوركايم للتربية كظاهرة سوسيولوجية ال ينفصل عن تصوره العام للظاهرة االجتماعية‪ ،‬وهي أن التربية تتميز‬
‫باستقاللها عن الفرد و بأسبقيتها عليه و عموما فهي تتسم بخاصيتي الخارجية و القهر‪ ،‬ألن النظام االجتماعي يفرض معايير‬
‫أخالقية و عادات تربوية يلزم األفراد و الجماعات باالمتثال لها و التكيف معها و إال تعرضوا بفعل ذلك للعقاب‪ .‬فأن‬
‫التربية في نهاية المطاف هي ظاهرة اجتماعية كغيرها من الظواهر والغاية المنشودة منها هي تنمية عدد معين من الحاالت‬
‫الجسمية والذهنية واألخالقية لدى الطفل وذلك عبر تكوين جيد وتعليم فعال يكرس الوحدة الوطنية وروح التفاعل من أجل‬
‫تحقيق ما ينبغي أن يكون الراشد‪ .‬اجتماعية‬

‫بيداغوجية جون ديوي‬


‫تقوم بيداغوجية الفيلسوف جون ديوي على ركيزتين‪ :‬البراغماتية‪ ،‬وهي حركة فكرية أميركية‪ ،‬وتجربة «المدرسة‬
‫المعملية»‪ ،‬وهي مدرسة تجريبية افتتحها في جامعة شيكاغو‪.‬‬

‫المدرسة هي الحياة‪ ،‬باعتبارها تجربة مستمرة‪ ،‬هي اجتماعية منذ البداية‪ .‬وبالتالي فإن وظيفة المدرسة ليست تكييف الطالب‬
‫مع المجتمع كما هو‪ ،‬بل ضمان االستمرارية االجتماعية للتربية‪.‬‬

‫"التعلم بالممارسة"‪ ،‬تكون الفكرة االساسية في النظرية التعليمية‪ ،‬كان مؤسس التربية التقدمية‪ ،‬جون ديوي‪ ،‬هو البادئ‬
‫في التعلم بالممارسة في نهاية القرن التاسع عشر‪ .‬وكان هدفها تغيير األساليب التقليدية في التدريس من خالل التأكيد على‬
‫الدور اإليجابي‪ ،‬وليس السلبي‪ ،‬للمتعلم من خالل السماح له بتطوير مهاراته في مواقف حقيقية أو قريبة من الواقع‪.‬‬

‫ً‬
‫أشكاال مختلفة‪ :‬النهج القائم على المشاريع‪ ،‬والنهج القائم على حل المشكالت‪ ،‬والتعلم‬ ‫يمكن أن يتخذ التعلم بالممارسة‬
‫سا‪ ،‬أو يحل مشكلة معقدة غالبًا في‬
‫عا ملمو ً‬
‫الخدمي‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬يصبح الطالب بعد ذلك في مركز تعلمه‪ :‬فهو ينفذ مشرو ً‬
‫مجموعة صغيرة أو ينخرط في نشاط خدمي من خالل اعتماد وضعية تأملية‪.‬‬

‫بياجيه و فيجوتسكي‬

‫‪37‬‬
‫األستاد هادف‬

‫تمثل نظرية بياجي بشكل مثالي التيارات الفكرية التي تؤكد أولوية النمو على التعلم‪ .‬ووفقا لهذا المنظور‪ ،‬فإن التعلم يعتمد‬
‫نظرا ألن التلميد قد وصل إلى مستوى معين من النمو‪ ،‬يمكن للمدرسة القيام بنوع جديد من التدريس‪ .‬يشير‬ ‫ً‬ ‫على النمو‬
‫بياجيه إلى مساهمة علم نفس النمو في مشاكل التدريس‪ :‬العمل المتعلق ببناء البنى المعرفية يبرز دور نشاط الطفل في‬
‫المقدمة ويهتم بشكل أساسي باآلليات الداخلية لهذه العمليات من خالل انتقاد التدريس اللفظي والتأكيد على نشاط الطالب‬
‫عند أكتساب المعرفة الجديدة‪ ،‬يصر بياجيه على حاجة المعلم إلى اخد بعين االعتبار مستوى التطور المعرفي الذي وصل‬
‫إليه الطالب قبل الشروع في برنامج جديد‪.‬‬

‫بالنسبة ألولئك الذين يريدون فهم األداء العفوي للطفل‪ ،‬فمن األفضل اختيار المواقف اإلشكالية البعيدة عن المواضيع التي تم‬
‫تناولها بالفعل في بيئة المدرسة‪.‬‬

‫جاهزا لتحقيقه‪ .‬ووفقا ً لتعبير فيجوتسكي‪،‬‬


‫ً‬ ‫باختصار‪ ،‬ال يعتقد بياجيه أن التعلم الحقيقي يمكن أن يحدث قبل أن يصبح النمو‬
‫يضع بياجيه التعلم "في تبعية" النمو‪.‬‬

‫مع ذلك‪ ،‬هناك نقطة اتفاق أساسية بين بياجيه وفيجوتسكي‪ .‬النقد الذي يوجهه بياجيه للممارسات المدرسية األكثر استخدا ًما‬
‫(التعلم اللفظي الذي يعتمد بشكل أساسي على الحفظ‪ ،‬ونسيان األنشطة المحددة التي من خاللها يخصص الطفل محتوى‬
‫جديدًا) ‪ .‬كالهما يشتركان في االهتمام بتطوير نظرية تطور الهياكل أو البنى المعرفية (بالنسبة لبياجيه)‪ ،‬والوظائف‬
‫النفسية العليا (بالنسبة لفيجوتسكي)‪ .‬بالنسبة لكليهما‪ ،‬فإن مفاهيم النشاط والنمو تقع في قلب نهجهما‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬ال يتم‬
‫تفسير هذا التطور بنفس الطريقة لهذين العالمين‪ :‬اآلليات الداخلية للموازنة ألحدهما‪ ،‬وإعادة بناء نفسه من خالل‬
‫النشاطات البشرية و كدا الموروث التقافي المتشكل عبر التاريخ ‪ ،‬والتحول خالل هذا العمل للوظائف النفسية الموجودة‬
‫لآلخر‪ .‬مهمة فيجوتسكي هي شرح العالقات المعقدة القائمة بين التعلم والنمو دون الرجوع إلى المفهوم االختزالي للنمو‬
‫كما هو الشأن عند بياجيه‪ .‬وهكذا‪ ،‬فيما يتعلق بالعالقة بين النمو والتعلم‪ ،‬يشارك فيجوتسكي اإلنشغال الذي عبر عنه بياجيه‪:‬‬
‫عندما يقدم المعلم محتوى جديدًا‪ ،‬يجب عليه أن يأخذ في االعتبار التطور أو النمو الحالي للطفل ‪ -‬أي البنيات التي يستعملها‬
‫في سعيه إلكتساب محتوى جديد‪ .‬ف فيجوتسكي – يتصور الوظائف النفسية العليا باعتبارها ذات جوهر ثقافي – و هدا‬
‫ثان‪ :‬التعلم الجيد هو الذي "يستبق" النمو ‪:‬‬
‫يقوده إلى طرح متطلب ٍ‬

‫‪EDOUARD CLAPAREDE‬‬

‫في عام ‪ 1912‬أنشأ مدرسة العلوم التربوية (معهد جان جاك روسو بسويسرة)‪ :‬مكان لتعليم األطفال وتدريب المعلمين‪.‬‬
‫واقترح مراقبة تعلم التالميذ ‪" :‬المعلم يتعلم من التلميد" ‪ .‬مضاعفة فرص النمو الطبيعي حول الطفل‪ :‬فهو يؤكد على أهمية‬
‫اللعب لتعلم األفكار التي يتسم بها مفهوم الوظيفة التكيفية الناشئة عن اهتماماته البيولوجية ويطبقها على الحياة العقلية‪.‬‬
‫يوضح كالباريد أن الذكاء هو وظيفة نشطة للتكيف مع المواقف الجديدة‪ .‬وفي مواجهة موقف مجهول‪ ،‬يقوم الفرد بالتجربة‬
‫والخطأ الذي يرشده في البحث عن الفرضيات التي سيتم التحقق منها ‪.‬‬

‫برونر عالم نفس أمريكي‪ ،‬يركز عمله بشكل خاص على علم النفس التربوي ‪ .‬كان من أوائل مكتشفي «الفكر واللغة» لليف‬
‫فيجوتسكي واستلهم بياجيه‪ ،‬فهو أصل «الثورة المعرفية » تعتمد أفكار برونر على التصنيف‪ ،‬أو «فهم كيف يبني اإلنسان‬
‫عالمه»‪ .‬انطالقا ً من مبدأ أن اإلنسان يفسر العالم من حيث أوجه التشابه واالختالف ‪ .‬بالنسبة له‪ ،‬يتم إجراء الوساطة أثناء‬
‫السلوك الصفي (تفاعالت اإلشراف) بطريقة تواصلية‪ .‬ويقدم مفهومين يتعلقان بالعمليات التنظيمية في هذه التفاعالت‬
‫اإلشرافية‪" :‬الدعم" و"التنسيق" (األشكال التنظيمية للتبادالت ‪.‬‬

‫فيجوتسكي عالم نفس روسي‪ ،‬عالم نفس النمو ‪ ،‬البنائية االجتماعية النمو الفكري للطفل "الفكر واللغة"‪ ،‬هناك فكر ولغة‬
‫يسيران م ًعا‪ ،‬ويرتبطان ارتبا ً‬
‫طا وثيقًا‪ .‬نحن نفكر بالكلمات‪،‬‬

‫ويوضح فيجوتسكي أن الذكاء يتطور بفضل أدوات نفسية معينة يجدها الطفل في بيئته‪ ،‬ومنها اللغة (األداة األساسية)‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يتم استيعاب النشاط العملي في أنشطة عقلية متزايدة التعقيد بفضل الكلمات‪ ،‬مصدر تكوين المفاهيم ‪ .‬منطقة النمو‬
‫القريبة )‪ (ZPD‬والتي تصف المسافة المفاهيمية بين المهمة التي يستطيع الطفل القيام بها بنفسه والمهمة التي ال يستطيع‬
‫القيام بها حتى بمساعدة شخص بالغ‪ .‬وبالتالي فإن ‪ ZPD‬هو كل ما يمكن للطفل إتقانه عند تقديم المساعدة المناسبة‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫األستاد هادف‬

‫برونر عالم نفس أمريكي‪ ،‬يركز عمله بشكل خاص على علم النفس التربوي ‪ .‬كان من أوائل مكتشفي «الفكر واللغة»‬
‫لليف فيجوتسكي واستلهم بياجيه‪ ،‬فهو أصل «الثورة المعرفية » تعتمد أفكار برونر على التصنيف‪ ،‬أو «فهم كيف يبني‬
‫اإلنسان عالمه»‪ .‬انطالقا ً من مبدأ أن اإلنسان يفسر العالم من حيث أوجه التشابه واالختالف ‪ .‬بالنسبة له‪ ،‬يتم إجراء‬
‫الوساطة أثناء السلوك الصفي (تفاعالت اإلشراف) بطريقة تواصلية‪ .‬ويقدم مفهومين يتعلقان بالعمليات التنظيمية في هذه‬
‫التفاعالت اإلشرافية‪" :‬الدعم" و"التنسيق" (األشكال التنظيمية للتبادالت ‪.‬‬

‫فيجوتسكي عالم نفس روسي‪ ،‬عالم نفس النمو ‪ ،‬البنائية االجتماعية النمو الفكري للطفل "الفكر واللغة"‪ ،‬هناك فكر ولغة‬
‫يسيران م ًعا‪ ،‬ويرتبطان ارتبا ً‬
‫طا وثيقًا‪ .‬نحن نفكر بالكلمات‪،‬‬

‫ويوضح فيجوتسكي أن الذكاء يتطور بفضل أدوات نفسية معينة يجدها الطفل في بيئته‪ ،‬ومنها اللغة (األداة األساسية)‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يتم استيعاب النشاط العملي في أنشطة عقلية متزايدة التعقيد بفضل الكلمات‪ ،‬مصدر تكوين المفاهيم ‪ .‬منطقة النمو‬
‫القريبة )‪ (ZPD‬والتي تصف المسافة المفاهيمية بين المهمة التي يستطيع الطفل القيام بها بنفسه والمهمة التي ال يستطيع‬
‫القيام بها حتى بمساعدة شخص بالغ‪ .‬وبالتالي فإن ‪ ZPD‬هو كل ما يمكن للطفل إتقانه عند تقديم المساعدة المناسبة‪.‬‬

‫‪ Dehaene Stanislas‬التعليم باعتباره "إعادة رسكلة عصبية‬

‫باالعتماد على أحدث األبحاث في العلوم المعرفية وخاصة علم األعصاب‪ ،‬يقدم لنا ستانيسالس ديهين‪ ،‬األستاذ في كوليج دو‬
‫صا جميالً ومدرو ً‬
‫سا لرأيته للتعلم‪.‬‬ ‫فرانس‪ ،‬وصاحب كرسي علم النفس التجريبي‪ ،‬ملخ ً‬

‫"التعلم هو بناء نموذج جديد للعالم داخل دماغنا‪ ".‬وفقًا لستانيسالس ديهين‪ ،‬فإننا نقوم باستمرار بتعديل نموذجنا العقلي‬
‫ليناسب بيئتنا ‪.‬‬

‫العالم من حولنا ال يصل إلى دماغنا أبدًا كما هو‪ .‬يتم دائ ًما تصفيته وتفسيره وتفكيكه إلعادة بنائه بشكل أفضل‪ .‬يمكننا حتى‬
‫أن نقول إننا نذهب للقاء الرسائل أو المعلومات التي تصل إلينا أكثر مما تأتي إلينا وحدها ‪.‬‬

‫لكن هذا ال يعني أن بيئتنا ليس لها تأثير على نماذجنا العقلية وعلى دماغنا بشكل عام‪ .‬على العكس تماما‪ .‬كلما زاد عدد أو‬
‫حجم المؤثرات الخارجية التي نتلقاها ‪ ،‬زادت المعلومات التي نتلقاها‪ ،‬وكلما مارسنا أكثر‪ ،‬تعلمنا أكثر‪ .‬ولكننا لسنا صفحة‬
‫بيضاء‪ ،‬وال لوحة حساسة للتصوير الفوتوغرافي‪ .‬نحن نواجه باستمرار نماذجنا العقلية بالرسائل أي المعلومات التي تصل‬
‫إلينا‪ .‬نحن دائما نشطين عند معالجة البيانات‪.‬‬

‫يمتلك دماغنا قدرات ال حصر لها تقريبًا‪ .‬نحن قادرون على تطوير مناطق الدماغ من خالل الممارسة والتعلم‪ .‬ويمكن‬
‫إعادة تدريب مناطق الدماغ هذه باستمرار‪ .‬ومن المؤكد أن ستانيسالس ديهيني يذكرنا أنه من األفضل تعلم اللغات في سن‬
‫مبكرة‪ .‬أن مرونة دماغنا رائعة جدًا ونحن قادرون على التعلم في أي عمر‪ .‬وقبل كل شيء‪ ،‬كلما تعلمنا أكثر‪ ،‬كلما قمنا‬
‫بتطوير قدراتنا العقلية‪ ،‬وأصبحنا قادرين على التعلم بسهولة أكبر‪ .‬يبدو أن دماغنا يعمل مثل العضالت ويصبح التدريب هو‬
‫مفتاح النجاح‬

‫يعد ستانيسالس ديهين‪ ،‬األستاذ في كوليج دو فرانس‪ ،‬أحد الممثلين البارزين في هذا المجال ‪ .‬وهو عالم نفس معرفي وعالم‬
‫أعصاب‪ ،‬وقد ركز بشكل خاص على العوامل الرئيسية التي تعزز التعلم الناجح‪ ،‬وهي االهتمام والمشاركة النشطة والتغذية‬
‫الراجعة على األخطاء والدمج‪.‬‬

‫أربعة عناصر أساسية تشكل ما يسميه "الركائز األربع للتعلم‪".‬‬

‫الركن األول‪ :‬االنتباه‬

‫من المستحيل أن نتعلم إذا لم ننتبه إلى ما يجب أن نتعلمه‪ :‬وهذا هو الشرط األول للتعلم الناجح‪ ،‬وفقا لستانيسالس ديهيني‪.‬‬
‫بشكل ملموس‪ ،‬هذا يعني في المقام األول أن المعلم لديه مصلحة في جذب انتباه الطالب‪،‬‬

‫في الواقع‪ ،‬االهتمام انتقائي‪ :‬فهو يعمل مثل المصفات التي تحتفظ بمعلومات معينة بينما يسمح لآلخرين بالمرور‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫األستاد هادف‬

‫لركن الثاني‪ :‬المشاركة النشطة‬

‫لالحتفاظ بالمعرفة الجديدة‪ ،‬ال يكفي االستماع بشكل سلبي إلى المعلم‪ :‬من األفضل أن تسأل نفسك‪ ،‬وتضع فرضيات‪ ،‬وربما‬
‫تجري تجارب لمحاولة فهم ما نتحدث عنه حقًا‪.‬‬

‫في الواقع‪ ،‬يوضح ستانيسالس ديهين‪ ،‬ال شيء يحل محل هذا الجهد الفكري لترسيخ المعرفة في أدمغتنا وذاكرتنا‪ .‬وبهذا‬
‫المعنى‪ ،‬تساهم أساليب التدريس النشطة في التعلم الفعال ‪.‬‬

‫الركن الثالث‪ :‬الرجوع على الخطأ‬

‫ويشير عالم األعصاب على العكس من ذلك إلى أن الخطأ يمكن أن يكون مفيدًا‪ ،‬إذا فهمنا لماذا ارتكبنا الخطأ‪.‬‬

‫ومن هنا تأتي أهمية الحصول على ردود فعل‪ :‬هذه "التعليقات"‪ ،‬كما نقول في كثير من األحيان باللغة اإلنجليزية‪ ،‬تسمح لنا‬
‫بالتغلب على خطأنا وتصحيحه‪ ،‬بشرط أن نشعر بأننا مسيطرون على األمور‪ ،‬ونثق ونشجع‪ ،‬وال نكون محل انتقادات‪.‬‬

‫الركائز األربع للتعلم عند ستانيسالس ديهين‪Stanislas Dehaene‬‬

‫الركن رقم ‪:1‬اال نتباه‬

‫يصر ستانيسالس ديهين على أهمية االهتمام في أي عملية تعليمية‪ .‬وهو يقتبس من عالم النفس األمريكي مايكل بوسنر‬
‫ليذكرنا بأن دماغنا لديه ثالثة أنظمة انتباه متكاملة ومتكاملة‪.‬‬

‫‪"1-‬التنبيه‪ ،‬الذي يشير إلى متى يجب االنتباه ويكيف مستوى يقظتنا‪"،‬‬

‫‪ -2‬اتجاه االنتباه‪ ،‬الذي يشير إلى ما يجب االنتباه إليه ويضخم أي شيء محل اهتمام‬

‫‪ -3 .‬الضبط التنفيذي وهو الدي يقرر كيفية معالجة المعلومات” ‪.‬‬

‫يجب على المعلم أن يهتم و يوجه انتباه متعلميه‪ .‬ومن خالل وضعية موضع التنفيذ‪ ،‬فإنه يطور قدراتنا على " اليقظة"‪ .‬من‬
‫خالل تقديم توجيهات واضحة تتكيف مع ملمح المتعلمين‪ ،‬فإنه ي سهل التوجيه‪ ،‬مما يؤدي بهم إلى التركيز على األساسيات‪.‬‬
‫من خالل بيئة التعلم التي يخلقها‪ ،‬فإنه يعزز الضبط التنفيذي الجيد أم ال‪ .‬من خالل إعطاء الوقت الالزم للعمل‪ ،‬وتجنب‬
‫تعدد المهام‪ ،‬وتبسيط المعرفة التي سيتم اكتسابها أو توفير طرق لدمجها‪ ،‬فإنه يتجنب التحميل الزائد على الذاكرة العاملة‬
‫ويجعل التحكم أو الضبط التنفيذي أكثر فعالية‪.‬‬

‫ركيزة الثانية‪ :‬المشاركة النشطة‬

‫"التعلم الفعال يعني رفض السلبية‪ ،‬واالنخراط‪ ،‬واالستكشاف بفضول‪ ،‬وطرح فرضيات بنشاط محاولة اختبارها‪ ".‬لقد‬
‫أخبرنا بياجيه ‪ Piaget‬وفرينيه ‪ Freinet‬بهذا منذ فترة ما بين الحربين العالميتين‪ .‬واليوم تؤكد نتائج تصوير الدماغ ذلك‪.‬‬

‫يشكك ستانيسالس ديهين‪ ،‬بطريقة أولئك الذين يزعمون أنه يمكننا التعلم بسهولة من خالل اللعب‪" .‬دون االهتمام‪ ،‬دون‬
‫جهد‪ ،‬دون عمق التفكير‪ ،‬يختفي الدرس دون أن يترك أثرا ً في الدماغ"‪.‬‬

‫يجب على المربي أن يمنح المتعلم الوقت الكافي إلنتاج االستدالالت وتركيب معرفته وإعادة تركيبها‪ .‬من المؤكد أن السلبية‬
‫هي عدو التعلم‪ ،‬لكن النشاط يكون أكثر من مجرد النقر على األزرار أو اإلجابة على األسئلة‪ .‬إنه نشاط تأمل موجه يجب‬
‫على المربي تنفيذه‪ .‬إنها ليست لعبة للتسلية أو طريقة تدريس لالستكشاف للترفيه‪.‬‬

‫طا‪ ،‬ولكن يتم توجيهه عن كثب من قبل المعلم ‪ -‬التدريس المنظم‪ ،‬مع‬ ‫"األفضل هو أسلوب التدريس الذي يجعل الطالب نش ً‬
‫تقدم واضح وصارم‪ ،‬والذي يبدأ باألساسيات‪ ،‬ويتحقق من إتقانها‪ ،‬ويعتمد عليها لبناء هرم من المعنى‪.‬‬

‫الركيزة رقم ‪ :3‬الرجوع عن الخطأ‬

‫‪40‬‬
‫األستاد هادف‬

‫نحن نتعلم من اخطائنا‪ .‬ستانيسالس ديهيني ليس أول من يذكرنا بهذا‪ .‬لكن منهجه يفتح اآلفاق للمعلم‪ .‬يأتي الخطأ أوالً من‬
‫الفجوة بين ما يتوقعه دماغ المتعلم وما يحدث بالفعل‪ .‬الخطأ يثير االنتباه‪ .‬إنه مصدر للفضول ويطلق أو يحرر العمليات‬
‫المعرفية للتساؤل والتحليل‪.‬‬

‫‪A.‬‬ ‫عا من الغلط‪ . .‬يذكرنا ستانيسالس ديهيني بما علمنا إياه ألبرت باندورا‬ ‫لكن الخطأ هو أيضًا األكثر شيو ً‬
‫‪ Bandura‬منذ زمن طويل‪ .‬ولكي نتعلم من أخطائنا‪ ،‬يجب أن تكون ردود الفعل بناءة‪ .‬نحن بحاجة إلى معرفة ما هو‬
‫الصواب وما هو الخطأ‪ ،‬ولكن ال ينبغي أن يقال لنا ما كان ينبغي علينا فعله‪ .‬كلما اختبرنا معرفتنا‪ ،‬كلما تقدمنا أكثر‪ .‬يجب أن‬
‫يكون ي االختبار متكيفة تما ًما مع ملمح المتعلم ‪ .‬وبخالف ذلك‪ ،‬فإن إحساسنا بالكفاءة الذاتية قد يضعف ونصاب‬
‫بالتوتر والقلق و هدا ما يضر بقدرتنا على التعلم‪.‬‬

‫الركيزة رقم ‪ :4‬الدمج ‪Consolidation‬‬

‫"الدمج‪ ،‬وف ًقا لستانيسالس ديهين‪ ،‬هو االنتقال من المعالجة البطيئة الواعية‪ ،‬مع بذل الجهد‪ ،‬إلى األداء السريع‪ ،‬الالواعي‪،‬‬
‫والتلقائي" ‪ .‬إنها تقود المتعلم إلى االنتقال من التصرف بوعي إلى التصرف بغير وعي‪ .‬الشخص الذي يتصرف دون‬
‫التفكير في فعله يحرر ذاكرته العاملة التي هي بحكم تعريفها محدودة وتلعب دور عنق الزجاجة في قدراته على التعلم‪ .‬هذا‬
‫هو الفرق المعروف بين السائق المتمرس الذي يمكنه القيادة في حركة المرور الكثيفة أثناء إجراء محادثة مستمرة والسائق‬
‫المبتدئ الذي ال يزال يتعين عليه التركيز حصريًا على قيادته‪.‬‬

‫"لماذا تعتبر الروتينية مهمة جدًا؟ "ألنه يحرر موارد القشرة ‪ ... cortex‬طالما أن التعلم غير آلي‪ ،‬فإنه يمتص الموارد‬
‫ويمنعنا من التركيز على أي شيء آخر"‬

‫والسؤال الذي يجب طرحه على المعلم هو كيفية تعزيز هذا الدمج‪ .‬حسب ستانيسالس ديهين من خالل النوم!‬

‫في كل ليلة‪ ،‬يقوم دماغنا بترسيخ ما تعلمه خالل النهار‪ ...‬ويختلف مقدار التعلم بشكل مباشر حسب مدة النوم‪ ،‬وخاصة‬
‫عمقه‪ .‬والسبب بسيط‪ ،‬ففي نومنا العميق نقوم بإعادة تنشيط معرفتنا الحديثة ونعزز الروابط مع نماذجنا العقلية الراسخة في‬
‫دماغنا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كلما قمنا بإعادة تنشيط معرفتنا‪ ،‬زاد احتمال إنتاج روابط جديدة بين ما رأيناه وما نعرفه سابقا‪ .‬وهذا هو‬
‫السبب في أن الطريقة األخرى لتعزيز الدمج هي تكرار المعرفة التي سيتم اكتسابها‪.‬‬

‫كلما كان التعلم موزعا‪ ،‬كلما كان التعلم أقوى‪ .‬ولكن ال ينبغي أن يتم التوزيع بشكل عشوائي‪.‬‬

‫‪41‬‬

You might also like