‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة محمد بوضياف مسيلة‬

‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬

‫تخصص علم اجتماع تنظيم وعمل‬

‫طالبة دكتوراه بلواضح حسينة‬

‫السنة الجامعية‪2024/2023 :‬‬

 ‫محاور الورثة البحثية‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬االبستيمولوجيا(الماهية والمفاهيم المرتبطة بها)‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف االبستيمولوجيا‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المفاهيم المرتبطة باالبستيمولوجيا‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أهمية االبستيمولوجيا‬

‫المبحث الثاني‪ :‬االبستمولوجيا(األسس‪ ،‬الفروع‪ ،‬الموضوعات والرواد)‬

‫المطلب األول‪ :‬أسس االبستيمولوجيا‬

‫المطلب الثاني‪ :‬موضوعات االبستيمولوجيا‬

‫المطلب الثالث‪ :‬فروع االبستمولوجيا االجتماعية‬

‫المطلب الرابع‪ :‬رواد االبستيمولوجيا‬

‫خاتمة‬

‫قائمة المراجع‬
 ‫مقدمة‪:‬‬

‫اال بستمولوجيا هي فرع من الفلسفة يستكشف ماهية المعرفة وكيفية اكتسابها‪ .‬يمثل هذ ا‬
‫التخصص الفلسفي موضو ًعا مه ًما وأساسيًا في الفلسفة‪ ،‬حيث يتعامل مع األسئلة المثيرة حول‬
‫كيفية معرفتنا بالعالم من حولنا وما إذا كانت هذه المعرفة موثوقة وصحيحة‪ .‬يتعامل‬
‫االبستمولوجيون مع مجموعة من القضايا‪ ،‬بما في ذلك المصادر المكونة للمعرفة‪ ،‬والطرق‬
‫التي نحصل بها على المعرفة‪ ،‬وتحليل كيفية تقييم صدق المعلومات وصحتها‪.‬‬

‫تتيح اال بستمولوجيا لنا فهم عميق لكيفية تأثير معرفتنا على اتخاذ القرارات وتوجيه حياتنا‪.‬‬
‫دورا حيويًا في الفهم النقدي للعلم والثقافة‪ ،‬ويساهم في تطوير أساليب البحث‬
‫هذا المجال يلعب ً‬
‫واالستدالل‪ .‬ببساطة‪ ،‬اال بستمولوجيا تفتح األبواب أمامنا لفهم كيفية معرفتنا بالعالم والتفكير‬
‫فيه‪ ،‬وتساعدنا على التفكير بشكل أعمق في الجوانب الفلسفية للمعرفة‪.‬‬
 ‫المبحث األول‪ :‬االبستيمولوجيا(الماهية والمفاهيم المرتبطة بها)‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف االبستيمولوجيا‬

‫‪1‬‬
‫لغة‪:‬‬
‫‪Epistémologie‬االبستمولوجيا مصطلح أعجمي مركب من كلمتين‪:‬‬
‫‪Epistemé‬وتعني العلم؛ ‪logos‬وتعني النظرية أو الدراسة‪ ،‬وعليه فاالبسيمولوجيا‬
‫سفة‪ ،,‬ي ُْفل ِس ُ‬
‫ف‪ ،‬فَلسفَةُ)‪ ،‬أي‪ :‬القيام بالنظر في‬ ‫هي‪ :‬النظر في العلوم‪ ،‬أو فلسفة العلوم( من فَل َ‬
‫العلوم‪ ،‬أو في نتاجات العلوم‪ ،‬او" دراسة مبادئ العلوم وفرضياتها ونتائجها‪ ،‬دراسة انتقادية‬
‫توصل الى ابراز أصلها المنطقي‪ ،‬وقيمتها الموضوعية‪ ،‬لذا يفرق الباحثون في هذا المجال‪،‬‬
‫بين اال بستمولوجيا وبين نظرية المعرفة ‪ Théorie de la connaissance‬وان كانت‬
‫االولى مدخال ضروريا للثانية‪ ،‬وذلك ألن االبستمولوجيا ال تبحث في المعرفة من جهة ما هي‬
‫مبنية على وحدة الفكر‪ ،‬ك ما في نظرية المعرفة‪ ،‬بل تبحث فيها من جهة ما هي معرفه بعديه‬
‫مفصله على ابعاد العلوم وابعاد موضوعاتها‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فان اصطالح االبستمولوجيا في اإلنجليزية مرادف الصطالح نظرية المعرفة‪ ،‬أما‬
‫في اللغة الفرنسية‪ ،‬فهو مختلف عنه ألن معظم الفالسفة واالبستيمولوجيين الفرنسيين ال‬
‫يطلقونه إال على فلسفة العلوم وتاريخه ا الفلسفي وإن كان بعض الباحثين يوسع معناه ويطلقه‬
‫على سيكولوجية العلوم‪ ،‬ألن دراسة تطور العلوم ال تنفصل عن نقدها المنطقي وال ع ن‬
‫مضمونها الحسي والمشخص‪.‬‬
‫اصطالحا‬
‫جاء تعريف الالند في معجمه الفلسفي لالبستمولوجيا‪:‬‬
‫"أن االبستمولوجيا هي الدراسة النقدية لمبادئ العلوم وفروضها ونتائجها بغرض تحديد أصلها‬
‫المنطقي وبيان قيمتها وحصيلتها الموضوعية " وإذا كان الفرنسيون يميزون بين نظرية‬
‫المعرفة واالبستمولوجيا بمعناها الدقيق فأن االلمان أيضا ً يميزون بين نظرية المعرفة‬

‫‪ 1‬محمد خاليفية‪ ،‬نحو تأصيل وترشيد للطرح االبستيمولوجي في تناول العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬قسم‬
‫علم النفس وعلوم التربية واالرطوفونيا‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،02‬ص ‪.204‬‬
‫واالبستمولوجيا وأن كانوا يقصدون باالبستمولوجيا فلسفة العلوم جميعها ‪ ,‬ومهما كان من أقر‬
‫هذه االختالفات التي تنشأ حول تحديد معنى االبستمولوجيا فأننا نعني بها في المقام االول بيان‬
‫‪1‬‬
‫شروط المعرفة البشرية وقيمتها وحدودها وموضوعتيها من زاوية تطور العلم المعاصر ‪.‬‬

‫وهي تلك االبحاث المعرفية ‪ ,‬فلسفة العلوم ‪ ,‬نظرية المعرفة ‪ ,‬مناهج العلوم ‪ ,‬منظوراً إليها‬
‫من زاوية علمية معاصرة أي من خالل المرحلة الراهنة لتطور الفكر العلمي والفلسفي كما‬
‫أنها علم المعرفة التي تختص ببحث العالقة بين " الذات والموضوع " (إن االنسان يبني‬
‫‪2‬‬
‫معرفته بهذا العالم من خالل نشاطه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المفاهيم المرتبطة باالبستيمولوجيا‬

‫‪ ‬العلم‪:‬‬

‫تعود كلمة علم ‪ Science‬في اشتقاقها الالتيني ‪ scientia‬إلى المعرفة‬

‫‪ knowledge‬وهي بمعناها األشمل كل معرفة منهجية أو ممارسة تؤدي إلى نتائج أو‬
‫‪3‬‬
‫تنبؤات ألشياء من الممكن التنبؤ بها في هذا المعنى‬

‫‪ ‬الفلسفة‪:‬‬

‫الفلسفة هي دراسة طبيعة الواقع والوجود‪ ،‬ودراسة ما يمكن معرفته والسلوك السوي من‬
‫السلوك الخاطئ‪ .‬ومفردة فلسفة مصدرها اإلغريقية وتعني ’’حب الحكمة‘‘‪ .‬وهي بالتالي‪،‬‬
‫واحدة من أهم مجاالت الفكر اإلنساني في تطلعه للوصول إلى معنى الحياة‪.4‬‬

‫رافد قاسم هاشم‪ ،‬ابستيمولوجيا المعرفة عند غاستون باشالر‪2023.10.10 https://www.uobabylon.edu.iq‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ، 16.11‬نقال عن كامل ‪ ,‬فؤاد وأخرون (الموسوعة الفلسفية المختصرة )‪ ،‬ص ‪187‬‬

‫رافد قاسم هاشم‪ ،‬ابستيمولوجيا المعرفة عند غاستون باشالر‪2023.10.10 https://www.uobabylon.edu.iq‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ، 16.11‬نقال عن وقيدي ‪ ,‬محمد (ماهي االبستمولوجيا )‪ ،‬ص‪187‬‬

‫‪ 3‬أليكس رونبرج‪ ،‬فلسفة العلم مقدمة معاصرة‪ ،‬ترجمة أحمد عبد هللا السماحي وفتح هللا الشيخ‪ ،‬مراجعة نصار عبد هللا‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬المركز القومي للترجمة‪ ،‬القاهرة‪ ،2011 ،‬ص‪.07‬‬
‫‪ 4‬األمم المتحدة‪ ،‬اليوم العالمي للفلسفة‪ 19‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر‪،‬‬
‫‪19:13 2023.10.10 https://www.un.org/ar/observances/philosophy-day‬‬
 ‫‪ ‬فلسفة العلوم‪:‬‬

‫الدراسة النقدية لمبادئ العلوم وفروضها ونتائجها وقوانينها التي تقوم عليها ومن ثمة الكشف‬
‫عن أصولها وأبعادها االبستمولوجية التي تقبع خلفها‪.1‬‬

‫‪ ‬المعرفة‪:‬‬

‫هي كل العمليات العقلية عند الفرد؛ من إدراك وتعلم وتفكير وحكم يصدره الفرد وهو يتفاعل‬
‫‪2‬‬
‫مع عالمه الخاص‪.‬‬

‫‪ ‬نظرية المعرفة‪:‬‬

‫األساليب والسبل الموصلة لحقائق األشياء كما هي في الواقع‪ ،‬دون األفكار والمعتقدات‬
‫‪3‬‬
‫الجزافية التي يعتقدها األفراد والجماعات من غير دل يل وبرهان على صحتها من عدمه‪.‬‬

‫‪ ‬القطيعة االبستيمولوجية‪:‬‬

‫إن مفهوم القطيعة االبستمولوجية هو المفهوم الذي يعبر في نظر باشالر عن القفزات الكيفية‬
‫‪4‬‬
‫في تطور العلوم ويكون من نتائجها تجاوز العوائق االبستمولوجية القائمة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أهمية االبستيمولوجيا‬

‫‪5‬‬
‫لالبستمولوجيا أهمية بالغة بالنسبة للعل م والمعرفة ونذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬تهتم بنقد المعرفة العلمية بهدف ال كشف عن مبادئها وظروف نشأتها‬

‫‪ ‬تهتم بتفسير الواقع‬

‫‪ 1‬المحاضرة األولى‪ ،‬تعريف العلم‪19:03 10.10 .2023 https://cte.univ-setif2.dz ،‬‬

‫مدخل مفاهيمي حول المعرفة ‪19:11 2023.10.10 http://thesis.univ-biskra.dz‬‬ ‫‪2‬‬

‫لؤي هامل العبودي‪ ،‬أسس نظرية المعرفة‪ ،‬دون سنة‪ ،‬دون دار نشر‪ ،‬ص‪.16‬‬ ‫‪3‬‬

‫محمد بن عبد الحميد القطاونة‪ ،‬نظام التعليم المطور‪ ،‬محاضرة في مقياس نظرية المعرفة‪ ،‬جامعة الملك فيصل‪ ،‬دون‬ ‫‪4‬‬

‫ذكر السنة‪ ،‬ص‪.32‬‬

‫مليكة جابر‪ ،‬اسهام االبستيمولوجيا في تعليمية علم االجتماع‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬العدد الثامن‪ ،‬جامعة‬ ‫‪5‬‬

‫قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص‪.1‬‬

 ‫‪ ‬تهتم بالمفاهيم واآلليات المنهجية والنتائج المتوصل لها في مختلف العلوم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫باإلضافة إلى‬

‫‪ ‬أهمية نظرية المعرفة بوصفها أساسا ً وركيزة ضرورية تقوم عليها فلسفات العلوم المختلفة‬
‫كالطب أو الفيزياء وغيرهما‪ ،‬فنظرية المعرفة تهتم أصالً بمصادر المعارف والعلوم‪،‬‬
‫وبالتالي فإن كل باحث مشتغل بالبحث العلمي ال بد وأن يتخذ من نظرية المعرفة أساس اً‬
‫معرفيا ً ينطلق منه في عمليات الفهم والتحليل واالستنباط واالستقراء‪ ،‬ليعلم متى تصلح‬
‫التجربة ومتى تكون عديمة الفائدة‪ ،‬فمثالً يقوم الطب على أساس التجربة والخبرة‬
‫الحسية‪ ،‬ومن ثم فإن االعتماد على االستنباط العقلي المحض ال يجدي نفعاً‪ ،‬وعلى‬
‫النقيض تماماً تقوم الرياضيات على أساس عقلي تجريدي محض ال صلة له غالب اً‬
‫بالحس‪.‬‬

‫‪ ‬أهمية نظرية المعرفة في توجيه الباحث توجيهاً صحيحاً‪ ،‬فإن الباحث إذا عرف المصادر‬
‫ا لصحيحة التي ينبغي أن تؤخذ بعين االعتبار استطاع أن يستخدم تلك المصادر في‬
‫البحث وإثراء العلوم‪ ،‬وعلى النقيض تماماً‪ ..‬إذا لم يكن على علم بنظرية المعرفة‬
‫ومصادر المعرفة‪ ،‬فإنه يخبط خبط عشواء‪ ،‬حتى إنه ليرى المصادر متعارضة واألدلة‬
‫متناقضة‪ ،‬مما ينبئك عن أهمية نظرية المعرفة في هداية الباحث وتوجيهه‪.‬‬

‫‪ ‬أهمية نظرية المعرفة في فهم مراتب المباحث العلمية وإدراك ثقافات واضعيها‪ ،‬فمما ال‬
‫شك فيه أن العلوم ال تنفك عن واضعيها وإنما تتصل اتصاالً وثيقا ً بثقافة واضعيها‪،‬‬
‫وال شك أن كثيراً من تلك الثقافات ال تتناسب وكل المجتمعات أو األديان‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫تلك العلوم تحمل ما هو قطعي الثبوت ويستحيل غلطه‪ ،‬وتحمل نظريات ظنية الثبوت‬
‫يمكن أن تكون خطأ‪ ،‬وحينئذ يمكن ردها أو التوقف في قبولها وفرضها باعتبارها‬

‫‪ 1‬يحيى سعد ‪ ،‬مدخل إلى نظرية المعرفة أهمية نظرية المعرفة وطبيعة المعرفة‪ ،‬مقال منشور على موقع دراسة‬
‫لالستشارات والدراسات والترجمة‪ ،‬بتاريخ‪ ،2021.10.07 ،‬ص‪.3‬‬
‫مسلمات يقينية‪ ،‬وال شك أن إدراك هذه الفروق وتمييزها يختص به العالمون بنظرية‬
‫المعرفة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬االبستمولوجيا ( األسس‪ ،‬الفروع‪ ،‬الموضوعات والرواد)‬

‫المطلب األول‪ :‬أسس االبستيمولوجيا‬

‫تتمثل ا ألسس األساسية لال بستيمولوجيا في‪:‬‬

‫‪ ‬الشك واليقين‪ :‬اال بستيمولوجيا تدرس مفهومي الشك واليقين‪ .‬الشك يشير إلى عدم اليقين‬
‫وعدم الثقة في المعرفة‪ ،‬بينما اليقين يعبر عن القناعة والثقة في المعرفة‪ .‬السؤال حول‬
‫محورا مه ًما في االبستيمولوجيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫كيفية تحقيق اليقين في مواجهة الشك يعد‬

‫‪ ‬مصادر المعرفة‪ :‬االبستيمولوجيا تتناول أي ً‬

‫ضا مسألة مصادر المعرفة‪ .‬هل المعرفة تأتي‬
‫من الخبرة الشخصية؟ أم تأتي من السلطة والدين؟ أم تأتي من العقل والعقالنية؟‬

‫‪ ‬الواقع والظاهر‪ :‬هناك تساؤالت حول كيفية تفسير الواقع والظواهر‪ .‬هل هناك واقع واحد‬
‫يمكن معرفته بوضوح؟ أم أن هناك واقع متعدد ومتغير؟‬

‫‪ ‬المنهجية والطريقة‪ :‬االبستيمولوجيا تدرس أي ً‬

‫ضا كيفية الوصول إلى المعرفة‪ .‬هل هناك‬
‫منهجية محددة يجب اتباعها للحصول عل ى معرفة موثوقة؟‬

‫‪ ‬اللغة‪ :‬اللغة لها دور هام في نقل ا لمعرفة والتواصل بين األفراد‪ .‬االبستيمولوجيا تدرس‬
‫كيفية تأثير اللغة على المعرفة والتفاهم‪.‬‬

‫كبيرا في كيفية اكتساب المعرفة‪.‬‬ ‫‪ ‬التجربة‪ :‬التجربة الشخصية والتجربة العقلية تلعبان ً‬
‫دورا ً‬
‫االبستيمولوجيا تدرس الدور الذي تلعبه التجربة في تشكيل المعرفة‪.‬‬
 ‫المطلب الثاني‪ :‬موضوعات االبستيمولوجيا‬
‫‪1‬‬
‫‪ .1‬عند العرب‪:‬‬

‫اهتم العديد من العلماء العرب والمسلمين بنظريات المعرفة ومن أشهرهم المعتزلة واألشعرية‬
‫وابن سينا وابن رشد والغزالي‪ .‬ويمكن تقسيم قضايا نظرية المعرفة اإلسالمية إلى ستة قضايا‬
‫مع أن العلماء المسلمين لم يجمعوا عليها كلهم‪ .‬وهذه القضايا الستة هي‪:‬‬

‫‪ ‬القضايا األولية‪ :‬التي نسلم بها وبصدقها ويقينها وال نكتسبها وال تحتاج لبرهان‪.‬‬
‫‪ ‬القضايا التجريبية‪ :‬وهي إحكام إدراك الحواس‪.‬‬
‫‪ ‬قضايا االستبطان‪ :‬أي المعرفة والمالحظة الذاتية لألفكار واألحاسيس العقابية مثل الجوع‬
‫واأللم‪.‬‬
‫‪ ‬القضايا المقبولة‪ :‬وهي األحكام التي يكون عليها إجماع‪.‬‬
‫‪ ‬القضايا األخالقية‪ :‬وهي المتفق عليه من القيم‪.‬‬
‫‪ ‬البراهين واالستدالالت‪ :‬وهي المعرفة التي تستنتج من خالل استعمال الملكة الفكرية‬
‫‪ .2‬عند الغرب‪:‬‬

‫تعتبر نظرية المعرفة إحدى المباحث الكبرى في الفلسفة ‪ ،‬يعتقد أن أول من صاغه هو‬
‫الفيلسوف االسكتلندي "جيمس فريدريك فيرير"‪ J.F. Ferrier ( 1808-(1864 .‬تحاول‬
‫االبستيمولوجيا أن تجيب عن األسئلة ‪" :‬ماهي المعرفة؟ «كيف يتم الحصول على المعرفة؟‪2 ".‬‬
‫ومع ان طرق اإلجابة عن هذه األسئلة يتم باستخدام نظريات مترابطة فإنه‬

‫يمكن عمليا فحص كل من هذه النظريات على حدى‪.‬‬

‫وتنقسم االبستمولوجيا إلى‪:‬‬

‫‪ ‬الفلسفة الوضعية )‪ (Positivisme‬وهي فلسفة تعتمد على األرقام الن األرقام ال تكذب‬
‫بنظرهم‪.‬‬

‫عناني نور الدين‪ ،‬المحاضرة األولى مدخل إلى االبستيمولوجيا‪ ،‬مقياس االبستيمولوجيا‪ ،‬معهد التربية البدنية والرياضية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫جامعة وهران للعلوم والتكونولوجيات‪ ،‬الجزائر‪18.02 2023.10.10 https://elearning.univ-usto.dz.‬‬

‫‪ ‬الفلسفة التفسيرية ) ‪ (Interpretivism‬أو الفينومينولوجيا )‪(Phenomenology‬‬
‫وهي فلسفة تعتمد على الشر ح‪.‬‬
‫‪ ‬الفلسفة الواقعية ) ‪ (Realism‬وهي فلسفة تقع بين الفلسفة الوضعية والتفسيرية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وهناك تصنيف آخر للموضوعات‬

‫‪ .1‬االبستمولوجيات الفلسفية‪:‬‬

‫وتشمل صوراً من المعرفات التي ضمها تاريخ الفلسفة اليونانية والفلسفتين ا إلسالمية‬

‫والمسيحية‪ .‬وهي معرفيات عكست بحدود ما مرحلة التطور العلمي يومذاك‪ ،‬كما ضمت في‬
‫داخل أبنيتها الكثير الكثير من المفاهيم والتصورات العلمية واستثمرت درجات يقينية النماذج‬
‫المنطقية والرياضية‪ .‬إال أن المعالجة الفلسفية لها كانت من زاوية النفس وقواها أو ملكاتها‪.‬‬
‫وشملت معرفيات غنوصية وصوفية‬

‫‪ .2‬المعرفيات (االبستمولوجيات) الحديثة‪:‬‬

‫وهي مرحلة التأسيس الحقيقي لمسألة المعرفة‪ ،‬ومن ثم نشوء مذاهب ومدارس معرفية لها‪،‬‬
‫وهي تضم التقسيمات الكالسيكية التي كانت متداولة في دوائر المعرفيات‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ ‬المعرفيات (اال بستمولوجيات) الحسية‪ :‬أو المعرفيات التجريبية وهي نوع من‬
‫المعرفيات تعتمد” الحس ” أو” التجربة” طريقا ً وحيداً الكتساب المعرفة‬
‫‪ ‬المعرفيات (اال بستمولوجيات) العقلية‪ :‬إنها اتجاه معرفي حديث يعتمد” العقل” الطريق‬
‫الوحيد الكتساب المعرفة‬
‫‪ ‬االبستمولوجيات النقدية ‪:‬إنها اتجاه ابستمولوجي حديث مارس عملية النقد لالتجاهين‬
‫المعرفيين السابقين (أي نقد لألبستمولوجيا الحسية والعقلية على حد سواء)‪ .‬ومثل هذه‬
‫النزعة األبستمولوجية في تاريخ الفلسفة الغربية الحديثة‬
‫‪ .3‬االبستمولوجيات المعاصرة‪:‬‬

‫‪ 1‬محمد فرحان‪ ،‬مقدمة في االبستيمولوجيا‪ 1 ،‬نوفمبر‪،2010‬‬

‫‪17:49 2023.10.10 https://drmfarhan.wordpress.com/2010/11/01/‬‬
‫تميز تاريخ األبستمولوجيات في الحقبة المعاصرة باستمرار المدارس الفلسفية الناشطة في‬
‫صياغة ا بستمولوجيات تعكس توجهاتها الفلسفية‪ .‬وفي الوقت ذاته شهدت هذه الحقبة انبثاق ما‬
‫يعرف اليوم بدوائر األبستمولوجيات الناهضة على ما توافر في دوائر العلوم المعاصرة‪ ،‬من‬
‫أساليب تجريبية تمثلت بأنواع معقدة من أجهزة في غاية التعقيد والتطور سواء في رصد‬
‫الظواهر الكبيرة في الكون‪ ،‬أم الظواهر الصغيرة التي ال نراها بالعين المجردة‪ ،‬وإنما بمساعدة‬
‫أجهزة في غاية الحساسية والدقة‪ ،‬وبمصادر التنوير والتكبير العالية‪.‬‬

‫ابستمولوجيا الوضعية المنطقية‪ :‬تميزت األبستمولوجيا المعاصرة في إطارها الفلسفي بطعم‬

‫خاص عكس تنوع مدارسها الفلسفية المعاصرة‪ .‬فمث ً‬
‫ال كانت هناك مساهمة ابستمولوجية عالية‬
‫للوضعية المنطقية‪ ،‬والتي كانت تعرف بالتجريبية المنطقية‬

‫ابستمولوجيا البراغماتية‪:‬‬

‫انبثقت البراغماتية‪ ،‬موجة فلسفية تحمل إعالنا ً أبستمولوجياً تجريبيا ً (حسياً) في نهايات‬
‫القرن التاسع عشر‬

‫المطلب الثالث‪ :‬فروع االبستمولوجيا االجتماعية‬

‫يعرف جولد مان االبستيمولوجيا االجتماعية بأنها فرع حديث من فروع نظرية المعرفة‬
‫التطبيقية‪ ،‬وتدرس المعرفة من وجهة نظر اجتماعية‪ ،‬وتهدف إلى كشف الجوانب االجتماعية‬
‫في المعرفة‪ ،‬مثل دراسة الخصائص المعرفية لألفراد التي تنشأ من خالل عالقتهم باآلخرين‪،‬‬
‫إلى جانب الخصائص المعرفية التي للجماعات واألنظمة أو المؤسسات االجتماعية‪ ،‬أو هي‬
‫دراسة مفهومية ومعيارية لألبعاد االجتماعية للمعرفة‪.1‬‬

‫قسم جولد مان االبستيمولوجيا االجتماعية‪ ،‬إلى ثالث فئات‪:2‬‬

‫‪ 1‬محمد سليم محمد حنفي‪ ،‬االبستيمولوجيا االجتماعية وفلسفة الفعل عند ألفين جولمان دراسة تحليلية في االبستيمولوجية‬
‫التطبيقية‪ ،‬المجلة العلمية لكلية اآلداب‪ ،‬العدد‪ ،85‬جامعة أسيوط‪ ،‬يناير ‪ ،2023‬ص‪.1295‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪1296‬‬ ‫‪2‬‬
‫الفئة األولى‪ :‬االبستيمولوجيا االجتماعية لالعتقادات الفردية لدى الفاعل‪ ،‬وتتعلق بالعوامل‬
‫المكونة لالعتقادات الفردية لدى الفاعلين‪ ،‬وكيف ينبغي أو يستجيبوا لمصادر األدلة االجتماعية‬
‫مثل دليل شهادة اآلخرين‪.‬‬

‫الفئة الثانية‪ :‬االبستيمولوجيا االجتماعية لالعتقادات الجماعية للفاعل‪ ،‬وتتعلق بالعوامل‬

‫المكونة لالعتقادات الجماعية‪ ،‬مثل هيئات المحلفين واللجان التي هي نفسها تتشكل بواسطة‬
‫فاعلين آخرين ‪ ،‬فكيف ينبغي لهؤالء الفاعلين الجماعيين أن يقوموا بتكوين أو صياغة‬
‫اعتقاداتهم؟‬

‫الفئة الثالثة‪ :‬االبستيمولوجيا االجتماعية لألنظمة والمؤسسات الموجهة‪ ،‬وتتعلق باألنظمة‬

‫والمؤسسات المتداخلة في المجتمع بأكمله‪ ،‬مثل أنظمة التحكيم القانوني‪ ،‬وأنظمة مراجعة‬
‫األقران للبحث األكاديمي‪ ،‬وتقيم االبستيمولوجيا االجتماعية أنظمة هذه المؤسسات تقييما‬
‫ابستيمولوجيا‪ ،‬من حيث كيفية تأثيرها عل اعتقادات أعضائها‪ ،‬وتدرس االبستيمولوجيا‬
‫االجتماعية الموضوعات األساسية التالية‪ ،‬الشهادة‪ ،‬واختالف النظراء‪ ،‬والنسبية المعرفية‪،‬‬
‫والمداخل االبستيمولوجية للديمقراطية‪ ،‬وابستيمولوجيا العلم والدليل في القانون‪،‬‬
‫وابستيمولوجيا التعاون الجماعي‪ ،‬وابستيمولوجيا التربية ومجموعة األحكام‪.‬‬

‫ومنه يمكن استخالص فروع االبستيمولوجيا االجتماعية كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬االبستيمولوجيا االجتماعية بين الشخصية‬

‫‪ ‬االبستيمولوجيا االجتماعية الجماعية‬
‫‪ ‬االبستيمولوجيا االجتماعية المؤسسية‬

‫المطلب الرابع‪ :‬رواد االبستيمولوجيا‬

‫من أبرز رواد االبستيمولوجيا نذكرغاستون باشالر من خالل التطرق إلى االبستمولوجيا‬
‫الباشالرية‪:‬‬
 ‫‪1‬‬
‫‪ .1‬سمات نظرية المعرفة عند غاستون باشالر‪:‬‬

‫تتميز نظرية المعرفة العلمية عند باشالر بمجموعة من السمات االساسية والتي تميزها‬
‫عن باقي االبستمولوجيات أو "نظريات المعرفة " عند الفالسفة المحدثين والمعاصرين من هذه‬
‫السمات‪:‬‬
‫‪ ‬أنها ترفض العقل قبل العلمي وتقول ال لعلم األمس وللطرق المضادة في التفكير وليس‬
‫معنى ذلك أنها فلسفة سلبية وإ نما هي فلسفة بناءة ترى في الفكر عامل تطور عندما ينقد‬
‫الواقع فهي فلسفة ال تعترف ببناء أو نسق نهائي للفكر العلمي بل ترى فيه فقط بناء يتجدد‬
‫باستمرار على ضوء التطورات العلمية المستمرة‪.‬‬
‫‪ ‬أن االبستمولوجيا الباشالرية تستلزم النظر الى المعرفة من زاوية تطورها في الزمان أي‬
‫بوصفها عملية تطور ونمو متصلة _وبعبارة أخرى فأنه البد من النظر الى المعرفة‪ ،‬أية‬
‫معرفة بوصفها نتيجة لمعرفة سابقة بالنسبة الى معرفة أكثر تقدماً وتطوراً‪.‬‬
‫‪ ‬تتميز نظرية المعرفة العلمية عند باشالر بالمقارنات المتعددة على مستويات متعددة وهذه‬
‫ال تأريخيا نقديا ً وتركز بالذات على ثقافة القرن الثامن غير العلمية‪،‬‬
‫المقارنات تأخذ شك ً‬
‫وهذا الشكل التأريخي النقدي هو الشكل المنهجي الذي يجري تطبيقه على تأريخ العلوم‪،‬‬
‫وعلى االفكار االساسية التي نستخدمها وبينها العلماء خالل تطورهم العلمي‪.‬‬
‫‪ ‬أن السمة األساسية في االبستمولوجيا الباشالرية هي اهتمامها المتزايد بجوانب النقص‬
‫والخطأ والفشل في حقول العلم أكثر من اهتمامها باإليجابيات وبهذه الطريقة تصبح‬
‫الموضوعات العلمية عبارة عن مجموعة من االنتقادات التي وجهت إلى صورتها قبل‬
‫العلمية أو صورتها الحسية القديمة‪ ،‬فليست الذرة مثال هي هذه الصورة التي أعطا ها لها‬
‫هذا العالم أو ذاك بل مجموع االنتقادات التي وجهت إليها ‪ ,‬أي إلى تلك الصورة من‬
‫طرف العلماء والباحثين الالحقين‪ ،‬إن المهم في العلم ليس الصورة الحسية المتخيلة التي‬
‫يقدمها هذا العالم أو ذاك على أشياء الطبيعة إن المهم هو االنتقادات وأنواع الرفض التي‬
‫تالقيها هذه الصورة من طرف العلماء االخرين ‪.‬‬

‫رافد قاسم هاشم‪ ،‬ابستيمولوجيا المعرفة عند غاستون باشالر‪2023.10.10 https://www.uobabylon.edu.iq،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 16.11‬ص‪.189‬‬
‫‪ ‬أن االبستمولوجيا الباشالرية هي نظرية علمية في المعرفة ألنها تستقي موضوعاتها‬
‫ومسائلها ومناهجها من العلم ذاته من المشاكل التي يطرحها تقدم العلم على العلماء‬
‫المختصين‪ ،‬فهي أذن تعني بالمعرفة العلمية أساسا ً وتحاول أن تقدم حلوالً علمية لقضايا‬
‫المعرفة عامة‪ ،‬بقدر ما تنتمي هذه القضايا الى ميادين البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ ‬كما أن أبستمولوجيا باشالر نظرية في المعرفة غير مغلقة وغير مكتملة فهي ال تنشد‬
‫المعرفة المغلقة على ذاتها‪ ،‬وهي ال تذهب مع دعاوى الفالسفة الذين يتوهمون أنهم فرغوا‬
‫من بناء نسق معرفي تام ومكتمل ونهائي‪ ،‬إنها ال تريد أن تتقيد بنسق فلسفي مؤكد أنما‬
‫هي تتمسك بأساسين‪ "1" :‬نسبية المعرفة «‪ "2‬مبدأ القابلية للمراجعة‪ ،‬واالبستمولوجيا‬
‫بهذا المعنى يعتبرها صاحبها باشالر هي الفلسفة العلمية الوحيدة التي تواكب أي تطور‬
‫يطرأ في حقل العلم‪.‬‬
‫‪ ‬لقد أوضح باشالر في كتابه فلسفة ال أو " فلسفة النفي " االفاق العلمية الجديدة التي من‬
‫الممكن الوصول إليها عن طريق الجدل أو النفي ‪ .‬يقول باشالر‪ " :‬أنه الى جانب المعرفة‬
‫التي تزيد وتؤدي الى تغيرات تدريجية في الفكر العلمي سنجد سببا ً يدعو الى تجدد يكاد‬
‫ال ينضب في الفكر العلمي ‪ ,‬والواقع أن الفكر العلمي يتطور بين حدين متعارضين ينتقل‬
‫مث ً‬
‫ال من الهندسة االقليدية الى الهندسات الال أقليدية ومن الميكانيكا النيوتونية الى الميكانيكا‬
‫الال نيوتونية لدى انشتاين‪ ،‬ومن فيزياء مكسويل الى الفيزياء الال مكسويلية لدى بور‪،‬‬
‫ومن االبستمولوجيا الديكارتية الى أبستمولوجيا الال ديكارتية "‬
‫‪ .2‬مراحل االبستمولوجيا‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫لقد ميز باشالر بين ثالث مراحل في تكوين العقل العلمي‪:‬‬
‫‪ ‬المرحلة األولى‪ :‬تمثل الحالة ما قبل العلمية وتشتمل على االزمنة الكالسيكية القديمة‬
‫وعصر النهضة والجهود المستمرة في القرن السادس عشر والسابع عشر وحتى في‬
‫القرن الثامن عشر‪ .‬هي الحالة الملموسة‪ :‬إذ ينشغل العقل بالصور األولى للظاهرة ويعتمد‬
‫على صيغ فلسفية تمجد الطبيعة وتؤمن بوحدة العلم‪.‬‬

‫‪ 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪ 192.191‬بتصرف‬

‫‪ ‬المرحلة الثانية‪ :‬التي تمثل الحالة العلمية والتي بدأت في أواخر القرن الثالث عشر وتشمل‬
‫القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين‪ .‬وهي الحالة الملموسة المجردة‪ :‬إذ يضي ف‬
‫العقل الى التجربة الفيزيائية األشكال الهندسية ويستند الى فلسفة البساطة هنا ما يزال‬
‫العقل في وضع متناقض فهو واثق من تجريده بقدر ما يكون هذا التجريد ماث ً‬
‫ال بوضوح‬
‫في حدس " ملموس " أو "محسوس "‪.‬‬
‫‪ ‬أما المرحلة الثالثة‪ :‬واالخيرة فهي مرحلة العقل العلمي الجديد أبتدأً من عام ‪ 1905‬حتى‬
‫بدأت نظرية أنشتاين في النسبية تغير كثيراً من المفاهيم الخاطئة التي كانت سائدة قبل‬
‫ذلك وقد شهد النصف االول من القرن العشرين تطوراً مذهالً في مجال العلوم مثال ذلك‬
‫الميكانيكا الكوانتية والميكانيكا التموجية عند لويس دي بروي وميكانيكا ديراك وفيزياء‬
‫هيزنبرغ‪ .‬هي الحالة المجردة‪ :‬حيث يتدخل العقل بمعالجة المعلومات المأخوذة من الواقع‬
‫لكنها منفصلة عن التجربة المباشرة أو بمعنى آخر يكون العقل والتجربة في هذه المرحلة‬
‫متالزمين كل منهما متمم لآلخر‪ ،‬وبما أنه يفترض بكل معرفة علمية أن يتحدد بنائها في‬
‫كل لحظة حسب تطور العلم والعلوم فأن براهيننا العلمية والمعرفية سيكون أمامها المجال‬
‫الكافي لكي تتطور على مستوى المسائل الخاصة‪ ،‬دونما أي اهتمام بالمحافظة على هذا‬
‫التطور التأريخي " لنظرية المعرفة "‪.‬‬
‫‪ .3‬المهام األساسية لالبستمولوجيا الباشالرية‬
‫‪ ‬المهمة األولى‪ :‬هي ا براز القيم االبستمولوجية التي تفرزها الممارسة العملية وذلك بقطع‬
‫الطريق على كل ما تحاول الفلسفة إدخاله في العلم من قيم أخالقية ودينية وجمالية‪ 1،‬إن‬
‫مصدر هذه القيم النظريات العلمية ليس كل النظريات العلمية بل الجديدة والثورية منها ‪,‬‬
‫فالقيمة االبستمولوجية للهندسات الال أقليدية مثالً ترتبط بما تقدمه هذه الهندسات من‬
‫تصور جديد ‪ ,‬للمكان وهذا التحديد لمهمة فلسفة العلوم تحديد إيجابي فبموجبه ال تكون‬
‫فلسفة العلوم تدخالً فلسفيا ً في العلم لتبرير أهداف خارجة عنه ‪ ,‬بل تكون استيعابا للقيم‬
‫العلمية الجديدة ‪ ,‬التي يفرزها التطور العلمي ‪ ,‬وبمعنى أخر " أن باشالر ال يريد أن يقيم‬
‫نظرية في المعرفة تحتوي النتائج العلمية لتحديد أهداف أيدلوجية‬

‫‪ 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.195‬‬

‫‪ ‬المهمة الثانية‪ :‬فهي البحث في أثر تطور المعارف على بنية الفكر‪ ،‬سيؤدي هذا البحث‬
‫الى فوضى في العقل مخالف للموقف الفلسفي التقليدي إنه موقف مربك للفكر فالعقل بفعل‬
‫تطور المعارف العلمية‪ ،‬وتأثيرها في بيئته سيغدو ديناميا ً فعا ً‬
‫ال‪ ،‬إن فلسفة العلوم مع هذا‬
‫الفهم الدينامي لبيئة العقل التي تتعارض وتطور العلم‪ ،‬بل تستقبل القيم الجديدة حتى وإن‬
‫كانت مناقضة ومخالفة لتصورات فلسفية سابقة‪ .‬أن إدراك القيم الجديدة للعلم تقتضى‬
‫االنتباه إلى مظاهر التجديد والخصوصية فيه « ألنه سيجد في خصائص العلم المعاصر‬
‫قيما إبستمولوجية جديدة ينبغي إبراز داللتها» ‪ 1‬حقيقة يؤكدها التحول والتطور الذي عرفته‬
‫العلوم المعاصرة‪ ،‬فعلوم القرن العشرين تمتاز بقيم جديدة إذا ما قورنت بعلوم القرن الثامن‬
‫عشر والتاسع عشر‪ ،‬لذلك على الفلسفة أن تقوم بمراجعة مفاهيمها‪ ،‬تصحيحا وتجديدا‬
‫وابتكارا‪ ،‬لتتمكن من إدراك الجدة العلمية المعاصرة‪ .‬يقول باشالر موضحا« إننا سنغتنم‬
‫‪2‬‬
‫كل الفرص للتأكيد من صفحة إلى أخرى على الطابع التجديدي للفكر العلمي المعاصر‪.‬‬
‫‪ ‬المهمة الثالثة‪ :‬فهي التحليل النفسي للفلسفة الموضوعية فقد نقل باشالر هذه النظرية الى‬
‫االبستمولوجيا فأفترض أن ثمة مكبوتات عقلية لدى الباحث العلمي على االبستمولوجي‬
‫أن يبحث عنها ليظهر أثرها في البحث العلمي ‪ ,‬على فيلسوف العلم أن يكون المحلل‬
‫النفسي لعمل الباحث ‪ ,‬بمعنى أن عليه افتراض جانب باطني ديناميكي في العمل العلمي‬
‫يؤثر على هذا العمل ‪ ,‬لذا وكما أن أدراك المكبوتات والعقد النفسية من شأنه مساعدتنا‬
‫على فهم السلوك اإلنساني والحياة النفسية فإن التحليل النفسي للمعرفة الموضوعية‬
‫سيمكننا من فهم هذه المعرفة في تطورها أو نكوصها أو توقفها وما يسميه فرويد عقداً‬
‫نفسية ‪ ,‬يسميه باشالر عوائق ا بستمولوجية وهو يكرس دراسة مهمة كـ" تكوين العقل‬
‫العلمي " و" التحليل النفسي للنار " لكشف هذه العوائق وتحديد الميكانزم الذي على أساسه‬
‫‪3‬‬
‫تتوقف المعرفة الموضوعية وتتقهقر‪.‬‬

‫وقيدي‪ ،‬محمد‪ ،‬فلسفة المعرفة عند غاستون باشالر‪ ،‬مرجع سابق ص‪69‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬بوغالم جمال‪ ،‬الفكر العلمي الجديد بين القطيعة والتواصل غاستون باشالر وميشال سير نموذجين‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في الفلسفة‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،2‬الجزائر‪ ،2017.2016 ،‬ص‪.86‬‬

‫رافد قاسم هاشم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،196‬بتصرف‬ ‫‪3‬‬

 ‫‪ .4‬العوائق االبستمولوجية‪:‬‬

‫من بين أهم العوائق االبستمولوجية التي توصل لها غاستون باشالر من خالل قراءته للمعرفة‬
‫‪1‬‬
‫العلمية نذكر‪:‬‬

‫‪ ‬العائق األول‪ :‬التجربة األولى‪ ،‬أي التجربة السابقة على النقد‪.‬‬

‫‪ ‬العائق الثاني‪ :‬عائق التعميم‪ ،‬يقول باشالر‪ ”:‬إنه ما من شيء عمل على كبح تطور‬
‫المعرفة العلمية كما فعل المذهب الخاطئ للتعميم الذي ساد من أرسطو إلى بيكون‪،‬‬
‫والذي ما يزال بالنسبة لعقول كثيرة المذهب األساس للمعرفة"‪.‬‬
‫‪ ‬العائق الثالث‪ :‬العائق اللفظي ويعني أن هناك ألفاظا تتمدد أثناء استخدامها فتصبح‬
‫تدل على أشياء خارج داللتها األصلية مما يجعل من استخدامها مشوشا ومبهما إلى‬
‫حد كبير‪.‬‬
‫‪ ‬العائق الرابع‪ :‬هو العائق الجوهري‪ .‬أي فكرة الجوهر التي تسببت في توهان العلماء‬
‫لعصور طويلة بحثا عن جواهر األشياء بدال من ظواهرها‪.‬‬
‫‪ ‬العائق الخامس‪ :‬العائق اإلحيائي ويعني به إدخال بعض العلوم في مجاالت غير‬
‫مجاالتها التي تعمل فيها خصوصا إدخال األحياء (البيولوجيا) في علم الكيمياء‬
‫والفيزياء‪.‬‬

‫المحاضرة الرابعة‪ ،‬أشهر أعالم نظرية المعرفة(كانط وباشالر)‪https://elearn.univ-tlemcen.dz ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪17:32‬‬ ‫‪2023.10.10‬‬
 ‫خاتمة‬

‫مهما يهدف إلى دراسة كيفية اكتساب المعرفة‬ ‫ً‬

‫مجاال فلسفيًا ً‬ ‫في الختام‪ ،‬يُعتبر االبستيمولوجيا‬
‫وتأسيس الحقائق‪ .‬تسعى هذه الفلسفة إلى استكشاف جذور المعرفة ومصادرها‪ ،‬مع التركيز‬
‫على دور الخبرة الشخصية واللغة في عملية الفهم واإلدراك‪.‬‬

‫إن فهم االبستيمولوجيا يساهم في تطوير الوعي وزيادة القدرة على التفكير نقديًا واستنتاجيًا‪.‬‬
‫يعكس هذا المجال أهمية بحث مستمر حول الطبيعة البشرية وعالقتنا مع المعرفة‪ .‬من خالل‬
‫تعزيز الفهم والوعي بالطرق التي نحصل بها على المعرفة والتحقق منها‪ .‬إنها تساعدنا على‬
‫تطوير قدرتنا على التفكير النقدي والتحليل العميق للمفاهيم والمعلومات‪.‬‬

‫أما فيما ي تعلق باالبستمولوجيا نفسها‪ ،‬فتأسست على أسس قوية تتضمن الشك واالعتبار النقدي‪.‬‬
‫تتفرع االبستمولوجيا إلى عدة فروع مثل االبستيمولوجيا الوجدانية واالبستيمولوجيا‬
‫االجتماعية‪ .‬موضوعاتها تشمل الحقيقة واإليمان والمعرفة والشك‪ .‬رواد االبستيمولوجيا شملوا‬
‫فالسفة كبار مثل رينيه ديكارت وإيمانويل كانت وغاستون باشالر‪.‬‬

‫في الختام‪ ،‬االبستيمولوجيا هي مجال مهم في الفلسفة يساهم في فهم أسس المعرفة وتأكيدها‪،‬‬
‫وتعزز التفكير النقدي والوعي الفلسفي لدى األفراد‪ .‬تستند إلى أسس قوية وتتفرع إلى عدة‬
‫فروع‪ ،‬وقد قادت إلى ظهور العديد من الرواد الفلسفيين البارزين‬
 ‫قائمة المراجع‬

‫‪ .1‬أليكس رونبرج‪ ،‬فلسفة العلم مقدمة معاصرة‪ ،‬ترجمة أحمد عبد هللا السماحي وفتح هللا‬
‫الشيخ‪ ،‬مراجعة نصار عبد هللا‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز القومي للترجمة‪ ،‬القاهرة‪2011 ،‬‬
‫الثاني‪/‬نوفمبر‪،‬‬ ‫تشرين‬ ‫للفلسفة‪19‬‬ ‫العالمي‬ ‫اليوم‬ ‫المتحدة‪،‬‬ ‫‪ .2‬األمم‬
‫‪https://www.un.org/ar/observances/philosophy-day‬‬
‫‪19:13 2023.10.10‬‬
‫‪ .3‬بوغالم جمال‪ ،‬الفكر العلمي الجديد بين القطيعة والتواصل غاستون باشالر وميشال‬
‫سير نموذجين‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الدكتوراه في الفلسفة‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية‬
‫واإلنسانية‪ ،‬جامعة وهران‪ ،2‬الجزائر‪2017.2016 ،‬‬
‫باشالر‬ ‫غاستون‬ ‫عند‬ ‫المعرفة‬ ‫ابستيمولوجيا‬ ‫هاشم‪،‬‬ ‫قاسم‬ ‫‪ .4‬رافد‬
‫‪ ، 16.11‬نقال عن‬ ‫‪2023.10.10 https://www.uobabylon.edu.iq‬‬
‫كامل ‪ ,‬فؤاد وأخرون (الموسوعة الفلسفية المختصرة )‬
‫غاستون‬ ‫عند‬ ‫المعرفة‬ ‫ابستيمولوجيا‬ ‫هاشم‪،‬‬ ‫قاسم‬ ‫‪ .5‬رافد‬
‫باشالر‪16.11 2023.10.10 https://www.uobabylon.edu.iq ،‬‬
‫غاستون‬ ‫عند‬ ‫المعرفة‬ ‫ابستيمولوجيا‬ ‫هاشم‪،‬‬ ‫قاسم‬ ‫‪ .6‬رافد‬
‫‪ ، 16.11‬نقال‬ ‫باشالر ‪2023.10.10 https://www.uobabylon.edu.iq‬‬
‫عن وقيدي ‪ ,‬محمد (ماهي االبستمولوجيا )‬
‫‪ .7‬عناني نور الدين‪ ،‬المحاضرة األولى مدخل إلى االبستيمولوجيا‪ ،‬مقياس‬
‫االبستيمولوجيا‪ ،‬معهد التربية البدنية والرياضية‪ ،‬جامعة وهران للعلوم‬
‫الجزائر‪https://elearning.univ -usto.dz.‬‬ ‫والتكونولوجيات‪،‬‬
‫‪18.02 2023.10.10‬‬
‫‪ .8‬لؤي هامل العبودي‪ ،‬أسس نظرية المعرفة‪ ،‬دون سنة‪ ،‬دون دار نشر‪،‬‬
‫‪ .9‬المحاضرة األولى‪ ،‬تعريف العلم‪10.10 .2023 https://cte.univ -setif2.dz ،‬‬
‫‪19:03‬‬
‫المحاضرة الرابعة‪ ،‬أشهر أعالم نظرية المعرفة(كانط وباشالر)‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫‪17:32‬‬ ‫‪2023.10.10 https://elearn.univ -tlemcen.dz‬‬
‫محمد بن عبد الحميد القطاونة‪ ،‬نظام التعليم المطور‪ ،‬محاضرة في مقياس‬ ‫‪.11‬‬
‫نظرية المعرفة‪ ،‬جامعة الملك فيصل‪ ،‬دون ذكر السنة‬
‫محمد خاليفية‪ ،‬نحو تأصيل وترشيد للطرح االبستيمولوجي في تناول العلوم‬ ‫‪.12‬‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬مجله الباحث‪ ،‬قسم علم النفس وعلوم التربية واالرطوفونيا‪،‬‬
‫جامعه الجزائر ‪02‬‬
‫محمد سليم محمد حنفي‪ ،‬االبستيمولوجيا االجتماعية وفلسفة الفعل عند ألفين‬ ‫‪.13‬‬
‫جولمان درا سة تحليلية في االبستيمولوجية التطبيقية‪ ،‬المجلة العلمية لكلية اآلداب‪،‬‬
‫العدد‪ ، 85‬جامعة أسيوط‪ ،‬يناير ‪2023‬‬
‫‪1‬نوفمبر‪،2010‬‬ ‫االبستيمولوجيا‪،‬‬ ‫في‬ ‫مقدمة‬ ‫فرحان‪،‬‬ ‫محمد‬ ‫‪.14‬‬
‫‪2023.10.10 https://drmfarhan.wordpress.com/2010/11/01 /‬‬
‫‪17:49‬‬
‫‪http://thesis.univ -biskra.dz‬‬ ‫المعرفة‬ ‫حول‬ ‫مفاهيمي‬ ‫مدخل‬ ‫‪.15‬‬
‫‪19:11 2023.10.10‬‬
‫مليكة جابر‪ ،‬اسهام االبستيمولوجيا في تعليمية علم االجتماع‪ ،‬مجلة العلوم‬ ‫‪.16‬‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬العدد الثامن‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬الجزائر‪2012 ،‬‬
‫يحيى سعد ‪ ،‬مدخل إلى نظرية المعرفة أهمية نظرية المعرفة وطبيعة المعرفة‪،‬‬ ‫‪.17‬‬
‫مقال منشور على موقع دراسة لالستشارات والدراسات والترجمة‪ ،‬بتاريخ‪،‬‬
‫‪2021.10.07‬‬