Professional Documents
Culture Documents
نقد املناهج ـ وجيب أن نفهم من هذا اللفظ بطبيعة احلال ،معىن الدراسة النقدية ،وليس التشهري أو القدح
ـ يبدو يف ميدان اإلبستمولوجيا على صورتني :
.1صورة فلسفية بشكل أكثر خصوصية :ويتعلق األمر يف نفس اآلن بوصف للمسعى العلمي عموما ،
أو ملنهجية علمية خاصة ( حيث يبني الفيلسوف من وجهة نظره كيف ميارس العامل علمه) ومبوقف حول
وسائل امتالك املعرفة ،حيث يستطيع إبستمولوجي معني على سبيل املثال وصف نشاط العامل بألفاظ
عقالنية ( حيث يوضح الدور املركزي للعقل يف اختيار وبناء الوقائع العلمية ) ،أو بألفاظ جتريبية ( حيث
سيحاول حينذاك أن يربهن على أن كل املعارف املوضوعية هي مستخلصة من التجربة ،أي من املعطيات
احملسوسة ) ،وبنفس الطريقة سيتخذ موقفا حول طبيعة املعرفة .هذا النمط من اإلبستمولوجيا الذي يأنف
بعض اإلبستمولوجيني أن يسميه إبستمولوجيا ،ينحدر من نظرية املعرفة أو ، Gnoséologieوهبذا
املعىن نعتربهم إبستمولوجيني أولئك الذين نسميهم ” الفاعلون الكبار ” يف الفلسفة الكالسيكية كأرسطو
وديكارت وكانط وهوسرل ،وبعض افبستمولوجيني املعاصرين أمثال جاستون باشالر .وما عدا هذا
األخري ،نستطيع أن نقول إن خطأهم الذي يؤدي أحيانا إىل النظر إليهم باستخفاف من طرف من
يسمون بـ ” اإلبستمولوجيني احلقيقيني ” هو حماولتهم إنشاء نظرية عامة للمعرفة بدون أي اعتبار
للمشاكل اجلزئية املطروحة داخل كل ميدان معريف خاص ،وهو تعريفهم هلذه النظرية انطالقا من
تعميمات مبكرة مستخلصة من علم خاص ( التاريخ الطبيعي بالنسبة ألرسطو ـ الرياضيات بالنسبة
لديكارت ـ الفيزياء بالنسبة لكانط ـ املنطق بالنسبة هلوسرل) .2 .صورة أخرى ما فوق ـ علمية (تستخدم
مفاهيم تعميمها أكرب من تعميم املفاهيم العلمية اخلالصة) بشكل أكثر خصوصية :ويتعلق األمر بتعريف أو
تأسيس ملنهج ما ،ويستهدفان بالنسبة للعامل توجيه أحباثه أو جعلها مشروعة .هذا النوع من الدراسة
يشكل حقيقة جزءا مما أمسيناه ” اإلبستمولوجية التكوينية ” ،يف حني الدراسة األوىل واألكثر نزوعا حنو
نظرية املعرفة ،ترتبط أكثر باإلبستمولوجيا النقدية .ومع ذلك فإن مدرسة بكاملها من اإلبستمولوجيني
ذوي املشارب األمربيقية والوضعية مكونة أساسا من مناطقة ( حلقة فيينا املؤسسة سنة 1929من طرف
موريتز شليك ) أجهدت و ال تزال جتهد نفسها يف صياغة قواعد منطقية ( ومنها جاء إسم الوضعية
املنطقية اللصيق هبذا التيار) ملنطق قابل للتطبيق على جمموع العلوم .حماولة التوحيد هاته للغة العلم ،وليس
للعلوم ذاهتا بطبيعة احلال ،تسمى “النزعة الفيزياوية ” ألهنا تقرتح التعبري عن املفاهيم البيولوجية ومفاهيم
علم النفس واالجتماع وغريها بقضايا لغة الفيزياء من جهة ،وتفرض رمبا على كل العلوم منهجا مشاهبا
ملنهج الفيزياء :ولو أن هذا ليس هو هم العلماء كلهم ،فإن هذه اإلبستمولوجيا هي حقا تكوينية على
املستوى الذي تفرض فيه على العلم منهجا علميا معينا تعتربه متمتعا بالشرعية .سنعطي هنا أسفله مثالني
هلذين النوعني من اإلبستمولوجيا باعتبارها دراسة للمناهج .بالنسبة للنوع األول من اإلبستمولوجيا سنرى
كيف ميكن أن يوصف املنهج يف العلوم الفيزيائية بطريقة متعارضة كليا من طرف كل من ديكارت
ونيوتن.
األول بإرادته االنطالق من املبادئ حنو النتائج يستعمل منهجا استنتاجيا قبليا ( مؤسسا على
ديكارت للقواعد إىل أربعة قواعد أساسية ،فادعى على العكس إمكانية االستخالص الكلي لقوانني
الطبيعة من التجارب احلسية ،لكي يصعد هكذا من حىت يصل إىل املبادئ العامة اليت حتكمها ،أي
باتباع منهج استقرائي بعدي .إن العقالنية الديكارتية تستخلص منهجيتها من الرياضيات ؛ ففي
علوم الطبيعة تلعب املبادئ املعروفة عن طريق احلدس دور األكسيومات ،والقوانني اليت ميكن
استنتاجها منها هي مشاهبة للمربهنات .أما النيوتونية ،وعلى العكس من ذلك ،فإن املنهج اخلاص
بعلوم الطبيعة يعترب كما لو كان خمتلفا بشكل جذري عن الرياضيات ،ما دامت التجربة حسب
نيوتن ،وليس احلدس ،هي اليت من املفروض أن تقود خطواتنا دون أن يكون من الضروري
اللجوء إىل احلدس بصياغة فرضيات :وهذا هو معىن قولة نيوتن املشهورة ” :أنا ال أضع
الفرضيات “.
” … بدل هذا العدد اهلائل من املبادئ املكونة للمنطق ،اعتقدت أنه ميكنين االكتفاء
منها باملبادئ األربعة التالية ،آمال يف أنين سأختذ قرارا قاطعا وثابتا يف أنين لن أمهل ولو مرة واحدة
مالحظة أي منها.
األولى :أن ال أتلقى على اإلطالق شيئا على أنه حق ما مل أتبني بالبداهة أنه كذلك ،أي أن أعىن
بتجنب التعجل والتشبث باألحكام السابقة ،وأن ال أدخل يف أحكامي إال ما يتمثل لعقلي يف وضوح
ومتيز ال يكون لدي معهما أي جمال لوضعه موضع الشك.
والثانية :أن أقسم كل واحدة من املعضالت اليت أحبثها إىل عدد من األجزاء املمكنة والالزمة حللها على
أحسن وجه.
والثالثة :أن أرتب أفكاري ،فأبدأ بأبسط األمور وأيسرها معرفة ،وأتدرج يف الصعود شيئا فشيئا حىت
أصل إىل معرفة أكثر األمور تركيبا ،بل أن أفرض ترتيبا بني األمور اليت ال يسبق بعضها بعضا بالطبع.
واألخيرة :أن أقوم يف مجيع األحوال بإحصاءات كاملة ومراجعات عامة جتعلين على ثقة من أنين مل أغفل
شيئا‘ .ن هذه السالسل الطويلة من احلجج البسيطة والسهلة اليت تعود علماء اهلندسة استعماهلا للوصول
إىل أصعب براهينهم ،أتاحت يل أن أختيل أن مجيع األشياء اليت ميكن أن تقع يف متناول املعرفة اإلنسانية ،
تتعاقب على صورة واحدة ،وأنه إذا حتاشى املرء أن يتلقى ما ليس منها حبق على أنه حق ،وحافظ دائما
على الرتتيب الالزم الستنتاجها بعضها من بعض ،فإنه ال جيد بني تلك األشياء بعيدا ال ميكن إدراكه ،و
ال خفيا ال يستطاع كشفه .ومل أجد كبري عناء يف البحث عن األمور اليت جيب االبتداء هبا ،ألنين كنت
أعرف من قبل أن االبتداء إمنا يكون بأبسط األشياء وأسهلها معرفة .وملا رأيت أن بني الذين حبثوا من قبل
عن احلقيقة يف العلوم مل يستطع أحد غري الرياضيني أن يهتدي إىل بعض الرباهني ،أي إىل بعض احلجج
اليقينية والبديهية ،مل أشك أبدا يف أن ذلك مل يتيسر هلم إال بطريق األمور اليت عاجلوها ،ومل أؤمل منها
فائدة أخرى سوى تعويد عقلي مؤالفة احلقائق البديهية ونبذ احلجج الباطلة”.
إقرأ الكتاب
.5مكرر
” بالنسبة للفيزياء ،اعتقدت أنين ال أعرف شيئا عنها ،إذا مل أكن أعرف أن أقول كيف ميكن أن توجد
األشياء ،بدون القدرة على الربهنة بأهنا ال ميكن أن توجد بشكل مغاير؛ ذلك أن إرجاعها واختزاهلا إىل
قوانني الرياضيات هو شيء ممكن “.
رونيه ديكارت
” القاعدة األولى :لا جيب اعتبارها أسبابا إال تلك اليت هي ضرورية لتفسري
الظواهر .إن الطبيعة ال تقوم بأي فعل سدى ،وسيكون فعال ألشياء تافهة ممارسة فعل بواسطة عدد كبري
من األسباب ،يف الوقت الذي ميكن حدوثه فيه بعدد أقل منها.
القاعدة الثانية :جيب عزو التأثريات اليت هي من نفس النوع دائما ،وكلما أمكن ذلك ،لنفس السبب.
هكذا فإن عملية التنفس لدى اإلنسان واحليوان ،وسقوط حصاة يف أوربا أو أمريكا ،وضوء النهار هنا
[ على األرض] وضوء الشمس ،وانعكاس الضوء على األرض والكواكب [ ،هي أفعال ] جيب أن تعزى
على التوايل لنفس األسباب.
القاعدة الثالثة :جيب أن ننظر خلصائص األجسام اليت ال تقبل الكرب وال النقصان ،واليت حتوزها كل
األجسام اليت ميكن إجراء التجارب عليها ،كخصائص مرتبطة بكل األجسام عموما .ال ميكن أن نعرف
خواص األجسام إال عن طريق التجربة ،وهكذا ميكننا أن ننظر إليها كخصائص عامة ،اخلصائص املوجودة
يف كل األجسام ،واليت ال ميكن أن تشكو من التناقص؛ ذلك ألنه من املستحيل إفراغ األجسام من
خصائصها اليت ال ميكن إنقاصها .كما ال ميكن أن تعارض التجارب باألحالم ،و ال جيب إمهال التماثل
يف الطبيعة ،والذي هو دائما بسيط ومشابه لذاته .إن تعني األجسام وامتدادها ال يعرف إال عن طريق
احلواس ،و ال ميكن اإلحساس به يف كل األجسام (االمتداد ) ،وإمنا كتعني أو امتداد لصيق بتلك اليت
توجد حتت حواسنا ،وحنن نؤكد أن هذا االمتداد مرتبط بكل األجسام عموما .إننا جند أن كثريا من
األجسام صلبة :بيد أن صالبة الكل متأتية من صالبة األجزاء ،وهكذا نعرتف هبذه اخلاصية ،ال فقط يف
األجسام اليت مكنتنا حواسنا من اختبارها ،ولكننا نستدل بواسطة العقل على األجزاء غري القابلة للقسمة
هي أجزاء ميكن أن تكون صلبة .نستنتج بنفس الطريقة أن كل األجسام غري قابلة لالخرتاق ،وذلك ألن
كل األجسام اليت نلمسها ال تقبله ،لذلك ننظر لعدم القابلية لالخرتاق كخاصية تسري على كل األجسام.
كل األجسام اليت نعرفها متحركة ،ومتميزة بقوة معينة ( نسميها قوة العطالة ) تدوم وتستمر بفضلها يف
حالة حركة أو حالة سكون .نستنتج أن كل األجسام عموما متتلك هذه اخلصائص .االمتداد ،الصالبة ،
عدم القابلية لالخرتاق ،احلركية ،العطالة يف كل األجسام تتأتى إذن من امتداد وصالبة وعدم القابلية
لالخرتاق وحركية وعطالة األجزاء :وهو ما نستنتج منه أن كل األجزاء الدقيقة يف مجيع األجسام هي ممتدة
وصلبة وغري قابلة لالخرتاق ومتحركة وممتلكة لقوة العطالة ،وهذا هو أساس كل الفيزياء .وأكثر من ذلك
نعرف أيضا عن طريق الظواهر أنه ميكن لألجزاء املتالصقة لألجسام أن تنفصل ،وتطلعنا الرياضيات على
أنه ميكن متييز األجزاء غري القابلة للقسمة واألكثر صغرا أحدها عن اآلخر عن طريق العقل.إننا ال زلنا
جنهل ما إذا كانت هذه األجزاء املتميزة وغري املنقسمة تقبل العزل واالفرتاق عن طريق قوى الطبيعة ،
ولكن إذا كان من املؤكد وعن طريق جتربة واحدة أن واحدة من هذه األجزاء اليت نعاينها كوحدة قابلة
للقسمة عانت نوعا من أنواع القسمة بعزل أو بكسر جسم صلب كيفما كان ،فيمكن أن نستنتج عن
طريق هذه القاعدة أنه ليست األجزاء املنقسمة قابلة للعزل فقط ،وإمنا قابلة األجزاء غري املنقسمة للقسمة
إىل ما ال هناية .وأخريا ،وما دام من الثابت من التجارب ومن املالحظات الفلكية أن لكل األجسام
القريبة من سطح األرض وزن فوق األرض حسب كمية مادهتا ،وأن القمر يثقل على األرض بسبب
كمية مادته ،وأن حبرنا يثقل بدوره على القمر ،وأن كل الكواكب تثقل على بعضها البعض بشكل
متبادل ،وأن املذنبات تثقل أيضا على الشمس ،فإننا نستطيع أن نستنتج تبعا هلذه القاعدة الثالثة أن كل
األجسام تسبح بشكل متبادل بعضها حنو البعض اآلخر ،وسيكون هذا االستدالل بفضل اجلاذبية الكونية
لألجسام املستخلصة من الظواهر أقوى من ذلك الذي نستنتج منه عدم قابليتها لالخرتاق :وذلك ألنه
ليست لدينا أية جتربة أو أية مالحظة تؤكد لنا أن األجسام األرضية هي أجسام غري قابلة لالخرتاق ،ومع
ذلك فأنا ال أؤكد أبدا أن اجلاذبية [ خاصية ] جوهرية لألجسام ،و ال أعين بالقوة الكامنة يف األجسام إال
قوة العطالة اليت هي قوة ثابتة :بدال من أن اجلاذبية تتناقص كلما ابتعدنا عن األرض.
القاعدة الرابعة :يف الفلسفة التجريبية ،جيب أن ينظر إىل القضايا املستخلصة عن طريق االستقراء ،وعلى
الرغم من الفرضيات املضادة ،على أهنا قضايا صادقة بشكل تام أو تقرييب ،يف انتظار أن تؤكدها بعض
الظواهر األخرى كليا ،أو تطلعنا على أهنا معرضة الستثناءات .ذلك ألن فرضية ما ال ميكنها إضعاف
االستدالل املؤسس على االستقراء املستخلص من التجربة .ال ميكنين أن أعتقد إال أنه إجراء فعال لتحديد
احلقيقة ،وأن أفحص خمتلف الطرق اليت ميكن وفقها تفسري الظواهر ،ما عدا يف احلالة اليت ال ميكن فيها
سرد وتعداد كل هذه الطرق بشكل كلي وتام .إن املنهج احلقيقي ،كما تعلمون ،لالستخبار واالستعالم
عن خصائص األشياء ،هو استنتاجها من التجارب .وقد قلت لكم أن النظرية اليت اقرتحتها ،جاءتين ال
عن طريق االستدالل [ واملسألة هكذا ألهنا ليست بشكل مغاير ] ، ،أي ليس عن طريق استدالهلا بكل
بساطة من رفض الفرتاض مضاد ،ولكن باشتقاقها من التجارب ،حيث تستنتج منها إجيابيا وبشكل
مباشر .ولذلك فإن الطريقة اليت جيدر هبا فحصها ،هي اعتبار ما إذا كانت التجارب اليت مت اقرتاحها
تربهن بالفعل على أجزاء النظرية اليت تفسر األجزاء بفضلها ،أي أيضا باتباع جتارب أخرى ميكن التفكري
فيها إلخضاع النظرية للفحص . . .ذلك ألنه إذا كانت التجارب اليت أستدعيها ناقصة ومعابة ،فلن يكون
صعبا توضيح وعرض نواقصها ،ولكن إذا كانت صاحلة ،فإهنا وبواسطة تلك اليت تربهن على النظرية
ذاهتا ،ستحيل بالضرورةـ كل االعرتاضات اعرتاضات ال قيمة هلا”.
” لقد مت وصف هذا التمييز األساسي بني املفاهيم والتصورات العلمية لدى كل من
ديكارت ونيوتن من قبل فونتونيل Fontenelleوهو إذ ذاك سكرتري دائم لدى أكادميية العلوم ،
وذلك عندما كان بصدد مدح السري إسحاق نيوتن ،فقال ” :لقد كانت بني الرجلني اللذين مها على
طريف نقيض عالقات وثيقة ؛ فكل منهما كان عبقريا من الطراز األول ،وقد ولد كل منهما للهيمنة على
العقول األخرى ولتأسيس اإلمرباطوريات .كالمها رياضي بارع رأى ضرورة نقل اهلندسة إىل ميدان
الفيزياء ،وكالمها أسس فيزياءه على اهلندسة ( .). . .غري أن أحدمها أراد ،وبقفزة جريئة ،التموضع يف
منبع كل شيء ،وأن يغدو سيد كل املبادئ األوىل عن طريق بعض األفكار الواضحة واألساسية ،وذلك
حىت ال حيتاج إىل النزول من تلك املبادئ إىل ظواهر الطبيعة كنتائج ضرورية هلذا النزول .أما اآلخر ،وهو
أكثر خجال وتواضعا ،فإنه بدأ سريه باالستناد إىل الظواهر صعودا حنو املبادئ اجملهولة ،وانتهى إىل أن
اعتبارها كما هي ،ميكنه أن يعطينا تسلسال للنتائج .أحدمها ينطلق مما يفهم بوضوح للعثور على سبب ما
يراه أو يالحظه ،أما اآلخر فينطلق مما يراه ويالحظه للعثور على سبب ما يراه ويالحظه”.
هاك اآلن مثاال عن نقد املناهج املمارس من قبل العلماء لتأسيس علمهم اخلاص وتعريف موضوعه ،وهو
مثال مستعار من ميدان الفيزيولوجيا .ينتقد كلود برينار تطبيق املنهج التجرييب املستخدم يف ميدان الفيزياء
والكيمياء على الوقائع البيولوجية ،وهو يوضح أوال كيف أنه خالفا ملا اعتقده سابقوه ،بيشا على
اخلصوص ،فإنه من املشروع اعتبار الظواهر احلية كما لو كانت ظواهر فيزيائية ـ كيميائية ،ولو يف
اللحظة األوىل على األقل ،مث حيدد يف نفس اآلن حدود وعدم كفاية هذا املنهج الذي ال يسمح بتفسري
وظائف األعضاء املدروسة ،و ال تراتبية تلك الوظائف.وبتقرير مشروعية املنهج التجرييب يف البيولوجيا ،
أي بالرتخيص له بتحليل وتفكيك املكونات العضوية لـ ” مركب فيزيولوجي ” مث إعادهتا إىل أماكنها
ووظائفها ،يؤسس كلود برينار منهج الفيزيولوجيا املعاصرة ،وبذلك يعرف موضوع هذا العلم بطريقة
جديدة.