Professional Documents
Culture Documents
مقدمة:
يتناول المقرر الخاص بوحدة مناهج و مدار س للسداسي الثاني ألهم
النظريات و المناهج الكبرى التي قدمت إرثا علميا هائال ،أدى بشكل كبير
في تطور العلوم االجتماعية و استقاللها عن الفلسفة ،وظهرت علوم
جديدة لها موضوعاتها الخاصة و األطر النظرية المفسرة لها و اعتمادها
على مناهج و أساليب البحث جديدة ،تسمح بالتحقق من الفروض التي
تطرحها هذه النظريات و الوصول إلى الحقائق و القدرة على تفسيرها،
و لقد برزت العديد من العلوم و نذكر منها؛ علم االجتماع ،علم النفس،
التاريخ ،دراسة اآلثار،اللغات ،العلوم االقتصادية ،العلوم السياسية ،و
غيرها من العلوم الجديدة في العصر الحالي.
ويتصل و يرتبط البحث العلمي ارتباطا قويا بالنظريات و المدارس ،
فالنظرية هي اإلطار المرجعي للبحث العلمي ،بحيث تقدم النظرية رؤية
خاصة لموضوعات البحث في نسق منسجم من حيث المفاهيم و األسس
المنهجية و تفسيرات وفق هذا اإلطار و القدرة على التنبؤ بناء على
التحليل و التفسير للظواهر التي تخصها.
.1تعريف النظرية:
تعريف إبراهيم بايزر" نسق فكري استنباطي منسق حول ظاهرة أو
مجموعة من الظواهر المتجانسة يحوي إطارا تصوريا و مفهومات و
قضايا نظرية توضح العالقات بين الوقائع و تنظمها بطريقة دالة و ذات
معنى ،كما أنها ذات بعد إمبيريقي(تطبيقي) ،و ذات اتجاه تنبؤي.
.1خصائص النظرية:
يمكن تلخيص أهم الخصائص النظرية في النقاط التالية:
نسق من المفاهيم و القوانين المرتبطة بالظواهر و وظائفها. ü
خلفية و إطار مرجعي لتفسير معطيات الواقع. ü
االعتماد عليها في توجيه المعطيات العلمية. ü
تعطي تفسيرا شمال للعمل المراد دراسته. ü
و يتم تصنيف النظريات وفق االتجاهات المرتبطة بموضوع العلم و
األسس المنهجية و قدرة النظرية بالتميز و التأثير في تطور العلم.
و من أهم المدارس التي شكلت تحوال هاما في تطوير العلوم االجتماعية
نذكر منها؛ المدرسة الوضعية،المدرسة الماركسية،المدرسة
العضوية،المدرسة البنائية الوظيفية ،المدرسة اإلسالمية .و يعتبر رواد
هذه المدارس من منظري و مؤسسي علم االجتماع ،بحيث كل هذه
النظريات اهتمت بدراسة التأثير و التأثر بين الجماعة و الفرد ،و ذلك
من زوايا و رؤى مختلفة الختالف القناعات و المرجعيات و الظروف
التاريخية لكل عالم.
.3تعريف علم االجتماع:
تعريف اوغست كونت ( ")Auguste Comteيتكون علم االجتماع
من كلمة ( )logieو تعني العلم أو المعرفة و تعني
كلمة ()sociétéالمجتمع.
و يعرف " هو الدراسة العلمية للسلوك االجتماعي لألفراد و األساليب
التي ينتظم بها المجتمع بإتباع خطوات المنهج العلمي".
و يعرف أيضا على انه" العلم الذي يدرس الوقائع و الظواهر و األحداث
و الحقائق االجتماعية من جهة ،و دراسة أفعال األفراد و تصرفاتهم و
سلوكياتهم في عالقة باآلخرين ،ضمن سياق تفاعلي اجتماعي معين من
جهة أخرى ،كما يدرس األنظمة و المؤسسات االجتماعية".
و لقد أفرزت الدراسات و إسهامات في مجال العلوم االجتماعية اتجاهات
عديدة و متنوعة و منها :االتجاه الوضعي ،االتجاه الماركسي ،االتجاه
البنائي-الوظيفي ،و هي نظريات شكلت مرجعية علمية هامة في تطور و
بروز نظريات جديدة .
.1المدرسة الوضعية:
يعدها العديد من العلماء على أنها من أهم النظريات في علم االجتماع
بوصفها النظرية التي فصلت علم االجتماع عن الفلسفة و أحدثت قطيعة
إبستيمولوجية مع النظريات الميتافيزيقية ،و اعتمدت على المنهج
التجريبي في تقصى الحقائق االجتماعية كما هو الحال في العلوم
الطبيعية و الفيزيائية.
.1المبادئ األساسية للمدرسة الوضعية:
تقوم المدرسة الوضعية على مبادئ وأسس هي:
üاستبعاد و التخلي عن كافة أنماط التفكير و التحليل الالهوتي و
و استبداله بالعقل العلمي. الميتافيزيقي،
üعدم التمييز بين العلوم الطبيعية و العلوم اإلنسانية و االجتماعية
كنموذجين منفصلين بل كالهما علم قائم بذاته.
اإلحساس كمصدر للمعرفة االجتماعية، ü
üتبني النموذج الطبيعي في استخدام و االعتماد على المنهج
التجريبي على الظواهر االجتماعية،
üاستخدام المنهج التفسيري و االستقرائي للبحث عن السبب إلصدار
القوانين و النظريات .و يعد التفسير اهمم بدا الفكر العلمي للمدرسة
الوضعية.
التأكيد على دراسة الظاهرة االجتماعية من الخارج للتعرف عليها. ü
üاالعتماد على المالحظة المباشرة للظواهر االجتماعية و كيفية
حدوثها عوض التأمالت الفلسفية.
üالتركيز على العالقات التي تربط بين الظواهر االجتماعية باستخدام
المنهج الوضعي في العلوم الطبيعية.
üالنظر للمجتمع على انه كلية اجتماعية يتكون من األفراد و
المؤسسات و العالقات التي توجه السلوك االجتماعي.
.1رواد المدرسة الوضعية:
سان سيمون Saint-Simon
هو أول من دعا باستبعاد الفكر الالهوتي في التعامل مع الظواهر و
األشياء و التركيز على االتجاه العلمي و المنهج البيولوجي في علم
االجتماع و القوانين التي تحكم هذه الظواهر .يتفق سيمون مع اوغست
و كونت على ضرورة تجاوز الفوضى الفكرية المميزة لعصرهم،
االعتماد على المنهج العلمي التجريبي المستخدم و المتبع في العلوم
الطبيعية في التعامل و تنظيم المعطيات االجتماعية.
·أوغست كونت )Auguste Comte (1798-1857
يعد اوغست كونت مؤسس علم االجتماع رغم الجدل القائم بأحقية و
أسبقية تأسيس هذا العلم ،فبعض اآلراء ترى أن أعمال سان سيمون
كانت متقاربة مع ما طرحه كونت ،في حين يذهب العرب و المسلمون
إلى أن ابن خلدون سبق هؤالء و قدم في كتابه (مقدمة) تصورا نظريا
في تفسير الظواهر االجتماعية و التي سماها العمران البشري ،و
يعترض الغرب على ابن خلدون باعتباره دارس للتاريخ و لم يقدم نظرة
شاملة لهذا العلم.
و لقد اقترح كونت تسمية هذا العلم بالفيزياء االجتماعية متأثرا بالعلوم
الفيزيائية و الفيزياء العضوية المعتمدة على المالحظة ،و لكن سبقه في
ذلك العالم كيتلي Queteletالذي استخدم هذا المصطلح في
الدراسات اإلحصائية للظواهر االجتماعية ن و هو ما يسمى علم السكان
أو الديموغرافيا ،و عليه أطلق كونت اسم السوسيولوجيا لعلم االجتماع.
كما تأثر اوغست كونت بالمرحلة التي عرفتها فرنسا بعد الثورة و التي
اتسمت بالفوضى و الصراعات االجتماعية و السياسية ،و هي مرحلة
انتقالية بين الحكم اإلمبراطوري الملكي و أنصار الثورة و التنويريين ،و
يعتقد كونت أن هذه المرحلة هي نتيجة الستخدام الثورة للفكر العقالني
الذي استبعد قوانين و مبادئ النظام االجتماعي ،فال يمكن إحداث تغيير
إال بفهد قوانين المجتمع.
و قدم كونت مراحل المنهج الوضعي لدراسة علم االجتماع كما يلي:
المرحلة األولى :العصر الالهوتي التخيلي -
يعتمد في تفسير الظواهر االجتماعية و الظواهر الكونية إلى قوى غيبية
أو خارقة ـ
المرحلة الثانية :العصر الميتافيزيقي -
االعتماد على المشاهدة المجردة للطبيعة في تفسير الظواهر االجتماعية.
و لقد عرفت هذه المرحلة إسهامات كثيرة في تفسير الظواهر ،و برزت
مفاهيم جديدة كاستخدام الطبيعة عند سبنوزا و اإلله المهندس عند
ديكارت و مفهوم المادة لديدرو ،إال أن هذه المفاهيم لم تصل إلى مستوى
التطبيق و التجريب بل بقيت مفاهيم فلسفية مجردة وكونية.
المرحلة الثالثة :المنهج الوضعي
عرفت هذه المرحلة االستعمال الواسع للتجربة و المالحظة و اختبار
الفروض مع العالم الواقعي ،و التقيد بالمعارف التي تفرزها التجربة و
المالحظة بالعقل.
.إميل دوركايم Emile Durkheim
مفكر فرنسي قدم إسهامات قيمة للفكر اإلنساني ،و أهم ما جاء
به دوركايم هو عدم قناعته بالعالقة بين الحاجة و الوظيفة كما هو في
العلوم البيولوجية ،بالرغم من أنه أول من أقام المماثلة بين المجتمع و
الحياة العضوية و لكن بعد الدراسة أعاد النظر في هذه العالقة ،و
يشير دوركايم إلى أن الوظيفة ليست مجرد استجابة للحاجة و ال ينبغي
أن تخضع لمبدأ الحتمية كم هو الحال في البيولوجية ،فليس بالضرورة
الشعور بالحاجة يستوجب الوظيفة و ال يجب اختزال النشاط اإلنساني في
الوظيفة ،بل للعقل دور هام في تحديد نسبية الوظيفة.و هو ما يسميه
بالعقل الجمعي.
و يرى دور كايم أن المجتمع يفرض القوانين و القيود على األفراد ،كما
يمارس سلطة قوية عليهم .و يعتبر أن المجتمع يتصف بالثبات و
االستقرار ما يجعله صلبا و هو ما يسميه بالبنية التي تشبه البنية
العضوية.
كما دعي إلى استقالل علم االجتماع عن باقي العلوم و يعتمد دور كايم
في دراسة الظواهر االجتماعية وفق األسس المنهجية التالية:
التركيز على استقاللية علم االجتماع عن باقي العلوم. ü
üالنظر إلى الظواهر االجتماعية على أنها موضوعات و أشياء مادية
يمكن إخضاعها للمالحظة الخارجية و إتباع المنهج التفسيري و
االستقرائي.
تصنيف المجتمعات من حيث البنية و الوظيفة. ü
üالتحرر من األفكار السابقة و ممارسة الشك المنهجي للوصول إلى
الحقائق.
üدراسة الوقائع المجتمعية التي تشترك في نفس الصفات و
الخصائص دراسة علمية موضوعية.
üدراسة الظواهر االجتماعية التي تتميز بالتكرار و االطراد و
الجبرية و اإللزام ،و ذلك عن طريق المالحظة الموضوعية و البعيدة عن
العوامل النفسية الفردية.
üالتمييز و التفريق بين الظواهر االجتماعية السوية و الظواهر
االجتماعية المرضية أو المعتلة.
و تكون دراسة الظواهر االجتماعي حسب دور كايم بإتباع الخطوات
المنهجية التالية:
تعريف بالموضوع. -
مالحظة الظواهر االجتماعية و إعادة بناءها علميا، -
يحتل مفهوم القوة حيزا هاما في نظرية كارل ماكس و يرى أن مفهوم
القوة له شرعية تاريخية ،على اعتبار أن الصراعات و األحداث
التاريخية ما هي إال نتيجة للصراع الطبقات االجتماعية في إعادة
التوازن القوى.و أن المجتمعات تصنف و تقسم غالبا إلى قسمين؛ الطبقة
التي تملك القوة و السلطة و هي فئة أقلية ،في حين تمثل الطبقة الثانية
الطبقة المحكومة و األغلبية أو كما يسميه البروليتاريا(طبقة عمالية).
يصنف كارل ماكس ثالثة أنماط من السيطرة داخل المجتمع:
-السيطرة االقتصادية ،السيطرة االجتماعية ،و السيطرة السياسية ،تمثل
السيطرة االقتصادية و االجتماعية كل ما تعلق األساليب و الطرق التي
تحدد رأس المال و كيفية عمل و سير المؤسسات ،في حين تمثل
السيطرة السياسية الوسائل التي تستخدمها الدولة لحماية و دعم شرعية
النظام و استمراره.
و يؤكد ماكس أن عالقة القوة بين الدولة و الطبقة المحكومة هي عالقة
دينامكية ،فبينما تحرص الطبقة الحاكمة على إبقاء نظامها بالقوة ،
تحاول الطبقة المحكومة و لو بشكل بطيء استعادة الوعي الحقيقي لقلب
موازين القوة ،و لكن لن يتسنى لها ذلك إال إذا انتظمت من خالل تنظيم
ينظم له العديد من العمال لتوجيه الوعي ،و ينشأ بذلك ما
يسميه بالصراع االجتماعي .و يذهب العديد من العلماء إلى أن القوة
ليست المصدر الوحيد في توجيه المجتمع ،بل تتعد المصادر في
المجتمع بتنوع الحاجات و المتطلبات.
·لويس كوزر)(Louis-Coser