You are on page 1of 14

‫المدارس المنهجية الكبرى‪:‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يتناول المقرر الخاص بوحدة مناهج و مدار س للسداسي الثاني ألهم‬
‫النظريات و المناهج الكبرى التي قدمت إرثا علميا هائال‪ ،‬أدى بشكل كبير‬
‫في تطور العلوم االجتماعية و استقاللها عن الفلسفة‪ ،‬وظهرت علوم‬
‫جديدة لها موضوعاتها الخاصة و األطر النظرية المفسرة لها و اعتمادها‬
‫على مناهج و أساليب البحث جديدة‪ ،‬تسمح بالتحقق من الفروض التي‬
‫تطرحها هذه النظريات و الوصول إلى الحقائق و القدرة على تفسيرها‪،‬‬
‫و لقد برزت العديد من العلوم و نذكر منها؛ علم االجتماع‪ ،‬علم النفس‪،‬‬
‫التاريخ‪ ،‬دراسة اآلثار‪،‬اللغات‪ ،‬العلوم االقتصادية‪ ،‬العلوم السياسية‪ ،‬و‬
‫غيرها من العلوم الجديدة في العصر الحالي‪.‬‬
‫ويتصل و يرتبط البحث العلمي ارتباطا قويا بالنظريات و المدارس ‪،‬‬
‫فالنظرية هي اإلطار المرجعي للبحث العلمي‪ ،‬بحيث تقدم النظرية رؤية‬
‫خاصة لموضوعات البحث في نسق منسجم من حيث المفاهيم و األسس‬
‫المنهجية و تفسيرات وفق هذا اإلطار و القدرة على التنبؤ بناء على‬
‫التحليل و التفسير للظواهر التي تخصها‪.‬‬
‫‪ .1‬تعريف النظرية‪:‬‬
‫تعريف إبراهيم بايزر" نسق فكري استنباطي منسق حول ظاهرة أو‬
‫مجموعة من الظواهر المتجانسة يحوي إطارا تصوريا و مفهومات و‬
‫قضايا نظرية توضح العالقات بين الوقائع و تنظمها بطريقة دالة و ذات‬
‫معنى‪ ،‬كما أنها ذات بعد إمبيريقي(تطبيقي)‪ ،‬و ذات اتجاه تنبؤي‪.‬‬
‫‪ .1‬خصائص النظرية‪:‬‬
‫يمكن تلخيص أهم الخصائص النظرية في النقاط التالية‪:‬‬
‫نسق من المفاهيم و القوانين المرتبطة بالظواهر و وظائفها‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫خلفية و إطار مرجعي لتفسير معطيات الواقع‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫االعتماد عليها في توجيه المعطيات العلمية‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫تعطي تفسيرا شمال للعمل المراد دراسته‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫و يتم تصنيف النظريات وفق االتجاهات المرتبطة بموضوع العلم و‬
‫األسس المنهجية و قدرة النظرية بالتميز و التأثير في تطور العلم‪.‬‬
‫و من أهم المدارس التي شكلت تحوال هاما في تطوير العلوم االجتماعية‬
‫نذكر منها؛ المدرسة الوضعية‪،‬المدرسة الماركسية‪،‬المدرسة‬
‫العضوية‪،‬المدرسة البنائية الوظيفية‪ ،‬المدرسة اإلسالمية‪ .‬و يعتبر رواد‬
‫هذه المدارس من منظري و مؤسسي علم االجتماع ‪ ،‬بحيث كل هذه‬
‫النظريات اهتمت بدراسة التأثير و التأثر بين الجماعة و الفرد ‪ ،‬و ذلك‬
‫من زوايا و رؤى مختلفة الختالف القناعات و المرجعيات و الظروف‬
‫التاريخية لكل عالم‪.‬‬
‫‪.3‬تعريف علم االجتماع‪:‬‬
‫تعريف اوغست كونت (‪ ")Auguste Comte‬يتكون علم االجتماع‬
‫من كلمة (‪ )logie‬و تعني العلم أو المعرفة و تعني‬
‫كلمة (‪)société‬المجتمع‪.‬‬
‫و يعرف " هو الدراسة العلمية للسلوك االجتماعي لألفراد و األساليب‬
‫التي ينتظم بها المجتمع بإتباع خطوات المنهج العلمي"‪.‬‬
‫و يعرف أيضا على انه" العلم الذي يدرس الوقائع و الظواهر و األحداث‬
‫و الحقائق االجتماعية من جهة‪ ،‬و دراسة أفعال األفراد و تصرفاتهم و‬
‫سلوكياتهم في عالقة باآلخرين‪ ،‬ضمن سياق تفاعلي اجتماعي معين من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬كما يدرس األنظمة و المؤسسات االجتماعية"‪.‬‬
‫و لقد أفرزت الدراسات و إسهامات في مجال العلوم االجتماعية اتجاهات‬
‫عديدة و متنوعة و منها‪ :‬االتجاه الوضعي‪ ،‬االتجاه الماركسي‪ ،‬االتجاه‬
‫البنائي‪-‬الوظيفي‪ ،‬و هي نظريات شكلت مرجعية علمية هامة في تطور و‬
‫بروز نظريات جديدة ‪.‬‬
‫‪ .1‬المدرسة الوضعية‪:‬‬
‫يعدها العديد من العلماء على أنها من أهم النظريات في علم االجتماع‬
‫بوصفها النظرية التي فصلت علم االجتماع عن الفلسفة و أحدثت قطيعة‬
‫إبستيمولوجية مع النظريات الميتافيزيقية‪ ،‬و اعتمدت على المنهج‬
‫التجريبي في تقصى الحقائق االجتماعية كما هو الحال في العلوم‬
‫الطبيعية و الفيزيائية‪.‬‬
‫‪ .1‬المبادئ األساسية للمدرسة الوضعية‪:‬‬
‫تقوم المدرسة الوضعية على مبادئ وأسس هي‪:‬‬
‫‪ ü‬استبعاد و التخلي عن كافة أنماط التفكير و التحليل الالهوتي و‬
‫و استبداله بالعقل العلمي‪.‬‬ ‫الميتافيزيقي‪،‬‬
‫‪ ü‬عدم التمييز بين العلوم الطبيعية و العلوم اإلنسانية و االجتماعية‬
‫كنموذجين منفصلين بل كالهما علم قائم بذاته‪.‬‬
‫اإلحساس كمصدر للمعرفة االجتماعية‪،‬‬ ‫‪ü‬‬
‫‪ ü‬تبني النموذج الطبيعي في استخدام و االعتماد على المنهج‬
‫التجريبي على الظواهر االجتماعية‪،‬‬
‫‪ ü‬استخدام المنهج التفسيري و االستقرائي للبحث عن السبب إلصدار‬
‫القوانين و النظريات‪ .‬و يعد التفسير اهمم بدا الفكر العلمي للمدرسة‬
‫الوضعية‪.‬‬
‫التأكيد على دراسة الظاهرة االجتماعية من الخارج للتعرف عليها‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫‪ ü‬االعتماد على المالحظة المباشرة للظواهر االجتماعية و كيفية‬
‫حدوثها عوض التأمالت الفلسفية‪.‬‬
‫‪ ü‬التركيز على العالقات التي تربط بين الظواهر االجتماعية باستخدام‬
‫المنهج الوضعي في العلوم الطبيعية‪.‬‬
‫‪ ü‬النظر للمجتمع على انه كلية اجتماعية يتكون من األفراد و‬
‫المؤسسات و العالقات التي توجه السلوك االجتماعي‪.‬‬
‫‪ .1‬رواد المدرسة الوضعية‪:‬‬
‫سان سيمون ‪Saint-Simon‬‬
‫هو أول من دعا باستبعاد الفكر الالهوتي في التعامل مع الظواهر و‬
‫األشياء و التركيز على االتجاه العلمي و المنهج البيولوجي في علم‬
‫االجتماع و القوانين التي تحكم هذه الظواهر‪ .‬يتفق سيمون مع اوغست‬
‫و‬ ‫كونت على ضرورة تجاوز الفوضى الفكرية المميزة لعصرهم‪،‬‬
‫االعتماد على المنهج العلمي التجريبي المستخدم و المتبع في العلوم‬
‫الطبيعية في التعامل و تنظيم المعطيات االجتماعية‪.‬‬
‫·أوغست كونت )‪Auguste Comte (1798-1857‬‬ ‫‪‬‬

‫يعد اوغست كونت مؤسس علم االجتماع رغم الجدل القائم بأحقية و‬
‫أسبقية تأسيس هذا العلم‪ ،‬فبعض اآلراء ترى أن أعمال سان سيمون‬
‫كانت متقاربة مع ما طرحه كونت ‪ ،‬في حين يذهب العرب و المسلمون‬
‫إلى أن ابن خلدون سبق هؤالء و قدم في كتابه (مقدمة) تصورا نظريا‬
‫في تفسير الظواهر االجتماعية و التي سماها العمران البشري‪ ،‬و‬
‫يعترض الغرب على ابن خلدون باعتباره دارس للتاريخ و لم يقدم نظرة‬
‫شاملة لهذا العلم‪.‬‬
‫و لقد اقترح كونت تسمية هذا العلم بالفيزياء االجتماعية متأثرا بالعلوم‬
‫الفيزيائية و الفيزياء العضوية المعتمدة على المالحظة‪ ،‬و لكن سبقه في‬
‫ذلك العالم كيتلي ‪ Quetelet‬الذي استخدم هذا المصطلح في‬
‫الدراسات اإلحصائية للظواهر االجتماعية ن و هو ما يسمى علم السكان‬
‫أو الديموغرافيا‪ ،‬و عليه أطلق كونت اسم السوسيولوجيا لعلم االجتماع‪.‬‬
‫كما تأثر اوغست كونت بالمرحلة التي عرفتها فرنسا بعد الثورة و التي‬
‫اتسمت بالفوضى و الصراعات االجتماعية و السياسية‪ ،‬و هي مرحلة‬
‫انتقالية بين الحكم اإلمبراطوري الملكي و أنصار الثورة و التنويريين‪ ،‬و‬
‫يعتقد كونت أن هذه المرحلة هي نتيجة الستخدام الثورة للفكر العقالني‬
‫الذي استبعد قوانين و مبادئ النظام االجتماعي ‪ ،‬فال يمكن إحداث تغيير‬
‫إال بفهد قوانين المجتمع‪.‬‬
‫و قدم كونت مراحل المنهج الوضعي لدراسة علم االجتماع كما يلي‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬العصر الالهوتي التخيلي‬ ‫‪-‬‬
‫يعتمد في تفسير الظواهر االجتماعية و الظواهر الكونية إلى قوى غيبية‬
‫أو خارقة ـ‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬العصر الميتافيزيقي‬ ‫‪-‬‬
‫االعتماد على المشاهدة المجردة للطبيعة في تفسير الظواهر االجتماعية‪.‬‬
‫و لقد عرفت هذه المرحلة إسهامات كثيرة في تفسير الظواهر‪ ،‬و برزت‬
‫مفاهيم جديدة كاستخدام الطبيعة عند سبنوزا و اإلله المهندس عند‬
‫ديكارت و مفهوم المادة لديدرو‪ ،‬إال أن هذه المفاهيم لم تصل إلى مستوى‬
‫التطبيق و التجريب بل بقيت مفاهيم فلسفية مجردة وكونية‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬المنهج الوضعي‬
‫عرفت هذه المرحلة االستعمال الواسع للتجربة و المالحظة و اختبار‬
‫الفروض مع العالم الواقعي‪ ،‬و التقيد بالمعارف التي تفرزها التجربة و‬
‫المالحظة بالعقل‪.‬‬
‫‪.‬إميل دوركايم ‪Emile Durkheim‬‬
‫مفكر فرنسي قدم إسهامات قيمة للفكر اإلنساني‪ ،‬و أهم ما جاء‬
‫به دوركايم هو عدم قناعته بالعالقة بين الحاجة و الوظيفة كما هو في‬
‫العلوم البيولوجية‪ ،‬بالرغم من أنه أول من أقام المماثلة بين المجتمع و‬
‫الحياة العضوية و لكن بعد الدراسة أعاد النظر في هذه العالقة‪ ،‬و‬
‫يشير دوركايم إلى أن الوظيفة ليست مجرد استجابة للحاجة و ال ينبغي‬
‫أن تخضع لمبدأ الحتمية كم هو الحال في البيولوجية‪ ،‬فليس بالضرورة‬
‫الشعور بالحاجة يستوجب الوظيفة و ال يجب اختزال النشاط اإلنساني في‬
‫الوظيفة‪ ،‬بل للعقل دور هام في تحديد نسبية الوظيفة‪.‬و هو ما يسميه‬
‫بالعقل الجمعي‪.‬‬
‫و يرى دور كايم أن المجتمع يفرض القوانين و القيود على األفراد‪ ،‬كما‬
‫يمارس سلطة قوية عليهم‪ .‬و يعتبر أن المجتمع يتصف بالثبات و‬
‫االستقرار ما يجعله صلبا و هو ما يسميه بالبنية التي تشبه البنية‬
‫العضوية‪.‬‬
‫كما دعي إلى استقالل علم االجتماع عن باقي العلوم و يعتمد دور كايم‬
‫في دراسة الظواهر االجتماعية وفق األسس المنهجية التالية‪:‬‬
‫التركيز على استقاللية علم االجتماع عن باقي العلوم‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫‪ ü‬النظر إلى الظواهر االجتماعية على أنها موضوعات و أشياء مادية‬
‫يمكن إخضاعها للمالحظة الخارجية و إتباع المنهج التفسيري و‬
‫االستقرائي‪.‬‬
‫تصنيف المجتمعات من حيث البنية و الوظيفة‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫‪ ü‬التحرر من األفكار السابقة و ممارسة الشك المنهجي للوصول إلى‬
‫الحقائق‪.‬‬
‫‪ ü‬دراسة الوقائع المجتمعية التي تشترك في نفس الصفات و‬
‫الخصائص دراسة علمية موضوعية‪.‬‬
‫‪ ü‬دراسة الظواهر االجتماعية التي تتميز بالتكرار و االطراد و‬
‫الجبرية و اإللزام‪ ،‬و ذلك عن طريق المالحظة الموضوعية و البعيدة عن‬
‫العوامل النفسية الفردية‪.‬‬
‫‪ ü‬التمييز و التفريق بين الظواهر االجتماعية السوية و الظواهر‬
‫االجتماعية المرضية أو المعتلة‪.‬‬
‫و تكون دراسة الظواهر االجتماعي حسب دور كايم بإتباع الخطوات‬
‫المنهجية التالية‪:‬‬
‫تعريف بالموضوع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مالحظة الظواهر االجتماعية و إعادة بناءها علميا‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫نظرية الصراع االجتماعي)‬ ‫‪.2‬المدرسة الماركسية‬


‫تعد المدرسة الماركسية لكارل ماركس من االتجاهات األكثر انتشارا و‬
‫التي أثارت نقاشا علميا و جدال واسعين لدى الباحثين و المهتمين‬
‫بمجالت السياسية و االجتماعية و االقتصادية‪ ،‬فالماركسية كان لها تأثير‬
‫كبير في الصراع بين الرأسمالية و البورجوازية و طبقة العمالية و هي‬
‫قضايا ارتبطت بالثورات و النضال السياسي و العمالي(البروليتاريا)‪ .‬و‬
‫جاءت غالبية النظريات الالحقة إما لتأكيد الماركسية أو معارضة و منتقد‬
‫لها و تقديم اتجاهات جديدة لتفسير الظاهرة االجتماعية‪.‬‬
‫تأثر ماركس بالفالسفة األلمان و خاصة بالفلسفة المثالية لهيجل و‬
‫نيتشه و فخته ‪ ،‬و تأثر أيضا باالنعكاسات المترتبة عن الثورة الفرنسية‬
‫من الفوضى و العنف و اضطراب في المجتمع الفرنسي ‪ ،‬رغم ما حملته‬
‫هذه الثورة من شعارات و قيم إنسانية راقية كالحرية و األخوة و‬
‫المساواة و هي قيم و ثورة ألهمت العديد من الدول للتحرر من االستعمار‬
‫أو اإلمبراطوريات‪ .‬و من هنا رأى ماركس على أن التغيير تحكمه‬
‫العوامل االقتصادية و صراع بين الطبقات‪.‬‬

‫المبادئ و األسس المدرسة الماركسية‪:‬‬


‫تقوم المدرسة الماركسية على مبادئ التالية‪:‬‬
‫‪ ü‬يمثل مفهوم القوة مفهوما جوهريا و محوريا في المدرسة‬
‫الماركسية‪ ،‬بحيث يعتبر كل ما يحدث في المجتمع من تنظيم وظائف و‬
‫صراعات مرتبط بهذه القوة و تظهر و تتجلى في الطبقات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ ü‬أن المعاني و األفكار هي من يضفي الشرعية على المراكز‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫‪ ü‬أن الملكية لوسائل اإلنتاج هي من يحدد الوضع االجتماعي و بناء‬
‫القوة داخل المجتمع‪.‬‬
‫‪ ü‬ان العالقة في المجتمعات قائمة على مبدأ التفاوض أو تبادل التأثير‬
‫المستمر للقوة‪.‬‬
‫‪ ü‬عارض ماركس تسمية علم االجتماع الذي تبنته المدرسة الوضعية‬
‫(أوغست كونت) و فضل تسميته علم المجتمع‪.‬‬
‫دراسة القوانين االجتماعية لتطور البنيات االجتماعية و االقتصادية‬ ‫‪ü‬‬
‫‪.‬‬
‫اهتم بمفهوم اإلنتاجية و مفهوم الوجود االجتماعي‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫‪ ü‬التغير االجتماعي يرتبط بالعوامل االقتصادية و التطور التاريخي و‬
‫الصراع بين الطبقات‪.‬‬
‫رواد المدرسة الماركسية‪:‬‬
‫·كارل ماكس ‪(Carl max):‬‬ ‫‪‬‬

‫يحتل مفهوم القوة حيزا هاما في نظرية كارل ماكس و يرى أن مفهوم‬
‫القوة له شرعية تاريخية‪ ،‬على اعتبار أن الصراعات و األحداث‬
‫التاريخية ما هي إال نتيجة للصراع الطبقات االجتماعية في إعادة‬
‫التوازن القوى‪.‬و أن المجتمعات تصنف و تقسم غالبا إلى قسمين؛ الطبقة‬
‫التي تملك القوة و السلطة و هي فئة أقلية‪ ،‬في حين تمثل الطبقة الثانية‬
‫الطبقة المحكومة و األغلبية أو كما يسميه البروليتاريا(طبقة عمالية)‪.‬‬
‫يصنف كارل ماكس ثالثة أنماط من السيطرة داخل المجتمع‪:‬‬
‫‪ -‬السيطرة االقتصادية‪ ،‬السيطرة االجتماعية‪ ،‬و السيطرة السياسية‪ ،‬تمثل‬
‫السيطرة االقتصادية و االجتماعية كل ما تعلق األساليب و الطرق التي‬
‫تحدد رأس المال و كيفية عمل و سير المؤسسات‪ ،‬في حين تمثل‬
‫السيطرة السياسية الوسائل التي تستخدمها الدولة لحماية و دعم شرعية‬
‫النظام و استمراره‪.‬‬
‫و يؤكد ماكس أن عالقة القوة بين الدولة و الطبقة المحكومة هي عالقة‬
‫دينامكية‪ ،‬فبينما تحرص الطبقة الحاكمة على إبقاء نظامها بالقوة ‪،‬‬
‫تحاول الطبقة المحكومة و لو بشكل بطيء استعادة الوعي الحقيقي لقلب‬
‫موازين القوة‪ ،‬و لكن لن يتسنى لها ذلك إال إذا انتظمت من خالل تنظيم‬
‫ينظم له العديد من العمال لتوجيه الوعي ‪ ،‬و ينشأ بذلك ما‬
‫يسميه بالصراع االجتماعي ‪ .‬و يذهب العديد من العلماء إلى أن القوة‬
‫ليست المصدر الوحيد في توجيه المجتمع ‪ ،‬بل تتعد المصادر في‬
‫المجتمع بتنوع الحاجات و المتطلبات‪.‬‬
‫·لويس كوزر)‪(Louis-Coser‬‬ ‫‪‬‬

‫يتفق كوزر مع نظرية الصراع االجتماعي لكارل ماكس و هو ما تناوله‬


‫في كتابه (وظائف الصراع االجتماعي)‪ ،‬و يعتقد أن الصراع االجتماعي‬
‫أمر مشروع و له وظائف ذات قيم إلعادة التوازن داخل المجتمع‪ .‬و‬
‫يعرف كوزر الصراع االجتماعي " هو نضال حول القيم و أحقية‬
‫المصادر و القوة و المكانة النادرة‪ ،‬حيث يستهدف الفقراء المتخاصمين‬
‫من خالله تحييد منافسيهم أو التخلص منهم" ‪ .‬كما يشير إلى أن مفهوم‬
‫القوة له داللة كبيرة في الصراع االجتماعي‪ ،‬فالقوة تؤدي غالبا إلى‬
‫االستغالل ما يشعر المحكوم القهر و الظلم ‪ ،‬فالصرع له القدرة على‬
‫تحقيق التكيف و التوافق في العالقات االجتماعية‪.‬‬
‫كما اهتم كوزر بواقعية الصراع و الذي يتمثل في واقعية األهداف التي‬
‫نناضل من اجلها‪ ،‬كما يؤكد على أهمية دور العوامل االجتماعية المتمثلة‬
‫في ؛ القيادة‪ ،‬البناء االجتماعي‪ ،‬طبيعة العالقات‪ ،‬و شدة و نوع الصراع‬
‫(داخلي –خارجي) في نجاح الصراع‪.‬‬
‫المدرسة الظاهرية‪:‬‬
‫في نفس السياق يتفق ماكس فيبر (‪ )Max. Weber‬مع كارل ماكس‬
‫بضرورة التمييز بين الظاهر االجتماعية و الظواهر الطبيعية‪ ،‬بحيث ما‬
‫قد يصلح لتفسير الطبيعة ال يتناسب في فهم و تحليل الظاهرة‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫مبادئ المدرسة الظواهرية‪:‬‬
‫‪ ü‬دراسة الظاهرة االجتماعية من خالل العوامل الذاتية كاإلدراك و‬
‫الفهم و التقييم‪ ،‬على اعتبار أن األفعال و السلوكيات ما هي إال تعبير‬
‫لذوات األفراد‪.‬‬
‫‪ ü‬تعتبر البناء االجتماعي ليس سابقا لألفراد‪ ،‬و لكن تشكل نتيجة‬
‫للتفاعل االجتماعي و هو شكل معقد و متبادل‪.‬‬
‫‪ ü‬تعتمد هذه النظرية على مفهوم النموذج المثال و ونموذج افتراضي‬
‫يعبر عن الصورة المثالية للظاهرة‪.‬‬
‫رواد المدرسة الظواهرية‪:‬‬
‫ماكس فيبر(‪: )Max Weber‬‬
‫ينظر فيبر إلى علم االجتماع من منظور ذاتي داخلي‪ ،‬بحيث يرى أن‬
‫وجوب التركيز على دراسة الدالئل و المعاني المحركة لألفعال‬
‫االجتماعية‪ ،‬و طبيعة األهداف التي توجهه‪.‬فتفسير السلوك االجتماعي‬
‫يقوم على درجة و مستوى الفهم للظاهرة‪ .‬و وهو صاحب مقولة"‬
‫أصنع تفسيرا بعد أن أكون صنعت فهما"‬
‫كما ال يؤمن فيبر بمفهوم الصراع الطبقي لكارل ماكس في التغيير‬
‫االجتماعي‪ ،‬بل يرتبط التغيير حسبه بعوامل القيم و اآلراء التي يؤمن بها‬
‫األفراد‪.‬‬
‫‪.3‬المدرسة البنائية‪ -‬الوظيفية‬
‫يمتد تاريخ هذه المدرسة و ظهور البوادر‬
‫األولى إلى الفالسفة القدامى ‪ ،‬لقد شكل موضوع وجود اإلنسان و‬
‫وظيفته في هذه الحياة جوهر البحوث و أعمال الفالسفة و العلماء‪،‬‬
‫وحاول كل منهم تقدم تفسيرات من زوايا مختلفة باختالف قناعتهم‬
‫والمرجعيات الثقافية و الدينية لديهم‪.‬‬
‫و تقوم هذه المدرسة على دراسة التوازن و االستقرار في المجتمع ‪ ،‬و‬
‫تؤمن بنسبية ثابت و استقرار المجتمع عكس المدرسة الماركسية‪ ،‬و أن‬
‫المجتمع متكون من أجزاء يؤدي كل جزء منه وظيفة لخدمة هذا البناء و‬
‫يمكن أن توظف القوة بناءا على االتفاقات بين الجماعات‪.‬‬
‫المبادئ األساسية للمدرسة البنائية‪ -‬الوظيفية‬
‫تقوم المدرسة البنائية –الوظيفية على مبادئ و أسس هي‪:‬‬
‫‪ ü‬تعتمد هذه النظرية على مجموعة من المفاهيم و هي ؛ العنصر‪،‬‬
‫الوظيفة‪ ،‬النسق‪ ،‬العالقات المختلفة‪ ،‬البناء االجتماعي‪ ،‬الدور‪ ،‬المكانة‬
‫االجتماعية‪ ،‬متطلبات الوظيفة‬
‫‪ ü‬تحديد الضرورات الوظيفية للنظام االجتماعي‪.‬‬
‫تحديد المتطلبات الوظيفية للنظام االجتماعي‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫تحليل المجتمع إلى عناصره األولية وفق نظرية تكامل األنساق‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫تحقيق األهداف الرئيسية للنظام االجتماعي‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫القدرة على الحفاظ على االستقرار و االنسجام‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫تستخدم منهج التجربة العقلية و المنهج المقارن‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫تعترف ببناء الكيانات االجتماعية‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫تستخدم مفاهيم داروين كالبناء‪ ،‬الوظيفة‪ ،‬التطور‪.‬‬ ‫‪ü‬‬
‫رواد المدرسة البنائية‪ -‬الوظيفية‪:‬‬
‫تالكوت بارسونز )‪(Talcot- Pearsons‬عكس ماركس‬ ‫‪‬‬

‫استخدم بارسونز معنى أخر لمفهوم القوة‪ ،‬فالقوة ال تكون بين‬


‫طبقتين طبقة حاكمة و طبقة محكومة‪ ،‬بل القوة تحكمها العهود‬
‫الشرعية في العالقات االجتماعية‪ ،‬و كل طرف مستفيد سواء‬
‫الحاكم أو المحكوم وفق طبيعة العالقة القائمة بينهم و يسميها قوة‬
‫العالقات‪ .‬كما يرى بارسونز أن القوة لها معنى وظيفي‪ ،‬و هي‬
‫وسيلة لخدمة المصالح الجماعية‪.‬‬
‫و يعرفها بارسونز على أنها القدرة الفعلية لوحدة النسق على تحقيق‬
‫مصالحها‪ ،‬و هي أيضا إمكانية أو تسهيل من اجل أداء وظيفة في‬
‫المجتمع أو نيابة عنه‪.‬‬
‫وترتبط القوة حسب بارسونز بعوامل ثالث‪:‬‬
‫إدراك الفرد معايير القيم المشتركة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إدراك المساحة المقبولة لالنحراف عن تلك المعايير‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫امتالك التسهيالت و االمتيازات لتحقيق النتائج المرغوب فيها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫و يعتقد بارسونز على أن القيم و المعايير التي تضبط هذا االتفاقات‬
‫المشتركة لها القدرة تقليل سلطة القوة و بالتالي يقل الصراع كما ميز‬
‫بين القوة و السلطة؛ السلطة ترتبط بالمكانة في نسق التنظيم‬
‫االجتماعي‪ ،‬و القوة تعنى الصالحيات في اتخاذ القرارات ‪.‬‬
‫·مرثون ‪(Merton):‬‬ ‫‪‬‬
‫نظر مرثون إلي مفهوم الوظيفة من زاوية مختلفة‪ ،‬بحيث يرى أن وظيفة‬
‫القوة قد ال تلقى الدعم االجتماعي من جميع أفراد الجماعة أو الجماعات‪،‬‬
‫كما أن المعايير المنظمة للمجتمع قد ال تتطابق مع معايير الفاعلية‬
‫بالضرورة‪ ،‬بل قد تكون القوة المبنية على أسلوب القمع و القهر أكثر‬
‫فاعلية في تحقيق التوازن و االستقرار‪.‬‬

‫يرى الفيلسوف الصيني كونوفشيوس على الطقوس الدينية و الدين‬


‫بصفة عامة لها وظيفة إقامة و تنظيم العالقات االجتماعية للحفاظ على‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫و يشير أفالطون أن تصنيف و تنظيم الطبقات االجتماعية وظيفتها‬
‫تحقيق التوازن داخل المجتمع و العمل على تقوية تماسكه‪.‬‬
‫في حين طور مونتسكيو (‪ )Montesquieu‬مفهوم‬
‫النسق(‪ )système‬في كتابه (روح الشرائع) و يرى أن أجزاء‬
‫المجتمع ترتبط ببعضها البعض ارتباطا وظيفيا‪ ،‬بمعنى أن الوظيفة هي‬
‫العامل األساسي الستمرار الجماعة و على أساسها يكون التفاعل‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫كما شكلت أعمال هاربت سبينسر(‪ )Harbert Spencer‬تحوال هاما‬
‫للمدرسة الوظيفية‪ ،‬تأثر سبنسير بنظرية التطورية داروين للنشوء و‬
‫االرتقاء وتم استخدام مفاهيم هذه النظرية لتحليل المجتمع‪ ،‬بحيث يرى‬
‫سبنسر أن المجتمع يشبه الكائن الحي من حيث البناء و الوظيفة ‪ ،‬و‬
‫تناول في كتابه (مبادئ علم االجتماع) مفهوم الوظيفة االجتماعية التي‬
‫يؤديها األفراد و هو ما يسميه بالتعايش االجتماعي كما هو الحال أجزاء‬
‫الجسم بالنسبة للعضوية‪.‬‬
‫و يشير مالينوفسكس (‪ )Malinovsky‬تحليل الوظيفي للمجتمع يقم‬
‫على معرفة الدور الذي يؤديه الفرد داخل النسق العام‪ .‬كم يهتم التحليل‬
‫الوظيفي بدراسة الكيفية التي يرتبط بها النسق بالمحيط المادي‬
‫الخارجي‪.‬‬
‫و بين كل من تالكوت برسونز و رادكليف بروان ( ‪Talcot Parsons‬‬
‫‪ )et Radcliffe Brown‬على انه إلى جانب التحليل الوظيفي‪ ،‬تهتم‬
‫هذه المدرسة بدراسة عالقات االرتباط بين المؤسسات االجتماعية و‬
‫األنشطة التي تؤديها هده المؤسسات في النظام أو البناء االجتماعي‪ .‬و‬
‫يرى بارسونز على النسق مرتبط بمستلزمات الوظيفة و هي‬
‫التكيف‪ :‬كل نسق يتكيف مع البيئة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحقيق األهداف و إشباع الحاجات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المحافظة على النمط‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أما إميل دوركايم (‪ )Emile Durkheim‬و الذي يعد من أعالم هذه‬
‫المدرسة يقدم تفسيرا لمفهوم الوظيفة ‪ ،‬بحيث يعتقد أن كل األنظمة‬
‫االجتماعية( النظام االقتصادي‪،‬النظام الديني‪ ،‬القانون) هي أجزاء النسق‬
‫االجتماعي فوجودها و بقائها مرتبط باستمرار أداء وظائفها‪.‬‬

You might also like