You are on page 1of 16

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة الدكتور موالي الطاهر – سعيدة –‬

‫كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية‬


‫قسم العلوم اإلنسانية‬

‫دروس مادة مدارس ومناهج ‪:‬‬

‫‪ -‬السنة أولى جذع مشترك علوم إنسانية السداسي الثاني ‪.‬‬

‫إعداد األستاذة ‪:‬‬


‫سنوسي فضيلة‬

‫السنة الجامعية ‪2020/2019:‬‬

‫‪1‬‬
‫المستوى ‪ :‬السنة أولى جذع مشترك علوم إنسانية ‪.‬‬
‫السداسي ‪ :‬الثاني‬
‫المادة ‪ :‬مدارس ومناهج‬
‫عنوان الدرس ‪:‬المدرسة الماركسية‬
‫الدرس رقم ‪02 :‬‬
‫األستاذة المكلفة بتدريس المادة ‪ :‬د‪ /‬سنوسي فضيلة‬

‫تمهيد ‪ :‬من المدارس التي ساهمت في إثراء مناهج البحث في العلوم االجتماعية واإلنسانية ‪،‬‬
‫نذكر المدرسة الماركسية ‪ ،‬بفرعيها التقليدية والمحدثة ‪ ،‬فماذا نقصد بالماركسية ؟ ومن هم‬
‫روادها ؟ وما هي أهم مبادئها ونظرياتها ؟‬
‫أ‪ -‬الماركسية التقليدية ‪ :‬ظهرت الماركسية كمذهب وكتيار فكري في النصف الثاني من القرن‬
‫التاسع عشر ‪ ،‬مؤسسها هو كارل ماركس ( ‪ ) 1883 – 1818‬وهو فيلسوف واقتصادي وعالم‬
‫اجتماع ومؤرخ صحفي واشتراكي ثوري ألماني « مارس العمل الصحفي وشارك في االعمال‬
‫السياسية الثورية بما في ذلك تكوين الرابطة الدولية للعمال (‪ )...‬عرض ماركس رؤيته للواقع‬
‫االجتماعي في مجموعة من المؤلفات األساسية من أشهرها ‪ ،‬البيان الشيوعي الذي صدر‬
‫باالشتراك مع زميله إنجلز فردريك عام ‪ ، 1848‬ورأس المال ‪ ، 1» 1867‬ولقد لعبت أفكاره‬
‫دو ار مهما في تطوير الحركات االشتراكية كما ساهمت في تأسيس علم االجتماع ‪.‬‬
‫والماركسية تمثل النظرية الثورية للبرولتاريا العالمية ‪ ،‬حيث كان كل من ماركس وانجلز يقومان‬
‫بنشر أفكار الماركسية وسط الطبقة العاملة ‪ ،‬وكانا يدعوان إلى ضرورة تحرر المجتمعات من‬
‫االستغالل الرأسمالي ‪ ،‬والتحرر من االستيالب االقتصادي واإليديولوجي لذلك دعت الماركسية‬
‫إلى بناء المجتمع الشيوعي ( خالي من الطبقات ) ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬السيد الحسيني ‪ :‬أسس علم االجتماع دار المعارف ‪ ،‬االسكندرية (د‪،‬ط) (د‪،‬س) ص ‪134‬‬

‫‪2‬‬
‫عوامل ظهور الماركسية ‪:‬‬
‫هناك مجموعة من الظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية والفكرية ‪ ،‬دفعت كارل ماركس‬
‫إلى وضع نظريته يمكن إجمالها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -01‬الصراع الطبقي خلفته الرأسمالية خالل القرن التاسع عشر ( ‪ ) 19‬من طبقة المالك‬
‫الرأسماليين وطبقة العمال الكادحين ‪.‬‬
‫‪ -02‬ظهور بعض النظريات العلمية في القرن التاسع عشر والتي ساهمت في بناء النظرية‬
‫المادية الجدلية ‪ ،‬حيث أن هذه النظريات بدأت في دراسة األشياء من خالل الربط بينهما أي‬
‫على أساس دياليكتيكي ( مثل نظرية تركيب الكائنات الحية من خاليا )‪.‬‬
‫‪ -03‬االضطهاد الكنيسي الذي مارسته على المجتمع األوروبي ‪.‬‬
‫‪ -04‬تأثر كارل ماركس بالفلسفة األلمانية خاصة بجدل الفيلسوف فردريك هيغل ‪ ،‬وكذلك‬
‫بمادية فيورباخ حيث كون كارل ماركس من فلسفيتهما مذهبه الفلسفي الذي أطلق عليه اسم‬
‫المادية الجدلية ( الديالكتيكية ) ‪.‬‬
‫‪ -05‬تأثره باالشتراكية الفرنسية في القرن التاسع عشر ‪.‬‬
‫‪ -‬أهم نظرية المدرسية الماركسية ‪:‬‬
‫‪ -01‬نظرية الصراع الطبقي ‪:‬‬
‫‪ -‬يرى كارل ماركس أن الصراع بين الطبقات هو أساس تطور محرك التاريخ ‪ ،‬وان كل‬
‫مجتمع ما هو إال نتيجة لتاريخ الصراع بين الطبقات الذي اعتبره العنصر الفعال في تطور‬
‫المجتمعات ‪ ،‬حيث يؤكد كارل ماركس أن « الصراع القائم بين الطبقات هو صراع مصالح بين‬
‫هذه الطبقات االجتماعية التي يراها تناقضات داخلية تخرج من المجتمع وتنجم أساسا عن تأثير‬
‫عالقات اإلنتاج على حياة الناس ‪ ،‬وتؤثر على كيفية تفاعلها فالطبقات المالكة لوسائل اإلنتاج‬
‫تكون قادرة على استغالل الطبقات األخرى ‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن الطبقات التي يقع على‬
‫كاهلها نتائج االستغالل تهتم بإحدا ث تغيرات رئيسية في ذلك النظام لتصنع حدا االستغالل ‪،‬‬

‫‪3‬‬
‫إذا صار لها وعي كافي تصبح الثورة ال مفر منها ‪ ،‬ومن نتائج هذه الثورة المزيد من التقدم‬
‫التكنولوجي الذي لم يكن متواجدا من قبل »‪.1‬‬
‫‪ -‬نظرية المادية الجدلية ‪ :‬وضعها كل من كارل ماركس ‪ ،‬وزميله فردريك انجلز ( ‪-1820‬‬
‫‪ ، ) 1895‬ولكن لينيين ( ‪ ) 1934 -1870‬هو من قام بنشرها وتطويرها ‪ ،‬وسميت ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫‪ ":‬الم ادية الجدلية" ألن مؤسسوها يؤمنون بأن جوهر العالم هو المادة ‪ ،‬وأنها – المادة – أسبق‬
‫من الفكر والفكر انعكاس لما يقع خارجه في العالم المادي الطبيعي ‪ ،‬وفي الحياة االقتصادية ‪،‬‬
‫والحياة االجتماعية ‪ ،‬وأن األشياء واألفكار تتفاعل معا في حركة جدلية ‪ ،‬وتبقى األشياء المادية‬
‫سابقة على وجود أفكارنا وهذه األشياء في تغيير وتطور مستمر ‪.‬‬
‫من أين جاء ماركس بفكرة المادية الجدلية ( مصدرها ) ؟‬
‫‪ -‬تأثر كارل ماركس بالفلسفة األلمانية وأخذ عن هيغل الجدل ( الديالكتيكي ) حيث كان هيغل‬
‫يبدأ جدله من الفكرة التي تنتج عنها المادة وأن الفكر اسبق من الواقع ‪ ،‬لكن ماركس قلب جدل‬
‫هيغل رأسا على عقب ‪ ،‬وأكد أن المادة أسبق من الفكر ‪.‬‬
‫‪ -‬وترى المادية الجدلية أن كل ما في الوجود يحتوي عناصر متناقضة ومتصارعة ‪ ،‬وأن‬
‫الصراع بين المتناقضين ( الشيء وضده ) ينتج عنه شيء أرقى منه وهذا يوضح طبيعة‬
‫التطور ‪.‬‬
‫إن المادية الجدلية التي أسسها كارل ماركس هي نتاج مزاوجة أحدثها كارل ماركس بين مادية‬
‫فيور باخ مع مثالية هيغل التاريخية وتقوم المادية الجدلية على قوانين الديالكتيك الثالثة التي‬
‫تفسر التطور ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أحمد زايد ‪ :‬علم االجتماع ( النظريات الكالسيكية والنقدية نهضة مصر ‪ ،‬للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،2007‬مصر‬
‫ص‪315‬‬

‫‪4‬‬
‫قوانين الديالكتك‬
‫(المادية الجدلية)‬

‫تحول الكم إلى الكيف‬ ‫وحدة صراع المتناقضات‬ ‫نفي النفي‬


‫‪ -1‬قانون نفي النفي ‪ :‬يكتشف هذا القانون عن االتجاه العام للتطور في العالم المادي وفي‬
‫تاريخ المجتمع اإلنساني فالنظم الجديدة تنفي النظم القديمة ‪ ،‬فنظام الرق مثال قضى على نظام‬
‫الشيوعية البدائية ‪ ،‬والنظام االقتصادي قضى على نظام الرق ‪ ،‬والنظام الرأسمالي قضى على‬
‫النظام االقتصادي والنظام االشتراكي قضى على النظام الرأسمالي ‪ ،‬ويمكن تبسيط معنى هذا‬
‫القانون بقوله ‪ :‬إن كل فكرة تنفي أخرى ثانية ‪ ،‬والفكر الثانية تنفيها فكرة ثالثة وهكذا حتى نصل‬
‫إلى إقناع صاحب الفكرة األولى أن فكرته خاطئة ‪ ،‬يرى كارل ماركس أن كل فكرة ‪ ،‬وكل شيء‬
‫يحمل في ذلته بذور فناءه ‪ ،‬فنقد األفكار السلبية يؤدي إلى التطور ‪ ،‬والمخزن من هذا أنه‬
‫وجب على اإلنسان أن ال يتمسك برأيه وأن ال يرفض المناقشة ‪ ،‬فتطور األفكار يؤدي إلى‬
‫تطور اإلنسان ‪.‬‬
‫‪ -2‬قانون تغير الكم إلى كيف ‪ :‬الكم يمثل التراث والكيف يمثل التحوالت ‪ ،‬ومفاد هذا القانون‬
‫أن التراث إذا بقي على حاله ولم يتغير ولم يواكب الصيرورة فإنه يستنتج أفكار سلبية ‪ ،‬فالكون‬
‫في تغير دائم والبد لإلنسان من موالية هذه الضرورة‪.‬‬
‫‪ -3‬قانون وحدة صراع المتناقضات ( األضداد) ‪ :‬مفاده أن كل شيء طبيعي ‪ ،‬وكل ظاهرة‬
‫تشمل ضدها وهذين الطرفين المتضادان يحدث بينهما صراع يقفضي إلى تغلب الطرف المعبر‬
‫عن التقدم فيحدث التحول وهو سبيل التطور ‪.‬‬
‫‪ -‬نظرية المادية التاريخية ‪ :‬هو تطبيق للمادية الجدلية على التاريخ ‪ ،‬أي دراسة الحياة‬
‫االجتماعية عبر التاريخ ‪ ،‬فالعامل المادي هو المسيطر ‪ ،‬وهو الذي يؤدي إلى التطور‬
‫والمجتمع يتقدم وفقا للتنظيم االقتصادي وأساليب اإلنتاج وهو الذي يحدد النظام العام للدولة ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫نخلص إلى ‪ :‬أن كارل ماركس يرى أن الصراع الطبقي ظاهرة حتمية في أي مجتمع ‪ ،‬وهذا‬
‫الص ارع يؤدي إلى التغيير ‪ ،‬فينقل المجتمع من مرحلة إلى أخرى ‪ ،‬وعنص ار الصراع هما طبقة‬
‫فاقدة لوسائل اإلنتاج وطبقة مالكه لها ومهيمنة على االقتصاد والسياسة والمجتمع ‪.‬‬
‫االنتقادات التي وجهت للماركسية ‪ :‬من بين االنتقادات التي وجهت إليها ‪ ،‬أن الصراع الطبقي‬
‫ليس هو العامل الوحيد الذي يؤدي إلى التغيير االجتماعي ‪ ،‬فقد يكون التغيير االجتماعي له‬
‫أسباب سياسية كالرغبة في السلطة مثال وقد يتم عبر الحروب والثروات تقوم بها نخبة سلطوية‬
‫معينة‪.‬‬
‫‪ -‬كما أن أسباب الصراع ليست فقط أسباب اقتصادية وانما قد تكون إيديولوجية ‪.‬‬
‫يمكن التناقض للمنهجي في تفكير كارل ماركس في توجيه االتهام للرأسمالية بأنها نظام‬
‫استغاللي وفي نفس الوقت ومن أجل إحداث التغيير ‪ ،‬يشجع على زرع الرأسمالية عبر‬
‫اإلمبراطوريات ‪ ،‬التي احتلت الشعوب الضيفة في آسيا و أفريقيا ‪ ،‬كما أكد على ذلك بعض‬
‫‪1‬‬
‫الماركسيون الجدد »‬
‫ب‪ -/‬الماركسية المحدثة ‪ :‬من أبرز علماء االجتماع المعاصرين والممثلين لهذا االتجاه نذكر‬
‫رالف داهر نتورف "‪ "dahrendarf‬ولويس كوزر وغيرهم ‪.‬‬
‫‪ -‬تؤكد هذه النظرية على أهمية البنى في المجتمع ‪ ،‬ويؤكدون في نفس الوقت على أهمية‬
‫الصراع واالختالف داخل المجتمع ‪ ،‬مثل االختالف حول المصالح ‪ ،‬أو السلطة ‪ ،‬أو الثروة ‪.‬‬
‫‪ -‬يؤمنون أيضا بأن كل مجتمع يتألف من فئات مختلفة تسعى كل فئة إلى تحقيق مصالحها ‪،‬‬
‫مما يترتب عنه احتمال وقوع صراع بينها نتيجة سيطرة فئة منها على المصالح على حساب‬
‫باقي الفئات الضعيفة وهذا ما أكده " رالف داهر ندورف في كتابة" الطبقة والصراع الطبقي في‬
‫المجتمع الصناعي ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬نقال عن ‪ :‬د‪ -‬عامر مصباح ‪ :‬علم االجتماع ( الرواد والنظريات ط‪ ، 1‬شركة دار األمة للطباعة والنشر والتوزيع ‪،‬‬
‫‪.118‬‬ ‫الجزائر ‪ 2010‬ص‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬أما داهر ندورف فقد ذهب إلى القول بأن ضعف قوة رأس المال وقوة العمل في المجتمعات‬
‫الحديثة ‪ ,‬بظهور فئات اجتماعية ‪ ،‬وظهور طبقة متوسطة تستند على مصادر قوة جديدة‬
‫تضاهي أو تفوق المجال االقتصادي ( اإلعالم ‪ ،‬االتصال ‪ ،‬المعلومات ‪ ،‬الخدمات ‪....‬الخ )‬
‫وأن الصرع والسلطة ويشكالن عنصرين أساسين في كافة التنظيمات االجتماعية ففي أي تنظيم‬
‫اجتماعي يتواجد شكل من أشكال السلطة وذلك ألن هذا التنظيم يتكون من فئتين ‪ ،‬أولئك الذين‬
‫يمتلكون السلطة وأولئك الذين ال يملكونها وحينما تعي كل مجموعة من هاتين المجموعتين‬
‫مصلحتها الخاصة فإنها تتحول إلى جماعات مصلحة ‪ ،‬أو طبقات وتزداد بالتالي احتماالت‬
‫الصراع االجتماعي بين هذه الجماعات المتعارضة المصالح »‪. 1‬‬
‫‪ -‬أما كولتر ‪ :‬فيرى في نظريته أنه وفي كل مجتمع يسعى الناس للحصول على ( الثروة ‪،‬‬
‫القوة ‪ ،‬الهيمنة ) ولكل مصالحه التي يسعى إلى تحقيقها ‪ ،‬وبالتالي يحدث الصراع بسبب عدم‬
‫وجود توزيع عادل لهذا السلع ( الثروة ‪ ،‬القوة ‪ ،‬الهيمنة) ‪.‬‬
‫أهم االنتقادات التي وجهت للماركسية المحدثة ‪:‬‬
‫‪ -1‬لم تخرج عن إطار افتراضات المدرسة الوظيفية والمدرسة الماركسية التقليدية ‪ ،‬فهي لم‬
‫تأتي بالجديد‪.‬‬
‫‪ -2‬أكدت الماركسية الحديثة أن الصراع ناتج عن ظروف الواقع والمجتمع لكنها لم تحلل هذه‬
‫الظروف »‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬محمود عوة ‪ :‬أسس علم االجتماع ‪ ،‬دار النهضة العربية بيروت ص ‪.107‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬د‪ /‬خالد حامد ‪ :‬مدخل إلى علم االجتماع ‪ ،‬ط‪ 2‬جسور للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2012 ،‬ص‪.112‬‬

‫‪7‬‬
‫المستوى ‪ :‬السنة أولى جذع مشترك علوم إنسانية ‪.‬‬
‫السداسي ‪ :‬الثاني‬
‫المادة ‪ :‬مدارس ومناهج‬
‫عنوان الدرس ‪:‬المدرسة الوضعية‬
‫الدرس رقم ‪03 :‬‬
‫األستاذة المكلفة بتدريس المادة ‪ :‬د‪ /‬سنوسي فضيلة‬

‫‪ -‬الوضعية تيار فلسفي عرف به الفيلسوف أوجيست كونت ( ‪ )1857-1798‬ويعرف "إيدموند‬


‫جوبلو " الوضعية في قوله ‪ « :‬هي تيار ضخم من األفكار التي يعتبر فيها كونت ممثال بار از‬
‫وأصيال ‪ ،‬وهو تيار يتصل منبعه بعصر النهضة ‪ ،‬وكان عليه أن يحدث االزدهار الضخم‬
‫والسريع للعلوم المعاصرة ‪ ،‬لكن القرن التاسع عشر تميز عن سابقيه ‪ ،‬أن التطورات الفكرية‬
‫أصبحت نظاما عاما للتصورات تهدف إلى دراسة كل الظواهر اإلنسانية دراسة علمية ‪ ،‬وهي‬
‫تسعى إلى إيجاد انسجام داخلي وتصور وضعي موحد للعالم يقوم على معطيات التجربة وحدها‬
‫مع إقصاء كل العناصر الميتافيزيقية والتأمالت الالهوتية في التفكير ‪.»1‬‬
‫بمعنى أن الوضعية هي تيار فلسفي يهتم بدراسة الظواهر االجتماعية واإلنسانية دراسة علمية‬
‫من ردوادها أوجست كونت الذي عمل مع سان سيمون منذ عام ‪ 1817‬حتى عام ‪1823‬‬
‫وأصد ار معا عمال مشتركا عنوانه ( خطة العمليات الالزمة إلعادة تنظيم المجتمع ) وأكدا من‬
‫خال ل هذا العمل على ضرورة علمنة السياسة ‪ ،‬وعلى ضرورة أن يكون هناك ترابط بين العلوم‬
‫الطبيعية والعلوم االجتماعية ‪ ،‬فأهتم أوجست كونت بالتحليل الوضعي والفلسفة الوضعية ‪،‬‬
‫فأصر ستة مجلدات حول دروس في الفلسفة الوضعية ‪ ،‬كما أصدر كتاب عنوانه " مذهب في‬
‫السياسة الوضعية " أخرجه في أربعة مجلدات في فترة ما بين ‪ 1854-1851‬وما يمكن اإلشارة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬محمد محمد أمزيان ‪ :‬منهج البحث االجتماعي بين الوضعية والمعيارية ‪ ،‬المعهد العالمي للفكر اإلسالمي ‪ ،‬فرجينيا‬
‫الواليات المتحدة األمريكية ‪ ،‬ط‪ ، 1991 ، 1‬ص‪42‬‬

‫‪8‬‬
‫إليه هو أن أفكار أوجست كونت مثلث مبادئ المدرسة الوضعية ‪ ،‬وعليه فإن أفكارها هي نفسها‬
‫أفكار أوجست كونت ألنه هو مؤسسها ‪.‬‬
‫‪ -‬أفكار أوجست كونت ( تحليله) ‪:‬‬
‫‪ « -01‬تقوم نظريته على أن الجسم االجتماعي تحكمه لحمه تتكون األسرة كوحدة مجتمعية‬
‫تربط بين األفراد في وحدة عضوية متماسكة تتعدى التجاور والتجمع بين أجزاءها وهذا ما جعله‬
‫يستعبد الفرد من الدراسة إذ انه يرى يجب االنطالق من الكل إلى األجزاء وليس العكس أي من‬
‫األسرة إلى الفرد ‪»1‬‬
‫‪ -2‬وجب أن يكون الهدف من التح ليل هو اكتشاف القوانين المتحكمة في النظام االجتماعي‬
‫الذي يحافظ على ثبات المجتمع وذلك يتم من خالل الدراسات العلمية ( الفكر الوضعي) ‪.‬‬
‫‪ -3‬مر اإلفراد عبر جهودهم المتداولة لفهم وتفسير العالم المحيط بهم بثالث حاالت هي ‪:‬‬
‫أ‪ -/‬الحالة الالهوتية ‪ :‬وهي تقسم إلى مراحل فرعية منها المرحلة الوثنية ‪ ،‬مرحلة تعدد اإللهة ‪،‬‬
‫ومرحلة التوحيد وتتسم هذه المرحلة من الناحية الفكرية بغلبة الفكر الديني ومن الناحية المادية‬
‫بسيادة االتجاهات العسكرية‪.‬‬
‫ب‪ -/‬المرحلة الميتافيزيقية ‪ :‬سادت فيها االتجاهات الميتافيزيقية حيث تفسر األحداث والوقائع‬
‫بردها إلى مبادئ غيبية ‪ ،‬ويغلب في هذه المرحلة االتجاه التشريعي وتصبح الدولة هي الوحدة‬
‫األساسية ويقوم التنظيم على أساس جمعي ‪.‬‬
‫ج‪ -/‬المرحلة الوضعية ‪ :‬فسرت فيها الظواهر االجتماعية تفسي اًر علميا ألن الظواهر‬
‫االجتماعية في رأي أوجست كونت تخضع لقوانين ومبادئ عامة هي قوانين طبيعية ومن نمة‬
‫فهي تخضع للبحث العلمي ‪.‬‬
‫‪ -‬ومن أفكاره أيضا ‪ ،‬أن المجتمع ال يمكن أن يفهم أجزاءه منفصلة عن بعضها وانما في‬
‫وحدتها ‪ ،‬ألن الظواهر االجتماعية متساندة كالنظم والمعتقدات واألخالق ‪.....‬الخ ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬د‪ /‬خالد حامد ‪ :‬مدخل إلى علم االجتماع ‪،‬ط‪ 3‬جسور للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪ ، ،2012‬ص‪70‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬االنتقادات التي وجهت إليه ‪:‬‬
‫« لقد سبقه في الدعوة إلى ضرورة دراسة الظواهر االجتماعية دراسة عملية ‪ ،‬ابن خلدون الذي‬
‫أشار إلى هذا في مقدمة كتابه المشهور المتضمن لمعالجة علم العمران ‪.‬‬
‫‪ -‬دعا أوجست كونت إلى التزام الموضوعية العلمية في تحليل الظواهر االجتماعية لكنه لم‬
‫يلتزم بها فصياغته لقانون المراحل الثالثة هي صياغة فلسفية مبنية على التحليل ليس لها دليل‬
‫علمي »‪. 1‬‬
‫‪ -‬ال يمكن تطبيق مناهج العلوم الدقيقة بشكل مطلق على الظواهر االجتماعية نظ ار لمميزاتها‬
‫المتمثلة في كونها متغيرة ويصعب التحكم فيها ‪.‬‬
‫‪ -‬أفكاره نابعة من المجتمع الفرنسي في مرحلة زمنية معنية وال يمكن تعميم سمات وخصائص‬
‫هذا المجتمع على باقي المجتمعات األخرى ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬د‪ /‬عامر مصباح ‪ :‬علم االجتماع الرواد والنظريان ط‪ 1‬شركة األمة للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر ‪ ، 2010 ،‬ص ص‬
‫‪95، 94‬‬

‫‪10‬‬
‫المستوى ‪ :‬السنة أولى جذع مشترك علوم إنسانية ‪.‬‬
‫السداسي ‪ :‬الثاني‬
‫المادة ‪ :‬مدارس ومناهج‬
‫عنوان الدرس ‪:‬المدرسة الوظيفية‬
‫الدرس رقم ‪04 :‬‬
‫األستاذة المكلفة بتدريس المادة ‪ :‬د‪ /‬سنوسي فضيلة‬
‫‪ -‬من المدارس االجتماعية نذكر أيضا " المدرسة الوظيفية" ‪ ،‬وقد قدمت تعاريف عدة حول‬
‫معنى الوظيفية نذكر منها أنها ‪ « :‬طريقة تحليل نظامية حيث البنى التي يتكون منها النظام‬
‫والوظائف التي تؤديها تلك البنى ‪ ....‬يفترض هذا المنهج أن ألي نظام سياسي وظائف معنية‬
‫ينبغي تأديتها إذا أريد أن يستمر النظام ثم تجدد البنى التي تؤدي تلك الوظائف ويفحص‬
‫أسلوب أدائها ثم تؤسس صالت بين أسلوب أداء هذه الوظائف األساسية ونوع الثقافة السياسية‬
‫الموجودة في المجتمع ‪»1‬‬
‫وهناك من عرفها بأنها « تركز على األغراض أو المهام ‪ ،‬خاصة تلك المنجزة من طرف‬
‫التنظيمات ‪ ،‬بعض النظريات فسرت تطور المنظمات خاصة المنظمات الدولية كاستجابة لزيادة‬
‫في عدد المهام المطلوبة االنتباه »‪.2‬‬
‫وقد عرفها الدكتور عامر مصباح في قوله ‪ « :‬هي مصطلح يشير إلى نظرية كبرى في علم‬
‫االجتماع ‪ ،‬ثم طبقت في علوم أخرى كعلم السياسة وعلوم اإلعالم واالتصال وعلم النفس ‪،‬‬
‫وعلم اإلدارة وغيرها من العلوم اإلنسانية ‪ ،‬وهي تدرس الظواهر االجتماعية من خالل تحليل‬
‫وظائفها ‪ ،‬أو تدرس المنهج من خالل تحليل وظائف أنظمته النسقية وهي تيار محافظة ال ينشد‬
‫التغيير الراديكالي وانما إذا كان والبد من التغيير فيجب أن يكون تغيي اًر جزئيا في األنظمة‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬جوفر روبرت وآليستار ادواردز ‪ :‬المعجم الحديث للتحليل السياسي ‪ ،‬تر ‪ :‬سمير عبد الرحيم الجلبي الدار العربية‬
‫للموسوعات ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1999 ،‬ص ‪.435‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬نقال عن ‪ :‬د ‪ /‬عامر مصباح ‪ :‬علم االجتماع ( الرواد والنظريات) شركة – دار األمة للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ ، 2010‬ص ‪. 212‬‬

‫‪11‬‬
‫الفرعية للنظام الكلي ‪ ،‬لكي ال يختل النظام الكلي ‪ ،‬وتؤكد الوظيفية على فكرة التكامل بين‬
‫أنظمة المجتمع الفرعية للحفاظ على النظام الكلي وبتحقق التكامل داخل النظام الكلي عبر‬
‫عملية التنشئة االجتماعية والمعايير االجتماعية واألفكار والرموز الثقافية »‪.1‬‬
‫‪ -‬أهم رواد المدرسة الوظيفية ‪:‬‬
‫من روادها ‪ :‬مالينوسكي برونسلوا ‪ ،‬روبرت ميرتن ‪ ،‬دون فان برج ‪ ،‬ليفي ماريون ‪ ،‬ألفن‬
‫كولدتر ‪ ،‬أرنست نيكل ‪....‬الخ ‪.‬‬
‫‪ -‬أفكار المدرسة الوظيفية ‪ ( :‬منهجها التحليلي )‬
‫يمكن تلخيص أفكارها فيما يأتي ‪:‬‬
‫البناء االجتماعي يتكون من مجموعة من أنظمة مترابطة مع بعضها بنائيا ووظيفيا‬ ‫‪-1‬‬
‫ومتكاملة فيما بينها في شكل اعتماد متبادل من أجل أداء الوظائف واشباع الحاجات ضمن‬
‫األنساق االجتماعية الفرعية وضمن النسف العام ‪.‬‬
‫يتكون النظام االجتماعي الكلي من مجموعة أنساق فرعية هي في حالة اعتماد متبادل‬ ‫‪-2‬‬
‫وظيفي ‪.‬‬
‫‪ -3‬يتكون النسق االجتماعي الفرعي من مجموعة أنماط تتدخل في تحديد طبيعة التفاعل‬
‫الوظيفي ‪.‬‬
‫‪ -4‬لكل نظام نسقي حاجات تعكس وظائفه ومن خاللها تحدد تكامله وتكافله االجتماعي ‪.‬‬
‫‪ -5‬التوازن االجتماعي في التفاعل الوظيفي فيما بين األنساق الفرعية ضمن النسق الكلي‬
‫أمرهم ويقصد بالنسق « مجموعة من أنماط سلوكية تحدد وتوجه تصرف الفرد نحو إشباع‬
‫حاجات يبحث عنها ويحتاجها »‪.2‬‬
‫‪ -6‬من الناحية المنهجية بدرس التحليل الوظيفي ( الكل) أي النظام االجتماعي الكلي وأنساقه‬
‫الفرعية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪212‬‬
‫‪2‬‬
‫ص‪.255‬‬ ‫‪ -‬الغروي فهمي سليم وآخرون ‪ :‬المدخل إلى االجتماع دار الشروق عمان ‪، 1992 ،‬‬

‫‪12‬‬
‫س‪ :1‬ما هي المناهج التي استخدمتها الوظيفية في تحليلها للظاهرة االجتماعية ؟‬
‫ج‪ -‬اعتمدت على مناهج عملية معتمدة في البحوث االجتماعية وهي ‪:‬‬
‫‪ -01‬المنهج المقارن ‪ :‬أي المقارنة بين الظواهر التي تحدث في المجتمع مما يسمح باكتشاف‬
‫المتغيرات الجديدة في الظواهر التي ال تدرك إال عن طريق التفسير المقارن ‪.‬‬
‫‪ -2‬المنهج الوصفي ‪ :‬يعتمد فيه على وصف الظاهر المدروسة وتصنيفها وتحليلها ‪ ،‬من أجل‬
‫معرفة أسباب حدوثها والعوامل المحتكمة فيها ويعتمد في هذا المنهج على جمع البيانات‬
‫وتنظيمها وتحليلها ‪.‬‬
‫‪ -03‬المنهج الوظيفي ‪ :‬ويعني تحليل الوظائف المترتبة عن األنساق أو الموضوعات محل‬
‫الدراسة مع التركيز على تحليل طبيعة هذه الوظائف في عالقتها بإشباع الحاجات المختلفة »‪.1‬‬
‫أهم االنتقادات التي وجهت للمدرسة الوظيفية ‪:‬‬
‫من بين االنتقادات التي وجهت لها نذكر ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -/01‬إن هذه المدرسة تهتم فقط بإحداث مقارنة بين الظواهر االجتماعية وتحديد أوجه‬
‫االختالف واالتفاق ودون أن تفسرها ‪ ،‬وبالتالي نتائج بحثها غير علمية ‪.‬‬
‫‪ -/02‬لم تهتم النظرية الوظيفية بظاهرة الصراع الطبقي وأكد تحليلها أنه ال وجود للصراع في‬
‫المجتمع ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬د‪ /‬عامر صباح ‪ :‬علم االجتماع ( الرواد والنظريات) مرجع سابق ‪ ،‬ص – ص‪( 242-241-239‬بالتصرف)‬

‫‪13‬‬
‫المستوى ‪ :‬السنة أولى جذع مشترك علوم إنسانية ‪.‬‬
‫السداسي ‪ :‬الثاني‬
‫المادة ‪ :‬مدارس ومناهج‬
‫عنوان الدرس ‪:‬المدرسة البنيوية‬
‫الدرس رقم ‪05 :‬‬
‫األستاذة المكلفة بتدريس المادة ‪ :‬د‪ /‬سنوسي فضيلة‬

‫يعرف أندريه الالند البنيوية في موسوعته قائال ‪ ..... « :‬يطلق على علم النفس البنيوي اسم‬
‫بنيوية ‪ ،‬فهو العلم الذي يعتمد على منهج تحليل الظواهر النفسانية إلى عناصر أحاسيس‬
‫خيالت ‪ ،‬نزعات ‪...‬الخ ‪ ،‬والى تحديد أبعادها ( كثافة ‪ ،‬توتر ديمومة ) « إن النفسانيات‬
‫البنيوية تحليلية ‪ ،‬فهي تصب أنظارها على تركيب المسارات العقلية ‪ ،‬والمقصد هو إجراء عملية‬
‫عقلية في نشاط ما حول تقنية هذا النشاط فهي تهتم بكيفية الظواهر بكيفية دالالتها أو أجهزتها‬
‫الجوانية‪.»1‬‬
‫وهناك من يرى أن كلمة « بنيوية ‪ sstructuralisme‬هي مشتقة من كلمة بنية ‪، structure‬‬
‫وهي بدورها مشتقة من الفعل الالتيني ‪ struere‬أي بني ‪ :‬وهو يعني بذلك الهيئة أو الكيفية‬
‫التي يوجد الشيء عليها‪ ،‬وفي اللغة العربية ‪ ،‬بنية الشيء تعني ما هو أصيل فيه وجوهري‬
‫وثابت ال تبدل بتبدل األوضاع والكيفيات»‪. 2‬‬
‫ويرى ليفي ستروس ‪ levy shtrose‬أن « البنية تحمل أوال وقبل كل شيء طابع النسق أو‬
‫النظام ‪ ،‬فالبنية تتألف من عناصر إذا ما تعرض الواحد منها للتغيير أو التحول ‪ ،‬تحولت باقي‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أندربه الالند ‪ :‬موسوعة الالند الفلسفية ( المجلد األول ) ط‪ 2‬تغريب خليل أحمد خليل ‪ ،‬إشراف أحمد عويدات ‪ ،‬منشورات‬
‫عويدات ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬باريس ‪ ، 2001‬ص ‪.1340‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬نقال عن ‪ :‬د‪ /‬عامر مصباح ‪ :‬علم االجتماع ( الرواد والنظريات ) ط‪ ، 1‬شركة دار األمة للطباعة والنشر والتوزيع ‪،‬‬
‫الجزائر ‪ 2010‬ص‪306‬‬

‫‪14‬‬
‫العناصر األخرى وذلك أنه رغم التنافر الظاهري الذي نالحظه بين البنى والظواهر في المجال‬
‫اإلنساني فإن هناك قواسم مشتركة وروابط مشتركة وروابط تربط بينها ‪.»1‬‬
‫مفردات التحليل عند المدرسة البنيوية ‪:‬‬
‫‪ -1‬تؤكد البنيوية على ضرورة الظواهر االجتماعية بدقة وبصرامة علمية ‪ ،‬حتى تكون نتائج‬
‫التحليل االجتماعي لها مصداقية علمية ‪.‬‬
‫‪ -2‬المفتاح الرئيسي في التحليل البنيوي هو اللغة حيث وجب بناء أسس التحليل البنيوي على‬
‫أساس االرتباط الرمزي بين الرموز ودالالتها ومدلوالتها ‪ ،‬وفهم الظواهر انطالقا من التفريق بين‬
‫الطبيعة والمعنى ‪.‬‬
‫‪ -3‬في التحليل البنيوي العنصر يتم تحليله في عالقته بالعناصر األخرى أي ال يمكن تحليل‬
‫الظواهر االجتماعية في جزيئاتها دون الرجوع إلى الكل ( أي التركيز على الشكل الكلي للظاهرة‬
‫من أجل فهم جوهرها ) ‪.‬‬
‫‪ -4‬التفسير البنيوي قائم على الكشف عن النسق الثابت للظواهر االجتماعية ‪ ،‬والنسق يعني‬
‫دراسة الظواهر من خالل ترابط عناصرها فيما بينها وتحليلها في شكلها الموحد وليس منعزلة‬
‫عن بعضها ‪.‬‬
‫‪ -5‬وهناك مفهومان عرفت بهما البنيوية وهما ‪:‬‬
‫‪ -‬وجب مالحظة الظواهر وهي في حالة سكون وليس في حالة حركة وقد أطلق البنيويون على‬
‫هذا اسم التزامن ‪.synchronic‬‬
‫‪ -‬ال وجود للتناقضات داخل النسيج البنيوي ألن البنية تعني مجموعة العالقات الثابتة والمجردة‬
‫فالظواهر هي نفسها في حالة الصيرورة ويسمى هذا ب التعاقب ‪.diachranic‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.307‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -6‬اهتمام ليفي ستروس بدراسة الرموز الثقافية ليس لغاية إيديولوجية معنية ‪ ،‬وانما الغرض من‬
‫ذلك هو الكشف عن نمط التفكير في المجتمعات البشرية ‪ ،‬ومن ثمة تحديد إن كانت هذه‬
‫الرموز قابلة ألن تتحمل تفسيرات متعددة ومختلفة ‪.‬‬
‫‪ -7‬وجب دراسة اللغة فهذه األخيرة لها خاصية بنيوي بمعنى أن الكلمة مكونة من حروف ال‬
‫معنى لها إال في عالقتها بباقي الحروف األخرى في الكلمة ‪ ،‬والحال نفسه بالنسبة للجملة هي‬
‫مكونة بنية تتمثل في الكلمات وال يمكن فهم معناها إال في عالقتها بالكلمات األخرى المتضمنة‬
‫في الجملة وهكذا دواليك ‪ ،‬لذلك وجب االهتمام بدراسة اللغة قبل أن ندرس عالقتها بالنظم‬
‫التاريخية واالجتماعية والنفسية ‪.‬‬
‫‪ -‬االنتقادات التي وجهت للمدرسة البنيوية ‪:‬‬
‫من بين أهم االنتقادات التي وجهت لهذه المدرسة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬نظرت إلى اللغة على أنها بنية فقط وأهملت وظيفة اللغة التواصلية والتفاعلية ‪ ،‬فاللغة أداة‬
‫تواصل ‪ ،‬وتفاعل واتصال اجتماعي ‪.‬‬
‫‪ -2‬إن البنيوية تدرس الظاهرة االجتماعية في حالة سكونها ‪ ،‬وليس في حالة حركتها وتطورها‪،‬‬
‫فالتحليل الجيد يتطلب منا أن ندرسها ( الظاهرة) وهي في حالة حركة حتى تكون دراستنا معمقة‬
‫وتمكننا من التنبؤ بحدوث الظاهرة مستقبالً ‪.‬‬
‫‪ -3‬أهملت البنيوية التطور التاريخي للظاهرة ‪،‬أي إنها وفي تحليلها للظاهرة االجتماعية ال‬
‫تدرس تطور الظاهر عبر المراحل التاريخية التي مرت بها والتغيرات التي طرأت عليها ‪،‬‬
‫فالتحليل المعمق بتطلب تتبع مراحل تطور الظاهر المدروسة ‪.‬‬

‫‪16‬‬

You might also like