You are on page 1of 17

‫مقدمة‪:‬‬

‫تعد المدرسة الوظيفية في مجال اللسانيات واحدة من االتجاهات الحديثة والمبتكرة في دراسة اللغة‬
‫واللسانيات‪ .‬هذا النهج التعليمي يتطور بسرعة لمواكبة التحوالت اللغوية في المجتمعات العالمية‬
‫واالحتياجات المتزايدة للمتخصصين في اللغة والترجمة‪ .‬يهدف هذا البحث إلى استكشاف أسس ومفاهيم‬
‫المدرسة الوظيفية في ميدان اللسانيات وكيف يمكن أن تسهم في تطوير مجال الدراسات اللغوية‪.‬‬

‫المدرسة الوظيفية في مجال اللسانيات تعتمد على تكامل النظريات اللسانية مع التطبيقات العملية في الحياة‬
‫الواقعية‪ .‬تركز على تزويد الطالب باألدوات والمهارات الضرورية لفهم وتحليل اللغة‪ ،‬وتطبيق هذا الفهم في‬
‫مجموعة متنوعة من المجاالت الوظيفية‪.‬‬
‫هذه المدرسة تسعى إلى فهم اللغة كأداة للتواصل و التفاعل اإلجتماعي و تسليط الضوء على كيفية تحقيق‬
‫األهداف و الغايات من خالل إستخدام اللغة‪.‬بإلضافة إلى ذلك‪،‬تشمل المدرسة الوظيفية كذلك دراسة األدوار‬
‫اللغوية و التغيرات اللغوية التي تحدث على مر الزمن و كيفية تأثير اللغة على التفاعل اإلجتماعي‪.‬‬

‫ومن خالل بحثنا هذا نسعى إلى تقديم حوصلة تحيط بالمدرسة الوظيفية من كل الجهات للخروج بأكبر قدر‬
‫من الفائدة و التحفيز لمواصلة البحث في هذه المدرسة‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬

‫مقدمة‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪.1‬مفهوم المدرسة الوظيفية‬
‫‪.2‬نشأة المدرسة‬
‫‪.3‬تطور المدرسة الوظيفية‬
‫‪.4‬رواد المدرسة الوظيفية‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪.1‬التصور المنهجي للمدرسة الوظيفية‬
‫‪.2‬أفكار و مبادئ المدرسة‬
‫‪.3‬أهدافها‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫‪.1‬القيمة النظرية للمدرسة الوظيفية‬
‫‪.2‬عالقتها باللسانيات‬
‫‪.3‬إنتقادات المدرسة‬
‫خاتمة‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫‪.1‬مفهوم المدرسة الوظيفية‪:‬‬
‫‪-‬هي إحدى المدارس اللغوية التي تأثرت بثنائيات ديسوسير وآرائه في الّلغة في بداياتها عرفت بإسم نادي‬
‫براغ اللساني‪ ،‬وفي وقت الحق ُعرف هذا النادي بمدرسة براغ أو المدرسة الفونيمية‪.‬إهتمت بتتبع الوظيفة‬
‫التي يأديها العنصر اللغوي داخل التركيب في صنع المعنى‪،‬كذلك قام أتباعها بدراسة عناصر التواصل من‬
‫مرسل و متلقي و الرسالة و قناة اإلتصال التي تحمل الرسالة و اللغة باعتبارها أداة إتصال و المرجع أي‬
‫موضوع الرسالة‪(.‬عزوز‪،2008،‬ص‪)1141‬‬

‫‪-‬هي فرع من فروع البنيوية لديسوسير ترى أن البنية النحوية و الداللية و الفونولوجية للغات تحدد‬
‫بالوظائف المختلفة التي تقوم بها في المجتمع‪(.‬مومن‪،2005،‬ص‪.)136‬‬

‫وعلى ضوء التعاريف السابقة يمكن أن نعرف المدرسة الوظيفية على الشكل التالي‪:‬‬

‫هي عبارة عن نادي أو حلقة لسانية أوروبية تهتم بالسانيات المعاصرة أي تهتم بالمبادئ التي جاء بها دي‬
‫سوسير في محاضراته التي ألقاها على طلبته و التي تبناها أعضاء هذه الحلقة‪،‬مؤسسوها كانو عبارة عم نقاد‬
‫و لسانيون إمتدت ما بين ‪.1939-1928‬‬

‫‪.2‬نشاة المدرسة الوظيفية‪:‬‬


‫تعرف البنوية الوظيفية أو مدرسة براغ الوظيفية على أنها إمتداد للمدرسة الروسية و كان هذا األخير هو‬
‫مقطة إنطالق المدرسة الوظيفية‪.‬‬

‫ينسب تأسيس هذه المدرسة التي ظهرت في ‪ 1926‬إلى العالم اللساني التشيكي ماثيسيوس (‪)Mathesius‬‬

‫من أهم أعالمها ترنكا(‪ )Tranka‬وهافرانك (‪ )Havranek‬و فاشيك (‪ )vachek‬هؤالء تشيكيون ‪،‬و‬
‫تروبوتسكي (‪)Troubetskoy‬و رومان جاكبسون(‪ )Jacobos Roman‬و هما من روسيا‪.‬‬

‫(عزوز‪،2008،‬ص‪)1141‬‬

‫إلتّف حول "ماتيسيوس "مجموعة من الباحثين المتفقين فكريا‪،‬وبدأوا يعقدون اجتماعات دورية منذ سنة‬
‫‪ ،1926‬وبعدها عرفوا بجماعة "براغ" إلى أن تفرقوا عند قيام الحرب العالمية الثانية ‪.‬لقدقامت هذه‬
‫المدرسة على المبادئ واألصول النظرية التي أرسى دعائمها "دي سوسير"‪.‬‬

‫(سامسون‪.‬ت‪:‬كبة‪،1995،‬ص‪)105‬‬

‫كما اتخذت من تصور "بودوان دي كورتني" للفونيم نظرية كاملة للتحليل الفونولوجي‪ ،‬وهو العمل الذي‬
‫إطلع به العالمان‪":‬نيكوالي تروبتسكي"‪ ،‬و"رومان جاكبسون"‪،‬وكفل النجاح لهذا المشروع ما تمتعت به‬
‫"براغ" من تقاليد راسخة في الفكر اللساني ‪ ،‬ولم يستغرق تطور النشاط الخصب الذي قامت به المدرسة إال‬
‫قرابة عشر سنوات‪ ،‬غير أن أفكارها واصلت ازدهارها في "هارفرد" بالواليات المتحدة التي صارت بحكم‬
‫الظروف وطنا لجاكوبسون‪.‬وكان لمدرسة "براغ "الصدى الكبير في األوساط اللسانية العالمية‪ ،‬ولدى عدد‬
‫كبير من منظري ومثقفي العصر‪ ،‬من بينهم مؤسس اللسانيات الرسمية الفرنسية "أندري مارتين"‪.‬‬

‫(جاك‪)https :takhatub.ahlamountada.com،2011،‬‬
‫‪.3‬تطور المدرسة الوظيفية‪:‬‬
‫بلغت هذه المدرسة ذروتها في الثالثينيات و مزال نفوذها مستمرا الى يومنا هذا بعكس المدارس األخرى‬
‫فهي لم تقتصر على أعضاء موجودين في براغ‪-‬هولندا فقط فقد ضمت مجموعة من علماء اللغة في‬
‫تشيكوسالفيا حيث قاموا بتكوين حلقة دراسية ضمت عددا كبيرا من الباحثين من أماكن‬
‫مختلفة‪:‬روسيا‪،‬هوالندا‪،‬ألمانيا إنجلترا فرنسا‪.‬حيث صاغو جملة من المبادئ الهامة و تقدموا بها إلى المؤتمر‬
‫الدولي األول لعلماء اللغة الذي عقد في الهاي سنة ‪ "1928‬بعنوان النصوص األساسية لحلقة براغ اللغوية"‬
‫و في العام التالي‪ 1929‬قدمو الجزء األول من الدراسة الجمالية بعنوان "األعمال" و في عام ‪1930‬‬
‫ظهرت أول دراسة منهجية في تاريخ األصوات اللغوية أعدها "جاكبسكون" و عقد في براغ "مؤتمر‬
‫الصوتيات"‪ ،‬ثم تأكدت الحركة الصوتية على المستوى الدولي بمجموعة من المؤتمرات الالحقة و تبلورت‬
‫في ثمانية أجزاء عن أعمال "حلقة براغ" تباعا حتى عام ‪،1938‬و هي السنة التي حلت فيها الحلقة ألسباب‬
‫مجهولة و قد صقلت مبادئها و مفاهيمها في فرنسا على يد أندري مارتين و إيميل بينفست‪.‬‬

‫(بوبنية‪.‬خالدي‪،2015،‬ص ص ‪)24-23‬‬

‫‪.4‬رواد المدرسة الوظيفية‪:‬‬


‫هم مجموعة من اللغويين الذين أسسوا المدرسة الوظيفية عام ‪1926‬م في مدينة براغ التشيكية‪ ،‬وقد ركزت‬
‫المدرسة على دراسة اللغة في سياقها االجتماعي والثقافي‪ ،‬والتأكيد على أهمية الوظيفة التي يؤديها العنصر‬
‫اللغوي في السياق‪ .‬ومن أبرزهم‪:‬‬

‫‪ /1‬رومان جاكوبسون(‪ :)1981-1896‬هو عالم لغوي روسي األصل أمريكي الجنسية ولد بموسكو‬
‫عام ‪1896‬م‪ ،‬من عائلـة يهوديـة روسية برجوازية‪ ،‬وكان مولعا بالمطالعة منذ الصغر‪ ،‬فأتقن الّلغة‬
‫الفرنسية‪ ،‬وتعّلم األلمانية والالتينية‪ ،‬كما اهتم بالنظم و الشعر وهو في سن الخامسة عشر ومن هنا تكونت‬
‫شخصيته المتميزة‬

‫زاول دراسته بمعهد الّلغات الشرقية ثّم بالجامعة المركزية‪ ،‬حيـث تخصص في الّلسـانيات المقارنـة و‬
‫الفيلولوجية السالفية‪.‬‬

‫اهتم بالعالقة بين الّلغة واألدب‪ ،‬وبدروس"سوسير"‪ ،‬وشارك في إنشاء مدرسة "براغ" الّلسانية عام ‪1915‬م‬

‫وضع مع "تروبتسكوي" و"كارسفسكي"النظريات الّلسانية التي اعتمدتهاا مدرسة براغ عام ‪1928.‬‬
‫رحل إلى الواليات المتحدة األمريكية سنة ‪1941‬م‪ ،‬ودرس بالمدرسة الحرة للدراسات العليا التي تأسست‬
‫ب"نيويورك" كمواطن للباحثين الّالجئين من أوروبا ما بين ‪1943‬و‪1946‬م‪ ،‬فكان له الفضل الكبير في‬
‫تاسيس نادي نيويورك اللساني‪.‬‬

‫أّلف ما يربو عن ‪370‬كتابا ومقاال‪ ،‬وما يربو كذلك عن ‪100‬عمل شملت العديـد من النصـوص والمقدمات‬
‫واألشعار المختلفة‪ ،‬من أهّمها‪:‬‬

‫‪ .1‬مالحظات حول التطور الفونولوجي للروسية بالمقارنة مع الّلغات السالفية األخرى‬

‫‪ .2‬مقدمة في تحليل الكالم‪ ،‬أخرجه باالشتراك مع "هال" "وفانت"عام ‪.1952‬‬

‫‪ .3‬مبادئ الفونولوجيا التاريخية‪( .‬عبد القادر‪،2002،‬ص‪) 237‬‬

‫(‪1915‬م‪ ،‬ويعد‬

‫من أوائل الّلسانيين في تناول التحليل البنيوي لألشكال األدبية‪ ،‬ودراسة النص األدبي لذاته احد ابرز رواد‬
‫المدرسة ركز في دراساته على تطوير‬

‫‪ .‬نظرية اللغة الوظيفية‪ :‬التي ترى أن اللغة نظام من العالمات التي تؤدي وظائف معينة في المجتمع أي‬
‫دراسة الوظيفة التي يؤديها العنصر اللغوي داخل التركيب في صنع المعنى‪ .‬وقد قسم الوظائف األساسية‬
‫للغة إلى ست وظائف‪ ،‬هي‪:‬‬

‫الوظيفة اإلخبارية‪ :‬وهي الوظيفة التي يستخدمها المتحدث إلبالغ المستمع بمعلومة معينة‪.‬‬

‫الوظيفة اإلقناعية‪ :‬وهي الوظيفة التي يستخدمها المتحدث إلقناع المستمع بوجهة نظر معينة‪.‬‬

‫الوظيفة التعبيرية‪ :‬وهي الوظيفة التي يستخدمها المتحدث للتعبير عن مشاعره وأفكاره‪.‬‬

‫الوظيفة التوجيهية‪ :‬هي الوظيفة التي يستخدمها المتحدث لتوجيه سلوك المستمع‪.‬‬

‫الوظيفة الشعرية‪ :‬وهي الوظيفة التي يستخدمها المتحدث للتركيز على الخصائص الصوتية أو الشكلية للغة‪.‬‬

‫الوظيفة المرجعية‪ :‬وهي الوظيفة التي يستخدمها المتحدث لإلشارة إلى شيء ما في العالم الخارجي‪.‬‬

‫وقد اعتبر جاكوبسون أن الوظيفة اإلخبارية هي الوظيفة األساسية للغة‪ ،‬ألنها الوظيفة التي تؤدي إلى نقل‬
‫المعلومات و ‪.‬ساهم جاكبسون ايضا في تطوير علم اللغة النفسي‪ ،‬حيث ركز على دراسة العالقة بين اللغة‬
‫والفكر‬

‫‪ /2‬اندري مارتيني‪ :‬عالم لساني فرنسي‪ ،‬ولد يوم ‪12‬أفريل ‪1908‬م‪ ،‬في مقاطعة السافوا بفرنسا‪،‬‬
‫اخـتص بالّلغـة االنجليزية ثّم الّلسانيات العامة‪ ،‬درس في جامعة كولومبيا أين تأثر بالّلساني بلومفيد‪.‬‬

‫يعد أحد أبرز المشاركين في أعمال مدرسة "براغ" كما أنه أحد أعالم الفونولوجيا‪ ،‬كانت له صـلة‬
‫منهجية وشخصية برؤساء فونولوجيا براغ‪ ،‬و قد اعتمد خالل دراسته لألصوات الوظيفية على مبادئ‬
‫مدرسة"براغ"‪ ،‬فتطورت على يده الّلسانيات في اوروبا بصفة عامة وفي فرنسا بصفة خاصة‪( .‬كريدية‪،‬‬
‫‪،2011‬ص‪) 311‬‬

‫‪ /3‬نيكوالي تروبتسكوي‪ :‬يعد االمير نيكوالي من ابرز ااقطاب مدرسة براغ ‪ ،‬عالم لساني روسي ولد‬
‫سنة ‪ 1890‬بموسكو ‪ ،‬وهو من عائلة عريقة تنتمي المراء روسيا‪.‬‬

‫كان طالبا في قسم الّلغة الهندوأوروبية في جامعة موسكو التي كان يديرها والده ‪ ،‬واصبح عام ‪1916‬‬
‫عضوا في التدريس‪،‬بعد ذلك حصل على منصب في الجامعة اإلقليمية (إقليم روشوف)‪ ،‬فر إلى‬

‫اسطنبول عام ‪ 1916‬م‪ ،‬وبعدها الى فينا عام ‪1922‬م ‪،‬حيث درس فقه الّلغة السالفية وأصـبح عضـوا في‬
‫مدرسة براغ اللسانية‪ ،‬برع "تروبتسكوي" في ميدان الصوتيات الوظيفية أو الفونولوجيا وكانت له إسهامات‬
‫قيمة منـها مؤلفه الشهير مبادئ الفونولوجيا ‪1939‬م‪ ،‬والذي يحتوي على مبادئ الفونولوجيا ومناهج تحليل‬
‫السـمات القطعية و الفوقطعية‪ ،‬و دراسات حول الفونولوجية االحصائية‪ ،‬و الفونولوجيا التاريخية‪ ،‬و ايضا‬
‫كتاب اصل الفونولوجيا الذي يعد اهم عمل يرتبط بمنهج هذه المدرسة و اتجاهها العام‪،‬‬

‫توفي هذا الّلسـاني الروسي ب فينا عام م‪1938‬‬

‫‪ /4‬فيالم مثيزيوس‪ :)1945-1882(:‬واحد من ألمع العلماء ليس في الّلسانيات فحسب‪،‬بل في الّلغة‬


‫واألدب االنجليزي أيضا‪ ،‬ولد ‪1882‬م‪،‬اسس بمعية معاونيه نادي براغ اللساني‪ ،‬وشغل بعد ذلك منصب‬
‫أستاذ الّلغة االنجليزية بجامعة كارولين األمريكية‪« ،‬التف حول فيالم مجموعة من الباحثين المثقفين فكريا‪،‬‬
‫قاموا بعقد اجتماعات لغوية للبحث المنظم عام ‪1926‬م و عرفو بجماعة براغ ‪ ،‬من أهم االبحاث التي قام‬
‫بها فيالم‪:‬‬

‫استعماله للدراسة الوظيفية وذلك من أجل التمييز بين النحو واألسلوبية‪ ،‬ومن إسهاماته الـتي نالـت‬

‫شهرة كبيرة في الّلسانيات‪ :‬تمييزه بين مفهومي "الموضوع"و"الخبر" وتطويره لمنظور الجملة الوظيفي‪.‬‬
‫توفي عام ‪1945‬م ‪( .‬التواتي‪،2008،‬ص ص‪) 52-48‬‬

‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪.1‬التصور المنهجي للمدرسة الوظيفية‪:‬‬
‫المنطلقات و األفكار األساسية للمدرسة الوظيفية‪ :‬تنطلق المدرسة الوظيفية من مجموعة أفكار هي‪:‬‬

‫اعتبار األشياء ‪،‬الكائنات الحية و الكائنات اإلجتماعية ‪،‬الجماعات ‪،‬التنظيمات‬


‫المختلفة(األسرة ‪،‬المؤسسة‪،‬الحزب السياسي ‪،‬الجمعيات ‪....‬إلخ) على أنها نسق أو نظام وهذا النسق بدوره‬
‫يتالف من مجموعة من االجزاء المترابطة و القائمة على درجة من االعتمادية‪.‬‬
‫لكل نسق أو نظام (النسق الثقافي ‪،‬النسق الشخصي المرتبط بالجوانب النفسية و السلوكية للفرد ‪،‬النسق‬
‫اإلجتماعي ‪،‬النسق العضوي المتعلق بالجانب العضوي و الحيوي للفرد) احتياجاته االساسية عليه تلبيته‪.‬‬
‫النسق أو النظام يجب أن يكون في حالة توازن أو استقرار و ذلك لن يأتي اال من خالل تلبية أجزاءه‬
‫الفرعية الحتياجاته أو متطلباته‪.‬‬

‫قد تكون أجزاء النسق وظيفية أي أنها تسهم و تعمل على توازنه و استقراره و قد تكون غير و ظيفية أي‬
‫ضارة تؤدي الى إضعاف توازنه‪،‬و قد تكون غير وظيفية أي القيمة و الفائدة لها بالنسبة للنسق‪ .‬تتحقق‬
‫حاجات النسق بواسطة تغيرات أو بدائل ‪.‬‬

‫وحدة التحليل بالنسبة للمدرسة الوظيفية هي األنشطة أو النماذج المتكررة‪( .‬بودون و بوريكو‪،1986 ،‬ص)‬

‫‪.2‬أفكار و مبادئ المدرسة‪:‬‬


‫‪:1.2‬أفكار حلقة براغ‪:‬‬
‫اتفق رواد حلقة براغ اللســانية على جملــة من المبــادئ المهمــة‪ ،‬في المــؤتمر الــدولي األول لعلمــاء اللغــة في‬
‫"الهاي" عام ‪1928‬م تحت عنوان‪( :‬النصوص األساسية لحلقة براغ)‪،‬وهذه المبادئ هي‪:‬‬

‫‪ -‬مفهوم اللغة في المدرسة الوظيفية‪:‬‬

‫تتصـور هـذه المدرسـة اللغـة باعتبارهـا نظاًم ا وظيفًّي ا من العالمـات يـرمي إلى تمكين اإلنسـان من التعبـير‬
‫والتواصل‪ ،‬إًذ ا فهم تجاوزوا مقولة دي سوسير المشــهورة بــأن اللغــة "نظــام من العالمــات"‪ ،‬إلى قــولهم بــأن‬
‫"اللغة نظاٌم من الوظائف‪ ،‬وكُّل وظيفة نظاٌم من العالمات ‪ ،‬لذلك ترى أّن " اللغة أداه لها وظيفة تقوم بها‪ ،‬أو‬
‫هي تنــّو ع واســع من الوظــائف"‪ ،‬ونقصــد بــذلك أّن اللغــة هي تنظيم وظيفي قــائم على الوســائل التعبيريــة‬
‫المستعملة بهدف إقرار غاية معينة‪.‬‬

‫واللغة عندهم حقيقة واقعية‪ ،‬ذات واقع مــادي يتصــل بعوامــل خارجيــة‪ ،‬بعضــها يتعلــق بالســامع‪ ،‬واآلخــر‬
‫يتعلق بالموضوع الذي يدور حولـه االتصــال أو الكالم وهكـذا يكـون من الضــروري التميـيز على المسـتوى‬
‫النظري والعلمي بين لغة الثقافة بصــفة عامــة‪ ،‬ولغــة األعمــال األدبيــة‪ ،‬والمجالت العلميــة والصــحف‪ ،‬ولغــة‬
‫الشارع‪...‬إلخ‪( .‬المحاضرة ‪ :4‬مدرسة براغ ‪(1‬المدرسة الوظيفية عند رومان جاكبسون)‪)2021 ،‬‬

‫‪ -‬أهمية الدراسة الوصفية التزامنية (اآلنية)‪:‬‬

‫اتفقت نظرة لسانيي براغ مع آراء سوسير حول ثنائية ( التزامني‪/‬التاريخي) في الدراسات اللغوية واعتمــدت‬
‫على أساسها عّد ة طروحات من أهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬االهتمام بالمنهج التزامني (الوصفي) في الدراسة اللغوية‪ ،‬ألنه يمكننا من التحليل العلمي المنظم ألي لغة‬

‫‪ -2‬العمل على رصد الخصائص اللغوية لكل لغة في مراحل مختلفة من تطورها على أساس تزامني‪.‬‬
‫‪ -3‬عند عمليات المقارنة اللغويـة بين اللغـات البـد من االعتمـاد على أسـلوب المقارنـة التحليليـة للغـات ذات‬
‫النماذج المختلفة من دون إشارة إلى عالقاتها التاريخية‪.‬‬

‫‪ -5‬االهتمام بالدراسات الصوتية في ضوء المنهج التزامني اآلني‪ ،‬ومن أمثلة هذه االهتمامات دراسة الفــونيم‬
‫وخصائصه في كل لغة من اللغات‬
‫)‪)، 2021‬المدرسة الوظيفية عند رومان جاكبسون( ‪ 1‬مدرسة براغ ‪ 4:‬المحاضرة(‬

‫‪:‬نظرية وظائف اللغة‬

‫تعتبر نظرية وظائف اللغة الست من أهم ما جاء به جاكبسون‪ ،‬وقد اهتدى إلى هذه النظرية بتتُّبعه ألبحاث‬
‫الرياضيين ومهندسي التواصل‪ ،‬ال سيما العمل الذي قام به "شانون وويفر" الذي يعتبر المصدر العلمي لكل‬
‫الباحثين والمهتمين بالتواصل‪ ،‬وال ننسى أيًض ا أنه استفاد كثيًر ا من نظرية التواصل عند دي سوسير‬
‫‪.‬ويوهلر‬

‫وبناًء على هذا حدد جاكبسون العوامل أو األطراف التي تؤثر في سيرورة الحدث اللغوي‪ ،‬أو بعبارة‬
‫‪:‬أخرى‪ ،‬التواصل بواسطة اللغة‪ ،‬وهي‬

‫‪.‬المرسل •‬

‫‪.‬المرسل إليه •‬

‫‪.‬الرسالة •‬

‫‪.‬السنن (الشفرة) •‬

‫‪.‬قناة االتصال •‬

‫‪.‬السياق •‬

‫ويرى جاكبسون أن اللغة باعتبارها وسيلَة التواصل اإلنساني ال تتحقق إال بتوافر هذه العوامل الست‬

‫‪-1‬المرسل او المتكلم( ‪: )Destinateur‬‬

‫يعتبر من العوامل األساسية في العملية التواصلية‪ ،‬فهو الذي ينتج الرسالة ويقوم ببعثها للمرسل إليه‪،‬‬
‫ومصطلح "مرسل" ال يطلق على األشخاص وحدهم‪ ،‬بل يطلق على األجهزة أيًض ا‪ ،‬فمثاًل المذياع يعُّد‬
‫‪".‬مرساًل ؛ ألنه يرسل إشارات ذات قوة وشكل معينين‬

‫‪-2‬المرسل إليه (‪:)Destinataire‬‬


‫هو الطرف الذي يستقبل رسالة المرسل‪ ،‬وهو أساس في العملية التواصلية‪ ،‬والمرسل إليه يقوم بمهمة أخرى‬
‫‪.‬تتمثل في فهم الرسالة وفِّك ها وتأويلها‬

‫‪-3‬الرسالة (‪:)Message‬‬

‫‪.‬هي مضمون ما قاله ونقله المرسل من معلومات إلى المرسل إليه‬

‫‪-4‬قناة االتصال (‪:)Canal‬‬

‫ورد في قاموس اللسانيات أن "الرسالة تتطلب" اتصال أي قناة فيزيائية وتواصل فيزيولوجي بين المرسل‬
‫‪".‬والمرسل إليه‪ ،‬يسمح لهما بإقامة اتصال والحفاظ عليه‬

‫‪-5‬السنن (‪:)Code‬‬

‫هي مجموعة العالمات المركبة والمرتبة في قواعد يستعين بها المرسل في تأليف رسالة‪ ،‬ويتعرف المرسل‬
‫إليه على هذه المجموعة من العالمات إذا كان له المعجم اللساني نفسه الموجود لدى منشئ الرسالة‬
‫‪".‬مشترك كلًّي ا أو جزئًّي ا بين المرسل والمتلقي "‪( "Unicode‬المتكلم)‪ ،‬وبعبارة أخرى السنن "نظام ترميز‬

‫‪-6‬السياق ‪:))Context‬‬

‫لكِّل رسالة مرجع ُت حيل إليه‪ ،‬وسياق معين مضبوط ِقيلت فيه وال نفهم مكوناتها الجزئية‪ ،‬أو نفكك رموزها‬
‫السننية إال باإلحالة إلى المالبسات التي أنجزت فيها هذه الرسالة؛ يقول جاكبسون‪" :‬ولكي تكون الرسالة‬
‫فاعلة‪ ،‬فإنها تقتضي بادئ ذي بدء سياًق ا تحيل إليه ‪( -‬وهو ما يدعى أيًض ا "المرجع"‪ - )...‬ويكون قاباًل ألن‬
‫‪".‬يدركه المرسل إليه‪ ،‬وهو إما أن يكون لفظًّي ا وإما قاباًل ألن يكون كذلك‬
‫)‪)، 2021‬المدرسة الوظيفية عند رومان جاكبسون( ‪ 1‬مدرسة براغ ‪ 4:‬المحاضرة(‬

‫والهدف الذي كان من وراء سرد تلك العوامل الستة وتحليلها‪ ،‬هو التوصل إلى الوظائف التي تنتجها من‬
‫‪:‬وجهة نظر لسانية‪ ،‬وهي ست وظائف‬

‫‪ - 1‬الوظيفة التعبيرَّي ة ‪ Expressive‬أو االنفعالية‪ :‬إذا كان تركيز الرسالة منصًّب ا على المرسل‪ ،‬فالوظيفة‬
‫التي تنتج هي التعبيرَّية‪ ،‬وتتمثل هذه الوظيفة في الرسالة ذات الحمولة االنفعالية والعاطفية للمتكلم؛ من حيث‬
‫إنه يبدي انطباعه وانفعاله تجاه شيء ما‪ ،‬وقد مثل جاكبسون لهذه الوظيفة بالتجربة التي قام بها ممثل‬
‫روسي‪ ،‬فقد استخرج ‪ 40‬رسالة مختلفة من عبارة "هذا المساء" التي نتج عنها ‪ 40‬موقًفا انفعالًّي ا‪ ،‬وَي كُثر في‬
‫هذه الوظيفة استعمال الضمائر الشخصية مثل "أنا" "‪."je‬‬

‫‪ - 2‬الوظيفة الشعرَّي ة ‪ :poetique‬هي "العالقة بين الرسالة وذاتها‪ ،‬والمقصود هنا هو الرسالة باعتبارها‬
‫حاملًة للمعنى‪ ،‬ففي نظره كُّل رسالة لفظية تحتوي على هذه الوظيفة وال تكاد تغيب عن أية رسالة‪ ،‬لكنها‬
‫تكون بدرجات متفاوتة‪ ،‬وهي تهيمن على فن الشعر‪.‬‬
‫‪ - 3‬الوظيفة االنتباهَّي ة ‪ :Attention‬تتمحور حول ما يصطلح عليه بقناة االتصال‪ ،‬وتهدف هذه الوظيفة‬
‫إلى تأكيد االتصال وتثبيته أو إيقافه‪ ،‬مستعملة لهذا الغرض تعابير وأساليب متداولة في الحياة اليومية‪،‬‬
‫ومشتركة بين أفراد المجتمع‪ ،‬وقد أورد جاكبسون أمثلة لهذه التعابير مثل‪" :‬ألو أتسمعني؟" وهذه توظف‬
‫إلثارة انتباه المخاطب أو التأكد من انتباهه‪ ،‬وكذلك من العبارات‪" :‬قل أتسمعني‪ ،‬استمع إلَّي "‪ ،‬فكُّل هذه‬
‫التعابير نستعملها في حياتنا اليومية‪ ،‬وهي تدخل ضمن الوظيفة االنتباهَّية‪.‬‬

‫‪ - 4‬الوظيفة اإلفهامَّي ة ‪ Conative‬ترتبط بالمرسل إليه (المتلِّقي)‪ ،‬وَي كُث ر في هذه الوظيفة ضمير (أنت)‪،‬‬
‫وتعتبر القصائد والكتابات التي تعالج موضوعات ‪ -‬كالثورة واالنتفاضة ‪ -‬خيَر نموذٍج لهذه الوظيفة؛ ألن هذا‬
‫النوع من األدب يخاطب اآلخر‪ ،‬ويحاول التأثير فيه‪ ،‬وإقناعه وإثارته‪ ،‬ومن مميزات هذه الوظيفة أنه يكُثر‬
‫فيها أساليب األمر والنداء؛ ألن كَّل اتصال غايته الحصول على فعل من هذا المتلِّقي وتتمثل هذه الوظيفة في‬
‫اإلعالم؛ ألن غرض اإلعالم وهدفه األساس هو تأثيره في اآلخر‪.‬‬

‫‪ - 5‬الوظيفة المرجعية ‪ :référence‬هي قاعدة لكِّل اتصال؛ ألنها تحدد العالئق القائمة بين الرسالة وبين‬
‫موضوع ترجع إليه"‪ ،‬إًذ ا فهذه الوظيفة ترتبط بـ "المرجع (السياق)" وقد سماها جاكبسون بالمرجعية‬
‫الوظيفية والمعرفي وقد أطلق عليها المسدي اإليحائية‪ ،‬وغاية هذه الوظيفة تكمن في صياغة معلومة‬
‫صحيحة عن المرجع‪ ،‬وتكون موضوعَّية‪ ،‬ويمكن مالحظتها والتأكد من صحتها ويكثر في هذه الوظيفة‬
‫ضمير الـ(هو) والـ(هي)‪.‬‬

‫‪ - 6‬وظيفة ما وراء اللغة ‪ ،metalinguistique‬وتسَّمى أيًض ا اللغة الواصفة‪ ،‬وهي ترتبط بالسنن‪ ،‬وبهذا‬
‫فهي تختلف عن باقي الوظائف األخرى‪ ،‬فهي تملك كفاية تفسيرية قادرة على وصف اللغة نفسها؛ أي إنها‬
‫لغة مفسرة وواصفة للغة ذاتها‪ ،‬إًذ ا فهي وظيفة ميتا لسانية؛ أي‪ :‬وظيفة شرح‪ ،‬ومن التعابير التي تدل على‬
‫هذه الوظيفة‪ :‬إنني ال أفهمك‪ ،‬ما الذي تريد؟‪...‬ما تقول؟‪....‬أتفهم ما أريد قوله‪.‬‬

‫استخلص من كل هذا أن اللغة تقوم بستة وظائف مختلفة‬


‫(المحاضرة ‪ :4‬مدرسة براغ ‪(1‬المدرسة الوظيفية عند رومان جاكبسون)‪)2021 ،‬‬

‫‪:2.2‬مبادئ حلقة براغ‪:‬‬


‫‪ -1.2.2‬المبادئ الجمالية‪:‬‬
‫لعل الفيلسوف " جان مو كاروفسكي " أهم من وضع المبادئ الجمالية للمدرسة والتي تتلخص‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫الفن وطبيعته السيميولوجية‪ :‬يدعو هذا الناقد إلى ضرورة فهم علم الجمال البنيوي على أنه جزء‬
‫من مذهب الرموز والعالمات (السيميولوجيا)‪ ،‬فلم يبق األمر قاصًر ا على األدب‪ ،‬بل تعدى إلى‬
‫دخول تحليالت اجتماعية ونفسية‪ ،‬وأصبح شامًال لما يسمى بشخصية الفنان والبيئة الداخلية‬
‫للعمل الفني معا‪ ،‬دون إهمال لعالقة الفن بالمجتمع‪ ،‬وقد نادى "موكاروفسكي" بضرورة دارسة‬
‫الداللة الرمزية للعالمة‪ ،‬ومنه فعلى علم الجمال أن يتناول األعمال الفنية كمركز وبنية وقيمة‬
‫في الوقت نفسه‪.‬‬
‫دور الفاعل في الفكر الوظيفي‪ :‬يرى "مو كاروفسكي" أن الفاعل الذي يظهر في جميع األعمال‬
‫األدبية والفنية ال يتجسد في شخص واقعي‪ ،‬وال في شخصية المؤلف‪ ،‬وعليه فالبنيوية الجمالية‬
‫تخلصت من وهم الفاعل المستقل‪ ،‬الذي يمارس سلطة مطلقة على جميع األحداث وقصرته‬
‫على نطاق الوظائف التي يقوم بها‪ ،‬كما توضحها بداية العمل الفني نفسه‬
‫خواص الوظيفة الجمالية وعالقتها بالوظائف األخرى‪ :‬يرفض فالسفة "براغ" تبعية الفن للتطور‬
‫االجتماعي‪ ،‬رغم اعترافهم بالقوى الخارجية التي تمارس تأثيرًا على األبنية الفنية‪ ،‬ألن هذا‬
‫التأثير خاضع لعوامل جمالية منبثقة من الفن في حد ذاته‪ ،‬وهي التي ال تسمح بقيام عالقة‬
‫سببية بين الفن والمجتمع‪ ،‬فالنظام االجتماعي ال ُيولد بالضرورة شكًال معينا من اإلبداع الفني‪،‬‬
‫وعليه يجب أن ُيوضع في االعتبار قطاعان من الواقع‪ ،‬أولهما‪ :‬واقع الرمز أو العالمة‪،‬‬
‫وثانيهما‪ :‬الواقع الذي يشير إليه هذا الرمز‪ ،‬واتحادهما هو الذي يمثل الفن في مدرسة براغ‪،‬‬
‫ولذا حرصوا على استقاللية الرمز وقدرته التواصلية في حدود السياق االجتماعي ومقتضياته‬
‫السياسية واالقتصادية والفلسفية لبنية اجتماعية معينة‪.‬‬
‫مع أن الحلقة اشتهرت في ميدان اللسانيات بدراساتها الصوتية الدقيقة‪ ،‬إال أنها اهتمت بلغة‬
‫الشعر واألدب بصفة عامة‪ ،‬وامتدت إلى مجاالت اجتماعية‪ ،‬وفلسفية ونفسية‪ ،‬ومن أهم‬
‫مكاسبها دعوتها إلى تطوير فكرة تعدد الوظائف للوحدات البنيوية واعتمادها على بعض‬
‫العناصر الرياضية في تحليالتها‪ ،‬ولم تعد تقتصر على ما ُيالحظ في الواقع مباشرة‪ ،‬بل ركزت‬
‫على العالقات التجريدية النظرية وما يمكن أن تسفر عنه من عالقات فرضية‬
‫(بوقرة‪,2003 ,‬ص‪)86‬‬
‫‪ -2.2.2‬المبادئ اللسانية ‪:‬من أهم المبادئ اللسانية للمدرسة ما يلي‪:‬‬
‫تصور المدرسة عملية التطور على أنها كسر لتوازن النظام القائم وإعادته مرة أخرى‪،‬‬
‫فجاكوبسون يرى أن استغالل الفوارق الصوتية يؤدي إلى الوصول للقدرة ‪ .‬التعبيرية للقول‬
‫االنفعالي‪ ،‬وأن للطاقة التعبيرية لألصوات دوًر ا مهما في إدخال تعديالت مهمة على الكلمات‬
‫واألنظمة السياقية والموسيقية‪.‬‬
‫‪ -‬تتصور المدرسة أن البنيوية اللسانية كل شامل تنتظمه مستويات محددة‪ .‬ترى أن العناصر‬
‫اللسانية والعالقات القائمة بينها متعايشة ومترابطة‪ ،‬وال يمكن فصلها‪.‬‬
‫‪ -‬ترى أن اللسانيات البنيوية تتصور الواقع على أنه نظام سيميولوحي رمزي وتميز بين‬
‫إجراءين مختلفين‪ ،‬أولهما‪ :‬التقاط العناصر الواقعية المحددة والذهنية المحردة وإمكانية التعبير‬
‫عنها من طرف المتحدث بكلمات اللغة التي يستخدمها‪ ،‬وثانيهما‪ :‬وضع العالقة المختارة التي‬
‫تشكل ُك ًال عضويا (الجملة)‪ ،‬ويمكن أن نقوم الكلمة مكان الجملة للتعبير عن الهدف نفسه‪ .‬من‬
‫دعت المدرسة إلى ضرورة بحث المعالم البنيوية لداللة الكلمات المعجمية‪ ،‬ورأت أن القاموس‬
‫ليس مجموعة من الكلمات المنعزلة وإنما هو نظام تتناسق في داخله هذه الكلمات وتتعارض‬
‫فيما بينها)‬
‫ورغم وجود التباين بين المنهجين التاريخي والوصفي‪ ،‬إال أنهما يتفقان على أن اللغة يجب أن‬
‫تدرس باعتبارها نظاما تتحرك به األلسنة بطريقة معينة‪ ،‬لتتمكن من التواصل‪ ،‬إال أن أعضاء‬
‫مدرسة براغ" يرون أن المنهج التاريخي ال يجدي نفعا في هذا المجال‪ ،‬ألنه يقتصر على‬
‫عرض تطور اللغة وتغير عناصرها عبر التاريخ وال يمدنا بما تفهم به نظامها‪ ،‬ويعتبرون‬
‫اللغة نظاما ال يمكن الفصل بين عناصره مبدأ دراسة اللغة في ذاتها ولداتها"‪ ،‬وعليه فإن‬
‫منهجهم ينطلق من تحديد اللغة باعتبارها نظاما وظيفيا بهدف إلى تحقيق التواصل والتعبير‪،‬‬
‫الذي يقتضي أن تحمل العناصر اللسانية شحنة إعالمية‪ .‬وإذا كان التحليل الوصفي للوقائع‬
‫الحالية التي تقدم بيانات كاملة عن هـ اللغة أفضل طريقة لمعرفة جوهرها وخواصها المميزة‪،‬‬
‫فإنه ينبغي أن يؤخذ في اللغة كنظام وظيفي عند دراسة حاالت لغوية ماضية‪ ،‬وعليه فالدراسة‬
‫التاريخية ال يمكن أن تهمل فكرتي النظام والوظيفة‪ ،‬كما أن الوصف ال يمكن أن يلغي فكرة‬
‫التطور‪ ،‬إذن ال يمكن الفصل بين المنهجين التاريخي والوصفي‬
‫(بوقرة‪,2003 ,‬ص ص‪86‬ـ‪)89‬‬
‫‪.3‬أهدافها‪:‬‬
‫من أولويات هذه المدرسة االهتمام بالصوتيات أو الفونولوجيا الوظيفية ففرق روادها بين "الفونيم ككيان‬
‫صوتي له قيمة تمييزية في البنية اللغوية و بين الصوت الذي يمثل تنوعا في رتبة هذه الوحدة ‪ ...‬و قد غلب‬
‫" عليهم أمران ‪ :‬االهتمام بالصوتيات‪ ،‬ثم االهتمام بالوظائف اللغوية ‪ ،‬أي المهام التي تؤديها اللغة‬

‫يقول اللساني عبد الرحمن حاج صالح في مدرسة براغ ‪ ":‬اخص شيء تمتاز به هذه المدرسة عن غيرها هو‬
‫‪.‬اعتمادها األساسي على الدور أو العمل الذي تؤديه العناصر اللغوية في عملية التبليغ‬

‫(المدارس اللسانية ‪ :‬مدرسة براغ و روادها ‪ -‬اندري مارتيينه‪ ،‬رومان جاكبسون و نيكوالي)‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫‪.1‬القيمة النظرية للمدرسة الوظيفية‪:‬‬
‫تعد مدرسة براغ أهم المدارس التي هيمنت على الدرس الّلساني ردحا طويال والتي ال يـزال تأثيرهـا ساريا‬
‫الى يومنا هذا‪:‬‬

‫ركز اصحابها على الجانب الوظيفي لّلغة من جميع النواحي كما قدمت نظرية مهمـة في التحليـل‬

‫الفونولوجي وذلك من خالل تحليلها للفونيم وتحديد مالمحه‪.‬‬

‫والسبب في سرعة انتشار وتقبل أفكار المدرسة بالنجاحات العلمية السريعة التي أنجزتها وهي نجاحات لم‬
‫تكن وليدة الصدفة وإنما وليدة مطلب ثقافي حاد نبع من احتياج العالم للعلمية في القرن العشري‪.‬‬

‫نظرتها للغة على انها صورة و شكل وليس كمادة ‪.‬‬

‫جميع اللغات تشترك في انها تعبر عن المحتوى‪ ،‬اضافة الى براعتهم في الربط بين الصوت الصرف و‬
‫االشتقاق‪.‬‬

‫فهذه الحلقة تعد خطوة تطورية في المسيرة الفكرية في القرن العشريني‪ ،‬فهي مرحلة لما بعد الوصفية في‬
‫مجال الدراسات اللغوية و االبحاث الشعرية‪.‬‬

‫لقد كان طموح مدرسة براغ اللغوية طموحا كبيرا فيما يخص الوقوف على العناصر التي تحقق االدبية في‬
‫االعمال المختلفة‪( .‬احمد مومن‪،2007،‬ص‪.) 155‬‬

‫‪.2‬عالقتها باللسانيات‪:‬‬
‫عند انعقاد المؤتمر الدولي االول للسانيات في ( الهاي ) اخذت المدرسة الوظيفية طابعها المميز ‪ ،‬حيث‬
‫اعطت هذه المدرسة عنايتها المركزة لالمتداد االجتماعي للغة‪ ،‬فقد كانت ترى ان الصوتيات الوظيفية ال‬
‫تحدد اال بالوظائف المختلفة التي تؤديها و تقوم بها في اطار المجتمع ‪ ،‬فاللغة هي نتيجة للنشاط االنساني‬
‫( الكالم‪ ،‬الصوت)‪،‬‬

‫فهي تعد وسيلة للتعبير لتحقيق غاية مستعمل اللغة فيما يريد ايصاله و التعبير عنه ‪ ،‬سميت بالمدرسة‬
‫الوظيفية انطالقا من تحديدها لمنهجها ‪ ،‬باعتبارها اللغة نظاما وظيفيا يرمي الى تمكين االنسان من التعبير و‬
‫التواصل (ش‪.‬علوي‪ ،2009،‬ص‪-‬ص_‪) 19_16‬‬

‫مايربطها و يجعل لها عالقة مع علم اللسانيات او بمسمى اخر علم اللغويات ‪ ،‬حيث يدرس هذا العلم اللغات‬
‫االنسانية ‪ ،‬و يقوم بتحليلها ‪ ،‬و يكتشف بذلك خصائصها و من جهة اخرى عيوبها ‪ ،‬التقارب بين هاته اللغات‬
‫االنسانية و التباعد بينها (و‪ .‬السراقبي ‪/‬ص‪ )150_147‬فان المدرسة الوظيفية تعتبر من ابرز المدارس‬
‫اللسانية التي تعني بتحليل اللغة و معرفة جميع مخارجها ‪ ،‬والعالقة بين وحداتها و اجزائها انطالقا من‬
‫نظرتها الخاصة "للغة" كونها وسيلة للتواصل ‪ ،‬وبالتالي فان العالقة بين المدرسة الوظيفية و اللسانيات هي‬
‫عالقة ترابط و تواصل ‪ ،‬يربطها جسر اللغة ‪.‬‬

‫‪.3‬إنتقادات المدرسة‪:‬‬
‫وفيما يلي سوف يذكر ابرز اإلنتقادات التي وجهت للمدرسة الوظيفية ‪:‬‬

‫التهميش والتجاهل‪ُ :‬يتهم البعض المدرسة الوظيفية بتجاهل بعض النواحي األخرى للغة واللسانيات مثل‬
‫الجوانب النحوية والصوتية والتاريخية‪ .‬ويعتبر هذا التركيز الكبير على االستخدام االجتماعي للغة تجاهًال‬
‫للتحليل الدقيق للهياكل اللغوية واألنماط اللغوية األخرى‪.‬‬

‫القلق بشأن التعميم‪ :‬يشعر البعض بالقلق من أن المدرسة الوظيفية في اللسانيات يميلون إلى إجراء تعميمات‬
‫على اللغة البشرية بناًء على قلة البيانات أو الدراسات المحدودة‪ .‬وهذا يمكن أن يؤدي إلى إغفال تنوع‬
‫اللغات والثقافات وتجاهل التفاوتات اللغوية الفردية‪.‬‬

‫النقد المنهجي‪ :‬توجد انتقادات بشأن المنهجية المستخدمة في المدرسة الوظيفية‪ ،‬حيث ُيعتبر البعض أنها‬
‫تفتقر إلى الدقة والعلمية في تحليل البيانات اللغوية‪ .‬وتعتبر بعض الدراسات في هذا النهج قائمة على‬
‫المالحظات المتكررة واالنطباعات الشخصية دون استخدام أساليب تحليلية قوية‪.‬‬

‫النظرية االجتماعية الزائدة‪ :‬يرى البعض أن المدرسة الوظيفية تضع التركيز الكبير على العوامل‬
‫االجتماعية والسياقية في فهم اللغة مما يقلل من أهمية العوامل األخرى مثل البنية اللغوية والتراث الثقافي‪.‬‬

‫االنتقادات الثقافية‪ :‬يعتبر البعض أن المدرسة الوظيفية قد تجاهلت وتجاهل الثقافات واللغات غير الغربية‪،‬‬
‫وأنها قد تميل إلى التحليل والدراسة بشكل أكبر للغات األوروبية‪ .‬وتروج بعض االنتقادات لضرورة مزيد‬
‫من التنوع الثقافي في دراسات اللسانيات‬

‫النقص في التأثير الفردي‪ :‬يعتبر البعض أن المدرسة الوظيفية تغفل عن قدرة األفراد على استخدام اللغة‬
‫بشكل إبداعي وإظهار تنوع األساليب واألنماط اللغوية الفردية‪.‬‬

‫النقص في االهتمام باألصوات والصوتيات‪ :‬يعتبر البعض أن المدرسة الوظيفية تغفل عن التركيز على‬
‫األصوات والصوتيات في اللغة‪ ،‬وتركز بشكل أكبر على النواحي الداللية واالجتماعية‪ .‬يعتبر البعض أن هذا‬
‫التوجه يقلل من أهمية الصوتيات كفروع من اللسانيات‪.‬‬

‫االعتماد الزائد على البيانات االجتماعية‪ :‬يشير البعض إلى أن المدرسة الوظيفية قد تعتمد بشكل زائد على‬
‫البيانات االجتماعية واالستقصاءات والمسوح االجتماعية‪ ،‬مما قد يقلل من األسس النظرية والتحليلية في‬
‫الدراسات اللسانية‪.‬‬
‫النقص في النقد الذاتي ‪ :‬توجد انتقادات تشير إلى أن المدرسة الوظيفية قد تفتقر إلى النقد الذاتي والتحليل‬
‫الذاتي لنفسها كاتجاه في اللسانيات‪ .‬يرون أن هذا النقص يمكن أن يؤثر على التطور والتجديد في المدرسة‬
‫ويقيد التفكير النقدي‪.‬‬

‫النقص في التطبيقات العملية‪ :‬تشير بعض االنتقادات إلى أن المدرسة الوظيفية قد تفتقر إلى التركيز على‬
‫التطبيقات العملية والتطبيقات العملية لنتائج البحوث اللسانية‪ .‬يرون أنه يجب أن يكون هناك توازن بين‬
‫الجانب النظري والتطبيقي في الدراسات اللسانية‪chat.Gpt_3.5((.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫وفي الختام‪،‬يمكن أن نعتبر مدرسة براغ الوظيفية واحدة من أبرز المدارس في عصرها‪،‬حيث‬
‫قامت بتوسيع نطاق الدراسات اللغوية بشكل كبير مقارنة بالمدرسة الروسية و من أبرز‬
‫المساهمين في تطورها كان رومان جاكبسون‪.‬‬
‫مدرسة براغ قد أثرت بشكل كبير في األوساط اللسانية العالمية‪،‬حيث كان لديها تأثير كبير على‬
‫عدد كبير من منظري و مثقفي العصر‪.‬رغم فترة وجودها القصيرة التي إنتهت مع بداية‬
‫الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
‫عقد الكثير من المؤتمرات التي ركزت فيها على الفونيم والفونولوجيا و‪...‬إلخ‪،‬وهي التي‬
‫وضعت مفهوم البنية التي نعرفها األن‪ ،‬أبرزت الجانب الوظيفي للغة‪،‬و قامت بتغيير أسس لعلم‬
‫اللسانيات عامة‪.‬‬
‫من خالل هذا البحث نتمنى أن الجميع قد أخذ فكرة عامة عن المدرسة الوظيفية و أبرز األمور‬
‫التي جاءت بها و إسهاماتها الكبيرة في علم اللسانيات التي جعلتها من أبرز المدارس اللسانية‪.‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‪:‬‬
‫‪.1‬عزوز‪،‬أ‪.)2008(.‬المدارس اللسانية‪.‬دار الرضوان‪.‬وهران‪-‬الجزائر‪.‬‬

‫‪.2‬مومن‪،‬أ‪.)2005(.‬اللسانيات النشأة و التطور‪.‬ط‪.2‬ديوان المطبوعات الجامعية‪.‬بن عكنون‪-‬الجزائر‪.‬‬

‫‪.3‬سامسون‪،‬ج‪.‬ترجمة‪:‬كبة‪،‬م‪.)1995(.‬مدارس اللسانيات التسابق و التطور‪.‬جامعة الملك سعود‪.‬الرياض‪-‬‬


‫المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪ .4‬عبد القادر عبد الجليل‪ .)2002(.‬علم اللسانيات الحديثة‪ .‬ط‪.1‬دار صفاء النشرو التوزيع‪ .‬االردن‪.‬‬
‫عمان‪.‬‬
‫‪ .5‬كردية‪،‬ه‪.)2011( .‬معجم اعالم االلسنة في الغرب‪ .‬ط‪.1‬الجامعة البنانية‪ .‬لبنان‪.‬‬
‫‪ .6‬التواتي بن التواتي‪.)2008( .‬المدارس اللسانية في العصر الحديث ومناهجها في البحث‪ .‬طبعة الجزائر‪.‬‬
‫دار الوعي‪ .‬بوزريعة‪.‬الجزائر‬
‫‪ .7‬بودون‪،‬ر‪ ،‬بوريكو‪،‬ف‪.)1986( .‬المعجم النقدي في علم االحتماع‪ .‬ط‪.1‬ترحمة سليم حداد‪ .‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ .‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .8‬مومن‪،‬أ‪.)2007( .‬اللسانيات النشاء والتطور‪ .‬ط‪.3‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ .‬الجزائر‪ .‬بن عكنون‬

‫‪.9‬بوبينة‪،‬ح‪،‬خالدي‪،‬ف‪.)2015(.‬المصطلحات اللسانية في المدارس اللسانية البنيوية‪.‬جامعة محمد الصديق‬


‫بن يحي‪.‬جيجل‪-‬الجزائر‪.‬‬

‫‪.10‬جاك‪،‬إ‪:13:49.)18-07-2011(.‬الوقت‪https:takhatub.ahlamountada.com .‬‬

‫‪ .11‬المحاضرة ‪ :4‬مدرسة براغ ‪( 1‬المدرسة الوظيفية عند رومان جاكبسون)‪ .)2021 ,3 10( .‬جامعة‬
‫محمد لمين وباغين سطيف ‪ .2‬سطيف‪ .‬تاريخ االسترداد ‪ ،2023 ,10 18‬من‬
‫‪https://cte.univ-setif2.dz/moodle/mod/page/view.php?id=44584‬‬
‫‪ .12‬المدارس اللسانية ‪ :‬مدرسة براغ و روادها ‪ -‬اندري مارتيينه‪ ،‬رومان جاكبسون و نيكوالي‪( .‬بال‬
‫تاريخ)‪ .‬بوابة الطالب العربي‪ .‬تاريخ االسترداد ‪ ،2023 ,10 18‬من‬
‫‪https://www.arabstudentportal.com/2021/11/Linguistic-schools-The-‬‬
‫‪Prague-School-and-its-pioneers-Andre-Martin-Roman-Jacobson-and-‬‬
‫‪Nikolai-Trubskoy.html‬‬
‫‪ .13‬الدكتور نعمان بوقرة‪( .‬بال تاريخ)‪ .‬المدارس اللسانية المعاصرة‪ .‬جامعة عنابة الجزائر‪ :‬مكتبة االواب‪.‬‬
‫تاريخ االسترداد ‪.2023 ,10 20‬‬
‫‪chatgpt(3.5) , https://chat.openai.com.14‬‬

You might also like