Professional Documents
Culture Documents
التالؤم :هو تغيير في استجابات الذات بعد استيعاب معطيات الموقف أو الموضوع باتجاه تحقيق التوازن ،وحيث إن
االستيعاب هو إدماج للموضوع في بنيات الذات ،والمالءمة هي تالؤم الذات مع معطيات الموضوع الخارجي .
مفهوم الموازنة والضبط الذاتي :الضبط الذاتي هو نشاط الذات باتجاه تجاوزا االضطراب والتوازن هو غاية اتساقه .
مفهوم السيرورات االجرائية :إن كل درجات التطور والتجريد في المعرفة وكل أشكال التكيف ،تنمو في تالزم جدلي ،
وتتأسس كلها على قاعدة العمليات اإلجرائية أي األنشطة العملية الملموسة.
مفهوم التمثل والوظيفة الرمزية :التمثل ،عند بياجي ،ما هو سوى الخريطة المعرفية التي يبنيها الفكر عن عالم الناس و
األشياء .وذلك بواسطة الوظيفة الترميزية ،كاللغة والتقليد المميز واللعب الرمزي...والرمز يتحدد برابط التشابه بين
الدال والمدلول ؛والتمثل هو إعادة بناء الموضوع في الفكر بعد أن يكون غائبا
مفهوم خطاطات الفعل :الخطاطة هو نموذج سلوكي منظم يمكن استعماله استعماال قصديا ،وتتناسق الخطاطة مع
بحث
خطاطات أخرى لتشكل أجزاء للفعل ،ثم أنساقا جزيئة لسلوك معقد يسمى خطاطة كلية .وإن خطاطات الفعل تشكل ،
كتعلم أولي ،ذكاء عمليا هاما ،وهو منطلق الفعل العملي الذي يحكم الطورالحسي ـ الحركي من النمو الذهني ()2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سركز ،عجيلي و آخرون ،نظريات التعلم ،ط ، 2منشورات جامعة قازيونس ،بنغازي 1996
– 3لمحة تاريخية عن المدرسة البنائية
1875-1930هي مدرسة أسسها العالم النفسي فيلهيلم فونت والتي تعرّ ف علم النفس بأن وظيفته هو تحليل الخبرة
الشعورية أو الوعي إلى عناصره األساسية من أجل معرفة العالقة بين هذه العناصر المختلفة ،أي أن طريقة البحث هذه
نفس الطريقة التي يستعملهل الكيميائي أو الفيزيائي في فحص ماهية طبيعة مكونات الخبرة الشعورية مثل األحاسيس
والمشاعر والخياالت.وهكذا ركزت المدرسة البنائية على دراسة موضوع الحس واالدراك في مجاالت البصر والحس،
ومن أجل ذلك استعملوا طريقة في البحث وهي االستبطان والتي تعني التأصل/المالحظة الذاتية لخبرة الفرد الذاتية .و
من االنتقادات الموجهة . 1 :اإلنسان وهو منفعل ال يستطيع أن يصف الخبرة الشعورية بصورة علمية .2 .الطالب الذين
أجريت عليهم التجارب كانوا يتدربون على هذه التجارب قبل أن تجري عليهم التجارب ،مثال كانوا يتعرضون لمثيرات
سمعية (بأن نسمعهم نغمات مختلفة)
يعتبر فونت مؤسس المدرسة البنائية في علم النفس .وبفضله استقل علم النفس عن الفلسفة.
• اهتم بدراسة الوعي (الشعور) من وجهة نظر بنائية أو فيزيائية .ونعني بكلمة بنائية هنا تحليل الكل إلى أجزائه أو
عناصره المختلفة .وعلى هذا األساس فان اهتمام فونت كان منصبا على دراسة عناصر الخبرة الشعورية وعالقتها
الميكانيكية بالجهاز العصبي.
• يرى أن الوعي والتفكير والمعرفة هي مجموع هذه العناصر.
• ولتحديد عناصر ومكونات الخبرة الشعورية استخدم منهج التأمل الباطني.
• يفسر فونت عملية الفهم Apprehensionوالتي تشمل التفكير بأنها نشاط معرفي للربط بين المحتويات
العقلية )المدركات الحسية و المشاعر).
• أسس معمله لهذا الغرض عام ،1879ثم اصدر مجلة بعنوان الدراسات الفلسفية عام 1881لنشر نتائج أبحاثه.
• يعتبر تكنر E. Tichenerوالذي عاش في الفترة بين 1867الى 1927من أهم تالمذته ،وقد حاول جاهدا من خالل
العديد من المنشورات و األبحاث نشر البنائية بالواليات المتحدة إال أنها انتهت مع وفاته.
• من أهم األفكار التي أضافها تكنر إلى فكر فونت اعتقاده بضرورة ابتعاد علما النفس عن دراسة ما بعد الظواهر
الفيزيائية في علم النفس لتأثير ذلك على تكامل العلم.
• يفسر العمليات العقلية العليا Thoughtsإجماال من منطلق بنائي ،فيرى أنها مجموعة أفكار ،وان هذه األفكار تتكون
من مجموعة من الصور الشعورية –المدركة حسيا -أو الخياالت.
• يفسر تكنر عملية الفهم والتفكير من خالل نظريته في "تقرير المعنى" و التي تقول بأن معاني األشياء تأتى من ارتباط
االحساسات بالمجال الذي تحدث فيه ،أو من خالل ترابطها باالحساسات األخرى السابقة.
• حاول البعض تطوير االتجاه ومنهم برنتانو Berentanoالذي أسس علم نفس الفعل Act Psychologyحيث يعتبر
دراسة عملية األحداث الشعورية في ارتباطها بالبيئة الخارجية موضوعا لعلم النفس ،وبمعنى آخر فان الفعل النفسي
يكون نتاج للعوامل الداخلية والخارجية.
• وإجماال فان المدرسة البنائية حاولت الربط بين االتجاه الوضعي والحسي في كل من بريطاني وفرنسا باالتجاه العقلي
األلماني.حيث ركزوا على المدركات الحسية مع اعترافهم بالعمليات العقلية ،إال أن تفسيرهم للعمليات العقلية لم يكن موفقا
إذ اعتبروه مجموعة لهذه المدركات (تفسير بنائي فيزيائي) ،كما أن اعتمادهم على منهج التأمل الباطني ليس علميا
والمتأمل يتأثر بالذاتية .ونتيجة لكل هذه العيوب فقد انتهت المدرسة البنائية بموت تكنر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
بحث
- 4أهم رواد المدرسة البنائية :
للمدرسة البنائية عدة رواد و لعل أشهرهم مؤسهها فيلهيلم فونت و تلميذه تكنر .باالضافة الى عالم النفس السويسري جان
بياجيه
4-1فيلهيلم فونت :
فيلهلم ماكسميليان فونت (بااللمانى ()Wilhelm Maximilian Wund:ولد 16 :اغسطس ( اوت ) - 1832توفي :
31اغسطس ( اوت ) ) 1920عالم الماني يعتبر اكبر عالم فى تاريخ علم النفس .تتلمذ على يد ميللر وبعد ذلك درس
الفسيولوجيا وبعدها الطب .اهتم بعلوم الطبيعه والكيمياء والطب التجريبى وبعد ذلك تحول اهتمامه للسايكولوجيا .اسس
سنة 1879اول معمل تجريبى لعلم النفس .واسس مجله لنشر ابحاثه سنة .1881
4-2تكنر :عاش في الفترة بين 1867إلى 1927من أهم تالمذة فيلهيلم فونت ،وقد حاول جاهدا من خالل العديد من
المنشورات واألبحاث نشر البنائية بالواليات المتحدة إال أنها انتهت مع وفاته.
4-3جان بياجيه
جان بياجيه (بالفرنسية( )Jean Piaget :ولد 9أغسطس ( اوت ) - 1896توفي 16سبتمبر )1980كان عالم نفس
وفيلسوف سويسري يشتهر بصياغته لنظرية تطور اإلدراك .أنشأ بياجيه في عام 1965مركز نظرية المعرفة الوراثية
في جنيف وترأسه حتى وفاته في عام .1980يعتبر بياجيه رائد المدرسة البنائية في علم النفس
– 5أساسيات المدرسة البنائية عند بياجيه
1ـ ﻳﺮى أن ﻣﺎ ﻳﻨﻈﻢ ﻧﻤﻮ اﻟﺬﻛﺎء ھﻮ ﻧﻔﺲ اﻟﻌﻤﻠﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪد اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻌﺎم
ﻟﻺﻧﺴﺎن ،واﻟﺘﻐﯿﺮات ﻓﻲ ﻓﺴﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺔ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺤﯿﺔ .
2ـ ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺪﻗﯿﻖ ﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻔهم أو ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻋﻨﺪ
اﻷﻓﺮاد ﺣﯿﺚ ﻳﺤﺎول اﻗﺘﻔﺎء أﺛﺮ اﻧﺘﻘﺎل اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻄﻮر ﻣﻌﺮﻓﻲ إﻟﻰ
ﻣﺮﺣﻠﺔ أﺧﺮى .
3ـ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺒﺎدئ اﻟﻤﻮازﻧﺔ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ اﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﻜﻮن فهما أﻛﺜﺮ دﻗﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ
ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ،وھﺬه ھﻲ ﻣﺒﺎدئ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ وﺟﻪ ﻧﻈﺮ ﺑﯿﺎﺟﯿﻪ .
4ـ اﻟﻨﻤـﻮ اﻟﻤﻌﺮﻓـﻲ ﺣـﺼﯿﻠﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋـﻞ ﺑـﯿﻦ ﻋﻮاﻣـﻞ اﻟﻨـﻀﺞ اﻟﺒﯿﻮﻟـﻮﺟﻲ واﻟﺒﯿﺌـﺔ
اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﺘﻮازن .ﻷن اﻟﻄﻔـﻞ ﻳﻜﺘـﺴﺐ ﻣـﻦ ﺧـﻼل ھـﺬا اﻟﺘﻔﺎﻋـﻞ
اﻟﺨﺒﺮات اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻨﻪ ،وﻳﺘﻌﻠﻢ ﻛﯿﻒ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ھﺬه اﻟﺒﯿﺌﺔ ،وﻳﻜﺘﺴﺐ
أﻧﻤﺎﻃﺎ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺪﻣﺠﮫﺎ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﯿﻤﻪ اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ،وﻗﺪ ﺗﺴﻘﻂ ﻣﺎ ﻗﺒﻠها
ﻣﻦ اﻷﻧﻤﺎط اﻷﻗﻞ ﻧﻀﺠﺎ أو ﺗﻌﺪﻟها ﻟﺘﻨﺘﻈﻢ داﺧﻞ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﺠﺪﻳﺪ .
5ـ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻟﯿﺲ ﺗﻄـﻮرا ﺑـﻞ ﻛﯿﻔـﻲ ﻓـﻲ أﺳـﺎﻟﯿﺐ اﻟﺘﻔﻜﯿـﺮ ووﺳـﺎﺋﻠﻪ ،
ﻳﺨﻀﻊ ﻟﺘﺘﺎﺑﻊ ﻣﺘﺪرج ،ﻟﻪ ﻓﺌﺎت أﻋﻤﺎر ﺗﻘﺮﻳﺒﯿﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﮫﺎ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻤﯿﺰة .
6ـ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻠﻢ المفهوم اﻟﻤﺤﺪد إﻻ إذا ﻛﺎن اﻟﻄﻔﻞ ﻗﺪ اﻛﺘﺴﺐ اﻟﻜﻔﺎءة
7ـ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ أن اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﻟـﻪ ﻣﻌﻨـﻰ أو اﻟـﺘﻌﻠﻢ اﻟﺤﻘﯿﻘـﻲ ،ھـﻮ
اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﻳﻨﺸﺄ ﻋﻦ اﻟﺘﺄﻣﻞ أو اﻟﺘﺮوي ﻓﺎﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﻋﻨﺪ ﺑﯿﺎﺟﯿﻪ ﻻ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﯿﺌـﺔ
ﻛﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺤﻠﻮل ﺑﻞ أن اﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﻳﻨﺒﻊ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ذاﺗﻪ .
8ـ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻘﻀﯿﺔ ﻗﯿﺎس اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻓﺈن ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺑﯿﺎﺟﯿﻪ أﻗﺮب إﻟﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﻮﻟﻤـﺎن
ﻣﻨها إﻟﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ ھﻞ ،ﻓﺎﻟﻄﻔﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻛﯿﻒ ﻳﺠـﺪ ﺷـﯿﺌﺎ ﺗـﻢ اﺧﻔـﺎؤه ﺣـﺪﻳﺜﺎ
بحث
ﺗﺤﺖ ﺻﻨﺪوق ﻣﺎ ﻓﺈن ھﺬا اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻷﺷـﯿﺎء اﻟﻤﺨﻔﯿـﺔ ﻗـﺪ
ﺗﻌﻠﻢ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﯿﺔ ﻟﻸﺷﯿﺎء اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل ،ﻓﺎﻟﻄﻔﻞ ﺗﻌﻠﻢ
أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﻪ ﺗﻘﺪﻳﻤها ﻓﻲ ﺣﻀﻮر ﻣﺜﯿﺮ ﻣﻌﯿﻦ .
9ـ اﻷﺣﺪاث اﻟﺒﯿﺌﯿﺔ ﻻ ﺗتعدى ﻛﻮﻧها ﻣﺤـﺪدات ﺗﻌﻠـﻢ ﺧﺎرﺟﯿـﺔ وﻻ ﺗﻤﺜـﻞ أﻛﺜـﺮ ﻣـﻦ
ﻣﺼﺪر واﺣﺪ ﻣﻦ ﻣﺼﺎدر اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ .واﻟﺪﻣﺎغ اﻟﻨﺎﺿﺞ ﻓﯿﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ أﻛﺜـﺮ ﺑﻜﺜﯿـﺮ
ﻣﻤﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﯿﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج .
10ـ ھﻨﺎك أﺷﯿﺎء ﻳﺘﻌﻠﻤها اﻟﻄﻔﻞ وھﻮ ﻓـﻲ ﻃـﻮر ﻧﻤـﻮه ﻻ ﻳﻤﻜـﻦ ﺗﻔـﺴﯿﺮھﺎ ﻋـﻦ
ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻤﺤﺪدات اﻟﻤﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﻨﻀﺠﯿﺔ وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿها ﺑﯿﺎﺟﯿـﻪ ﻋﻤﻠﯿـﺔ
اﻟﻤﻮازﻧﺔ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- 1الزيات ،فتحي مصطفى ،األسس المعرفية للتكوين العقلي و تجهيز المعلومات ،ط ، 1مطابع الوفاء 1995
11ـ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ اﻟﺘﻜﯿﻒ اﻟﺬي اﻋﺘﺒﺮه ﻧﺰﻋﺔ اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ إﻟـﻰ مالءﻣـﺔ
ﻧﻔﺴها ﻣﻊ اﻟﺒﯿﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﯿﺶ ﻓﯿها .
12ـ اﻹﺳـهام اﻟﺤﻘﯿﻘـﻲ ﻟﺒﯿﺎﺟﯿـﻪ ﻳﺘﻤﺜـﻞ ﻓـﻲ وﺻـﻒ ﻃﺒﯿﻌـﺔ ﺗﻜﯿـﻒ اﻟﻌـﻀﻮﻳﺔ
13ـ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻤﺜﻞ واﻟﻤﻮاءﻣﺔ ﻣﺴﺆوﻟﺘﺎن ﻋﻦ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻜﯿـﻒ اﻟﻌـﺎم ﻟﻠﻜـﺎﺋﻦ ،أو
ﻋﻤﻠﯿﺔ اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮازن .والمالءﻣﺔ ﺑﺪون اﻟﺘﻤﺜﻞ ﻗﺪ ﺗﺆدي إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺧﺎﻃﺌﺔ .
14ـ اﻟﺘﻮازن ھﻮ ﻋﻤﻠﯿﺔ ﺗﻨﻈﯿﻢ داﺧﻠﯿﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻤﻔهوم اﻟﺘﻜﯿﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺮد ،وﻧﻌﻨﻲ
ﺑﻪ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻔﻆ اﻟﺘﻮازن ﺑﯿﻦ اﻟﺘﻤﺜﻞ واﻟمالءﻣﺔ أﺛﻨﺎء ﺗﻔﺎﻋلهما ﻣﻌﺎ .
15ـ ﻳﺤﺪث اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻧﻤﺎﺋﯿﺔ ﻋﻘﻠﯿﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﺣﻠـﺔ اﻟﺘـﻲ ﺗﻠيها ﺑـﺼﻮرة
ﺗﺪرﻳﺠﯿﺔ ﻧﺎﻣﯿﺔ ،ﻳﺤﺪث اﺧﺘﻼل اﻟﺘﻮازن ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺮد ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﺗﺴﻌﻔﻪ ﺑﻨـﺎه اﻟﻌﻘﻠﯿـﺔ
ﺑﺈدراكها ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ ،ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟـﻰ ﻋﻤﻠﯿـﺔ اﻟمالءﻣـﺔ وﻳـﺘﻢ ذﻟـﻚ ﺑﺎﻛﺘـﺴﺎب
وﺗﻌﻠﻢ ﺑﻨﻰ ﻋﻘﻠﯿﺔ أو اﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﻜﺎﺋﻦ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺘﻮازن
،وﻳﺤﺘﻔﻆ اﻟﻜﺎﺋﻦ بهـﺬا اﻟﺘـﻮازن إﻟـﻰ أن ﻳﻮاﺟـﻪ ﻣﻮاﻗـﻒ ﺟﺪﻳـﺪة أﺧـﺮى ،ﻓﯿﺨﺘـﻞ
ﺗﻮازﻧﻪ ﻣـﻦ ﺟﺪﻳـﺪ وﻳﻌﻤـﻞ ﻋﻠـﻰ اﺳـﺘﻌﺎدﺗﻪ ﻣـﻦ ﺟﺪﻳـﺪ وھﻜـﺬا ﻳـﺘﻌﻠﻢ وﻳﻜﺘـﺴﺐ
وﻳﺮﻗﻰ ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻧﻤﺎﺋﯿﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﯿها .
16ـ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻮازن ﺗﺒﺪأ ﺑﺒﻌﺾ اﻻﺿﻄﺮاب إذ ﻳـﺸﻌﺮ اﻹﻧـﺴﺎن ﺑـﺄن ھﻨـﺎك ﺷـﯿﺌﺎ
ﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮام ،ﻓﯿﻄﻠﻖ ﺑﻌـﺾ اﻟﺘﻨﻈﯿﻤـﺎت ﻣـﻦ أﺟـﻞ اﻟﻌﻤـﻞ ﻋﻠـﻰ ﺗﺨﻔﯿـﻒ
ﺣﺪة اﻻﺿﻄﺮاب ،ﺳـﻮاء ﺑﻤـﺎ ﻳﺘـﻮﻓﺮ ﻟﺪﻳـﻪ ﻣـﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣـﺎت ) اﻟمالءﻣـﺔ ( أو ﺑـﺘﻌﻠﻢ
ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﺟﺪﻳﺪة )
17ـ اﻻﺣﺘﻔــﺎظ ﻳﻌﻨــﻰ اﺣﺘﻔــﺎظ اﻟــﺸﻲء ﺑــﺒﻌﺾ ﺧﻮاﺻــﻪ ﺑــﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣــﻦ ﺗﻐﯿﯿــﺮه
بحث
اﻟﻈﺎھﺮي أو اﻟﺸﻜﻠﻲ وھﻮ ﻣﻔﺘﺎح اﻟﻌﻤﻠﯿﺎت اﻟﺤﺴﯿﺔ .
18ـ أﻧﻤﺎط اﻻﺣﺘﻔﺎظ فهي :
أ ـ ﺣﻔﻆ اﻟﻌﺪد :ﻳﺒﻘﻰ ﻋﺪد ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ أﻋﯿﺪ ﺗﺮﺗﯿبها 6ـ
7ﺳﻨﻮات
ب ـ ﺣﻔﻆ اﻟﻤﺎدة :ﺗﺒﻘﻰ ﻛﻤﯿﺔ اﻟﻤﯿﺎه ﻛﻤﺎ ھﻲ ﺣﺘـﻰ ﻟـﻮ اﺧﺘﻠـﻒ ﺷـﻜﻠها 7ـ 8
ﺳﻨﻮات
ج ـ ﺣﻔﻆ اﻟﻄﻮل :ﻳﺒﻘﻰ ﻣﺠﻤﻮع أﻃﻮال ﺧﻂ ﻣﺎ ﺛﺎ ﺑﺘﺎ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ اﻧﻘﻄﻊ
ورﺗﺐ ﻛﯿﻔﻤﺎ اﺗﻔﻖ 7ـ 8ﺳﻨﻮات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزيات ،فتحي مصطفى ،مرجع سابق
د ـ ﺣﻔﻆ اﻟﻤﺴﺎﺣﺔ :ﺗﺒﻘﻰ ﻛﻤﯿﺔ اﻟﺴﻄﺢ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻄﺖ ﺑﺄرﻗـﺎم ﻣﻌﯿﻨـﺔ ﻛﻤـﺎ ھـﻲ
ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺗﺮﺗﯿﺐ ھﺬه اﻷرﻗﺎم 8ـ 9ﺳﻨﻮات .
ھـ ـ ﺣﻔـﻆ اﻟـﻮزن :ﻳﺒﻘـﻰ وزن ﺷـﻲء ﻛﻤـﺎ ھـﻮ ﺣﺘـﻰ ﻟـﻮ ﺗﻐﯿـﺮ ﺷـﻜﻠﻪ 9ـ 10
ﺳﻨﻮات .
19ـ ﺗﺸﯿﺮ اﻟﺘﺮاﻛﯿـﺐ اﻟﻤﻌﺮﻓﯿـﺔ أو اﻷﺑﻨﯿـﺔ اﻟﻌﻘﻠﯿـﺔ إﻟـﻰ اﻟﻘـﺪرات اﻟﻌﻘﻠﯿـﺔ ﻟﺪﻳـﻪ
وﺗﻘﺮر ﻣـﺎ ﻳﻤﻜـﻦ اﺳـﺘﯿﻌﺎﺑﻪ ﻓـﻲ زﻣـﻦ ﻣﺤـﺪد ،وھـﻲ ﺟـﺰء ﻣـﻦ ﻋﻤﻠﯿـﺔ اﻟﺘﻜﯿـﻒ
وﻣﺴﺎھﻤﺔ ھﺬه اﻟﺘﺮاﻛﯿﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ ﻣﻼﺣﻈتها إذا ﺗﻢ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻃﻔﻞ واﻹﺻﻐﺎء
إﻟﯿﻪ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ واھﺘﻤﺎم .
20ـ ﺗﺘﻐﯿﺮ اﻟﺘﺮاﻛﯿﺐ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﻤﺮ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﺗﻔﺎﻋﻞ اﻟﻔﺮد ﻣﻊ اﻟﺒﯿﺌﺔ ،وﻛﻠﻤﺎ ﻧﻤـﺎ
اﻟﻔﺮد ﻛﺎن ﺗﻔﺎﻋﻠﻪ ﻣﻊ اﻟﺒﯿﺌﺔ أﻛﺜﺮ ﺧﺼﺒﺎ وﺛﺮاء ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻄﻮرت ﺧﺼﺎﺋﺺ ذﻛﺎﺋـﻪ
ﻧﻮﻋﺎ ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺮع .
21ـ ﻳﺸﯿﺮ اﻟﺒﻨﺎء اﻟﻌﻘﻠﻲ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻟـﺪى اﻟﻔـﺮد ﻓـﻲ ﻣﺮﺣﻠـﺔ
ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ ﺣﯿﺎﺗﻪ .
22ـ ﺗﻌﺮف اﻟﻌﻤﻠﯿﺎت اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﺑﺄﻧها ﺗﺮاﻛﯿـﺐ ﻣﻌﺮﻓﯿـﺔ وﺿـﻌﺖ ﻓـﻲ ﻋﻤـﻞ ﻣـﺎ ،أو
ھﻲ أدوات اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ،ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻜﺮ اﻟﻄﻔﻞ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻘﻮم ﺑﻌﻤﻠﯿﺔ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺣﯿﺚ ﻳـﻀﻊ
اﻟﺘﺮﻛﯿﺐ اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ،وﻳﻔﻜﺮ وﻳﻨﺎﻗﺶ وﻳﺘﺴﺎءل ،ﻹﻧﻪ ﻳﻘﻮم ﺑـﺄداء
إﺟﺮاء ﻋﻘﻠﻲ .
اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻳﺪﺧﺮ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل إﻟﻰ ﻣـﺎ وراء اﻟﻤﺮﺣﻠـﺔ ﻗﺒـﻞ اﻹﺟﺮاﺋﯿـﺔ أو اﻟﺤﺪﺳـﯿﺔ ،
23ـ ﺗﺸﯿﺮ اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻠﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻠﺠﺄ إﻟﯿها اﻟﻔﺮد ﻋﻨﺪ ﺗﻔﺎﻋﻠﻪ ﻣﻊ
ﻣﺜﯿﺮات اﻟﺒﯿﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌها وھـﻲ ﺛﺎﺑﺘـﺔ ﻻ ﺗﺘﻐﯿـﺮ ﻋﻨـﺪ اﻹﻧـﺴﺎن وﺑﺎﻟﺘـﺎﻟﻲ
بحث
ﻓهي ﻣﻮروﺛﺔ .
24ـ اﻷﻧﻤﺎط اﻟﻤﻨﺘﻈﻤﺔ ﻣﻦ اﻟـﺴﻠﻮك ھـﻲ اﻟـﺪﻟﯿﻞ اﻟﻤﻼﺣـﻆ ﻟﻺﺟـﺮاءات اﻟﻔﻌﻠﯿـﺔ
ﻓﺎﻟﻄﻔﻞ ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﺘﺮاﻛﯿﺐ أو اﻷﺑﻨﯿﺔ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻟﻠﻘﯿﺎم ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺗﻤﻜﻨـﻪ ﻣـﻦ
أداء اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺬي ﺗﺤﻞ ﺑﻪ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ .وﻳﻤﻜﻦ إﻋـﺎدة ھـﺬا اﻟـﻨﻤﻂ اﻟﻤﻨـﺘﻈﻢ ﻣـﻦ
اﻟﺴﻠﻮك ﺑﺴهوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﻤﺸﺎ ﺑهة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزيات ،فتحي مصطفى ،مرجع سابق
25ـ ﻳﺸﯿﺮ اﻟﻼﺗﻤﺮﻛﺰ إﻟﻰ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﻞ واﺣﺪ ﻓـﻲ اﻟﻤﻮﻗـﻒ
اﻟﻨﻔﺴﻲ ،ﻓﻔﻲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ أو اﻟﺜﺒﺎت ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻄﻔﻞ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ
اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺸﻜﻞ أو اﻟﻤﻘﺪار أو اﻟﺤﺠﻢ ﻓﻲ آن واﺣﺪ ﻣﻌـﺎ .ﻓـﺴﻮف ﻳـﺬھﺐ اﻟﻄﻔـﻞ
ﻗﺒﻞ ﺳﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ إﻟﻰ أن اﻹﻧﺎء اﻟﻄﻮﻳﻞ ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻣﺎء أﻛﺜﺮ ﻷﻧﻪ ﻳﺮﻛـﺰ ﻋﻠـﻰ
اﻻرﺗﻔﺎع وﺣﺪه .واﻟﺘﺼﻨﯿﻒ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺘﻐﯿـﺮ ﻻ ﻳﻤﻜـﻦ أن ﻳﺘﺤﻘـﻖ ﻣـﺎ ﻟـﻢ ﻳﺘﺤﻘـﻖ
اﻟﻼﺗﻤﺮﻛــﺰ .وﻳﻤﻜــﻦ أن ﻳﻜــﻮن اﻟﻄﻔــﻞ ﻗــﺎدرا ﺑــﺪون اﻟﻼﺗﻤﺮﻛــﺰ ﻋﻠــﻰ ﺗــﺼﻨﯿﻒ
اﻟﺤﯿﻮاﻧﺎت ﻛﺎﻟﻘﻄﻂ واﻟﻜﻼب .وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻨﯿﻔﮫﺎ إﻟﻰ ﻛﻼب ﺑﯿﺾ
وﺳﻮد وﻗﻄﻂ ﺑﯿﺾ وﺳﻮد ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜـﻦ ﻗـﺎدرا ﻋﻠـﻰ أن ﻳﺄﺧـﺬ ﺑﺎﻻﻋﺘﺒـﺎر أﻛﺜـﺮ ﻣـﻦ
ﺻﻔﺔ ﻣﻤﯿزة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزيات ،فتحي مصطفى ،مرجع سابق
- 6مبادئ التعلم في النظرية البنائية
من أهم مبادئ التعلم في هذه النظرية نذكر :التعلم الينفصل عن التطور النمائي للعالقة بين الذات
والموضوع ؛ التعلم يقترن باشتغال الذات على الموضوع وليس باقتناء معارف عنه؛ االستدالل شرط لبناء المفهوم،
حيث المفهوم يربط العناصر واألشياء بعضها ببعض والخطاطة تجمع بين ما هو مشترك وبين األفعال التي تجري في
لحظات مختلفة ،وعليه فإن المفهوم اليبنى إال على أساس استنتاجات استداللية تستمد مادتها من خطاطات الفعل؛ الخطأ
شرط التعلم ،إذ أن الخطأ هو فرصة وموقف من خالل تجاوزه يتم بناء المعرفة التي نعتبرها صحيحة؛ الفهم شرط
ضروري للتعلم ؛ التعلم يقترن بالتجربة وليس بالتلقين ؛ التعلم هو تجاوز ونفي لإلضطراب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- 2عبد الهادي ،جودت نظريات التعلم و تطبيقاتها التربوية ،ط ، 1الدار العلمية الدولية ،دار الثقافة 2000 ،
مما سبق نرى بأن المدرسة البنائية قدمت الكثير لعلم النفس
قـــــــــائمة المراجع :
-1سركز ،عجيلي و آخرون ،نظريات التعلم ،ط ، 2منشورات جامعة قازيونس ،بنغازي 1996
2الزيات ،فتحي مصطفى ،األسس المعرفية للتكوين العقلي و تجهيز المعلومات ،ط ، 1مطابع الوفاء 1995
3عبد الهادي ،جودت نظريات التعلم و تطبيقاتها التربوية ،ط ، 1الدار العلمية الدولية ،دار الثقافة 2000 ،
" بحث حول الهوية والثقافة "
بحث
إن الحمد هلل نحمده ،ونستعينه ،ونستهديه ،ونعوذ به من شرور أنفسنا ،ومن سيئات أعمالنا ،من يهده هللا فال مضل له ،ومن
يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله هللا وحده ال شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،أما بعد:
فإن الثقافة تشكل ضمن النسق االجتماعي العام نسقا ً فرعيا ً متميزاً ومستقالً ،لكنه يتفاعل مع بقية األنساق الفرعية األخرى
ويتطور معها وبها ،وتقوم الثقافة بتكوين جملة الطرائق والمعايير التي تحكم رؤية اإلنسان للواقع ،لذلك فإن الثقافة هي
مجموع القيم والقواعد واألعراف والتقاليد والخطط التي تبدع وتنظم الدالالت العقلية والروحية والحسية ،وتعمل على
الحفاظ على توازن النسق االجتماعي واستقراره ووحدته وتوحيد األنساق الفرعية للنسق االجتماعي عن طريق توحيد
األنماط العقلية التي تحكمها ،فالثقافة تغذي األنساق الفرعية للنسق االجتماعي بقيم مماثلة فتخلق نسيجا ً اجتماعيا ً واحداً
قادراً على إعادة إنتاج نفسه .لذلك فإن الثقافة في الحقيقة ليست إال المجتمع نفسه وقد أصبح مظهراً للوعي أو وعياً ،وهذا
الوعي هو في ذات الوقت وعي للذات ،ومسألة الهُوية توحي وللوهلة األولى ،إلى المسألة األوسع وهي مسألة الهُوية
االجتماعية التي تعد الهُوية إحدى مكوناتها ،إذا ال يمكننا التطرق إلى مفهوم الهُوية إال إذا حددنا بعدها االجتماعي وعليه
تعبر الهُوية االجتماعية محصلة مختلف التفاعالت المتبادلة بين الفرد مع محيطه االجتماعي القريب والبعيد ،والهُوية
االجتماعية للفرد تتميز بمجموع انتماءاته في المنظومة االجتماعية؛ كاالنتماء إلى طبقة جنسية أو عمرية أو اجتماعية أو
مفاهيمية ،وهي تتيح للفرد التعرف على نفسه في المنظومة االجتماعية وتمكن المجتمع من التعرف عليه ،ولكن الهُوية
االجتماعية ال ترتبط باألفراد فحسب ،فكل جماعة تتمتع بهوية تتعلق بتعريفها االجتماعي وهو تعريف يسمح بتحديد
موقعها في المجموع االجتماعي]1[.
ومن خالل هذه المقدمة الجامعة لموضوع هذا البحث المختصر تحت عنوان( :الهوية والثقافة) جعلت البحث على ثالثة
مباحث رئيسة:
المبحث األول :مفهوم الهوية والثقافة.
المبحث الثاني :العالقة بين الهوية والثقافة.
المبحث الثالث :حدود الهوية.
نسأل هللا العلي القدير التوفيق والسداد ،وصلى هللا وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المبحث األول
مفهوم الهوية والثقافة
مفهوم الهوية:
يُعرِّ ف المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية "الهوية" فلسفيا ً بأنها( :حقيقة الشيء أو الشخص التي تميزه عن
غيره ،أو هي بطاقة يثبت فيها اسم الشخص وجنسيته ومولده وعمله ،وتسمي البطاقة الشخصية أيضا)]2[ .
وأما في اللغة اإلنجليزية فتعني "الهوية"( :تماثل المقومات أو الصفات األساسية في حاالت مختلفة وظروف متباينة،
وبذلك تشير إلي الشكل التجميعي أو الكل المركب لمجموعة من الصفات التي تكون الحقيقة الموضوعية لشيء ما ،والتي
بواسطتها يمكن معرفة هذا الشئ وغيره على وجه التحديد)]3[ .
وأما آراء المفكرين حول مفهوم الهوية فيالحظ أن األمر ال يختلف كثيراً ،وإن كان يتصف بأنه أكثر تحديداً ؛ ألنه يرتبط
بالبُعد الثقافي أو االجتماعي للمصطلح ،فقد عرَّ فها سعيد إسماعيل علي بأنها( :جملة المعالم المميزة للشئ التي تجعله هو
هو ،بحيث ال تخطئ في تمييزه عن غيره من األشياء ،ولكل إنسان شخصيته المميزة له ،فله نسقه القيمي ومعتقداته
وعاداته السلوكية و ميوله واتجاهاته وثقافته ،وهكذا الشأن بالنسبة لألمم والشعوب)]4[ .
وأشار محمد عمارة( :أن هوية الشيء ثوابته التي ال تتجدد وال تتغير ،وتتجلي وتفصح عن ذاتها دون أن تخلي مكانتها
لنقيضها طالما بقيت الذات علي قيد الحياة ،فهي كالبصمة بالنسبة لإلنسان يتميز بها عن غيره وتتجدد فاعليتها ،ويتجلى
وجهها كلما أزيلت من فوقها طوارئ الطمس ،إنها الشفرة التي يمكن للفرد عن طريقها أن يعرف نفسه في عالقته
بالجماعة االجتماعية التي ينتمي إليها ،والتي عن طريقها يتعرف عليه اآلخرون باعتباره منتميا ً لتلك الجماعة)]5[ .
ويرى محمود أمين( :أن الهوية ليست أحادية البنية ،أي ال تتشكل من عنصر واحد ،سواء كان الدين أو اللغة أو العرق أو
الثقافة أو الوجدان أو األخالق ،أو الخبرة الذاتية أو العلمية وحدها ،وإنمـا هي محصلة تفاعل هذه العناصر كلها)]6[ .
وأشار محمد إبراهيم عيد( :الهوية :مفهوم اجتماعي نفسي يشير إلي كيفية إدراك شعب ما لذاته ،وكيفية تمايزه عن
اآلخرين ،وهي تستند إلي مسلمات ثقافية عامة ،مرتبطة تاريخيًا بقيمة اجتماعية وسياسية واقتصادية للمجتمع)]7[ .
بحث
وع ًّر فها إسماعيل الفقي( :أنها مجموعة من السمات الثقافية التي تتصف بها جماعة من الناس في فترة زمنية معينة ،والتي
تولد اإلحساس لدي األفراد باالنتماء لشعب معين ،واالرتباط بوطن معين ،والتعبير عن مشاعر االعتزاز ،والفخر بالشعب
الذي ينتمي إليه هؤالء األفراد)]8[.
وأوضح شهيب عادل أن الهُوية االجتماعية( :تحدد هوية المجموعة -المجموعة تضم أعضاء متشابهين فيما بينهم بشكل
من األشكال ،-في هذا المنظور تبرز الهُوية الثقافية باعتبارها صيغة تحديد فئوي للتمييز بين نحن وهم ،وهو تمييز قائم
على االختالف الثقافي]9[ .
ومن المفاهيم التي قدمت للهوية الثقافية ما تبنته منظمة اليونسكو بقولهم( :أن الهوية الثقافية تعني أوالً وقبل كل شيء أننا
أفراد ننتمي إلي جماعة لغوية محلية أو إقليمية أو وطنية ،بما لها من قيم أخالقية وجمالية تميزها ،ويتضمن ذلك أيضًا
األسلوب الذي نستوعب به تاريخ الجماعة وتقاليدها وعاداتها وأسلوب حياتها ،وإحساسنا بالخضوع له والمشاركة فيه ،أو
تشكيل قدر مشترك منه ،وتعني الطريقة التي تظهر فيها أنفسنا في ذات كلية ،وتعد بالنسبة لكل فرد منا نو ًعا من المعادلة
األساسية التي تقرر -بطريقة إيجابية أو سلبية – الطريقة التي ننتسب بها إلي جماعتنا والعالم بصفة عامة)]10[.
مفهوم الثقافة:
مفهوم (الثقافة) هو من المفاهيم الملتبسة في كل اللغات ألنه يراد التعبير بكلمة واحدة عن مضمون شديد التركيب والتعقيد
والتنوع والعمق واالتساع ويضاعف االلتباس أن علم الثقافة واالنثروبولوجيا الثقافية وعلم اجتماع المعرفة وعلم البرمجة
العصبية اللغوية ،ما زالت ُتدرس على نطاق ضيق كتخصصات فردية ولم تصبح من العلوم التي يقرأها كل الدارسين
كالفيزياء والجغرافيا والكيمياء والتاريخ لذلك ظل معظم الناس ال يعرفون الحقائق الهامة التي توصلت إليها العلوم
اإلنسانية]11[.
معان عدة ،من أبرزها قول ابن منظور( :الحذق والفهم وسرعة التعلم)]12[ .
ٍ والثقافة في اللغة العربية تطلق على
ويقول فريد وجدي( :ثقف يثقف ثقافة :فطن وحذق ،وثقف العلم في أسرع مدة أي :أسرع أخذه ،وثقفه يثقفه ثقفاً :غلبه في
الحذق ،والثقيف :الحاذق الفطن) ،والقواميس الحديثة تقول( :ثقف ثقافة :صار حاذقا ً خفيفاً ،وثقف الكالم فهمه بسرعة)،
وفي هذه النصوص من التشابه مايدعونا إلى أن نعدها نسخا ً مكررة نقل بعضها من بعض]13[.
وأبرز التعريفات الغربية للثقافة الذي تردد صداه لدى الغربيين ثم لدى العرب كثيراً هو تعريف (ادوارد تايلر) عام
1871م في كتابه (الثقافة البدائية) الذي يقول فيه( :ذلك الكل المركب -بعض الترجمات تقول المعقد – الذي يضم
المعرفة ،والمعتقدات ،والفن ،واألخالق ،والقانون ،والتقاليد ،وكل العادات والقدرات التي يكتسبها اإلنسان من حيث هو
عضو في مجتمع) ،وفي هذا التعريف عناصر مهمة ،هي:
- 1أن قضايا الثقافة هي القضايا ذات البُعد اإلنساني – ال المادي – عقائديًا ،وقيماً ،وفنوناً ،ونظماً ،وأعرافاً.
- 2أن هذه القضايا تتمثل في صورة بناء متكامل وليست جزئيات منفصلة عن بعضها.
-3أنها ليست تميزاً فرديا ً لشخص؛ وإنما هي اجتماعية ،فالشخص يعيشها في ظل مجتمع أو أمة تعيشها كذلك.
-4أنها ليست معارف نظرية ؛ فلسفة ،أو فكراً مجرداً ،ولكنها حياة اجتماعية ،وواقع فكري وسلوكي يتحرك به الناس.
- 5أنها بمجموعها مميزة ألهل ذلك المجتمع ،أو لتلك األمة عن مجتمعات وأمم أخرى ،وهذا هو الواقع فإن التمايز بين
األمم إنما هو بهذه القضايا :العقائد ،والقيم ،والنظم ،واألعراف ،أي :الثقافة.
وهناك تعريفات كثيرة للثقافة لكن هذا أشهرها ،ثم إنها تكاد تتفق على مضمون ماذكر في التعريفات السابقة]14[ .
ومن الخصائص الرئيسية لمفهوم الثقافة ،هي:
- 1إنها من اكتشاف اإلنسان باعتبارها مكتسبة وليست وراثية أو غريزية ،وباالستناد إلى ذلك ال يمكن أن نجد أية ثقافة
لدى الحيوان العتماده على الغريزة ،إذن الثقافة إنسانية المالمح ،وال مجال لقيام أي ِة ثقاف ٍة دون الوجود اإلنساني الذي ينمي
هذه الثقافة ويكتسبها عن الغير من خالل تطور حياته االجتماعية فنا ً وفكراً وسلوكاً.
- 2الثقافة تنتقل من جيل آلخر ،ومن مجتمع آلخر ،من خالل العادات والتقاليد والقوانين واألعراف ،وعملية النقل هذه تتم
من خالل التعلم ،مع إضافة كل جيل لما يكتسبه مما يطرأ على حياته من قيم ومبادئ وأفكار وسلوكيات جديدة نتيجة لتغير
الظروف.
بحث
- 3الثقافة قابلة للتعديل والتغير من جيل آلخر ،حسب الظروف الخاصة بكل مرحلة ،ويمكن لألجيال الجديدة أن تضيف
قيما ً ومفاهيم جديدة لم تكن موجودة لدى األجيال السابقة]15[ .
المبحث الثاني
العالقة بين الهوية والثقافة
ثمة عالقة وثيقة بين الهوية والثقافة ،بحيث يتعذر الفصل بينهما ،وإذ أن ما من هوية إال وتختزل ثقافة ،وقد تتعدد الثقافات
في الهوية الواحدة ،كما أنه قد تتنوع الهويات في الثقافة الواحدة ،وذلك مايعبَّر عنه بالتنوع في إطار الوحدة ،فقد تنتمي
هوية شعب من الشعوب إلى ثقافات متعددة ،تمتزج عناصرها ،وتتالقح مكوناتها ،فتتبلور في هوية واحدة ،وعلى سبيل
المثال ،فإن الهوية اإلسالمية تتشكل من ثقافات الشعوب واألمم التي دخلها اإلسالم سواء اعتنقته أو بقيت على عقائدها
التي كانت تؤمن بها ،فهذه الثقافات التي امتزجت بالثقافة العربية اإلسالمية وتالحقت معها ،العربية اإلسالمية ،فهي جماع
هويات األمم والشعوب التي انضوت تحت لواء الحضارة العربية اإلسالمية ،وهي بذلك هوية إنسانية ،متفتحة ،وغير
منغلقة]16[ .
والعالقة بين الهُوية والثقافة ،فإنها تعني عالقة الذات باإلنتاج الثقافي ،وال شك أن أي إنتاج ثقافي ال يتم في غياب ذات
مفكرة ،دون الخوض في الجدال الذي يذهب إلى أسبقية الذات على موضوع االتجاه العقالني المثالي ،أو الذي يجعل
الموضوع أسبق من الذات ،وإن كل ما في الذهن هو نتيجة ما تحمله الحواس وتخطه على تلك الصفحة (ذهن اإلنسان)
كما يذهب لوك ،واالتجاه التجريبي بشكل عام]17[ .
المبحث الثالث
حدود الهوية
يرى بارث أن األهم في عملية اكتساب الهوية هو إرادة وضع حد بين "هم"و"نحن" وبالتالي إقامة ما يسميه بـ "الحد"
والحفاظ عليه ،وبشكل أدق ،فإن الحد في الموضوع ينجم عن اتفاق بين ذلك الحد الذي تزعم الجماعة بأنها وضعته لنفسها
وبين الحد الذي يريد اآلخرون وضعه لها ،طبعا ً الحد المقصود هنا هو الحد االجتماعي الرمزي ،وإن ما يفصل بين
مجموعتين عرقيتين -ثقافيتين ليس االختالف الثقافي كما يتصور الثقافيون خطأ؛ إذ يمكن للجماعة أن تعمل تماما ً وفي
كنفها شيء من التعددية الثقافية ،ويعود السبب في هذا الفصل ،أي وضع " الحد" ،إلى إرادة الجماعة في التميز
واستخدامها لبعض السمات الثقافية كمحددات لهويتها النوعية ،ومن شأن الجماعات القريبة من بعضها ثقافيا ً أن تع َّد نفسها
غريبة تماما ً عن بعضها بعض بل ومتعادية حينما تختلف حول عنصر منعزل في المجموعة الثقافية]18[ .
إن تحليل بارث يتيح التخلص من الخلط الشائع بين "الثقافة" و"الهوية" والتطبع بطابع ثقافة معينة ال يقتضي امتالك هوية
خاصة بشكل آلي ،والهوية العرقية -الثقافية تستخدم الثقافة لكنها نادراَ ما تستخدم الثقافة كلها ،ويمكن للثقافة نفسها أن تجيَّر
بشكل مختلف ،أي متعارض في االستراتيجيات المختلفة الكتساب الهوية على عكس قناعة واسعة االنتشار ،فإن العالقات
التي تدوم فترة طويلة بين المجموعات العرقية ال تؤدي بالضرورة إلى اإللغاء المتدرج لالختالفات الثقافية ،بل غالبا ً ما
تنتظم هذه العالقات بشكل تحافظ معه على االختالف الثقافي بل أحيانا ً تزيد هذا االختالف عن طريق لعبة الدفاع
(الرمزي) عن حدود الهوية ،ولكن هذا ال يعني أن "الحدود" ال تتبدل]19[ .
ويعتبر بارث أن الحد يشكل فرزاً اجتماعيا ً يمكن تجديده باستمرار من خالل التبادالت ،وكل تغير يصيب الحالة
االقتصادية أو السياسية من شأنه التسبب في انزياحات الحدود ،ودراسة هذه االنزياحات ضرورية إذا رمنا تفسير تنوعات
الهوية ،وبالتالي فإن تحليل الهوية ال يمكن أن يكتفي بمقاربة تزامنية ،بل عليه أيضا ً أن يخضع لمقاربة تطورية ،وبالتالي
ليس هناك هوية ثقافية بذاتها لها تعريف ثابت ،وينبغي على التحليل العلمي أن يكف عن زعمه في إيجاد تعريف صحيح
للهويات الخاصة التي يقوم بدراستها ،والمسألة ليست معرفة من هم "الكورسيكيون "بالفعل على سبيل المثال ،بل هي
معرفة داللة اللجوء إلى اكتساب الهوية "الكورسيكية" ،وإذا اتفقنا على أن الهوية هي بناء اجتماعي فإن السؤال المالئم
الوحيد الذي يجب طرحه هو":كيف ولماذا وبواسطة من ،وفي وقت ما وفي سياق معين حصلت ،واحتفظ بها ،أو أصبحت
عرضة للنقاش والجدل ،إحدى الهويات الخاصة"]20[ .
انتهى البحث
وآخر دعوانا الحمد هلل رب العالمين
وصلى هللا وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
[ ] 1انظر :الثقافة والهوية (إشكالية المفاهيم والعالقة) ،شهيب عادل ،ص .2
بحث
[ ]2انظر :المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
[ ] 3انظر :الثقافة العربية اإلسالمية بين التأليف والتدريس ،رشدي أحمد طعيمة ،ص .35
[ ] 4انظر :التربية اإلسالمية وتحديات القرن الحادي والعشرين ،سعيد إسماعيل ،ص .95
[ ]5انظر :مخاطر العولمة علي الهوية الثقافية ،محمد عمارة ،ص.6
[ ]6انظر :الهوية مفهوم في طور التشكيل ،محمود أمين ،ص .376
[ ] 7انظر :الهوية الثقافية العربية في عالم متغير ،محمد إبراهيم عيد ،ص .110
[ ]8انظر :مفهوم العولمة وعالقته بالهوية ،إسماعيل الفقي ،ص .205
[ ] 9انظر :الثقافة والهوية (إشكالية المفاهيم والعالقة) ،شهيب عادل ،ص .2
[ ] 10انظر :دور التربية في مواجهة تداعيات العولمة على الهوية الثقافية ،حمدي حسن المحروقي ،ص .164
[ ] 11انظر :الثقافة والهوية (إشكالية المفاهيم والعالقة) ،شهيب عادل ،ص .4
[ ]12انظر :مادة (علم) في لسان العرب ،ابن منظور.
[ ]13انظر :مشكلة الثقافة ،مالك بن نبي ،ص .19
[ ] 14انظر :المثقف العربي بين العصرانية واإلسالمية ومقومات الفاعلية الثقافية للمثقف المسلم ،عبدالرحمن الزنيدي،
ص .14
[ ] 15انظر :الثقافة والهوية (إشكالية المفاهيم والعالقة) ،شهيب عادل ،ص .8
[ ] 16انظر :الحفاظ على الهوية والثقافة اإلسالمية ،عبدالعزيز التويجري ،ص.9
[ ] 17انظر :الثقافة والهوية (إشكالية المفاهيم والعالقة) ،شهيب عادل ،ص .6
[ ] 18انظر :مفهوم الثقافة في العلوم االجتماعية ،دوني كوش ،ترجمة قاسم المقداد ،ص.110
[ ] 19انظر :مفهوم الثقافة في العلوم االجتماعية ،دوني كوش ،ترجمة قاسم المقداد ،،ص.111
[ ]20المرجع السابق ،ص.112
بحث شامل حول انثروبولوجيا
تع ّد دت الدراسات واالتجاهات التي تناولت األنثروبولوجيا ،في اآلونة األخيرة ،بوصفها علما ً حديث العهد ،على الرغم من
مرور ما يقرب من القرن وربع القرن على نشأة هذا العلم.
لقد ا ّت سعت مجاالت البحث والدراسة في هذا العلم الجديد ،وتداخلت موضوعاته مع موضوعات بعض العلوم األخرى ،وال
سيّما علوم األحياء واالجتماع والفلسفة .كما تع ّددت مناهجه النظرية والتطبيقية ،تبعا ً لتعدّد تخصّصاته ومجاالته ،وال سيّما
في المرحلة األخيرة حيث التغيرات الكبيرة والمتسارعة ،التي كان لها آثار واضحة في حياة البشر كأفراد و كمجتمعات .
وبما أنّ األنثروبولوجيا تهت ّم بدراسة اإلنسان ،شأنها في ذلك شأن العلوم اإلنسانية األخرى ،فهي ترتبط ارتباطا ً وثيقا ً
بالمجتمع اإلنساني الذي توجد فيه ،حيث تعكس بنيته األساسية والقيم السائدة فيه ،وتخدم بالتالي مصالحه في التحسين
والتطوير .
ثمّة من ير ّد بدايات تاريخ األنثروبولوجيا إلى العصور القديمة ،إالّ أنّ األنثروبولوجيين الغربيين ،وال سيّما األوروبيون،
يرون أنّ األصول النظرية األساسية لعلم األنثروبولوجيا ،ظهرت إبّان عصر التنوير في أوروبا (عصر النهضة األوروبية
) ،حيث تمّت كشوفات جغرافية وثقافية ال يستهان بها ،لبالد ومجتمعات مختلفة خارج القارة األوربية .
وقد ق ّد مت هذه الكشوفات معلومات هامة عن الشعوب القاطنة في تلك البالد ،أدّت إلى تغيّرات جذرية في االتجاهات
الفلسفية السائدة آنذاك ،عن حياة البشر وطبيعة المجتمعات اإلنسانية وثقافاتها وتطوّ رها .وهذا ما أدّى بالتالي إلى تطوير
المعرفة األنثروبولوجيّة ،واستقاللها فيما بعد عن دائرة الفلسفة االجتماعية .
بحث
لقد انحسرت الفلسفة – إلى ح ّد ما – في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أمام التفكير العلمي ،حيث تطوّ رت العلوم
االجتماعية واستطاع العالم البريطاني /إدوارد تايلور / E. Tylorأن يرى في تنوّ ع أساليب حياة الشعوب وتطوّ رها،
ظاهرة جديرة بالدراسة ،وأنّ علما ّ جديداً يجب أن ينشأ ويقوم بهذه المهمّة .وسمّى تايلور هذه الظاهرة بـ" الثقافة Culture
أو الحضارة . " Civilization
ومع دخول األنثروبولوجيا مجال القرن العشرين ،بأحداثه وتغيّراته العلمية واالجتماعية والسياسية ،طرأت عليها تغيّرات
جوهرية في موضوعها ومنهج دراستها ،حيث تخلّت عن المنهج النظري وأخذت بالمنهج التطبيقي باعتبارها ظاهرة
ّ
والتأث ر بينها وبين منظومة العلوم االجتماعية واإلنسانية األخرى .حيث أصبحت علميّة ،إضافة إلى تحديد عالقة التأثير
ّ
النظرة الشاملة تميّز المنهج األنثروبولوجي ،الذي يتطلب دراسة أي موضوع – مهما كانت طبيعته وأهدافه -دراسة كليّة
متكاملة ،تحيط بأبعاده المختلفة ،وبتلك التفاعالت المتبادلة بين أبعاد هذا الموضوع وجوانب الحياة األخرى السائدة في
المجتمع .
ويأتي هذا الكتاب ،ليلقي الضوء على أبرز الجوانب في علم األنثروبولوجيا ،من حيث أبعاده النظرية والتطبيقية .ولذلك،
قسّم الكتاب إلى ثالثة أبواب تضمّن ك ّل منها عدداً من الفصول ،على النحو التالي :
الباب األوّ ل – تضمّن ثالثة فصول ،تح ّد ثت عن :مفهوم األنثروبولوجيا وأهدافها ،ونشأتها وتاريخها ،وعالقتها بالعلوم
األخرى .
الباب الثاني -تضمّن ستة فصول ،تح ّدثت عن :الدراسات األنثروبولوجية وا ّتجاهاتها المعاصرة ،والفروع األنثروبولوجية
(العضوية – النفسيّة -الثقافية -االجتماعية ) ،والمنهج األنثروبولوجي والدراسات الميدانية .
الباب الثالث -تضمّن ثالثة فصول ،تح ّد ثت عن :البناء االجتماعي ووظائفه ،واألنثروبولوجيا في المجتمع الحديث،
واال ّتجاه نحو أنثروبولوجية عربية.
واألمل في أن يق ّد م هذا الكتاب ،رؤية واضحة عن هذا العلم الحديث (األنثروبولوجيا) ،على األق ّل في مجتمعنا وجامعاتنا،
ّ
األعزاء. وبما يح ّقق الفائدة المرجوّ ة لطلبتنا
في 2003 / 5 /20المؤلِّف
cc
إنّ لفظة أنثروبولوجيا ،Anthropologyهي كلمة إنكليزية مشت ّقة من األصل اليوناني المكوّ ن من مقطعين :أنثروبوس
، Anthroposومعناه " اإلنسان " و لوجوس ،Locosومعناه " علم " .وبذلك يصبح معنى األنثروبولوجيا من حيث
اللفظ " علم اإلنسان " أي العلم الذي يدرس اإلنسان .
ولذلك ،تعرّ ف األنثروبولوجيا ،بأ ّن ها العلم الذي يدرس اإلنسان من حيث هو كائن عضوي حي ،يعيش في مجتمع تسوده
نظم وأنساق اجتماعية في ظ ّل ثقافة معيّنة ..ويقوم بأعمال متعدّدة ،ويسلك سلوكا ً محدّداً؛ وهو أيضا ً العلم الذي يدرس
الحياة البدائية ،والحياة الحديثة المعاصرة ،ويحاول التنبّؤ بمستقبل اإلنسان معتمداً على تطوّ ره عبر التاريخ اإلنساني
الطويل . .ولذا يعتبر علم دراسة اإلنسان (األنثروبولوجيا) علما ً متطوّ راً ،يدرس اإلنسان وسلوكه وأعماله (أبو هالل،
،1974ص )9
وتعرف األنثروبولوجيا أيضاً ،بأ ّن ها علم (األناسة) العلم الذي يدرس اإلنسان كمخلوق ،ينتمي إلى العالم الحيواني من جهة،
ومن جهة أخرى أ ّنه الوحيد من األنواع الحيوانية كلّها ،الذي يصنع الثقافة ويبدعها ،والمخلوق الذي يتميّز عنها جميعا ً .
( الجباوي ،1997 ،ص )9
كما تع ّرف األنثروبولوجيا بصورة مختصرة وشاملة بأ ّنها " علم دراسة اإلنسان طبيعيا ً واجتماعيا ً وحضاريا ً " (سليم،
،1981ص )56أي أنّ األنثروبولوجيا ال تدرس اإلنسان ككائن وحيد بذاته ،أو منعزل عن أبناء جنسه ،إ ّنما تدرسه
بوصفه كائنا ً اجتماعيا ً بطبعه ،يحيا في مجتمع معيّن لـه ميزاته الخاصة في مكان وزمان معينين .
فاألنثروبولوجيا بوصفها دراسة لإلنسان في أبعاده المختلفة ،البيوفيزيائية واالجتماعية والثقافية ،فهي علم شامل يجمع بين
ميادين ومجاالت متباينة ومختلفة بعضها عن بعض ،اختالف علم التشريح عن تاريخ تطوّ ر الجنس البشري والجماعات
العرقية ،وعن دراسة النظم االجتماعية من سياسيّة واقتصادية وقرابية ودينية وقانونية ،وما إليها ..وكذلك عن اإلبداع
اإلنساني في مجاالت الثقافة المت ّن وعة التي تشمل :التراث الفكري وأنماط القيم وأنساق الفكر واإلبداع األدبي والفني ،بل
والعادات والتقاليد ومظاهر السلوك في المجتمعات اإلنسانية المختلفة ،وإن كانت ال تزال تعطي عناية خاصة للمجتمعات
التقليدية( .أبو زيد ،2001 ،ص )7
وهذا يتوافق مع تعريف /تايلور /الذي يرى أنّ األنثروبولوجيا " :هي الدراسة البيوثقافية المقارنة لإلنسان " إذ تحاول
الكشف عن العالقة بين المظاهر البيولوجية الموروثة لإلنسان ،وما يتلقاه من تعليم وتنشئة اجتماعية .وبهذا المعنى ،تتناول
األنثروبولوجيا موضوعات مختلفة من العلوم والتخصّصات التي تتعلّق باإلنسان .
ثانياً-طبيعة األنثروبولوجيا
إنّ الشعوب الناطقة باللغة اإلنكليزية جميعها ،تطلق على علم األنثروبولوجيا " :علم اإلنسان وأعماله " بينما يطلق
المصطلح ذاته في البلدان األوروبية غير الناطقة باإلنكليزية ،على " دراسة الخصائص الجسمية لإلنسان" .ويصل هذا
االختالف إلى طبيعة علم األنثروبولوجيا ..فبينما يعني في أوروبا ،األنثروبولوجيا الفيزيقية ،وينظر إلى علمي اآلثار
واللغويات كفرعين منفصلين ،فإنّ األمريكيين يستخدمون مصطلح (اإلثنولوجيا أو اإلثنوغرافيا) لوصف (اإلثنوجرافيا
الثقافية) والتي يطلق عليها البريطانيون (األنثروبولوجيا االجتماعية) .
ففي إنكلترا مثالً ،يطلق مصطلح األنثروبولوجيا ،على دراسة الشعوب وكياناتها االجتماعية ،مع ميل خاص للتأكيد على
دراسة الشعوب البدائية .أمّا في أمريكا ،فيرى العلماء أنّ األنثروبولوجيا ،هي علم دراسة الثقافات البشرية البدائية
والمعاصرة ،في حين أنّ علماء فرنسا يعنون بهذا المصطلح ،دراسة اإلنسان من الناحية الطبيعية ،أي " العضوية " .
( كلوكهون) 209 ،1964 ،
بحث
فعلم األنثروبولوجيا ير ّك ز اهتمامه على كائن واحد ،هو اإلنسان ،ويحاول فهم أنواع الظاهرات المختلفة التي ّ
تؤثر فيه ..
في حين تر ّكز العلوم األخرى اهتمامها على أنواع محدّدة من الظاهرات أ ّنى وجدت في الطبيعة .وكان علم
األنثروبولوجيا ،وما زال ،يحاول فهم ك ّل ما يمكن فهمه أو معرفته عن طبيعة هذا المخلوق الغريب الذي يسير على
قدمين ،وكذلك فهم سلوكه الذي يفوق طبيعته الجسمية غرابة .
ومع أنّ علماء األنثروبولوجيا ،استطاعوا استخدام بعض األساليب التي طوّ رتها العلوم االجتماعية ،فإ ّنهم قلّما اضطروا
إلى انتظار تطوّ ر مثل هذه األساليب ..والواقع أنّ إسهامهم في تطوّ ر العلوم االجتماعية ،ال يق ّل شأنا ً عن إسهام هذه العلوم
في تطوّ ر األنثروبولوجيا .ولذلك ،ينقسم علم األنثروبولوجيا إلى قسمين أساسيين كبيرين :يبحث األول في اإلنسان،
ويعرف باألنثروبولوجيا الطبيعية ،في حين يبحث الثاني في أعمال اإلنسان ،ويعرف باألنثروبولوجيا الثقافية /
الحضارية (.لينتون ،1967 ،ص )16-15
واستناداً إلى هذه المنطلقات ،فقد ح ّد دت الباحثة األمريكية /مارغريت ميد /طبيعة علم األنثروبولوجيا وأبعاده ،بقولها " :
إ ّننا نص ّن ف الخصائص اإلنسانية للجنس البشري (البيولوجية والثقافية) كأنساق مترابطة ومتغيّرة ،وذلك عن طريق نماذج
ومقاييس ومناهج متطوّ رة .كما نهت ّم أيضا ً بوصف النظم االجتماعية والتكنولوجية وتحليلها ،إضافة إلى البحث في اإلدراك
العقلي لإلنسان وابتكاراته ومعتقداته ووسائل اتصاالته .وبصفة عامة ،نسعى – نحن األنثروبولوجيين –لتفسير نتائج
دراساتنا والربط فيما بينها في إطار نظريات التطوّ ر ،أو ضمن مفهوم الوحدة النفسيّة المشتركة بين البشر Mead, ("..
)1973, p.280
وتأسيسا ً على ما تقدّم ،فإنّ األنثروبولوجيا هي العلم الذي يدرس اإلنسان ،ويدرس أوجه الشبه وأوجه االختالف بينه وبين
الكائنات الحيّة األخرى من جهة ،وأوجه الشبه واالختالف بين اإلنسان وأخيه اإلنسان من جهة أخرى.
وفي الوقت ذاته ،يدرس السلوك اإلنساني ضمن اإلطار الثقافي واالجتماعي بوجه عام .فال تهت ّم األنثروبولوجيا باإلنسان
الفرد ،كما تفعل الفيزيولوجيا أو علم النفس ،وإ ّنما تهت ّم باإلنسان الذي يعيش في جماعات وأجناس ،وتدرس الناس في
أحداثهم وأفعالهم الحياتية .
ثالثاً -أهداف دراسة األنثروبولوجيا
استناداً إلى مفهوم االنثروبولوجيا وطبيعتها ،فإنّ دراستها تح ّقق مجموعة من األهداف ،يمكن حصرها في األمور التالية :
-3/1وصف مظاهر الحياة البشرية والحضارية وصفا ً دقيقاً ،وذلك عن طريق معايشة الباحث المجموعة أو الجماعة
المدروسة ،وتسجيل ك ّل ما يقوم به أفرادها من سلوكات في تعاملهم ،في الحياة اليوميّة .
- 3/2تصنيف مظاهر الحياة البشرية والحضارية بعد دراستها دراسة واقعية ،وذلك للوصول إلى أنماط إنسانية عامة ،في
سياق الترتيب التطوّ ري الحضاري العام لإلنسان ( :بدائي -زراعي -صناعي – معرفي – تكنولوجي)
-3/3تحديد أصول التغيّر الذي يحدث لإلنسان ،وأسباب هذا التغيّر وعملياته بد ّقة علمية ..وذلك بالرجوع إلى التراث
اإلنساني وربطه بالحاضر من خالل المقارنة ،وإيجاد عناصر التغيير المختلفة .
شرات والتوقعّات ال ّت جاه التغيير المحتمل ،في الظواهر اإلنسانية /الحضارية التي تتمّم دراستها،
-4/3استنتاج المؤ ّ
وبالتصوّ ر بالتالي إلمكانية التنبؤ بمستقبل الجماعة البشرية التي أجريت عليها الدراسة( .لينتون ،1964 ،ص)15
ويبدو أنّ التباين العرقي بين بني البشر ،هو الخاصة البيولوجية التي تستأثر باهتمام العالِم الحديث ،أكثر من سائر
الخواص البيولوجية األخرى عند اإلنسان .ويبذل المص ّنفون العرقيون محاوالت دائبة للتوصّل إلى تصنيف عرقي مثالي.
فكان من نتائج انشغال علماء األنثروبولوجيا الجسمية بمشكلة العرق ،أن اكتسب مفهوم النوع (العرق) رسوخا ً أعاق
التفكير بالكائن البشري ذاته .فاألصناف العرقية البشرية ظلّت ،وإلى عهد قريب ،تعتبر كيانات ثابتة نسبياً ،وقادرة على
الصمود أمام تأثيرات البيئة أو قوى التغيّر الفطرية.
ويالحظ أنّ التطرّ ف في تمجيد فكرة العرق ،أ ّد ى إلى فرض عدد محدود من التصنيفات الصارمة على بني البشر الذين
يمتازون بتنوّ ع ال ح ّد له ،وأ ّد ى بالتالي إلى زج األفراد في هذه التصنيفات ،بصورة تطمس صفاتهم األصلية الخاصة.
(لينتون ،1967 ،ص )46
إنّ اهتمام األنثروبولوجيا بدراسة المجتمعات اإلنسانية كلّها ،وعلى المستويات الحضارية كافة ،يعتبر منطلقا ً أساسيا ً في
فلسفة علم األنثروبولوجيا وأهدافها .ولكن على الرغم من التو ّس ع في مجال الدراسات األنثروبولوجية ،فما زالت
االهتمامات التقليدية لألنثروبولوجيا ،وال سيّما وصف الثقافات وأسلوب حياة المجتمعات ،ودراسة اللغات واللهجات
المحلية وآثار ما قبل التاريخ ،تّؤ كد وال شك ،تف ّرد مجال األنثروبولوجيا عمّا عداها من العلوم األخرى ،وال سيّما علم
االجتماع( .فهيم ،1986 ،ص ) 35
بحث
ومن هنا كانت أهميّة الدراسات األنثروبولوجية في تحديد صفات الكائنات البشرية ،وإيجاد القواسم المشتركة فيما بينها،
بعيداً عن التع ّ
ص ب واألحكام المسبقة التي ال تستند إلى أية أصول علمية.
وإذا كان علم األنثروبولوجيا ،بدراساته المختلفة ،قد استطاع أن ينجح في إثبات الكثير من الظواهر الخاصة بنشأة اإلنسان
وطبيعته ،ومراحل تطوّ ره الثقافي /الحضاري ،فإنّ أه ّم ما أثبته هو ،أنّ الشعوب البشرية بأجناسها المتعدّدة ،تتشابه إلى
ح ّد التطابق في طبيعتها األساسية ،وال سيّما في النواحي العضوية والحيوية .
***
مصادر الفصل ومراجعه
-أبو هالل ،أحمد ( )1874مق ّد مة في األنثروبولوجيا التربوية ،المطابع التعاونية ،األردن ،عمّان .
-سليم ،شاكر ( )1981قاموس األنثروبولوجيا ،جامعة الكويت .
-الجباوي ،علي ( )1996/1997األنثروبولوجيا – علم اإلناسة ،جامعة دمشق .
ص ة األنثروبولوجيا – فصول في تاريخ علم اإلنسان ،عالم المعرفة ( ،)98شباط ،الكويت .
-فهيم ،حسين ( )1986ق ّ
-كالكهون ،كاليد ( )1964اإلنسان في المرآة ،ترجمة :شاكر سليم ،بغداد .
-لينتون ،رالف ( ) 1964دراسة اإلنسان ،ترجمة :عبد الملك الناشف ،المكتبة العصرية ،بيروت .
-لينتون ،رالف ( ) 1967األنثروبولوجيا وأزمة العالم الحديث ،ترجمة :عبد الملك الناشف ،المكتبة العصرية ،بيروت .