You are on page 1of 12

‫خطة البحث‬

‫مقدمة‬

‫المبحث األول‪ :‬نبذة عن حياة أفالطون وانجازاته‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف أفالطون وحياته‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إنجازات أفالطون‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬فلسفة أفالطون وأبرز نظرياته‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬فلسفة أفالطون‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أبرز نظريات أفالطون‪.‬‬

‫خاتمة‪.‬‬

‫قائمة المراجع‪.‬‬
‫مقدمة‬

‫عد فمسفة أفالطون في التعميم فكرة رائعة ولطالما أراد أفالطون تطبيقيا في المجتمع األثيني‬
‫ّ‬
‫القديم‪ .‬وال يزال الباحثون يدرسون ويناقشون ىذه الفمسفة إلى حدود اليوم‪ ،‬لكن المثير‬
‫لالىتمام ىو كيف أثرت فمسفة أفالطون في التعميم عمى الكثير من المعتقدات والمبادئ التي‬
‫يعتمدىا المجتمع الحديث‪ .‬ومن ىنا نطرح التساؤل التالي‪ :‬من ىو أفالطون وفيما تتمثل‬
‫فمسفتو وما ىي نظرياتو في الفمسفة؟‬
‫المبحث األول‪ :‬نبذة عن حياة أفالطون وانجازاته‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف أفالطون وحياته‪.‬‬

‫أفالطون (عاش بين ‪ 427‬ق‪.‬م‪ 347 - .‬ق‪.‬م‪ ).‬فيمسوف يوناني قديم‪ ،‬وأحد أعظم الفالسفة‬
‫الغربيين‪ ،‬حتى إن الفمسفة الغربية اعتبرت أنيا ما ىي إال حواشي ألفالطون‪ .‬عرف من‬
‫خالل مخطوطاتو التي جمعت بين الفمسفة والشعر والفن‪ .‬كانت كتاباتو عمى شكل حوارات‬
‫‪1‬‬
‫ورسائل وابيغرامات (ابيغرام‪ :‬قصيدة قصيرة محكمة منتييو بحكمو وسخرية)‪.‬‬

‫أفالطون ىو أرسطوقميس‪ ،‬الممقَّب بأفالطون بسبب ضخامة جسمو‪ ،‬وأشير فالسفة اليونان‬
‫عمى اإلطالق‪ .‬ولد في أثينا في عائمة أرسطوقراطية‪ .‬أطمق عميو بعض شارحيو لقب‬
‫"أفالطون اإلليي"‪ .‬يقال إنو في بداياتو تتممذ عمى السفسطائيين وعمى كراتيمِس‪ ،‬تمميذ‬
‫ىراقميطس‪ ،‬قبل أن يرتبط بمعمِّمو سقراط في العشرين من عمره‪ .‬وقد تأثر أفالطون ًا‬
‫كثير فيما‬
‫بالحكم الجائر الذي صدر ِّ‬
‫بحق سقراط وأدى إلى موتو؛ األمر الذي جعمو يعي أن الدول‬ ‫بعد ُ‬
‫أساسا‬
‫ً‬ ‫محكومة بشكل سيئ‪ ،‬وأنو من أجل استتباب النظام والعدالة ينبغي أن تصبح الفمسفة‬
‫عتبر‬
‫لمسياسة‪ .‬وىذا ما دفع فيمسوفنا لمسفر إلى مصر‪ ،‬ثم إلى جنوب إيطاليا‪ ،‬التي كانت تُ َ‬
‫آنذاك جزًءا من بالد اليونان القديمة‪ .‬وىناك التقى بـالفيثاغوريين‪ .‬ثم انتقل من ىناك إلى‬
‫صقمية حيث قابل ديونيسوس‪ ،‬ممك سيراكوسا المستبد‪ ،‬عمى أمل أن يجعل من ىذه المدينة‬
‫دولة تحكميا الفمسفة‪ .‬لكنيا كانت تجربة فاشمة‪ ،‬سرعان ما دفعتو إلى العودة إلى أثينا‪ ،‬حيث‬
‫عرف بـأكاديمية أفالطون‪ .‬لكن ىذا لم‬
‫أسَّس‪ ،‬في حدائق أكاديموس‪ ،‬مدرستو التي باتت تُ َ‬
‫ظل حكم‬‫يمنعو من معاودة الكرة مرات أخرى لتأسيس مدينتو الفاضمة في سيراكوسا في ِّ‬

‫‪-1‬خديجة زتيمي‪ ،‬أفالطون ‪ :‬المعرفة‪ ،‬السياسة‪ ،‬المرأة أفالطون ‪ :‬المعرفة‪ ،‬السياسة‪ ،‬المرأة‪ ،‬فضاءات لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬األردن‪ ،2019 ،‬ص‪.17‬‬
‫أيضا في محاوالتو؛ األمر الذي أقنعو باالستقرار‬
‫مميكيا الجديد ديونيسوس الشاب‪ ،‬ففشل ً‬
‫ًّ‬
‫نيائيا في أثينا‪ ،‬حيث أنيى حياتو محاطًا بتالميذه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إنجازات أفالطون‪.‬‬

‫كانت المرحمة األولى أو المبكرة أثناء رحالت أفالطون ( ‪ 387-399‬قبل الميالد)‪ ،‬ويبدو أن‬
‫كتاب "دفاع سقراط" أُلّف بعد موت سقراط ٍ‬
‫بوقت قصير‪ .‬ومن بين النصوص األخرى التي‬
‫أُلّفت في ىذه الفترة محاورة بروتاغوراس ويوثيفرو وىيبياس األكبر وىيبياس األصغر وحوار‬
‫أيون‪ ،‬ويحاول أفالطون في ىذه المحاورات نشر فمسفة سقراط وتعاليمو‪.‬‬

‫في المرحمة الثانية أو المتوسطة يكتب أفالطون برأيو الخاص حول المثل المركزية وىي‬
‫العدالة والشجاعة والحكمة واعتدال الفرد والمجتمع‪ ،‬وقد ألّف كتابو "الجميورية" أثناء ىذه‬
‫‪2‬‬
‫المرحمة حيث يتحدث فيو عن حكومة عادلة يحكميا مموك فالسفة‪.‬‬

‫دور أصغر ويمقي أفالطون نظرةً أقرب عمى‬


‫في المرحمة الثالثة أو المتأخرة‪ ،‬يؤدي سقراط ًا‬
‫أفكاره الخاصة المبكرة في الميتافيزيقيا‪ ،‬فيبحث في دور الفن الذي يتضمن الرقص‬
‫والموسيقى والدراما والعمارة‪ ،‬كما يبحث في دور القيم واألخالق‪ ،‬وفي كتاباتو حول نظرية‬
‫عالم المثل يشير أفالطون إلى أن عالم األفكار ىو الثابت الوحيد وأن العالم الحسي الذي‬
‫نشعر بو بحواسنا مضمل ومتغير‪.‬‬

‫أسس أفالطون في ٍ‬
‫وقت ما قرابة عام ‪ 385‬قبل الميالد مدرسةً تعرف باسم األكاديمية وظل‬
‫عمى رأسيا حتى وفاتو‪ ،‬ويعتقد أن المدرسة كانت تقع في حديقة مغمقة أطمِق عمييا اسم بطل‬
‫‪ 529‬لمميالد‪ ،‬حيث أغمقيا اإلمبراطور‬ ‫يوناني أسطوري‪ .‬ظمت األكاديمية قائمة حتى عام‬

‫‪ ،1‬مصر‪،‬‬ ‫‪ - 2‬محمد ىشام‪ ،‬في النظرية الفمسفية لممعرفة (أفالطون ديكارت كانط) ‪ ،‬أفريقيا الشرق لمنشر والتوزيع‪ ،‬ط‬
‫‪ ،2001‬ص‪.35‬‬
‫وتيديدا‬
‫ً‬ ‫مصدر لتعميم الوثنية‬
‫ًا‬ ‫الروماني جستينيان األول‪ ،‬ألنو كان يخشى من أن تكون‬
‫لممسيحية‪.‬‬

‫طوال فترة عمميا كانت مناىج األكاديمية تدرس مواضيع الفمك واألحياء والرياضيات والنظرية‬
‫مكانا لقادة المستقبل ليستكشفوا‬
‫السياسة والفمسفة‪ ،‬وكان أفالطون يأمل أن تمثل األكاديمية ً‬
‫‪3‬‬
‫كيفية إنشاء حكومة أفضل في المدن اليونانية المستقمة‪.‬‬

‫مدرسا‬
‫ً‬ ‫في عام ‪ 367‬قبل الميالد‪ُ ،‬دعي أفالطون من قبل صديقو وتمميذه ديون ليصبح‬
‫شخصيا البن أخيو ديونيسوس الثاني الحاكم الجديد لسيراكوز (صقمية)‪ ،‬وكان ديون يعتقد أن‬
‫ً‬
‫مثاليا‪ ،‬فقبل أفالطون عمى أمل أن تقود ىذه‬
‫قائدا ً‬
‫ديونيسوس لديو صفات مميزة تؤىمو ليكون ً‬
‫وقت قصير خيب جميع التوقعات‪،‬‬‫التجربة إلى إعداد ممك فيمسوف‪ ،‬إال أن ديونيسوس بعد ٍ‬

‫واتيم ديون ومن بعده أفالطون بالتآمر ضده‪ ،‬فأمر بنفي ديون وابقاء أفالطون تحت "اإلقامة‬
‫أخير عاد أفالطون إلى أثينا والى أكاديميتو‪ ،‬ومن بين أكثر طالبو نباىةً كان‬
‫الجبرية"‪ .‬و ًا‬
‫أرسطو الذي أخذ تعاليم مدرسو نحو منحى جديد‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬فلسفة أفالطون وأبرز نظرياته‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬فلسفة أفالطون‪.‬‬

‫بعد بطريقة الحوار‪ ،‬التي كانت عبارة عن دراما فمسفية حقيقية‪،‬‬


‫ف من ُ‬‫أوجد أفالطون ما ُع ِر َ‬
‫حد بات من الصعب‬ ‫عبر من خالليا عن أفكاره عن طريق شخصية سقراط‪ ،‬الذي تمثَّمو إلى ِّ‬ ‫َّ‬
‫بعد‪ ،‬التمييز بين عقيدة التمميذ وعقيدة أستاذه الذي لم يخمِّف لنا َّ‬
‫أي شيء مكتوب‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫جدا‪ ،‬من ُ‬
‫بدءا من الحوارات األولى‪ ،‬أو‬
‫ىذا وقد ترك أفالطون كتابةً ثمانية وعشرين حو ًارا‪ ،‬تتألق فييا‪ً ،‬‬

‫‪ - 3‬أحمد فؤاد األىواني‪ ،‬أفالطون‪ ،‬دار المعارف السمسمة‪ :‬نوابغ الفكر الغربى‪ ،‬ط‪ ،1‬مصر‪ ،1991 ،‬ص‪.56‬‬
‫طابعا ًّ‬
‫مثاليا؛‬ ‫ً‬ ‫"السقراطية"‪ ،‬وصوالً إلى األخيرة‪ ،‬حيث شاخ ونضج‪ ،‬صورة سقراط التي تتخذ‬
‫المثُل‪ ،‬ويتم فييا التطرق لمسائل عيانية ىامة‪.‬‬
‫كما تتضح من خالليا نظريتو في ُ‬

‫تميِّز الميتافيزياء األفالطونية بين عالمين‪ :‬العالم األول‪ ،‬أو العالم المحسوس‪ ،‬ىو عالم‬
‫منبعا‬
‫عتبر ً‬
‫وي َ‬
‫التعددية‪ ،‬عالم الصيرورة والفساد‪ .‬ويقع ىذا العالم بين الوجود والالوجود‪ُ ،‬‬
‫لألوىام (معنى استعارة الكيف) ألن حقيقتو مستفادة من غيره‪ ،‬من حيث كونو ال يجد مبدأ‬
‫وجوده إال في العالم الحقيقي لم ُـمثُل المعقولة‪ ،‬التي ىي نماذج مثالية تتمثل فييا األشياء‬
‫مشوىة‪ .‬ذلك ألن األشياء ال توجد إالَّ عبر المحاكاة والمشاركة‪ ،‬وألن‬‫المحسوسة بصورة َّ‬
‫كينونتيا ىي نتيجة ومحصمِّة لعممية يؤدييا الفيض‪ ،‬كـصانع إليي‪ ،‬أعطى شكالً لممادة التي‬
‫‪4‬‬
‫ىي‪ ،‬في ِّ‬
‫حد ذاتيا‪ ،‬أزلية وغير مخموقة (تيميوس)‪.‬‬

‫ىذا ويتألف عالم المحسوسات من أفكار ميتافيزيائية (كالدائرة‪ ،‬والمثمث) ومن أفكار "غير‬
‫متناغما‪ ،‬ألنو‬ ‫نظاما‬ ‫ِّ‬
‫ً‬ ‫افتراضية" (كالحذر‪ ،‬والعدالة‪ ،‬والجمال‪ ،‬إلخ)‪ ،‬تمك التي تشكل فيما بينيا ً‬
‫َّ‬
‫الموحد الذي ىو "منبع‬ ‫معماري البنيان ومتسمسل بسبب وعن طريق مبدأ المثال السامي‬
‫المثُل األخرى"‪ ،‬أي مثال الخير‪.‬‬
‫الكائن وجوىر ُ‬

‫المثُل والتوصل إلى المعرفة؟ في كتابو فيدروس‪ ،‬يشرح‬


‫لكن كيف يمكننا االستغراق في عالم ُ‬
‫ت إلى عالم المحسوسات – بعد أن عاشت في‬‫أفالطون عممية سقوط النفس البشرية التي َى َو ْ‬
‫تممسيا لذلك‬
‫العالم العموي ‪ -‬من خالل اتحادىا مع الجسم‪ .‬لكن ىذه النفس‪ ،‬وعن طريق ُّ‬
‫المحسوس‪ ،‬تصبح قادرة عمى دخول أعماق ذاتيا لتكتشف‪ ،‬كالذاكرة المنسية‪ ،‬الماىية الجمية‬
‫تأممتيا في حياتيا الماضية‪ :‬وىذه ىي نظرية ُّ‬
‫التذكر‪ ،‬التي يعبِّر عنيا بشكل‬ ‫التي سبق أن َّ‬

‫‪ - 4‬محمد الشربينى‪ ،‬أفالطون‪ ،‬فاروس لمنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬اإلسكندرية‪ ،2016 ،‬ص‪.32‬‬
‫رئيسي في كتابو مينون‪ ،‬من خالل استجواب العبد الشاب ومالحظات سقراط الذي "توصل"‬
‫‪5‬‬
‫ىندسيا لم يتعمَّمو ىذا األخير في حياتو‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ألن يجد في نفس ذلك العبد مبدأً‬

‫فن الحوار والجدل‪ ،‬أو لنقل الديالكتيكا‪ ،‬ىو ما يسمح لمنفس بأن تترفَّع عن عالم األشياء‬
‫إن َّ‬
‫المتعددة والمتحولة إلى العالم العياني لألفكار‪ .‬ألنو عن طريق ىذه الديالكتيكا المتصاعدة‬
‫ِّ‬
‫المتشكمة‬ ‫يتعرف الفكر إلى العمم انطالقًا من الرأي الذي ىو المعرفة العامية‬
‫نحو األصول‪َّ ،‬‬
‫من الخياالت واالعتقادات وخمط الصحيح بالخطأ‪ .‬ىنا تصبح الرياضيات‪ ،‬ذلك العمم‬
‫الفيثاغوري المتعمق باألعداد واألشكال‪ ،‬مجرد دراسة تمييدية‪ .‬ألنو عندما نتعمَّم ىذه‬
‫الرياضيات "من أجل المعرفة‪ ،‬وليس من أجل العمميات التجارية" يصبح بوسعنا عن طريقيا‬
‫"تفتيح النفس [‪ ]...‬لمتأمل ولمحقيقة"‪ .‬ألن الدرجة العميا من المعرفة‪ ،‬التي تأتي نتيجة‬
‫نتعرف عن طريقيا إلى األشياء الجمية‪.‬‬
‫التصعيد الديالكتيكي‪ ،‬ىي تمك المعرفة الكشفية التي َّ‬

‫لذلك فإنو يجب عمى اإلنسان ‪ -‬الذي ينتمي إلى عالمين – أن يتحرر من الجسم (المادة)‬
‫ليعيش وفق متطمبات الروح ذات الطبيعة الخالدة‪ ،‬كما توحي بذلك نظرية ُّ‬
‫التذكر وتحاول‬
‫البرىنة عميو حجج فيدون‪ .‬من أجل ىذا يجب عمى اإلنسان أن يعيش عمى أفضل وجو‬
‫ير بإرادتو" فإن‬
‫ممكن‪ .‬فمعرفة الخير ىي التي تمنعو من ارتكاب الشر‪ .‬وألنو "ليس أحد شر ًا‬
‫الفضيمة‪ ،‬التي تقود إلى السعادة الحقيقية‪ ،‬تتحقق‪ ،‬بشكل أساسي‪ ،‬عن طريق العدالة‪ ،‬التي‬
‫ىي التناغم النفسي الناجم عن خضوع الحساسية لمقمب الخاضع لحكمة العقل‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن‬
‫ىدف الدولة يصبح‪ ،‬عمى الصعيد العام‪ ،‬حكم المدينة المبنية بحيث يتَّجو جميع مواطنييا‬
‫‪6‬‬
‫نحو الفضيمة‪.‬‬

‫‪ - 5‬أحمد فؤاد األىواني‪ ،‬أفالطون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.36‬‬


‫‪ ،1‬مصر‪،1980 ،‬‬ ‫‪ - 6‬غاستون مير‪ ،‬أفالطون‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات والنشر السمسمة‪ :‬أعالم الفكر العالمي‪ ،‬ط‬
‫ص‪.65‬‬
‫بدءا من‬
‫ىذا وقد أليمت مشاعية أفالطون العديد من النظريات االجتماعية والفمسفية‪ً ،‬‬
‫يوطوبيات توماس مور وكامبانيال‪ ،‬وصوالً إلى تمك النظريات االشتراكية الحديثة الخاضعة‬
‫الحد أو ذاك‪ .‬وبشكل عام فإن فكر أفالطون قد أثَّر في العمق عمى مجمل‬
‫لتأثيره‪ ،‬إلى ىذا ِّ‬
‫الفكر الغربي‪ ،‬سواء في مجال عمم الالىوت (الييودي والمسمم والمسيحي) أو في مجال‬
‫الفمسفة العممانية التي ِّ‬
‫يشكل ىذا الفكر نموذجيا األول‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أبرز نظريات أفالطون‪.‬‬

‫المثُل‪ :‬نظرية أتى بيا الفيمسوف أفالطون‪ ،‬ويعني بيا عالم ما قبل العالم الحسي‬
‫أوال‪ :‬نظرية ُ‬
‫أو المادي‪ ،‬يكون فيو اإلنسان عمى عمم بجميع العموم والخفايا‪ ،‬وعند ذىابو إلى العالم الحسي‬
‫(أي حينما يولد) يكون قد نسي كل ىذه العموم‪ ،‬وما عميو إال أن يتذكرىا في العالم الحسي‪.‬‬

‫"ويعود أصل (فكرة المثل) أو نظرية المثل عند أفالطون إلى عممية التمييز بين الحقيقة‬
‫والمظاىر أو الشيء الظاىر‪ ،‬وقد بدأ الجدال في ىذا الموضوع في البداية عمى يد بارمنيدس‬
‫ثم فيثاغورس‪ .‬ويعتقد أفالطون ان العالم الذي نممسو‪ ،‬ونختبره من خالل الحواس ىو عالم‬
‫‪7‬‬
‫غير حقيقي‪ ،‬بل ىو عالم مشابو أو مستنسخ من العالم الحقيقي بصورة غير كاممة‪.‬‬

‫وحسب رأيو ففي ىذا العالم تتغير األشياء‪ ،‬تأتي وتذىب‪ ،‬تبرد وتسخن‪ ،‬لذلك ىو عالم‬
‫االخطاء الكثيرة‪ .‬لكنو يرى أن ىناك عالم حقيقي توجد فيو كل االشياء الحقيقية التي تتصف‬
‫بالكمال وليا مثيالتيا المشابية ليا أو المستنسخة منيا في عالمنا المحسوس‪ .‬ودعى‬
‫افالطون ىذا العالم عالم الحقيقية أو الصحيح‪ .‬ىذا العالم مستقل من كل شيء وغير مـتأثر‬
‫بالتغيرات التي تحصل لمعالم الذي نختبره عن طريق الحواس‪.‬‬

‫‪- 7‬غاستون مير‪ ،‬أفالطون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.67‬‬


‫وتجعل الفمسفة األفالطونية عالمنا التجريبي والمحسوس تابعا لعالم األفكار أو المثل‪ ،‬وبالفعل‬
‫ففيما وراء العالم المحسوس والمتغير والخاضع لمصيرورة والفساد ىنالك وجود لحقائق ثابتة‪،‬‬
‫وىي موضوعات الفكر الخالص‪ ،‬بل ىي نماذج األشياء ذاتيا‪ ،‬إنيا األفكار أو المثل‪ .‬وتتميز‬
‫ىذه المثل (الماىيات) بكونيا غير مدركة رغم كونيا أكثر واقعية من الموضوعات الحسية‪،‬‬
‫وىي التي تؤسس معقوليتيا وتعطييا مشروعية‪.‬وىو ما يشير إلى وجود ثنائية جوىرية في‬
‫الفمسفة األفالطونية‪ ،‬وىي ثنائية الدال والمدلول‪ ،‬والمقصود بالدال ىنا ىو ىذا العالم المادي‬
‫المحسوس‪ ،‬والمدلول ىو العالم المثالي المتعالي المحتجب عن الرؤية وبسبب ىذا الحجب‬
‫فإن الفمسفة األفالطونية "تحتقر الحواس لحد كبير" كوسيمة لممعرفة‪ ،‬وتقول إن اإلنسان يمكن‬
‫أن يصل إلى المعرفة من خالل تجاوز الحواس والمادة‪ ،‬بالرجوع لمعقل والتأمل باإلضافة‬
‫لمحواس‪ ،‬وأنو إذا تم الوصول لممعرفة فإنو يمكن أن تكون متداولة بين البشر من خالل‬
‫المغة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العالم المادي‪ :‬يقول افالطون ان عالم المادة يحكمو قانون اخر في الكون‪ ،‬ىذا العالم‬
‫الذي ليس فيو اي شيء من عالم الكمال أو المثل الذي تكممنا عنو اآلن‪.‬اي انو عالم المادة‬
‫‪8‬‬
‫األولية الذي صورت فيو أو بصمت عميو افكار عالم المثل‪.‬‬

‫يقول لنفكر في عمل النحات‪ ،‬لنفرض انو لديو فكرة في صنع تمثال معين من مادة الرخام‪،‬‬
‫لنقل اآلن ان الفكرة ىي (صورة التمثال) وىي مستقمة عن كل أنواع الرخام أو المادة األولية‬
‫الموجود في الكون‪ ،‬لكن بالنسبة لمرخام (اي المادة األولية) ىناك حالة ضرورية (قانون‬
‫طبيعي حسب رأي افالطون) تتطمب أو تتصارع في وجدىا من اجل ان تكون مدركة أو‬
‫معروفة لالخرين عن طريق الحواس‪ .‬لذلك النحات اخذ قطعة من الرخام ونحت عمييا صورة‬
‫التمثال الذي يرغبيا‪.‬‬

‫‪ - 8‬أحمد فؤاد األىواني‪ ،‬أفالطون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.36‬‬


‫اذن الرخام كمادة اولية انطبعت عمييا فكرة التمثال‪ ،‬بدون فكرة النحات لم يكن ىناك اي‬
‫احتمال ان ُيكون الرخام ىذا التمثال بذاتو‪ ،‬لكن النحات يستطيع عمل عدة أنواع من التماثيل‬
‫من نفس الفكرة دون أن تتأثر بيا الفكرة االصمية‪.‬‬

‫اذن عالمنا ليس عالم حقيقي لكنو عالم مبصومة أو مطبوعة عمييا فكرة الحقيقة‪ .‬لذلك يقول‬
‫افالطون ان معرفتنا عن الحقيقة ىي كمعرفة الجالسين في الكيف امام النار ويرون ظالل‬
‫اشخاص يمرون من خمفيم عمى جدار الكيف‪ ،‬لذلك العالم المادي ىو غير كامل‪ ،‬بل ىو‬
‫‪9‬‬
‫عالم االخطاء‪ ،‬عالم النقص‪.‬وال يعود نقصو إلى عالم المثل أو الحقيقي‪.‬‬

‫‪ - 9‬أحمد فؤاد األىواني‪ ،‬أفالطون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.66‬‬


‫خاتمة‪.‬‬

‫وفي الختام نرى أنو يبقى أفالطون من عمالقة الفمسفة العالمية وىذا طبقا لنظرياتو‬
‫وتصوراتو التي تمت دراستيا في بحثنا ىذا وبالرغم من أنو تم التطرق إلى ىذه النظريات منذ‬
‫عدة قرون إال أنو الزالت تطبق وتدرس إلى يومنا ىذا ألىميتيا ونجاعتيا‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫‪ .1‬خديجة زتيمي‪ ،‬أفالطون ‪ :‬المعرفة‪ ،‬السياسة‪ ،‬المرأة أفالطون ‪ :‬المعرفة‪ ،‬السياسة‪ ،‬المرأة‪ ،‬فضاءات‬

‫لمنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬األردن‪.2019 ،‬‬

‫‪ ،‬أفريقيا الشرق لمنشر‬ ‫‪ .2‬محمد ىشام ‪ ،‬في النظرية الفمسفية لممعرفة (أفالطون ديكارت كانط)‬

‫والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬مصر‪.2001 ،‬‬

‫‪ .3‬أحمد فؤاد األىواني ‪ ،‬أفالطون‪ ،‬دار المعارف السمسمة‪ :‬نوابغ الفكر الغربى ‪ ،‬ط‪ ،1‬مصر‪،1991 ،‬‬

‫ص‪.56‬‬

‫‪ .4‬محمد الشربينى‪ ،‬أفالطون‪ ،‬فاروس لمنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬اإلسكندرية‪.2016 ،‬‬

‫‪ .5‬غاستون مير ‪ ،‬أفالطون‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات والنشر السمسمة‪ :‬أعالم الفكر العالمي ‪ ،‬ط ‪،1‬‬

‫مصر‪.1980 ،‬‬

You might also like