You are on page 1of 16

‫خطة البحث‬

‫مظاهر الحضارة المصرية نظام الحكم والجيش‬

‫مقدمة‬

‫المبحث األول‪ :‬أصل التسمية والموقع الجغرافي لمصر القديمة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أصل التسمية لمصر‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلطار الجغرافي لمصر القديمة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نظام الحكم والجيش في مصر القديمة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نظام الحكم في مصر القديمة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الجيش في مصر القديمة‪'.‬‬

‫خاتمة‪.‬‬

‫قائمة المراجع‪.‬‬
‫مقدمة‬

‫مصر القديمة هي حضارة قديمة في الشمال الشرقي ألفريقيا‪ .‬فقد تركزت حضارة القدماء‬
‫المص ريين على ض فاف نه ر الني ل في م ا يع رف اآلن بجمهوري ة مص ر العربي ة‪ .‬ب دأت‬
‫الحض ارة المص رية في ح والي الع ام ‪ 3150‬ق‪.‬م‪ ،‬عن دما وح د المل ك مين ا مص ر العلي ا‬
‫والسفلى‪ ،‬وتطورت بعد ذلك على مدى الثالث ألفيات الالحقة‪ .‬ضمت تاريخي اً سلسلة من‬
‫الممال ك المس تقرة سياس ياً‪ ،‬يتخلله ا ف ترات ع دم اس تقرار نس بي تس مى الف ترات المتوس طة‪.‬‬
‫بلغت مصر القديمة ذروة حضارتها في عصر الدولة الحديثة‪ ،‬وبعد ذلك دخلت البالد في‬
‫ف ترة انح دار بطئ‪ .‬ه وجمت مص ر في تل ك الف ترة من قب ل العدي د من الق وى األجنبي ة‪،‬‬
‫وانتهى حكم الفراعن ة رس مياً حين غ زت اإلمبراطوري ة الروماني ة مص ر وجعلته ا إح دى‬
‫مقاطعاتها‪ ،‬ومن هنا يمكننا طرح التساؤل التالي‪ :‬فيما يتمثل نظام الحكم في مصر القديمة‬
‫وكيف ينظم جيشهم؟‬
‫المبحث األول‪ :‬أصل التسمية والموقع الجغرافي لمصر القديمة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أصل التسمية لمصر‪.‬‬

‫أطل ق المص ريون الق دماء العدي د من المس ميات على بالدهم‪ ،‬ومن بين ه ذه المس ميات على‬
‫سبيل المثال‪: » ‬كمت‪  « ‬التي تعني باللغة الهيروغليفية األسود أو األسمر‪ ،‬في إشارة إلى‬
‫األرض الغنية بطمي نهر النيل‪.‬‬

‫أم ا اإلغري ق فق د أطلق وا على مصـر اسـم إيجـوبتس "‪" Aigyptes‬و اشـتق منهـا فيمـا بعـد‬
‫اسـم مصـر في اللغـات األوروبية الحديثة‪.‬‬

‫واشـتق اسـم مصـر الحـالي مـن الكلمـة المصـرية مجـر‪ ،‬أو مشـر الـتي تعـني المحـض أو‬
‫الكنـون‪ ،‬في إشـارة إلى حـدود مصـر الطبيعيـة الـتي حمتهـا وحضـنتها إلى حـد كبـير مـن‬
‫هجمـات المعتـدين‪ ،‬وعليـه فـإن مصـر الحميـة أو المكنونـة‪ ،‬فهي كنانة اهلل في أرضه‪.1‬‬

‫ومصـر هـي المدينـة المعروفـة سميـت لتمصـرها‪ ،‬أو ألنـه بمعناهـا المصـر ابـن نـوح وقـد‬
‫تصـرف وذكـر هـذا مـن ناحيـة اللغة‪.2‬‬

‫كما نجد أن سكان آسيا قد أطلـق علـى مصـر االسـم سـامي "مصـر" الـذي ال يـزال مسـتعمال‬
‫في اللغـة العربي وأهـم وصـف لمصـر يوجـد في لغـة قـدماء المصـريين أنفسـهم فقـد أطلقـوا‬
‫علـى بلـدهم اسـم "األحمـر واألسـود" عـبروا باللون األحمــر عــن المســاحات الصــحراوية ذات‬
‫المنــاخ‪ ،‬الشـبيه بمنـاخ الصــحراء الكــبرى‪،3‬ونجــد أنــه قــد عــبرت النصــوص المصــرية عــن‬

‫‪ - 1‬محمد سهيل طقوس‪ ،‬موسوعة الحضارات القديمة "الميسرة" دار النفائس للنشر‪ ،‬بيروت ‪2011‬م‪ ،‬ص ‪38‬‬
‫‪-‬محمد الدين‪ ،‬محمد بن يعقوب الفيروز أبادي‪،‬القاموس المحيط‪ ،‬ط ‪ ،8‬مؤسسة الرسالة ناشرون‪ ،‬لبنان‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪447‬‬
‫‪ -3‬سمير أديب‪ ،‬موسوعة الحضارة‪ ،‬المصرية القديمة‪ ،‬ط‪ ،1‬العربي لنشر‪ ،‬القاهرة‪2000 ،‬م‪ ،‬ص ‪746‬‬
‫وطنهــا بأسمـاء أخــرى كــان أكثرهـا اســتخدام اســم "تــاوى" وإ ســم "حيــة" كالهمـا أسمـاء‬
‫وصفية‪.4‬‬

‫واسـم بـالد مصـر يرجـع إلى أحـد أسمـاء مدينـة "منفـيس" واالسم الشـائع لمصـر عنـد القـدماء‬
‫هـو "قـيم" واألرض‪ 5‬السوداء‪ ،‬وهناك اسم شائع هو "توميري" ومعناه أرض الفيضان‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلطار الجغرافي لمصر القديمة‪.‬‬

‫لقـد وهـب اهلل مصـر مقومـات سـواء الجغرافيـة أو الطبيعيـة‪ ،‬والـتي أهلتهـا بـأن تقـوم فيهـا‬
‫حضـارة مـن أعـرق وتعـبر الحضـارة‪ 6‬حضـارات العـالم القـديم‪ ،‬فالعامـل الجغـرافي كـان أول‬
‫العوامـل الـتي قامـت عليهـا الحضـارة في مصـر‪ ،‬الـتي قامـت في وادي النيـل مـن‬
‫الحضـارات ذات أهميـة كبـيرة في تـاريخ اإلنسـان القـديم‪ ،‬حيـث ذكـرت أكثـر مـرة في القرآن‬
‫الكريم "أدخلوا مصر إن شاء اهلل آمنين"‪.‬‬

‫ويقـع جـزء منهـا وهـو سـبه جزيـرة سـيناء في الطـرف الغـربي مـن آسـيا‪ ،‬وهـي بـذلك تعتـبر‬
‫الدولـة الوحيـدة في العــالم الــتي تشــغل مسـاحتها جــزأ أســيوي و جــزء إفريقــي‪ ،‬وتطــل‬
‫مصــر علــى أعظـم بحــرين في العــالم‪ ،‬همــا البحـر األبيض المتوس ط و البح ر األحم ر‪،‬‬
‫وبمساحات طويلة و متوسط ر النيـل أحـد أطـول ـرين في العـالم الـذي كـان ذا أهمية كبيرة‬
‫في قيام الحضـارة المصـرية القديمـة‪ ،‬حيـث أطلـق المـؤرخ اليونـاني هـيرودت علـى مصـر‬
‫بأنه ا هبـة النيـل فالحي اة في مصـر القديمـة تـرتبط في جميـع مظاهرهـا ونواحيهـا البشـرية‬

‫‪-‬عبـد العزيـز صـالح و آخـرون‪ ،‬موسـوعة تـاريخ مصـر عـبر العصـور تـاريخ مصـر القديمـة‪ ،‬تـح ‪ :‬عبـد العظـيم‬ ‫‪4‬‬

‫رمضـان‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬الهيئـة المصـرية العامـة‪ ،‬فـرع الصحافة‪1998 ،‬م‪ ،‬ص‪09‬‬


‫‪ -‬دعـاء محـس علـى الصـكر‪ ،‬العالقـات بـين النهـرين ومصـر القديمـة خـالل مـدة العصـر اآلشـوري الحـديث‪ ،‬مجلـة‬ ‫‪5‬‬

‫مبيسـان للـدار شـام األكاديميـة (‪ 612 3 – 911‬ق‪.‬م)‪ ،‬جامعة ميسان‪2014، 24 ،‬م‪ ،‬ص ‪.120‬‬
‫‪ - 6‬إبراهيم زرقانة أحمد‪ ،‬الحضارات المصرية في فجر التاريخ‪ ،‬المطبعة النموذجية‪ ،‬القاهرة ‪ ،1948‬ص‪12‬‬
‫والحيوانيـة والنباتيـة بالنيـل‪ ،‬إذ يقـدر طولـه بأربعـة آالف ميل تقريبا فهو بذلك أطول األنهار‬
‫وأضخمها‪.7‬‬

‫إذن تحت ل مص ر موقع ا اسـتراتيجيا هامـا عنـد ملتـق ثـالث قـارات مـن الـدنيا القديمـة آسـيا‬
‫وإ فريقيـا وأوروبـا‪ ،8‬وعن د مف ترق بح رين داخل يين يمت د أحـدهما إلى المحـيط الهنـدي‬
‫والمنطقـة الحـارة ويمتـد اآلخـر إلى المحـيط األطلسـي والمنطق ة الب اردة ل ذلك ك انت مص ر‬
‫‪9‬‬
‫وال تزال أرض الزاوية التي تجتمع عندها مسالك الشرق والغرب‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نظام الحكم والجيش في مصر القديمة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نظام الحكم في مصر القديمة‪.‬‬

‫ك ان نظ ام الملكي ة المطلق ة ه و الص يغة ال تي اتخ ذها نظ ام الحكم في مص ر خالل العص ر‬


‫الفرعوني منذ بدايته وحتى النهاية ‪ ،‬ويقوم هذا النظام على أساس تركيز كل السلطات في‬
‫يد الملك‪ ،‬غير أنه لما كان من المستحيل على الملك أن يباشر السلطات جميعها بنفسه كان‬
‫طبيعي اً أن يفوض غيره في مباشرتها‪ ،‬وأن يتسعين ‪ ،‬من ثم ‪ ،‬في إدارة شئون البالد بعدد‬
‫من الموظفين الذين كانوا يعدون خداماً وتابعين له ‪ ،‬وقد أدت ضرورة االستعانة بموظفين‬
‫إلى وجود أجهزة إدارية مركزية وأقليمية ونستعرض فيما يلى األسس التي قام عليها نظام‬
‫الحكم واإلدارة فنتكلم عن المل ك ثم عن ال وزير والم وظفين واإلدارات المتخصص ة والحكم‬
‫المحلي‪.‬‬

‫‪-7‬عبد النعيم ضيفي عثمان‪ ،‬تاريخ مصر‪ ،‬من العصر الفرعوني حتى العصر الحديث‪ ،‬دار الرشاد‪ ،‬القاهرة‪2008 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.14‬‬
‫‪- 8‬إبراهيم تميز سيف الدين وزكي علي وآخرون‪ ،‬مصر في العصور الفرعونية‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪1998 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.6‬‬
‫‪-9‬محمد فريد فتحي‪ ،‬في جغرافية مصر‪ ،‬ط‪ ،2‬درا المعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪2000 ،‬م‪ ،‬ص ‪.01‬‬
‫أوال‪ :‬الملك‬

‫إن نظام الحكم اتخذ ‪ ،‬في مصر الفرعونية على الدوام ‪ ،‬صورة الملكية المطلقة ‪ ،‬فقد ساد‬
‫االعتقاد في الوهية الملك شطراً عظيما من التاريخ المصري القديم ‪ ،‬واستقرت بين بدية‬
‫مختلف السلطات وفيما يلى تتحدث أوالً عن الطابع األلهي للملك‪ ،‬ثم عن سلطته المطلقة‪،‬‬
‫‪10‬‬
‫وأخيراً عن القيود التي تحد من أطالق هذه السلطة ‪.‬‬

‫أ‪ -‬الوهية الملك‬

‫لم يكن يع د‪ ،‬خالل الش طر األك بر من العص ر الفرع وني ‪ ،‬اس ناناً كس ائر البش ر وإ نم ا ك ان‬
‫يعد ابنا لألله ومن ثم الها بنفسه ‪ ،‬وكان الناس يتحاشون ما استطاعوا ذكر االسم المقدس‬
‫للمل ك ‪ ،‬وب دالً عن ه ك انوا يقول ون مثالً اآلل ه أو الح اكم أو على األخص جاللت ه ك ذلك ك ان‬
‫الملك يلقب باألله الطيب ‪ ،‬وبعد موته كان يشار اليه بأنه األله العظيم ‪.‬‬

‫وقد برزت عقيدة تاليه الفراعنة منذ العصر القديم‪ ،‬ويرى بعض الباحثين أن هذه العقيدة‬
‫هرت بهدف ترسيخ دعائم الوحدة بين القطرين‪ ،‬فقد القي ملوك األسرتين األولي والثانية‬
‫الكثير من الصعاب في سبيل اقرار هذه الوحدة والمحافظة عليها‪ ،‬وكان مرد هذه الصعاب‬
‫إلى انتم اء ه ؤالء المل وك إلى الص عيد ونظ ر أق اليم الوج ه البح ري إليهم بوص فهم غ زاة‪،‬‬
‫فادعي الملك أنه االبن الشرعي الله الشمس "رع"‪ .‬وتمكن بذلك من ان يتباعد بنفسه عن‬
‫أن يك ون من البش ر وأن يك ون منتس با ألي ج زء من أج زاء مص ر‪ ،‬وب ذلك اتنفت حج ة‬
‫الوجه البحري في معارضة أن يحكمه رجل نشأ واتنسب إلى الوجه القبلي‪.‬‬

‫ولتأكيد اتنساب الفراعنة إلى اآللهة لجأ الكهنة‪ ،‬في بعض العصور‪ ،‬إلى تجسيم هذه البنوة‬
‫وتصويرها في صرة بنوة مادية حقيقية‪ ،‬وطبقا لهذه العقيدة كان اله الشمس يتقمص جسد‬

‫‪ -‬د‪ .‬سمير أديب‪ ،‬موسوعة الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬العربي للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،2000 ،‬ص‪.65‬‬ ‫‪10‬‬
‫المل ك الح اكم‪ ،‬وي دخل من ثم ليض طجع م ع الزوج ة األولي العظيم ة فينجب الب ذرة االلهي ة‬
‫التي تصبح فيما بعد الفرعون المقبل‪.‬‬

‫وطبيع ة المل ك االلهي ة هي أس اس س لطته المطلق ة‪ ،‬ف إذا ك ان المل ك اله ا وجب أال تك ون‬
‫لسلطته حدود‪ ،‬فهو يلك كل شيء وهو قادر على كل شيء‪ ،‬لكن هذه الطبيعة االلهية‪ ،‬وأن‬
‫منحت المل ك س لطة مطلق ة‪ ،‬تحم ل بين طياته ا تقيي دا من ن وع خ اص له ذه الس لطة‪ ،‬فالع دل‬
‫من صفات اآللهة وإ ذا كان الملك الها وجب أن يكون عادال‪.‬‬

‫ب‪ -‬سلطات الملك‪:‬‬

‫قلنا من قبل أن فرعون كان مستقر السلطات جميعها‪ ،‬ففي يديه تتركز السلطات التنفيذية‬
‫والتشريعية والقضائية باإلض افة إلى السلطة الدينية‪ ،‬فالفرعون هو الرئيس األعلى للدولة‬
‫وهو مشرعها وهو القاضي األعلى فيها وهو كاهنها األكبر‪.‬‬

‫وهو بوصفه الرئيس األعلى الدولة يعلن الحرب ويعقد المعاهدات مع الدولة األجنبية‪ ،‬وهو‬
‫ال ذي يرس ل إيه ا الرس ل ويس تقبل منه ا الوف ود‪ ،‬وه و القائ د األعلى للجيش‪ ،‬وفي كث ير من‬
‫األحي ان لم تكن قي ادة فرع ون للجيش مج رد قي ادة رمزي ة أو نظري ة ب ل ك انت قي ادة فعلي ة‬
‫حقيقي ة‪ ،‬فكث يرون هم الفراعن ة ال ذين س اروا على رءوس جيوش هم وخاض وا بهم المع ارك‪،‬‬
‫والملك هو الذي يعين الموظفين ويرقيهم والموظفون مجرد تابعين له يسألون أمامه عن‬
‫‪11‬‬
‫أعمالهم وله الحق في تأديبهم‪.‬‬

‫والمل ك ه و كم ا رأين ا مس تقر الس لطة التش ريعية‪ ،‬فه و وح دة ص احب الح ق في اص دار‬
‫المراسيم والقوانين‪ ،‬قد يفوض الملك في بعض األحيان‪ ،‬وزيره في ممارسة هذه السلطة‪،‬‬
‫لكن ال وزير يمارس ها باالس مه وتحت إش رافه‪ ،‬ومم ا ي دل على أن المل ك ك ان يباش ر بنفس ه‬
‫أحيانا سلطته التشريعية ما جاء في مقدمة القانون الذي أصدره الملك حور محب‪ ،‬والذي‬

‫‪ -‬أحمد فخري‪ ،‬مصر الفرعونية‪ ،‬الهبئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬ط‪ ،1‬مصر‪ ،2012 ،‬ص‪.42‬‬ ‫‪11‬‬
‫سبقت اإلشارة إليه‪ ،‬من أنه قد سن هذا القانون "بعد أن سهر الليالي واأليام يبحث جميع‬
‫حاالت الظلم في البلد"‪ ،‬وأنه جمع كتابة "فأخذ هؤالء الكتاب الملفات وكتبوا ما قال صاحب‬
‫الجاللة بالحرف الواحد"‪ ،‬وكان يفرق فيما يصدر عن الملك من قرارات بين ما يعد قانونا‬
‫وما ال يعد كذلك‪ ،‬ولم يكن من الجائز أن يصدر عن الملك قرار يخالف قانونا قائما ولو‬
‫كان هو الذي أصدره‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الوزير‬

‫يطالعنا منذ عصر الدولة القديمة منصب لعب شاغله‪ ،‬طيلة العصر الفرعوني‪ ،‬دورا بالغ‬
‫األهمي ة أال وه و منص ب ال وزير‪ ،‬ف الوزير ك ان على ال دوام الي د اليم ني للمل ك في إدارة‬
‫شئون البالد‪ ،‬وفي البداية كان هذا المنصب محصوراً‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬في أفراد أسرة الملك‬
‫الح اكم‪ ،‬وفيم ا بع د أص بح من يش غلونه أشخاص ا ال ت ربطهم باألس رة المالك ة رابط ة قراب ة‬
‫وفي عصر الدولة القديمة والدولة الوسطي لم يكن الملك يستعين اال بوزير واحد‪ ،‬أما في‬
‫عصر الدولة الحديثة فقد جرت الع ادة باالستعانة بوزيرين‪ ،‬تتوزع االختصاصات بينهما‬
‫على أساس أقليمي‪ ،‬فأحدهما‪ ،‬وهو المقيم في طيبة‪ ،‬يشرف على المنطقة الممتدة من أقصي‬
‫الجنوب إلى آخر حدود أسيوط شماال‪ ،‬أما الثاني‪ ،‬وكان يقيم في هليوبوليس‪ ،‬فيشرف على‬
‫‪12‬‬
‫الوجه البحري ومصر الوسطي حتي أسيوط‪.‬‬

‫وقد كان منصب الوزير منصبا له وزنه وخطره‪ ،‬يتضح ذالك من ألقا الوزير ونعوته‪ ،‬ففي‬
‫الدول ة القديم ة ج رت ع ادة الن اس ب أن يض يفوا إلى اس مه عب ارة "ل ه الحي اة والص حة‬
‫والس عادة"‪ ،‬وهي عب ارة لم تكن تض اف اال ألس ماء المل وك واألم راء‪ ،‬ك ذلك ك انت تس تعمل‬
‫في مخاطبت ه نفس العب ارات الرس مية ال تي ك انت تس تعمل م ع المل وك خاص ة‪ ،‬فالن اس ال‬
‫يتكلم ون إلى ال وزير وإ نم ا يتكلم ون أمام ه‪ ،‬وهم ال يكتب ون إلى ال وزير وإ نم ا "يرفع ون‬
‫كتابهم إليه"‪.‬‬

‫‪ -‬عبد النعيم ضيفي عثمان‪ ،‬تاريخ مصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19‬‬ ‫‪12‬‬
‫وق د انتقلت الين ا كتاب ات دونه ا وزراء على ج دران مق ابرهم ض منوها وص فا لمك اتنهم‬
‫السامية وبيان ا لم ا كانون يقومون ب ه من أعم ال‪ ،‬وإ ذا نحن طالعنا هذه الكتاب ات أمكننا أن‬
‫تتصور مدى أهمية هذا المنصب ومدى خطر من كان يشغله‪.‬‬

‫فاختصاص ات ال وزير ك انت‪ ،‬كم ا ه و واض ح من المث الين الس ابقين‪ ،‬اختصاص ات عدي دة‬
‫متنوعة‪ ،‬ورغم تعدد هذه االختصاصات وتنوعها فإن من الممكن حصرها في بنود ثالثة‪:‬‬
‫اختصاص ات إداري ة‪ ،‬اختصاص ات قض ائية‪ ،‬وأخ يرا اختصاص ات تش ريعية‪ ،‬ف الوزير ه و‪،‬‬
‫من ناحي ة أولي‪ ،‬رئيس الجه از اإلداري بأجمع ه‪ ،‬وق د ع رفت مص ر من ذ عص ر الدول ة‬
‫القديمة نظاما بيروقراطيا تعددت فيه الوظائف وتنوعت وتفاوتت فيه درجات الموظفين‪،‬‬
‫وق د أزداد النظ ام اإلداري تش عبا وتعقي دا في عص ر الدول ة الوس طي وبخاص ة في عص ر‬
‫الدولة الحديثة‪ ،‬وكانت الوظائف في تدرجها أشبه شئ بالهرم وكان مكان الوزير في القمة‬
‫من ه‪ ،‬فك ان ال وزير بص در أوام ره إلى الم وظفين ويتلقي منهم التق ارير في ك ل ش أن من‬
‫ش ئون البالد ال وزير بوص فه رئيس الجه از اإلداري ك ان ل ه الح ق في تع يين الم وظفين‬
‫وترقيتهم وتأديبهم عند االقتضاء‪.‬‬

‫كذلك كان الوزير يعد كبير القضاة وهو بصفته هذه يرأس محكمة عليا تختص بالفصل في‬
‫القض ايا الهام ة‪ ،‬وفي تل ك القض ايا ال تي س بق الفص ل فيها بواس طة محكم ة أخ ري ولم يل ق‬
‫الحكم الصادر فيها قبوال من المحكوم ضده‪ ،‬ويفخر الوزراء في نقوش مقابرهم بأنهم كانوا‬
‫‪13‬‬
‫يحكمون بين الناس بالعدل‪.‬‬

‫وفي الخط اب ال ذي وجه ه تح و تمس الث الث إلى رخم ارع عن د تعيين ه‪ ،‬أي اه وزي را يتك رر‬
‫نص ح المل ك ل وزيره ب التزام ج انب الع دل عن د مباش رة القض اء‪ ،‬وفي بعض العص ور ك ان‬
‫يتدلي على صدر الوزير تمثال لمعت رمزا لوظيفته القضائية‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سمير أديب‪ ،‬موسوعة الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32‬‬ ‫‪13‬‬
‫كذلك كان الوزير يتمتع ببعض السلطة التشريعية‪ ،‬يدلنا على ذلك ما جاء في نقوش مقبرة‬
‫منتوح وتب من أن ه ك ان يس ن الق وانين غ ير أن ص احب الس لطة التش ريعية األص يل ه و‬
‫الملك‪ ،‬والوزير ال يملكها إال على سبيل التفويض منه‪ ،‬كذلك ال شك أن الوزير كان يتمتع‬
‫ببعض االختصاص التشريعي من حيث لزوم توقيعه على القانون الصادر من الملك ومن‬
‫حيث ضرورة تسجيل هذا القانون في ديوان الوزير‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الموظفون‬

‫تميزت مصر‪ ،‬خالل عصرها الفرعوني‪ ،‬بكثرة موظفيها‪ ،‬فمنذ عصر الدولة القديمة ونحن‬
‫نش اهدهم منب ثين في أرج اء الدول ة ي ؤدون للمل ك مختل ف األعم ال‪ ،‬ت دلنا على ذل ك ألق ابهم‬
‫ال تي تع بر عن ن وع وطبيع ة األعم ال ال تي ك انوا يقوم ون به ا‪ ،‬فمنهم من ك انوا يلقب ون‬
‫"بمستش اري األوام ر م دينتهم‪ ،‬ومنهم من ك انوا يلقب ون "بالمش رفين على أش غال المل ك) أو‬
‫"المش رفين على المه ام الملكي ة" وه ؤالء ك انت وظيفتهم إدارة األش غال العام ة‪ ،‬ومنهم من‬
‫ك انوا يحمل ون لقب "المش رف على بي وت الض حية والتم وين" وه ؤالء ك انت مهمتهم جم ع‬
‫ض رائب الغالل والماش ية ‪ ..‬وهك ذا‪ ،‬وق د تزاي د ع دد الم وظفين في عص ر الدول ة الوس طي‬
‫‪14‬‬
‫والدولة الحديثة بسبب اتساع نشاط الدولة وازدياد أعبائها‪.‬‬

‫وقد كان الموظف ون يتفاوتون في أهميتهم ومرك زهم تبع ا لتفاوت أهمي ة األعمال الموكول ة‬
‫إليهم‪ ،‬وله ذا ك انوا يخض عون لنظ ام رئاسي مت درج‪ ،‬وك ان الجه از ال وظيفي‪ ،‬كم ا س بق أن‬
‫قلن ا‪ ،‬أش به م ا يك ون ب الهرم‪ ،‬ففي القاع دة ص غار الم وظفين أو الكتب ة وفي القم ة ال وزير‪،‬‬
‫وبين الكتب ة وال وزير العدي د من الرؤس اء‪ .‬ففي الدول ة القديم ة مثال ك ان يق وم على رأس‬
‫الكتبة و"المشرف" على الكتبة "رئيس كتبة"‪ ،‬كما كان يتوسط بين الكهنة ومشرفيهم "وكالء‬
‫مشرفين" و "مساعدو مشرفين" وإ لى هؤالء يضاف "الرجال األول" و" الرؤساء" و"العظماء"‬
‫و "الرفقاء" وغير ذلك من الرتب‪ ،‬وباإلضافة إلى كل هذا كان هناك لقب "رئيس األسرار"‬

‫‪ -‬د‪ .‬سمير أديب‪ ،‬موسوعة الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.36‬‬ ‫‪14‬‬
‫وه و يقاب ل م ا يس مي اآلن بالمستش ار ك ان المستش ارون منب ثين في ك ل ف رع من ف روع‬
‫اإلدارة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الجيش في مصر القديمة‪'.‬‬

‫من ذ تأس يس الدول ة الفرعونية ومصر له ا منظوم ة حربية دقيق ة التنظيم‪ ،‬وفي القاع دة يق وم‬
‫الكتب ة بمراقب ة التجني د وإ دارة التعيين ات وإ س ناد الوظ ائف‪ ،‬وفي ك ل عصر ك ان الملك ه و‬
‫القائ د األعلى للجيش والقائ د النظ ري للمع ارك‪ ،‬أم ا الق وات النظامي ة القليل ة الع دد فك انت‬
‫تُس تخدم ع ادة في المه ام الس لمية واألش غال العام ة والتج ارة‪ ،‬وعالوة على الفرقة المخت ارة‬
‫المخصص ة لحرس ة القصر‪ ،‬وش رطة الص حراء‪ ،‬ك ان هن اك كث ير من وح دات الجيش تقوم‬
‫بأعمال تهدف لتدعيم رهبة ملك مصر في قلوب الدول األجنبية‪ ،‬وجلب األشياء التي كانت‬
‫ت زين الملك‪ ،‬وك ان من يع رف اللغ ات اجنبية ي ذهب إلى بيبل وس وإ لى ب ونت وإ لى أبع د‬
‫جه ات النوب ة ليجم ع المنتج ات األجنبي ة‪ ،‬وأختص بعض آخ ر بنق ل المع ادن الثمين ة من‬
‫يضم قواتاً دائمة لها مهام خاصة تضاف إليها‬
‫الصحراء الشرقية وكان جيش الدولة القديمة ُ‬
‫ق وات أخ رى بالتجنيد عن د الط وارئ‪ ،‬ول ه قي ادات متدرج ة الم راتب‪ ،‬وإ ن لم يكن ت درجها‬
‫ثابت اً كم ا لم يختل ف كث يراً عن البحرية‪ ،‬وله ذا الجيش نظ ام ولكن ه جيش ق ومي يخض ع‬
‫ألوامر وقوانين دقيقة تفرضها الحكومة‪ ،‬وكانت فرق الحرس تقسم إلى صفوف كل منها‬
‫عش رة رج ال وتس ير في طواب ير منتظم ة‪ ،‬وك انوا ينقل ون كت ل الص خر بع د قطعه ا من‬
‫المحاجر‪ 15،‬وال تزال أسماء وحداتهم منقوشة على صخور األهرام إلى يومنا هذا‪ ،‬كذلك‬
‫كان النظام العسكري في الميدان صارماً فلم ُيسمح ألي جندي بأن يضرب جنديأ زميله‪،‬‬
‫وال أن يخط ف من ه رغيف ه‪ ،‬وال أن يس رق ثياب اً من أي قري ة‪ ،‬أو يس رق ع نزة من أي‬
‫شخص‪ ،‬عندما استقل رؤساء األقسام اإلدارية في عصر االضطراب األول‪ ،‬جندوا قوات‬
‫مساعدة من البرابرة الستعمالهم الشخصي‪ ،‬ودربوهم على القتال‪ ،‬وجندوا الشباب من أبناء‬
‫مقاطعاتهم‪ ،‬وهناك نماذج خشبية للجنود ُع ثر عليها في قبر أحد األمراء في أسيوط‪ ،‬تبين‬
‫هيئة الجيش في ذلك الوقت وإ ن لم تؤد الحروب اإلقطاعية إلى عسكرة المواطنين‪ ،‬وكان‬

‫‪ -‬دعـاء محـس علـى الصـكر‪ ،‬العالقـات بـين النهـرين ومصـر القديمـة خـالل مـدة العصـر اآلشـوري الحـديث‪ ،‬مرجع‬ ‫‪15‬‬

‫سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫الجيش ينقسم لقسمان هما رماحو المقاطعة والنبالون النوبييون‪ ،‬ويتألف كل قسم منهما من‬
‫‪ 40‬رجالً في أربع ة ص فوف‪ ،‬بك ل ص ف منه ا ‪ 10‬رج ال‪ ،‬يحمل ون تروس هم في أي ديهم‬
‫أذرعهم عند‬‫اليسرى مالصقة ألجسامهم‪ ،‬ويحملون في اليد اليمنى رماحهم قائمة‪ ،‬ويثنون ُ‬
‫المراف ق‪ ،‬وترتف ع نص ال رم احهم إلى إرتف اع باروك اتهم‪ ،‬وي راعي النب الون الس ود البش رة‬
‫النظ ام ال ذي ي زود الجيش ب أعظم قوت ه ويس ير ه ؤالء الجن ود في أربع ة ص فوف متوازي ة‪،‬‬
‫بخط وات منتظم ة تب دأ بالق دم اليس رى‪ ،‬وفي خض م الح رب األهلية تالش ى النظ ام الق ديم‬
‫بتقنيات ه ومركزيت ه‪ ،‬وت ألفت جي وش أمنمح ات وسنوس رت من المليش يات المحلي ة وجن ود‬
‫المل ك الخصوص يين‪ ،‬أم ا الدول ة الحديث ة وهي عص ر الفتوح ات العظمى فك انت عص ر‬
‫الجنود المحترفين المنظمين بطريقة تكاد تكون حديثة‪ ،‬فإن لم يقم الفرعون بقيادة العمليات‬
‫الحربية بنفس ه فإن ه ك ان يش ترك في مجلس الح رب‪ ،‬ويس ند القي ادة العلي ا للجيش إلى قائد‬
‫‪16‬‬
‫عظيم‪ ،‬وكانت هناك مناطق عسكرية يشرف عليها ضباط مسؤولون‪.‬‬
‫أض طلع المن دوبون الملكي ون في البالد األجنبية بعملي ات أق ل من ه ذه‪ ،‬وك ان الجن ود أك ثر‬
‫لياقة في العرض العسكري‪ ،‬ومدربين على أداء الحركات العسكرية بمجرد سماع صوت‬
‫الب وق‪ ،‬ف زادت الوح دة التكتيكي ة في أهمي ة المع ارك والجن ود المش تركين في القت ال‪ ،‬تت ألف‬
‫فرقة المشاة من ‪ 200‬رجل تحت إمرة حامل الواء‪ ،‬وتنقسم الفرقة إلى أربعة أقسام بكل‬
‫قس م ‪ 50‬رجالً وتس مى ه ذه األقس ام بأس ماء طنان ة ذات عظمة‪ ،‬مث ل "أمنح وتب يض ئ‬
‫كالشمس و "رمسيس القوي الذراع" وما أشبه‪ ،‬وكانت أعالمهم عبارة عن صور مثبتة في‬
‫أطراف سيقان من الخشب‪ ،‬وقد قسم الجيش إبان الحمالت العظيمة لألسرة التاسعة عشرة‬
‫إلى أرب ع ف رق تحم ل أس ماء األلهة العظمى للدولة (أم ون‪ ،‬رع‪ ،‬بت اح‪ ،‬ست)‪ ،‬ويت ألف‬
‫الجيش من قسمين هما المشاة وراكبو العربات‪ ،‬والقسم األخير أكثر ميزة من القسم األول‪،‬‬
‫ويعطي ض باطه درجة ُكتاب ملكيين وتق وم العربات بالهجوم الضخم أو بمساعدة المش اة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫في مجموع ات ص غيرة الع دد ويت ألف المش اة الكث يرو الع دد من المص ريين ال ذين اتخ ذوا‬
‫دمغون بالحديد الس اخن فيص بحون من الجن ود‬ ‫الجندية حرف ة‪ ،‬واألس رى ال ذين ك انوا ُي َ‬
‫المرت زقين كالس ود ان يين والس وريون والفلس طينيين والب دو وأك ثرهم من الليب يين ورج ال‬
‫البحر‪ ،‬وخصوص اً "الش ردن" المش هورين ال ذين قبض عليهم رمس يس الث اني بس يفه وال ذين‬

‫‪ -‬د‪ .‬سمير أديب‪ ،‬موسوعة الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪37‬‬ ‫‪16‬‬
‫أنقذوا الجيش في معركة قادش‪ ،‬وجدت بعض الكتابات تسخر من بؤس حياة الجندي منها‬
‫(س ور راكب العربة المغ رور ألن ه ب اع ميراث ه لي دفع ثمن عربتة الفخم ة‪،‬‬
‫النص الت الي‪ُ :‬‬
‫فض رب ضرباً مبرح اً‪ ،‬أما جندي المشاة فيؤخذ طفال ويوضع‬ ‫ولكنه سقط من تلك العربة ُ‬
‫في معس كر‪ ،‬وتوج ه ض ربة موجع ة إلى معدت ه‪ ،‬ولطم ة جارح ة إلى عين ه‪ ،‬ولكم ه مذهل ة‬
‫المل ك رمس يس الث اني معتلي ا مركبت ه الحربي ة في معرك ة ق ادش‪ ،‬نقش من داخ ل معب د أب و‬
‫فيجبر على أن يحمل‬ ‫سمبل إلى حاجبه‪ ،‬ثم يأتي السير إلى فلسطين والقتال في الصحراء‪ُ ،‬‬
‫طعام ه وش رابه ف وق ظه ره‪ ،‬ويض طر إلى أن يش رب الم اء األس ن‪ ،‬وال يتوق ف عن الس ير‬
‫إال ليق ف دي دباناً للحراس ة‪ ،‬ح تى إذا م ا وص ل الع دو‪ ،‬ك ان أش به بعص فور وق ع في ش رك‪،‬‬
‫ففقد كل قوة في جسمه‪ ،‬وعندما يعود إلى مصر‪ ،‬يكون كقطعة من الخشب نخرها السوس‪،‬‬
‫فيمرض ويضطر إلى الرقاد‪ ،‬ويرجع محموالً فوق حمار‪ ،‬فيجد ثيابه قد ُس رقت وخادمه‬
‫ه رب)‪ .‬أن ه ذه الص عاب القاس ية لم تكن من قب ل المبالغ ة ولكن المتعلمين ومنهم كب ار‬
‫الم وظفين يعط ون ص ورة قاتم ة عن الجن ود لي برهنوا لتالمي ذهم على ص حة المثل الق ديم‬
‫القائ ل أن ح ظ الك اتب خ ير من ح ظ الجن دي ولكن إذا أص بح الش اب كفئ اً ألن يك ون إم ا‬
‫راكب عربة أو كاتب ا‪ ،‬ف إن المس تحيل المفت وح أمام ه ه و اإلدارة في المس تعمرات والخدم ة‬
‫في البالط والمهام الدبلوماسية ووظائف الكهنة العليا‪ ،‬والحقيقة أن للجندي العادي حظ اً‬
‫‪17‬‬

‫ُيحسد عليه سواء كان من المواطنيين أو من البرابرة المعينين في الجيش‪ ،‬فيتحلى بـ"ذهب‬
‫ويمنح أقطاع اً من األرض‬
‫ويعفى من جمي ع الض رائب‪ُ ،‬‬ ‫ويكاف أ بالغن ائم‪ُ ،‬‬
‫الش جاعة"‪ُ ،‬‬
‫الخصبة‪ ،‬وعلى ذلك يكون الجنود فئة محظوظة‪ ،‬وإ حدى دعائم الدولة الحديثة وبعد القتال‬
‫يرت اح المش اة والفرس ان‪ ،‬ويس تطيع الش ردن والكيهت أن يعيش وا بس الم في م دنهم‪ ،‬فتُحف ظ‬
‫األسلحة في المخازن‪ ،‬ويأكل الجنود مع زوجاتهم وأوالدهم‪ ،‬ويشربون كيفما شاؤوا‪ .‬ولما‬
‫قوى الجيش سياسياً في نهاية األسرة الثامنة عشرة أرتقى القائدان "حور محب" و "رمسيس‬
‫األول" العرش‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت انحدر الملوك من الجنود‪ ،‬ولم يثقوا بالنبالء وال بالقوات‬
‫الوطنية‪ ،‬وأعط وا األفض لية للض باط ال برابرة وجن ودهم األج انب‪ ،‬وفي بداي ة األل ف س نة‬
‫األولى قبل الميالد حكم الجنود المرتزقة الليبيون البالد مع "شاشنق" ومنذ األسرة السادسة‬
‫والعشرين‪ ،‬وثق الفرعون بمشاته الذين أحضرهم من بالد اإلغريق‪ ،‬أكثر من ثقته بالطائفة‬

‫‪ -‬د‪ .‬سمير أديب‪ ،‬موسوعة الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪39‬‬ ‫‪17‬‬
‫العس كرية المص رية‪.‬وق د ش ارك الجيش المص ري في تحري ر مدين ة الق دس من أي دى‬
‫الصليبيين في واحدة من المعارك التاريخية على مر العصور قائد المعركة البطل صالح‬
‫ال دين األي وبي وك ان الج زء األك بر من جن وده من المص ريين وباإلض افة إلى ذل ك ق ادت‬
‫الق وات المص رية دورا كب يرا في هزيم ة المغ ول ال ذين دم روا الدول ة اإلس المية العباس ية‬
‫‪18‬‬
‫بقيادة القائد قطز‪.‬‬

‫خاتمة‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬سمير أديب‪ ،‬موسوعة الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.40‬‬ ‫‪18‬‬
‫وفي ختام بحث الحضارة المصرية القديمة‪ ،‬فإننا قد عرضنا في هذا البحث للعصور التي‬
‫م رت به ا الحض ارة المص رية القديم ة‪ ،‬ومنه ا عص ور االض محالل وعص ور النم اء‬
‫والرخاء‪ ،‬وفي نهاية هذا البحث فإن الدولة الفرعونية نضجت وأصبحت في قمة تطورها‬
‫في عهد الدولة الحديثة‪ ،‬ثم تبع ذلك دخول مصر عصر االنهي ار البطيء‪ ،‬فتكالبت عليها‬
‫األمم ووقعت فريسة لغزو دول الجوار‪ ،‬حتى انتهت الحضارة رسميا بسقوط مصر تحت‬
‫ن ير احتالل اإلمبراطوري ة الروماني ة‪ ،‬وأص بحت مص ر مج رد مقاطع ة تابع ة للت اج‬
‫اإلمبراطوري‪.‬‬

‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫محم د س هيل طق وس‪ ،‬موس وعة الحض ارات القديم ة "الميس رة" دار النف ائس للنش ر‪ ،‬ب يروت‬ ‫‪.1‬‬
‫‪2011‬م‪.‬‬
‫محمد الدين‪ ،‬محمد بن يعقوب الفيروز أبادي‪،‬القاموس المحيط‪ ،‬ط‪ ،8‬مؤسسة الرسالة ناشرون‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫لبنان‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫سمير أديب‪ ،‬موسوعة الحضارة‪ ،‬المصرية القديمة‪ ،‬ط‪ ،1‬العربي لنشر‪ ،‬القاهرة‪2000 ،‬م‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫عبـد العزيـز صـالح و آخـرون‪ ،‬موسـوعة تـاريخ مصـر عـبر العصـور تـاريخ مصـر القديمـة‪ ،‬تـح‬ ‫‪.4‬‬
‫‪ :‬عبـد العظـيم رمضـان‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬الهيئـة المصـرية العامـة‪ ،‬فـرع الصحافة‪1998 ،‬م‪.‬‬
‫دعـاء محـس علـى الصـكر‪ ،‬العالقـات بـين النهـرين ومصـر القديمـة خـالل مـدة العصـر اآلشـوري‬ ‫‪.5‬‬
‫الحـديث‪ ،‬مجلـة مبيسـان للـدار شـام األكاديميـة (‪ 612 3 – 911‬ق‪.‬م)‪ ،‬جامع ة ميس ان‪، 24 ،‬‬
‫‪2014‬م‪.‬‬
‫إب راهيم زرقان ة أحم د‪ ،‬الحض ارات المص رية في فج ر الت اريخ‪ ،‬المطبع ة النموذجي ة‪ ،‬الق اهرة‬ ‫‪.6‬‬
‫‪.1948‬‬
‫عب د النعيم ض يفي عثم ان‪ ،‬ت اريخ مص ر‪ ،‬من العص ر الفرع وني ح تى العص ر الح ديث‪ ،‬دار‬ ‫‪.7‬‬
‫الرشاد‪ ،‬القاهرة‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫إب راهيم تم يز س يف ال دين وزكي علي وآخ رون‪ ،‬مص ر في العص ور الفرعوني ة‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتب ة‬ ‫‪.8‬‬
‫مدبولي‪ ،‬القاهرة‪1998 ،‬م‪.‬‬
‫محمد فريد فتحي‪ ،‬في جغرافية مصر‪ ،‬ط‪ ،2‬درا المعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪2000 ،‬م‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫س مير أديب‪ ،‬موس وعة الحض ارة المص رية القديم ة‪ ،‬الع ربي للنش ر والتوزي ع‪ ،‬ط‪ ،1‬الق اهرة‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫‪.2000‬‬
‫أحمد فخري‪ ،‬مصر الفرعونية‪ ،‬الهبئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬ط‪ ،1‬مصر‪.2012 ،‬‬ ‫‪.11‬‬

You might also like