Professional Documents
Culture Documents
مذكرة تخرج تدخل ضمن متطلبات الحصول علي شاهدة الماستر في تاريخ الحضارات القديمة
لجنة المناقشة:
1
الفنون اليمنية القديمة
2
الفنون اليمنية القديمة
إىداء
3
الفنون اليمنية القديمة
شكر وعرفان
عجز القمم عن التعبير وضاعت الكممات لمن ضاع وقتو من اجمي وسيل لي أمامي
العقبات والمنعرجات أتقدم بشكر الجزيل والعرفان إلي إستادي المشرف التجاني العمودي
واإلستاد بالنور عبد الحق الذي ساعدني في بحثي ىدا وميد لي الطريق والشكر الجزيل
إلي أصدقائي وأحبائي الدين ساعدوني في انجاز مذكرتي وأشكركم عمي تحمل كل ما في
وسعكم واشكر كل من قدم لي نصيحة في انجاز مذكراتي واشكر كل االساتدة العموم
اإلنسانية بجامعة الوادي فشكر جزيل لكم.
4
الفنون اليمنية القديمة
مقدمـــــــــــــــــــــــة
5
الفنون اليمنية القديمة
مقدمة:
لقد كاف الفكر الفني اليمني القديـ إبداعا تميز باألصالة مما جعؿ اليمف منزال لكؿ األجناس
البشرية ودلؾ بفضؿ ثقافتيا الفنية وابداعيا الفكري وفي ىدا أصبحت حضارة اليمف مف
اعرؽ الحضارات التي عرفتيا اإلنسانية ودلؾ بفضؿ فكرىا الفني وابداعيا لذلؾ أصبحت
إذ أصبحت اليمف بكؿ تراثيا الفني والثقافي حضارة كاممة بشتى جوانبيا وليذا فاف الفكر
الفني اليمني القديـ قد بني حضارة عريقة بحدي ذاتيا وقد أثرت عمييا العوامؿ الخارجية مثؿ
اليونانييف لبناء حضارتيـ فأصبح اليمنيوف يحمموف ثقافة وفكر في طياتيـ مما جعؿ اليمف
دائما في نشوء وضمف الحضارات التي عرفتيا اإلنسانية جمعاء وذلؾ مف خبلؿ األدلة
والبراىيف التي تبيف ما مدي أصالة ىذه الحضارة لتصبح في ذاكرة الشعوب العربية
واإلسبلمية.
6
الفنون اليمنية القديمة
)1التراث اليمني جزء مف التراث العربي وال زاؿ مادة خاـ ويحتاج إلى مف ييتـ بو
التوظيؼ الفف واحيائو.
)2توظيؼ التراث الفني في اليمف يساعد الفنوف اليمنية عمى النيوض مف الركود الذي
يعيش فيو.
)3لمعرفة حضارة اليمف وأصالتيا وفنونيا.
)4الدراسات في الفنوف اليمف قميمة واعتقد أف ىده الدراسة مجرد عمؿ يساعد بو األجياؿ
الصاعدة .
*ىدف الدراسة :تيدؼ دراسة ىذا الموضوع إلي التطرؽ إلي حضارة اليمف وفنونيا
وابداعيا الفكري الذي تركيا منزال لؤلجناس البشرية وجعميا مف اعرؽ الحضارات
البشرية السيما أف الفنوف تعتبر احد الركائز األساسية في معالـ الحضارة ومظاىرىا.
7
الفنون اليمنية القديمة
اليمنية ونيايتيا أما المكاف في الحضارة اليمف و جنوب الجزيرة العربية .
*منيجية الدراسة:
كثيرة ىي األدوات والتقنيات التي استعممتيا قصد الوصوؿ إلى المنيج في بناء الموضوع
،وفي ىذا يكوف المنيج الوصفي الذي يعد أفضؿ المناىج لدراسات العممية وفؽ
ترتيب منطقي مف خبلؿ انتقاؿ مف المستو أكثر عمومية وصؼ العمومية إلى مستوي
أكثر ممموس ومباشر ،ولذا فاألسموب الوصفي ىو األسموب المناسب ،أما المنيج فيو
تاريخي كوف نحف في صدد دراسة تاريخية وكيفية تأثيرىا في بناء حضارة فيو يحتاج
األسموب الوصفي والمنيج التاريخي.
*محتوي الموضوع:
انطبلقا مف اإلشكالية الرئيسية و التساؤالت الفرعية واعتمادا عمي المادة المتوفرة يحتوي
موضوع دراستي عمي عدة نقاط ومعمومات ويتكوف موضوعي مف ثبلثة فصوؿ وخاتمة
الفصؿ األوؿ:تناولت الفف األدبي وفف الكتابة اليمنية يحتوي عمي مبحثيف األوؿ الفنوف
األدبية اليمنية القديمة فف الشعر والحكاية المقامة والظواىر المسرحية اليمنية واألساطير
والنقوش اليمنية القديمة أما المبحث الثاني فيو فف الكتابة بالخط اليمني القديـ
الحروؼ بالخط المسند وطريقة الكتابة وخصائصيا.
أما الفصؿ الثاني فيو فف الصناعات يحتوي عمى مبحثيف أوال فنوف النحت و النقش
والرسـ والفنوف الدقيقة أما المبحث الثاني فف صناعة الفخار والنقود .
أما الفصؿ الثالث فف الزخرفة وفف المعماري في اليمف ويحتوي عمى مبحثيف أوال
الزخرفة اليمنية القديمة وأساليب وسائؿ الزخرفة اليمنية القديمة أما المبحث الثاني الفف
المعماري في اليمف القديـ العمارة المدنية والعمارة الدينية.
8
الفنون اليمنية القديمة
لقد اعتمدت في دراستي عمي جممة مف المصادر والمراجع أىميا الصادر الدينية القراف
الكريـ حيث كاف دوره بار از كدليؿ قطعي وتاريخي في الحضارة اليمنية القديمة وأما
المراجع المعتمدة كاف مف أىمو نذكر منيا:
* سميرة جماؿ جميؿ ،الخصائص العمرانية لمدينة صنعاء القديمة واالستفادة منيا في العمارة
المعاصرة.
كما ال أنسي أف لمصحؼ والمجبلت أيضا نصيب مف ىده الدراسة مف أىميا مجمة مممكة
سبا 3مارس 2008العدد 155اليمف ،بإضافة إلي مجمة روافد ثقافية جامعة بابؿ الفنوف
الجميمة 2009العدد 71العراؽ.
-2عدـ وجود مكتبات خاصة في الحضارة اليمنية و كتب الفف اليمني قديـ.
9
الفنون اليمنية القديمة
وبرغـ مف ىذه الصعوبات التي وجيتني في مجاؿ بحثي لكنني بفضؿ مف اهلل سبحانو
وتعالى استطعت البحث والتقصي بكؿ جدية مف اجؿ الوصوؿ إلى نتائج ايجابية في
الموضوع بحثي ىذا والكماؿ اهلل سبحانو وتعالى.
11
الفنون اليمنية القديمة
الفصل األول
اإلطار الجغرافي والتاريخي لحضارة اليمن القديم
المبحث األول اإلطار الجغرافي لحضارة اليمن:
المطلب األول :الموقع والحدود
المطلب الثانً :المناخ والتضارٌس
المبحث الثاني :اإلطار التاريخي لحضارة اليمن
المطلب األول :ماقبؿ التاريخ حضارة اليمف القديـ
11
الفنون اليمنية القديمة
*الموقع والحدود:
تمتاز اليمف عمي غيرىا مف األقطار األخر بجباليا الشاىقة وشدة انحدار ىذه الجباؿ وعنائيا
بالموارد الطبيعية وصعوباتيا في الموصبلت لوعريتيا .
وموقع اليمف في الجزيرة العربية فيحدىا مف الشماؿ نجد والحجاز ومف الشرؽ خميج عماف
إلي الرأس قطر ومف الجنوب البحر العربي المتصؿ بالمحيط اليندي ومف الغرب البحر
األحمر أما عف مناخيا فيمتاز بجو حار ودرجة الرطوبة عالٌة فً المناطق الساحلٌة ومعتدل
1
فً المناطق الجبلٌة وجاف وحار فً المناطق الشرقٌة للبالد.
*المناخ والتضاريس:
1
زٌد بن علً عنان:تارٌخ حضارة الٌمن القدٌم،المطبعة السلفٌة ط 1الٌمن ص 1996 11
12
الفنون اليمنية القديمة
مناخ الٌمن الجو حار ودرجة الرطوبة عالٌة فً المناطق الساحلٌة ومعتدل فً المناطق
الجبلٌة وجاف وحار فً المناطق الشرقٌة للبالد.
*الساحل الغربي :تصل درجة الحرارة إلى 45درجة مئوٌة خالل فصل الصٌف و 54
درجة مئوٌة شتاء
*الساحل الجنوبً 53 :درجة مئوٌة صٌفا و 54شتاء كمٌة األمطار ال تزٌد عن 011
1
ملٌمتر فً السنة و ال تتجاوز 01أٌام فقط فً السنة
*المرتفعات :تتمتع بمناخ معتدل فً معظم أٌام السنة ،على الرغم من أنه ٌمكن أن ٌصبح
حار فً الظهر و بارد فً اللٌل و خصوصا بٌن شهري أكتوبر وفبراٌر.تصل درجة الحرارة
إلى 4درجات مئوٌة من نوفمبر إلى ٌناٌر و 54درجة مئوٌة فً ٌولٌو
تسجل األمطار أعلى قٌمها فً المنطقة الجبلٌة الوسطى حٌث تتراوح كمٌتها السنوٌة بٌن
0011- 511ملٌمتر تقرٌبا ً و بمعدل سنوي ٌقترب من 341ملٌمتر أٌضا هذه المنطقة
تسجل أعلى عدد لؤلٌام الممطرة والتً قد تصل إلى أكثر من ٌ 041وم فً السنة و بمعدل
سنوي ٌ 45وم فً السنة.
أما عف التضاريس اليمف فتمتاز الٌمن بخمسة أقالٌم جغرافٌة وهً علً الشكل األتً:
*إقليم السهل الساحليٌ :متد هذا اإلقلٌم من تهامة مرورا بالسواحل الجنوبٌة للبالد فً عدن
وحضرموت والمهرةٌ .تخلل هذا اإلقلٌم عدة هضاب وجبال وٌشمل سهول تهامة وأبٌن
ومنفعة والسهل الساحلً الشرقً فً محافظة المهرة.
*اقليم المرتفعات الجبلية :وهو أكبر أقالٌم الٌمن الجغرافٌة إذ ٌمتد من أقاصً الحدود
الشمالٌة
الغربٌة للبالد حتى الحدود الجنوبٌة الشرقٌة .والجبال فً هذا اإلقلٌم هً األعلى ارتفاعا فً
2
شبه الجزٌرة العربٌة بمعدل 5111م وتبلغ بعض إلً 5411م
1
زٌد بن علً عدنان :المرج نفسه ص 11
2
زٌد بن علً عنان :المرجع نفسه ،ص 11
13
الفنون اليمنية القديمة
*إقليم األحواض الجبلية ٌ :تمٌز هذا اإلقلٌم باألحواض والسهول الجبلٌة فً مرتفعاته
وأكثرٌتها
تقع فً الجانب الشرقً من اإلقلٌم حٌث تكثر المٌاه اآلتٌة من أقصى الشمال إلى أقصى
.وصعدة وعمران ومعبر وحوض صنعاء وذمار الجنوب وتعبر فً قاع ٌرٌم.
*إقلٌم المناطق الهضابٌة :تقع إلى الشرق والشمال من إقلٌم المرتفعات الجبلٌة وموازٌة لها
لكنها
تتسع أكثر باتجاه الربع الخالً وطبٌعة هذا اإلقلٌم صحراوٌة صخرٌة تتخلله بعض األودٌة
وٌنقسم إلى قسمٌن الهضبة الغربٌة وأعلى ارتفاع لها قرابة 0511م والهضبة الشرقٌة
المتمثلة فً هضبة حضرموت إلً بدورها تنقسم إلى شمالٌة وجنوبٌة بسبب وادي
حضرموت الذي ٌفصل بٌنهما.
*إقليم الصحراء :إقلٌم رملً ٌكاد ٌخلو من غطاء نباتً بإسثناء مجاري األمطار وٌشمل
أجزاء من صحراء الربع الخالً .تراوح ارتفاع السطح هنا بٌن ( )0111-411م فوق
1
مستوى سطح البحر.
1
:زٌد بن علً عنان :المرجع نفسه ص 12
14
الفنون اليمنية القديمة
1
:زٌد بن علً عنان :المرجع نفسه ،ص 13
15
الفنون اليمنية القديمة
تدل أقدم المعلومات المعتمدة على حضارة ٌمنٌة راقٌه ٌعود تارٌخها على األقل إلى القرن
العاشر قبل المٌالد وتقترن هذه المعلومات بذكر سبأ التً ارتبطت بها معظم الرموز
التارٌخٌة
فً الٌمن القدٌم والتً هً بالفعل واسطة العقد فً هذا العصر ،وٌمثل تارٌخ دولة سبأ،
وحضارة سبأ فٌه عمود التارٌخ الٌمنً ،وسبأ عند النسابة هو :أبو حمٌر وكهالن ،ومن هذٌن
األصلٌن تسلسلت أنساب أهل الٌمن جمٌعاً ،كما أن هجرة أهل الٌمن فً األمصار ارتبطت
بسبأ ،حتى قٌل فً األمثال :تفرقوا أٌدي سبأ ،والبلدة الطٌبة التً ذكرت فً القرآن الكرٌم هً
فً األصل أرض سبأ ،كما أن أبرز رموز الٌمن التارٌخٌة سد مأرب قد اقترن ذكره بسبأ،
1
وكان تكرٌمه بالذكر فً القرآن سببا ً فً ذٌوع ذكر سبأ وحاضرتها مأرب.
ّ
ٌمثل تارٌخ الدولة الٌمنٌّة وحضارتها القدٌمة التارٌخ الٌمنى و ُسمٌّت دولة سبأ عند النسابة
1
ٌد بن علً عنان :المرجع نفسه ص15
16
الفنون اليمنية القديمة
كهالن وأبو حمٌر وقد تسلّلت أنساب الٌمنٌٌن جمٌعا ً من هذٌن األصلٌن وارتبطت هجرة أهل
الٌمن باألمصار بأرض سبأ البلدة الطٌّبة المذكورة بالقرآن الكرٌم ،وٌُعتبر س ّد مأرب من أبرز
1
الرموز الٌمنٌّة والتارٌخٌة والذي اقترن ذكره بسبأ وشملت سبأ الٌمن كلّه ،وكانت مأرب
خالصة:
1
:زٌد بن علً عنان :المرجع نفسه ،ص 17
17
الفنون اليمنية القديمة
تميزت حضارة اليمف القديمة بيئة شاقة جعمت اإلنساف اليمني يفكر ويعمؿ مف األجؿ الوصوؿ
إلي ىدفو المرجو منو وذلؾ مف خبلؿ فكره وسموكياتو
حيث نري أف البيئة اإلنساف اليمني أثرت عميو كثي ار مف خبلؿ انعكاسو عمي نوع المناخ
والتضاريس والجو حيث أف اإلنساف اليمني القديـ ساعدتو الجغرافيا وبكؿ عوامميا حيث أف
الفف اليمف القديـ أثرت عميو البيئة وانعكست عميو مما جعمت اإلنساف اليمني القديـ يعمؿ
بفضؿ فكرة وسموكو
وتعتبر الحضارة اليمنية القديمة مف اعرؽ الحضارات القديمة وبفضؿ تراثيا الفني الثقافي
أصبحت ضمف الصرح الحضاري القديـ مما جعميا ميبط لكؿ األجناس البشرية ألنيا حضارة
وكؿ المعالـ والدالالت وتشير إلي ذلؾ.
18
الفنون اليمنية القديمة
الفصل الثاني
الفن األدبي وفن الكتابة اليمنية القديمة
األول :الفنون األدبية اليمنية القديمة المبحث
المطمب األول :فف الشعر والحكاية والمقامة
19
الفنون اليمنية القديمة
*فن الشعر:
ومف الفنوف التي عرفتيا اليمف ىو الشعر و قد عرفو العمماء أنو الكبلـ النفي الموزوف ،ولكف
بعض المتأخريف ،و منو العبلمة "حرجي ديداف "لـ يرتض ىذا الحد لمشعر .و ناقشو بأنو حد
لمنظـ ال لمشعر ،فالشعر لغة النفس و القمب و الكبلـ المرسؿ لغة العقؿ ،و الشعر ال يخمو
منو أمة مف أمـ العالـ قديما و حديثا ألنو مرآة آداب الناس و صحيفة أخبلقيـ و ديواف
أخبارىـ ،و سجؿ عقائدىـ و ألف المدارؾ النفسية و ميوليا ارتقت قبؿ أف يرتقى العقؿ ،فتكمـ
بالشعر قبؿ أف يتكمـ بالعمـ ،و الشعر العربي قديـ و فطري في العرب و لغتيـ واسعة و
لتوسعيا كانت أكثر استعدادا لمتعبير في األغراض و المقاصد مف غيرىا مف المغات لخواض
توجد فييا ما ال يوجد في غيرىا ،و بما أف أمة العرب قديمة كما سمؼ ذكر ذلؾ فبل بد أف
تكوف قد ضمت الشعر مف قديـ الزماف ،و إذا صح ما في كتب المؤرخ القديـ "عبيد بف ثرية
1
الجر ىمي" مف القصائد كاف ذلؾ مف الشعر اليمني القديـ .
غير أف أقدـ ما وصؿ إلينا و ىو صحيح مف أشعارىـ ال يتجاوز القرف الثاني قبؿ اليجرة و
ال يبعد أنو ضاع أو أنو لـ يسجؿ لعدـ االىتماـ بتسجيمو في الصخور ،و غيرىا أو جيؿ
الناس بو أو سبب مف األسباب غير معروؼ ،و لعؿ األياـ تكشؼ لنا ما لـ يكف بالحسباف
.2
1محمد بن علً :االكوع الحوالً ،الٌمن الخظراء مهد الحضارة ،مكتبة الجٌل التجدٌد ،ط 1982 2ص 228
2أرياني ،مظير بف عمي :في تاريخ اليمف ،ط 1دار النشر ،القاىرة ،1983ص34
21
الفنون اليمنية القديمة
و قاؿ عبد الممؾ بف ىشاـ المعافر في السيرة ص 40بعد أف ساؽ قصيدة عمرو بف
الحارث ابف مضاض الجرىمي التي أوليا :
أنيس و لـ يسمر بمكة سامر و كأف لـ يكف بيف الحجوف غالى الصفا
و حدثني بعض أىؿ العمـ بالشعر أف ىذه األبيات أوؿ شعر قيؿ في العرب ،و أنيا وجدت
في حجر باليمف و لـ يسـ لي قاياليا ،عمى أنو قد سيؽ لنا قريبا أف الممؾ يتقدمو قمة مف
الجنود يرددوف أمامو األىازيج و التغاريد والزوامؿ ،و ىي نوع مف اليزج أو الحميني الشعر
الشعبي اليوـ فيو ضرب مف الشعر ،و بيذه الرواية التي ىي عف مؤرخي اإلغريؽ و اليوناف
ثبت جميا عمى قدـ الشعر العربي و قدمو باليمف ،و أجمع العمماء عمى أف اليمف حاممة لواء
الشعر العربي بيا اشتير عف حامؿ لواء الشعراء و إماميـ امرئ القيس بف حجر الكندي ،و
أنو أوؿ مف فتؽ عيف الشعر و دقة وطولو و تفنف فيو ،و وصؼ الديار و الدىف و العشب و
العرس ،و أوؿ مف شبو في شعره و غزؿ الغزؿ’ و قد كاف مف شعراء اليمف مف كاف أقدـ
منو عمى أنو لـ يكف في طبقة مثؿ األفواه ألود و غيره ،لكنو لـ يشتير شيرة ممؾ الشعر و
1
البياف امرئ القيس.
1
االرٌانً ،المرجع نفسه ص 144
21
الفنون اليمنية القديمة
و كاف العرب يسموف الترنـ إذا كاف بالشعر غناء ،و إذا كاف بالتيميؿ أو نوع القراءة تغيي ار
"بالغيف المعجمة و الباء الموحدة" ،و عمميا أبو إسحاؽ الزجاج بأنيا تذكر بالغابر أي الباقي
1
أي بأحوؿ اآلخرة .
و أف غناء أىؿ اليمف بالمعازؼ و إيقاعيا جنسا مف واحد و غنائيـ جنساف حنفى حمير و
الحنفى أحسنيما ،و لـ تكف قريش تعرؼ مف الغناء اال النصب حتى قدـ النضر بف الحارث
بف كمدة بف عمقمة بف عبد الدار مف العراؽ وافدا عمى كسر بالحيرة ،فتعمـ ضرب العود و
الغناء عميو ،فقدـ مكة فعمـ أىميا فاتخذوا القينات .2
و الغناء يرؽ الذىف و يميف العويكة ،و يبيج النفس و يسرىا ويسرىا و يشجع
22
الفنون اليمنية القديمة
و أما الموسيقى فيي فف الغناء ،و تقوؿ العامة موزيكا و موزيقا ،و ىو طبيعي فطري منذ
القدـ ،و موجود في كؿ أمة و عصر ألنو لغة النفوس و ترجماف العواطؼ ،وليذا قيؿ :كؿ
واحد يعجبو طنيف رأسو ،و يبتدي بتقطيع الحروؼ و ترجيع الصوت ،و الشعر ديواف العرب
فكانوا يتمونو بدوف ترنـ و ال غناء ،و تمؾ أوؿ خطوة نحو الموسيقى ألنيا بنت الشعر أو
أختو،و المرء شغوؼ بصوتو فكاف منو الحداء لسوؽ اإلبؿ لتخؼ السير ألنو يتناسب مع
سيرىا و يستعيف بو عمى تخفيؼ مشقة السفر ،كما و أف الرعاة لمغنـ و األبقار ليـ نوع
خاص مف الترنـ و الزجر ،و كذلؾ الخيؿ حتى أف العماؿ في العمارة و البناء جميع العماؿ
يستعينوف عمى أعماليـ بشئ مف الترنـ و النغـ و ترجيع األصوات المطربة ،و كذا الذي
تمتح المياه و السقاة و التواضع ليـ تبلحيف و اىازيج معروفة ،و ذلؾ أمر مشاىد و
ممحوظ.1
23
الفنون اليمنية القديمة
يعد كتاب التيجاف ،لوىب بف منبو و كذلؾ مجمس عبيد بف شربو الجرىمي ،فاألوؿ يحكي
قصة مموؾ اليمف في قالب روائي نجد فيو الجذور األولى لفكرة " المبلمح – التائو" و " روميو
و جوليت " و "أرض العماليؽ ،و "األقزاـ و حكايات االسكندر ذي القرنييف و الخضر و
غيرىـ مف المعالـ اليامة لتاريخ الدولة التي كانت محيطة بالجزيرة العربية و اليمف مف ربطيا
بتاريخ العرب و أحواؿ أمتيـ منذ نوح و الخميؿ ابراىيـ عمييما السبلـ ،أما الثاني فيو عبارة
مف محاضرة الجمسات التي كاف عقدىا معاوية بف أبي سفياف رضي اهلل عنو ليستمع فييا إلى
قصص "عبي ر بف شرية الجرىمي "عف مموؾ اليمف األقدميف و أخبار األمـ السابقة كاف لو
ولع خاص بذلؾ ،فالمسعودي يروي عف معاوية أنو كاف يستمر إلى ثمث الميؿ ،و بعد ذلؾ
يقعد مرة أخر سماع أخبار العرب و أياميا و العجـ و مموكيا ثـ يناـ ثمث الثاني و بعد ذلؾ
يقعد مرة أخر لسماع سير المموؾ و أخبارىا و الحروب و المكايد و طريؽ سياسة الناس .و
قد أشار عميو عمرو بف العاص رضي اهلل عنو "بأف في اليمف راويا ممتا از لتمؾ األقاصيص
فمـ يدخر وسعا في استدعائو و االستمتاع إليو مع ترتيب عبيد يدونوف كؿ ما يصدر منو
فكاف نتيجة ذلؾ الكتاب المذكور " ،فكما وجدت شخصية الراوي قديما في المسرح اليوناني منذ
القرف السادس قبؿ الميبلد ظير قانوف يشترط تبلوة أشعار ىوميروس بواسطة مجموعات
متعاقبة مف رواة الشعر في األعياد األثينية التي تجري كؿ أربع سنوات "إف الراوي شخصية
1
مسرحية عرفت مند القدـ و قد استمر دور الراوي في المسرح في العصور الوسطى"
موسى الصباغ :القصص الشعبي العربي في كتب التراث ،دار الوفاء الدنيا لمطباعة و النشر ،اإلسكندرية مصر 2116
85 1ص
24
الفنون اليمنية القديمة
تعد المقامات احد األجناس األدبية السردية المطعمة أحيانا بالشعر التي تميز بيا أدبنا العربي
و ىي نوع مف القصص الخيالية ،تبنى عمى الشخصيات و األحداث و الخطب و الحوارات
،تصاغ بمغة جميمة ،حيث تحتوي عمى شيخ يقوـ بدور البطؿ ،وراوي يحكي لنا مغامرات
ذلؾ الشيخ الذي يبرز دائما ،كالرجؿ ذكي و ذي اطبلع أدبي واسع ،لكنو يختار "الكدية
(أي التكسب بالجممة و الكبلـ البميغ )لمحصوؿ عمى الماؿ ،و التسييؿ لموصوؿ إلى مآربو ،
و يصحب معو غبلـ أو فتاة و حيمو " ،فالمقامة تكوف قصة قصيرة مسجوعة ،و حكاية بميغة
،ينقميا الراوي مف صنع خياؿ الكاتب يتكرر في جميع المقامات ،بصورة و كأنو قد عاش
أحداثيا ،ليا بطؿ إنساني مشرد شاذ ظريؼ ذو أسموب بارع و روح خفيفة يتقمص في كؿ
مرة شخصية معينة ،يضحؾ الناس أو يبكييـ أو يبيرىـ ليخدعيـ و يناؿ مف أمواليـ،
فنستنتج أف اليمنييف مارسوا ىذا الشكؿ مف الفف كشكؿ مسرحي ليس بمعنى المسرح الحديث
ولكف توفرت فيو خصمة أو صفة مف المسرح الحديث و ىي شخصية الراوي و حركاتو و
النص الذي يستند إليو وكذلؾ االرتجاؿ في النص ،أما مف ناحية الجميور فتتحقؽ لو المتعة
و اإلضحاؾ و التأثر و الشفقة و خذ موقؼ معيف مف إزاء الشخصية الشريرة .و كؿ ىذه
التأثيرات قد يحققيا الممثؿ في العصر الحديث مف ناحية التأثير عمى الجميور و جمبو و
إمتاعو إليصاؿ رسالتو الفنية و معايشتو مع الشخصية المسرحية في تقمص الممثؿ لدوره ألي
شخصية ما ،فكاف ىؤالء القاصوف ي تمتعوا بطبلقة المساف و خفة الحركة في األداء و التغيير
في نبرات الصوت لتصوير الموقؼ و إقناع الجميور بما يمقى عميو مف سيرة بف ىبلؿ
1
،امرئ القيس و الحروب األولى و األوس و الخزرج و مواقؼ األبطاؿ.
بالقبيمة و فرسانيا و تصوير الموقؼ البطولي في المعارؾ و االفتخار باألنساب " احتفاالتيـ
بزيارة قبور األولياء و قبر ابف عمواف و قبر حساف الشاذلي و غيرىـ ."...فكاف لمقاصيف
1عمي عقمة عرساف :الظواىر المسرحية عف العرب ،ط ،1اليمف 1998 ،ص 313
25
الفنون اليمنية القديمة
خياؿ بارع لرسـ ىذه المواقؼ و شد الجميور لبلستماع إلييـ و إمتاعيـ و يعتبر ىذا مف
1
وظيفة المسرح الحديث ىي ( اإلمتاع ،التربية ،اإلضحاؾ)...
ال حباني ،بإفراد مجمدات عدة لشرحو " .كما ألؼ الكتاب اليمنيوف مقامات عدة يعود تاريخيا
الى 1250عاـ ،وتعد المقامة مف األشير الفنوف اليمنية القديمة حيث كاف اإلنساف اليمني
القديـ يتحاكي بيا ألنيا تحقؽ أغراضو االىدافو المرجية ،ليذا فممقامة كانت جزء مف تراث
اليمني القديـ وتتكوف المقامة مف عدة عناصر وأجزاء تقوـ عمييا فعناصر المقامة تكوف
كالتالي:
إف دراسة الظواىر المسرحية عند اليمنييف وتراثيـ ستطمعنا عمى العديد مف المبلمح الفنية
والدراسة التي جعمت الكثير مف المتخصصيف الحدثيف يربطوف بينيا وبيف أشكاؿ المسرحية
المعاصرة .قد يصؿ األمر إلى الربط ما بيف ىذه األشكاؿ وما يحدث اليوـ عمى ساحات
المسرح العالي والمحمي فيما يسمى (بالتجريب )) ومف الناحية الثانية فاف ادراة ىذه الظواىر
تؤكد دوف شؾ إف اليمنييف عرفوا فف المسرح منذ زمف بعيد ال يعود كما يدعى البعض إلى
القرف الثامف أو التاسع عشر بؿ إلى حضارة سبا ونقوش تثبت كيفية دخوؿ الممثؿ ولكف
مجازفيف في أف اليمنييف عرفوا فف المسرح في القديـ بمعناه العالي لكف الظواىر المسرحية
الشعبية اليمنية مف أىـ األسباب التي يقوـ بيا الشاعر الشعبي والطقوس الدينية والقاص
والراوي والحكواتي ليقرب المضموف في األذىاف (( وىو عنصر يوفر لممستمع االستمتاع
بالرؤية واألداة التي يحدثيا القاص أو الشاعر فيساعد عمى تقبؿ ما يسمع وكميا ساعدت
عمى مفيوـ المسرح في بيئتنا العربية وتقمبيا في القرف التاسع عشر )) كما يذكر عبد العزيز
المقالح اف اليمانييف القدامي قد عرفوا نص المرح بمعناه الحقيقي وماروه واستند إلى دليميف :
أوال :حضارة اليمف البد أف تكوف حضارة تكاممية الجوانب شاف كؿ الحضارات التي عرفتيا
1
البشرية وبصفة خاصة حضارات الشرؽ اآلني والمصرية والبابمية واالغرقية .
((وجود أدلة مادية كثيرة تثبت إف المسرح وجد في اليمف كما وجد في اثنيا وروما واف شع ار
ممحميا عمى غرار اإللياذة واالوذسيو ،كما وجدوا مف األشعار المنظومة ما يرجع تاريخيا إلى
ما قبؿ عشريف قرنا قبؿ الميبلد أي قبؿ انجيميوس ،وسوفوقميس ويوربيدس واستوفايس
بخمسة عشرة قرنا كسفر أيوب " كما يرجحو المؤرخوف اف شعبنا مثؿ ىذا البد اف يكوف لو
مسرح باإلضافة الى (( وجود المرح الدائرة المطمورة بجوار د مأرب ويعود تاريخو الى العصر
السبئي والذي بني عمى غرار مسارح اثينا القديمة بكؿ مواصفاتيا الفنية والمعمارية )) حيث
يفيد د .يوسؼ محمد عبد اهلل في احدي أحاديثو العممية (( بأنو قد تـ الوقوؼ عمى تشريع
يتعمؽ بالمثؿ مالو وما عميو مف زمف حضارة سبا ...فنستنج مف ىذا بما انو وجد المعمار
لممسرح فانو البد انو كاف ىناؾ نص لتجسيده عمى المسرح والنص بحاجة الى ممثؿ وجوقة
ومخرج (رئيس الجوقة ) إلنتاج ىدا الغرض وعرضو إذ كاف ىناؾ جميور ،يتـ تقديـ العروض
المسرحية )) اذا نستنتج اف اليمنيف القدماء عرفوا فف المسرح ،وتعد اليمف مف الشعوب
العريقة في حضارتيا حيث تأسست الدعائـ الرئيسية لمحضارة اليمنية منذ وقت مبكر مف
التاريخ البشري عبر تطور اجتماعي واكب التطور المناخي الطبيعي والمحيط الجغرافي
لميمف منذ مايزيد عف 4000-9000ألؼ سنة ؽ .ـ ،العصر الباليوتيؾ ،حيث أصبح مف
المؤكد اف الغزو الجميدي الثالث لـ يشمؿ اليمف فيما شممو مف األرض "ولذلؾ (( فاف فترات
الجفاؼ التي امتدت مف اليمف أكثر مف 10آالؼ سنة قد ساعدت في نشوء أوؿ مجتمع
بشر ،فيمااستفا د مف انتظاـ األمطار الموسمية ونمو اإلحراج والغابات وجفاؼ المستنقعات
وتدجينيا وتصنيع مشتقاتيا مف اجؿ كياف أكثر استق ار ار في الزراعة وتربية الحيونات
1
وازدىا ار ))
وتعتبر اليمف مف األقطار اليامة لبلبحاثاالثرية نظ ار لوجود أقدـ الحضارات فييا وكاف
اعتقادنا في الماضي إف أقدـ المراكز الحضارية في العالـ ىي مصر وببلد الرافديف ،أما اآلف
1يحي عمي سيؼ اإلعبلـ :الفف المسرحي في اليمف ،ط ،1اليمف1988 ،ص 18
يوسؼ محمد عبد اهلل ولد سنة 19ماي 1443نائب رئيس المجمع العممي الغوي وعيف رئيس ىيئة الكتاب سنة 2111
وعيف مستشا ار لرئيس الجميورية بامرالرئيس الجميورية
28
الفنون اليمنية القديمة
فقد اتضح إف اليمف مف أقدـ المراكز الحضارية في العالـ ،أي بمعنى ىذا إف اليمف مف
األقدـ في تاريخ اإلنسانية بؿ إف اليجرات التي انتقمت مف اليمف إلى ببلد الرافديف ومصر في
ذلؾ الزمف ىي التي حممت مشعؿ الحضارة إلى تمؾ األفاؽ)) ففجر الحضارة اليمنية ىو
1
عصر حضارة عاد وقبائؿ األمة األولى مف العرب ،الساميف اليمانييف.
فعاد أقدـ وأوؿ حضارة في تاريخ اإلنسانية بعد طوفاف نوح (عميو السبلـ ) ويدؿ عمى ذلؾ
قوؿ اهلل عز وجؿ في القرآف الكريـ مخاطبا قوـ عاد ( :أو عجبتـ إف جاءكـ ذكر مف ربكـ
عمى رجؿ منكـ لينذركـ واذكر إذ جعمكـ خمفاء مف بعد قوـ نوح وزادكـ في الخمؽ بسطة
فاذكروا آالء اهلل لعمكـ تفمحوف) األعراؼ فتاريخ اليمف عريؽ فقياـ دولة اليمف اليعربية
القحطا نية وحضارة سبا وحمير ومعيف وقتباف واواف ،أبو كرب اسعد ،شر جبيؿ ومعدي
كرب ،والتتبع اليماني والممكة بمقيس وسيؼ بف ذي يزف وغيرىـ مف مؤسسي الحضارة
اليمنية ،كاف ليـ الكثير والتأثير في الحضارات االخري ( وليـ مف الطقوس الدينية والعادات
والتقاليد التي كانت سائدة في اليمف القديـ في بناية المعابد وتقديـ الطقوس الدينية وتعدد
األساطير و الخرافات والحكايات واألمثاؿ والقصائد واألىازيج والفنوف الكبلمية واآلداب
2
الشفوية والتراث الشعبي ))
1محمد حسٌن الفرح :الجدٌد فً تارٌخ دولة وحضارة سبا ،المجلد االول ـ اصدارات وزارة الثقافة والسٌاحة ،2114
صنعاء ،الٌمن ،ص 62، 61
:محمد حسٌن الفرح :المرجع نفسه ص 71
2
29
الفنون اليمنية القديمة
تعد األسطورة عمؽ تاريخ اإلنساف األوؿ وعمؽ تفكيره منذ نشأة اإلنساف البدائي األوؿ وأدبو
وفنو وشعره ،فاألسطورة بأنيا تقرب البعيد القريب ،فاألسطورة مف الخياؿ المحض فيي تقدـ
واقعا أسطوريا في الخياؿ أي أنيا تحاوؿ تحقيؽ المستحيؿ الذي يقصر العقؿ إف يصؿ إليو أو
يصدقو ،أو يسمـ بو فجماؿ األسطورة بأنيا تقرب البعيد وتبعد القريب الف األسطورة تعتبر
جزء مف التراث الفني والثقافي اليمني القديـ ،كما يعرؼ عبد الحميد يونس األسطورة ،إف
ىي األسطورة (( أنيا تتركز حوؿ تصور الواقع ،إف كاف تصو ار خارقا أو تقترف دائما
بالطقوس التي تمثميا واذا أردنا إف نحدد مجاال لؤلسطورة فإننا نشير إلى أنيا حكاية الو أو
شبو الو أو كائف خارؽ تفسير بمنطؽ اإلنساف البدائي ظواىر الحياة الطبيعية والكوف النظاـ
االجتماعي وآليات المعرفة .فيي تترع في تفسيرىا إلى التشخيص والتمثيؿ و التجسيـ وتنأي
بجانبيا عف التعميؿ والتحميؿ وتستوعب الكممة والحركة و واإلشارة واإليقاع وقد تستوعب
المادة (( وىي عند اإلنساف البدائي عقيدة ليا طقوسيا فتطور األسطورة لعوامؿ تشكيؿ
عمى بذور محممة المستقبؿ وبذور القصة والمسرحية ،لقد تغيير المجتمع )) أما تحتو
استخدمت األسطورة أروع استخداـ رجاؿ الفف والسحر )) وتعرؼ األسطورة في ( معجـ
المترادفات ) (( أنيا قصة مركبة مف عناصر إليية خالصة ،بدوف أساس تاريخي ،عمى
األقؿ فيما يخص الجوىرة فيو )) ويعرفيا " روالف بارت " نمطا دالليا وشكبل فنيا أو كما عبر
(( أنيا نسؽ مف التواصؿ ،أنيا رسالة )) فيذا التنوع في األسطورة انعكاس الثرايا عالميا ،
وال يخمو موروث مجتمع مف المجتمعات مف الجذور القديمة في التاريخ اإلنساني مف وجود
1
التراث اإلنساني األسطوري في أدبو الشعبي.
فتعتبر مف أىـ أشكاؿ األدب الشعبي بؿ تعتبر القولي في األدب الشعبي فاألسطورة ليست
قصة عادية ترو او حكاية يتناوليا الشعب في أميات لتمضية الوقت لقتؿ الفراغ "فاإلنساف
1عبد المالك مرتاض :المٌثلوجٌا عند العرب ،دار العرب مكتبة االسكندرٌة ،القاهرة ،ط ،1ص 13
31
الفنون اليمنية القديمة
البدائي ،عندما صادؼ الظواىر الطبيعية مف حولو ،كالمطر والبرد واإلنبات ...إلى غير
ذلؾ كا ف البد لو مف التساؤؿ عف مصدرىا واف يربط بيف وجودىا والقو الغيبية التي امف
بسيطرتيا عميو فيذه الظواىر البد اف يكوف في صمح دائـ معيا ومف ىنا نشأت الطقوس
الدينية التي كاف يحيييا في مواسـ معينة بمعناىا المحدد وصفا ليذه أو ىي الحكاية التي
ترتبط بيا )) فاألسطورة مفرد أساطير مثؿ أحاديث واكاديب وأكذوبة وفي المغة تعني ((كؿ
ما يخط ويسطر مف أباطيؿ أحاديث عجيبة وقد ورد في المعاجـ "السطر والسطر :الصؼ
1
مف الكاتب والشجرة والنخؿ ونحوييا يقاؿ بني طر وغري سط ار والسطر الخط والكتابة ))
وقوؿ اهلل عز وجؿ ((:وقالوا أساطير األوليف اكتتبيا فيي تممى عميو بكرة وأصيبل )) الفرقاف
3 2
فاألولى خبر المبتدأ المحذوؼ وقولو عز وجؿ ((ف والقمـ وما يسطروف )) "القمـ
والمعنى يقاؿ الذي جاء بو ىو أساطير األوليف معناه طره األولوف ومعنى األساطير جمع
أسطورة وسطر يسطر اذا كتب ،أما اآلية الثانية قاؿ أبو سعيد الضرير " سمعت أعرابيا
فصيحا يقوؿ اسطر فبلف اسمي اي تجاوز السطر أي تجاوز السطر الذي فيو اسمي فإذا
كتبو قبؿ سطره ويقاؿ سطر فبلف فبلنا بالسيؼ سط ار إذا قطعو بو كأنو سطر مسطور ((
األساطير :أحاديث ال نظاـ ليا واحدتيا أسطار واسطارة بالسكراسطير وسيطرة و أسطورة ،
وقاؿ قدـ ،أساطير جمع سطر )) ويقاؿ أذا أخطا الرجؿ أسطر أي وأسطورة بالضـ
يكفوا عف خطئو فاإلنساف وحده الذي ينفرد عف كؿ الحيوانات والكائنات ،بالسموؾ الرمزي
وبالقدرة عمى استعماؿ الرمز والتعامؿ عف طريقتيا ،فالمغة التي يتصؿ بيا غيره شبكة
الرموز واألحجية والتعاويذ و الطبلسـ والشعائر والطقوس التي يمارىا في مناسبات معينة
جميعيا رموز (( اتفؽ عمييا المجتمع ويدركيا أفراده ،ويستخدمونيا في حياتيـ اليومية ))
اذا يعد الرمز مف احد الدعائـ لمتكويف األسطوري األسطوري إلى جانب أنيا تعد "تفسي ار
38 كماؿ الديف حسف :التراث الشعبي في المسرح المصري الحديث ،ص 1
تم ثيميا لمطقوس " وىذا يفسر وجود أكثر مف صورة وأكثر مف تفصيؿ يفسر طقسا أو جزء مف
أسطورة أضيؼ أو بدؿ خبلؿ رحمة اإلنساف االجتماعي في الزماف والمكاف (( تعد البنية
الثقافية واالجتماعية بفؿ التطور الحتمي لممجتمع وبما إف األسطورة ىي جزء مف الفمكمور
الشعبية والطقوس الدينية والرقصات الذي يشمؿ الحكايات الشعبية واألساطير والسير
واألىازيج وغيرىا )) ومارسيا اإلغريؽ تعود بضرورة تاريخا حقيقيا متعمقا باألدياف ،فتمؾ
الترعات فطرية ،كاف االنساف البدائي يحث فييا عف قوة في الطبيعة ف أو فيما وراءىا
تحميو مف شرور ىذه الطبيعة نفسيا والبحث عف التخمص مف المرض والظبلـ والشيخوخة
والموت وكؿ اآلالـ واألضرار ...الذي كاف يعتقدىا االنساف البدائي وقضت عمييا العقيدة
اإلسبلمية نظ ار لمخالفتيا لمعقيدة اإلسبلمية ،نظ ار لتعميؽ األدب في العوالـ جديدة يرتادىا
وأقبح ما فيو لتقميد والقصور والتسميـ بواقع محتوـ وىكذا جاء تعريؼ األسطورة عند ىؤالء
الكتاب والباحثيف ولكف في نظري اف األسطورة إبداع إنساني استطاع اف يواجو الطبيعة بخيالو
األسطوري الذي يصؼ لنا أحداث خيالية لدينا كاذبة صادقة لدييـ الف االنساف البدائي كاف
يؤمف بيذه األساطير وتعتبر بحيث عف وراء ىذه الكوارث ومحاولة إلرضاء اإللو ومواجية
األبطاؿ ليا ،فاألسطورة تنقمنا الى حالة مف الوعي يمكف اف يقاؿ عنيا بأنيا ذات بعد روحي
1
وتصنؼ األساطير الى:
2
:وىي األساطير التي ترتبط بعمميات العبادة أي *أوال – األساطير الطقوسية اليمنية
كاف شكميا والتي تعتمد عمى الطقوس (الفعؿ الحركي ) والتي يتقرب االنساف الى تمؾ القو
الخفية ( اآللية التي تتحكـ في مظاىر الكوف والطبيعة )) مثؿ أسطورة (المقو ) (الو القمر)
أي معبد بمقيس والذي يسميو الناس ( محرـ بمقيس ) و (معبد بمقيس ) تبرز التراتيؿ
والشعائر ،ويصاحب ىذه التراتيؿ آبيات شعرية مف النسوة في جو احتفالي ورقصات إيمائية
)) كذالؾ أسطورة العمالقة العمالقة عند البابميف "مالوؽ " الييود إلييا "عـ بمعنى األمة أو
فوزي فيمي :المفيوـ التراجيدي والدراما الحديثة،ط ،2القاىرة، 1988 ،ص 16،15 1
الشعب فصارت "عـ ماليؽ " أي شعب ماليؽ وسكنوا شماؿ جزيرة العرب حتى جنوب فمطيف
والمعتقد اف قوـ عاد ظيروا بعد الطوفاف في االحقاؼ بيف حضر موت واليمف وبمداف الخميج
وكاف يبمغ طوؿ الواحد منيـ ( )50ذراعا وطوؿ ( )75قدما ومنيـ بنوقري ومدف في عامة
العالـ يما فييا حضر موت أسطورة العماليؽ ،وأسطورة ارـ ذات العماد وىـ قوـ البني ىود
عميو السبلـ (( تسرد لنا األسطورة انو بعد اف أرسؿ إلييـ النبي ىود عميو السبلـ ووصؼ ليـ
الجنة وما فييا مف نعيـ فيسخر ارـ ويطمب اف ينتشروا في أنحاء المممكة .
خمؽ العالـ أو الكوف وتعتمد *ثانيا – أسطورة الخمؽ :وىي األساطير التي تفسر
األساطير اليمنية السماء عمى آلية الطبيعة والسماء ،األرض الرياح الشمس القمر النجوـ
كاف الناس يعبدوف األفبلؾ السماوية القمر وقرينتو الشمس وابنيا كوكب الزىرة وقبؿ اف
تتحوؿ ىذه الدوؿ الى ممالؾ ((كاف رئيس كؿ دولة يمقب (مكرب ) والذي يعني رئيس الكينة
الذي كاف يستمتع بسمطة دينية وسياسية انو كاف رئيا دينيا وممكا دنيويا وكاف يعتبر االبف
األكبر لئللو (القمر ) بينما كاف بقية أفراد الشعب األبناء الصغار الذيف كاف خضوعيـ
لبلبف األكبر خضوعا لبللو )) كاف يرمز لئللو القمر بقرنيف (لوعؿ آو الثور ) ألنيا اقرب
بيا باليبلؿ .1
* ثالثا :األسطورة التعميمية :وىي تمؾ األسطورة التي يحاوؿ اإلنساف البدائي عف طريقيا
إف يعمؿ ظاىرة ولكنو ال يجدىا تفسير مباشرة مثؿ ( الرعد ،انفجار البركاف وانشقاؽ األرض
عف الزرع )
*رابعا – األسطورة الرمزية :وىي اقرب إلى األسطورة الدينية والكونية ألنيا تعبر بطريقة
مجازية عف فكرة دينية آو كونية والتي تتطمب التفسير بالمعنى الرمزي.
*خامسا – األسطورة التاريخية : 1ىي األسطورة المتضمنة واقعا تاريخيا في القدـ ،وىي
إلى البطؿ ،الذي يجمع بيف الصفات مزيج مف التاريخ واألعماؿ الخارقة التي تنسب
ويعاد إلى مصاؼ اآللية ولكف صفاتو اإلنسانية تشده دائما اإلنسانية والقدرات اإلليية ،
إلى العالـ األرضي ،كأسطورة "سيؼ بف يزف مثبل" والتبع حساف " باختبلؼ التصنيؼ نجد
إف األساطير سواء في المضموف والمعاني (( تعتمد األسطورة عمى الرمز ويعد الطقس والرمز
مف دعائـ التكويف األسطورة وىو األصؿ في نشأتيا )) كما أسمفنا سابقا عف تعريؼ
األسطورة وتصنيفيا فاليمف بمد حضارة وتعدد العبادات والطقوس و الشعائر الدينية ،فمر
اإلنساف البدائي بعدة مراحؿ مف الصيد إلى الزراعة تـ إلى التفكير في اإلنتاج والرسـ
والصناعة اليدوية وكؿ مرحمة مف ىذه المراحؿ (( كانت تقدـ طقوس دينية لآللية ومعتقدات
وذلؾ مف اجؿ إرضاء اآللة اليونانية القديمة ولكف تحت مسميات أخر )) كما يروي لنا
الكاتب عيد عولقي (( إف مف بيف أشير أسماء اإللو القمر "ود" التي تعني الحب اإلليي
البعيد عف الحب الجنسي و "دشيرت" أي الو الشير القمري ،و "ودـ " أو أيـ أو أيـ ودـ
وكميا تعني اإللو الودود األب فكانت تعد آلية وىي القمر الشمس كوكب الزىرة )) ويفيد
األديب اليمني عمي بف عمي صبره في كتابة اليمف الوطف األـ (( إف حضارة اليمف يعود
تاريخيا إلى عشرة آالؼ سنة ؽ.ـ 10ألؼ سنة ؽ.ـ )) فحضارة مثؿ حضارة اليمف البد مف
أف يكوف ليا عدد مف األساطير برغـ عدـ اكتشاؼ معظميا في التقنيات األثرية التي تشير
إلييا الكتب التاريخية ،ولكنو ىناؾ العديد مف األساطير التي تصؿ بمستو األساطير
اإلغريقية والرومانية والبابمية ،ومف تمؾ األساطير التي كانت تركز عمى بطولة وقوة وبأ
إلينا بصورة الو أو نصؼ الو ،ومف األسطورة الممحمية "أسعد بطؿ األسطورة لتسوية
الكامؿ " فيي تحتو عمى فقرات شعرية ونثرية حيث (( تحكي عف والدة اعد الكامؿ ((ارض
اليمدانيف ،ثـ مقابمة الكاىنات الثبلث وتعرفو منيف عمى أصولو الممكية وحمبلتو إلخضاع
وطف الجزيرة العربية والعراؽ وفتحو إليراف والصيف واليند)) وىنا نبلحظ أوجو الشبو بيف
1
وبما اف أسطورة اعد محمقة اعد الكامؿ و مسرحية مكبت لمكاتب االنجميزي "شكسبير "
الكامؿ الى المصادر التاريخية في كتاب سبا وجمير لممؤلؼ الكبير محمد حسيف الفرح "تاريخ
والدتو ( 669-703ؽ.ـ )) والذي يجسد اسمو ولقبو في عشريف نقشا باسـ (أبي كرب اسعد
ممؾ سبا وذي ريداف وحضر موت ويمنت وأعرابيـ طودا وتيامة )( اسعد ممؾ سبا –آتو )
ىو تبع الذي ذكره اهلل في القرآف الكريـ بقولو عز وجؿ (( أىـ خير أـ قوـ تبع والذيف مف
قبميـ أىمكناىـ انيمؾ انو مجرميف)) "2الدخاف " 37وفي الحديث عف النبي صمى اهلل عميو
وسمـ "ال تبوا تبعا فانو كاف قد اسمـ "فقاؿ الجاحظ وابف كثير في تفسيره لآلية المذكورة
سابقا أىـ خير أـ قوـ تبع قوـ سبا وبحثا ىنا ىو معرفة األساطير اليمنية ولسنا في وارض
3
روما (في أمسية الغر والقوفاز) في القرف السابع ؽ .ـ ))
حاوؿ بعض العمماء أف يربطوا بيف لفظ مسند شكؿ الكتابة فيذا ىو إسرائيؿ والفنستوف يقرر
أف الحضارة جنوب ببلد العرب عقمية تنجو نحو األعمدة في عمارة القصور والمعابد واذ
أسوار والسدود وأبواب المدف ومف اجؿ ذلؾ يوجد عندىـ ميؿ شديد إليجاد حروؼ عمى ىيئة
األعمدة أي أف إلى شكؿ ىذه الكتابات وأطمقوا عمييا لفظ المسند الف حروفيا ترسـ عمى ىيئة
38 1كماؿ الديف حسف :التراث الشعبي في المسرح المصري الحديث ،ط 1القاىرة1997 ،ص
سورة الدخاف اآلية 37 2
خطوط مستندة إلى أعمدة وىذا تخريج الدعي لو ولسنا بحاجة إلى القوؿ باف لفظ المسند أقدـ
عيدا مف اإلسبلـ وعمماء المسمميف الذيف لـ يكونوا بحاجة إلى التخرج والتعميؿ فقد عرفوا
االسـ مف أىؿ اليمف ومف النقوش بؿ ونستطيع أف نقوؿ أف االسـ كاف شائما عند العرب حتى
في الشماؿ ،قبؿ اإلسبلـ وتتكوف أبجدية المسند مف رمز الحرؼ تمثؿ أصوات الحروؼ
العربية الحديثة بزيادة صوت واحد ينطؽ مف مخرج قريب مف اليمف بيف اليمف والصيف عمى
ما يبدو ،ونعتقد إف آثار باقية في الميرية حيث يتكرر في ألفاظيا صوت غريب يذكرنا في
نفس الوقت بالصوت الذي يرمز إليو بحرفي LLفي لغة ويمز لسميبة ومف الكممات الميرية
التي نجد فييا ىذا الحرؼ كممة "شخوؼ " حيث تنطمؽ الشيف مف مخرج بيف السيف والشيف (
وتشبو التاء ) وتعتب كممة شخوؼ " المبف " ويقابميا في بعض ليجات البادية في حضر
موت كممة (شخب) تعني لمبف أيضا ونجد في المعاجـ المغوية ( :خشب بمعنى لبف ويقاؿ
أنيا حميرية ) .وفي كممة "مسند " نكتب اليف عادة برمز ىذا الحرؼ الذي النعرؼ اسمو كما
تقمب أحيانا "ثاء" فتصير الكممة مثند " وىذا يعود إلى تدخؿ بعض األصوات عند الكتابة
وخاصة في الكتابات الحضرية القديمة كما إف فيو تمميح إلى السبو بيف ذلؾ الحرؼ "وحرؼ
1
التاء " أيضا
ويبلحظ أف نقش المسند التي وصمت إلينا تمثؿ مستو عاؿ مف الدقة والجماؿ في رسـ
أشكاؿ الرموز ،وتمثؿ في نؼ الوقت ( اثر باقيا الثقافة فذة ذات شخصية متميزة وعالية
كيؼ بدا ىذا الحط يقوؿ ،الدكتور بيستوف وال يعرؼ احد الى اليوـ التطور ،كما
والنظريات المتعارضة لتي اقترحيا العمماء النشوية لـ ننقر بعد عمى رأي يمكف االخدبة .
وجميع تمؾ اآلراء تقوـ عمى أساس مقارنة أشكاؿ الحروؼ والعبلقة الجغرافية بيف األماكف
التي عثر فييا عمى نماذج األبجدية المختمفة ونجد في العربية – تمخيصا – ومناقشة الجمؿ
1
تمؾ اآلراء والنظريات في كتاب جواد عمي المفصؿ في تاريخ العرب قبؿ اإلسبلـ
وترجع أقدـ النقوش اليمنية ( المسند ) إلى أوائؿ القرف التاسع قبؿ الميبلد عمى ابعد تقدير اذا
آخذنا في االعتبار الختـ الذي عثر عميو في يبتؿ فمسطيف عمما باف أقدـ وصؿ أينا مف
نقوش ال يمثؿ بالضرورة تاريخ بداية أتخدـ الخط أما احدث ما وصؿ إلينا مف تمؾ النقوش
فيرجع الى أواخر القرف السادس بعد الميبلد
ومع أف " الف العرب " يذكر أف جماعة مف اليمف ظمموا بالمسند وىـ في اإلسبلـ إال اف
ذلؾ الخط لـ يمبث إف أىمؿ بفعؿ انتشار الخط العربي الشمالي ولو كاف اليمنيوف لـ ينوا
نممسيا في كتاباتيـ ولتعمموا المسند لمسا وقع مؤرخيـ األوؿ في األخطاء الصارخة التي
الكثير عف تاريخ اليمف الذي ظمت بصبو التذكارية المنقوشة بارزة لمعياف طواؿ القروف حتى
جاء المستشرقوف في القرف الماضي وجاءت محاوالت أحياء ذلؾ الخط ولميجات العربية
2
القديمة
ولمجيات الرئيسية التي كتبت بيا نصوص المسند في اليمف ىي السيئة والمعنية والقمبائية
والحضرية أي ليج ا المالؾ الرئيسية القديمة أما مممكة لوماف شبو لجيولة فاف ما وصؿ إلينا
مف نقوشيا ال يمكننا مف التحدث عف خصائصيا لمغوية زىناؾ ليجة يدعو ىا بيتوف ىرمية
نسبة إلى مدينة ىرـ تشبو في مجميا السيئة إال أنيا نظير في المجموعة الصغيرة مف
3
النصوص التي عثر عمييا في تمؾ المدينة خصائص لغوية متميزة .
1وولي سيرليو :مدخؿ الى عمـ القاىرة ،ط، 1القاىرة ،1956 ،ص 441
2االكوع الحوالي :اليمف الخضراء ،ص 241
3االكوع الحوالً :المرجع نفسه ،ص 241
37
الفنون اليمنية القديمة
ولـ يقتصر استخداـ المسند عمى اليمف وحده فيناؾ نصوص وجدت في أماكف مختمفة كما
سبقت اإلشارة في فصوؿ القسـ األوؿ مف ىذا الكتاب ويقسـ بيستوف ىذه النقوش إلى ثبلثة
أقساـ :
-1نقوش وجدت في مناطؽ احتميا متوطنوف مف اليمف بصفة شبو دائمة وىده تتمثؿ في
نقوش دداف (العبل)
-2نقوش خمفيا لنا أشخاص أثناء رحبلتيـ التجارية أو حمبلتيـ العسكرية خارج اليمف
وىذه تتمثؿ في النقوش التي وجدت في مصر (ؼ )3571ونقش جزيرة ديموس
والنقوش التي حفرت عمى صخور في أواسط الجزيرة اليونانية ( ؼ ) 3576
العربية ومخربش مف مصر العميا ( ؼ ) 3571
-3نقوش نامس فييا اثر الثقافة اليمنية عمى المناطؽ المجاورة وأىميا ما وجد في
الحبشة وكتبت بالمسند وىي أقدـ النقوش الحبشية ولكف ىذه النقوش مف القصر
بحيث يصعب أدراؾ العبلقات لمغوية فييا بصفة قاطعة وىناؾ مجموعة نصوص
عربية شمال ية شرقية استخداـ في كتابتيا المسند إنما بميجة ( يستعمؿ بسنوف ىنا لفظة
1
لغة ) غير اليمنية
لقد كانت الكتابة عموما تكتب مف اليميف إلى الشماؿ وحتى النصوص القديمة التي كتبت
عمى الطريقة الحمزونية ،التي بما وكس فييا السطر التالي السطر السابؽ لو في االتجاه ،ت
احمد فخري :الدراسات في تاريخ الشرؽ القديـ القاىرة 1963 ،ص 481 1
38
الفنون اليمنية القديمة
جانيـ يبدوف مف اليميف في الغالب وفي السطر الذي يكتب مف الشماؿ إلى اليميف تتحوؿ
اتجاىات الحروؼ غير المتناسقة ،مثؿ الراء والشيف وغيرىا ،ويفصؿ بيف كؿ كممة وكممة
عمود راسي "ا" وعند دخوؿ حرؼ ذي مقطع واحد كحرؼ الجر (ب ) والعطؼ (و) الخ
فيوصؿ ذلؾ الحرؼ بالكممة ،التي يدخؿ عمييا إما إذا كاف ذلؾ الداخؿ مكونا مف حرفيف
مثؿ (وب )...فانو في الغالب يفصؿ بينو وبيف الكممة التي يدخؿ عمييا بالعمود الرأي كما
نجد في اغمي النقوش مثؿ ( و ب /ع ث ت ر ) وتوضع رموز اإلعداد بيف عبلمتيف
خاصيتيف ىكذا رمز العدد ولقد عرؼ الكتاب المسند استعماؿ االختصار ( والمونو جرامات )
كما نشاىد عمى القطع النقدية حيث يكتفي بالحرؼ ولكنيا في رأي العمماء لي ليا أي آللة
1
صوتية وانما ىي رموز دينية وتأتي عادة في أوؿ النقش وفي آخره (.)270
قد الحظنا مف قبؿ إف كتابة النقوش لـ تعرؼ عبلمة لمتشديد وأنيا استعادت عف ذلؾ في
بعض األحواؿ التي تشيد عمييا أمثمة مف النقوش ،بتكرار الحرؼ المشدد كما في لغات أوربا
عمى حد تعبير غويدي ( )272وير بيستوف إف انتقاء عبلمة تشديد في المسند شبيو بانتقائيا
في الكتابة األثيوبية ،غير انو يورد لنا مثبل معتا لتكرار الحرؼ عوضا عف التشديد في مثؿ
ورود لفظ ( ـ ح مـ د ـ ) في النقش ( 353/1ـ ) والذي نر فيو مشابية لبلسـ العربي
المعروؼ محمد ( ) 273وىناؾ ظاىرة أخر في ىذه النقوش تتمثؿ في غياب ىمزة الوصؿ
فييا ) كاف حديثا حتى آلف يدور حوؿ بعض لمسات المشتركة لمنقوش اليمنية القديمة
"المسند " 0وكما قد اعترفنا بوجود فوارؽ بيف الميجات التي استخدمت في تمؾ النقوش ،
وىي لميجات السيئة والمعنية والقبانية والحضرمية أما السيئة وىي لتي وصؿ إلينا منيا قدر
اكبر مف النقوش فتغطي مف الناحية التاريخية فترة طويمة تمتد منذ عصور المكرييف السيئيف
إلى آو آخر القرف السادس الميبلدي بيمنا تعاصره النقوش المعنية الفترة األولى مف تاريخ
النقوش السيئة التي تمثؿ عصر المكرييف والمموؾ األوؿ إلى نيابة القرف األوؿ قبؿ الميبلد
تقريبا ثـ تندثر وتميؿ قريبا مف بداية العصر المسيحي عمى ما يعتقد .ويتمر ظيور
النقوش القبانية إلى ابعد مف ذلؾ فنجدىا ال تزاؿ مزدىرة في أوائؿ العصر المسيحي وال
يستبعد أف تكوف قد استعرت حتى القرف الثالث الميبلدي .وتأخذ النقوش الحضرمية في
1
االندثار الغزو السبي لحضر موت في نياية القرف الثالث أو بداية القرف الرابع لمميبلد .
وىكذا فاف نقوش كؿ مف معيف وقتياف وحضر موت تعاصره المرحمة األولى النقوش السبئية
منوع ندما نصؿ إلى المرحمة السبيئة الثانية وىي المرحمة الوسطى ( منذ القرف الثاني ؽ .ـ
إلى القرف الرابع الميبلدي تقريبا ) تكوف نقوش ىذه الميجات قد ضعفت وأخذت في االندثار
واالضمحبلؿ الواحدة تمو األخر تبعا الختفائيا مف المسرح السياسي كما لؾ مستقمة أو شبو
فترة طويمة 15قرنا عمى وجو مستقمة وتتبح لنا كثرة النقوش السبيئة وانتشارىا عمى مد
اف نبلحظ فييا تطور طريقة الكتابة وتطور طريقة قواعدىا المغوية "ا" فنجد المرحمة التقريب
الوسطى فتمتاز بالخط ذي الزوايا الحادة واألشكاؿ المستديرة الموشاء ( .ج ) وتأتي نقوش
القرنيف الخاـ والسادس لمميبلد ضمف المرحمة األخيرة مف تطور الخط السبي وتتفؽ الميجات
المعنية والقبانية والحضرمية في استعماؿ الحرؼ (س ) كسابقة في أوؿ القمؿ المتعدي بينما
تستخدـ الميجة السبئية عوضا ،مما يذكرنا بنقوش مذاب الحضرمية وفيما عدا ذلؾ فيناؾ
خصائص أخر في جميع ىذه الم يجات ،ليس ىنا مجاؿ تفصيميا ،وخاصة فيما يتعمؽ منيا
با لضمائر وحروؼ الجر والعطؼ التي تختمؼ فييا الميجات أو تمتقي بطريؽ يصعب معيا
تقسيـ تمؾ الميجات إلى مجاميع أو حتى إلى مجموعتيف رئيسيتيف وينبغي أف نبلحظ إف ىذه
المقارنات المغوية بيف لميجات اليمنية القديمة تكاد تكوف مقتصرة عمى مرحمة واحدة ىي ما
1
يسميو بيستوف المرحمة السبيئة األولى التي تنتيي بالقرف الثاني قبؿ الميبلد تقريبا
وىو الوقت الذي قمنا إف نقوش الميجة المعنية فييا قد اختمفت تقريبا إما الميجتاف الرئيسيتاف
األخرياف القتبانية والحضرمية والمتاف عاصرتا جزاءا يطوؿ أو يقصر ،مف المرحمة السيئة
الوسطى ( حسب ما بيف أيدينا مف نقوش ) فأنيما أخذتا في االندثار خبلؿ تمؾ المرحمة
واختفت نقوشيا قبؿ نيايتيا وليذا فإننا ال نستطيع اف نحكـ عمى ىذه الميجات في القروف
الثبلثة السابقة اإلسبلـ وما طر أعمييا مف تطورات في المناطؽ التي كانت تتكمـ بيا .ونتوقع
أصبحت ليجة إف تكوف سيطرة السيئيف السياسية قد أدت الى غمبة ولو نسبية لميجتيـ التي
النقوش ولميجة الرسمية الوحيدة والتي يعتقد العمماء أنيا قريبة الى المغات السامية الغربية
1
األدبية الشمالية
خالصة:
عرفت الحضارة اليمنية تطو ار كبي ار في مجاؿ الفنوف األدبية مما جعميا حضارة عريقة بحدي
دانيا فقد عرفت بدلؾ الشعر وفف الحكاية والمقامة التي احد األجناس األدبية السردية
المطعمة احيانيا بالشعر التي تميز بيا األدب العربي اليمني وىي كدالؾ تعتبر ر مف
القصص الخيالية التي تبني عبل شخصيات وإلحداث وخطب وحورات .
إما عف الظواىر المسرحية اليمنية في تؤكد لنا ولغيرنا عمي وجود المسرح في اليمف القديـ أو
اىتماـ بيا معتمدا عمي جذور قديمة ومقاييس .
إما عف اإلبداع اليمني القديـ فقد تجسد في الخط المسند حيث برع اليمنيوف في نقوش بالخط
اليمني المسند حيث كاف ىو الرمز الحقيقي في تمؾ الحضارة العريقة مند أالؼ السنيف مما
جعميا حضارة يضؿ إبداعيا الفني في الخط المسند ميبط األجناس البشرية فقد تمكف بدلؾ
اليمنيوف بداع لغة ضرورية لبني اإلنساف ألنيا وسميو التخاطب وواسطة التعارؼ وترجماف
األفكار وتبادؿ المعاني.
الفصل الثالث
43
الفنون اليمنية القديمة
إف وجود األعماؿ التحتية الصغيرة و الكبيرة في جنوبي الجزيرة العربية خبلؿ العصور القديمة
اثر معروفا سابقا مف خبلؿ كتاب األغاني لميمداني لكف المعروؼ منيا حاليا لؤلسؼ قميمة و
44
الفنون اليمنية القديمة
يصطحبيا بدقة الف النشور عنيا غالبا صالحاف حصيمة مصادقة أو تقنيات غير مدروسة و
المنيجية و كما أف فصؿ حوؿ المناىج تحديد النشاط التاريخي الممحؽ بالمنيج الوصوؿ إلى
تاريخ مطمؽ مؤكد ليا و يذكر ذلؾ " بونكا " و في ىذا السياؽ شاىدا معروفا و ىو النصاؼ
البرونزي الموجود ضمف مجموعة الذي تتراوح آراء في تاريخو قد أف الحكـ عمى ىذه المسألة
مف انطبلؽ أوال المنطقة الجنوبي الجزيرة العربية خبلؿ العصور القديمة لـ تتبع سياسيا لية
مف الدوؿ اليمنستية أو اإلمبراطورية الرومانية أبدا .و لـ تكف ىناؾ سو محاولة وحيدة لفرض
السيادة األجنبية فييا .و ىي الحممة الرومانية التي قادىا إليوس جالوس سنة 64/25ؽ.ـ ،و
مف المعروؼ أنيا أخفقت في غايتيا .أما فترات االحتبلؿ الحبشي و الفارسي فبل دور ليا في
1
ىذا الموضوع ألنيا حصمت في أواخر تاريخيا القديـ .
و لكف ،مف ناحية ثان ية ،ال يعني ىذا أف الفف في جنوبي الجزيرة العربية كاف خالصا خاليا
مف أية تأثيرات .فقد ظيرت مف خبلؿ التجارة البرية و البحرية صبلت متنوعة مع بمداف
حوض البحر األبيض المتوسط و اليند ،و تركت تمؾ الصبلت و العبلقات تأثيرات حضارية
و فنية أيضا ،و ليذا ظير عدد مف المقى األثرية المستوردة و لوحظت حاالت مف التأثيرات
الفنية .لكف في ىذه المسألة – كما في التاريخ تماما – تتباعد األحكاـ بشكؿ واضح .و
1
بكممات أخر يمكف القوؿ :إف مشكبلت الفف القديـ في جنوبي الجزيرة العربية متنوعة.
إف أشير نماذج المنحوتات الكبيرة في جنوبي الجزيرة العربية ىما ببل شؾ التمثاالف البرونزياف
المذاف يتجاوزاف الحجـ الطبيعي لئلنساف ( ،)237،238و قد عثر عمييما سنة
1931خبلؿ حفريات و لي العيد آنذاؾ سيؼ اإلسبلـ أحمد في نخمة الحمراء (جنوبي جبؿ
كنيف ،شرقي طريؽ صنعاء –ذمار ) و غالبا ما نميز في تمؾ األعماؿ النحتية الكبيرة
والصغيرة تأثير نماذج" أجنبية " ،فالعمبلف المذاف تحدثنا عنيما أعبله يشبياف بوضوح نماذج
التماثيؿ التي كانت تصور القيصر الروماني عادة.كما نجد في التماثيؿ البرونزية التي كشؼ
عنيا في القاعة األمامية لمعبد أو أـ في مارب عبلمات تدؿ عمى تأثيرات قبرصية – فينيقية.
ونمحظ تأثيرات أجنبية في المنحوتات المكتشفة في تمنع أيضا ،نشير مف بينيا إلى األسديف
المذيف يقودىما صبي عار .وقد أثار ىذا العمؿ مناقشات عممية واسعة ،وال يمكف تجاىؿ
التأثيرات الينمستية فيو ،ولو يفترض انجازىما في الببلد ذاتو ؛ بناءا عمى النقوش الكتابية
2
العربية الجنوبية المدونة عمى قاعدة العمؿ
إف األمثمة التي تظير فييا بوضوح تأثيرات أجنبية أكثر عددا ،ويسيؿ تمييزىا .ومف ناحية
ثانية؛ ىناؾ قطع أثرية يمكف الحكـ بوضوح أيضا عمى أنيا مستوردة ،نذكر منيا مثبل التمثاؿ
الصغير الذي يمثؿ محاربا إسبارطيا ،وقد عثر عميو سنة 1939في البريرة بحضر موت ،ثـ
اختفى ضمف مجموعة شخصية ،وعاد إلى الظيور سنة 1982في مزاد عمني في لندف .وىو
يعود إلى النصؼ الثاني مف القرف السادس ؽ.ـ ،ويحتمؿ انو مف إنتاج مشغؿ فني في
الكونية ( جنوب شرقي شبو جزيرة البيموبونيز ).كما نشير إلى تمثاؿ برونزي يمثؿ راقصة
عثر عميو في خور روري ( سميرـ قديما) عمى الساحؿ العمماني ،وىو ببل شؾ مستورد مف
اليند.1
*الفنون الدقيقة
يشمؿ ىذا المصطمح إيداعات فنية مختمفة كشواىد القبور المصنوعة مف األلباستر ،و التماثيؿ
النصفية المصنوعة مف المرمر أو األلباستر ،و المنحوتات المسطحة ،و الزخارؼ التزينية
47
الفنون اليمنية القديمة
و تيجاف األعمدة الموجودة ضمف تركيب معماري ،و األطباؽ المعدنية ،و الحمي التزينية ،و
الرسوـ .
تفنف اليمني الحضار في األدوات المنزلية و األوعية لممطابخ و األكؿ ،و لـ يكتؼ بالفخار
و الخزؼ و المدمر ،بؿ تطور حسب الظروؼ ،فزيف األواني األنيقة و األطباؽ الفضية
الجميمة ،و األسرة و الموائد ذات األرجؿ الفضية ،و الكؤوس الفضية و الذىبية و الزجاجية
،و حمي النساء و األطفاؿ كالخبلخؿ و الدمالج و األساور و الوسواس و الشنوؼ و العقود و
األحجاؿ و القروط ،و غير ذلؾ مف الصيغ و الزينة يستخدماف كقفؿ أو خمية ،و كبلىما
يمثؿ معبودا جالسا ،و فوؽ ىذا المعبود طائر باسط جناحيو ،و عمى اليميف تيساف في حالة
استعداد لمنطاح و القتاؿ و في "فينا" أيضا عصاتاف مف البرنز إحداىما تنتيي برأس حية و
األخر برأس حنش. 1
كما أف ىناؾ مجموعة تماثيؿ مف األفاعي و الثعابيف "الحنشاف" و الجماؿ ،و الخيوؿ ،و
الفيراف ،و الغزالف و نحوىما و شاىدت في ظفار الممؾ "بيحصب" فصا مف الجزع األبيض
فيو تجازيع و ير مف جوىره نصؼ إنساف قاعدا عمى منصة و أمامو منضدة مف الجزع .
كما شاىدت أيضا فصا مف الجزع األحمر عميو رسـ فارس بيده الرمح و كأنو يطرد
1منير عبد الجميؿ العريفي :الفف المعماري و الفكر الديني القديـ ،ط 1مكتبة مدبولي ،القاىرة 2112 ،ص 186
48
الفنون اليمنية القديمة
و حدثت أف بعض المزارعيف مف قرية القمة مف بنى حشيش خوالف العالية في الشرؽ
الشمالي مف صنعاء بينما كاف يحفر بئ ار ،فمما بمغ في الحفر سبعة أمتار ،إذ وجد ثبلث
غرؼ في أحدىما إناء كبير ممموء بقطع ذىبية مف الذىب المائؿ إلى البياض ،و ىو أجود
الذىب ،و في اآلخرتيف قطع كثيرة مف الذىب الحميري و أشياء غيرىا مف األحجار الكريمة
،و مف جممتيا خاتـ ذىب و عميو تمثاؿ فارس ،و كمو مف الذىب و ىو آية في الفف و
1
الجماؿ و اإلتقاف ،و قد أسامع الناس بذلؾ و وصؿ خبر ىذه الحادثة إلى عباس بف يحي
حاكـ المنطقة المذكورة حينئذ فابتمع أكثر ىذه األشياء بزعـ ف فييا "الخمس"،ألنيا ركاز واختفى
جزء ضئيؿ باالتياب ،ىكذا خبرني السيد النبيؿ إبراىيـ بف عمى الوزير .
و أما الفنوف الجميمة فيي فيي نوع مف الفنوف الدقيقة إال أنيا أخص ،فالفنوف الجميمة ىي
التي تنبسط ليا النفس مف المصنوعات لجماىا و رونقيا ال لمنفعتيا و متاتيا ،و ىي بيذا
االعتبار قسماف :
األوؿ :ما تظير أشكالو محسوسة ،كالحفر و التصوير و النحت و التمثيؿ ،و تسمى اآلف
الفنوف التشكيمية.
و الثاني :ما ال يحس ،و ال ير بؿ ىي مف قبيؿ الخياؿ كالشعر و الموسيقى ،و تسمى عند
العرب باآلداب الرفيعة .
فالتصوير و النحت و الحفر و الرسـ و التمثيؿ ،قد سقانا نماذج مف ذلؾ و البعض بدؿ عمى
الكؿ.
الجد اررية .و ضمف إطار الفنوف الدقيقة يجدر بنا ذكر االكتشاؼ المثير الذي تـ مؤخ ار
في 1984ضمف مقبرة ىجر أمذيبية في وادي ضراء (حضرموت) ،حيث تغني القطع الفنية
معارفنا عف الفنوف الدقيقة و القديمة في جنوبي الجزيرة العربية بشكؿ كبير. 1
في مجاؿ الزخرفة و الفخار و النقش الرمزي وسؾ النقود ىي أقو مجاالت أخر كالمعتقدات
الدينية أو تخطيط المدينة أو تقنيات العمارة .
و فيما يتعمؽ بالتصنيؼ التاريخي ألعماؿ الفنوف الدقيقة،يجب أف نذكر أننا مازلنا بعيديف عف
امكانية تحديد التطورات التاريخية التي طرأت عمى أشكاليا المختمفة.إضافة إلى ذلؾ ثمة حاجة
ماسة إلى تنقيبات يحدد فييا تتابع السويات األثرية بدقة حتى يكوف باإلمكاف تحديد تواريخ
مطمقة مؤكدة،و ليذا تكتسب التنقيبات الفرنسية أىمية خاصة ،و تعد خطوة أولى في النيج
1
الصحيح .
لقد سبؽ أف حاوؿ رتينس قبؿ عدة سنوات ،وضع تصنيؼ تاريخي فني ،اعتمادا عمى عدد مف
أشكاؿ الرؤوس البشرية الموجودة في متحؼ تاريخ الشعوب في ىامبورج،و استطاع-كما تقوؿ
كبلديس ،بحؽ – أف يدرس منحوتات مف فترات مختمفة ،و لكنو لـ يقدـ لنا أية حقيقة إضافية
جديدة عف التطور التاريخي لفف النحت القديـ في جنوبي الجزيرة العربية .
51
الفنون اليمنية القديمة
يمكف القوؿ بشكؿ عاـ ،إننا نعرؼ شواىد المسكوكات النقدية القديمة في جنوبي الجزيرة العربية
بشكؿ رئيس مف مممكة سبأ و خميفتيا مممكة حمير،مف حضرموت.و يبدو اف ببلد اليوناف –و
بشكؿ محدد أثينا-كانت في البداية ىي القدرة مف حيث المشاىد المصورة عمى القطع النقدية
1
.ثـ نشأ سؾ محمي ضمف إطار محدد،و ىو يعبر عف سمات خاصة.
*فن الفخار:
ال يختمؼ وضع القطع الفخارية ،فقد كشؼ األثريوف عف كميات ضخمة مف الكسر الفخارية و
األواني الكاممة ،و لكف رغـ ذلؾ ال يمكف الحديث عف تصنيؼ منيجي أو شكمي ليا ،وال عف
"مدارس لصناعة الفخار" أو مراكز إلنتاجو .و لعؿ مف ابرز العبلمات الدالة عمى الوجو
األمامي رأس رجؿ "سامي" ببل لحية ،و عمى الوجو الخمفي رأس رجؿ ممتح بدال مف البوـ ،و
يرجح أف الوجوه تمثؿ حكاما محمييف .1
و في مجموعات أخر نبلحظ تقميد "األسموب الحديث مف التت ار درخما الفضية األثينية (أواخر
القرف الثالث – نحو 85ؽ .ـ) .و بعد الحممة الرومانية الفاشمة إلليوس جالوس 64/25ؽ.ـ
بدأ يظير عمى الوجو األمامي منيا-في حوالي القرف األوؿ الميبلدي –رأس أغسطيف بدال مف
الرأس العربي .و تتصؿ بيا مجموعة صور عمى الوجو األمامي منيا ممؾ أو إلو ،بينما تظير
في الوجو الخمفي جمجمة ثور لقد تـ صنع القطع الفخارية المكتشفة في ىجر بف حميد و وادي
الجوبة كميا يدويا ،و لكف بالطبع ىناؾ حاالت أخر مختمفة ،إذ تذكر ليمى بدر أف فخار
شبوة المكتشؼ في السويات 5-1ىو مصنوع يدويا في قسمو األكبر ،بينما يقوؿ رتينس عف
2
األواني التي عثر عمييا خبلؿ تن قيباتو في موقع حقو أنيا "مصنوعة كميا عمى القرص الدوار
".
1أرياني مطير عمي' :في تاريخ اليمف ' ،ط 1،دار النشر القاىرة ،1983 ،ص 413
منير عبد الجميؿ :الفف المعماري والفكري الديني ،ص 255 2
53
الفنون اليمنية القديمة
و ال يختمؼ كثي ار حديث البرايت عف فخار سميرـ بعض القطع صنعت يدويا،و لكف معظميا
بالقرص الدوار .كما تجدر اإلشارة إلى الدراسات الروسية الحديثة الجارية قرب بئر حمد في
الجزء الغربي مف وادي حضرموت ،و ىو موقع تعود آثاره الى ما بيف الربع األخير مف األلؼ
الثاني ؽ .ـ و أواخر القرف األوؿ ؽ.ـ ولد وصؼ 35كسرة فخارية عثر عمييا عمى السطح
العموي نجد اف 24قطعة منيا وصفت بأنيا مصنوعة بالقرص.
و يبلحظ التشابو بيف فخاريات ىجر بف محمد و وادي الجوبة مف حيث األشكاؿ المحمية ،و
يشمؿ الجرار و الكؤوس و الصحوف مختمفة األحجاـ .و مف حيث األشكاؿ الزخرفية أمكف
تحديد 14نوذجا ضمف فخاريات ىجر الريحاني ،أحد أىـ المواقع األثرية في وادي الجوبة ،و
يغمب فييا استخداـ الحز أو التنقيط في الزخرفة ،و ثمة مشابيات ليا ضمف فخاريات ىجر بف
حميد أيضا و مف البلفت لبلنتباه العثور عمى قطع فخارية "أجنبية " في بعض المواقع ،ذلؾ
افتقار "فيرست اليمف ، jemen-katalogىذا العمؿ العظيـ المميز ،إلى فصؿ خاص
بالفخار ،و لذلؾ فإننا مازلنا بعيديف جدا معرفيا عف مكانة الفخار في أثار مناطؽ أخر ،كما
في ببلد ال ارفديف أو إيراف عمى سبيؿ المثاؿ و ليذا فثمة محاوالت لوضع سجؿ شامؿ corpus
لمفخار في جنوبي الجزيرة العربية خبلؿ العصور القديمة. 1
54
الفنون اليمنية القديمة
و بشكؿ عاـ يمكف القوؿ اف فخار جنوبي الجزيرة العربية بسيط جدا و بدائي لمغاية ىذا الحكـ
أكثر عندما يقارنو المرء بالقطع الفخارية المكتشفة في مناطؽ أخر مف الشرؽ القديـ ،و سيجد
أنو ال سبيؿ لممقارنة مف حيث األساليب التقنية المستخدمة و ال مف حيث النوعية .
و يعمؿ فإف بيؾ ذلؾ بأف الحاجة الى القطع الفخارية كانت قميمة ،نظ ار الستخداـ مواد أخر في
صنع األواني كالحجر (األلباستر) و الجمد و القصب المحبوؾ و ىو تعميؿ يظؿ قاببل لمنقاش
.و ينطبؽ ذلؾ أيضا عمى رأيو الذي طرحو سنة 1969و ىو أف كمية الفخار المتوافرة في
جنوبي الجزيرة العربية كانت بشكؿ عاـ قميمة .و لكف ىذا الرأي بات نسبيا في ضوء التنقيبات
1
األثرية التي جرت بعد ذلؾ.
*النقود
تعامؿ سكاف جنوبي الجزيرة العربية خبلؿ نشاطاتيـ التجاري البري و البحري بالنقود منذ وقت
مبكر ،و لكف ليس مف الممكف تحديد تاريخ دقيؽ لبمدية ذلؾ .و تظؿ الحقيقة التي نممكيا ،و
ىي أف أولى القطع النقدية المسكوكة التي ظيرت في التاريخ عمى اإلطبلؽ ىي التي سكت
في مممكة ليديا (غربي ببلد األناضوؿ) في مطمع القرف السابع ؽ.ـ تظؿ حقيقة مفيدة .
و بشكؿ أساسي يتوجب أف ننقر مقدما بأف معارفنا عف أشكاؿ النقود القديمة في جنوبي الجزيرة
العربية مازالت غير مقبولة ،و يعود ىذا أسباب عديدة ،منيا كثي ار مف القطع النقدية وصمتنا عف
طريؽ تجارة اآلثار الخاصة ،و غالبا ما نفتقر إلى معمومات دقيقة عف مصدرىا أو المكاف
األصمي ليا .و لذلؾ قد يتغير أي كشؼ جديد – كما ير دمبسكي – تصوراتنا العامة عف سؾ
النقود في ىذه المنطقة بشكؿ جذري.1
تعود بداية سؾ نقود خاصة في جنوبي الجزيرة العربية ،و بالتحديد في المممكة السبئية ،إلى
القرف الرابع أو الثالث ؽ.ـ.و قد سكت فييا في البداية نقود مماثمة لمتت ار دراخما الفضية األثينية
ذات "األسموب القديـ" التي شاغت في أثينا ،و عمى وجييا الخمفي صورة ألبوـ و غصف زيتوف
و ىبلؿ و كتابة يونانية .و تقميد ىذه النقود األثينية ىو نتيجة لمتجارة الخارجية النشطة ،و ال بد
أف السبئييف عرفوا لمتت ار دراخما األثينية األصمية قبؿ سؾ نقودىـ الخاصة بزمف .ثـ طوروىا و
أضافوا إلييا رسوما معبرة و أضحت موحدة وزنا بشكؿ أفضؿ .و ينعكس التعمؽ بيا في عدـ
2
تقميدىا في جنوبي الجزيرة العربية فحسب ،بؿ في مصر و فمسطيف و أواسط آسيا أيضا .
ثـ ظيرت مسكوكات نقدية محمية تحمؿ حروفا إضافية و رمو از كتابية مف المسند السبئي ،كما
تنعكس محاكاة " األسموب القديـ " و التترادرامجا الفضية األثينية في نقود صور عمييا رأس
1كبلوس شيماف :تاريخ الماليؾ القديمة في ضواحي الجزيرة العربية ،ص 158
2مظهر علً :تارٌخ الٌمن القدٌم ،ص 233
3
الفنون اليمنية القديمة
رجؿ دوف لحية بدال مف اإللية أثينا ،و عمى الوجو الخمفي منيا صورة البوـ المألوفة .و في
1
مجموعة أخر نجد
كانت لدولة اليمف الخضراء عممة ذىبية و فضية أو برونزية (ضرب مف المعادف الجيدة التي ال
تتأثر بالتراب مع طوؿ بقائيا فيو) ،و كانت ىذه العممة تضرب بمعامؿ خاصة عمييا عممة
حذاؽ ،و كانوا ينقشوف عمى أحد وجو العممة صور المموؾ و أسماء المدف التي ضربت فيو
بالحرؼ المسند و زينوىا برموز سياسية و اجتماعية كصورة ألبوـ أو الصقر أو النسر الذي ىو
شعار الدوؿ الحضارية .أو رأس الثور رمز الفبلحة و الزراعة أو صور اليبلؿ ،و ىو رمز
2
ديني ،و بجانب تمؾ الموز كتابة بالقمـ الحميري كالخراطيش.
و كانت العممة الذىبية مف الذىب اإلبرير الخالص األصيؿ عف شائبة الغش و كاف يتنافس بو
و يدخر ضنا بو ،و حرصا عميو و إلى يوـ الناس ىذا .
و لذيوع ىذه العممة و انتشارىا و نفاذ سيطرة حكاميا كانت ىي العممة الثالثة في العالـ القديـ ،
و ثانييما العممة الرومانية ،و الثالثة العممة الفارسية .
ومف ىذه النقود توجد مبعثرة بيف الحمي و الصيغ ،كما توجد عمى الخناجر و عمى رؤس
الجنابى و مقابضالسيوؼ القديمة ،ومنيا مجموعة حسنة في المتحؼ األوربي في "فينا
3
"عاصمة النمسا ،تسربت إليو و في متحؼ التواىي بعدف .
و يؤخذ مف صور المموؾ التي عمى النقود أف مموؾ الخضراء كانوا يظفروف شعورىـ جدائؿ
يرسمونيا إلى القفا و عمى جانب رؤسيـ كما ىو اليوـ في بعض أحياء العرب مف مشرؽ اليمف
.و يظير أنيـ لـ يكونوا يرسموف لحاىـ و ال شواربيـ ألننا لـ نجد عمى صورىـ التي عمى النقود
و ال عمى الصور التي اكتشفت و اطمعنا عمييا مف خرائب ببلد عنس الشرقية.
و كانوا يركبوف عمى األفراس أو المراكب التي تجرىا الخيوؿ أو األفياؿ جمع فيؿ :الحيواف
المعروؼ.
و ليس عمييـ مف ا لمبلبس إال مئزر محوؾ بالذىب الخالص حوؿ حقوية و أساور ثمينة في
ذراعيو.كما ىو الحاؿ اليوـ فيما نشاىده و نراه في قبائمنا مراد وسبأو مشرؽ ذمار ،و صنعاء
،و في سرو مذجح ببلد البيضاء ،وسرو حمير ،ببلد يافع و غيرىـ.1
األواني بالذىب والفضة مثؿ صناعة الخناجر التي تعد مف أشير أدوات الزخرفة الشعبية في
اليمف اف فف زخرفة األدوات الشعبية في اليمف ىو عمؿ فتي مف التراث لـ يتأثر بتطور
التكنولوجيا الحديثة وقد يكوف متنوعا ومتباينا في الرؤية والتناوؿ ولكنو يتفؽ في تمثيمو لمتراث
وعمؿ الفناف اليمنى عمى تجديد ىو مزجو بالفف الحديث والواقع لئلنساف اليمنى في عصر
النيضة الحديثة ،وىذا ىو الطريؽ األمثؿ في تجديد الفف اليمنى الحديث وفي بعث التراث
والحفاظ عميو ...خاصة واف مجتمعنا اليمنى مازاؿ يتممؾ العديد مف الفانيف المتشكميف والميرة
في مجاؿ الزخرفة والنقش والنحت وفف العمارة والفف التشكيمي بشكؿ عاـ ،ومازاؿ ىناؾ مف
يقدروف اإلبداع حؽ قدره وربط الفف القديـ الذي مازاؿ في حاجة ماسة لدعمو وتطويره ،خاصة
الى ضعؼ ىذه الصيف واألواني اف األدوات سيطرت األسواؽ المحمية في اليمف ما أد
المزخرفة بالنقوش والمستوردة مف الصناعة المحمية .2
محمد بيومي ميراف :تاريخ العرب القديـ ،دار النشر المعرفة الجامعية ،القاىرة ،ط 1ص1982 166 1
266 منير عبد الجميؿ :الفف المعماري والفكر الديني ،ص 2
5
الفنون اليمنية القديمة
في اليمف مجموعة مف المدف والحصوف التاريخية تتربع عمي قائمة التراث اإلنساني العالمي
ىذه المدف والحصوف مرصعو بنقوش وزخرفات ممونة بمقاييس ومقادير دقيقة أذىمت العالـ
1
وتتوارث األجياؿ اليمنية أو النقش اليمنى أرثا حضريا يعكس عراقة الشعب اليمني
خالصة:
لقد عرؼ اليمنيوف مند القدـ عمي فف الصناعة التطبيقية مف ساىـ في إبداع ىده الحضارة
العريقة في جنوب الجزيرة العربية خبلؿ العصور القديمة اد انو مازاؿ ىناؾ نقص في المواد
والشواىد المساعدة عمي ذلؾ
ألكف الباحثيف اشاروا في كتبيـ عمي وجود دالالت تفيد عمي الفف التطبيقي اليمني وخاصة
النقوش عمي الجدراف والرسـ والنحت فأعماؿ النحتية كانت رمز عمي إبداع ىده الحضارة مما
ميد ليا الطريؽ إلي أف تصبح بدلؾ حضارة تعرفيا كافة األجناس البشرية
وعف صناعة الفخار فقد برع اليمنيوف في صناعة فف الفخار ال يختمؼ وضع القطع الفخار فقد
كشؼ االثريوف عف كميات ضخمة مف الفخار وألواني الفخارية الكاممة ولكف رغـ ذلؾ فقد برع
االنساف اليمني القديـ في ىدا الفف
فقد تعامؿ سكاف جنوب الجزيرة العربية وىـ اليمنيوف خبلؿ نشاطيـ التجاري البري والبحري
بالنقود مند وقت مبكر وبشكؿ أساسي يتوجب إف نقر مقدما باف معارفنا عف األشكاؿ النقود
القديمة في جنوبي الجزيرة العربية مازالت توجد شواىد ودالئؿ تثبت دلؾ
7
الفنون اليمنية القديمة
الفصل الرابع
الفن زخرفة والفن المعماري في اليمن القديم
األول :الزخرفة اليمنية المبحث
8
الفنون اليمنية القديمة
*الزخرفة اليمنية:
اشتيرت اليمنيوف منذ القدـ بفف زخرفة العمارة واألدوات ...واكبر دليؿ عمى ذلؾ اىتماـ اليمنييف
بطبلء القبور بالموف األبيض ،فقد قامو بطبلء ضريح احمد بف عيسى في مدينة تريـ تشييده
عمى شكؿ يشبو وردة قرنفؿ عمى صدر الجبؿ يتـ الصعود إليو عمى لـ مطمي كذلؾ بالموف
األبيض يشبو غصف وردة وكأنو مشيد لديكور فيمـ سينمائي وقد اىتـ اليمنيوف بفف زخرفة
العمارة اليمنية ومنيا حصف الرناد وىو احد معالـ مدينة تريـ ،بني قبؿ البعثة المحمدية بأربعة
قروف وكاف ىذا الحصف قص ار لمحكاـ ...ىناؾ العديد مف الشواىد التي تؤكد اىتماـ اليمنييف
بفف العمارة والزخرفة مثؿ القمرية وىي مف األدوات المنزلية والتحؼ
1
األدوات المنزلية والتحؼ وغيرىا.
ورغـ التطور التكنولوجيا في صناعة التحؼ واألدوات ،إال أف الزخرفة اليمنية لـ تتأثر بيذا
التطور ،ألنيا أصبحت جزءا مف التراث الشعبي اليمني ،وتخصص أصحاب الحرؼ اليمنية
بصناعة ىذه األدوات واالىتماـ بزخرفتيا ورسـ النقوش عمييا مثؿ صناعة الخناجر والسيوؼ
والتحؼ وصحوف الزنؾ والببلطات الزخرفة حتى القمريات في واجيات المنازؿ والسجاجيد
وصناعة النسيج واألدوات المنزلية والمبلبس أف اليدؼ مف الحفاظ عمى فف الزخرفة في
األدوات المنزلية اليمنية ليس فقط الحفاظ عمى التراث اليمني وانما تطورت فف العمارة اليمنية ،
فالزخرفة عمؿ فني يحتاج إلى اعتبارات متزامنة لفيـ تكويف الزخارؼ والصور التي تحمؿ
2
المعنى المطموب.
258 1محمد كرد حضارة :العرب دار النشر بغداد ،العراؽ ،ط ،1988 ،1ص
2منير عبد الجميؿ :الفف المعماري والفكر الديني ،ص 333
9
الفنون اليمنية القديمة
إلى جانب فف الخط وال توجد أي حضارة في العالـ متعددة الفنوف في عرض األفكار مثؿ
الحضارة اليمنية واكبر في العالـ سد مأرب برزت بأعماؿ فنية دقيقة تدؿ عمى ميارة اليمنييف
في الفنوف والصناعات كما نجد جماؿ المدينة القديمة نجد صنعاء وفي الزخرفة في صناعة
مف نوافذ وأبواب وقمريات بديعة النقش ونجد ىذه المباني مف الرخاـ المصقوؿ األواني
وجدرانيا مزينة بالرخاـ المطعـ ،كما نجد الحدائؽ الباسقة ما جعؿ بعض أحيائيا مضرب في
الجماؿ زخرفة التحؼ واألواني النحاسية تعد زخرفة األواني والتحؼ المعدنية مف الحرؼ القديمة
مف اليميف التي تتوارثيا األجياؿ وقد ابتكروا زخرفتيا ونقوشيا بما يوفؽ عاداتيـ وتقاليدىـ
فطبعوا الفف بطابع يبلئـ طبعتيـ أو أخبلقيـ فكاف فنا جميبل قائما بذاتو حتى أصبحت ليذه
الصناعة مدارس شعبية يتعمـ فييا عشاؽ فف الزخرفة وكاف الطابع اليمنى يجمع بيف الكتابة
عمى التحفة بخطوط مختمفة جميمة وتصاوير تمثؿ مظاىر الترؼ وبعض المظاىر الفمكية
كالنجوـ والشمس والقمر وغيرىا مف األجراـ السماوية والطيور األليفة والكاسرة وزخارؼ ىندسية
1
نباتية
واستعمؿ اليمنيوف القدماء الزخرفة لمتحؼ النحاية والطينية وكاف فضؿ حرفيي اليمف في ىده
الصناعة في تطعيـ عز جنوب غرب اليمف و "المدرسو العامرية في مدينة رادع وتتزيف بواطف
القباب في ىذه المدارس وجدراف قاعات الصبله فييا برسوـ ونقوش فنية ممونو وتقدـ لنا "قبة
2
الزوـ " في مدينو جبمو ومثيمتيا في مديريو حبيش نموذجيف رائعيف لزخرفة القباب في اليمف .
وتعتبرالقمريات اليمنية ىي فف خاص يضيؽ إلي نوافذ البيوت اليمنية ذوؽ االصالو باالعتماد
عمي مكونات بسيطة مف الزجاج المموف والجص (الجبس ) والريشو التي يستخدميا الفناف
ص 149 عبد الرحمف :يحي حداد صنعاء القديمة ،دار النشر صنعاء ،ط19951 1
11
الفنون اليمنية القديمة
ولمقمريا ت تشكيبلت عده منيا القديـ كػ " الرماني و"الياقوتي و"الزنجيري" ومنيا الحديث
باإلضافة الي ما تحتمو القمريو مف "بعد فني فاف ليا كذالؾ بعدا دينيا إذ يعتقد الكثير مف
اليمنييف "اف البيت ببل قمريو ىو بيت ببل بركو رغـ التطور التكنولوجي في صناعة األدوات إال
اف فف ا لزخرفة اليمنية لـ يتأثر ييدا التطور ألنيا أصبحت جزءا مف التراث الشعبي اليمنى ثـ
تخصص تجار الحرؼ اليمنيوف بصناعة األدوات واالىتماـ بزخرفتيا ورسـ النقوش عمييا مثؿ
صناعة الخناجر والسيوؼ والتحؼ والقمريات وصحوف الزنؾ والببلطات الخرفية حتى خطوط
اليد والمنمنمات والسجاجيد وصناعة النيج واألدوات المنزلية اف اليدؼ مف الحفاظ عمى فف
الزخرفة في األدوات الشعبية اليمنية ،والحفاظ عمى التراث الشعبي اليمني فقط وانما تطوير فف
الزخرفة في صناعة األدوات المنزلية الشعبية والحفاظ عمى ىذا التراث الشعبي كي يبقى ممي از
1
خاصة تطوير فف العمارة اليمنية وىو عمؿ فني
*ابيض صافي ،امتصاصو لمماء قميؿ جدا ( درجة أولى ) وىذا غمى مف أنواع األحجار .
مادة الطيف ىي مف أقدـ مواد البناء التي عرفيا االنساف واستخدميا في إنتاج عمارتو االولى
في عصور ما قبؿ التاريخ وبعد انتقالو مف الكيوؼ والمغارات في الجباؿ الى السيوؿ
والودياف واليضاب ومف مادة البيئة األكثر تواجد خمؽ االنساف ومف الطيف بنيت اغمب بيوت
1
العالـ والتي ظيرت وكأنيا تضاريس جديدة المادة األرض تتبلئـ مع البيئة وجماليا
ينتقي المعماره اليمنى أفضؿ المواقع الزراعية السييمة وأقدميا عم ار في ترسبات طبقاتيا ذات
الجودة العالية وذلؾ اإلنتاج عجينة الطيف ( الصمصاؿ ) ويخمط معيا ولمتماسؾ الروث
الحيواني لمماشية والدواب وبكميات تختمؼ مف حيث النسب ونوعية المصدر والطراوة ،وذلؾ
وفقا لنوعية المصدر والطراوة وذلؾ وفقا لنوعية استخدامو أكاف في البناء أو في إنتاج
العناصر المعمارية الطينية ،وفي الكثير مف االستخدامات لمطيف في البناء يتـ إضافة
قصاصات التبف الصغيرة .وقبؿ استخداـ عجينة الطيف في البناء أو إنتاج عناصر البناء
والعناصر المعمارية األخر البد مف اف تتخمر لتكتسب القوة المبلئمة لبلستخداـ.
ومادة تخمر ىذه تختمؼ مف استخداـ الى أخر وىي تتراوح مف يوـ الى ثبلثة أياـ وفي الغالب
يوميف.
يستخدـ االجور بمدينة صنعاء في بناء واجيات الحوائط الخارجية لؤلدوار العميا نظ ار لخفة وزنو
واحجاـ طوب البناء (االجور )ثابتة ،وكاف عرض الطوبة في السابؽ سـ وسمكيا سـ اما اآلف
فقد أصبح عرض الطوبة سـ وسمكيا ـ ويستخدـ الياجور بدءا مف الطابؽ الثاني إلى نياية
البناء ويطمؽ لفظ أحجار البناء عمى األحجار الممكف استخداميا في أغراض البناء ( بناء
الحوائط والجدراف ،ورصؼ الطرؽ ) كما يطمؽ لفظ أحجار الزينة عمى تمؾ األحجار التي
تعطي انعكاسات جميمة لمضوء عند قطعيا وصقميا ف والتي تكسى بيا واجيات المباني
واألرضيات وتستخدـ في اإلعماؿ الزخرفة وقد أد توفر مادة الحجر إلى شيوع استخداميا ،مع
1
العناية
بتيذيبيا وصقميا وتنسيقيا وتركيا ظاىرة في البناء وبيذا أعطت المادة اإلنشائية المستخدمة
2
لممباني شكبل وطبعا معماريا ممي از لمدينة صنعاء
وبما أف اليمف تتمتع بأنواع زاخرة مف األحجار المتعددة ،فسيتـ ذكر بعض األنواع الشائع
استخداميا كمواد لمبناء وتكسيو الواجيات :
*الحجر العباصري :وىو مف أكثر األحجار شيوعا عي أعماؿ بناء الواجيات وىو نوعاف دار
الحنش (حنشي ) ،واآلخر عباصري وىو اصمب األنواع وأجمؿ مف النوع األوؿ
*الحجر البازلت :وىو حجر اسود ويعتبر اصمب أنواع األحجار وأشدىا تحمبل لمقو وفي
الراسية وأيضا في صناعة الركاـ (الكري )
1
*الحجر الجرانيت :وىو حجر متجانس وألوانو األبيض والبيج .
أف ما اختصتو صناعة طوب البناء (األجور ) في صنعاء وىو التفرد بأساليب التقنية المحمية
التقميدية المتوارثة حتى اآلف والتي اخدت وضعا متمي از كمادة بنائية لسيولة تشكيميا استخدمت
في تشكيؿ واجيات المباني بطريقة متميزة وفريدة ،واف ىذا األسموب الفني يؤكد الحس الفني
لمبناءيف التقميديف ىما:
مادة الجبس مادة كمية مشتقة مف مادة الجير ويستعمؿ الجص الجيري لمطبلء وغؿ الجدراف
وتجديد لمعانيا وتعرؼ ىذه باسـ (النورة ) وتستخرج مف منطقة بني جرموز ومنطقة حبابة
ومنطقة حدة بالقرب مف صنعاء ويستخدـ أيضا في كسوة جدراف المباني مف الداخؿ والخارج
التغطية قوالب الطوب أو أحجار البناء ،واكسابيا شكبل جماليا فضبل عف استخدامو في كسوة
م ساحات معينة مف الجدراف ونقشيا بادؽ أنواع الزخارؼ .ولمجص اليمني مزايا متعددة منيا
التماسؾ وااللتصاؽ الشديد كما انو اليترؾ اثر عمى األلبسة ببياضو اذا اتكأ المرء عميو وال
يحدث شقوقا أو تفتتا إذ اتكآ المرء عميو وال يحدث شقوقا أو تفتتا اذا ثبتت فيو المسامير. 1
*الخشب:
ا عتمد صناع الخشب اليمنيوف عمى بعض األخشاب المتوفرة في البيئة المحمية كا السدر
والجوز والقرض والعرعار والتنار واألثؿ وغيره .ولكف أيا منيا اليماثؿ خشب الطنب عند
وال تياجمو الدود والحشرات وال نجاري صنعاء االنو يبقى لمئات السنيف دوف اف يتدىور
تضره الرطوبة وال الشمس الف بنيتو النيج واذا عمؿ منو باب يتعرض لممياه فانو اليتاثر اال
بنبة بسيطة جدا والطنب شجرة يصؿ ارتفاعيا الى 31ـ وتحتاج شجرة الطنب لكي تنمو
1سمٌرة جماؿ جميؿ :الخصائص العمرانية لمدينة صنعاء القديمة واالستفادة منيا في العمارة المعاصرة ،دار النشر اليمف،
ط ،1996 1ص 244
15
الفنون اليمنية القديمة
بصورة حسنة الى أمطار كافية وطقس حار ورطوبة ويفضؿ قطعيا في الشير الخامس مف
التقويـ الزراعي المت بع في اليمف ،مالـ ففي نياية الشير القمري وبعد القطع تترؾ كي تجؼ في
1
مكانيا سنة أو سنتيف لتصبح خفيفتا حتى يسيؿ نقميا الى مكاف االستخداـ
ويطمؽ لفظ أحجار البناء عمى األحجار الممكف استخداميا في أغراض البناء (بناء الحوائط
والجدراف ،ورصؼ الطرؽ) كما يطمؽ لفظ أحجار الزينة عمى تمؾ األحجار التي تعطي
انعكاسات جميمة لمضوء عند قطعيا وصقميا وتنسيقيا وتركيا ظاىرة في البناء وييدا أعطت
المادة اإلنشائية المستخدمة لممباني شكبل وطابعا معماريا ممي از لمدينة صنعاء.
وبما أف اليمف يتمتع بأنواع زاخرة مف األحجار المتعددة فيتـ ذكر بعض األنواع الشائع
2
استخداميا كمواد لمبناء وتكية الواجيات
*الحجر العبا صري :وىو أكثر األحجار شيوعا في أعماؿ بناء الواجيات وىو نوعاف دار
الحنش ( حنشي ) ،واآلخر عباصري وىو اصمب األنواع وأجمؿ مف النوع األوؿ .
*الحجر البخراني :ولو عدة ألواف منيا الرمادي ،السماوي ،واألخضر .
*الحجر المناخي :وىو حجر اخضر الموف
بالتأكيد إزاء رؤية المباني الدينية .مثؿ المعابد ولكنو لف يشعر بذلؾ أماـ بقايا المباني ،وربما
تنفرد أسوار معيف أو ميفعة بأنيا تجمب اإلبصار .
قبؿ كؿ شي البد مف القوؿ بأنو ليست ىناؾ دراسات قيمة وأساسية وبعد ،وما زالت بضاعة
نادرة كؿ ما ىنالؾ انو جرت دراسات سريعة لبعض المباني المعمارية أو رسمت مخططات ليا
اعتماد عمى صور جوية غير مقبولة تماما ،ومف ناحية ثانية ،فاف كثي ار مف أسوار المدف أو
غيرىا مف المنشات العمرانية راحت بمرور الزمف ضحية ما يدعى ب التطور باف استخدمت
موادىا في المباني الحديثة .كما فعمت الحرباف األىميتاف فعمتيا في القضاء عمى اآلثار القديمة
ومف الواضح بشكؿ أساسي أف المساحات المبنية مف المدف القديمة صغيرة بالمقارنة مع الحاؿ
في مدف أخر مف مدف الشرؽ القديـ أف مدينة مأرب تعد أضخـ المدف القديمة في جنوبي
الجزيرة العربية وتبمغ مساحتيا ىكتار فقط أما سائر المدف الميمة فقد فكانت اصغر نسبيا ،
وذلؾ في جانب واد مرتفع طبيعي أو اصطناعي .والراجح أف المرء أراد بذلؾ تجنب خطر
فيضاف يسببو السيؿ ومف أمثمو ذلؾ المباني في مأرب وصروح ومعيف وتمنع .1
كما بنيت المباني ضمف الحصوف أحيانا ،استخدمت في األوقات الصعبة مأوي آمنا ،كما فب
كـ شماؿ غربي صنعاء ) أو قنا وحصنيا حصف الغراب في أعمى الميناء اظفار ثبل (
المعروؼ كمنطمؽ التجارة البخور. 2
كاف ىناؾ عدد كبير مف المدف التي حميت اغمبيا بأسوار قوية ،ولعؿ أشيرىا ىي مأرب
)4200ـ وكاف مترابطا مف خبلؿ عدد كبير مف األبراج بسورىا الذي بمغ طولو حوالي (
والبوابات الرئيسة وكذلؾ شبوة التي كانت محاطة بوريف دفاعييف ولكف قمة فف عمارة المباني
المدينة في جنوبي الجزيرة العربية تحتميا منشات السقاية ويأتي سد مأرب في مكانو األولى
بينيا كانت سقاية األراضي تشكؿ شرطا اسايا حاسما التساع نطاؽ الزراعة وازدىار الببلد
ولذلؾ كاف مف الطبيعي أف يحقؽ المعماريوف والبناؤوف انجازات رفيعة المستو في ىذا
المجاؿ وقد سيؽ أف اشرنا إلى انو كانت ىناؾ منشات لمسقاية في منطقة مأرب قبؿ سد مأرب
الشيير بزمف طويؿ .1
لقد سبؽ إف كتب الكثير عف السد وسنكتفي ىنا بممحة موجزة نسبيا عنو كانت شيرة السد في
العصور القديمة تتجاوز حدود جنوبي الجزيرة .العربية كواحد مف عجائب الكوف وبتوقؼ تحديد
تاريخ إقا متو عمى التسمسؿ التاريخي ( الكرونولوجيا ) المعتمد في ذلؾ فاف اعتمدنا التاريخ
الطويؿ الذي ناؿ الغمبة حاليا بداياتو في القرف السادس ؽ ـ ولعؿ إلى األلؼ الثالث ؽ ـ لـ
2
تعد تفي بالغرض.
وقد كاف الغرض األساسي مف السد ىو حجز مياه السيؿ التي تندفع بسرعة فائقة نحوه ،وتيدئتيا
( ومف ثـ توزيعيا .ويتحدث شميت في ىذا السياؽ عف بموغ درجة تدفؽ المياه الى
( )1700ـ في الثانية وعمى كؿ حاؿ ) 10000ـ في الثانية وفي حاالت طارئة إلى
يمكف الحاؿ يمكف القوؿ عمى تفكير دقيؽ طويؿ ،وعمبل فتيا في مجاؿ فف العمارة واليندسة
وال شؾ في انو –مف حيث أناء وظيفة يفترض قيامو ضمف دولة حقيقية ذلؾ انو كاف يتطمب
لد حاالت طارئة مختمفة كالتصدع مثبل –تسخير جموع بشرية كبيرة العمؿ فيو فقد تـ في سنة
450ـ لد التصدع الثاني لو تسخير عشريف ألؼ رجؿ لمقياـ بأعماؿ اإلصبلح البلزمة لو كما
1سميرة جماؿ جميؿ :الخصائص العمرانية لمدينة صنعاء القديمة واالستفادة منيا في العمارة المعاصر ،ص 325
456 2منير عبد الجميؿ :الفف المعماري والفكر الديني ،ص
19
الفنون اليمنية القديمة
تـ إصبلح تصدعو بعد ذلؾ في سنة 542ـ ولكف نياية ىذه العجيبة الكونية كانت نتيجة
الكارثة التي حصمت بيف 580- 575في الوقت الذي كانت المممكة السيئة –الحصرية في
1
حالة االنييار
وأخير نشير الى وجود أنظمة لمسقاية حوالي تمنع وشيوة كما وجدت في أماكف متفرقة إعداد
كبيرة مف المرافؽ الصغيرة كا آلبار والخزانات والسدود المائية التي كانت تخدـ عممية السقاية
.وتشكؿ الطرؽ جزءا آخر مف فف البناء ويأتي في المقاـ األوؿ بينيما (عقبة ) مبمقة الذي
يمتد مف وادي بيحاف الى وادي حريب أي في مممكة قتباف – وىو طريؽ مرصوؼ مبمط طولو
)3.65 - 3.50ـ وذلؾ بحجارة ضخمة جدا مع إطار ( )6.4 - 4.7كـ عرضو (
حجري عمى جانبو وشؽ ىذا لعمر في صخور تصؿ قمتيا الى ()30.5ـ وتنخفض الى (
)9.14ـ ويذىب جروـ – اعتماد عمى التقارير األثرية –الى ىذا الطريؽ يعدؿ عنو نعرؼ
طريقا مرصوفا آخر في وادي حريب ولكنو اقصر ىو الطريؽ الذي يخترؽ ممر نج مرقب كما
2
نعرؼ ابيضا طرقا اخر ىي بالتأكيد عبلمات دالة عمى أماكف مرور طريؽ البخور
وفي السياؽ ذاتو نشير الى الحواجز التي اكتشفت عمى ذلؾ الطريؽ افصؿ مثاؿ عمييا ىو
حاجز ليتو شمالي مييناء وينصح لنا ىدؼ مف خبلؿ ما ورد في النقش ( RES 2687
المكتشؼ في طريؽ البوابة الرئيسي اذ يذكر اف احد حكاـ حضر موت أقامو الحماية مف
غزوات الحميرييف الذيف احتموا الميناء الميـ ويختمؼ الباحثوف حوؿ تاريخ النقش ،ومف ثـ بناء
الجدراف الحاجز أيضا وتتراوح التقديرات كثي ار بيف القرف الثالث او الخامس أو العاشر ؽ-ـ
)180ـ وارتفاعو () 5ـ واستخدمت في بناتو كتؿ شذبة جدا مف الحجر وقد بمغ طولو (
الجيري وكانت لو بوابة واحدة فقط ويتحدث فوف حولجز جد ار نية اخر ولكنيا ليست ويشكؿ
عمـ يمكف اف نبلحظ فف العمارة القديمة الجنوبي الجزيرة العربية اف المعمارييف والبنائيف انجزو
1
أعماليـ بدقة وانتباه ،وأكثر ما يمفت انتباه فييا نتوع العمارة مدنية
*العمارة الدينية
اف المعابد –بييئتنا الباقية الباقية نسبيا –تعد بالتأكيد مف أىـ المعالـ العمرانية القديمة ،ولكف
وضعيا الحالي ال يكفي تماما –ولؤلسؼ كما يعبر شميدت – لمقياـ بتصنيؼ شكمي شامؿ ليا
واعتمد فيو ولذلؾ نقبؿ بشي مف الحذر – بالتصنيؼ الذي نشره جروىماف سنة1963
جد يونج محاولة انجاز تصنيؼ عمى أشكاؿ األساسات المعمارية لكف فيما بعد – في سنة
شكمي لممباني الدينية ومف ثـ إف يصؿ إلى نتائج محددة جديدة ولكف رغـ ذلؾ ال بد مف االقرار
باتو ما زالت ىناؾ نواقص كثيرة في معارفنا عنيا انو يعتمد في دراستو عمى التاريخ القصير
الذي ما عاد شائعا كثي ار وىو – بشكؿ عاـ – يتبع تصنيؼ شميدت لممعابد ولكنو يجر تقيمات
أخر ليا ويجب االنتباه –بشكؿ أساسي –إلى انو كانت ىناؾ أصوؿ سابقة بيطة لممعابد
الرائعة تخدـ وتفي باإلغراض الشعائر ولذلؾ نعتقد إف شميدت محؽ تماما في عقده مقارنات
معنية بيف تطورىا وتطور منشات السقاية الزراعية وبيذا بدايات العمارة الدينية إلى األلؼ
الثالث ؽ –ـ أو في كؿ األحواؿ إلى األلؼ الثاني ؽ –ـ وير إف المناطؽ التي شيدت ظيور
تمؾ حتى داخؿ منطقة المرتفعات الجبمية أي المناطؽ البعيدة عف المدف الواقعة عف طريؽ
النقؿ الكبر البد انو وجدت في بداية ىذا التطور مسبلت أو عمدة حجرية نادرة الشكؿ وىي
تمث ؿ المرحمة المبكرة التي صنفيا يونج بمرحمة المقدسات الصخرية ثـ لحيطت أماكف تمؾ
1
األنصاب بأسوار فتشكمت مناطؽ مقدسة .
تـ كانت الخطوة األخر بإقامة مباف ذات أساسات مترابطة أو منفصمة ،تضـ غرفة أو أكثر
وكانت جميعيا تتميز بسقوفيا المكشوفة تـ تطورت عنيا مباف بصفيا شميدت بأنيا النموذج
األساسي لممعبد السبئي الكبلسيكي وىي مبدئيا األساسي تتألؼ مف عناصر بنائية مغمقة في
الخارج وزوايا قائمة وطويمة مع فناء مكشوؼ مف األعمى أطرافو بأعمدة وغرفة لمعبادة مقسمة
إلى ثبلثة أقساـ وتبدو نماذج ىذه المرحمة –مف حيث موادىا وتقنية بنائيا متطورة أكثر ويذكر
شميدت منيا معبد اإللو ود الواقع بيف مأرب و صرواح الذي يؤرخو ببوكير القرف السابع ؽ –ـ
2
كـ جنوبي مأرب ) الذي كاف مكرسا ومعبد المساجد (
1كبلوس شيماف :تاريخ الماليؾ القديمة ضواحي الجزيرة العربية ،ص 161
2منير عبد الجميؿ. :مرجع نفسو ،ص 475
22
الفنون اليمنية القديمة
لعبادة اإللو المقو وير شميدت انو ورث مكانو معبد اإللو ود كما يعد شميدت معبد اواـ
المعروؼ في مأرب مف ىذا النموذج السبي لممعابد أيضا معتمدا في ذلؾ عمى األجزاء األقدـ
منو فقط ويضيؼ ايضا معبد براف ( حاليا :عرش بمقيس أو العمائد) بأعمدتو الخمة ضمف
مجموعة المعابد السبئية ذات الزوايا القائمة ولكف مازاؿ ىناؾ غموض يمؼ ىذا المعبد ،ومف
الحديثة فيو عف وضوح أكثر وحسب ما يذكر فوجت المؤمؿ اف تفر التنقيبات األلمانية
b.vogtفقد وصمت النقيبات إلى سطح المعبد الفناء األمامي غير الكامؿ الذي أضيؼ بعده
بزمف قميؿ ويقابؿ شميدت بيف ىذا النموذج السبئي لممعابد ونموذج أخر ذي مخطط مختمؼ مف
حيث األساسات والقاعات –عرؼ بشكؿ رئيس بيف معابد معيف (الجوؼ ) تـ فيما بعد في
قتباف وتظير مبلمح ىذا النموذج في شكميف االساساتيما مخطط واحد وىما :
-شكؿ يكوف المعبد فيو بناء زوايا قائمة غير مترابطة مع 8-6دعامات استنا دية ويذكر
شميدت مف األمثمة عميو معبد المدينة في معيف الذي يضـ صفيف مف الدعامات ،في كؿ منيا
ثبلث وكذالؾ الموجود في حصف القبس في حضر موت الذي يضـ ست دعائـ .1
خالصة:
اشتيرت اليمنيوف منذ القدـ بفف زخرفة العمارة واألدوات ...واكبر دليؿ عمى ذلؾ اىتماـ اليمنييف
بطبلء القبور بالموف األبيض
اىتـ اليمنيوف بفف زخرفة العمارة اليمنية ومنيا حصف الرماد وىو احد
معالـ مدينة تريـ ،بني قبؿ البعثة المحمدية بأربعة قروف وكاف ىذا الحصف قص ار لمحكاـ
...ىناؾ العديد مف الشواىد التي تؤكد اىتماـ اليمنييف بفف العمارة والزخرفة مثؿ القمرية
األدوات المنزلية والتحؼ وغيرىا
وفي المواقع األثرية اليمنية تـ العثور عمى أدوات مف العصر الحجري والبرونزي قدر عمرىا ب
40الؼ إضافة إلى قطع فنية مزخرفة وتماثيؿ ميمة في تطور الجزء الجنوبي مف شبو الجزيرة
العربية عمى امتداد أكثر مف ( )500ألؼ عاـ ففف الزخرفة اليمنية قد برع فييا اإلنساف اليمني
القديـ مما ساعدتو عمي عراقة ىده الحضارة
ففف العمارة أيضا ساىـ بقسط وافر مف الصرح الحضاري اليمني ابداعتيـ في فف العمارة
والزخرفة جيميا معبد كؿ األجناس البشرية مند أالؼ السنيف
24
الفنون اليمنية القديمة
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
الخاتمة:
إف الحضارة اليمنية حضارة عريقة في حضارة أصالة فثقافة اليمنية والفف اليمني القديـ كاف
مف أىـ المعالـ تشيد الصرح الحضاري القديـ في اليمف القديـ وىدا كوف أف الثقافة اليمنية
تتميز بمخزوف وذخيرة نابعة مف التراث الماضي وعمية نمخص مف خبلؿ بحثنا ىدا إلي أىـ
النتائج التي نخمص إلييا وىي:
25
الفنون اليمنية القديمة
أوال :إف حضارة اليمنية القديمة حضارة أصيمة بحد ذاتيا وعريقيا.
ثانيا :الفنوف اليمنية القديمة كانت شاىدا عمي بناء صرح اليمني القديـ.
ثالثا:اإلبداع في حضارة اليمف القديـ كاف مف أىـ الميزات ومعالـ النيضة الحضارة في اليمف
القديـ.
رابعا :تأثير الثقافة اليمنية بحضارات أخري تركت عمي اإلنساف اليمني القديـ عمي اإلبداع
خامسا:ابت ار كيـ الخط المسند دليؿ عمي الثقافة اليمنية القديمة وأصالتيا.
سادسا :فف العمارة اليمنية تركت ارث كبير في الحياة االقتصادية واالجتماعية.
سابعا :بناء العمارات اليمنية القديمة إبداع وابتكار وثقافة يمنية أصيمة بحدي ذاتيا .
وعميو نخمص إلي حضارة اليمنية القديمة حضارة أصيمة بفضؿ إبداعاتيا وفنونيا التي تركت
ارث كبير لؤلجياؿ اآلالتية والبلحقة.
26
الفنون اليمنية القديمة
*قائمة المصادر:
* القراف الكريـ.
قائمة المراجع:
27
الفنون اليمنية القديمة
* أرياني مظير بف عمي ،في تاريخ اليمف ،دار النشر القاىرة ،ط1982 1
*احمد صقر ،توظيؼ التراث الشعبي في المسرح العربي ،دار النشر القاىرة1982،
*احمد فخري ،الدراسات في تاريخ الشرؽ القديـ القاىرة دار النشر القاىر ط1963 2
*ربيع خميفة ،الفنوف الزخرفة اليمنية في العصر اإلسبلمي دار المصرية المبنانيةط1996 1
*حسف األسمر المسرح في اليمف تجربة وطموح مطابع المنار العربي ط1991 2
* حمزة لقماف أساطير ،مف تاريخ اليمف ،دار الميسرة ،ط1988 2
* سميرة جماؿ جميؿ ،الخصائص العمرانية لمدينة صنعاء القديمة واالستفادة منيا في العمارة
المعاصرة دار النشر اليمف ط1996 1
*سعيد عولقي ،سبعوف عاـ مف المسرح في اليمف دار النشر عدف ط * 1980 1شرؼ الديف
احمد ،اليمف عبر التاريخ المحمدية ،دار النشر القاىرة ،ط*1924 2
* صبري مسمـ ،النقد األسطوري األنساؽ السردية والشعرية والمسرحية إصدارات الثقافة
والسياحة صنعاء اليمف 2004
* طبلؿ سبلـ ،تأثير تكنولوجيا البناء الحديث عمي طراز العمارة التقميدية اليمنية الفنوف الجممية
جامعة حمواف1995
*عبد الرحمف يحي ،حداد صنعاء القديمة دار النشر صنعاء ط 1995 1
* عبد الحكيـ عثماف ،أحجار البناء والتشيد والصناعات التقميدية واالستخراجية في اليمف ط2
2000
*عبد المالؾ مرتاض الميثولوجيا عند العرب دار النشر بيروت ط2000 2
*عمي عقمة عرساف ،الظواىر المسرحية عف العرب ،دار النشر القاىرة 1686
* كماؿ الديف ،حسف التراث الشعبي في المسرح المصري الحديث دار النشر القاىرة ط2
1982
* كبلوس شيماف ،تاريخ المالمؾ القديمة في ضواحي الجزيرة العربية تر فاروؽ إسماعيؿ دار
النشر مركز الدراسات والبحوث العممية صنعاء ط2002 1
* محمد يحي حداد ،التاريخ العاـ لميمف تاريخ اليمف قبؿ اإلسبلـ ،دار النشر صنعاء ،عدف
اليمف ،ط1990 1
* محمد بف عمي األكوع الجوالي ،اليمف الخضراء ميد الحضارة ،مكتبة الجيؿ التجديد ،
الطبعة الثانية 1982
* محمد حسيف الفرح ،الجديد في تاريخ دولة وحضارة سبا وحمير ،المجمد االوؿ اصدرات
و ازرة الثقافة والسياحة 2004 ،صنعاء ،اليمف.
* موسي الصباغ ،القصص الشعبي في كتب التراث ،دار الوفاء الدنيا لمطباعة والنشر
القاىرة2006،
*محمد عبد القادر تاريخ اليمف دار النشر بيروت ط1988 1
*محمد بيومي ،ميراف ،تاريخ العرب القديـ دار النشر المعرفة الجامعية القاىرة ط1982 1
*محمد كرد حضارة العرب دار النشر بغداد العراؽ ط1981 1
29
الفنون اليمنية القديمة
*محمد الحبفي ،وما رقـ عبد الحميد تاثير الخواص الح اررية لواد البناء المحمية في اليمف
* منير عبد الجميؿ ،الفف المعماري والفكر الديني القديـ دار النشر مكتبة مدبولي القاىرة ط1
2002
*وولي سيرليو مدخؿ الي عمـ القاىرة دار النشر القاىرة ط1988 1
*يحي محمد سيؼ المختصر المفيد في المسرح العربي الجديد دار النشر صنعاءط1988 2
* يحي محمد سيؼ اىبلـ االدب والفف المسرح في اليمف الييئة العامة لمكتاب دار النشر
صنعاء ط2009 1
الصحف*:
31
الفنون اليمنية القديمة
قائمة المالحق
قائمة المالحق
31
الفنون اليمنية القديمة
خرائط
32
الفنون اليمنية القديمة
1
خريطة يمنية قديمة
1منير عبد الجميؿ ،الفف المعماري والفكر الديني القديـ دار النشر مكتبة مدبولي القاىرص 365
33
الفنون اليمنية القديمة
صور
34
الفنون اليمنية القديمة
صورة لمعبد
1
1
1
لوحة فنية مكتوبة بالخط المسند
1
1
مجمة روافد ثقافية :جامعة بابؿ الفنوف الجميمة 2009العدد 71العراؽ 1
39
الفنون اليمنية القديمة
األشكال
41
الفنون اليمنية القديمة
1
1عمي االكوع اليمف الخضراء دار النشر مكتبة الجميؿ القاىرة طبعة الثانية 1982ص1333
41
الفنون اليمنية القديمة
1
صناعة الفخار في اليمف القديـ
مجمة روافد ثقافية جامعة بابؿ الفنوف الجميمة 2009العدد 7العراؽ 1
42
الفنون اليمنية القديمة
1
نقود الٌمنٌة القدٌمة فً مملكة حمٌر
فيرس الموضوعات
44
الفنون اليمنية القديمة
فيرس الموضوعات
عدد الصفحات
مقدمة
46
الفنون اليمنية القديمة
الخاتمة.............................................................................. :ص72
المالحق:
*خرائط ....................................................................ص78
*صور .....................................................................ص81
*األشكاؿ ..................................................................ص87
47