You are on page 1of 13

‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬ ‫جامعة العربي التبسي‪ -‬تبسة‬

‫قسم علم النفس‬

‫المعامل‪3 :‬‬ ‫مادة‪ :‬مذاهب ونظريات تربوية معاصرة‬

‫السنة الجامعية‪0202/0202:‬‬ ‫سنة ثانية علوم التربية‬

‫‪ / 2‬النظرية اإلنسانية أو الشخصانية‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫تركز انشغاالتها أساسا على مفهوم الذات والحرية ومفهوم استقاللية الفرد‪ ،‬تنطلق أيضا من فكرة مفادها أن‬
‫الشخص أو المتعلم هو المعني في أي موقف تعلمي بالتحكم في تربيته باستعمال طاقاته الداخلية ومن أهم‬
‫روادها‪ : :‬أدلر‪ ،‬روجرز‪ ،‬نيل‪ ،‬ماسلو‪ ،‬لوين‪ ،‬أنجرس‪ ،‬فوستيناس‪...‬‬

‫وقد جاءت هذه الفلسفة التربوية المتمركزة حول الشخص كرد فعل ضد التيار التكويني المتمحور حول تعليم‬
‫فوجي يقدم في شكل محاضرات؛ وهي معارضة ركزت في تساؤالتها بشكل خاص على مشكلة المكانة الضيقة‬
‫التي تحتلها الذاتية أو الحرية في العملية التربوية‪ ،‬ومن ثم حدد أصحاب هذا االتجاه ألنفسهم هدف جعل‬
‫الدينامية الذاتية للطفل والطالب تحتل مركز انشغاالتهم التربوية‪ ،‬وتلخص عبارة "بناء شخص حر" المبحث العام‬
‫لمجموع النظريات التربوية الشخصانية‪.‬‬

‫‪ /2‬تعريفها‪:‬‬

‫يشكل التيار االنساني القوة الثالثة في علم النفس المعاصر بعد التحليل النفسي والسلوكية‪ ،‬وهو يضم مجموعة‬
‫اتجاهات صاغها علماء ذوي خلفيات متباينة ورؤى مشتركة‪ ،‬والحقيقة أن ذلك االتجاه قد بدأ بجهد طائفة من‬
‫المعالجين النفسيين الذين يعرفون في الوقت الحالي باسم طائفة علماء النفس االنساني عندما أخذوا يعيدون‬
‫تغيير نظريات العالج النفسي بالتأكيد على قدرة اإلنسان على توجيه نفسه ذاتيا من خالل قدرته على التعلم‬
‫الذاتي وتوظيف لقدراته وامكانياته‪.‬‬

‫‪ -0‬خصائص النظرية الشخصانية‪:‬‬

‫‪-‬االصرار على وجود مجموعة من االختالفات بين الشخصيات المتنوعة والتي تميز كل شخصية عن‬
‫غيرها من الشخصيات‪.‬‬
‫‪-‬عدم قابلية الشخصانية لالختصار أي أن كل شخصية عبارة عن عنصر كامل ومتكامل ال يمكن‬
‫تجزئتها أو التعامل مع حالة معينة منها فقط‪.‬‬
‫‪-‬لكل انسان شخصية مميزة و ال تتشابه بالضرورة مع أي شخصيات أخرى إال في بعض السمات‬
‫المشتركة التي ترتبط بالعادات العائلية أو االجتماعية‪.‬‬
‫تركز على العالقات والروابط التي تربط بين االنسان ومحيطه سواء رابطة الدين أو العرف أو اللغة أو‬
‫غيرها من الروابط األخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬مجاالت الشخصانية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الكرامة الشخصية‪ :‬تشير الشخصانية وبشكل مباشر إلى التأكيد على ضرورة احترام كرامة‬
‫الشخص بصفته االنسانية وتوفير كافة الحقوق التي تساهم في المحافظة على هذا المجال‪ ،‬اذ أن‬
‫الكرامة الشخصية ال تنفصل عن السلوك األخالقي والمرتبط باحترام األفراد لبعضهم البعض داخل‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫ب‪-‬الذاتية‪ :‬تعتمد على وعي االنسان بذاته واستغالل شخصيته في العديد من الق اررات الفردية‬
‫الخاصة به والتي ال يحق ألي شخص غيره أن يتدخل بها أو يسيطر بها أو يسيطر عليها‪ ،‬فتعتبر‬
‫الذاتية مهمة ورئيسية في شخصية كل انسان‪.‬‬
‫‪ -4‬مسلمات النظرية الشخصانية‪:‬‬
‫تتضمن نظريات الشخصانية مسلمات أربعة تتلخص فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -2‬الخبرة‪ :‬نحن نعلم أن اإلنسان يمر بسلسلة من الخبرات المتواصلة وهي التي تؤثر في سلوكه‬
‫من محيطه أو من داخله؛ وهذه الخبرات بعضها غير سار وال ينسجم مع مفهوم الذات وال مع القيم‬
‫االجتماعية وبالتالي يؤدي إلى عدم الرضا وعدم التوافق‪.‬‬
‫‪ -0‬الفرد‪ :‬يرى روجرز أن لدى كل فرد دافعا قويا لتحقيق ذاته وهو في تفاعله مع المحيط والواقع‬
‫الذي يعيش فيه يسعى لتحقيق ذاته لكسب حب اآلخرين واحترامهم وتقديرهم وقبولهم له‪ ،‬وخصوصا‬
‫الجماعة المرجعية أو األشخاص المهمين في حياته من أبوين ومعلمين ومسؤولين‪.‬‬
‫‪ -3‬السلوك‪ :‬هو ما يقوم به الفرد من نشاط عقلي أو جسمي من أجل اشباع حاجاته‪ ،‬والسلوك‬
‫يجب أن يتفق مع مفهوم الذات والمعايير االجتماعية‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى التوافق النفسي عند الفرد‬
‫وعندما يتعارض السلوك مع مفهوم ذاته والمعايير االجتماعية‪ ،‬فلن يرضى الفرد عن سلوكه ويحدث‬
‫احباط وعدم الراحة ولن يحصل على السعادة وسوء توافق‪...‬‬
‫‪ -4‬المجال الظاهراتي‪ :‬وهو المدركات الشعورية للفرد في بيئته وهو عالم الخبرة المتغيرة باستمرار‬
‫وهناك من يوجز مسلمات النظرية الشخصانية فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الشخصانيون هم ( كليون) فهم ملتزمون بالتعليم الذي يشمل المشاعر‪ ،‬العواطف‪ ،‬الدوافع و‬
‫ماهو محبوب ومكروه للمتعلمين من خالل الوصول إلى كل طالب ( المشاعر‪ ،‬العواطف والمعرفة‬
‫والخبرات )‪ ،‬وهم يأملون أن يعززوا التعلم الهادف والمتكامل شخصيا‪.‬‬
‫‪ -2‬التعلم عملية تتم من الداخل إلى الخارج‪ ،‬ولذلك فإن التركيز يجب أن ينطلق من الذات أوال أو‬
‫ما تحتويه من رغبات ودوافع ومشاعر ومعرفة‪ ،‬وهذا عكس السلوكيون‪.‬‬
‫‪ -3‬الفرد مسؤول عن السلوك ‪ ،‬فإذا نما الشخص من الداخل إلى الخارج فإن الدافع الداخلي يتطلب‬
‫سيطرة ذاتية ويصبح السلوك رد فعل لإلرادة الحرة‪.‬‬
‫‪ -4‬االنسان لديه الرغبة الطبيعية للتعلم وفضول طبيعي حول العالم الذي يعيش فيه‪ ،‬وهذه الرغبة‬
‫واالمكانية للتعلم واالكتشاف يمكن أن تنطلق بقوة إذا وجدت الظروف المناسبة‪.‬‬
‫‪ -5‬التعلم ذو المعنى يحدث عندما تكون المادة المتعلمة مدركة ومفهومة من قبل المتعلم‪ ،‬وترتبط‬
‫بشدة بأهدافه الخاصة‪ ،‬أي أن الطالب يفهم المعارف التي يدركها إذا كانت تعمل على المحافظة‬
‫على ذات المتعلم وتتعلق بأهدافه‪ ،‬فإن عملية التعليم تكون سريعة ويكون التعلم ذو معنى‪.‬‬
‫‪ -6‬التعليم الذي يتضمن تغي ار في تنظيم الذات ( ادراك الشخص المتعلم لذاته ) يحدث تهديدا‬
‫للمتعلم ويواجه عادة بالمقاومة‪.‬‬
‫‪ -7‬التعلم الذي يبدأ من الذات‪ ،‬والذي يشمل كل المتعلم ( مشاعره‪ ،‬ودوافعه‪ ،‬عقله وفكره ) هو‬
‫األدوم واألنجح واألكثر بقاء‪.‬‬
‫‪ -8‬االستقاللية واالعتماد على الذات واالبداع ال تتم إال في جو من الحرية‪ ،‬و أن التقييم الخارجي‬
‫غير مثمر‪ ،‬اذا كان التعلم يهدف إلى عمل ابداعي‪ ،‬بل ان التقييم الذاتي هنا هو األساس‪.‬‬
‫‪ -9‬وفي ظل التطور السريع والتغير المستمر‪ ،‬وفي ظل انفجار المعرفة يجب التركيز على تعلم‬
‫عملية التعلم ( تعلم كيف نتعلم؟ )‪ ،‬اذ يرى روجرس أن التعليم غير الديناميكي الذي اهتم‬
‫بالمعلومات كان مناسبا لزمن سابق‪ ،‬ولكي تستمر الحضارة‪ ،‬فيجب أن تطور وتنمي أشخاص‬
‫مؤمنين بالتغير كحقيقة مركزية في الحياة‪ ،‬وقادرين على التعايش مع هذه الحقيقة‪.‬‬
‫‪ -5‬مصادر النظرية الشخصانية‪:‬‬
‫يمكن أن نميز بين ثالثة منابع اعتمدتها النظرية الشخصانية في التربية والتي تعتبر كمصادر‬
‫استلهمت منها تطورها‪1:‬‬
‫‪ -1‬ظهور المدرسة المسماة‪:‬‬
‫‪ Summer hill‬بانجلت ار على يد نيل ‪ ،Neill‬وقد كان ظهور كتابه ‪ Summer hill‬سنة ‪1961‬‬
‫بمثابة حافز يدعو الى فتح مدارس حرة‪ ،‬بل انه الكتاب الذي مارس تأثي ار كبي ار على المهتمين‬
‫بشؤون التربية والتعليم لدرجة جعلتهم يطلبون من نيل تأليف كتاب آخر يشرح فيه حدود الحرية التي‬
‫يمكن منحها للطفل‪ ،‬وذلك ما قام به بالفعل سنة ‪ 1966‬حين نشر كتابه‪:‬‬
‫‪Freedom, not licence‬‬
‫‪ -2‬علم النفس الشخصاني‪ :‬تجد الشخصانية مصدر الهامها الثاني في علم النفس الشخصاني الذي‬
‫ظهر كرد فعل ضد علم النفس الحتمي؛ الذي يرى أن الالشعور والبيئة يتحكمان في أفعال الفرد‪،‬‬
‫ويمارسان رقابة عليها‪ ،‬اذ نجد العديد من المفكرين أمثال‪:‬‬
‫‪Rogers, May, Vroom, Maslow, Adler‬‬
‫يبحثون عن سبيل ثالث يجنبهم الوقوع في ثنائية حتمية الالشعور والبيئة معا‪ ،‬وهذا ما أدى بهم‬
‫انشاء ما يصطلح عليه اسم القوة الثالثة‪ ،‬والتي تعني امتالك االنسان لحب فطري وفي قدرته أيضا‬
‫على تحقيق ذاته من خالل المساهمة فيما يحقق الخير للمجتمع‪.‬‬
‫‪ -3‬نظريات العمل الجماعي‪ :‬أما المصدر الثالث للنظريات الشخصانية فيوجد في نظريات العمل‬
‫الجماعي ‪ ،‬ونلمس ذلك في أعمال ‪1935 K.Lewin‬‬
‫وقد صاغ هذا العالم المبدأ التالي‪ :‬يقوم النمو على أساس حاجة داخلية تتجسد في هدف‬
‫ومسعى وفكرة‪ ،‬ويتحدد هذا النمو كامتداد للفضاء الحيوي للطفل المرتبط ببعض األهداف؛ وهي‬
‫وجود موقف كلي مسبق تتوفر فيه للطفل امكانية تحديد أهدافه الشخصية لنفسه والتصرف بحرية‬
‫انطالقا من حاجاته الخاصة ومن تقييمه الخاص‪.‬‬
‫‪ -6‬اتجاهات التربية الشخصانية‪:‬‬
‫أدت التأثيرات السابقة المتنوعة إلى ظهور تيارات شخصانية مختلفة أهمها اثنان‪:‬‬
‫‪ -1‬نموذج البيداغوجيات الشخصانية" المتمحورة حول تطور الوجدانيات بواسطة استراتيجيات ال‬
‫توجيهية"‪ ،‬والتي تمثلها البيداغوجيا الروجرسية وبيداغوجيات االنسانية المحدثة‪.‬‬
‫‪ -1-1‬التربية الالتوجيهية الروجرسية‪:‬‬
‫الواقع من الصعب البحث عن األهداف التربوية في ظل النظريات الشخصانية دون اعتماد عالم‬
‫النفس األمريكي كارل روجرس‪ ،‬والذي حاول خالل سنوات أن يشرح المظاهر المختلفة لمبدأ أساسي‬
‫مفاده أن لجميع األفراد توجها ايجابيا نحو التعلم‪ ،‬اذ يعتبر كمرجع أساسي للكشف عن هذه األهداف‬
‫وعن ما يسميه بالتعلم الخبراتي؛ وهذا النوع من التعلم نشره في كتابه سنة ‪ 1976‬بعنوان‪:‬‬
‫» ‪« Liberté pour apprendre‬‬
‫المميزات الرئيسية لهذا التعلم يحددها روجرس كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يعتبر التعلم الخبراتي بالدرجة األولى التزاما شخصيا تنغمس فيه الشخصية بكاملها‪.‬‬
‫‪ -2‬يقوم هذا التعلم على مبادرات الطالب‬
‫‪ -3‬يتجه هذا التعلم نحو أعماق الطالب‪ ،‬ويغير شخصيته وسلوكاته واتجاهاته‬
‫‪ -4‬توجد في الكائن االنساني قدرة طبيعية على التعلم‪ ،‬ولديه رغبة في تطوير ذاته بشكل كبير‬
‫ولمدة طويلة‪ ،‬ما لم تقم تجارب النظام المدرسي بتدمير هذه الرغبة‪.‬‬
‫‪ -5‬يحدث التعلم الصحيح عندما يدرك المتعلم وجود تالؤم بين المعارف التي يجب اكتسابها‬
‫وموضوع التعلم‪.‬‬
‫‪ -6‬كل تعلم يؤدي إلى تغير في منظومة الذات أو في ادراك األنا يحدث شعو ار بالتهديد ومن ثمة‬
‫تميل إلى مقاومته‪.‬‬
‫‪ -7‬يدرك ويستوعب موضوع التعلم كلما تقلصت درجة التهديدات الخارجية إلى أقصى الحدود‪.‬‬
‫‪ -8‬عندما يكون تهديد األنا ضعيفا يصبح من الممكن ادراك التجربة المعاشة من زاوية أخرى وهو‬
‫ما يسمح بحدوث التعلم‪.‬‬
‫‪ -9‬ان النشاط يسهل التعلم الذي له داللة ومعنى‪ ،‬فنحن غالبا ما نفهم األشياء ونحتفظ بها من‬
‫خالل ممارستها‪ ،‬ونبقى متأثرين بهذا التعلم‪.‬‬
‫‪ -11‬كلما كان المتعلم يمتلك جزءا من المسؤولية عن التعلم كلما صار التعلم أكثر سهولة‪ ،‬فالتعلم‬
‫يبلغ أقصى مداه عندما يقوم المتعلم بتحديد مشكالته الخاصة‪ ،‬وباختيار موارد حلولها بنفسه‪ ،‬وكلما‬
‫تحكم هذا المتعلم في الخطوات التي يجب اتباعها وتقبل نتائج اختياراته‪.‬‬
‫‪ -11‬ان التعليم الذي يقرر فيه الشخص مصيره بنفسه والذي يشمل الشخص من كل جوانبه‬
‫الوجدانية والمعرفية‪ ،‬هو تعليم يمكن االحتفاظ به لمدة طويلة‬
‫‪ -12‬يكتسب الطالب أكبر قدر من االستقاللية في الفكر وفي االبداع وفي الثقة بالنفس‪ ،‬إذا ما‬
‫أصبح يؤمن بأن النقد والتقويم أمران أساسيان‪ ،‬ويؤمن أيضا بأن تقويمات اآلخرين ليست سوى أمور‬
‫ثانوية‬
‫‪ -13‬يعد تعلم آليات التعلم الموجودة في العالم المعاصر من األنواع األكثر فائدة من الناحية‬
‫االجتماعية‪ ،‬وينبغي أن نتعلم كيف نبقى متفتحين على الخبرة الذاتية‪ ،‬وكيف نستبطن عملية‬
‫التغيير‪.‬‬
‫أ‪ -‬االستراتيجيات التربوية‪ :‬يتم التكوين الخبراتي من خالل استراتيجيتين هما‪:‬‬
‫* تحويل األستاذ المبلغ إلى أستاذ ميسر‪ ،‬أي يبسط عملية التعلم ويساعد طلبته فرديا وجماعة كلها‬
‫بنفس المقدار في اختيار وتوضيح أهدافهم ونواياهم‪.‬‬
‫* توظيف استراتيجيات تفاعلية بين األشخاص‪ :‬يجب أن نستدرج الطالب انطالقا من واقعه‬
‫الوجداني والمعرفي‪ ،‬ثم نمكنه من التعبير عن هذا الواقع بأساليب مختلفة ( الكلمة‪ ،‬النص‪ ،‬المسرح‪،‬‬
‫الرسم‪ )...،‬ولتحقيق ذلك يجب توفير عدد من التمارين المالئمة التي تسمح بتحقيق االتصال بين‬
‫الفرد وذاته وهو ما يساعده في الوصول إلى انطباعاته وتصوراته وأحاسيسه و أفكاره وحاجاته‬
‫النفسية ورغباته‪ ،‬فاألمر يتعلق هنا بقدرة الولوج إلى الذات‪ ،‬ثم يجسد عالمه الداخلي بأساليب مختلفة‬
‫( كالكتابة والرسم‪ ،)...‬ثم يتبادل االشخاص فيما بينهم اكتشافاتهم المختلفة‪ ،‬وفي األخير تختتم‬
‫العملية بالرجوع إلى الذات بهدف القيام بحوصلة لما تم تعلمه‪.‬‬
‫‪ -0-2‬نظريات اإلنسانية المحدثة‪:‬‬
‫أ‪ -‬المبادئ‪ :‬بنى فوتيناس ‪ Fotinas‬نظرية من نظريات االنسانية المحدثة في التربية‬

‫حاول فيها التوفيق بين مقاربة نسقية وبين فلسفة انسانية تستلهم أفكارها من علم النفس اآلدلري نسبة ل ــ‪ :‬ادلر‬
‫ومن مدرسة شيكاغو بشكل خاص‪،...‬حيث يستهدف الدرس عنده تكوين أفراد قادرين على التدخل بفعالية في‬
‫الوسط التربوي فهم من ينتج ويساهم في خلق وضعيات التعلم المتمركز حول محتويات البرامج وطرائق تنفيذها‪،‬‬
‫وتظل أهداف مثل هذه الوضعيات مفتوحة على اعتبار أن المنهجية الديداكتيكية تترك للتالميذ حرية تحديد‬
‫أهدافهم ومعايير تقويم أنفسهم‪.‬‬

‫ب‪ -‬االستراتيجيات‪ :‬تتضمن بيداغوجيا االنسانية المحدثة عند فوتيناس ستة مراحل هي‪:‬‬

‫‪ -1‬مرحلة الممارسة الطبيعية ( الفعل التفكيري االستكشافي ) وتتضمن القيم والدوافع والحاجات الشخصية‬
‫وخطوة بناء الموقف التعليمي انطالقا من طرح مشكالت‪.‬‬

‫‪ -2‬مرحلة التوعية بالممارسة الطبيعية ( الدراسة والتحليل ) اليضاح المشكلة‪.‬‬

‫‪ -3‬مرحلة التبادل الشامل ( عرض المرحلتين األولى والثانية )‬

‫‪ -4‬مرحلة الممارسة الواعية ( ممارسة الفكر العملي المنظم) وهي تحتوي على خطوة البحث عن المعلومات من‬
‫الكتب وطرح تصورات خاصة وتوضيح أهداف التعلم وخطوة أخيرة تتعلق بمشاهدة أفالم بحثية أو التعرف على‬
‫البحوث النظرية‪ ...‬الخ‬

‫‪ -5‬مرحلة تقويم الممارسة الواعية ( دراسة وتحليل منتظمان ) أي مرحلة تقويم التعلم‪ ،‬أي تقويم المهارات التي‬
‫اكتسبها المتعلم وتقويم القيم المعاشة‪ ،‬والمواقف المبتكرة‪.‬‬

‫‪ -6‬مرحلة تبادل يجرى في جمعية عامة ( عرض المرحلتين الرابعة والخامسة )‪.‬‬

‫‪ ‬المدرس كميسر للتعلم‪ :‬يلعب المدرس في التعليم دور الميسر فهو يقود المتعلم ألن يحيا تجارب حقيقية‬
‫تساعده في الولوج إلى تجربته المعيشية واختراق أعماقه بقوة‪ ،‬وللقيام بهذا العمل الذي يطلق عليه‬
‫فوتيناس بالفحص الباطني أو استقصاء األعماق الالمحدودة لإلنسان بتقنيات بيداغوجية عديدة منها‪ :‬أن‬
‫المدرس الميسر يريد التطوير النوعي الجسدي لدى الطالب باستعمال أنواع مختلفة من االرتخاءات‬
‫السلبية وااليجابية‪ ،‬التركيزات‪ ،‬التأمل الذاتي‪ ،‬أحالم اليقظة‪ ،‬التعابير الجسدية الحرة‪.‬‬

‫‪ -0‬نموذج البيداغوجيات المتمحورة حول تطور القدرة االبداعية بواسطة استراتيجيات أكثر تدخلية‪:‬‬

‫‪ -‬المبادئ‪:‬‬
‫‪ ‬الشخص كائن عالئقي‪:‬ان الفرد الذي يعيش خبرة معينة‪ ،‬يساهم في نفس الوقت في خلق خبرة‬
‫لألخرين‪ ،‬وان الشخص كلما قام باستحداث ذاته كلما صار كائنا اجتماعيا وواقعيا وايجابيا وقاد ار على‬
‫التكيف مع ما يحيط به‪ ،‬وعلى االبداع في تغيير هذا المحيط‪.‬‬
‫‪ ‬البيئة التربوية‪ :‬لقد سمحت الممارسة التربوية لــ‪ :‬انجرس باالطالع على بعد البيئة المدرسية‪ ،‬وتبين له‬
‫أنه ينبغي أن يحدث تزاوج بين العصامي والبيئة حتى يتم حدوث النمو‪ ،‬أما هدف البيئة فهو احداث‬
‫طفرة للموارد الداخلية وللنشاط المستقل لدى العصامي الذي ينبغي اعتباره شخصا كامل الحقوق ضمن‬
‫المجال الذي يحدث فيه التفاعل‪ ،‬اذ له الحق في ممارسة كامل امكاناته‪ ،‬وقدراته للحصول على المعرفة‬
‫كما أن باستطاعته تعبئة ارادته في النمو المستقل واالبداع حتى يصبح قاد ار على التكفل بتكوينه الذاتي‬
‫وبتطوير شخصيته‪ ،‬وبعبارة أخرى يقوم العصامي بتغير وجوده وببناء ذاته بكل حرية‪.‬‬
‫‪ ‬المعرفة كمشروع خاص‪ :‬يلح انجرس ‪ 1976‬على ضرورة جعل الحصول على المعرفة مشروعا خاصا‪،‬‬
‫وهي تكتسب وتتعمق من خالل التفاعل بين العصامي والموضوع‪ ،‬أي أنها تنشأ من عملية بناء نموذج‬
‫داخلي يكونه العصامي بنفسه‪ ،‬أما دور االستاذ فيكمن في تيسير التعلم‪ ،‬فهو يلعب دو ار هاما ضمن‬
‫المجال الذي يتم فيه تفاعل العصامي مع موضوع الدراسة‪ ،‬كما يجب عليه أن يؤدي وظائف محددة‬
‫منها تهيئة البيئة‪ ،‬فعليه أن يجعلها مثيرة لحب االطالع الطبيعي ولتساؤالت الطلبة‪ ،‬أيضا على المدرس‬
‫مالحظة وتحليل سير التفاعل بين العصامي والبيئة وأن يحاول أن يرقى به‪.‬‬

‫‪ /0‬النظرية االجتماعية‪:‬‬

‫اتجاهات النظرية االجتماعية‪:‬‬

‫أدت التأثيرات السابقة المتنوعة إلى ظهور تيارات اجتماعية مختلفة أهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬البيداغوجيا المؤسساتية‪ :‬تعد البيداغوجيا المؤسساتية من الحركات التي جاءت من أجل تغير ميدان‬

‫التربية‪ ،‬وقد عرفت خالل الستينات والسبعينات في فرنسا و في الكبيك‪ ،‬وتعتبر أهداف هذا التيار اجتماعية‬
‫في جوهرها‪ ،‬و ةتلخص في اعادة النظر في المجتمع الرأسمالي ومهاجمة تقسيم المجتمع الى طبقات والتخلي‬
‫عن المؤسسات البيروقراطية واعادة بناء المجتمع‪.‬‬

‫فهذه النظرية تسعى البيداغوجيات المؤسساتية إلى اشراك أقصى عدد ممكن من األفراد في عملية االنتاج‪،‬‬
‫وكذلك الى تحريرهم‪ ،‬ويمكن القول أن التسيير الذاتي االجتماعي يعد بمثابة الهدف الرئيسي للتسيير الذاتي‬
‫البيداغوجي‪ ،‬ما دام أنه يسمح بارضاء الحاجات االنسانية األساسية‪ ،‬أي تلك التي تهدف الى تحقيق االبداع‬
‫واالبتكار والمبادرة والبحث والتواصل االنساني‪ ،‬ويؤكد ‪ Labrot‬أنه بدون تسيير ذاتي في المدرسة‪ ،‬وبدون تكفل‬
‫الطلبة بأنفسهم وبدون استئصال ولو جزئي للبيروقراطية البيداغوجية‪ ،‬لن يكون هناك أي تكوين حقيقي ولن‬
‫يحدث أي تغيير على مستوى ذهنيات األفراد‪ ،‬مما قد ينجم عند انجرار المجتمع نحو مشاكل ال حل لها‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق فان كل فعل سواء كان مؤسساتيا أم ال يعتبر عنفا رمزيا‪ ،‬ألنه يقوم على جعل المرسل‬
‫يفرض على المتلقي طرائق التفكير أو شكال من أشكال معالجة المعلومات‪ ،‬بعبارة أخرى تدافع البيداغوجيا‬
‫المؤسساتية عما تحاربه‪.‬‬

‫‪ -2‬بيداغوجيا التوعية‪:‬‬
‫‪ -2 -0‬الفكر التربوي عند ‪ Paulo freire‬والمتأثرين به في البيداغوجيا التحريرية‪:‬‬
‫كان في بداية حياته مدرسا‪ ،‬وقد استطاع بعد خمسة عشرة سنة من الخبرة في التعليم أن يبني مفهوم‬
‫بيداغوجيا التوعية ( حيث الحظ أثناء ممارسته لعمله أن الفئة العامة من الناس تتعرض للسيطرة والحرمان‬
‫من طرف الطبقات الحاكمة )‬
‫كما أن ‪ freire‬وضع في طليعة اهتماماته تصو ار محددا للثقافة‪...‬فهو بفضل االنطالق من تكوين الفرد‬
‫على أساس ثقافة نقدية‪ ...‬وقد توصل بعد دراسته للمجتمع الب ارزيلي الى وصفه بالمجتمع المنغلق الذي‬
‫يعيش فيه الناس مستلبين ملزمين بالصمت وغير قادرين على اتخاذ ق اررات وفاقدين لكل حس نقدي‪ ،‬ولما‬
‫حان وقت انفتاح المجتمع وتأسيس الديمقراطية تم استبعاد مساهمة الشعب باسم الحفاظ على الحرية‬
‫المهددة‪ ،‬وباسم الديمقراطية ‪ ،‬ان المشكلة التي يسعى‪ freire‬الى حلها هي مساعدة الشعب على االضطالع‬
‫بنفسه بعملية االنتقال الى الديمقراطية حيث يقول‪:‬‬
‫" اننا في حاجة لتربية تجعلنا قادرين على اتخاذ القرار وعلى تحمل المسؤولية االجتماعية والسياسية " ولحل‬
‫مشكلة االنتقال الى الديمقراطية يطرح ‪ freire‬التربية كممارسة ديمقراطية للحرية تقوم على استعمال طريقة‬
‫نشطة وتاسس على الحوار وعلى النقد وعلى تكوين افراد قادرين على ابداء الراي‪.‬‬

‫* استراتيجيات الفكر التربوي التوعوي عند ‪:freire‬‬

‫الحوار‪ ،‬االرتباط بالواقع‪ ،‬بناء الثقافة‪ ،‬تكوين الفكر النقدي‪ ،‬التكوين الكتساب القدرة على التدخل االجتماعي‬

‫‪ -3‬بيداغوجيات التحرر‪:‬‬
‫*خصائص بيداغوجيات التحرر عند ‪Shor‬‬
‫‪ -‬المساهمة ‪ ،‬تعلم وجداني ومعرفي‪ ،‬تساؤالت الطلبة‪ ،‬الحوار ‪ ،‬اعادة النظر في التنشئة االجتماعية‪،‬‬
‫تعليم ديمقراطي‪ ،‬جماعة من الباحثين‪ ،‬تداخل المواد‪ ،‬الممارسة االجتماعية‬
‫‪ -0 -0‬البيداغوجيا النقدية‪:‬‬
‫أ‪ -‬المبادئ‪:‬‬
‫االهتمام بالقيم االجتماعية‪ ،‬بناء لغة نقدية‪ ،‬الطابع االجتماعي للمعرفة‬

‫ب‪ -‬االستراتيجيات التربوية للبيداغوجيا النقدية‪ :‬تهتم بتنظيم المحتويات التي تسعى الى تبليغها ومن‬
‫خصائص البيداغوجيا النقدية أنها تنتقد األسس التي تقوم عليها كل المواد‪ ،‬أما مهمتها العمومية فتكمن‬
‫في جعل المجتمع أكثر ديمقراطية‪ ،‬وينبغي أن تنطلق الممارسة النقدية من الحياة اليومية االجتماعية –‬
‫الثقافية للطالب‪ ،‬أي من تاريخه‪ ،‬وهي تتناول كثي ار مواضيع التنظيم وتأسيس التصورات النصية والشفهية‬
‫والبصرية‪ ،‬ولذلك تهتم هذه البيداغوجيا بدراسة النصوص المكتوبة والمعاني التي تخفيها البرامج السمعية‬
‫البصرية واألفالم والفنون‬

‫‪ -3‬النظريات البيئية االجتماعية للتربية‪:‬‬


‫تركز النظريات البيئية االجتماعية للتربية اهتمامها على المشكالت الكبرى المتولدة عن البنيات‬
‫االجتماعية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬السياسية‪ ،‬والثقافية‪...‬‬
‫‪ -2-3‬البيداغوجيا االجتماعية للنمو الذاتي‪:‬‬
‫‪Jacque grand’Maison‬يعتبر من المؤلفين الكيبيكيين الذين كتبوا في مواضيع اجتماعية عديدة‪،‬‬
‫حيث تعد هذه النظرية تجسيدا للعديد من النظريات النقدية الحديثة‬
‫أ‪ -‬أهم عناصر ‪Jacque grand’Maison‬‬
‫‪ ‬نمذجة المدارس‬
‫‪ ‬االستراتيجيات البيداغوجية‪:‬‬
‫‪ ‬مهارة الفعل‪ ،‬مهارة التفكير‪ ،‬مهارة العيش‪ ،‬مهارة المشاركة‪ ،‬مهارة الحديث‬
‫ب‪ -‬التنظيم البيداغوجي‬

‫‪ /3‬النظرية النفسية المعرفية‪:‬‬

‫هناك شخصين تركا أثرهما في البحوث التي تناولت موضوع التعلم إنهما غاستون باشالر و جون بياجيه‪ ،‬إال‬
‫أن أعمال بياجيه في االبستمولوجيا الوراثية هي التي طبعت بشكل أكبر في علم النفس الوراثي و البحوث‬
‫التربوية‪ ،‬و تعتبر وجهة نظر هذا األخير بنائية من حيث جوهرها‪ ،‬إذ يؤكد بعدم وجود لدى االنسان لبنيات‬
‫معرفية مسبقة و فطرية‪ ،‬إن كل ما يورث هو نشاط الذكاء‪ ،‬وهو يعتقد أن الطفل ال يولد مبرمجا جاه از على نحو‬
‫كلي‪ ،‬بل يتفاعل مع بيئته ووسطه‪ ،‬و يتكون في نسق التفاعل بين البيئة و الوراثة‪ ،‬فالطفل ليس كيانا جامدا‪ ،‬أو‬
‫صفحة بيضاء يخضع لشروط البيئة و يتكون بمقتضاها‪ ،‬بل هو كائن إيجابي فاعل أيضا يتشكل في نسق البيئة‬
‫فيشكلها و تشكله في آن واحد‪ ،‬أي انتهى في نظريته البنائية خاصة على تأكيد دور البيئة و الوراثة معا في‬
‫تطور النمو المعرفي للطفل‪ ،‬فالتفاعل و فرص التفاعل النشيط أمور حيوية في تطوره‪ ،‬و ينتهي بياجيه إلى تأكيد‬
‫أن التطور العقلي عند الطفل عملية تتسم بالحيوية و النشاط و أن الطفل ليس راشدا صغيرا‪ ،‬و أن تفكيره و‬
‫طبيعته يختلفان عن طبيعة الراشد و تفكيره بصورة نوعية‪.‬‬

‫هذا و تعد فلسفة باشالر من حيث جوهرها فلسفة جدلية و بنائية‪ ،‬فالفرد يبني معرفته من خالل إجراء فحص‬
‫نقدي لمعارفه و تجاربه الراهنة‪ ،‬و هو يرى أن فلسفة النفي ليست فلسفة سلبية‪ ،‬بل بالعكس إنها تقول نعم لتغيير‬
‫مبادئ المعرفة ذاتها‪ ،‬نعم للنشاط البناء‪ ،‬ألن المعرفة العلمية تعد كعملية بناء تتطور دون انقطاع‪ ،‬فالفرد‬
‫باستطاعته إثراء وجهات نظره كلما قال ال للتفسيرات القديمة و عارضها‪ ،‬ألنها في اعتقاده أن المعارف السابقة‬
‫التي تكون في ذهن التلميذ تعد عائق معرفي له‪.‬‬

‫و كانت هذه اآلراء بمثابة مصدر إلهام لبرامج بحثية في فرنسا و في سويس ار و بالفعل تكونت العديد من‬
‫األسماء أمثال ‪ Giordan‬مؤسس نموذج خيار المدركات القبلية‪ ،‬حيث يرى أن المدركات القبلية كتلك األداة‬
‫الوحيدة التي من شأنها أن تساعد في لحصول على المعرفة‪ ،‬ففي هذا السياق يخلق المدرس نقطة انطالق تدعو‬
‫الطالب إلى اتعبير عن مدركاته القبلية التي لها عالقة بموضوع الدرس‪ ،‬و بعد ذلك و عن طريق العمل الفوجي‬
‫أو عن طريق العمل الفردي يالقي المدرس أو يقابل بين التصورات المختلفة‪ ،‬و ما ينتج عن المناقشات بين‬
‫التالميذ أن يجعلهم يتراجعون عن أفكارهم‪ ،‬ليقوموا بعد ذلك بمعالجة تلك األفكار و تنظيمها إن دعت الضرورة‬
‫لذلك‪.‬‬

‫‪ /4‬النظرية االجتماعية المعرفية‪:‬‬

‫‪ -2‬نظرية التعلم االجتماعي‪ :‬ألبرت باندو ار‬

‫اهتم ألبرت باندو ار باألصول االجتماعية للفكر و شرع في إجراء بحوث حول التعلم بواسطة التقليد‪ ،‬حيث‬
‫اتضح له أننا نتعلم الكثير باتخاذنا أشخاصا آخرين كنماذج‪ ،‬و أن للوسائل السمعية البصرية تأثي ار كبي ار جدا‬
‫على سلوكياتنا‪ ،‬و خلص أيضا من خالل أفكاره‪ ،‬أن تعلم موضوع معين ما هو في الواقع سوى عملية تهدف إلى‬
‫إدماج الفرد المتعلم ضمن جماعة ثقافية و اجتماعية‪ ،‬و تساعده أيضا على القيام بأدواره االجتماعية‪ ،‬هذا و‬
‫يعطي باندو ار أهمية بالغة للتقليد في تشرب السلوكات المرغوب فيها و أهم مبادئ هذه النظرية‪:‬‬
‫‪ -1‬التأثير المتبادل‪ :‬حيث تقوم نظرية التعلم االجتماعي على مفهوم المتبادل بين العوامل االجتماعية و‬
‫الثقافية و العوامل الذاتية و العوامل السلوكية في التعلم و الممارسة‪.‬‬
‫‪ -2‬تعلم األشياء ال يحدث بقيام الفرد بها‪ ،‬بل يمكن للفرد أن يتعلم بمالحظته ألشخاص آخرين يقومون في‬
‫مكانه بعمل هذه األشياء‪.‬‬
‫‪ -3‬الضبط الذاتي‪ :‬الفرد يملك القدرة على ضبط ذاته‪ ،‬فهو ليس تحت رحمة بيئته و ال تحت رحمة غرائزه‪،‬‬
‫إذ بإمكانه أن يتحرك انطالقا من حاجاته و يغير أفعاله حسب النتائج التي حققها‪.‬‬
‫‪ -4‬النمذجة‪ :‬يتعلم الفرد بتقليده لآلخرين‪ ،‬ففي بعض األحيان يختار الفرد شخصا آخر كنموذج و يقلده في‬
‫العديد من سلوكاته‪.‬‬

‫‪ -2‬النظرية االجتماعية التاريخية‪ :‬فيجوتسكي ‪vygotsky‬‬

‫أدى التنوع الثقافي الذي تتميز به المجتمعات المعاصرة‪ ،‬و إلى جانبه تأكيد فيجوتسكي على الدور الهام‬
‫الذي تلعبه الثقافة في التعلم في التفاعالت بين األفراد‪ ،‬أي ركز أو قدم رؤية لدور المجتمع و الثقافة في‬
‫التنمية المعرفية ( تنمية المنطقة المركزية )‪.‬‬

‫و تقوم هذه النظرية على األسس التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬تنمية الوظائف العقلية العليا من خالل التفاعالت و الحياة االجتماعية داخل الفصل الدراسي‪.‬‬

‫‪ -2‬هناك عوامل مؤثرة في التنمية المعرفية للطالب و سماتهم االجتماعية و من أهمها‪:‬‬

‫البيئة المنزلية ‪،‬العالقات بين األقران‪ ،‬الغذاء الذي يؤكل‪ ،‬المالبس التي ترتدى‪ ،‬إتقان اللغة‪.‬‬

‫‪ -3‬أهمية المعلم من خالل اتقانه لعدة أدوار منها‪:‬‬

‫‪ ‬توجيه المتعلم تدريجيا نحو فهم و إتقان المهمة‪ ،‬األمر الذي يعتبر مفتاح لتحضير فهم التالميذ‬
‫للمعرفة العلمية ليكتسبوا مستوى األداء و المعرفة التي يعجزون أن يصلوا إليها بمفردهم‪.‬‬
‫‪ ‬توجيه المتعلمين إلى التفكير بصوت عال و هو ما يشجعهم على الوصول إلى أقصى ما تسمح به‬
‫قدراتهم و يحفزهم لعملية التفكير و االنتباه‪.‬‬

‫‪ -4‬تنمية المنطقة المركزية‪ :‬و هي الفرق بين مستوى األداء بين التعلم الذي يكتسبه المتعلم بمفرده و‬
‫مستوى التعلم الذي يكتسبه المتعلم تحت توجيه و إرشاد المعلم‪.‬‬
‫‪ /5‬النظرية التكنولوجية‪:‬‬

‫سنحاول أن نتطرق الى اتجاهين كبيرين في الحركة التكنولوجية للتربية‪ ،‬األول هو االتجاه النسقي و الثاني‬
‫هو اتجاه الوسائط المتعددة‬

‫‪ -1-5‬االتجاه النسقي‪ :‬و هو يكمن في فحص العالقات بين العناصر حسب الغايات المنشودة‪ ،‬و‬
‫يوصي أنصار هذا االتجاه بعدم إهمال أي مكون من مكونات العملية التربوية‪ ،‬كما يوصون‬
‫بوضع تعاريف كاملة و تامة لهذه المكونات انطالقا من ثلث مقومات أساسية‪ :‬الغايات‪،‬‬
‫السيرورات‪ ،‬العناصر‪.‬‬
‫‪ ‬و يدعون ايضا إلى االنطالق في العمل التربوي باستعمال اسلوب نسقي و اتباع سيرورة محددة و‬
‫معينة‪ ،‬و هي السيرورة التي تنطلق من تحليل الغايات و مميزات الطالب و تمر عبر تصور لنظام‬
‫تعليمي تعلمي‪ ،‬و كذلك عبر القيام بتجريب النظام و تقويمه لتنتهي إلى إدراج التعديالت الضرورية‪.‬‬

‫و كان دي راسني ‪ De Rasnay‬أول من طرح سنة ‪ 1975‬مقاربة نسقية في التربية‪ ،‬إذ تم استيعاب قواعد‬
‫تصميم التعلم بشكل جيد و خاصة فيما يتعلق منه بعناصر العملية التعليمية و سيرورتها ووظائفها و الغاية‬
‫منها و مراميها و اهدافها‪ ،‬و هكذا يعتبر النموذج النسقي إطا ار جاه از للتنظيم يأخذ بعين االعتبار مدخالت‬
‫و مكونات و سيرورات ( العمليات ) و نتائج التعليم كما أنه يساعد في االهتمام بالتفاعالت المختلفة و‬
‫مراقبة أهداف التكوين و في تحقيق أقصى درجات الفاعلية في العملية التعليمية‪.‬‬

‫هندسة التعليم‪ :‬تقدم نظريات تخطيط التعليم وصفا لعملياته مع انشغالها في نفس الوقت بالتفاصيل التي‬
‫تتغير حسب النماذج‪ :‬التي تصف مراحل المقاربة النسقية و أنظمة التعليم المستعملة للوسائط المساعدة و‬
‫تصف ايضا مستويات التخطيط البيداغوجي‪ .‬حيث تتمثل الخطوات األساسية للتخطيط البيداغوجي في ما‬
‫يلي‪ :‬يهتم األستاذ في البداية بتنظيم السيرورة التعليمية‪ ،‬فهو يحاول في بداية المر ان يتعرف على األهداف‬
‫التعليمية و يرتبها حسب الصنافات المختلفة المعمول بها‪ ،‬و من خالل تعرفه على األهداف التي يسعى إلى‬
‫بلوغها‪ ،‬ثم يقوم بتحديد العناصر الضرورية مثال‪ :‬الجماعات‪ ،‬النصوص‪ ،‬لوثائق السمعية البصرية‪،‬‬
‫الحاسوب‪ ،‬انطالقا من األهداف التي سبق و أن تم توضيحها‪ ،‬ثم يقوم بجمع معطيات حول خصائص‬
‫التالميذ ( مالمح التعليم‪ ،‬المعارف‪ ،‬الحوافز )‪ ،‬و بعد ذلك يغير أهدافه وفقا لمعطيات الوضعية التعليمية‪،‬‬
‫كما أنه يدرس الوسائل التعلمية التي بحوزته و التي سيأخذها بعين االعتبار‪ ،‬و هكذا يكون االستاذ قد بنى‬
‫نظاما إجرائيا للتعليم و التعلم‪.‬‬
‫‪ -2-5‬اتجاه الوسائط المتعددة‪:‬‬

‫تعددت مصادر نظريات الوسائط االعالمية المتعددة إلى بداية استعمال الوسائل السمعية البصرية في‬
‫التعليم‪ ،‬و كذلك إلى السيبرنتيقا و إلى نظريات المعرفة و النظريات السلوكية التي ساعدت في إثارة االهتمام‬
‫باالتصال و بفهم كيفية عمل المخ‪ :‬و هو ما أدى إلى تسهيل والدة تكنولوجيا التربوية أو ما يسمى بالهندسة‬
‫التربوية‪.‬‬

‫فالتربية من وجهة نظر سيبرنيتيق ية‪ ،‬يجب أن تدرك كتكنولوجيا حقيقة تهدف إلى جعل اآللة تحل محل‬
‫االنسان في اجراءات التعل يم‪ ،‬و يتحقق ذلك باستعمال اللوغاريتمات‪ ،‬هذا و بدأ بناء البرامج التعليمية‬
‫المعلمنة ( باستخدام االعالم اآللي ) خالل النصف الثاني من القرن الماضي‪ ،‬و تشكل قاعدة للتعليم‬
‫المبرمج الذي كان يتميز في بدايته األولى بمراقبة عمل الطالب بواسطة الحاسوب‪ ،‬و لما ظهر الذكاء‬
‫االصطناعي تغيرت طبيعة البرامج المعلمنة‪ ،‬مما تولد عنه أنظمة التعليم المنفرد‪ ،‬اما المصدر اآلخر للتيار‬
‫المعلوماتي في النظريات المعرفية و في النظريات السلوكية التي استطاعت أن تمارس تأثيراهاما على هذا‬
‫التيار‪ ،‬و حصل ذلك عن طريق نظرية سكينر ‪ Skinner‬حيث استطاع أن ينشر مفهوم آلة التعلم من خالل‬
‫شرحه لمبدأ جد بسيط مفاده أن التحكم الجيد في البيئة التعليمية يساعد بكفاية في تحقيق تعلم جيد بالفعل‪ ،‬و‬
‫جد هذا األسلوب في تصور البيئات التعليمية من يناصره عند المستعملين األوائل للحاسوب الذين لم يتريثوا‬
‫في تشبيهه باآلالت التعليمية األخرى‪ ،‬ثم جاء منظرون آخرون ليؤكدوا ما جاء به سكينر و مناصرو‬
‫استعمال الحاسوب في التعليم‪.‬‬

‫نظرية الحد األدنى من التكوين‪:‬‬

‫و هي ما يصطلح عليها اصحاب الدراسات المستقبلية بـ ـ ـ ـ ـ ـ " التعليم المستقبلي "و تتميز هذه النظرية عن‬
‫النظريات النسقية بتأكيدها على وضع مخططات تكوينية قصيرة المدى‪ ،‬أما بالنسبة لنظريات الوسائط‬
‫المتعددة‪ ،‬فهي تتميز عنها بانشغالها الضعيف بالوسائل السمعية البصرية بالرغم من اشتراكها مع هذه‬
‫النظريات األخيرة في بعض الخصائص‪ ،‬و تقدم ما يلي‪ :‬معنى التكوين المصغي انطالقا من إطار تعليم‬
‫البرامج المعل وماتية‪ ،‬حيث ظهرت في الثمانينيات حاجة جديدة تتعلق بتكوين األفراد في مجال استعمال‬
‫البرامج المعلوماتي‪ ،‬فإذا عرفنا مدى انتشار عملية معالجة النصوص على آلة الحاسوب فإنه يسهل علينا‬
‫التعرف على ما قد يطرحه تكوين األفراد في مجال استعمال هذه اآللة من مشكالت‪.‬‬

You might also like