You are on page 1of 13

‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.

‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫برنامج السداسي األول لمقياس مدارس ومناهج‬

‫‪ .1‬تعريف المنهج العلمي‪.‬‬


‫‪ .2‬أهمية المنهج العلمي‪.‬‬
‫‪ .3‬العمليات األساسية في المنهج العلمي‪ :‬االستقراء‪ ،‬التصور‪ ،‬الفهم‪ ،‬التحليل التركيب‪ ،‬التجريب‪ ،‬االستنباط‪،‬‬
‫التصنيف‪ ،‬التفسير‪ ،‬التجريد‪ ،‬الحكم‪ ،‬التعليم‪.‬‬
‫‪ .4‬العناصر األساسية في المنهج العلمي‪ :‬المبادئ‪ ،‬المراحل‪ ،‬األساليب‪ ،‬الوسائل‪.‬‬
‫‪ .5‬خطوات المنهج العلمي‪ :‬المالحظة‪ ،‬وضع الفروض‪ ،‬اختبار الفروض‪ ،‬التعميم‪.‬‬
‫‪ .6‬مراحل تكون المنهج العلمي‪:‬‬
‫في العصور القديمة‬ ‫‪1‬‬
‫في العصور الوسطى‪ - :‬إسهام المسلمين ‪ -‬إسهام فالسفة وعلماء أوروبا‬ ‫‪2‬‬
‫في العصر الحديث‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ .7‬الدعوة إلى استخدام المنهج العلمي في مجال العلوم االجتماعية واإلنسانية‪.‬‬
‫‪ .8‬المنهج العلمي في الدراسات االجتماعية واإلنسانية‪.‬‬
‫‪ .9‬مقارنة بين العلوم االجتماعية واإلنسانية من جهة والعلوم الطبيعية من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ .10‬المناهج الكمية والمناهج الكيفية‪.‬‬
‫‪ .11‬الموضوعية والذاتية‪:‬‬
‫أ‪ .‬تعريف الموضوعية‪.‬‬
‫ب‪ .‬التفكير الذاتي والتفكير الموضوعي‪.‬‬
‫ج‪ .‬الموضوعية من الخارج‪.‬‬
‫د‪ .‬الموضوعية من الداخل‪.‬‬
‫ه‪ .‬الموضوعية من الداخل والخارج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫برنامج السداسي الثاني لمقياس مدارس ومناهج‬

‫المدارس المنهجية الكبرى‪:‬‬


‫المدرسة اإلسالمية‪.‬‬
‫المدرسة الماركسية‪.‬‬
‫المدرسة الوضعية‪.‬‬
‫المدرسة الوظيفية‪.‬‬
‫المدرسة البنيوية‪.‬‬
‫المطلوب التعرض لكل مدرسة من هذه المدارس من خالل‪(:‬التعريف بها‪ .‬تاريخها‪ .‬روادها‪.‬‬
‫تصورها المنهجي‪:‬‬
‫القواعد المنهجية االسترشادية‪.‬‬
‫النموذج التصوري‪.‬‬
‫مراحل التحليل‪.‬‬
‫نسق التفسير‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫محاضرات السداسي األول لمقياس مدارس ومناهج‬

‫‪ 1‬مفاهيم أساسية‬
‫قبل االنطالق في محتويات هذا المقياس يجب المرور عبر فهم عدد من المفاهيم الضرورية واألساسية في مقياس مدارس ومناهج‬

‫تسمح للطالب اكتساب فهم ودراية بهذا المقياس وتساعده على تتبع مختلف‪.‬‬

‫‪ 1.1‬العلـــــــــــــــــم‬
‫‪ 1.1.1‬مفهـــــوم العلم‬
‫من اجل فهم صائب لمفهوم العلم يجب أن نعرف ونعقل المراحل التاريخية التي مر بها العلم والشروط الواجب توفرها‪.‬‬

‫هناك أكثر من طرح يفسر المراحل التاريخية التي مر بها العلم‪ ،‬فالطرح األول الدي يصنف هده المراحل التاريخية مبني على أساس‬

‫ارتباطها بالفلسفة من حيث اندماجها في الفلسفة وانفصالها عنها‪ ،‬وحسب هدا الطرح فإن المراحل التاريخية للعلم مرت بمرحلتين‬

‫أساسيتين هما‪:‬‬

‫‪ ‬المرحلة األولى وتسمى بالمرحلة الفلسفية‪ :‬هذه المرحلة يطلق عليها أيضا اسم المرحلة االندماجية ففي هده المرحلة‬
‫كانت كل العلوم مندمجة في اطار نظري واحد هو الفلسفة‪ ،‬وقد امتدت هذه المرحلة من العصر القديم إلى غاية القرون‬
‫الوسطى‪ ،‬حيث لم تكن هناك في تلك الفترة خصوصية العلوم والجزئيات التي عرفت بها فيما بعد إذ كانت كل العلوم تلحق‬
‫بالفلسفة أي يتم نسب العلوم للفلسفة على غرار فلسفة الطبيعة ‪ ،‬فلسفة الفلك ‪ ،‬فلسفة اجتماعية‪ ،‬فلسفة تاريخية وغيرها‪ ،‬وهذا‬
‫ما يفسر األخطاء التي وقعوا فيها كونهم اعتمدوا على الفلسفة في تفسير مختلف الظواهر على غرار مسألة دواران الشمس‬
‫حول األرض‪ ،‬أو كون األرض مسطحة وغيرها من األخطاء التي وقعوا فيها جراء اعتمادهم وارتكازهم على الرؤية األولى‬
‫في تفسير الظواهر المرتكزة الفكر الفلسفي ‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الثانية وتسمى بالمرحلة العلمية‪ :‬وهي المرحلة التي يطلق عليها أيضا اسم المرحلة االنفصالية ففي هده‬
‫المرحلة التي بدأت مع نهاية العهد اليوناني حيث بدأت أولى مراحل انفصال العلوم عن الفلسفة فكانت البداية مع الفلك‪،‬‬
‫الرياضيات والميكانيك استجابة لحاجيات المجتمع اليوناني‪ ،‬ثم زاد عدد العلوم المستقلة عن الفلسفة ما بين القرنين الخامس‬
‫عشر و السادس عشر مرافقة لظهور الرأسمالية القائمة عل الصناعة والتي كانت في حاجة إلى مجموعة من المعارف‬
‫الجديدة التي تدرس الخصائص الفيزيائية للطبيعة كي ترافق تطور الرأسمالية وتطور الصناعة في هذه المجتمعات‪ ،‬هذا‬
‫التطور الصناعي والرأسمالي نجم عنه مشاكل صحية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬نفسية مهد لظهور خصوصية العلوم‪ ،‬وبالتالي انفصالها عن‬
‫الفلسفة ‪ ،‬وهنا بدأت نشأت العلوم االجتماعية بشكل عام وعلم االجتماع بشكل خاص وانفصاله عن الفلسفة في تفسير الظواهر‬
‫االجتماعية ‪(.‬بين القرن الثامن عشر والتاسع عشر)‬

‫‪3‬‬
‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫أما الطرح الثاني والذي قدمه أوجيست كونت المعروف بقانون المراحل الثالث المبني على أساس الوضعية‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ ‬المرحلة األولى وهي المرحلة الالهوتية‪ :‬وهي التي تم فيها االعتماد في تفسير الظواهر على أسباب قصوى غير‬
‫مطابقة للطبيعة وهي األلهة‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الثانية وهي المرحلة الميتافيزيقية‪ :‬وهي التي تم فيها االعتماد في تفسير الظواهر على أسباب غيبية لكن‬
‫موجودة في الطبيعة‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الثالثة وهي مرحلة التفسير العلمي‪ :‬أين يتم فيها االعتماد في تفسير الظواهر على الظواهر‪.‬‬
‫‪ 1.1.2‬شروط العلم‬
‫عندما نتحدث عن شروط العلم فإننا نقصد تلك العناصر التي تنقلنا من المعرفة إلى العلم تنقلنا من عمومية المعرفة إلى خصوصية العلم‪.‬‬

‫فالمعرفة ال تحتاج للمنهج العلمي للوصول إليها ونجدها عند المتعلم وغيره أي يمكننا أن نجدها حتى عند غير المتعلمين مثل معرفة‬

‫أسماء البلدان ومواقعها الجغرافية وعواصمها وغيرها من المعارف‬

‫أما العلم فهو تلك المعرفة العلمية التي نتحصل عليها عن طريق توظيف المنهج العلمي وبالتالي فالعلم هو تلك اإلحاطة المعرفية العلمية‬

‫عن حقائق الوجود التي أوجدها العلماء موظفين مناهج علمية‪ ،‬والتي يمكن التحقق من وجودها‪.‬‬

‫والعلم يقوم على خمسة عناصر أساسية هي‪ :‬المالحظة ثم االفتراض‪ ،‬ثم اختبار الفرضيات ثم تحليل نتائج اختبار الفرضيات ثم‬

‫االستنتاج أو بمعنى أخر تفسير هده النتائج‪ .‬ومنه يمكن حصر شروط العلم في ثالث شروط أساسية هي‪:‬‬

‫الموضوع المدروس والذي يجب يندرج ضمن إطار نظري مبني على جملة من االفكار والنظريات التي تتوافق مع‬ ‫أ‪.‬‬

‫الموضوع المدروس‪ ،‬واإلطار النظري يمكن تلخيصه في‪:‬‬

‫الوصول إلى حقائق يمكن التأكد من وجودها‪ .‬مثال ربط االنحراف باستهالك المخدرات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫استعمال المنهج في كشف الحقائق عن الموضوع‪ :.‬المالحظة ثم وضع الفروض‪ ،‬ثم اختبار الفرضيات ثم تحليل نتائج اختبار‬ ‫‪-‬‬

‫الفرضيات ثم االستنتاج‪.‬‬

‫النتيجة المتوصل إليها تعبر عن الجانب الكمي والكيفي للظاهرة المدروسة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ب‪ .‬الحقائق األولية المتوصل بتوظيف المنهج في باستغالل المعارف حول الظاهرة‪.‬‬
‫ج‪ .‬الدراسة الميدانية تؤكد أو تنفي الحقائق األولية وتفسر الظاهرة المدروسة‬

‫وعليه فشروط العلم هي الموضوع المدروس المقولب في إطار نظري‪ ،‬الحقائق األولية‬
‫المتوصل إليها بتوظيف المنهج ودراسة ميدانية تفسر الظاهرة بتوظيف تقنيات تؤكد أو‬
‫تنفي الحقائق األولية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫‪ 1.1.3‬أهداف العلم‬
‫للعلم أربع أهداف رئيسية يمكن تلخيصها في الشكل التالي‪:‬‬

‫الوصف‬

‫أهداف العلم‬
‫التفسير‬
‫التنبؤ‬
‫الضبط‬

‫‪1.1.3.1‬الوصف‪ :‬هو من أهم أهداف العلم‪ ،‬وهو عملية اإلجابة على السؤال ماذا هناك؟ ونصبوا من خالل وصف‬
‫ظاهرة ما ل لوصول إلى مجموعة من الحقائق تتضمن وصف الظاهرة من حيث مكوناتها مثل الحجم‪ ،‬النوع‪ ،‬الشكل‪،‬‬
‫زمن الحدوث‪ ،‬التغير‪...‬وغيرها ويسمح لنا وصف الظاهرة إلى تصنيفها حسب ما تشترك فيه من متغيرات الدراسة‪.‬‬
‫وبالتالي فوصف طاهرة ما هو عبارة عن وضع تقرير عن الظواهر القابلة للمالحظة وبيان عالقاتها بعضها ببعض‪.‬‬
‫وبالتالي ف الوصف الدقيق للظاهرة المدروسة يعد هدفا رئيسيا للعلم يساعد الباحث على ترتيب وتسلسل وارتباط األفكار‬
‫حول الظاهرة‪.‬‬
‫‪1.1.3.2‬التفسير‪ :‬على غرار الوصف فإن التفسير هو أيضا من أهم أهداف العلم‪ ،‬حيث إذا كان الوصف هو اإلجابة‬
‫على ماذا هناك؟ فإن التفسير يحاول اإلجابة على كيف يحدث هذا؟ أو لماذا يحدث هذا؟ وعليه بعد وصف الظاهرة‬
‫بجب القيام بتفسيرها إذا فهو يساعدنا على شرح الظاهرة والكشف عن العالقة بين متغيراتها وبالتالي الوصول إلى نتائج‬
‫وتعميمات علمية تسمح لنا مستقبال بالتنبؤ عن مأالت الظاهرة‪.‬‬
‫وعليه فالتفسير هو عملية الكشف عن العالقات القائمة بين الظواهر‪ ،‬هذه العالقة التي هي غالبا عالقة سببية‪ ،‬أي تلك‬
‫العالقة التي تجعل إحدى الظواهر سببا في وجود ظاهرة أخرى أو عامال رئيسيا في ظهورها‪.‬‬
‫‪1.1.3.3‬التنبؤ‪ :‬ال يقف العلم عند حد التوصل إلى تعميمات أو تصورات نظرية معينة لتفسير األحداث والظواهر‪ ،‬إنما‬
‫يهدف أيضا إلى التنبؤ بما يمكن أن يحدث‪ ،‬فالتنبؤ هو انطباق قاعدة او قانون معين من حدث او ظاهرة ما على حدث او‬
‫ظاهرة اخرى وان الفهم الدقيق يودي الى التفسير الدقيق وبالتالي التنبؤ الدقيق شريطة أن تكون هذه التنبؤات مقبولة‬
‫علميا لذلك ينبغي التحقق من صحتها‪.‬‬
‫وعليه فالتنبؤ الدقيق هو النتيجة الحتمية للوصف الدقيق والتفسير الدقيق وهو هدف العلم األساسي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫‪1.1.3.4‬الضبط‪ :‬إن الهدف االساس للعلم هو الضبط أو بمعنى أخر هو القدرة على التحكم بحدوث ظاهرة ما‪ ،‬أي أن‬
‫نستطيع التحكم في العوامل والظروف التي تجعل ظاهرة معينة تتم على صورة معينة أو نمنع حدوثها‪ ،‬وعليه يتضح لنا‬
‫ارتباط هذا الهدف مع األهداف السابقة حيث ال يمكن ضبط ظاهرة معينة دون الوقوف على مستوى دقة وصفها ومدى‬
‫صحة تفسيرها‪ ،‬زيادة على دقة وعلمية التنبؤ بمأالتها‪ ،‬منه تزداد قدرة الباحث على ضبط الظاهرة والتحكم فيها كلما‬
‫زادت قدرته على التنبؤ بها‪.‬‬
‫وختاما لهدا المحور فالعلم هو عملية بحث وتقص منظم وموضوعي لفهم الظواهر‬

‫اإلنسانية والطبيعية‪ ،‬ويتصف أو يتميز باستخدام المدخل اإلمبريقي‪ ،‬االختبار‬

‫والتجريب للتحقق (تأكيد) من المعارف األولية أو باألحرى المعرفة المكتشفة أو‬

‫نفيها أو تعديلها‪.‬‬

‫‪ 2‬تعريف المنهج العلمي‪.‬‬


‫والتحري والبحث‪ ،‬وعلى غرار العلوم األخرى نستعين في العلوم‬
‫ِّ‬ ‫للتقصي‬
‫ِّ‬ ‫ترتبط العلوم والمعارف البشرية بضرورة توافر منهج‬

‫االجتماعية بمناهج في دراستنا للظواهر االجتماعية‪ ،‬وفي غياب هذه المناهج فسنقع في دائرة العشوائية والبقاء ضمن حيز المعارف‬

‫االبتعاد عن دائرة العلم ‪ ،‬ومن هذا المنطلق تأتي أهمية المنهج العلمي في توفير طرق مجربة ناجحة‪ ،‬تساعد الباحثين في التوصل‬

‫ألهدافهم‪ ،‬مع العلم أنه من الظواهر االجتماعية ما يحتاج دراستها منهجا كيفيا ومنها ما يحتاج منهجا كيفيا ومنها ما يحتاج أكثر من‬

‫منهج لفهم الظاهرة شريطة أن تكون هذه المناهج متجانسة ومنسجمة وتصب في عملية فهم أبعاد الظاهرة المدروسة‪.‬‬

‫‪ 2.1‬تعريف المنهج‬
‫‪ ‬لغويا‪ :‬المنهج هو المسلك أو الطريق الذي يسلكه الباحث عن شيء ما وقد جاء في القرآن الكريم‪َ ﴿ :‬وأَ ْنزَ ْلنَا إِلَيْكَ ْال ِكت َ‬
‫َاب‬
‫قۚ‬‫ّللاُ ۖ َو َال تَتَ ِب ْع أَ ْه َوا َءهُ ْم َع َما َجا َءكَ مِ نَ ْال َح ِ‬ ‫ص ِدقًا ِل َما َبيْنَ َي َد ْي ِه مِ نَ ْال ِكتَا ِ‬
‫ب َو ُم َهيْمِ نًا َعلَ ْي ِه ۖ فَاحْ ُك ْم َب ْينَ ُه ْم ِب َما أَ ْنزَ َل َ‬ ‫ِب ْال َح ِ‬
‫ق ُم َ‬
‫ت ۚ إِلَى َ ِ‬
‫ّللا‬ ‫ّللا لَ َجعَلَ ُك ْم أ ُ َمةً َواحِ َدةً َو َٰلَكِ ْن ِليَ ْبلُ َو ُك ْم فِي َما آتَا ُك ْم ۖ َفا ْستَبِقُوا ْال َخي َْرا ِ‬
‫ِلك ٍُّل َجعَ ْلنَا مِ ْن ُك ْم ش ِْرعَةً َومِ ْنهَا ًجا ۚ َولَ ْو شَا َء َ ُ‬
‫َم ْر ِج ُع ُك ْم َجمِ ي ًعا فَيُن َِبئ ُ ُك ْم ِب َما ُك ْنت ُ ْم فِي ِه ت َْختَ ِلفُونَ ﴾ األية ‪ 48‬سورة المائدة ‪ ،‬فمعنى شرعة ومنهاجا هو أيها األمم «شرعة» شريعة‬
‫«ومنهاجا» طريقا ً واضحا ً في الدين يمشون عليه (تفسير الجاللين)‪ ،‬وبالتالي فالمنهج لغويا هو الطريق الذي نسلكه للوصول إلى‬
‫مقاصدنا‪.‬‬
‫اصطالحا‪ :‬هناك من يصفونه على أنه طريقة للحصول على المعارف حول مشكلة معينة‪ ،‬وأخرون يعتبرون أنه إجراء‬ ‫‪‬‬
‫ُمنظم لبلوغ هدف‪ .‬وعليه فالمنهج هو مجموعة من القواعد المنظمة التي يستعملها الباحث بغية دراسة وتفسير مشكلة ما‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫‪ 2.2‬تعريف المنهج العلمي‪:‬‬


‫هو مجموعة من الطرق واألساليب التي تساعد الباحث في تحليل وتنظيم وتنسيق المهام‪ ،‬والتوصل للنظريات والقواعد والقوانين على‬
‫الوجه العام‪ ،‬أو التعرف على حلول تتعلق بإشكالية علمية‪.‬‬
‫كما يمكن تعريف المنهج العلمي على أنه طرحًا لألفكار مع عدم اعتماد صحَّتها دون وجود الدليل‪ ،‬وعلى سبيل المثال فعلماء‬
‫الرياضيات يجب عليهم وضع استنتاجات ُمبرهنة عددية‪ ،‬وبالنسبة الكيميائيين‪ ،‬يجب عليهم القيام بالتجربة والمالحظة‪ ،‬ونفس الشيء‬
‫للمشتغلين بالعلوم االجتماعية يتوجَّب عليهم اتباع االستدالل المنطقي والتدليل بما يقبله العقل‪.‬‬
‫ويمكن فهم المنهج العلمي من خالل ر بطه بمحطات تاريخية ساهمت في وضع مفهوم وتعريف للمنهج العلمي‪ ،‬نلخصها في المحطات‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ 2.2.1‬المنهج العلمي عند فالسفة اليونان فترة ما قبل الميالد‪:‬‬
‫ساهم اليونانيين القُدامى في وضع أولى أساسيات مناهج البحث العلمي؛ ولكن كما ذكرنا سابقا (المرحلة االندماجية للعلم) كان البعد‬
‫الفلسفي هو ال ُمتحكم‪ ،‬وغالبية فالسفة اليونان استخدموا مناهج ذات بُعد استداللي أو منطقي‪.‬‬
‫ونجد المنهج الفرضي أحد أبرز المناهج العلمية التي استُخدمت‪ ،‬ويعتبره البعض من أقدم المناهج‪ ،‬ويُعرف أيضا بالمنهج التحليلي‪،‬‬
‫والمنهج الجدلي‪ ،‬وبرهان الخلف‪ ،‬ولقد وضع ذلك المنهج أفالطون (‪ 427-347‬ق‪.‬م)‪ ،‬ويعتمد المنهج الفرضي على وضع مجموعة‬
‫كبيرة من الفرضيات‪ ،‬ثم اختيار أنسبها لحل المشكلة‪ ،‬ويبنى القرار في تلك الحالة حسب الفرض األنسب الذي يجيب على المشكلة‬
‫المدروسة‪ ،‬وبالتالي نقول الفرض مقبول أو ال‪.‬‬
‫آخر استخدمه أرسطو (‪ 384-324‬ق‪.‬م)‪ ،‬ويُعرف بالمنهج التمثيلي‪ ،‬ويعتمد هذا المنهج على مبدأ الغائية‬
‫وكذلك فإن هناك منهجًا َ‬
‫(الغاية)‪ ،‬بمعنى أن االنسان لديه أهداف يرغب في تحقيقها‪ ،‬ومن ثم يمكن تعميم ذلك على بقية المجتمع كله‪.‬‬
‫‪ 2.2.2‬المنهج العلمي عند العرب‪:‬‬
‫الحديث عن المنهج العلمي يجرنا حتما إلبراز جهود العرب والمسلمين في هذا الباب‪ ،‬فمن الباحثين المجددين من كان منصفا مع‬
‫مجهودات العرب والمسلمين وأوضح ما قاموا به وما قدموه من جهود تطوير واستعمال المناهج العلمية ‪ ،‬مثل (فرانسيس بيكون‬
‫‪1562 Francis bacon‬م‪1626-‬م) و (رينيه ديكارت ‪1596 Descartes René‬م ‪1650 -‬مم) ؛ حيث أوضحا صراحة‬
‫في كتاباتهم بدور العرب القُدامى تطور العلوم واستخدام المناهج العلمية ‪ ،‬ومن أشهر علماء العرب والمسلمين الذين ساهموا في ادخال‬
‫المناهج بمختلف أنواعها في البحوث العلمية نجد‪ :‬جابر بن حيان(‪ ،)721-813‬والخوارزمي ( ‪ ،)780-850‬والمقدسي(‪،)945-991‬‬
‫وابن الهيثم(‪ ،)965-1040‬ابن سينا (‪ ، )980-1037‬وابن رشد(‪ ،)1126-1186‬وابن خلدون(‪،)1332-1406‬‬
‫والمقريزي(‪ ...،)1364-1442‬وغيرهم‪.‬‬
‫إن قراءة التراث العربي اإلسالمي تبين لنا أن الطريقة التي اتبعها علماء األصول وعلماء الحديث في الوصول إلى الصحيح من الوقائع‬
‫واألخبار واألقوال قد انسحب على أسلوب التفكير والتجريب في البحث العلمي في العلوم األخرى‪ ،‬فنرى ‪-‬على سبيل المثال‪ -‬ابن الهيثم‬
‫يستعمل لفظ االعتبار وهو لفظ قرآني ليدل على االستقراء ال تجريبي أو االستنباط العقلي‪ ،‬ويستخدم قياس الشبه في شرحه لتفسير عملية‬
‫اإلبصار وإدراك المرئيات‪ ،‬كذلك نجد أبا بكر الرازي يستخدم األصول الثالثة‪ :‬اإلجماع‪ ،‬واالستقراء‪ ،‬والقياس في تعامله مع المجهول‪،‬‬
‫فهو يقول‪" :‬إنِّا لما رأينا لهذه الجواهر أفاعيل عجيبة ال تبلغ عقولنا معرفة سببها الكامل لم نر أن نطرح كل شيء ال تدركه وال تبلغه‬
‫عقولنا؛ ألنِّ في ذلك سقوط جل المنافع عنا‪ ،‬بل نضيف إلى ذلك ما أدركناه بالتجارب وشهد لنا الناس به‪ ،‬وال نحل شيئ ًا من ذلك محل‬
‫الثقة إال بعد االمتحان والتجربة له‪ ..‬ما اجتمع عليه األطباء وشهد عليه القياس وعضدته التجربة فليكن أمامك‪.‬‬
‫وبالتالي فقد استند علماء الحضارة اإلسالمية على اختالف تخصصاتهم ‪-‬في ممارستهم للمنهج العلمي‪ -‬إلى مبادئ أساسية استمدوها من‬
‫تعاليم دينهم الحنيف‪،‬‬

‫‪7‬‬
‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫حيث أن خاصية التنظيم (المنهج العلمي) كواحدة من خصائص التفكير العلمي أوضح ما تظهر عند علماء العرب والمسلمين‪ ،‬في‬
‫إرساء لقواعد المنهج العلمي التجريبي في الكيمياء‪.‬‬
‫صرف‪ ،‬الذي كان قائما ً على أسس يفرضها العقل لنفسه فرضا‪ ،‬أو على‬
‫فالعصور القديمة والوسيطة كانت تتبع التفكير االستنباطي ال ِّ‬
‫قواعد يوحي بها إلى الفرد إيحا ًء‪ ،‬وليس عليه في هذه وتلك إال أن يستنبط النتائج من تلك الفروض المسلِّم بصدقها‪( .‬مجدولين أبو الرب‪،‬‬
‫التفكير العلمي عند علماء العرب والمسلمين)‬
‫فقد اهتم جابر بن حيان بالتجربة‪ ،‬وكان يسميها "التدريب"‪ ،‬كما رفض أبو بكر الرازي السحر والتنجيم‪ ،‬فخلِّص الكيمياء مما كان يحيط‬
‫بها من غموض ورمزية‪ ،‬واتجه بها اتِّجاها ً علميا ً تجريبيِّاً‪ُ ،‬مجاهرا ً بأنه ال يسلِّم إال بما تثبته التجربة من حقائق‪.‬‬
‫وعليه فقد سبق العلماء العرب والمسلمين (القرن الثامن –جابر ابن حيان‪ ،‬الخوارزمي‪ )...‬نظراءهم الغربيين (القرن السابع عشر ‪-‬‬
‫ويليام جيمس ورونيه ديكارت‪ )...‬في توظيف المنهج العلمي في البحث عن الحقائق العلمية بأكثر من تسعة قرون‪.‬‬
‫ومما سبق فإن مفهوم المنهج العلمي عند العلماء العرب والمسلمين هو منهج البحث والتفكير المبني‬
‫ويعول في اكتساب المعرفة على العقل والحواس أي أن المنهج‬
‫َّ‬ ‫على التأليف بين العقل والواقع‪،‬‬
‫العلمي هو مجموعة من القواعد المنظمة القائمة على المالحظة‪ ،‬القياس والتجربة‬

‫‪ 2.2.3‬المنهج العلمي كنظرية معاصرة بداية من القرن السابع عشر‪:‬‬


‫·رغم أننا نؤمن أن مرحلة الحضارة العربيِّة التي ازدهرت فيها العلوم الطبيعيِّة والرياضيِّة فضال عن العلوم ال ِّ‬
‫شرعيِّة بناء على مناهج‬
‫صة ومتميِّزة عن سابقتها اليونانيِّة‪ ،‬تلك التِّجربة التي ع ِّمرت تسعة قرون أو يزيد‪ ،‬قبل ظهور النِّهضة األوروبيِّة الحديثة‪.‬‬
‫علميِّة خا ِّ‬
‫إال أنه من الناحية التاريخية فإن فكرة وضع قواعد وأسس لمناهج البحث العلمي بالشكل الحديث ظهرت في القرن السابع عشر‪ ،‬وذلك‬
‫بظهور كتاب األورجانون الجيد ‪ ،""NOVUM ORGANUM‬والدي أوضح فيه العالم (فرانسيس بيكون ‪Francis bacon‬‬
‫‪1562‬م‪1626-‬م) رؤيته ومعتقداته في ذلك الكتاب‪ ،‬وملخص ذلك هو أهمية االبتعاد عن النظريات الفلسفية اليونانية القديمة التي كانت‬
‫تستمد جذورها من القياس‪ ،‬واستخدام التجارب والمالحظة المنظمة كبديل‪ ،‬وكانت نقطة االنطالق عنده أن أسلوب التفكير ذاته متردي‬
‫وأنه كان في أسوأ عهوده‪ ،‬حيث رأى أنه طغت عليه تعاليم المدرسة التقليدية القاحلة باعتماده على النصوص ( مثل نص أرسطو) أكثر‬
‫من اعتماده على التجربة‪ ،‬وأشار بأن ذلك قاد البحث العلمي إلى جدل عقيم بدال من االبداع‪ ،‬كما ادعى أن العالج الوحيد لتصحيح‬
‫أسلوب التفكير وتقدم الفهم هو إعتملد منهج علمي هو المنهج االستقرائي·‬
‫ولقد القت أفكار فرانسيس بيكون قبول واعجاب الكثير من العلماء‪ ،‬وسار على دربه كل من (رينيه ديكارت ‪René Descartes‬‬
‫‪1596‬م ‪1650 -‬م) صاحب فكرة التحري والبحث من خالل البدء بالشكوك واالنتهاء بالمؤكدات ذات القرائن‪ ،‬كما أن هناك آخرين‬
‫وضعوا وحدثوا في نفس إطار الفكر التجريبي‪ ،‬ومن بينهم كل من‪:‬‬
‫(‪1806‬م ‪1873 -‬م)‬ ‫‪John Stuart Mill‬‬ ‫جون ستيوارت مل‬ ‫‪-‬‬
‫(‪1813‬م ‪1878 -‬م)‬ ‫‪Claude Bernard‬‬ ‫كلود برنارد‬ ‫‪-‬‬
‫‪-‬‬
‫(‪1859‬م ‪1959 -‬م)‬ ‫‪John Dewey‬‬ ‫جون ديوي‬
‫(‪1872‬م ‪1972 -‬م)‬ ‫‪Bertrand Russell‬‬ ‫بيرتراند راسل‬ ‫‪-‬‬
‫(‪1885‬م ‪1917 -‬م)‬ ‫‪Émile Durkheim‬‬ ‫إميل دوركايم‬ ‫‪-‬‬
‫‪-‬‬
‫)‪1889‬م ‪1974 -‬م(‪.‬‬ ‫‪Jacob Levy Moreno‬‬ ‫جاكوب ليفي مورينو‬

‫‪8‬‬
‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫‪ 2.3‬أهمية المنهج العلمي‪.‬‬


‫‪ -‬تنظيم طريقة تفكير الباحث ‪ :‬في طليعة أوجه أهمية المنهج العلمي المساعدة في تنظيم وترتيب فكر الباحث‪ ،‬وبما‬
‫ينعكس عليه ذلك من كتابه بحثية الئقة‪ ،‬ومن ثم بلوغ الباحث لما يتمنَّاه من أهداف في النهاية‪.‬‬
‫جربة‪ :‬يمثل استخدام الباحث لمنهج علمي معين استعانة بخبرات السابقين من‬
‫الستعانة بالخبرات السابقة ال ُم َّ‬ ‫‪-‬‬
‫العلماء األفذاذ‪ ،‬ومن ثم إمكانية الحصول على دراسة وافية‪ ،‬وبالطبع تفاصيل ذلك في يد الباحث؛ فالمنهج مثل الطريق‬
‫الممهد المؤدي إلى مكان معين‪.‬‬
‫توفير الوقت والجهد‪ :‬إن اتباع الباحث طرق منهجية شبه قياسية يختارها حسب طبيعة موضوع‬ ‫‪-‬‬
‫البحث؛ سينتج عنه توفير للوقت وال ُجهد‪ ،‬وتلك من بين عناصر أهمية المنهج العلمي‪ ،‬وذلك على خالف السير‬
‫بصورة عشوائية في تتبع مشكلة أو ظاهرة معينة‪ ،‬وقد يتسبب ذلك في إهدار الوقت والجهد‪ ،‬وفي النهاية‬
‫سيؤدي ذلك إلى سوء النتائج‪.‬‬
‫العمليات األساسية في المنهج العلمي‪ :‬االستقراء‪ ،‬التصور‪ ،‬الفهم‪ ،‬التحليل التركيب‪ ،‬التجريب‪ ،‬االستنباط‪،‬‬ ‫‪3‬‬
‫التصنيف‪ ،‬التفسير‪ ،‬التجريد‪ ،‬الحكم‪ ،‬التعليم‪.‬‬
‫هناك مجموعة من العمليات األساسية في المنهج العلمي‪ ،‬يعتمد عليها الباحث للوصول إلى إنجاز بحثه بشكل علمي والهدف األساسي‬
‫والنهائي لهذه العمليات يتمثَّل في التوصل لحقائق أو نظريات أو ُمسلَّمات حول ظاهرة ما وفيما يلي ملخص لهذه العمليات‪:‬‬

‫االستقراء‪ :‬القاعدة العامة هي أن االستقراء هو تتبع الجزئيات للحصول على حكم كلي‪ ،‬ونعني بذلك أن نتتبع جزئيات‬ ‫‪3.1‬‬
‫مشكلة اجتماعية ما ألجل أن نعرف الحكم الكلي الذي ينطبق عليها‪ ،‬مثل إذا أردنا دراسة مشكلة انحراف األطفال فعملية االستقراء في‬
‫هذه الحالة هي البحث في جزئيات هذه المشكلة كالتسرب المدرسي‪ ،‬التفكك االسري‪ ،‬وغيرها من الجزئيات التي قد تساعدنا في فهم‬
‫المشكلة والحكم عليها وضع قاعدة أو نظرية لمعالجة هذه المشكلة‪.‬‬
‫وينقسم االستقراء إلى قسمين هما‪:‬‬
‫االستقراء التام هو تتبع جميع جزئيات المشكلة المدروسة ومعرفة حكمها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫االستقراء الناقص هو تتبع بعض جزئيات المشكلة المدروسة ومعرفة حكمها كما ينقسم االستقراء الناقص الى استقراء‬ ‫‪-‬‬
‫معلل واستقراء غير معلل‪.‬‬

‫االستقراء‬

‫االستقراء التام‬ ‫االستقراء التام‬

‫استقراء غير معلل‬ ‫استقراء معلل‬


‫‪-‬‬

‫‪9‬‬
‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫هو عبارة عن شكل من أشكال المعرفة الخاصة بالمجتمع المدروس‪ ،‬فهو نظام معرفي وتنظيم نفسي‪ ،‬كما يعتبر‬ ‫‪ 3.2‬التصور‪:‬‬
‫بمثابة جسر بين ما هو فردي وما هو اجتماعي‪ ،‬إذ يعتبر التصور مرحلة تسبق االنطالق في مشروع معين فالتصور المقترح للبحث‬
‫هو أن ‪ ،‬يُ َكون الباحث صورة متكاملة عن ماهية البحث بمخرجاته النهائية‪ ،‬فالتصور المقترح للبحث هو بمثابة رسم صورة استباقية‬
‫لما سيحدث في البحث‪ ،‬ورغم أن المصطلح يع ِّد غير مألوف لدى الكثير من المشتغلين بالبحث من منطلق اعتباره (مادة فرعية‬
‫وليست أساسية) إال أنه يعد من أهم العمليات المكونة للبحث العلمي‪.‬‬
‫الواجب التنبيه إليه أيضا هو أن التصور المقترح للبحث ال يدخل في مضمون البحث النهائي‪ ،‬ولكن هذا ال يعني أنه ليس ضروري‪،‬‬
‫بل لهذا التصور العديد من الفوائد التي تجعل اعداده مسألة متعلقة بجودة البحث‪.‬‬
‫وعليه يمكن تعريف التصور بأنه عملية يتم خاللها رسم صورة مبدئية لهيكلية البحث محتويا ً كافة عناصره وكذلك المعلومات المكونة‬
‫له من البداية إلى النهاية‪ ،‬وذلك وفقا ً للمعطيات الخاصة بمشكلة البحث وفرضياته‪.‬‬
‫‪ 3.2.1‬التصور الذهني‪ :‬ويقصد به وضع صورة توقعية في الذهن أي في خيال الباحث‪ ،‬ولكن هنا يتم نقل ما يتبادر للذهن(الخيال)‬
‫إلى الورق وفقا ً للمنهجية الخاصة بالتصور‪.‬‬

‫‪ 3.2.2‬هيكلية وعناصر البحث‪ :‬يشمل هذا التصور كافة العناصر المكونة للبحث بدءا ً بالخطة وعناصرها مثل (المشكلة‪،‬‬
‫الفرضيات‪ ،‬العينة‪ ،‬أدوات الدراسة‪ ،‬منهجية الدراسة‪ ،‬المصطلحات‪ ،‬المراجع)‪ ،‬وكذلك اإلطار النظري وترتيبه وصوالً إلى‬
‫قائمة النتائج والفهارس‪.‬‬

‫‪ 3.2.3‬المعطيات المنطقية للمشكلة‪ :‬هذه المعطيات تكون مبنية على أسس علمية‪ .‬فكل مشكلة لها منهج ومنطق يفسرها ويحللها‪.‬‬
‫وفي هذا التصور يتم كتابة المعلومات وفقا ً للمعلومات الموجودة لدى الباحث عن مشكلة البحث‪.‬‬

‫يسعى البحث دائما إلى توفير المعرفة العلمية بالظواهر المحيطة باإلنسان وهذه الظواهر ال يتم التعرف إليها إال‬ ‫‪ 3.3‬الفهم‪:‬‬
‫باإلجابة عن بعض التساؤالت التي تظهر أثناء الدراسة‪ ،‬وتعتمد اإلجابة على هذه التساؤالت فهمم الظاهرة المدروسة من خالل فهم‬
‫جزئياتها وعملية فهم أية ظاهرة تعتمد على فهم العناصر اآلتية واستيعابها‪:‬‬
‫‪ -‬التعرف على الظاهرة المدروسة وفهمها كونها تشكل متغيرا تابعا‪.‬‬
‫‪ -‬التعرف على الظروف والعوامل والظواهر األخرى التي أدت إلى حدوث الظاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬التعرف على العالقة التي تربط بين الظاهرة المدروسة والظروف التي أدت إلى ظهور الظاهرة المدروسة‪.‬‬
‫‪ 3.4‬التحليل والتركيب‬
‫‪ 3.4.1‬التحليل يعتمد على تفكيك العناصر األساسية للظاهرة محل البحث‪ ،‬ومن ث َ َّم دراستها بأسلوب متعمق‪ ،‬وفي ضوء ذلك يتم‬
‫استنباط أحكام أو قواعد‪ ،‬يمكن عن طريقها إجراء تعميمات تساعد في حل المشاكل االجتماعية‪.‬‬
‫إذا التحليل هو تقسيم المشكل المدروس الى أجزائه(جزيئياته)‪ ،‬من مكونات أو صفات أو خصائص وقوانين‪ ،‬أو عزل بعضها عن‬
‫بعض‪ ،‬ثم دراستها للوصول الى معرفة العالقة بينها‪ ،‬وبين غيرها‪.‬‬
‫والتحليل يكون إما ماديا ً وذلك بتقسيم الحدث المدروس الى أجزاء (المكونة لهذا الحدث)‪ ،‬أو عزل أجزائه بعضها عن بعض في الواقع‬
‫الخارجي‪ ،‬مثل ما يحدث عند تحليل عناصر طبيعية فيزيائيا أو كيميائيا‬
‫أو أن يكون التحليل عقليا ً "منطقياً"‪ ،‬بعزل مكونات الحدث المدروس أو أجزاءه أو صفاته أو خصائصه‪ ،‬بعضها عن بعض في الذهن‪،‬‬
‫وهذا ما يحدث في كثير من األحيان في العلوم االجتماعية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫‪ 3.4.2‬التركيب‪ ،‬فهو جمع أجزاء أو مكونات الحدث المدروس (الظاهرة المدروسة) أو ربط صفاته وخواصه بعضها ببعض‪،‬‬
‫للوصول الى تعميمات أو قواعد أو قوانين عامة‪،‬‬
‫ويكون التركيب "مادياً"‪ ,‬بجمع أجزاء الظاهرة المدروسة (المتغيرات والمؤشرات المكونة لهذه الظاهرة)‪ ،‬لتكون مترابطة ترابطا ً‬
‫تظهره مؤلفا ً كامالً في الواقع الخارجي أو أن يكون التركيب "عقلياً"‪ ،‬بربط صفات الحدث المدروس أو خواصه بعضها ببعض في‬
‫الذهن‪ ،‬كما يحدث في العلوم االجتماعية عند ربط مختلف العوامل المؤدية لحدوث ظاهرة ما في بعضها البعض في العلوم الرياضية‪،‬‬
‫فهو يتماشى مع "االستقراء" بكونه أداة الحصول على حكم كلِّي عن الظاهرة المدروسة‪ ،‬بعكس التحليل الذي ينهج الحصول على‬
‫العالقة بين األجزاء‪ ،‬بما يتماشى مع االستنباط‪.‬‬
‫‪ 3.5‬التجريب‪:‬‬
‫البحث العلمي يقوم على أساس إجراء التجارب واالختبارات على الفروض‪ ،‬وتعتبر التجارب التي تشير إلى المنهج التجريبي في‬
‫العلوم االجتماعية أداة أساسية للبحث في مجموعة واسعة من التخصصات بما في ذلك العلوم االجتماعية‪ ،‬حيث يستخدم البحث‬
‫التجريبي بشكل شائع في العلوم مثل علم االجتماع وعلم النفس والفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والطب إلخ‪ ،‬وهو عبارة عن مجموعة‬
‫من التصميمات البحثية التي تستخدم االختبارات التي يتم التحكم فيها لفهم العمليات السببية‪ ،‬وبشكل عام يتم التعامل مع واحد أو أكثر‬
‫من المتغيرات لتحديد تأثيرها على متغير تابع‪.‬‬
‫وهذه الطريقة هي عبارة عن منهج علمي منظم للبحث الذي يتعامل فيه الباحث مع واحد أو أكثر من المتغيرات‪ ،‬ويتحكم ويقيس أي‬
‫تغيير في المتغيرات األخرى‪ ،‬وغالبًا ما يستخدم البحث التجريبي في الحاالت التالية‪:‬‬
‫إذا كان هناك أولوية زمنية في العالقة السببية (السبب يسبق التأثير)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إذا كان هناك اتساق في العالقة السببية (سوف يؤدي السبب دائ ًما إلى نفس التأثير)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫من ه فالتجريب هو البحث الذي يؤثر فيه الباحث بنشاط على شيء ما لمالحظة النتائج‪ ،‬حيث تميل معظم التجارب إلى الوقوع بين‬
‫التعريف البسيط والعميق‪ ،‬ومن قواعد التجربة أن العلوم الفيزيائية مثل الفيزياء والكيمياء والجيولوجيا تميل إلى تحديد التجارب بشكل‬
‫أضيق من العلوم االجتماعية مثل علم االجتماع وعلم النفس‪ ،‬والتي تجري تجارب أقرب إلى التعريف األوسع‪.‬‬

‫‪ 3.6‬االستنباط‪:‬‬
‫إن هذا المنهج العلمي ينتقل من العام الى الخاص ومن الكل الى الجزء‪ ،‬فينطلق الباحث من القاعدة الكلية‪ ،‬ليستنبط منها ما يصلح من‬
‫قواعد يمكن تطبيقها على الجزء‪ ،‬حيث يضع الباحث من خالل االستنباط نظرية محددة‪ ،‬ليتوقع ما ستصل اليه هذه النظرية من نتائج‪،‬‬
‫وبالتالي يجب أن تكون مالحظات الباحث العلمي سليمة لكي يصل الى نتائج صحيحة ودقيقة‪.‬‬
‫ومن خالل االستنباط فإن ما ينطبق على الفرد في أي مجموعة‪ ،‬ينطبق حتما ً على األفراد اآلخرين في المجموعة‪.‬‬
‫والفرضيات السليمة هي أساس نجاح االستنباط‪ ،‬فإذا لم تكن الفرضية صحيحة ال يمكن الوصول الى نتائج صحيحة‪ ،‬فالفرضيات‬
‫الخاطئة تؤدي حتما ً الستنباط خاطئ‪.‬‬
‫ويجب اإلشارة لمالحظة هامة وهي أن هنا ك العديد من الفروق بين االستقراء واالستنباط في البحث العلمي وبشكل خاص بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إن االستقراء ينتقل من الخاص الى العام ومن الجزء الى الكل‪ ،‬بحيث تعمم نتائج الجزء على الكل‪ ،‬وهذا ما يعاكس‬
‫االستنباط الذي ينتقل من العام الى الخاص ومن الكل الى الجزء‪.‬‬
‫‪ -‬ينتج االستقراء تعليمات واسعة من خالل عدد مالحظات محدد‪ ،‬وهذا بعكس االستدالل تماما ً‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫‪ -‬إن العملية االستقرائية تعمل على اكتشاف القوانين عبر الواقع‪ ،‬بينما تقوم العملية االستنباطية على أن ينتقل الفكر من‬
‫المبادئ للنتائج عبر عملية عقلية مجردة‪.‬‬
‫يحول العديد من‬
‫‪ -‬من الفروقات بين االستقراء واالستنباط في البحث العلمي أن الباحث العلمي من خالل االستقراء ِّ‬
‫المالحظات لت ِّكون بعد تجميعها القواعد العامة‪ ،‬بينما االستنباط يكون معاكس تماماً‪ ،‬حيث تتم تجزئة القاعدة العامة الى‬
‫مالحظات متعددة‪ ،‬يمكن أن تجتمع مرة أخرى لتش ِّكل القاعدة العامة مجددا ً‪.‬‬
‫‪ -‬إن االستقراء يستمد اليقين من خالل عودته لالختبارات والتجارب‪ ،‬حيث يعود الباحث العلمي للمدرك الحسي ليتحقق من‬
‫صحة التجارب‪ ،‬أما االستنباط فهو يستمد اليقين من عالقة المقدمات‪ ،‬وبالتالي يفترض حرص الباحث العلمي على أال يتواجد‬
‫أي تناقض بين المقدمات والنتائج‪.‬‬

‫‪ 3.7‬التصنيف‬
‫التصنيف هو عبارة عن عمليِّة تمييز األشياء بعضها عن بعض وترتبيها وتقسيمها وفق تشابهها إلى مجموعات حيث يض ِّم كل صنف‬
‫مجموعة من الوحدات المشتركة مع بعضها البعض في صفات أو خواص معينة‪ ،‬وبالتالي فتصنيف الظواهر هو عملية ترتيبها حسب‬
‫متغيراتها وحسب تشابه هذه المتغيرات بنا َء على مؤشرات يختارها الباحث ينتج عن هذا التصنيف عالقات وأحداث وظواهر قابلة‬
‫للدراسة مثل تصنيف المجتمعات في العلوم االجتماعية أو تصنيف األفراد أو تصنيف الجماعات‪ ...‬وغيرها من التصنيفات التي‬
‫تفتضيها دراسة ما‪.‬‬

‫‪ 3.8‬التفسير‬
‫يُع ِّد التفسير من أه ِّم الوسائل وال ُ‬
‫طرق التي تشرح العلوم المختلفة؛ فهو ال ُمبسط للمناهج التي تبدو معقدة‪ ،‬والشارح للعبارات الموجزة‪،‬‬
‫والمعلل لألسباب‪ ،‬والمبين للنتائج بيانا ً يسهل فهمه‪ ،‬يعني البحث عن أحداث أو ظواهر أو متغيرات يؤدي التغير المنتظم فيها إلى تغير‬
‫معين في الظاهرة أي توضيح المتغير ات المرتبطة بالظاهرة وبيان العالقة الوظيفية التي تقوم بين المتغيرات التابعة من ناحية‬
‫والمتغيرات المستقلة من ناحية أخرى‪ .‬فالتفسير هو العثور على األسباب التي من اجلها تقع الحوادث‪.‬‬
‫إذا التفسير يساعدنا على شرح الظاهرة والكشف عن العالقة بين متغيراتها وبالتالي الوصول إلى نتائج وتعميمات علمية تسمح لنا‬
‫مستقبال بالتنبؤ عن مأالت الظاهرة‪.‬‬
‫وعليه فالتفسير هو عملية الكشف عن العالقات القائمة بين الظواهر‪ ،‬هذه العالقة التي هي غالبا عالقة سببية‪ ،‬أي تلك العالقة التي‬
‫تجعل إحدى الظواهر سببا في وجود ظاهرة أخرى أو عامال رئيسيا في ظهورها‪.‬‬

‫‪ 3.9‬التجريد‬
‫التجريد مفيد وال غنى عنه لتكوين المعرفة البشرية‪ .‬في الواقع‪ ،‬كل المعرفة تمر بعملية تجريد تؤدي إلى "مفهوم تجريدي"‪ ،‬أي فكرة‬
‫أو فكرة‪.‬‬
‫فالتجريد هو قدرة فكرية تتكون من فصل عنصر من سياقه لتحليله ووضع مفهوم له‪ ،‬وتأتي الكلمة من الكلمة الالتينية‬
‫‪ ،abstrahére‬والتي تعني "السحب بعيدًا" أو "الفصل" أو " التنحي "‪ ،‬ومن هذا المنطلق فإن التجريد يعني العمل والتأثير في‬
‫وضع شيء ما جانبا ً لفهمه‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪2022/2021‬‬ ‫محاضرات مدارس ومناهج‬ ‫أ‪.‬د‪.‬كويحل فاروق‬
‫السداسي األول‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬

‫وبالتالي فالتجريد هو عملية يتم من خاللها اشتقاق المفاهيم من استخدام وتصنيف المفاهيم الحرفية ("الحقيقية" أو "المادية") أو‬
‫المبادئ األولى أو وسائل أخرى‪ .‬و"التجريد" هو نتاج هذه العملية (االشتقاق)‪ -‬التي تعد مفهو ًما يعكس شكال جميع المفاهيم التابعة له‪،‬‬
‫كما أنها (عملية االشتقاق) تربط المفاهيم المتصلة مثل مجموعة أو مجال أو فئة‪.‬‬
‫يمكن تشكيل المجردات من خالل تقليل محتوى معلومات مفهوم أو ظاهرة يمكن مالحظتها‪ ،‬وعادة ما يحدث ذلك من أجل االحتفاظ‬
‫بالمعلومات المتصلة بالظاهرة أو المشكل المدروس‪ .‬فمثالً‪ ،‬تجريد المخدرات المصنوعة من تركيب المواد الكيمياوية لتشمل الفكرة‬
‫األعم وهي أنها مخدر وبالتالي ال نحتفظ إال بالمعلومات التي تخص السمات واألثار العامة للمخدرات‪ ،‬ونتجاهل خصائص ذلك‬
‫المخدر‪.‬‬

‫‪13‬‬

You might also like