You are on page 1of 45

‫المركز الجامعي مرسلي عبد هللا‬

‫‪Centre Universitaire Tipasa‬‬

‫دروس عبر الخط‬


‫في‬
‫مقياس مدارس و مناهج‬
‫الرابط اإللكتروني ‪:‬‬
‫‪https://cu-tipaza.dz/Elearning_CUT/course/view.php?id=1074‬‬

‫املستوى‪ :‬سنة أولى علوم إجتماعية‬

‫تقديم الدكتورة ‪ :‬الدي بديعة‬

‫السنة الدراسية‬

‫‪2021-2022‬‬

‫‪1‬‬
‫المركز الجامعي مرسلي عبد اهلل‪-‬تيبازة‪-‬‬
‫معهد العلوم اإلجتماعية واإلنسانية‬
‫قسم العلوم االجتماعية‬

‫المقياس‪ :‬مدارس و مناهج‬ ‫المستوى‪ :‬سنة أولى علوم اجتماعية‪.‬‬


‫مسؤول المقياس‪ :‬أ‪.‬الدي بديعة‬ ‫التخصص‪ :‬جذع مشترك‪.‬‬

‫المقياس ‪ :‬مدارس و مناهج‬


‫محتوى المادة‪:‬‬

‫محاضرات السداسي األول‬


‫مناهج البحث العلمي‬

‫‪ -1‬ماهية المعرفة والعلم‬


‫‪ -2‬البحث العلمي‪ ،‬أنواعه وخصائصه‬
‫‪ -3‬مناهج البحث المستخدمة في البحوث اإلجتماعية‬
‫‪ -4‬المنهج الكمي والكيفي‬
‫‪ -5‬المنهج الوصفي‬
‫‪ -6‬المنهج التاريخي‬
‫‪ -7‬المنهج التجريبي‬
‫‪ -8‬المنهج اإلحصائي‬
‫‪ -9‬منهج دراسة الحالة‬
‫‪ -10‬منهج تحليل المضمون ( تحليل محتوى )‬
‫‪ -11‬منهج مقارن‬
‫‪ -12‬منهج المسح االجتماعي‬

‫‪2‬‬
‫محاضرات السداسي الثاني‬
‫المدارس المنهجية الكبرى‬
‫‪ -1‬المدرسة اإلسالمية‬
‫‪ -2‬المدرسة الماركسية‬
‫‪ -3‬المدرسة الماركسية المحدثة‬
‫‪ -4‬المدرسة الوضعية‬
‫‪ -5‬المدرسة البنيوية‬
‫‪ -6‬المدرسة الوظيفية‬
‫‪ -7‬المدرسة الوثائقية ومدرسة الحوليات‬
‫‪ -8‬المدرسة األمريكية (نختصرها في عملية التوثيق)‬
‫‪ -9‬المدرسة التحليل النفسي‬

‫محاضرات السداسي األول‪ :‬مناهج البحث العلمي‬

‫المحاضرة األولى‪ :‬ماهية المعرفة و العلم‬

‫ماهي&&ة المعرف&&ة ‪ :‬قب ل التط رق إلى مفه وم المعرف ة العلمي ة نتط رق بالتحدي د إلى الكلم تين‬ ‫‪-1‬‬
‫المكون تين له ذا المفه وم كونهم ا يش كالن ه ذا المفه وم و يلتقي ان مع ه في نط اق مح دد وهم ا المعرف ة‬
‫والعلم‪.‬‬
‫فالمعرفة هي مفهوم شامل وعام بكل ما يحيط باإلنسان من أحكام وتصورات ومفاهيم ومعتق دات في‬
‫مختل ف مج االت النش اط اإلنس اني‪ .‬وهي تع ني ك ذلك ذل ك الرص يد الهائ ل من المع ارف والعل وم‬
‫و المعلومات التي اكتسبها اإلنسان خالل مسيرته الطويلة بحواسه و فكره وعقله‪.‬‬
‫أما العلم فهو نوع من المعارف تتسم بالوحدة و التكامل والنسقية‪ ،‬كما يعتمد العلم على مبادئ تميزه‬
‫عن باقي أنواع المعارف األخرى ‪،‬و بتعبير آخر فإن العلم هو " المعرفة المصنفة التي تم الوصول‬
‫إليها بإتباع قواعد المنهج العلمي الصحيح مصاغة في قوانين عامة للظواهر الفردية المتفرقة‪.‬‬
‫وعلي ه ف إن المعرف ة أش مل وأوس ع من العلم‪ ،‬إذ يبقى العلم يق وم على دراس ة وتحلي ل الظ واهر‪ ،‬وهو‬
‫ج زء من المعرف ة‪ .‬بمع نى آخ ر أن المعرف ة ش املة وعام ة تتض من مختل ف الج وانب اإلنس انية و في‬
‫شتى المجاالت و التخصصات‪ ،‬فإذا استطاع اإلنسان في مجال معين و تخصص دقيق أن يحدد ذلك‬

‫‪3‬‬
‫المج ال المع رفي بدق ة و يق وم بالتج ارب العلمي ة‪ ،‬و يص ل إلى نت ائج دقيق ة فيم ا يتعل ق ب ذلك الج انب‬
‫المعرفي فإنه في هذه الحالة تصبح تلك المعرفة علما قائما بذاته‪.‬‬

‫‪ -‬الفرق بين العلم والمعرفة‪:‬‬


‫تعتقد أنهما كلمتان مترادفتان وتعطيان المعنى‬
‫ُ‬ ‫يختلط مفهوما العلم والمعرفة على الكثيرين‪ ،‬بل وقد‬
‫غالب ا لف رع معين من المع ارف‪ ،‬كعلم‬
‫يكمن في أن العلم يش ير ً‬‫ُ‬ ‫نفس ه‪ ،‬والحقيق ة أن الف ارق بينهم ا‬
‫الفيزي اء أو علم األحي اء أو علم الكيمي اء وم ا يماثله ا من عل وم أخ رى‪ ،‬إال أن مفه وم المعرف ة أك ثر‬
‫ش مولية‪ ،‬فهي تع ني بح ر المع ارف كاف ة ال تي تس تظل العل وم بظله ا‪ ،‬فق د يكتس ب الش خص المعرف ة‬
‫تخصص ا بح د ذات ه وتتوس ع في‬
‫ً‬ ‫ح ول العدي د من المج االت أو المواض يع‪ ،‬لكن العلم يع ني أن تخت ار‬
‫دراسته‪ ،‬كما أن العلم يتعامل مع مبادئ علمية قابلة للقياس أو تخضع لقوانين الطبيعية األساسية أو‬
‫المع ايير المنهجي ة‪ ،‬وبكلم ات م وجزة ف إن المعرف ة مطلق ة وال ح دود له ا‪ ،‬وأم ا العلم فمح دد وخ اص‬

‫أنواع المعرفة‪ :‬المعرفة عملية جدلية معقدة تحدث بأشكال مختلفة ولها مراحلها‪ ،‬فقد تكون ‪:‬‬
‫المعرفة الحسية التي مصدرها التقليد المحاكاة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫يتحص ل عليه ا اإلنس ان عن طري ق حواس ه‪ ،‬وه ذا الن وع من المعرف ة يقتص ر على مج رد مالحظ ة‬
‫الص الت‬
‫بسيطة التي تقف عند مستوى اإلدراك الحسي العادي دون أن تتجه هذه المعرفة إلى إيجاد ّ‬
‫أو تسعى إلى إدراك العالقات القائمة بين الظواهر‪.‬‬
‫كما أن هذه المعرفة تأخذ شكال من التقليد مع أهل الثقة أو مصدر القوة شكالَ أحد المصادر الهامة‬
‫ساحرها أو ممارس الطب فيها‬
‫َ‬ ‫للمعرفة منذ أقدم العصور‪ ،‬فعندما يلجأ الشخص إلى زعيم القبيلة أو‬
‫طامعا في الشفاء من مرض‪ ،‬فهو يطلب المعرفة من‬
‫ً‬ ‫مستشيرا في أمر ما أو‬ ‫آمالً في إزالة ٍ‬
‫كرب أو‬
‫ً‬
‫(‪)1‬‬
‫أشخاص لهم مكانتهم االجتماعية الخاصة بين قومهم‪.‬‬
‫يعد من أقدم األنماط المعرفية التي عرفتها اإلنسانية‪،‬‬
‫بالرغم من كون هذا الشكل من أشكال المعرفة ّ‬
‫و رغم الس يرورة اإلجتماعي ة و م ا أحرزت ه من تق دم إال أن ه ذا النم وذج أعطى حض وره بش كل‬
‫ملموس‪.‬‬
‫‪-2‬المعرفة الفلسفية ( التأملية )‪:‬‬
‫كثيرا ما يلجأ اإلنسان في سعيه لمعرفة أمور يجهلها أو فشل في تحصيل المعرفة حولها إلى نسب‬
‫ً‬
‫تل ك األم ور إلى ق وى مجهول ة‪ ...‬خارق ة وق اهرة‪ ،‬وخاص ة أن وس يلة ذل ك اإلنس ان في تحص يل‬
‫(‪)2‬‬
‫المعرفة لم تخرج كثيرا عن حواسه وذاته‪.‬‬

‫‪ -1‬صالح مصطفى الفوال‪ :‬مناهج البحث في العلوم االجتماعية‪ ،‬مكتبة غريب للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،1982 ،‬ص‪.11‬‬

‫‪ -2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪4‬‬
‫فعندما ينتقل تفكير اإلنسان من مرحلة اإلحساس إلى التأمل في األسباب البعيدة ( ما وراء الطبيعة‬
‫أو م ا س ماها "أوجس ت ك ونت" المرحل ة الميتافيزيقي ة ) والموض وعات المعق دة ك البحث عن الم وت‬
‫والحياة‪ ،‬وصفات الخالق ووجوده‪ ،‬وهذا النوع من المعرفة يتحصل عليه اإلنسان بواسطة استعمال‬
‫فك ره ال حواس ه‪ ،‬حيث يس تخدم أس اليب التفك ير و التأم ل الفلس في لمعرف ة الس باب والحتمي ات البعيدة‬
‫الظواهر‪ ،‬مما يتعذر حسمه بالتجربة‪.‬‬
‫‪ -3‬المعرفة التي مصدرها التراث‪:‬‬
‫التراث الذي نعنيه هنا هو التراث المأخوذ عن مشاهير العلماء‪ ،‬حيث سادت قناعة بأن قدماء العلماء‬
‫لهم نفس قداسة رجال الدين‪ ...‬فهم منزهون عن الخطأ وكل ما يقولونه هو دائما صحيحا ال يقبل‬
‫(‪)1‬‬
‫مجرد شك باعتبارهم قد ملكوا الحقيقة المطلقة‪.‬‬
‫جدال وال حتى ّ‬
‫‪-4‬المعرفة العلمية (مصدرها أهل الخبرة)‪:‬‬
‫إذا استطاع اإلنسان عن طريق المالحظة والفرضية والتجربة التوصل إلى تفسير الظاهرة بصورة‬
‫علمي ة‪ ،‬وأن يك رر التجرب ة ع دة م رات ليتوص ل إلى نفس النتيج ة‪ ،‬ف إن المعرف ة في ه ذه الحال ة هي‬
‫معرف &&ة علمية ال تي تق وم أساس ا على األس لوب اإلس تقرائي وال ذي يعتم د على المالحظ ة المنظم ة‬
‫للظواهر و فرض الفروض و إجراء التجارب و جمع البيانات و تحليلها‪ ،‬للتأكد من صحة الفروض‬
‫أو عدم صحتها‪.‬‬
‫وأه ل الخ برة هن ا‪ ...‬هم المتخصص ون‪ ،‬وم ا دام وا متخصص ين فالب د أنهم ملك وا فن ون المعرف ة‬
‫وتقنياته ا‪ ،‬ل ذلك تجب الثق ة بهم وأخ ذ المعرف ة عنهم‪ ،‬لكن ه ل االس تعداد بقب ول آراء ه ؤالء اس تعداد‬
‫(‪)2‬‬
‫مطلق أو غير مشروط ؟!‬
‫بمع نى أن المعرف ة العلمي ة هي المعرف ة ال تي تق وم على أس اس المنهجي ة في الدراس ة الش املة‬
‫للموض وع‪ ،‬بحيث تك ون النتيج ة النهائي ة قائم ة على تحلي ل دقي ق للحق ائق‪ ،‬ومس تندة على األدل ة و‬
‫الشواهد المتوفرة على محتوى الموضوع‪ ،‬وهي نوع من المعرفة المتنامية باستمرار و ال يمكن أن‬
‫تكتفي بما تم اكتسابه ألن هدفها هو زيادة اكتشافاتها حول الظواهر دون توقف‪ ،‬أي أن كل اكتشاف‬
‫يؤدي إلى اكتشاف آخر و هكذا دواليك‪ ( .‬وهو ما يعبر عنه عادة بتراكم المعارف الذي ال نهاية له‪،‬‬
‫أو ما يعرف أيضا بتتابع ثورات المعرفة )‪.‬‬

‫‪ -1‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪ -2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪5‬‬
‫المعرفة التي مصدرها التفكير االستنباطي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫االستنباط ‪ :‬ينهض على مبدأ ما يصدق على الكل وإ نما يصدق بالضرورة على الجزء‪ ،‬لذا فاإلنسان‬
‫يس عى من خالل االس تنباط إلى إثب ات أن الج زء يق ع منطقي ا في إط ار الك ل‪ ،‬ووس يلة اإلنس ان في‬
‫(‪)1‬‬
‫تحقيق هدفه االستنباطي هي القياس‪.‬‬
‫والقياس في سعيه إلثبات أن الخاص جزء من العام إنما يعمل على اختبار صدق نتيجة ما أو حقيقة‬
‫معين ة‪ ،‬ولكن األم ر ليس به ذه البس اطة‪ ،‬ألن القي اس ينهض على ثالث قض ايا‪ ،‬األولى والثاني ة‬
‫قض يتان تمهي ديتان‪ ...‬مهمتهم ا األساس ية التمهي د للوص ول إلى النتيج ة‪ ،‬ل ذلك فهم ا مق دمتان‪ ،‬أم ا‬
‫(‪)2‬‬
‫القضية الثالثة فهي بالطبع النتيجة التي مهدت لها المقدمتان‪.‬‬
‫ولمزيد من الشرح نقدم القضية االستنباطية المشهورة التي تقول‪" :‬كل البشر ميتون « مقدمة كبرى»‬
‫(‪)3‬‬
‫اإلمبراطور بشر « مقدمة صغرى» إذن ‪ ...‬اإلمبراطور ميت « نتيجة»"‬
‫و علي&&ه ف&&إن أطروح&&ة االس&&تنباط‪ :‬االس تنباط العلمي ه و اس تدالل مس تمد من افتراض ات عام ة بغي ة‬
‫التحقق من صحتها في الواقع‪ ،‬و تدعي هذه األطروحة أن العالقات الممكنة بين الظواهر ما هي إال‬
‫بن اءات فكري ة يمكن التحق ق منه ا في الواق ع الحق ا‪ ،‬وعلي ه و حس ب ه ذه األطروح ة ف إن االف تراض‬
‫يبنى أوال ثم يتم التحقق منه ال حقا‪.‬‬

‫‪ -1‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.15‬‬

‫‪ -2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.15‬‬

‫‪ -3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.15‬‬

‫‪6‬‬
‫المحاضرة الثانية‪ :‬البحث العلمي‪ ،‬أنواعه و خصائصه‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫لقد تفطنت الدول المتقدمة في هذه األهمية التي يوليها البحث العلمي‪ ،‬فبدأت في تشجيعه و تطويره‪،‬‬
‫و بذلك أولت أهمية كبرى في تكوين الرأس المال البشري الذي ُيعد بمثابة ركيزة أولية في إنتاج‬
‫المعرفي الذي بدوره ينعكس على تحصيل حاصل تطور المجتمعات ‪ ،‬و لكي تنهض الدول المتخلفة‬
‫من س باتها العمي ق و ت واكب التط ور التكنول وجي الحاص ل في ال دول المتقدم ة‪ ،‬ل زم على قادته ا‬
‫السياس ين و ال تربويين أن يواكب وا المجتمع ات المتقدم ة في ه ذا التط ور و أن يول وا إهتمام ا أك بر‬
‫للبحث العلمي‪ ،‬و ذل ك من خالل إعتب اره المح رك األساس ي لعجل ة التنمي ة في أي بل د‪ ،‬ه ذا األخ ير‬
‫الذي هو الفعل المعرفي و الفعل العلمي الذي ينتج المعرفة العلمية‪ ،‬فما هو البحث العلمي؟ و ماهي‬
‫خصائصه ؟ و ماهي أـنواعه؟‬
‫مفهوم& البحث العلمي ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫في محاولة تعريف " البحث العلمي " يجب أوال أن نقف عند التساؤالت التالية‪ :‬كيف يجب أن ننظر‬
‫‪1‬‬
‫إلى البحث العلمي ؟‬
‫هن اك ع دد من التعريف ات في إط ار البحث عن تحدي د مفه وم البحث العلمي نورده ا فيم ا يلي‪ ،‬كم ا‬
‫جاءت تاركين للقارئ حرية االختيار للتعريف الذي يرى فيه الدقة والموضوعية‪ ،‬وإ ذا حاولنا تحليل‬
‫مصطلح “البحث العلمي” نجد أنه يتكون هذا المدلول من كلمتين‪ :‬البحث‪ ،‬والعلمي‪.‬‬
‫البحث فهو‪ :‬مصدر الفعل الماضي بحث‪ ،‬ومعن اه طلب‪ ،‬فتش‪ ،‬تقصى‪ ،‬تتب ع‪ ،‬تحرى‪ ،‬س أل‪ ،‬ح اول‪،‬‬
‫اكتشف‪ ،‬فيكون معنى البحث لغويا هو الطلب‪ ،‬والتفتيش‪ ،‬والتقصي لحقيقة من الحقائق‪ ،‬أو أمر من‬
‫األمور‪ ،‬فالبحث عملية استقصاء منظمة ودقيقة لجمع الشواهد واألدلة‪ ،‬بهدف اكتشاف معلومات أو‬
‫عالق ات جدي دة أو تكمي ل ن اقص أو تص حيح خط أ‪ .‬على أن يتقي د الب احث بإتب اع خط وات للبحث‬
‫العلمي وأن يختار المنهج واألدوات الالزمة للبحث وجمع المعلومات‪.‬‬
‫أما العلمي فه و‪ :‬كلم ة منس وبة إلى العلم‪ ،‬والعلم يع ني المعرف ة‪ ،‬والدراي ة‪ ،‬واإلدراك للحق ائق‪ ،‬ف العلم‬
‫(‪)2‬‬
‫يعني اإلحاطة واإللمام بالحقائق‪ ،‬وكل ما يتصل بها‪.‬‬
‫و ب التركيب بين م دلول الكلم ة األولى "البحث" و م دلول الكلم ة الثاني ة " العلمي " تص بح عب ارة "‬
‫البحث العلمي" تع ني لغ ة التقص ي و التف تيش و التتب ع لموض وع ه و العلم و وف ق قواع د و ش روط‬
‫هي األخرى حكرا على العلم‪.‬‬
‫و بم ركب ه اتين الكلم تين فيعت بر البحث العلمي"ه و وس يلة لالس تعالم واالستقص اء المنظم وال دقيق‬
‫الذي يقوم به الباحث بغرض اكتشاف معلومات أو عالقات جديدة باإلضافة إلى تطوير أو تصحيح‬

‫الرشيد بشير صالح‪ ،‬مناهج البحث التربوي‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬ط‪ ،1‬الكويت‪.2000 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -2‬غازي عناية‪ :‬إعداد البحث العلمي ‪ ،‬دار الشهاب‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،1985 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪7‬‬
‫المعلومات الموجودة فعالً‪ ،‬على أن يتبع في هذا الفحص واالستعالم الدقيق‪ ،‬خطوات المنهج العلمي‪،‬‬
‫واختي ار الطريق ة واألدوات الالزم ة للبحث وجم ع البيان ات”والمعلوم ات ال واردة في الع رض بحجج‬
‫‪1‬‬
‫وأدلة وبراهين ومصادر كافية‪.‬‬
‫ويمكن تعريف البحث العلمي أيضا بأنه عرض مفصل أو دراسة متعمقة تمثل كشفاً لحقيقة جديدة‪،‬‬
‫أو التأكيد على حقيقة قديمة سبق بحثها‪ ،‬وإ ضافة شيء جديد لها‪ ،‬أو حل لمشكلة كان قد تعهد بها‬
‫شخص باحث بتقصيها وكشفها وحلها‪.‬‬
‫والعلم أساس ه المعرف ة‪ ،‬إال أن ه أوس ع منه ا إلمام ا وإ حاط ة‪ ،‬ف العلم يع ني اإللم ام بالحق ائق الكلي ة‪،‬‬
‫والمركب ة‪ ،‬في حين تع ني المعرف ة اإللم ام بالحق ائق الجزئي ة والبس يطة‪ .‬ومن هن ا ف العلم يطل ق ع ادة‬
‫على مجموع ة مس ائل‪ ،‬وأم ور وحق ائق كلي ة تجمعه ا جه ة واح دة‪ :‬كعلم الكالم وعلم النح و‪ ،‬وعلم‬
‫(‪)2‬‬
‫الكونيات‪ ،‬وعلم اآلثار وعلم النبات‪.‬‬
‫فمادة البحث العلمي هي مادة جد خصبة و هي التي تؤهل الباحث في دراسته على تقصي الحقائق‬
‫العلمي ة و الوص ول الى نت ائج يقيني ة تص بح بمثاب ة ق انون ع ام يحكم الظ اهرة بغض النظ ر عن ن وع‬
‫ه ذه الظ اهرة س واء أك انت ظ اهرة إجتماعي ة أو نفس ية أو تربوي ة أو إعالمي ة‪...‬إلخ‪ ،‬فه و تؤه ل‬
‫الباحث إلى البحث ومن ثم إلى التفاوت العلمي في نتائج البحث العلمي و في الدرجات العلمية‪.‬‬
‫‪ -2‬أنواع البحث العلمي‪:‬‬

‫إن البحث العلمي ه و أول وس يلة علمي ة ته دف إلى إيج اد حل ول واس تخالص نت ائج ألبح اث‬
‫ولمشكالت علمية معينة وللوصول إلى نتائج ايجابية يجب إتباع جميع خطوات البحث العلمي‪.‬‬

‫معين ة وهي‪ :‬حس ب الغ رض‬


‫اء على أس س ّ‬
‫للبحث العلمي العدي د من األن واع ال تي يتم تقس ميها بن ً‬
‫والغاية‪.‬‬

‫البحث العلمي النظري‪ :‬ويستهدف الوصول إلى المعرفة من أجل المعرفة فقط دون أن يكون هناك‬
‫ه دف تط بيقي مقص ود‪ ،‬ف البحث العلمي النظ ري‪ ،‬يق وم ب ه الب احث فق ط من أج ل اإلحاط ة بالحقيق ة‬
‫العلمية‪ ،‬وتحصيلها ودون النظر إلى التطبيقات العلمية لها‪.‬‬

‫البحث العلمي التط&&بيقي‪ :‬ويس تهدف الوص ول إلى المعرف ة ليس فق ط ب المعنى المح دد له ا وألجله ا‪،‬‬
‫وإ نما تحقيقا وابتكارا لكل معين‪ ،‬ومقبول للقضايا والمشكالت التي تهم المجتمع‪ ،‬ويعاني منها‪.‬‬

‫‪-2‬اإلطار العام لمرتكزات البحث العلمي‪:‬‬

‫يمكن إجمال النقاط االتي تشكل مرتكزات للبحث العلمي‪:‬‬


‫‪ - 1‬أبو سليمان‪ ،‬عبد الوهاب إبراهيم‪ :‬كتابة البحث العلمي ومصادر الدراسات اإلسالمية‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬جدة‪1400 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪ -2‬غازي عناية‪ :‬إعداد البحث العلمي مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪8‬‬
‫تحديد الظاهرة المراد دراستها‪ ،‬أو وجود ظاهرة تستدعي البحث‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تحديد الموضوع الذي سيقوم به الباحث‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تحديد عنوان الموضوع‪ ،‬واألخذ بعين االعتبار المحددات الزمانية والمكانية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫يجب أن نحدد الطرق المنهجية اإلجرائية سواء كانت تلك الطرق متعلقة بالبحث النظري أو‬ ‫‪-4‬‬
‫البحث التجريبي‪ ،‬كما يجب أخذها بعين االعتبار حتى تشكل إجراءات دقيقة للبحث المنوي القيام به‬
‫أدوات البحث المس تخدمة‪ ،‬تع د أداة الدراس ة من الج وانب المهم ة خاص ة فيم ا يتعل ق‬ ‫‪-5‬‬
‫بالدراس ات التجريبي ة ممثال ذل ك في اختي ار األداة وتحدي د وظيفته ا في جم ع المعلوم ات المتعلق ة‬
‫(‪1‬‬
‫بموضوع الدراسة‪ ،‬كما يرتبط استخدام األداة بطبيعة المنهج المستخدم في الدراسة‪...‬‬
‫‪ -3‬خصائص التفكير العلمي‪:‬‬
‫المقدم على مستوى كفؤ من‬
‫بد من توافرها ليصبح البحث ّ‬
‫معينة ومعايير ال ّ‬
‫العلمي خصائص ّ‬
‫ّ‬ ‫للبحث‬
‫أهم هذه الخصائص‪:‬‬
‫األبحاث‪ ،‬ومن ّ‬
‫العلمي ة الدقيقة؛ حيث‬
‫ّ‬ ‫الخاصية تعني أن يكون الباحث ملتزم اً بالمقاييس‬
‫ّ‬ ‫لموضوعية‪ :‬وهذه‬
‫ّ‬ ‫ا‬ ‫‪-1‬‬
‫وتقوي وجهة نظره‪ ،‬وعليه أيض اً أن يذكر الحقائق‬ ‫يعمل على وضع ك ّل الحقائق واألدلّ ة التي تدعم ّ‬
‫توص ل إليه ا منطقي ة‪ ،‬وأن‬
‫ّ‬ ‫ال تي ق د تتع ارض م ع حقائق ه وتص وراته‪ ،‬على أن تك ون النتيج ة ال تي‬
‫يعترف بالنتائج التي استخلصها حتى لو خالفت رأيه الذي بنى عليه بحثه‪.‬‬
‫اعتم&&اد األس&&اليب الص&&حيحة والهادفة‪ :‬وه ذه الخاص ّية تع ني أن يعم ل الب احث على دراس ة‬ ‫‪-2‬‬
‫علمي ة وهادف ة‬
‫المش كلة ال تي يطرحه ا من ك ّل الج وانب‪ ،‬وأن يج د حاّلً له ا‪ ،‬على أن يس تخدم طرق اً ّ‬
‫العلمي ة كأساس‪ :‬يجب على الباحث أن ُي راعي‬
‫ّ‬ ‫تساعده في الوصول للنتائج المطلوبة‪ .‬اعتماد القواعد‬
‫علمي ة مطلوب ة بش كل كب ير خالل البحث في‬
‫العلمي ة ال تي تعتم د على قواع د ّ‬
‫ّ‬ ‫في بحث ه األس اليب‬
‫سيتوص ل إليها‬
‫ّ‬ ‫أي من هذه القواعد يخ ّل بشكل كبير بالنتائج التي‬
‫الموضوع‪ ،‬وإ ّن إغفال أو إهمال ّ‬
‫الباحث في النهاية‪.‬‬
‫الفكري‪ :‬وه ذه الخاص ية تتطلّب من الب احث أن يح اول معرف ة الحقيق ة فق ط دون أن‬
‫ّ‬ ‫االنفتاح‬ ‫‪-3‬‬
‫يخل ط بين أفك اره والتزامات ه ومعتقدات ه‪ ،‬بمع نى أن ال يك ون متزمت اً في ط رح رؤي ة واح دة فق ط من‬
‫عقلي ة متفتحة على ك ّل األفكار األخرى التي قد تعارضه‪،‬‬
‫منطلق تفكيره وحده‪ ،‬ويجب أن يكون ذا ّ‬
‫حتى لو لم تعجبه‪.‬‬
‫العلمي أن ال يتس ّرع الب احث‬
‫ّ‬ ‫أهم خص ائص البحث‬ ‫نهائي&ة متس&رعة‪ :‬من ّ‬‫ّ‬ ‫عدم إصدار أحك&ام‬ ‫‪-4‬‬
‫في إص دار األحك ام‪ ،‬وعلي ه أن يت ّأنى بدرج ة كب يرة قب ل أن ُيص در حكم اً من األحك ام‪ ،‬وال تي في‬

‫‪ - 1‬نبيل احمد عبد الهادي‪ :‬منهجية البحث في العلوم اإلنسانية‪ ،‬األهلية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2006 ،‬ص ص ‪24-23‬‬

‫‪9‬‬
‫النهاي ة يجب أن تك ون مس تندةً إلى ب راهين وحجج‪ ،‬وأن يعم ل على إثب ات نظريت ه ال تي ب نى بحث ه‬
‫عليها‪.‬‬

‫طرق إعداد البحث‪:‬‬

‫العنوان‪ :‬عنوان البحث أو الرسالة بمثابة توضيح لما يحتوي عليه موضوع البحث‪ ،‬ويكتب في عدد‬ ‫‪‬‬

‫قلي ل من الكلم ات‪ ،‬ال تتج اوز س تين حرفً ا‪ ،‬على أن تتض من متغ يرات الدراس ة‪ ،‬وعلى الب احث أن‬
‫يخت ار األلف اظ الواض حة‪ ،‬م ع االبتع اد عن الغ ريب والمبهم‪ ،‬إال إذا اقتض ت الدراس ة تض مين مف اهيم‬
‫غير دارجة‪ ،‬وهنا يجب أن يضع الباحث تعريفًا إجرائيًّا لها‪.‬‬
‫المقدم&&ة‪ :‬والمقدم ة البحثي ة توض يح لماهي ة موض وع البحث بص ورة عمومي ة‪ ،‬وتكتب في فق رات‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫ودون أن يك ون به ا أي توثيق ات‪ ،‬وحجم المقدم ة ال يق ل عن نص ف ص فحة‪ ،‬وال يزي د على خمس‬
‫صفحات‪ ،‬ويجب أن يكون هناك تناغم بين حجم البحث أو الرسالة‪ ،‬وحجم المقدمة العلمية‪.‬‬
‫ص&&ياغة اإلش&&كالية‪ :‬وهي عب ارة عن فق رة أو اثن تين تتض من ج وانب المش كلة بش كل مختص ر‪ ،‬كي‬ ‫‪‬‬

‫يستطيع القراء فهم المحاور األساسية لموضوع الدراسة‪.‬‬


‫حدود الدراسة‪ :‬وتنقسم إلى أربعة حدود‪ ،‬وهي‪ :‬حدود الموضوع‪ ،‬وحدود الزمان‪ ،‬وحدود المكان‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫ومفردات عينة البحث‪.‬‬


‫مصطلحات البحث‪ :‬وفي ذلك الجزء يضع الباحث تعريفات واضحة لغوية أو إجرائية لمتغيرات أو‬ ‫‪‬‬

‫كلمات البحث المتكررة في المتن‪.‬‬


‫المنهج المس &&تخدم‪ :‬ويوض ح الب احث في ه ذا الج زء م ا يس تخدمه من من اهج؛ مث ل‪ :‬الوص في أو‬ ‫‪‬‬

‫التجريبي‪ ،‬أو االستداللي‪ ،‬أو االستقرائي‪ ...‬إلخ‪ ،‬مع توضيح سبب اختياره لمناهج معينة من مناهج‬
‫البحث العلمي دون غيرها‪.‬‬
‫األسئلة والفرضيات‪ :‬تمث ل األس ئلة والفرض يات عص ب البحث العلمي‪ ،‬وجمي ع األج زاء ال تي تليهم ا‬ ‫‪‬‬

‫ترتبط بهما بصورة مباشرة‪ ،‬وهي تمثل التوقعات المحتملة؛ لمعالجة قضية أو موضوع البحث‪.‬‬
‫اإلطار النظري‪ :‬يتألف اإلطار النظري ألي بحث علمي من مجموعة األبواب‪ ،‬وما يتفرع منها من‬ ‫‪‬‬

‫فص ول‪ ،‬وبالتبعي ة م ا تنقس م إلي ه الفص ول لمب احث‪ ،‬ثم بالمث ل مط الب‪ ،‬ويمكن أن يض اف إلى ذل ك‬
‫جزء المؤلفات السابقة في فصل منفصل حال توافر ذلك‪.‬‬
‫النتائج والتوصيات والمقترحات‪ :‬بعد تدوين اإلطار النظري‪ ،‬وما يتضمنه من شروح وتفصيالت‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫يس تخلص الب احث نت ائج البحث‪ ،‬ثم يلي ذل ك وض ع توص يات مثم رة‪ ،‬ثم مقترح ات لموض وعات في‬
‫نفس تخصص البحث‪ ،‬ويدعو الباحث غيره لتفصيلها‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫استعراض ا لمفه وم‬
‫ً‬ ‫خاتم &&ة البحث‪ :‬ينهي ال دارس أو الب احث رس الته بخاتم ة البحث‪ ،‬وال تي تش مل‬ ‫‪‬‬

‫المشكلة بصورة عامة‪ ،‬وأبرز جهود الباحث‪ ،‬وخالصة البحث‪.‬‬


‫المراج&&ع والمص&&ادر البحثي&&ة‪ :‬ي رتب الب احث جمي ع أن واع المراج ع والمص ادر البحثي ة ال تي طالعه ا‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫واقتبس منها‪ ،‬ويكون ذلك في قائمة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المحاضرة الثالثة‪ :‬مناهج البحث المستخدمة في العلوم االجتماعية‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫ك ل دراس ة علمي ة تحت اج إلى منهج تعتم د علي ه أو ع دة من اهج و ذل ك وفق ا لطبيع ة الموض وع‪ ،‬إذ‬
‫يعتبرالمنهج الطريقة التي يتبعها الباحث في دراسته للموضوع إلكتشاف الحقيقة‪ ،‬و إستنادا ذلك إلى‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫بصدد ّ‬
‫طبيعة الموضوع و عمال على تحليل إشكالية البحث في الموضوع الذي هو ّ‬
‫أوال‪ :‬مفهوم المنهج ‪:‬‬

‫يش ير مص طلح المنهج إلى جمل ة اإلج راءات واألس اليب ال تي يس تخدمها الب احث في جم ع البيان ات‬
‫وتص نيفها وتحليله ا‪ ،‬ويوض ح م ا انبنت علي ه من مس لمات نظري ة وأس ئلة محوري ة‪ ،‬ت بين تبعاته ا‬
‫وتوقعاته ا‪ ،‬وتعمم نتائجه ا وتق ترح تطبيق ات جديدة‪ ،‬ويكشف عن المبادئ واألس س المنطقي ة في ح ل‬
‫المشكالت كما تقترح صياغات جديدة لتلك المشكالت‪.‬‬

‫الخصائص العامة للمناهج ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫المناهج هي طريقة تفكير و عمل منظم يقوم على المالحظة و الحقائق العلمية ‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫الموضوعية ‪ :‬أي البعد عن التحيز و الميول الشخصي ‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫الديناميكية و المرونة أي قابلية التعديل و التغيير نظرا لما يطرأ من جديد في العلوم ‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫التعميم ‪ :‬إمكانية تعميم نتائج البحوث و االستفادة منها في دراسة ظواهر أخرى مشابهة ‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫القدرة على التنبؤ ‪ :‬أي أن المناهج قادرة على وضع تصور لما يمكن أن تكون عليه ظواهر‬ ‫‪5‬‬
‫مدروسة مستقبال ‪.‬‬

‫مراحل تكوين المنهج العلمي‪:‬‬

‫‪-1‬البديات األولى‪:‬‬

‫ارتبطت ب دايات الفك ر االجتم اعي اإلنس اني بالحض ارات القديم ة و خاص ة المص رية و اليوناني ة و‬
‫بالذات عند أفالطون و تلميذه أرسطو ‪ ،‬و قد مهدت لهما أعمال خالدة لمفكرين من الشرق و الغرب‬
‫(‬ ‫األقدمين أمثال ‪ :‬سولون ( ‪ 559 – 640‬ق‪.‬م ) صاحب كتاب دستور سولون و اكتيانوفون‬
‫‪ 480 – 570‬ق‪.‬م ) الذي بحث في االقتصاد المنزلي و التربية االجتماعية السياسية و الطغيان و‬
‫أث ره على الف رد و المجتم ع كم ا ال ننس ى دور س قراط ( ‪ 399 – 469‬ق‪.‬م ) و منهج ه الق ائم على‬

‫‪12‬‬
‫الش كل و التجرب ة ك دليل مقن ع كم ا ال ننس ى دور الفيلس وف اليون اني أبيق ور ‪ 270 – 341‬ق‪.‬م )‬
‫مكتشف الدوافع اإلنسانية ‪.‬‬

‫‪ -2‬عند المصريين القدماء‪:‬‬

‫إن التاريخ المصري القديم حافل باإلسهامات الفكرية اإلنسانية بما حواه من فكر اجتماعي ناضج ‪،‬‬
‫و قد برز الفكر االجتماعي المصري القديم من خالل ‪:‬‬

‫ب رز المص ريون في ع دة مج االت علمي ة ( ص ناعة الحلي ‪ ،‬األواني النحاس ية و الذهبي ة ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫تشخيص األمراض و معالجتها ‪ ،‬التحنيط ‪ ،‬الزراعة ‪ ،‬حفظ المعلومات و الدواوين ‪) ... ،‬‬

‫إتباع المصريين لمناهج علمية مثل المسوح االجتماعية الشاملة ‪ ،‬و ملء االستمارات لجمع‬ ‫‪-‬‬
‫البيانات ‪ ،‬و قد أكد جورج سارتون في كتابه ( تاريخ العلم ) ‪ 1956‬فقال ( المصريون القدامى لم‬
‫يب دأوا إقام ة العلم و اس تخدامه فق ط و إنم ا قطع وا أش واطا طويل ة في نفس الطري ق ـ طري ق المنهج‬
‫العلمي ـ الذي ما زلنا نسير فيه حتى اليوم ) ‪.‬‬

‫ه ذا و ق د لعبت جامع ة اإلس كندرية المؤسس ة في ب دايات الق رن الث الث قب ل الميالد دورا ب ارزا في‬
‫التع اون بين علم اء مص ر و علم اء اإلغري ق ‪ ،‬فق د ك ان س تراتون أول رئيس له ا ‪ ،‬و من علمائه ا‬
‫أرخميتس الرياضي الشهير و بطليموس الفلكي و إقليدس المهندس و جالينوس الطبيب الفاضل ‪.‬‬

‫إضافة إلى ما سبق فإن المجتمع المصري كان بناؤه اجتماعيا يتكون من ثالث طبقات ( آل‬ ‫‪-‬‬
‫فرعون و رجال الدين طبقة ‪ ،‬األشراف طبقة ثانية ‪ ،‬و الشعوب طبقة ثالثة )‬

‫‪ -3‬عند المسيحيين‪:‬‬

‫ارتبط الفكر االجتماعي اإلنساني بمساهمات عديدة لمفكرين مسيحيين أمثال كليمان االسكندري (‬
‫‪ 212 – 150‬ق م ) ‪ ،‬الق ديس أوغس طين ( ‪ 430 – 354‬ق م ) ‪ ،‬توم اس االكوي ني ( ‪– 1255‬‬
‫‪ 1274‬م ) ‪ ..‬الخ ‪.‬‬

‫كليمان االسكندري ‪ 212 – 150 ( :‬ق م )‬

‫الهوتي يوناني مسيحي‪ ،‬تتلمذ على يد رئيس مدرسة التعليم الديني باإلسكندرية ‪ ،‬له إلمام باآلداب‬
‫اإلغريقي ة ‪ ،‬دع ا لتحري ر العب اد ‪ ،‬و ح ارب التمي يز العنص ري ‪ ،‬و ن ادى بالمس اواة االجتماعي ة بين‬
‫األحرار و العبيد ‪.‬‬

‫القديس أوغسطين ‪ ( :‬سانت أوغستان ) ‪ 430 – 354‬ق م‬

‫‪13‬‬
‫مزج بين المسيحية و الفلسفة اليونانية و تصور مجتمعين ‪:‬‬

‫مجتمع سماوي فاضل‬ ‫‪-‬‬

‫مجتمع أرضي أناني‬ ‫‪-‬‬

‫و اعتبر الدولة ضرورية ألنها تدافع عن حقوق األفراد‬

‫توماس االكويني ‪ 1274 – 1225 ( :‬م )‬

‫فيلس وف اله وتي ايط الي ك اثوليكي داف ع عن المس يحية و اهتم بنظ ام ال رق و ن ادى بالقض اء على‬
‫الفوارق بين األغنياء و الفقراء و دافع عن الملكية الفردية‪.‬‬

‫‪ -4‬عند المسلمين‪:‬‬

‫أب دع المس لمون في ع دة مج االت علمي ة و خاص ة في العل وم االجتماعي ة و اإلنس انية و من‬
‫هؤالء ‪ :‬الفارابي ‪ ،‬ابن مسكويه ‪ ،‬البيروني ‪ ،‬اإلمام الغزالي ‪ ،‬ابن حزم األندلسي ‪ ،‬ابن سينا ‪ ،‬ابن‬
‫خلدون ‪ .. ،‬الخ‬

‫‪ - 1‬الفارابي ‪ 339 – 257 ( :‬هـ ) ( ‪ 950 – 870‬م )‬

‫من خالل كتابه ( آراء أهل المدينة الفاضلة ) عرض أفكارا اجتماعية إنسانية عديدة منها ‪:‬‬

‫التجمع اإلنساني ضروري ألن اإلنسان منطور عن التعاون و االجتماع‬ ‫‪-‬‬

‫حدد الفارابي أشكال التجمع اإلنساني و صنفها إلى مجتمعات كاملة و أخرى عكس ذلك ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫فالمجتمعات الكاملة تكون على مستوى المعمورة ثم على المستوى القومي ثم على المستوى المدني‬
‫( المدينة ) ‪.‬‬

‫طبيع ة الم دن ص نفها الف ارابي إلى م دن فاض لة تتع اون فيه ا األف راد و يرأس ها رئيس ن اجح‬ ‫‪-‬‬
‫بشروط مكتسبة أساسها الحكمة و شروط فطرية ‪.‬‬

‫ح دد الف ارابي عوام ل توح د المجتم ع و تفكك ه ‪ ،‬فعوام ل التوح د تنقس م إلى عوام ل عرقي ة‬ ‫‪-‬‬
‫( وح دة الجنس ) و ثقافي ة ( وح دة اللغ ة ) و طبيعي ة ( وح دة البيئ ة ) و اجتماعي ة ( المص اهرة ) و‬
‫نفس ية ( وح دة األخالق ) ‪ ،‬و عوام ل التفك ك هي البع د عن أس باب الفض يلة ‪ ،‬و ع دم الق درة على‬
‫تحقيق السعادة ( سعادة العقل ) و ( فعل الخير ) و ( القرب من اهلل )‬

‫تصنيف المناهج ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪14‬‬
‫هناك عدة طرق و مناهج مستخدمة حسب موضوع البحث و خصائصه ‪ ،‬فالبحث في الرياضيات‬
‫(الكم المج رد ) ال يمكن أن يك ون بالمالحظ ة و التجرب ة ‪ ،‬و البحث في الم ادة الحي ة أو الميت ة ال‬
‫يمكن أن ي درس باالس تدالل النظ ري وح ده ‪ ،‬و موض ع األخالق يختل ف في طريق ة بحث ه عن علم‬
‫المنط ق االس تداللي ‪ ،‬و هك ذا تتن وع المن اهج من علم آلخ ر ‪ ،‬و ال يمكن وض ع تص نيف موح د‬
‫لمختلف العلوم ‪ ،‬و إنما هناك عدة تصنيفات منها ‪:‬‬

‫تصنيف ماركيز ‪ :‬صنف المناهج إلى ‪ 6‬كما يلي ‪ :‬التاريخي ‪ ،‬التجريبي ‪ ،‬الفلسفي ‪،‬‬ ‫‪–1‬‬
‫دراسة الحالة األنتروبولوجي ( تطور علم اإلنسان عبر التاريخ ) ‪ ،‬دراسات مسحية ‪.‬‬
‫تصنيف ويتني ‪ :‬صنف المناهج إلى ‪ : 7‬التاريخي ‪ ،‬التجريبي ‪ ،‬الوصفي ‪ ،‬الفلسفي ‪،‬‬ ‫‪–2‬‬
‫التنبؤي ‪ ،‬االجتماعي اإلبداعي ‪.‬‬
‫تصنيف غود و سكاتس ‪ :‬صنف المناهج إلى ‪ : 5‬التاريخي ‪ ،‬التجريبي ‪ ،‬الوصفي ‪،‬‬ ‫‪–3‬‬
‫دراسة الحالة ‪ ،‬دراسة النمو و التطور ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫المحاضرة الرابعة‪ :‬المنهج الكمي والكيفي‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫ال يوجد هن اك منهج واح د للبحث العلمي ‪ ،‬ب ل تتع دد من اهج البحث العملي ‪ ،‬وذل ك لكي تناس ب هذه‬
‫المن اهج كاف ة البح وث‪ ،‬ويجب على الب احث أن يك ون دارس ا لك ل من اهج البحث العلمي وعارف ا‬
‫بخصائصها ‪ ،‬وذلك لكي يستطيع اختيار المنهج المناسب لبحثه العلمي‪ ،‬وفيما يلي سوف نعرض أهم‬
‫المناهج إستخداما في البحث العلمي ‪.‬‬
‫‪ -‬منهجية كمية تعود اصولها الى المدرسة الوضعية‪ ،‬وتمثلها من البراديغمات (مصطلح البراديغم (‬
‫‪" )Paradigme‬كلم ة التيني ة في األص ل (‪ ،)paradigma‬وفي العص ور القديم ة أي قب ل تط ور‬
‫العلوم الحديثة‪ ،‬كانت هذه الكلمة تعني أي نوع من النموذج يمكن نسخه أو القياس عليه أو مقارنة‬
‫شيء آخر"‪.‬‬
‫‪ -‬منهجية كيفية‪ :‬يعتبر البحث النوعي عموما على أنه الدراسة التي يمكن القيام بها أو إجراءها في‬
‫الس ياق أو الموق ف الط بيعي‪ ،‬حيث يق وم الب احث بجم ع البيان ات أو الكلم ات أو الص ور‪ ،‬ثم يحلله ا‬
‫بطريقة استقرائية وتصف العملية بلغة مقنعة ومعبرة‪.‬‬

‫الفرق بين المنهج الكمي والكيفي‪:‬‬

‫‪ -1‬ال ترك ز البح وث النوعي ة على الط رق الرقمي ة واالحص ائية في تفس ير البيان ات المجمع ة‬
‫والنت ائج ‪ ،‬كم ا في البح وث الكمي ة‪ ،‬ب ل تعم ل على تفس ير الظ واهر المبحوث ة بأس لوب إنش ائي يعتم د‬
‫التعبير بعبارات وجمل توضح ماهية وطبيعة تلك الظواهر‪ ،‬وعالقاتها المتداخلة مع بعضها‪.‬‬

‫‪ -2‬يس تخدم الب احث الن وعي المالحظ ة المتفاعل ة‪ ،‬والمقابل ة الشخص ية المتعمق ة‪ ،‬وتحلي ل الوث اق‪،‬‬
‫كأدوات لجمع البيانات‪ .‬وقد تختلف طريقة المقابلة هنا‪ ،‬بين فرد وآخر من أفراد مجتمع الدراسة‪ ،‬أو‬
‫عينته‪ .‬بخالف الباحث الكمي الذي تكون فيه أسئلة المقابلة (واالستبيان) نمطية‪ ،‬ومعدة مسبقاً‬

‫‪ -3‬يح اول الب احث في البحث الن وعي فهم الظ اهرة في ظروفه ا ال تي تمت فيه ا‪ .‬وال يه دف إلى‬
‫تعميم النتائج‪ .‬بينما يعتمد البحث الكمي على قياس الظاهرة‪ ،‬وإ يجاد العالقات بين األسباب والنتائج‪،‬‬
‫والتعبير عنها (رقمياً) ‪ ،‬وتعميم نتائجها على حاالت أخرى‬

‫‪ -4‬غالباً ما يختار الباحث‪ ،‬في البحث النوعي‪ ،‬عينة مقصودة (عمدية)‪ ،‬تكون محدودة العدد‪ ،‬بينما‬
‫يخت ار الب احث‪ ،‬في البحث الكمي عين ة عش وائية في الغ الب‪ ،‬تك ون ممثل ة لمجتم ع الدراس ة‪ ،‬بغ رض‬
‫تعميم النتائج على الحاالت المشابهة األخرى‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -5‬ال يكون الباحث محايداً‪ ،‬في البحث النوعي‪ ،‬بل تكون لديه مرونة في التغيير في خطة البحث‪،‬‬
‫وف ق مجري ات البحث والبيان ات المجمع ة‪ .‬فه و يض ع خط ة أولي ة قابل ة للتع ديل‪ .‬بينم ا يل تزم الب احث‬
‫الكمي بالخط ة الموض وعة‪ ،‬والمواف ق عليه ا‪ ،‬وأس ئلة البحث بش كل مس بق‪ ،‬يل تزم به ا خالل بحث ه‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس فإنه عندما يضع أسئلة المقابلة واالستبيان‪ ،‬بشكل مسبق‪ ،‬ال يغير فيها‪ ،‬ويلتزم‬
‫بسمات الصدق والثبات في أدوات جمع البيانات‪.‬‬

‫‪ -6‬المنهج ان الن وعي والكمي ليس ا متعارض ين أو متض ادين‪ ،‬حيث أن ه يمكن اس تخدامهما مع اً في‬
‫نفس البحث‪ .‬فيكون جانباً من البحث نوعي‪ ،‬وجانب اً آخر‪ ،‬يكمله‪ ،‬كمي‪ .‬ويحصل الباحث على نتائج‬
‫من خالل خلط المنهجين‪.‬‬

‫كذلك فإنه يمكن أن يستخدم البحث النوعي لدراسة الظواهر والحاالت التي ال تتوفر معلومات وافية‬
‫عنه ا‪ ،‬أو لمعرف ة أش ياء جدي دة عن ح االت مطل وب التعم ق فيه ا‪ ،‬بغ رض فحص ها ودراس تها الحق اً‬
‫بطريقة وببحث كمي‬

‫‪ -7‬يستخدم البحث النوعي عادة في المجاالت التي يتبين للباحث أن األساليب والمقاييس الكمية ال‬
‫تستطيع وصف أو تفسير المشكلة أو الحالة المعروضة‪ .‬مثال ذلك دراسة خاصية التفوق واإلبداع‬
‫عند الطلبة أو الموظفين‪ ،‬والخصائص العقلية الذهنية اإلبداعية‪ ،‬عند األفراد والجماعات‬

‫‪-8‬يجم ع الب احث الن وعي بيانات ه‪ ،‬ويش تق معلومات ه مي دانياً‪ ،‬من المص ادر الطبيعي ة لألح داث‪ .‬حيث‬
‫يعمل الباحث موقعياً‪ ،‬طيلة فترة البحث‪ ،‬في مكان الظاهرة أو الحدث‪ ،‬ويشتق معلومات من العاملين‬
‫في الموقع‪ ،‬إضافة إلى الوثائق التي قد تتوفر في ذلك الموقع‪ .‬وقد يحتاج إلى جمع مزيد من البيانات‬
‫والمعلومات من أشخاص آخرين في مواقع أخرى‪ ،‬ولهم عالقة بمجريات األمور في الموقع المعني‬
‫البحث‪.‬‬ ‫ب‬
‫الب احث في البحث الن وعي يك ون ه و األداة األساس ية لجم ع المعلوم ات‪ .‬ويعتم د في مقابالت ه‬
‫ومش اهداته وتحريات ه على إمكانات ه الذاتي ة ومهارات ه في التحلي ل والتفس ير‪ .‬ل ذا فه و يتح دث م ع‬
‫المبحوثين‪ ،‬أو يالحظ أنشطتهم‪ ،‬أو يقرأ وثائقهم وسجالتهم‪ ،‬من موقف ومنطلق خاص به‬

‫‪ -9‬يس لم البحث الن وعي ب أن الس لوك اإلنس اني مرتب ط بالبيئ ة ال تي يج ري به ا البحث ويعيش فيه ا‬
‫المبحوثين‪ .‬وهنالك تأثيرات اجتماعية وثقافية وتاريخية على الخبرات اإلنسانية‪ .‬بينما تدعو البحوث‬
‫الكمية إلى عزل السلوك اإلنساني عن المحيط الذي يتواجد فيه األفراد المعنيين بالبحث ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪-10‬ال يتح دد البحث الن وعي بفرض ية مع دة مس بقاً‪ ،‬أو يخت بر العالق ة بين المتغ يرات المس تقلة‬
‫والمتغ يرات التابع ة المع دة مس بقاً‪ .‬ب ل أن ه ي درس جمي ع العوام ل والم ؤثرات في موق ف معين‪ ،‬أي‬
‫الخبرة اإلنسانية بشكل كلي أوالً‪ .‬لذا يأخذ الباحث من المقابلة أو المالحظة األولى معنى ما يسمع أو‬
‫ي رى‪ ،‬ثم يض ع في ض وءه تخمين ات تتط ور الحق اً إلى فرض يات‪ ،‬يعم ل على تأكي دها أو نفيه ا‪ ،‬من‬
‫خالل مقابالته ومالحظاته الالحقة‪ ،‬ويخرج بالتفسيرات والنتائج‬

‫‪ -11‬عملي ات جم ع البيان ات والمعلوم ات تت داخل م ع عملي ات تحليله ا في البحث الن وعي‪ .‬ك ذلك‬
‫يتطلب البحث النوعي وقتاً أطول في تحليل البيانات من البحث الكمي‪ .‬فهو يحتاج إلى وقت مساوي‬
‫لوقت جمع البيانات‪ ،‬ويتطلب تحليل مستمر ومتزامن مع جمع البيانات‪ .‬وبعبارة أوضح أن الباحث‬
‫ال ينتظر حتى يتم جمع البيانات كاملة ليبدأ بالتحليل‪ ،‬كما هو الحال في البحث الكمي‬

‫‪18‬‬
‫المحاضرة الخامسة‪ :‬المنهج الوصفي‬
‫‪ -‬تمهيد‪:‬‬

‫كم ا يع د ه ذا المنهج الطريق ة ال تي يس عى من خالله ا الب احث إلى جم ع البيان ات والحق ائق ح ول‬
‫الظواهر االجتماعية بصفة كيفية (‪.)Qualitative‬‬

‫كما ال تتوقف مهام هذا المنهج في جمع الحقائق والبيانات الكيفية‪ ،‬بل يتعدى هذا ليصل إلى التحليل‬
‫الكيفي الدقيق ثم في األخير إلى نتائج قابلة للتعميم‪ ،‬كما يعد هذا المنهج طريقة يعتمدها الباحث بغية‬
‫الحصول على معلومات متنوعة ودقيقة تصور الواقع االجتماعي كما هو وتساهم بصفة فعالة في‬
‫تحليل ظواهر هذا الواقع‪.‬‬

‫‪ -1‬المنهج الوصفي ‪:‬‬


‫تعري&&ف الوص&&ف لغة ‪ :‬ه و نق ل ص ورة الع الم الخ ارجي أو ال داخلي بألف اظ و عب ارات تق وم‬ ‫‪-‬‬
‫مقام اللون عند الرسام و النظم لدى الموسيقي ‪.‬‬
‫تعريف الوصف علميا ‪ :‬هو ذكر خصائص ما هو كائن أو تفسير ظروف و عالقات قائمة‬ ‫‪-‬‬
‫بين وقائع أو ممارسات شائعة أو التعرف على معتقدات و اتجاهات عند أفراد أو جماعات ‪ ،‬و علي ه‬
‫فهو رصد حال أي شيء وصفا فيزيائيا أو بيان خصائص مادية أو معنوية للفرد أو الجماعات ‪ ،‬و‬
‫قد يكون باألرقام أو كيفيا أو يجمع بينهما‬

‫أهداف المنهج الوصفي ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫جمع المعلومات الدقيقة عن الظاهرة‬

‫إجراء مقارنة مع ظواهر أخرى‬

‫و عموم ا فهم الحاض ر لتوجي ه المس تقبل بوص ف الحاض ر وص فا دقيق ا يس اعد على التنب ؤ‬ ‫‪‬‬
‫للمستقبل و تجنب المفاجآت‬
‫استخداماته و مجال تطبيقه‬ ‫‪‬‬

‫عموم ا يتالءم المنهج الوص في م ع العل وم االجتماعي ة و اإلنس انية و يك ثر اس تخدامه في المج االت‬
‫العس كرية ألن ه ي زود ال دارس بمعلوم ات حقيقي ة عن الوض ع ال راهن ‪ ،‬أم ا في المج ال الق انوني‬
‫فيس تخدم لتط وير المنظوم ة القانوني ة و دراس ات المؤسس ات العقابي ة و إج راء تحقيق ات عن خفاي ا‬
‫النزاعات القانونية و نمو السمات اإلجرامية في المجتمع ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫مراحل البحث في المنهج الوصفي ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫أ ) االستكشاف و الصياغة ‪ :‬يتم فيها استطالع مجال محدد للبحث االجتماعي و تحديد المفاهيم و‬
‫األولويات أو جمع المعلومات العامة عن المشكلة كاستشارة األفراد ذوي الخبرة بالمشكلة و العودة‬
‫على تراث العلوم االجتماعية المتصلة بالمشكلة‬

‫ب ) التش خيص و الوص ف المعم ق ‪ :‬و في ه تح دد الخص ائص و تجم ع المعلوم ات بوص ف دقي ق‬
‫لموضوع البحث ‪.‬و عليه فالفرق بين الدراسة االستطالعية و الدراسة الوصفية المعمقة األولى يهتم‬
‫فيها الباحث بدراسات سابقة حول المشكلة أما الثانية فتشخص الظاهرة مباشرة ‪.‬‬

‫‪-‬خطوات المنهج الوصفي ( الخطوات العملية ) ‪:‬‬


‫ال يختلف المنهج الوصفي في تطبيقه عن المناهج العلمية عامة فهو يبدأ بالمشكلة ( تحديدها‬ ‫‪‬‬
‫) و ينتهي بكتابة تقرير عنها وفق الخطوات التالية ‪:‬‬
‫تحديد المشكلة و صياغتها‬ ‫‪‬‬
‫وضع فرضيات توضح أسس بنائها‬ ‫‪‬‬
‫اختيار العينة‬ ‫‪‬‬
‫جمع بيانات و معلومات بطريقة منظمة و دقيقة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫استخالص النتائج و تنظيمها و تصنيفها‬ ‫‪‬‬
‫تحليل النتائج و تفسيرها و استخالص التعميمات‬ ‫‪‬‬
‫كتابة تقرير بحث حول المشكلة أساليب المنهج الوصفي ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫يستخدم الباحث في المنهج الوصفي أساليب مختلفة مثل الدراسات المسحية ‪ ،‬دراسة الحالة ‪ ،‬تحليل‬
‫المحتوى ‪ ،‬دراسة النمو و التطور ‪ ..‬الخ‬

‫شرح أسلوب المسح ‪ :‬يتمثل في جمع البيانات و المعلومات عن عدد كبير من األفراد ‪ ،‬على نطاق‬
‫جغ رافي كب ير أو ص غير ‪ ،‬و يك ون ش امال ‪ ،‬أو بطريق ة العين ات للحص ول على نت ائج دقيق ة ‪ ،‬و‬
‫تصنف الدراسات المسحية إلى مسوح تعليمية ( التعليم ) و اجتماعية ‪ ،‬مسوح للرأي العام ‪. ،‬‬

‫وعلي ه نق ول ب أن الدراس ات الوص فية في الحقيق ة هي دراس ات تش مل على العدي د من المن اهج‬
‫كالمسوح‪ ،‬دراسات الحالة‪ ،‬دراسات تحليل المضمون‪ ،‬دراسات الرأي العام‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫محاضرة السادسة ‪ :‬المنـهج التاريـخي ( الوثائقي )‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫المنهج التاريخي هو وصف األحداث التاريخية بطريقة موضوعية في سياق زمني و مكاني باستخدام‬
‫طريق ة اس تقرائية يغلب عليه ا الط ابع النق دي و التحليلي و الكش ف عن العالق ات الس ببية لألح داث‬
‫الماضية‪.‬‬

‫المنهج التاريخي ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫تعريفه ‪ :‬هو قواعد و إجراءات يتبعها الباحث في جمع المادة التاريخية و دراستها و نقدها و‬ ‫‪‬‬
‫تحليلها و استخالص النتائج منها لفهم الحاضر و التنبؤ بالمستقبل‬

‫يمثل النقد الخارجي والذي يسمى أيضا بنقد األصالة أو بنقد التنقيب‪ ،‬في إيجاد أصل الوثيقة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫أي إرجاع الوثيقة إلى زمانها الحقيقي ومعرفة كاتبها أو مؤلفيها‪ ،‬ومكانها األصلي‪ ،‬وكذلك تقييم حالتها‬
‫أي إدراك إن كانت تامة أم ال‪ ،‬فاسدة أم ال‪ ،‬بالكشف عن مواطن الزيف والنسخ والعثور على األخطاء‬
‫الممكنة‪)1(.‬‬

‫ولهذا نجد أن العالمة عبد الرحمن ابن خلدون عندما شرع في تأسيس العلم الجديد –العمران البشري‪-‬‬
‫أول م ا ق ام ب ه ه و إع ادة االعتب ار لعلم الت اريخ حيث ق ال في ه ذا الش أن‪" :‬أن فن الت اريخ فن غزي ر‬
‫المذهب جم الفوائد شريف الغاية إذ هو يوقفنا على أحوال الماضيين من األمم في أخالقهم واألنبياء في‬
‫سيرهم والملوك في دولهم وسياستهم‪ ،‬حتى تتم فائدة اإلقتداء في ذلك لما يروقه في أحوال الدين والدنيا‬
‫فه و (أي الم ؤرخ) محت اج إلى مع ارف متنوع ة وحس ن نظ ر وتثبت يفض يان إلى الح ق وينكب ان عن‬
‫الم زالت والمغال ط ألن األخب ار إذا اعتم د فيه ا على مج رد النق ل لم ي ؤمن مزل ة الق دم‪ ،‬والت اريخ في‬
‫ظ اهره ال يزي د عن أخب ار األي ام وال دول والس وابق من الق رون األولى وفي باطن ه (أي الت اريخ) نظ ر‬
‫وأسبابها"‪)2(.‬‬ ‫وتحقيق وتحليل وعلم بكيفيات الوقائع‬

‫مفهوم& الدراسات التاريخية ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫تهتم بماضي مختلف الفروع العلمية ألن الباحث في أي مجال علمي مضطر إلى الدراسة التاريخية في‬
‫تخصص ه ألن لك ل علم ت اريخ ‪ ،‬و ذل ك بتتب ع الظ اهرة المدروس ة س ابقا و ه ا م ا أش ار إلي ه ريكم&&ان‬

‫‪ -1‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.105‬‬

‫‪ -2‬عبد الرحمن ابن خلدون‪ :‬المقدمة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫بقول ه ‪" :‬إن المنهج التاريخي يعتمد أساس&&ا على فهم التغ&&يرات و المظ&&اهر المختلف&&ة للظ&&اهرة من خالل‬
‫النظر عليها في سياقها التاريخي" ‪.‬‬

‫أهميته ‪:‬‬

‫دراسة التاريخ العام لألمم و الخاص لألشخاص ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فهم الجوانب االيجابية و السلبية لحياة الناس الستخالص العبر ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫اتساع مجاالت استخدام المنهج التاريخي إذ يستخدم في مختلف العلوم و ليس في مجال التاريخ‬ ‫‪‬‬
‫فقط‬

‫مآخذه ‪ :‬رغم أهمية المنهج التاريخي إال أن مصادره ليست موضوعية خاصة األفراد الذين تضعف‬
‫ذاكرتهم أو يميلون إلى التحيز أو المبالغة مما يصعب تطبيق المنهج التاريخي و رغم ذلك يبقى المنهج‬
‫التاريخي قائما بأسلوب دقيق و منهجي و ضروري ‪.‬‬

‫المصادر التاريخية ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫يستند المنهج التاريخي إلى عدة مصادر تختلف و تتنوع بطبيعة المادة التاريخية ‪ ،‬فهناك مصادر مادية‬
‫و أخرى مكتوبة و ثالثة مصورة و رابعة شفوية ‪.‬‬

‫أ ) المص &&ادر المادية ‪ :‬مث ل أن واع الفن ون و العم ارة و الزخرف ة و المنحوت ات ‪ ،‬المب اني التذكاري ة‬
‫( الظ اهرة أو المغم ورة ) ‪ ،‬تعت بر ه ذه الش واهد كاش فة وص ادقة عن النش اط اإلنس اني دون تحري ف او‬
‫تغيير ما عدا الظروف الطبيعية ‪.‬‬

‫ب ) الوثائق المكتوبة ‪ :‬تتعدد بطرق تصنيفها من حيث النوع و القيمة‬

‫من حيث النوع ‪ :‬تنقسم إلى وثائق شخصية ( السير الذاتية ) ‪ ،‬المراسالت و الخطابات ‪ ..‬الخ‬ ‫‪‬‬

‫و وث& &&ائق رس& &&مية ( المعاه دات ‪ ،‬العق ود ‪ ،‬س جالت المح اكم ‪ ) ... ،‬تتض منها دور المحفوظ ات و‬
‫األرشيف‬

‫من حيث القيمة ‪ :‬تص نف الوث ائق إلى وث ائق مكتوب ة أولي ة تتض منها دور الرش يف و أغلبه ا‬ ‫‪‬‬
‫تق ارير س رية ‪ ،‬معاه دات ‪ ،‬س جالت ‪ .. ،‬الخ ‪ ،‬و أخ رى ذات قيم ة ثانوي ة و هي عب ارة عن كتاب ات‬
‫تاريخية منقولة تتضمنها المكتبات العامة ‪ ،‬و نتعامل معها بحذر ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ج ) الوثائق المصورة ‪ :‬تش مل الفن ون ‪ ،‬الرس وم ‪ ،‬الصور ‪ ،‬األش رطة الس معية البص رية ‪ ،‬الخرائ ط و‬
‫غيرها‬

‫د ) المصادر الشفوية ‪ :‬أق وال تؤخ ذ من ش هود عي ان ممن عايش وا الح دث أو حكم و أمث ال و أغ اني و‬
‫أشعار ‪ ..‬تعتمد على الذاكرة و تخضع للتمحيص و النقد ‪.‬‬

‫خطوات المنهج التاريخي ( الخطوات العملية ) ‪1:‬‬ ‫‪‬‬

‫اختيار الموضوع ‪:‬‬ ‫‪o‬‬

‫و هي الخطوة األولى و الهامة و تخضع لعدة معايير تتعلق بالموضوع و الباحث ‪.‬و عند اختيار‬ ‫‪‬‬
‫الموضوع ال بد من اعتماد المعايير التالية ‪:‬‬

‫تحدي د اإلش كالية بط رح أس ئلة فرعي ة أساس ية تش مل اإلط ار الرم اني و المك اني و الن وعي‬ ‫‪1‬‬
‫للموضوع‬

‫وفرة الخبرة العلمية للباحث ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫االبتعاد عن القضايا المتخصصة جدا خاصة بالنسبة للباحث المبتدئ ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫التأكد من عدم معالجة الموضوع الدروس سابقا‬ ‫‪4‬‬

‫وفرة الجاذبية و الجدية في الموضوع ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫االستعداد النفسي إلنجاز العمل للباحث‬ ‫‪6‬‬

‫امتالك الباحث لمؤهالت شخصية ( هدوء األعصاب قوة المالحظة ‪ ،‬اإلبداع ‪ ،‬الشجاعة ‪) ..‬‬ ‫‪7‬‬
‫فضال عن مؤهالت علمية و لغوية‬

‫– ضبط خطة الموضوع ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫بعد اختيار الموضوع يضع الباحث تصميما أو ليا قابال للتغيير حسب المادة الموفرة و تتضمن خطة‬
‫العمل ‪ :‬مقدمة ‪ +‬متن عرض ‪ +‬خاتمة ( كتاب مناهج البحث العلمي لـ ‪ :‬عمار بوحوش )‬

‫أ ) المقدمة ‪ :‬تتضمن اإلحاطة بالموضوع العام المعالج مع ضبط إطاره الزماني و المكاني و موقعه‬
‫من تاريخ ه الع ام و المحلي إض افة إلى دواعي االختي ار و المش اكل المعترض ة و النت ائج الم أمول‬
‫الوصول إليها مع اإلشارة لإلشكالية و المنهج المتبع و كل ذلك في حدود ‪ 10‬صفحات ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫ب ) المتن ( الع&رض ) ‪ :‬يتض من أقس ام و فص ول متسلس لة مرتب ة زمني ا و نوعي ا و كمي ا ‪ ،‬تتف رع إلى‬
‫جزئيات أو أحداث أو أفكار رئيسية و ذلك حسب النقاط التالية ‪:‬‬

‫كل فصل يبدأ بتمهيد يوضح الواقع التاريخي بالتحليل و المناقشة و عرض األدلة و الشواهد‬ ‫‪‬‬
‫التي تسبق تسجيل الحقائق في كل فصل ‪.‬‬

‫تحدي د المس ائل الرئيس ية في الفص ول و ع رض المش كالت الجزئي ة في الفق رات المؤلف ة لك ل‬ ‫‪‬‬
‫فصل ‪.‬‬

‫إخضاع السياق التاريخي للبحث ألسس منطقية و أفكار مترابطة‬ ‫‪‬‬

‫وضع أسئلة استفسارية ( استفهامية ) لكل نقطة في الفصل ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ج ) الخاتمة ‪ :‬خالصة أفكار الموضوع و ما توص ل إليه الباحث من أفك ار و اس تنتاجات و تس اؤالت‬
‫لقضايا لم يتوصل فيها الباحث إلى جواب مقنع‬

‫– التعرف على المصادر ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫يتعرف الباحث على المادة البحثية بالرجوع إلى المراجع العامة مثل ‪ :‬دوائر المعارف ‪ ،‬قوام المراجع‬
‫( البيبلوغرافيا ) ‪ ،‬المدونات العامة ‪ ،‬الدوريات العلمية و الكتب العامة و الدراسات الحديثة‬

‫نم اذج الموس وعات المس اعدة ‪ :‬مث ل الموس وعة الفرنس ية الك برى ‪ ،‬الموس وعة اإلس المية ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫الموسوعة البريطانية ‪..‬‬

‫– نقد المصادر ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫يتوجب على الباحث نقد الوثيقة التاريخية ألن األصل في التاريخ االتهام و عليه يكون النقد ظاهريا و‬
‫باطنيا‬

‫أ ) النقد الظاهري ( الخارجي ) ينقد الباحث ظاهر الوثيقة بإثبات صحة األصل و السالمة من التزييف‬
‫و ينقسم إلى قسمين ‪:‬‬

‫نقد تصحيحي للوثيقة و نقد يبحث عما أدخل على الوثيقة من إضافات ‪.‬‬

‫نقد التصحيح ‪ :‬يهدف إلثبات صحة األصل و يشمل المصدر المكتوب و الرواية الشفوية‬ ‫‪‬‬

‫أ ‪ -‬المصدر المكتوب ‪ :‬قد يجد الباحث عدة وثائق بعدة احتماالت‬

‫‪24‬‬
‫أ‪ – 1‬وج&&ود وثيق&&ة أص&&لية ‪ :‬يق وم الب احث بإثب ات ص حتها بفحص ال ورق ‪ ،‬الخ ط ‪ ،‬الح بر ‪ ،‬األخت ام ‪،‬‬
‫طبيعة المفردات ‪.‬‬

‫أ‪ – 2‬فقدان األصل و وجود نسخة لها أخطاء‪ :‬يتوجب على الباحث تصحيحها‬

‫( إكمال الجمل الناقصة و الحروف الساقطة و النقاط الناقصة ) ‪.‬‬

‫ج ) النقد الباطني ( المحتوى ) ‪:‬‬

‫هدفه حصول الباحث على معلومات صحيحة من الوثيقة و ينقسم ‪:‬‬

‫ج ‪ 1‬ـ النق&&د الب&&اطني االيج&&ابي ‪ :‬ه و إدراك الم دلول الحقيقي للنص و تحدي د معاني ة الخفي ة من خالل‬
‫شرح المصطلحات‬

‫ج ‪ 2‬ـ النق&د الب&اطني الس&لبي ‪ :‬معرف ة ظ روف كتاب ة النص من ط رف الك اتب و م دى ص حتها و م دى‬
‫صدقه و هذا يستوجب على الباحث التعرف على عصر و بيئة و معارف لكاتب ‪.‬‬

‫و الخالص ة هي أن النق د الظ اهري و الب اطني يؤك د ص حة الوثيق ة ش كال و مض مونا و ل ذلك ق ال أس&&د‬
‫رستم في كتابه مصطلح التاريخ ‪ :‬إذا ضاعت األصول ضاع التاريخ معها ‪.‬‬

‫الصياغة ‪:‬‬

‫بعد العمليات السابقة يشرع الباحث في تحليل المادة التاريخية و ترتيبها و إعادة إنشائها ‪.‬‬

‫المزايا‪:‬‬

‫ال يمكن لنا فهم أي ظاهرة دون العودة إلى ماضيها ‪-‬نشأتها فتطورها والمراحل التي مرت بها‪-‬‬
‫وهذا يسهل لنا عملية التحليل والنقد والوصول إلى تنبؤات علمية وعملية‪.‬‬

‫إن المنهج الت اريخي ليس مج رد عملي ة بحث عن الوث ائق ب ل يعت بر أيض ا إج راءا إلثب ات أص الة‬
‫(‪)1‬‬
‫الوثائق ولترميزها والحفاظ عليها‪.‬‬

‫دورا حاس ًما في البح وث الميداني ة‪ ،‬كم ا تش كل المقارب ة‬


‫وعلي ه يمكن الق ول ب أن للم ادة التاريخي ة ً‬
‫التاريخية إحدى أهم المقاربات بالنسبة للبحث العلمي‪.‬‬

‫‪ -1‬موريس أنجرس‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.105‬‬

‫‪25‬‬
‫المحاضرة السابعة ‪:‬المنهج التجريبي&‬
‫تمهيد ‪:‬‬

‫ه و منهج يفس ر الوق ائع الخارج ة عن العق ل أو النفس بالتجرب ة ‪ ،‬دون االعتم اد على قواع د المنط ق‬
‫الصورية ‪ ،‬و يقوم على نوعين من المتغيرات‬

‫المتغير المستقل ‪ :‬و هو العامل المؤثر في الظاهرة ( العامل التجريبي )‬ ‫‪‬‬

‫المتغير التابع ‪ :‬و هو الفعل الناتج أو نوع السلوك الناتج عن تأثير العامل المستقل في الظاهرة‬ ‫‪‬‬

‫و هذان المتغيران أساسيان في المنهج التجريبي‬

‫خطوات المنهج التجريبي في العلوم الطبيعية‬ ‫‪‬‬

‫‪ 1‬ـ المالحظة ‪ :‬يعتمد على الحواس الموجهة للظاهرة لكشف خصائصها‬

‫‪ – 2‬الفرضية ‪ :‬تفسير مؤقت محتمل للظاهرة‬

‫‪ 3‬ـ التجربة ‪ :‬توفير شروط اصطناعية كفيلة بإحداث الظاهرة‬

‫إذا كانت الخطوات السابقة تهم العلوم التجريبية فإن العلوم االجتماعية تعتمد الخطوات التالية ‪:‬‬

‫‪ .1‬الشعور بالمشكلة‬

‫‪2‬ـ مراجعة الدراسات السابقة حول الظاهرة‬

‫‪ .3‬تحديد معالم المشكلة‬

‫‪.4‬بناء اإلشكالية‬

‫‪.5‬صياغة فرضيات‬

‫‪.6‬وضع تصميم منهجي حسب متغيرات الموضوع و أدوات التجربة كاختبار عينة البحث أو تصنيف‬
‫المبحوثين إلى مجموعة أو مجموعات‬

‫‪26‬‬
‫‪ 7‬ـ إجراء التجربة وقياس نتائجها‬

‫‪ 8‬ـ كتابة تقرير حول النتائج النهائية‬

‫ـ طريقة التجريب في طريقة المجموعة الواح&دة ‪ :‬ته دف إلى اختب ار م دى ت أثير المتغ ير المس تقل لحث‬
‫المتغ ير الت ابع ‪ ،‬فمثال نج ري اختب ار على مجموع ة طلب ة للتأك د من م دى نجاع ة تط بيق برن امج اللغ ة‬
‫العربية مثال‬

‫ـ طريق&&ة المجموع&&تين المتك&&افئتين ‪ :‬نقس م الطلب ة إلى مجوع تين الختب ار ص حة برن امج م ا فنخض ع‬
‫المجموع ة األولى الختب ار في البرن امج الجدي د و الثاني ة الختب ار في برن امج ق ديم ف إذا ك انت نت ائج‬
‫المجموعة األولى أحسن من الثانية نتأكد بجدوى البرنامج الجديد ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫المحاضرة الثامنة‪ &:‬المنهج اإلحصائي‬
‫‪ -‬تمهيد‪:‬‬

‫ُيعد المنهج اإلحصائي من بين المناهج العلمية التي أضفت الصيغة العلمية على األبحاث السياسية‬
‫واالجتماعية والتي تهم بدراسة وتحليل الظاهرة االجتماعية من الناحية الكمية‪ ،‬ويرجع ظهور في مي دان‬
‫العل وم االجتماعي ة إلى التع اون الس ائد بين ه ذه العل وم و الرياض يات في العه د األغ ريقي وال س يما ل دىا‬
‫لفيثاغوريين الذين كانوا يستخدمون اإلحصاء في أبحاثهم ‪,‬غير أن إستعماله تعزز وتجلت قيمته العلمية‬
‫والعملية واضحا في أبحاث كل من (أميل دور كهايم‪-‬وهال واكس) حول ظاهرة االنتحار كما ساهمت‬
‫دراسة كل من (مونتير –و روسو) في تطور المنهج اإلحصائي في ميدان العلوم االجتماعية كما شمل‬
‫التط ور في المنهج اإلحص ائي جمي ع العل وم األخ رى‪ ,‬اإلداري ة‪,‬السياس ية ‪,‬القانوني ة ‪,‬االقتص ادية‪,‬النفس ية‬
‫وغيرها من العلوم األخري ويرجع سبب تطور استعماله في العلوم المختلف إلى التطور التكنولوجي‬
‫الهائ ل وم ا نتج عن ه من تط ور في مج ال الحاس بات اإللكتروني ة والط رق والوس ائل اإلحص ائية‬
‫األخري ‪,‬مثل نظام اإلحصائي (‪ ) SPSS,EXEL‬‬

‫‪ -1‬مفهوم المنهج اإلحصائي‪:‬‬

‫‪-‬التعري ف اإلص طالحي للمنهج اإلحص ائي ‪ :‬ف رع من الدارس ات الرياض ية ال تي تعتم د على جمي ع‬
‫المعلوم ات والبيان ات لظه ور معين ة وتنظيمه ا وتبويبه ا وعرض ها ج دوليا أو بياني ا تم تحليله ا رياض يا‬
‫واستخالص النتائج بشأنها والعمل على تفسيرها ‪.‬‬

‫أما من الناحية اإلجرائية‬ ‫‪-‬‬

‫فيع رف المنهج اإلحص ائي على أن ه ‪:‬عب ارة عن مجموع ة من األساس يات المتنوع ة المس تعملة لجم ع‬
‫المعطيات اإلحصائية وتحليلها رياضيا لعرض إظهار االستدالالت العلمية التي قد تبدو في الغالب غير‬
‫واضحة ‪ ،‬هو منهج رياضي يستخدم في أغلب األبحاث االجتماعية والعلمية‪ ،‬واإلحصاء يعني معالجة‬
‫العالقات بين الظواهر أو القيم معالجة رقمية‪ ،‬أي انه يعالج النتائج التي يحصل عليها الباحث ويترجمها‬
‫إلى أرقام عددية‪ ،‬فهو إذن يقوم بعملية جمع وعرض للبيانات العددية التي يحصل عليها في موضوع‬
‫معين مما يعطي حقيقة رياضية للنتيجة بحيث ال يمكن الشك فيها‪ ،‬ولكن يبقى بعد ذلك أن يقوم بتفسير‬
‫األرقام تفسيرا علميا لبيان ما تدل عليه من معان‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫يه دف المنهج اإلحص ائي إلى تجمي ع البيان ات بطريق ة كمي ة‪ ،‬إذ يظه ر نت ائج البحث في ش كل أرق ام‬
‫ورسومات بيانية تبتعد عن التعبيرات الفضفاضة كقولنا "المحاكم تبتعد بشكل ملحوظ عن إنهاء العالقات‬
‫الزوجي ة" ف العلم ال يحب ذ كث يرا مث ل ه ذه التعب يرات‪ ،‬كلم ا أمكن ترجمته ا إلى أرق ام وبيان ات إحص ائية‬
‫تعطينا تصورا كميا دقيقا‪.‬‬

‫كما يعد المنهج اإلحصائي طريقة رقمية رياضية تسمح لنا بمعالجة وتحليل البيانات الكيفية المتحصل‬
‫عليها ميدانيا وترجمتها إلى أرقام ونسب‪.‬‬

‫وق د أص بح الي وم ه ذا المنهج أك ثر رواج ا واس تعماال‪ ،‬ب ل أص بح ج زءا ال يتج زأ من الدراس ات العلمي ة‬
‫الميداني ة‪ ،‬وه ذا م ا دع ا العدي د بالعلم اء إلى التص دي له اجس وهيمن ة ه ذه الطريق ة خاص ة بالدراس ات‬
‫السوسيولوجية‪.‬‬

‫مميزات المنهج اإلحصا ئي‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫المنهج اإلحصائي عدة خصائص تتجلي في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن ه منهج كمي يرتك ز على اإلحص اء وال ذي يس اعد على تفس ير الظ واهر تفس يرا كمي ا ‪.‬‬
‫‪ -2‬يتم يز بالنت ائج الدقيق ة بإعتم اده اللغ ة الرياض ية مم ا يس اعد على التنب ؤ ال دقيق في مي دان الظ اهرة‬
‫ة‪.‬‬ ‫المدروس‬
‫‪ -3‬يعت بر المنهج اإلحص ائي وس يلة منطقي ة اس تقرائية تق وم بتحلي ل الظ اهرة االجتماعي ة انطالق من‬
‫جزئياتها وصوال إلى كلياتها‪ ,‬ويتجلي ذلك واضحا في طريقة سبر اآلراء وهنا يظهر التكامل المنهجي‬
‫‪1‬‬
‫بين المنهج اإلحصائي واالستقرائي‬
‫‪ -4‬الحكم على الظواهر يكون حكم موضوعي فاألرقام هي التي تتكلم وتبين طبيعة الظاهرة‪:‬‬

‫ينف رد ه ذا المنهج بالعدي د من الخص ائص وال تي ق د ال نج دها عن د ب اقي المن اهج المعتم دة في‬
‫الدراسات االجتماعية حيث‪:‬‬

‫يعت بر المنهج اإلحص ائي وس يلة جدي دة للتج رد من الذاتي ة‪ ،‬إذ تعكس النت ائج اإلحص ائية الحقيق ة‬ ‫‪-1‬‬
‫العلمية بطريقة موضوعية‪.‬‬
‫إذا وج دت وق ائع معين ة وق ام ب احثون بقياس ها عن طري ق المنهج اإلحص ائي فال ش ك أنهم‬ ‫‪-2‬‬
‫سيحصلون على نتائج متوافقة‪.‬‬
‫تظه ر نت ائج البحث اإلحص ائي في ص ورة كمي ة تع بر تعب يرا دقيق ا عن الظ اهرة‪ ،‬حيث تعكس‬ ‫‪-3‬‬
‫الرسومات والجداول والمنحنيات البيانية تطور الظاهرة وعالقتها بظاهرة أخرى بشكل دقيق‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫عبد الناصر جندلي ‪,‬تقنيات ومناهج البحث في العلوم السياسية و اإلجتماعية ‪,‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪,‬الجزائر ‪,2005‬ص‪.02‬‬

‫‪29‬‬
‫النتائج الكمية التي تفسر الظاهرة تسمح لنا بالتنبؤ الجيد بتطور الظاهرة مستقبال‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫المنهج اإلحصائي ساهم في حل الكثير من المشكالت االجتماعية مثل الكثافة السكانية وتنامي‬ ‫‪-5‬‬
‫ظ اهرة الطالق والتس رب المدرس ي والعج ز الص حي وغيره ا‪ ،‬إذ س مح للدول ة بالت دخل لعالج ه ذه‬
‫(‪)1‬‬
‫الظواهر وغيرها‪.‬‬

‫وعلي ه أص بح إتب اع المنهج اإلحص ائي من أولوي ات البح وث والدراس ات وه ذا في ك ل المس تويات‬
‫التعليمي ة‪ ،‬ويعتبر هاجس ا عند الكث ير من الب احثين‪ ،‬وه ذا م ا دع ا بعض العلم اء للتح ذير من التعميم‬
‫للمعرفة ونتائجها‪.‬‬

‫‪ -1‬رشيد شميشم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.184-183‬‬

‫‪30‬‬
‫المحاضرة التاسعة‪ :‬منهج& دراسة الحالة‬

‫‪ -‬تمهيد‪:‬‬

‫يس اعد نهج دراس ة الحال ة في دراس ة األح داث المهم ة والت داخالت‪ ،‬وتط ور السياس ات‪ ،‬واإلص الحات‬
‫المبنية على برامج معينة‪ ،‬وذلك عن طريق دراستها بالتفصيل في سياق الحياة الواقعية‪ ،‬ويعد هذا النهج‬
‫مفي داً في اإلجاب ة على أس ئلة البحث ال تي ال ُيمكن للمنهج التجري بي اإلجاب ة عليه ا‪ ،‬وت زداد أهمي ة ه ذا‬
‫النهج اآلن في أماكن الرعاية الصحية لمالئمته لألبحاث الطبية المعقدة والعميقة‪ ،‬ومع أن استخدام هذا‬
‫الن وع من منهجي ات البحث يمث ل تح دياا للب احثين إال ّأن ه ُي ؤدي إلى رؤي ة واض حة وش املة للعدي د من‬
‫الجوانب الهامة للرعاية الصحية ‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف دراسة الحالة‪:‬‬

‫تع رف دراس ة الحال ة على أنه ا تحلي ل مكث ف لوح دة واح دة ربم ا تك ون شخص ا أو مجتمع ا بن اء على‬
‫عوام ل التنمي ة في بيئ ة الوح دة‪ ،‬كم ا أنه ا دراس ة تفص يلية لف رد أو مجموع ة كنم وذج لظ اهرة طبي ة أو‬
‫اجتماعي ة أو نفس ية‪ .‬وتع رف أيض ا على أنه ا بحث أو دراس ة مكثف ة وعميق ة عن ش خص أو مجموع ة‬
‫أش خاص أو وح دة عن طري ق دراس ة بيان ات متعلق ة بمجموع ة متغ يرات عن الحال ة به دف إيجاد تعميم‬
‫عدة فئات في البحث‪ ،‬وتعد دراسة الحالة أحد منهجيات البحث التي ُيشاع استخدامها في أبحاث‬
‫ُيناسب ّ‬
‫العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪-2‬أنواع دراسة الحالة ‪:‬‬

‫عدة أنواع من دراسة الحالة تتميز عن بعضها بحسب الطريقة المتبعة في البحث والهدف‬
‫ُيوجد هناك ّ‬
‫من إجرائها‪ ،‬وفيما يأتي بعض أنواع هذه الدراسات‪:‬‬

‫دراسات الحالة الجماعية‪ :‬تشمل دراسة مجموعة من األفراد في بيئة معينة أو دراسة مجتمع كامل‪.‬‬
‫تم التوص ل‬
‫دراس&&ات الحال&&ة الوص&&فية‪ :‬تب دأ ه ذه الدراس ات بنظري ة وص فية‪ ،‬ثم تُق ارن المعلوم ات ال تي ّ‬
‫إليها مع النظرية الموجودة مسبقاً‪.‬‬

‫أن الهدف منها معرفة إذا كانت بعض‬


‫أي ّ‬
‫دراسات الحالة التفسيرية‪ :‬تُستخدم إلجراء تحقيقات سببية‪ّ ،‬‬
‫العوامل سبباً في حدوث أشياء معينة‪.‬‬

‫‪ -1‬إحسان محمد الحسن‪ :‬مناهج البحث اٌجتماعي‪ ،‬دار وائل‪ ،‬األردن‪ ،2005 ،‬ص ‪.68‬‬

‫‪31‬‬
‫دراسات الحالة االستكشافية‪ :‬تُق ّدم ه ذه الدراس ات به دف البحث بش كل أك ثر عمق اً‪ ،‬ويس مح ه ذا الن وع‬
‫بجمع المزيد من المعلومات قبل تطوير أسئلة البحث والفرضيات‪.‬‬

‫مم ا ه و‬
‫دراسات الحالة اآللية‪ :‬تح دث عن دما يس مح الف رد أو المجموع ة للب احث بفهم أش ياء عنهم أك ثر ّ‬
‫واضح في البداية للمراقبين‪.‬‬

‫دراسات الحالة الجوهرية‪ :‬تُعنى بدراسة الحاالت التي يكون فيها لدى الباحث اهتمام شخصي بقضية‬
‫البحث؛ كمالحظ ات ج ان بياجي ه عن أطفال ه؛ حيث تعت بر أمثل ةً جي دةً لكيفي ة مس اهمة دراس ة الحال ة‬
‫الجوهرية في تطوير نظرية نفسية معينة‪.‬‬

‫دراس&&ات الحال&&ة التراكمي&&ة‪ :‬تعم ل على تجمي ع المعلوم ات من ع ّدة مواق ع في أوق ات مختلف ة‪ ،‬والفك رة‬
‫أن جم ع الدراس ات الس ابقة سيس مح بمزي د من التعميم دون تكلف ة إض افية أو‬
‫وراء ه ذه الدراس ات هي ّ‬
‫وقت إضافي ُيصرف على دراسات جديدة وربما تكون مكررة‪.‬‬

‫دراسات الحالة الحرجة‪ :‬تدرس موقع اً واحداً أو أكثر بغرض فحص حالة ذات أهمية كبيرة‪ ،‬وفي هذه‬
‫ويركز أكثر على التشكيك أو الطعن في مسلمات عام ة‪،‬‬‫الحالة يكون االهتمام بتعميم هذه الدراسة قليالً‪ُ ،‬‬
‫وتُعد هذه الطريقة مفيدة في اإلجابة عن أسئلة البحث المتعلقة بالسببية‪.‬‬

‫‪-3‬إستخدام& دراسة الحالة في البحوث العلمية‪:‬‬

‫تعت بر دراس ة الحال ة مهم ة وض رورية في كث ير من مج االت الدراس ة والبحث‪ ،‬وتعطي نت ائج جي دة في‬
‫سياقات عديدة منها ما يأتي‪:‬‬

‫دراسة الحالة التي تهدف إلى اكتساب معرفة محددة ومتعمقة وسياقية حول موضوع معين في‬ ‫‪‬‬
‫ألنها تسمح باستكشاف الخصائص الرئيسية‪ ،‬والمعاني‪ ،‬واآلثار المترتبة‬
‫العالم الحقيقي‪ ،‬وذلك ّ‬
‫على الحالة التي قيد الدراسة‪.‬‬
‫دراس ة حال ة معقّ دة حيث تس اعد على اكتش اف عوام ل مح ددة بعم ق‪ ،‬كم ا تُلقي الض وء على‬ ‫‪‬‬
‫ج وانب مهم ة من مش كلة البحث‪ ،‬وتس مح ك ذلك ب إجراء مقارن ة عن د إج راء دراس ة ح االت‬
‫متعددة‪ .‬تقديم األطروحات؛ وذلك ألنها تُحافظ على تركيز الباحث‪ ،‬وتُس اعده على إدارة البحث‬
‫عندما ال يتوفر الوقت أو الموارد للقيام بأبحاث على نطاق واسع‪ .‬فوائد دراسة الحالة ُيوجد‬
‫عدة فوائد ومميزات الستخدام دراسة الحالة في البحث‪ ،‬ومنها ما يأتي‪:‬‬

‫يسمح استخدام دراسة عينة متعددة ٍ‬


‫بفهم متعم ٍ‬
‫ق للحاالت؛ عن طريق مقارنة أوجه التشابه واالختالف‬
‫فيم ا بينه ا‪ .‬تتمتّ ع األدل ة الناتج ة عن دراس ة الحال ة المتع ددة بمص داقية وموثوقي ة أك ثر من األبح اث‬
‫‪32‬‬
‫الفردي ة‪ .‬تس مح دراس ة الحال ة المتع ددة باستكش ٍ‬
‫اف أك ثر ش موالً ألس ئلة البحث وتط وير أك بر للنظري ة‪.‬‬
‫متطلب ات دراس ة الحال ة يجب ت وافر بعض المتطلب ات في الدراس ة ح تى تُعت بر دراس ة الحال ة‪ ،‬ويتمض ن‬
‫ذلك ما يأتي‪:‬‬

‫المحتوى‪ :‬تتطلب بعض دراسات الحالة تقديم ملخص ُيوفر سياقاً لبقية التحليل‪ ،‬ويشمل الجزء الرئيسي‬
‫منه على تطبيق المفاهيم والنظريات الموضوعة لدراسة الحالة‪ ،‬كما تتطلب دراسة الحالة عرض أمثلة‬
‫تدعم نظرية البحث‪.‬‬

‫الهيكل‪ :‬تتّخذ معظم دراسات الحالة هيكل المقال‪ ،‬ويحتوي المقال على مقدمة‪ ،‬وسلسلة فقرات‪ ،‬وخاتمة‪،‬‬
‫ولكن تختلف دراسة الحالة عن المقال باحتوائها على عناوين تستند إلى المعلومات الواردة في وصف‬
‫قضية البحث أو إلى معايير مميزة للقضية‪ ،‬مثالً في دراسة حالة عميل ما؛ والتي تتطلب التعريف بأهم‬
‫القضايا ووضع خطة عمل‪ ،‬تكون عناوين الدراسة كما يأتي‪ :‬ملخص الحالة‪ ،‬وتحديد القضايا الرئيسية‪،‬‬
‫وخطة العمل المقترحة‪.‬‬

‫األسلوب‪ :‬يعتمد أسلوب الدراسة على اختيار الضمير الذي يستخدمه الباحث؛ فبعض الدراسات تتطلب‬
‫اس تخدام ص يغة الغ ائب‪ ،‬مث ل‪ :‬ه و‪ ،‬وهي‪ ،‬وهم‪ ،‬أو أس ماء أش خاص‪ ،‬أو العمي ل‪ ،‬وغيره ا‪ ،‬وذل ك عن د‬
‫مناقشة النظريات أو الدراسات السابقة أو قضية البحث‪ ،‬وأحيان اً تتطلب الدراسة استخدام ضمير المتكلم‬
‫عن د التعب ير عن انطب اع الب احث عن قض ية البحث‪ ،‬أو تأثيره ا الشخص ي علي ه‪ ،‬أو عن د توض يح كيفي ة‬
‫تط بيق النظري ات على قض ية البحث‪ .‬كيفي ة إج راء دراس ة الحال ة يتب ع إج راء دراس ة الحال ة خط وات‬
‫معينة‪ ،‬وهي كما يأتي‪:‬‬

‫‪-‬اختي&&ار الحالة‪ :‬تُخت ار الحال ة‪ ،‬وتُوض ع قي د الدراس ة بع د وض ع مش كلة وأس ئلة البحث‪ ،‬وعلى عكس‬
‫ويمكن أن تك ون حال ةً عادي ة‪ ،‬أو‬ ‫الكمي ف إن عين ة الدراس ة ال تك ون عش وائية تُخت ار عن قص د‪ُ ،‬‬ ‫البحث ّ‬
‫همل ة‪ ،‬أو تُمث ل فئ ة‪ ،‬أو تجرب ة‪ ،‬أو ظ اهرةً معين ة‪ ،‬والحال ة الجي دة يجب اتّص افها بم ا ي أتي‪ :‬تُق دم‬
‫حال ةً ُم َ‬
‫رؤية جديدة أو غير متوقعة في موضوع البحث‪ .‬تُمثل تحدياً لالفتراضات والنظريات الحالية‪ .‬تقترح‬
‫مسارات عملية لحل مشكلة معينة‪ .‬تفتح اتجاهات جديدة للبحث في المستقبل‪.‬‬

‫‪-‬بناء اإلطار النظري‪ :‬تُركز دراس ة الحال ة على التفاص يل أك ثر من العمومي ات‪ ،‬ولكن ه ذا ال يع ني أن‬
‫تكون دراسة الحالة وصفاً منعزالً لقضية البحث‪ ،‬بل يجب أن تُ ِّ‬
‫قدم وصفاً تكاملي اً مع المعرفة الموجودة‬
‫عن موضوع الدراسة عن طريق بناء إطار نظري يهدف إلى ما يأتي‪ :‬تقديم نموذج لنظرية من خالل‬
‫التوس ع في النظري ة من خالل توض يح إمكاني ة رب ط‬
‫ّ‬ ‫فس ر النظري ة موض وع البحث‪.‬‬
‫توض يح كي ف تُ ِّ‬

‫‪33‬‬
‫تحدي النظرية من خالل تقديم حالة شاذة ال تتناسب مع االفتراضات الس ائدة‪.‬‬
‫المفاهيم واألفكار الجديدة‪ّ .‬‬
‫التأ ّك د من األس اس األك اديمي لتحلي ل قض ية البحث؛ وذل ك بمراجع ة المص ادر المتعلق ة بقض ية البحث‪،‬‬
‫وتحديد المفاهيم والنظريات األساسية لتوجيه التحليل والتفسير ضمن إطار واضح‪.‬‬

‫‪-‬جم&&ع البيان&&ات‪ُ :‬يوج د هن اك العدي د من ط رق البحث ال تي ُيمكن اس تخدامها لجم ع البيان ات المتعلق ة‬
‫ولكنها دراسة في نطاق محدود‪ ،‬وغالب اً‬ ‫بالبحث‪ ،‬وتستخدم دراسة الحالة ما ُيعرف باسم البيانات الكمية‪ّ ،‬‬
‫م ا تُجم ع البيان ات النوعي ة في ه ذا الن وع من الدراس ات باس تخدام بعض الط رق‪ ،‬مث ل‪ :‬المق ابالت‪،‬‬
‫والمالحظ ة‪ ،‬وتحلي ل المص ادر األولي ة والثانوي ة‪ ،‬مث ل‪ :‬الص ور‪ ،‬والمق االت الص حفية‪ ،‬والس جالت‬
‫الرس مية‪ ،‬وته دف عملي ة جم ع البيان ات إلى الحص ول على أك بر ق در ممكن من الفهم الش امل للقض ية‬
‫وسياقها‪.‬‬

‫‪-‬وصف وتحلي&&ل الحال&&ة‪ :‬يحت اج الب احث في ه ذه المرحل ة من البحث إلى رب ط جمي ع الج وانب المتعلق ة‬
‫بموضوع البحث؛ وذلك إلعطاء صورة متكاملة عن الموضوع‪ ،‬وتعتمد طريقة عرض النتائج على نوع‬
‫البحث حيث تُعرض أحيان اً مع ورقة البحث‪ ،‬أو ضمن فصول منفصلة للطرق والنتائج‪ ،‬وتعتمد بعض‬
‫األبحاث األسلوب السردي الذي يهدف إلى استكشاف الحالة من زوايا مختلفة‪ ،‬وتحليل معانيها باس تخدام‬
‫التحلي ل النص ي أو تحلي ل الخط اب على س بيل المث ال‪ ،‬وفي جمي ع الح االت يجب التأ ّك د من إعط اء‬
‫تفاص يل متعلق ة بسياق موض وع البحث‪ ،‬وربطها باألدبي ات وبالنظري ة‪ ،‬كم ا يجب مناقش ة كيفي ة تناس ب‬
‫هذه التفاصيل مع األنماط السائدة أو كيفية اختالفها عنها‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫المحاضرة العاشرة‪ :‬تحليل المضمون (تحليل المحتوى)‬

‫تمهيد‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫يعت بر أس لوب تحلي ل المحت وى أح د أس اليب البحث العلمي الش ائعة االس تخدام في مج ال دراس ة م واد‬
‫االتص ال‪ ،‬ويه دف ه ذا األس لوب إلى التع رف بطريق ة علمي ة منظم ة على اتجاه ات الم ادة ال تي يتم‬
‫تحليله ا‪ ،‬وك ذلك الوقوف على خصائص ها بحيث يتم ك ل ذلك بعي دا عن االنطباع ات الذاتي ة أو المعالج ة‬
‫(‪)1‬‬
‫العشوائية‪.‬‬

‫وق د ب دأ االهتم ام في أمر تحلي ل المحتوى واس تخدامه كوس يلة للبحث في منتص ف الثالثين ات من الق رن‬
‫الماض ي‪ ،‬حيث ق ام ك ل من "ج ري" (‪ )Gray‬و"ل يري" (‪ )Leary‬ع ام ‪ ،1935‬بوض ع أس اليب ومع ايير‬
‫محددة للحكم على درجة مقروئية الكتب المدرسية‪ ،‬وقد تم لهم اختيار خمسة معايير‪ ،‬ولذلك من بين ما‬
‫يقرب (‪ )82‬معيارا‪ ،‬كان يعتقد أنها تصلح لهذا الغرض‪ ،‬وفي عام ‪ 1944‬توصل (‪ )Lorg‬إلى تحديد‬
‫(‪)2‬‬
‫ثالثة معايير فقط لهذه الغاية من بينها عدد الكلمات الصعبة وطول الجمل وصعوبة التراكيب اللغوية‪.‬‬

‫وقد أسهم "بلوم" (‪ )Bloom‬كثيرا في تسهيل أمر تحليل محتوى المواد الدراسية عندما نشر عام ‪1956‬‬
‫(‪)3‬‬
‫تصنيفاته لألهداف المعرفية‪ ،‬والتي تالها تصنيفات لألهداف الوجدانية واألهداف النفس حركية‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر أن أسلوب تحليل المحتوى لم يقتصر استخدامه على األمور التربوية أو النفسية‪ ،‬ب ل‬
‫أن هذا االستخدام قد شاع ونما بصورة ملحوظة في مجال الدراسات االجتماعية‪ ،‬وبخاصة في مجال‬
‫دراسة مواد االتصال الجماهيري من صحف ومجالت ونشرات إذاعية أو تلفزيونية وما شابه‪ ،‬وكان‬
‫من أوائل من أعطاه تعريفا محددا في هذا المجال‪ ،‬هو "ليتس و بول" عام ‪ ،1942‬إذ حصرا تعريفهما‬
‫بالوظائف التالية التي يغطيها تحليل المضمون وهي‪:‬‬

‫‪ -‬تحليل الخصائص اللغوية أو الداللية للرموز االتصالية المستخدمة‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد تكرارات ظهور أو ورود أو حدوث هذه الخصائص بدرجة عالية من الضبط الدقيق المحكم‪،‬‬
‫أو تحديد القيم الكمية لهذه التكرارات‪.‬‬

‫‪ -‬إمكانية تمييز هذه الخصائص بمصطلحات ذات صيغة عامة‪.‬‬

‫‪ -‬إمكانية تمييزها أيضا باصطالحات ذات صلة بطبيعة فروض الدراسة ومجاالتها‪.‬‬
‫‪ -1‬عبد الرحمن عدس‪ :‬أسلوب تحليل المحتوى ‪ ،‬ورشة البحث التربوي‪ ،‬المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪ ،1991 ،‬ص ‪.01‬‬

‫‪ -2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.01‬‬

‫‪ -3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.02‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -‬الض بط ال دقيق المحكم له ذه االص طالحات المس تخدمة في إمكاني ة التع رف على الخص ائص الرمزي ة‬
‫(‪)1‬‬
‫التي تمت دراستها‪.‬‬

‫وفي ه ذا الس ياق وبع د ح والي أربعين عام ا من التعري ف األول المش ار إلي ه ق دم "كل وز كرين دوف" ع ام‬
‫‪ 1970‬تعريفا مقتضبا ومحددا لتحاليل المحتوى مؤاده أن هذا األسلوب هو أحد األساليب البحثية التي‬
‫تس تخدم في تحلي ل الم واد اإلعالمي ة به دف التوص ل إلى اس تدالالت واس تنتاجات ص حيحة ومطابق ة في‬
‫(‪)2‬‬
‫حالة إعادة البحث أو التحليل‪.‬‬

‫‪ -2‬مفهوم تحليل المحتوى‪:‬‬

‫للوقوف على ماهية أسلوب تحليل المحتوى‪ ،‬وللتعرف على جوانبه المختلفة‪ ،‬نورد ما ذكره "جري" (‬
‫‪ )Gray‬بهذا الخصوص حيث يق ول أن تحليل المحتوى هو بمثابة وصف كمي ومنتظم لم ادة م ا‪ ،‬وأن‬
‫هذا األسلوب يستخدم في تحليل مضمون أشياء مثل الكتب والوثائق واألعمال الفنية من موسيقى ورسم‬
‫وصور وغيرها‪ ،‬وفي حالة تحليل محتوى الكتب المدرسية يكون االهتمام موجها نحو معرفة مستوى‬
‫مقروئي ة تل ك الكتب‪ ،‬ودرج ة التح يز الموج ودة في طريق ة ع رض مادته ا‪ ،‬وق د تك ون دراس ات تحلي ل‬
‫المحتوى سهلة ال تعدو أن تكون تعدادا لبعض األمور المطلوبة‪ ،‬وقد تكون في الوقت ذاته معقدة عندما‬
‫(‪)3‬‬
‫تحاول الكشف عن درجة التحيز في مثل هذه الكتب‪.‬‬

‫ويعرف على أنه "أسلوب أو أداة للبحث العلمي يمكن أن يستخدمه الباحثون في مجاالت بحثية متنوعة‪،‬‬‫ّ‬
‫وعلى األخص في علم اإلعالم لوص ف المحت وى الظ اهر والمض مون الص ريح للم ادة اإلعالمي ة الم راد‬
‫تحليلها من حيث الشكل والمضمون‪ ،‬تلبية لالحتياجات البحثية المصاغة في تساؤالت البحث أو فروضه‬
‫األساسية‪ ،‬طبقا للتصنيفات الموضوعية التي يحددها الباحث وذلك بهدف استخدام هذه البيانات بعد ذلك‪،‬‬
‫أم ا في وص ف ه ذه الم واد اإلعالمي ة ال تي تعكس الس لوك االتص الي العل ني للق ائمين باالتص ال أو‬
‫الكتشاف الخلفية الفكرية أو الثقافية أو السياسية أو العقائدية التي تنبع منها الرسالة اإلعالمية‪ ،‬وللتعرف‬
‫على مقاصد القائمين باالتصال من خالل الكلمات والجمل والرموز والصور وكافة األساليب التعبيرية‬
‫يعبر بها القائمون باالتصال عن أفكارهم ومفاهيمهم‪ ،‬وذلك بشرط أن تتم عملية‬
‫شكال ومضمونا‪ ،‬والتي ّ‬

‫‪ -1‬رشدي طعيمة‪ :‬تحليل المحتوى في العلوم اإلنسانية ‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،1987 ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪ -2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪ -3‬عبد الرحمن عدس‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.04‬‬

‫‪36‬‬
‫التحلي ل بص ورة منتظم ة ووف ق أس س منهجي ة ومع ايير موض وعية‪ ،‬وأن يس تند الب احث في عملي ة جم ع‬
‫(‪)1‬‬
‫البيانات وتبويبها وتحليلها على األسلوب الكمي بصفة أساسية"‪.‬‬

‫‪ -3‬استخدامات تحليل المحتوى‪:‬‬

‫عدة مجاالت رئيسية الستخدامات تحليل المحتوى من بينها‪:‬‬


‫يحدد "بيرلسون" (‪ّ )Berlson‬‬
‫‪ -1‬وصف االتجاهات السائدة في المحتوى‪.‬‬

‫‪ -2‬تتبع تطور الدراسات األدبية والعلمية‪.‬‬

‫‪ -3‬الكشف عن االختالفات بين مضمون االتصال في الدول المختلفة‪ ،‬إذ يستطيع التحليل المنظم لمواد‬
‫االتص ال من الكش ف عن أوج ه االختالف بين ال دول في نظرته ا وتفس يرها لم واد االتص ال‪ ،‬وي برز لن ا‬
‫مثل هذا التحليل القضايا ذات االهتمام المشترك بين الدول والشعوب‪ ...‬الكشف عن أشكال التفاوت بين‬
‫الدول والشعوب‪.‬‬

‫‪ -4‬المقارن ة بين وس ائل االتص ال‪ :‬وه ذا التحلي ل يمكن أن ي بين لن ا الف روق بين وس ائل االتص ال في‬
‫عرضها لقضية معينة‪.‬‬

‫‪ -5‬الكشف عن أساليب الدعاية‪ :‬دراسة االتجاهات السائدة في مادة من مواد االتصال تساعد بال ريب‬
‫في الكشف عن أساليب الدعاية في المادة المدروسة‪.‬‬

‫‪ -6‬قي اس مقروئي ة الكتب المدرس ية‪ :‬أي قي اس س هولة أو ص عوبة النص وذل ك بدراس ة العوام ل ال تي‬
‫تؤثر في هذا المستوى مثل المفردات والتراكيب اللغوية‪ ،‬والمفاهيم والطباعة وغيرها‪.‬‬

‫‪ -7‬الكش ف عن المالمح األس لوبية‪ :‬أي الكش ف عن م ا تتس م ب ه األجن اس األدبي ة ش عرا أو ن ثرا من‬
‫خصائص مميزة تعبر عن كاتبها أو العصر الذي أنتجت فيه أو المكان الذي صدرت منه‪.‬‬

‫‪ -8‬الكش ف عن االهتمام ات أو المي ول أو القيم االجتماعي ة‪ :‬ويقص د ب ذلك التع رف إلى األنم اط الثقافي ة‬
‫الشائعة في مجتمع معين والوقوف على ما يسمى بروح العصر‪.‬‬

‫‪ -9‬الكش ف عن ب ؤرة االهتم ام‪ ،‬إذ من الممكن باس تخدام أس لوب تحلي ل المحت وى التع رف على‬
‫الموضوعات والقضايا التي تشغل الجماهير أو قطاعات منها في فترة زمنية معينة‪ ،‬وذلك بتحليل بعض‬
‫المواد اإلعالمية التي تنشر فيها هذه القضايا‪.‬‬

‫‪ -1‬رشيد طعيمه‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -10‬مطابقة المحتوى العلمي في الكتب المدرسية لألهداف التربوية المتوخاة‪ ،‬فمن خالل عملية تحليل‬
‫المحت وى في ض وء األه داف التربوي ة المختلف ة‪ ،‬يمكن أن يتض ح أي األه داف ج رى الترك يز عليه ا‬
‫(‪)1‬‬
‫بصورة مقبولة‪ ،‬وأيها لم يحظ بمثل هذا النوع من التركيز‪.‬‬

‫‪ -4‬الخطوات المتبعة في دراسة تحليل المحتوى‪:‬‬

‫‪ -1‬تحديد مشكلة البحث أو الدراسة‪.‬‬

‫‪ -2‬تحديد مجتمع البحث (كتب‪ ،‬مقاالت‪ ،‬رسوم كاريكاتيرية‪ ،‬صور فنية‪ ،‬برامج إعالمية‪ ،‬شعر‪...‬إلخ)‪.‬‬

‫‪ -3‬وضع الفروض‪.‬‬

‫‪ -4‬تحديد فئات التحليل ووحداته‪.‬‬

‫‪ -5‬تصميم أداة التحليل‪.‬‬

‫‪ -6‬اختيار عينة المحتوى المراد تحليلها‪.‬‬

‫‪ -7‬جمع البيانات وتحليلها ونشرها‪.‬‬

‫‪ -5‬توضيحات حول آليات التحليل‪:‬‬

‫نقص د بفئ ات التحلي ل ووحدات ه العناص ر الرئيس ية والثانوي ة ال تي يتم وض ع وح دات التحلي ل فيه ا‪ ،‬ومن‬
‫المفروض أن تكون هذه الفئات شاملة لمختلف الجوانب التي يتعرض لها الباحث في تحليله للمضمون‬
‫(‪)2‬‬
‫المعين‪ ،‬وأن تكون الحدود بينهما واضحة دون تداخل وأن تبتعد عن العمومية والسعة‪.‬‬

‫فإذا كنا بصدد تحليل مقروئية كتاب القراءة لصف ما‪ ،‬فمن المفروض أن تكون الفئات كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬الكلمات الصعبة‪.‬‬

‫‪ -‬الجمل الطويلة‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬التراكيب المعقدة‪.‬‬

‫‪ -1‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.09-08‬‬

‫‪ -2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.14-13‬‬

‫‪ -3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪38‬‬
‫المحاضرة الحادية عشر‪ :‬المنهج المقارن‬
‫‪ -6‬المنهج المقارن‪:‬‬

‫‪ ‬هو شكل من أشكال المناهج التي يتم استخدامها في البحث العلمي‪ ،‬والهدف من هذا المنهج هو عمل‬
‫مجموعة من المقارنات بين الظواهر المتعلقة بالبحث العلمي‪ ،‬وذلك للتعرف على وجه الشبه فيما بينهم‪،‬‬
‫أيضا‪ ،‬وبالتالي يكون أمام الباحث العلمي فرصة للتعرف على كل شيء غامض‬
‫وكذلك وجه االختالف ً‬
‫متعلق بالظاهر‪ ،‬ويستطيع تفسيرها بكل سهولة‪.‬‬

‫ويتميز هذا المنهج بالمرون ة حيث أن العديد من العلوم ُيمكن أن يتم استخدامه من خاللها سواء أكانت‬
‫علوم اجتماعية أو علوم علمية‪ ،‬وهناك العديد من الطرق التي تستطيع من خاللها استخدام هذا المنهج‪،‬‬
‫أيضا له خطوات‪ ،‬وسوف نتناول الحديث عن هذا كله بالتفصيل‪.‬‬
‫وليس هذا فقط بل ً‬
‫(‪)1‬‬
‫طرق استخدام& المنهج المقارن‬

‫وهن اك مجموع ة من الخط وات أو الط رق ال تي تس تطيع به ا أن تس تخدم ه ذا المنهج أثن اء عم ل بحث‬
‫علمي في العلوم االجتماعية‪ ،‬فيمكنك االختيار من بينهم بما يتناسب مع أفكار وتطلعاتك لبحثك العلمي‬
‫أيضا‪ ،‬ومن أهم الطرق ما يلي‪:‬‬
‫والهدف منه ً‬
‫طريقة االتفاق‬

‫ه ذه الطريق ة مس تخدمة عن دما يك ون هن اك عام ل مش ترك واح د فق ط ه و الس بب األساس ي في ح دوث‬


‫ظ اهرة من الظ واهر‪ ،‬وال يمكن للظ اهرة أن تح دث ب دون وجود هذا العام ل المش ترك‪ ،‬ك أن نقول على‬
‫سبيل المثال أن هناك بعض األمراض الجلدية أصابت طائفة من النساء‪ ،‬أدى هذا المرض إلى وفاتهن‪،‬‬
‫فبالت الي هن اك س بب أو عام ل مش ترك أال وه و أنهن اس تخدمن مستحض ر تجميلي واح د‪ ،‬وك ان ه ذا‬
‫المستحضر يحمل مادة تسببت في قتلهن‪.‬‬

‫طريقة االختالف‬

‫وطريق ة االختالف في‪ ‬المنهج المق ارن‪ ‬من اكتش فها ه و الب احث العلمي س تيوارت‪ ،‬فعلى س بيل المث ال‬
‫عندما يكون هناك مجموعتين أو أكثر من مجموعة‪ ،‬وهذه المجموعات تشترك مع بعضها البعض في‬

‫‪ - 1‬علي عبد الرزاق جبلي و عبد العاطي السيد ‪ :‬علم االجتماع‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬القاهرة‪ ،2004 ،‬ص ‪.98‬‬

‫‪39‬‬
‫كاف ة الص فات‪ ،‬إال أن هن اك ص فة واح دة فق ط اختلف وا فيه ا‪ ،‬فالفرق ة بينهم ال ذي أحدث ه ه و ه ذه الص فة‬
‫المختلفة فيما بينهم‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫الطريقة المشتركة‬

‫ه ذه الطريق ة اس تطاعت أن تجم ع م ا بين االختالف واالتفاق في آن واح د‪ ،‬فعندما يقوم الب احث العلمي‬
‫باس تخدام طريق ة االتف اق فإن ه ب ذلك ق د اس تطاع الوص ول إلى العام ل المش ترك‪ ،‬بينم ا في حال ة طريق ة‬
‫االختالف يك ون ه ذا دلي ل وبره ان على أن النظري ة ال يمكن له ا أن تح دث ب دون أن يك ون العام ل‬
‫المشترك موجود‪.‬‬

‫طريقة التغيير النسبي‬

‫في جمي ع الظ واهر الطبيعي ة أو الح االت ال ب د أن يك ون هن اك عالق ة بين الس بب والمس بب‪ ،‬وفي ح ال‬
‫حتم ا إلى ح دوث تغي يرات في المس بب‬
‫ح دث أي ن وع من أن واع التغي يرات في الس بب‪ ،‬ف إن ه ذا ي ؤدي ً‬
‫أيضا‪ ،‬سواء في حالة الزيادة أو العكس‪.‬‬
‫ً‬
‫طريقة العوامل المتبقية‬

‫يمكن اس تخدام ه ذه الطريق ة عن دما يك ون الب احث العلمي على علم كام ل ب الكثير من أج زاء الظ اهرة‪،‬‬
‫وبالتالي وبسبب هذه المعلومات يستطيع أن يستنتج ما تبقى من الظاهرة من مجهول أو أمور غامضة‬
‫بطريقة سهلة‪.‬‬

‫خطوات‪ ‬المنهج المقارن‬

‫وح تى تنجح في البحث العلمي عن دما تب دأ ب ه وتق رر أن تق وم باس تخدام‪ ‬المنهج المق ارن‪ ،‬فإن ك في ه ذه‬
‫الحال ة ينبغي أن تس ير وف ق خط وات ه ذا المنهج‪ ،‬حيث أن ل ه ع دد من الخط وات ال تي س تؤدي ب ك في‬
‫نهاية المطاف إلى الوصول إلى نتائج‪ ،‬ومن أبرز تلك الخطوات ما يلي‪:‬‬

‫تحديد موضوع المقارنة‪ :‬على الباحث العلمي أن يقوم بتحديد موضوع البحث الذي سيقوم بعمل مقارنه‬
‫ل ه‪ ،‬ولكن ينبغي أن يق وم الب احث ب االطالع على مش كلة البحث العلمي الخ اص ب ه بش كل ُكلي‪ ،‬وبالت الي‬
‫ينبغي أن عليه أن يتعرف على العينة التي سيعمل عليها‪.‬‬

‫‪ -1‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.98‬‬

‫‪40‬‬
‫االختالف‬ ‫ونقطة‬ ‫وضع متغيرات المقارنة‪ :‬وفي هذه المرحلة سيقوم الباحث بالوصول إلى نقطة االتفاق‬
‫بين المتغيرات التي سيقوم بوضعها في بداية بحثه العلمي‪ ،‬ويستطيع هنا أن يقوم بدراسة المتغيرات‬
‫بطريقة سهلة‪.‬‬

‫تفسير بيانات موضوع المقارنة‪ :‬ال بد أن يقوم الباحث العلمي باالطالع على عدد من األبحاث العلمية‬
‫أيض ا‬
‫التي تناقش نفس الظاهرة التي سيدرها‪ ،‬وبالتالي سيكون من السهل المقارنة وبالتالي من السهل ً‬
‫الوصول إلى نتائج نهائية‪.‬‬

‫الوصول إلى نتائج المقارنة‪ :‬بعد أن ينتهي الباحث العلمي من عمل مقارنة بين موضوع الدراسة وبين‬
‫النتائج التي حصل عليها من البحث يستطيع في هذه الحالة أن يقوم بنشر بحثه العلمي المزود بعدد من‬
‫النتائج التي تخدم العلم‪.‬‬

‫الهدف من استخدام& المنهج المقارن‬

‫يستطيع الطالب من خالل استخدام هذا المنهج أن يفهمون ما يدرسون من مواد دراسية‪ ،‬حيث أنه يقوم‬
‫بتقسيم كافة المواد ويتعرف على أوجه الشبه واالختالف‪.‬‬

‫يس تطيع الب احث العلمي فهم العالق ة ال تي تجم ع م ا بين مكون ات النص وص ال تي يعم ل الب احث العلمي‬
‫على مقارنتها‪.‬‬

‫من خالل ه ذا المنهج ُيمكن وبك ل س هولة للب احث أن يتع رف على الدراس ة ال تي تناس به ويس ير وفقه ا‬
‫ويستبعد الدراسة التي ال تناسبه وال تناسب بحثه‪.‬‬

‫أيض ا من‬
‫وبهذا نكون قد وفرنا لك كل ما يخص‪ ‬المنهج المقارن‪ ‬وأنواعه وطريقة استخدامه والهدف ً‬
‫اس تخدامه‪ ،‬ويعت بر ه و من أفض ل من اهج البحث العلمي المتبع ة في اآلون ة األخ يرة لس هولة اس تخدامه‬
‫والوصول من خالله إلى سلبيات وإ يجابيات الدراسة ومن ثم الوصول إلى النتائج‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫المحاضرة الثانية عشر‪ :‬منهج المسح اإلجتماعي‬

‫منهج المسح االجتماعي‪:‬‬


‫ه و أح د أك ثر من اهج البحث العلمي ش يوعا واس تخداما بالدراس ات الوص فية على وج ه الخص وص‪،‬‬
‫المنظم للمعلومات والبياناتعن فئة ُمعينة من البشر أو ظاهرة ُمعينة في ظل ظروف‬
‫ويهدف إلى الجمع ُ‬
‫وغالبا ما تتضمن هذه المعلومات األحوال االجتماعية للفئة محل الدراسة وأنشطتهم وغيرها من‬
‫ً‬ ‫ُمعينة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المعلومات ذات الصلة‪.‬‬
‫أنواع المسح االجتماعي‪:‬‬
‫ويقصد به المسح الذي يتناول جميع‬
‫ينقسم المسح االجتماعي من حيث الموضوع إلى قسمين‪ :‬مسح عام ُ‬
‫الجوانب االجتماعية مثل التعليم والصحة واإلسكان واالقتصاد وغيرها من الجوانب ضمن ُمجتمع ُمعين‬
‫المجتم ع به دف تحدي د أوج ه االرتب اط بين أف راده‪ ،‬والمس ح الخ اص ويه دف إلى‬
‫مهم ا ك ان حجم ه ذا ُ‬
‫دراس ة ج انب من ُمعين من الج وانب االجتماعي ة مث ل الخ دمات التعليمي ة لفئ ة ُمعين ة تُس مى ُمجتم ع‬
‫الدراسة ‪.‬‬
‫المجتمع ينقسم المسح االجتماعي إلى قسمين‪ :‬المسح الشامل حيث تُجمع المعلومات والبيانات‬
‫ومن حيث ُ‬
‫بمشكلة البحث عبر الحصر الشامل لجميع أفراد ُمجتمع البحث‪ ،‬والمسح بالعينة حيث تُجمع‬‫ذات الصلة ُ‬
‫البيان ات والمعلوم ات عن ع دد ُمح دد من الح االت ثم تُعمم بع د ذل ك على جمي ع طوائ ف ُمجتم ع البحث‬
‫ويعزى ذلك إلى قلة التكاليف الالزمة إلجرائه؛‬
‫واستخداما ُ‬
‫ً‬ ‫شيوعا‬
‫ً‬ ‫وهذا النوع هو األكثر‬
‫وينف ذ قب ل إج راء‬
‫ومن حيث اإلط ار الزم ني ينقس م المس ح االجتم اعي إلى ثالث أقس ام‪ :‬المس ح القبلي ُ‬
‫وينفذ على فترات ُمنتظمة أثناء الدراسة للتحديد مدى نجاحها وللتعرف على‬ ‫الدراسة‪ ،‬والمسح الدوري ُ‬
‫وينفذ بعد االنتهاء من الدراسة للتحديد نتائجها وردود‬
‫المعوقات التي تقف في طريقها‪ ،‬والمسح البعدي ُ‬
‫األفعال تجاهها‪.‬‬
‫أهمية المسح االجتماعي‪:‬‬
‫المش كالت واألح داث والظ واهر‬ ‫المس تخدمة لدراس ة ُ‬
‫يعت بر المس ح االجتم اعي من أهم األدوات ُ‬
‫والمش كالت اإلنس انية به دف التوص ل لحل ول‬
‫االجتماعي ة‪ ،‬فه و وس يلة هام ة لتق ييم ودراس ة األوض اع ُ‬
‫ويمكن االس تعانة ب ه لقي اس توجه ات ال رأي العام‬
‫المس تقبلية‪ُ ،‬‬
‫المرتقب ة أو ُ‬
‫ُمناس بة له ا والتنبؤ باألوض اع ُ‬
‫وبالتخطي ط الق ومي من أج ل تنمي ة األوض اع االجتماعي ة واالقتص ادية وتعزي ز الرف اه االجتم اعي خالل‬
‫ف ترة زمني ة ُمعين ة‪ ،‬ويش يع اس تخدم المس ح االجتم اعي بأبح اث االتص ال الجم اهيري وأبح اث توجه ات‬

‫‪ -1‬السيد علي شنا‪ :‬نظرية علم االجتماع‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،1998 ،‬ص ‪288‬‬

‫‪42‬‬
‫الرأي عام‪ ،‬فهو وسيلة هامة وفعالة لقياس تأثير المواد اإلعالمية على الجمهور وتقييم أثرها بتشكيل‬
‫توجهات الرأي العام‪.‬‬

‫خطوات المسح االجتماعي‬


‫‪)1‬‬
‫ُينفذ المسح االجتماعي وفقًا للخطوات التالية‪:‬‬
‫الم راد تناولها بالبحث واألهداف العامة والخاصة‬‫المشكلة ُ‬
‫المشكلة‪ :‬خالل هذه الرحلة تُحدد ُ‬ ‫‪-1‬تحديد ُ‬
‫المزمع جمعها‪ ،‬كما ُيحدد موعد بدء المسح والفترة الزمنية التي‬
‫للمسح وعينة المسح وطبيعة المعلومات ُ‬
‫المكلفين بتنفيذ المسح‪.‬‬
‫سيستغرقها وكذلك األشخاص ُ‬
‫‪-2‬جم ع المعلوم ات والبيان ات‪ :‬خالل ه ذه المرحل ة يت ولى الق ائمين على المس ح تجمي ع المعلوم ات‬
‫ومراجعة المعلومات للتحقق من صحتها ودقتها‪.‬‬ ‫المطلوبة بدقة ُ‬
‫المجمعة خالل المرحلة السابقة‪ ،‬ثم تخضع‬ ‫‪-3‬تحليل المعلومات‪ :‬بهذه المرحلة تُنظم وتُرتب المعلومات ُ‬
‫المح ددة مث ل الس ن أو‬
‫للمراجع ة من أج ل التحق ق من ص حتها ودقته ا‪ ،‬وبع د ذل ك تُس جل وفقً ا للمع ايير ُ‬
‫الجنس أو المكان أو المهنة أو محل اإلقامة وما إلى ذلك‪.‬‬
‫‪-4‬تفس ير البيان ات والمعلوم ات‪ :‬الغ رض من ه ذه المرحل ة ه و تحدي د الفرض يات ذات الص لة بمش كلة‬
‫للمش كلة والفئ ات ال تي تناوله ا المس ح‪ ،‬مث ل أي فئ ات‬
‫المختلف ة ُ‬
‫الدراس ة ع بر دراس ة العالق ة بين األبع اد ُ‬
‫المسح أكثر مياًل الرتكاب جريمة ما‪.‬‬
‫‪-5‬اس تخالص النت ائج‪ :‬تتوق ف طريق ة اس تخالص النت ائج وعرض ها على طبيع ة األش خاص ال ذين‬
‫شيوعا الرسومات البيانية؛ ويشمل تقرير‬
‫ً‬ ‫ستُعرض عليهم هذه النتائج‪ ،‬ومن أكثر طرق عرض النتائج‬
‫النت ائج بعض البن ود منه ا أه داف المس ح واله دف من المس ح وخط ة المس ح وبي ان عين ة المس ح وأس س‬
‫اختيارها والعقبات التي طرأت خالل المسح وكيفية التغلب عليها وغيرها من البنود‪.‬‬
‫أدوات المسح االجتماعي‬
‫المس تخدمة في المس ح االجتم اعي على موض وع الدراس ة وخط ة المس ح ون وع‬ ‫يتوق ف ن وع األداة ُ‬
‫المالحظ ة والمقابل ة‬
‫تخداما ُ‬
‫ً‬ ‫يوعا واس‬
‫الم راد جمعه ا‪ ،‬ومن أك ثر أدوات المس ح االجتم اعي ش ً‬
‫المعلوم ات ُ‬
‫واالستبيان وتحليل المضمون‪.‬‬
‫مجاالت استخدام المسح االجتماعي‬

‫‪ -1‬خليل عمر‪ :‬نقد الفكر االجتماعي المعاصر‪ ،‬دراسة تحليلية و نقدية‪ ،‬دار اآلفاق الجديدة‪ ،‬القاهرة‪ ،2001 ،‬ص ص ‪136 ،135‬‬

‫‪43‬‬
‫ُيستخدم المسح االجتماعي بمجاالت عديدة من أهمها‪:‬‬
‫المجتمعي ة‪ ،‬حيث تُجم ع البيان ات والمعلوم ات‬
‫‪-1‬دراس ة الخص ائص الديموغرافي ة والبيئي ة ألح د الفئ ات ُ‬
‫ذات الص لة ب الظروف المعيش ية والبيئي ة لألس رة مث ل الجنس والن وع وال دين والمس توى التعليمي وع دد‬
‫األبناء ‪ ‬والحالة االجتماعية وما إلى ذلك‪.‬‬
‫‪-2‬دراسة الجوانب االقتصادية واالجتماعية لفئة ُمجتمعية‪ ،‬حيث تُجمع البيانات ذات الصلة‪  ‬باألوضاع‬
‫المختلفة‪.‬‬
‫االقتصادية واالجتماعية مثل مستويات المعيشة ومستويات الدخل واألنشطة االجتماعية ُ‬
‫‪-3‬دراسة الجوانب الثقافية مثل التقاليد والعادات والقيم والمعايير األخالقية والسلوكية‪.‬‬
‫المجتمع ودوافعه وآراءه‪.‬‬
‫‪-4‬دراسة توجهات ُ‬
‫‪)1‬‬
‫مزايا المسح االجتماعي‬
‫‪-1‬إمكاني ة تطبيق ه م ع مجتمع ات البحث الكب يرة على النقيض من غ يره من المن اهج مث ل المنهج‬
‫التجريبي‪.‬‬
‫‪-2‬تنفيذه وفقً ا لخطوات ُمحددة وبطريقة ُمنظمة وخضوعه لإلشراف والتنظيم بما يكفل الثقة بالبيانات‬
‫المجمعة وإ مكانية االعتماد عليها‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪-3‬إمكانية تدريب القائمين على جمع البيانات على استخدام أدوات البحث وجمع البيانات الالزمة‪.‬‬
‫المجمع ة بس هولة نظ ًرا ألن جميعه ا تن درج ض من إط ار ُمح دد‪،‬‬
‫‪-4‬إمكاني ة تص نيف وتنظيم البيان ات ُ‬
‫عالوة على سهولة تحليل هذه البيانات‪.‬‬
‫المجتمع أو على ُمجتمع‪  ‬أخر بنفس الدولة أو بدولة أخرى‪.‬‬‫‪-5‬إمكانية إعادة تطبيق البحث على نفس ُ‬
‫المتغ يرات ذات الص لة‬
‫‪-6‬س هولة ترم يز البيان ات الوص فية وتس جيلها على هيئ ة أرق ام‪ ،‬لتيس ير دراس ة ُ‬
‫بمشكلة البحث وفرضياته‪.‬‬
‫ُ‬
‫عيوب المسح االجتماعي‬
‫سواء عن عمد أو عن‬
‫ً‬ ‫‪-1‬قد ال ُيجيب أفراد عينة الدراسة عن أسئلة البحث بالكامل أو بصورة خاطئة‪،‬‬
‫غير عمد‪.‬‬
‫‪-2‬افتقاره للعمق وسطحية نتائجه‪ ،‬وبالتالي قد ال تعكس نتائج المسح الواقع الفعلي أو تفتقر إلى الدقة أو‬
‫تخالف توقعات الباحثين‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود عودة‪ :‬نظرية علم االجتماع دار المعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2003 ،‬ص ‪.320‬‬

‫‪44‬‬
‫‪-3‬ص عوبة االعتم اد على نت ائج المس ح‪ ،‬رغم تناول ه المس ح للج انبين النظ ري والعملي على ح د س واء‪،‬‬
‫إلصدار التعميمات وساعة المدى أو استنتاج النظريات العلمية‪ ،‬إال إذا كان هذا المسح في إطار برنامج‬
‫وينفذ بشكل دوري‪.‬‬‫طويل المدى ُ‬
‫‪-‬نظرا ألن المسح االجتماعي يعتمد على دراسة الواقع الحاضر‪ ،‬ال ُيمكن االعتماد عليه ببعض أنواع‬
‫‪ً 4‬‬
‫الدراسات مثل الدراسات التي تتناول تطور الظواهر االجتماعية‪.‬‬
‫‪-5‬قد ال يتمكن الباحث من الحصول على اإلجابات من كافة أفراد عينة البحث فضاًل عن إمكانية تحيز‬
‫القائمين على المسح‪ ،‬مما يؤثر بدوره على إمكانية تعميم النتائج‪.‬‬
‫المحددة بالبحث للحصول على معلومات دقيقة وثابتة‪.‬‬ ‫‪-6‬قد ال تكفي العينة ُ‬
‫‪-7‬يتطلب المسح االجتماعي الكثير من الوقت والجهد والموارد الفنية والبشرية التي يؤثر عدم وجودها‬
‫حتما على جودة نتائج المسح‪.‬‬
‫ً‬
‫‪-8‬يعتم د المس ح االجتم اعي في األس اس على تع اون أف راد عين ة الدراس ة‪ ،‬ل ذا ق د يض طر الب احث إلى‬
‫تقلي ل ع دد األس ئلة ح تى ال يتس بب ب أي إزع اج أو ض يق له ؤالء األف راد‪ ،‬وب ذلك تك ون البيان ات‬
‫المجمعة منقوصة‪ ،‬وال شك أن لذلك أثر سلبي على دقة النتائج وصحتها‪.‬‬‫والمعلومات ُ‬
‫ختام ا‪ ،‬ي وفر المس ح االجتم اعي قاع دة معلوم ات ُمفص لة ُيس تعان به ا ألغ راض التخطي ط والتنمي ة‬
‫ً‬
‫المجتمعي ة بمختل ف‬
‫المختلف ة للفئ ات ُ‬
‫المجتمعي ة ولتط وير السياس ات واالس تراتيجيات ولتلبي ة المتطلب ات ُ‬
‫ُ‬
‫أنواعها‪.‬‬

‫‪45‬‬

You might also like