Professional Documents
Culture Documents
وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــران
قسم الميكانيك
.تمهيد 1-
.تعريف علم النفس التربوي 2-
.الدافعية 10-
.مقدمة 11-1-
.تعريف المفهوم 11-2-
.االنتباه 12-3-
.الذكاء 12-4-
م حتوى هذا المقياس سنوي ،وهو موجه لطلبة السنة الثالثة في المدرسة العليا لألساتذة .مالحظة :
:تمهيد 1-
إن مقياس علم النفس التربوي هو من المقاييس التي تدرس إلى طلبة المدرسة العليا
لألساتذة في السـنة الثالثـة ،الـذين يحضـرون شـهادة أسـتاذ في التعليم المتوسـط أو التعليم الثـانوي وذلـك
إلعــدادهم في الجــانب الــتربوي البيــداغوجي ،مــوازاة مــع تكــوينهم في مــادة التخصــص مثــل الرياضــيات
الفيزي ــاء ،اإلعالم اآللي ،اللغ ــة العربي ــة ،اللغ ــة الفرنس ــية إلخ .فه ــو يم ــد الط ــالب األس ــتاذ بالمعلوم ــات
والمبادئ النفسية التربوية لكي يساعده في تحسين العمليـة التربويـة وفهم سـلوك المتعلم وتقــديم المعرفــة
لــه وتنميــة شخصــيته من مختلــف الجــوانب ليكــون متعلمــا ناجحــا يســتفيد من مجمــوع الخــبرات التعليميــة
التي يمر بها بأقصى طاقة ممكنة له .ولتحقيق ذلك فـإن الطـالب األسـتاذ يتلقى برنامجـا دراسـيا يتكـون من
عدة محاور بحيث يغطي كل محور جانبـا أو موضـوعا معينـا مثـل :أهــداف وأهميـة علم النفس الـتربوي ،
سيكولوجية التعلم ،نظريات التعلم ،الدافعية ،تعلم المفهوم والعمليات العقلية المعرفيـة وهي المواضـيع
التي سنعرضها في هذا الكتيب حتى نعرف القارئ بمحتويات هذا المقياس و علم النفس التربوي .
يعتبر علم النفس الـتربوي فـرع من فـروع علم النفس ،ولهـذا يجب تعريـف هـذا األخـير قبـل الكالم
عن علم النفس الـ ــتربوي .فعلم النفس يتنـ ــاول بالدراسـ ــة السـ ــلوك اإلنسـ ــاني ،ويقـ ــوم على البحث وفهم
الظــواهر النفســية بطريقــة علميــة ،ويتوصــل إلى المعــارف والمبــادئ والقــوانين الــتي تســتطيع تفســير وفهم
طبيعة السلوك اإلنساني في مختلف مجاالته .ويمكن أن نقدم في هذا الصــدد بعض التعــارف لعلم النفس
لعدد من الباحثين :المرجع
ا -تعريف " وود ورث ( )Wood Worthنكتب بالبنط 12في الفرنسية اسم كـل عـالم بين
" علم النفس هـ ـ ـ ـ ــو علم نشـ ـ ـ ـ ــاطات الفـ ـ ـ ـ ــرد " قوس ـ ـ ـ ــين
وتستعمل كلمة نشاطات بمعناها الواسع فهي تتضمن النشاطات الحركية مثل المشي والكالم ،وتتضــمن
كذلك النشاطات العقلية مثـل التـذكر والتفكـير والنســيان ،كمـا تشــمل النشــاطات االنفعاليـة مثـل الشــعور
بالسعادة أو الحزن او الغضب الخ (.عمر لعويرة )2007 ،
فالتع ــارف الثالث ــة تتف ــق على ك ــون علم النفس ي ــدرس الس ــلوك اإلنس ــاني ،أم ــا علم النفس ال ــتربوي
فقدتم تعريفه من طرف العديد من الباحثين :
ا " -إنه ذلك الميدان من ميادين علم النفس الذي يدرس سـلوك اإلنسـان في المواقـف التربويـة من
خالل تزويــدنا بالمعلومــات والمبــادئ والمفــاهيم الــتي تســاعد على فهم عمليــة التعلم والتعليم " " عــداس
وقطامي ".2003 :
ب" -إنه العلم الذي يدرس مشكالت العملية التربويـة وحلهــا من خالل مفــاهيم ومبـادئ علم النفس
المختلفة " ".ويتروك ."1992 :
وانطلقا من مختلـف هـذه التعـارف حـاول " عنـدنان يوسـف العثـوم وأخـرون "2011:إعطـاء تعريـف
شامل لعلم النفس الـتربوي والمتمثـل في أنـه " أحـد ميـادين علم النفس النظريـة والتطبيقيـة الـتي تسـعى إلى
االستفادة من المفاهيم والمبادئ النفسية ،وتسخيرها لفهم وتوجيه عملية التعلم والتعليم نحــوى األفضــل
" وعلم النفس الـتربوي هـو حلقـة الوصـل بين التربيـة وعلم النفس بفروعهمـا واهتماماتهمـا الواسـعة ولهـذا
تعددت مجاالته ومواضيعه .
-2-1مجاالته :
يهتم علم النفس التربوي بدراسـة مختلـف األسـاليب والطـرق المتعلقـة بالتربيـة والتعليم ،ولهـذا فهـو
يعتمد على مختلف النظريات والقــوانين الســيكولوجية الــتي تم التوصــل إليهــا من خالل البحث في مظــاهر
النمــو والتعلم ،إلعــداد وتحديــد الطــرق و المنــاهج المالئمــة للقيــام بعمليــات التربيــة والتعليم والتعلم في
مختلـ ــف المسـ ــتويات وخاصـ ــة في مرحلـ ــتي الطفولـ ــة والمراهقـ ــة،وفي هـ ــذا الصـ ــدد لقـ ــد حـ ــدد " سـ ــفرت
وكلفين " 1991 :أربعة مجاالت تطبيقية رئيسية لعلم النفس التربوي وهي كتالي :
رقم الجدول عنوانه و المرجع في األسفل
الموضوع المجال
-الجسدي -األخالقي -المعرفي التطور
-االنفعالي -االجتماعي -اللغوي والنمو
-تعليم التفكير -إدارة الصف وضبطه -التخطيط الصفي التعلم
-نظريات التعلم ( السلوكية واالجتماعية والمعرفية واإلنسانية ) والتعليم
-دور الدافعية في التعلم ووظائفها الدافعية
-نظريات الدافعية ( اإلنسانية واالجتماعية والمعرفية والتحليلية ) للتعلم
-االختبارات النهائية التقويم
-االختبارات اليومية والوجبات
-التغذية الراجعة للمعلمين واألسرة
2-2مواضعه :
إن علم النفس التربوي يعالج ويدرس مواضيع متعددة يمكن أن نذكر منها :
ا -معرفـ ــة خصـ ــائص نم ــو الطفـ ــل والمراهـ ــق وص ــفاته المم ــيزة في ك ــل مرحلـ ــة من مراح ــل نم ــوه ،
واس ــتخدمها عن ــد وض ــع المن ــاهج وال ــبرامج بحيث يك ــون محتواه ــا يناس ــب مرحلت ــه العمري ــة ،و يتألم
وقدراته العقلية المعرفية (اكتمال النضج الجسمي والعقلي والقدرة على الفهم واالستجابة ) .
ب -التعـرف على دوافـع سـلوك األطفـال في الوسـط الـتربوي ،ووسـائل وطـرق تحفـيزهم وتحسـين
إقبالهم على التعلم ( عامل الرغبة وتشويق ) .
ج -التنظيم الجيد الستعمال الزمن المدرسي ،وذلك من خالل التوزيع المدروس واألنسب لفترات
العمل المدرسي و الراحة ،تفاديا إلجهاد التالميذ وشعورهم بالتعب أو الملل .
د -وضع األسس والمعـايير الـتي تعتمـد في توزيـع التالميـذ داخـل المحيـط الـتربوي إلى مجموعـات
متجانسة من حيث الذكاء العام أو بعض القدرات الخاصة.
ه -بحث مشـ ـ ــكالت التالميـ ـ ــذ النفسـ ـ ــية ،والـ ـ ــتي يمكن أن تـ ـ ــؤثر على سـ ـ ــلوكهم الدراسـ ـ ــي مثـ ـ ــل
االضطرابات المزاجية أو الخلقية أو التأخر الدراسي .
و -تحليــل المــواد الدراســية إلى جزئياتهــا لمعرفــة القــدرات العقليــة الــتي يتطلبهــا تــدريس كــل مــادة
ومس ــتوى النض ــج الجس ــمي والعقلي الالزم له ــا ،ألن وج ــود ف ــروق فردي ــة بين التالمي ــذ يجع ــل ق ــدراتهم
الدراسية تختلف (دراسات نظرية ،دراسات تطبيقية ،مهنية ،فنية ) .
ي -تحليـ ــل ودراسـ ــة العالقـ ــات االجتماعيـ ــة بين أفـ ــراد المؤسسـ ــة التربويـ ــة وتأثيرهـ ــا على العمـ ــل
المدرسي ومسيرة التلميذ في المدرسة والمتمثلة في نجاحه أو فشله في حياته التعليمية.
ن -دراســة ســيكولوجية التعلم من حيث قوانينــه وأنواعــه ونظرياتــه والعوامــل المســاعدة على ســرعة
حدوث التعلم ،وأيضا تكوين العادات واالتجاهات النفسية الصحيحة و الصالحة.
و انطلقا من هذه المجاالت والمواضيع فإن علم النفس التربوي يسعى لتحقيق جملة من األهداف .
يهدف هذا العلم إلى تحقيق مجموعة من األهداف والتي تتمثل في األتي :
ا -تط ــبيق ق ــوانين ومب ــادئ ونظري ــات علم النفس ،وك ــل نت ــائج البح ــوث الس ــيكولوجية في مي ــدان
التربية والتعليم .
ب -الكشف عن خصائص النمو في مختلـف المراحـل العمريـة وخاصـة مرحلـتي الطفولـة والمراهقـة
واالستفادة منها في إنجاز المناهج الدراسية ومحتويات المواد بما يناسب كل مرحلة .
ج -البحث في المش ــاكل التربوي ــة والدراس ــية وإيج ــاد الحل ــول له ــا للمس ــاهمة في تحقي ــق التكي ــف
والنجاح للتالميذ والمدرسين .
د -جعـ ــل المدرسـ ــين يفهمـ ــون أحسـ ــن نفسـ ــيات المتعلمين ودوافعهم السـ ــلوكية ،ويتعرفـ ــون على
إمكانيــاتهم وقــدراتهم الجســمية والنفســية والفكريــة ،وذلــك من خالل تزويــدهم بالمعــارف الســيكولوجية
( نظريات ،قوانين ،مبادئ نفسية ) مما يمكنهم من النجاح في مهامهم التعليمية .
ه -تمكين السلطة التربويـة من التكـوين الجيـد للمدرسـين مسـتعينة في ذلـك باألخصـائيين ومدرسـي
علم النفس لتفعيل دورهم وتحسين المردود التربوي للمدرسة .المرجع
-4أهمية وفوائد علم النفس بالنسبة للمدرس:
إن لعلم النفس ال ـ ــتربوي أث ـ ــرا في الحي ـ ــاة المهني ـ ــة والعملي ـ ــة للم ـ ــدرس حيث أن ـ ــه ي ـ ــزوده ب ـ ــالقوانين
والنظريات والمبادئ النفسية والمعلومات النظرية والتطبيقية التي تساعد في التعامل مع المتعلمين وتســير
العملية التعليمية التعلمية داخل القسم الدراسي والتي نذكر منها :
ج -العمليات العقلية المعرفية مثل التذكر والنسيان ،االنتباه ،اإلحساس ،و اإلدراك ،الذكاء .
بحيث أن المعلم يصبح قادرا من خالل توظيـف هــذه المعطيـات ومــا تتضــمنه من معلومــات ومعــارف
على :
-2الكشف عن دوافع التعلم عند تالميذه واستخدامها واالستفادة منها في تحقيق التعلم الجيد .
-3معرفة نظريات التعلم واالستفادة منها ،وتطبيقها بما يناسب واقع أقسامه وإمكانيات تالميذه .
-4مراعاة العمليات العقلية المعرفية أثناء التدريس واعتمادها في جميع األنشطة مثل :
-5مراعاة مبـدأ الفـروق الفرديـة بين التالميـذ مثـل الفـروق في الـذكاء ،و أخـدها بعين االعتبـار في
تقـ ــديم الـ ــدروس وشـ ــرحها ،وفي برمجـ ــة حصـ ــص االسـ ــتدراك والـ ــدعم ممـ ــا يتطلب توزيـ ــع التالميـ ــذ إلى
مجموعات متجانسة .
-6اختيار األوقات المناسبة لبرمجة العمليات التعليمية ،وإعطاء التمارين وتقــويم أعمــال ونشــاطات
التالميذ .
-7اختيــار أنســب األنشــطة وأنســب الوســائل التعليميــة لتحقيــق التعلم الجيــد ،وتمكين التالميــذ من
الفهم واالستيعاب الجيد .المرجع
إن المعرفــة النفســية والعلميــة في جميــع مجــاالت علم النفس تكمــل بعضــها البعض ،فهي متداخلــة
وتراكمية عبر تاريخ هذا العلم .فعلم النفس الـتربوي يأخـذ من جميـع فـروع علم النفس األخـرى ،حيث
يس ــتفيد من النظري ــات والمب ــادئ والق ــوانين والمع ــارف المت ــوفرة في علم النفس التط ــوري و االجتم ــاعي
والتجريبي والقياس و اإلرشاد والتوجيه ،المعرفي ،العالجي والفســيولوجي .فلقــد أشــار المختصــون في
علم النفس ال ــتربوي إلى ض ــرورة فهم الس ــلوك ال ــتربوي في إط ــار نم ــائي واجتم ــاعي ومع ــرفي وإرش ــادي
وبالمقابل فإن فروع علم النفس األخــرى تســتفيد من المبـادئ والمفــاهيم الـواردة في علم النفس الـتربوي
وباألخص في مجاالت التعلم و الدافعية والذكاء والعمليات العقلية المعرفية ،وحــل المشــكالت ،وتعلم
المفهوم وغيرها ،والتي تمكن من فهم وتفسير وتوجيه السلوك.
وله ــذا ف ــإن " غ ــودوين وكالس ــمير " " يري ــان أن علم النفس ال ــتربوي من خالل عالقت ــه بف ــروع علم
النفس والعلوم التربوية يشكل منظومة تربويـة متكاملــة من العالقــات المنظمـة والتفــاعالت الدينامكيـة الـتي
تساعد الدارس أو المدرس على التعامل مع عملية التعلم والتعليم بفعاليــة ( ".عــدنان يوســف و آخــرون ،
.)2011
-النفس :هــو الحــيز االفتراضــي الــذي يضــم كثــيرا من المكونــات الداخليــة الشــعورية أوال شــعورية
والتي تتسبب في حدوث السلوك.
التربية :تسـعى إلى إحـداث تغيـيرات مرغـوب فيهـا في سـلوك الفـرد من أجـل إحـداث تطـور متكامـل
للشخصية في جميع جوانبها ( الجسمية ،العقلية ،االجتماعية ،االنفعالية ) وهي عملية منظمة .
التعليم:االستراتجيات التي يتبعها المدرس من أجل إيصال وشرح وتوضيح المادة التعليمية للدارس.
التعلم :عمليـة عقليـة داخليـة نسـتدل على حـدوثها عن طريـق أثارهـا أو النتـائج الـتي تظهـر من عمليـة
التعلم وتكون في صورة تعديل وتغيير يطـرأ على السـلوك اإلنسـاني سـواء أكـان انفعاليـا مثـل اكتسـاب قيم
اتجاهــات ،عواطــف ،ميــول جديــدة ،أو عقليــا مثــل اكتســاب المعلومــات والمهــارات واالســتعانة بهــا في
التفكــير في مواقــف حقيقيــة لغــرض الوصــول إلى هــدف أو حــل المشــكالت (.محمــد جاســم العبيــدي ،
. )2009
يتوقف استمرار حياة اإلنسان على مدى تمكنه من إشباع حاجاته األساسية من خالل تعامله وتفاعلــه
م ــع عناص ــر الع ــالم الخ ــارجي ،وتكيف ــه الس ــوي م ــع ش ــروط البيئ ــة الطبيعي ــة واالجتماعي ــة ،وقدرت ــه على
االس ــتجابة لمتطلب ــات حيات ــه الذاتي ــة وظروف ــه الداخلي ــة ،مم ــا يس ــتوجب التع ــرف على مكون ــات الع ــالم
الخــارجي ،فــالتعلم ضــروري لحيــاة اإلنســان وتطــوره نحــو األفضــل ،وضــروري للمجتمعــات حــتى تعــرف
الخ ــبرات والمع ــارف لألجي ــال الس ــابقة،وتس ــتفيد منه ــا وتثريه ــا وتبليغه ــا إلى األجي ــال القادم ــة عن طري ــق
التعليم والتعلم .
- 7-1تعريف التعلم:
ال يوجـد تعريـف شـامل وموحـد لظـاهرة التعلم ،وقــد يرجـع سـبب ذلـك إلى تنـوع العمليـات الذهنيـة
والسـلوكية الـتي يتضـمنها مفهـوم التعلم وتـداخلها وتعـددها واسـتمرار اإلنسـان في ممارسـتها مـدى الحيـاة
حيث عرفــه "جيتس " مثال بأنــه " عمليــة اكتســاب الطــرق والوســائل الــتي تســاعد على إشــباع الحاجــات
وتحقيق األهداف ويتم ذلك في صورة حل المشكالت ".
أما " جيلفورد " " فيعرف التعلم بأنه أي تغيير في السلوك يحدث نتيجة استثارة « .المرجع
أما "وود وورث " فيقول " أن التعلم هو نشاط الفرد الذي يؤثر في نشاطه المقبل " .المرجع
المالحظ مما سبق أن كل التعارف ركزت على تغير السلوك الذي تتضمنه عمليــة التعلم في حين أن
هــذا األخــير يعتــبر نتيجــة للتعلم وليس التعلم ذاتــه ،ألن تعلم الفــرد لخــبرات جديــدة يجعلــه يغــير أنماطــه
السلوكية واستجاباته للمثيرات المختلفة .
ولهــذا يمكن تعريــف التعلم " :بأنــه يتمثــل أساســا في عمليــة اكتســاب الخــبرات والمعــارف الذهنيــة
والمهارات الحركية الجديدة بمختلف الطرق والوسائل ،حيث يتمكن الفرد من خاللها من فهم مكوناته
الذاتيـ ــة و إدراك المزيـ ــد من مظـ ــاهر المحيـ ــط الطـ ــبيعي واالجتمـ ــاعي الـ ــذي يعيش فيـ ــه وتحسـ ــين أنماطـ ــه
السلوكية قصد إشباع حاجاته المختلفة بأفضل الطرق والوسائل "( .دراسات في علوم النفس).
-7-2أنواع التعلم :
ا -التعلم المقصود :الذي يتم بطريقة منظمة ،حيث تكون أهدافــه محــددة ،والخــبرات والمعــارف
التي يرمي إلى اكتسابها متوقعة .
ب -التعلم التلقــائي المباشــر :وهي كــل الخــبرات والمعــارف والمهــارات الســلوكية الــتي يكتســبها
اإلنسان من خالل تفاعله مع عناصر البيئة المادية واالجتماعية الــتي ينشــأ ويعيش فيهــا وتعاملــه مــع عناصــر
العالم الخارجي دون تحضير أو إعداد منظم ومقصود الكتساب خبرات معينة .
وعمليات التعلم تالزم مختلف مراحل حياة اإلنسان الــذي يســتمر في اكتســاب الخــبرات والمعــارف
الجديـدة مــادام حيـا ،حيث أن للتعلم أثـرا كبـيرا في كـل مجـال من مجـاالت النمـو ،الجســمي والحـركي
والعقلي واللغوي ويأخذ صورا متعددة نذكر منها :
-تعلم لفظي يه ــدف إلى اكتس ــاب س ــلوك يغلب في ــه النش ــاط اللفظي كع ــادة النط ــق الص ــحيح أثن ــاء
القراءة مثال.
-تعلم حركي هدفه اكتساب مهارات حركية يغلب فيها النشــاط الحــركي ،الرياضــة ،الكتابــة على
جهاز اإلعالم اآللي .
-تعلم وجداني و انفعالي ينجم عنه اكتساب العواطف واالتجاهات والدوافع الجديدة .المرجع
ا -النض ــج :يتمث ــل في مختل ــف مظ ــاهر النم ــو الجس ــمي والعقلي إض ــافة إلى االس ــتعدادات الوراثي ــة
وعمليــات النمــو االجتماعيــة ،والــتي تهــيئ الفــرد وتجعلــه قــادرا على تعلم الخــبرات واألنمــاط الســلوكية
المناســبة الــتي تمكنــه من التفاعــل مــع شــروط العــالم الخــارجي بشــكل ســوي ،وإشــباع مختلــف حاجاتــه
بكيفية مالئمة ،فمراحل النضج ودرجاته تحدد قابلية الشخص لتعلم خبرات معينة .
إن علماء النفس يؤكدون أن كل تعلم يقوم على دوافع ،فال تعلم دون وجود دافع ،وكلمــا كــان
الدافع قويا كلما ازددت فعالية التعلم ،كما أن القدرة والفرصة المتاحــة ال تكفيــان لوحــدهما إذا لم يكن
لدى المتعلم ما يدفعه إلى التعلم ( مثال :كالب بافلوف ) .
والدوافع تكون إما في شكل حاجـات داخليـة نفســية أو بيولوجيـة ،أو مثـيرات خارجيـة وتســاهم في
حل المشكل عندما يكون الفرد أمام موقف جديد غير مألوف .
ج-تنظيم المــادة المــراد تعلمهــا أو تعليمهــا ،وتــرتيب أجزائهــا وأقســامها ،وتبســيط شــرحها بالكيفيــة
التي تساعد على توضيح معانيها وفهم محتواها ،وحفظها وتذكرها عند الحاجة .
د -تنظيم أساليب التعلم بشكل يحدث الرغبة والتشويق لدى الشخص المعني بعملية التعلم .
ذ -تـ ــدعيم عمليـ ــات التعلم بالمكافـ ــأة والتشـ ــجيع على النجـ ــاح في اكتسـ ــاب الخـ ــبرات المقصـ ــودة
وحفظها وتذكرها .
ن -تهيئــة الظــروف الــتي تقــام فيهــا عمليــات التعلم بشــكل مــريح ومالئم ،يتضــمن مختلــف الوســائل
الالزمة لتسهيل عملية التعلم .
ه -توفر الفرد على درجـة الـذكاء الالزمـة لعمليـة التعلم حـتى يكـون قـادرا على إدراك طبيعـة المـادة
المراد تعلمها ويستطيع حفظها وتذكرها .
و -توفر االهتمام الكافي لدى الفرد بالمادة موضوع التعلم .
ي -تمتع الفرد بالصحة الجسمية والعقلية واالستعداد النفسي الكامل للقيام بعملية التعلم
واستيعاب مضمونها .المرجع
-تكوين االتجاهات النفسية (.صالح محمد علي أبو جادو . )152 ،
اهتم الكثـ ــير من علمـ ــاء النفس بدراسـ ــة عمليـ ــة التعلم ومحاولـ ــة تفسـ ــيرها والتوصـ ــل إلى مكوناتهـ ــا
وعملياتهــا حيث أن هنــاك العديــد من النظريــات الــتي توصــلت عن طريــق البحث والتجــريب إلى عــدد من
المبادئ تفسر عملية التعلم نذكر منها :
ا -التعلم الشرطي هو ارتباط مثير طبيعي بمثير اصطناعي جديد تنتج عنهما قدرة على إثارة الســلوك
وهذا ما بينته تجارب العالم الفسيولوجي الروسي " ايفان بافلوف " الذي اهتم بدراسة عملية الهضم عنــد
مجموعة من الكالب ،فالحظ أن الكلب يسيل لعابه حين يوضع الطعام (قطعة لحم) في فمه ،مما جعله
يج ــري تج ــارب جدي ــدة مخالف ــة للتج ــارب الس ــابقة وال ــتي أح ــدثت تغ ــيرا كب ــيرا في علم النفس الح ــديث
وخاص ــة في النظ ــرة إلى عملي ــة التعلم وتفس ــيرها ،فالطع ــام فع ــل منعكس ط ــبيعي يح ــدث اس ــتجابة لمنب ــه
حســي ،ثم الحــظ بــافلوف " أن الكلب يســيل لعبــه أيضــا لمجــرد رؤيتــه للطعــام أو رؤيتــه للشــخص الــذي
يقدم له الطعام أو لمجرد سماع وقع أقدام وخطـوات هــذا الشــخص ،أي أن لعــاب الكلب يســيل قبـل أن
يوضع الطعام في فمه ،وقد أطلق "بافلوف " على هذا اإلفراز اإلفراز النفسي .
وأجــرى تبعــا لــذلك سلســلة من التجــارب ،حيث كــان يجيء بكلب فيثبتــه على مائــدة التجــارب ثم
يضع على لسانه مقدار من مسـحوق اللحم المجفـف فيسـيل لعابـه بطبيعـة الحـال ،بعـد ذلـك يقـرع جرسـا
يسمعه الحيوان قبل أن يضع المسـحوق في فمـه مباشـرة ببضـعة ثـواني ،ويعيـد التجربـة عـدة مـرات فكـان
مجرد قرع الجرس يكفي إلفراز اللعاب .
وأعاد التجربة مستبدال قرع الجـرس بإضـاءة مصـباح أمـام الحيـوان ،وكـذلك بتعـريض سـاقه لصـدمة
كهربائي ــة خفيف ــة قب ــل أن يعطي ــه المس ــحوق مباش ــرة ،فالح ــظ ب ــأن ه ــذه المث ــيرات كله ــا تث ــير االس ــتجابة
المتمثلـة في إفـراز اللعـاب وذلـك القترانهـا بـالمثير الطـبيعي ،فـأطلق عليهـا اسـم المثـيرات الشـرطية وعلى
االستجابة لهذه المثيرات اسم الفعل المنعكس الشرطي ألنه يحدث بشروط :
-االقتران الزمني للمثير الجديد بالمثير الطبيعي اقترانا مباشرا بحيث تكون الفترة بينهما وجيزة
جدا.
بعدما تأكد لذا "بافلوف " أن الحيوان قد تعلم ألنه يستجيب بإفراز اللعــاب لمثــيرات بديلــة رمزيــة جديــدة
ليس بينهــا وبين المثــيرات الطبيعيــة عالقــة منطقيــة ،انتهى إلى عــدد من القــوانين تفســر جــوانب كثــيرة من
:عملية التعلم وتكوين العادات عند اإلنسان ومن أهمها
ق ــانون تك ــرار الم ــرة الواح ــدة : :ك ــان " ب ــافلوف " يعتق ــد أن التك ــرار يق ــوي الرواب ــط بين المث ــيرات 1-
و االســتجابات ويســهل حــدوثها ،فــأداء عمــل عــدة مــرات يســهل أداءه في المــرات الالحقــة ،فكــان في
تجاربه األولى يكرر ربط المثير الطبيعي عدة مرات قد تفوق المئة ،غير أنه الحظ في تجــارب أخــرى أن
االستجابة الشرطية قد تحدث من فعل المثير الشرطي مرة واحدة ،بل لقــد اســتطاع " وطســن" أن يجعــل
.الولد يخاف األرنب من مرة واحدة
قانون التدعيم :المقصود من التدعيم عند "بافلوف " تقوية الروابط بين المثير الشرطي واالستجابة 2-
الش ــرطية ،والــذي يــدعم ويق ــوي االس ــتجابة ه ــو اق ــتران المثــير الطــبيعي بــالمثير الش ــرطي ،حيث الحــظ
" بافلوف " أن االستجابة الشرطية ال تتكون إال إذا اقترن المثير الطــبيعي بــالمثير الشــرطي مباشــرة مــرات
متتاليــة ولعــدة أيــام ،والتــدعيم في هــذه الحالــة ينشــأ من إشــباع دافــع الجــوع عنــد الحيــوان .فكــان تقــديم
.الطعام (قطعة اللحم ) بمثابة مكافأة ونوعا من الثواب لقاء استجابته لليوم الموالي
قـانون االنطفـاء :إن المثـير الشـرطي إذا تكـرر ظهـوره دون أن يتبعـه المثـير الطـبيعي من حين ألخـر 3- ،
أي دون تدعيم تتضاءل االستجابة الشرطية الثابتة بالتدريج حــتى تــزول وتنطفئ كليــة .فكلب "بــافلوف "
الذي تعود أن يسيل لعابه عند سماعه جرسا يتوقف عن ذلك إذا سمع الجرس مرات كثيرة دون أن يقدم
لــه الطعــام ،وقــد يعتــبر انطفــاء االســتجابة في حــاالت أخــرى نــوع من التعلم ،أي تعلم الكــف عن القيــام
.بعمل ال يقترن بتدعيم
قانون تعميم المثيرات :الحظ "بافلوف " أن الكالب في أول األمر تستجيب بـإفراز اللعــاب لجميـع 4-
المثــيرات الــتي تشــبه المثــير الشــرطي في بعض األوجــه ،فــالكلب الــذي تعلم أن يســيل لعابــه عنــد ســماع
الجرس ،قد يسيل لعابه عند سماع نغمات تقـترب من نغمـة الجـرس ، ،وكلمـا زاد التشـابه والتقـارب بين
المثير الشرطي والمثير األصلي زادت قوة االســتجابة الشــرطية وكــانت أكــثر بقــاء .ويتلخص قــانون تعميم
المث ــيرات في انتق ــال أث ــر المث ــير أو الموق ــف إلى المث ــيرات أو مواق ــف أخ ــرى تش ــبهه ،فمن لدغ ــة ثعب ــان
يخاف من رؤية الحبل الشبيه بالثعبان ،وهذا يعني أن العادات التي اكتسبنها في موقــف معين يميــل أثرهــا
إلى أن ينتقــل إلى مواقــف أخــرى شــبيهة بــالموقف األول ،وكلمــا زاد التشــابه كــان احتمــال انتقــال األثــر
.كبيرا
- 5قانون التميز :التميز والتفرقة بين المثير األصلي والمثيرات األخرى الشبيهة به نتيجة تدعيم
المثير األصلي وعدم تدعيم المثيرات الشبيهة به ،ويبدو أثر هذا القانون في مظاهر كثيرة حيث لوحظ
أن أحد الكلب قد تعلم أن يميز بين نغمات ترددها 800و 815و 830ذبذبة في الثانية ،إذ أصبح
يستجيب فقط للمثير الذي نال التدعيم للنغمة التي ترددها 815ذبذبة في الثانية ،وكذلك الحال
للطفل الصغير الذي يسمي كل رجل يراه "بابا " لكنه بفضل التدعيم من البيئة ال يلبث أن يصحح هذا
التعميم وال يطلق هذا اللفظ إال على أبيه فقط ،فالطفل يعمم أوال ثم يميز األشياء تدريجيا .المرجع
:نظرية المحاولة و الخطأ 8-1-2-
هذا التعلم هو نوع عام من التعلم المقصود أو غير المقصود يستخدمه اإلنسان والحيوان عندما تعوزهمــا
الخبرة والذكاء لحـل مشـكلة مـا ،فـالفرد يسـتجيب للمعـالم العامـة للموقـف بمحـاوالت عشـوائية مختلفـة
ومتنوعــة تم تــزول االســتجابات الفاشــلة تــدريجيا وتثبت االســتجابات الناجحــة حــتى يقــع الفــرد على الحــل
.مصادفة .ويعتبر العالم " تورندايك " صاحب هذه النظرية
ا -أعم ــال " تورن ــدايك " ( : )1939 -1874يعت ــبر من أهم الب ــاحثين في ه ــذا المج ــال ومن األوائ ــل
الــذين أدخلــوا المنهج التجريــبي على دراســة ســلوك الحيــوان ،حيث أجــرى تجــارب عديــدة على أنــواع
مختلفــة من الحيوانــات اعتقــادا منــه أن نتائجهــا تنطبــق على اإلنســان الــذي ال يختلــف عن الحيــوان إال في
الدرج ــة ومنه ــا القط ــط ،الكالب ،األس ــماك والق ــردة بقص ــد دراس ــة ق ــدراتها على التعلم ،فمن تجارب ــه
المشــهورة وضــع قــط جــائع في قفص ال يمكن فتح بابــه إال بضــغط على لوحــة خشــب ،ثم إغــراؤه بقطعــة
.من السمك خارج القفص
الحظ "تورندايك " في هذه التجربة األولى أن القط تتغير حالتــه ويصــبح عنيفــا متهيجــا ومضــطربا ،يعض
قضبان القفص كما يحـاول إقحـام جسـده بينهـا ،ويـأتي بحركـات عشـوائية فاشـلة ويسـتمر في ذلـك حـتى
تمس مخالبه أو أجـزاء من جسـمه لوحـة الخشـب فيفتح البـاب ،ثم ينـدفع القـط إلى الخـارج ليأخـذ قطعـة
الســمك ،وكــان "تورنــدايك " يســجل الــزمن الــذي يمضــيه القــط في محاوالتــه الثانيــة والثالثــة ثم الرابعــة
وهكذا حتى يستطيع الحيوان تعلم فتح الباب ،أي الخروج من القفص بمجرد وضـعه دون محـاوالت أو
أخطــاء وهنــا يقــول " أن القــط اكتســب عــادة فتح البــاب ،أي الوصــول إلى هدفــه دون محــاوالت " حيث
:تقود نتائج التجربة السابقة إلى المالحظات التالية
.إن الحيوان يميل إلى تكرار السلوك الذي سبق أن وصل عن طريقه إلى الهدف 2-
.إن الفترة الزمنية التي يستغرقها الحيوان تقل تدريجيا في كل محاولة جديدة 3-
إن الحركات العشوائية الفاشلة هي األخرى تقل تدريجيا إلى أن تختفي ،بينما الحركات الناجحة 4-
.تزداد تدريجيا إلى أن تبقى الحركة الوحيدة الناجحة (.محمد جاسم العبيدي ،السنة )119 :
ثم بعد ذلك أخد يتساءل هل يتعلم الحيوان عن طريق التفكير أم عن طريق التخبط األعمى الذي ال يقــوم
على المالحظـ ــة والفهم وإدراك العالقـ ــات ؟ ومـ ــا لبث "تورنـ ــدايك " حـ ــتى اسـ ــتبعد الفـ ــرض األول ،ألن
منحني ــات التعلم وج ــدها ت ــدل على تحس ــن ت ــدريجي غ ــير منتظم ،وال تش ــير إلى أن الحي ــوان ق ــد انتق ــل
انتقــاال فجائيــا من حالــة الجهــل والتخبــط إلى معرفــة حــل المشــكلة .فلــو كــان كــذلك يقــول "تورنــدايك "
الستطاع الحيوان حـل المشـكلة بسـرعة حين تعـاد التجربـة ،ثم توصـل بالحجـة إلى أن الحيـوان ال يتعلم
عن طريق المالحظة والتفكير ،بل عن طريق التخبط الحركي األعمى الذي تــزول فيــه الحركــات الفاشــلة
بطريقة آلية تدرجية وتثبت الحركات الناجحة حتى يأتي الحل مصــادفة ،وســمى "تورنــدايك " هــذا التعلم
.اإلنساني والحيواني بالتعلم بالمحاولة والخطأ
ب -قــوانين "تورنــدايك " :لقــد توصــل من خالل تجاربــه على الحيوانــات إلى بعض القــوانين الــتي تفســر
:عملية التعلم بالمحاولة والخطأ ومنها
قــانون التكــرار :توصــل إلى أن عامــل التكــرار ال يفســر عمليــة التعلم كمــا كــان يعتقــد ،بــل الحيــوان 1-
يك ــرر الحرك ــات الخاطئ ــة أك ــثر بكث ــير من الحرك ــات الناجح ــة ،وال ــذي يثبت ه ــو الحرك ــات الناجح ــة ،
فأستنتج من ذلك أن التكرار وحده ال قيمة له ،وأن التعلم ال بد أن يعتمـد على عامـل أخـر يقـوي الرابطـة
.في حالة النجاح ويضعفها في حالة الفشل وهو ما سماه بقانون األثر
قــانون األثــر :اتضــح "لتورنــدايك" أن الحيــوان يميــل إلى تكــرار الســلوك الــذي يتبعــه ثــواب ،وتــرك 2-
الســلوك الــذي يتبعــه عقــاب ،فاالســتجابة الناجحــة في موقــف معين تقــود إلى حالــة الرضــا واالرتيــاح ممــا
يق ــوي الرابط ــة بين المث ــير واالس ــتجابة الناجح ــة وبت ــالي تثبت ويتم ت ــذكرها حين يتك ــرر الموق ــف ،أم ــا
االستجابة الفاشلة فتقرن بعـدم الرضـا واالرتيـاح ،األمـر الـذي يقلـل من احتمـال حـدوثها .وهكـذا توصـل
إلى هــذا القــانون الــذي يعتمــد أساســا على أن الثــواب يحمــل الفــرد على تكــرار مــا أثيب عليــه ألنــه يقــوي
الرابطة بين المثير واالستجابة دائما ،غير أن هذا ال يعني أن العقــاب ال أثــر لــه في التعلم على اإلطالق ،
فالطفل الذي لسعه موقـد النـار يتعلم تجنبـه كلمـا تكـرر الموقـف ،أي يـنزع إلى تـرك السـلوك الـذي يتبعـه
.عقاب
ومما سبق نستخلص أن "تورندايك " يعتبر أن الثواب والعقاب يقومان بدور جوهري في التعلم
المرجع وذلك بتشجيع االستجابة المرغوبة وإثابتها واستهجان االستجابة غير المرغوبة وعقابها .
ا -السلوك االستجابي :يتمثل في أنماط االستجابات التي تحـددها بـل تحـدثها المثـيرات القبليـة المنبهـة
لهـ ــا وتسـ ــمى العالقـ ــة بينهمـ ــا باالنعكـ ــاس ،مثـ ــال :إغمـ ــاض العين عنـ ــد تعرضـ ــها لنفحـ ــة الهـ ــواء ( سـ ــلوك
استجابي ).
ب -الســلوك اإلجــرائي :يتكــون من االســتجابات المنبعثــة أو اإلجــراءات الــتي تصــدر عن العضــوية على
نحــو تلقــائي دون أن تكــون محكومــة أو محــددة بمثــيرات معينــة ،وتقــاس قــوة اإلشــراط اإلجــرائي بمعــدل
االســتجابة أي بعــدد مــرات تكرارهــا وليس بقــوة المثــير الــذي يحــدثها .والســلوك اإلجــرائي يعــرف بآثــاره
على البيئــة وليس عن طريــق مثــيرات قبليــة تحدثــه مثــل قيــادة الســيارة أو ركــوب الدراجــة أو المشــي على
األقدام بهدف الوصول إلى مكان ما (.صالح محمد علي أبو جادو ،السنة . ) 174 :
لقد أجر" سكنير " تجاربه على بعض الحيوانات مثل الطيور والقردة والفئران وكذلك األطفـال من البشـر
حيث توصل إلى ارتباط بعض التصرفات التي يقوم بهـا الحيـوان أو اإلنسـان ويتمكن بواسـطتها من إشـباع
حاج ــات معين ــة ح ــتى ل ــو تمت ه ــذه الس ــلوكات بطريق ــة عش ــوائية .ونتيج ــة له ــذا االق ــتران بين األنم ــاط
السـ ــلوكية وإش ــباع حاج ــات معين ــة ومليح ــة يصـ ــبح الحي ــوان أو اإلنسـ ــان يمي ــل إلى تك ــرار القي ــام بهـ ــذه
التصرفات السلوكية في المستقبل لتحقيق المزيد من اإلشباع ،حيث يتعلم الفرد من ذلك مثال أن القيام
بأنماط سلوكية معينة يؤدي إلى إشباع حاجات معينة .
ويـرى " سـكنير " أن التعزيـز هي العمليـة الـتي تعمـل على تقويـة االسـتجابة وزيـادة معـدلها أو جعلهـا أكـثر
احتمالية للحدوث ،أو هو مثيرات بيئيـة تـأتي بعـد السـلوك وتزيـد من احتماليـة تكـراره ،مثـال ذلـك مـدح
المدرس للتلميذ الذي يجيب على سؤال بشكل صحيح .
ا -لقد قام "كوهلر " أحد علماء مدرسة الجشطالت بتجربة على قرد شمبانزي ،فوضعه في قفص وعلق
في سقفه حبـة مـوز بحيث يراهـا الحيـوان وال يتمكن من الوصـول إليهـا و أخـذها باسـتعمال اليـدين فقـط ،
في حين وض ــع "ك ــوهلر" في أح ــد الج ــوانب داخ ــل القفص ص ــندوقا يمكن الق ــرد من الوص ــول إلى حب ــة
المــوز إذا تفطن لوجــوده واســتعمله ،فالحــظ أثنــاء التجربــة أن الشــمبانزي عنــدما رأى حبــة المــوز حــاول
أخذها بيده لكنه لم يستطيع فاستخدم القفز لكنـه فشـل أيضـا ،فأخـذ ينتقـل داخـل القفص حـتى انتبـه إلى
وجود الصندوق فجدبه إلى المكان المالئم وصعد عليه وأخذ حبة الموز .
وعنـد إعـادة التجربـة فــإن الشــمبانزي يســتعمل مباشـرة الصــندوق دون تـردد أو البحث عن وسـيلة أخـرى
فاسـتخلص "كـوهلر " أن الشـمبانزي تعلم كيفيـة الوصـول إلى المـوزة عن طريـق إدراك العالقــة بينهـا وبين
الصندوق وليس بطريقة عشــوائية .فهــذه النظريـة تـرى أن التعلم يتم عن طريـق االستبصــار بـادراك العالقــة
بين عناصر الموقف ،و التي تتم عن طريق تنظيم عناصر الموقف باالستعانة بــالخبرات الســابقة ومحاولــة
اكتشاف خبرات جديدة .
إن االختالف بين النظري ــتين ال يق ــوم على أس ــس جوهري ــة ،ف ــالتعلم يتم في الواق ــع عن طري ــق المحاول ــة
والخطــأ أحيانــا ،فاإلنســان والحيوانــات الــتي تتمتــع بنــوع وبدرجــة معينــة من الــذكاء مثــل الشــمبانزي فــإن
السلوك يميل إلى تفحص عناصر الموقف الكتشاف الحلول المناسبة للمشاكل المطروحــة الــتي يتضــمنها
الموق ــف ،أم ــا بالنس ــبة للحيوان ــات ال ــدنيا فق ــد تعتم ــد على المحاول ــة والخط ــأ الكتش ــاف الح ــل المالئم
لمشاكل الموقف الذي تواجهه .والمالحظ أن اإلنسـان في الحيـاة العمليـة يعتمـد في حـل المشـاكل الـتي
تعترضه على خبراته السابقة ومحاولة تفهم الموقف وإدراك معطياتــه ،لكن عنــدما يفشــل في إدراك طبيعــة
العالقات القائمة بين عناصر الموقف وفهم تراكيبهــا ،يحــاول إيجــاد الحــل المناســب عن طريــق المحاولــة
والخطأ والذي قد يصل له فعال بهذا األسلوب .
وكخالصة يمكن أن نقول أن التعلم يتم عن طريق اإلحساس بمظاهر الموقف ،ومحاولة إدراك عناصره
والتعرف على العالقات التي تربط بينها باستعمال الخبرات السابقة و تجريب االحتماالت واالفتراضات
وحتى عمليات المحاولة والخطأ في بعض األحيان .
- 8-2-2نظرية المجال :
الفكرة األساسية في هذه النظرية ،أن إدراك موضوع ما يحدده المجال اإلدراكي الكلي الذي يوجـد فيـه
وأن الكـ ــل ليس مجـ ــرد مجمـ ــوع األجـ ــزاء ،وأن الجـ ــزء يتحـ ــدد بطبيعـ ــة الكـ ــل ،وأن األجـ ــزاء تتكامـ ــل في
وحدات كلية ،والنظريـة المجاليـة مـأخوذة عن علم الفيزيـاء .ولقـد بـدأ ظهـور مفهـوم (المجـال) مـع ظهـور
مدرس ــة الجش ــطلت ،ورغم انتم ــاء " ك ــرت ليفين " لمدرس ــة الجش ــطلت في بداي ــة حيات ــه العلمي ــة إال أن
نظريت ـ ــه تختل ـ ــف عن نظري ـ ــة الجش ـ ــطلت ،حيث يرك ـ ــز على (الحاج ـ ــات ،اإلرادة ،الشخص ـ ــية ،العوام ـ ــل
االجتماعيــة) في الــوقت الــذي تركــز فيــه الجشــطلت على (اإلدراك ،التعلم ،التكوينــات الفســيولوجية في
ش ــرح اإلنس ــان) ،ويع ــد توج ــه "ليفين" في علم النفس توجه ـًا اجتماعي ـًا .حيث تق ــوم نظري ــة المج ــال على
فكرة أساسـية مؤداهـا أن السـلوك يتحـدد بالمجـال النفسـي المـدرك الـذي يوجـد فيـه الفـرد في لحظـة مـا ،
ويرى ليفين أن تفسير السلوك يرتبط بالمجال الذي يحدث فيه .
وتتك ـ ــون ه ـ ــذه النظري ـ ــة من ع ـ ــدد من المف ـ ــاهيم األساس ـ ــية مث ـ ــل ( ح ـ ــيز الحي ـ ــاة -الش ـ ــخص -البيئ ـ ــة
السيكولوجية -التكافؤ -المتجه ) حيث يرى " كرت ليفين " أن التعلم اإلنساني يحدث نتيجة التفاعـل
اإلدراكي بين قــواه العقليــة والوجدانيــة وقــوى البيئــة المتمثلــة في كــل الخــبرات والمثــيرات الــتي تحيــط بــه
حيث يأخ ــذ التعلم ش ــكل مظ ــاهر متع ــددة في شخص ــية المتعلم .ونتيج ــة له ــذا التفاع ــل ال ــذي يك ــون بين
العناصــر الســابقة في المجــال اإلدراكي ،يحــدث اختالل في العالقــات وتوازنهــا ،وعن طريــق التعلم يتم
إعادة تنظيمها وتوازنها من جديد .
لقد كانت لمختلف نظريـات التعلم تطبيقـات تربويـة في الميـدان طبقـا لألعمـال والنتـائج الـتي توصـل إليهـا
الباحثون في كل نظرية .
" فتورندايك " صاحب نظرية المحاولة والخطأ يرى أن المعلم والمتعلم يجب أن يحـددا خصــائص األداء
الجيــد حــتى يمكن تنظيم الممارســة ،للتمكن من تشــخيص األخطــاء كي ال تتكــرر ويصــعب تعــديلها فيمــا
بعد ألن الممارسة تقوي الروابط الخاطئة كما تقوي الروابط الصحيحة (.أبوجادو ،السنة )161 :
أمــا بالنســبة للتعلم الشــرطي عنــد "بــافلوف " يجب حصــر مشــتتات االنتبــاه في غرفــة الصــف ،ألن عــدم
وجود مثيرات ال عالقـة لهـا بـالموقف التعليمي يسـهل عمليـة حـدوث اإلشـراط حين يقـدم المثـير الشـرطي
وغــير الشــرطي .كمــا أن العــادات الســيئة الــتي تظهــر عنــد التالميــذ أثنــاء القــراءة أو الكتابــة أو الحســاب،
يمكن إبطالها من خالل االستفادة من قانون انطفاء االستجابة وأفكار "بافلوف " في هذا المجال .
أمــا نظريــة الجشــتطلت فإنهــا تــرى بــأن التعليم يجب أن يعتمــد في البدايــة على الطريقــة الكليــة ،أي البــدء
بالكل ثم المرور إلى الجزء ،مثل البدء في تعليم األطفال الصغار القراءة والكتابة بالجمل و الكلمات ثم
الحــروف ،ألنهــا تــرى بــأن الجمــل والكلمــات تكــون ذات معــنى بالنســبة للطفــل ،في حين أن الحــروف
المجردة يصعب عليه إدراك مدلولها .
يعت ــبر م ــا ق ــدمناه س ــابقا من أمثل ــة عن بعض التطبيق ــات في نظري ــات التعلم إال عين ــات ،ي ــراد من خالله ــا
مساعدة الطالب على الفهم الجيد لهذه األخيرة ،والربط بين الجانبين النظري والميداني .
-إن علم النفس يسعى إلى دراسة طبيعة الكائن البشري من خالل دراسة وتحليل األنماط
السلوكية التي يقوم بها اإلنسان في مختلف المواقف و الحاالت ،فهذه الدراسة تقتضي البحث في
طبيعة العوامل التي تدفع باإلنسان إلى القيام بمختلف األنماط السلوكية أثناء حياته والتي نسميها
دوافع ،حيث يحتل هذا الموضوع مكانة مهمة جدا في علم النفس الحديث ألن معرفة اإلنسان لدوافعه
ودوافع السلوك الضرورية تجعله يدرك دوافع سلوك غيره ويبني معهم عالقات إنسانية جيدة .فهذه
المعرفة الزمة لكل من يشرف على اآلخرين ويوجههم ويجتهد في حفزهم على العمل ،مثل المعلم
الذي يسعى دائما إلى التعرف على دوافع السلوك عند تالميذه حتى يتمكن من إدراك قدراتهم وذكائهم
وتعليمهم تعليما جيدا ومثمرا وموضوع الدوافع يتصل بجميع موضوعات علم النفس مثل اإلدراك
والتذكر و التخيل والتفكير والتعلم .المرجع
الدافع حالة أو قوة داخلية جسمية أو نفسية تثير السلوك في ظروف معينة ،وتواصله حتى ينتهي
إلى هدف معين ،فهو قوة باطنية نستنتجها من االتجاه العام للسلوك الصادر عنها وال نالحظها مباشرة .
والدافع اصطالح عام شامل نجد معناه في كلمات وألفاظ أخرى مثل :الحافز ،الباعث ،الرغبة ،
المرجع الميل الحاجة ،الغرض ،القصد ،النية ،الغاية .
إن الدافع هو تلك الطاقة التي تظهر نتيجة الشعور بالحاجة ،فتحرك السلوك لكي يحصل على
المواد الناقصة في الجسم ،أو تغيير الوضع المقلق أو المؤلم أو السيئ الذي يعيشه الكيان العضوي
والنفسي للفرد وتحويله إلى وضع مريح بطريقة مالئمة وإشباع الحاجات الجسمية والنفسية وإعادة
المرجع التوازن الوظيفي للكيان العضوي والنفسي .
إن علماء النفس يصنفون الدوافع إلى دوافع فطرية ومكتسبة ،أو إلى دوافع فيزيولوجية واجتماعية
.مكتسبة و دوافع الشعورية
ا -الدوافع الفيزيولوجية :هي دوافع فطرية ترتبط بالحياة العضوية أساسا ،وتتعلـق بالحاجـات الضـرورية
لجس ــم اإلنس ــان مث ــل العطش ال ــذي يول ــد الحاج ــة إلى الم ــاء ،والج ــوع ال ــذي يول ــد الحاج ــة إلى األك ــل،
والتعب الذي يولد الحاجة إلى الراحة .
ب -الدوافع االجتماعية المكتسبة :هي دوافع يكتسبها اإلنسان من خالل التنشئة وتراكم خبراتــه نتيجــة
تفاعلـه مـع عناصـر البيئـة الماديـة االجتماعيـة ،وتتمثـل في أنمـاط الحيـاة االجتماعيـة والثقافيـة واالقتصـادية
وتهدف إلى تحقيـق التـوازن والتوافـق النفسـي االجتمـاعي للفـرد مثـل الحاجـة إلى األمن والمحبـة والتقـدير
.والنجاح والحرية واالنتماء
ج -الـدوافع الالشـعورية :هي الـدوافع والرغبـات الغامضـة أو المجهولـة الهويـة الـتي تحـرك سـلوك الفـرد
وتوجــه مواقفــه و اتجاهاتــه دون أن يــدرك أســبابها المباشــرة وأغراضــها الحقيقيــة ،ويمكن مالحظتهــا في
الفلتـ ــات الكالميـ ــة ،والهفـ ــوات الكتابيـ ــة والمواقـ ــف الـ ــتي يتخـ ــذها الفـ ــرد أحيانـ ــا دون رؤيـ ــة أو تفكـ ــير،
واألحالم.
ويعتبر عالم التحليل النفسي "سيجمند فرويد " هو أول من أوجد مفهوم الالشعور حينما قسم البناء
الذهني أو العقلي لإلنسان إلى ثالثة مستويات :الالشعور ،وما قبل الشعور ،والشعور حيث أن
الالشعور يتضمن الخبرات المؤلمة والرغبات المكبوتة التي ال يستطيع الفرد التعبير عنها صراحة أو
محاولة إشباعها ألنها تتعارض مع القيم والمعايير االجتماعية ،لذلك فهو يعمل على إزاحتها من ساحة
الوعي وإخفائها إال أنها ال تتالشى أو تختفي نهائيا بل تبقى تتفاعل وتتصارع على مستوى لالشعور وعند
أول فرصة لضعف المراقبة تعبر عن وجودها وتؤثر في ميول واتجاهات الفرد وتوجه سلوكه بالطرق
المرجع المقنعة وأشكال التمويه .
إن وجـود دافـع عنـد الشـخص أثنـاء عمليـة التعلم يعتـبر شـيئا أساسـيا ،فأفضـل المواقـف التعليميـة هي تلـك
التي تعمل على تكوين دوافع عند األفراد ،بحيث تجعلهم يبذلون مجهودا كبيرا للقيام بنشـاط مـا في ظـل
ش ــعورهم بوض ــوح دوافعهم ،مم ــا يس ــتلزم أن تحت ــوي المن ــاهج على ن ــواحي نش ــاط مختلف ــة تث ــير دواف ــع
.المتعلمين ،كما توفر لهم المواقف التعليمية المختلفة خبرات تبنى على هذه الدوافع
ويمكن تحقيــق ذلــك من خالل صــياغة موضــوعات المنهج في صــور ة مشــكالت تثــير الرغبــة في التلميــذ
لمعالجتهــا وإيجــاد الحــل لهــا بحيث تــؤدي إلى إشــباع دوافــع التعلم لديــه ،وهــذه المشــكالت قــد ترتبــط
:بالتلميذ وتشجعه على االهتمام بها وتدفعه إلى دراستها وإيجاد الحلول لها إذا كانت
كمــا يمكن تحقيــق ذلــك أيضــا من خالل صــياغة أجــزاء من المنهــاج في صــورة وحــدات تمثــل موضــوعات
أساسية ترتبط بناحية لها أهميتها عند التلميذ أو عند المجتمع الذي ينتمي إليه بحيث ترتبط بالتلميذ أيضا
:وتثير اهتمامه مثل
دراسة جسم اإلنسان :فرغبة التلميذ في التعرف على أجزاء جسمه ووظائفه وعملياته المختلفة يجعله -
.يهتم بالموضوع
-دراسة قضية فلسطين :نظرا ألنها قضية تمس المجتمع في صميمه ،ويتأثر بها كل فرد من
أفراده فالتلميذ يهتم بالموضوع ويسعى إلى التعرف واإللمام به إلماما كافيا .وصياغة المنهاج في صورة
مشكالت أو وحدات ترتبط بحاجات التالميذ أو بحاجات المجتمع التي يشعر بها التلميذ وبأهميتها
المرجع تؤدي إلى إبراز دوافع المتعلمين .
إن للطريقة واألسلوب الذي يستخدمه المدرس في معالجة المشكالت أو الوحدات دور في إبراز دوافــع
التعلم عند التلميذ بحيث أنه مطالب بتنمية ميــول تالميــذه نحــو المــادة الــتي يدرســونها واســتثارة دوافعهم،
مما يجعله يلجأ إلى مجموعة من الدوافع والتي يستخدمها كعوامل تساعد على زيادة قوة الدافعية والتي
:نعرضها فيما يلي
يعتمد المدرسون كثيرا على العقاب والثواب كدوافع للتعلم وخاصة العقاب الذي ثبوت ضرره
بالمتعلم والذي مازال يجد مؤيدين له في أوساط المدرسين كوسيلة ودافع للتعلم .أما الثواب فإنه
مفضل على العقاب وهو يقوي القيام بالسلوك المثاب حسب " تورندايك " في حين أن العقاب يعتمد
على الخوف الذي يعتبر دافعا قويا للعمل ولكنه يصيب شخصية التلميذ بأضرار ككراهية المدرس ،
وكراهية النشاط الذي عوقب عليه ،كراهية المدرسة كلها ،فقدان االتزان االنفعالي ،اإلحساس
بالنقص وبتداني قيمته بين اآلخرين ،كما أن العقاب قد يؤدي إلى كف السلوك تماما وتوقف الكائن
الحي عن ممارسة أوجه النشاط التي تمكنه من السيطرة على الموقف التعليمي .المرجع
إن النجاح يعتبر دافعا قويا للتعلم ،فالتلميذ يبدل في العادة جهدا كبيرا لتحقيق النجاح فهو
يخصص كل وقته خالل السنة الدراسية للدراسة والمراجعة وحدها رغبة منه في النجاح ،فهذا الدافع
يشجع النشاط الحقيقي للتلميذ ويجعل العمل مثيرا ويثبت األداء ويخلق مزيدا من الطاقة تساعد على
تكوين اتجاهات اإلقبال على المادة المتعلمة ،بحيث أنه يوجه سلوك التلميذ ويسيطر على تصرفاته
تماما وخاصة خالل الفترة التي تسبق االمتحان مما يدفعه إلى الحصول على المزيد من النجاح .
المرجع
ويمكن أن يس ــتغل ه ــذا ال ــدافع من ط ــرف الم ــدرس وفي ح ــدود المعق ــول اس ــتغالال جي ــدا دون أن يجعل ــه
مهيمنا على حياة التلميذ كلها ،بحيث أنه إذا فشل ورسب انهار وفقد معنى الحياة ولم يســتطيع التكيــف
.مع الواقع والنتيجة التي وصل إليها
أما الفشل فإنه يتسبب في كراهية التلميذ للمادة التي يفشل فيها ،وإحساسه بالمرارة عند رسوبه
في االمتحان مما يؤثر في قدراته على التعلم وفي النشاط الذي يبذله ،كما أن الفشل المتكرر يؤثر في
قدرة التلميذ التحصيلية وينقص من عزيمته ويقضي على االهتمام ويولد المقاومة لعملية التعلمية
المرجع واإلحساس بالنقص المؤلم .
إن مــا يثــير دوافــع التالميــذ هــو أن يمهــد المــدرس للمــادة أو الموضــوع بمناقشــة توضــح أهميتــه والغــرض
و تشــير إلى الجــوانب الــتي ترتبــط بتعلمــه ،وإلى اســتخداماته المختلفــة في الحيــاة العامــة أو الفوائــد الــتي
تعــود على المجتمــع أو البيئــة الــتي يعيش فيهــا .ولهــذا فــإن رجــال التربيــة يؤكــدون على أهميــة المرحلــة
األولى في الــدرس ( االهتمــام بجــدب التلميــذ وإعــداده للــدرس حيث يطلــق عليهــا " برتــون " اســم مرحلــة
.إعداد المسرح
إن صــياغة الــدروس في صــورة مشــكالت يشــعر بهــا التلميــذ هي وضــعه أمــام موقــف يتحــدى قدراتــه ،ممــا
يدفعــه إلى إثبــات قدرتــه على مواجهــة المواقــف وتخطيهــا من خالل حــل المشــكلة والكشــف عن أســبابها
خاصة إذا كانت مرتبطة بحاجاته أو حاجات المجتمع .فاكتساب المعرفة المطلوب تعلمها أو المهــارات
أو االتجاهات التي يسعى إلى تحقيقها التعلم المدرسي يأتي من خالل حل هـذه المشـكالت ،وعن طريـق
.النشاط الذي يمارس من أجل ذلك
:ذ -تكوين عادات تدفع التلميذ نحو القيام بأعمال مماثلة
إن تكوين عادات تتأصل عند التالميذ وتـدفعهم للقيـام بأعمـال مماثلــة تمكن من تحقــق الـدافع نحـو التعلم
فإشــراك التالميــذ في عــدد من المشــروعات الــتي تتطلب جهــودا مشــتركة ،وتوزيــع العمــل بينهم في إطــار
مختلــف أنــواع النشــاط المدرســي وتعويــدهم على ذلــك نــربي فيهم الميــل إلى التعــاون مــع الغــير في تنفيــذ
األعمال والعمل الجماعي مما يدفع إلى ممارسة هذا األسلوب في مواقف مستقبلية والسلوك نحوها بما
تعود عليه .
وعملية التعود تسهل على التلميذ عملية التعلم بحيث ال يتردد في المواقف التي يفيد فيها اســتخدام هــذه
األســاليب مــادام قــد اطمــأن إلى النتــائج الــتي تحققهــا ( مثــال كتابــة موضــوعات اإلنشــاء ،تحديــد النقــاط
.األساسية أو األفكار ،صياغتها وتعبير عن الموضوع )
وتكـون مثـل هـذه العـادات عنـد التالميـذ والـتي تـدفعهم نحـو التعلم تـوفر كثـيرا من الجهـد والـوقت الـذين
يضيعان في التخطيط والتردد والهروب من مواقف التعلم .
إال أن كثرة االعتماد على العادات المتكونة نتيجة التكرار و سهولة استخدمها قد يصبح عائقــا للتالميــذ
.في مواقف التعلم الجديدة التي يجب مواجهتها بأساليب جديدة مغايرة وطرق لم يتعود عليها التلميذ
إن إقبال التالميذ على تعلم مادة من المواد أو موضوع من الموضوعات وزيادة نشاطهم يتم عند ما تتبين
معالم تلك المادة ،حيث يجب تكليفهم ببعض القراءات حول الموضـوعات وكتابـة مـذكرات عنهـا حـتى
يسيطروا على بعض أجزائها ،وهذا تحقيقا للغاية المرجوة ،كما يجب اإلكثــار من مناقشــتهم حولهــا في
البدايــة بهــدف توضــيح كــل شــيء غــامض فيهــا وتــوجيههم نحــو النشــاطات المطلــوب تعلمهــا واإلكثــار من
.التطبيقات والتمرينات
مث ــال :إن ت ــراكم تعلم النظري ــات الهندس ــية دون ت ــدعيمها ب ــالجوانب التطبيقي ــة من خالل ح ــل تمرين ــات
وتبيــان المواقــف الــتي تفيــد فيهــا يجعــل التلميــذ ال يتعلمهــا وال يقبــل عليهــا ألن الربــط الــوظيفي بين المــادة
المتعلمة وبين تطبيقاتها يجعله أكثر تحكما فيها وإلماما باستخدامها و أغراضها .
استصــحاب المــدرس لتالميــذه إلى الحديقــة في درس النبــات لــيروا بأنفســهم النباتــات ويســاعدهم على -
مالحظتها وإنباتها والعناية بها .فمثل هذا النشاط الذي يتمــيز بالصــبغة االنفعاليــة الســارة يســاعد على نمــو
ميــول عنــد التالميــذ نحــو المــادة المتعلمــة تــدفعهم للتعلم في المواقــف المشــابهة وبــدل المجهــود ،إال أنــه
يمكن أن نالحــظ بــأن اختالف الميــول عنــد التالميــذ قــد ال يمكنــه من مراعاتهــا كلهــا ممــا يســتوجب على
الهيئات المختصة وضع مناهج وتحديد موضوعات ومجاالت النشاط التي تهيئ الظروف المناســبة إلثــارة
.ميول التالميذ ودفعهم إلى النشاط التعليمي المثمر
وفي األخير يمكن القول أن مختلف العوامل التي ذكرنها سابقا لها دورا كبيرا في تأثير في قوة
دافعية التعلم مما يتطلب من المربين بصفة عامة والمعلمين خاصة أخدها بعين االعتبار أثناء بناء المناهج
المرجع وتخطيط العملية التعلمية .
:مقدمة 11-1
إن تعلم المفــاهيم يــؤدي إلى التفــاهم المتبــادل بين النــاس ويقــدم األســس للتفاعــل اللفظي و بنــاء التفكــير
وخاصة الذي يتميز بالمستوى الرفيـع ،حيث تمكن المفـاهيم األشـخاص من تصـنيف المواضـيع واألفكـار
واســتنباط القواعــد والمبــادئ وتعمــل على بنــاء شــبكات األفكــار الــتي توجــه تفكيرنــا ،وتبــدأ عمليــة تعلم
المف ــاهيم في س ــن مبك ــر وتس ــتمر خالل الحي ــاة حيث يط ــور األف ــراد المزي ــد منه ــا س ــواء في المدرس ــة أو
خارجها والتي تتسم بالتعقيد أكثر فأكثر.
:تعريف المفهوم 11-2
المفهوم يشار إليه على أنه فئة تستخدم لتجميع أحداث أو أفكار أو مواضيع أو أشخاص متشابهين
فعندما نشير إلى مفهوم السمة فمعنى ذلك أن هذه الفئة تضم جميع العناصر التي تشترك في مجموعة
من الخصائص .كرة ،كرسي ،صندوق ،منضدة ،قلم ،إن الفرد عندما يقوم بتسمية األشياء ،وترتيبها
في مجموعات أصناف فهو يطور المفاهيم ،إن ربط شيء مادي مثل الكرة بصفة مجردة مثل دائري
يمكن من تحديد أصناف األشياء والمواضيع واألحداث واألفكار التي تختلف عن بعضها البعض ،و
كذلك الحال فيما يتعلق بمفهوم الطيور والصخور ،فالصقر يمكن تصنيفه ضمن فئة الطيور واألحجار
يمكن تصنيفها ضمن فئة الصخور ،وذلك ألن كل منها بها صفات تميزها عن غيرها ،وهي ضرورية
لتعريف المفهوم ولهذا فإن العملية التربوية تسعى إلى تعليم المتمدرسين طبيعة المفاهيم وأنواعها .
المرجع
إن تعليم المفهوم يهدف بالضرورة إلى وضع األشياء ضمن أصناف ،ثم التمكن من معرفة كل عضو
في ذلك الصنف ،فالفرد يجب أن يكون قادرا على اتخاذ حالة محددة مثل وضع شيء ضمن صنف
عام من األشياء ،مثال :السماء زرقاء ،فاللون األزرق هو صفة السماء كما أنه صفة ألشياء أخرى
مثل :القماش األزرق ،السيارة الزرقاء وغيرها .إن األشخاص يستعملون كلمة " مفهوم " بعدة طرق ،
فقد يشير إلى فكرة يحملها الفرد كقوله مثاال :إن مفهومي حول ظاهرة الهجرة غير شرعية هو األنسب
.أو فرضية مثل :إن اإلفالس سببه اإلسراف والتبذير ،ولكن عندما يرتبط استعمال المفهوم بالتعليم
والتعلم يصبح معناه دقيقا ويشير إلى الطريقة التي تصنف فيها المعرفة والخبرة .واألنواع المختلفة من
المفاهيم تتطلب إستراتجية تعليمية مختلفة .المرجع
إن تعلم المفهوم يبدأ منـد سـن مبكـرة ويتواصـل طـول الحيـاة ،وتتـأثر الطريقـة الـتي يتم بهـا تعلم المفـاهيم
بعمر المتعلم و تطور اللغة ومستوى التقدم الفكري لديه وتمثل نظريات التقدم المعـرفي لعـدد من العلمـاء
أهمية كبيرة للمعلمين فيما يتعلق بتعلم التالميذ للمفاهيم ومنها نظرية " بياجيه ":
مراحل " بياجيه " للنمو المعرفي
إن بيئــة تعلم المفهــوم ترتكــز على المعلم ،وتتطلب من التالميــذ اإلصــغاء التــام واالنتبــاه في الــدرس الــذي
يمر بعدد من المراحل والتي نعرضها في الجدول الموالي :
يشرح المعلم األهداف واإلجراءات الخاصة بالدرس ويهيئ التالميذ األولى :قدم األهداف
.للتعلم وهيئ المجموعة
في منهج التقدم المباشر ،يسمي المعلم المفهوم ويعرف المزايا النقدية الثانية :قدم األمثلة
.األساسية ويوضح بأمثلة وبال أمثلة والال أمثلة
يقدم المعلم أمثلة إضافية الختبار فهم التالميذ للمفهوم ويطلب منهم الثالثة :أختبر تحقق
.تقديم أمثلتهم الخاصة وال أمثلة حول المفهوم المفاهيم
يدفع المعلم التالميذ في عملياتهم الفكرية الخاصة ،ويطلب منهم فحص الرابعة :حلل عمليات
قراراتهم ونتائج اختباراتهم ،ويساعدهم على تكامل التعلم وذلك بضم التلميذ الفكرية وتكامل
.المفهوم الجديد إلى المفاهيم األخرى ضمن وحدة دراسية التعلم
:ولقد حددت "جيرو م برونر " " "1966ثالثة أساليب لتعليم المفهوم
.التعلم من خالل سلسلة من الرموز المجردة أو التمثيالت ويسمى األسلوب الرمزي -
كما يمكن استخدام الصور المرئية والعقلية في تعليم المفهوم ،حيث قام " تينسون "1978
بتجارب حول أنماط الوسائل الصورية المستخدمة كوسائل إيضاحية لتعليم العلوم في المدارس االبتدائية
.المرجع
هناك اختالفـات كبيـرة فـي تحديـد أنـواع المفـاهيم لكننـا نقتصـر علـى األنـواع التـي ذكرها قطــامي(2001
) و برونر ((:1962
ـ المفــاهيم الحســية :وهي المفــاهيم الــتي يتم إدراكهــا ع ــن طري ــق الح ــواس مث ــل التميي ــز ب ــين الص ــلب و
السـائل و قد تكون المفاهيم عالئقية كمفاهيم :فوق ،تحت ،أقرب ،أبعد .
ـ المف ــاهيم المعرفي ــة :أو المف ـ ــاهيم المج ـ ــردة و ه ـ ــي غي ـ ــر حس ـ ــية و ال ت ـ ــدرك إال بتعريفه ـ ــا ع ـ ــن طري ـ ــق
األلفــاظ أو الكلمــات أو الرمــوز ،أو الص ــيغ الرياضــية مثــل مف ــاهيم الحجم،الطــول ،أو أخالقي ــة كالصدق
و الوفاء فكلها مفاهيم ألشياء أو صفات ألشياء أو لعالقات .
ـ ـ المفاهيم الرمزية :المفهوم يمثل شيئا ما .فالسيارة مفهـوم شـيء يسـير نركبـه لنصـل إلـى مكـان
معـين و هـو شيء يدل على الرفاهية و الغنى أو االبتكار و العجب .المرجع
إن المفاهيم العلمية تحقق معنى للمادة العلمية ،حيث تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أهمية
المفهوم العلمي في البنية العقلية للمتعلم ،فهو يساعد على تنظيم الخبرة وتذكر المعرفة ومتابعة
التصورات ،وربطها بمصادرها و تسهيل الحصول عليها ،كما يسهل على التالميذ فهم العلوم
بوضوح .المرجع
إن وض ــوح المف ــاهيم والمص ــطلحات ض ــروري للفهم واالس ــتيعاب ،وتحقي ــق التواص ــل العملي والمف ــاهيم
العلمية جزء من المفاهيم بصفة عامة ،وهي الوحدات البنائية للعلوم حيث ينظر لها من جانبين :
-المفهوم العلمي من حيث كونه عملية :هو عمليـة عقليـة يتم عن طريقهـا تجريـد مجموعـة من الصـفات
أو المالحظات أو الحقائق المشتركة لشيء أوحدث أو عملية لمجموعة من األشياء أو األحداث .
-المفهوم من حيث كونه ناتج للعملية العقلية السابق ذكرها هو :االسم أو المصطلح أو الرمز
تشــمل العمليــات العقليــة المعرفيــة مجموعــة من العمليــات الــتي يتمــيز بهــا اإلنســان عن مختلــف الكائنــات
الحية مثل الذكاء ،التفكير ،التخيل ،التذكر والنسيان ،االنتباه ،اإلحساس و اإلدراك .
ا -مفهوم التذكر :هو القدرة العقلية التي يستطيع بواسطتها اإلنسان أن يحتفظ بالخبرات
والمعارف التي تعلمها ،واألحداث التي يعيشها و يتأثر بها ،والتي تجعله قادرا على تذكر تلك
الخبرات والمعارف واالستفادة منها في تعلم خبرات ومعارف جديدة وإدراك معطيات المواقف التي يمر
بها ،وتنظيم أنماطه السلوكية ،واالستجابة لمتطلبات هذه المواقف على ضوء الخبرات السابقة التي
المرجع يتذكرها أو يستعيدها بفضل قدرة ذاكراته .
ب -مراحل التذكر :إن المعلومات والخبرات والمعارف التي يكتسـبها الفـرد ويتعلمهـا ويحتفـظ بهـا في
:ذاكراته تمر عبر ثالثة مراحل أساسية وهي
مرحلة الترميز :تتمثل هذه المرحلة في عمليات وضع الرموز أو الشفرة المتعلقة بكل خبرة يمر بهـا 1-
الفــرد أو يتعلمهــا خالل حياتــه مهمــا كــان نــوع الخــبرة المكتســبة ،ســواء خــبرة حســية صــوتية أو مرئيــة أو
مذاقيــة مثال أو خــبرة ذهنيــة عقليــة ،وعمليــات الترمــيز الــذهني للخــبرات تهــدف بطريقــة طبيعيــة إلى تنظيم
الخـبرات والمعلومـات المكتسـبة ذهنيـا ،بحيث يسـتطيع اإلنسـان عن طريـق قـدرة التـذكر اسـترجاع هـذه
المعلومات المكتسبة واالستفادة منها في توجيــه ســلوكه بالشــكل المالئم كلمــا دعت الحاجــة إلى ذلــك .
-2مرحلة التخزين :يتمثل التخزين في عمليات خزن الخبرات والمعلومات المكتسبة الـتي تم ترميزهـا
حيث ترتب ذهنيا حسب طبيعتها وأهميتهـا ،وتصـنف بشـكل طـبيعي في الـذاكرة إلى خـبرات تحفـظ على
المدى القصـير ،وأخـرى تحفـظ على المـدى الطويـل .إال أن عمليـات ترمـيز الخـبرات وتخزينهـا ال تعـني
تــرتيب هــذه الخــبرات بشــكل منفصــل ،فــالخبرات والمعلومــات الــتي يكتســبها اإلنســان تتفاعــل وتتكامــل
فيمـ ــا بينهـ ــا بشـ ــكل يسـ ــاعد على نمـ ــو المعـ ــارف و اتسـ ــاعها ،ممـ ــا يمكن اإلنسـ ــان من تحليـ ــل الخـ ــبرات
.واالستفادة منها في حياته اليومية
مرحلة االسترجاع :إن االسترجاع هو قدرة اإلنسان على اسـتعادة أو تـذكر الخـبرات والمعلومـات 3-
ال ــتي تم تحزينه ــا وترميزه ــا في ال ــذاكرة بحيث يس ــتفيد منه ــا ويس ــتخدمها للتواف ــق م ــع م ــؤثرات الع ــالم
.الخارجي ومتطلبات أوضاعه الداخلية
:ج -أنواع الذاكرة :يصنف علم النفس الحديث الذاكرة إلى ثالثة مستويات هي
ال ــذاكرة الحس ــية األولي ــة :وتش ــمل عملي ــات تس ــجيل التنبيه ــات و االس ــتجابات الحس ــية الس ــمعية 1-
.والبصرية والدوقية والشمية واللمسية
الذاكرة القصيرة المـدى :تشـمل عمليـات تخـزين المعلومـات والخـبرات الهامـة الـتي تنتقـل إليهـا من 2-
مســتوى الــذاكرة الحســية ،والــتي تحتفــظ بهــا مؤقتــا وتنقــل تلــك الــتي تكــون ذات أهميــة وتنــال التركــيز
" .الذهني إلى مستوى الذاكرة الطويلة المدى ،فهي تقوم بدور " الوعي الوسيط
-3الذاكرة الطويلة المدى :تشمل المعلومات والخبرات التي تنتقل إليها من الذاكرة قصيرة
المدى عن طريق عمليات التحويل والمقارنة الذهنية بين المعلومات والخبرات الجديدة والقديمة
المخزنة سابقا .المرجع
:د -العوامل المؤثرة في عمليات الحفظ والتذكر :إن عملية الحفظ والتذكر تتأثر بعدة عوامل ومنها
ذ -مفهوم النسيان :إن النسيان يعتبر نقيض التذكر أو االسترجاع ،ويعرف بأنه فقدان القدرة على تــذكر
األش ــياء واألح ــداث أو الخ ــبرات ال ــتي س ــبق للف ــرد تعلمه ــا أو التع ــرف عليه ــا أو م ــر به ــا وحف ــظ وقائعه ــا
.والنسيان قد يكون مؤقت لبعض الخبرات أو دائما لبعضها األخر
:ن -أنواع النسيان
النســيان المــؤقت أو ضــيق مجــال الــوعي :يتمثــل في ظــاهرة النســيان المــؤقت لبعض األمــور المعتــادة 1-
كنســيان أســماء األشــخاص ،المواعــد ،مفتــاح الــبيت إلخ .وهــذا النــوع من النســيان يوجــد عنــد جميــع
الناس بدرجات متفاوتة ويحدث بسبب انشغال دهن اإلنسان بأمور أكثر أهميـة وتركـيز الـوعي عليهــا ممـا
.يجعل مجاله ضيقا لتذكر كل المعلومات واألنماط السلوكية مهما كانت بسيطة
النســيان الجــزئي :هــو نســيان جــزء مكمــل من الخــبرات المحفوظــة في الــذاكرة ،أو تفاصــيل بعض 2-
.الوقائع واألحداث ،وذلك بسبب تقادم األحداث وعدم االهتمام بها أو بسبب عدم تكرار تذكرها
النسيان التدريجي :هو نسيان بعض األحداث والخبرات بأكملها نتيجة لعدم تكرارها لوقت طويل 3-
.
-4النسيان المرضي :هو عدم القدرة على تذكر الخبرات السابقة والمعلومات المحفوظة في
الذاكرة بشكل كامل ودفعة واحدة ،نتيجة إصابة المناطق الدماغية الخاصة بالذاكرة مثال بأضرار بليغة
المرجع أو نتيجة اإلصابة بصدمة نفسية شديدة التأثير .
:ه -عوامل النسيان :من أبرز العوامل التي تؤدي إلى النسيان نذكر ما يلي
التعلم الن ــاقص :يتمث ــل في عملي ــات التعلم ال ــتي ال تتض ــمن ع ــدد م ــرات التك ــرار الكافي ــة ،وتنظيم 1-
.المادة المراد تعليمها بشكل واضح وسهل اإلدراك
التعلم المجم ــع :إن تعلم م ــادة معين ــة في م ــرة واح ــدة يس ــاهم في نس ــيانها أو نس ــيان أج ــزاء منه ــا 2- ،
وتؤكــد الدراســات الســيكولوجية على ضــرورة توزيــع المــادة على عــدد من المــرات المنفصــلة عن بعضــها
.البعض زمنيا حتى يكون الحفظ أفضل والتكرار فعال
التعلم القصير :إن تعلم وحفظ مـادة قصـيرة يـؤدي إلى نسـيانها نظـرا لقلـة عـدد مـرات تكـرار وقصـر 3-
المــدة المخصصــة لهــا ،في حين أن تعلم مــادة طويلــة يتطلب وقتــا أطــول ممــا يســمح بالزيــادة في التكــرار
وتدعيم الحفظ واالحتفاظ بها في الذاكرة لمدة أطول ،كما تسمح للفــرد بــأن يقــوم بتنظيم أجــزاء المــادة
.ذهنيا وربطها بمعاني مشتركة
-4تعلم المــواد عديمــة المعــنى :تعتــبر المــواد ذات المعــاني الواضــحة أســهل للتعلم والحفــظ من المــواد
العديمة المعنى ،فقد أثبتت التجارب أن حفــظ أبيــات شــعرية مثال قــد يتم في وقت أســرع مقارنــة بمقــاطع
عديمة المعنى أو أرقام بفارق زمني يقدر ب . 80
-5النشاط اإلضافي بعد عملية التعلم :إن النشاط اإلضافي الذي يتبع عملية تعلم مادة ما مباشرة
يؤثر سلبا على عملية الحفظ والتكرار واالسترجاع ،حيث أثبتت الدراسات والمالحظات التي قام بها
الباحثون أن التعلم الذي يكون متبوع بفترات راحة أو نوم يتم حفظه في الذاكرة و استرجاعه بسهولة ،
المرجع في حين أن التعلم الذي يعقبه القيام بنشاطات إضافية مباشرة يكون عرضة للنسيان .
و -نظريات النسيان :إن موضوع النسيان تعالجه عدة نظريات نذكر منها :
-1نظريــة ضـعف أثــار الــذاكرة :إن هــذه النظريــة تــرى أن اآلثـار الناتجــة عن التعلم في الــذاكرة يمكن أن
تتالش ـ ــى وتض ـ ــمحل بفع ـ ــل م ـ ــرور ال ـ ــوقت إذا لم يتم ت ـ ــدعيمها بعملي ـ ــات التك ـ ــرار والت ـ ــذكر واس ـ ــتخدام
المعلومات المخزونة ،كما أن هذه اآلثار تتميز بخاصيتين هما :
-مقاومــة زوال األثــر أو انطفائــه من الــذاكرة والــذي يتم بتثبتــه عن طريــق عمليــة تماســك أثــار التعلم في
الذاكرة والتي تتم بسرعة بعد انتهاء عملية التعلم مباشرة .
-2نظري ــة الفش ــل في االس ــترجاع :ت ــرى ه ــذه النظري ــة أن أث ــار التعلم في ال ــذاكرة بع ــد عملي ــة الحف ــظ
والتثبت بصفة كاملة تبقى محفوظة في الذاكرة مدى الحيـاة عـادة ،والفشـل في االسـترجاع ال يرجـع إلى
ضياع المعلومات والخبرات التي تبقى مخزونة في الذاكرة وإنما إلى عدم القدرة على التذكر ،حيث أن
اإلنســان يفشــل في وقت مــا في تـذكر بعض المعلومــات لكنـه يســترجعها فيمـا بعــد .كمـا تـرى النظريـة أن
استعادة الموقف الذي تمت فيه الخبرة يساعد على تذكرها ( الحالة النفسية ،الظروف المطابقة ) .
-3نظرية التـداخل :تـرى نظريـة التـداخل أن الخـبرات والمعلومــات المخزونـة في الـذاكرة تتـداخل فيمـا
بينها وتتصارع من أجل البقـاء في الـذاكرة ،حيث تتـأثر المعلومـات الحاضـرة بالمعلومـات السـابقة ،كمـا
تتأثر المعلومات الماضية والمعلومات الحاضــرة بالمعلومــات الــتي يتم تعلمهــا في المســتقبل وهنــاك نوعــان
من التداخل هما :
-التداخل البعدي :يتمثل التداخل البعدي في تأثر المعلومات الجديدة بالقديمة مما يتسبب أحيانــا في
نسيان المعلومات المتعلمة حديثا خاصة إذا كانت المادة المتعلمة تشبه مادة تم تعلمها في وقت سابق .
-التداخل الرجعي :إن المعلومات الجديدة تتسبب في نسيان المعلومات القديمـة إذا تم تعلمهــا مباشـرة
بعد ها بدون فترة راحة أو وقت مستقطع .
-4نظريــة النســيان بفعــل دافــع :يتمثــل النســيان بفعــل دافــع في ذلــك النســيان المقصــود لبعض الخــبرات
الس ــلبية والس ــيئة ،حيث يمي ــل الف ــرد بش ــكل إرادي ويب ــدل جه ــدا ذهني ــا لنس ــيان الخ ــبرات وال ــذكريات
المؤلمة كذكريات الفشل وسؤ التصرف ومختلف الخبرات والـذكريات الـتي يـؤدي تـذكرها إلى الشـعور
باأللم أو الندم .
-تنشيط الدورة الدموية لكي يتم إمداد الخاليا العصبية باألوكسجين مما يؤهلها للقيام بالنشاط العصــبي
ويساعد في رفع القدرات الدماغيـة على التفكـير واالنتبـاه والتـذكر وذلـك عن طريـق الرياضـة والحركـات
الجسمية .
-تلقي المعلومات بطريقة منتظمة مما يجعلها مترابطة وبتالي يسهل عملية تذكرها .
-االستعداد البدني والذهني من خالل تلبية حاجات الجسم من الغداء لتفادي الجوع مع االهتمــام بنــوع
الغ ــداء ال ــذي يس ــاهم في تنش ــيط ال ــذاكرة ،و ك ــذلك تف ــادي العطش وتن ــاول المنبه ــات ال ــتي ت ــؤثر على
النشاط الذهني سلبيا .
-تفادي القلق و االضطراب ألنه يعرقل عملية التذكر ويؤثر على عملية استرجاع المعلومات .
-النــوم لــوقت محــدد لتمكين الجســم والــدماغ من الراحــة وتجديــد النشــاط بمــا يســمح بتنشــيط الــذاكرة
و تأهيلها إلى العمل واسترجاع المعلومات و األفكار .
-االعتماد على القراءة والمطالعة والحفظ وبعض النشاطات الذهنية مثل حل األلغاز والكلمات
المتقاطعة و اإلجابة على األسئلة المختلفة من خالل المشاركة في جميع المسابقات الثقافية والعلمية
والدينية التي تنظمها مختلف الهيئات والجرائد والصحف المرجع
2 -12اإلحساس واإلدراك .
ا -مفهوم اإلحساس :يعرف اإلحساس بأنه األثـر النفسـي الـذي ينشـأ نتيجـة انفعـال حاسـة أو عضـو حـاس
(الحــواس الخمس ) باعتبارهــا نوافــذ يطــل من خاللهــا الفــرد على العــالم الخــارجي ،واإلحســاس ظــاهرة
فيزيولوجي ــة نفس ــية تع ــبر عن االنطب ــاع ال ــذي يح ــدث إلى إح ــدى حواس ــنا بفع ــل مث ــير خ ــارجي فالمنبه ــات
الحســية الخارجيــة تقــرع حواســنا وينتقــل أثرهــا عن طريــق أعصــاب خاصــة إلى مراكــز عصــبية محــددة في
المخ ،فتـ ــترجم فيـ ــه إلى حـ ــاالت شـ ــعورية نوعيـ ــة بسـ ــيطة تعـ ــرف باإلحساسـ ــات ،كاإلحسـ ــاس بـ ــاأللوان
واألصوات والروائح والمذاق والحرارة والــبرودة والضــغط ،وهــذه اإلحساســات تنقســم إلى ثالثــة أقســام
هي :
-1إحساسـات خارجيـة المصــدر :وهي اإلحساسـات البصــرية والســمعية والجلديـة وتتـألف اإلحساسـات
الجلدية من اإلحساس باللمس والضغط واأللم والحرارة والبرودة .
-2إحساسات حشوية :وهي التي تنشأ من المعدة واألمعاء والقلب وغيرها من األحشاء مثل اإلحســاس
بالجوع والعطش و انقباض النفس .
-3إحساســات عضــلية حركيــة :وتنشــأ نتيجــة لتــأثر أعضــاء خاصــة في العضــالت والمفاصــل وتزويــدها
للفرد بمعلومــات عن األشــياء وضـغطها ،وعن وضـع األطــراف وحركاتهــا واتجاههــا وسـرعتها وعن وضـع
الجسم وتوازنه وعن مدى ما يبذله من جهد ومقاومة وهو يحرك األشياء يرفعها ويدفعها .
ب -مفهــوم اإلدراك الحســي وطبيعتــه :إن اإلدراك الحســي هــو عمليــة تأويــل اإلحساســات بحيث تزودنــا
بمعلومـات عن األشـياء في عالمنـا الخـارجي والـتي من خاللهـا تتم معرفتنـا للمنبهـات المختلفـة الـتي تصـلنا
عن طريــق الحــواس كــأن أدرك أن هــذا الشــخص الــذي أراه شــرطي ،وذلــك الحيــوان هــو خــروف ،وهــذا
الصوت الذي أسمعه هو صوت الرعد ،وهذه الرائحة التي أشمها هي رائحة عطـور ،وهــذا التعبـير الـذي
أالحظه على وجه إنسان ما هو عبارة عن حزن ،غضب او فرح وأن هــذا المبــنى أعلى من ذاك .فاألشــياء
ال ــتي ن ــدركها متم ــايزة ومنفص ــل بعض ــها عن بعض ،وهي تنط ــوي على دالل ــة ومع ــنى وهي ليس ــت مج ــرد
مجموعات من األشعة ومجموعات ضوئية ذات ذبذبات مختلفة وموجات صوتية .مثال :عندما ننظــر من
النافدة نرى عمارات وأشخاص وسيارات متمايزة ال يتداخل بعضها في بعض .
ج -تفســير عمليــة اإلدراك الحســي :إن الســؤال الــذي يمكن أن يطــرح في هــذا المجــال هــو :مــا هي
الكيفية التي يتم بها تحول هذه األشعة والموجات إلى إدراك أشياء ومواضيع منفصلة محددة (وحــدات )
.
-1تفسير علم النفس الـترابطي :إن هـذه النظريـة تـرى بـأن األشـياء تـبرز في مجـال إدراكنـا نتيجـة نشـاط
عقلي يربط بين إحساسات منفصلة مختلفة ،حيث أن األشياء التي ندركها تتألف من خالل هــذا الترابـط
.
-2تفسير نظرية الجشطلت :ترى هذه النظرية أن العالم الذي يحيط بنا يتألف من أشــياء ومــواد ووقــائع
منتظمة وفق قوانين معينة وبفعـل عوامـل خارجيـة موضـوعية تشـتق من طبيعـة هـذه األشـياء نفسـها ال نتيجـة
نشاط عقلي ،حيث تنتظم المنبهات الحسية في وحدات تبرز في مجال إدراكنا ،ثم تأتي الخـبرة اليوميـة
والتعلم فتضفي عليها معاني ودالالت ،وأهم هذه العوامل واتي ذكرتها مدرسة الجشطلت هي :
لقد تعرضنا من خالل نظرية الجشتلطت إلى العوامل الخارجيــة الــتي تــؤثر في عمليــة اإلدراك والــتي يوجــد
إلى جانبها عوامل ذاتية تتعلق بالشخص نفسه ومنها :
إن اإلنس ــان ي ــدرك األش ــياء ال ــتي س ــبق أن م ــر به ــا أس ــهل من تل ــك ال ــتي ال ت ــدخل ض ــمن خبرات ــه ( ق ــراءة
الكلمات التي تم حفظها في لغة ما أسهل من الكلمات الجديدة ) .
إن الفــرد يــدرك األشــياء كمــا يتوقــع أن تكــون عليــه ،ال كمــا هي في ذاتهــا ،حيث أجــرى بــاحثون دراســة
عرضــوا فيهــا مجموعــة من الكلمــات عديمــة المعــنى على شاشــة ســينما على مجموعــتين من األشــخاص ،
وقبل العرض تم إخبار المجموعة األولى بأن الكلمـات تتعلــق بوسـائل المواصـالت والســفر ،والمجموعـة
الثانية بأنها تدور حول الحيوانات والطيـ ــور .فجاءت إجابات المجموعة األولى تدور حول وس ائل
المواصالت بنسبة تقدرب %71و إجابات المجموعة الثانية عبارة عن أســماء طيــور وحيوانــات بنســبة
تقدرب . %64
إن الحالــة الجســمية والنفســية تــؤثر على إدراكنــا للعــالم الخــارجي أثنــاء عمليــة اإلدراك ،حيث بينت بعض
التج ــارب ال ــتي ق ــام خالله ــا بعض الب ــاحثين بع ــرض ع ــدة ص ــور وراء زج ــاج غ ــير ش ــفاف على جماع ــة من
األطفال في حالة جوع شديد .إن هؤالء أدركوا تلك الصور على أنها مأكوالت وفواكه وأطعمة .
إذا كان المجـال اإلدراكي للوسـط سـارا وجـذابا فإنـه يولـد الشـعور بالسـعادة أكـبر عنـد الفـرد ممـا يحسـن
أدائـ ــه وهـ ــذا مـ ــا جعـ ــل الكثـ ــير من الشـ ــركات تهتم بـ ــدهان الجـ ــدران بـ ــألوان جذابـ ــة وتعليـ ــق سـ ــتائر على
الشبابيك ،وعزف موسيقى سارة أثناء العمل .
إن الفـرد يـدرك األشـياء الـتي لهـا قيمـة عنـده أكـبر من حجمهـا الحقيقي في حين أنـه يـرى تلـك الـتي يعتقـد
أنها ليست لها قيمة أصغر من حجمهـا الحقيقي ،فقيمـة الشـيء تتحـدد برغبتنـا فيـه فكـل فـرد منـا لـه قيمـه
ومثوله العليا التي يؤمن بها وهي التي تحدد سلوكه ومجاله اإلدراكي .
إن الطفل الصغير ينظر إلى لعبة ما فيرها شيئا مجسما لكنه ال يدركها ،ويسمع الكبار يتحدثون وال يــدرك
ما يقولون ،مما يتوجب تعلمه أسماء األشــياء وخواصــها واســتعماالتها كمــا يجب أن يتعلم معــاني األلفــاظ
التي يسـمعها ومعـاني الكلمـات الـتي يراهـا مكتوبـة حـتى يتمكن من تأويـل مـا يـبرز في مجالـه اإلدراكي من
صيغ مألوفة وبذل الجهد والتحليل والوقت لتوضيح معاني الصيغ الغير مألوفة .واإلدراك باعتباره عمليــة
معق ــدة ال تتلخص في مج ــرد اس ــتقبال انطباع ــات حس ــية ،حيث تت ــداخل في ــه ال ــذاكرة والمخيل ــة وإدراك
العالقات في تأويل مـا ندركـه ،فالعقـل يضـيف ويحـذف وينظم ويـؤول مـا يتـأثر بـه من انطباعـات حسـية ،
وهـذا كلـه يسـاهم في عمليـة التعلم ويسـهل عمليـة التلقي والفهم من خالل اسـتقبال المعلومـات واألفكـار
والخـ ــبرات السـ ــمعية أو البصـ ــرية أو اللمسـ ــية وغيرهـ ــا ،وفهم معانيهـ ــا من خالل عمليـ ــة التأويـ ــل وإدراك
العالقات القائمة بينها وربطهــا بـالخبرات الســابقة واسـتخدامها في حـل المشــكالت القائمـة وتخزينهــا في
الذاكرة واستدعائها عند الحاجة ،واستخدمها في عملية التعرف على الخبرات الجديدة وتحليلها .
إن االنتبـ ــاه يعـ ــد من أهم العمليـ ــات العقليـ ــة المعرفيـ ــة الـ ــتي تم تناولهـ ــا بالدراسـ ــة في علم النفس المعـ ــرفي
والعصبي ،نظرا لكونـه من المتطلبـات الرئيسـية للعديـد من العمليـات العقليـة المعرفيـة كـاإلدراك والتـذكر
والتفكـير .ولقـد تم االهتمـام باالنتبـاه منـد القـدم من طـرف فالسـفة اليونـان القـدماء أمثـال " أرسـطو" ،ثم
من طرف الكثير من الفالسفة عبر التاريخ أمثال "ديكارت " و"سبنسر " " وجون لوك " وأيضــا من طــرف
علمــاء النفس في العصــر الحــديث وعلى رأســهم عــالم النفس األمــيركي " وليــام جميس " الــذين اهتمــوا
بدراسة عملية االنتباه بطريقة موضوعية باعتبار أنها إحدى الظواهر النفسية الهامــة في الســلوك اإلنســاني ،
حيث يرى " وليام جميس " أن كل ما ندركه أو نعرفه أو نتذكره ما هو إال نتاج لعملية االنتباه .
إن عملي ــة االنتب ــاه حظيت بتع ــارف كث ــيرة ومختلف ــة لع ــدد من الب ــاحثين ،وك ــذلك تل ــك ال ــتي تض ــمنتها
القواميس المختلفة حيث نذكر على سبيل المثال :
" االنتباه هو ذلك النشاط االنتقــائي الـذي يمـيز الحيـاة العقليـة بحيث يتم حصــر الـذهن في عنصــر واحـد
من عناصــر الخــبرة فــيزداد هــذا العنصــر وضــوحا عمــا عــداه " ويضــيف "أســعد رزق" مفســرا " هــو تكيــف
حس ــي ينجم عن حال ــة قص ــوى من التنبي ــه أو ح ــدوث تكي ــف في الجه ــاز العص ــبي ل ــدى الك ــائن الحي " .
واعتمــادا على التعريــف الســابق يمكن أن نحــدد عمليــة االنتبــاه والعناصــر الــتي تتكــون منهــا وهــذا كمــا هــو
مبين في الشكل الموالي :
رقم الشكل
تكيف حسي ناجم 2 على
تمركز الدهن 1
عن تنبيه فعال عنصر الخبرة المحدد
عملية االنتباه
الشكل يوضح الضبط المفاهيمي لعملية االنتباه حسب ( موسوعة علم النفس ) .
-2تعريــف الموســوعة األساســية لعلم النفس " :االنتبــاه هــو توجيــه للنشــاط باألهــداف لتفعيــل ســيرورات
تلقي المعلومات لظاهرة معينة ".
-3تعريــف راضــي الــوقفي ( " : )1998االنتبــاه عمليــة توجيــه وتركــيز الــوعي على منبــه وذلــك بتوجيــه
أجهزته ــا الحس ــية اإلدراكي ــة الختي ــار معلوم ــات معين ــة لمعالجته ــا وتخص ــيص الطاق ــة الالزم ــة للقي ــام به ــذه
المعالجــة " وبــالرجوع إلى التعــارف الســابقة ،وكــل التعــارف حــول عمليــة االنتبــاه الــتي ال يتســع المجــال
لذكرها كلها نستخلص بأن كل الباحثين والعلمـاء في هــذا المجـال يتفقــون على أن االنتبـاه عمليـة معرفيـة
تنطوي على تركيز اإلدراك على مثير معين من بين عدة مثيرات من حولنا ".
إن االنتبــاه يمكن أن يتحــدد بعــدة أشــياء مثــل طبيعــة المنبهــات ،أو شــدة االنتبــاه ،أو اســتمراريته أو موقــع
المثيرات .
-1حسب طبيعة المنبهات :وهي ثالثة أنواع :
-االنتبــاه االنتقــائي التلقــائي :واالنتبــاه لمثــير يشــبع حاجــات الفــرد ودوافعــه الذاتيــة ،حيث يركــز الفــرد
انتباهه على مثير واحد من بين عدة مثيرات بيسر وسهولة .
-االنتبــاه القصــدي ( اإلرادي االنتقــائي ) :يعــد هــذا النــوع من االنتبــاه إراديــا حيث يحــاول الفــرد تركــيز
االنتباه على مثير واحد من بين عدة مثيرات .
-االنتباه القسري الالإرادي :يركـز فيـه الفـرد انتباهـه على مثـير يفـرض نفسـه عليـه بطريقـة قسـرية وبـدون
أن يبدل جهدا لالختيار بين المثيرات .
-انتباه سطحي :عندما تمر المثيرات دون أن يركز عليها الفرد .
-انتباه مستمر :يركز فيه الفرد على مثيرات لفترة طويلة نسبيا .
-انتباه متقطع :غير متصل نتيجة تعرض الفرد لمثيرات على فترات قصيرة .
-انتباه متناوب :أي يركز الفرد على مثير معين لفترة ما ثم على مثير أخـر بعـد ذلـك ثم يعـود إلى المثـير
األول .
-انتباه داخلي حيث يركز الفرد على مثيرات شخصية داخلية مثل :أعضائه و أفكاره .
-انتباه لمثيرات خارجية :مثل المثيرات االجتماعية أوالحسية (سمعية ،بصرية ،لمسية)
د -العوامل المؤثرة في االنتباه :
إن االنتبــاه يتــأثر بعــدة عوامــل ومنهــا العوامــل الداخليــة الــتي تتصــل بشخصــية الفــرد مثــل الــدوافع والميــول
واألهداف والعوامل الخارجيـة الـتي تتعلـق بـالمثير (خصائصـه ،ظـروف الموقـف ) والـتي تعمـل كلهـا على
جدب االنتباه ،كما أن هناك عوامل تعمل على تشتت االنتباه .
انعدام األمن األسري - القدرات العقلية - ضعف النمو العصبي- ضعف اإلنارة-
اضطرابات العالقات تباين االهتمامات - اإلنهاك الجسدي - الزيادة في شدة-
التفاعلية االجتماعية الحرارة والرطوبة
.مع اآلخرين عدم تحقيق اإلشباع - ضعف النوم -
البيئة المادية للصف -
انعدام الرغبة - اضطربات التوازن -
وغياب الدافعية الهرموني
12-4الذكاء
يعتبر الذكاء أحد العمليات العقلية المعرفية التي يتميز بها اإلنسان ،والذي له دور في كل جوانب حياتــه
المختلفة ،وخاصة من خالل ارتباطه بالقدرات العقلية والتأثير فيها .
ال يوج ــد تعري ــف مح ــدد لل ــذكاء ،وه ــذا ق ــد يرج ــع إلى االختالف الموج ــود بين العلم ــاء في المقارب ــات
( عالونـ ــة ، واالتجاه ـ ــات النظريـ ــة الـ ــتي تمت من خالله ـ ــا دراسـ ــة ه ـ ــذا الموضـ ــوع ،حيث أورد
) 2004التعارف التالية :
-يعرفه " بينيه " " بأنه القـدرة على اإلبـداع المسـتندة إلى الفهم الموجـه نحـو هـدف والمتصـف بـالحكم
الصحيح على األمور "
-يعرفه " وكسلر " "بأنه المقدرة الكلية للفرد على التصرف الهادف والتفكير العاقل الناجح مع البيئة ".
-يعرفه " تيرمان " على " أنه القـدرة على التفكـير المجـرد" .وهـؤالء العلمـاء الثالث سـاهموا كلهم في
بناء اختبارات للذكاء بشكل كبير .
ولقد ظهرت عدة نظريات لشرح مفهوم وطبيعة الذكاء ومنها :
إن ال ــذكاء يق ــاس باس ــتخدام االختب ــارات ال ــتي ص ــممت من أج ــل ذل ــك ،وال ــتي تمكن من حس ــاب نس ــبة
الــذكاء حيث أن العلمــاء من أمثــال "بينيــه وســيمون و وكســلر " وغــيرهم قــاموا بتصــميم وتقــنين مقــاييس
( اختبارات ) لقياس القدرة الذكائية عند األشخاص ( أطفال ،راشـدين ،ذكـور ،إنـاث ) بهـدف التعـرف
على خصائصها ومميزاتها ،وتحديد طبيعتها والفروق الموجودة بين األفراد .
ي ــرى العلم ــاء والمهتم ــون بالمج ــال ال ــتربوي من مدرس ــين وغ ــيرهم ب ــأن لل ــذكاء عالق ــة قوي ــة بالتحص ــيل
الدراسي فكلما كانت نسبة الذكاء مرتفعة فإن التحصيل الدراسي يكون مرتفعا ،حيث لوحــظ ميــدانيا أن
التالميـ ــذ الـ ــذين يظهـ ــرون قـ ــدرات عقليـ ــة مرتفعـ ــة ،ويشـ ــهد لهم بالبديهـ ــة وسـ ــرعة الفهم أي الـ ــذكاء فـ ــإن
تحصيلهم الدراسي جيد مقارنة بالتالميذ الذين يبـدون ذكـاء أقــل ،والـذين يكـون تحصــيلهم دون مســتوى
زمالئهم وهذا ما يسمى الفروق الفردية في الذكاء ،مما يتطلب من المدرس أن يراعي هذه الفروق أثنــاء
عملية التعلم .
الفروق الفردية هي االنحرافات الفردية عن متوسط المجموعة في سمة أو عدد من السمات الجسمية أو
النفســية ،أو مــدى االختالف الموجــود بين األشــخاص في إحــدى الصــفات المشــتركة بحيث تكــون هــذه
الفروق إما كبيرة أو صغيرة في مداها .
ولهـ ــذا فـ ــإن األشـ ــخاص يختلفـ ــون من حيث ذكـ ــائهم ،فهنـ ــاك العبـ ــاقرة والموهوبـ ــون واألذكيـ ــاء جـ ــدا ،
ومتوس ــطي ال ــذكاء ،وض ــعاف ال ــذكاء وغ ــيرهم من الفئ ــات ال ــتي تش ــكل المجتم ــع .إال أن ــه فيم ــا يخص
الجنســين ( الــذكور واإلنــاث ) فال توجــد فــروق دالــة في مســتوى الــذكاء العــام وإنمــا هنــاك فــروق في
القــدرات العقليــة الخاصــة حيث تتفــوق اإلنــاث في القــدرة اللغويــة والــذاكرة وســرعة اإلدراك والتحصــيل
الدراسي ،ويتفوق الذكور في القدرات العددية وإدراك المسافات والقدرة الميكانيكية .
إن وجــود الفــروق الفرديــة في الــذكاء يعــني أن كــل شــخص في المجتمــع يمتلــك القــدرة أو الصــفة ولكن
بنسب مختلفة والتعرف عليها يمكن من مراعاتها وخاصة من طرف المدرس .
المراجع :
-1أسعد زروق ،عبد اهلل عبد الدايم ،موسوعة علم النفس .
-2سيد خير اهلل ( ، )1981علم النفس التربوي -أسسه النظرية والتجريبية .
-3صالح محمد أبو جادو (، )2008معهد التربية ،اليونسكو ،عمان ،دار المسيرة .
-4عدنان يوسف العثوم ،شفيق فالح عالونـة ،عبـد الناصـر ذيـاب جـراح ،معاويـة محمـود أبـو غـزال (
، )2011علم النفس الــتربوي -النظريــة والتطــبيق ،كليــة التربيــة ،جامعــة الــيرموك ،عمــان ،األردن ،
دار المسيرة .
-5عمر لعويرة ،علم النفس التربوي ،أستاذ محاضر ،جامعة األمير عبد القادر ،قسنطينة .
-6محمــد بكــر نوفــل ،فريــال محمــد أبــو عــواد ( ، )2011علم النفس الــتربوي ،كليــة العلــوم التربويــة
الجامعية ،األونروا ،األردن ،دار المسيرة .
-7محمد جاسم العبيدي ( ، )2009علم النفس التربوي وتطبيقاته ،مركز البحـوث التربويـة والنفسـية
،عمان ،األردن ،دار الثقافة .