You are on page 1of 37

‫قسم علم االجتماع‬

‫مجموعة محاضرات في مقياس النظريات السوسيولوجية للتربية‬

‫لطلبة ماستر ‪ 1‬علم االجتماع التربوي‬

‫من إعداداألستاذ‪ :‬طيب جاب هللا المكلف بالمقياس أي محاضرة ‪+‬أعمال موجهة‬
‫هذه المعلومات خاصة بي لمن أراد ان يستفسر علي أي شيء من طلبتنا األعزاء و غيرهم‬
‫اهال ومرحبا‬

‫الهاتف‪0554335538 :‬‬
‫البريدااللكتروني‪tayeb_d75@yahoo.fr :‬‬

‫فيمايخص األعمال الموجهة ومع أنا المقياس سنوي فلقد قمت بتوزيع‬
‫عناوين البحوث قبل الفصل األول والثاني ونرجو تقديم بحوثهم عبر‬
‫البريد االلكتروني الخاص بي وعلي الطلبة الذين تعذر عليهم اجراء‬
‫البحث أو صعوبة في المراجع يمكنهم االتصال بي للمساعدة‪ K‬سواء تغيير‬
‫عنوان البحث أو ان نقدم لهم كتب أو بطاقة قراءة لكتاب في التخصص‬
‫أو غير ذلك‬
‫نفس شيء ينطبق علي طلبة السنة الثانية الذين أدرسهم مقياس الحركات‬
‫االجتماعية أعمال موجهة لقد تم تقديم البحوث ونفس ما ذكرا سابقا‬
‫ينطبق عليهم‬
‫بالتوفيق للجميع وشكرا‬
‫مجموعة محاضرات في مقياس النظريات السوسيولوجية للتربية ‪-‬‬
‫لطلبة ماستر ‪ 1‬علم االجتماع التربوي‬

‫الوظيفية‪:‬‬ ‫‪-01-‬المحاضرة األولي ‪:‬البنائــــــــــــــــــــــــــــــية‬


‫تمهيد‪:‬ـ‬

‫ظهرت النظرية البنيوية الوظيفية في أعقاب ظهور كل من البنيوية االجتماعية على‬


‫ي د ك ل من كالودس ليفي‪ ،‬س تراوس وكول دون ويزي ر وعن دما نش ر العالم ان كت ابي (أبني ة‬
‫القرابة‪ ،‬والطوطميه) والوظيفة على أيدي كل من ماركس فيبر ووليم كراهام سينجر‪ ،‬علما‬
‫بأن ظهورها كان كره فعل للتراجع والضعف واإلخفاق الذي منيت بعه كل من البنيوية‬
‫والوظيفي ة لك ون ك ل منهم ا أحادي ة الج انب‪ ،‬ذل ك أن البنيوي ة تفس ر المجتم ع والظ اهرة‬
‫االجتماعية وفقا لألجزاء والمكونات والعوامل التي يتكون منها البناء االجتماعي بعيدا عن‬
‫وظائف هذه األجزاء والنتائج المتمخضة عن وجودها‪ ،‬في حين أن الوظيفية تفسر الظاهرة‬
‫االجتماعية تفسيرا يأخذ بعين االعتبار نتائج وجودها وفعاليتها بعيدا عن بنائها واألجزاء‬
‫التي تتكون منها لهذا ظهرت النظرية البنيوية الوظيفية‪.‬‬

‫‪-‬تعريف النظرية البنيوية البنائية الوظيفية‬

‫‪1‬‬
‫‪‬يعرف المعجم الدولي البنائية‪:‬ـ هي رؤية في نظرية التعليم والنمو الطفل قوامها أن الطفل‬
‫يكون في بناء التفكير لديه نتيجة تفاعل قدراته الفطرية مع الخبرة‪.‬‬

‫‪‬ويعرفها كانيل وريف ‪ :Cannel Reiff 1994‬بأنه ا إبس تمولوجيا (علم المعرف ة) وهي‬
‫نظري ة تعلم تق دم ش رحا لطبيع ة المعرف ة وكيفي ة تعلم الف رد كم ا أن األف راد يبن ون‬
‫معارفهم‬

‫‪‬ومف اهيمهم الجدي دة من خالل التفاع ل بين مع ارفهم الس ابقة ومعتق داتهم وأفك ارهم م ع‬
‫‪1‬‬
‫النشاطات التي يقومون بها‪.‬‬

‫أحمد‪ ،‬سمير نعيم‪ ،‬النظرية في علم االجتماع‪ ،‬القاهرة دار المعارف‪1985 ،‬م‪ ،‬ص ‪.06‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪1.1‬يعرفهــا بيلت‪ :‬أن النظري ة البنائي ة تق وم على فك رة أن ه توج د دواف ع فطري ة ل دى الف رد لفهم‬
‫العالم من خالله‪ ،‬وبدال أن يستحوذ أو يستقبل بسلبية المعرفة المستهدفة الجديدة‪ ،‬يبني المتعلمون‬
‫المعرف ة بفعالي ة عن طري ق تكام ل المعلوم ات الجدي دة والخ برات م ع م ا فهم وه في الس ابق كم ا‬
‫يقومون بتعديل وتفسير معارفهم السابقة لتتوافق مع المعرفة الجديدة‪.‬‬

‫ولق د تع ددت تعريف ات البنائي ة في الكتاب ات التربوي ة ويمكن تقس يم ه ذه التعريف ات إلى قس مين‬
‫رئيسيين هما‪:‬‬

‫‪‬القســم األول‪ :‬ينظ ر إلى البنائي ة كنظري ة في المعرف ة باعتباره ا ت رى أن ك ل ف رد يب ني المعرف ة‬


‫بنفسه وعلى ذلك المعرفة يتم بناؤها وال يتم تلقيها بصورة سلبية‪ ،‬ووظيفة المعرفة على ذلك‬
‫تكيفية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪‬القسم الثاني‪ :‬ينظر إلى البنائية كنظرية في التعلم حيث أن التعلم لكي يحدث‬

‫يحتاج إلى بناء أو إعادة بناء المخططات العقلية للفرد بواسطة عمليات عقلية معينة وعلى هذا‬
‫‪2‬‬
‫فالعلم يحدث نتيجة تولد شخصي للمعنى من خالل الخبرات التي يمر بها المتعلم‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬يمكن اعتبار البنائية الوظيفية توجه اً نظري اً أكثر منها نظرية‪ ،‬ألنها تجمع العديد من‬
‫النظري ات ذات الج وهر المع رفي الموح د (الت وازن والتكام ل من خالل األدوار الوظيفي ة) مث ل‪:‬‬
‫نظرية النسق االجتماعي ‪ ،‬التبادل االجتماعي‪ ،‬المعوق الوظيفي‪......‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ 2.1‬جذور النظرية‪:‬‬
‫اكتس بت النظري ة البنائي ة ش عبية كب يرة في الس نوات األخ يرة على ال رغم من أن فكرته ا‬
‫ليس ت حديث ة إذ يمكن مالحظ ة االتجاه ات نح و النظري ة البنائي ة من خالل أعم ال من س قراط‬
‫وأفالط ون وأرس طو (من ‪ 470 ،320‬ق م) وال ذين تح دثوا جميع ا عن تك وين المعرف ة أم ا س ن‬
‫أغستين (منتصف ‪ 300‬ق م) فيقول‪ " :‬يجب االعتماد على الخبرات الحسية عندما يبحث الناس‬
‫عن الحقيق ة "‪ ،‬وعلى ال رغم من أن الفلس فة الرئيس ية للبنائي ة تنس ب إلى ج ان بياجي ه (‪-1986‬‬
‫‪ )1980‬إال أن بستالوزي (‪ )1827 -1746‬قد أتى بنتائج مشابهة قبل أكثر من قرن على ذلك‬

‫‪.www. Social / ar. Com1‬‬


‫‪ ، .Social / ar. Com2‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫إذ أك د على ض رورة اعتم اد الط رق التربوي ة على التط ور الط بيعي للطف ل وعلى مش اعره‬
‫وأحاسيس ه وه و ب ذلك أك د أهمي ة الح واس ك أدوات للتعلم ون ادى برب ط من اهج التعليم بخ برات‬
‫األطفال التي تتوافق وحياتهم في بيوتهم وبيئاتهم العائلية‪ ،‬هكذا إذ نستطيع القول أن البنائية تعد‬
‫نظرية في المعرفة منذ زمن طويل يمتد عبر القرون‪ ،‬وليس غريبا رؤية هذا التكرار من عدة‬
‫فالسفة ومنظرين عبر هذا التاريخ في حين يبقى المنظر الحديث الوحيد الذي حاول تركيب هذه‬
‫األفكار المتعددة في نظرية متكاملة وشاملة شكلت فيها بعد األسس الحديثة لعلم النفس النمو‪ ،‬هو‬
‫العالم جان بياجيه‪ ،‬إذ قام بتوحيد الفلسفة وعلم النفس لتحويل انتباه الناس إلى االهتمام بالتفكير‬
‫‪1‬‬
‫والذكاء لدى األطفال وفاتحا الطريق إلى نظرة ومنظمة جديدة في التربية وعلم النفس‪.‬‬

‫‪ :‬أصول النظرية البنائية‪.‬ـ‬ ‫المحاضرة الثانية‬ ‫‪3.1‬‬

‫أص ول نابع ة من أعم ال أش هر ال رواد في علم االجتم اع الح ديث وه و الفرنس ي إمي ل‬
‫دوركايم الذي اهتم خصوصا بسبل استقرار النظام االجتماعي وتكامل عناصره وبنياته وفي هذا‬
‫اإلط ار تق ول المقارب ة الوظيفي ة أن للتعليم العدي د من الوظ ائف الهام ة في المجتم ع‪ ،‬فه و يمه د‬
‫األطف ال ويع دهم لالن دماج في المجتم ع عن طري ق المعرف ة أوال‪ ،‬ثم ع بر تلقيهم المب ادئ الديني ة‬
‫واألع راف والع ادات والتقالي د المحلي ة والقيم األخالقي ة والسياس ة‪ ،‬ويعتق د رواد ه ذه النظ رة‬
‫المحافظ ة أيض ا أن التربي ة والتعليم يخ دمان البني ة الس لمية للمجتم ع كك ل‪ ،‬من خالل إلزامي ة‬
‫التدريس التي تؤدي إجم اال إلى تقويم الكبير من السلوكات المنحرفة أو تفاديها‪ ،‬وتجد اإلشارة‬
‫إلى أن بعض الدراسات صنفت المقاربات الوظيفية إلى‪:‬‬

‫‪ -‬المقاربــة الوظيفيــة الكالســيكية‪ :‬وتق وم على فك رة الف وارق الوراثي ة حيث أن المدرس ة ته دف‬
‫إلى تربي ة جمي ع المتعلمين حس ب مع ايير أخالقي ة واجتماعي ة موح دة‪ ،‬وذل ك بغي ة االن دماج في‬
‫المجتم ع‪ ،‬لكن في ال وقت نفس ه‪ ،‬تف رق المدرس ة بين المتمدرس ين‪ ،‬فمن يمتل ك الق درات الوراثي ة‬
‫كالذكاء مثال يتم انتقاؤه لتولية المناصب المتباري عليها في إطار من النزاهة والشفافية واعتمادا‬
‫على معايير علمية موضوعية مضبوطة‪.‬‬

‫جلبي علي عبد الرزاق‪ ،‬وآخرون‪،‬نظرية علم االجتماع واالتجاهات الحديثة والمعاصرة‪ ،‬االسكندرية‪ ،1998 ،‬ص ‪16‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -‬المقارب ــة الوظيفي ــة التكنولوجي ــة‪ :‬ظه رت ه ذه المقارب ة م ا بين خمس ينات وس تينات الق رن‬
‫الماض ي‪ ،‬لتجع ل من المدرس ة أداة لتك وين الي د العامل ة وتأهيله ا به دف تحري ك عجل ة االقتص اد‬
‫‪2‬‬
‫وتطوير المقاوالت الصناعية والتقنية‪.‬‬

‫‪ -‬للنظرية الوظيفية جذوراً إبستيمولوجية ومعرفيةً نجدها لدى علماء االجتماع األوائل أمثال‬
‫(سان سيمون و اوجست كونت و اميل دور كايم و مارسيل موس و ماكس فيبر)‪.‬‬
‫‪ -‬بدء من العقود األولى للقرن العشرين أخذت الوظيفية بالهيمنة على ساحة علم االجتماع‪،‬‬
‫خاصة بعد أن نشطت المدرسة االنجلوسكسونية التي ضمت كال من (روبرت ميرتون و راد‬
‫كليف براون و تالكوت بارسونز) في انجاز أبحاث استندت إلى النظرية الوظيفية أو ما عرف‬
‫بالبنائية الوظيفية‪.‬‬
‫وب دأ تعام ل البنائي ة الوظيفي ة م ع الظ واهر م ع س ان س يمون لم ا اع ترف بمفه وم المواطن ة‬
‫وأعلى من شأنه على حساب مفهوم كونت‪ ،‬ثم لما اعتبر الدين ظاهرة اجتماعية وجردها من ك ل‬
‫مق دس‪ .‬ولكن م ع اوجس ت ك ونت ك ان التعام ل ال واقعي م ع الظ واهر ابل غ أث را حيث جع ل من‬
‫ظاهرة الدولة ظاهرة نمطية فقسمها إلى ثالثة أقسام ‪ /‬أنماط تعبر عن ثالث مراحل هي‪:‬‬
‫‪ -‬الدولة الثيولوجية تعبير عن المرحلة الالهوتية‪.‬‬
‫‪ -‬الدولة الميتافيزيقية تعبير عن المرحلة الفلسفية \الميتافيزيقية – الطبيعية‪.‬‬
‫‪ -‬الدولة العلمية تعبير عن المرحلة األخيرة ‪ /‬الصناعية أو الفكر الوضعي العلمي‪.‬‬
‫عن المحددات العلمية المرجعية للوظيفية سيكون أمامنا اثنتين من المرجعيات هما‪:‬‬
‫‪ -‬األولى‪ :‬هي العلوم الطبيعية‬
‫‪ -‬الثانية‪ :‬هي العلوم البيولوجية‬
‫نجد أوجست كونت يعرف الظواهر االجتماعية تماما مثل تعريفه للظواهر الطبيعية ومثال ذلك‬
‫تعريفه للدين كظاهرة اجتماعية تولد وتنمو وتكبر ثم تشيخ‪.‬‬
‫ال شك أن هاتين المرجعيتين ( الطبيعية والبايولوجية ) أرستا مبدأين أساسيين انطلقت منهما المقاربة الوظيفية‬
‫هما‪:‬‬

‫عمر معن خليل‪ ،‬نظريات معاصرة في علم االجتماع‪ ،‬األردن‪1997 ،‬م‪ ،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪5‬‬
‫االول‪ :‬إن المجتمع مثل الجسم البشري كلية متكاملة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إن كل عضو من أعضاء هذا الجسم ال يمكن فهمه إال في إطار كلية‪.‬‬
‫ومنها تم استنتاج األفكار الرئيسة التي تعتمد عليها النظرية الوظيفية‪:‬‬
‫‪ -)1‬يمكن النظر إلى أي شيء سواء كان فرداً‪ ،‬أو جماعة على أنه نسق أو نظام‪ ،‬وهذا النسق‬
‫يتألف من عدد من األجزاء المترابطة‪.‬‬
‫‪ -) 2‬لكل نسق احتياجات أساسية ال بد من الوفاء بها‪ ،‬للحفاظ على توازن البناء الكلي ولتفادي‬
‫التغير والالاستقرار‪.‬‬
‫‪ -)3‬ال ب د أن يك ون النس ق دائم اً في حال ة ت وازن‪ ،‬ولكي يبقى ك ذلك فال ب د أن تل بي أج زاؤه‬
‫المختلفة احتياجاته‪ ،‬فإذا اختلت وظيفة أحد األجزاء فإن الكل يصبح في حالة عدم اتزان‪.‬‬

‫‪ -)4‬كل جزء من أجزاء النسق قد يكون وظيفي اً‪ ،‬أي يسهم في توازن النسق‪ ،‬وقد يكون ضاراً‬
‫وظيفياً‪ ،‬أي يقلل من توازن النسق‪ ،‬وقد يكون غير وظيفي‪ ،‬أي عديم القيمة بالنسبة للنسق‪.‬‬
‫‪ -)5‬يمكن تحقيق كل حاجة من حاجات النسق بواسطة عدة متغيرات أو بدائل‪ ،‬فحاجة المجتمع‬
‫لرعاية األطفال مثالً يمكن أن تقوم بها األسرة‪ ،‬أو دار الحضانة‪ ،‬وحاجة المجتمع إلى التماسك‪،‬‬
‫قد تتحقق عن طريق التمسك بالتقاليد‪ ،‬أو عن طريق الشعور بالتهديد من عدو خارجي‪.‬‬
‫‪ -)6‬وحدة التحليل يجب أن تكون األنشطة أو النماذج المتكررة‪ .‬فالتحليل االجتماعي الوظيفي‪،‬‬
‫ال يح اول أن يش رح كي ف ت رعى أس رة معين ة أطفاله ا‪ ،‬ولكن ه يهتم بكيفي ة تحقي ق األس رة كنظ ام‬
‫له ذا اله دف‪ .‬وه دف التفس ير ال وظيفي‪ ،‬ه و الكش ف عن كيفي ة إس هام أج زاء النس ق في تحقي ق‬
‫النسق ككل‪ ،‬ال استمراريته‪ ،‬أو في اإلضرار بهذه االستمرارية‪ .‬وقد سميت هذه النظرية بالبنائية‬
‫الوظيفية ألنها تحاول فهم المجتمع في ضوء البنيات التي يتكون منها‪ ،‬والوظائف التي تؤديها‬
‫هذه البنيات‪.‬‬
‫‪ 4.1‬أهم أفكار للنظرية البنائية‪ :‬تحتوي هذه النظرية على مجموعة من األفكار‬

‫‪-1‬يمكن النظ ر إلى أي ش يء س واء ك ان ك ائن حي أو اجتم اعي أو ك ان ف رد أو مجموع ة ص غيرة‬


‫على أنه نسق أو نظام يتألف من عدد من األجزاء المترابطة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪-2‬لكل نسق احتياجات أساسية ال بد من الوفاء بها وإ ال فإنه سيتغير تغير جوهري‪.‬‬

‫‪-3‬ال ب د أن يك ون النس ق دائم ا في حال ة ت وازن وكي يبقى ك ذلك فال ب د أن تل بي أجزائ ه المختلف ة‬
‫واحتياجاته‪.‬‬

‫‪-4‬كل جزء من أجزاء النسق قد يكون وظيفي أي يسهم في التوازن النسق ويكون ضارا وظيفيا‬
‫أي يقلل من توازن النسق‪.‬‬

‫‪-5‬يمكن تحقيق كل حاجة من حاجات النسق بواسطة عدة متغيرات أو بدائل‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪-6‬وحدة التحليل يجب أن تكون مجموع األنشطة و النماذج المتكررة‪.‬‬

‫‪ :‬أهم المفاهيم واالفتراضات للنظرية البنائية‪.‬ـ‬ ‫المحاضرة الثالثة‬ ‫‪5.1‬‬

‫‪-‬مفاهيم النظرية البنائية‪.‬‬

‫‪ -1‬التكيف‪ :‬التعلم ه و تكي ف عض وية الف رد م ع معطي ات وخص ائص المحي ط الم ادي واالجتم اعي‬
‫عن طريق استدماجها في مقوالت وتحويالت وظيفية‪.‬‬

‫‪-2‬التالؤم‪ :‬وه و تغ ير في اس تجابات ال ذات بع د اس تيعاب معطي ات الموق ف أو الموض وع باتج اه‬
‫تحقيق التوازن‪.‬‬

‫‪-3‬االســتيعاب والمالئمــة‪ :‬االس تيعاب ه و إدم اج للموض وع في بني ات ال ذات والمالئم ة هي تالؤم‬
‫الذات مع معطيات الموضوع الخارجي‪.‬‬

‫‪-4‬الضبط الذاتي‪ :‬هو نشاط الذات باتجاه تجاوز االضطراب‪.‬‬

‫‪-5‬الســيرورات االجرائيــة‪ :‬إن ك ل درج ات التط ور والتجري د في المعرف ة تنم و في التالزم ج دلي‬
‫وتتأسس كلها على قاعدة العمليات اإلجرائية أي األنشطة العلمية الملموسة‪.‬‬

‫‪-6‬التمثل والوظيفة الرمزيـة‪:‬ـ التمث ل عن د ج ان بي اجي م ا ه و س وى الخريط ة المعرفي ة ال تي يبنيه ا‬


‫الفكر عن عالم الناس واألشياء‪ ،‬وذلك بواسطة الوظيفة الترميزية كاللغة واللعب الرمزي‪.‬‬

‫‪-7‬خطط الفعل‪ :‬الخطط هو نموذج سلوكي منظم يمكن استعماله استعماال قصديا‪ ،‬وهي تمثل ذكاء‬
‫‪2‬‬
‫هاما يعد منطلق الفعل العملي الذي يحكم الطور الحسي الحركي من النمو الذهني‪.‬‬
‫أبو طحون عدلي‪ ،‬النظريات االجتماعية المعاصرة‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬دون ط‪ ،‬ص ‪.30‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.Msila, socio, yoo 7, com‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪7‬‬
‫‪6.1‬خصائص وأهداف النظرية البنائية الوظيفية‪:‬‬

‫تمتاز النظرية البنائية بالخصائص التالية‪:‬‬

‫ترفض الممارسات البنائية التلقي السلبي للمعرفة الذي يتبناه المسلك التقليدي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تشجيع البنائية لتكوين المتعلم للمعنى بنفسه‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تؤكد على مشاركة المتعلم النشاط في عملية التعلم بما يؤدي لفهم أفضل واحتفاظ أفضل‬ ‫‪-‬‬
‫بالمعلومات‪.‬‬

‫تؤكد الكثير من األبحاث أن ربط المعارف الجديدة بالمعرفة السابقة هي ضمان لتنظيمها‬ ‫‪-‬‬
‫بصورة أفضل وهذا ما تدعوا إليه البنائية‪.‬‬

‫العم ل الجم اعي م ع االع تراف بذاتي ة الف رد وجعل ه واعي ا ب دوره ومس ؤليته الفردي ة يق وم‬ ‫‪-‬‬
‫لتعلم أفضل‪.‬‬

‫ترجع قوة البنائية إلى أنها تركز على عدة مبادئ مهمة أن التكوين المفاهيمي ينشأ من‬ ‫‪-‬‬
‫خالل التفاع ل بين المعرف ة الس ابقة والمعرف ة الحالي ة وأن المعرف ة مؤقت ة‪ ،‬ويتم اختباره ا‬
‫بصورة مستمرة ويتم الحكم عليها بواسطة بعض المعايير مثل قابليتها للتطبيق وقابليتها‬
‫‪1‬‬
‫للتصديق‪.‬‬

‫‪ 7.1‬أهداف البنائيةـ الوظيفية‪ :‬تتحدد األهداف المعرفية للتعلم تبعا للنظرية البنائية الوظيفية في‬
‫ثالثة أهداف كما يلي‪:‬‬

‫االحتفاظ بالمعرفة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫فهم المعرفة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬


‫‪2‬‬
‫االستخدام النشط للمعرفة ومهارتها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪ 8.1‬االفتراضات النظرية البنائية الوظيفية‪:‬‬

‫حدد "ميرل" و "جونز" هذه االفتراضات فيما يلي‪:‬‬

‫غيث محمد عاطف‪ ،‬تاريخ النظرية في علم االجتماع‪ ،‬دار المعارف الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،1987 ،‬ص ‪.35‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.www. Startimes. Com2‬‬

‫‪8‬‬
‫‪-1‬التعلم البنائي‪ :‬ويعني أن المعرفة تبنى من خالل الخبرة والتعلم عملية بنائية‪.‬‬

‫‪-2‬التفسير الشخصي‪ :‬ويعني أنه ال توجد نتائج واقعية مشتركة والتعلم هو نتائج للتفسير الشخصي‬
‫للخبرة‪.‬‬

‫‪-3‬التعلم عملية نشطة‪ :‬ويعني أن التعلم عملية نشطة ينمو فيها المعنى على أساس الخبرة‪.‬‬

‫‪-4‬التعلم عملية تعاونية‪ :‬ويعني أن دور التعلم هو االرتقاء بالتعاون مع المجاالت األخرى‪.‬‬

‫‪-5‬تحديد التعلم‪ :‬ويعني أن التعلم ال بد أن يحدث في بيئة واقعية‪.‬‬

‫‪-6‬تكامل االختبارات‪ :‬ويعني أن االختبار ال بد أن يكون متكامال مع المهمة الموضوعية له وليس‬


‫نشاطا قائما بذاته‪.‬‬

‫‪ 9.1‬األسس البنائية الوظيفية‪:‬‬

‫‪-‬تبنى البنية على التعلم وليس على التعليم‪.‬‬

‫‪-‬تشجيع وتقبل استقاللية ومبادرة المتعلمين‪.‬‬

‫‪-‬تشجيع البحث واالستقصاء لدى المتعلمين‪.‬‬

‫‪-‬تؤكد على دور الناقد للخبرة‪.‬‬

‫‪-‬تؤكد على النموذج العقلي للمتعلم في الحسبان‪.‬‬

‫‪-‬تؤكد على األداء والفهم عند تقيم التعلم‪.‬‬

‫‪-‬تؤسس على مبادئ النظرية المعرفية‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪-‬تزود المتعلمين بالفروض الالزمة لبناء المعرفة والفهم من خالل الخبرات‪.‬‬

‫‪ 10.1‬أهم الرواد ونماذج النظرية في التدريس وانتقاداتها‪.‬‬

‫‪:‬رواد النظرية االبنائية الوظيفية‪.‬‬ ‫المحاضرة الرابعة‬ ‫‪-‬‬

‫شتا السيد علي‪ ،‬نظرية علم االجتماع‪ ،‬مكتبة اإلشعاع الفنية‪ ،‬القاهرة‪ ،1997 ،‬ص ‪.55‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪9‬‬
‫‪" -1‬تالكوت بارسونز"‪ :‬أحد أبرز رواد علم االجتماع األمريكي بشكل عام والوظيفي بشكل خاص‪،‬‬
‫تخ رج من كلي ة هامرس ت ك انت البيولوجي ا درس االقتص اد في لن دن‪ ،‬وأع د أطروحت ه‬
‫للدكتوراه حول مفهوم الرأسمالية عند ماكس فيبر‪ ،‬وله عدة مؤلفات‪:‬‬

‫بناء الفعل االجتماعي‪ -‬النسق االجتماعي‪ -‬نظرية علم الفعل‪.‬‬

‫بعض األفكار الهامة لدى بارسونز‪:‬ـ التركيز على مفهوم النسق االجتماعي‬

‫‪-‬االعتقاد أن الفعل االجتماعي هو الموضوع الحقيقي لعلم االجتماع‪.‬‬

‫‪-‬اهتمام بارسونز بالنظم التي يعرفها بأنها مركب من األنماط التنظيمية المالئمة للتنظيم كوحدة‬
‫بنائية في النسق االجتماعي‪.‬‬

‫‪-‬وأن نظرية الحدث التي بلور معالمها بارسونز تدرس األنساق الثالثة وهي ‪ :‬الثقافة والشخصية‬
‫والنظام االجتماعي‪.‬‬

‫أما المعطيات الوظيفية للنظام االجتماعي‪ :‬تحقيق وتهيئة الظروف األساسية التي تساعد النسق‬
‫االجتم اعي على البق اء واالس تمرارية والتط ور ومن ه ذه الظ روف تنش ئة األطف ال وتزوي دهم‬
‫بالمهارات والقيم التي يعتز بها المجتمع‪.‬‬

‫‪" -2‬روبرت ميرتون" ‪ :‬تأثر ميرتون بشكل مباشر بأساتذته الذين درسوه علم االجتماع بعد مرحلة‬
‫البكالوريس أمثال‪ :‬بيرتم‪ ،‬سوروكن‪ ،‬بارسونز‪.‬‬

‫إسهاماته‪ :‬اقترح روبرت ميرتون إدخال بعض التعديالت على النظرية الوظيفية ولكنه بدأ في‬
‫نفس المس لمات النظري ة واأليديولوجي ة ال تي يب دأ به ا ك ل أص حاب االتج اه ال وظيفي وأص حاب‬
‫‪1‬‬
‫االتجاه العضوي من قبلهم‪.‬‬

‫وقد استخدم ميرتون كلمة وظيفية بمعنى اإلجراءات البيولوجية أو االجتماعية التي تساعد على‬
‫اإلبقاء على النسق وعلى تكيفيه أو توافقه وهذه اإلجراءات ومدى قابليته للمالحظة‪.‬‬

‫‪-‬الفــروض األساســية الــتي قــدمها مــيرتون‪ :‬رأي م يرتون أن ه ذه االفتراض ات غ ير ص حيحة‬


‫ولذلك فإنه أقام نظريته على فروض أساسية بديلة هي‪:‬‬

‫‪.www. Ta3lime. Com‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -1‬العناصر االجتماعية أو الثقافية قد تكون وظيفية بالنسبة لمجموعات معينة وغير وظيفية بالنسبة‬
‫لمجموع ات غيره ا‪ ،‬وعلى ذل ك فال ب د من تع ديل فك رة أن أي عنص ر اجتم اعي أو ثق افي‬
‫يكون وظيفيا بالنسبة للمجتمع بأسره‪.‬‬

‫‪ -2‬أن نفس العنص ر ق د تك ون ل ه وظ ائف متع ددة ونفس الوظيف ة يمكن تحقيقه ا بواس طة عناص ر‬
‫مختلفة‪.‬‬

‫‪-‬إسهامات ميرتون في التحليل الوظيفي‪:‬‬

‫يرى دون مارتنديل‪ ،‬أن ميرتون قد أضاف إلى التحليل الوظيفي إضافتين رئيسين هما‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أنه قدم مفهوم المعوقات الوظيفية أو األضرار الوظيفية والذي يعني به تلك النتائج القابلة‬
‫للمالحظة والتي تقلل من تكيف أو النسق أو توافقه‪.‬‬

‫ثانيــا‪ :‬أن ه م يز بين ن وعين من الوظيف ة (الوظيف ة الظ اهرة والوظيف ة الكامن ة) وقص د م يرتون‬
‫بالوظيفة الظاهرة النتائج الموضوعية التي يمكن مالحظتها والتي تسهم في الحفاظ على النسق‪،‬‬
‫والتي يقصدها المشاركون في النشاط أما الوظيفة الكامنة فهي التي لم تكن مقصودة أو متوقعة‬
‫‪1‬‬
‫مثال ذلك الدور الدين في تحقيق التكامل االجتماعي‪.‬‬

‫‪ 11.1‬مقتضيات استخدام البنائية الوظيفية‪.‬‬

‫‪ -1‬من الضروري أن يعرف المعلم كيفية بناء كل تلميذ من تالميذه لمعرفته وحينئذ يمكن مساعدة‬
‫ك ل تلمي ذ أن يكتس ب الخ برة الجدي دة‪ ،‬ويتم ذل ك ب أن يق دم المعلم بعض األس ئلة الكاش فة ال تي‬
‫توضح إن كان لديه خبرة سابقة وبنيات لها عالقة بالموضوع الجديد من عدمه‪.‬‬

‫‪-2‬الذاتي ة عليه ا وبالطريق ة ال تي ت روق لك ل منهم من خالل اس تخدام المعلم لبعض التوجه ات‬
‫‪2‬‬
‫البسيطة‪.‬‬

‫‪-3‬من الضروري أن يتفاعل المعلم في العملية البنائية مع كل واحد من تالميذه على حده لكي ي رى‬
‫كيف يقوم كل منهم ببناء المعرفة ويساعد التلميذ على تشكل المعلومة وإ ضفاء صفة‬

‫‪ 12.1‬نماذج التدريس القائمة على البنائية الوظيفية‪.‬‬


‫‪1‬‬

‫محمد سعيد فرح‪ ،‬بناء نظرية علم االجتماع‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪1999 ،‬م‪ ،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪11‬‬
‫‪‬نموذج التغير المفهومي‪.‬‬
‫‪‬نموذج التعلم البنائي‪.‬‬
‫‪‬نموذج التعلم المرتكز والمتمركز حول المشكلة‪.‬‬
‫‪‬النموذج الواقعي‪.‬‬
‫‪‬نموذج دورة التعلم‪.‬‬
‫‪‬نموذج التحليل البنائي‬
‫‪‬النموذج التوليدي‬
‫وجمي ع النم اذج البنائي ة الس ابقة ال تخ رج عن كونه ا إج راءات تمكن الط الب من القي ام بالعدي د‬
‫من النش اطات العلمي ة ومش اركتهم الفعال ة فيه ا ليس تنتج المعرف ة بنفس ه ويح دث عن ده التعلم‬
‫‪1‬‬
‫لمستويات متقدمة تؤدي إلى تنظيم البيئة المعرفية له‪.‬‬

‫‪ 13.1‬نقد البنائيةـ الوظيفية‪:‬‬


‫‪-1‬تنحص ر البنائي ة الوظيفي ة الحقيقي ة في ن واتج العملي ات المعرفي ة أك ثر منه ا ن واتج العملي ات‬
‫المعرفية أكثر منها نواتج التركيب التاريخي واالجتماعي والثقافي‪.‬‬
‫‪-2‬التركيز على التفكير الوسائلي يجعل الفرد مجرد أداة في يد التكنولوجيا‪ 2.‬وليس لخدمة المجتمع‬
‫كم ا أن الترك يز على أس لوب ح ل المش كلة ينمي جانب ا واح دا من التفك ير فق ط وه و التفك ير‬
‫االستداللي الذي يخدم المجتمعات التكنولوجية الصناعية في حين يتجاهل أنماط التفكير الذي‬
‫يتعرض لها‪.‬‬
‫‪-3‬تفرض البنائية على الطالب ضغوطا معرفية عليا قد ال يقومون بها‪.‬‬
‫‪-4‬مهما منح المعلم طالبه فرصة التعبير عن أنفسهم فإنه يتحكم بصراحة فيما يقال وكذلك يتحكم‬
‫في الق رارات ال تي يتم التوص ل له ا مم ا يجع ل الطالب يش عرون بع دم وج ود ص دى لم ا‬
‫يرونه‪.‬‬
‫‪-5‬ليس كل المعرفة يمكن بناؤها بواسطة الطالب فكيف يمكن للطالب بالمرحلة اإلعدادية أن يصل‬
‫بنفسه لمعلومة‪.‬‬

‫‪.Com . .www.kenamaomlime‬‬ ‫‪1‬‬

‫أبو طحون عدلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.175‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪12‬‬
‫‪-6‬تتسم معظم مهام التعلم بالتعقيد المعرفي وغالبا ما يتضمن موقف التعلم مشكلة يبذل فيها المتعلم‬
‫جهدا ليصل لحلها‪ ،‬ويتطلب حل المشكلة أن يكون المتعلم ممتلكا لخلفية معرفية وثيقة الصلة‬
‫‪3‬‬
‫بالمشكلة‪ ،‬وال ستصبح بالنسبة له مشكلة معقدة معرفيا‪.‬‬
‫والخالصة أن االتجاه البنائي الوظيفي منذ التلميح إليه على يد (وليام روبرتسون سميث)‬
‫ووضع حجر أساسه على يد (دوركا) وترميمه وتحسينه على يد(بارسونز) و(ميرتون) وآخرين‬
‫ظل مرتبطا بالعلم الطبيعي خاصة علوم الحياة والكيمياء وا لميكانيكا‪ .‬كما أن مفهوماته كانت‬
‫تلقح بعضها وتخصبها فبدأت محددة بالبناء والوظيفة لتكثر وتتعدد مشتقات كل منهما‪ .‬ولقد‬
‫انصب التركيز على الجوانب الثابتة من النسق أكثر من األبعاد الدينامكية المتغيرة وكانت‬
‫األبعاد الثقافية للنسق أكثر استخداماً في التفسير من غيرها من مكونات النسق األخرى‪ .‬ومن‬
‫أوجه النقد التي طالت هذا التوجه النظري‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الجوانب التي بالغت النظرية في التأكيد عليها‪:‬‬
‫‪ -‬بالغت في محاكاة العلوم الطبيعية‬
‫‪ -‬بالغت في تقدير أهمية االشتراك في القيم‬
‫ثانيا‪ :‬الجوانب التي أغفلتها النظرة‬
‫‪ -‬الوظيفية لم تستطع أن تحتوي التغير االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬قللت النظرية من أهمية الصراع في اﻟﻤﺠتمع‬
‫‪ -‬تنظر البنيوية إلى عالمية ( وحدة) المعايير التي تتحكم في دراسة المظ اهر الثقافي ة‪ .‬إذ أن‬
‫تنوع الثقافات يؤدي إلى تنوع التعبير عنها‪ ،‬لكن البنى التي تتحكم في هذه المع ايير متماثل ة‪.‬‬
‫· البحث البنيوي يقوم على مالحظات إمبريقية تشكل خطوة مركزية الكتشاف البنى الالشعورية‬
‫ة‪.‬‬ ‫اهر الثقافي‬ ‫للمظ‬

‫‪:‬‬ ‫‪ -‬المحاضرة الخامسة‬


‫‪ -‬بنيوية بيير بورديو‪:‬‬

‫أبو طحون عدلي ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.175‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪13‬‬
‫ال شك أن بيير بورديو عالم اجتماع موسوعي لم يقدم على مغامرة علمية قبل أن يستطلع‬
‫الطروحات التي سبقته لصياغة نظريته‪ .‬وعليه فقد شكلت بنيوية ليفي شتراوس مفتاحا لدراسات‬
‫بنيوي ة أش د عمق ا وفهم ا وج دة بم ا أنه ا انطلقت من رؤي ة تك رار الب نى باعتباره ا عملي ة ليس ت‬
‫جامدة بقدر ما هي متحركة ونشطة‪ ،‬هذا التصور لشتراوس جاء معاكسا تماما للدراسات البنيوية‬
‫التقليدي ة ح ول الجماع ات اإلثني ة وال تي ك انت تكتفي بمالحظ ة ثب ات البني ات وتكراره ا دون أن‬
‫تبحث عن تفس ير له ذا الثب ات‪ .‬وهي في واق ع تص ورات األم ر ذات طبيع ة اس تعمارية رافقت‬
‫الحركة االستعمارية األوروبية التي انطلقت في القرن‪ 19‬ولم تر حينذاك في المجتمعات القديمة‬
‫إال بنى ثابتة أو مجتمعات بال تاريخ‪ .‬وعلى العكس من ذلك جاءت بنيوية شتراوس عبر " البنى‬
‫األولية للقرابة " لتفضح هذا التوجه من خالل مهمة حددها شتراوس لنفسه وهي "كشف األنساق‬
‫المس تترة للعالق ات والقي ام بتنظيمه ا" لتفتح باب ا للتقص ي بال ح دود‪ .‬ه ذه األطروح ة ج اءت ح تى‬
‫بخالف ما ذهب إليه الطرح الماركسي الذي حصر تفسير البنية بالعامل االقتصادي بما في ذلك‬
‫البنيوي ة الفيبري ة ال تي ح اولت التعم ق أك ثر حين رك زت على الدراس ات الطبقي ة والحظت م دى‬
‫ة‬ ‫ايير الطبقي‬ ‫د المع‬ ‫عوبة في تحدي‬ ‫الص‬
‫في البنيوية التكوينية ينطلق بورديو من رؤية المدى االجتماعي (المدى الحيوي) كحقل‬
‫من الص راعات االجتماعي ة ال تي تق ع في نط اق الطبق ات‪ .‬ه ذه الص راعات الطبقي ة ال تي ينبغي‬
‫النظ ر إليه ا بعي دا عن المحت وى الماركس ي التقلي دي للص راع الطبقي‪ ،‬ب ل بمحت وى أح د المف اهيم‬
‫المركزية في البنيوية التكوينية وهو الهابيتوس بوصفه منهجية ذات محتوى ثقافي وظيفتها إع ادة‬
‫افي‪.‬‬ ‫وى الثق‬ ‫بر المحت‬ ‫هع‬ ‫ل وتكريس‬ ‫راع الطبقي ب‬ ‫اج الص‬ ‫إنت‬

‫إذن الكلمات التي يستعملها بورديو مستعارة حقيقة من الماركسية‪ ،‬ويقدمها بمحتوى جديد‬
‫ع بر مفه وم " الرأس مال الثق افي " بوص فه "رأس مال رم زي" مقاب ل الرأس مال االقتص ادى بوص فه‬
‫مفهوم اً مادي اً‪ .‬بمع نى أن التم ايز االجتم اعي ال يق ع بالض رورة وال يمكن رؤيت ه فق ط في نط اق‬
‫الرأسمال االقتصادي كمدى حيوي بل في نطاق الرأسمال الثقافي (الهابيتوس) الذي يسعى إلى‬

‫‪14‬‬
‫تكريس التمايز وإ عادة إنتاج الطبقات ال شعوريا‪ ،‬لهذا فهو يتسم بالعنف الرمزي تماما مثلما هو‬
‫ادي‬ ‫فم‬ ‫ر بعن‬ ‫و اآلخ‬ ‫مه‬ ‫ذي يتس‬ ‫ادي ال‬ ‫مال االقتص‬ ‫الرأس‬
‫هك ذا هي البنيوي ة التكويني ة‪ .‬فكي ف عم ل بوردي و على إخراجه ا منهجي ا؟ وم ا هي منطلقات ه‬
‫ة؟‬ ‫المركزي‬
‫أوال‪ :‬االنطالقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة المنهجيةـ‬
‫في محاولت ه لتحديد عم ل البنيات وكيفي ة اش تغالها‪ ،‬وخالل س نوات تكوينه األولى طرح بورديو‬
‫ها؟‬ ‫اج نفس‬ ‫د إنت‬ ‫ف تعي‬ ‫ات؟ وكي‬ ‫دد البني‬ ‫ف تتج‬ ‫ا‪ :‬كي‬ ‫ؤاال منهجي‬ ‫س‬

‫لإلجابة على السؤال كان على بورديو أن يقوم بمسح علمي سوسيولوجي ومعرفي ليتعرف على‬
‫ما هو كائن من النظريات وما تقدمه وما هو محتواها‪ ،‬ومن ثم االطالع على النظرية البنيوية‬
‫بكل تفرعاتها فماذا وجد؟ ألنه ركز بداية على سلوك الفاعلين بوصفهم معيدي إنتاج البنية فقد‬
‫وج د أطروح تين في طريق ه هما‪:‬‬
‫األطروحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الظواهرية‬
‫وهي التي تتمسك بسبر المقاصد دون النظر إلى جذورها االجتماعية‪ ،‬لذلك فهي تحاول تحليل‬
‫الوقائع الظاهرة للعيان‪ ،‬وألنها كذلك فقد تخلى عنها بورديو باعتبارها ال تستجيب للبنيوية من‬
‫ة‪.‬‬ ‫واهر الكائن‬ ‫وامن في الظ‬ ‫ا تبحث عن الك‬ ‫حيث كونه‬
‫· األطروح ة ال تي ترك ز على االنمح اء الج ذري للف رد‪ .‬وهي أطروح ة غ ير محاي دة‪ .‬ص حيح أن‬
‫بوردي و رك ز اهتمام ه على البني ة وليس على الف رد‪ ،‬ولكن بم ا أن الف رد‪ ،‬بحس ب الفهم الفي بري‬
‫والبارسونزي‪ ،‬هو فاعل اجتماعي في نسق‪ ،‬فما قيمة أطروحة تغفل هذا الفاعل؟ وكيف يمكن‬
‫ألطروحة من هذا النوع الذي ال يقيم وزنا للفرد أن تساهم في إظهار تفاعالت النسق من خالل‬
‫ة؟‬ ‫لوكات الفردي‬ ‫الس‬
‫ورات النظرية‬ ‫ا‪ :‬التص‬ ‫ثاني‬
‫انطالقا من هاتين األطروحتين عديمتي الجدوى بالنسبة لبورديو فإن إجابته ستنتظم حول ثالث ة‬
‫تصورات يسعى من خاللها إلى تحديد موضوع البحث االجتم اعي‪ .‬ه ذه التص ورات هي‪:‬‬

‫‪15‬‬
‫التصـــــــــــــــــــــــــــــــور األول‪ :‬نســـــــــــــــــــــــــــــــق المواقـــــــــــــــــــــــــــــــف والعالقـــــــــــــــــــــــــــــــات‬ ‫‪-1‬‬
‫فالموض وع االجتم اعي في ه ذا التص ور ه و الموض وع ال ذي يكش ف عن مجموع ة العالق ات‬
‫الداخلية في البنية‪ ،‬أو هو نسق من العالقات الذي يسمح لنا التحليل بالوصول إلى ِوظافتها‪ .‬أي‬
‫التع رف على الطريق ة ال تي تش تغل به ا العناص ر النس قية المكون ة للب نى‬
‫تغالها‪.‬‬ ‫وكيفيةترابطهاوأدائهاواش‬
‫وفي ه ذا الس ياق ف إن ه دف البحث االجتم اعي ه و الس عي إلى إظه ار منط ق النس ق من خالل‬
‫;‬ ‫ات‬ ‫ثالث عملي‬
‫· أوله ا إس قاط بعض الظ واهر والقي ام بعملي ة استكش اف متع ددة‪ .‬أي الكش ف عن نس ق العالق ات‬
‫ادية‬ ‫ة واالقتص‬ ‫ة والتاريخي‬ ‫ات الحكائي‬ ‫تبعاد المعطي‬ ‫ِّددة واس‬ ‫المح‬

‫ثانيه ا تعليم النس ق‪ .‬أي الكش ف عن أنس اق التفاع ل الداخلي ة والخارجي ة مع ا‪ .‬فل و أخ ذنا أنس اق‬
‫المواق ف داخ ل الجامع ة مثال لت وجب علين ا النظ ر في نس قين هم ا‪ :‬النس ق ال داخلي‪ ،‬أي موق ف‬
‫ارج‬ ‫ة بالخ‬ ‫ط الجامع‬ ‫ذي يرب‬ ‫ق العلمي ال‬ ‫ة والنس‬ ‫لطة الجامعي‬ ‫الس‬
‫‪.‬‬
‫· أخ يرا تط وير النس ق ع بر البحث عن تمي يز ك ل الحلق ات المترابط ة العملي ة والرمزي ة‬
‫‪.‬‬ ‫واأليديولوجي ة وك ل الس لوكات الفردي ة ال تي يح ددها نس ق العالق ات‬
‫هك ذا يتوص ل بوردي و إلى اس تعمال مقول ة الحق ل ال ذي ينتظم بداخل ه ك ل أنس اق المواق ف‬
‫والتف اعالت اآلنف ة ال ذكر‪ .‬ومن الواض ح أنن ا إزاء منهجي ة ت بين لن ا مش روعية اس تخدام مفه وم‬
‫وير‬ ‫يين‪ ،‬التط‬ ‫قاط‪ ،‬التع‬ ‫ددة (اإلس‬ ‫روط المح‬ ‫من الش‬ ‫اعي ض‬ ‫ل االجتم‬ ‫الحق‬

‫‪ -2‬التصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــور الثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاني‪ :‬الهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــابيتوسـ‬


‫تترجم ه بعض المؤلف ات بـ (اآلبيت وس)‪ .‬ويك اد في الواق ع أن يش كل ج وهر نظري ة بوردي و في‬
‫البنيوي ة‪ ،‬وه و أداة منهجي ة اختباري ة يس تطيع ح تى الف رد المتخص ص أن يس قطه على نفس ه‬
‫ليتع رف على مكانت ه الطبقي ة واالجتماعي ة بش كل ع ام‪ .‬كم ا يمكن الف رد من ق راءة المجتم ع‬

‫‪16‬‬
‫وتكويناته الطبقية بسالسة ومتعة ال يعكر صفوها إال شعور الفرد حقيقة وواقعا بالمدى الحيوي‬
‫ال ذي ينتمي إلي ه‪ .‬فم ا ه و اله ابتوس؟‬
‫يعرفه بورديو بأنه‪" :‬نسق االستعدادات المكتسبة وتصورات اإلدراك والتقويم والفعل التي طبعها‬
‫المحي ط في لحظ ة مح ددة وموق ع خ اص"‪ .‬ه و إذن موج ه لس لوكات الف رد اعتم ادا على مرجعي ة‬
‫معين ة تق ع في البني ة الذهني ة وبالتحدي د فيم ا يس مى بعلم النفس باألن ا األعلى‪ ،‬أي ال ذي يتحكم‬
‫بإجم الي الممارس ات والس لوكات الناتج ة عن الف رد بش كل ال ش عوري‪ .‬ل ذا يعت بر اله ابيتوس من‬
‫جانب آخر منتج الممارسات وأصل اإلدراكات وعمليات التقويم واألعمال أو مجموعة القواعد‬
‫المولدة للمارسات‪ .‬أما موقعه فهو يتوسط بين العالقات الموضوعية والسلوكات الفردية‪ ،‬وهو‬
‫في آن معا ناتج عن استبطان الشروط الموضوعية مثلما هو الشرط الالزم للممارسات الفردية‪.‬‬
‫وألن ه ك ذلك وك ل ذل ك فه و يض في الش رعية على الترتيب ات (الص راع الطبقي) والتم ايز(العن ف‬
‫ات‬ ‫اهري بين الطبق‬ ‫دام ظ‬ ‫دوث أي ص‬ ‫افي) دون ح‬ ‫زي والثق‬ ‫الرم‬
‫اج‬ ‫ادة اإلنت‬ ‫الث‪ :‬إع‬ ‫ور الث‬ ‫‪ -3‬التص‬
‫تمي ل البنيوي ة التقليدي ة في دراس تها للمجتمع ات التقليدي ة إلى االعتق اد ب أن ثب ات الب نى ه و أم ر‬
‫مكتسب دون أن تتحمل مسؤولية التساؤل عن الشروط المولدة لعمليات التكرار هذه‪ .‬فقد حاولت‬
‫الماركس ية تق ديم إجاب ة إجمالي ة لمش كلة إع ادة إنت اج نس ق الطبق ات ع بر التحلي ل االقتص ادي‬
‫وتض خيمه إلى أقص ى ح د باعتم اد عالق ة وحي دة هي م دى تمل ك رأس الم ال‪.‬‬
‫ومن جهت ه ح اول بوردي و تحلي ل جمي ع أفع ال إع ادة اإلنت اج من خالل دراس ته للنس ق المدرس ي‬
‫ووظيفت ه مح اوال إدخ ال مف اهيم للتفس ير مث ل‬
‫زي‬ ‫ف الرم‬ ‫· العن‬
‫افي‬ ‫مال الثق‬ ‫· الرأس‬
‫اج‬ ‫ادة اإلنت‬ ‫تراتيجيا إع‬ ‫· اس‬

‫‪17‬‬
‫‪:‬‬ ‫المحاضرة السادسة‬ ‫‪-‬‬

‫‪-‬الفــــــــــــــــــــــــعل االجتماعي‪:‬‬

‫خصوصية تميزه عن غيره من األفعال إذ‬


‫ّ‬ ‫الفعل االجتماعي‪:‬هو أحد أنواع الفعل اإلنساني‪ ،‬وله‬
‫اجتماعي ا؛ إذا تعلق معناه المقصود‬
‫ً‬ ‫أنه يتوجه‪ ،‬ويرتبط بسلوك اآلخرين (بتصرف)‪":‬يكون الفعل‬
‫من قبل فاعله أو فاعليه بسلوك اآلخرين‪ ،‬الذين يوجهون حدوثه‪."1‬‬

‫‪: 1.2‬الفعل االجتماعي عند ماكس فيبر‪:‬‬

‫الفعل االجتماعي هو الموضوع األساسي لعلم االجتماع عند ماكس ويبر ولقد عرفه بأنه "‬
‫صورة للسلوك اإلنساني الذي يشتمل على االتجاه الداخلي أو الخارجي الذي يكون معبراً عنه‬

‫بواس طة الفع ل أو اإلحج ام عن الفع ل‪ ،‬إن ه يك ون الفع ل عن دما يخص ص الف رد مع نى ذاتي اً معين اً‬
‫لسلوكه‪ ،‬والفعل يصبح اجتماعي اً عندما يرتبط المعنى الذاتي المعطي لهذا الفعل بواسطة الفرد‬
‫بس لوك األف راد اآلخ رين ويك ون موجه اً نح و س لوكهم‪ ]2[".‬ووفق اً لمنظ ور في بر وتعريف ه للفع ل‬
‫االجتم اعي الب د من فهم الس لوك االجتم اعي أو الظ واهر االجتماعي ة على مس تويين‪ ،‬المس توى‬
‫األول أن نفهم الفعل االجتماعي على مستوى المعنى لألفراد أنفسهم‪ ،‬أما المستوى الثاني فهو أن‬
‫نفهم ه ذا الفع ل االجتم اعي على المس توى الجمعي بين جماع ات األف راد‪ .‬ولكي نفهم عم ل الف رد‬
‫وأفعال ه أو س لوكه االجتم اعي على مس توى المع نى الب د من النظ ر إلى دواف ع الف رد ونواي اه‬
‫واهتماماته والمعاني الذاتية التي يعطيها ألفعاله والتي لم تكمن خلف سلوكه‪ ،‬أي أنه البد من فهم‬
‫معنى الفعل أو السلوك على المستوى الفردي ومن وجهة نظر الفرد نفسه صاحب هذا السلوك‬
‫وبنفس الطريق ة الب د من النظ ر إلى النواي ا وال دوافع واألس باب واالهتمام ات ال تي تكمن وراء‬
‫س لوك الجماع ة ال تي يعت بر الف رد عض واً فيه ا‪ .‬أي أن ه الب د من فهم الفع ل االجتم اعي على‬
‫المس توى الجمعي ومن وجه ة نظ ر الف رد كعض و في جماع ة‪ .‬إذن الب د لن ا من أخ ذ ه ذين‬
‫المستويين في االعتبار عند دراستنا وتحليلنا لفهم وتفسير الفعل االجتماعي اإلنساني للفرد سواء‬
‫‪ -‬جلبي‪ ،‬علي عبد الرزاق وآخرون ‪ :‬نظرية علم االجتماع واالتجاهات الحديثة والمعاصرة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪1998 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪18‬‬
‫من خالل مواجهته للظواهر االجتماعية بنفسه أو من خالل مشاركته للجماعات االجتماعية التي‬
‫ينتمي إليه ا‪ .‬من ه ذا يتض ح أن في بر أعطى لمفه وم الفع ل االجتم اعي مع نى واس عاً ك ل الس عة‬
‫بوص فه الموض وع األساس ي للبحث السوس يولوجي من وجه ة نظ ره ن فلق د ض منه كاف ة أن واع‬
‫السلوك ما دام الفاعل يخلع عليه معنى‪ .‬وهناك خاصيتين في مفهوم فيبر حول الفعل االجتماعي‬
‫ففيبر يسلم أوالً وصراحة بمدخل ذاتي لنظرية علم االجتماع وذلك بتركيزه على أن المفهومات‬
‫النظري ة في علم االجتم اع يتعين ص وغها في ض وء نم وذج مح دد للدافعي ة ال تي تح رك (الفاع ل‬
‫الفرض ى) وال ذي يمث ل ب دوره تص وراً مفترض اً‪ ،‬أم ا الخاص ية الثاني ة فتتعل ق بم دلول مص طلح "‬
‫فيبر" عن " المعنى" وهو مصطلح أعتبر من المصطلحات التي لعبت دوراً في الجدل الذي ثار‬
‫في ألماني ا ح ول مس ألة الت اريخ ومن اهج العل وم االجتماعي ة عش ية ظه ور أعم ال " م اكس في بر"‬
‫المهم أن ه عن دما اس تخدم ه ذا المص طلح ك ان يع ني ب ه اإلش ارة إلى الس لوك في ض وء الف رض‬

‫والم رمى ال ذي يس عى إلى تحقيق ه الفاع ل‪ .‬ونظ راً لتحدي ده لعلم االجتم اع بوص فه علم اً عام اً‬
‫وشامالً للفعل االجتماعي فإن هذا اقتضاه أن يبذل جهداً في تصنيف األفعال وتنميطها ويقصد‬
‫بالعام والشامل من وجهة نظره وكما أوضح " ريمون آرون" من تحليله ألعمال فيبر فهم المعنى‬
‫الذي يخلعه اإلنسان على سلوكه وهذا المعنى الذاتي بالطبع هو المعيار الذي على أساسه يمكن‬
‫تص نيف األفع ال اإلنس انية توطئ ة لفهم بن اء الس لوك‪ ،‬إن محاولت ه لتص نيف األفع ال ه ذه حكمت‬
‫تفكيره لدرجة كبيرة عندما هم بتفسير خصائص وأغراض المجتمع المعاصر ووفق اً لما أتى به‬
‫يعد الرشد والعقالنية خاصة أساسية للعالم الذي نعيش فيه‪ ،‬وتفصح هذه العقالنية عن نفسها من‬
‫خالل عالقاته ا باأله داف المح ددة‪.‬المش روع االقتص ادي مثالً يك ون رش يداً عن دما تض بط الدول ة‬
‫بواسطة البيروقراطية‪ ،‬بل إن المجتمع بكامله يتجه نحو التنظيم البيروقراطي‪ ،‬وحتى العلم نفسه‬
‫يع د من وجه ة نظ ر في بر مظه ر العملي ة العقلي ة ال تي تم يز المجتم ع الح ديث‪ .‬ولق د وض ع في بر‬
‫تصنيفاً ألنماط الفعل االجتماعي والتي يمكن االستعانة بها في بناء النماذج المثالية للسلوك حيث‬
‫حدد أربعة أنماط للفعل االجتماعي وفق اً لمساره واتجاهه على النحو التالي ‪ -1 : ‬الفعل العقلي‬
‫الذي غايات محددة ووسائل واضحة‪ ،‬إذ أن الفاعل يضع في اعتباره الغاية والوسيلة التي يقوم‬
‫بتقويمها تقويماً عقلياً فالمهندس الذي يصمم مشروعاً معماري اً والمضارب الذي يحسب ما يعود‬
‫‪19‬‬
‫عليه بسبب مضارباته والقائد الذي يختار أفضل الخطط التي تحقق له النصر كلها أمثلة للفعل‬
‫االجتم اعي الفعلي‪ -2 .‬الفع ل العقلي ال ذي توج ه قيم ة مطلق ة‪ : ‬وفي ه ذا النم وذج يك ون الف رد‬
‫واعي اً ب القيم المطلق ة ال تي تحكم الفع ل وهي قيم يمكن أن تك ون أخالقي ة أو جمالي ة أو ديني ة‬
‫ويوصف الفعل بأنه موجه نحو قيمة مطلقة في الحاالت التي يكون فيها مدفوعاً لتحقيق مطالب‬
‫غ ير مش روطة ومع نى ذل ك أن االعتق اد في القيم ة المطلق ة واعي اً ومتجه اً نحوها من أج ل ذاته ا‬
‫خالي اً من أي ة مط امح خاص ة‪ ،‬وله ذا فه و يخت ار الوس ائل ال تي ت دعم إيمان ه بالقيم ة‪ -3 .‬الفع ل‬
‫العاطفي‪ : ‬وهو سلوك صادر عن حاالت شعورية خاصة يعيشها الفاعل واألمثلة على هذا النمط‬
‫من الس لوك عدي دة حينم ا يخت ار الم رء الوس ائل على أس اس ص لتها بالغاي ات أو القيم وإ نم ا‬
‫باعتباره ا تنب ع من تي ار العاطف ة‪ -4 .‬الفع ل التقلي دي‪ :‬وه و س لوك تملي ه الع ادات والتقالي د‬
‫والمعتقدات السائدة ومن ثم يعبر عن استجابات آلية إعتاد عليها الفاعل‪ ،‬وال شك أن ضرباً من‬
‫السلوك هذا شأنه سوف يظل دائم اً على هامش الفعل الذي توجهه المعاني‪ .‬وتحتل أنماط الفعل‬
‫االجتماعي هذه أهمية خاصة في النسق السوسيولوجي الذي صاغه ماكس فيبر ويرجع ذلك إلى‬
‫عوامل منها‪ -1 : ‬أن فيبر تصور علم االجتماع باعتباره دراسة شاملة للفعل االجتماعي ومن‬
‫ثم أص بح تص نيف أنم اط الفع ل يمث ل أعلى مس تويات التص ور ال تي تس تخدم في دراس ة المج ال‬
‫االجتماعي والمثال على ذلك أن تصنيفه لنماذج السلطة مشتق مباشرة من تحديده ألنماط الفعل‬
‫االجتماعي‪ -2 .‬أن علم االجتماع عند فيبر يستهدف فهم معاني السلوك البشري ومن هنا يجئ‬
‫أهمي ة ه ذا التص نيف كم دخل ض روري لتحلي ل بن اء الس لوك‪ -3 .‬وأخ يراً ف إن تص نيفه لنم اذج‬
‫الفع ل يع د إلى ح ٍد م ا أس اس تفس يره للحقب ة التاريخي ة المعاص رة إذ يعتق د في بر أن الخاص ية‬
‫األساس ية المم يزة للع الم ال ذي يعيش في ه هي العقالني ة‪ .‬العالق ات االجتماعي ة في مفه وم م اكس‬
‫في بر ك انت الخط ة الثاني ة ذات األهمي ة عن د في بر هي دراس ته لمفه وم العالق ات االجتماعي ة إذ‬
‫ساعده دراسة هذا المفهوم على التحول من دراسة األفعال الفردية إلى أنماط السلوك‪ .‬ففيبر في‬
‫تص وره للعالق ات االجتماعي ة يقص د به ا س لوك جم ع من الع املين تتح دد بمض مونات مع نى ه ذا‬
‫الس لوك وبالق در ال ذي يض ع ك ل اآلخ ر في حس بانه ويوج ه س لوكه في ض وء ه ذا‪ .‬فالعالق ة‬
‫االجتماعي ة عن د في بر تع ني تب ادل األفع ال بين األف راد على أس اس فهم ك ل منهم للمع اني ال تي‬
‫‪20‬‬
‫يض يفها ك ل ف رد على س لوكه‪ ،‬إذا أن هن اك مج رى للفع ل لكن ذل ك ال يع ني ب الطبع أن يك ون‬
‫المع نى ال ذاتي ه و نفس ه بالنس بة لك ل الجماع ات ال تي تتج ه إتجاه اً متب ادالً في عالق ة اجتماعي ة‬
‫معينة‪،‬‬

‫‪:‬‬ ‫المحاضرة السابعة‬ ‫‪-‬‬

‫‪-‬لقد قدم فيبر تلخيصاً لفئات العالقات االجتماعية والتي يمكن مالحظتها واقعي اً في خمسة فئات‬
‫هي‪ : ‬أ‌‪ -‬العرف أو اإلصالح أي التماثل الفعلي للعالق ات االجتماعية‪ .‬ب‌‪ -‬العادة وهي العرف‬
‫الذي يستمد وجوده من األلفة والتعود‪ .‬جـ‪ -‬األسلوب أو العرف الذي يتسم بالتجديد والحداث ة‪ .‬د‪-‬‬
‫العادة التقليدية وهي العرف الذي ينبثق عن الرغبة في الهيبة االجتماعية أو العرف الذي يتحدد‬
‫على أساس أنماط معيارية‪ .‬هـ‪ -‬القانون وهو مجموعة القواعد التي تنطوي على إلزام أو عقاب‬
‫لمن يخرج عليها‪ ،‬ومع أن القانون يستند إلى العادة والعرف لكن الفارق بينه وبينهما هو عنصر‬
‫اإللزام المتضمن في القاعدة القانونية‪ .‬ففيبر ال يجعل الفعل معتمداً فقط على العالقة بين الوسائل‬
‫والغاي ات وإ نم ا يربط ه باس تمرار بنس ق اجتم اعي معين وب الظروف ال تي يتم في ض وئها تحقي ق‬
‫الغايات ومن ثم يذكرنا فيبر باستمرار أن كل المفاهيم التي يقدمها ال تكفي في ذاتها وإ نما البد‬
‫وأن يستخدمها علماء االجتم اع في تشييد النماذج المثالية لتفسير مشكالت ملموسة بل واألكثر‬
‫من ذلك أن هذه النماذج بدورها ليست غاية مطلقة ولكنها وسيلة التفسير والتعليل الصحيح‪.‬‬

‫يمكن اعتب ار في بر حلق ة الرب ط والتص الح م ا بين علم النفس وعلم االجتم اع‪ ،‬خاص ة في أبحاث ه‬
‫النظري ة ال تي ترك زت ح ول مفه وم الفع ل االجتم اعي‪ ،‬ووج ه ه ذا الرب ط ه و جمع ه م ا بين‬
‫مفه ومين متش ابهين‪ ،‬األول ه و مفه وم األن ا األعلى عن د "فروي د" والث اني ه و مفه وم "الض مير‬
‫الجمعي عند "دوركايم"‪ ،‬حيث شكل إطارا تصوريا أعاد لعلم االجتماع إنسانيته‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫أن في بر ب نى مفاهيم ه االجتماعي ة األساس ّية على خلفي ة نظرت ه لـلواقعة‬
‫أن نش َير إلى ّ‬
‫يجب ْ‬
‫االجتماعية‪ ،‬الّتي يرى ّأنها تحدث في إطار ثالث مستويات مختلفة‪ ،‬هي‪:‬‬
‫النشاط أو الفعل الّ ذي يقوم به فرد واحد‪ ،‬وهنا‬
‫المستوى األول‪ :‬هو مستوى الفعل الفردي؛ أي ّ‬
‫يقص د "في بر" فهم المع نى المقص ود الّ ذي أراده الفاع ل من ه ذا الفع ل‪ ،‬أو الب واعث الكامن ة خلف‬
‫النشاط‪.‬‬
‫قيامه بهذا ّ‬
‫المســتوى الثــاني‪ :‬ه و مس توى العالق ة االجتماعي ة‪ ،‬الّ تي تج ري بين ف اعلين أو أك ثر في إط ار‬
‫الحياة االجتماعية داخل مجتمع ما‪.‬‬
‫النظ ام االجتم اعي‪ ،‬الّ ذي ينبغي أن يعكس األبع اد‬
‫المســتوى الثــالث‪ :‬ه و مس توى التّرابط ات أو ّ‬
‫المعقدة لمستويات الواقعة االجتماعية داخل المجتمع‪.‬‬
‫وهذه المستويات الثالث هي التي تحكم البناء المفهومي للنظرية االجتماعية الفيبرية‪.‬‬
‫"السوس يولوجية‬
‫نش ير إلى ثالث ة مف اهيم من مجم وع مف اهيم في بر االجتماعي ة األساس ّية‪ ،‬وهي‪ّ :‬‬
‫الفهمية"‪" ،‬الفعل اإلنساني"‪" ،‬الفعل االجتماعي"‪.‬‬
‫ّ‬
‫الفهمية‪ :‬يعرفها"فيبر"‪":‬بوصفها ذلك العلم‪ ،‬الذي ينبغي أن يفهم معنى الفعل‬
‫ّ‬ ‫السوسيولوجيا‬
‫‪ّ -1‬‬
‫‪1‬‬
‫علم خ اص بالفع ل‬
‫ببيا) حدوث ه وبواعث ه ومؤثراته "‪ ،‬فهي‪ٌ :‬‬
‫االجتم اعي‪ ،‬وبالت الي يفس ر (س ً‬
‫اإلنس اني‪ -‬االجتم اعي ال يري د (فق ط) أن يفهم قص د وب واعث الفاع ل من قيام ه بفعل ه‪ ،‬ب ل يري د‬
‫كذلك أن يفسر بصورة (سببية) مترابطة األسس التي تكمن خلف قيام الفاعل بفعله أو نشاطه‪.‬‬
‫جريبية‪ ،‬وليس علما معياريا كالفلسفة االجتماعية‪ ،‬فهو علم واقعي‪.‬‬
‫وهو علم للخبرة التّ ّ‬
‫انيا (بغض النظ ر عم ا إذا أذعن أو‬
‫‪ -2‬الفعل اإلنسـاني‪":‬الفع ل‪ :‬ينبغي به ذا أن ي دعى س لو ًكا إنس ً‬
‫لفعل خارجي أو داخلي)‪ ،‬طالما أن الواحد أو الفاعل يربطه بمعنى ذاتي‪ ،".2‬بهذا المعنى‬ ‫امتنع ٍ‬

‫النش اط‪ ،‬الّ ذي يمكن أن ننس ب إلي ه‬


‫الس لوك أو ّ‬
‫ف إن في بر يعت بر الفع ل اإلنس اني‪ ،‬ه و (فق ط) ذل ك ّ‬
‫قصدا أو معنى ذاتيا لتبرير ما قام به الفاعل من نشاط‪.‬‬

‫‪ -‬ـأبوطاحون‪،‬عدلي‪ :‬النظريات االجتماعية المعاصرة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ـبيثهس وآخرون‪ :‬علم االجتماع ‪ ،‬دار المريخ للنشر‪ ،‬الرياض‪ 1989 ،‬م‬ ‫‪2‬‬

‫‪22‬‬
‫ولكن ه ذا التّعري ف س يطرح ج داًل واس ًعا ح ول كيفي ة رب ط الفع ل بقص د الفاع ل (مث ال الش خص‬
‫ال ذي أراد أن يس تند على الب اب ففتح ه؛ والش خص ال ذي أراد أن ي ركن س يارته فخ دش س يارة‬
‫أخرى بجانبه)‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫المحاضرة الثامنة‬ ‫‪-‬‬

‫‪-‬أنمـاط الفعـل االجتمـاعي‪:‬يف ترض في بر وج ود أربع ة أن واع‪ ،‬هي بمثاب ة أنم اط مثالي ة لـلفعل‬
‫االجتماعي‪:‬‬
‫‪ -1‬النمط المثالي للفعل الموجه بأهــداف عقلية‪:‬ه و ك ل فع ل اجتم اعي يق وم ب ه الفاع ل بطريق ة‬
‫عقالنية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تم ّكنه من بلوغ هدفه بصورة‬
‫‪ -2‬النمــط المثــالي للفعــل الموجــه بــالقيم‪ :‬ه و ك ل فع ل ذا ط ابع اجتم اعي يق وم ب ه الفاع ل على‬
‫خلفية توجهه بقيمة أخالقية أو بتعاليم دين أو مذهب ما‪.‬‬
‫‪ -3‬النمط المثالي للفعـل الموجـه بـالعواطف‪ :‬ه و جمي ع األفع ال ال تي يك ون الب اعث الموج ه له ا‬
‫سواء أكانت عاطفة إيجابية أم سلبية‪.‬‬
‫ً‬ ‫نابعا من العاطفة؛‬

‫‪ -4‬النمــط المثــالي للفعــل الموجــه بالتقاليــد‪ :‬ه و ك ل فع ل اجتم اعي مب ني على خلفي ة التوج ه‬
‫بالتقاليد والعادات‬

‫‪ 2.2‬الجزء الثاني ‪ :‬النماذج المثالية‬


‫لوض ع الف روض وليس وص فاً للواق ع ب ل يس تهدف توف ير الوس ائل للتعب ير عن الواق ع‬
‫والنموذج المثالي من وجهة نظر فيبر عبارة عن بناء عقلي من المفاهيم المجردة والذي ال يوج د‬
‫له نظير في تستند دعائم التصور النظري لفيبر على مســألتي النمــوذج المثــالي ونظري ة التنظيم‬
‫وبالنس بة للنم وذج المث الي فلق د أش ار إلى أن أفض ل طريق ة في دراس ة المع اني الذاتي ة للظ واهر‬
‫االجتماعي ة تتمث ل في اس تخدام النم وذج المث الي وه و ليس فرض اً ب ل إن ه يوج ه الب احثين الواق ع‬
‫التجري بي‪ .‬ه ذا النم ط المث الي ألي ظ اهرة اجتماعي ة يك ون مص مماً ليس اعد في فهم الواق ع‬
‫التجري بي لتل ك الظ اهرة أو ع دة ظ واهر وهك ذا يمكن اس تخدام النم ط المث الي ك أداة من أج ل‬
‫المقارن ة بين ظ اهرتين أو أك ثر أو لقي اس م دى تق ارب الظ اهرة المعط اة من النم ط المث الي‪،‬‬
‫فالنموذج أو النمط المثالي عبارة عن " المجموع الكلي للمفاهيم التي ينشأها أو يبينها المتخصص‬

‫‪23‬‬
‫في العلوم اإلنسانية بصورة نقية وبعيدة عن أي تحيز لتحقيق أهداف البحث‪ .‬وعلى نحو ما يقول‬
‫(تيماشيف‪ )1972 ،‬إن النموذج المثالي ليس فرضاً‪ ،‬إنه أداة أو وسيلة لتحليل األحداث التاريخية‬
‫الملموس ة والمواق ف‪ ،‬وه ذا التحلي ل يتطلب ب دوره أن تك ون المف اهيم مح ددة بدق ة وواض حة إلى‬
‫أبعد الحدود لكي تستطيع مواجهة النماذج المثالية‪ ،‬فالنموذج المثالي إذن مفهوم محدود نقارن به‬
‫المواقف الواقعية في الحياة واألفعال التي ندرسها ويذهب فيبر إلى أن دراسة الواقع الملموس‬
‫على ه ذا النح و تمكنن ا من الحص ول على عالق ات س بية بين عناص ر النم وذج المث الي‪ .‬وتواج ه‬
‫النم اذج المثالي ة لفي بر بعض الص عوبات فمثالً بالنس بة لتص نيف في بر الرب اعي للفع ل االجتم اعي‬
‫وحيث تستند كل فئة من فئات األفعال األربعة إلى شكل معين من التوجيه السلوكي فهناك فئتان‬
‫من األفعال تتميزان بالعقلية إحداهما تستخدم الوسائل المالئمة لتحقيق األهداف العقلية المختارة‪،‬‬
‫والثاني ة تس تعين بوس ائل مش ابهة إلش باع قيم مطلق ة وأه داف أخالقي ة أم ا الفئت ان األخرى ان من‬
‫األفعال فهما فئة الفعل التقليدي وفئة الفعل الوجداني وهو هنا يطرح سؤال هو إذا كان النموذج‬
‫المث الي يرتك ز على أس اس الفع ل العقلي فكي ف يمكن بع د ذل ك إقام ة نم اذج مثالي ة لألفع ال غ ير‬
‫العقلية‪.‬‬

‫المحاضرة التاسعة ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -1-‬الفعل االجتماعي عند إميل دوركايم‪:‬‬


‫الحقيق ة أن دورك ايم لم يش ر في كتابات ه إلى مص طلح 'الفع ل االجتم اعي'‪ ،‬فموقف ه وه و‬
‫بصدد تفسير الظواهر االجتماعية يتميز بالتفرقة بين ما هو "اجتماعي" وما هو "فردي"‪.‬‬
‫إن التحلي ل ال ذي قدم ه دورك ايم لظ اهرة "االنتح ار" ق د مه د بش كل الفت لظه ور نظري ة الفع ل‬
‫االجتم اعي‪ ،‬ب ل نج د كتاب ا مث ل "‪ "pope‬و "‪ "cohen‬اعت بروا دورك ايم من رواد نظري ة الفع ل‬
‫االجتم اعي (وك ذلك األم ر لظ اهرة "تقس يم العم ل")‪ ،‬إن تقس يمه ألش كال االنتح ار والش روط‬
‫المص احبة ل ه المرتبط ة بك ل ص ورة على ح دة‪ ،‬تكش ف عن أهمي ة العالق ة بين الف رد والمجتم ع‪،‬‬
‫وكي ف أن االنس جام من قب ل الف رد يع ود إلى ق درة المجتم ع على الض بط والتحكم في س لوك‬
‫األفراد‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫إن امت داد ت أثير الفع ل االجتم اعي ليح دث تح والت عميق ة في المجتم ع ه و ج وهر م ا أش ار إلي ه‬
‫دورك ايم‪ ،‬حيث ذهب إلى أن التغ يرات االقتص ادية بك ل محتوياته ا ليس ت بمع زل عن الحق ائق‬
‫االجتماعية‪ ،‬ويصعب تفسير السلوك‬

‫االقتص ادي بمع زل عن الفع ل االجتم اعي‪ ،‬حيث أن ه ذا األخ ير ه و ال ذي يكس ب األول طبيعت ه‬
‫ومداه‪.‬‬

‫(‪:)1979-1902‬‬ ‫‪-2-‬الفعل االجتماعي تالكوت بارسونز‬


‫ت أثر بارس ونز بنظري ة في بر في الفع ل االجتم اعي‪ ،‬ويعت بر مؤلف ه الرئيس ي األول " بن اء الفع ل‬
‫االجتم اعي " ‪ 1937‬بمثاب ة نق د لنظري ات مارش ال وب اريتو ودورك ايم وفي بر‪ ،‬حيث ي رى أن ه ب رغم‬
‫االختالف ات بين ه ؤالء العلم اء إال أنهم جمعي ا ب دءوا من نقط ة واح دة هي " الفع ل االجتم اعي‬
‫التطوعي أو االختياري‪.‬‬
‫لق د انطل ق بارس ونز في تحليل ه للعالق ات من مفه وم ال دور‪ ""Role‬وق د نظ ر إلى مكون ات األدوار‬
‫على أنها عناصر ثالثة هي‪ :‬التوقعات والجزاءات والمعايير‪ .‬في مواقف اجتماعية معينة‪ ،‬فالتفاع ل‬
‫االجتماعي يجب أن يتضمن توقعات متبادلة بين الفاعلين‪.‬‬
‫والبد ان يتضمن الموقف معايير معينة‪ ،‬إذ يجب أن توجد مجموعة من المعايير والقيم تحكم سلوك‬
‫الف اعلين‪ ،‬او يف ترض ان تحكم ه‪ .‬ودون ش ك ف ان التوقع ات المتبادل ة توج د بس بب وج ود القيم‬
‫والمعايير (إرث ثقافي)‪.‬‬
‫ان أي نس ق اجتم اعي او فع ل اجتم اعي يمكن أن يخض ع للتحلي ل النس قي إلى وح دات س لوكية‬
‫فرعي ة الن وح دة الس لوك (‪ )Act unit‬تع ني س لوكاً فعلي اً ملموس اً وهي الص ورة المص غرة للفع ل‬
‫االجتم اعي ومن ثم للنس ق االجتم اعي‪ ،‬وهي الفاع ل (ف رد‪ ،‬جماع ة‪ ،‬مجتم ع)‪ ،‬والموق ف (الوس ائل‬
‫والشروط او الظروف المحيطة)‪ ،‬والمعايير الرمزية‪ ،‬ثم الهدف‪ .‬ومن ترابط هذه الوحدات المختلفة‬
‫يتكون الفعل االجتماعي وتتشكل األنساق المجتمعية التي يتجه كل منها نـحو تحقيق غاية معينة‬
‫تساهم في استمرار المجتمع‪.‬‬
‫وك ل "فع ل اجتم اعي " يش تمل على ثالث ة عوام ل هي‪ :‬الفاع ل‪-‬الموق ف‪-‬موجه ات الفاع ل نح و‬
‫الموقف‪.‬‬
‫أ‪ -‬الفاعل‪ :‬ه و الف رد ال واعي ال ذي يق وم ب أداء الفع ل عن طري ق اس تخدامه لفعل ه وذات ه‪ ،‬حيث يتم‬
‫‪25‬‬
‫اتخاذ القرار بصورة واعية‪ ،‬ويترجم في عدد من التصرفات أو السلوك العقالني ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الموقــف‪ :‬يع بر عن ن وع من الظ روف ال تي يك ون فيه ا الفاع ل مج ب اًر على اتخ اذ ق رار‪ ،‬يق وم‬
‫اختياره بنفسه‪ ،‬ويترجم ذلك عبر مجموعة األدوار الوظيفية التي يقوم بها الفرد في حياته اليومية‪،‬‬
‫أو الجماعات داخل النسق أو النظام الذي توجد فيه‪.‬‬
‫ج‪ -‬توجيهات الفاعل‪ :‬الدافعية والقيمية‪.‬‬

‫المحاضرة العاشرة ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬الفعل االجتماعي روبرت ميرتون (‪)2003-1910‬‬


‫الفروض األساسيةـ التي قدمها ميرتون‪:‬أقام نظريته على ثالثة فروض أساسية هي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ العناصر االجتماعية أو الثقافية (وهي الموجهة للسلوك) قد تكون وظيفية بالنسبة لمجموعات‬
‫معين ة‪ ،‬وغ ير وظيفي ة بالنس بة لمجموع ات غيره ا‪ ،‬وض ارة وظيفي ا ًبالنس بة لمجموع ات أخ رى‪،‬‬
‫وعلى ذل ك فال ب د من تع ديل فك رة أن أي عنص ر اجتم اعي أو ثق افي يك ون وظيفي ا ًبالنس بة‬
‫للمجتمع بأسره‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن نفس العنصر قد تكون له وظائف متعددة‪ ،‬ونفس الوظيفة يمكن تحقيقها بواسطة عناصر‬
‫مختلف ة‪ ،‬مث ال المالبس ال تي يمكن أن ت ؤدي ع دة وظ ائف مختلف ة‪ ،‬فهي تس اعد على الوقاي ة من‬
‫الطقس‪ ،‬أو تكسب الفرد مكانة اجتماعية معينة‪ ،‬أولها دور تحديد مدى الجاذبية الشخصية‪.‬‬
‫و معنى ذلك أن هناك تنوعا ً في الوسائل التي يمكن أن تحقق هدفا ً وظيفيا ً معينا‪ ،‬وقد استخدم‬
‫ميرتون لذلك مفهوم البدائل الوظيفية‪.‬‬
‫‪ 3‬ــ يجب أن يح دد التحلي ل ال وظيفي الوح دات االجتماعي ة ال تي تخ دمها العناص ر االجتماعي ة أو‬
‫الثقافية‪ ،‬ذلك أن بعض العناصر قد تكون ذات وظائف متعددة‪ ،‬وقد تكون بعض نتائجها ضارة‬
‫وظيفيا‪.‬‬
‫لق د م يز (م يرتون) بين ن وعين من الوظيف ة ( الوظيف ة الظ اهرة‪ ،‬والوظيف ة الكامن ة )‪ ،‬وقص د‬
‫م يرتون بالوظيف ة الظ اهرة النت ائج الموض وعية ال تي يمكن مالحظته ا‪ ،‬وال تي تس هم في الحف اظ‬

‫‪26‬‬
‫على النسق‪ ،‬والتي يقصدها المشاركون في النشاط؛في حين أن الوظيفة الكامنة هي التي لم تكن‬
‫مقصودة أو متوقعة‪ ،‬ويمكننا أن نقيم امتدادا مفهوميا ليشمل أهداف الفعل االجتماعي عند "فيبر"‪.‬‬
‫وال شك أن كل واحدة من هذه الظواهر يمكن عزل األفعال االجتماعية فيها إلى وحدات صغرى‬
‫يمكن إخضاعها للفحص والتجريب والتحليل؛ وبعد أن تصبح لدينا هذه النظريات المتعددة ذات‬
‫المدى المتوسط يمكننا أن نصوغ منها نظرية عامة موحدة‪.‬‬

‫عشرة‪:‬‬ ‫المحاضرة الحادية‬ ‫‪-‬‬

‫‪-‬الماركــــــــــــــسية‪:‬‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫ظه رت الماركس ية كم ذهب و تي ار فك ري في النص ف الث اني من الق رن التاس ع عش ر في‬


‫ش رق أورب ا‪ ،‬و س ميت ك ذلك نس بة لمؤسس ها ك ارل م اركس ‪ ،1883-1818‬حيث اس توحى‬
‫نظريت ه من ال تراث الفك ري آن ذاك وال ذي عاص ر في ه الفلس فة الكالس يكية األلماني ة‪ ،‬االقتص اد‬
‫السياسي الكالسيكي االنجليزي و االشتراكية الفرنسية‪ ،‬حيث كانت نظريته مادية بحتة بعيدة عن‬
‫الميتافيزيقة و المثالية تدور حول ملكية األفراد لوسائل اإلنتاج و التي تملكها الطبقة الرأسمالية‬
‫و طبقة البروليتاري ا الكادحة و تطور المجتمع من طبقة إلى أخرى حيث ال يتم هذا التحول إال‬
‫بوجود الصراع بين هذه الطبقات‪ ،‬كما وضع قوانين جدلية و تاريخية و اتخذها كمنهج لنظريت ه‪،‬‬
‫حيث كان يطمح إلى قي ام مجتم ع ش يوعي فكرة الصراع عنده تتجسد في منظور مادي أكثر منه‬
‫‪1‬‬
‫فكري‪ ،‬حيث تعتبر الملكية مصدر الصراع بين طبقتي‪:‬‬

‫‪.‬‬
‫تحت ل الطبق ة الكادح ة‬ ‫رأسماليةـ ـ ـ ـ ـ ـــ ظه ور وعي ل دى الطبق ة الكادح ة (البروليتاري ة) ـثورة‬
‫مجتمع شيوعي‬ ‫مجتمع اشتراكي‬ ‫مكان الطبقة البرجوازية الرأسمالية‬

‫‪ 1‬نذير زريبي ‪ ،‬الوجيز في علم االجتماع(نظريات اجتماعية)‪:‬لبنان‪ :‬منشورات عويدات‪،2013 ،‬ص‪.126‬‬


‫‪27‬‬
‫إال أن هذا الطموح اصطدم بواقع الرأس مالية المتعص ب و لم تضمحل الرأس مالية لتح ل محله ا‬
‫االش تراكية و من ثم الش يوعية‪ ،‬ه ذا م ا أدى ببعض المفك رين لنق د نظريت ه و نعته ا بالناقص ة‪،‬‬
‫لي أتي من بع ده تالمذت ه و مفك رين معج بين بنظريت ه و اتبع وا خط اه و درس وا الواق ع المع اش‬
‫بتط بيق النظري ة الماركس ية الكالس يكية علي ه فوج دوها تح وي على نق ائص‪ ،‬مم ا اض طرهم إلى‬
‫تح ديث النظري ة التقليدي ة و اكتش اف طبق ة وس طى في المجتم ع و إض افة بعض المف اهيم ال تي‬
‫ك انت غائب ة عن ك ارل م اركس م ع حف اظهم على األس اس و لب النظري ة الكالس يكية س ميت‬
‫بالماركسية المحدثة أو النيوماركسية واهم روادها (لويس كوزر) و(داهندروف)‪.‬‬
‫تق وم الماركس ية ‪ -‬بوص فها نظري ة في علم االجتم اع – على مس لمتين أساس يتين هم ا المادي ة‪/‬‬
‫الجدلية حيث‪:‬‬
‫* أن العام ل االقتص ادي ه و المح دود األساس ي لبن اء المجتم ع وتط وره‪ ،‬فعالق ات اإلنت اج في‬
‫مجتم ع م ا‪ ،‬هي ال تي تحكم وتح دد كاف ة مظ اهر الحي اة في ه ذا المجتم ع‪ ،‬أي البن اء الف وقي من‬
‫سياسة‪ ،‬وقانون‪ ،‬ودين‪ ،‬وفلسفة‪ ،‬وأدب‪ ،‬وعلم‪ ،‬وأخالق‪.‬‬
‫* النظ ر إلى الع الم بما في ه المجتم ع‪ ،‬من خالل اإلط ار الج دلي‪ :‬الموض وع ونقيض الموض وع‪،‬‬
‫والمركب منها‪ ،‬وهو إطار مستمر ال يتوقف‪ ،‬ويقول تيماشيف‪ " :‬إذا ر ّكبنا المسلمتين األساسيتين‬
‫لماركس مع اً‪ ،‬خرجنا ببعض النتائج‪ ،‬فكل نسق من اإلنتاج يبدأ بحالة إثبات‪ ،‬حيث يكون أكثر‬
‫النظم الممكن ة كف اءة في ذل ك ال وقت‪ ...‬وال يمكن للتط ور الت اريخي أن يق ف عن د ه ذه المرحل ة‪،‬‬
‫فالنظام المعزز اجتماعياً ينبغي القضاء عليه بواسطة ثورة اجتماعية‪ ،‬تخلق نظام اً جديدا إلنتاج‪،‬‬
‫مركب من القديم والجديد "‪.‬‬
‫وه ذه النظ رة تجع ل أي مجتم ع يتك ون من طبق تين أساس يتين متناقض تي المص الح‪ ،‬مم ا يجع ل‬
‫الصراع بينهما حتمياً‪ ،‬فتحدث الثورة االجتماعية التي تؤدي إلى تغيير عالقات اإلنتاج‪ .‬و على‬
‫هذا فإن الصراع الطبقي هو المحرك األساس للتغيير االجتماعي‪ ،‬من أجل الوصول إلى مجتمع‬
‫بال طبقات‪ ،‬وهو مستمر في زعمهم على طور التاريخ‪ ،‬فتاريخ أي مجتمع عند الماركسية هو‬
‫ِ‬
‫المستغلة والمستغلة‪.‬‬ ‫تاريخ الصراع بين الطبقات‬

‫‪28‬‬
‫‪:‬‬ ‫المحاضرة الثانية عشرة‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬تقييــــم ونقد النظرية الكالسيكية‪:‬‬

‫كأي نظرية وجهت إلى ماركس بعض االنتقادات نذكر منها‪:‬‬


‫‪ -‬اته ام م اركس ب أن نظريت ه تق وم على الحتمي ة أو أس اس ميت افيزيقي و تق وم على ج انب واح د‬
‫فقط حيث أنها في حقيقة األمر عالقة تبادلية تأثر و تأثير‪.‬‬
‫‪ -‬أن فروض ماركس لها صفة قوانين عامة لكنها مجرد مبادئ‪.‬‬
‫‪ -‬نظرية ماركس تعتريها أخطاء فيما يخص الوصف الفعلي لنمط الصراع و التوازن‪ ،‬و لكنه‬
‫أيده من في خالل الوجهة التاريخية‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك نظرية ماركس تبقى ناقصة و أن الصراع الطبقي لم يتم في الطبقة الرأسمالية لالنتقال‬
‫إلى الطبقة االشتراكية و من ثم إلى الشيوعية كما كان يطمح الخاصة‪.‬‬

‫‪ -‬الراديكالية والصراعية (النقدية)‬


‫حرك ة فلس فية تش كلت في مدين ة فرانكف ورت‪ ،‬جمعت الماركس ية والهيجلي ة وك ذا م دارس علم‬
‫االجتم اع النفس ع بر كان ط وفروي د‪ ،‬من اج ل تق ديم نظري ة نقدي ة ه دفها دحض نظري ة المعرف ة‬
‫التي أتم تشكيلها هيجل وتجاوز الماركسية الكالسيكية بمواجهة تطورات العصر‪.‬‬
‫ق د تأس س معه د األبح اث االجتماعي ة رس مياً في ‪ 03‬فيف ري ‪ 1923‬بجامع ة (غوت ا) بمدين ة‬
‫فرانكف ورت بألماني ا‪ ،‬ت ولى المعه د في البداي ة (ك ارل غروب تر)‪ ،‬و في ‪ 1931‬ت ولى رئاس ته‬
‫(هوركهايمر)‪ ،‬وتولى (تيودور أدرنو) منصب األستاذ المساعد له‪.‬‬
‫لم يعد االهتمام منصب على نقد االقتصاد السياسي كأداة تحليل للمجتمع الرأسمالي كما كانت‬
‫ترى الماركسية‪ ،‬بل اعتمدت مقاربة تركيبية تقوم على ربط الفلسفة بالعلوم االجتماعية‬
‫اإلنسانية‪.1‬‬

‫‪ -‬توم بوتومور‪ :‬مدرسة فرانكفورت‪ ،‬ترجمة سعد هجرس‪ ،‬دار أويا للنشر‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪ ،1998 ،‬ص‪.13‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪29‬‬
‫بعد صعود الحركة النازية إلى الحكم في ‪ 1933‬اضطر (هوكهايمر) إلى نقل المدرسة إلى‬
‫جامعة كولومبيا بالواليات المتحدة األمريكيةـ وعند الحرب العالمية الثانية عادت المدرسة إلى‬
‫ألمانيا في‪ ،1950‬وهنا بدأت‬

‫يعتبر الكثير من علماء االجتماع أن الحياة االجتماعية التي نعيشها هي حياة تفاعل بين‬
‫األفراد والمؤسسات والجماعات وأثناء هذا التفاعل يحدث الصراع‪ ،‬الذي يكون في شكل تنافس‬
‫حول األشياء التي تتميز بالندرة‪ .‬تعد نظرية الصراع من أهم النظريات المعروفة في علم‬
‫االجتماع نظرا لكون الصراع يسيطر على عالقات الجماعة والمجتمعات‪.‬‬

‫أ‪ -‬النظرية الصراعية عند ابن خلدون‪:‬‬

‫تناول الصراع بين البداوة والحضر تناوال تاريخيا‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫أوضح أن الحياة التي نعيشها ما هي إال صراع مزمن بين البداوة والحضارة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫هذا الصراع غالبا ما يقود إلى سقوط الملك أو الخالفة بعد أن يسيطر البدو على الملك عند‬ ‫‪-3‬‬
‫استقرارهم في المنطقة الحضرية‪.‬‬
‫وي رى ابن خل دون أن الجماع ة المرجعي ة س تجد إش كاال في إيج اد موق ع اجتم اعي‪ ،‬نتيج ة‬ ‫‪-4‬‬
‫الض غط ال ذي يمارس ه ه ذا التكت ل الجم اعي في المجتم ع ال ذي انتقل وا إلي ه‪ ،‬وبت الي يظه ر‬
‫الص راع ال ذي يك ون خفيف ا في بدايت ه من خالل القيم والمب ادئ‪ ،‬ثم يظه ر ت دريجيا في‬
‫الجمعيات أو الجماعات‪.‬‬

‫ب‪ -‬نظرية الصراع عند كارل ماركس‪.‬‬

‫فك رة الص راع عن ده تتجس د في منظ ور م ادي أك ثر من ه فك ري‪ ،‬حيث تعت بر الملكي ة مص در‬ ‫‪-1‬‬
‫الصراع بين طبقتي‪:‬‬

‫‪30‬‬
‫طبقة تملك وسائل اإلنتاج‪ :‬وهي الطبقة الحاكمة ذات النفوذ االجتماعي‪.‬‬

‫طبقة ال تملك وسائل اإلنتاج‪ :‬وهي مهمشة ال تملك نفوذ اجتماعي وال سياسي‪.‬‬

‫فك رة الص راع ت برز من خالل ال وعي الطبقي عن د الفئ ة المحكوم ة وال ذي يول د الوح دة‬ ‫‪‬‬
‫(التماسك) ثم التنظيم الثوري ضد الطبقة الحاكمة‪.‬‬

‫ج‪ -‬نظرية الصراع عند مانهاتن‪:‬‬

‫تقوم نظرته على التغير االجتماعي‪ ،‬والقاعدة التي يستدل بها هي الفكر الذي يتناقض مع‬
‫القاعدة المادية‪ .‬ومن اجل فهم التغير االجتماعي‪ ،‬يجب فهم الصراعات الفكرية التي تحدث بين‬
‫فئات المجتمع‪ ،‬حيث كل فئة تحاول أن تملي على الفئة األخرى وتسيرها وفق مصالحها‪ .‬هذا‬
‫التصادم سوف يغير األفراد في أفكارهم ومواقفهم وقيمهم‪ .‬فكرة الصراع لدى مانهاتن تصنف‬
‫إلى‬

‫صراع بين‪:‬‬

‫الصراع بين الطوبائية واإليديولوجيةـ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫الطوبائية‪ :‬هي مجموعة األفك ار والمعتقدات والمب ادئ والقيم ال تي تتمسك بها الطبقة المحكومة‬
‫محاولة الدفاع عن حقوقها‪.‬‬

‫اإليديولوجية‪ :‬هي مجموعة األفكار ومبادئ وقيم تتمسك بها الطبقة الحاكمة‪.‬‬

‫الصراع الذي ينتج بين الطبقتين هو صراع فكري وقيمي ي‪KK‬ؤدي إلى ح‪KK‬دوث ث‪KK‬ورة اجتماعي‪KK‬ة‬
‫‪1‬‬
‫تقوم بها الطبقة المحكومة‪ ،‬فيتغير المجتمع من شكل إلى آخر‪.‬‬

‫‪-‬الصراع بين األجيال‪:‬‬


‫‪ 1‬وسيلة خزار ‪.‬االيديولوجيا وعلم االجتماع –جدلية االنفصال واالتصال ‪.‬منتدى المعارف‬

‫‪31‬‬
‫يعتق د مانه اتن أن الص راع بين األجي ال يرج ع إلى الف وارق واالختالف ات في األفك ار‬
‫والمص الح واالتجاه ات بين ه ذه األجي ال‪ ،‬ألس باب تتعل ق ب الفوارق الس نية‪ ،‬فجي ل الش باب ي ؤمن‬
‫بالحرك ة الدائم ة والس رعة والتغ ير والتج دد‪ ،‬بينم ا جي ل الكب ار متمس ك بالمحافظ ة على الوض ع‬
‫الس ابق‪ ،‬ه ذا باإلض افة إلى الف وارق في الدراس ة والتحص يل العلمي وص رف األم وال وط رق‬
‫قض اء األوق ات ‪ ...‬الخ‪ ،‬ت ؤدي إلى ص راع بينهم ا‪ ،‬وال ذي غالب ا م ا يق ود إلى تغ ير المجتم ع في‬
‫الطريق ة ال تي يري دها الش باب والطريق ة ال تي يعم ل به ا الكب ار (مث ال‪ :‬األس رة‪ ،‬المؤسس ات‬
‫التربوية)‪.‬‬

‫عشرة‪:‬‬ ‫المحاضرة الثالثة‬ ‫‪-‬‬

‫‪-‬إسهامات المقاربة الصراعية في المجال التربوي‪:‬‬

‫تعتقد بان المدرسة ال تنتقي من هو أكثر قدرة وإ نتاجية وذكاء‪ ،‬وإ نما من هو أكثر مطابقة‬
‫ومسايرة لتمثالت وتوقعات الفئة التي تمتلك سلطة وضبط النظام التعليمي‪ ،‬للمحافظة أو الزيادة‬
‫في امتيازاته ا وس لطتها داخ ل المجتم ع‪ .‬وعلي ه ف إن المدرس ة تس تعمل ك أداة للص راع الطبقي‬
‫والسياسي واالجتماعي‪ ،‬وقد عمل أصحاب التيار النقدي أو الصراعي على تحليل وتوضيح هذا‬
‫الصراع وآلياته السوسيوتربوية‪.‬‬

‫أ‪ -‬التعليم وإ عادة اإلنتاج الثقافي‪ :‬بيير بورديو (‪ )2002-1930‬جون كلود باسيرون‪.‬‬

‫المقول ة الرئيس ية "لب وردو وباس يرون" ت زعم أن المؤسس ات التربوي ة في كاف ة المجتمع ات‬
‫تسهم في توليد عالقات القوة الراهنة‪ ,‬وتعتبر عملية إعادة اإلنتاج هذه ــ ومن وجهة نظريتهما ـ‬
‫وظيفة لعمليتين‪,‬‬
‫(أ) فرض معاني ثقافية بعينها واألدوات المستخدمة لفرض هذه المعاني‪.‬‬
‫(ب) تحديد محتوى المعاني الثقافية والتوزيع المتبادل لها على األفراد المختلفين‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫فالنظم التعليمية في واقع األمر تضطلع بمهمة انتقاء اجتماعي مؤسس على معايير ثقافية‬
‫للطبقة المسيطرة‪ .‬فوظيفة نقل المعرفة التي تقوم بها المدرسة كنشاط فني له قواعده تستخدم في‬
‫حقيقة األمر لمساندة الصفوة االجتماعية ومؤازرتها للحصول على القوة بواسطة المدرسة‪.‬‬

‫والنظام التعليمي يمارس قهرا ثقافيا –رمزيا‪ -‬على اعتبار انه ينتج ثقافة عامة يشترك فيها‬
‫كل شرائح وطبقات المجتمع في حين انه يعبر ضمنيا عن ثقافة طبقة مسيطرة دون أخرى‪ ،‬وال‬
‫يقتصر الحال على المحتوى المعرفي للمناهج الدراسية‪ ،‬وإ نما يتعداه إلى نمط التدريس وعالقات‬
‫االتصال المدرسية‪ ،‬بهدف الفصل بين أطفال الطبقات المسيطرة والدفع بهم إلى درجات تعليمية‬
‫ارف ع‪ ،‬وأطف ال الطبق ات المحروم ة ال تي تح دد م واقعهم في م ؤخرة النظ ام‪ ،‬وه ذا كل ه يتم عن‬
‫طريق التقويم الدراسي‪.‬‬

‫ولق د بينت البح وث أن النج اح المدرس ي "غ ير الم ألوف" ال ذي يح رزه تالمي ذ األوس اط‬
‫الشعبية إنما مرده تضافر الجهود لتحقيق مشروع مدرسي ما‪ ،‬مداره الطفل‪ .‬من ذلك أن الطفل‬
‫المنتمي إلى عائلة كادحة قد يحقق نجاحا مدرسيا إذا كان ألسرته مشروع رقي اجتماعي معين‬
‫للتحرر من المنزلة االجتماعية التي لها في األصل‪ ،‬ويمكن أن يتقمص الطفل ذاته هذا المش روع‬
‫في شكل إصرار على النج اح مرتبط برغب ة قوي ة في تجاوز أوض اع الش دة والعناء الس ائدة في‬
‫حياته العائلية‪.‬‬
‫ويرى بوردو أن التحصيل الدراس‪KK‬ي ألبن‪KK‬اء الجماع‪KK‬ات االجتماعي‪KK‬ة المختلف‪KK‬ة يرتب‪KK‬ط بص‪KK‬ورة‬
‫مباشرة بمقدار رأس المال الثقافي الذي يمتلكونه‪ K.‬وأن أبناء الطبق‪KK‬ة العلي‪K‬ا يحقق‪KK‬ون مع‪KK‬دالت نج‪KK‬اح‬
‫أعلى من أبناء الطبق‪KK‬ات األخ‪KK‬رى‪ ,‬نتيج‪KK‬ة ألن عناص‪KK‬ر ثق‪KK‬افتهم الطبقي‪KK‬ة هي الس‪KK‬ائدة في المجتم‪KK‬ع‪,‬‬
‫‪1‬‬
‫والنظام التعليمي بصفة خاصة‪.‬‬

‫الذي للمدرسة الذي يعتبر(يورغن هابرماس) من أهم ممثليها واهم وريث شرعي لها‪.‬‬
‫‪ 5‬األسس الفكرية للنظرية النقدية‪:‬‬
‫‪ -‬أساس النظرية الفلسفي هو النقد الذي يعتبر تقليد ألماني‪ ،‬أي نقد المفكرين ونقد النصوص‬
‫الفلسفية‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد محمود الجوهري‪ ،‬علم االجتماع التنمية‪ ،‬االردن ‪.‬دار المسيرة‪.2015.‬ص‪.212‬‬


‫‪33‬‬
‫‪ -‬الفكر الماركسي هو األساس السوسيولوجي للنظرية النقدية‪ ،‬حيث أنها تبنت الماركسية دون‬
‫تبني خطاباتها اإليديولوجية ونقد االقتصاد الرأسمالي‪ ،‬بل نقد االغتراب واألسباب الكامنة‬
‫وراءه‪.‬‬
‫‪ .6‬مشروع النظرية النقدية ومنطلقاتها‪:‬‬
‫‪ -1‬نقد النزعة الوضعية الحديثة‪:‬‬
‫نقدت النظرية النقدية اإلفراط في الوثوق بالعقالنية‪ ،‬التي تحولت إلى إيديولوجية مقننة حيث‬
‫المماثلة اإلنسانية (الظواهر االجتماعية) باألشياء والتطبيق الصارم للقوانين الطبيعية عليها‪،‬‬
‫كما حاولت الكشف عن مكامن التسلط فيها ومحاربة نزعتها الوثوقية‪.‬‬
‫ومن بين أسباب هذا االنتقاد‪:‬‬
‫‪ -‬إن النزعة الوضعية ال تعترف بالمعرفة العلمية إال للتجريب‪ ،‬وما عداه يلقى جانباً‪.‬‬
‫‪ -‬تنظر النزعة الوضعية للحاضر كحدث وتتنصل من التغيرات التي قد تواجه هذا الحاضر‪.‬‬
‫‪ -‬تعلن السوسيولوجية التجريبية أن كل ما تالحظه ال يعدو أن يكون في نظرها أشياء أو‬
‫محض أشياء‪.1‬‬
‫‪ -2‬نقد المجتمع الحديث والثقافة الجماهيرية‪ :‬يتف كل من ماركيوز و هوركهايمر وادرنو بان‬
‫العقالنية الغرضية التي تتضمن فكرة السيطرة على الطبيعة في الرأسمالية وتطوير العلوم‬
‫والتكنولوجيا قد أدت إلى شكل جديد من التسلط‪ ،‬تسلط الطبقة الرأسمالية على الطبقة العمالية‪،‬‬
‫وقد التقت هذه الفكرة بمفهوم العقالنية لدى (فيبر)‪.2‬‬

‫‪ -‬إبراهيم عييسى عثمان‪ :‬النظرية المعاصرة في علم االجتماع ‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬االردن‪ ،2008 ،‬ص‪186‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬حسن مصدق‪ :‬يورغن هابرماس ومدرسة فرانكفورت‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار البيضاء ‪ ،‬المغرب‪ ،2005 :‬ص‪.304‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪34‬‬
35

You might also like