Professional Documents
Culture Documents
يمكن القول أن العلم هو نمط من أنماط المعرفة النقدية ويجب أن تفهم صفة النقدية هنا
بمعنيين :فهي تشير من جهة إلى أن العلم يمارس مراقبة حذرة علي خطواته المنهجية
الخاصة و يطبق معايير دقيقة للتاكد من الصالحية و تشير من جهة أخرى إلى أن العلم يقوم
بصياغة مناهج تمكنه من توسيع حقل معرفته بطريقة ممنهجة ،ومن المهم أن نالحظ أن
المبادئ المنظمة للعلم لم تزوده بها أية هيئة خارجية :فصياغة مبادئ الصالحية و مناهج
البحث تعتبر جزءا داخيا في عملية تطوير المعرفة العلمية نفسها .و لكن هذا ال يعني مع
ذلك ان هذه المبادئ معترف بها بوضوح وشمولية إبان تطبيقها ،وبما انها مالزمة للخطوات
الفعلية ,فيجب استخالصها تدريجيا من تلك الخطوات ببذل جهد خاص لتصنيف المعطيات
المختلفة حسب الموضوعات .ويجب أن يتخذ هذا الجهد نفسه شكال نقديا ,فال يتعلق االمر فقط
بإ براز أفكار ملهمة و معايير تعمل ضمنيا في مجال البحث ،بل يجب إخضاعها أيضا لفحص
توضيحي وال ختبارات الصالحية .جون الديير
Jean Ladrière, http :// www.universalis .fr/ encyclopedie/ -sciences - et -discours /4- la- question-
de- la -scientificité /
و حسب اندريه كونت سبونيفل :حيث يعتبر من األفضل الحديث عن العلوم بالجمع ألن
العلم بالفرد ال وجود له .و العلوم مختلفة عن بعضها البعض بموضوعات و منهجها .و مع
ذلك ،فالجمع هنا يفترض و جود المفرد .فال أحد بإمكانه معرفة العلوم إذا لم يعرف العلم .
؟ إذن العلم ما
إنه مجموع المعارف و النظ ريات و االفتراضات المتعلقة بنفس الموضوع أو بنفس المجال (
مثال الطبيعة .الكائن الحي ,االرض و المجتمع ، )....و يقوم العلم ببناء هذا الموضوع و ليس
بمالحظة وجوده .و المعارف و النظريات و االفترضات المشكلة للعلم منتجة تارخيا ،و منظمة
منطقيا أو مبرهن على صحتها قدر اإلمكان معترف بها من طرف الجميع ,أو على األقل من
طرف العلماء ( هذا ما يميز العلوم عن الفلسفة االن الفالسفة يعارضون بعضهم البعضا ) ،و
أخيرا قابلة للتفنيد تجريبيا بإستثناء الرياضيات .
إذا أضفنا إلى ذلك أن العلوم تتعارض كما هو معروف مع الرأي ليست المعرفة العلمية
علمية في ذاتها يمكننا ان نخاطر ،و نقدم تعريفا مبسطا على الشكل التالي :العلم هو مجموع
من المفارقات و األ خطاء المصححة .و يعتبر التقدم جزءا من ما هية العلم و هذا ال يعني ان
العلوم تتقدم من يقين ليقين أخر كما يعتقد أحيانا و لكن ألنها تتطور عن طريق التخمينات و
تفنيدات .
André Comte-Sponville. Dictionnaire philosophique, PUF, 4è Édition, 2013, p. 904
1
مفهوم علوم التربية
قبل أن نعطي تعريف علوم التربية .فيجب أن نعرف ما هي التربية ؟
وقد جاء تعريف اليونيسكو في مؤتمرها بباريس لكلمة التربية إنها مجموع عملية الحياة
االجتماعية التي عن طريقها يتعلم األفراد ،و الجماعات داخل مجتمعاتهم الوطنية و الدولية و
لصالحها أن ينموا ،و بوعي منهم كافة قدراتهم الشخصية ،واتجاهاتهم ة استعداداتهم و معارفهم
و هذه العملية ال تقتصر على أنشطة بعينها .
أما التربية بالمعنى الواسع فهي تتضمن كل عملية تساعد على تشكيل عقل الفرد و خلقه و
جسمه باستثناء ما قد يتدخل في هدا التشكيل من عمليات تكوينية أو وراثية .وادا رجعنا أألى
مفكري التربية عبر العصور ,فإننا نجد عدة تعريفات للتربية منها :
• عرفها افالطون بانها تدريب الفطرة األولى للطفل على الفضيلة من خالل اكتسابه
العادات المناسبة .
• أما ميلتون فإنه يقول بأن التربية الصحيحة هي التي تساعد الفرد على تأدية واجباته
العامة و الخاصة في السلم و الحروب بصورة مناسبة و ماهرة ,أما توماس
االكويني فيقول :إن الهدف من التربية هو تحقيق السعادة من خالل غرس الفضائل
العقلية و الخلفية .
• ويرى هيجل :أن الهدف من التربية هو تحقيق العمل و تشجيع روح الجماعة .
فالتربية عموما تعتبر شاملة تتناول اإلنسان من جميع جوانبه النفسية و العقلية و العاطفية و
الشخصية و السلوكية و طريقة تفكيره و أسلوبه في الحياة و تعامله مع االخرين كذالك تناوله
في البيت و المدرسة و في كل مكان يكون فيه و للتربية مفاهيم فردية و اجتماعية ......
فلنالحظ ان تلك الكلمة تستعمل نادرا بغير ان يحصر معناها فورا .فنحن نفكر في المدرسة
،و مع ذلك فان التربية تلقن في األسرة أ وال ما لم نتكلم على البيئة الثالثة التى تؤلفها الرياضة
الشارع و حركات الشباب و الوسائط ،الخ .ونفكر في التعليم كما لو لم تكن التربية جسدية و
جمالية و خلقية ووجدانية بقدر ما هي تقنية و فكرية .و نفكر في الولد ولكن ،أال يتحمتم على
الراشد هو ايضا ان يتربى في استمرار لو عن طريق خبرة الحياة ؟ لقد قال أفالطون :تكوين
إنسان يتطلب خمسين سنة .علينا أن نتخذ كلمة تربية في معناها الكلي ،فإن ما ألغينا جزءا
منها ،ألغينا اإلنسان .
إذا ما علم التربية ؟ يكفي أن نرجع الى كتاب بحث في علم التربية العام لدى هوبير لنرى أن
علماء التربية أنفسهم يختلفون كثيرا بالنسبة الى تحديده .ولنحفظ هنا التحديدات الرئيسية :
• علم التربية هو أوال فن التعليم و التربية .إن ذلك الفن ،الذي يتميز بفهم االوالد و بأن
يفهمنا نجلب انتباههم ،ال يعلم ،فنحن نصبح علماء تربية في ممارستنا التعليم و التربية
،وما من سر اخر يمكن استقصاؤه .
2
• علم التربية هو ايضا نظرية في التربية تهدف الى التفكير في مذاهب التربية و طرقها
في سبيل تقدير قيمتها .
مفهوم البييداغوجيا
يشير غالبا الى معنيين تستعمل للداللة على الحقل المعرفي الذي يهتم بالممارسة التربوية في
ا بعادها المتنوعة ....و بهذا المعنى نتحدث عن البيداغوجيا النظرية او البيداغوجيا التطبيقية
او البيداغوجيا التجريبية .....
وتستعمل الالشارة الى توجيه او الى نظرية بذاتها ،تهتم بالتربية من الناحية المعيارية
و من الناحية التطبيقية ،و ذاك باقتراح تقنيات و طرق للعمل التربوية ،و بهذا المعني نستعمل
المفاهيم التالية :البيداغوجيا المؤسساتية .......
و يمكننا أن ن ضيف كذلك ،للتمييز بين التربية و البيداغوجيا ،أن البيداغوجيا حسب
أغلب تعريفاتها بحث نظري ،أما التربية فهي ممارسة و تطبيق .
محمد الصدوقي .المفيد في التربية ،صفحة 9
3
4