You are on page 1of 11

‫األستاذة‪ :‬سكينة يوسفي‬ ‫علوم التربية‬

‫األسدس الثالث‬

‫المجزوءة الثانية‪ :‬علم اإلتجمما المربوي‬

‫لقد ركزت جل نظريات التعلم على البعد الفيسيولوجي و العقلي و العاطفي للطفل بشكل يعتبره متحكما في‬
‫ميكانيزمات تعلمه و طرق اكتسابه للمهارات و المعارف‪ .‬لكن و موازاة مع ذلك‪ ،‬يعيش اإلنسان عموما‬
‫حياته في جماعة أو جماعات لها مرجعيات دينية و ثقافية مختلفة يتأثر بها و يتحدد سلوكه االجتماعي على‬
‫أساس السلوك العام المتفق عليه داخلها و التي قد تفرضه العادات و األعراف و القوانين…‬

‫البعد االجتماعي إذن يكسب الطفل تلك المعايير و القيم التي على أساسها يوجه سلوكاته و يتفاعل مع‬
‫اآلخرين‪ ،‬من خالل األدوار االجتماعية التي يكتسبها تدريجيا عبر مراحل عمرية مختلفة و التي تشكل في‬
‫األخير شخصيته بكل التعقيدات التي تحتويها‪.‬‬

‫علم االتجمما المربوي أو سوسيولوتجيا المربية جاءت لتمدنا بأبحاث و دراسات تهتم بمعرفة دوافع‬
‫السلوك االجتماعي لدى الطفل و عالقته مع بيئته االجتماعية المحيطة بغية فهم هذا السلوك و وصفه و‬
‫التنبؤ به و التحكم فيه و تطويعه لخدمة أهداف تربوية تمكن من اإللمام بجوانب قد تكون مصيرية بالنسبة‬
‫لمسار الطفل في اكتساب التعلمات و المهارات و المعارف الضرورية‪ ،‬و االندماج في المجتمع بطريقة ال‬
‫تقصي اختالفاته الفردية و ال خصوصياته الثقافية‪.‬‬

‫فما هي سوسيولوجيا التربية ؟ و ماهي مجاالت اهتمامها ؟ وأهم المقاربات التي ربطت علم االجتماع‬
‫بالتربية ؟‬

‫تعريف سوسيولوتجيا المربية‪:‬‬ ‫‪.I‬‬


‫‪ ‬يعرف ايدوارد ايزيو في كتابه ‪ sociology of education‬علم االجتماع التربوي بأنه‪:‬‬
‫”دراسة علمية للسلوك اإلنساني ضمن مجموعات ممعاقدة على عدد من أشكال المنظيم والمي على‬
‫أساسها تحدد طبيعة تصرفات األفراد‪ ،‬ومن خاللها تسمنبط مخملف النظريات المي تصف أنماط السلوكات‬
‫المالحظة داخل البيئات المعليمية‪”.‬‬

‫‪ ‬ويقول تجورج باين ‪:‬‬


‫”هو العلم الذي يصف ويفسر النظم و الطوائف و العمليات االتجمماعية‪ ،‬وي ُ َقيِّم طبيعة العالقات المي‬
‫يكمسب الفرد فيها أو عن طريقها تجاربه و يقوم بمنظيمها‪”.‬‬
‫إذن سوسيولوجيا التربية هي‪:‬‬

‫تحويل النظريات و القوانين السوسيولوتجية على الواقع المربوي و المعليمي‪ ،‬من خالل تحليل النماذج‬
‫المربوية و الطرق و المقنيات المربوية و القضايا و المشكالت المي تمكون داخل المؤسسات المعليمية‪.‬‬

‫= هي فر من فرو علم االتجمما يهمم بدراسة عالقات األفراد في الوسط المربوي‪.‬‬

‫مجاالت تدخل سوسيولوتجيا المربية و أهدافها‪:‬‬ ‫‪.II‬‬


‫التربية عموما تسعى إلى تحويل كائن غير اجتماعي ليصبح اجتماعيا‪ ،‬ومن هذا المنطلق فإن سوسيولوجيا‬
‫التربية تهتم بدراسة األنظمة المربوية و الظواهر المدرسية و دورها في تغيير المجممع من خالل عالقتها‬
‫مع األسرة و المحيط… و تأثرها بالمرتجعية الثقافية و الدينية… و تفاعلها مع الظروف السياسية و‬
‫االقمصادية…‬
‫إن سوسيولوجيا التربية تركز على العناصر الرئيسية التالية ‪ :‬مدخالت المربية ‪،‬وآلياتها البيداغوتجية و‬
‫الديداكميكية‪ ،‬ومخرتجاتها‪.‬‬

‫‪ )1‬مجال المدخالت‪:‬‬
‫– الممعلم ‪ :‬و تنكب الدراسة هنا على العوامل الفيسيولوجية و النفسية و االجتماعية‪ ،‬كالسن والجنس‬
‫و مستوى الذكاء و كذلك سمات الوسط االجتماعي…‬
‫– هيأة المدريس واإلدارة ‪ :‬يتم التركيز هنا على مختلف المتغيرات المهنية التي قد تكون نتيجة‬
‫لتوجهات سياسية و نقابية و اقتصادية و متأثرة بظروف العمل و إكراهات مختلفة أو بعوامل‬
‫نفسية و اجتماعية‪.‬‬
‫‪ )2‬مجال المخرتجات‪:‬‬
‫– القيم و المعارف ‪:‬و ذلك من خالل إدراج منظومة هرمية متكاملة من القيم و المواد الدراسية‬
‫تتخللها قواعد صريحة أو ضمنية‪ ،‬نظرية أو تطبيقية و التي تشكل الحقا الهوية المدرسية لمتعلمين‬
‫مستعدين لالندماج اجتماعيا‪.‬‬
‫– البيداغوتجيا و طرق المدريس ‪ :‬حيث يهتم علم االجتماع التربوي بطرق تمرير المحتويات و إدارة‬
‫التعلمات و تقنيات التنشيط المختلفة‪ ،‬و بتكنولوجيا التعليم الحديثة و تقنياتها و كل ما من شأنه‬
‫التحكم في آليات التفاعل بين الطالب بعضهم البعض و بين الطالب و المعلم دون إغفال اإلطار‬
‫الزماني و المكاني للعملية التعليمية التعلمية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫– المقويم ‪ :‬بما أن للتقويم دورا في اتخاذ القرارات الخاصة بانتقاء األفراد وتصنيفهم واصطفائهم‪،‬‬
‫فإن سوسيولوجيا التربية تهتم بالقواعد الظاهرة أو الكامنة للتقويم من أجل توظيفها في مجاالت‬
‫متنوعة كالمجال التربوي أو المهني أو العسكري…‬

‫‪3‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مقاربات علم االتجمما المربوي‬
‫من أهم مقاربات علم االجتماع‪ ،‬نجد‪ :‬المقاربة البنيوية الوظيفية‪ ،‬المقاربة التفاعلية الرمزية‪ ،‬المقاربة‬
‫الصراعية و المقاربة ذات النموذج التفسيري‪.‬‬

‫المقاربة البنيوية الوظيفية ‪: structural fonctionalism‬‬ ‫‪.I‬‬


‫أصولها نابعة من أعمال أشهر رواد علم االجتماع الحديث و هما إميل دوركايم و تالكوت بارسونز ‪ ،‬الذي‬
‫اهتم خصوصا بسبل استقرار النظام االجتماعي وتكامل عناصره و بنياته‪ .‬و في هذا اإلطار‪ ،‬تقول‬
‫المقاربة الوظيفية أن للتعليم العديد من الوظائف الهامة في المجتمع‪ ،‬فهو يمهد األطفال و يعدهم لالندماج‬
‫في المجممع عن طريق‪:‬‬
‫‪ ‬المعرفة‬
‫‪ ‬عبر تلقينهم المبادئ الدينية و األعراف و العادات و التقاليد المحلية و القيم األخالقية و‬
‫السياسية…‬
‫و يعتقد رواد هذه النظرية أيضا‪ ،‬أن التربية و التعليم يخدمان البنية السليمة للمجتمع ككل‪ ،‬من خالل‬
‫إلزامية التمدرس التي تؤدي إجماال إلى تقويم الكثير من السلوكات المنحرفة أو تفاديها‪.‬‬
‫و تجدر اإلشارة إلى أن بعض الدراسات صنفت المقاربات الوظيفية إلى‪:‬‬
‫–المقاربة الوظيفية الكالسيكية ‪ :‬و تقوم على فكرة الفوارق الوراثية‪ ،‬حيث أن المدرسة تهدف إلى‬
‫تربية جميع المتعلمين حسب معايير أخالقية واجتماعية موحدة‪ ،‬وذلك بغية االندماج في‬
‫المجتمع‪ .‬لكن في الوقت نفسه‪ ،‬تفرق المدرسة بين المتمدرسين‪ ،‬فمن يمتلك القدرات الوراثية‬
‫كالذكاء مثال يتم انتقاؤه لتولية المناصب المتبارى عليها في إطار من النزاهة و الشفافية و‬
‫اعتمادا على معايير علمية موضوعية مضبوطة‪.‬‬
‫–المقاربة الوظيفية المكنولوتجية ‪ :‬ظهرت هذه المقاربة ما بين خمسينيات و ستينيات القرن‬
‫الماضي‪ ،‬لتجعل من المدرسة أداة لتكوين اليد العاملة وتأهيلها ‪ ،‬بهدف تحريك عجلة االقتصاد ‪،‬‬
‫وتطوير المقاوالت الصناعية والتقنية‪.‬‬

‫من هذا المنظور تكون الطبقية داخل المجممع مسمحقة و شرعية بفضل المدرسة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المقاربة المفاعلية الرمزية ‪:symbolic interactionalism‬‬ ‫‪.II‬‬
‫اعتبر الفيلسوف األمريكي تجورج هربرت ميد ‪ George Herbert Mead‬أن النظام االجتماعي هو‬
‫نتاج األفعال التي يصدرها أفراد المجتمع‪ ،‬بمعنى أن المعنى ليس مفروضا عليهم‪ ،‬إنما هو موضوع‬
‫خاضع للتفاوض والتداول بين هؤالء األفراد‪.‬‬

‫تركز هذه النظرية أيضا في شقها المربوي على مختلف التفاعالت في العملية التعليمية التعلمية داخل‬
‫الوسط المدرسي و محتويات المقررات و البيداغوجيا و المناهج و تطور المدرسة و قد تناولت دراساتها‬
‫المدرسة من ناحيتين‪:‬‬

‫وظيفتها االجتماعية‬ ‫مكوناتها الداخلية‬

‫• اعتبرتها تهدف إلى التربية‬ ‫• اهتمت بدراستها امبريقيا‬


‫و التنشئة االجتماعية بتأهيل‬ ‫(أي تجريبيا‪ ،‬على أرض‬
‫التالميذ ألداء أدوارهم داخل‬ ‫الواقع) حيث اعتبرت‬
‫المجتمع و اساس العملية‬ ‫المدرسة بيئة رمزية لألفراد‬
‫التربوية بالنسبة لها هو‬ ‫و الجماعات تتكون من‬
‫التفاعل بين التالميذ و‬ ‫رموز و سلوكات و أفعال و‬
‫المدرسين‪.‬‬ ‫ردود أفعال و تفاعالت بين‬
‫مختلف االجناس و الطبقات‬
‫و الثقافات‬

‫فعلى سبيل المثال‪ :‬يمكن القول أن التفاعل بين الطالب و المدرس يتيح لهذا األخير التنبؤ و توقع سلوكات‬
‫المتعلمين المستقبلية من حيث مستوى مردودهم أو المشاكل التي تواجههم وهو شيء إيجابي جدا إذا ما تم‬
‫تقويم هذه السلوكات و تشجيع الطالب المتعثرين‪.‬‬

‫تم انتقاد المقاربة التفاعلية الرمزية أيضا لكونها ال تعطي أهمية كبيرة للعوامل و القوى الخارجية (‬
‫مؤسسات‪ ،‬إعالم…) التي قد تؤثر بشكل كبير على التفاعالت الفردية داخل المجتمع‪ .‬إضافة إلى كونها‬
‫تتناول النسق االجتماعي انطالقا من سلوكات األفراد مثال الوحدات الصغرى و ال تعطي تلك األهمية‬
‫للمستوى الكلي أو الرؤية العامة للمجتمع عند دراستها للسلوكات و األدوار االجتماعية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫المقاربة الصراعية ‪: conflict theory‬‬ ‫‪.III‬‬
‫من أهم روادها نذكر ‪ :‬بيير بورديو ‪ Pierre Bourdieu‬و بازل برنشتاين و جون كلود باسرون‬
‫و غيرهم‪.‬‬

‫تبحث هذه المقاربة في الجوانب السلبية للنظام التعليمي و التي قد تؤدي إلى تفكيك و تخريب المجتمع‪ .‬في‬
‫هذا الصدد يرى الباحثون أن التربية والتعليم في ظل ايديولوجية معينة و إطار ثقافي سائد‪ ،‬قد يكون لها‬
‫نصيب من الميز و عدم تكافؤ الفرص حسب العرق و الجنس و المستوى المعيشي … إذا لم يتم اعتبار‬
‫المعايير الموضوعية كدرجة الذكاء و مستوى اإلنتاج و اإلبداع … و بالتالي يصبح المستوى التعليمي آلية‬
‫إلنتاج و إعادة إنتاج الالمساواة في المجتمع‪ .‬و يتجلى هذا التمييز أيضا عندما يطلب أرباب العمل بعض‬
‫الشروط التعجيزية أو المؤهالت العلمية التي قد ال تكون مهمة للمناصب المتبارى عليها حيث يتم إقصاء‬
‫النساء أو بعض األقليات…‬

‫من ضمن ما يؤخذ على هذه األطروحة‪ ،‬أنها ركزت فقط على بعض المعطيات المرتبطة بسياسة االنتقاء‬
‫واالصطفاء‪ ،‬حيث يصعب تعميمها على جميع األنظمة بالرغم من أنها استطاعت أن تبين وجها من وجوه‬
‫مفارقات العالقة بين التطور التربوي‪-‬التعليمي ومثيله االجتماعي‪.‬‬

‫المقاربة ذات النموذج المفسيري (المفسر) ‪:‬‬ ‫‪.IV‬‬


‫إذا كانت المقاربة السابقة قد اعتبرت المدرسة فضاء للصراع االجتماعي و السياسي والطبقي و مجاال‬
‫لفرض قيم و مبادئ ذات خلفية اديولوجية محددة… فإن ثمة مقاربات أخرى تفسر الظواهر المدرسية من‬
‫الخارج‪ ،‬بطرق أكثر موضوعية باعتماد معطيات رياضية و إحصائية منطقية‪ ،‬وذلك من أجل معرفة‬
‫العالقة الكامنة بين المدرسة و الحراك االجتماعي المحيط بها‪ .‬وقد بينت هذه المقاربات التفسيرية بأن‬
‫العالقة ليست بقوية و ال ضعيفة‪ ،‬بل هناك تدخل لعوامل أخرى يجب اعتبارها‪..‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المدرسة كمؤسسة للمربية االتجمماعية‬
‫تعتبر المدرسة هي المؤسسة االجتماعية الرسمية التي تقوم بوظيفة المربية ونقل الثقافة المتطورة وتوفير‬
‫الظروف المناسبة للنمو جسميا وعقليا واجتماعيا وانفعاليا وأنها المؤسسة التي بناها المجتمع من أجل‬
‫تحقيق أهدافه وعندما يبدأ الطفل تعليمه في األسرة يكون قد قطع شوطا ال بأس به في التنشئة االجتماعية‬
‫في األسرة وبالتالي يدخل المدرسة وهو مزود بالكثير من المعايير االجتماعية والقيم واالتجاهات‪ ،‬وما‬
‫تقوم به المدرسة هو توسيع الدائرة االجتماعية للطفل حيث يلتقي بمجموعة من الرفاق و يتعلم الكثير من‬
‫المعايير االجتماعية بشكل منظم‪.‬‬

‫ما هي المؤسسة اإلتجمماعية ؟‬ ‫‪.I‬‬

‫المؤسسة اإلجتماعية تمتاز بأن لها مفهوما »‪ «Concept‬ولها تكوينا أو بنية » ‪« structure‬‬

‫‪ ‬المفهوم هو المبدأ أو الفكرة‪ ،‬وهو األساس الذي تقوم عليه المؤسسة اإلجتماعية‪ ،‬وهو يتضمن‬
‫األهداف واألغراض التي من أجلها أنشأ المجتمع المؤسسة‪ ،‬ونجده في جميع المجتمعات‪.‬‬
‫‪ ‬أما المكوين فهو اإلطار الذي يضم عددا من العناصر التي تتعاون بطرق معينة في وقت معين‪.‬‬
‫ويتضمن األشكال المختلفة التي يمكن أن يتخذها المفهوم في المجتمعات المختلفة‪ .‬فالحكومة مثال‬
‫مؤسسة إجتماعية هدفها تنظيم المجتمعات‪ ،‬تنظيم العالقات بين الحاكمين والمحكومين وبين‬
‫األفراد بعضهم البعض‪ ،‬ولكن هذا الجهاز الحكومي يختلف في بنيته من مجتمع إلى آخر‪.‬‬

‫وتتميز المؤسسات اإلجتماعية أيضا بدرجة من الدوام أو اإلستمرار نابع من أنها مقبولة إجتماعيا لفترة‬
‫معقولة من الزمن ‪.‬ولكل مؤسسة إجتماعية أهداف محددة تعمل على تحقيقها‪ ،‬ويكون هذا التحقيق في ظل‬
‫النظام الثقافي السائد ‪.‬وتنقسم المؤسسات اإلجتماعية إلى أنوا ممعددة نكتفي بأن نذكر منها إثنان ‪:‬‬

‫‪ ‬أساسـية‪ :‬ما اعتبر ضروريا للنظام اإلجتماعي في مجتمع معين‪ :‬األسرة‪ ،‬المدرسة‪ ،‬الدولة‪...‬‬
‫‪ ‬ثانويــة‪ :‬ال تعتبر ضرورية لبقاء النظام اإلجتماعي‪ :‬النادي – الصحيفة‪...‬‬

‫‪7‬‬
‫وظيفة المؤسسة اإلتجمماعية‪:‬‬ ‫‪.II‬‬
‫‪ ‬أنها تيسر العمل بالنسبة للفرد‪ ،‬إذ أنها تجمع عددا كبيرا من المظاهر السلوكية في نمط واحد‬
‫متكامل‪ .‬فهي تقدم للفرد عناصر ثقافية كثيرة معقدة في كل متكامل‪ ،‬وهي تقدمها للفرد بالتدرّج‬
‫وليست دفعة واحدة‪.‬‬
‫‪ ‬أنها وسيلة للسيطرة اإلتجمماعية‪ .‬إنها تهيئ األفراد للعيش في المجتمع وفق األنظمة السائدة في‬
‫هذا المجتمع‪ .‬والمؤسسات اإلجتماعية تعمل باإلنسجام في ما بينها‪ ،‬فهي ال تتصارع بل تتكامل‪:‬‬
‫فاألسرة والمؤسسات اإلقتصادية والمدرسة والمؤسسات الدينية‪ ...‬تعمل بإنسجام وإتساق فيما‬
‫بينها‪ .‬هذا في المجتمعات الهادئة المستقرة‪ .‬أما في المجتمعات سريعة التغير‪ ،‬فإن هذا اإلنسجام‬
‫يهتز نتيجة للتغيرات التي تصيب مناحي المجتمع والمؤسسات اإلجتماعية نفسها‪ :‬فالتغيرات‬
‫اإلقتصادية الجديدة واألفكار الجديدة تؤثر في التوازن القائم بين المؤسسات اإلجتماعية‪ ...‬فتتدخل‬
‫المؤسسات اإلجتماعية األساسية لفرض إنسجام جديد‪.‬وهي تحدد مركز الفرد اإلجتماعي والدور‬
‫الذي يقوم به‪ .‬كما أنها من ناحية أخرى قد تصيب الفرد باإلحباط وخيبة األمل‪ .‬األفراد يخلقون‬
‫المؤسسات وهي تبقى بعد أن يزول هؤالء‪ .‬وهذا الدوام واإلستقرار هو أساس السيطرة‬
‫اإلجتماعية‪ .‬ولكن هذا الجمود يضيق فال يتسع لحركة الفرد وحريته مما ينتج عنه إحباط لرغباته‬
‫وآماله‪ ،‬فيحاول تغييرها فتقاومه‪ ،‬فيحطمها حينا وتحطمه أحيانا أخرى‪ .‬ومما يزيد األمر صعوبة‬
‫أن المؤسسات اإلجتماعية مرتبط بعضها ببعض‪.‬‬
‫والسيطرة اإلجتماعية نوعان‪ :‬شكلية »‪ «Formel‬وغير شكلية‪«Informel».‬‬
‫غير الشكلية‪ :‬هي تلك التي تمارسها األسرة أو المؤسسات اإلجتماعية التي تتعلق‬ ‫‪‬‬
‫بالعالقات األولية بين األفراد‪ :‬إنتقال العادات والتقاليد األساسية بطريقة غير شكلية‬
‫عن طريق األسرة‪...‬‬
‫الشكلية‪ :‬تتمثل باألنظمة والقوانين‪ ،‬ويتمثل تنفيذها باللجوء إلى القوة‪ .‬ويمنع الفرد‬ ‫‪‬‬
‫عن طريق الضغط من مخالفتها‪.‬‬

‫الفرق بين المدرسة وغيرها من المؤسسات اإلتجمماعية‪:‬‬ ‫‪.III‬‬

‫يكمن اإلختالف الرئيسي بين المدرسة وغيرها من المؤسسات اإلجتماعية التي تقوم بدور تربوي‪ ،‬في أن‬
‫الغرض التربوي هو السبب الرئيسي لنشوئها‪ ،‬بينما هو بالنسبة لغيرها من المؤسسات سبب ثانوي‪ .‬فإذا‬
‫أخذنا العائلة مثال نرى أنها تتقابل مع المدرسة في األوجه التالية‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ ‬تختلف عنها من حيث أنها لم تتأسس عن عمد بل تلقائيا‪.‬‬
‫‪ ‬تختلف في أنها تأسست ال لخدمة الغرض التربوي كأمر رئيسي وإنما لدوام التناسل البشري‪.‬‬
‫‪ ‬كالهما يؤديان دورا تربويا‪.‬‬
‫وهكذا يمكننا بإيجاز إيراد الخصائص التالية للمدرسة‪:‬‬

‫‪ ‬أنها مؤسسة قصدية‪ ،‬الهدف منها تحقيق أغراض التربية‪.‬‬


‫‪ ‬أنها مؤسسة تقوم باختيار ما يُراد نقله من التراث الثقافي وتنسقه بشكل يسهل عملية النقل‬
‫وتدرجه فيما يسمى المناهج المدرسية‪.‬‬
‫‪ ‬هي المؤسسة التربوية الوحيدة المتميزة بالتدرّج‪ .‬فالطالب يقسمون بحسب العمر أو‬
‫المقدرة وهذه التقسيمات هي الصفوف‪.‬‬
‫‪ ‬هي مؤسسة لتوفير الوقت‪ ،‬إذ لو إمتدت حياة الفرد بدون حدود لكان من المحتمل أن يتعلم‬
‫من الحياة وبطريقته الخاصة ما يتعلمه في المدرسة‪.‬‬
‫‪ ‬إنها مؤسسة تخضع ألنظمة وأنماط سلوك وأعراف وأدوار معينة كما أنها تعتمد وسائل‬
‫وأدوات تترابط فيما بينها لتحقيق أغراض التربية‪.‬‬

‫وظائف المدرسة ‪:‬‬ ‫‪.IV‬‬


‫للمدرسة ثالث وظائف أساسية‪ :‬وظيفة حفاظية‪ ،‬وظيفة االعالم ووظيفة التنشئة االجتماعية و السياسية‪.‬‬

‫‪ ‬وظيفة حفاظية‪:‬المدرسة تحاول نقل التراث‪ ،‬و تنمي الهوية و االنتماء إلعادة إنتاج البنيات‬
‫االجتماعية لكنها تنفتح على الجديد‪.‬‬
‫‪ ‬وظيفة االعالم و المكوين‪:‬المدرسة ال تقتصر على تقديم المعارف بل تعطيها معنى‪ ،‬و تحاول‬
‫القضاء على األمية‪ ،‬و تكوين الفرد و بالتالي المجتمع‪.‬‬
‫‪ ‬وظيفة المنشئة االتجمماعية‪:‬للمدرسة وظيفة اجتماعية ألن المعارف التي تقدمها موجهة لتشكيل‬
‫م واطن وفق نموذج اجتماعي و وظيفة سياسية لكونها مؤسسة و مجتمع مصغر للحفاظ على نفس‬
‫البنيات‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الوظيفة االتجمماعية للمدرسة‪:‬‬ ‫‪.V‬‬
‫إعداد القوى البشرية القادرة على اإلنماج‪ :‬تتركز أهمية العنصر البشري في إسهامه في كل من‬ ‫‪‬‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية ومن هنا ظهرت أهمية المدرسة كمؤسسة إلمداد المجتمع بالقوى‬
‫العاملة والمدرسة تقوم بترجمة احتياجات المجتمع إلى برامج دراسية تُساهم في اإلعداد السليم‬
‫لألفراد حتى يصبحوا وحدات إنتاجية صالحة في المجتمع‪.‬‬
‫تنقية المراث الثقافي للمجممع باسمبعاد الجوانب غير المرغوب فيها‪ :‬المجتمع نسيج متكامل‬ ‫‪‬‬
‫مستمر والمدرسة هي المسؤولة عن استمرار واتصال ثقافة المجتمعات باعتبارها المؤسسة التي‬
‫أَو َكل لها المجتمع مسؤولية تنشئة األجيال القادمة ونقل جميع ما اكتسبته هذه المجتمعات من‬
‫معارف وخبرات‪.‬‬
‫إحداث المغير الثقافي المالئم للغة العصر‪ :‬قد تتوفر لكثير من المجتمعات النامية كل عناصر‬ ‫‪‬‬
‫اإلنتاج إال أنها قد تفشل في ُمعايشة عصرها والتوصل إلى تحقيق التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية المطلوبة وقد يرجع ذلك إلى وجود كثير من العادات والتقاليد والقِيَم وأنماط التفكير‬
‫الم َع ِوقة لهذه التنمية‪ ،‬وإن التنمية االقتصادية واالجتماعية تحتاج إلى اتجاهات ثقافية معينة‬
‫تتطلب التخلص من ال ُخرافات والسلبيات والُعد عن اإلتكالية والسلبية‪.‬‬
‫تبسيط الخبرة اإلنسانية وترتيبها‪ :‬تتسم الحياة االجتماعية بالتعقيد والتشابك يقف أمامها الفرد‬ ‫‪‬‬
‫وال يستطيع فهمها أو تعليلها لذا فإن من أهم وظائف المدرسة هو تبسيط الخبرات التي تُقَ َّدم‬
‫َدرجا مع مراحل نمو التلميذ‪،‬‬
‫للتلميذ في المدرسة وتجزئة مكوناتها المختلفة ث ّم ترتيب الخبرات ُمت ِ‬
‫أي تحليل الخبرات اإلنسانية إلى أبسط عناصرها لتصبح قابلة للتعلم بما يؤدي في النهاية إلى‬
‫توسيع مدارك وزيادة قدراتهم على التفكير وح ّل المشكالت التي تُصادفهم في المجتمع الخارجي‪.‬‬
‫المماسك االتجمماعي‪ :‬كي يصبح الفرد عضوا في المجتمع ويعيش ويتكيّف معه فعليه أن يُشارك‬ ‫‪‬‬
‫األعضاء اآلخرين ثقافتهم‪ ،‬والمدرسة الناجحة هي التي تحقق هذه المشاركة بكافة الطرق‬
‫وتحقيق المشاركة وربط األفراد ببعضهم وتماسكهم وتعاونهم لخدمة مجتمعهم‪.‬‬
‫النمو الممكامل للشخصية‪ :‬بعد أن تطورت المدرسة وأصبح لها وظائفها الهامه لفتت األنظار‬ ‫‪‬‬
‫إلى دورها وخطورة مسؤولياتها نحو إعداد المواطن الصالح الذي ال بُ ّد أن يتمتع بشخصية نامية‬
‫متكاملة وبدأت تركز على أهدافها وتوجه مجهودها نحو اإلنسان ألنه يُمثل القوة البشرية التي‬
‫سوف يعتمد عليها في التنمية‪ ،‬وقد نجحت في تحقيق هذا الهدف فقد وجهت عنايتها وإهتمامها‬
‫إلى الشخصية من الجوانب األربعة‪ :‬الجسمية والعقلية والنفسية واالجتماعية بحيث تَصل إلى‬
‫تكوين الشخصية النامية المتكاملة التي تستطيع أن تُشارك في عملية التنمية حيث أن النمو‬

‫‪10‬‬
‫المتكامل للفرد ال يمكن أن يتم إال داخل المجتمع وتحقيق ذات الفرد ال يمكن أن يتم إال بتفاعل‬
‫هذه الذات مع البيئة االجتماعية المحيطة‪.‬‬
‫إعداد المواطن الصالح‪ :‬المواطن الصالح هو ال ُمنتَمي إلى مجتمعه ويظهر ذلك في سلوكه‬ ‫‪‬‬
‫واتجاهاته نحو األحداث العامة وعالقته مع أفراد مجتمعه ولقد أصبحت غاية المدرسة الحديثة‬
‫خلق المواطن القادر على التفكير والعمل واإلنتاج والمشاركة في العالقات االجتماعية‬
‫والمساهمة في بناء المجتمع وتقدمه ويتم ذلك عن طريق تنمية قدراته ومعاونته على امتصاص‬
‫ثقافة مجتمعه في صور ُم َح َسنة عن طريق تفاعله مع الجماعات واكتسابه الصفات االجتماعية‬
‫التي تؤهله للعيش في مجتمعه‪.‬‬

‫‪11‬‬

You might also like