You are on page 1of 20

‫وزارة التعليم العالي‬

‫جامعة الملك سعود‬

‫كلية التربية‬

‫المدرسة‬
‫و التنشئة‬
‫االجتماعية‬

‫إعداد الطالب‪ /‬فايز بن عبد العزيز الفايز‬


‫الرقم الجامعي‪427121254 /‬‬

‫إشراف الدكتور الفاضل ‪ /‬عثمان بن ناصر البريكان‬


‫المقدمة‬

‫بالرغم من أن المظاهر األولى للتنشئة االجتماعية تبدأ و تترعرع في جو‬


‫األسرة حتى وصفت أنها المؤسسة التربوية األولى التي يبدأ فيها الطفل‬
‫حياته كونها تقوم بدور هام في تشكيل االتجاهات األساسية لنمط شخصية‬
‫اإلنسان ونوع عالقته مع اآلخرين و نمط تكوين اتجاهاته و ميوله‪ .‬إال أنها‬
‫لم تعد تستأثر بالتنشئة وحدها في عالمنا المعاصر نتيجة التفجر المعرفي و‬
‫التقدم العلمي وثورة االتصاالت الهائلة مما أدى إلى االهتمام بالتعليم عن‬
‫طريق المدارس التي أنشأها المجتمع لخدمة أغراضه وأهدافه ومن تلك‬
‫األغراض تربية أبناء المجتمع و تنشئتهم ‪ ،‬وحيث أن المدرسة تملك‬
‫الفرصة األكبر في تربية النشء من بقية المؤسسات االجتماعية األخرى ‪،‬‬
‫فحري بنا أن تتعرف في هذا البحث المبسط و المتواضع عن دور المدرسة‬
‫في التنشئة االجتماعية ‪.‬‬
‫تعريف المدرسة‪:‬‬

‫ذكرنا في مقدمة هذا البحث أن التربية تبدأ عن طريق األسرة الصغيرة إال‬
‫أنه مع زيادة متطلبات الحياة و تعقدها وتطورها المتسارع و زيادة‬
‫الخبرات البشرية و انشغال اآلباء و األمهات عن أبنائهم لهثًا وراء هذه‬
‫المتطلبات مما يضطرهم البقاء أكثر الوقت خارج المنزل و لعجزهم أيضًا‬
‫عن القيام بتربية أبنائهم نظرا لتعقد العلوم و المعارف و تضخمها أوجب‬
‫ذلك كله وجود مؤسسة أخرى تساهم في نقل التراث الثقافي و تكيف الطفل‬
‫للحياة من حوله و تعليمه التقاليد والعادات والقيم و النظم ومن هنا جاءت‬
‫المدرسة كمؤسسة اجتماعية تربوية و بدأت تطرح نفسها كمسألة‬
‫اجتماعية بالغة األهمية و التعقيد ‪.‬‬

‫و لذلك تعددت تعريفات المدرسة باختالف االتجاهات النظرية و سنستعرض‬


‫مجموعة من التعريفات التي تؤكد على وظيفتها ‪.‬‬
‫فالمدرسة هي " المؤسسة الخطيرة التي أنشاها المجتمع لتتولى تربية‬
‫نشئه الطالع وهي تلك المؤسسة القيمة على الحضارة اإلنسانية هي األداة‬
‫التي تعمل مع األسرة على تربية الطفل "‪ ( .‬ناصر ‪) 171 ، 1409 :‬‬

‫ويرى أحمد محمد "أن المدرسة بناء اجتماعي يستمد مقوماته المؤسسية‬
‫من التكوين االجتماعي العام‪ ,‬تستمد منه هذه المؤسسة فلسفتها‬
‫وسياساتها‬

‫وأهدافها وتسعى إلى تحقيقها من خالل الوظائف و األدوار التي تقوم بها‬
‫"(أحمد‪)242 ,1423:‬‬

‫من خالل تلك التعريفات نجد أن المدرسة نظام متكامل له وظائف‬


‫اجتماعية محددة في إطار الحياة االجتماعية باإلضافة إلى وظائف رئيسة‬
‫تقوم بها المدرسة‪.‬‬

‫نشأت المدرسة و تطورها ‪:‬‬

‫"يقول عالم االجتماع أوجست كنت ال نستطيع أن نفهم جيدًا قضية ما إال‬
‫إذا تتبعـناها تاريخيًا "(علي‪,1425:‬ص‪. )69‬‬

‫ومن خالل استعراض تاريخ المدرسة نجد أنها مرت بثالث مراحل هي ‪:‬‬
‫العائلة ( األسرة كمدرسة ) (ناصر‪)171, 1409:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫من المعلوم أن المدرسة لم تكن موجدة في السابق و كان العبء كله في‬
‫المجتمعات البدائية آنذاك على العائلة حيث كانت المسئولة الوحيدة عن‬
‫تربية الطفل "وكان التعلم يمر بثالث مراحل هي االستماع المالحظة التقليد‪.‬‬
‫(علي‪ )70, 1425:‬الذي هو محاكاة ما يفعله أفراد عائلته و بخاصة‬
‫األبوان و يتم التعلم بصورة غير مقصودة فال األبوان كانا يقصدان بأنهما‬
‫يقومان بدور المعلم وال حتى األوالد يقصدون ممارسة دور التالميذ ‪.‬‬

‫القبيلة كمدرسة ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫"وهي المدرسة الثانية لألطفال وتعتبر مكملة لما تقوم به العائلة في‬
‫المجتمعات البدائية وكان التعلم يمر بتلك المراحل الثالث فيتعلم الطفل عمن‬
‫هم أكبر منه سنًا في القبيلة كشيخها أو كاهنها الذي يعلل لألبناء الظواهر‬
‫الروحية و الطبيعية بصورة يغلب عليها السذاجة وعلى نحو خرافي و‬
‫أسطوري " ‪( .‬ناصر‪)171 , 1409:‬‬

‫المدرسة الحقيقية و عوامل ظهورها ‪:‬‬

‫قلنا في أول هذا البحث أن زيادة التراث الثقافي ‪".‬وما يحويه من تفجر‬
‫معرفي من حيث المعرفة المتراكمة و المعلومة أدى إلى تعقد هذا التراث و‬
‫تشعبه و تشابكه و صعوبة نقله من جيل إلى جيل " (أبورزق ‪,1425:‬‬
‫‪)286‬و ظهور التراث الثقافي المكتوب الذي ألزم الناشئة ضرورة تعلم‬
‫اللغة باالطالع على هذا التراث و فهمه واستيعابه كان له دور بارز في‬
‫ظهور المدرسة بنوعيها بمفهومها الحقيقي ‪.‬‬

‫فهناك نوعان من المدارس هما‪:‬‬

‫‪ -1‬المدارس العامة أو الحكومية ‪.‬‬

‫فالحكومة تتولى أمر تأسيسها و ماتحتاج من إمكانات مادية وبشرية من‬


‫أجل تأهيل األجيال الناشئة ‪ .‬ومن أجل أن تؤدي وظائفها المطلوبة منها‬
‫ولهذا يكون التعليم فيها مجانيًا فالتلميذ اليدفع رسومًا لاللتحاق بالمدارس ‪.‬‬

‫‪ -2‬المدارس الخاصة ‪:‬‬

‫و يتولى أمر تأسيسها في العادة أفراد أو هيئات خاصة و بينها وبين‬


‫المدارس الحكومية أدوار تكاملية في تربية األجيال الناشئة ‪( .‬ناصر‪:‬‬
‫‪)172: 1409‬‬
‫بنية المدرسة ‪:‬‬

‫يتكون اإلطار البنيوي األساسي للمؤسسات المدرسية على النحو التالي ‪:‬‬

‫"من عناصر بشريه تالميذ ‪ ,‬معلمون ‪ ،‬مشرفون ‪ ,‬و الموجهون اإلداريون‬


‫و عناصر غير بشريه( مباني‪ ,‬تجهيزات ‪ ،‬معامل ‪ ،‬مناهج‪ ,‬وسائل تعليمة‬
‫و غير ذلك ) ‪(.‬محمد ‪)243 , 2003:‬‬

‫و ينشأ بين األفراد و الجماعات داخل المدرسة عالقات و تفاعالت تتأثر‬


‫بالمكونات البيئية الطبيعية والجغرافية و االقتصادية والسياسية ‪.‬‬

‫و بهذا نجد أن "التركيب االجتماعي للمدرسة مستمد من المجتمع الذي‬


‫توجد فيه ومؤثرات بيئية عليها ‪ .‬والتأثر االجتماعي الذي تمارسه‬
‫المدرسة على الفرد و شخصيته والمجتمع وثقافته هو نتيجة التأثيرات‬
‫االجتماعية تلك" ‪(.‬محمد ‪)244: 1423‬‬

‫وظائف المدرسة ‪:‬‬

‫يرى روسني أن وظيفة المدرسة التقف عن حدود نقل المعارف الموجودة‬


‫في بطون الكتب فحسب و إنما في عملية دمج هذه المعارف في وإ لى داخل‬
‫المعنيين بها ‪.‬‬
‫جدون ديوي ينظر إلى المدرسة بأنها مؤسسة اجتماعية تعمل على تبسيط‬
‫الحياة االجتماعية و اختزالها في صورة أولية بسيطة ‪.‬‬

‫وتكمن وظيفة المدرسة كما يرى كلوس في أنها تحويل مجموعة من القيم‬
‫الجاهزة و المتفق عليها اجتماعيا ( وطفه ‪)167 ,1998 :‬‬

‫ويري الدكتور سعيد إسماعيل (‪ )266-264 , 2001‬أن المدرسة التي‬


‫أوجدها المجتمع كانت للقيام بواجبات معينة أال و هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬النقل الثقافي ‪:‬حيث تقوم المدرسة بنقل التراث الثقافي من األجيال السابقة إلى‬
‫األجيال الالحقة بأساليب ووسائل جيدة تقتضيها طبيعة العصر مع مراعاة‬
‫أن عملية النقل هذه تستلزم تطهير وتنقيحه من الشوائب والخرافات‬
‫باإلضافة إلى محاولة تبسيطه ليتلقاه المتعلم بشكل ميسر ‪.‬‬

‫‪ -2‬التكامل االجتماعي بين الجماعات التي تنتسب للمجتمع إذ ينتسب للمجتمع‬


‫جماعات متعددة حيث يكون للمدرسة دور كبير في القضاء على التناقضات‬
‫التي قد تنشأ بين هذه الجماعات و تحقيق التكامل في بينها وبذلك يتحرر‬
‫المتعلم اإلعزال محصورًا بين جماعته ‪.‬‬
‫النمو الشخصي للتلميذ سواء كان داخل المدرسة أو داخل بيئة المجتمع‬ ‫‪-3‬‬
‫الكبير ‪.‬‬

‫‪ -4‬تنمية أنماط اجتماعية جديدة ‪ :‬فالتربية وسيلة تكوين أنواع السلوك و تغييرها‬
‫و تنميتها على أساس من العلم و المعرفة لذا كان لزاما على المدرسة أن‬
‫تقوم بواجبها في تنمية أنماط اجتماعية جديدة حصلت نتيجة التطورات‬
‫الجديدة و الحاصلة في المجال العالمي كله لتجعل منهم مواطنين صالحين‬
‫قادرين على التكيف مع جماعاتهم التي يعيشون فيها‪.‬‬

‫‪ -5‬تنمية القدرات اإلبداعية ‪ :‬المؤسسات التي تستند إلى المعرفة العلمية بحاجة‬
‫إلى أفكار أبداعية والمدرسة في سعيها إلى تنمية اإلبداع ال بد أن تنمي لدى‬
‫الطالب الفضول المعرفي و استكشاف المجهول ‪.‬‬

‫توفير مناخ يشجع على ممارسة القيم الديمقراطية والعالقات اإلنسانية ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫وعليه كان للمدرسة الدور الكبير في تنشئة المتعلمين التنشئة السياسية‬


‫وفق أنظمة وقوانين البلد المبنية على السياسة العام لذلك البلد‪.‬‬

‫الصورة الدينامكية للنظام المدرسي ‪:‬‬

‫التفاعل الذي يجري بين أفراد الجماعة المدرسية يعتبر أحد صور التفاعل‬
‫االجتماعي و يتجلى ذلك في العمليات التي ترتبط من خاللها أعضاء‬
‫الجماعة بعضهم مع بعض عقليا و واقعيًا على مستوى الحاجات و‬
‫الرغبات والوسائل و الغايات والمعارف ‪.‬‬

‫على هذا يعرف التفاعل التربوي على أنه " سلسة متبادلة ومستمرة من‬
‫االتصاالت بين كائنين إنسانيين أو أكثر"‪( .‬وطفه ‪) 162 ، 1998‬‬

‫و يؤكد الباحثون أن فاعليه النظام المدرسي و قدرته على تحقيق الغايات‬


‫التربوية واألهداف العليا يرتبط إلى حد كبير بدرجة التفاعل التربوي القائم‬
‫بين جوانب النظام المدرسي‪.‬‬

‫و هناك مؤشرات إجرائية تبين فاعلية النظام المدرسي مثل ‪:‬‬

‫‪ -1‬درجة الديمقراطية المتاحة القائمة بين المعلمين التالميذ ‪.‬‬

‫‪ -2‬مدى المرونة التي تتصف بها العالقة التربوية القائمة ‪.‬‬

‫‪ -3‬مدى التوافق و االنسجام الذي يتحقق بين جوانب النظام المدرسي‬


‫ومكوناته‪.‬‬

‫ومن الجدير بالتنويه عليه أن التفاعل التربوي المدرسي الذي يحدث بين‬
‫عناصر النظام المدرسي يتحدد بجملة أمور من أبرزها ‪:‬‬

‫‪ -1‬الفلسفة التربوية السائدة في الوسط المدرسي حول غاية التعلم ووظيفة‬


‫المدرسة‪ .‬فالمعلم الذي يؤمن بمبدأ السلطة و اإلكراه ال يمكن أن يحقق‬
‫تفاعال تربويا ًمتكامًال ‪.‬‬
‫‪ -2‬مدى مرونة األنظمة اإلدارية السائدة فكلما كان هناك تصلب إداري انعكس‬
‫على مستوى إنتاجية المدرسة ‪..‬‬

‫األهداف التربوية لها دور كبير في تحديد مستوى العالقات السائدة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪ -4‬العالقة بين الوسط االجتماعي و الوسط المدرسي من خالل مجالس أولياء‬


‫أمور الطالب والمعلمين من شأنه دفع وتيرة التفاعل التربوي نحو المنشود‬
‫( وطفة ‪)166 – 1998‬‬

‫‪ -5‬المناهج وما تتضمنه من معارف ومهارات واتجاهات تربوية‬


‫تسهم في دفع العالقات التربوية القائمة نحو تطور تربوي أفضل منشود‪.‬‬
‫(محمد‪)254 : 1423‬‬

‫المدرسة و التنشئة االجتماعية ‪:‬‬

‫مفهوم التنشئة االجتماعية ‪:‬‬

‫من أهم العمليات التي تقوم بها المدارس التنشئة االجتماعية وتطبيع أفراده‬
‫تطبيعًا اجتماعيًا حتى يكونوا أعضاء صالحين ويساهمون في خدمة‬
‫المجتمع والعمل على تقدمه وتطوره المستمر وذلك للحفاظ على وجوده‬
‫وثقافته وحتى نتعرف أكثر على هذا الدور الكبير للمدرسة فال بد من‬
‫استعراض مفهوم التنشئة االجتماعية ‪.‬‬

‫التنشئة مفهوم يقع تحت مظلة المفهوم الشامل للتربية الذي يتضمن العديد‬
‫من أنواع التنشئة مثل التنشئة االجتماعية أو االقتصادية أو السياسية أو‬
‫غيرها ‪ ،‬بجانب اشتماله على االهتمام بكل جوانب الشخصية اإلنسانية‬
‫سواء الجسمية أو العقلية أو الوجدانية أو غيرها ‪(.‬هيكل‪)13 :1423‬‬

‫ويرى الدكتور أحمد الفنيش(‪ )35 :2004‬أن التنشئة االجتماعية هي‬


‫العملية التي يتم بها إدماج الطفل في اإلطار الثقافي للمجتمع عن طريقة‬
‫توريثه أساليب التفكير و المعتقدات و العادات والتقاليد السائدة في‬
‫المجتمع و ما يرتبط بها من أنماط سلوكية حتى تصير من مكونات‬
‫شخصيته ‪.‬‬

‫فالتنشئة االجتماعية عبارة عن عملية تربية و تعليم هدفها تشكيل‬


‫شخصية الفرد من جميع الجوانب سواء الروحية العقلية الجسمية أو‬
‫المعرفية أو السلوكية ونحوها وفقًا لمعتقدات المجتمع وعاداته وتقاليده و‬
‫أعرافه ونظم تفكيره‪.‬‬

‫و يشير إبراهيم ناصر(‪" )208: 1409‬أن النشأة االجتماعية هي تربية‬


‫الفرد و توجيهه و اإلشراف على سلوكه و تلقينه لغة الجماعة التي ينتمي‬
‫إليها وتعويده على األخذ بعاداتهم وتقاليدهم و أعرافهم وسنن حياتهم و‬
‫االستجابة للمؤثرات الخاصة بهم و الخضوع لمعاييرهم وقيمهم و الرضا‬
‫بأحكامهم وتطبعه بطباعهم وتمثله سلوكهم العام و ما توارثوه أو خلدوه‬
‫إلى ثقافتهم األصلية من الثقافات األخرى و أصبح من عمومياتهم‬
‫الثقافية" ‪.‬‬

‫أو هي أي التنشئة االجتماعية "العملية التي يتعلم بها الفرد خالل عالقاته‬
‫باآلخرين وتفاعله معهم كيفية السلوك المقبول من جماعته واالبتعاد عن‬
‫السلوك غير المقبول ونتيجة لهذا التفاعل االجتماعي ينمو الفرد ويصبح‬
‫عضوًا فاعًال في المجتمع" (أبورزق‪)43 :1418‬‬

‫من خالل تلك التعاريف نستنتج أن التنشئة االجتماعية عملية يستهدف‬


‫منها المجتمع بجميع مؤسساته االجتماعية تشكيل أبناءه تبعًا للنمط الثقافي‬
‫الذي ارتضاه المجتمع ألبنائه إشباعٍا لحاجاتهم وحاجته أيضا‪. .‬‬

‫خصــــائص التنشئـــــــة ‪:‬‬

‫من أهم خصائص التنشئة االجتماعية أنها عملية اجتماعية قائمة على‬
‫التفاعل المتبادل بينها وبين مكونات البناء االجتماعي و نسبية في نفس‬
‫الوقت تختلف من حيث الدرجة والنوعية باختالف الزمان والمكان وكذلك‬
‫باختالف الطبقات االجتماعية داخل المجتمع الواحد وما تعكسه كل طبقة‬
‫من ثقافة فرعية‪ ،‬كما إنها تختلف من بناء اجتماعي واقتصادي آلخر‬
‫وهي عملية مستمرة حيث أن المشاركة المستمرة في مواقف جديدة‬
‫تتطلب تنشئة مستمرة يقوم بها الفرد بنفسه ولنفسه حتى يتمكن من‬
‫مقابلة المتطلبات الجديدة للتفاعل وعملياته الني ال نهاية لها‪.‬‬
‫كما أنها عملية إنسانية واجتماعية حيث يكتسب الفرد من خاللها طبيعته‬
‫اإلنسانية غير الفطرية والتي تنمو من خالل الموقف عندما يشارك‬
‫اآلخرين تجارب الحياة‪ .‬فهي تهدف إلى تحويل ذلك الطفل إلى عضوًا‬
‫فاعل قادر على القيام بأدواره االجتماعية متمثًال للمعايير والقيم‬
‫والتوجهات‪(.‬أبو جاللة والعبادي ‪ )49: 14‬والمدرسة كمؤسسة‬
‫اجتماعية أوجدها المجتمع تلعب دورًا رئيسيًا في عملية التنشئة حيث‬
‫تتدخل لتؤطر الطفل وتوجه حياته وتشكلها في مراحلها المبكرة تشترك‬
‫مع المؤسسات االجتماعية األخرى في تشكيل قيم الطفل ومعتقداته‬
‫وسلوكه بحيث يتجه نحو النمط المرغوب فيه دينيًا وخلقيًا واجتماعيًا‪ .‬إن‬
‫هذه المؤسسة االجتماعية ال يقتصر دورها على مراحل عمر الطفل‬
‫المبكرة ولكنها تستمر في ممارسة تدخلها فترة طويلة من الزمن ألن‬
‫التربية كما يقال من المهد إلى اللحد‪.‬‬

‫المدرسة مؤسسة للتنشئة االجتماعية ‪:‬‬

‫الطفل يأتي إلى المدرسة ولديه شخصية تشكلت في األسرة من خالل‬


‫معايير معنية وقيم واتجاهات خاصة فيصبح في موقف جديد و يتطلب هذا‬
‫أن يتعرف على شخصيات متعددة فيحدث تفاعل اجتماعي داخل المدرسة‬
‫قائم على األخذ و العطاء ومن خالل ذلك يزيد الطالب من تجاربه‬
‫االجتماعية و دائرة اتصاالته تتسع و تتنوع ‪.‬‬
‫غير أن المدرسة لها سلطة تنظيم خاصة بها فتكون تلك التفاعالت وفق‬
‫أسس وضوابط محدده كاحترام قيمه واحترام تفكيره مما ينتج عنه مساواة‬
‫وثبات في التعامل ‪ .‬ومن أجله كان للمدرسة دورا ال يقل أهمية في التنشئة‬
‫االجتماعية عن دور األسرة أو المؤسسات الدينية أو وسائل اإلعالم‬
‫بأنواعها المختلفة والمتعددة و نحوها ‪.‬بل إن المدرسة أصبحت تكمل ما‬
‫بدأته األسرة بل أصبحت تملك مقومات لتؤدي وظائفها قد تعجز عنها‬
‫بعض المؤسسات االجتماعية بل و ال تملكها‪.‬‬

‫و لعل تلك األهمية ترجع لخصائص تتميز بها المدرسة عن غيرها من‬
‫المؤسسات التربوية واالجتماعية األخرى وهذه الخصائص هي‪:‬‬

‫‪ -1‬أنها بيئة تربوية مبسطة حيث ترى المدرسة لزامًا عليها أن تبسط ما في‬
‫المجتمع حتى يستطيع التلميذ فيها فهمه و تقبله حسب أعمارهم ومراحل‬
‫نموهم من خالل األسلوب التدريجي أو التسلسل المنطقي‪.‬‬

‫‪ -2‬بيئة تربوية مطهرة فتحرص على أال تنقل للجيل الجديد غير الخير والجمال و‬
‫تقدم له بيئة منتقاة من الفساد ‪.‬‬

‫‪ -3‬بيئة تربوية متزنة متنوعة فتحاول أن توجد نوعًا من التقارب بين مختلف‬
‫التالميذ ذوي المستويات االجتماعية و الثقافية و الخلقية المختلفة وتحاول‬
‫أن تقرب بين أنماط سلوكهم ألجل تحقيق وحدة األفراد‪.‬‬

‫بيئة تربوية متغيرة متبدلة فالتالميذ المعلمون واإلداريون متبدلون ‪(.‬علي‬ ‫‪-4‬‬
‫‪)263 :1422‬‬
‫"فدور المدرسة في التنشئة االجتماعية يتمثل في مايلي‪:‬‬

‫‪ -1‬تنمية اإلطار الثقافي المشترك لتماسك أبناء المجتمع من خالل نقل قيم‬
‫المجتمع و أفكاره واتجاهاته من جيل إلى جيل و تنقية هذا التراث و تجديده‬
‫بانتقاء أفضل ما فيه لتشكيل شخصية التلميذ من جميع الجوانب ‪.‬‬

‫‪ -2‬تقديم الرعاية النفسية و االجتماعية إلى كل طفل و مساعدته على حل‬


‫مشكالته واالنتقال به من طفل يعتمد على غيره واتكالي في معظم األشياء‬
‫إلى راشد مستقل معتمد وواثق من نفسه و متوافق نفسيًا واجتماعيًا ‪.‬‬

‫‪ -3‬مراعاة قدرات التلميذ و تفهمها من خالل إداركه للواقع و صقل مهاراته و‬


‫إتاحة فرص نمو شخصيته في إطارها االجتماعي المحدد ‪.‬‬

‫‪ -4‬تعليم التلميذ كيف يضبط سلوكه ويحقق أهدافه بطريقة متالئمة تتفق مع‬
‫المعايير االجتماعية ‪.‬‬

‫‪ -5‬إكساب التالميذ العادات الصحية السليمة التي تساعده على االحتفاظ بسالمة‬
‫أبدانهم والوقاية من األمراض وتنمية العادات الغذائية السليمة‪.‬‬

‫إكساب التالميذ أساليب التفكير العلمي وحفزهم على األداء و اإلنجاز وإ تقان‬ ‫‪-6‬‬
‫العمل ‪.‬‬

‫‪ -7‬توجيه التالميذ و إرشادهم الختيار المجال التعليمي والتخصصي وما‬


‫يترتب عليه من تحديد مهنته التي سوف يزاولها في المستقبل " ‪( .‬محمد ‪:‬‬
‫‪)255: 2003‬‬
‫‪" -8‬توعية كل العاملين في المدرسة بأهمية القدوة الحسنة ليقتدي بهم‬
‫التالميذ " ‪( .‬أبورزق‪ )288 ,1425:‬لذا كان من أهم العوامل المدرسية‬
‫التي تؤثر في التنشئة االجتماعية للطفل شخصية المعلم فهو مصدر‬
‫السلطة التي يجب طاعتها والمثل األعلى الذي يتمثل به الطفل ومصدر‬
‫المعرفة لذا البد أن يكون المدرس متسلحًا بالمعرفة والفضائل‬
‫األخالقية واالجتماعية ألن تأثيره تأثيرًا كبير في بناء الطفل اجتماعيًا‬
‫ونفسيًا ‪.‬‬

‫‪ -9‬منح بعض االمتيازات والتفضيالت لتشجيع التالميذ على السلوك‬


‫االجتماعي الجيد الذي ارتضاه المجتمع ألبنائه و إلغاء بعض االمتيازات أو‬
‫الحرمان منها لوقت معين مقابل السلوك غير المرضي ‪.‬‬

‫‪ -10‬البث في نفوس التالميذ أهمية اإلحساس لواقع المجتمع و إمالة‬


‫وتطلعاته و مشكالته ودورهم في كيفية التغلب عليها مما يعمل على تهيئة‬
‫التالميذ‬

‫تهيئة اجتماعية كجزء مكمل من عملية التكيف االجتماعي ‪( ".‬أبورزق‪:‬‬


‫‪.)288 : 1425‬‬

‫"فالمدرسة إذن هي المؤسسة االجتماعية التي أنشاها المجتمع لتقابل حاجة‬


‫من حاجاته األساسية وهي تطبيع أفراده تطبيعًا اجتماعيًا يجعل منهم‬
‫أعضاء صالحين وأصبحت هي الوحيدة القادرة على توفير الفرص الكافية‬
‫إلكساب تالميذها الخبرات التعليمية و تكشف ميولهم واستعداداتهم و‬
‫تستثمرها وتعد كل فرد للمهنة التي تناسبه و أصبحت ترسم الخطط‬
‫لتالميذها ليتعلموا االعتماد على النفس في سن مبكرة كما أصبحت نقطة‬
‫االلتقاء للعالقات العديدة و المتداخلة والمعقد ولذا أصبحت قوة اجتماعية‬
‫موجهة تعمل على بناء الشخصية السوية وإ كساب التلميذ الخبرات التي‬
‫تهيؤه لمواجهة تحديات الحياة االجتماعية(أبو جاللة ‪.)104 : 14‬‬

‫الخاتمة‬

‫وبعد فإن المدرسة تعتبر بحق الوكالة االجتماعية الثانية بعد األسرة للقيام‬
‫بوظيفة التنشئة االجتماعية لألطفال واألجيال الشابة إذ تقوم بإعدادهم من‬
‫جميع النواحي الروحية و المعرفية و السلوكية و البدنية واألخالقية‬
‫المهنية كل ذلك من أجل أن تحقق لألفراد اكتساب عضوية المجتمع‬
‫والمساهمة في نشاطات الحياة االجتماعية المختلفة ‪ .‬لكن اليمكن فقط‬
‫االقتصار على ماتقدمه المدرسة فالمسؤولية جماعية تقع على عاتق‬
‫المجتمع والوالدين والمربين والدولة ومؤسساتها الرسمية وغير‬
‫الرسمية ألن تحسين أوضاع المتعلم تقتضي التنسيق والتكامل بين‬
‫جميع المؤسسات ذات العالقة‪.‬مع وضع مصالح المتعلم في رأس‬
‫األولويات ألن المتعلمين الذين سنهتم بهم اليوم هم ورثه المستقبل‬
‫فالبد من توفير عناصر البقاء والنماء والحماية لهم وبذا نكون على‬
‫األقل قد مهدنا الطريق لبناء مجتمع المستقبل ‪.‬‬
‫وفي الختام نسأل المولى عز وجل أن يوفق الجميع لكل خير و صلى اهلل‬
‫وسلم على نبينا محمد ‪.‬‬
‫المراجع ‪:‬‬

‫أبو جاللة ‪ ،‬صبحي‪ .‬العبادي ‪ ،‬محمد حميدان ‪ :‬أصول التربية بين األصالة و‬ ‫‪-1‬‬
‫المعاصرة‪ ,‬مكتبة الفالح للنشرة التوزيع ‪,‬الكويت ‪.‬‬

‫أبو رزق ‪,‬حليمة علي ‪ :‬المدخل إلى التربية ‪,‬ط ‪, 2‬الدار السعودية للنشر و‬ ‫‪-2‬‬
‫التوزيع ‪ ،‬جدة‪.1425 ,‬‬

‫علي ‪ ,‬سعيد إسماعيل ‪:‬فقه التربية مدخل إلى العلوم التربوية ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الفكر‬ ‫‪-3‬‬
‫العربي ‪ ،‬القاهرة‪.2001 ,‬‬

‫علي ‪ ،‬محمد سعيد ‪ :‬علم التربية و أسسه‪ ،‬ط ‪, 1‬مكتبة الرشد ‪ ،‬الرياض ‪,‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪.1425‬‬

‫الفنيش ‪ ،‬أحمد ‪ :‬أصول التربية ‪ ،‬ط ‪, 3‬دار الكتاب الجديد المتحدة ‪ ،‬بيروت‬ ‫‪-5‬‬
‫‪.2004‬‬

‫محمد ‪ ,‬أحمد علي الحاج ‪ :‬أصول التربية ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬دار المناهج ‪ ،‬عمان‪,‬‬ ‫‪-6‬‬
‫‪.2003‬‬

‫ناصر ‪ ،‬إبراهيم ‪ :‬أسس التربية‪ ,‬ط ‪ ، 2‬دار عمار ‪ ،‬عمان‪.1409 ,‬‬ ‫‪-7‬‬

‫هيكل ‪ ,‬سالم حسن ‪:‬تربية وتنشئة الفرد في إطار متوازن بين ثقافة مجتمعه‬ ‫‪-8‬‬
‫والاحتكاك بالثقافات المجتمعية األخرى(دراسة مفاهيمية تحليلية) ‪ ,‬كلية التربية‬
‫‪,‬جامعة الملك سعود ‪. 1423,‬‬

‫وطفه‪,‬على أسعد‪ :‬علم االجتماع التربوي وقضايا الحياة التربوية المعاصره ‪،‬‬ ‫‪-9‬‬
‫ط ‪ ، 2‬مكتبة الفالح للنشر و التوزيع ‪ ،‬الكويت ‪.1998‬‬

You might also like