You are on page 1of 69

‫جميل حمداوي‬

‫مفهوم علم التدريس ومجاالته‬


‫أو مدخل إلى علم الديدكتيك‬

‫‪1‬‬
‫المؤلف‪ :‬جميل حمداوي‬
‫الكتاب‪ :‬مفهوم علم التدريس ومجاالته‬
‫الطبعة األولى ‪2020‬‬
‫دار الريف للطبع والنشر اإللكتروني‬
‫الناظور‪ -‬تطوان‪/‬المملكة المغربية‬
‫الهاتف‪0536333488/0672354338:‬‬
‫حقوق الطبع محفوظة للمؤلف‬

‫‪2‬‬
‫اإلهــــداء‬
‫أهدي هذا الكتاب إلى جميع الطلبة األساتذة بالمركز الجهوي لمهن‬
‫التربية والتكوين بالناظور ‪ ،‬فوج ‪2021-2020‬م‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفهرس‬
‫اإلهداء‬
‫الفهرس ‪4..............................................................................‬‬
‫مقدمة ‪5................................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهـــوم التربية ‪6...................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم البيداغوجيـــا ‪15.........................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مفهـــوم الديدكتيـــك‪16.........................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬الفرق بين البيداغوجيا والديدكتيك‪22..........................‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬عالقة الديدكتيك بالعلوم األخرى‪23.........................‬‬

‫المطلب السادس‪ :‬مفاهيم الديدكتيك ومصطلحاته‪56...........................‬‬


‫خاتمة ‪58...............................................................................‬‬
‫ثبت المصادر والمراجع ‪60.........................................................‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬
‫يتناول هذا الكتاب مجموعة من الدروس والمحاضرات التي تندرج ضمن‬
‫علم التدريس‪ ،‬أو مادة الديدكتيك‪ ،‬أو مادة التربية الخاصة‪ ،‬أو ضمن‬
‫العملية التعليمية‪-‬التعلمية‪.‬ومن ثم‪ ،‬يتوجه الكتاب إلى المكونين واألساتذة‬
‫والطلبة المهتمين بقضايا التربية والتعليم بصفة خاصة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يجمع هذا‬
‫الكتاب المبسط والميسر مجموعة من المفاهيم والمصطلحات المتعلقة‬
‫بالديدكتيك أو فن التدريس‪ .‬ويعني هذا أن الكتاب تعريف بمجمل قضايا‬
‫علم التدريس ومجاالته‪ ،‬بالتوقف عند مفاهيمه ‪ ،‬ودراسة مواضيعه‬
‫المتشعبة‪ ،‬واستكشاف قضاياه المختلفة والمتعددة‪ ،‬واستقصاء مرجعياته‬
‫النظرية والتطبيقية‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬ينصب هذا الكتاب على مواضيع تربوية عدة ‪ ،‬مثل‪ :‬مجاالت‬
‫الديدكتيك ‪ ،‬ومفهوم البيداغوجيا‪ ،‬وعالقة الديدكتيك بمختلف العلوم‬
‫األخرى‪ ،‬والجهاز المفاهيمي للديدكتيك‪...‬‬
‫وعليه‪ ،‬ينقسم الكتاب إلى مقدمة‪ ،‬وستة مطالب‪ ،‬وخاتمة‪ ،‬وثبت للمصادر‬
‫والمراجع‪.‬‬
‫وقد توسلنا‪ ،‬في كتابنا النظري هذا ‪ ،‬بلغة عربية سهلة ومبسطة وواضحة‪،‬‬
‫باالبتعاد قدر اإلمكان عن الحشو واإلطناب وركاكة اللغة من أجل أن‬
‫يستفيد منه الجميع‪.‬لذلك‪ ،‬بوبناه إلى مجموعة من المطالب المترابطة‬
‫لتسهيل عملية التنقيب والبحث واالستكشاف على الدارسين والمدرسين‬
‫والباحثين والطلبة على حد سواء‪ ،‬والسيما الذين يسعون جادين إلى تجميع‬
‫المعلومات والبيانات والمعطيات التي تتعلق بالتربية والتعليم‪.‬‬
‫وفي األخير‪ ،‬أسأل هللا عزز وجزل أن يلقزى هزذا الكتزاب المتواضزع استحسزانا‬
‫لدى المتلقي‪ .‬وأشكر هللا وأحمده على علمه ونعمه وفضائله الكثيزرة التزي ال‬
‫تعد وال تحصى‪ .‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫توطئة البد منها‪:‬‬
‫قبل الخوض في مواضيع علم التدريس‪ ،‬أو مباحث الديدكتيك العامة‬
‫والخاصة‪ ،‬البد من التوقف عند بعض المفاهيم اإلجرائية المهمة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫التربية‪ ،‬والبيداغوجيا‪ ،‬والديدكتيك الخاصة‪ ،‬والديدكتيك العامة على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهـــوم التربية‬
‫تعني التربية (‪ ، )Education‬في دالالتها اللغوية‪ ،‬الحفظ‪ ،‬والعناية‪،‬‬
‫والرعاية‪ ،‬والتنشئة‪ ،‬واإلصالح‪ ،‬والتنمية‪ ،‬وتهذيب الطفل وتأديبه وتأطيره‬
‫وتكوينه وتربيته‪ .‬وأكثر من هذا فالتربية لها تاريخ طويل ‪ ،‬فهي " عبارة‬
‫عن تراكمات من الخبرات‪ ،‬حملها الكبار‪ ،‬ونقلوها للصغار‪ ،‬وهي بالتالي‬
‫سلوكات رضي عنها الجماعة ‪ ،‬ورضيت بها أسلوبا لحياتها ‪ ،‬وتفاعلها مع‬
‫بعضها البعض‪ ،‬ومع ذلك فهي ليست حكرا على أحد‪ ،‬وال هي مهمة إنسان‬
‫دون آخر‪ ،‬فقد يقوم بها األب‪ ،‬واألم‪ ،‬والمعلم‪ ،‬والسائق‪ ،‬والبائع‪ ،‬أو أي‬
‫مخ لوق قد تأهل لذلك‪ ،‬فعرف قيم مجتمعه‪ ،‬ونظمه‪ ،‬وتقاليده‪ ،‬كما عرف ما‬
‫يصلح ألمته وينهض بها‪.‬‬
‫يتضح ‪ ،‬مما تقدم‪ ،‬أن العملية التربوية عملية هامة لبني البشرية ‪ ،‬وأهميتها‬
‫تكمن في كونها الطريق المنظم لنقل التراث‪ ،‬واستمرار بقائه لكل األمم‪.‬‬
‫إن جذور التربية قديمة‪ ،‬عتيقة‪ ،‬وف روعها مستحدثة‪ ،‬متجددة‪ ،‬وثمارها‬
‫مستمرة‪ ،‬طيبة‪ ،‬وهي بالتالي شجرة باسقة الطول‪ ،‬جذورها في أعماق‬
‫األرض‪ ،‬وفروعها الخضراء الندية العطرة‪ ،‬صاعدة دائمة في أعالي‬
‫السماء‪"1.‬‬

‫‪ - 1‬إبراهيم ناصر‪ :‬علم االجتماع التربوي‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان؛ مكتبة الرائد العلمية‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.32:‬‬
‫‪6‬‬
‫ويعني هذا أن التربية عملية إنسانية قديمة ظهرت مع ظهور اإلنسان الذي‬
‫كان يربي نفسه على العمل والخالل الفاضلة وعبادة هللا وحده‪ .‬ومن ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬كان يرعى أبناءه وأفراد أسرته رعاية حسنة ومتكاملة‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فالتربية عملية ضرورية لتنشئة األبناء وتعليمهم‬
‫وتأهيلهم وتكوينهم من أجل أن يتكيفوا مع الواقع من جهة‪ .‬ويتأقلموا مع‬
‫وضعياته الصعبة والمعقدة والمركبة من جهة ثانية‪ .‬وكذلك من أجل أن‬
‫يواجهوا الطبيعة بتسخريها وتغييرها والتحكم فيها‪ ،‬وكذلك من أجل‬
‫الحصول على المكانة الالئقة بهم‪ ،‬ونيل الفالح في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫إذاً‪ ،‬فالتربية " عملية ضرورية لمواجهة الحياة ومتطلباتها‪ ،‬وتنظيم‬
‫السلوكيات العامة في المجتمع من أجل العيش بين الجماعة عيشة مالئمة‪،‬‬
‫وضرورتها لكل من الفرد والمجتمع معا‪ ،‬أما ضرورتها للفرد اإلنسان‪،‬‬
‫فتكون للمحافظة على جنسه‪ ،‬وتوجيه غرائزه‪ ،‬وتنظيم عواطفه‪ ،‬وتنمية‬
‫ميوله‪ ،‬ونقل التراث الثقافي إليه‪ ،‬وأنماط السلوك التي ترضى عنها‬
‫الجماعة‪ ،‬وكل ذلك البد من اكتسابه على مر األيام‪ ،‬ألن فترة الطفولة‬
‫اإلنسانية طويلة بطبيعتها‪ ،‬والحياة البشرية معقدة‪ ،‬وكثيرة التبديل‬
‫والتغيير‪.‬وبنقل النمط السلوكي والتراث لألفراد يحتفظ المجتمع بثقافته من‬
‫الضياع‪ ،‬وليس هذا فقط‪ ،‬بل إن التراث عند نقله اليكتفى بالمحافظة على‬
‫التراث كما هو أو كما نقل من األجداد لآلباء‪ ،‬ومكن اآلباء لألبناء‪ ،‬بل إن‬
‫دور التربية هنا يظهر بإضافة أو حذف ما هو غير مناسب من التراث‪،‬‬
‫ولهذا نقول ‪ :‬إن ضرورة التربية لكل من المجتمع واألفراد تظهر في نقل‬
‫التراث الثقافي واالحتفاظ به وتنقيته من الشوائب وتعديله‪ ،‬وبالتالي‬
‫‪2‬‬
‫استمراره وازدهاره وتطوره وبقائه‪".‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يتضح لنا أن التربية عملية ضرورية في بناء الذات واألسرة‬
‫والمجتمع واألمة واإلنسانية جمعاء‪.‬‬
‫‪ - 2‬إبراهيم ناصر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.37-36:‬‬
‫‪7‬‬
‫و للتربية وظائف عدة تتمثل في تهذيب اإلنسان ورعايته والعناية به‪،‬‬
‫وتكوينه وتأهيله مهاريا وتربويا وعمليا‪ ،‬وتنميته معرفيا ووجدانيا وحسيا‬
‫وحركيا‪ .‬ومن وظائفها األخرى" نقل األنماط السلوكية للفرد من المجتمع؛‬
‫ونقل التراث الثقافي من األجيال السابقة لألجيال الالحقة؛ وتعديل التراث‬
‫الثقافي‪ ،‬وتغيير مكوناته بإضافة ما يفيد وحذف ما اليفيد؛ واكتساب الفرد‬
‫خبرات اجتماعية نابعة من قيم ومعتقدات ونظم وعادات وتقاليد وسلوك‬
‫الجماعة التي يعيش بينها؛ وتنوير الفرد بالمعلومات الحديثة التي تغزو‬
‫‪3‬‬
‫الحياة اليومية في المجتمع‪".‬‬
‫إذاً‪ ،‬تهدف التربية إلى بناء اإلنسان بناء متكامال‪ ،‬والسمو به معرفيا‬
‫وعاطفيا ومهاريا‪ ،‬وتطهيره أخالقيا‪ ،‬ومساعدته على الحفاظ على قيم‬
‫األجداد‪ ،‬ونقل قيمهم وعاداتهم وثقافتهم وتراثهم من جيل إلى آخر‪ ،‬في‬
‫إطار ما يسمى بالتطبيع االجتماعي‪ .‬وتقوم التربية بوظيفة التنشئة‬
‫االجتماعية‪ .‬عالوة على وظيفة المحافظة على المجتمع‪ ،‬أو تغييره جزئيا‬
‫أو كليا‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تستند التربية إلى مجموعة من األسس الفلسفية‪،‬‬
‫واالقتصادية‪،‬‬ ‫والنفسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والتاريخية‪ ،‬والديدكتيكية‪،‬‬
‫والدينية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬واالجتماعية‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فللتربية عالقة وثيقة بالفلسفة‪ ،‬مادامت تهدف إلى تنوير اإلنسان‪،‬‬
‫وتكوينه عقليا وذهنيا الستخدام عقله في تأمل الكون‪ ،‬وتحصيل الحقائق‪،‬‬
‫وتمثل القيم الصادقة‪.‬‬
‫ويمكن الحديث عن ثالثة اتجاهات فلسفية في مجال التربية‪ ،‬كاالتجاه‬
‫التسلطي التقليدي الذي كان يركز على المدرس باعتباره سيد المعرفة؛‬
‫واالتجاه التقدمي الديمقراطي الذي يعترف بمكانة المتعلم في إطار مقاربة‬

‫‪ - 3‬إبراهيم ناصر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.37:‬‬


‫‪8‬‬
‫تشاركية تجمع بين المدرس والمتعلم؛ واالتجاه التحرري الطبيعي الذي‬
‫يمثله روسو وكارل روجرز ‪ .‬وينبني هذا التصور على تحرير المتعلم‪،‬‬
‫ومساعدته على التعلم من الطبيعة ‪ ،‬ويبقى المدرس مستشارا أو موجها إذا‬
‫طلب منه ذلك‪.‬‬
‫في حين‪ ،‬يتمثل األساس التاريخي في ربط الماضي بالحاضر؛ حيث‬
‫تعرفنا التربية بماضي األجداد واآلباء‪ ،‬واستجالء مظاهر القوة والضعف‬
‫في هذا التاري خ‪ ،‬ودراسته بشكل جيد من أجل االعتبار به تمثال ‪ ،‬واقتداء‪،‬‬
‫وتطبيقا‪.‬‬
‫واليمكن الحديث عن التربية إال إذا ربطناها بعلم النفس؛ ألن التربية‬
‫تتعامل مع األطفال والمراهقين‪.‬وهنا‪ ،‬البد من معرفة مشاعرهم ورغباتهم‬
‫وميولهم‪ ،‬وتفهم حاجياتهم ومشاكلهم‪ ،‬وإيجاد الحلول المناسبة لعالجهم‬
‫شعوريا والشعوريا‪.‬‬
‫كما للتربية عالقة باألساس االجتماعي ؛ألن التربية تشمل جميع‬
‫مؤسسات المجتمع من األسرة‪ ،‬والشارع‪ ،‬وروض األطفال‪ ،‬والمدرسة‪،‬‬
‫واإلعدادية‪ ،‬والثانوية‪ ،‬والجامعة‪ ،‬والنقابة‪ ،‬والحزب‪...‬فالتربية حاضرة في‬
‫كل هذه الحقول والمجاالت والميادين ‪ .‬والهدف منها هو تكوين مواطن‬
‫صالح لنفسه‪ ،‬وأسرته‪ ،‬ووطنه‪ ،‬وأمته‪.‬‬
‫وتستند التربية أيضا إلى أسس ثقافية ؛ إذ ينتقل اإلنسان من كائن بيولوجي‬
‫إلى كائن ثقافي بواسطة التربية والتعليم‪ ،‬باكتساب مجموعة من المهارات‬
‫الكفائية‪ ،‬وتملك التقنيات التي تساعده على تطوير قدراته وابتكاراته‬
‫ومؤهالته‪ ،‬وخلق ثقافته الخاصة به‪ .‬و" الصلة هنا بين الثقافة والتربية‬
‫كبيرة جدا‪ ،‬إذ إن مادة التربية هي الثقافة والتراث الثقافي المتراكم على مر‬
‫األجيال‪ ،‬ومادامت التربية عملية تكيف مع المجتمع المحيط الذي يعيش‬
‫بطريقة معينة نابعة من تراثه الذي أحبه‪ ،‬وتوارثه وأراد أن ينقله ويستمر‬
‫في ممارسته وهو بالتالي ثقافته فإن ذلك يعني أن أساس التربية هو الثقافة‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫وموضوعها األساسي الذي تبنى عليه كل المواضيع األخرى هو الثقافة ‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫ثقافة المجتمع المحيط‪ .‬وأي صلة أكثر من هذا؟"‬
‫كما تسعفنا التربية ‪ -‬دينيا‪ -‬في اختيار المعبود األوحد‪ ،‬ونبذ عبادة األصنام‬
‫واألوثان والتماثيل‪ ،‬وتوحيد هللا‪ ،‬وتمثل القيم الدينية ‪ ،‬والتعرف إلى أوامر‬
‫هللا ونواهيه‪ .‬لذلك‪،‬تقوم التربية بدور مهم في تهذيب األبناء قيميا‪ ،‬وتنشئتهم‬
‫دينيا وأخالقيا؛ إذ تعرفهم بالعقيدة الصحيحة‪ ،‬وتقربهم إلى خالقهم األوحد‬
‫واألكمل واألعظم واألجل‪ ،‬وتنورهم بدورهم الحقيقي في الحياة العاجلة‬
‫بغية الظفر باآلجلة‪.‬‬
‫أما عالقة التربية باالقتصاد‪ ،‬فالتربية عملية اقتصادية بامتياز؛ إذ يتحسن‬
‫مستوى معيشة اإلنسان بالتربية والتعليم‪ .‬ويحصل على مكاسب وامتيازات‬
‫مادية ومعنوية عن طريق التربية والتعليم‪ ،‬وتملك الشهادات‪.‬‬
‫إذا ً‪ ،‬فالعالقة بين االقتصاد والتربية " عالقة وثيقة‪ ،‬فمستوى المعيشة‬
‫يرتبط بالمستويات الثقافية والعلمية التي يصل إليها أفراد المجتمع‪ ،‬فوجود‬
‫أعداد كبيرة من األميين يؤدي إلى التخلف‪ ،‬وكلما ارتفع المستوى‬
‫االقتصادي وزاد الدخل القومي كلما ازداد التعليم وزاد عدد الطالبين للعلم‪.‬‬
‫وتتضح صلة التربية باألسس االقتصادية فيما لو نظرنا إلى التربية كقوة‬
‫ضاغطة في يد طبقة اجتماعية مسيطرة تتحكم بوسائل اإلنتاج وتنمية‬
‫المهارات والقدرات لدى الفئات المتعلمة‪ ،‬فالتعليم يزيد من القدرة على‬
‫االبتكار ‪ ،‬ويسهم في تحسين السلوك‪ ،‬ويطور في اإلنتاج‪.‬‬
‫أما عن تأثير التربية في النمو االقتصادي‪ ،‬فيتضح بقوة رأس المال المادي‬
‫وتأثيره وارتباطه بقدرات األفراد ومهاراتهم‪ ،‬ولما كان التعليم هو السبيل‬
‫إلى تكوين المهارات والقدرات عند األفراد‪ ،‬فإنه يعتبر األساس في التقدم‬
‫االجتماعي واالقتصادي وفي أحداث التنمية‪...‬‬

‫‪ - 4‬إبراهيم ناصر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.45-44:‬‬


‫‪10‬‬
‫إن ا لتربية عملية اقتصادية ألنها تعد كل فرد ليقوم بأداء مهنة معينة تكون‬
‫مصدرا لدخله‪ ،‬وكلما تعلم المهارات الالزمة لمهنته وأتقنها‪ ،‬زاد دخله‪،‬‬
‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬كلما أتقن األفراد مهنهم على اختالف أنواعها‪ ،‬أدى ذلك‬
‫إلى زيادة دخل الفرد‪ .‬وبالتالي زاد دخل المجتمع"‪. 5‬‬
‫وللت ربية عالقة وطيدة بالسياسة‪ ،‬فكل عنصر يتأثر باآلخر‪.‬بمعنى أن‬
‫المدرسة تعبير عن صراعات طبقية واجتماعية‪ ،‬وتعبير عن صراعات‬
‫سياسية‪ ،‬ونقابية‪ ،‬وإيديولوجية‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬فثمة أنظمة سياسية تجعل‬
‫من التربية وسيلة للحفاظ على العادات والتقاليد والقيم التي يدافع عنها‬
‫النظام السياسي‪ ،‬كما يبدو ذلك واضحا في الدول االشتراكية واألنظمة‬
‫الديكتاتورية (النازية والفاشية)‪ .‬وهناك أنظمة تريد أن تجعل من التربية‬
‫أداة للتغيير‪ ،‬ووسيلة ناجعة للقضاء على األمية بكل أنواعها (األلفبائية‪،‬‬
‫والوظيفية‪ ،‬واإلعالمية)‪ ،‬بتطوير المجتمع كما في الدول الديمقراطية‪.‬‬
‫أما فيما يخص األسس البيداغوجية والديدكتيكية‪ ،‬فللتربية عالقة وثيقة‬
‫بالمدرس والمتعلم‪ ،‬بل تنفتح على اإلدارة واألسرة والمحيط الخارجي الذي‬
‫يؤثر في المدرسة‪ .‬وقد تعني ا لتربية مجموعة من الطرائق والتصرفات‬
‫والخبرات والتجارب التي تهدف إلى تنشئة المتعلم في مختلف جوانبه‬
‫السلوكية‪ ،‬والتعلمية‪ ،‬والتثقيفية‪...‬‬
‫وبناء على ماسبق‪ ،‬فالتربية فعل تربوي وتهذيبي وأخالقي‪ ،‬تهدف إلى‬
‫تنشئة المتعلم تنشئة اجتماعية صحيحة وسليمة‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تسهم‬
‫التربية في الحفاظ على قيم المجتمع وعاداته وتقاليده‪ ،‬وتسعى جادة لتكوين‬
‫المواطن الصالح‪ .‬وكذلك تسعى إلى تغيير المجتمع بالتدريج‪ ،‬والدفع به‬
‫نحو طريق التقدم واالزدهار‪ ،‬بتحقيق الديمقراطية التشاركية‪ ،‬والعدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬والمساواة المثلى‪.‬عالوة على ذلك‪ ،‬فالتربية هي التي تنشئ‬
‫المجتمع نشأة أخالقية‪ ،‬وترفع مكانته وشأنه ومستواه التنموي‪ ،‬وتوصله‬
‫‪ -5‬إبراهيم ناصر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.42:‬‬
‫‪11‬‬
‫إلى مصاف الدول المتقدمة والمزدهرة‪ .‬وتسعى التربية جادة إلى إدماج‬
‫الفرد في المجتمع تكيفا‪ ،‬وتأقلما‪ ،‬وتصالحا‪ ،‬وتغييرا‪ ،‬كما تسعى إلى"‬
‫اإلنماء الكامل لشخصية اإلنسان‪ ،‬وتعزيز حقوق اإلنسان والحريات‬
‫األساسية‪ .‬يعني تكوين أفراد قادرين على االستقالل الفكري واألخالقي‪،‬‬
‫ويحترمون هذا االستقالل لدى اآلخرين‪ ،‬طبقا لقاعدة التعامل بالمثل التي‬
‫‪6‬‬
‫تجعل هذا االستقالل مشروعا بالنسبة إليهم‪".‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬فالتربية هي وسيلة لتحقيق اإلبداع واالبتكار‪ ،‬وطريقة في‬
‫االستكشاف والتأويل والبحث ودمقرطة المجتمع‪ ،‬وترتكز على الحرية‪،‬‬
‫والمبادرة الفردية‪ ،‬وسيادة النقاش الهادف ‪ ،‬وتمثل النقد البناء والحوار‬
‫السليم من أجل بناء مجتمع متقدم واع‪ ،‬يسهم في خلق الحداثة وبنائها‪،‬‬
‫وإثراء العولمة بما لديه من طاقات منتجة‪ ،‬واختراعات ومكتشفات‪،‬‬
‫ومستجدات نظرية‪ ،‬وتقنية‪ ،‬وعلمية‪ ،‬ومعلوماتية‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬يقول‬
‫محمد لبيب النجيحي ‪ ":‬ولما كان هدف التربية األساسي هو تنمية التفكير‬
‫واستغالل الذكاء ‪ ،‬فمعنى هذا أن التربية تعمل من أجل الحرية اإلنسانية‪.‬‬
‫فالتأكيد على نمو الطفل إنما هو تأكيد على تحرير قدراته العقلية من‬
‫قيودها‪ ،‬وإتاحة الفرصة لها لالنطالق حتى تستطيع أن تستخدم بطريقة‬
‫فعالة إمكانيات البيئة التي يعيش فيها‪ .‬ويصبح المجتمع الحر هو المجتمع‬
‫الذي يشترك أفراده أيضا في تطويره وتوجيه التغيير االجتماعي الحادث‬
‫له‪.‬‬
‫وعندما يتمتع أفراد المجتمع بالحرية‪ ،‬فتكون التربية بذلك قد أسهمت في‬
‫بناء مجتمع مفتوح‪ .‬ونعني بالمجتمع المفتوح المجتمع الذي يسعى عن‬
‫قصد وتصميم في سبيل تطوره‪ ،‬وال يعمل فقط على المحافظة على الوضع‬
‫الراهن‪ .‬وهذا المجتمع هو مجتمع قد نظم تنظيما يدخل في اعتباره حقيقة‬

‫‪ - 6‬جان بياجي‪ :‬التوجهات الجديدة للتربية‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد الحبيب بلكوش‪ ،‬دار توبقال‬
‫للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغر ب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‪1998‬م‪ ،‬ص‪.52:‬‬
‫‪12‬‬
‫التغيير في األمور اإلنسانية‪ .‬وهو مجتمع يقبل التغير على أنه وسيلة‬
‫للقضاء على الفساد واالنحالل‪ ،‬وأن الذكاء اإلنساني والمجهود التعاوني‬
‫‪7‬‬
‫من جميع أفراد المجتمع تؤدي جميعا إلى نمو اإلنسانية وتقدمها‪".‬‬
‫ويضاف إلى ذلك أن التربية تحقق مجموعة من الوظائف الجوهرية‪،‬‬
‫كالتعليم‪ ،‬والتثقيف‪ ،‬والتطهير‪ ،‬والتهذيب‪ ،‬والتنوير‪ ،‬وتحرير الفكر من‬
‫قيود األسطورة والخرافة والشعوذة‪ ،‬والسمو باإلنسان نحو آفاق إيجابية‬
‫ومثالية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم البيداغوجيـــا‬
‫تعني البيداغوجيا (‪ ، )La pédagogie‬في دالالتها اللغوية‪ ،‬تهذيب‬
‫الطفل وتأديبه وتأطيره وتكوينه وتربيته‪ .‬وقد تعني الذي يرافق المتعلم إلى‬
‫المدرسة‪ .‬وتدل أيضا على التربية العامة‪ ،‬أو فن التعليم‪ ،‬أو فن التأديب‪ ،‬أو‬
‫نظرية التربية التي تنصب على جميع الطرائق والتطبيقات التربوية التي‬
‫تمارس داخل المؤسسة التعليمية‪.‬‬
‫وقد يكون المقصود بها أيضا ذلك العلم الذي يتناول التربية في أبعادها‬
‫الفيزيائية والثقافية واألخالقية‪ ،‬أو يدل على مجموعة من العلوم التربوية‬
‫النظرية والتطبيقية‪ ،‬كعلم النفس التربوي‪ ،‬وعلم االجتماع التربوي‪ ،‬وعلم‬
‫التخطيط التربوي‪ ،‬وعلم االقتصاد التربوي‪ ،‬وعلم اإلحصاء التربوي‪،‬‬
‫وعلم مناهج البحث‪ ،‬والسياسة التربوية‪ ،‬وفلسفة التربية‪ ،‬والديدكتيك‪...‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فكلمة البيداغوجيا " إغريقية األصل‪ ،‬وكانت تدل على العبد‬
‫الذي يرافق الطفل في تنقالته‪ ،‬وبخاصة من البيت إلى المدرسة‪ .‬ولقد‬
‫تطور استعمال الكلمة‪ ،‬وأصبح يدل على المربي (‪.)Pédagogue‬‬

‫‪ - 7‬محمد لبيب النجيحي‪ :‬مقدمة في فلسفة التربية‪ ،‬دار النهضة العربي للطباعة والنشر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة‪1992‬م‪ ،‬ص‪.240:‬‬
‫‪13‬‬
‫والبيداغوجيا هي جملة األنشطة التعليمية‪ -‬التعلمية التي تتم ممارستها من‬
‫قبل المعلمين والمتعلمين‪".8‬‬
‫وأكثر من هذا فالبيداغوجيا نظرية تربوية علمية عامة ذات بعد نظري‬
‫وتطبيقي وتوجيهي‪ ،‬لها عالقة وثيقة بالمدرس والمتعلم‪ ،‬بل تنفتح على‬
‫اإلدارة واألسرة والمحيط الخارجي الذي يؤثر في المدرسة‪ .‬وقد تعني‬
‫البيداغوجيا تلك النظرية التربوية التي تهتم بالمتعلم في مختلف جوانبه‬
‫السلوكية‪ ،‬والتعلمية‪ ،‬والتثقيفية‪ .‬وتقدم مجموعة من النظريات التي تسعف‬
‫المتعلم في تعلمه‪ ،‬وتكوينه‪ ،‬وتأطيره‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالبيداغوجيا متعددة‬
‫االختصاصات‪ .‬كما تنفتح على علوم عدة‪ ،‬مثل‪ :‬علم النفس‪ ،‬وعلم‬
‫االجتماع‪ ،‬والبيولوجيا‪ ،‬والديموغرافيا‪ ،‬واإلحصاء‪ ،‬واالقتصاد‪ ،‬والفلسفة‪،‬‬
‫والسياسة‪ ،‬وعلم التخطيط‪ ،‬وعلم التوجيه‪ ،‬واللسانيات‪ ،‬والسيميوطيقا‪،‬‬
‫وعلم التدبير‪ ،‬وعلم اإلدارة‪ ،‬وعلم اإلعالم‪...‬‬
‫وتنبني البيداغوجيا على ثالثة عناصر رئيسة هي‪ :‬المعلم‪ ،‬والمتعلم‪،‬‬
‫والمعرفة‪ .‬أي‪ :‬إن المعلم هو الذي ينقل المعرفة إلى المتعلم عبر المضامين‬
‫والمحتويات‪ ،‬والطرائق البيداغوجية ‪ ،‬والوسائل الديدكتيكية‪...‬‬
‫ويعني هذا أن ثمة مرتكزات تربوية ثالثة‪ :‬المعلم‪ ،‬والمتعلم‪ ،‬والمعرفة‪.‬‬
‫فالمعلم هو الذي يقوم بمهمة تكوين المتعلم ضمن عالقة بيداغوجية‪ .‬وما‬
‫يعلمه المعلم من معارف وأفكار ومحتويات ومضامين وخبرات وتجارب‬
‫يدخل ذلك ضمن عالقة ديدكتيكية ‪ .‬أما ما يحصله المتعلم من معارف‬
‫ومعلومات يدخل ضمن عالقات التعلم‪ .‬والجامع بين المرتكزات الثالثة‬
‫يسمى بالفضاء أو الوسط البيداغوجي‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يتضمن هذا الفضاء‬
‫التربوي ثالث عالقات أساسية هي‪ :‬العالقة الديدكتيكية (المعلم‪‬‬

‫‪ -8‬أحمد أوزي‪ :‬المعجم الموسوعي لعلوم التربية‪ ،‬دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2006‬م‪ ،‬ص‪.150:‬‬
‫‪14‬‬
‫التعليم‪ ‬المعرفة)‪ ،‬والعالقة البيداغوجية (المعلم‪ ‬التكوين ‪‬المتعلم)‪،‬‬
‫وعالقة التعلم(المتعلم‪ ‬التعلم ‪‬المعرفة)‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مفهـــوم الديدكتيـــك‬


‫إذا كانت البيداغوجيا تخصصا نظريا عاما ‪ ،‬يتحكم في العالقة التي تكون‬
‫بين المعلم والمتعلم‪ ،‬فإن الديدكتيك (‪ 9)La didactique‬هو تخصص‬
‫عملي تطبيقي يتعلق بتدريس مادة معينة؛ إذ نقول‪ :‬ديدكتيك العربية‪،‬‬
‫وديدكتيك الفرنسية‪ ،‬وديدكتيك الرياضيات‪ ،‬وديدكتيك العلوم‪.....‬ويعني هذا‬
‫إذا كانت البيداغوجيا مرت بطة بالمتعلم ونظريات التعلم‪ ،‬فإن الديدكتيك لها‬
‫حيز ضيق‪ ،‬يتعلق بمجال دراسي معين‪ ،‬أو ما يمكن تسميته كذلك بالتربية‬

‫‪ - 9‬الديدكتيك لفظ يوناني (‪ )didaktikόs‬يعني التعليم‪ ،‬ويشتق من فعل ( ‪)didáschein‬‬


‫الذي يدل على التثقيف والتعليم والتكوين‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫بطابعها‬ ‫الديدكتيك‬ ‫تتميز‬ ‫هنا‪،‬‬ ‫ومن‬ ‫الخاصة‪.‬‬
‫اإلبستمولوجي(‪ ) épistémologique‬الذي يعنى بطبيعة المعارف‬
‫والمعلومات المدرسة من جهة‪ ،‬وبطابع مضامينها المتعددة التخصصات‬
‫(‪.) des contenus disciplinaires‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يمكن تقسيم الديدكتيك إلى قسمين رئيسين هما‪ :‬الديدكتيك العامة‬
‫(‪ )La didactique générale‬التي تعنى بالدروس والممارسة الصفية‪،‬‬
‫واالهتمام باألنشطة الدراسية الفردية والجماعية‪ ،‬وتبيان الكيفية التي‬
‫يوظف بها المتعلم المقرر الدراسي والكتاب المدرسي ‪.‬أي‪ :‬تهتم الديدكتيك‬
‫العامة بطرائق التدريس بصفة عامة‪ .‬في حين‪ ،‬تتعلق الديدكتيك الخاصة‬
‫(‪ )La didactique spéciale‬بمادة تدريسية على حدة‪ ،‬أو مستوى‬
‫دراسي معين‪.‬‬
‫وإذا كان مصطلح البيداغوجيا قد ظهر قديما مع اليونان‪ ،‬وكان يعني‬
‫ت هذيب الطفل وتأديبه‪ ،‬فإن مصطلح الديدكتيك قد ظهر في منتصف القرن‬
‫العشرين ‪ ،‬و" استخدم بمعنى فن التدريس أو فن التعليم ( ‪Art‬‬
‫‪.)d’enseigner‬هذا هو التعريف الذي قدمه قاموس (‪ )Le Robert‬سنة‬
‫‪ 1955‬وقاموس(‪ )Le Littré‬سنة ‪.1960‬وابتداء من هذا التاريخ‪ ،‬أصبح‬
‫المصطلح لصيقا بميدان التدريس‪ ،‬دون تحديد دقيق لوظيفته‪.‬وهناك من‬
‫منظري علوم التربية من اعتبر هانس إبلي (‪ )Hans Aebeli‬أول من‬
‫اقترح عام ‪ 1951‬م إطارا عمليا لموضوع الديدكتيك‪ ،‬في مؤلفه ( ‪La‬‬
‫‪ ،) didactique psychologie‬حيث نظر إلى الديداكتيك كمجال تطبيقي‬
‫‪10‬‬
‫لنتائج السيكولوجيا التكوينية‪".‬‬
‫وهناك من يثبت أن مصطلح الديدكتيك قد استعمل في القرن السادس عشر‬
‫الميالدي ‪ ،‬وبالضبط سنة ‪1554‬م‪ .‬في حين‪ ،‬هناك من يرجعه ‪ -‬حسب‬
‫الكتابات القديمة ‪ -‬إلى الفالسفة اليونانيين وحضارات الشرق األوسط‪،‬‬
‫‪ -10‬أحمد أوزي‪ :‬المعجم الموسوعي لعلوم التربية‪ ، ،‬ص‪.140:‬‬
‫‪16‬‬
‫والسيما الصينيين‪ .‬وقد تعددت نظريات الديدكتيك وتنوعت وتشعبت من‬
‫القرن الثامن عشر إلى القرن العشرين؛ بسبب تطور علم النفس‪ ،‬وعلم‬
‫االجتماع‪ ،‬واإلعالميات‪ ،‬ونظريات التعلم والتحفيز‪ ،‬إلخ‪...‬‬
‫إذاً‪ ،‬نعني بالديدكتيك طريقة التدريس‪ ،‬أو ما يسمى بالعملية التعليمية‪-‬‬
‫التعلمية‪ ،‬وتجمع هذه العملية بين طرفين أساسين هما‪ :‬المعلم والمتعلم‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬تنبني العملية الديدكتيكية على المدخالت‪ ،‬والعمليات‪،‬‬
‫والمخرجات‪ ،‬والتغذية الراجعة‪.‬وقد تكون المدخالت أهدافا أو كفايات أو‬
‫ملكات أو غيرها من التصورات التربوية الجديدة المعترف بها رسميا‪.‬‬
‫و تستهدف هذه المدخالت تسطير مجموعة من الكفايات المزمع تحقيقها‪،‬‬
‫في شكل أهداف إجرائية سلوكية قبل الدخول في مسار تعلمي‪ ،‬أو تنفيذ‬
‫مجزوءة دراسية‪ .‬ويحقق ذلك بوضع امتحان تشخيصي قبلي في شكل‬
‫وضعيات إدماجية أو ديدكتيكية‪.‬‬
‫ويمكن الحديث عن مجموعة من الباحثين الغربيين الذين اهتموا بالديدكتيك‬
‫في مختلف العلوم أمثال‪ :‬بروسو (‪ ،11)G. Brousseau‬وكاليسر( ‪G.‬‬
‫‪ ،12)Glaeser‬وشوفاالر(‪ ،13)Y. Chevallard‬وهالتي (‪،)J.-F. Halté‬‬
‫وبرونكار(‪ ،)J.-P. Bronckart‬ودوالكوت (‪،14)Goéry Delacôte‬‬

‫‪11‬‬
‫‪-Brousseau G. (1998) Théorie des situations didactiques.‬‬
‫‪Grenoble : La Pensée Sauvage.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪-Glaeser G. (1999) Une introduction à la didactique expérimentale‬‬
‫‪des mathématiques. Grenoble : La Pensée Sauvage.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪-Chevallard Y. (1985) La transposition didactique. Grenoble : La‬‬
‫‪Pensée Sauvage. (Nouvelle édition augmentée de « Un exemple de la‬‬
‫‪transposition didactique » avec M.-A. Johsua).‬‬

‫‪- Delacôte G. (1996) Savoir apprendre: les nouvelles méthodes.‬‬


‫‪14‬‬

‫‪Paris : Odile Jacob.‬‬


‫‪17‬‬
‫ومالكرانج (‪ ،)J.L. Malgrange‬وفيينو(‪،15)et L. Viennot‬‬
‫وجيوردان (‪ ،16 )Giordan A‬ونارسي كومب (‪،17)Narcy-Combes‬‬
‫وتيريس (‪ ،18)Terrisse A.‬وروتر( ‪ ،19 ) Reuter‬وآخرين‪...‬‬
‫ومن أهم الباحثين العرب الذين اهتموا بفن التدريس عبد العليم إبراهيم‪،20‬‬
‫وعلي أحمد مدكور‪ ،21‬ومحمد حسين آل ياسين‪ ،22‬ومحمد الدريج‪،23‬‬
‫وأحمد أوزي‪ ،24‬وعبد الكريم غريب‪ ،25‬ولحسن مادي‪ ،26‬وعبد الواحد‬

‫‪-Viennot L. (2003) Raisonner en physique: La part du sens‬‬


‫‪15‬‬

‫‪commun. De Boeck Université.‬‬


‫‪16‬‬
‫‪-Giordan A. (1999) Une‬‬ ‫‪didactique‬‬ ‫‪pour‬‬ ‫‪les‬‬ ‫‪sciences‬‬
‫‪expérimentales. Paris : Belin.‬‬

‫‪- Narcy-Combes M.-F. (2005) Précis de didactique, devenir‬‬


‫‪17‬‬

‫‪professeur de langues. Ellipses.‬‬


‫‪18‬‬
‫‪-Terrisse A. (2000) Didactique des disciplines. Les références au‬‬
‫‪savoir. De Boeck Université.‬‬
‫‪19‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Reuter‬‬ ‫‪Y. dir. (2007/2010) Dictionnaire‬‬ ‫‪des‬‬ ‫‪concepts‬‬
‫‪fondamentaux des didactiques. Bruxelles : De Boeck.‬‬

‫‪ - 20‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية‪ ،‬دار المعارف بمصر‪ ،‬الطبعة‬
‫السادسة‪.‬‬
‫‪ - 21‬علي أحمد مدكور‪ :‬طرق تدريس اللغة العربية‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪2010‬م‪.‬‬
‫‪ - 22‬محمد حسين آل ياسين‪ :‬المبادئ األساسية في طرق التدريس العامة‪ ،‬منشورات دار‬
‫القلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ومكتبة الشعب‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪.‬‬
‫‪ - 23‬محمد الدريج‪ :‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪1983‬م‪.‬‬
‫‪ - 24‬أحمد أوزي‪ :‬التعليم والتعلم بمقاربة الذكاءات المتعددة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬طبعة ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ - 25‬عبد الكريم غريب والبشير اليعقوبي‪ :‬التدريس بواسطة المجزوءات‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫أوالد الفقيهي‪ ،27‬ومحمد أمزيان‪ ،28‬وأحمد شبشوب‪ ،29‬والحسن اللحية‪،30‬‬
‫وعبد الرحمن التومي‪ ، 31‬وجميل حمداوي‪...،32‬‬
‫وتنطلق العملية التعليمية‪ -‬التعلمية من مدخل أساسي يتمثل في تحديد‬
‫األهداف اإلجرائية أو الكفايات النوعية من أجل التثبت من تحقيقها‪ .‬لذا‪،‬‬
‫البد أن يختار المدرس المحتويات المناسبة‪ ،‬والطرائق البيداغوجية الكفيلة‬
‫بالتبليغ وتسهيل االكتساب واالستيعاب‪ .‬ثم هناك الوسائل الديدكتيكية التي‬
‫يستعين بها المدرس لتقديم درسه وتوضيحه بشكل جيد‪ .‬أما المخرجات‪،‬‬
‫فتقترن بقياس األهداف والقدرات والكفاءات لدى المتعلم على مستوى‬
‫األداء‪ ،‬والممارسة‪ ،‬واإلنجاز‪ .‬ويتحقق هذا القياس عبر محطات التقويم‬
‫التشخيصي‪ ،‬والمرحلي‪ ،‬والنهائي‪.‬‬
‫واليمكن الحكم على الهدف أو الكفاية إال بالتقويم الذي قد يكون تشخيصيا‪،‬‬
‫أو قبليا‪ ،‬أو تكوينيا‪ ،‬أو إجماليا‪ ،‬أو إشهاديا‪ ،‬أو مستمرا‪ ،‬أو إدماجيا‪...‬وبعد‬
‫‪ - 26‬لحسن مادي‪ :‬تكوين المدرسين‪ ،‬نحو بدائل لبناء الكفايات‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪،‬‬
‫الدار اليضاء‪،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2001‬م‪.‬‬
‫‪ - 27‬عبد الواحد أوالد الفقيهي‪ :‬الذكاءات المتعددة ‪ :‬التأسيس العلمي‪ ،‬منشورات مجلة علوم‬
‫التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪2012‬م‪.‬‬
‫‪ - 28‬محمد أمزيان ‪ :‬بيداغوجيا المعرفة‪،‬أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪2016‬م‪.‬‬
‫‪ - 29‬أحمد شبشوب‪ :‬المدخل إلى الديدكتيك العامة‪ ،‬منشورات رمسيس‪ ،‬دفاتر في التربية ‪،‬‬
‫العدد‪1997/2‬م‪.‬‬
‫‪ - 30‬الحسن اللحية‪ :‬بيداغوجيا التعاقد‪ ،‬منشورات المعارف‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪2010‬م‪.‬‬
‫‪ - 31‬عبد الرحمن التومي‪ :‬الجامع في ديدكتيك اللغة العربية‪ ،‬مطبعة المعارف‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬الطبعة الثانية ‪2016‬م‪.‬‬
‫‪ - 32‬جميل حمداوي ‪ :‬ديدكتيك األنشطة التربوية في التعليم األولي‪،‬أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2015‬م؛ األقسام المشتركة في التعليم االبتدائي‬
‫المغربي‪،‬منشورات مكتبة سلمى الثقافية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2015‬م؛ محطات العمل الديدكتيكي‪ ،‬منشورات مكتبة سلمى الثقافية‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2015‬م؛ نحو تقويم‬
‫تربوي جديد (التقويم اإلدماجي)‪ ،‬منشورات مكتبة سلمى الثقافية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2015‬م‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫ذلك‪ ،‬نلتجئ إلى التغذية الراجعة(الفيدباك ‪ ،) Feed back‬والدعم‪،‬‬
‫والمعالجة الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫ويعني هذا كل ه أن الديدكتيك‪ ،‬أو التربية الخاصة‪ ،‬تعتمد على األهداف أو‬
‫الكفايات من ناحية أولى‪ ،‬والمضامين والطرائق والوسائل الديدكتيكية من‬
‫ناحية ثانية‪ ،‬والتقويم والفيدباك من ناحية ثالثة‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬الفرق بين البيداغوجيا والديدكتيك‬
‫البد من التمييز بين البيداغوجيا والديدكتيك‪ ،‬فاألولى عبارة عن نظرية‬
‫عامة تعنى بتربية الطفل وقضايا التعليم ومشاكله بصفة عامة‪ ،‬أو تهتم‬
‫بالتعليم‪ ،‬أو الفعل التربوي‪ .‬بينما تهتم الثانية بالممارسات والتطبيقات‬
‫الصفية‪ ،‬والتركيز على المتعلم ونظريات التعلم وتبليغ المعارف‪،33‬‬
‫والعناية بالتدريس فنا وعلما‪ ،‬وتتخذ طابعا تطبيقيا خاصا‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يتميز الديدكتيك بطابعه اإلبستمولوجي (الميتامعرفي) من جهة ‪،‬‬
‫مادام يهتم بمناهج التدريس‪ ،‬والتركيز على طرائق التعليم‪ ،‬وتبيان آليات‬
‫اكتساب المعرفة ‪ ،‬واستجالء اإلجراءات والتطبيقات والممارسات المختلفة‬
‫المستعملة في ذلك‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يتخذ طابعا موسوعيا لكونه يدرس‬
‫فن التدريس في مختلف التخصصات والعلوم‪.‬ومن هنا‪ ،‬يهتم الديدكتيك‬
‫بأسئلة التدريس والتكوين‪ ،‬وبناء المعرفة لدى المتعلم‪ ،‬والتعرف إلى‬
‫مختلف مناهج التعليم وأسسها وأهدافها وآلياتها ونجاعتها‪ .‬وقد تطورت‬
‫مناهج الديدكتيك منذ سنوات السبعين من القرن الماضي في مختلف المواد‬
‫المتعلقة بالعلوم اإلنسانية والتجريبية والدقيقة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من الفوارق الموجودة بين البيداغوجيا والديدكتيك‪ ،‬فإنهما‬
‫يشتركان في دراسة الظواهر التربوية والتعليمية‪ ،‬ويهدفان إلى معرفة‬
‫التعلمات ونظرياتها وتطبيقاتها‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪-A regarder : Pédagogie générales, Nancy, MAFPEN, 1987.‬‬
‫‪20‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬عالقة الديدكتيك بالعلوم األخرى‬
‫يالحززززظ أن للديززززدكتيك عالقززززات وثيقززززة ووطيززززدة بمجموعززززة مززززن العلززززوم‬
‫والتخصصات المعرفيزة‪ ،‬كعالقتهزا بالفلسزفة‪ ،‬واإلبسزتمولوجيا‪ ،‬وعلزم الزنفس‬
‫السزززززلوكي‪ ،‬وعلزززززم الزززززنفس المعرفزززززي‪ ،‬وعلزززززم االجتمزززززاع‪ ،‬والبيزززززداغوجيا‪،‬‬
‫واإلعالميات‪ ،‬واللسانيات‪ ،‬ونظريات التعلم‪ ،‬والبيولوجيا‪...‬‬
‫ويعنززي هززذا كلززه أن للديززدكتيك صززلة وثيقززة بعلززم الززنفس ‪ ،‬فكثيززر مززن قضززايا‬
‫التربية والتعليم لها أصول سيكولوجية‪ ،‬مثل‪ :‬سيكولوجية الطفل والمراهق‪،‬‬
‫ونظريات النمو والتعلم‪ ،‬والسيكولوجيا المعرفيزة‪ .‬ومزن ثزم‪ ،‬يعزد علزم الزنفس‬
‫عبارة عن خطاب ميتزامعرفي يطزرح أسزئلة جوهريزة وعميقزة حزول الزنفس‬
‫اإلنسانية ومشاعرها الروحية وانفعاالتها الوجدانية‪ .‬أضف إلى ذلك أن علزم‬
‫النفس هو الذي يدرس الحاالت الذهنية والعمليات الفكرية عند الفزرد‪ ،‬مثزل‪:‬‬
‫التفكير‪ ،‬والتذكر‪ ،‬والنسيان‪ ،‬واالنتباه‪ ،‬والتعلم‪ ،‬والذكاء‪ ،‬والحفظ‪ ،‬واكتسزاب‬
‫اللغززة‪...‬إلى جانززب دراسززة دوافززع اإلنسززان وغرائزززه وانفعاالتززه وحاجياتززه‬
‫وميوله النفسية‪...‬‬
‫ثم الننسى العالقات التي توجد بزين الديزدكتيك والفسزيولوجيا‪ ،‬والبيولوجيزا‪،‬‬
‫والطززب‪ ،‬وعلززم األخززالق‪ ،‬والمنطززق‪ ،‬والرياضززيات‪ ،‬وعلززم اإلحصززاء‪ ،‬وعلززم‬
‫المنزززاهج (الميتودولوجيززززا)‪ ،‬و اآلداب‪ ،‬وعلزززم الفززززن والجمزززال‪ ،‬والتززززاريخ‪،‬‬
‫ومناهج البحث العلمي والتربوي‪...‬‬
‫ويعني هذا كله أن سلوك الفرد ظاهرة مركبة ومعقدة‪ ،‬تزتحكم فيزه مجموعزة‬
‫من العوامل السياسية ‪ ،‬واالجتماعيزة‪ ،‬واالقتصزادية‪ ،‬والثقافيزة‪ ،‬والتاريخيزة‪،‬‬
‫والدينيزززة‪ ،‬والحضزززارية‪ ،‬والبيولوجيزززة‪ ،‬والعرقيزززة‪ ،‬والفلسزززفية‪ ،‬واألخالقيزززة‪،‬‬
‫والتربوية‪...‬‬
‫وعليه‪ ،‬يندرج الديدكتيك ضمن العلوم اإلنسانية على غزرار علزم االجتمزاع‪،‬‬
‫واألنتروبولوجيزززا‪ ،‬واإلثنولوجيزززا‪ ،‬والتاريخ‪...‬بيزززد أن علميتزززه نسزززبية لوجزززود‬

‫‪21‬‬
‫مجموعة من العوائق التي تحول دون تحقيزق العلميزة الموضزوعية الحقيقيزة‬
‫الصزززارمة‪ ،‬مثزززل‪ :‬مشزززكل الذاتيزززة‪ ،‬ومشزززكل التجريزززب‪ ،‬ومشزززكل الحتميزززة‪،‬‬
‫و مشكل القانون‪ .‬ناهيك عن كون اإلنسان ظاهرة مركبزة ومعقزدة ومتشزعبة‪،‬‬
‫وظززاهرة حيززة‪ ،‬ومتغيززرة‪ ،‬وإنسززانية‪ ،‬وحززرة‪ ،‬ومسززتقلة‪ .‬ومززن هنززا‪ ،‬يصززعب‬
‫دراستها دراسة علمية موضوعية كالعلوم التجريبية الوضعية‪ .‬ولكزن يمكزن‬
‫الحززززد مززززن الذاتيززززة نسززززبيا ‪ ،‬باتبززززاع المنززززاهج الكيفيززززة والكميززززة‪ ،‬واسززززتخدام‬
‫اإلحصاء‪ ،‬واالرتكان إلى دراسة الحالزة‪ ،‬وتمثزل التجريزب االرتبزاطي بزدل‬
‫االرتباط السببي‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهــوم اإلبستمولوجيا‬
‫تعني كلمة اإلبستمولوجيا (‪ 34)Epistémologie‬خطاب حول العلم أو‬
‫المعرفة‪ .‬أي‪ :‬تقديم تصورات ميتامعرفية حول العلوم ومناهجها وعوائقها‬
‫وأزماتها كدراسة العلوم الشكلية (الرياضيات والمنطق) ‪ ،‬والعلوم الدقيقة‬
‫(الفيزياء وعلوم الهندسة)‪ ،‬والعلوم الحية (البيولوجيا‪ ،‬والفيزيولوجيا‪ ،‬وعلم‬
‫النبات‪ ، )...‬والعلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬من خالل التعريف بها‪ ،‬وتبيان‬
‫خطواتها اإلجرائية في الدراسة والبحث والتنقيب‪ ،‬واستكشاف مناهجها‬
‫وأسسها ومبادئها‪ ،‬والتركيز على أزماتها وعوائقها المنهجية‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فاإلبستمولوجيا هي جزء من فلسفة العلوم‪ ،‬ويعد أهم محور‬
‫ضمن النسق الفلسفي إلى جانب علم الوجود‪ ،‬وعلم القيم‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫فاإلبستمولوجيا بمثابة الدراسة النقدية للعلوم‪ ،‬أو نقد المعرفة العلمية‪.‬‬
‫ويشبه هذا العلم ما يسمى بالمنطق الحديث الذي يهتم بالتصورات النظرية‬
‫والمنهجية والشكلية لمعرفة ما‪.‬‬
‫وتجيب اإلبستمولوجيا عن مجموعة من األسئلة ذات الطابع الميتامعرفي‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ - 34‬اإلبستمولوجيا كلمية يونانية مشتقة من اإلبستيمي( ‪.)epistếmê‬أما اللغوس ‪ ،‬فهو‬
‫الخطاب‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ ‬ما األهداف العامة والخاصة‪ ،‬الظاهرة والمضمرة ‪ ،‬التي تصبو إليها‬
‫مختلف العلوم والمعارف‪ ،‬أو يهدف إليها علم ما على حدة؟‬
‫‪ ‬ما أهم اإلجراءات والطرائق والمناهج التي تستعملها هذه العلوم‬
‫لتحقيق أهدافها؟‬
‫‪ ‬ما مقومات هذه المناهج وثوابتها ومرتكزاتها وأسسها ؟‬
‫‪ ‬ما أزمات هذه العلوم ومشاكلها وعوائقها؟‬
‫‪ ‬ما العالقات الداخلية بين مختلف العلوم والمعارف؟‬
‫‪ ‬ما أهم المناهج والطرائق المستخدمة في تعليم مختلف العلوم‬
‫والمعارف؟‬
‫‪ ‬ما أهم التداخالت المختلفة بين مختلف النظريات العلمية؟‬
‫‪ ‬ما العالقات الموجودة بين النظريات العلمية وتطبيقاتها؟‬
‫إذاً‪ ،‬تعرف اإلبستمولوجيا بالعلم على حدة‪ ،‬و تبين موضوعه‪ ،‬وتكشف‬
‫منهجيته‪ ،‬وتبين إيجابياته وسلبياته وعوائقه‪.‬ومن هنا‪ ،‬فمهمته توصيفية‬
‫وتحليلية ونقدية‪.‬‬
‫وهناك فرق بين اإلبستمولوجيا ونظرية المعرفة ‪ ،‬فالمفهوم األول عبارة‬
‫عن خطاب ميتامعرفي حول المعرفة‪.‬أي‪ :‬يهتم ببناء المعارف‪ ،35‬ويقوم‬
‫بتوصيف مناهج العلوم وتحليلها ونقدها وتوجيهها‪ .‬في حين‪ ،‬تعد المعرفة‬
‫موضوعا للفلسفة من خالل التساؤل عن مصدرها‪ ،‬وحقيقتها‪ ،‬ودورها في‬
‫بناء الخطاب الفلسفي وتعضيده أو تقويضه وتفكيكه‪ ،‬كما تحقق ذلك في‬
‫القرنين السابع عشر والثامن عشر الميالديين‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪-Jean Piaget, Introduction à l'épistémologie génétique, Paris,‬‬
‫‪PUF, 1950.‬‬

‫‪23‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬تتخذ الديدكتيك طابعا إبستمولوجيا ‪ ،‬مادامت تهتم بمناهج‬
‫التدريس وطرائق التبليغ‪ ،‬وتبيان الكيفية التي تبنى بها المعرفة عند‬
‫المتعلم‪ ،‬واستكشاف طبيعة المعرفة المدرسة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬علم النفس السلوكي‬
‫ظهرت المدرسة السلوكية ضمن النطاق األنجلوسكسوني بغية فهم‬
‫مجموعة من الظواهر النفسية والسلوكية‪ ،‬والسيما ما يتعلق بالتربية‪،‬‬
‫والتعليم‪ ،‬والتكوين‪ ،‬والتعلم‪.‬وقد لقيت هذه المدرسة انتشارا كبيرا في‬
‫منتصف القرن العشرين‪ ،‬ومازالت تمارس تأثيرها في الساحة التعليمية‬
‫والتربوية إلى يومنا هذا‪ ،‬على أساس أنها أكبر مدرسة سيكولوجية تعنى‬
‫بمجال التعلم لدى المتمدرس بطريقة علمية موضوعية وتجريبية‪.‬‬
‫يمثزززل المدرسزززة السزززلوكية مجموعزززة مزززن البزززاحثين كزززاألمريكيين واطسزززون‬
‫(‪1878-1958()Watson‬م) ‪ ،‬وسكينر (‪1904-1990( )Skinner‬م)‪،‬‬
‫وثورنززدايك (‪1874-1949()Thorndike‬م)‪ ،...‬والطبيززب الفيزيولززوجي‬
‫الروسي بافلوف (‪... ،)1849-1963()Pavlov‬‬
‫وقزززد تزززأثرت هزززذه المدرسزززة بالوضزززعية العلميزززة وفلسزززفة الواليزززات المتحزززدة‬
‫األمريكيززة فززي بدايززة القززرن العشززرين‪ .‬وقززد ركزززت علززى فكززرتين أساسززيتين‬
‫همزززا‪ :‬السزززلوك المالحزززظ والبيئزززة‪ ،‬بإقصزززاء الزززذات‪ ،‬والعواطزززف الشزززعورية‪،‬‬
‫والعمليات الذهنية والعقلية والفكرية الداخلية‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فالغرض من هذه المدرسة هزو دراسزة السزلوك الخزارجي لانسزان‬
‫السوي‪ ،‬بربطه بالمثير(‪ )Stimilus‬واالسزتجابة (‪ .)Réponse‬ويعنزي هزذا‬
‫أن السززلوك اإلنسززاني هززو نتززاج للززتعلم‪ ،‬أو هززو رد فعززل علززى مجموعززة مززن‬
‫المنبهات التي تأتينا من العالم الخارجي‪.‬‬
‫وقززد ظهززرت السززلوكية سززنة ‪1913‬م فززي الواليززات المتحززدة األمريكيززة مززع‬
‫واطسززززون الززززذي أوجززززد مصززززطلح السززززلوكية سززززنة ‪1913‬م (‪)Behavior‬‬
‫‪24‬‬
‫لدراسة مجمل السلوكات الموجودة عند مختلف الكائنات الحية‪ ،‬فزي ارتبزاط‬
‫تام بالبيئزة أو المحزيط الخزارجي‪ .‬ومزن ثزم‪ ،‬فقزد اسزتبعدت هزذه المدرسزة كزل‬
‫مززاهو داخلززي ‪ ،‬سززواء أكززان شززعورا أم الشززعورا‪ .‬ويعنززي هززذا أن السززلوكية‬
‫مدرسزززة سزززيكولوجية تجريبيزززة وعلميزززة بامتيزززاز‪ ،‬هزززدفها دراسزززة السزززلوك‬
‫الخارجي المالحظ في عالقة بزالمثير واالسزتجابة‪.‬لذا‪ ،‬فقزد أجريزت تجاربهزا‬
‫األولى على الحيوانات‪ ،‬مزن كزالب‪ ،‬وفئزران‪ ،‬وقطزط‪ ،‬وحمزام بغيزة تطبيقهزا‬
‫على اإلنسان‪ .‬وبتعبير آخر‪ ،‬التكتفي السلوكية بدراسة السزلوك عنزد المزتعلم‬
‫فحسززب‪ ،‬ب زل تززدرس ‪ ،‬عبززر المالحظززة الواصززفة‪ ،‬الكيفيززة التززي بهززا يززتحكم‬
‫المتعلم في المعرفة بعد أن يحقق الهدف اإلجرائي المطلوب‪.‬‬
‫وقد ارتبطت النظرية السلوكية بالتشريط التعلمزي (‪)Conditionnement‬‬
‫عنززد بززافلوف انطالقززا مززن ثنائيززة المثيززر واالسززتجابة ‪ .]SR‬ولززم تقتصززر‬
‫السلوكية على نظرية المثير واالستجابة البسيطة كمزا عنزد بزافلوف فحسزب‪،‬‬
‫بززل تطززورت مززع بيززداغوجيا األهززداف التززي اهتمززت بتسززطير مجموعززة مززن‬
‫األهززداف السززلوكية المعرفيززة‪ ،‬والوجدانيززة‪ ،‬والحسززية الحركيززة‪.‬عالوة عل زى‬
‫التعلزززيم المبزززرمج (‪ )Enseignement programmé‬الزززذي اسزززتفاد مزززن‬
‫تقنيات المدرسة السلوكية ‪ ،‬والتعليم الحاسزوبي الزذي امزتح إوالياتزه النظريزة‬
‫والتطبيقيززززة مززززن المدرسززززة السززززلوكية‪ .‬دون أن ننسززززى اسززززتفادة بيززززداغوجيا‬
‫الكفايات من هذه النظرية مع تطويرها‪.‬‬
‫وللتوضززيح أكثززر يصززدر اإلنسززان سززلوكه الخززارجي المالحززظ والمرصززود‬
‫حينما يرتبط ذلك بمحفزز واسزتجابة‪ .‬مزثال‪ ،‬حينمزا يحزس اإلنسزان بزالعطش ‪،‬‬
‫يسمى هذا حافزا‪ ،‬فإنه يتجه نحزو المكزان الزذي يوجزد فيزه المزاء‪ ،‬يسزمى هزذا‬
‫بالسلوك الخارجي‪ ،‬فيشرب الماء‪ ،‬ويسمى هذا اسزتجابة‪ .‬وينطبزق هزذا علزى‬
‫حزززافز الجزززوع‪ ،‬وحزززافز الزززتعلم ‪ ،‬وحزززافز الخزززوف‪ ،‬وغيرهزززا مزززن المثيزززرات‬
‫الخارجية المدركة‪.‬وإذا كانت المدرسة الشزعورية تزدرس الشزعور الزداخلي‪،‬‬

‫‪25‬‬
‫فزززإن السزززلوكية التعنزززى إال بمالحظزززة السزززلوك الخزززارجي القابزززل للدراسزززة‪،‬‬
‫والرصد‪ ،‬والتجريب ‪ ،‬والتوصيف‪.‬‬
‫ومززن هنززا‪ ،‬فكلمززا كززان هنززاك مثيززر أو حززافز أو منبززه خززارجي‪ ،‬كانززت هنززاك‬
‫اسززتجابة سززلوكية بمثابززة رد فعززل علززى هززذا المنبززه البيئززي أو المحيطززي‪ .‬وقززد‬
‫كزان هزذا القزانون السزيكولوجي نتيجزة مجموعزة مزن التجزارب التزي أجريززت‬
‫على الحيوانات في ظروف ووضعيات تجريبية مختلفة بغيزة معرفزة عالقزة‬
‫االرتباط الموجودة بين المثير المدروس واالستجابة المتوقعة‪.‬‬
‫وأكثر من هذا تهتم السلوكية بدراسزة الوقزائع الذهنيزة والوجدانيزة المالحظزة‬
‫(الصزززراا‪ ،‬الضزززحك‪ ،)...‬وال تعنزززى بدراسزززة الحزززاالت غيزززر المالحظزززة أو‬
‫المدركة (الفرح‪ ،‬والحزن‪ ،‬والغضب‪.)...‬كما تدرس عناصر البيئة الحسزية‪،‬‬
‫مثل‪ :‬الحرارة‪ ،‬وعدد األفراد‪...‬ومن هنا‪ ،‬فالوضعيات البيئية هي التي تخلزق‬
‫حوافر الفرد‪ ،‬وتستدعي ردود أفعاله واستجاباته‪.‬‬
‫وإذا كان بافلوف قد اهتم بدراسة االنعكاس المشزروط‪ ،‬بدراسزة ردود الفعزل‬
‫لدى الحيوان فزي عالقتزه بزالمحيط الزذي يوجزد فيزه‪،‬فإن واطسزون " أراد أن‬
‫يبنززي نظريززة السززلوك اإلنسززاني علززى وحززدة بسززيطة هززي الفعززل المززنعكس‪،‬‬
‫ودرس الفعزل المزنعكس فزي الحيوانزات الدنيئزة البسزيطة والراقيزة ‪ ،‬واعتبزر‬
‫سلوك اإلنسان مجموعة من األفعال المنعكسة الشرطية المعقدة ‪"36.‬‬
‫فززززي حززززين‪ ،‬يعززززد إدوارد ثورنززززدايك(‪1874-( )Edward Thorndike‬‬
‫‪ 1949‬م)من العلماء األمريكيين الذين يحسبون على التيار السزلوكي‪ ،‬وكزان‬
‫سززززباقا إلززززى وضززززع معادلززززة المثيززززر واالسززززتجابة إطززززارا مرجعيززززا للززززتعلم‬
‫وسيكولوجية السزلوك‪ ،‬وطزرح تصزورا ترابطيزا للزتعلم‪ .‬وقزد عزرف بنظريزة‬
‫التعلم بالمحاولة والخطأ‪ .‬عالوة على قانون األثر الذي ارتبط باسمه‪.‬‬

‫‪ - 36‬عبد العزيز القوصي‪ :‬علم النفس‪ :‬أسسه وتطبيقاته التربوية‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬طبعة ‪1978‬م‪ ،‬ص‪.76:‬‬

‫‪26‬‬
‫وتعني نظريزة المحاولزة والخطزأ أن اإلنسزان يزتعلم بالخطزأ ‪ ،‬ونتيجزة تكزرار‬
‫المحاوالت الكثيرة بغية الوصول إلى الهدف المطلوب‪ .‬وتقوم هزذه النظريزة‬
‫التعلمية على مجموعة من المفاهيم األساسية هي‪:‬‬
‫‪‬التكرررار ‪ :‬يسززاعد المززتعلم علززى تجنززب الخطززأ بعززد القيززام بمجموعززة مززن‬
‫المحزززاوالت فزززي مزززرات زمنيزززة متعزززددة ‪ ،‬بتصزززحيح االسزززتجابات الخاطئزززة‬
‫باالستجابات الصحيحة‪.‬‬
‫‪ ‬الترردعيم أو التعزيررز ‪ :‬يعنززي التقززويم اإليجززابي بالمكافززأة لتشززجيع المززتعلم‬
‫على االستجابة‪.‬‬
‫‪ ‬االنطفرراء‪ :‬إذا لززم يتحقززق التززدعيم‪ ،‬يقززع االنطفززاء‪ ،‬أو تراجززع المززتعلم عززن‬
‫االستجابة الفورية‪.‬‬
‫‪‬االسترجاع التلقائي‪ :‬بعد عملية االنطفاء‪ ،‬يمكن للمتعلم أن يسترجع قزواه‬
‫بطريقة تلقائية‪.‬‬
‫‪‬التعميم‪ :‬ما يتعلمه المتعلم من موارد يمكن أن يوظفها ويدمجها في أثنزاء‬
‫مواجهته لوضعيات متشابهة‪.‬‬
‫‪‬التمييز‪ :‬يعني هزذا المبزدأ أن المزتعلم إذا فشزل فزي حزل المشزكلة الوضزعية‬
‫الجديززدة بنززاء علززى وضززعيات سززابقة مشززابهة‪ ،‬فالبززد مززن اللجززوء إلززى مبززدأ‬
‫التمييز للتفريق بين الموقف السابق والموقف الجديد‪.‬‬
‫‪‬العالقررات الزمانيررة‪ :‬يقززوم الزمززان بززدور مهززم فززي تقززويم التعلمززات‪ ،‬فكلمززا‬
‫كانزت االسزتجابة فوريزة وفزي مزدة قصزيرة كزان الزتعلم ناجحزا‪ ،‬وكلمزا طالززت‬
‫الفترة الزمنية ضعف التعلم واالكتساب‪.‬‬
‫ومن خصائص هذه النظرية ارتباط المثير باالستجابة علزى مسزتوى الزتعلم‪،‬‬
‫ووجزود دافززع أساسزي للززتعلم‪ ،‬ثززم تكزرار المحززاوالت التعلميزة بغيززة الوصززول‬

‫‪27‬‬
‫إلى الهدف‪ ،‬ثم إيجاد حل عن طريق الصدفة‪ ،‬ثزم تعمزيم أثزر الحزل الصزحيح‬
‫في باقي الوضعيات السياقية األخرى‪.‬‬
‫وقد توصل ثورندايك إلى مجموعة مزن القزوانين المتعلقزة بنظريزة المحاولزة‬
‫والخطأ وهي‪ :‬قانون التكزرار الزذي يقزوي الزروابط بزين المثيزر واالسزتجابة‪،‬‬
‫وقزانون األثزر القزائم علزى الثزواب‪ ،‬وقزد قزال بزه واطسزون‪ ،37‬وقزانون التهيزؤ‬
‫واالسززتعداد المززرتبط بالشززعور بالرضززا واالنزعززاج‪ ،‬وقززانون التمززرين الززذي‬
‫يقوي االرتباطات التعلمية‪ ،‬وقانون االنتماء الذي يقوي الرابطزة بزين المثيزر‬
‫واالسززتجابة عنززدما تكززون االسززتجابة الصززحيحة أكثززر انتمززاء إلززى الموقززف‪،‬‬
‫وقززانون االسززتقطاب‪ ،‬والقززوانين الثانويززة‪ ،‬مثززل‪ :‬قززانون االسززتجابة المتعززددة‬
‫التي تستلزم استجابات عدة ومتنوعة‪ ،‬وقانون االتجزاه أو المنظومزة‪ .‬ويعنزي‬
‫هذا مدى تأثر التعلم باتجاهات المزتعلم وميولزه ودوافعزه‪ ،‬وقزانون االسزتجابة‬
‫بالمماثلززة‪ ،‬ويعنززي الززتعلم انطالقززا مززن المواقززف السززابقة المشززابهة‪ ،‬وقززانون‬
‫االنتقال الترابطي الذي يعني تعلم المواقف في ارتباطهزا بزالمواقف التعلميزة‬
‫األخرى‪...38‬‬
‫ويمكن تطبيق النظرية السلوكية علزى الحيوانزات‪ ،‬واألفزراد األسزوياء‪ ،‬وفزي‬
‫مجال سيكولوجيا الطفولة‪ ،‬والسيكولوجيا االجتماعية‪...‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تستند هذه المدرسة‪ ،‬على المستوى اإلبستمولوجي‪ ،‬علزى‬
‫الفكر العلمي الوضعي والموضوعي والتجريبزي متزأثرة‪ ،‬فزي ذلزك‪ ،‬بزالعلوم‬
‫الفيزيائيززززة‪ ،‬والفيزيولوجيززززة‪ ،‬والرياضززززية‪ ،‬والطبيعيززززة ‪ ،‬بتطبيززززق المززززنهج‬
‫التجريبززززي القززززائم علززززى المالحظززززة‪ ،‬والفرضززززية‪ ،‬والتجريززززب‪ ،‬والتكززززرار‪،‬‬
‫‪ - 37‬أحمد عزت راجح‪ :‬أصول علم النفس‪ ،‬المكتب المصري الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫الطبعة الثامنة‪1970 ،‬م‪ ،‬ص‪.207-206:‬‬

‫‪ -‬عبد المجيد نشواتي ‪ ،‬علم النفس التربوي‪ ،‬دار الفرقان للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬ ‫‪38‬‬

‫األردن ‪ ،‬طبعة ‪1984‬م‪ ،‬ص‪.327:‬‬

‫‪28‬‬
‫والمقارنة‪ ،‬والقانون‪ ،‬والنظريزة‪ .‬دون أن ننسزى أن هزذه النظريزة تقزوم علزى‬
‫مبدأ الحتمية العلميزة‪ ،‬وربزط األسزباب بالنتزائج‪ ،‬وتمثزل الموضزوعية العلميزة‬
‫في البحث التطبيقي‪.‬‬
‫وفززي األخيززر‪ ،‬سززاهمت المدرسززة السززلوكية فززي إغنززاء مجززال التعلززيم والززتعلم‬
‫والتكززوين‪.‬ومن ثززم‪ ،‬فززالتعلم‪ ،‬فززي منظززور المدرسززة السززلوكية‪ ،‬هززو أن يكززون‬
‫المزززتعلم قزززادرا علزززى تقزززديم الجزززواب المناسزززب‪ ،‬أو يكزززون قزززادرا علزززى حزززل‬
‫الوضعيات المعقزدة والمركبزة‪ ،‬أو يكزون قزادرا علزى تقزديم الحلزول المالئمزة‬
‫والمناسبة لمختلف المشاكل التي تواجهه في المدرسة من جهة‪ ،‬والحياة مزن‬
‫جهة أخرى‪.‬ومن ثم‪ ،‬يتحقق الزتعلم الحقيقزي عنزد المزتعلم بزالجمع بزين المثيزر‬
‫واالستجابة وتكراره عبر الوحدات الدراسية والتعلمية‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك يتحقق التعلزيم السزلوكي بتحديزد األهزداف اإلجرائيزة‪ ،‬وتقزديم‬
‫الوضزززززعيات المتدرجزززززة فزززززي السزززززهولة والصزززززعوبة لكزززززي يجيزززززب عنهزززززا‬
‫المتعلم‪،‬وخلزززق السزززياقات الظرفيزززة والبيئيزززة التعليميزززة المختلفزززة للتثبزززت مزززن‬
‫مكتسزززبات المزززتعلم‪ ،‬رصزززد مختلزززف اسزززتجاباته المعرفيزززة‪ ،‬وتحديزززد مجمزززل‬
‫المثيززرات الدافعززة نحززو الززتعلم‪ ،‬وتبيززان نززوع طبيعززة السززلوك التعلمززي لززدى‬
‫التلميذ بشكل علمي‪ ،‬وموضوعي‪ ،‬وتجريبي‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فقد رفضت المدرسزة السزلوكية البنيزات العقليزة المتحكمزة فزي الزتعلم‬
‫كما لدى السيكولوجيا المعرفيزة‪ ،‬بزل اعتبزرت السزلوك المالحزظ والمرصزود‬
‫هو أساس المعرفزة النظريزة والتطبيقيزة‪.‬بمعنى أن هزدف المدرسزة السزلوكية‬
‫هزو تحليزل السزلوك المعرفزي والتعلمززي المالحزظ لزدى المزتعلم ووصزفه بدقززة‬
‫علمية وقياسية‪ ،‬في شكل أهداف سلوكية وإجرائية في آخزر حصزة تعليميزة‪-‬‬
‫تعلمية‪ .‬فما يهم السلوكية هو وصف األفعال السلوكية من قبيل‪:‬‬
‫‪ -‬أن يرسم التلميذ لوحة تشكيلية في وصف الطبيعة؛‬
‫‪ -‬أن يقفز المتعلم حاجزا من خمسة أمتار؛‬
‫‪ -‬أن يعد التلميذ إلى المائة‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫ومزززن هنزززا‪ ،‬ينبنزززي الفعزززل السزززلوكي علزززى الحزززافز‪ ،‬والمزززتعلم‪ ،‬والسزززلوك‪،‬‬
‫واالستجابة‪.‬‬
‫وعلزززى الزززرغم مزززن إيجابيزززات المدرسزززة السزززلوكية‪ ،‬فإنهزززا تهمزززل جوانزززب‬
‫سززيكولوجية أخززرى تتعلززق بمززاهو شززعوري‪ ،‬والشززعوري‪ ،‬ومعرفززي‪ .‬كمززا‬
‫تسقط في اآللية الميكانيكية التكرارية‪.‬ثم‪ ،‬لزيس الزتعلم مرتبطزا بثنائيزة المثيزر‬
‫واالسزتجابة بالضزرورة ‪ ،‬بزل قزد يكزون الزتعلم نتزاج الرغبزة فزي التعبيزر عزن‬
‫المشززاعر واألحاسززيس الداخليززة التززي العالقززة لهززا بززالمحيط الخارجي‪.‬كمززا‬
‫تملك الذات مؤهالت وراثية وعقليزة وذكائيزة تسزمح لهزا بزالتعلم واالكتسزاب‬
‫أكثر مما يتيحها المحيط الخارجي‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬علم النفس المعرفي‬
‫عزرف علززم الززنفس‪ ،‬عبززر مسززاره التزاريخي‪ ،‬عززدة مراحززل مهمززة فززي دراسززة‬
‫النفس اإلنسانية‪ ،39‬ويمكن حصر هذه المراحل فيما يلي‪:‬‬
‫‪‬مرحلة النفس أو الروح أو الشعور؛‬
‫‪‬مرحلة التصرف أو السلوك الخارجي؛‬
‫‪‬مرحلة الالشعور أو التحليل النفسي؛‬
‫‪‬مرحلة العقل‪ ،‬أو المعلومة‪ ،‬أو معالجة المعرفة‪...‬‬
‫ومزززززززن هنزززززززا‪ ،‬يزززززززدرس علزززززززم الزززززززنفس الحزززززززاالت النفسزززززززية الشزززززززعورية‬
‫والالشززززعورية‪.‬ويدرس أيضززززا سززززلوك الفززززرد وتصززززرفاته السززززوية والشززززاذة‬
‫والمرضززية‪ ،‬أو يهززتم بمعالجززة المعلوم زات‪ ،‬و تبيززان الطرائززق الكفيلززة التززي‬
‫تكتسززب بهززا المعرفززة مززن حيززث إدراكهززا‪ ،‬وتززذكرها‪ ،‬وتخزينهززا‪ ،‬ومعالجتهززا‬
‫ذهنيا وعقليا‪...‬‬

‫‪39‬‬
‫‪-Reuchlin, « Psychologie », Paris, 1999.‬‬
‫‪30‬‬
‫ويعني هذا أن علم النفس المعرفزي (‪ - )Psychologie Cognitive‬الزذي‬
‫ظهزززر بالواليزززات المتحزززدة األمريكيزززة منزززذ سزززنوات الخمسزززين مزززع العقزززل‬
‫االصطناعي والحاسوبي‪ -‬هزو ذلزك العلزم الزذي يركزز علزى الزدماي البشزري‬
‫الززذهني والعقلززي بالتحليززل‪ ،‬والدراسززة‪ ،‬والتفسززير‪ ،‬والتشززريح‪ ،‬بززالتوقف عنززد‬
‫مختلززف الوظززائف النفسززية التززي يقززوم بهززا الكززائن البشززري علززى مسززتوى ‪:‬‬
‫التفكيززر‪ ،‬والززذاكرة‪ ،‬واالسززتدالل‪ ،‬واالنتبززاه‪ ،‬واللغززة ‪ ،‬والززذكاء‪ ،‬والتمززثالت‪،‬‬
‫واإلدراك ‪ ،‬والم عرفزززززة‪ ،‬واإلبزززززداع‪ ،‬والعبقريزززززة‪ ،‬وكيفيزززززة الزززززتعلم‪ ،‬وحزززززل‬
‫‪40‬‬
‫المسائل‪...‬‬
‫ويعني هذا أن السيكولوجيا المعرفية‪ ،‬في مفهومها العزام‪ ،‬هزي التزي تزدرس‬
‫المعرفززة دراسززة علميززة‪ ،‬بززالتركيز علززى آليززات الززذاكرة‪ ،‬واالنتبززاه‪ ،‬واللغززة‪،‬‬
‫واإلدراك‪ ،‬والززززززززززذكاء‪ ،‬والززززززززززوعي‪ ،‬وحززززززززززل الوضززززززززززعيات والمشززززززززززاكل‬
‫المستعصية‪،‬ودراسة السلوك الذهني والمعرفي لانسان‪.41‬‬
‫وبززالمفهوم الضززيق‪ ،‬يقصززد بالسززيكولوجيا المعرفيززة تلززك المقاربززة التززي تهززتم‬
‫بالذهن اإلنساني ‪ ،‬بالتوقف عند كيفية معالجة المعلومات‪ ،‬ودراسة الحزاالت‬
‫الذهنيززة والعقليززة‪.‬أي‪ :‬تززدرس هززذه السززيكولوجيا الحركيززة الدينامكيززة لل زذاكرة‬
‫واالسززتدالل البرهززاني فززي مسززاره التطززوري‪ ،‬والنمززائي‪ ،‬والحركززي‪ ،‬بتبيززان‬
‫وظزززائف تلزززك العمليزززات الذهنيزززة التزززي تتمثزززل فزززي ‪ :‬التنظزززيم‪ ،‬والترتيزززب‪،‬‬
‫والتصززززززززززززززنيف‪ ،‬والتبويب‪،‬والتقسززززززززززززززيم‪ ،‬والمعالجززززززززززززززة‪ ،‬واالنتقززززززززززززززاء‪،‬‬
‫واإلخراج‪،‬والتنفيذ‪...‬‬
‫أي‪ :‬تعنززززى السززززيكولوجيا المعرفيززززة بدراسززززة اإلنسززززان المعرفززززي والعقلززززي‬
‫والزذهني‪ ،‬بززالتوقف عنزد مجموعززة مزن األنشززطة الذهنيزة والعقليززة التزي يقززوم‬

‫‪40‬‬
‫‪-Jean-Luc Roulin (dir.), Psychologie cognitive, Bréal, Rosny-sous-‬‬
‫‪Bois, 2006.‬‬
‫‪41‬‬
‫‪- J. Mehler : "Quand la science du comportement devient‬‬
‫‪psychologie de la connaissance", La Recherche N°100, mai 1979,‬‬
‫‪Volume 10, p.540-541‬‬
‫‪31‬‬
‫بها‪ ،‬برصد المسارات المعرفية‪ ،‬وتحديزد الوظزائف التزي تقزوم بهزا‪.‬أي‪ :‬تهزتم‬
‫بالعقل والذهن‪ ،‬والتهتم بالسلوك الخارجي‪.42‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬يدرس علم النفس المعرفي ما يسمى بالمعرفة ( ‪la‬‬
‫‪ ،) cognition‬بالتوقف عند بنياتها‪ ،‬ومكوناتها‪ ،‬ووظائفها‪ ،‬وسيرورتها ‪.‬‬
‫فضال عن البحث في األنشطة العقلية والذهنية ‪ ،‬وتحديد المسار الذي تتخذه‬
‫هذه األنشطة ‪ ،‬وتبيان مختلف الوظائف التي تؤديها‪.43‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يهتم علم النفس المعرفي بالسلوك الذهني‪ ،‬وليس السلوك‬
‫الخارجي الظاهري المرتبط بالحافز واالستجابة كما عند السلوكيين‬
‫التجريبيين‪ .‬كما تعتمد السيكولوجيا المعرفية على المالحظة والتجريب‬
‫والقولبة الحاسوبية في أثناء التحليل‪ ،‬والدراسة‪ ،‬والفهم‪ ،‬والتفسير‪،‬‬
‫وتشريح الدماي العصبي‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فقد اهتمت السيكولوجيا المعرفية بالفوارق الفردية في‬
‫أثناء رصد مختلف العمليات الذهنية أو العقلية التي يقوم بها اإلنسان‪.‬‬
‫ويعني هذا أن السيكولوجيا المعرفية تهتم بالعقل والذهن والدماي البشري‬
‫بفصيه األيمن واأليسر‪ .‬كما تدرس أنواع الذكاء الذي يمتلكه اإلنسان‪،‬‬
‫وتعداد المراحل التي يمر بها في عالقة الذات مع الموضوع كما عند جان‬
‫بياجيه )‪ ، (J.Piaget‬أو البحث عن الكفاءة اللغوية عند مستعمل الكالم‬
‫كما عند نوام شومسكي(‪ ، )N.Chomsky‬أو تصنيف الذكاءات المتعددة‬
‫كما عند هوارد غاردنر)‪.44)H . Gardner‬‬

‫‪ - 42‬راجع‪ :‬عبد الكريم غريب‪ :‬علم النفس المعاصر‪ :‬التيارات والمدارس‪ ،‬منشورات عالم‬
‫التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2012‬م‪359 .‬‬
‫صفحة‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫‪-Patrick Lemaire, Psychologie Cognitive, De Boeck, Bruxelles,‬‬
‫‪1999.‬‬
‫‪44‬‬
‫‪-Voir : H . Gardner : The Mind's New Science : A History of the‬‬
‫‪cognitive Revolution, New York, Basic books, 1985.‬‬
‫‪32‬‬
‫وأكثر من هذا فقد أصبح العقل مثل حاسوب مركب‪ ،‬يقوم بعمليات ذهنية‬
‫متنوعة ومتعددة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬أصبح العقل هو مدار الدراسة من خالل التشديد‬
‫على مدخالته‪ ،‬وعملياته‪ ،‬ومخرجاته‪ .‬وبهذا‪ ،‬تتجاوز السيكولوجيا المعرفية‬
‫المدرسة السلوكية التجريبية التي كانت تدرس السلوك الخارجي انطالقا‬
‫من المثير واالستجابة‪.‬‬
‫ويالحظ أن علم النفس المعرفي هو علم متعدد االختصاصات‪ ،‬يتداخل مع‬
‫الفلسفة‪ ،‬والرياضيات‪ ،‬والبيولوجيا‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬وعلم األعصاب‪،‬‬
‫والتحليل النفسي‪ ،‬والفيزيولوجيا‪ ،‬وعلوم التربية‪ ،‬واللسانيات‪ ،‬والطب‪،‬‬
‫واإلعالميات‪ ،‬وعلم التواصل‪ ،‬وعلم المنطق‪ ،‬والعلوم المعرفية‪،45‬‬
‫والفينومونولوجيا‬ ‫التكوينية‪،‬‬ ‫واإلبستمولوجيا‬ ‫والتكنولوجيا‪،‬‬
‫(‪...46)phénoménologie‬‬
‫ويدرس علم النفس المعرفي عدة مواضيع تنتمي إلى المجال المعرفي‪،‬‬
‫والعقلي‪ ،‬والذهني‪ ،‬والمنطقي‪ ،‬والحسابي‪.47‬أي‪ :‬يدرس العمليات العقلية‬
‫العليا لانسان‪ ،‬مثل‪ :‬التفكير‪ ،‬واإلحساس‪ ،‬والذاكرة‪ ،‬واإلدراك‪ ،‬واللغة‪،‬‬
‫والتعلم‪ ،‬والذكاء‪ ،‬والكفاءة‪ ،‬والملكات‪ ،‬واإلبداع‪ ،‬والتفكير‪ ،‬واالستدالل‪،‬‬
‫والمعرفة‪...‬وتقوم هذه العمليات بعدة وظائف بارزة‪ ،‬والسيما الوظيفة‬
‫المعرفية ‪.‬بمعنى أن هذه العمليات تساعد اإلنسان على اإلحساس بالعالم‬
‫الخارجي وإدراكه‪ ،‬وتحويله إلى مدركات حسية أو تجريدية أو افتراضية‬
‫وتخزينها في الذاكرة‪ ،‬والتعبير عنها باللغة والفكر‪ ،‬وتحويلها إلى خبرات‬

‫‪45‬‬
‫‪-F.J. Varela : Connaître. Les sciences cognitives, tendances et‬‬
‫‪perspectives, Editions du Seuil, Paris 1989.‬‬
‫‪46‬‬
‫‪-Voir Denis Fisette : La phénoménologie face aux sciences‬‬
‫‪cognitives, Dossier sur la phénoménologie, magazine littéraire N°403,‬‬
‫‪novembre 2001.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪-Flavell, J. H. (1979). Metacognition and cognitive monitoring.‬‬
‫‪American Psychologist, 34, 906-911‬‬

‫‪33‬‬
‫تعلمية مرتبطة بعمليات البرهنة واالستدالل واإلبداع من أجل حل‬
‫الوضعيات‪ -‬المشكالت‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬سوسيولوجيا التربية‬
‫يدرس علم اجتماع التربية (‪ ،)La sociologie de l’éducation‬أو‬
‫علم اجتماع المدرسة (‪ ،)La sociologie de l’école‬التربية أو‬
‫المدرسة على حد سواء‪ ،‬على أساس أن المدرسة ظاهرة اجتماعية أو‬
‫مؤسسة اجتماعية لها ثوابتها ومتغيراتها‪.‬أي‪ :‬تدرس سوسيولوجيا التربية‬
‫أو المدرسة كل الظواهر المتعلقة بمجال التربية والتعليم والمؤسسة‬
‫الدراسية في عالقة تامة بالمجتمع‪ .‬ويعني هذا أن المدرسة تعكس محيطها‬
‫االجتماعي بشكل مباشر أو غير مباشر‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تركز هذه السوسيولوجيا‬
‫على دراسة المؤسسة التربوية من الداخل والخارج‪ ،‬بدراسة مكوناتها‬
‫وعناصرها ونسقها الوظيفي الكلي‪ ،‬برصد مختلف األنشطة التي تقوم بها‬
‫المؤسسة التعليمية ‪ ،‬سواء كانت أنشطة مادية أم معنوية‪ .‬ثم رصد مختلف‬
‫العالقات التفاعلية التي تجريها المؤسسة مع المجتمع الخارجي‪ ،‬بالتوقف‬
‫عند ثوابتها ومتغيراتها‪ ،‬واستجالء خصائصها ووظائفها وأدوارها‬
‫المجتمعية‪ ،‬واستجالء مدى مساهمتها في توعية المجتمع وتنويره وقيادته‬
‫تنمويا‪ ،‬واقتصاديا‪ ،‬واجتماعيا‪ ،‬وسياسيا‪ ،‬وثقافيا‪ ،‬وحضاريا‪ .‬عالوة على‬
‫ذلك‪ ،‬تتوقف سوسيولوجيا التربية عند مكونات المدرسة وعناصرها‬
‫الفاعلة والوظيفية‪ ،‬كالتوقف‪ -‬مثال‪ -‬عند التالميذ‪ ،‬والمدرسين‪ ،‬ورجال‬
‫اإلدارة‪ ،‬واألعوان والمساعدين‪ ،‬والمشرفين التربويين‪ ،‬وجمعيات اآلباء‬
‫واألمهات‪ ،‬بالتحليل‪ ،‬والدراسة‪ ،‬والرصد ‪ ،‬واستكشاف مهام هؤالء‬
‫والوظائف المنوطة بهم‪.‬‬
‫ويعزززرف أحمزززد أوزي سوسزززيولوجيا التربيزززة بقولزززه‪ ":‬يقزززوم علزززم االجتمزززاع‬
‫التربوي بدراسة أشكال األنشطة التربوية للمؤسسرات‪ ،‬كأنشزطة المدرسزين‬
‫والتالميذ واإلداريين داخل المؤسسات المدرسية‪ .‬كمزا يقزوم بوصزف طبيعزة‬
‫‪34‬‬
‫العالقررات واألنشررطة الترري تررتم بيرررنهم‪ .‬كمززا يهززتم علززم االجتمززاع التربزززوي‬
‫بدراسة العالقات التي تتم بين المدرسة وبزين مؤسسزات أخزرى ‪ ،‬كاألسزرة‪،‬‬
‫والمسزجد‪ ،‬والنززادي‪ .‬كمززا يهززتم بالشزروط االقتصززادية والطبيعيززة التززي تعززيش‬
‫فيها هذه المؤسسات‪ ،‬وتؤثر في شروط وجودها وتعاملها‪"48.‬‬
‫أما عبد الكريم غريب‪ ،‬فيعرفها بقولزه‪ ":‬علزم يزدرس التزـأثيرات االجتماعيزة‬
‫التززي تززؤثر فززي المسززتقبل الدراسززي لألفززراد؛ كمززا هززو الشززأن بالنسززبة لتنظززيم‬
‫المنظومزززة المدرسزززية‪ ،‬وميكانيزمزززات التوجيزززه‪ ،‬والمسزززتوى السوسزززيوثقافي‬
‫ألسزر المتمدرسزين‪ ،‬وتوقعززات المدرسزين واآلبزاء‪ ،‬وإدمززاج المعزايير والقززيم‬
‫االجتماعية من طرف التالميذ‪ ،‬ومخرجات األنظمة التربوية‪...‬‬
‫يمكززن تحديززد موضززوع سوسززيولوجيا التربيززة فززي التسززاؤل العلمززي حززول‬
‫نوعية الروابط القائمة بين المؤسسات التربوية المختلفة وبزين بزاقي البنيزات‬
‫واألطر االجتماعية األخرى‪ :‬ماهي الوظيفة التزي تقزوم بهزا تلزك المؤسسزات‬
‫داخززل مجتمززع مززا؛ ومامززدى مسززاهمتها فززي تنشززئة األفززراد ؟ وإلززى أي حززد‬
‫تحززدث تعززديالت فززي الهرميززة االجتماعيززة القائمززة (الحركيززة االجتماعيززة) ؛‬
‫ومامدى تأثيرهزا فزي البنيزات الثقافيزة وماعالقتهزا بالبنيزات المهنيزة والثقافيزة‬
‫الموجودة؟‪...‬إلخ‪.‬تلزززك أهزززم التسزززاؤالت التزززي تطمزززح سوسزززيولوجيا التربيزززة‬
‫لاجابة عنها‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبزار االختالفزات القائمزة بزين المجتمعزات‬
‫‪49‬‬
‫المتنوعة‪".‬‬
‫ويعززرف علززي الحززوات علززم االجتمززاع التربززوي بقولززه‪ " :‬هززو العلززم الززذي‬
‫يختص بدراسة اإلنسان حينما يردخل فري عالقرة مرع إنسران يخرر فري إطرار‬
‫تربرروي يهززدف إلززى تكززوين الخبززرة ‪ ،‬أو المعرفززة‪ ،‬أو الثقافززة‪ ،‬أو التعلززيم‪ ،‬أو‬
‫التدريب"‪.‬أي‪ :‬العالقات التي تتم بين األفراد في اإلطار التربزوي (التعليمزي‬
‫‪ -48‬أحمد أوزي‪ :‬المعجم الموسوعي لعلوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2006‬م‪ ،‬ص‪.167:‬‬
‫‪ -49‬عبد الكريم غريب‪ :‬المنهل التربوي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪2006‬م‪ ،‬ص‪.864:‬‬
‫‪35‬‬
‫التعلمي)‪ ،‬سواء أكانت هذه العالقات بين تلميذ وآخزر‪ ،‬أو بزين تلميزذ ومعلزم‪،‬‬
‫ثززم بززين التالميززذ والمعلمززين ككززل‪ ،‬وبززين كززل مززن فززي المؤسسززة التربويززة‪،‬‬
‫والنظام التربوي بشكل عام‪ ،‬وبين كل من في اإلطار التربوي والمؤسسزات‬
‫‪.50‬‬
‫االجتماعية األخرى في المجتمع الكبير‪".‬‬
‫وعليه‪ ،‬تعنى سوسزيوبوجيا التربيزة بدراسزة المدرسزة فزي عالقتهزا بمحيطهزا‬
‫المجتمعي‪ ،‬ودراسة مختلف التفاعالت االجتماعية داخل المؤسسة التربويزة‬
‫نفسزززها‪ ،‬واالهتمزززام بمختلزززف األنشزززطة واألدوار التزززي تقزززوم بهزززا المدرسزززة‬
‫التربوية‪ ،‬بالتركيز على مجموعة من الظزواهر االجتماعيزة التربويزة‪ ،‬مثزل‪:‬‬
‫سزززلطة المدرسزززة‪ ،‬والنجزززاح واإلخفزززاق‪ ،‬واالنتقزززاء أو االصزززطفاء التربزززوي‪،‬‬
‫ودور المدرسززة فززي انتخززاب النخبززة‪ ،‬والفززوارق االجتماعيززة والطبقيززة داخزل‬
‫المؤسسة‪ ،‬والهزدر المدرسزي‪ ،‬وديناميكيزة الجماعزات‪ ،‬ومشزروع المؤسسزة‪،‬‬
‫والشززراكة التربويززة‪ ،‬والتوجيززه التربززوي‪ ،‬والمسززالك المهنيززة‪ ،‬وديمقراطيززة‬
‫التعلزززيم‪ ،‬وتفزززاعالت المدرسزززة الداخليزززة والخارجيزززة‪ ،‬وقضزززية الالمسزززاواة‬
‫الطبقية ‪ ،‬والمدرسة واإلعالم‪ ،‬أو موقف المدرسزة مزن التحزديات اإلعالميزة‬
‫للتلفزيزززون واألنترنيزززت‪ ،‬والتفاعزززل التربزززوي داخزززل المؤسسزززة أو الفصزززل‬
‫الدراسززززي‪ ،‬وطبيعززززة العالقززززة بززززين المدرسززززة واألسززززرة‪ ،‬وقضززززية االنتمززززاء‬
‫االجتماعي‪ ،‬والتحصيل الدراسي‪ ،‬والنجاح المدرسي‪.‬‬
‫ويزززرى محمزززد الشزززرقاوي أن سوسزززيولوجيا التربيزززة تعنزززى بدراسزززة أنظمزززة‬
‫التعليم‪ ،‬ودراسزة الظزواهر التربويزة والمؤسسزية‪ ،‬بدراسزة مختلزف العالقزات‬
‫التززي تكزززون بزززين المدرسزززة ومخلززف المؤسسزززات األخزززرى‪ ،‬مثزززل‪ :‬األسزززرة‪،‬‬
‫والسياسززززة‪ ،‬واالقتصززززاد‪ .‬أي‪ ":‬دراسززززة اآلليززززات المدرسززززية كالمززززدخالت و‬
‫العمليززززات والمخرجززززات‪ .‬وتتمثززززل المززززدخالت فززززي التالميررررذ والمدرسررررين‬
‫واإلدارة‪ .‬ويتميزززز تالميززززذ المدرسزززة‪ ،‬علززززى أسززززاس أنهزززم سززززاكنة المدرسززززة‬

‫‪ - 50‬علي الحوات‪ :‬أسس علم االجتماع التربوي‪ ،‬جامعة الفاتح‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪ ، ،‬طبعة‬
‫‪1979‬م‪ ،‬ص‪.84:‬‬
‫‪36‬‬
‫‪،‬بخصائص فيزيولوجية‪ ،‬ونفسية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬عالوة علزى السزمات التاليزة‪:‬‬
‫السززن‪ ،‬والجززنس‪ ،‬والمسززتوى الثقززافي‪ ،‬واألصززل االجتماعي‪.‬أمززا المدرسززون‬
‫واإلداريون‪ ،‬فيتميزون بالمتغيرات المهنيزة والحرفيزة والسياسزية والنقابيزة ‪،‬‬
‫مثززززل‪ :‬مسززززتوى التكززززوين‪ ،‬وطريقززززة التوظيززززف‪ ،‬والوضززززعية داخززززل البنيززززة‬
‫المجتمعية‪ ،‬والتوجهات السياسية والنقابية‪.‬‬
‫أما المخرجات‪ ،‬فتتمثل في النتزائج التزي تترتزب عزن توظيزف آليزات التطبيزع‬
‫االجتماعي واالصطفاء‪.‬أي‪ :‬توظيف مختلف المعارف والمهارات مزن أجزل‬
‫تحقيززق النجززاح الدراسززي‪ ،‬ورصززد مختلززف آثززار الززتعلم فززي أسززاليب الحيززاة‪،‬‬
‫أوفي السلوك السياسي أو القانون المجتعي النهائي‪.‬‬
‫وترتكزززز العمليزززات علزززى نقزززل القزززيم األخالقيزززة والمعزززارف‪ ،‬ثزززم االهتمزززام‬
‫بالبيززداغوجيا‪ ،‬ثززم قواعززد التقززويم‪ .‬ويعنززي هززذا أن وظيفززة المدرسززة هززي نقززل‬
‫المعززارف والقززيم وفززق قواعززد بيداغوجيززة وديدكتيكيززة معينززة‪ ،‬مززع االهتمززام‬
‫بأنظمة التقويم‪.‬‬
‫ويتضح ‪ ،‬ممزا سزبق‪ ،‬أن مجزال علزم االجتمزاع المدرسزي هزو رصزد التحزول‬
‫الززذي ينتزززاب الفزززرد‪ ،‬وهزززو ينتقزززل مزززن كزززائن بيولزززوجي غريززززي إلزززى كزززائن‬
‫بيولوجي إنساني وثقافي ‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فسوسزيولوجيا التربيزة لزديها الكثيزر ممزا‬
‫تقولززه‪ .‬ومززن ثززم‪ ،‬فعلززم االجتمززاع التربززوي مجززال واسززع ورحززب‪ ،‬ومتعززدد‬
‫المواضزيع والقضززايا‪ ،‬وأن المدرسزة مجتمززع مصزغر‪.‬وبالتالي‪ ،‬تزخززر بكثيززر‬
‫من الظواهر والمجتمعية التي تنقلها من المحيط الذي يحوم بها‪.51‬‬
‫ولكن ينبغي لسوسزيولوجيا التربيزة أن تتوسزع وتتجزاوز إطزار المدرسزة إلزى‬
‫أشكال ضمنية أخرى من التعلم‪ ،‬كأن تتوقف عند األسرة والمحزيط وغيرهزا‬
‫من المواضيع المرتبطة بالتعلم ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪- Mohamed Cherkaoui:Sociologie de l'éducation, Que sais-je, PUF,‬‬
‫‪5 edition 1999, pp: 3-5.‬‬
‫‪37‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬تهتم سوسيولوجيا التربيزة بالعالقزات االجتماعيزة داخزل المؤسسزة‬
‫التربويززززة‪ ،‬ودراسززززة المؤسسززززات التززززي تقززززوم بوظيفززززة التنشززززئة التربويززززة‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وربط التكوين بوظيفته االجتماعية واإليديولوجيزة‪ ،‬والتركيزز‬
‫على وظيفة التنشئة االجتماعية ووظيفة التمدرس‪.‬‬
‫وعلززى العمززوم‪ ،‬تهززتم سوسززيولوجيا التربيززة بدراسززة األنظمززة التربويززة فززي‬
‫عالقتهزززا بزززالمجتمع‪ ،‬وتبيزززان دورهزززا فزززي التغييزززر االجتمزززاعي‪ ،‬والسزززيما أن‬
‫التربية تسعى إلى تحويل كائن غير اجتماعي ليصزبح اجتماعيزا‪.52‬ومزن ثزم‪،‬‬
‫فسوسزززيولوجيا التربيزززة مفهزززوم عزززام‪ ،‬يزززدرس مختلزززف األنشزززطة اإلنسزززانية‪،‬‬
‫وخاص زة التربويززة منهززا‪ .‬وإذا كانززت سوسززيولوجيا التربيززة تززدرس الظززواهر‬
‫المدرسية ‪ ،‬فلها أيضا عالقة وثيقة باألسرة‪ ،‬والسياسرة‪ ،‬واالقتصراد‪.‬ويعنزي‬
‫هذا أنها تدرس ما يتعلق بالتربية بالتركيز علزى ثالثزة عناصزر رئيسزة هزي‪:‬‬
‫مززداخل التربيززة (المتمدرسززون‪ ،‬و رجززال التعلززيم‪ ،‬و أطززر اإلدارة‪ ،‬واآلبززاء‪،‬‬
‫والمقزززززززررون‪ ،‬والمفتشزززززززون‪ ،)...‬وآلياتهزززززززا البيداغوجيزززززززة والديدكتيكيزززززززة‬
‫والسوسيولوجية‪ ،‬ومخارجها(التقويم‪ ،‬واالنتقاء‪ ،‬واالصطفاء‪.)...‬‬
‫وهناك تعريف آخزر لهزذا الحقزل المعرفزي مفزاده أن علزم االجتمزاع التربزوي‬
‫يقززوم" بدراسززة أشززكال األنشززطة التربويززة للمؤسسززات‪ ،‬كأنشززطة المدرسززين‬
‫والتالميذ واإلداريين داخزل المؤسسزات المدرسزية‪.‬كما يقزوم بوصزف طبيعزة‬
‫العالقات واألنشطة التي تتم بينهم‪.‬كما يهتم علزم االجتمزاع التربزوي بدراسزة‬
‫العالقزززات التزززي تزززتم بزززين المدرسزززة وبزززين مؤسسزززات أخزززرى‪ ،‬كاألسزززرة‪،‬‬
‫والمسززجد‪ ،‬والنادي‪.‬كمززا يهززتم بالشززروط االقتصززادية والطبيعيززة التززي تعززيش‬
‫فيها هذه المؤسسات‪ ،‬وتؤثر في شروط وجودها وتعاملها‪"53.‬‬
‫وهناك من يعرف سوسيولوجيا التربية بأنهزا بمثابزة علزم" يزدرس التزأثيرات‬
‫االجتماعية التي تؤثر في المستقبل الدراسي لألفراد؛ كما هو الشأن بالنسزبة‬
‫لتنظززززززيم المنظومززززززة المدرسززززززية‪ ،‬وميكانيزمززززززات التوجيززززززه‪ ،‬والمسززززززتوى‬
‫السوسززيوثقافي ألس زر المتمدرسززين‪ ،‬وتوقعززات المدرسززين واآلبززاء‪ ،‬وإدمززاج‬

‫‪52‬‬
‫‪-Mohamed Cherkaoui : Sociologie de l’éducation, PUF, Paris,‬‬
‫‪France, 1 édition 1986, p : .3‬‬
‫‪ -53‬أحمد أوزي‪ :‬المعجم الموسوعي لعلوم التربية‪ ،‬ص‪.167:‬‬
‫‪38‬‬
‫المعززززايير والقززززيم االجتماعيززززة مززززن قبززززل التالميززززذ‪ ،‬ومخرجززززات األنظمززززة‬
‫التربوية‪"54.‬‬
‫وبناء على ما سبق‪ ،‬يقصد بسوسيولوجيا التربية ذلك الحقل المعرفي الزذي‬
‫يسززتعين بعلززم االجتمززاع فززي دراسززة القضززايا التربويززة‪ ،‬فززي عالقززة بمختل زف‬
‫المؤسسات المجتمعية األخرى‪ ،‬علزى أسزاس أن المؤسسزة التعليميزة مجتمزع‬
‫مصززغر يعكززس‪ ،‬فززي جززوهره ‪ ،‬مختلززف التناقضززات الجدليززة التززي يتضززمنها‬
‫المجتمززع األكبززر‪ .‬وأهززم مززا تعنززى بززه سوسززيولوجيا التربيززة دراسززة المؤسسززة‬
‫التعليمية‪ ،‬بتحديد دورهزا فزي بنزاء المجتمزع‪ ،‬سزواء أكزان ذلزك عبزر التكييزف‬
‫االندماجي أم عبر عمليات التغيير‪ .‬أضف إلى ذلك أنها تهزتم بفهزم المدرسزة‬
‫باعتبارهززززا بنيززززة‪ ،‬وداللززززة‪ ،‬ومقصززززدية‪.‬أي‪ :‬ترصززززد دورهززززا فززززي التغييززززر‬
‫االجتماعي‪ .‬كما تهتم بتبيان مختلف وظائفها وأدوارهزا‪ ،‬واستكشزاف عالقزة‬
‫المدرسزززة باألسزززرة والسياسزززة واالقتصزززاد‪ ،‬ووصزززف مختلزززف الصزززراعات‬
‫الطبقية واالجتماعية التي تعج بهزا المؤسسزة التعليميزة‪ ،‬والتركيزز علزى أهزم‬
‫الفززاعلين فززي تحريززك هززذه المؤسسززة التربويززة‪ ،‬وتفسززير دور المدرسززة فززي‬
‫المجتمع الليبرالي‪ ،‬من حيث تحقيقها لفزرص النجزاح والفشزل‪ ،‬وعالقزة ذلزك‬
‫باألصول الطبقية واالجتماعية‪.‬‬
‫وهكزززذا‪ ،‬فقزززد اسزززتفادت الديزززدكتيك أو علزززم التزززدريس كثيزززرا مزززن المقاربزززة‬
‫السوسيولوجية فزي دراسزة الفشزل الدراسزي‪ ،‬وافتحزاص المنظومزة التربويزة‬
‫فززي مختلززف مسززتوياتها وأبعادهززا‪ ،‬بعززد أن ارتبطززت لمززدة طويلززة بالمقارب زة‬
‫السيكولوجية التي كانت تعنى بدراسة الظواهر الفرديزة ‪ ،‬كزالنمو‪ ،‬والزذكاء‪،‬‬
‫والذاكرة‪ ،‬والتعلم‪...‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬اللسانيات التطبيقية‬
‫تعد اللسانيات التطبيقية (‪ )La linguistique appliquée‬فرعا من‬
‫فروع اللسانيات العامة‪ ،‬وتعنى بدراسة اللغة في بعدها المجتمعي‪ ،‬وهي‬
‫مادة دراسية متعددة االختصاصات‪ ،‬فهي التعنى بما هو لساني ولغوي‬
‫فقط‪ ،‬بل تهتم أيضا بالترجمة‪ ،‬وتدريس اللغات األجنبية‪ ،‬وتحسين ظروف‬

‫‪ -54‬عبد الكريم غريب‪ :‬المنهل التربوي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪.863:‬‬


‫‪39‬‬
‫تعلمها وتعليمها في الوقت نفسه‪ ،‬والتقابل بينها لسانيا‪ ،‬وثقافيا‪ ،‬وحضاريا‪،‬‬
‫وتهتم كذلك باالكتساب اللغوي‪ ،‬وإعداد المناهج والبرامج الدراسية‪...‬‬
‫وقد تأثر هذا العلم بإنجازات نوام شومسكي (‪ )N.Chomsky‬في مجال‬
‫اللسانيات التوليدية التحويلية‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق باكتساب الطفل للغته األم‬
‫ولغته الثانية والثالثة انطالقا من النحو الكلي الكوني‪.‬‬
‫وإذا كان هذا العلم قد استقل منذ سنوات الخمسين من القرن الماضي مع‬
‫دراسات نوام شومسكي في مجال االكتساب اللغوي‪ ،‬فإنه قد تطور في‬
‫سنوات السبعين ‪ ،‬وقد استقل عن اللسانيات النظرية ‪ ،‬وأصبحت له مراكز‬
‫وجمعيات ومنظمات عدة‪ ،‬مثل‪ :‬الجمعية األمريكية للسانيات التطبيقية‪،‬‬
‫ومركز اللسانيات التطبيقية بالواليات المتحدة‪ ،‬وغيرها من المنظمات‬
‫بأمريكا والمملكة المتحدة‪.‬وقد استفاد هذا العلم من أبحاث علم النفس‪ ،‬وعلم‬
‫االجتماع‪ ،‬وعلم اإلنسان‪ ،‬واللسانيات‪ ،‬والتربية والتعليم‪ ،‬وعلم النفس‬
‫المعرفي‪ ،‬والدراسات الحاسوبية‪...‬‬
‫ومن أهم المواضيع التي تنصب عليها اللسانيات التطبيقية طرائق تعليم‬
‫اللغة التربوية‪ ،‬ومحو األمية‪ ،‬وتدريس اللغات‪ ،‬واستخدام الحاسوب في‬
‫التواصل‪ ،‬وتحليل الحوار‪ ،‬والتقابل بين اللغات‪ ،‬ودراسة لغة اإلشارة‪،‬‬
‫واالهتمام باختبارات اللغة‪ ،‬وتحليل الخطاب‪ ،‬واكتساب اللغة الثانية‪،‬‬
‫ودراسة المعاجم وكيفية تطويرها‪ ،‬والعناية بالتخطيط اللغوي‪...‬‬
‫وعليه‪ ،‬تنطلق اللسانيات التطبيقية من التقابل بين اللغة األم واللغة الهدف‬
‫‪.‬أي‪ :‬اللغة األجنبية‪ .‬وترى أنه كلما كان التشابه بينهما كبيرا كلما كانت‬
‫التداخالت واألخطاء ضعيفة والعكس صحيح‪..‬‬

‫الفرع السادس‪ :‬علم اإلحصاء‬


‫يعرف اإلحصاء بأنه مجموعة من المقاييس والمالحظات المتعلقة بحالة أو‬
‫تطور ظاهرة ما‪ .‬ومن الصعب بمكان إيجاد تعريف دقيق لاحصاء‪ ،‬فقد‬
‫‪40‬‬
‫استعرض والتر ويلكوكس (‪ )Walter F. Willcox‬سنة ‪1935‬م ما بين‬
‫‪100‬و‪ 120‬تعريفا لاحصاء‪.‬‬
‫ويشتق اإلحصاء (‪ )statistique‬من مفهومين‪ :‬الدولة (‪ )status‬والسياسة‬
‫(‪ .) statista‬ويحيل هذا المصطلح على الدولة السياسية‪ .‬ومن الطبيعي أن‬
‫تكون الدولة هي التي تستخدم اإلحصاء بكثرة لتعداد السكان‪ ،‬وحساب‬
‫الموارد ألغراض عسكرية وضريبية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فقد توسع اإلحصاء ليدل‬
‫على جمع المعلومات والبيانات حول المواليد والوفيات واإلنتاج والتوزيع‬
‫واالستهالك والثروة إلدارة شؤون البالد‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فاإلحصاء هو عبارة عن مجموعة من التقنيات اإلجرائية التي‬
‫هدفها جمع المعلومات وانتقاؤها ومعالجتهما وتفسيرها‪ ،‬في ارتباط تام‬
‫بمالحظة مجموعة من األفراد أو الوحدات‪ .‬ويعني هدا أن اإلحصاء‬
‫مرتبط بالرياضيات ومنطق االحتماالت‪.‬‬
‫ويعرف علم اإلحصاء أيضا بأنه مالحظة المتغيرات ودراستها وصفا‬
‫وتفسيرا وتأويال وتنبؤا‪ ،‬بعد عملية الجمع واالنتقاء والمالحظة الميدانية‪،‬‬
‫أو هو العلم الذي يبحث في جميع البيانات وعرضها وتبويبها وتحليلها‪.‬‬
‫ويعرف القاموس األمريكي علم اإلحصاء بأنه " الرياضيات الخاصة‬
‫بجمع البيانات وتنظيمها وتفسيرها‪ ،‬وخاصة تحليل خصائص الساكنة‪،‬‬
‫وذلك عن طريق االستدالل من عينة مأخوذة من الساكنة"‪.‬‬
‫ويعرف عالم اإلحصاء اإلنجليزي فيشر(‪ )Fisher‬علم اإلحصاء بأنه"فرع‬
‫من فروع الرياضيات التطبيقية‪ ،‬ويمكن النظر إليه على أنه تطبيق‬
‫للرياضيات على البيانات المشاهدة"‪ .‬ويرى البعض أيضا " أن علم‬
‫اإلحصاء هو نظرية معلومات تعتمد فيها الرياضيات بشكل أساسي‪".‬‬
‫ويرى البعض اآلخر أن" علم اإلحصاء يختص بالطرائق العلمية بجمع‬

‫‪41‬‬
‫البيانات وتنظيمها وتلخيصها وعرضها وتحليلها‪ ،‬وكذلك استخالص نتائج‬
‫صحيحة مع صنع قرارات منطقية على أساس هذا التحليل‪".‬‬
‫وهو أيضا بمثابة " مجموعة من النظريات والطرائق العلمية التي تبحث‬
‫في جمع البيانات وعرضها وتحليلها‪ ،‬واستخدام النتائج في التنبؤ أو‬
‫التقرير واتخاذ القرار‪ .‬كما أنه طريقة كمية تستعمل العدد وسيلة للتعبير‬
‫عن لغة الكالم "‪.55‬‬
‫وعليه‪ ،‬فعلم اإلحصاء هو عبارة عن " مجموعة النظريات والطرق‬
‫العلمية التي تبحث في جمع البيانات وعرضها وتحليلها واستخدام النتائج‬
‫في التنبؤ أو التقرير واتخاذ القرار‪"56.‬‬
‫وبناء على ما سبق‪ ،‬يمكن القول‪ :‬إن علم اإلحصاء هو ذلك العلم الذي يمد‬
‫الباحث بمجموعة من األساليب والطرائق واألدوات اإلحصائية لدراسة‬
‫ظاهرة ما وصفا واستنتاجا‪ ،‬بجمع المعطيات وتنظيمها وتبويبها وتحليلها‬
‫وتلخيصها‪ ،‬وإصدار قرارات تقويمية فيما يخص فرضية الدراسة تثبيتا‬
‫وتفنيدا‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تندرج عمليات الجمع والتنظيم والتبويب والتحليل ضمن‬
‫اإلحصاء الوصفي‪ .‬في حين‪ ،‬تندرج عمليتا االستنتاج وإصدار األحكام‬
‫ضمن اإلحصاء االستنتاجي أو االستداللي‪.‬‬
‫ال أحد ينكر أهمية اإلحصاء في الحياة اإلنسانية بصفة عامة‪ ،‬وفي البحث‬
‫العلمي بصفة خاصة‪ ،‬فال يخلو أي بحث علمي أو تربوي من أساليب‬
‫المنهج اإلحصائي وأدواته‪ ،‬بل نجده حتى في الدراسات األدبية والنقدية ‪،‬‬
‫والسيما الدراسات النقدية البنيوية والسيميائية التي تستعين بالجداول‬
‫اإلحصائية واألرقام الحسابية في دراسة الظواهر النصية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬ال‬
‫‪ - 55‬نقال عن عبد العالي حمدولي‪( :‬اإلحصائيات التطبيقية في البحث التربوي)‪ ،‬مجلة‬
‫اهتمامات تربوية‪ ،‬المغرب‪ ،‬العدد الثامن‪ ،‬األكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة تادال‪-‬‬
‫أزيالل‪2012 ،‬م‪ ،‬ص‪.177-176:‬‬
‫‪ - 56‬أحمد عبد السميع طبيه‪ :‬مبادئ اإلحصاء‪ ،‬دار البداية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪2008‬م‪ ،‬ص‪.13:‬‬
‫‪42‬‬
‫يمكن االستغناء عن اإلحصاء‪ ،‬بأي حال من األحوال‪ ،‬في البحوث العلمية‪،‬‬
‫مهما كانت طبيعة هذه البحوث رغبة في تحصيل نوع من الدقة العلمية‬
‫والمشروعية األكاديمية الرصينة‪.‬‬
‫وقد أصبح علم اإلحصاء أداة ناجعة ووسيلة مفيدة في شتى العلوم‪،‬‬
‫ويستعمل بكثرة في إدارة مرافق الدولة تخطيطا‪ ،‬وتدبيرا‪ ،‬وتقويما‪ .‬فال‬
‫يمكن الحديث ‪ -‬إذاً‪ -‬عن إدارة الجودة‪ ،‬أو مقاولة ناجحة‪ ،‬إال إذا كانت‬
‫تعتمد اإلحصاء منهجا في جمع البيانات ومعالجتها تفسيرا‪ ،‬واستنتاجا‪،‬‬
‫وتنبؤا‪ .‬ويعني هذا أن علم اإلحصاء أصبح وسيلة‪ ،‬وليس غاية‪.‬أي‪ :‬إنه أداة‬
‫إجرائية لتحقيق نوع من العقالنية والمصداقية العلمية بغية التحكم في‬
‫األشياء وزمام األمور‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬يقوم اإلحصاء بدور مهم في تلخيص البيانات ومعالجتها‪،‬‬
‫واستخالص النافع منها‪ ،‬من خالل االستعانة بالمبيانات لتوضيح الظواهر‬
‫المدروسة بشكل كمي وكيفي بغية معالجتها حسابيا وهندسيا‪ .‬والغرض من‬
‫هذا كله هو الوصول إلى نتائج علمية دقيقة‪ ،‬يمكن الحكم على صحتها في‬
‫ضوء جداول إحصائية وضعت خصيصا لذلك‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يساعدنا علم‬
‫اإلحصاء على التعليل‪ ،‬والتفسير‪ ،‬واالستنتاج‪ ،‬والتنبؤ‪ .‬ويسعفنا كذلك في‬
‫اتخاذ القرارات الصائبة بشكل علمي‪ ،‬بعد التحقق منها علميا وإجرائيا‬
‫وإحصائيا‪ ،‬ويمكننا كذلك من امتالك مختلف آليات الرقابة والتحكم في‬
‫الظواهر‪.‬‬
‫و" يشكل اإلحصاء في صورته الحديثة إحدى الدعامات المنهجية الرئيسية‬
‫التي تقوم عليها البحوث التربوية العلمية‪ .‬وليس اإلحصاء في الحقيقة‬
‫سوى مجموعة من اإلجراءات الرياضية لضبط مختلف العالقات‬
‫والمتعلقات المرتبطة بالظاهرة المدروسة وتقديرها ضبطا وتقديرا كميين‪،‬‬
‫بواسطة األعداد والعمليات الحسابية المنطقية التي تسمح بها انطالقا من‬
‫بعض المسلمات والقواعد الرياضية‪ .‬والرياضيات ما هي إال لغة رفيعة‬
‫‪43‬‬
‫من المنطق الرمزي‪ ،‬على حد تعبير برتراند راسل‪ :‬أي‪ :‬إن اإلحصاء‬
‫ماهو إال ممارسة علم الرياضيات‪ ،‬بمختلف مضامينه الكمية على الظواهر‬
‫أو الحوادث أو الصفات أو السلوكيات التربوية المدروسة‪.‬‬
‫ويساعد اإلحصاء على تلخيص المالحظات والبيانات المبعثرة وتبويبها‪،‬‬
‫وتحويلها من صورتها األولية الخامة إلى بيانات مرصودة رصدا رياضيا‬
‫مركزا‪ ،‬الشيء الذي يجعلها قابلة للوصف اإلحصائي الشامل‪ ،‬ولالستنتاج‬
‫المنطقي الذي يهدف إلى فهم العوامل األساسية التي تؤثر في الظاهرة‪،‬‬
‫وإلى الكشف االستقرائي للقوانين العامة التي تفسرها تفسيرا واقعيا‬
‫صحيحا‪ ،‬وإلى إجراء تنبؤات علمية حول ذلك‪ .‬واإلحصاء‪ ،‬على هذا‬
‫األساس‪ ،‬يساعد الباحث على تقوية وسائل بحثه‪ ،‬وعلى تحقيق الثقة‬
‫والصدق والموضوعية فيما يتوصل إليه من نتائج وحقائق ضمن معايير‬
‫‪57‬‬
‫يمكن اعتمادها للتحقق من فروض البحث‪".‬‬
‫ولاحصاء ‪ ،‬بنوعيه الوصفي واالستنتاجي ‪ ،‬أهمية كبرى في دراسة‬
‫الظواهر التربوية والديدكتيكية لمعرفة األسباب والمظاهر والنتائج‬
‫والحلول الممكنة‪.‬أي‪ :‬يساعدنا على وصف الظواهر التربوية والديدكتيكية‬
‫المرصودة علميا بغية اتخاذ القرارات الحاسمة في المعالجة‪ ،‬والتحكم‪،‬‬
‫والمراقبة‪ .‬و" على الرغم مما يوحي به علم اإلحصاء من صعوبات‬
‫تطبيقية في المجال التربوي‪ ،‬إال أنه يعتبر من الوسائل الفنية والعلمية‬
‫األكثر سهولة ودقة واألكثر نفعا في المجال التربوي‪ ،‬وخاصة في البحوث‬
‫التطبيقية التي تعتمد على العينات‪.‬لذلك‪ ،‬أصبح اإلحصاء من العلوم‬
‫األساسية والضرورية التي يجب أن يلم بها كل مرب إلجراء البحوث أو‬
‫لتوجيه الممارسة التربوية توجيها يجعله على معرفة أثر مختلف العوامل‬
‫ال محركة لسلوك التالميذ‪ ،‬والقدرة على تحديد هذا األثر تحديدا كميا له‬

‫‪ - 57‬مصطفى يوسف‪ :‬مبادئ وأسس اإلحصاء في مناهج البحث التربوي‪ ،‬بحث مطبوع‪،‬‬
‫المركز التربوي الجهوي‪ ،‬وجدة‪ ،‬المغرب‪ ،‬الموسد الدراسي ‪1988-1987‬م‪ ،‬ص‪.6-5:‬‬
‫‪44‬‬
‫قيمته وداللته العلمية‪ ،‬مع إمكانية التحكم في تلك العوامل‪ .‬وعندما يطبق‬
‫المربي االختبارات التربوية أو التحصيلية على تالميذه‪ ،‬فإنه يعتمد‪ ،‬في‬
‫إطار التقويم العلمي‪ ،‬على خبرته اإلحصائية في تطبيقه لهذه االختيارات‪،‬‬
‫وتفسير نتائجها‪ ،‬لتقديم أدق وأصدق نوع ممكن من األحكام الموضوعية‬
‫على مستويات تالميذه‪ ،‬والدقة والموضوعية هي من مميزات التفكير‬
‫العلمي‪ .‬ومن المعروف اآلن‪ ،‬أن التفكير اإلحصائي‪ ،‬والمنطق اإلحصائي‪،‬‬
‫واالستدالل اإلحصائي‪ ،‬كلها سمات فكرية ومنهجية علمية‪ ،‬من سمات‬
‫‪58‬‬
‫المربي الناجح‪".‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬يؤدي علم اإلحصاء وظائف جمة‪ ،‬كتلخيص المعلومات‪،‬‬
‫وتصحيح البيانات‪ ،‬والمقارنة بين الظواهر والمتغيرات‪ ،‬وتحديد الخاصية‪.‬‬
‫كما ينبني اإلحصاء على مجموعة من الخطوات‪ ،‬مثل‪ :‬جمع البيانات‬
‫والمعطيات والمعلومات‪ ،‬والتنظيم والتبويب‪ ،‬والتمثيل‪ ،‬والتحليل‪،‬‬
‫والتفسير‪ ،‬واستخالص النتائج‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ينبني اإلحصاء على‬
‫مجموعة من أساليب المعالجة القياسية التي اليمكن االستغناء عنها‪ ،‬فقد‬
‫وظفها العلماء لتحصيل النتائج اليقينية الصادقة‪ ،‬مثل‪ :‬سيغموند فرويد‪،‬‬
‫وجان بياجيه‪ ،‬وداروين‪ ،‬وإميل دوركايم‪...‬‬
‫الفرع السابع‪ :‬علم التدبير‬
‫يقصد بالتدبير (‪ ) Management/Gestion‬مجموعة من التقنيات‬
‫التي تستعملها مؤسسة‪ ،‬أو منظمة‪ ،‬أو مقاولة‪ ،‬أو شركة‪ ،‬لتحقيق أهدافها‬
‫العامة والخاصة‪ .‬وتتمثل هذه التقنيات في التخطيط‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتنسيق‪،‬‬
‫والقيادة‪ ،‬والمراقبة‪ .‬وقد يعني التدبير مجموعة من األشخاص الذين‬
‫يديرون اإلدارة‪ ،‬أو المقاولة‪ ،‬أو المؤسسة‪ ،‬أو المنظمة‪ ،‬سواء أكانوا‬
‫مديرين‪ ،‬أم مدبرين‪ ،‬أم أطرا‪ ،‬أم مسيرين‪ ،‬أم موجهين‪...‬‬

‫‪ - 58‬مصطفى يوسف‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.6:‬‬


‫‪45‬‬
‫وبصفة عامة‪ ،‬يعني التدبير مجمل التقنيات التي تعتمدها اإلدارة لتنفيذ‬
‫أعمالها وتصريفها‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يتخذ التدبير طابعا كميا باعتماده على‬
‫المعايير الكمية القائمة على اإلحصاء الرياضي والمحاسباتي‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يعني التدبير مجموعة من القواعد التي تتعلق بقيادة‬
‫المقاولة االقتصادية وتنظيمها وتسيير دفتها‪ .‬أي‪ :‬إن مفهوم التدبير مفهوم‬
‫اقتصادي بامتياز‪ ،‬يرتبط كل االرتباط بتسيير الشركات والمقاوالت‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فالتدبير بمثابة إدارة شاملة لمؤسسة أو مقاولة أو منظمة ما تعمل‬
‫جادة لتحقيق الجودة المطلوبة‪ ،‬وفق مجموعة من المبادئ المتدرجة‬
‫والمتالحقة والمتكاملة التي تتمثل في‪ :‬التخطيط‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتنسيق‪،‬‬
‫والقيادة‪ ،‬والمراقبة‪.‬‬
‫ولم يقتصر التدبير على ماهو اقتصادي ومقاوالتي وإداري فقط‪ ،‬بل تجاوز‬
‫ذلك إلى ماهو تربوي وديدكتيكي ‪ ،‬بالتركيز على المشاريع التربوية‪،‬‬
‫وتدبير عملية التكوين‪ ،‬واالهتمام بمختلف التعلمات في سيرورتها‬
‫الديدكتيكية القائمة على المدخالت (األهداف والكفايات )‪ ،‬والسيرورة‬
‫(المضامين‪ ،‬والطرائق‪ ،‬والوسائل)‪ ،‬والمخرجات(التقويم‪ ،‬والتغذية‬
‫الراجعة‪ ،‬والمعالجة‪ ،‬والدعم)‪.‬‬
‫وإذا كان التخطيط تصورا نظريا استشرافيا ‪ ،‬فإن التدبير تنفيذ وإنجاز‬
‫وتطبيق لهذه الخطة النظرية التنبؤية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول محمد أمزيان‬
‫بأن التدبير" مرحلة التطبيق الفعلي للخطط والبرامج‪ ،‬ويتم خاللها تدبير‬
‫وضعيات التعليم والتعلم‪.‬كما يتم أيضا بناء الوضعيات التي تسمح بنقل‬
‫المعارف والخبرات والقيم للمستفيدين وفق خطة محكمة‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫وللحكم على جودة هذه المرحلة‪ ،‬يتم تقويم نوعية الوضعيات المهنية‬
‫المتبناة لنقل لمعرفة‪ ،‬وكذا طبيعة الوسائل أو الشروط المتوفرة‪ ،‬ثم الموارد‬
‫‪59‬‬
‫الموجودة لمتابعة نتائج عملية التكوين أو إعادة التكوين ورصدها‪".‬‬
‫وتشتق كلمة التدبير من فعل دبر تدبيرا‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فكلمة" دبر نقيض كلمة‬
‫القبل‪ ،.‬ودبر البيت مؤخرته وزاويته‪ ،‬ودبر األمر وتدبره‪ :‬نظر في عاقبته‪،‬‬
‫واستدبره‪ :‬رأى في عاقبته ما لم ير في صدره‪ ،‬والتدبير في األمر‪ :‬أن‬
‫تنظر إلى ما تؤول إليه عاقبته‪ ،‬والتدبر‪ :‬التفكير فيه‪...‬والتدبير‪ :‬أن يتدبر‬
‫‪60‬‬
‫الرجل أمره ويدبره‪ .‬أي‪ :‬ينظر في عواقبه‪".‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فالتدبير هو التخطيط المعقلن ‪ ،‬وترصد العواقب قبل اإلقدام على‬
‫فعل شيء ما‪ ،‬والتفكير في األمور بجدية وعقالنية‪ .‬وقد ورد التدبير في‬
‫القرآن الكريم بمعنى تدبر المعنى فهما‪ ،‬وتفسيرا‪ ،‬وتأويال‪ ،‬كما ذهب إلى‬
‫ذلك ابن كثير في كتابه ( تفسير القرين العظيم)‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول‬
‫ابن كثير في تفسير هذه الكلمة‪ " :‬قد قال تعالى‪ ":‬أفال يتدبرون القرآن ولو‬
‫كان من عند غير هللا لوجدوا فيه اختالفا كثيرا"‪ ،‬يقول تعالى آمرا لهم‬
‫بتدبر القرآن‪ ،‬وناهيا لهم عن اإلعراض عنه‪ ،‬وعن تفهم معانيه المحكمة‬
‫‪61‬‬
‫وألفاظه البليغة‪"...‬‬
‫وعليه‪ ،‬فالتدبير في مدلوله اللغوي بمعنى إعمال النظر والفكر‪ ،‬وتوقع‬
‫العواقب قبل اإلقدام عليها حذرا واحترازا واجتنابا‪.62‬‬

‫‪ - 59‬محمد أمزيان‪ :‬تدبير جودة التعليم‪ ،‬مطبعة أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2005‬م‪ ،‬ص‪.103:‬‬
‫‪ - 60‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬دار صبح بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬إديسوفت‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2006‬م‪ ،‬ص‪.277-273:‬‬
‫‪ - 61‬ابن كثير‪ :‬تفسير القرين العظيم‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬طبعة ‪1999‬م‪ ،‬صص‪-345:‬‬
‫‪.346‬‬
‫‪ - 62‬خالد الصمدي‪ :‬مصطلحات تعليمية من التراث اإلسالمي‪ ،‬منشورات المنظمة اإلسالمية‬
‫للتربية والعلوم والثقافة ‪ -‬إيسيسكو‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2008‬م‪ ،‬ص‪.181:‬‬
‫‪47‬‬
‫أما التدبير من حيث االصطالح‪ ،‬فهو عبارة عن مجموعة من العمليات‬
‫والتقنيات واآلليات والخطط اإلجرائية التي يعتمد عليها المدبر لتنفيذ‬
‫األنشطة والتعلمات والمشاريع في إطار زمكاني معين انطالقا من كفايات‬
‫وأهداف محددة‪ ،‬واعتمادا كذلك على مجموعة من الموارد والطرائق‬
‫والوسائل‪ ،‬سواء أكانت مادية أم معنوية‪.‬‬
‫و تؤدي كلمة التدبير (‪ ،)Management/Gestion‬في المعاجم‬
‫والقواميس األجنبية‪ ،‬المعاني نفسها التي تؤديها في اللغة العربية ؛ حيث‬
‫تدل هذه الكلمة على القيادة والتخطيط والتسيير والتنظيم والقيادة والمراقبة‬
‫لتحقيق الجودة والفعالية ‪.‬‬
‫ومن األكيد أن التدبير قد ارتبط باإلنسان قديما‪ ،‬منذ تواجده في المجتمع‬
‫البشري‪ ،‬فقد كان ينهج‪ ،‬في حياته العملية‪ ،‬سلوكا تدبيريا قائما على‬
‫التخطيط ‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتنسيق‪ ،‬والقيادة‪ ،‬والمراقبة‪ ،‬ولكن بطريقة عفوية‬
‫الواعية والشعورية‪ ،‬تنقصها مجموعة من المبادئ العلمية والتقنين‬
‫الموضوعي‪.‬‬
‫ولم يظهر علم التدبير إال في حضن علم االقتصاد ‪ ،‬وقد تبلور في البداية‬
‫في شكل تصورات ونظريات وأفكار في القرن التاسع عشر‪ ،‬من خالل‬
‫انبثاق الثورة الصناعية األولى في أوروبا الغربية‪ ،‬حينما تطورت‬
‫الرأسمالية اإلنتاجية بفضل استخدام اآللة‪ ،‬وتطبيق نظمها في جميع مرافق‬
‫الحياة‪ ،‬فحلت اآللة محل اإلنسان‪ .‬و كان الهدف من ذلك هو الرفع من‬
‫اإلنتاج‪ ،‬وتدبير الموارد بطريقة عقالنية وعلمية منظمة بغية فهم النسق‬
‫االقتصادي إنتاجا‪ ،‬وتوزيعا‪ ،‬وتبادال‪ ،‬واستهالكا‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فقد ارتبط علم‬
‫التدبير‪ ،‬في هذه الفترة‪ ،‬بنشأة المقاولة‪ ،‬لكن النظريات العلمية المتعلقة بهذا‬
‫العلم لم تتشكل إال في القرن العشرين‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫وعليه‪ ،‬فقد كان علم التدبير يسعى إلى فهم طبيعة العمل بالمصانع‬
‫والمعامل‪ ،‬وكيفية التعامل مع التقنيات الجديدة‪ ،‬وكيفية معالجة طرائق‬
‫اإلنتاج من أجل تحقيق مردودية ممكنة وبشكل أفضل‪.‬‬
‫ومن أهم رواد علم التدبير أدم سميث(‪ )Adam Smith‬الذي ركز على‬
‫فكرة تقسيم العمل في كتابه ( ثروة األمم)‪ ،‬وشارل بابيج ( ‪Charles‬‬
‫‪ ) Babbage‬الذي طرح مجموعة من األفكار التي تتعلق بعلم التدبير‪،‬‬
‫مثل‪ :‬رصد تكاليف اإلنتاج الصناعي‪ ،‬وكيفية تقديره‪ ،‬وتبيان المعايير‬
‫الالزمة الختيار المكان األفضل لتوطين الصناعة‪ ،‬و التركيز على أهمية‬
‫مدة اإلنجاز لكل عملية صناعية‪ ،‬من خالل العمل على كيفية تطوير‬
‫عمليات اإلنتاج الصناعي‪.‬‬
‫وهناك أيضا هنري تاون(‪ )Henry Towne‬الذي نشر مجموعة من‬
‫األفكار التدبيرية في مجلة (المعامالت) التي كانت تشرف عليها الجمعية‬
‫األمريكية للمهندسين الميكانيكيين‪ .‬وقد ركز على النظرة الشاملة في‬
‫تصريف األعمال االقتصادية‪ ،‬واإللمام بالمعلومات التقنية في مجال‬
‫التدبير‪ ،‬وتحديد أماكن تواجد المواد األولية‪ ،‬والتثبت من تغير أسعارها‪،‬‬
‫والتعرض إلى قضية األجور والتكاليف وغيرها‪...‬‬
‫ويمكن الحديث عن مجموعة من المدارس في علم التدبير‪ ،‬و يمكن‬
‫حصرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬المدرسة الكالسيكية‪:‬‬
‫لقد تبلورت هذه المدرسة في المجال الصناعي مع بداية القرن العشرين‪،‬‬
‫وكان هدفها هو رفع كفاءة العمل واإلنتاج‪ .‬وقد ساهمت هذه المدرسة في‬
‫طرح مجموعة من األفكار التي أصبحت من صلب عمل التدبير‪ .‬وتتفرع‬
‫هذه المدرسة إلى ثالثة اتجاهات‪ .‬فاالتجاه األول يعنى بالتنظيم العلمي‬
‫للعمل‪ ،‬بالت ركيز على زاوية إنتاجية العمل‪ .‬ومن أهم ممثليه‪ :‬رالف‬

‫‪49‬‬
‫تايلور(‪ ، )F.Taylor‬وفرانك وليليان جلبرث ‪(Frank et Liliane‬‬
‫)‪ ، Gilberth‬وهنري جانت)‪. (Henry Gantt‬‬
‫ويهتم االتجاه الثاني بالتنظيم الشامل إلدارة المقاولة‪ ،‬وبالطرائق التي‬
‫تجعلها أكثر فاعلية‪.‬ومن أهم ممثليه‪ :‬هنري فايول)‪ (Henry Fayol‬كما‬
‫في كتابه (اإلدارة الصناعية الشاملة) الذي صدر سنة ‪1916‬م‪ .‬وقد بنى‬
‫فايول تدبير اإلدارة على مجموعة من القواعد‪ ،‬مثل‪ :‬التنبؤ(تصور الهدف‬
‫الذي ينبغي تحقيقه)‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتسيير أو القيادة‪ ،‬والتنسيق‪ ،‬والرقابة‪.‬‬
‫ويعرف فايول ‪ ،‬في أدبيات علم التدبير‪ ،‬بالمبادئ األربعة عشرة التي‬
‫تتمثل في‪ :‬تقسيم العمل(احترام التخصص)‪ ،‬والتوازن بين السلطة‬
‫والمسؤولية‪ ،‬وااللتزام بالنظام (معرفة الواجبات والحدود الفاصلة بين‬
‫المقررين والمنفذين)‪ ،‬ووحدة األمر (مسؤول واحد)‪ ،‬والمركزية‪،‬‬
‫والتراتبية اإلدارية‪ ،‬ورفع األجور والمكافآت حسب اإلنتاجية والكفاءة‬
‫العلمية والعملية‪ ،‬ووحدة الهدف‪ ،‬وإرساء النظام المالي واالجتماعي‪ ،‬ومبدأ‬
‫المساواة‪ ،‬ومبدأ االستقرار في العمل‪ ،‬ومبدأ المبادرة‪ ،‬ومبدأ روح الفريق‪.‬‬
‫في حين‪ ،‬اهتم االتجاه الثالث بالبيروقراطية اإلدارية‪ ،‬بالتركيز على‬
‫السلطة في مجال اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬وتبيان أشكال تنظيمها ‪ .‬ومن أهم‬
‫ممثليه‪ :‬ميشيل كروزيير(‪ ،)Michel Crozier‬وماكس فيبر( ‪Max‬‬
‫‪ )weber‬الذي قسم السلطة إلى أنواع ثالثة‪ :‬السلطة الكاريزمية التي تعود‬
‫إلى شخصية المسؤول اآلسرة التي تجعل اآلخرين يلتزمون بأوامرها‬
‫اقتناعا وإعجابا‪ .‬والسلطة التقليدية القائمة على األعراف والتقاليد‬
‫والوراثة‪ ،‬والسلطة الوظيفية الرسمية (البيروقراطية)‪...‬‬
‫‪ /2‬مدرسة العالقات اإلنسانية‪:‬‬
‫إذا كانت المدرسة الكالسيكية مدرسة تقنية آلية ‪ ،‬فإن مدرسة العالقات‬
‫ذات طبيعة إنسانية‪ ،‬تهتم بالعامل من حيث الجوانب النفسية‪ ،‬واالجتماعية‪،‬‬

‫‪50‬‬
‫واإلنسانية ‪ .‬وقد تبلورت أفكارها ما بين ‪1920‬و‪1950‬م مع ألتون‬
‫مايو)‪ .(Alton Mayo‬بيد أن هناك أسماء أخرى سابقة قد مهدت لهذه‬
‫المدرسة كروبرت أوين(‪ ،)Robert Owen‬وهيجو مانستر بيرج( ‪Hugo‬‬
‫‪ ،)Munster Berg‬وماري باركر فولت(‪.)Mary Parker Follett‬‬
‫‪ /3‬المدرسة السلوكية‪:‬‬
‫ترتبط المدرسة السلوكية بالمثير واالستجابة‪ ،‬ولها عالقة بمدرسة‬
‫العالقات اإلنسانية‪ .‬وتعني هذه النظرية أن تحقيق الفعالية اإلنتاجية ال‬
‫تكون إال بالتحفيز المادي والمعنوي‪ ،‬وإشباع رغبات العمال وحاجياتهم‬
‫العضوية والنفسية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تركز هذه المدرسة كثيرا على مفهوم التحفيز‬
‫من خالل ربط العالقة بين العامل والمعمل‪ .‬وإذا كانت مدرسة العالقات‬
‫تركز كثيرا على الحوافز المادية‪ ،‬فإن المدرسة السلوكية تركز على‬
‫الحوافز المعنوية‪.‬‬
‫ومن أهم نظريات هذه المدرسة نظرية أبراهام ماسلو( ‪Abraham‬‬
‫‪ ) Maslow‬التي تنبني على مجموعة من الحاجات التي ينبغي تلبيتها‬
‫وإشباعها‪ ،‬كالحاجة الفيزيولوجية‪ ،‬والحاجة إلى األمن‪ ،‬والحاجة إلى‬
‫االنتماء‪ ،‬والحاجة إلى احترام الذات‪ ،‬والحاجة إلى تحقيق الذات‪.‬‬
‫‪ /4‬المدرسة الحديثة‪:‬‬
‫لم يتأسس علم التدبير‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬إال مع المدرسة الحديثة في سنوات‬
‫الخمسين األخيرة من القرن الماضي ‪ .‬وقد انقسمت هذه المدرسة ‪،‬‬
‫بدورها ‪ ،‬إلى اتجاهات وتيارات مختلفة ‪ ،‬ولكل تيار رواده ومفكروه‪ .‬ومن‬
‫أهم هذه االتجاهات اتجاه طرق التدبير الكمية الذي يعتمد على الرياضيات‬
‫والهندسة واإلحصاء والمعلوماتية‪ ،‬واتجاه السلوك التنظيمي الذي يهتم‬
‫بالعالقات اإلنسانية بين المديرين وفرق العمال‪ ،‬واتجاه نظرية النظم‪ .‬ومن‬

‫‪51‬‬
‫جهة أخرى‪ ،‬هناك اتجاهات حديثة في مجال التدبير‪ ،‬مثل‪ :‬أهمية عمل‬
‫الفرق‪ ،‬وأهلية األطر‪ ،‬وثورة معايير الجودة‪.‬‬
‫ولعلم التدبير وظيفة مركزية تتمثل في الوظيفة اإلدارية‪ ،‬لكن تتفرع عنها‬
‫مجموعة من الوظائف الفرعية التي يمكن حصرها في‪:‬‬
‫‪ ‬الوظيفة التقنية القائمة على التصنيع‪ ،‬والتحويل‪ ،‬واإلنتاج؛‬
‫‪‬الوظيفة التجارية القائمة على الشراء‪ ،‬والبيع‪ ،‬والتبادل؛‬
‫‪‬الوظيفة المالية التي تتمثل في التوظيف األمثل للموارد المالية؛‬
‫‪‬الوظيفة األمنية التي تكمن في حفظ األموال واألشخاص؛‬
‫‪‬الوظيفة الحسابية التي تعنى بحساب المداخيل والمصاريف بطريقة‬
‫إحصائية‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬يرى هنري فايول أن للتدبير أربع وظائف أساسية هي‪:‬‬
‫التخطيط( التنبؤ)‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والقيادة أو اإلدارة‪ ،‬والمراقبة على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ /1‬التخطيط‪:‬‬
‫يعرف التخطيط بأنه بمثابة مسار من خالله يحدد المدبر مجموعة من‬
‫األهداف لتحقيقها إجرائيا‪ ،‬باختيار إستراتيجيات العمل المناسبة لتبليغ هذه‬
‫األهداف‪ .‬أي‪ :‬يهدف التخطيط إلى رسم الخطة العامة التي توصل المدبر‬
‫أو المؤسسة إلى تحقيق مجموعة من األهداف‪ ،‬في ضوء اإلمكانات‬
‫البشرية‪ ،‬و المادية‪ ،‬والمالية‪ ،‬والظروف السياقية‪.‬‬
‫وينبني التخطيط على مجموعة من األبعاد‪ ،‬مثل‪ :‬البعد الزمني (متى)‪،‬‬
‫والبعد الغرضي( تحقيق األهداف)‪ ،‬والبعد الشخوصي(من)‪ ،‬والبعد الكيفي‬
‫(الطريقة والوسيلة)‪ ،‬والعراقيل الممكنة (العوائق)‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ /2‬التنظيم‪:‬‬
‫الوظيفة الثانية للتدبير هي التنظيم‪ .‬بمعنى تقسيم المنفذين إلى فرق عمل‪،‬‬
‫والتنسيق بين أنشطتها‪ .‬بمعنى أن هذه الوظيفة تسعى إلى مساعدة األفراد‬
‫والجماعات لتحقيق أهدافها المشتركة‪ .‬وال تتحقق هذه الوظيفة إال بتوفير‬
‫الموارد البشرية والمادية والمالية والتقنية والوسائل الممكنة والنماذج‬
‫المناسبة‪ ،‬ورصد مختلف التفاعالت الموجودة بين األفراد والجماعات‪...‬‬
‫‪/3‬القيــــادة‪:‬‬
‫يسعى المدبر إلى إدارة الموظفين الذين يقومون بمهمة تنفيذ األعمال‬
‫وتصريفها‪ ،‬والعمل على تطويرها‪ ،‬والرفع من وتيرة سرعتها بطريقة‬
‫إيجابية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تقوم وظيفتا التواصل والتحفيز بأدوار مهمة على مستوى‬
‫التدبير‪ ،‬والقيادة‪ ،‬واإلدارة‪ ،‬واإلشراف‪ ،‬والتوجيه‪ .‬والهدف من ذلك كله هو‬
‫تسهيل العمل‪ ،‬والرفع من وتيرة اإلنتاج‪ ،‬وتخفيض تكلفته‪ ،‬وتحفيز العاملين‬
‫من أجل تحقيق األهداف المرسومة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تتوفر في القائد المدبر‬
‫مجموعة من الشروط‪ :‬روح المبادرة واإلبداعية‪ ،‬وقوة التأثير‪ ،‬وكفاءة‬
‫التنبؤ‪ ،‬والمرونة‪ ،‬والصبر‪ ،‬والعمل باألهداف‪ ،‬والتركيز على العمل بدقة‪.‬‬
‫‪ /4‬المراقبة‪:‬‬
‫تسعى المراقبة إلى اختبار الخطط المرسومة من خالل نتائجها المتحققة‬
‫في عالقتها باألهداف المسطرة‪ .‬بمعنى أن المراقبة هي معالجة نقدية‪،‬‬
‫وسيرورة للبحث عن جودة المالءمة بين العمل وأهداف المؤسسة‪ .‬ويعني‬
‫هذا كله أن مهمة المراقبة مبنية على قياس التقدم المتحقق عبر خطط‬
‫ومستويات لتبليغ هدف معين‪ ،‬بتبيان درجة االنحراف الحاصلة عن‬
‫الوضعية الحالية والوضعية المرغوب في تحقيقها‪ .‬فضال عن رصد‬
‫األسباب والمعالجات الضرورية‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬يرى هنري مينتزبيرج (‪ )Henry Mintzberg‬أن للتدبير‬
‫أدوارا أساسية ثالثة‪ :‬دورا عالئقيا‪ ،‬ودورا إعالميا ‪ ،‬ودورا تقريريا يتمثل‬
‫في أخذ القرار الصحيح والصائب والحسم في ذلك‪.‬‬

‫المطلب السادس‪ :‬مفاهيم الديدكتيك ومصطلحاته‬


‫يضم علم الديدكتيك مجموعة من المصطلحات العامة والخاصة‬
‫والمشتركة التي يوظفها على المستوى اإلبستمولوجي شرحا‪ ،‬وتفسيرا‪،‬‬
‫وتأويال‪ ،‬واستعراضا‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬يستعمل مصطلحات العلوم‬
‫والمعارف والتخصصات األخرى‪ .‬ومن بين هذه المفاهيم ‪ :‬المعرفة‪،‬‬
‫والبنائية‪ ،‬والنقل الديدكتيكي‪ ،‬والتعلم‪ ،‬والتمثالت‪ ،‬والبراديغم‪ ،‬والعملية‬
‫التعليمية‪ -‬التعلمية‪ ،‬والعملية الديدكتيكية‪ ،‬وألهداف‪ ،‬والكفايات‪ ،‬واإلدماج‪،‬‬
‫والمدخالت‪ ،‬والعمليات‪ ،‬والمخرجات‪ ،‬والتغذية الراجعة‪ ،‬والتقويم‪،‬‬
‫والتقييم‪ ،‬والقياس‪ ،‬والسيرورة الديدكتيكية‪ ،‬والمقاطع الديدكتيكية‪،‬‬
‫والطرائق البيداغوجية‪ ،‬والمنهاج‪ ،‬والبرنامج‪ ،‬والمقرر‪ ،‬والكتاب‬
‫المدرسي‪ ،‬والمجزوءات‪ ،‬والوحدات‪ ،‬واإليقاعات الزمنية‪ ،‬والتواصل ‪،‬‬
‫والطرائق اليداغوجية‪ ،‬والمحتويات‪ ،‬والموارد‪ ،‬والوسائل الديدكتيكية‪،‬‬
‫والمعالجة‪ ،‬والدعم‪ ،‬تقنيات التنشيط‪ ،‬والوضعيات الديدكتيكية وغير‬
‫الديدكتيكية‪ ،‬واالمتحانات‪ ،‬واالختبارات‪ ،‬واألسئلة‪ ،‬واألنشطة الصفية‬
‫وغير الصفية‪ ،‬والمسرح الديدكتيكي‪ ،‬والذكاءات المتعددة‪ ،‬والوضعيات‬
‫اإلدماجية‪ ،‬والتفاعالت الصفية‪ ،‬والعوائق الديدكتيكية‪ ،‬وحل المشكالت‪،‬‬
‫والجودة‪ ،‬والعقد الديدكتيكي‪ ،‬والشراكة‪ ،‬والتخطيط‪ ،‬والتدبير‪،‬‬
‫والدوسيمولوجيا‪ ،‬والمثلث البيداغوجي والديدكتيكي‪ ،‬واإلبستمولوجيا‪،‬‬
‫والميتامعرفة‪ ،‬واإلستراتيجية‪ ،‬والتدريس‪ ،‬والتربية العامة‪ ،‬والتربية‬
‫الخاصة‪ ،‬الديدكتيك العامة‪ ،‬والديدكتيك الخاصة‪ ،‬والتعلمات‪ ،‬والتدبير‬
‫الديدكتيكي‪ ،‬والتحفيز‪ ،‬والتعلم الذاتي‪ ،‬وديناميكية الجماعات‪ ،‬والصراعات‬
‫السوسيو‪ -‬معرفية‪ ،‬والمنهاج المندمج‪ ،‬وملكة الحفظ‪ ،‬والمعرفة النظرية‪،‬‬
‫‪54‬‬
‫والمعرفة التطبيقية‪ ،‬والمؤشرات‪ ،‬وت خطيط الدرس‪ ،‬وعلم التدريس‪ ،‬وبناء‬
‫التعلمات‪ ،‬والتنشيط‪ ،‬والوضعية المشكلة اإلدماجية‪ ،‬والسند‪ ،‬والمهارات‪،‬‬
‫والصنافات‪ ،‬والنموذج الديدكتيكي‪ ،‬والهدف‪/‬العائق‪ ،‬ومعيار المالءمة‪،‬‬
‫ومعيار االنسجام‪ ،‬ومعيار االستخدام السليم ألدوات المادة‪ ،‬ومعيار اإلتقان‬
‫والجودة‪ ،‬ومعيار الحد األدنى‪ ،‬و التعليمات‪،‬ودليل اإلدماج‪ ،‬وكراسة‬
‫الوضعيات اإلدماجية‪ ،‬وشبكة التحقق‪ ،‬وشبكة االستثمار‪ ،‬وشبكة‬
‫التصحيح‪ ،‬والمعالجة الديدكتيكية‪ ،‬والمعالجة النفسية‪ ،‬والمعالجة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وبيداغوجيا األخطاء‪ ،‬والسلوك‪ ،‬وصيرورة التفاعل‪ ،‬والعمل‬
‫في فريق‪ ،‬والمدرس الوسيط‪ ،‬والمدرس المشرف‪ ،‬والمدبر‪ ،‬والقيادة‪،‬‬
‫والوسط الديدكتيكي‪ ،‬والعقد الديدكتيكي‪ ،‬والخريطة الذهنية‪ ،‬والتقطيع‬
‫الديدكتيكي‪ ،‬والتخطيط الديدكتيكي‪ ،‬والتدبير الديدكتيكي‪ ،‬والتقويم‬
‫الديكتيكي‪...‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬هذه نظرة مختصرة إلى مفهوم التربية‪ ،‬والبيداغوجيا‪،‬‬
‫والديدكتيك العامة والخاصة‪ .‬وقد أثبتنا أن ثمة عالقة وثيقة بين الديدكتيك‬
‫والعلوم األخرى‪ ،‬والدليل على ذلك أن علم الديدكتيك يشتغل على‬
‫مصطلحاتها ومفاهيمها ‪.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬تبتكر الديدكتيك لنفسها‬
‫مصطلحاتها الخاصة به‪.‬‬
‫وإذا كانت البيداغوجيا تعنى بالطفل وقضايا التربية ومشاكلها بصفة عامة‪،‬‬
‫فإن التدريس يهتم بالمتعلم‪ ،‬وطرائق بناء المعرفة وتبليغها‪ ،‬والتعريف‬
‫بطرائق التدريس ومنهجياته المختلفة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫خاتمة‬
‫وهكذا‪ ،‬نخلص إلى أن الديدكتيك‪ ،‬أو علم التدريس‪ ،‬علم يهتم بطرائق‬
‫التدريس وفق مقاربة عامة أو خاصة‪ .‬وله عالقة وثيقة بالبيداغوجيا‪ ،‬وعلم‬
‫النفس‪ ،‬وعلم االجتماع‪ ،‬واللسانيات‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬واإلعالميات‪ ،‬وعلم‬
‫التدبير‪... ،‬‬
‫ويتضمن الديدكتيك أو علم التدريس مجموعة من المفاهيم الرئيسة التي‬
‫تساعد الباحث التربوي على استيعاب محتويات التربية الخاصة‪ ،‬واكتساب‬
‫مضامينها المختلفة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يقوم التعلم على مفهوم التمثالت الديدكتيكية‬
‫التي تسهم في بناء تعلمات المتعلمين‪ ،‬ومجابهة الوضعيات اإلدماجية من‬
‫أجل إيجاد الحلول المناسبة لتلك الوضعيات المعقدة والمركبة‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬يستند الديدكتيك إلى تقطيع الدروس والوحدات‬
‫التعلمية إلى ثالثة مقاطع وظيفية ‪ ،‬تتمثل في المقطع التمهيدي‪ ،‬والمقطع‬
‫الوسطي‪،‬والمقطع النهائي‪ .‬ويشكل هذا كله ما يسمى بالسيناريو‬
‫البيداغوجي الذي يتالءم مع نموذج ديدكتيكي أو بيداغوجي معين‪.‬‬
‫وفي األخير‪ ،‬يمكن الحديث عن نماذج بيداغوجية وتربوية وديدكتيكية‬
‫متنوعة‪ ،‬يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬النموذج الديدكتيكي التلقيني كما في المدرسة التقليدية؛‬
‫‪ ‬النموذج الديدكتيكي الحواري كما في التربية الحديثة؛‬
‫‪ ‬النموذج الديدكتيكي الهادف القائم على بيداغوجيا األهداف؛‬
‫‪ ‬النموذج الديدكتيكي الكفائي القائم على المقاربة بالكفايات؛‬
‫‪ ‬النموذج الديدكتيكي الهربارتي القائم على التمهيد‪ ،‬وبناء الدرس‪،‬‬
‫والربط المنطقي بين مراحل الدرس‪ ،‬واالستنتاج‪ ،‬والتطبيق؛‬

‫‪56‬‬
‫‪ ‬النموذج اإلدماجي القائم على تنفيذ الوضعيات اإلدماجية؛‬
‫‪ ‬النموذج الديدكتيكي التنشيطي القائم على التنشيط الفردي والجماعي؛‬
‫‪ ‬النموذج الديدكتيكي اإلبداعي الذي يهدف إلى جعل المتعلم مبدعا في‬
‫أسرته ومدرسته ومجتمعه؛‬
‫‪ ‬النموذج الديدكتيكي الملكاتي القائم على الذكاءات المتعددة؛‬
‫‪ ‬النموذج الديدكتيكي الترابطي(‪ )Connectivité‬القائم على توظيف‬
‫اإلعالميات الرقمية في التدريس‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫ثبت المصادر والمراجع‬
‫المعاجم‪:‬‬
‫‪ -1‬ابن كثير‪ :‬تفسير القرين العظيم‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬طبعة‬
‫‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صبح بيروت‪ ،‬لبنان‪ /‬وأديسوفت‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬المغرب‪ /‬الطبعة األولى سنة ‪2006‬م‪.‬‬
‫‪-3‬أحمد أوزي‪ :‬المعجم الموسوعي لعلوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2006‬م‪.‬‬
‫‪-4‬عبد الكريم غريب‪ :‬المنهل التربوي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات عالم‬
‫التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪2006‬م‪.‬‬

‫المراجع باللغة العربية‪:‬‬


‫‪ -5‬إبراهيم ناصر‪ :‬علم االجتماع التربوي‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان؛‬
‫مكتبة الرائد العلمية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ -6‬أحمد أوزي‪ :‬التعليم والتعلم بمقاربة الذكاءات المتعددة‪،‬الشركة‬
‫المغربية للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬أحمد شبشوب‪ :‬المدخل إلى الديدكتيك العامة‪ ،‬منشورات رمسيس‪،‬‬
‫دفاتر في التربية ‪ ،‬العدد‪1997/2‬م‪.‬‬
‫‪ -8‬أحمد عبد السميع طبيه‪ :‬مبادئ اإلحصاء‪ ،‬دار البداية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2008‬م‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -9‬أحمد عزت راجح‪:‬أصول علم النفس‪ ،‬المكتب المصري الحديث‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة الثامنة ‪1970‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬التومي عبد الرحمن‪ :‬الجامع في ديدكتيك اللغة العربية‪ ،‬مطبعة‬
‫المعارف‪ ،‬الرباط‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة الثانية سنة ‪2016‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬جان بياجي‪ :‬التوجهات الجديدة للتربية‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد الحبيب‬
‫بلكوش‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغر ب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة‪1998‬م‪.‬‬
‫جميل حمداوي ‪ :‬ديدكتيك األنشطة التربوية في التعليم‬ ‫‪-12‬‬
‫األولي‪،‬أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2015‬م‪.‬‬
‫‪ -13‬جميل حمداوي ‪ :‬األقسام المشتركة في التعليم االبتدائي‬
‫المغربي‪،‬منشورات مكتبة سلمى الثقافية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2015‬م‪.‬‬
‫‪ -14‬جميل حمداوي ‪ :‬محطات العمل الديدكتيكي‪ ،‬منشورات مكتبة سلمى‬
‫الثقافية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪2015‬م‪.‬‬
‫‪ -15‬جميل حمداوي ‪ :‬نحو تقويم تربوي جديد (التقويم اإلدماجي)‪،‬‬
‫منشورات مكتبة سلمى الثقافية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2015‬م‪.‬‬
‫‪ -16‬الحسن اللحية‪ :‬بيداغوجيا التعاقد‪ ،‬منشورات المعارف‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2010‬م‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -17‬خالد الصمدي‪ :‬مصطلحات تعليمية من التراث اإلسالمي‪ ،‬منشورات‬
‫المنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة ‪ -‬إيسيسكو‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2008‬م‪.‬‬
‫‪ -18‬عبد العزيز القوصي‪ :‬علم النفس‪ :‬أسسه وتطبيقاته التربوية‪ ،‬مكتبة‬
‫النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬طبعة ‪1978‬م‪.‬‬
‫‪ -19‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية‪ ،‬دار‬
‫المعارف بمصر‪ ،‬الطبعة السادسة‪.‬‬
‫‪ -20‬عبد الكريم غريب والبشير اليعقوبي‪ :‬التدريس بواسطة المجزوءات‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪.‬‬
‫‪ -21‬عبد الكريم غريب‪ :‬علم النفس المعاصر‪ :‬التيارات والمدارس‪،‬‬
‫منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2012‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬عبد المجيد نشواتي ‪ ،‬علم النفس التربوي‪ ،‬دار الفرقان للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن ‪ ،‬طبعة ‪1984‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬عبد الواحد أوالد الفقيهي‪ :‬الذكاءات المتعددة ‪ :‬التأسيس العلمي‪،‬‬
‫منشورات مجلة علوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪2012‬م‪.‬‬
‫‪ -24‬العربي اسليماني‪ :‬المعين في التربية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪،‬‬
‫مراكش‪ ،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2018‬م‪.‬‬
‫‪ -25‬علي أحمد مدكور‪ :‬طرق تدريس اللغة العربية‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬الطبعة الثانية ‪2010‬م‪.‬‬
‫‪ -26‬علي الحوات‪ :‬أسس علم االجتماع التربوي‪ ،‬جامعة الفاتح‪ ،‬طرابلس‪،‬‬
‫ليبيا‪ ، ،‬طبعة ‪1979‬م‪.‬‬
‫‪ -27‬مادي لحسن‪ :‬تكوين المدرسين‪ ،‬نحو بدائل لبناء الكفايات‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار اليضاء‪،‬المغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2001‬م‪.‬‬
‫‪60‬‬
،‫ الدار البيضاء‬،‫أفريقيا الشرق‬،‫ بيداغوجيا المعرفة‬: ‫ محمد أمزيان‬-28
.‫م‬2016 ‫ الطبعة األولى‬،‫المغرب‬
،‫ المبادئ األساسية في طرق التدريس العامة‬:‫ محمد حسين آل ياسين‬-29
.‫ العراق‬،‫ بغداد‬،‫ ومكتبة الشعب‬،‫ لبنان‬،‫ بيروت‬،‫منشورات دار القلم‬
‫ الدار‬،‫ مطبعة النجاح الجديدة‬،‫ تحليل العملية التعليمية‬:‫ محمد الدريج‬-30
.‫م‬1983 ‫ الطبعة األولى سنة‬،‫ المغرب‬،‫البيضاء‬
‫ دار النهضة العربي‬،‫ مقدمة في فلسفة التربية‬:‫ محمد لبيب النجيحي‬-31
.‫م‬1992‫ الطبعة األولى سنة‬،‫ لبنان‬،‫ بيروت‬،‫للطباعة والنشر‬

:‫المراجع األجنبية‬

32-Brousseau G. (1998) Théorie des situations


didactiques. Grenoble : La Pensée Sauvage.
33-Chevallard Y. (1985) La transposition didactique.
Grenoble : La Pensée Sauvage. (Nouvelle édition
augmentée de « Un exemple de la transposition
didactique » avec M.-A. Johsua).
34-Delacôte G. (1996) Savoir apprendre: les nouvelles
méthodes. Paris : Odile Jacob.
35-Denis Fisette : La phénoménologie face aux
sciences cognitives, Dossier sur la phénoménologie,
magazine littéraire N°403, novembre 2001.
36-F.J. Varela : Connaître. Les sciences cognitives,
tendances et perspectives, Editions du Seuil, Paris
1989.

61
37-Flavell, J. H. (1979). Metacognition and cognitive
monitoring. American Psychologist, 34, 906-911
38-Giordan A. (1999) Une didactique pour les sciences
expérimentales. Paris : Belin.
39-Glaeser G. (1999) Une introduction à la didactique
expérimentale des mathématiques. Grenoble : La
Pensée Sauvage.
40-H . Gardner : The Mind's New Science : A History
of the cognitive Revolution, New York, Basic books,
1985.
41-J. Mehler : "Quand la science du comportement
devient psychologie de la connaissance", La Recherche
N°100, mai 1979, Volume 10.
42-Jean Piaget, Introduction à l'épistémologie
génétique, Paris, PUF, 1950.
43-Jean-Luc Roulin (dir.), Psychologie cognitive,
Bréal, Rosny-sous-Bois, 2006.
44-Mohamed Cherkaoui : Sociologie de l’éducation,
PUF, Paris, France, 1 édition 1986.
45-Mohamed Cherkaoui:Sociologie de l'éducation,
Que sais-je, PUF, 5 edition 1999.
46-Narcy-Combes M.-F. (2005) Précis de didactique,
devenir professeur de langues. Ellipses.
47-Patrick Lemaire, Psychologie Cognitive, De Boeck,
Bruxelles, 1999.
48-Pédagogie générales, Nancy, MAFPEN, 1987.
Reuchlin, « Psychologie », Paris, 1999.

62
‫‪49-Reuter‬‬ ‫‪Y. dir. (2007/2010) Dictionnaire‬‬ ‫‪des‬‬
‫‪concepts fondamentaux des didactiques. Bruxelles :‬‬
‫‪De Boeck.‬‬
‫‪50-Terrisse A. (2000) Didactique des disciplines. Les‬‬
‫‪références au savoir. De Boeck Université.‬‬
‫‪51-Viennot L. (2003) Raisonner en physique: La part‬‬
‫‪du sens commun. De Boeck Université.‬‬

‫المقـــاالت‪:‬‬
‫‪ -52‬عبد العالي حمدولي‪( :‬اإلحصائيات التطبيقية في البحث التربوي)‪،‬‬
‫مجلة اهتمامات تربوية‪ ،‬المغرب‪ ،‬العدد الثامن‪ ،‬األكاديمية الجهوية للتربية‬
‫والتكوين لجهة تادال‪ -‬أزيالل‪2012 ،‬م‪.‬‬

‫المطبوعات ‪:‬‬

‫‪ -53‬مصطفى يوسف‪ :‬مبادئ وأسس اإلحصاء في مناهج البحث‬


‫التربوي‪ ،‬بحث مطبوع‪ ،‬المركز التربوي الجهوي‪ ،‬وجدة‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫الموسد الدراسي ‪1988-1987‬م‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫السيـــرة العلـــمية‪:‬‬

‫‪ -‬جميل حمداوي من مواليد مدينة الناظور‪.‬‬


‫‪ -‬حاصل على دبلوم الدراسات العليا سنة ‪1996‬م‪.‬‬
‫‪ -‬حاصل على دكتوراه الدولة سنة ‪2001‬م‪.‬‬
‫‪ -‬حاصززل علززى إجززازتين‪:‬األولى فززي األدب العربززي‪ ،‬والثانيززة فززي الشززريعة‬
‫والقانون‪.‬‬
‫‪ -‬تابع دراساته الجامعية في الفلسفة وعلم االجتماع‪.‬‬
‫‪ -‬أستاذ التعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالناظور‪.‬‬
‫‪ -‬أستاذ األدب الرقمي بماستر الكتابة النسائية بكلية اآلداب تطوان ‪.‬‬
‫‪ -‬أستاذ الرواية ومناهج مابعد الحداثة بماستر النثر العربي القديم‪.‬‬
‫‪ -‬باحززززززززززث فززززززززززي السوسززززززززززيولوجيا‪ ،‬والسززززززززززيكولوجيا‪ ،‬والبيززززززززززداغوجيا‪،‬‬
‫واألنتروبولوجيززا‪ ،‬والعلززوم القانونيززة والسياسززية‪ ،‬والفززن‪ ،‬والفلسززفة والفكززر‬
‫اإلسالمي‪ ،‬والقانون والشريعة‪.‬‬
‫‪ -‬أسززتاذ األدب العربززي‪ ،‬ومنززاهج البحززث التربززوي‪ ،‬وعلززم الززنفس التربززوي‪،‬‬
‫واإلحصزززززاء التربزززززوي‪ ،‬وعلزززززوم التربيزززززة‪ ،‬والتربيزززززة الفنيزززززة‪ ،‬والحضزززززارة‬

‫‪64‬‬
‫األمازيغية‪ ،‬وديدكتيك التعليم األولي‪ ،‬والحياة المدرسية والتشريع التربزوي‪،‬‬
‫واإلدارة التربوية‪ ،‬والكتابة النسائية‪...‬‬
‫‪-‬أديب ومبدع وناقد وباحث‪ ،‬يشتغل ضمن رؤية أكاديمية موسوعية‪.‬‬
‫‪ -‬شاعر وقصاص وكاتب مسرحي‪ ،‬يكتب للصغار والكبار‪.‬‬
‫‪ -‬مثل دورا سينمائيا فزي الفزيلم األمزازيغي (عسزل المزرارة) لمنتجزه عبزد هللا‬
‫فركوس‪ ،‬وإخراج علي الطاهري‬
‫‪ -‬حصززل مقالززه (نظريززة مززا بعززد االسززتعمار) علززى جززائزة الموقززع السززعودي‬
‫(األلوكة )‪.‬‬
‫‪ -‬حصزززل علزززى جزززائزة مؤسسزززة المثقزززف العربزززي (سيدني‪/‬أسزززتراليا) لعزززام‬
‫‪2011‬م في النقد والدراسات األدبية‪.‬‬
‫‪ -‬حصل على جائزة ناجي النعمان األدبية سنة‪2014‬م‪.‬‬
‫‪ -‬عضو االتحاد العالمي للجامعات والكليات بهولندا‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس الرابطة العربية للقصة القصيرة جدا‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس المهرجان العربي للقصة القصيرة جدا‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس الهيئة العربية لنقاد القصة القصيرة جدا‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس الهيئة العربية لنقاد الكتابة الشذرية ومبدعيها‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس جمعية الجسور للبحث في الثقافة والفنون‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس مختبر المسرح األمازيغي‪.‬‬
‫‪ -‬عضو الجمعية العربية لنقاد المسرح‪.‬‬
‫‪-‬عضو رابطة األدب اإلسالمي العالمية‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ -‬عضو اتحاد كتاب العرب‪.‬‬
‫‪-‬عضو اتحاد كتاب اإلنترنت العرب‪.‬‬
‫‪-‬عضو اتحاد كتاب المغرب‪.‬‬
‫‪ -‬له إسهامات نظرية في التربيزة‪ ،‬وفزن القصزة القصزيرة جزدا ‪ ،‬وفزن الكتابزة‬
‫الشزززذرية‪ ،‬واألدب الرقمزززي‪ ،‬والمسزززرح‪ ،‬ومنزززاهج النقزززد األدبزززي‪ ،‬والكتابزززة‬
‫النسوية‪ ،‬والبالغة الرحبة‪...‬‬
‫‪ -‬باحث في الثقافة األمازيغية المغربية‪ ،‬والسيما الريفية منها‪.‬‬
‫‪ -‬خبير في البيداغوجيا والثقافة األمازيغية واألدب الرقمي‪.‬‬
‫‪ -‬ترجمت مقاالته إلى اللغة الفرنسية و اللغة الكردية‪.‬‬
‫‪ -‬نشززرت كتبززه بززالمغرب‪ ،‬والجزائززر‪ ،‬وتززونس‪ ،‬وليبيززا‪ ،‬واألردن‪ ،‬ولبنززان‪،‬‬
‫والمملكة العربية السعودية‪ ،‬واإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬والعراق‪.‬‬
‫‪ -‬شارك في مهرجانات عربية عدة في كزل مزن‪ :‬الجزائزر‪ ،‬وتزونس‪ ،‬وليبيزا‪،‬‬
‫ومصززر‪ ،‬واألردن‪ ،‬والسززعودية‪ ،‬والبحززرين‪ ،‬والعززراق‪ ،‬واإلمززارات العربيززة‬
‫المتحدة‪،‬وسلطنة عمان‪...‬‬
‫‪ -‬مستشززار فززي مجموعزززة مززن الصززحف والمجزززالت والجرائززد والزززدوريات‬
‫الوطنية والعربية‪.‬‬
‫‪ -‬نشر أكثر من ألف وسبعين مقال علمي محكم وغير محكزم‪ ،‬وعزددا كثيزرا‬
‫مزن المقززاالت اإللكترونيززة‪ .‬ولزه أكثززر مززن (‪ )190‬كتزاب ورقززي‪ ،‬وأكثززر مززن‬
‫مزززائتي (‪ )500‬كتزززاب إلكترونزززي منشزززور فزززي مزززوقعي (المثقزززف) وموقزززع‬
‫(األلوكة)‪ ،‬وموقع (أدب فن)‪.‬‬
‫‪ -‬ومززن أهززم كتبززه‪ :‬محاضززرات فززي لسززانيات الززنص‪ ،‬وسوسززيولوجيا الثقافززة‪،‬‬
‫وميزززادين علزززم االجتمزززاع‪ ،‬وأسزززس علزززم االجتمزززاع‪ ،‬والعزززوالم الممكنزززة بزززين‬
‫‪66‬‬
‫النظرية والتطبيق‪ ،‬واألدب الرقمي بزين النظريزة والتطبيزق‪ ،‬وفقزه النزوازل‪،‬‬
‫ومفهوم الحقيقة في الفكر اإلسزالمي‪ ،‬ومحطزات العمزل الديزدكتيكي‪ ،‬وتزدبير‬
‫الحيززززاة المدرسززززية‪ ،‬وبيززززداغوجيا األخطززززاء‪ ،‬ونحززززو تقززززويم تربززززوي جديززززد‪،‬‬
‫والشززذرات بززين النظريززة والتطبيززق‪ ،‬والقصززة القصززيرة جززدا بززين التنظيززر‬
‫والتطبيززق‪ ،‬والروايززة التاريخيززة‪ ،‬تصززورات تربويززة جديززدة‪ ،‬واإلسززالم بززين‬
‫الحداثة وما بعزد الحداثزة‪ ،‬ومجززءات التكزوين‪ ،‬ومزن سزيميوطيقا الزذات إلزى‬
‫سززززيميوطيقا التززززوتر‪ ،‬والتربيززززة الفنيززززة‪ ،‬ومززززدخل إلززززى األدب السززززعودي‪،‬‬
‫واإلحصززاء التربززوي‪ ،‬ونظريززات النقززد األدبززي فززي مرحلززة مابعززد الحداثززة‪،‬‬
‫ومقومات القصة القصيرة جدا عند جمال الدين الخضيري‪ ،‬وأنزواع الممثزل‬
‫فزي التيزارات المسزرحية الغربيزة والعربيززة‪ ،‬وفزي نظريزة الروايزة‪ :‬مقاربززات‬
‫جديدة‪ ،‬وأنطولوجيا القصة القصيرة جدا بالمغرب‪ ،‬والقصزيدة الكونكريتيزة‪،‬‬
‫ومززن أجززل تقنيززة جديززدة لنقززد القصززة القصززيرة جززدا ‪ ،‬والسززيميولوجيا بززين‬
‫النظريززززة والتطبيززززق‪ ،‬واإلخززززراج المسززززرحي‪ ،‬ومززززدخل إلززززى السززززينوغرافيا‬
‫المسرحية‪ ،‬والمسرح األمازيغي‪ ،‬ومسرح الشباب بالمغرب‪ ،‬والمزدخل إلزى‬
‫اإلخزززراج المسزززرحي‪ ،‬ومسزززرح الطفزززل بزززين التزززأليف واإلخزززراج‪ ،‬ومسزززرح‬
‫األطفززال بززالمغرب‪ ،‬ونصززوص مسززرحية‪ ،‬ومززدخل إلززى السززينما المغربيززة‪،‬‬
‫ومنزززاهج النقزززد العربزززي‪ ،‬والجديزززد فزززي التربيزززة والتعلزززيم‪ ،‬وببليوغرافيزززا أدب‬
‫األطفزززال بزززالمغرب‪ ،‬ومزززدخل إلزززى الشزززعر اإلسزززالمي‪ ،‬والمزززدارس العتيقزززة‬
‫بززززززززالمغرب‪ ،‬وأدب األطفززززززززال بززززززززالمغرب‪ ،‬والقصززززززززة القصززززززززيرة جززززززززدا‬
‫بالمغرب‪،‬والقصة القصيرة جدا عند السعودي علي حسن البطران‪ ،‬وأعزالم‬
‫الثقافة األمازيغية‪...‬‬
‫‪ -‬عنوان الباحث‪ :‬جميل حمداوي‪ ،‬صندوق البريد‪ ،1799‬الناظور‪،62000‬‬
‫المغرب‪.‬‬
‫‪ -‬جميزززل حمزززداوي‪ ،‬صزززندوق البريزززد‪ ،10372‬البريزززد المركززززي‪ ،‬تطزززوان‬
‫‪ ،93000‬المغرب‪.‬‬

‫‪67‬‬
0672354338:‫ الهاتف النقال‬-
0536333488:‫ الهاتف المنزلي‬-
Hamdaouidocteur@gmail.com:‫ اإليميل‬-
Jamilhamdaoui@yahoo.

68
‫الغالف الخارجي‬
‫يتناول هذا الكتاب مجموعة من الدروس والمحاضرات التي تندرج ضمن‬
‫مادة الديدكتيك‪ ،‬أو علم التدريس‪ ،‬أو مادة التربية الخاصة‪.‬ومن ثم‪ ،‬يتوجه‬
‫الكتاب إلى المكونين واألساتذة والطلبة المهتمين بقضايا التربية والتعليم‬
‫بصفة خاصة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يجمع هذا الكتاب المبسط والميسر مجموعة من‬
‫المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالديدكتيك‪ ،‬أو فن التدريس‪ .‬ويعني هذا أن‬
‫الكتاب تعريف بمجمل قضايا علم الديدكتيك ومجاالته‪ ،‬بالتوقف عند‬
‫مفاهيمه ‪ ،‬ودراسة مواضيعه المتشعبة‪ ،‬واستكشاف قضاياه المختلفة‬
‫والمتعددة‪ ،‬واستقصاء مرجعياته النظرية والتطبيقية‪.‬‬

‫‪69‬‬

You might also like