Professional Documents
Culture Documents
للتربية أصول وأسس متعددة تستند عليها وتستمد منها معارفها وتدخل معها في حوار جدلي علمي ينتج
عنه علوم ومعارف جديدة تصيف إلى الفكر اإلنساني مزيدا من التنوع والثراء وتساعد الباحثين والدارسين
على إمكانية القيام بأدوارهم على وجه صحيح ،ومنها أسس اجتماعيه ثقافية فلسفية نفسية ،المستمدة من
علم االجتماع وأنثروبولوجيا وعلم النفس والفلسفة ،ففهم التربية ال ينبغي أن يكون من زاوية الفرد وجده
دون زاوية المجتمع أو من زاوية المجتمع مجردا من عن حياة األفراد بل يكون متكامال يقوم على دراسة
عضوة بين الفرد وبيئته ،فالتربية ال يمكن تصورها من فراغ ،إذ تستمد مقوماتها من المجتمع و ما يحمله
من عالقات وتقاليد يتفاعل معها أفراده كما تهدف إلى تحويل الفرد من مواطن بالقوة بحكم مولده إلى
مواطن بالفعل يفهم دوره االجتماعي والسياسي في المجتمع الذي يعيش فيه.
ففي هذا العرض سوف نشرح أهم األسس التي تستند إليها التربية
أوال وظائف التربية :لنصل إلى أهداف التربية المرجوة يجب أن تُودى وظائف التربية بإتقان وعلى أكمل
وجه وهذه الوظائف لها مرجعية تتكئ عليها ،وماهي إال أسس للتربية ،ونذكر بعض وظائف التربية التي
-1نقل التراث الثقافي وتنقيحه وتبسيطه واإلضافة إليه وتطويره خدمة للجيل الجديد واألجيال القادمة.
-2المحافظة على المجتمع وضمانه استم ارريته وتطوره ،فاستمرار الحياة في المجتمع هو استمرار للفرد
ومدى تكيفه مع بيئته وهو استمرار للخبرة من خالل استمرار تجدد حياة الجماعة.
-3إبقاء حضارات المجتمعات ودوامها فلوال التربية الندثر تراث األمم والحضارات السابقة (الصينية،
اليونانية ،والرومانية).
-4تكوين أو انتاج الشخصية المتكاملة والمتوازنة للفرد من جميع النواحي الجسمية والعقلية والنفسية
واالجتماعية( .تكوين الفرد الصالح).
-5امداد المجتمع بحاجاته المن الكوادر الفنية والمهنية المعدة اعداد سليما كامال ،والمساهمة المباشرة في
زيادة اإلنتاج والتنمية سواء كان ذلك على مستوى الفرد أو الجماعة (وظيفة اقتصادية).
-6دعم االتصال بين بين األفراد والمجتمعات على حد سواء وذلك من خالل تأكيدها على ضرورة تعلم
لغة وطنية واللغات الحية ،ودورها في تشجيع على االنفتاح على األمم األخرى ،والتعاون معها (وظيفة
1
اتصالية).
-1األسس االجتماعية:
التربية تستمد الكثير من أهدافها ومناهجها ونظمها واساليبها وأصولها من المجتمع ومن ثقافته ومشكالته.
ومن خالل األوضاع االجتماعية يمكن فهم األصول االجتماعية للتربية ووظيفتها التي يميز علماء التربية
فيها بين اتجاهين أحدهما محافظ يقرر بان التربية عليها مسايرة األوضاع المجتمع كماهي ،واآلخر يرى
بان التربية وسيلة إلحداث التغير في البناء االجتماعي ،بغرض البحث عن أوضاع اجتماعية أفضل.
إن مجموعة العلميات التي يمر بها الطفل في تعامله مع المحيطين به من اكتساب وتشكيل وتغيير في
سلوكه وصوال إلى مكانته بين الناضجين ُيعرف بالتنشئة االجتماعية socialization ،ومعنى آخر
2
التفاعل التي يكتسب الطفل بواسطته شخصية اجتماعية تعكس ثقافته المتجمع الذي يعيش فيه.
1عمر أحمد همشري ،مدخل إلى التربية ،دار صفاء للنشر والتوزيع ،األردن ،2007 ،ط ،1ص 29
2أحمد فاروق محفوظ ،شبل بدران ،أسس التربية ،دار المعرفة الجامعية ،األسكندرية ،2005 ،ط ،5ص 62
فمن خالل هذه العمليات وهذا التفاعل يقوم المجتمع بجميع مؤسساته بتنشئة الصغار ،وجعلهم متحملين
ألدوارهم االجتماعية ،الفرد عندما يتشرب ثقافة مجتمعه يصبح وسيلة النتشارها ،بعد أن كان مستقبال لها
فقط ،ال تتوقف التنشئة االجتماعية على الطفل أو سن معين ،فالمهاجر مثال يحتاج تعلم طرق جديد
للحياة في مجتمع الذي هاجر إليه ،والمجند في الجيش ،هناك مشكالت ال تتدخل فيها عملية التنشئة
3
االجتماعية ،فمثال ال تفسر كيف نشأ المجتمع أو الجماعات البشرية ،ألن ذلك نتاج تطور تاريخي.
للمجتمع ،وال تهتم بتأثير األعضاء الجدد الوافدين للمجتمع او جماعات معينة ،ال تفسر الفردية المتميزة
التي توجد بين أفراد المجتمع.
يعرف فليب ماير وهو أنثروبولوجي التنشئة االجتماعية بأنها عملية غرس المهارات واالتجاهات
الضرورية للناشئ ،ليلعب األدوار االجتماعية المطلوبة ،منه في جماعة ما ،أو مجتمع ما .ويعرف
"الدور" نيوكوم بأنه الداللة للفرد الوظيفية في الجماعة أو الشخصية التي تكشف عن نفسها في نمط
السلوك الجماعي ،أي ال يمكن فصل التنشئة االجتماعية عن المهارات واالتجاهات التي تحدد دور الفرد
أو موضعه في المجتمع.
ويقول عالم االجتماع التربوي مسغراف MUSGRAVEأن أي جماعة مهما كان حجمها أو نوعها لها
توقعات من سلوك أفرادها وأن عملية التنشئة االجتماعية هي العملية اليت تتضح من خاللها الموقف
ويتأكد في سياقها توقعات األدوار التي تعلمها الفرد من خالل التنشئة االجتماعية ،اذن هو استقراء
4
بالنسبة لعلماء االجتماع.
-2األسس الثقافية:
نعني باألسس الثقافية بالنسبة للتربية تلك الحالة المتبادلة بين األوضاع الثقافية والتربوية في المجتمع ،أي
التأثير المتبادل بين األوضاع التربوية واألوضاع الثقافية داخل البناء االجتماعي ،ان الثقافة تشكل أحد
ركائز العملية التربوية وأكثرها أهمية ومن ثم فان النظام الثقافي للمجتمع كان وما يزال يشكل أبرز األسس
5
واألصول العلمية للتربية وأكثرها تأثي ار.
فالثقافة هي مجموعة أنظمة عاملة وفاعلة مع تطور المجتمع والدولة ،ولها خصائصها المكتسبة والفطرية
وعواملها المستقلة والتابعة ،وتواصلها بين الماضي والحاضر والمستقبل ،ومستوى انفتاحها وتعاونها المشترك
مع الثقافات اإلنسانية ،بالخصوصيات والعموميات المناسبة التي تحقق لها تطو اًر مادياً وغير مادي ،ألن
أوال :تبدأ الحالة التربوية واللبنة األساسية للتربية والسلوك الثقافي من األسرة ،وتبدأ المسؤولية العظيمة
والكبيرة لبناء شخصية الطفل؛ النفسية والعقلية ،وباالستعدادات المناسبة لها ،وهنا لعامل االكتساب
والفطرة أهمية بالغة لتحقيق التربية الصالحة من خالل المعلومة والسلوك الصالح ..لذا يتطلب اهتمام
الدولة والمجتمع باألسرة وبنائها من خالل وسائل اإلعالم والمؤسسات الصحية والتربوية والثقافية.
2-الحيلولة دون وقوع ازدواجية ثقافية وتربوية ،والتناقض بين الفرد واألسرة والمجتمع والدولة ،وذلك
بإتباع أفضل األساليب اإلنسانية للحيلولة دون خلق الصراع والكراهية والعنف ،حتى يصل الفرد من
خالله بتدمير ذاتيته أو شخصيته ،مما قد يؤثر على المجتمع والتأثير على استقراره وتماسكه.
3-االهتمام بتنمية القدرات التربوية والثقافية لدى الكادر التدريسي على كل المستويات وكل المراحل
الدراسية ،وبناء روح التعاون بين الطالب والمدرسة أو الجامعة ،وهنا للتدريب النظري والميداني أهمية
بالغة.7
إن مفهوم تاريخ التربية معالجة التربية من منظور التاريخية أن أنه تاريخ حركات المجتمعات البشرية
وأنشطتها في مجال التربية ،فتاريخ التربية جزء مهم وأساسي من موضوع التربية وال يمكن دراسة التربية
بدونه .وترجع أهمية تاريخ التربية إلى عدة أسباب أهمها:
-1معرفة تطور الفكر للتربوي الزم لكل من أراد أن يفهم نظريات واالتجاهات والنظم التربية فهي لم
تأت من فراغ وإنما وليدة مخاض تاريخي طويل وتجربة إنسانية بعيدة الجذور ،فالتربية الحديثة
انطلقت من التربية القديمة والتي تعد األصول التاريخية للتربية.
-2األهمية الحضارية وتأتي من دراسة حضارات الشعوب واألمم األخرى والتعرف على جوانبها
المختلفة إذ أن تاريخ التربية يساعد العملية التربوية في معرفة ما ورثته األمة عن الماضي وما
أعدته للحاضر وكيف تخطط للمستقبل.
-3كواجهة المشكالت التربوية فكثير من المشكالت التربوية المعاصرة ال يمكن فهمها إال في ضوء
دراسة العوامل والقوى التي أثرت عليها في الماضي.
المجتمع البدائي هو غير المتحضر والذي يتصف بالعزلة وقوة التضامن االجتماعي بين أف ارده ،إذ
يشترك أعلب أفراد في نفس المعرفة واالهتمامات ،حتى األنشطة نفسها الممارسة ،فكانت متطلباته
تتمحور حول اشباع حاجات كاألكل والشرب وكساء والمأوى واألمن ضد األرواح ،ولقلة المتطلبات لم
تكون هناك حاجة لمؤسسة تعنى بالتربية فكانت التربية من مهمة األسرة أو األكبر سنا أو األكثر نفوذا
كشيخ القبيلة مثال.
أنها مباشرة وغير مقصودة أو مخطط لها (األبوان ،األسرة ،الكاهن ،الرفاق) كانوا يقومون بعملية التربية.
التقليد والمحاكاة يقلد الناشئ عادات مجتمعه وطراز حياته تقليدا عبوديا ،ومعنى هذا أن التربية كانت
عبارة عن تدريب آلي على معتقدات الزمرة االجتماعية.
التدرج والمرحلية ففهي الطفل ينتفل بتعلم أشياء معية حسب المراحل المختلفة فمثال من تعلم اللغة إلى
8
تعلم جمع الطعام إلى مرحلة الرعي وهكذا ...
8عمر أحمد همشري ،مدخل إلى التربية ،دار صفاء للنشر والتوزيع ،األردن ،2007 ،ط ،1ص 44-43
اللين كان المجتمع لين اتجاه الطفل في عملية تربيته باستثناء الطقوس الدينية لسبيين فكانوا يعتقدون أن
القسوة والضرب مهين للطفل والسبب الثاني يعتقدون أن االفراط في الضرب يجل روح الطفل قلقه داخل
9
جسده أن روحه.
9عمر أحمد همشري ،مدخل إلى التربية ،دار صفاء للنشر والتوزيع ،األردن ،2007 ،ط ،1ص 45
10كمال بوطورة ،فلسفة التربية ،كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة العربية التبسي-تبسة2022 ،ص 12
11مرجع سابق ،ص .34-33
12مرجع سابق ص 48
جيل محب لآللهة وفي أثينا كان الغرض من التربية تكوين فدر لذاته ليصل درجة الكمال الجسمية
والعقلية ،أما أغراض التربية اإلسالمية فهي دينية تعنى بالدرجة األولى إرضاء هللا عز وجل والدنيوية
تعنى بإعداد المسلم قادر على آداء رسالته بممارسة الحياة وكسب العيش بفعالية.
اذن تختلف أغراض التربية باختالف الفالسفة والعلماء فمنهم من يرى أن غرض التربية هو تربية العقل
والوصول به إلى درجة الكمال بينما ترى فئة أخرى تربية خلق قويم ،وفئة ثالثة ترى أن العرض هو
الوصول بالفرد إلى الكمال المطلق ليصبح فردا فعاال في المجتمع ،إن أغراض التربية كلها تتمحور حول
13
االنسان كيفية إعداده ليساهم في بناء المجتمع المتواجد فيه.
-5األسس النفسية:
اإلنسان بحاجة إلى إشباع الحاجات المادية والمعنوية .ما زال المربون في ميدان التربية يعتبرون نظرية
العالم النفساني األمريكي إبراهام ماسلو (1970-1908( )Abraham Harold Maslowم) من
النظريات النفسية الهامة الجديرة بالدراسة لكل المعلمين والمعلمات .لإلنسان حاجاته النفسية مثل حاجة
الشعور باألمن كما يقول ماسلو في هرمه المشهور "هرم الحاجات" ولذلك فإن التربية يجب أن تراعي تلك
الحاجات النفسية واالجتماعية والبيولوجية كي يشبعها اإلنسان.
أشار ماسلو إلى الحاجات التالية:
-1الحاجات الفسيولوجية مثل الحاجة للطعام والشراب والكساء والسكن والزواج وهي الحاجات الضرورية
الستمرار بقاء اإلنسان على قيد الحياة .فإذا أمن اإلنسان ضرورات حياته المعيشية فسيبدأ بالبحث عن
تحقيق غاية أو حاجة أخرى أعلى في الهرم.
-2حاجات األمن في النفس والمسكن والوظيفة .إن تهديد اإلنسان في معاشه هو تهديد لحاجة أساسية في
حياته وكلما ضمن اإلنسان من خالل اللوائح والقوانين كفالة حقه في توفير حاجاته الضرورية كلما ازداد
شعوره باالرتياح النفسي .حتى في مرحلة البداوة فإن هذه الحاجات تشبعها القبيلة بنظامها المبني على
التكافل ألبناء القبيلة.
-3حاجات االنتماء للجماعة والمجتمع وتحقيق التوافق مع اآلخرين من خالل الحب والمودة والبر .وفي
هذه المرحلة يمكن استنباط قاعدة اجتماعية تُعد من أهم األصول التربوية وهي أن اإلنسان اجتماعي بالطبع
يميل إلى التجمع والتفاعل مع اآلخرين.
-4حاجات التقدير من كلمات ثناء وألقاب التكريم والتشريف .هذه الحاجة،كغيرها من الحاجات ،يجب أن
يتم إشباعها في محيط العائلة والمدرسة والمؤسسات التي يتعامل معها الفرد وفي بعض األحيان شهادة
14
التقدير قد تكون لها قوة في التأثير كحافز أكبر وأكثر في النفس من استالم الجوائز المادية.
13كمال بوطورة ،فلسفة التربية ،كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة العربية التبسي-تبسة ،ص 48
14بدر محمد ملك ،لطيفة حسين الكندري ،األصول النفسية للتربية2024-02-25 ،www.geocities.ws ،
-5حاجات تحقيق الذات الرضا عن النفس والشعور بقدر كبير من السعادة الذاتية بعد تحقيق األهداف.
وهكذا فإن ثناء اآلخرين والحصول على المادة ال يمكن أن توفر السعادة في النفس ما لم يشعر اإلنسان
بأن تقديره لنفسه من مصادر سعادته.
برز ماسلو في الستينات من القرن العشرين كرائد من رواد علم النفس اإلنساني ويعتبر علم النفس اإلنساني
مقدمة هامة تربوياً لفهم طبيعة اإلنسان وفهم حاجاته .يؤكد ماسلو في نظريته على أن اإلنسان كلما حقق
حاجاته األولية فإنه يتطلع إلشباع حاجة أعلى فيتنقل من مرحلة إلى أخرى على التوالي إلى أن يشبع
حاجاته من خالل تحقيق ذاته والكثير من أهدافه.
تؤكد نظرية ماسلو على أن الحاجة إلى األصحاب والحاجة إلى التقدير واالحترام في محيط األسرة والمدرسة
ومركز العمل من الحاجات األساسية لإلنسان وأن االنتماء إلى األندية والجمعيات والنقابات ليس باألمر
الكمالي في حياة اإلنسان فهذه الحاجات تغذي نفسه من ناحية االنتماء إلى اآلخرين .وجد ماسلو من خالل
مالحظته لبعض الشخصيات التاريخية البارزة أن قلة من الناس هم الذين يصلون إلى مرحلة تحقيق
الذات ،وهذه المرحلة بحاجة إلى عمل دائم ألنها عملية مستمرة تتصف بالنمو والديمومة وتستدعي الحفاظ
على مستوى الصحة النفسية واإلنجازات التي سبق أن حققها الفرد .أكد ماسلو على الحاجات الفسيولوجية،
وحاجات األمن ،وحاجات االنتماء وحاجات التقدير وحاجات تحقيق الذات.
يحتاج المعلم إلى فهم هذا الهرم النفسي ألنه سيتعامل مع مجموعة من الطالب ممن قد يكون منهم من
يفتقد األمن في البيت أو المدرسة أو يدفعه الفقر والحاجة إلى إهمال الدروس فال ينتبه في الفصل .سيالحظ
المعلم أن بعض طالبه في مراحل متفاوتة في هرم ماسلو فقلة الموارد أو فقدان األمن من األسباب المؤدية
إلى انخفاض التحصيل الدراسي للطالب وضعف مشاركته في الفصل وهناك نظريات كثيرة تشبه نظرية
ماسلو استخدمها علماء اإلدارة .يؤكد بعض الباحثين وعلى رأسهم ستيفن كوفي على أن اإلنسان بحاجة
إلى إشباع الحاجات التالية:
الحاجة المعيشية الخاصة باستم اررية الحياة والبقاء
للحب
للتعلم
لإلنتاج والعطاء
عندما يولد الطفل يحتاج إلى الحاجات الضرورية البيولوجية العضوية مثل الغذاء والماء والهواء والمناخ
اآلمن ثم بعدها يحتاج إلى الشفقة والرحمة فإذا كان محروماً من الشفقة والرحمة فإنه ال يصبح شخصاً
15
سوياً بل يصير قاسياً مثل زياد بن أبيه والحجاج في تاريخنا أو نيرون في تاريخ روما .في المرحة الثالثة
15بدر محمد ملك ،لطيفة حسين الكندري ،األصول النفسية للتربية2024-02-25 ،www.geocities.ws ،
يكون الطفل بحاجة إلى التعلم ليعرف أهله وما حوله بعد هذه المرحلة فإنه يحتاج إلى العطاء بعد األخذ
وهي مرحلة التعليم بعد التعلم فيترك اإلنسان بصمته على أبنائه ومن حوله .مرحلة العطاء هي ثمرة
16
الحاجات األولى وغاية الفرد في أن يساهم في استم اررية العطاء اإلنساني.
ال ريب أن المسلم يشبع حاجاته العضوية والنفسية واالجتماعية والعقلية دون اإلخالل بجانب على حساب
جانب وتكون عملية إشباع الحاجات والغرائز في ظالل اإلسالم الذي ينظم كيفية إشباع الحاجات باعتدال
دون إفراط وال تفريط.
واإلنسان السوي ال يكبت أو يقمع حاجاته المادية والمعنوية بالرهبنة مثالً ولكن ينظم ويوجه العملية كما
أراد الخالق سبحانه دون إسراف وكما قال الحق جل ثناؤه في سورة اإلسراء َ"وال تَ ْج َع ْل َي َد َ
ك َم ْغُلوَل ًة إَلى
ور ( .")29وقال في سورة األنعام َ"و ُه َو َّالذي أ َْن َشأَ َجنَّات وما َم ْح ُس ًا
ط َها ُك َّل اْل َب ْسط َفتَْق ُع َد َمُل ً
ُع ُنق َك َوال تَْب ُس ْ
ُكُل ُه و َّ الن ْخ َل و َّ
ان ُمتَ َشاب ًها َو َغ ْي َر ُمتَ َشابه ُكُلوا م ْن ثَ َمره الزْيتُو َن َو ُّ
الرَّم َ ع ُم ْخ َتلًفا أ ُ َ
الزْر َ وشات َو َّ َ وشات َو َغ ْي َر َم ْع ُر َ
َم ْع ُر َ
صاده وال تُ ْسرُفوا إَّن ُه ال ُيح ُّب اْل ُم ْسرف َ َّ
ين (.")141 إ َذا أَ ْث َم َر َوآتُوا َحق ُه َي ْوَم َح َ
إننا نعتقد أن الحاجات النفسية في المنظور اإلسالمي يجب أن تنسجم مع غايات التربية اإلسالمية ويجب
أن تعين اإلنسان على تحقيق غاية الطاعة وهي ال تكون إال بثالثة محاور تتمحور حول ثالث كلمات
جوهرية وهي االقتصاد واالعتقاد واالجتهاد وفيما يلي بيان لها:
)1االقتصاد في االستمتاع بالملذات ومصالح أمور الدنيا والسعي في توفير الحالل من المأكل والمشرب
والمسكن والمركب وهي الضرورة البيولوجية وما يرتبط بها من متطلبات مادية دنيوية تنتهي بحسن االستفادة
من البيئة بتعميرها ال تدميرها.
)2االعتقاد باهلل وحده واالعتماد على أوامره ونواهيه في األمور كلها.
)3االجتهاد في تطبيق مكارم الشريعة والتعامل مع النفس والناس وفق ميزان العدل واإلحسان.
تهتم النظرية اإلسالمية بالجسد والحاجات المادية فيتم اإلشباع بالحالل وتهتم أيضا بالحاجات الروحية
السامية وذلك بتهذيب النفس وتحقيق السعادة الروحية كفرد وجماعة .لم يأت اإلسالم لكبت وقمع الطاقات
اإلنسانية إنما جاء لتنظيم حياة الفرد والمجتمع ليعيش كريماً كما أراد هللا له أن يعيش "أَال َي ْعَل ُم َم ْن َخَل َق
يف اْل َخب ُير {( "}14سورة الملك) .وبهذا لن يكون المسلم عبداً لشهواته فهو يتحكم بها وال تتحكم َّ
َو ُه َو اللط ُ
به وبهذا أيضا تتميز النظرة اإلسالمية عن غيرها من النظرات في أنها واضحة تتحد فيها الغايات مع
17
الوسائل في منهج واحد اختاره هللا عز وجل وارتضاه لعباده وعلى رأسهم األنبياء عليهم السالم.
16بدر محمد ملك ،لطيفة حسين الكندري ،األصول النفسية للتربية2024-02-25 ،www.geocities.ws ،
17المرجع نفسه.
خاتمة
من خالل تطرقنا إلى أسس التربية وأهدافها ووظائفها نجد أن دور التربية في المجتمع بالغ األهمية في
إعداد فرد يساهم في بناء مجتمع والمساهمة في قيادته نحو النمو والتطور الرقي ،والنهوض به إلى مصاف
البلدان المتقدمة ،فالتفاعل الذي يحدث بين الفرد داخل مجتمعه الذي أساسه القيم التربوية التي اكتسبها
هو الذي يوجه البالد إما إلى البقاء واالستمرار او الفناء كما حدث مع أمم اندثرت.
قائمة المراجع
-1أحمد فاروق محفوظ ،شبل بدران ،أسس التربية ،دار المعرفة الجامعية ،األسكندرية ،2005 ،ط5
-2علي اسعد وطفة ،أصول التربية ،لجنة التعريب والتأليف والنشر جامعة الكويت.2012 ،
-3عمر أحمد همشري ،مدخل إلى التربية ،دار صفاء للنشر والتوزيع ،األردن ،ط.2007 1
-4كمال بوطورة ،فلسفة التربية ،كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،جامعة العربية التبسي-تبسة.2022 ،
-5بدر محمد ملك ،لطيفة حسين الكندري ،األصول النفسية للتربية2024-02-25 ،www.geocities.ws ،
خطة بحث
1األسس االجتماعية
-2األسس الثقافية
-3األسس التاريخية
-4األسس الفلسفية
-5األسس النفسية
خاتمة