Professional Documents
Culture Documents
أصول التربية
المرحلة األولى
1
الفصل األول
التربية – مفهومها -دالالتها -وظائفها
مقدمة:
منذ أن وجد اإلنسان على األرض عرف التربية ,ورغم اختالف أساليب معرفته
وتنوع طرائقها على مر العصور وعبر األجيال ,فقد عرفها بأبسط صورها وهو يعيش
في األدغال والكهوف والوديان وكان دائم التفاعل مع الكون بما فيه حتى يتمكن من
الحياة واالستمرار فيها .وكانت تربية اإلنسان حينذاك تربية مباشرة يمارسها الفتى عن
طريق محاكاة والدة ,والفتاة عن طريق تقليد والدتها في إدارة أمور المنزل وأداء
األعمال اليومية ,وكانت العالقات االجتماعية بسيطة أسلوبها التعامل المباشر ,ولما
توالت األيام وكثر الناس وتعددت احتياجاتهم شرعوا إلى بناء المنازل وأقاموا المدن وبنو
الحضارات بما اهتدوا إلية من علم وفكر وفن ,يعلمونه ألبنائهم وهؤالء بدورهم
يضيفون إليه بما ابتكروه ومع األيام تطورت الحياة وتباينت نظمها واختلفت طرقها في
تشكيل شخصية الفرد وتكوين اتجاهاته وقيمه .
ولما كان اإلنسان هو الكائن الذكي والواعي والمفكر والمتطور والمتجدد وهو بالتالي
دائم التغيير هدفه أن يعيش حياة أفضل .وهذه هي حركة التربية في مجتمعات البشر
منذ القدم .
عرفها عالم النفس هنري جولي ( :مجموعFة الجهFود الFتي تهFدف إلى أن تيسFر للفFرد -1
االمتالك الكامل لمختلف ملكاته وحسن استخدامها ) .
عرفه FFا ع FFالم االجتم FFاع دركه FFايم ( :بأنه FFا العم FFل ال FFذي ُتحدث FFه األجي FFال الراش FFدة في -2
األجيال الناشئة من اجل الحياة االجتماعية ،وتهFدف إلى تأسFيس وتنميFة عFدد من العFادات
2
الجسدية والعقلية واألخالقيFة الFتي يطFالب بهFا المجتمFع السياسFي والوسFط االجتمFاعي الFذي
يعدله ) .
وأمFFا في التصFFور اإلسFFالمي فهي ( :مجموعFFة من القيم والمفFFاهيم الFFتي تترابFFط فيمFFا -3
بينها ضمن إطار فكري يستند إلى التصورات المطروحFFة في الكتFFاب والسFFنة حFFول الكFFون
واإلنسان ) .
من كل ما جاء أنفـا يمكن أن نخلص تعريفا للتربية على أنها ( عملية تشكيل وإ عداد
أفراد إنسانيين في مجتمع معين الن التربية تعد الوسيلة األساسية التي بها ينتقل الفرد
من مجرد فرد بيولوجي إلى إنسان يشعر باالنتماء والوالء لمجتمع له قيم وعادات
واتجاهات وأمال وأالم ,فمن خاللها تتم عملية توجيه طاقات الفرد ونموه بمختلف
الوسائل والطرائق المحددة األهداف والمخططة اإلجراءات ,والتي تتم في األسرة
والمدرسة والمؤسسات التربوية األخرى ) .
* وظائف التربية :توجد للتربية وظائف كثيرة لكننا سوف نذكر أهمها وكما يلي :
التربية هي عملية إعداد العقل السليم :وظيفتها تنمية العقل السليم وأن سلوك -1
اإلنسان إنما يتأتى من خالل معرفته .
التربية عملية حفظ التراث ونقله عبر األجيال :ووظيفتها هنا تكمن في نقل -2
المعارف والمهارات من جيل الكبار إلى جيل الصغار.
التربية عملية استغالل للذكاء اإلنساني :ووظيفتها هنا تكمن في اكتشاف أدوات -3
المعرفة والذكاء هو ابرز تلك األدوات بال شك .
التربية عملية استثمار اقتصادي :فهي حسب هذا المفهوم عملية اقتصادية لها عائد -4
ومردود مثلها مثل األموال التي تستثمر في مشروع اقتصادي لها مردود هو الربح .
التربية عملية اكتساب خبرة ,ومحور هذا المفهوم للتربية يرتكز على مبدأ التعلم -5
بالعمل والممارسة والتعلم الذاتي .
3
التربية عملية تهدف إلى تكيف الفرد مع المجتمع :ووظيفتها العمل على تكيف الفرد -6
وفق القيم والتقاليد والعادات السائدة في ذلك المجتمع الذي ينتمي إليه الفرد ويتفاعل
معه .
:
بالرغم من محاولة كثير من المربين قديمًا وحFديثًا تعريFف التربيFة بتعريFف جFامع إال
أنهم اختلف FFوا في ذل FFك اختالفًFFا كب FFيرًا ،نظ FFرًا الختالفهم في تحدي FFد اله FFدف من التربي FFة من
جهFFة والختالفهم في تحديFFد أهFFداف المجتمFFع من جهFFة أخFFرى ،ولكن على الFFرغم من ذلFFك
نجد أن هناك مجموعة من األهFFداف تكFFاد تكFFون مشFFتركة بين اغلب تعريفFFاتهم ،ومن تلك
األهداف :
-1تك CCوين الم CCواطن الص CCالح :أي تكFF Fوين الشFF Fخص الFF Fذي يمتثFF Fل لألوامFF Fر والنFF Fواهي
والقوانين في المجتمع من محض إرادته 0
-2النمو الكامل للفرد :فالتربية ُتعد الفرد إعFدادًا يؤهلFه كي يكFون متكFامًال من النFواحي
الجسدية والعقلية واالنفعالية والخلقية والحركية 000الخ 0
-3بناء شخصية الفCرد :حيث تعمFFل التربيFFة على تكFFوين السFFلوك وتوجيهFFه لبنFFاء الفFFرد
في المجتمع من جميع النواحي 0
-4تحقيCCق الكفايCCة اإلنتاجيCCة :حيث يتم الوصFFول للكفايFFة اإلنتاجيFFة عن طريFFق الخطFFط
الموضFFوعة لزيFFادة إنتFFاج المصFFانع والFFثروة الحيوانيFFة والصFFناعية والطبيعيFFة وذلFFك بإنشFFاء
المدارس المتخصصة إلعداد أشخاص مؤهلين لذلك 0
-5مسCCاعدة الفCCرد على التكيCCف :وذلFFك بإكسFFابه االتجاهFFات الFFتي تفيFFده في التكيFFف مFFع
بيئته الطبيعية واالجتماعية 0
4
المفهوم الحديث للتربية :وينقسم إلى قسمين هما -:
أوال /مفهوم التربية المتكاملة :وتعني التربية التي تعمل على تنمية شخصية الفرد
بشكل متكامل ومن كافة الجوانب واألبعاد ,والمفهوم الحديث للتربية يأخذ في اعتباره
النظرة المتكاملة لشخصية اإلنسان من خالل االهتمام بأبعاد شخصيته في تكامل
وتوازن ,فاإلنسان عقل وجسد وعاطفة ,له قيم ويتذوق الجمال ويعيش في مجتمع له
طموحات ومصالح وهذا المجتمع ينمو ويستمر من خالل نمو شخصيات أفراده ,وللتأكيد
على اهتمام التربية الحديثة بنمو الشخصية المتكاملة للفرد نورد أبعاد تلك الشخصية
بشيء من االختصار- :
البعد الجسمي -2 .البعد العقلي -3 .البعد االنفعالي -4 .البعد األخالقي . -1
-5البعد االجتماعي -6 .البعد الديني -7 .البعد الجمالي .
* أهداف التربية المتكاملة /للتربية المتكاملة مجموعة أهداف منها ما يلي -:
تحقيق التكامل بين الفرد والمجتمع ,فال تغالي في تربية الفرد على حساب -1
المجتمع ,أو العكس .
تحقيق التكامل بين أبعاد شخصية الفرد فال تهتم في جانب على حساب الجانب -2
األخر.
توفير مناخ مدرسي يرتكز على أساس ديمقراطي يشجع الفرد المتعلم على تفجير -3
طاقاته ,ويفسح المجال له للتعاون مع أقرانه .
الفصل الثاني
5
لقد مر الفكFر الFتربوي بمراحFل وأزمنFة وعصFور عديFدة تطFور من خاللهFا واكتسFب
المعنى األصلي لFFه هFو وغFFيره من العلFFوم والمعFFارف األخFرى الFFتي بFFدورها تنمFFو وتتطFFور
وتكتسFب الحقFFائق والدقFة وتبتعFFد عن األخطFFاء والغمFFوض ,فكلمFFا جFاء جيFFل عFFالج المفهFFوم
الذي كان عليه الجيل السابق مع االجتهاد في تحسينه وتطويره .
إن دراسة تاريخ التربيFة يعتFبر مهمًFا للتربيFة المعاصFرة ،ألنهFا تظهFر حركFة المجتمFع
وتفاعالتFFه وتFFأثيره على التربيFFة ,فFFالكثير من المشFFكالت المعاصFFرة ال يمكن فهمهFFا إال في
ضوء دراسة العوامل والقوى التي أثرت فيها في الماضي .
بما أن العملية التربوية بدأت مFFع بFFدء الحيFFاة اإلنسFانية ,فمعرفFة تFFاريخ التربيFFة ال ينحصFFر
بمFF Fا دونFF Fه المؤرخFF Fون الن تطFF Fور التربيFF Fة وتاريخهFF Fا الطويFF Fل النهايFF Fة لFF Fه ويتعFF Fدى الكتب
والمجلدات بل انه كان قبل ظهور الكتابة .
إن دراسة البعد التاريخي أو األصول التاريخية يساعد العملية التربوية في معرفة :
-1ما ورثته األمة من الماضي وما أعدته للحاضر وكيف تخطط للمستقبل .
-2مواجهة المشكالت التربوية المختلفة في ضوء معالجة المشكالت القديمة المماثلة .
-3دراسFة المفFFاهيم التربويFFة الFFتي كFFانت متبعFFة قFديمًا والنظFFر في نتائجهFFا واالسFتفادة منهFFا
والعمل على تطويرها في الوقت الحاضر .
البد لكل من يعمل في الحقل التربوي أن يكون لديه قدر من المعرفة بتطور مفهوم
التربية عبر العصور التاريخية الطويلة الن فهم معنى التربية ومتابعة مراحل التطور
التي مرت به منذ أقدم العصور حتى الوقت الحاضر يساعد على تكوين إطار نظري
6
لدى المربين يستند إلى األسس التاريخية للنظريات التربوية المختلفة ,وهنا سوف نقوم
بعرض مبسط حول تطور مفهوم التربية عبر العصور المختلفة -:
امتازت التربية في المجتمعات البدائية ببساطتها ,حيث كانت تتم بصورة غير
مقصودة ( عفوية ) وكانت وسائلها بدائية ومطالبها قليلة ال تعدو سوى إشباع حاجات
الجسم من طعام وشراب وكساء ومأوى ,وكانت التربية آنذاك تعتمد على المحاكاة
والتقليد وكان الناشئ يقلد عادات مجتمعه وطراز حياته تقليدًا عفويًا خالصًا ,ونظرًا الن
المتطلبات الحياتية لم تكن معقدة وكثيرة فلم تكن هناك مؤسسة أو مدرسة تقوم بنقل
التراث حيث كان يقوم بالعملية التربوية أو التعليمية وعملية تكيف األفراد مع البيئة
الوالدان أو العائلة أو احد األقارب ,وفي أواخر المرحلة البدائية كان يقوم بها الكاهن أو
رئيس القبيلة ,ومن هنا نجد أن التربية البدائية تنقسم إلى قسمين هما -:
-1التربية العملية ( المرئية ) أي التي تنسب إلى عالم المرئيات /وهي تقوم على
تربية قدرة اإلنسان الجسدية لسد الحاجات األساسية من مأكل وملبس ومأوى وكان يقوم
بها الوالدان واألسرة .
-2التربية النظرية ( غير المرئية )أي التي تنسب إلى عالم الغيبيات /وهي التي يقوم
بها الكاهن أو شيخ القبيلة من خالل إقامة الحفالت والطقوس المالئمة لعقيدة الجماعة
المحلية وأنشطة العبادة والنواحي الروحية التي كانت تعطي اإلنسان البدائي األمن
والطمأنينة .
-1إنها تمثل يقظة العقل البشري وإ حساسه المبكر بضرورة نقل الخبرة من جيل ألخر
يحتاج إليها .
7
-2يغلبها الطابع العملي حيث كانت تقوم على تنمية قدرات اإلنسان الجسدية للحصول
على ضروريات الحياة .
-3لقد كانت بسيطة في محتواها وكانت تجري بصورة عفوية وغير مقصودة فقد كان
األطفال يتعلمون ما تعلم أبائهم وأهليهم أو أفراد القبيلة بالتلقين أو المشاهدة أو التقليد .
-4كانت العملية التربوية تتميز بالتوزيع ,أي أن المجتمع ككل كان يقوم بعملية التربية
وذلك لعدم وجود مؤسسات تربوية مسؤولة عن التربية وكان يتولى تلك العملية األبوان
أو األسرة أو رئيس القبيلة .
- 5أهدافها واضحة للجميع فهي ال تتعدى تدريب الفرد للحصول على ضروريات الحياة
وتحقيق االنسجام بين الفرد وبيئته المادية والروحية .
-6كانت متدرجة ومرحلية فكان الطفل يتدرب على شيء معين يزداد ذلك الشيء في
األهمية مع تقدم عمر الطفل حتى يبلغ مرحلة الشيخوخة .
نتيجًة لتطور الحياة وتعقدها أصبح من الصعب على الوالدين أو العائلة القيام بعملية
التربية ,ومن هنا نشأت مهنة جديدة هي مهنة المربين أو اإلطار الذي يرضى عنه
المجتمع ,وكانت العملية التربوية تتم في الساحات العامة أو أماكن العبادة إلى أن
تطورت األمور ونشأت المدارس النظامية ,ومع هذا التحول والتطور ظهرت الكتابة
وبدأت الحضارات تسجل نظمها وقوانينها وشرائعها ومن هنا وصلت إلينا بعض
المعلومات عن تلك الحضارات القديمة وأساليبها التربوية وطرقها في نقل التراث
وتطبيع األفراد بطابع الجماعة .وسوف نتطرق إلى بعض الحضارات القديمة ومنها ما
يلي -:
8
أوًال /التربية في حضارة وادي الرافدين :
تمت FFد ج FFذور المعرف FFة والتعليم في حض FFارة وادي الراف FFدين إلى فج FFر الت FFاريخ ,إذ ب FFدء
التFF Fدوين ألول مFF Fرة في تFF Fاريخ البشFF Fرية في منتصFF Fف األلFF Fف الرابFF Fع قبFF Fل الميالد ,ولعب
الع FFراق دورًا ب FFارزًا في نق FFل مش FFعل الحض FFارة إلى خ FFارج رقعت FFه الجغرافي FFة ع FFبرالمراكز
الحضارية في سFومر وأكFد الFتي ظلت ثقافتهFا مزدهFرة على مFدى مFا يقFارب من ()3000
سFFنة ,وقFFد دل مسFFح النصFFوص الFFتي يمكن إرجاعهFFا لأللFFف الثFFالث قبFFل الميالد إلى وجFFود
مFFدارس رسFFمية في وادي الرافFFدين في فFFترة تسFFبق ظهFFور األزمنFFة البابليFFة القديمFFة ,كمFFا
ظهFF Fرت في عصFF Fر حمFF Fو رابي مFF Fدارس لنسFF Fخ الكتب وتعليم الناشFF Fئة ,ولقFF Fد أسسFF Fت أول
مدرس FFة في الع FFالم في بالد م FFا بين النه FFرين وغ FFدا التعليم نظاميًF Fا في بالد س FFومر بع FFد أن
ازدادت المدارس زيادة ملحوظة
وفي أوائل القرن العشرين تم اكتشاف عدد من األلواح المدرسية كانت مادتها تتحدث عن
اإلدارة واالقتصاد ,كما تظهر األلواح أن الذين مارسوا فن الكتابة كانوا باآلالف ,وقFFد
مFFدتنا االكتشFFافات األثريFFة بمFFا يتعلFFق بالمدرسFFة في بابFFل القديمFFة ,إذ بينت أن فيهFFا غرف ًFا
واسFعة تحتFل وسFطها مصFطبات واطئFة من الحجFر تسFع الواحFدة منهFا الثFنين أو ثالثFة أو
أربعة طالب ,وكانت تنشر مجموعة من األلواح لممارسة الكتابة .
وقد عرف العراقيون القدماء علوم عديدة منها ( علم الجغرافية ,الرياضيات ,
الحيوان ,الالهوت ,النبات ,التعدين ,وعلم اللغة فضًال عن اآلداب ) .
وكانت رواتب المدرسين تدفع من احور الطالب ,وان التعليم كان مقتصرًا على
األغنياء وعدد قليل من الفقراء ,وقد كان للمرأة نصيب من التعليم إذ دلت االكتشافات
أن الكثير من النساء في العصور البابلية كن متعلمات ,أما نظام التعليم فقد كان صعبًا إذ
كان على الطالب أن يواظب على دروسه يوميًا من الشروق وحتى المغيب وسنين
9
الدراسة كانت طويلة وكان على الطالب أن يالزم المدرسة منُذ صباه إلى أن يصبح شابًا
وكان مدير المدرسة يدعى( أب المدرسة ) وكان يلقب باألستاذ احترامًا له وكان ينظر
إليه بعين اإلجالل والوقار ,أما المعلم فكان يتمتع بمركز اجتماعي مرموق فهو أعلى
من الكاهن والضابط والوالي ويلقب بالعالمة أو األستاذ ,أما التالميذ فكانوا يسمون
أنفسهم (أبناء المدرسة ) وكانوا يتمتعون أيضًا بمكانة محترمة في المجتمع ,أما في ما
يخص المكتبات فقد كانت منتشرة في كل المدن اإلقليمية تقريبًا وعلى مسافة منتظمة لكل
مكتبة وكانت توجد مدرسة للنسخ ملحقةُ بها وقد تم العثور على اكبر مجموعة من
األلواح والتي كانت تتمثل بالمكتبة الخاصة بأشور بانيبال في نينوى إذ عثر على (
)2500لوحة سليمة ومحكمة في مجموعته .
اهتم المصريون القدماء اهتمامًا كبيرًا بالتربية اذ كانوا يرون ان المعرفة وسيلة لبلوغ
الثروة والمجد .ونظرًا لتعقد المجتمع والحياة المصرية القديمة كان البد البن وادي النيل
أن يتقدم خطوات ابعد من اإلجراءات التربوية البسيطة التي كانت موجودة في مجتمعات
اقل في المستوى الحضاري وبسب ذلك التعقد ايضًا لم يكن في المستطاع أن يكتسب
الفرد الخبرات الالزمة لخلقه عنصرًا في المجتمع من مجرد عمليات تقليد الكبار ولهذا
كان البد من وجود نظامًا مدرسيًا وتعليمًا أرقى ,حيث فتحت المدارس والمعاهد العلمية
التي طرق أبوابها التالميذ ليكتسبوا الخبرات الثقافية والتكنولوجيا الالزمة لمجتمع ضرب
سهمًا وافرًا في التقدم الحضاري وخاصة في ميدان الصناعة ,وان غرض المدارس
بصورتها النظامية كان أكثر اهتمامًا باألمور المتعلقة بتعلم اللغة واألدب وقد اخضع
الكهنة لنفوذهم الفنون والحرف ومختلف األنشطة األخرى في الدولة ولم تكن هذه الفنون
والحرف والتعلم في المدارس متاحة لكل من يريد تعلمها ,وقد كان النظام التربوي
آنذاك يقسم إلى ما يلي -:
10
-1مرحلة تعليم أولية لألطفال في مدارس ملحقة بالمعابد .
-2مرحلة متقدمة وهي عبارة عن مدارس نظامية يقوم بالتعليم فيها معلمون مختصون
إال إنها كانت تقتصر على أبناء الفراعنة والطبقة األولى والخاصة .
-4مرحلة التعليم العالي حيث كان لديهم جامعات تدرس علوم الرياضيات والفلك
والطب والهندسة .
كما يمكن تحديد اهتمامات التعليم المصري القديم بثالثة أبعاد هي -:
* التدريب المهني :الذي كان يهدف إلى إكساب الفرد مهارات من فروع الحياة
العملية .
* تعليم الكتابة :وذلك لما للكتابة من أهمية وللكاتب من قيمة في ذلك العصر .
* التوجيه األخالقي :فالمجتمع المصري القديم يهتم جدًا بالجانب ألقيمي واألخالقي إذ
كانت كتاباتهم مليئة باألخالق والحكم .
أما أهم أهداف التربية المصرية القديمة فيمكن إجمالها بما يلي -:
11
وبهذا نجد أن من أهم خصائص التربية المصرية القديمة أنها تربية نظامية صارمة ,
متنوعة ,واقعية ,قاصرة على القلة القادرة وخاضعة لسيطرة الدولة وطبقة الكهنة .
- 1تربية محافظه هدفت إلى الحفاظ على العادات والتقاليد الماضية دون المساس بها أو
محاولة تغيرها .
-2التعليم فيها أهلي لقاء اجر ويعتمد التلقين اآللي والقوة أساس لالنضباط .
تعتبر الصين من الدول المتشددة في المحافظة على القيم والتقاليد لذلك لم تتغير
اغلب مفاهيمهم ,فالتراث لديهم مقدس وال يتغير كما أن الشعب الصيني امتاز بخضوعه
التام للتقاليد وجزئياتها وبتقديسه لها وبصورة كلية واستمر هذا الشعب ولفترة زمنية
طويلة على الخضوع للماضي ,فقد خضعت التربية بنظمها ومادتها وأساليبها وأهدافها
خضوعًا كليًا للتقاليد القديمة واتصفت نتيجة ذلك بروح المحافظة ومقاومة التجدد ,وظل
األمر كذلك إلى أن جاء (كونفوشيوس) الذي ظهر كمصلح عظيم عام ( 478 -551ق .
م) والذي عرف عنه انه عقل راجح ,حيث اوجد مفهومًا جديدًا للتربية يهتم بدراسة
الفضيلة وخدمة األقارب وأشياء كثيرة في شؤون الفلسفة الروحية وكان ذلك يتم عن
طريق المدارس التي كانت تهتم بنظام االمتحانات التي يدخلها التلميذ .وقد حددت
تعاليمه السياسية واالجتماعية واألخالقية ويطلق عليها( العالقات الخمس) وهي -:
12
-1عالقة الحاكم بالمحكوم -2 .عالقة األب بابنه -3 .عالقة الزوج بزوجته.
كما أكد على الفضائل الخمس وهي ( اإلحسان ,العدالة ,النظام ,الحزم ,
اإلخالص ) ومن آراءه أن اإلنسان خير بطبعه وليس بشرير وان هدف التربية االحتفاظ
بطبيعة اإلنسان ,كما يعتقد أن اإلنسان يميل إلى الفضيلة كما يميل الماء إلى االنسياب
إلى األسفل ,لقد دعا إلى تنظيم األسرة وفق أسس أخالقية سليمة .
والكونفوشية ليست نظامًا دينيًا وال هي نظام عبادة وإ نما هي نظام فلسفي يجمع بين
اآلداب السياسية واالجتماعية وبين األخالق الخاصة ,واستمدت الكونفوشية قوتها من
الديانتين البوذية والتاوية في تعاليمهما هذه حيث أوجبت على الطفل تعلم التعاليم
األخالقية والواجبات االجتماعية باعتبارها جزءًا أساسيًا من المبادئ الرئيسية للسلوك .
لم يكن للصين نظام تعليمي حكومي ,فقد انتشرت مدارس القرى وهي عبارة عن
معاهد ساذجة ال تزيد عن حجرة واحدة في كوخ صغير كان ُيدرس فيها معلم واحد يتلقى
أجره من أباء التالميذ ,أما التعليم فكان يقتصر على أبناء األغنياء ,أما أبناء الفقراء فلم
تتح لهم فرص التعليم ،وغالبًا ما كانت المدارس تأخذ مكانها في معبد من المعابد إن لم
تجد كوخًا مناسبًا أو سقيفة أو ركنًا يأوي التالميذ ,ولم تكن هنالك مدارس للبنات ,أما
الدراسة فقد خضعت لنظام صارم فكان األطفال يدرسون من الصباح الباكر إلى قرب
المغيب ,وكانوا يتعلمون القراءة والكتابة ومبادئ الحساب وشيئًا من كتابات كونفوشيوس
وبعض الشعر ,وكان على التلميذ أن ُيتم دراسته في مدة تتراوح بين ( ) 5-3سنوات ,
وتلي هذه المرحلة التعليم الثانوي ثم التعليم العالي وفيها يتعلم الطلبة التاريخ الصيني
والقانون والشؤون الحربية والزراعية باإلضافة إلى الكتابات الفلسفية والدينية السابقة
ولكن بزيادة أكثر وشرح أعمق .
13
* أهداف التربية الصينية /يمكن إجمال أهداف التربية الصينية بما يلي -:
-4الوصول بأبناء المجتمع إلى طريق الواجب من خالل التربية والتعليم .
أتسم هذا النظام بطابعه الخاص والمتميز الذي يهدف إلى سيادة اللغة الصينية
واألدب المقدس وبث القدرة على كتابة المقاالت وقد اشتمل على مراحل ثالث خصصت
المرحلة األولى الستذكار أشكال الرموز المختلفة وذلك بحفظ بعض النصوص التي
اختيرت للتالميذ وحفظ الكتب الدينية ,أما المرحلة الثانية فهي مخصصة للترجمة أي
حل الرموز التي سبق أن تعلمها الطالب في المرحلة األولى ,أما المرحلة الثالثة
فخصصت لكتابة المقاالت والموضوعات اإلنسانية إلى أن يحصل التالميذ على مهارة
وقدرة كافية في هذا الفن تمكنهم وتؤهلهم لدخول االمتحانات والنجاح فيها .
14
بروح التجدد واالبتكار وفسح المجال لنمو الشخصية الفردية في الجوانب العلمية
والسياسية والخلقية والفنية وكانت غاية التربية عندهم وصول اإلنسان إلى الحياة السعيدة
والجميلة وذلك عن طريق وصوله إلى الكمال الجسمي والعقلي معًا .
والمتصفح لتاريخ اليونان القديم يجد ثالث نظم للتربية تكونت نتيجة التطور الحاصل في
المراحل التاريخية المتعاقبة ,وكانت كل مرحلة تمتاز بخصائصها الواضحة والمتميزة
عن غيرها من المراحل وهذه المراحل هي -:
-1مرحلة التربية الهومرية ( أو التربية في بالد اليونان قبل كتابة تاريخها والتي امتدت
إلى حوالي عام 776ق.م ) .
-2مرحلة التربية اليونانية القديمة ويتميز فيها نظامان تربويان هما التربية اإلسبارطية
والتربية األثينية المبكرة .
-3مرحلة التربية اليونانية الحديثة التي بدأت بعصر بركليز الذي يعتبر مرحلة انتقال
بين القديم والحديث في نواحي الحياة اليونانية القديمة كالتربية والدين والقيم األخالقية
وغيرها ,ثم تأتي بعد عصر بركليز الفترة الممتدة من استيالء المقدونيين على أثينا في
أواخر القرن الرابع ق .م حتى خضوع اليونان لإلمبراطورية الرومانية ,ولما كانت كل
من إسبارطة وأثينا من الدول البارزة بين دول اليونان القديمة وامتازت كل منها بنظام
تربوي له خصائصه وأهدافه ووسائله المتميزة بسب اختالف العوامل الثقافية والسياسية
التي تقف وراء ذلك فان ذلك يقتضي أن نقوم بتوضيح طبيعة النظام التربوي في كلتا
الدولتين .
15
تمثل التربية اإلسبارطية التربية اليونانية القديمة في أوضح صورها ومظاهرها ,إذ لم
يطرأ على هذه التربية أي تغيير أو تعديل من الناحيتين العلمية والتطبيقية إال في حاالت
استثنائية نادرة حدثت عند انهيار دولة إسبارطة .
من العوامل التي كان لها تأثير كبير في طبيعة تكوين النظام التربوي في إسبارطة
هي -:
-1الموقع الجغرافي :تقع إسبارطة في منطقة جبلية وعرة ,والمعيشة في مثل هذه
البيئة تتطلب قوة الجسم والقدرة على االحتمال .
لقد هدفت التربية اإلسبارطية إلى إعداد المواطن المحارب الشجاع المدافع عن
وطنه والمتحلي بعادات الطاعة العمياء للقانون وتحقيق المثل العليا للحياة الحربية .
تبدأ التربية اإلسبارطية منذ الوالدة ,والدولة هي المسيطرة على التعليم بمراحله المختلفة
,حيث كان المولود يعرض على شيوخ الدولة الختبار صالحيته للحياة من خالل إجراء
بعض التجارب والفحوص الختبار قوة احتماله ,فان ثبت ضعفه كان يلقى على قمة جبل
عاريًا حتى يموت أو ينقذه احد العبيد ليربيه ويدربه على إحدى الحرف ليكون عبدًا مثلهم
16
,ومن يثبت صالحيته يعاد إلى أمه إلرضاعه وتربيته حتى السابعة من العمر وفق نظام
محدد من قبل الدولة .
وعندما يبلغ الطفل السابعة من العمر كان اآلباء يقومون بإرسال أبنائهم إلى المعسكر
العام حيث يوضعون تحت إشراف ورعاية مشرفين أكفاء ,وكانوا يلحقون بالمدارس
الداخلية الشبيهة بالثكنات العسكرية حيث يقسم األطفال إلى مجموعات كل مجموعة
تتألف من ( )64طفًال يدير شؤونها رئيس يتم اختياره من بين األوالد المتقدمين في السن
,وبعد سن الثانية عشر ينقل األوالد إلى نوع من التدريب العسكري العنيف الذي يستمر
لمدة عامين تحت إشراف الجيش اإلسبارطي .
لم يعتني االسبارطين بالقراءة والكتابة والحساب حيث كان البعض منهم يتعلمونها
عن طريق مدرسين خصوصيين .وفي سن الثامنة عشرة يلتحق الشاب اإلسبارطي
بفرقة االفبي أو ما تعرف بالطالب الحربي ليتلقى تدريبات عسكرية متقدمة ودراسة
عميقة في مختلف األسلحة والخطط العسكرية واستخدام السالح ,وكانت تختبر قوة
تحملهم كل أسبوعين تقريبًا وكان االختبار ال يخلو من القسوة .
وحينما يبلغ المواطنون سن العشرين يلحقون بالجيش ويتدربون على تحمل الصعاب
ويؤدون يمين الوالء للدولة ثم يرسلون إلى وحدات الجيش على الحدود حتى يقضون
عشر سنوات كجنود نظاميين يقومون بمهامهم العسكري عند اندالع الحروب.
إن المواطن اإلسبارطي عندما يبلغ سن الثالثين من عمره يتمتع بجميع الحقوق
واالمتيازات المدنية ويصبح عضو من أعضاء الجمعية العامة ,ويجبر على الزواج
لصالح الدولة ويستمر في سكن الثكنات العسكرية ويكون على أهبة االستعداد لالشتراك
في كل الحروب الدفاعية والهجومية التي تتعرض لها البالد .
17
-1عدم االعتماد على النفس وتوجيهها وهذا ما عرف عن المجتمع اإلسبارطي .
-2قدرتهم على التفكير والتخيل كانت محدودة وإ نهم لم يتعودوا على مواجهة المشكالت
أو حلها بتعقل ,والسبب في ذلك أن الدولة عودتهم على االنصياع لألوامر والطاعة
العمياء ورسمت لهم طريق الحياة .
-3االنحالل الخلقي واالجتماعي الذي تفشى في المجتمع اإلسبارطي بعد الهزيمة في
الحروب .
-4االقتصار على جانب واحد من التربية وهو إعداد أفراد امتازوا بالطاعة والوالء
للدولة دون االهتمام بالجوانب األخرى للتربية .
أما تربية البنات فهي تشبه تربية األوالد إال إنهن ال يقمن في معسكرات أو ثكنات
عسكرية بل ُك ن يعشن في بيوتهن مع أمهاتهن ويتلقين تدريبًا على األلعاب المختلفة
ال سيما التي تتسم بالقوة والسرعة والسباحة ورمي القرص إضافًة لذلك تعليمهن أنواع
من الرقصات الدينية ,وقد تمتعت المرأة اإلسبارطية بقسط من الحرية إذ ُس مح لها
مشاركة الرجال في بعض األلعاب والسباقات الرياضية واالختالط معهم ومشاهدتهم عند
تأديتهم للتمارين الرياضية المتنوعة ,وكان الغرض من تقوية أجسام الفتيات هو أن الفتاة
القوية الجسم تنجب أطفال أقوياء ليصبحوا جنودًا أقوياء شجعان يدافعوا عن إسبارطة
ويحمونها من هجمات األعداء .
من سمات التربية األثينية هي تقديرها العلم والبحث في عالم اإلنسان وعالم ما وراء
الطبيعة والبحث عن حقائق األشياء وتحكم العقل في مظاهر الحياة وتوجيه العناية إلى
الجسد والروح وتذوق الكالم وإ عطاء الخطابة والرياضة والموسيقى والنحو والشعر
أهمية خاصة والمحافظة على نظام األسرة .
18
لقد هدفت التربية األثينية إلى إعداد المواطن األثيني من النواحي الجسمية والعقلية
والخلقية بحيث يتمكن من الدفاع عن وطنه والذود عنه ويسهم بشكل فعال في إسهام ثقافة
وطنه .
لقد برزت في التربية األثينية اتجاهات ثالثة ميزتها عن غيرها من المجتمعات هي:
-2التربية المتناسقة التي تشمل على تربية المواطن من كافة النواحي .
تبدأ التربية األثينية من األسرة حيث يعهد إليها بتربية الطفل حتى يبلغ السابعة من
عمره فيتم إرساله إلى المدرسة ويبقى فيها حتى الخامسة عشر أو السادسة عشر من
عمره وكان يرافق التلميذ خادم يدعى ( بيداجوج ) في ذهابه إلى المدرسة وإ يابه لمراقبته
واإلشراف على تربيته الخلقية والجسمية وعاداته في الحديث ومعاملة اآلخرين والمشي
في الطريق ,كما أوكلت إليه مهمة تقويم أخالقه ومعاقبته عند إخالله بآداب اللياقة ,
وعندما يبلغ الشاب األثيني سن الخامسة أو السادسة عشر يكون قد تم دراسته االبتدائية
التي تستمر لثمان سنوات أو تسع وفي هذه المرحلة تنتهي دراسته لألدب والموسيقى
ويبدأ بالتدريب على األلعاب الرياضة ويكون تدريبه تحت إشراف موظف من الحكومة
مكلف بهذه المهمة ,تكون دراسة الشاب األثيني حتى يبلغ الثامنة عشر بعد ذلك ينخرط
في سلك الجندية حيث يتدرب على فنون الحرب والحياة العسكرية لكي يعد جنديًا مؤهًال
للدفاع عن أثينا إذا اقتضت الضرورة ذلك ويستمر في الخدمة لمدة سنتين .
عندما ينهي المواطن األثيني سنتي الخدمة في الجيش يتقدم إلى الجمعية العامة ويتسلم
من الدولة رمحًا ودرعًا ويصبح مواطنًا حرًا بعد أن يقسم يمين الوالء ألثينا .أما بالنسبة
لتربية البات فقد كان نصيب الفتاة األثينية من التربية معدومًا واقتصر تعليمها على القيام
19
بالواجبات االعتيادية التي ينبغي أن تقوم بها كل ربة بيت كأعمال الغزل والحياكة
واالهتمام بالمظهر والجمال ولم يكن يسمح لها الخروج من بيتها اال في بعض المناسبات
الدينية .
لقد اهتمت أثينا بتربية األفراد تربية اتسمت بالموازنة والتناسق فإلى جانب عنايتها
بالجانب الجسمي اهتمت بالنواحي العقلية والخلقية لذلك اعتبرها المهتمون بالشؤون
التربوية منبعًا للعلم والمعرفة اللذين كانا سببًا في حدوث النهضة الغربية الحديثة .
أما الخطوة ( الثانية ) فهي الحركة الكالمية المدرسية التي أعلت من شأن المنطق
األرسطي واعترفت بإمكانية التوفيق بين الدين والعلم وان جرى خالف في تقدم إحداهما
على األخر .
20
يمكن إجمال أهداف التربية المسيحية في العصور الوسطى بما يلي -:
-2تدعيم المثل اإلنسانية . -1إعداد الفرد المسيحي لمعرفة الرب .
-4إصالح المجتمع من فساد الثقافة اليونانية -3تطهير الروح وتهذيب األخالق .
-5تحقيق النموذج اإلنساني للفرد المسيحي . والرومانية .
امتازت التربية في هذه المرحلة ببساطتها وكان هدفها األساس والمنشود ( إعداد
جيل قادر مؤهل للحصول على ضرورات الحياة وحفظها ) وبحكم البيئة الصحراوية
لشبه الجزيرة العربية ساد ذلك النوع من التربية القائم على التقليد والمحاكاة والتدرب
على القيام بأعمال الكبار بغية تمكين الفرد من كسب العيش والمحافظة على حياته
بالدفاع عن نفسه وعائلته وقبيلته ضد أعدائه من بني جنسه وضد الوحوش الضارية.
احتلت األسرة البدوية دورًا كبيرًا في عملية التربية واعتبرت من أهم الوسائل في
ذلك العصر إضافة إلى دور العشيرة الواضح في هذه المهمة والتي يمكن اعتبارها
صورة مكبرة لألسرة ,وتقوم العشيرة واألسرة بتدريب أطفالها منذ نعومة أظفارهم على
بعض الفنون والصناعات الضرورية لهم كرمي الرماح والسهام وإ عداد أدوات الحرب
ولم يكن لدى عرب البادية معاهد مؤسسات مخصصة للتعليم بل كانت المؤسسات العامة
والمجالس واألسواق والبيوت هي األماكن التي يحصل بها الناس على بعض العلوم
والمعارف كالتنجيم والفلك والطب .
أما التربية عند الحضر فقد امتازت بكونها منظمة تنظيمًا يتفق والمستوى العمري
للطلبة حيث يدرس األطفال في المرحلة األولى بعض المواد الدراسية المحددة كالهجاء
والمطالعة والحساب واللغة العربية وهي أشبه بمرحلة التعليم االبتدائي وفي المرحلة
21
الثانية التي تشبه التعليم العالي حاليًا كان الطلبة يدرسون علومًا تتناسب ومستوى قدراتهم
العقلية واستعداداتهم وقابليتهم كالهندسة العملية وعلم الفلك والطب وفن العمارة .
أما طريقة التدريس فقد اتخذت طابع التدريس الفردي حيث كان المعلم يخصص
جزءًا من وقته لكل تلميذ .
بعد أن كانت التربية قبل اإلسالم مقتصرة على نوع من التعليم المحدود نوعًا ما جاء
اإلسالم بتربية جديدة فحرص على العلم والتعلم فأول أية نزلت على نبينا محمد (صلى
اهلل عليه واله وسلم ) تضمنت امرأ بالقراءة في قوله تعالى ( اقرأ باسم ربك الذي خلق )
وتضمنت أية أخرى حديثًا عن القلم أداة الكتابة والعلم والتعلم كما في قوله ( الذي علم
بالقلم ) وأية أخرى تحث المؤمنين على طلب العلم كما في قوله تعالى ( هل يستوي
الذين يعلمون والذين ال يعلمون ) وقال تعالى ( وقل ربي زدني علمًا ) وقال رسول اهلل
(ص) واله وسلم ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ) وهذا يعني أن على
المسلمين االهتمام بهذا األمر والعمل على نشره في أرجاء المعمورة .
وكان للتربية اإلسالمية خلفية جسدية تهتم بأخالق الفرد وتنمية قواه الجسدية وخلق
المحارب وبث روح الفضيلة وغرس الصفات النبيلة عنده كاإلخالص والوفاء وكرم
الضيافة.
إن جوهر التربية اإلسالمية نابع من الفلسفة الدينية اإلسالمية وهي أن اإلسالم ليس
مجرد شريعة ودين وإ نما هو فلسفة كاملة وطريقة حياة شاملة تدعو العقول للعلم والتفكير
,أما بالنسبة للمدارس في العصر اإلسالمي فأنها لم تكن موجودة بالمفهوم الحديث فقد
كان التعليم يتم في المساجد والكتاتيب وحوانيت الوراقين .
22
إن اتهام التربية اإلسالمية المتوازن بالدنيا واآلخرة انعكس على اهتمامها بتربية
اإلنسان ,حيث اهتمت بجوانب الشخصية المختلفة اهتمامًا متوازنًا فجمعت بين تهذيب
النفس وتصفية الروح وتثقيف العقل وتقوية الجسم ومن ثم اهتمت بتدريس جميع أنواع
العلوم وهدفها في ذلك تعميق اإليمان باهلل تعالى في نفوس المسلمين من خالل فهمهم
لقوانين الكون ونظامه المحكم الذي يدل على عظمة الخالق عز وجل وقدرته ,وهكذا
كان للتربية اإلسالمية مكانة واضحة وملحوظة في هذا اإلطار الحضاري وكان لها
أصولها التي جاءت من العصور الجاهلية القديمة وتبلورت باإلسالم الذي رفعها إلى
التقدم واالنتشار .
للتربية اإلسالمية مجموعة من األهداف التي تعتبر من ابرز سمات التربية اإلسالمية
وهي كاألتي -:
-1أهداف دينية /تتمثل في إعداد اإلنسان المؤمن باهلل العابد له العامل بأوامره
ونواهيه.
- 3أهداف أخالقية /تتمثل في إعداد اإلنسان على خلق عظيم وتدعيم القيم األخالقية .
-4أهداف معرفية /تتمثل في تنمية وترقية القوى العقلية مثل التفكير والتذكر .
-5أهداف اجتماعية /تتمثل في بناء المجتمع المسلم على أساس التعاون والتكافل
االجتماعي وتدعيم القيم االجتماعية .
23
-6أهداف جهادية /تتمثل في الدفاع عن العقيدة اإلسالمية وإ عداد اإلنسان جسميًا
وعسكريًا .
*أطوار التربية اإلسالمية :لقد مرت التربية اإلسالمية بأربعة أطوار هي كاألتي -:
الطور األول :يتمثل في نمو اإلسالم في عهد الرسول األكرم محمد (صلى اهلل عليه
واله وسلم ) .
الطور الثاني :يتمثل في عصر الفتوحات اإلسالمية.
الطور الثالث :يتمثل في تكوين الحضارة العربية وامتزاج الثقافات مع امتداد الدولة
اإلسالمية في العهد العباسي حتى ظهور السالجقة في القرن الحادي عشر الميالدي .
الطور الرابع :بدأ مع األتراك السالجقة وحتى سقوط بغداد على يد المغول في القرن
الثالث عشر الميالدي .
* وسائط التربية اإلسالمية :
تعددت وسائط التربية اإلسالمية وأماكن التعليم في اإلسالم ويمكن اعتبار األسرة من أهم
هذه الوسائط كما لعب المسجد في التأريخ اإلسالمي دورًا هامًا في التربية والتعليم حيث
انطلقت منه حلقات العلم سواء لتعليم القراءة أو الكتابة أو المخصصة للعلوم الشرعية
باإلضافة إلى الكتاتيب وحوانيت الوراقين حتى ظهور المدارس ,وعلى العموم يمكن
إجمال أهم المؤسسات والمعاهد التربوية في التربية اإلسالمية بما يلي:
-2الكتاتيب :ظهرت قبل اإلسالم واستمرت معه لتعلم القراءة والكتابة .
-3حوانيت الوراقين :ظهرت عند العباسيين لغرض تجاري ثم أصبحت ملتقى للعلماء
والطالب .
24
-4منازل العلماء :مثل دار األرقم ابن أبي األرقم التي تعتبر أول مؤسسة تربوية
اتخذها الرسول األكرم (محمد صلى اهلل عليه واله وسلم ) مركزًا لتعليم الصحابة الذين
امنوا بالدين الجديد .
مما تقدم نجد أن للتربية اإلسالمية خصائص تتمثل في كونها تربية ( شاملة ,
متنوعة ,سلوكية ,مستمرة ,واقعية ,نفعية ,عالمية ,ضميرية ) .
وهنا البد من اإلشارة إلى أن التربية اإلسالمية الحقيقية هي التي أرسى جميع أسسها
الرسول األكرم محمد ( صلى اهلل عليه واله وسلم ) الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه حيث
قال فيه ( وانك لعلى خلق عظيم ) ومن بعده أهل بيته الطيبين الطاهرين الذين قال
سبحانه وتعالى فيهم ( إنما يريد اهلل ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )
وكذلك صحبهم المنتجبين الذين نهلوا من علومهم ,وأخالقهم تمثل أسمى أهداف وغايات
التربية اإلنسانية الربانية الجامعة لكل ما يصب في خدمة ومصلحة اإلنسان ورقيه مذ
خلق اهلل الخليقة وحتى انتهائها إليه .
25
الفصل الثالث
اسمه عبد الرحمن وكنيته أبو زيد ولقبه ولي الدين وشهرته ابن خلدون عاش في
( ) 1405 – 1332م حيث ولد في تونس من أسرة عربية األصل ,تعلم الفترة
العربية من والده ووعي كثيرًا من أصول اللغة واألدب والثقافة ,حفظ القرآن الكريم
وقرأه وهو ابن سبه سنين ,اتصل بأساتذة تونس واخذ عنهم ما شاء من العلوم
والمعارف ,ودرس الدراسات العقلية والفلسفية على يد بعض علماء الغرب ,وأجاد
األصول والفقه على يد مالك ثم قرأ التفسير والحديث وتعمق في الفلسفة والمنطق ونبغ
وهو لم يبلغ العشرين من عمره في كل ما تعلمه وقرأه واقر له أساتذة بالعبقرية
والنبوغ .
26
توفي ابن خلدون تاركًا للبشرية بعده مجموعة من الدراسات والمؤلفات التي ما زال
العالم يستفيد منها إلى يومنا هذا ومن أروعها ( لباب المحصل في أصول الدين ) وهو
في علم الكالم و( التعريف ) وهو سيرة ذاتية و( شفاء السائل ) وهو في التصريف و
( المقدمة ) الذي يعد أروع واهم وابرز ما كتب ابن خلدون .والبن خلدون أراء في
التربية يمكن اعتبارها أساس مدارس فكرية تربوية كثيرة فأفكاره قريبة جدًا إلى عصرنا
الحديث مما جعله مقرونًا بكل ما له عالقة باألفكار التربوية وعلم االجتماع .
-7ضرورة تعليم اللغة العربية وان تكون دراستها أساسًا لكل علم بغية تمكين التلميذ
من إجادة التعبير عما يجول في ذهنه من أفكار وتصورات وكذلك إتقان عملية الكتابة .
-8التدرج في التعليم من السهل إلى الصعب ومن المحسوس إلى المجرد .
هFو أبFو علي الحسFين بن عبFد اهلل بن الحسFن بن علي بن سFينا ،ولFد في صFفر سFنة
( 370هـ) من أسFFرة فارسFFية األصFFل في قريFFة ( افشFFنة ) من ضFFياع بخFFارى في ربFFوع
27
الدولFFة السFFامانية ،اهتمت أسFFرته بتعليمFFه ولم يكن الصFFبي بحاجFFة إلى جهFFد ووقت للتعليم
حيث اظهر ذكاءًا خارقا فقد استظهر القFFرآن الكFFريم وألم بعلم النحFFو وهFFو في العاشFFرة من
عم FFره ثم خ FFاض غم FFار الرياض FFيات والطبيعي FFات والفلس FFفة وبع FFد ذل FFك انكب على دراس FFة
الطب ،ولم يبلFF Fغ السFF Fابعة عشFF Fرة من العمFF Fر حFF Fتى طبقت شFF Fهرته الخFF Fافقين وبFF Fدأ يتعهFF Fد
بتطبيب المرضى ومعالجتهم 0
عFFرف ابن سFينا بألقFFاب كثFFيرة منهFFا :حجFة الحFق ،شFرف الملFFك ،الحكيم ،الFFوزير ،
المعلم الثالث ،إال أن أشFهر ألقابFه هFو الشFيخ الFرئيس 0وللشFيخ الFرئيس آراء تربويFة في
العدي FFد من كتب FFه ال FFتي كتبه FFا بالعربي FFة أو الفارس FFية وال FFتي منه FFا كت FFاب ( النجCCاة ) وكتCCاب
(اإلشارات والتنبيهات ) وكتاب ( الحكمة المشرقية ) غير أن أكثر آراءه التربوية نجFFدها
في رسالته المسماة بـ ( كتاب السياسة ) 0
-6البدء بتعليم القرآن الكريم بمجرد تهيؤ الطفل جسميا وعقليا 0
ضرورة تعليم اللغة والشعر خصوصا ما يتعلق منه باألخالق والصفات الحسنة -7
28
ثالثًا /الغزالي :
هو أبو حامد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي ،ولد في طوس عام (450هـ) من
عائلFFة فقFFيرة تعمFFل في غFFزل الصFFوف ،درس وتعلم في بلدتFFه مبFFادئ العلFFوم ثم سFFافر إلى
نيسFFابور وتلقى فيهFFا العلم على إمFFام الحFFرمين أبي المعFFالي الجويFFني إمFFام الشFFافعية ،وقFFد
لمFFع نجم الغFFزالي وأصFFبح من علمFFاء الشFFافعية كمFFا اشFFتهر بسFFعة االطالع والFFذكاء والقFFدرة
على المناظرة ،انتقل الغزالي إلى التدريس في المدرسة النظاميFFة ببغFFداد والFFتي كFFانت من
المعاهFF Fد العليFF Fا الFF Fتي يلتحFF Fق بالدراسFF Fة فيهFF Fا نخبFF Fة الدارسFF Fين في مختلFF Fف العلFF Fوم واآلداب
والبحث والمعرفة ،وبعFد أن سFافر إلى مكFة ودمشFق واإلسFكندرية عFاد إلى وطنFه وقضFى
بقية عمره في التدريس والوعظ 0
تFFرك الغFFزالي ثFFروة علميFFة روحيFFة دينيFFة تتجFFاوز السFFبعين كتابFFا في الفقFFه والمنFFاظرة
والدفاع عن اإلسالم منها :المنقذ من الظالل ،ميزان العمل ،فاتحة العلوم 0كمFFا يعتFFبر
كتابFFه إحيFFاء علFFوم الFFدين مرجعFFا لكFFل بFFاحث في الFFتراث والثقافFFة على مFFر العصFFور * أهم
اآلراء التربوية للغزالي :
ولد في جنيف عام ( 1712م ) ثم أصبح واحد من ابرز مفكري القرن الثامن
عشر في فرنسا إلسهاماته الكبرى في التنوير والتمهيد للثورة الفرنسية التي أثرت
بدورها في أوربا أوًال ثم في القارات كلها ,كان روسو عالمًا موسوعيًا له عطاء كبير
في أكثر من ميدان ,فقد كان مفكرًا سياسيًا وعالم أخالق وعارف بالفنون واآلداب
ومضطلعًا في علم النبات ,وتركزت شهرته في الفكر السياسي والتربية ,مات سنة (
1778م ) تاركًا مجموعة من المؤلفات أهمها ( االعترافات ) و( تأمالت المتجول
المنفرد ) ( وايميل ) الذي تضمن قواعد تربوية جديدة وغير معهودة في بيئة ذلك
الزمان والذي اعتبره الكثيرون ثورة في التربية ،ومثل كل العظماء فقد تباينت أراء
الناس في روسو إلى حد التناقض الصارخ فبعضهم اعتبره قديسًا وحكم عليه آخرون
بأنه مجنون وجزم غيرهم بأنه نبي بينما قال عنه البعض األخر بأنه مرشد خطير .
-1أكد على أهمية دور األم في تربية أطفالها وأكد على تسليمهم إلى مرضعات
مرتزقات.
30
-4عدم إكثار المعلم من استخدام الطريقة اإلخبارية بل ينبغي أن يكون الطفل معلم
نفسه.
-5عدم تعليم الطفل لغات أخرى حتى سن الثانية عشرة وذلك لعجزه عن الحكم والفهم
وعدم تمكنه من المقارنة بين لغته األم واللغات األخرى .
-6البدء بتدريس األشياء المحسوسة قبل المجردة وان ُتقدم المادة التعليمية بشكل مشوق
.
-7ترك الطفل للطبيعة يتعلم منها ويدرس ما فيها من نبات وحيوان وجماد حتى يقدر
عظمة الخالق وقدرته وان ال يعتمد على الكتب وحدها في التعلم .
-8عدم اإلكثار من اإلرشاد وعدم اإلفراط في األوامر والنواهي الن اإلكثار منها ُيمت
شعور الطفل وقوة التفكير لديه .
يعتبر جون ديوي من أشهر أعالم التربية الحديثة على المستوى العالمي ,ارتبط
اسمه بفلسفة التربية ألنه خاض في تحديد الغرض من التعليم وأفاض في الحديث عن
ربط النظريات بالواقع من غير الخضوع للنظام الواقع والتقاليد الموروثة مهما كانت
عريقة ,ولد في أمريكا ( )1859م ,وقد كان لوالدته الدور البارز في حثه على
المثابرة وطلب العلم وكانت شديدة التعلق به وحريصة على تعليمه ,كان ديوي منذ
صغره محبًا للقراءة واالطالع إذ كان يقضي معظم أوقات فراغه في المكتبات ,تلقى
تعليمه في جامعة فير مونت ثم انتقل إلى جامعة جون هوبكنز فحصل على شهادة
الدكتوراه في الفلسفة وعمل في التدريس .
31
كانت كتابات ديوي تحمل في طياتها نقدًا الذعًا للتربية التقليدية السائدة في عصره
وعلى مر العصور ,ذلك ألنها تعتمد على حفظ المعلومات عن ظهر قلب وتعمل على
إعداد المتعلم للمستقبل مع تجاهل الحاضر وتهميش المرحلة التي يعيشها المتعلم .
قام ديوي بتأليف عدة كتب عن التربية واألخالق والفلسفة وعلم النفس ومن أهم كتبه
( المدرسة والمجتمع ) ( ,الخبرة والتربية ) ( ,كيف تفكر ) ( ,الحرية والثقافة ) .
-2أن تكون التربية عملية تجديد لبناء خبرة الفرد والمجتمع .
-5التأكيد على أهمية الرحالت ( المزارع ,المصانع ...الخ ) وليس التحدث فقط
-6يرى أن التربية ظاهرة طبيعية في الجنس البشري اذ من خاللها يصبح الفرد وريثًا
لما كسبته اإلنسانية من حضارة .
فيلسFFوف ومعلم يونFFاني جعلت منFFه حياتFFه وآراؤه وطريقFFة موتFFه الشFFجاعة احFFد أشFFهر
الشخص FFيات ال FFتي ن FFالت اإلعج FFاب في الت FFاريخ ،ص FFرف س FFقراط حيات FFه تمام FFا للبحث عن
الحقيق FFة والخ FFير ولم يع FFرف ل FFه أي FFة مؤلف FFات ،وق FFد ع FFرفت معظم المعلوم FFات عن حيات FFه
وتعاليم FFه من تلمي FFذه الم FFؤرخ زينف FFون والفيلس FFوف أفالط FFون باإلض FFافة إلى م FFا كتب FFه عن FFه
32
أرس FFطو ،ول FFد س FFقراط س FFنة ( ) 469ق 0م في أثين FFا ألب نح FFات وام قابل FFة ،وتعلم في
بدايFFة حياتFFه الموسFFيقى واألدب والرياضFFة ،كFFان ملبسFFه بسFFيطا وعFFرف عنFFه تواضFFعه في
المأكل والملبس
-4ضرورة اعتماد طريقة المناقشة وسيلة لتبادل المعلومات بين المتعلمين 0
-5أكFFد على أهميFFة حفFFظ المتعلمين للFFتراث بمFFا يتضFFمن من معFFارف وحقFFائق وفنFFون من
جيل إلى جيل 0
ولد في أثينا سنة ( ) 427ق0م لعائلة ارستقراطية سمي بهذا االسم لعرض كتفيه ،
تثقف كأحسن ما يثقف به أبناء الطبقة الراقيFة واظهFر ميال نحFو الرياضFيات واخFذ الحكمFة
عن فيث FFاغورس ،ت FFأثر أفالط FFون بفك FFر أس FFتاذه س FFقراط وفلس FFفته إلى درج FFة يص FFعب معه FFا
الفصFFل بين أفكFFاره وأفكFFار أسFFتاذه وكFFان إلعFFدام أسFFتاذه سFFقراط بالسFFم وقFFع كبFFير في نفسFFه
حيث ظه FFر ذل FFك جلي FFا في كتابات FFه األولى ال FFتي بينت س FFخطه على الحكوم FFة هن FFاك ،جع FFل
سقراط معرفة الذات نقطة البداية في كل بحث فلسفي إال انه ارجع للفلسفة طابعها العام ،
اذ جعلها تستوعب موضوعات الطبيعة وما وراءها والنفس واألخالق والتربية وغيرهFFا ،
33
وهو يFرى إن اإلنسFان عFالم صFغير وجFد على مثFال العFالم الكبFير الFذي يتكFون من عFالمين
هما عالم الثبات وعالم التغيير 0
-4إن هدف التربية هو تزويد العقل بكمية كبيرة من المعلومات لكي يقوى ويتدرب.
أك FFد على ض FFرورة ان تك FFون التربي FFة والتعليم لألطف FFال عن طري FFق األلع FFاب واألش FFياء -3
المحببة لنفوسهم .
ثالثًا /أرسطو :
فيلسوف يوناني قديم كان احد تالميذ أفالطون ،ولFد عFام ( ) 384ق0م في مدينFة
سFFتا غFFيرا في شFFمال اليونFFان ،كFFان والFFده طبيبFFا مقربFFا من البالط المقFFدوني ،شFFغل عFFدة
مناصFFب كFFان أهمهFFا قيامFFه بتعليم االسFFكندر المقFFدوني وقFFد كFFان لوالFFده تFFأثيرا كبFFيرا عليFFه
ل FFدخول مج FFال التش FFريح ودراس FFة الكائن FFات الحي FFة ال FFتي منحت FFه الق FFدرة عل FFة دق FFة المالحظ FFة
والتحليل ،رحل أرسFطو إلى أثينFا لاللتحFاق بمعهFد أفالطFون كطFالب في البدايFة وكمFدرس
فيم FFا بع FFد ومن ثم افتتح مدرس FFة خاص FFة ب FFه في أثين FFا ،كتب أرس FFطو في مواض FFيع متع FFددة
تشFFمل الفيزيFFاء والشFFعر والمنطFFق ،وهFFو مبتFFدع علم األخالق الFFذي الزال من المواضFFيع
التي لم يكف البشر عن مناقشتها مهما تقدمت العصور 0
34
-2تدريب المتعلم على التحليل وإ عطاء األسباب والمبررات 0
-3وجوب مراعاة ميول األطفال وتعدد األفكار وبالتالي تعدد برنامج التعليم 0
-4ضرورة دعم المناهج والكتب المدرسية بالتجارب والوسائل التعليمية والرحالت 0
-5اختيار المواد الدراسية التي تسمح للمتعلم بالوقوف على البنيان المادي والثقافي
األساسي للعلم الذي يعيشه 0
الفصل الرابع
فلسفة التربية
35
الفلسفة مصطلح يوناني مكون من كلمتين ( ) philoوتعني الحب و ( ) sophy
وتعني الحكمة .فالفلسفة إذن هي حب الحكمة ,بالرغم من روعة هذا المعنى لكن وقع
اختالف كبير في المراد منه ،وقد تدعي الصعوبة في تحديد معنى واحد وواضح للفلسفة
،لما مرت به هذه الكلمة من معاني متعددة عل مر العصور ،وعلى اختالف وجهات
النظر واالتجاهات التي منها الواضع للتعريف .
-1عر فها الفيلسوف اإلغريقي فيثاغورس بأنها ( البحث عن طبائع األشياء ) وُنسب
إليه القول بأن " من الناس من يستعبدهم التماس المجد ،ومنهم من يستذله طلب المال ،
ومنهم قلة تستخف بكل شيء وتقبل على البحث في طبيعة األشياء وأولئك هم الذين
يسمون أنفسهم محبي الحكمة أي الفالسفة " .
36
ال يوجد منهج في الحياة يسير وفق سياقات محددة إال وقد انبثق من نظرية سابقة عليه ،
وال توجد نظرية مقننة وواضحة إال وقد انطلقت من رحم فلسفة معينة ،وال يشذ المنهج
التربوي عن هذا السير .
فكل فلسفة تحتوي على عدة نظريات ،وكل نظرية تحتوي على عدة مناهج ويمكن
تمثيل العالقة بين الفلسفة والمناهج التربوية التابعة لها بالبناء المكون من عدة طوابق :
الطابق األول /وفيه تتم الممارسات العملية لألنشطة المختلفة كالتدريس والتعليم وكل
ما يربط المدرس بالتلميذ .
الطابق الثاني /يحتوي على النظرية التربوية التي توجه الممارسات واألنشطة في
الطابق األول .
الطابق الثالث /تسيطر الفلسفة التي تعطي أوامرها الى كال الطابقين ،فهي تحلل
المفاهيم وتحدد المعاني التي توجه النظرية في الطابق الثاني ،وترشد وتوجه األنشطة
والممارسات في الطابق األول .
فالفلسفة التربوية ( هي عبارة عن المبادئ والمعتقدات والمفاهيم والفروض
والمسلمات التي حددت في شكل مترابط متناسق لتكون بمثابة المرشد والموجه للجهد
التربوي والعملية التربوية بجميع جوانبها .
والفلسفة في مجال التربية (هي المرشد والموجه لكل العمليات التربوية المنبثقة من
رحمها ،الهادفة إلى خلق جيل يحمل سلوكياتها ،ولهذا اختلفت المناهج التربوية
باختالف الفلسفات المنبثقة منها ،فالوجودية والواقعية والبراجماتية والمثالية واالشتراكية
وغيرها من الفلسفات التي أنجبت مناهج تربوية مختلفة بالمنطلقات والوسائل واألهداف ،
وهذا سوف يتضح عند دراستنا لتلك الفلسفات .
37
لفلسفة التربية جملة من الوظائف منها ما يلي -:
-5تعمل على توضيح المفاهيم والفروض التي تقوم عليها النظريات التربوية .
-6تساعد على رؤية العلم التربوي في كليته وفي عالقته مع مظاهر الحياة األخرى .
-7تمد اإلنسان بوسائل للتعرف على الصراعات والتناقضات بين النظرية وتطبيقها.
تنمي قدرة اإلنسان على إثارة األسئلة مما يساعد على تحقيق الحيوية التربوية . -7
*أنواع فلسفة التربية :
ينسب هذا النوع من الفلسفة إلى الفيلسوف اإلغريقي أفالطون الذي حاول إيجاد
المجتمع المثالي ( المدينة الفاضلة ) والتي انطلقت من حقائق ثابتة غير متغيرة ،وأفكار
عامة أوجدها عقل عام أو قوة خارقة ،وما على اإلنسان إال أن يدرك بعقله تلك القيم
واألفكار الحقة الثابتة في الواقع ،فوظيفة العقل عند المثالية هي البحث عن المعرفة ،
والحقيقة المطلقة التي ينطوي عليها الكون ،حيث يمكن التعرف عليها عن طريق إدراك
األشياء بطريق الحواس اإلنسانية ،على اعتبار أن العقل هو األداة القادرة على الحكم
على مدى مطابقة األشياء ألصولها األزلية .
38
وأمنت المثالية بأن هنالك عالمين ( عالم الروح ،وعالم المادة ) وما عالم المادة إال
أشباح ،أما عالم الروح فهو العالم الحقيقي الذي يجب أن يعتني به ،فال بد من ترويض
كل شيء مادي لمصلحة العالم المعنوي والروحي ،فاإلنسان مركب من روح وجسم أو
عقل ومادة ،قادر بروحة أو بعقله أن يتصل بالقيم الثابتة وعندها سيرتقي على الجسم
ويتفوق عليه .
وتؤمن المثالية أيضًا بأن اإلنسان خير بطبيعته أو أن الشر ال يدخل في تركيبته ،وإ نما
هو ُيدفع إليه من خالل المجتمع وتنظيماته .
-1األيمان بالوجود الواقعي للعالم الذي لم يكن لإلنسان دور في صنعه أو إيجاده .
-2يستطيع اإلنسان أن يتعرف على هذا العالم بواسطة ما زود به من عقل ،أي
يستطيع أن يستخدم تفكيره للتعرف على حقائق هذا العالم .
- 3بعد معرفة اإلنسان لهذا العالم لم يكن له دور أال أن يكيف نفسه لهذا الواقع والتعامل
على أساس ما عرفه .
39
فوضعت الفلسفة الواقعية نظريتها التربوية على أساس اإليمان بالحقائق الخالدة الثابتة
التي ال تقبل التغيير أو التبديل مهما اختلفت الظروف ،فيكون هدف التربية هو التكيف
مع البيئة فقط ،ألن التربية ليس لها هدف أال مساعدة اإلنسان على التكيف مع البيئة
التي يعيش فيها ،والمعلم والمدرس في هذه التربية يجب أن يكون متضلعًا في المادة
التي يعطيها ألنه من المفروض انه قد أدرك الواقع بشكل جيد ويريد إيصاله إلى
اآلخرين ،األمر الذي يؤدي إلى عدم إيمان هذه التربية بتعدد المراكز التربوية غير
النظامية ،بل تحتوي على مركز نظامي واحد هو المدرسة .
-1أمنت الواقعية بقدرة اإلنسان عن طريق فكره وعقله على الوصول إلى الحقائق كلها
،وهذا ما سيوقعها في خسارة التجربة والتكرار بشكل مستمر ،لعلمنا بالوجدان أن هناك
أمور ال يستطيع اإلنسان بمفرده إدراكها ،بل ال بد من الوحي في معرفتها ،األمر الذي
تميزت به الفلسفة السالمية عن الفلسفة الواقعية .
-2تؤمن الواقعية بالتكيف مع الواقع المدرك ،بينما تؤمن المدرسة السالمية بتغير
الواقع وتطويره .
-3كل إنسان قادر على العطاء فهو معلم في المدرسة اإلسالمية سواء في البيت أو
المدرسة أو المجتمع أو الشارع أو أي مكان ،عل خالف الواقعية فالمعلم فيها فقط من
أدرك الواقعيات وأراد تعليمها .
وسميت بالمذهب النفعي الذي ال يقف كثيرًا عند المبادئ والمنطلقات بقدر وقوفه
على اآلثار والنتائج ،فهو يؤمن بتحويل النظر بعيدًا عن األشياء األولية والمبادئ
والقوانين والحتميات المسلم بها ،وتوجيه النظر نحو األشياء األخيرة ( الثمرات ،النتائج
40
،اآلثار ) وبناءًا على ذلك يكون المقياس عند هذا المذهب هو التجربة " فاإلنسان هو
الذي يصنع مثله بنفسه ،ويبني الحقيقة لنفسه ،ألنه هو الذي يبحث ويجرب ،ومن ثنايا
التجربة و البحث تظهر المثل والقيم والحقائق التي تنفعه في حياته " .
فال توجد في هذه الفلسفة قيم ثابتة وُم ثل ُع ليا قبل وجود اإلنسان وقيامه بالتجارب
ومن ثم ال تؤمن بوجود عالم ثابت بل هو متغير خاضع للبحث .
فالمذهب النفعي أنكر القيم الثابتة وأقر باستحالة وصول اإلنسان إلى حقيقة ثابتة ال
تتغير فالعالم كله حسب هذا المنطلق في توسع واتساع ال يمكن الوصول إلى شيء فيه
إال بالتجربة .
باإلضافة إلى ذلك فأن هذه الفلسفة تؤمن بالمشاركة في الخبرة التي أطلقت عليها
بالديمقراطية والتي تعني قبل كل شيء نظامًا وأسلوبًا من الحياة المشتركة ومن الخبرة
المشتركة باالتحاد واالشتراك والتفاهم المشترك .
وأمنت أيضًا بالمجتمع االنفتاحي الذي يتخذ من الحاجة الماسة والضرورة القصوى
إلعداد الشباب لفهم الثقافة التي يولدون فيها نقطة لبداية أبحاثها .والمستقبل عند أصحاب
هذه النظرية غيب ال يمن التنبؤ به أو التعرف عليه وعلى هذا األساس فأن التربية عندها
هي سبيل الحياة فقط وليس أعداد لحياة مقبلة
ومن مميزات المنهج التربوي في هذه النظرية عدم وجود شيء يطلب لذاته بل ألن
وراءه نفعًا ،فتنمية الجوانب المختلفة لإلنسان من عقلية أو خلقية أو جمالية ال يطلب
لذاتها بل ألن وراءها نفعًا .
كذلك ينبع النظام فيها من الطالب والمتعلم ،ومن خالل اهتمامه بالمسؤولية الملقاة
على عاتقه عن طريق مشاركته مع زمالئه وتوعيتهم على أهمية النظام .
41
*مقارنتها بالفلسفة اإلسالمية :
-2النظرية اإلسالمية تركز على اإلنسان بماضيه وحاضره ومستقبله ،فال تهمل
مستقبله بحجة انه غيب ال يمكن التكهن به .
42