Professional Documents
Culture Documents
موجهة لطلبة سنة ثانية علوم التربية ( السداسي الثالث ) مسار علوم التربية
12 متهيد.
13 -1اجتاهات الرتبية الشخصانية.
13 -1-1منوذج البيداغوجيات "الشخصانية" املتمحورة حول تطور الوجدانيات
بواسطة اسرتاتيجيات ال توجيهية.
I
13 -1-1-1الرتبية الالتوجيهية الروجرسية.
15 -2-1-1نظريات اإلنسانية احملدثة.
11 تطور القدرة اإلبداعية بواسطة
-2 -1منوذج البيداغوجيات املتمحورة حول ّ
اسرتاتيجيات أكثر تَ َـد ُّخـلـيّة.
11 لتطور الشخص.
-1-2-1النظريات التفاعلية ّ
المحاضرة الثالثة النظرية االجتماعية
)(La Théorie sociale
21 متهيد.
21 -1اجتاهات النظرية االجتماعية.
21 -1 -1البيداغوجيات املؤسساتية.
23 -2-1بيداغوجيا التوعية.
23 -1-2-1الفكر الرتبوي عند Paulo Freireو املتأثرين به يف البيداغوجيا
التحريرية.
23 أ -الفكر الرتبوي عند .Paulo Freire
25 ب -بيداغوجيات التحرر.
21 -2-2-1البيداغوجيا النقدية.
31 -3-1النظريات البيئية االجتماعية للرتبية.
31 -1-3-1البيداغوجيا االجتماعية للنمو الذايت.
33 -2-3-1تربية نسقية يف جمتمع إيكولوجي اقتصادي.
34 -3-3-1تربية خرباتية.
35 -4-3-1مناهج املستقبل.
II
المحاضرة الرابعة النظرية النفس معرفية:
)(La Théorie psycho-cognitive
31 متهيد.
31 -1اجتاهات النظرية النفسية املعرفية.
38 -1-1الديداكتيكيات البنائية.
38 -1-1-1نظرية Piagetللنمو العقلي.
41 -2-1-1فلسفة النفي لـ ـ ـ ـ ـ .Gaston Bachelard
41 -3-1-1نظرية الصراع املعريف.
42 -2-1النظريات اليت تعاجل املالمح البيداغوجية للمتعلم.
III
43 -4النظريات التعاونية للتعليم والتعلّم.
IV
المحاضرة األولى :مدخل إلى النظرية التربوية
تمهيد:
حيظى الفكر الرتبوي باهتمام متميز ،كونه املنطلق األساسي لتكريس قيم األصالة يف اجملتمع و املرتكز األهم يف
بناء مستقبل حيقق استثمارا أمثل ملعطيات احلاضر ،جمسداً من خالل ذلك تطلعات الفرد و اجملتمع على حد
سواء ،يف إطار مشروع حضاري متكامل ،و إذا كان اهلدف األساسي للفكر الرتبوي هو ذلك املشروع
احلضاري ،فإنه يستند بالضرورة إىل عملية التواصل بني املاضي و احلاضر و املستقبل من جهة ،و التفاعل مع
معطيات اجملتمعات البشرية على اختالف مناذجها زمنياً و مكانياً من جهة أخرى (حسان،)net ،9002 ،
و متثل النظرية الرتبوية عنصرا هاما جدا يف تركيبة اجملتمع ،فهي تشمل شبكة العالقات االجتماعية اليت يرغب
هبا اجملتمع لتنظيم سلوك البالغني ،و املؤسسات اليت يعملون هبا ،حبيث يؤدي هذا التنظيم إىل تأهيلهم و تنسيق
جهودهم من أجل تلبية احلاجات و مواجهة التحديات ،لذلك خيتلف مفهوم النظرية الرتبوية من جمتمع إىل
آخر.
1
" و ميكن القول أن النظرية جمموعة من القضايا اليت تتوافر فيها الشروط التالية:
ينبغي أن تكون املفاهيم اليت تعرب عن القضايا حمددة بدقة.
جيب أن تتسق القضايا الواحدة مع األخرى.
أن توضع القضايا يف شكل جيعل من املمكن اشتقاق التعميمات القائمة تعميمات استنباطية.
أن تكون القضايا خصبة و مثمرة تستكشف الطريق ملالحظات أبعد مدى و تعميمات تنمي جمال
املعرفة( ".جونز ،9010 ،ص )11
التربية من الفعل ربا ( رىب) تعين النمو و الزيادة ،و يف القرآن الكرمي ﴿ و ترى األرض هامدة ف إذا أنزلنا
عليها الماء اهتزت و ربت و أنبتت من كل زوج بهيج ﴾ ( احلج ،اآلية )05
أما اصطالحا [" فالرتبية سريورة تستهدف حتقيق النمو و االكتمال التدرجييني لوظيفة أو جمموعة من الوظائف
عن طريق املمارسة ،و تنتج هذه السريورة إما عن الفعل املمارس من الطرف اآلخر ( و هذا هو املعىن األصلي
و األكثر عمومية ) ،و إما عن الفعل الذي ميارسه الشخص على ذاته"] ( غريب 9002 ،أ ،ص .) 903
و هي عملية تنمية متكاملة و دينامية تستهدف جمموع إمكانات الفرد البشري ( عقليا و جسديا و نفسيا و
اجتماعيا و وجدانيا) ،تتحقق الرتبية على أكمل وجه إذا مشلت كل النواحي السابقة و عملت على تكاملها.
أما النظرية التربوية فقد اتسع مفهومها لتعين[" نسق من املفاهيم و املعارف و النماذج يتصف بالصالحية،
موضوعه هو من جهة املسامهة يف تطوير الرتبية ،و من جهة أخرى املساعدة على تفسري الظواهر الرتبوية و
التنبؤ هبا"] ( غريب 9002 ،ب ،ص .) 957
إذا فالنظرية الرتبوية تعرب عن التخطيط املسبق الشامل ملا يراد أن يكون عليه إنسان العصر من معلومات ،وما
يتقنه من مهارات ،وما يتصف به من قِيَم وعادات واجتاهات ،وملا يراد أن تكون عليه شبكة العالقات املنظمة
لعمل املؤسسات وسلوك اجلماعات املختلفة ،مع مراعاة األسس النفسية وقوانني التعلُّم " ،و مراعاة الفاعلية
اليت تنتج أكرب كمية من (امل ْخَرجات) مقابل أقل كمية من (املدخالت) ( ".الكيالين 9005 ،ب ،ص .)91
2
" و إذا كانت النظرية العلمية وصفية وتفسريية يف األساس ،فإن وظيفة النظرية الرتبوية ،كما يقول بول هريست،
هي التشخيص والعالج .كما أنه إذا كانت النظرية العلمية حتاول وصف وتفسري ما هو قائم ،فإن النظرية
الرتبوية تصف وتقرر ما ينبغي عمله مع الناشئة ،وتوجه وترشد املمارسات الرتبوية ( ".حسان)net ،9002 ،
" و تستمد النظرية الرتبوية مفهومها يف أي جمتمع من العقيدة أو الفلسفة السائدة فيه ،سواء أكانت عقيدة
دينية أو فلسفة مثالية أو مادية أو طبيعية ،و يتأثر هذا املفهوم بعوامل عديدة منها احلضارة السائدة ،و طبيعة
العصر ،و األهداف السياسية و االجتماعية و النظام االجتماعي و املستوى االقتصادي( ".الكيالين،
،1235ص )12
-2مكونات النظرية التربويةَّ :
تتكون النظرية الرتبوية من قسمني :قسم نظري ،وقسم عملي تطبيقي.
-1-2القسم النظري ( :الكيالين)net ،9002 ،
أ -أصول النظرية التربوية :تتكون أصول أية نظرية تربوية من ثالثة عناصر هي :احلاجات احلاضرة،
والتحديات املستقبلية ،واخلربات املاضية.
وتتعدد األصول الرتبوية بتعدُّد مظاهر احلاجات والتحديات واخلربات ،فهناك:
األصول الفلسفية ،وحمورها :بلورة (الغايات) اليت حييا وينشأ اإلنسان املتعلم من أجلها.
األصول النفسية ،وحمورها :مساعدة املتعلم على اكتشاف ذاته وسنن حياته ،وبلورة هويته ،والسعي
ألن يكون ما بوسعه أن يكون.
األصول االجتماعية و الثقافية ،وحمورها :الوعي بقوانني صحة األمم ومرضها وموهتا.
األصول السياسية و االقتصادية ،وحمورها :تفجري طاقات العمل وتنمية مهاراته بالقدر الذي يتطلبه
اإلنتاج واالستهالك يف العصر القائم.
ب -فلسفة التربية:
فلسفة الرتبية تعين " حتديد املكونات الرئيسة لشخصية اإلنسان الذي تتطلَّع الرتبية إىل إخراجه ،واجملتمع الذي
تعمل على تنميته يف ضوء عالقات كل منهما باملنشأ والكون واحلياة واإلنسان واملصري ،ولتجسيد هذه
3
العالقات يف واقع تربوي ملموس تركز فلسفة الرتبية على أربعة ميادين رئيسة هي :الوجود ،و املعرفة ،و ِ
القيَم،
تصورا
وطبيعة اإلنسان ،ويفرتض يف كل نظام تربوي أن تتكامل براجمه ونظمه ومؤسساته إلخراج متعلم حيمل ً
شامالً مفصالً عن هذه القضايا األربع ،مث تكون لديه القدرة على ترمجة هذا التصور يف سلوكه وشبكة عالقاته
مع الكون واإلنسان و احلياة .و حتتل فلسفة الرتبية -أية فلسفة للرتبية -املركز يف العملية الرتبوية ،ومن هذه
الفلسفة ( اليت جتسدها الغايات )تنبثق أهداف الرتبية العامة وأهدافها اخلاصة العملية ،ومؤسساهتا ،ومناهجها،
وطرقها ووسائلها يف التعليم والتقومي ،ومن هذه الفلسفة تنبثق كذلك أمناط السلوك يف واقع اإلنسان املختلفة،
ويف مجيع النشاطات واملمارسات ( ".الكيالين)net ،9002 ،
فإذا كانت فلسفة الرتبية مثالً دميقراطية ،فإهنا تفرز السياسي الدميقراطي ،واالقتصادي الدميقراطي ،والعامل
املدرس الدميقراطي ،والزوج الدميقراطي ،والزوجة الدميقراطية...اخل.
الدميقراطي ،و ِّ
ج -أهداف التربية:
األهداف هي العنصر الثالث من عناصر النظرية الرتبوية " ،و هي تتولد بشكل مباشر من الفلسفة الرتبوية ،و
تقدم تفصيالت أدق وأكثر واقعية ملا ي ِرد يف هذه الفلسفة من أفكار وتصورات ،ويف العادة تقسم األهداف من
حيث مكوناهتا إىل :معلومات ،ومهارات (عقلية وعملية) ،واجتاهات ،وعادات ،وقِيَم ،وشبكة عالقات
اجتماعية ( ".الكيالين)net ،9002 ،
" فاألهداف الرتبوية هي تلك التغيريات اليت يراد حصوهلا يف سلوك اإلنسان الفرد ،و يف ممارسات و اجتاهات
اجملتمع احمللي أو اجملتمعات اإلنسانية ،فهي تصف الصفات العقلية و النفسية و الشخصية اليت يتمتع هبا الفرد
املثقف تثقيفا عاليا ،و هي تصف أيضا االجتاهات و اخلصائص االجتماعية اليت يتصف هبا اجملتمع الراقي
املتحضر ،و هذه األهداف هي الثمرات النهائية للعملية الرتبوية ( ".الكيالين 9005 ،أ ،ص )13
" و تنقسم األهداف إىل قسمني رئيسني :األهداف األغراض أو املقاصد العليا اليت تعمل الرتبية لتحقيقها
واألهداف الوسائل ،أي :اليت تشتمل على الوسائل واألدوات الفعالة لتحقيق األهداف األغراض ،ولذلك
يسميها البعض (املعادالت العلمية) أي األعمال املعادلة لألفكار ( ".الكيالين 9005 ،أ ،ص )15
4
" تتسم النظريات الرتبوية جبملة من األهداف جتعل هلا أمهية مرموقة يف دراسة الظاهرة الرتبية ،و لعل من بني
أهم هذه األهداف ما يلي:
دراسة الظواهر الرتبوية من حيث طبيعتها وما تتسم به من خصائص ومسات ،واليت بفض هذه األخرية
جتعل منها موضوعا متميزاً لعلم االجتماع الرتبوي.
التعرف على الوقائع الثقافية واالجتماعية والشخصية املرتبطة بالظاهرة الرتبوية يف نشأهتا وتطورها.
فهم طبيعة العالقات اليت تربط الظواهر الرتبوية بعضها ببعض ،واليت تربطها بغريها من الظواهر
االجتماعية يف اجملتمع.
الكشف عن أبعاد أو الوظائف االجتماعية،اليت تؤديها الظواهر والنظم الرتبوية بالنسبة للجوانب
االجتماعية والثقافية يف اجملتمع.
حتديد املضمون األيديولوجي للرتبية وآثاره على العمليات الرتبوية.
حتديد القوانني االجتماعية العامة اليت حتكم الظواهر الرتبوية وما يرتبط هبا من وقائع اجتماعية وثقافية
وشخصية.
حتليل الرتبية كوسيلة للتقدم االجتماعي( ".حسان)net ،9002 ،
تشكل هذه التطبيقات القسم الثاين العملي من النظرية الرتبوية ،وهي تتكون من العناصر التالية:
أ -المنهاج:
حساساً يف العملية التعليمية عندما يُنظَُر إىل التخطيط الرتبوي من منظور
حيتل املنهج الرتبوي موقعاً اسرتاتيجياً ّ
اجلودة و النوعية ،ألنّه الرتمجة العملية ألهداف الرتبية و خططها و اجتاهاهتا يف كل جمتمع ،فأفضل مدخل وخري
وسيلة إلصالح التعليم و جتديده ،هو حتسني املناهج و جتديدها و تطويرها مبفهومها الشامل ،و من هنا
أصبحت دراسة املناهج و ختطيطها و تطويرها عملية جوهرية تتم يف ضوء قيم فلسفية و اجتماعية و سياسية
وحضارية مستمدة من اجملتمع الذي ختدمه املؤسسة املدرسية ،و من تطلعات و حاجات البيئة و متطلبات
5
تنميتها ،ومن عالقة اجملتمع باجملتمعات األخرى و العامل الذي أصبح قرية صغرية ( العبد هلل،9002 ،
ص.)95
و عليه فإ ّن املنهاج هو املرتكز األساسي يف بناء الرتبية و التعليم و يُعترب وضع املنهاج من أدق املسائل الرتبوية
و أعظمها خطراً ،بل لعل املشكلة الرئيسية يف الرتبية و وضع منهاج دراسي معناه تعيني نوع الثقافة و حتديد
األمة ( وزارة الرتبية الوطنية ،9002 ،ص.)192
مداها ألبناء ّ
و املنهج مصطلح يُشري إىل جمموعة مشروعة و صادقة من املعتقدات ،و القيم و املعارف و املهارات و ألوان
التذوق و االجتاهات ،من شأهنا أن تدفع من يكتسبوها بطريقة مباشرة أو غري مباشرة ،واعية أو غري واعية إىل
ّ
عه ُد هبا إىل مؤسسة ثقافية إيكولوجية (املدرسة) ،و يضطلع
القيام بأمناط معينة يف التفكري و يف السلوك ،يُ َ
املدرسون ،واملوجهون -إىل درجة
بتقدميها جملموعات خمتلفة من املتعلمني ،مهنيون ملتزمون (إدارة املدرسة ،و ّ
ما )-و ينجحون يف تقدميها بدرجات خمتلفة ،و تستخدم يف تقدميها تنظيمات و طُُرق و أساليب و مواد
تأمل جاد ،و تُتخذ بشأهنا قرارات يُسهم فيها ممثلون ملن هلم خربة يف تعليم جمموعات تعليميةُ ،ختتار بعد ّ
معيـ ـ ـنة من املتعلميـ ـن يـ ـ ـ ـعرفون خصائصها الثقافيـ ـة و الفعلي ـ ـة و االجتماعية و الوجدانية ( غريب 9002 ،أ،
ص.)995
كما ُميكن تعريفه بأنّه جمموعة أنشطة مندجمة يتم تصميمها عن دراية علمية و مبهارة فائقة بغرض بلوغ مرام و
أهداف حمددة سلفا ( بن بوزيد ،9002 ،ص .) 25
و يُعرب مصطلح منهاج عن ترمج ـ ـ ـة للمصطلح األجنيب Curriculumحيث يُعب ـ ــّر هذا املصطلح يف
استعماله الفرنسي اجلاري عن النوايا أو عن اإلجراءات احملددة سلفا ألجل حتضري أعمال بيداغوجية
مستقبليـ ـ ـ ـة ،فهو إذن خطة مستقب ـ ـ ـليـ ـ ـ ـة تـ ـ ـتـ ـ ـضمن الغ ـ ـ ـايـ ـ ـ ـات و املقاصـ ـ ـ ـد و األه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـداف املقصـ ـ ـودة و
املضامي ـ ـ ـن و األنشطة التعليمية و كذا األدوات الديداكتيكيةُ ،مثّ طرق التعليم و أساليب التقييم ،فهو مصاغ
أيضاً باعتباره خطة عمل أوسع من برنامج تعليمي ،و يتضمن أكثر من برنامج يف نفس الوقت ،...على
عكس األدبيات الرتبوية الفرنسية ،متيل األدبيات اإلجنليزية إىل تعريف مفهوم املنهاج Curriculumليس
أوالً كشيء ُمسبق عن العمل البيداغوجي ،بل خاصة كشيء يُعاش فعالً و واقعاً من طرف املدرس و تالميذه
6
يف القسم ،من وجهة النظر هذه يـُ َع ُّد املنهاج متاثلياً للسرية الذاتية للقسم ( Curriculum- vitalغريب،
9002أ ،ص.) 992
و عليه فاملنهاج مبعناه البسيط هو :جمموع اخلربات املربية اليت هتيئ املؤسسات الرتبوية إلنساهنا التفاعل معها،
لتحقيق املقاصد واألغراض اليت حتددها الفلسفات واألهداف الرتبوية اليت سبق استعراضها.
و يُعد لفظ منهاج من املصطلحات اليت اقتبست من Deweyو هو مصطلح خيتلف بشكل كبري عن
مصطلح الربنامج ،على اعتبار أ ّن هذا األخري يُشكل وصفاً لالئحة من احملتويات الدراسية املستعملة عادةً
داخل البيداغوجيا التقليدية (غريب 9002 ،أ ،ص.)992
و يف هذا الصددُ ،مييّز بريينو Perrenoudبني ثالثة أمناط من املناهج هي:
موجه :و هو الذي يكون ُحمدَّد الصياغة.
منهاج صريح و ّ
منهاج واقعي :و يُش ّكل املرجعية أو الصياغة املبينة لتجارب و خربات التالميذ.
متنحي :و يشكل جمموعة التجارب و اخلربات املسامهة يف التكوين إالّ أ ّهنا تكون مع
منهاج ضمني أو ّ
ذلك غري قابلة للمالحظة ( غريب 9002 ،أ ،ص .) 992
ويف العقدين األخريين تركز االهتمام باملنهاج املسترت عند فريق من الباحثني الرتبويني ،الذين ركزوا حبوثهم على
فحص املعارف والعالقات اجلارية يف املدارس واجلامعات ،وبرز نتيجة لذلك ما يعرف باسم (اجتماعيات
الرتبية) ،ولقد لفتت هذه االجتماعيات الرتبوية األنظار إىل أمهية ما أمسته بـ ـ ـ (املنهاج املسترت) ،الذي يشري إىل
ظاهرة تعلُّم الطلبة من أجواء املدرسة ،ومن األنشطة والعالقات اإلدارية فيها ،أكثر مما يتعلمونه من حمتويات
املنهاج الرمسي الظاهر.
يعرف املنهاج اخلفي أو املسترت بأنه " نتائج أو تأثريات – غري أكادميية – ذات أمهية تربوية بالغة ،حيدثها
التعليم املدرسي بطريقة منتظمة ،و لكنها ال تكون صرحية أو معلنة يف أي من مستوياهتا ،بصورة تيسر لعامة
الناس فهمها و معرفة مسوغاهتا...إن املصطلح يشري بوجه عام إىل وظيفة الضبط االجتماعي الذي متارسه
مؤسسات التعليم" ( غريب 9002 ،أ ،ص .) 993
7
يتم التشديد مثال يف املدرسة أو اجلامعة على طاعة القوانني واللوائح دون نقاش ،فإن ذلك يوحي
فحني ُّ
خضوعا أعمى .و يظهر تأثري املنهاج املسترت يف ترويض الطلبة على مفاهيم
ً للطالب باخلضوع للسلطة املطلقة
وأمناط سلوك يراد أن حييوها يف املستقبل ،وأن يتقبلوا املواقع االجتماعية واألدوار املقررة لكل منهم ،واملنهاج
يكرس اخلنوع والظلم
ضارا ِّ
نافعا ينبه الطلبة ويدرهبم حلياة اجتماعية أفضل ،وقد يكون ًّ
هبذا الشكل قد يكون ً
وعدم املساواة.
"إن احلديث عن املنهاج املسترت يؤدي إىل توضيح مكمن إدماج كل برنامج تعليمي ملقصدية تربوية أوسع ،و
من دون اإلحياء بان بعض العناصر يتم حجبها لغرض مقصود ،و باملقابل فان أهم ما يف حتاليل املنهاج ،يعانق
نظريات التناسب ،و ذلك يف املنحى الذي يفيد بان املواقف امللقنة من قبل املدرسة يفرتض فيها أن توافق
حاجيات اجملتمع" ( غريب ،9002 ،ص .) 992
ب -المؤسسات:
" تتعدد املؤسسات الرتبوية بتعدُّد حلقات السلوك يف الفرد ،و كذا تعدُّد احلاجات والتحديات اليت يواجهها
تطور مستمر
اجملتمع خالل مسرية التغري اإلنساين ،ولذلك يبقى عدد هذه املؤسسات وأنواعها ومسؤولياهتا يف ُّ
طب ًقا حلاجات كل عصر وحتدياته ،ولكن ميكن تصنيف هذه املؤسسات بشكل عام إىل مخس مؤسسات هي:
مؤسسات التنشئة ،وحمورها األسرة.
مؤسسات التعليم ،ويبدأ حمورها من املدرسة وينتهي باجلامعة.
مؤسسات اإلرشاد ،وحمورها دور العبادة ومؤسسات الثقافة.
مؤسسات التوجيه ،وحمورها مؤسسات اإلعالم.
مؤسسات البيئة العامة ،وحمورها مؤسسات اإلدارة واألمن ( ".الكيالين.)net ،9002 ،
" و كما ال ميكن الفصل بني حلقات السلوك؛ أي :حلقات اخلاطرة ،والفكرة ،واإلرادة ،والتعبري ،واملمارسة،
كذلك ال ميكن الفصل بني عمل املؤسسات املذكورة ،إال ما يستدعي التنظيم ،مع احملافظة على التكامل
والتفاعل ،طب ًقا لتخطيط علمي حيدد األدوار وينظم قنوات التواصل ،أما يف اجملتمعات العربية ،فإن خطورة عدم
التكامل بني املؤسسات الرتبوية َّأدى إىل متزيق شخصية اإلنسان العريب وتقلبها ،ألن كل مؤسسة تتعامل مع
8
هذا اإلنسان بشكل خيتلف عن املؤسسات األخرى ،ابتداء من طفولته حىت شيخوخته ( ".الكيالين،9002 ،
.)net
ج -األساليب و الوسائل:
" تتحدد قيمة األساليب والوسائل وفاعليتها مبقدار إسهامها يف بَـ ْل َورة هوية اإلنسان املتعلم ،واستخراج قدراته
وفضائله ،ومتكينه من تسخري بيئته احمليطة ،وإمداده بالوعي بتقسيمات الزمن الثالثة :املاضي ،واحلاضر،
واملستقبل؛ لتكون حمصلة ذلك كله تقلده املركز احملرتم يف اجملتمع .و لكن يؤخذ على أساليب الرتبية احلديثة أهنا
كبريا يف تقدُّم العلم والتكنولوجيا ،فإهنا انتقصت إنسانية اإلنسان ورَّكزت
إسهاما ً
ً يف الوقت الذي أسهمت
عملها على ترويضه وتأهيله ملكان العمل واإلنتاج ( ".الكيالين.)net ،9002 ،
" و تستخدم األساليب الرتبوي واو الطرائق الرتبوية البيداغوجية يف معىن عام للداللة على جمموعة من املبادئ و
التوجيهات الرتبوية اليت متيز وضعية تربوية حمددة مبا تتضمنه من بعد عالئقي و تنظيمي و إخباري...كما
تستخدم لتشري إىل أشكال حمددة يف العمل الديداكتيكي ،تعكس توزيعا معينا للعمل و النشاط الرتبوي بني
املدرس و املتعلم ( ".غريب 9002 ،ب ،ص .) 212
أما الوسائل فهي " املواد اليت ال تعتمد أساسا على القراءة و استخدام األلفاظ و الرموز لنقل معانيها و فهمها،
و هي مواد ميكن بواسطتها زيادة جناعة التدريس و تزويد التالميذ خبربات تعلمية باقية األثر" ( غريب9002 ،
ب ،ص .) 539
" مثة أنواع كثرية للوسائل املساعدة ،منها ما هو مستعمل و ما هو مألوف يف التعليم ،و منها ما يستعمل حاليا
فيما يتعلق بالتكنولوجيا الرتبوية:
أنواع مستعملة و هي :السبورة ،الوثائق ،األشرطة ،التسجيالت ،اخلرائط ،العينات من بعض األشياء،
الكتب ،الرسوم البيانية...،اخل
أنواع مقرتحة و هي :الفيديو ،املسلط العاكس ،التلفزة ،احلاسوب...اخل ( غريب 9002 ،ب ،ص
.) 259
و تتصف الوسائل بثالث صفات أساسية هي:
9
الوسيلة السائدة :و هي اليت تسيطر على الدرس من بدايته إىل آخره.
الوسيلة املعززة :و هي اليت تؤكد املعلومات و تعززها.
الوسيلة املكررة :و هي اليت تأيت لتوضيح مكتسبات سابقة ( .غريب 9002 ،ب ،ص .) 259
د -إنسان التربية:
" اإلنسان الذي تتطلَّع نظريات الرتبية إىل إخراجه هو الذي يقوم بالعمل الصاحل كامالً ،والسؤال الذي يطرح
نفسه :كيف تعمل الرتبية على إخراج اإلنسان الصاحل الذي يقوم بالعمل املشار إليه؟
لإلجابة عن هذا السؤال ال بُ َّد من أمرين :األول تعريف العمل ،و الثاين كيف يتولد العمل؟
والعمل حركة بقصد ،وال نسمي احلركة بغري قصد عمالً ( ج .سعيد ،9019 ،ص ،) 92و هو مثرة عدد
نسق معني ميكن أن نوجزه يف املعادالت التالية:
معني من العمليات الرتبوية اليت تتكامل حسب َ
" العمل الصاحل = القدرة التسخريية +اإلرادة العازمة.
القدرة التسخريية = القدرات العقلية +اخلربات املربية.
اإلرادة العازمة = القدرات العقلية +املثل األعلى( ".ج .سعيد ،9019 ،ص )101 ،100
وفيما يلي تعريف موجز لكل من هذه املكونات للعمل:
القدرة التسخريية :هي مثرة تزاوج القدرات العقلية مع اخلربات املربية؛ أي :إن القدرة التسخريية تتولد من
خالل النظر العقلي السليم يف تاريخ األفكار واألشخاص واألشياء؛ بغية اكتشاف قوانينها ،مث االستفادة من
هذه القوانني لتسخريها واالنتفاع هبا.
التوجه حنو اهلدف املراد ،وهي مثرة تزاوج القدرات العقلية مع املثَل
اإلرادة العازمة :تعرف اإلرادة بأهنا قوة ُّ
تتضمن مناذج احلاجات
األعلى ،أي :إن اإلرادة تتولد من خالل النظر السليم يف مستويات املثَل األعلى ،اليت َّ
اليت جتلب لإلنسان النفع أو تدفع عنه الضرر.
التعرف على
القدرات العقلية :لدى اإلنسان قدرات عقلية كامنة يستطيع من خالهلا تدبري أمور معاشه ،و ُّ
الكون احمليط مبكوناته والبيئة احمليطة بأحداثها ،وتتفاوت القدرات العقلية قوة وضع ًفا طب ًقا ألنظمة الرتبية
ومتغريات البيئة ،فقد تقوى حىت خترتق الكون الكبري ،فتتعرف على مكوناته وعلى أسرار قوانينه ،مث تسخر هذه
10
املكونات والقوانني حسب األهداف واحلاجات اليت يتوجه إليها صاحب هذه القدرات ،وقد تضعف هذه
القدرات العقلية حىت يعجز اإلنسان عن فهم ما جيري يف بيئته البيتية واإلقليمية احملدودة ،فيسخره الكون
وتتقاذفه األحداث واألهواء ،وقد تنطفئ هذه القدرات حىت ال يعود اإلنسان يعرف من أمره شيئًا ( .الكيالين،
.)net ،9002
املثل األعلى :يعرف بأنه منوذج احلياة املعنوية واملادية اليت يراد لإلنسان املتعلم أن حيياها ،ولألمة أن تعيش
طب ًقا هلا ،يف ضوء عالقات كل منهما باملنشأ والكون واإلنسان واحلياة واملصري.
واملثل األعلى ُّ
ميد اإلنسان املتعلم باألهداف اليت يعيش من أجلها ،ومينح األمة مربرات وجودها ،وينقسم املثَل
األعلى إىل ثالثة مستويات هي:
املستوى األعلى :وهدفه االرتقاء بالنوع اإلنساين.
واملستوى املتوسط :وهدفه بقاء النوع اإلنساين.
واملستوى األدىن :وهدفه تلبية حاجات اجلسد البشري ( .الكيالين.)net ،9002 ،
اخلربات املربية :اخلربة هي عمل وأثر ،وال بُ َّد من تكامل االثنني وحصوهلما ،فإذا حصل العمل ومل يرتك ً
أثرا
يف نفس اإلنسان وحياته ال يسمى خربة ،واألثر له مستويان :مستوى مادي ،وهو ما حيدث يف حياة اإلنسان
وعي
يتكون لدى اإلنسان من ْ
من تقدُّم حضاري يف أدوات احلياة مثل خربة نيوتن ،ومستوى معنوي وهو ما َّ
مبقاصد احلياة وغاياهتا ،مثل خربات األنبياء واملصلحني ( .الكيالين.)net ،9002 ،
11
المحاضرة الثانية :النظرية اإلنسانية أو الشخصانية )(La Théorie personnaliste
تمهيد:
" الشخصانية ليست جمرد موقف أو نظام معني ،إمنا هي فلسفة متكاملة" ( ،) Mounier, 2007, p8
" و قد جاءت هذه الفلسفة الرتبوية املتمركزة حول الشخص كرد فعل ضد تيّار التكوين املتمحور حول تعليم
فَـ ْوِجي يُقدِّم حمتوياته وفق طرق تبليغية غالبا ما تأخذ شكل حماضرات ،وهي معارضة رّكزت يف تناوالهتا بشكل
خاص على مشكلة املكانة الضيقة اليت حتتلّها الذاتية واحلرية يف العملية الرتبوية ...ومن َمثَّ ح ّدد أصحاب هذا
االجتاه ألنفسهم هدف جعل الدينامية الذاتية للطّفل والطالب حتتل مركز انشغاالهتم الرتبوية ،وتُلخص عبارة
"بناء شخص حر" املبحث العام جملموع النظريات الرتبوية الشخصانية( ".برتراند ،9002 ،ص )22
"و ُميكن أن منيّز بني ثالثة منابع اعتمدتها النظريات الشخصانية في التربية كمصادر استلهمت منها
سماة ، Summer hillو علم النفس الشخصاين الذي يدعو اىل تطويرتطورها .و هي ظهور املدرسة امل َّ
الفرد حبرية ،و نظريات العمل اجلماعي اليت تؤكد على الدعم بني أعضاء اجملموعة" ( Théories
)personnalistes,2010 , net
سماة Summer hillاليت ّأدت إىل نشأة حركية " ففي البداية أرسى Neillيف إجنلرتا معامل املدرسة امل َّ
حرة ،بل إنّه
كبرية ،وقد كان ظهور كتابه Summer hillسنة 1220مبثابة حافز يدعو إىل فتح مدارس ّ
الكتاب الذي مارس تأثرياً كبرياً على املهتمني بشؤون الرتبية والتعليم لدرجة جعلتهم يطلبون من Neillتأليف
كتاب آخر يشرح فيه حدود احلرية اليت ميكن منحها للطفل ،وذلك ما قام به بالفعل سنة 1222حني نشر
كتابه ( " freedom, not licenseبرتراند ،9002 ،ص .)50
" و جتد النظريات الشخصانية مصدر إهلامها الثاين يف علم النفس الشخصاين الذي ظهر كرد فعل ضد علم
النفس احلتمي الذي يرى أ ّن الالشعور والبيئة يتحكمان يف أفعال الفرد ،وميارسان رقابة عليها ،وجاءت حبوث
العديد من املفكرين أمثال ) (Adler, Maslow, Vroom, May, Rogersكمحاوالت حبثية
متكنهم من إجياد سبيل ثالث ُجينّبهم الوقوع يف ثنائية حتمية الالشعور والبيئة معا ،لقد أراد أصحاب النظريات
تصور جديد للعالقة البَ ْـيـنـتفاعلية للفرد ،ممّا ّأدى هبم إىل إنشاء ما يُصطلح
الشخصانية يف علم النفس ،تقدمي ّ
12
القوة الثالثة " (برتراند ،9002 ،ص ،)59 ،51و اليت تعين امتالك اإلنسان حلب فطري ،ويف عليه اسم ّ
قدرته أيضا على حتقيق ذاته ،من خالل املسامهة فيما حيقق اخلري للمجتمع.
ّأما املصدر الثالث للنظريات الشخصانية ،فيوجد يف نظريات العمل اجلماعي ،ونلمس ذلك يف أعمل K.
" )1295( Lewinو الذي كان لنظريته يف دينامية الشخصية أثر كبري يف الو.م.أ ويف أوربا ،وصاغ هذا
العامل املبدأ التايل" :يقوم النمو على أساس حاجة داخلية تتجسد يف هدف ومسعى وفكرة ،ويتح ّدد هذا النمو
كامتداد للفضاء احليوي للطفل املرتبط ببعض األهداف" (برتراند ،9002 ،ص ،)59ويعين وجود موقف
التصرف حبرية انطالقا من حاجاته
كلي مسبق تتوفّر فيه للطفل إمكانية حتديد أهدافه الشخصية بنفسه و ّ
يكون لنفسه نظرة للواقع انطالقا من شرطني مها :مقاومة اخلاصة ومن تقييمه اخلاص ،حيث يرى أ ّن الطفل ّ
يؤدي به إىل أن حيي
األشياء إلرادته اخلاصة ،واختبار الصعوبات امللموسة اليت حتول بينه وبني حتقيق أهدافه ممّا ّ
جتربة أكيدة ،جتربة مالمسة للـواقع كشيء مستقل عن رغباته.
-1اتجاهات التربية الشخصانية:
" ّأدت التأثريات السابقة املتنوعة إىل ظهور تيارات شخصانية خمتلفة أمهها اثنان :
.1منوذج البيداغوجيات "الشخصانية" املتمحورة حول تطور الوجدانيات بواسطة اسرتاتيجيات ال
توجيهية ،و اليت ُمتثّلها البيداغوجيا الروجرسية ،و بيداغوجيات اإلنسانية احملدثة.
تطور القدرة اإلبداعية بواسطة اسرتاتيجيات أكثر تَ َـد ُّخـلـيّة".
.9منوذج البيداغوجيات املتمحورة حول ّ
(برتراند ،9002 ،ص )59
-1-1نموذج البيداغوجيات "الشخصانية" المتمحورة حول تطور الوجدانيات بواسطة استراتيجيات ال
توجيهية:
-1-1-1التربية الالتوجيهية الروجرسية:
الـواقع أنه من الصعب البحث عن األهداف الرتبوية يف ظل النظريات الشخصانية دون اعتماد عامل النفس
األمريكي ،Rogersوالـذي حاول خالل سنوات أن يشرح املظاهر املختلفة ملبدأ أساسي مفاده أ ّن جلميع
يسميه
األفراد توجها إجيابيا حنو التعلّم ،و يُعترب روجرس كمرجع أساسي للكشف عن هذه األهداف وعن ما ّ
13
بالتعلّم الخبراتي ،فبالنسبة هلذا النوع من التعلم يق ّدم Rogersيف كتابه الذي نشره سنة 1222بعنوان
» « Liberté pour apprendreاملميّزات الرئيسية هلذا التعلم و حي ّددها كما يلي( :برتراند،9002 ،
ص )53 ،52
يُعترب التعلّم اخلربايت بالدرجة األوىل إلتزاماً شخصياً تنغمس فيه الشخصية بكاملها.
يقوم هذا التعلم على مبادرات الطالب.
غري شخصيته و سلوكاته و اجتاهاته.
يتجه هذا التعلم حنو أعماق الطالب ،ويُ ّ
توجد يف الكائن اإلنساين قدرة طبيعية على التعلّم ،ولديه رغبة يف تطوير ذاته بشكل كبري ومل ّدة تكون
أطول ،ما مل تقم جتارب النظام املدرسي بتدمري هذه الرغبة.
حيدث التعلم الصحيح عندما يدرك املتعلّم وجود تالءم بني املعارف اليت جيب اكتساهبا وموضوع
ُ
التعلّم.
ث شعوراً بالتهديد ومن مثّة متيل إىل ِ
تغري يف منظومة الذات أو يف إدراك األنا ُحيد ُ
يؤدي إىل ّ
كل تعلّم ّ
مقاومته.
ستوعب موضوع التعلّم كلّما تقلّصت درجة التهديدات اخلارجية إىل أقصى احلدود.
درُك ويُ ً
يُ َ
عندما يكون هتديد األنا ضعيفا ،يُصبح من املمكن إدراك التجربة املعاشة من زاوية أخرى وهو ما
يسمح حبدوث التعلّم.
سهل التعلم الذي له داللة ومعىن ،فنحن غالبا ما نفهم األشياء وحنتفظ هبا من خالل إ ّن النشاط يُ ّ
ممارستها ،ونبقى متأثرين هبذا التعلّم.
كلّما كان املتعلّم ميتلك جزءا من املسؤولية عن التعلم كلما صار التعلم أكثر سهولة ،فالتعلم يبلغ
أقصى مداه عندما يقوم املتعلم بتحديد مشكالته اخلاصة ،وباختيار موارد حلوهلا بنفسه ،وكلما حت ّكم
هذا املتعلّم يف اخلطوات اليت جيب إتباعها وتقبّل نتائج اختياراته.
إ ّن التعليم الذي يُقرر فيه الشخص مصريه بنفسه والذي يشمل الشخص من كل جوانبه الوجدانية
واملعرفية ،هو تعليم ميكن االحتفاظ به ملدة طويلة.
14
يكتسب الطالب اكرب قدر من االستقاللية يف الفكر ويف اإلبداع ويف الثقة بالنفس ،إذا ما أصبح يُؤمن
بأ ّن النقد والتقومي أمران أساسيان ،ويؤمن أيضا بأ ّن تقوميات اآلخرين ليست سوى أمور ثانوية.
يـُ َع ُّد تعلُّم آليات التعلّم املوجودة يف العامل املعاصر من األنواع األكثر فائدة من الناحية االجتماعية،
وينبغي أن نتعلّم كيف نبقى متفتحني على اخلربة الذاتية ،وكيف نستبطن عملية التغيري.
أ -االستراتيجيات التربوية :يتم التكوين اخلربايت من خالل إسرتاتيجيتني مها( :برتراند ،9002 ،ص -53
)21
سر :أي يُ ّ
بسط عملية التعلم و يساعد طلبته فردياً ،كما يساعد المبلّغ إلى أستاذ ُميَ ّ
تحويل األستاذ ُ
اجلماعة كلّها بنفس املقدار يف اختيار و توضيح أهدافهم و نواياهم.
توظيف استراتيجيات تفاعلية بين األشخاص :جيب أن نستدرج الطالب انطالقا من واقعه (الـوجداين
و املعريف)ُ ،مثّ من ّكنه من التعبري عن هذا الـواقع بأساليب خمتلفة (الكلمة ،النص ،املسرح ،الـرسم)...،
ولتحقيق ذلك جيب توفري عدد من التمارين املالئمة اليت تسمح بتحقيق االتصال بني الفرد و ذاته ،و
تصوراته و أحاسيسه و أفكاره و حاجاته النفسية و رغباته،
هو ما يساعده يف الـوصول إىل انطباعاته و ّ
فاألمر يتعلّق هنا بقدرة الـولوج إىل الذات ،مث جيسد عامله الداخلي بأساليب خمتلفة (كالكتابة
والرسم ،)...مث يتبادل األشخاص فيما بينهم اكتشافاهتم املختلفة ،ويف األخري ُختتتم العملية بالرجوع
إىل الذات هبدف القيام حبوصلة ملا تّ تعلمه.
-2-1-1نظريات اإلنسانية المحدثة:
ال تستلهم العديد من النظريات الشخصانية اليت ال تستلهم افكارها مباشرة من ،Rogersو قد كان لعامل
النفس Adlerبالغ األثر يف تطور علم النفس الشخصاين يف أوروبا ،و بشكل خاص يف أمريكا من خالل
امللتقيات اليت كان يديرها يف نيويورك حيث أين متكن من االلتقاء و التأثري يف العديد من العلماء " ،حيث
يطرح Adlerعلم نفس فردي ينطلق من فكرة مفادها أن الغرائز و اجملتمع ال يتحكمان يف الفرد ،ألن هذا
األخري يعترب قوة مبدعة جيب عليها أن تستند إىل وراثتها و إىل تأثريات حميطها...و بعد وفاة Adlerسنة
15
1292كونت مجاعة من علماء النفس ( ) Maslow, Dreikurs, Frommمجعية هامة يف
شيكاغو حتت رعاية ،Rudolf Dreikursو كان هلؤالء العلماء أثر عميق يف الفكر الرتبوي خاصة
خالل اخلمسينات و الستينات ،و هم يعتربون ممن وجهوا هذا الفكر حنو بيداغوجيات هتتم بتطور الشخصية "
(برتراند ،9002 ،ص )29 ،21
أ -المبادئ:
" بىن Fotinasنظرية من نظريات اإلنسانية احملدثة يف الرتبية حاول فيها التوفيق بني مقاربة نسقية و بني
فلسفة إنسانية تستلهم أفكارها من علم النفس اآلدلري و من مدرسة شيكاغو بشكل خاص...حيث
يستهدف الدرس عنده تكوين أفراد قادرين على التدخل بفعالية يف الوسط الرتبوي ،فهم من ينتج و يساهم يف
خلق وضعيات التعلم املتمركز حول الشخص بدل التمركز حول حمتويات الربامج و طرائق تنفيذها ،و تظل
أهداف مثل هذه الوضعيات مفتوحة على اعتبار ان املنهجية الديداكتيكية ترتك للتالميذ حرية حتديد أهدافهم
و معايري تقومي أنفسهم " (برتراند ،9002 ،ص .)29 ،29
ب -االستراتيجيات:
ترتابط حلقات هذه املنهجية يف بنية بيداغوجية حمددة و منظمة مسبقا ،إال أن املتعلم هو من حيدد
مسارها انطالقا من حاجاته ،و تتضمن بيداغوجيا اإلنسانية احملدثة عند Fotinasستة مراحل هي:
مرحلة املمارسة الطبيعية ( الفعل التفكريي االستكشايف ) و تتضمن توضيح القيم و الدوافع و
احلاجات الشخصية و خطوة بناء املوقف التعليمي انطالقا من طرح مشكالت.
مرحلة التوعية باملمارسة الطبيعية ( الدراسة و التحليل ) و تتضمن إيضاح املوقف املشكاليت و
خطوة اختيار إشكالية ذات داللة.
مرحلة التبادل الشامل ( عرض املرحلتني األوىل و الثانية ).
مرحلة املمارسة الواعية ( ممارسة الفكر العملي املنظم ) و هي حتتوي على خطوة البحث عن
املعلومات بواسطة القيام مبطالعات الكتب و استشارهتا ،و بواسطة طرح تصورات خاصة ،و
كذلك على خطوة توضيح أهداف التعلم باستعمال عبارات تشري إىل املهارات اليت ينبغي
16
اكتساهبا ،و حتتوي هذه املرحلة على خطوة أخرية تتعلق مبشاهدة أفالم حبثية أو التعرف على
البحوث النظرية...اخل.
مرحلة تقومي املمارسة الواعية ( دراسة و حتليل منتظمان ) إهنا املرحلة املرتبطة بتقومي التعلم ،أي
تقومي املهارات اليت اكتسبها و تقومي القيم املعاشة و املواقف املبتكرة.
مرحلة تبادل جيري يف مجعية عامة ( عرض املرحلتني الرابعة و اخلامسة )( .برتراند،9002 ،
.)22 ،29
املدرس كميسر للتعلم :يلعب املدرس يف التعليم دور امليسر ،فهو يقود املتعلم ألن حييا جتارب حقيقية
تساعده يف الولوج إىل جتربته املعيشية و اخرتاق أعماقه بقوة ،و للقيام هبذا العمل الذي يطلق عليه
Fotinasبالفحص الباطين أو استقصاء األعماق الالحمدودة لإلنسان ،توجد تقنيات بيداغوجية
عديدة منها أن املدرس امليسر الذي يريد تطوير الوعي النوعي اجلسدي لدى الطالب أن يستعمل أنواع
خمتلفة من اإلرختاءات السلبية و االجيابية ،الرتكيزات ،التأمل الذايت ،أحالم اليقظة ،التعابري اجلسدية
احلرة (برتراند ،9002 ،ص .)25
تطور القدرة اإلبداعية بواسطة استراتيجيات أكثر
-2 -1نموذج البيداغوجيات المتمحورة حول ّ
تَـ َدخُّـلـيّة
لتطور الشخص:
-1-2-1النظريات التفاعلية ّ
" لقد ّأدت املمارسات يف البيداغوجيات الالتوجيهية إىل ظهور بيداغوجيات تفاعلية ،ومن األكيد أ ّن
املدرسني يشعرون مبكراً بأ ّن
اللجوء إىل الالتوجيهية يف العمل الرتبوي سيجد صعوبات ميدانية ،ممّا سيجعل ّ
هناك حاجة إىل تأطري األطفال واملراهقني أثناء مراحل تعليمهم ،مع احرتام اخلصوصيات الفردية لكل واحد
منهم ،حيث أ ّن املسألة مل تعد مرتبطة برتك التلميذ ينمو دون وجود أي إطار ...بل أضحت مرتبطة يف هذه
البيداغوجيات باالنطالق العملي من عمليات واسرتاتيجيات العمل اجلماعي بغية تيسري النمو الفردي ،إ ّن
املدرسني والتالميذ الذي تدعو إليه البيداغوجيا الالتوجيهية هو الذي ّأدى إىل ظهور فكرة
اقتسام السلطة بني ّ
17
البيداغوجيا التفاعلية ،فاألمر إذاً أصبح يتعلق بالعمل املشرتك ،ولكن مع احلفاظ دائما على اهلدف التايل:
تطوير الطفل" (برتراند ،9002 ،ص .)22
" و تُ َش ّكل النظرية العضوانية للرتبية مثاال حيّا عن ديناميكية الشخص واجلماعة ،وهي النظرية اليت تّ نشرها يف
الكيبيك خالل السبعينيات ،انطالقا من البيان الـذي نشره اجمللس األعلى للرتبية واملعنونL’activité :
) ، éducative (1971يقدم هذا التقرير الرتبية كنشاط يصدر عن احلياة الباطنة للشخص ،حيث تُع ّد
تطور وتفتّح الشخصية اليت تقوم
الرتبية كثمرة ملسار فردي يوجد مركزها و ديناميتها يف الطالب نفسه ،أي أ ّن ّ
برتبية ذاهتا بذاهتا ،جيب على الرتبية أن تؤسس على املوارد العميقة للكائن بدل أن تقوم على حتصيل معرفة
ثقافية وتقنية ،انطالقا من أ ّن الشخصية تعد أهم بكثري من حتصيل أي حمتوى ،وبالتايل جيب على التعليم أن
يرّكز على تنمية القدرة اإلبداعية لدى الطالب وعلى تنمية خياله وعفويته يف التعبري واستقالليته اخلاصة وقدرته
تصورا عضوانيا للنشاط
على القيام باحلكم وبالتقومي الباطين ،يف نفس الفرتة الزمنية َتَّ تقدمي تقرير يتضمن ّ
تطور
التصور حتت لواء النظام الذي يسعى إىل تكثيف الشروط املساعدة يف حتقيق ّ ّ الرتبوي ،ينضوي هذا
الشخص و اإلكثار من الوسائل املساعدة يف الرتبية الذاتية...أي توفري املوارد الالحمدودة ،و مساعدة
غري باستمرار تلك
األشخاص على حتديد كيفيات استعماهلا بأنفسهم ،وتوفريها أيضا لكل من يريد أن يبدع ويُ ّ
البنيات اليت تساهم يف ظهور ومواجهة احلوادث الطارئة" (برتراند ،9002 ،ص .)23 ،22
أ -الـمبـادئ( :برتراند ،9002 ،ص )20 -23
الشخص كائن عالئقي :إ ّن الفرد الذي يعيش خربة معيّنة ،يساهم يف نفس الوقت يف خلق خربة
لآلخرين ،ويُعتََرب مفهوم "العصامي" من املفاهيم الناجتة عن هذه النظرية ،فالرتبية تُـ َع ُّد ذلك الشيء
الـذي حيدث يف باطن الفرد ،إهنا خربة تبدأ من ذات الـفـرد العصامي ،وجتري فيها وتنتهي عندها ،إ ّن
الشخص كلما قام باستحداث ذاته ،كلّما صار كائناً اجتماعياً وواقعياً وإجيابياً وقادراً على التكيّف مع
ما حييط به ،وعلى اإلبداع يف تغيري هذا احمليط.
البيئة التربوية :لقد مسحت املمارسة الرتبوية ل ـ Angersباإلطّالع على بعد البيئة املدرسيةّ ،
وتبني لـه
يتم حدوث النموّ ،أما هدف البيئة فهو إحداث
حىت ّ
حيدث تزاوج بني العصامي والبيئة ّ
أنّه ينبغي أن ُ
18
طفرة للموارد ال ّداخلية وللنشاط املستقل لدى العصامي الذي ينبغي اعتباره شخصاً كامل احلقوق
ضمن اجملال الذي حيدث فيه التفاعل ،إذ له احلق يف ممارسة كامل إمكاناته ،وقدراته للحصول على
املعرفة كما أ ّن باستطاعته تعبئة إرادته يف النمو املستقل و اإلبداع حىت يصبح قادراً على التك ّفل
بتكوينه الـذايت وبتطوير شخصيته ،وبعبارة أخرى يقوم العصامي بتغيري وجوده وببناء ذاته بكل حرية.
المعرفة كمشروع خاص :يُلِح )1222 ( Angersعلى ضرورة جعل احلصول على املعرفة مشروعاً
وتتعمق من خالل التفاعل بني العصامي واملوضوع ،أي أ ّهنا تنشأ من عملية بناء
خاصاً ،وهي تُكتسب ّ
يكونه العصامي بنفسهّ ،أما دور األستاذ فيكمن يف تيسري التعلّم ،فهو يلعب دوراً هاماً
منوذج داخلي ّ
يؤدي وظائف
ضمن اجملال الذي يتم فيه تفاعل العصامي مع موضوع ال ّدراسة ،كما جيب عليه أن ّ
حم ّددة منها هتيئة البيئة ،فعليه أن جيعلها مثرية حلب االطّالع الطبيعي و لتساءالت الطلبة ،أيضا على
حياول أن يرقى به.
املدرس مالحظة وحتليل سري عملية التفاعل بني العصامي والبيئة وأن َ
خالصة القول أننا نعثر يف البيداغوجيات الشخصانية على مبدأ غريب يدعو إىل إعطاء الطالب مبادئ التنظيم
يؤدي يف غالب األحيان إىل الوقوع يف بعض املفارقات ،منها الدعوة إىل تنظيم البيئة الرتبوية ،يف
الذايت ،وهو ما ّ
حني أ ّن الطالب هو املدعو يف هذه البيداغوجيا إىل أن يكون منظمها الرئيسي ،إ ّهنا مفارقة غريبة أل ّن هذه
البيداغوجيا تسعى ألن تكون توجيهية وال توجيهية يف آن واحد.
نوجه حرية الفرد يف
نوجه وال ّ
كيف ميكن أن ننظم بيئة تربوية تكون يف آن واحد توجيهية وال توجيهية؟ وكيف ّ
آن واحد؟
19
المحاضرة الثالثة النظرية االجتماعية ).(La Théorie sociale
تمهيد:
" تستند بعض النظريات الرتبوية إىل نظرة اجتماعية للتغريات املمكن إحداثها يف ميدان الرتبية ،الذي يعترب من
امليادين اليت تفيد يف تغيري اجملتمع...إذ ينبغي أن تكون الرتبية وسيلة للحصول على أدوات وجدانية و معرفية و
نفس حركية و تصورية و غريها متكن التالميذ من التدخل يف الوضعية اليت تساعدهم يف تغيري الواقع اليومي ،و
إمجاال ينبغي أن تساهم الرتبية بال قيد و ال شرط يف تطوير الواقع" (برتراند ،9002 ،ص .)135
-1اتجاهات النظرية االجتماعية:
" ّأدت التأثريات السابقة املتنوعة إىل ظهور تيارات اجتماعية خمتلفة أمهها:
البيداغوجيات املؤسساتية املسرية ذاتيا ،و اليت مارست تأثريا على الفكر الرتبوي خالل الستينات و
السبعينات.
بيداغوجيات التوعية االجتماعية كما حددها .Shor Giroux , & Freire
النظريات البيئية االجتماعية ،و هي النظريات اليت تتناول العالقة الشاملة بني الرتبية و مسرية كوكبنا
األرضي...حيث تسعى إىل تأسيس جمتمعات جديدة تطور محلها ملسؤولية ثقافية و اجتماعية و بيئية"
(برتراند ،9002 ،ص .)132 ،135
-1 -1البيداغوجيات المؤسساتية:
تعد البيداغوجيا املؤسساتية من احلركات اليت جاءت من أجل تغيري ميدان الرتبية ،و قد عرفت خالل
الستينات و السبعينات يف فرنسا و يف الكبيك ،و تعترب أهداف هذا التيار اجتماعية يف جوهرها ،و تتلخص يف
إعادة النظر يف اجملتمع الرأمسايل و مهامجة تقسيم اجملتمع إىل طبقات ،و التخلي عن املؤسسات البريوقراطية ،و
إعادة بناء اجملتمع.
" تسعى البيداغوجيات املؤسساتية إىل حتقيق الغايات التالية:
طرح تصور جديد للمؤسسات يدعو إىل بداية التسوية من القاعدة و إىل نقد مستمر للمعايري القائمة
و إىل تطوير قوى تأسيسية.
20
كشف القناع عن املؤسسات اليت تستعمل الضغوطات املادية ( اقتصادية و جسدية ) حىت تفرض
رؤية خاطئة عن عالقات اإلنتاج.
إثبات أن الدولة و االقتصاد و صراع الطبقات هي ما حيدد املؤسسات.
فضح تظليالت مفهومي اجلماعة و املنظمات اليت أنشأها علم نفس اجلماعات و علم اجتماع
املنظمات( ".برتراند ،9002 ،ص .)132 ،132
" ترجع أصول البيداغوجيا املؤسساتية إىل مصدريـ ـ ـن مها علم االجتماع املاركسي و علم النفس االجتماعي
) ) Labrot, Lapassade, Lourauمن جهة ،و العالج النفسي املؤسسايت ( (Oury, Vasquez
الذي يهاجم املؤسسات القائمة...حيث تستمد البيداغوجيا املؤسساتية مصادرها من البيداغوجيا الفوضوية
األملانية اليت عرفت أوجها يف الثالثينات بواسطة إسهامات نتائج جتارب Neillيف اجنلرتا ،و بواسطة التجارب
النقدية اليت أجراها حمللون نفسانيون يف هناية اخلمسينات و بداية الستينات يف فرنسا ،و يؤكد Hessيف
كتاباته أن مرحلة ( )1221 -1220تعد مرحلة غنية باألحداث التنظيمية هلذا التيار( ".برتراند،9002 ،
ص .)132
" إن مشكلة التنظيم املدرسي ال تقف عند هذا التنظيم وحده ،فالتنظيم املدرسي ليس سوى مكانا تتفجر فيه
األزمة العامة اليت يعيشها اجملتمع .و هكذا ،جاءت النظرية املؤسساتية لتؤدي وظيفة حتقيق التسيري الذايت
االجتماعي...فهذه النظرية تسعى إىل إشراك أقصى عدد ممكن من األفراد يف عملية اإلنتاج ،و كذلك إىل
حتريرهم ،و ميكن القول أن التسيري الذايت االجتماعي يعد مبثابة اهلدف الرئيسي للتسيري الذايت البيداغوجي،
مادام أنه يسمح بإرضاء احلاجات اإلنسانية األساسية أي تلك اليت هتدف إىل حتقيق اإلبداع و االبتكار و
املبادرة و البحث و التواصل اإلنساين...و يؤكد Labrotأنه بدون تسيري ذايت يف املدرسة ،و بدون تكفل
الطلبة بأنفسهم و بدون استئصال و لو جزئي للبريوقراطية البيداغوجية ،لن يكون هناك أي تكوين حقيقي و
لن حيدث أي تغيري على مستوى ذهنيات األفراد ،مما قد ينجم عنه اجنرار اجملتمع حنو مشاكل ال حل هلا".
(برتراند ،9002 ،ص .)120 ،132
21
إضافة إىل تأثر البيداغوجيا املؤسساتية باملاركسية ،فقد تأثرت أيضا بنموذج العالج النفسي املؤسسايت الذي
يؤكد أنه جاء لنقد املؤسسات ،و الذي نعثر عليه عند ، Jean Ouryحيث يؤكد " أن املرض العقلي يعد
بالدرجة األوىل مرضا اجتماعيا ،و يعترب علماء النفس املمارسني يف املؤسسات سجناء لنظام و قوانني و ألمناط
التنظيم اليت تتحكم بشكل عام يف عمل الطبيب و حىت يف رأيه ،و لذلك يرى Jean Ouryأن ما ينبغي
عالجه أوال هو حميط املريض .و قياسا على ذلك ،جيد املدرس نفسه يف نفس الوضعية ،أي سجينا لذلك
النظام ،حيث تعو مثل هذه النظرة إىل الرتكيز على إعادة تنظيم العالقات داخل القسم الدراسي و داخل
املؤسسة كما أهنا تدعو إىل االعرتاف الصريح بدور الالشعور يف العملية الرتبوية (".برتراند ،9002 ،ص
.)120
إضافة إىل ذلك ،فإن البيداغوجيا املؤسساتية تستعمل تقنيات التدخل اجلماعي اليت تستخدمها البيداغوجيا
الروجرسية ،إال أنه ال ينبغي اخللط بينهما ،إذ أن أهداف كل واحدة منهما ختتلف عن أهداف األخرى " ،و
حيدد Lapassadeالعالقة بني التحليل املؤسسايت و الطرائق النشطة كما يلي{ يعين التسيري الذايت الكشف
عن العنف املؤسسايت ،يف حني متيل الالتوجيهية إىل حتسني اجلو أو تسهيل العالقات} ،إن هذه املالحظة اليت
قدمها Lapassadeذات أمهية ،ألهنا تعرب عن وجود اختالف جوهري بني النموذج اإلنساين للرتبية و منوذج
البيداغوجيا املؤسساتية...و يعترب مبدأ الطلب حمور البيداغوجيا الالتوجيهية حيث أن الفرد ميتلك القدرة على
املبادرة و على االختيار يف هذه البيداغوجيا ،إال أن ما حيدد اختياره بالرغم من كل شيء هو اهليئات السياسية
و األيديولوجية و االقتصادية...كما انتقد Guiraudالبيداغوجيا الروجرسية ،مؤكدا أن الالتوجيهية الفردية
أو االجتماعية ال تطرح التوجيهية البنيوية موضوع للمناقشة ما دام أن التكوين الذايت الالتوجيهي ال يقوم على
التسيري الذايت ،و يشكل هذا التوجه أحد التناقضات املركزية يف املوقف الروجرسي ،إذ أن الالتوجيهية احلقيقية
تفرتض أن نرقى من مستوى اجلماعات إىل مستوى املؤسسات( " .برتراند ،9002 ،ص .)120
إن تأثري علم االجتماع املتزايد على البيداغوجيا املؤسساتية خاصة فيما يتعلق مبفهوم سلطة العنف الرمزي ،و
اليت تدل على " العملية اليت يتم بواسطتها تكريس فرض معان على اآلخرين و اعتبارها مشروعة و صادقة ،يف
الوقت الذي ختفي فيه هذه املعاين وراءها عالقات القوة اليت يقوم على أساسها هذا الفرض " (برتراند،
22
،9002ص ،)129جعلها تقع يف مفارقة غريبة ،ذلك ألن أي عمل تربوي إمنا يعرب عن عنف رمزي،
فسريورة العملية الرتبوية تتطلب وجود شروط و هي:
" وجود مرسل (هيئة بيداغوجية) تتوفر على استقاللية نسبية.
وجود مستقبل (متلق) تربطه باملستقبل عالقة تواصل بيداغوجي إلزامية.
وجود فعل بيداغوجي يكون هو بدوره قائما على احلق املشروع يف الفرض (سلطة بيداغوجية) و هو
احلق الذي يسمح ببمارسة عمل بيداغوجي تقاس مردوديته مبقياس الدميومة و االنتقالية و الشمولية.
وجود مبدأ منتج خلطاطات التفكري و اإلدراك و التقومي و املمارسة ،و ينبغي أن يكون هذا املبدأ
َّفق على
نتاجا للبنيات اهليكلية للمجتمع و منتجا ملمارسات مقبولة و معيدا إلنتاج بنيات يـُت ُ
موضوعيتها ،إنه املبدأ الذي يسمى اليوم مببدأ الثقافة النظامية" (برتراند ،9002 ،ص -129
.)129
و بناء على ما سبق ،فإن " كل فعل سواء كان مؤسساتيا أم ال يعترب عنفا رمزيا ،ألنه يقوم على جعل املرسل
يفرض على املتلقي طريقة من طرائق التفكري أو شكال من أشكال معاجلة املعلومات ،بعبارة أخرى ،تدافع
البيداغوجيا املؤسساتية عما حتاربه" (برتراند ،9002 ،ص .)129
-2-1بيداغوجيا التوعية:
حتتوي هذه البيداغوجيا على مجاعتني من املفكرين ،حيث تنتمي اجلماعة األوىل للتوجهات اليت كان Paulo
Freireأول من حدد معاملها ،أما اجلماعة الثانية فيمثلها مفكروا البيداغوجيا النقدية.
-1-2-1الفكر التربوي عند Paulo Freireو المتأثرين به في البيداغوجيا التحريرية:
أ -الفكر التربوي عند :Paulo Freire
" كان Freireيف بداية حياته مدرسا ،و قد استطاع بعد مخس عشرة ( ) 15سنة من اخلربة يف جمال التعليم
أن يبين مفهوم بيداغوجيا التوعية ( حيث الحظ أثناء ممارساته لعمله أن الفئة العامة من الناس تتعرض للسيطرة
و للحرمان من طرف الطبقات احلاكمة ) ،كما أن Freireوضع يف طليعة اهتماماته تصورا حمددا
للثقافة...فهو يفضل االنطالق من تكوين الفرد على أساس ثقافة نقدية...و قد توصل بعد دراسته للمجتمع
23
الربازيلي إىل وصفه باجملتمع املنغلق الذي يعيش فيه الناس مستلبني ملزمني بالصمت و غري قادرين على اختاذ
قرارات و فاقدين لكل حس نقدي ،و ملا حان وقت التغيري ،وقت انفتاح اجملتمع و تأسيس الدميقراطية ت
استبعاد مسامهة الشعب باسم احلفاظ على احلرية املهددة ،و باسم الدميقراطية .إن املشكلة اليت يسعى
Freireإىل حلها هي مساعدة الشعب على االضطالع بنفسه بعملية االنتقال إىل الدميقراطية حيث يقول
{إننا يف حاجة لرتبية جتعلنا قادرين على اختاذ القرار و على حتمل املسؤولية االجتماعية و السياسية} ،و حلل
مشكلة االنتقال إىل الدميقراطية يطرح Freireالرتبية كممارسة دميقراطية للحرية تقوم على استعمال طريقة
نشطة و تأسس على احلوار و على النقد و على تكوين أفراد قادرين على إبداء الرأي" (برتراند ،9002 ،ص
.)125
استراتيجيات الفكر التربوي التوعوي عند ( :Paulo Freireبرتراند ،9002 ،ص -122
.)122
السلَّمية املوجودة بني األفراد،
الحوار :و هو أول عنصر هلذا األسلوب ،و يقصد به تلك العالقة غري ُ
ينمي شعوره باملسامهة يف احلياة العامة
و هو يسهل التواصل ...يقول { Freireيستطيع اإلنسان أن ّ
كلما وجد نفسه يف جو حواري ،الن السلوك احلواري يتطلب الشعور باملسؤولية االجتماعية و
السياسية ،}...و يف ميدان الرتبية يلتزم املريب ببناء املعرفة مع الطلبة من خالل احلوار املستدمي ،ألنه ال
يستطيع نقل املعرفة انطالقا من عالقة السيطرة اليت تربط بينه و بني الطلبة ،إن الرتبية التحريرية تتعارض
متاما مع البيداغوجيا اليت تقوم على السيطرة.
االرتباط بالواقع :يشكل االرتباط بالواقع اخلاصية الثانية لبيداغوجيا التوعية ،لكوهنا تنطلق من جتارب
الطلبة احلياتية بغض النظر عن مستوياهتم الدراسية ،إهنا بيداغوجيا تتموقع ضمن كل ما هو حمسوس و
ضمن احلس املشرتك و ضمن احلياة اليومية للتالميذ.
بناء الثقافة :يشكل تعليم الطالب اخلاصية الثالثة هلذه البيداغوجيا ،و يتعلق األمر هنا بتعليم
اجتماعي للطالب ،ليس باملعىن العام ملفهوم التعليم ،و لكن مبعىن التثقيف ،أي توعية األفراد بثقافتهم
و بضرورة مشاركة كل واحد منهم يف عملية البناء اجلماعي و الدميقراطي للثقافة و للتاريخ ،و يكمن
24
هذا التثقيف يف حتصيل لغة هلا معىن بالنسبة للفرد...أي أنه ال ينبغي أن نعلم الطالب ترديد مجل ال
معىن هلا بالنسبة للواقع االجتماعي و الثقايف...و عليه فإن دور املريب يتجسد يف إثارة مناقشة حول
موضوع مستمد من وضعيات ملموسة ،و أيضا يف اقرتاح أدوات تساعد الفرد يف اكتساب القدرة على
التحدث عن حياته اخلاصة ،و تساعده كذلك يف تكوين نفسه بنفسه.
تكوين الفكر النقدي :إن إشكالية التوعية جيب أن تكون ذات بعد نقدي و ينبغي أن متس جتارب
الطالب الشخصية ،أي أن الطالب يصبح بواسطتها واعيا مبشاكل اجملتمع الذي يعيش فيه ،فاألمر يف
هناية املطاف يهدف إىل متكني الطالب من التحكم يف ثقافته و يف تارخيه ،و إىل متكينه من الشعور
الواعي بالقيم اليت استنبطها ،و التحرر من قيم الطبقة احلاكمة ،و اكتساب نظرة اعتزاز بثقافته.
التكوين الكتساب القدرة على التدخل االجتماعي :و يتعلق األمر هنا بتكوين الفرد بشكل جيعل
منه فردا فاعال اجتماعيا ،تكمن وظيفته يف التحرر و يف حترير اآلخرين من قبضة الطبقات املسيطرة،
ألن احلرية كما يراها Freireتعترب يف جوهرها اجتماعية ،و ال ميكنها أن تتحدد يف الوعي الفردي
فقط.
ب -بيداغوجيات التحرر:
" محل Shorفكر Freireإىل الواليات املتحدة خالل الثمانينات و التسعينات من القرن العشرين ،و هو
من أنشأ بيداغوجي جد واقعية عن التوعية االجتماعية للفرد...حيث انطلق هذا الباحث من إشكالية
اجتماعية للرتبية و طرح التساؤالت التالية :هل تستطيع الرتبية أن جتعل الطلبة مفكرين و نقادا و عماال مهرة و
مواطنني نشطني؟ هل بإمكاننا أن ترقى بالدميقراطية و تساعد بإنصاف كل الطلبة؟ لإلجابة عن هذه
التساؤالت يطرح Shorبيداغوجيا حتررية تدعو إىل منح الطلبة كل السلطات اليت متكنهم من تغيري اجملتمع"
(برتراند ،9002 ،ص .)122
خصائص بيداغوجيات التحرر عند ( :Shorبرتراند ،9002 ،ص )909 -900
المساهمة :من خالل استناده إىل أفكار Deweyو Freireيؤكد Shorأن املسامهة ال حتدث
فقط يف األقسام الدراسية ،بل يف كل مكان من اجملتمع ،فالفرد ال ميكنه أن يعيش يف فراغ ،و الفردانية
25
تعترب حتما اجتماعية ،و من مثة ينبغي أن يكون الطالب نشيطا و مشاركا يف خنتلف النشاطات
نشأ وضعيات تسمح للطالب بأن يكون نشيطا و املدرسية و شبه املدرسية ،كما ينبغي للمدرس أن ي ِ
ُ
ليس سلبيا ،كما ينبغي أن تكون هذه املسامهة مستدمية و ذات "نشاط بيين" على أساس أن الفرد و
اجملتمع يغري كل واحد منهما اآلخر بشكل تباديل.
تعلم وجداني و معرفي :إن التعليم التقليدي يشجع على التنافس بني الطلبة ،و ينشر املشاعر السلبية
بني أغلب األفراد ،و األكيد أن التعلم ال ميكنه أن يتأسس على مثل هذه املشاعر اإلحباطية ،ألهنا
تنمي الشعور باالستسالم و التقهقر ،بل بالعكس ،ينبغي أن يكون التعليم حمررا و مركزا على املسامهة
اليت تساعد يف ظهور املشاعر االجيابية لدى كل الطلبة.
تساؤالت الطلبة :تراهن هذه البيداغوجيا على األسئلة اليت يطرحها الطلبة كمحرك لعملية " اهلدم
النقدي" للمعلومات اليت تصلنا عن طريق وسائل اإلعالم و املؤسسات املدرسية ،فالبيداغوجيا اليت
تنطلق من مثل هذه األسئلة تتحول تدرجييا إىل نشاط حبثي يبين الطالب بواسطته معارفه ،و يتوصل
من خالله إىل اكتساب نظرة أكثر نقدا للمجتمع.
الحوار :يؤكد Shorمعتمدا على Freireأنه جيب على البيداغوجيا أن تأخذ شكل حواري
نقدي ،و ذلك عل نقيض الطريقة اإللقائية التقليدية ،فدور املدرس ال يكمن يف تبليغ املعلومات للطلبة
و لكن يف التحاور معهم يف مواضيع هتمهم ،ألهنم يتعلمون بواسطة احلوار كيف يطورون نظرة نقدية
لقدراهتم و لظروفهم و للغتهم و ملعارفهم و جملتمعهم.
إعادة النظر في التنشئة االجتماعية :جيب على املدرسني أن يتقامسوا السلطة مع الطلبة هبدف إعادة
النظر يف تنشئتهم االجتماعية ،فكلما تقاسم املدرسون هذه السلطة ،دفع ذلك بالطلبة إىل املسامهة،
بل أدى ذلك إىل جعلهم يعيدون النظر يف اخلربات و السلوكات االجتماعية ،اليت هتيكل حياهتم
املدرسية ،و منها على سبيل املثال السلوكات العنصرية ،ال يعين ذلك أن املدرسني سيدرسون الثقافة
املضادة ،بل يعين أن املدرسني سيشاركون الطلبة يف إعادة النظر يف املمارسة الثقافية و االجتماعية
السائدة.
26
تعليم ديمقراطي :إن التعليم الدميقراطي تعليم يسمح جلميع الطلبة بالتعبري حبرية و بالتعريف بنواياهم،
و باالستجابة وفق ذلك لعاملهم ،فطرائق Freireاليت كيفها بعض الباحثني تعرب عن اسرتاتيجيات
ممتازة يف التعليم التعاوين ،و هي االسرتاتيجيات اليت جاءت لتحدي النماذج البيداغوجية الشائعة اليت
تعترب أقل دميقراطية ،و خيتلف التعليم التعاوين الذي دعا إليه أصحاب النظريات التعاونية للتعليم
عن التعليم التعاوين عند الذي دعا إليه ،Freireفبالنسبة للمنظرين يف النظريات والتعلّم
التعاونية للتعليم والتعلّم فهم يعتربون التعلم التعاوين كأحسن وسيلة لتغيري املدرسة ،على اعتبار أن
لديهم نظرة بيداغوجية أو ديداكتيكية للرتبية ،يف حني أن هذا التعليم من وجهة نظر املنظرين يف
البيداغوجيات التحررية يعترب أحسن وسيلة لتكوين طلبة يكونون قادرين على تغيري اجملتمع.
جماعة من الباحثين :جيب أن يقوم الطلبة ببحوث جدية و عميقة ،فهم ال يتوافدون على املدارس
للحصول على املعارف فقط ،فينبغي عليهم أن يتحولوا إىل مجاعة من الباحثني يكمن دورها يف
االشتغال بالتغيري االجتماعي.
تداخل المواد :يعد تقسيم املواد عائقا هاما جيب جتاوزه بواسطة التعليم املتعدد املواد ،و ما جيب فعله
هو جتنب عزل تعلم اللغة كمادة وحدها ،بل جيب على الطالب أن يكون قادرا على تعلم اللغة
املكتوبة و املنطوقة من خالل مجيع املواد.
الممارسة االجتماعية :يرى Shorأنه ال ينبغي حصر البيداغوجيا يف القسم فقط ،بل جيب أن
تنطلق حنو املمارسات االجتماعية ،و هو يف ذلك يعود إىل Freireو إىل مفهومه حول " العمل
الثقايف من أجل احلرية" أي املشاركة يف جمموعة من املطالب و تنظيم املظاهرات ضد الالمساواة
االجتماعية و املشاركة يف االنتخابات و يف املسريات من أجل بلوغ حقوق األقليات و النضال من
أجل الدفاع عن البيئة.
-2-2-1البيداغوجيا النقدية( :برتراند ،9002 ،ص )902 -905
تتميز البيداغوجيا النقدية عن البيداغوجيات التحريرية ببحثها األكثر تطورا يف جمال أسس الرتبية االجتماعية ،و
تتموقع هذه البيداغوجيا و تتضح يف نقطة تتقاطع فيها ثالثة اجتاهات أساسية هي:
27
أ -املاركسية األرطودكسية ( أين ت االبتعاد عن املوقف املاركسي التقليدي الذي يهتم خاصة باملشكالت
االقتصادية و بالطبقة العاملة ،فلقد كانت املاركسية أول من استعمل لغة تسهل النقد االجتماعي لوظائف
املدرسة يف جمتمعنا ،و هي اللغة اليت تدعو إىل فكرة أساسية تكمن يف استنساخ النظام االجتماعي و
االقتصادي السائد ،و تعترب املدرسة حسب هذه اللغة آلية لالستنساخ و لالنتقاء ،أي أن املدارس ال تعدو أ ن
تكون سوى منظمات اجتماعية تقوم بوظيفة االستنساخ االجتماعي و االقتصادي و الثقايف ).
ب -علم االجتماع الرتبوي اجلديد ( و الذي يطرح نقدا جذريا للرتبية اليت متنحها األنظمة املدرسية ،كما يرى
أن جتزئة املواد الدراسية ،و ترتيب املعارف ضمن نظام سلمي ،و رفض املعارف غري املدرسية عبارة عن أدوات
تساعد يف انتقاء الطلبة حسب انتمائهم الطبقي ،و بعبارة أخرى ينظر للربجمة الدراسية كوسيلة فعالة يستعملها
اجملتمع لالنتقاء اإليديولوجي ).
ج -الدراسات الثقافية ( و اليت نعثر عليها يف مصادر خمتلفة كاألنرتوبولوجيا ،و الدراسات النسوية و
الفينومينولوجيا ،و مدرسة فرانكفورت ،و البنيوية ،و النصوص اليت تناولت موضوع ما بعد العصرنة ،كما يوضح
Girouxبأن احلكومات ال تكون حمايدة ألهنا هي من ُمي ِّول الرتبية ،و بالتايل فإن املدارس ليست حمايدة يف
ممارستها البيداغوجية ،فهي تثبِّت من هم أكثر ثراء يف امتيازاهتم ،و تقصي و هتمش ثقافة األقليات ،أي خرباهتا
و تارخيها و أحالمها ).
إن مشكلة املدرسة هي مشكلة عالقتها باجملتمع ،فاملدرسة أداة ثقافية لالنتقاء و لالستنساخ و تُستغل لصاحل
الطبقات السائدة ،وملا كانت وظيفة املدرسة ترتبط بعملية التنشئة االجتماعية فإن املشكلة كما يعتقد
Girouxتتعلق مبمارسة جمموعة معينة من األفراد للسلطة على جمموعات أخرى عرب املؤسسات املدرسية ،و
هنا تكمن مشكلة كبرية متس مجيع املؤسسات الثقافية للمجتمع ،فالنخبة هي اليت تراقب تطور اجملتمع بواسطة
مؤسساته الثقافية ،فهو يرى أن اجملتمع ال يشجع األفراد و مينعهم من القيام بتحليل معمق للمشاكل
االجتماعية اليت جنمت عن التصنيع املفرط ،كما يالحظ أن البنيات الثقافية كالتلفزيون و املدارس و املذياع
تستخدم كأدوات لتحويل أذهان الناس عن املشاكل احلقيقية ،و توجيههم حنو االهتمام مبشكالت زائفة ،فهذه
املؤسسات تشغل األذهان خالل احلياة بكاملها ،أمال يف أن حتافظ اجلماعات املوجودة يف السلطة على
28
سلطتها أكرب قدر ممكن من الزمن ،أما اجملتمع فيطرح علينا ثقافة مجاهريية متيزها الرداءة و النفعية ،هلذه
األسباب يكون من الصعب يف مثل هذا الوضع تكوين مواطنني يكونون يف املستقبل قادرين على النقد و على
املعارضة و على تغيري اجملتمع ،و عليه فإن حتليل املشكلة االجتماعية للرتبية أصبح بالنسبة لبعض الباحثني
حتليال لصناعة ثقافية ،و يف نفس الوقت والدة للغة نقدية.
أ -مبادئ البيداغوجيا النقدية( :برتراند ،9002 ،ص )912 -912
االهتمام بالقيم االجتماعية :يلح Girouxعلى الكرامة اإلنسانية اليت تتجسد يف احلرية و املساواة
و العدالة االجتماعية ،و يصر أيضا أن هدف البيداغوجيا النقدية يكمن يف خلق تصور سياسي ميكن
من إنشاء ميادين جديدة مؤسسة على مبادئ املساواة و احلرية و العدالة ،كما ينبغي للبيداغوجيا
النقدية أن تطور الشعور باملسؤولية االجتماعية لدى األشخاص ،و جيب على الطلبة أن يتعلموا كيفية
الدفاع عن حقوق اإلنسان و مقاومة الالمساواة االجتماعية.
بناء لغة نقدية :يعد بناء و استعمال لغة نقدية املبدأ الثاين للبيداغوجيا النقدية اليت تسعى إىل
االنضواء حتت لواء "منوذج راديكايل" ،فالفرد ال يكتسب القدرة على نقد التنظيم االجتماعي إال إذا
تلقى تربية يف هذا االجتاه ،كما أن الدميقراطية تقوم على احلس النقدي املتنامي لدى الفرد.
الطابع االجتماعي للمعرفة :املعرفة ليست شيئا موضوعيا يف حد ذاته ،بل إهنا مرتبطة ارتباطا قويا
باملمارسات االجتماعية و الثقافية للمجتمع ،و يرى Girouxأهنا جمموعة من النصوص الشفوية و
املكتوبة و النظرية اليت متكن األفراد من تعلم كيف يسامهون ،و كيف حيللون عالقاهتم بالغري و احمليط،
لذلك ينبغي على الفرد احرتام الفروق الفردية بني األفراد و بني اجلماعات ،و أن يكتسب نظرة
متعددة الثقافات و نظرة بيئية و غري عنصرية و ال أبوية جتاه اجلماعة الدميقراطية ،كما ينبغي اعتبار
املربني " عماال تثقيفيني" ما دام املنهاج هو منتوج سياسة ثقافية.
ب -االستراتيجيات التربوية للبيداغوجيا النقدية( :برتراند ،9002 ،ص )912 ،912
مل يقدم علماء البيداغوجيا النقدية الكثري حول اسرتاتيجياهتم البيداغوجية ،فهذه البيداغوجيا تعد بالنسبة هلم
أداة حتليل قبل أن تكون إسرتاتيجية تعليمية ،هتتم بتنظيم احملتويات اليت تسعى إىل تبليغها ،و من خصائص
29
البيداغوجيا النقدية أهنا تنتقد األسس اليت تقوم عليها كل املواد ،أما مهمتها العمومية فتكمن يف جعل اجملتمع
أكثر دميقراطية ،و ينبغي أن تنطلق املمارسة النقدية من احلياة اليومية االجتماعية – الثقافية للطالب ،أي من
تارخيه ،و هي تتناول كثريا مواضيع التنظيم و تأسيس التصورات النصية و الشفهية و البصرية ،و لذلك هتتم
هذه البيداغوجيا بدراسة النصوص املكتوبة و املعاين اليت ختفيها الربامج السمعية البصرية و األفالم و الفنون.
-3-1النظريات البيئية االجتماعية للتربية:
" تركز النظريات البيئية االجتماعية للرتبية اهتمامها على املشكالت الكربى املتولدة عن البنيات االجتماعية و
االقتصادية و السياسية و الثقافية ،مير اجملتمع مبرحلة انتقالية ال شك أهنا سترتك بصماهتا يف هناية هذا الطور من
أطوار تاريخ كوكبنا األرضي ،إنه طور التصنيع اجلنوين للمجتمعات ،و إذا ما أردنا ضمان تطور صحي
للمجتمع و للفرد و للطبيعة ،فإنه من الضروري إحداث تغريات كربى ،ألن املشكالت البيئية اخلطرية اليت
نواجهها يف بداية هذا القرن الواحد و العشرين ( ،)91تبني إىل أي حد أصبح من الضروري االهتمام بالفكر
اإليكولوجي ،خاصة فيما يتعلق بإحداث تنظيم يشمل احلياة على األرض ،إن الطبيعة تفرض علينا حدودا
لتفادي االحنراف عن صفات اجلنس البشري ،مث إن حل هذه املشكالت ال يكمن فقط يف قلقنا الكبري على
البيئة ،أو يف حتسني فعالية املدرسة ،أو يف القضاء على الطبقات االجتماعية ،أو يف خلق تكنولوجيا إعالمية
بيداغوجية أكثر فعالية ،بل يكمن أيضا يف خلق نظرة جديدة للعامل ،أما دور املؤسسات املدرسية فيتمثل يف
مسامهتها يف تكوين مجاعي هلذه النظرة " (برتراند ،9002 ،ص .)913 ،912
-1-3-1البيداغوجيا االجتماعية للنمو الذاتي:
" يعترب Jacques Grand’Maisonمن املؤلفني الكيبيكني الذي كتبوا يف مواضيع اجتماعية عديدة ،و
لقد عرب عن فكره الرتبوي يف كتب عديدة ...و تعترب بيداغوجيته اجتماعية و قريبة من فكر "Freire
(برتراند ،9002 ،ص ،)912حيث تعد جتسيدا للعديد من النظريات النقدية احلديثة.
-1-1-3-1أهم عناصر نظرية :Jacques Grand’Maison
أ -نمذجة المدارس ":بدأ Grand’Maisonمبحاولة التغلب على مشكلة عدم التالؤم االجتماعي
للمدرسة ،فهو يرى أن البنيات احلالية للنظام املدرسي ما زالت إقطاعية ضمن مدنية هتزها تيارات اجتماعية و
30
ثقافية و اقتصادية و سياسية و إيديولوجية و تيارات مضادة هلا من نفس النوع " (برتراند ،9002 ،ص
،)912و ذلك جبعل باملدرسة حيزا أكثر إنسانية للوصول إىل حتقيق الرتبية اإلنسانية ،فبيداغوجيا النمو الذايت
للطالب ال تقوم إال على قاعدة اجتماعية منسجمة و ملتحمة بالثقافة االقتصادية و السياسية " ،إذ ال تنجح
البيداغوجيا إال إذا حتولت إىل ممارسة اجتماعية للنمو الذات ،و ختلت عن منطقها األدوايت ليحل حمله منطق
حتقيق النمو للجميع"( برتراند ،9002 ،ص .)912
االستراتيجيات البيداغوجية :تتميز " االسرتاتيجيات البيداغوجية هلذه النظرية الرتبوية بثالث خصائص
رئيسية :إهنا أوال بيداغوجيا مشرتكة (بني فئات العناصر الفاعلة ،و التنظيمات اإلدارية ،و الثقافية ،و التقنية ،و
االجتماعية) ،ثانيا هي بيداغوجيا لصيقة بالتجربة املعيشة و بالواقع االجتماعي ،و هي ثالثا تتوفر على تآزر بني
األحداث األساسية للحياة" (برتراند ،9002 ،ص .)999
و تأخذ هذه االسرتاتيجيات البيداغوجية " شكل شبكة تدعم التعلمات القاعدية ،و هي الشبكة اليت يطلق
عليها Grand’Maisonاسم الشبكة البيداغوجية لألفعال األساسية الرتبوية ،إهنا شبكة ترتبط مباشرة
باحلياة اليومية" (برتراند ،9002 ،ص .)995
و هي كما يلي( :برتراند ،9002 ،ص )992 -995
مهارة الفعل :جيب اللجوء إىل امليدان لتعليم مهارة الفعل و لتحقيق التعلمات التقنية (ألهنا تساعد
على االرتباط بالواقع) ،كما جيب إلغاء االنفصام بني العمل اليدوي و العمل الفكري.
مهارة التفكير :تعاجل املدرسة معارف و تقنيات ،و لكن هل تُعلم األفراد كيف يفكرون بدقة و
بصرامة و حبكمة؟ لذلك جند Grand’Maisonيؤكد على أن تكون املدرسة مكانا مفضال
لتنمية امليل إىل ممارسة تفكري جدي و مستقبلي صارم ،لتُمكن األفراد من القدرة على إصدار
األحكام و إثباهتا ،و متييز ما يبث يف وسائل اإلعالم من أخبار.
مهارة العيش :إن اآلفات االجتماعية املنتشرة يف اجملتمعات باتت تؤثر بشكل كبري على التنشئة
االجتماعية لألفراد ،لذلك جيب تربية األفراد على حتمل املسؤولية يف احلياة ،و حماولة املوازنة بني
احلريات الفردية و الضرورات اليت حيتاج إليها اجملتمع.
31
مهارة المشاركة :يعترب تطور و جودة العالقات االجتماعية و الروابط اإلنسانية من وظائف املدرسة،
لذلك وجب عليما أن تقوم برتبية األفراد على كيفية جتاوز املصاحل الفردية من أجل حتقيق مصاحل
اجلماعة.
مهارة الحديث :جيب على املدرسة أن تستخدم ثقافة قريبة من األفراد لتس ّهل عليهم التعبري عن
واقعهم باستخدام مهارة احلديث ،و إال ستكون املدرسة بعيدة كل البعد عن احلياة.
ب -التنظيم البيداغوجي :يرى Grand’Maisonأن البيداغوجيا جيب أن تكون " ذات طبيعة إنسانية
قريبة جدا من اجملتمع ،و هي من خالل ذلك ستساعد يف اكتساب اخلربة املوقفية و يف اكتساب العيش يف
الواقع...كما جيب أن تكون قادرة على حتقيق التغريات الثقافية و االجتماعية و االقتصادية و السياسية
للمجتمع و جلميع أوساط احلياة...كما يرى أنه جيب العمل انطالقا من شبكات العالقات اليومية لفرد مع
وسطه ،و تتبني هذه العالقات يف ثالث مستويات:
مستوى اخلربات العفوية و شبكات األشخاص الذين تربط بينهم عالقات و شبكات مكانية و زمنية
و شبكات النشاطات و مراكز االهتمام.
مستوى اخلربات املنظمة و شبكات االنتماء (منظمات و مؤسسات) و شبكات السلطة و الزعامة و
شبكات التقنيات املستعملة.
مستوى اخلربات املعرب عنها (رموز ،غايات ،إيديولوجيات) و شبكات الكلمات و العبارات األساسية،
و شبكات الرموز اليومية و شبكات االجتاهات (قيم و إديولوجيات و سياسات)" (برتراند،9002 ،
ص .)993 ،992
و بناء على ما سبق ،تعد الرتبية أسلوبا منسجما و شامال يف معاجلة اخلربة اليومية " و ما جيب إعادة إنشائه
هو القاعدة االجتماعية انطالقا من بيداغوجيا اجتماعية للنمو الذايت...من خالل حيز مكاين للممارسة و
التفكري و التضامن ،يكون منظما يف حيز اجتماعي و مؤسسايت معني "( برتراند ،9002 ،ص ،)993إذا
فالبيداغوجيا هي مسؤولية مجيع املؤسسات.
32
-2-3-1تربية نسقية في مجتمع إيكولوجي اقتصادي:
" إن ما مييز اجملتمع اإليكولوجي هو ظهور توازن اقتصادي جديد يسعى إىل االستجابة للحاجات اإلنسانية ،و
إىل تأمني البقاء و تطور النظام االجتماعي ،إضافة إىل سعي هذا التوازن االقتصادي اجلديد ملواصلة تعاون
حقيقي مع الطبيعة" (برتراند ،9002 ،ص ،)992و يعرض De Rosnayالقيم اليت يتأسس عليها
مشروع اجملتمع اإليكولوجي االقتصادي ،و منها " املشاركة و الالمركزية و التعاون و العمل اإلبداعي و املنطق
الشامل و الفكر االبتكاري و احرتام اآلخرين و التعايش " ،و هذا ما سيساعد اإلنسان على الرؤية الشاملة
للمشكالت و األنظمة ،و الرتكيز على التفاعالت بني خمتلف العناصر ،و وضع تصورات مستقبلية.
أ -مبادئ التربية النسقية:
" تقوم الرتبية النسقية من الناحية العلمية على مخسة مبادئ أساسية هي:
مبدأ المقاربة اللولبية :تعد املقاربة التقليدية ذات اجتاه خطي و تعاقيب ،حيث أهنا تقوم على عملية
انتقال من نقطة إىل أخرى ،و جيب تعويضها مبسار يأخذ شكال لولبيا يسمح بالقيام بارتدادات و
اسرتدادات ،و ميكن تطبيقها يف مستويات تربوية عليا.
مبدأ التعدد السياقي :جيب أن تقوم دراسة مفهوم معني على أساس يأخذ بعني االعتبار تعدد
السياقات اليت ميكن اغرتافه منها ،بدل االعتماد على حصره يف سياق واحد أو تعريف واحد و
ثابت.
مبدأ تشابك األنظمة :يسمح استعمال مواد مثل البيولوجيا و االقتصاد باستثمار و تشابك و دينامية
األنظمة.
مبدأ المواضيع العمودية :تساعد املواضيع العمودية مثل موضوع "أصل احلياة" يف إدماج جمموعات
عديدة من املعارف ذات مستويات خمتلفة.
مبدأ الربط :يفرتض فهم ظاهرة يف حد ذاهتا ،إقامة روابط بينها و بني ظواهر أخرى( ".برتراند،
،9002ص )991 -990
33
-3-3-1تربية خبراتية:
" تعد نظرية Jantschمن النظريات الرتبوية املعقدة ،و يعترب Design for Evolutionمن أهم
مؤلفاته ،فهو يتناول فيه موضوع اكتساب و استعمال املعرفة ألغراض إنسانية...و يعتقد على غرار De
Rosnayو Tofflerأنه من الضروري تغيري طريقتنا يف النظر إىل األشياء ،و من الضروري أن نلجأ إىل
النظرية العامة لألنساق...حيث يؤكد أن األنساق املعرفية تتطور بنفس الطريقة اليت تتطور هبا األنساق
اإلنسانية ،أي بطريقة التغذية ال ُـمرجعة"( برتراند ،9002 ،ص .)999
" يستعمل Jantschمفهوم نظام اخلربات املتبادلة و هو مفهوم "حيتوي على القدرة اإلبداعية و على
التصورات العلمية ،و من مثة فإن احلدس يلعب دورا هاما يف اخلربة اإلنسانية ،أما أهداف الرتبية فستسعى إىل
إثراء و إىل تفعيل خربة املتعلم ،أي أن أهداف الرتبية تكمن يف منو العقل و يف حتسني قدرة املتعلم على تنظيم
خربته العامة و توجيهها حنو هدف معني من خالل استعماله ألساليب االستفادة من اخلربات البحثية األخرى،
و يؤدي إىل ذلك إىل حدوث موقف ديناميكي مييل إىل االجتاه حنو اهلدف ما دام أن األمر يتعلق بإعداد الطلبة
للتكيف اجليد مع مواقف يصعب علينا توقعها أثناء عملية التعليم"( برتراند ،9002 ،ص .)999
أ -محاور التربية عند ( :Jantschبرتراند ،9002 ،ص )992 ،999
مفهوم العالقات اإلنسانية :أي تصور التجربة يف عالقتها بالعامل احمليط ،و خيتص هذا اجلزء من الرتبية
بعالقات اإلنسان مع الواقع الفيزيائي و االجتماعي و الروحي ،و يف هذا اجملال يتم التعرض ملعاجلة
التواصل و اإلبداع و املناهج العلمية اليت تتناول املظاهر الديناميكية لعالقات اإلنسان بالعامل ،و من
املمكن أن حيتوي على مواضيع البيولوجيا و علم النفس و التحليل النفسي و نظرية اإلبداع و مبادئ
االتصال و السيربنيتيك و كذلك كل أشكال االتصال مثل ( التواصل الروحاين و غريه).
مفهوم الوسائل :أي تنظيم احمليط ( األوساط الطبيعية و الفيزيائية و االجتماعية ) و تعد إقامة نظام
بني األفراد و تكنولوجياهتم و أنظمة اتصاهلم و طموحاهتم و توقعاهتم و أهدافهم ،املوضوع املركزي هلذا
النظام ،أما الرتبية فيمكن أن تتضمن املواضيع التالية :عمليات التجديد و التخطيط االبتكاري و
34
العلوم السياسية و املقاربة النسقية للتخطيط و نظريات اختاذ القرار و الدراسات املستقبلية و املؤشرات
االجتماعية حلدوث التغيري.
مفهوم الحدس :أي التنظيم الثقايف لألنظمة االجتماعية و يتمركز التعلم يف هذا املستوى على الفهم
اجليد لتطور القيم ،أما املفهوم األساسي هنا فهو :منهجيات البحث يف قيم األخالق و الدين و علم
اجلمال ،أي البحث النسقي طبيعة قيم خمتلف املؤسسات اليت تتضمن سلوكات خمتلفة.
-4-3-1مناهج المستقبل:
اعترب برتراند ( ،9002ص )995 ،992أن Tofflerق ّدم لنا فكرة جد هامة حول العالقات بني الرتبية و
ثقافة املستقبل و اجملتمع الصناعي احلديث ،فمن ناحية جند هذه الفكرة ترفض بوضوح بعض البنيات الرتبوية
املعاصرة ،و من ناحية ثانية جندها تعارض أولئك الذين يدافعون عن املاضي و عن التقاليد لتتجه حنو القيام
بعملية دمج عميقة للمستقبل كمحور أساسي للرتبية ،إذن ،إن املستقبل جيب أن يعاجل كإمكانية للتغيري يف
نطاق ما تسمح به املؤسسات االجتماعية اليت مل تعد متوافقة مع حاجات عصرنا ،ذلك أن املستقبل مل يعد
فقط نقطة انطالق تغيري الفرد فحسب ،بل أصبح حافزه الداخلي حلدوث ذلك التغيري ،و لقد صار املستقبل
يشكل نظرة الفرد للغد ،هذا الفرد الذي يوجه حتليالته حنو التغريات اليت جيب إدخاهلا على املؤسسات
االجتماعية.
" كتب Tofflerأن إدراج املستقبل يف التعلم يرتبط بالضرورة بالتوجهات العميقة حنو تغيري العامل
املعاصر...حيث تعترب دراسة املستقبل أساس التعلم ،فإذا كنا غري قادرين على بناء تصورات توقعية فإننا ال
سقط كل واحد منا صورة حية عن املستقبل عن واجهة شعوره ،و لكل واحد منا نستطيع أن نتعلم بالفعل ،ي ِ
ُ
يف طيات نفسه توقعات قصرية و متوسطة و طويلة املدى ،و احلقيقة أن هذه البنية اخلفية املتكونة من تصوراتنا
األولية حول املستقبل ،هي األساس الذي يسمح للكائن اإلنساين بالعيش يف بيئة تتغري بدون انقطاع ،بل إهنا
قاعدة تكيفه ،و عليه فإن دور الرتبية يكمن يف تدعيم مهارة التكيف مع التغريات ،و يكمن اجلزء األكرب من
الرتبية يف العمليات اليت تستطيع توسيع و حتسني و إثراء صورة الفرد عن املستقبل" (برتراند ،9002 ،ص
.)992
35
و يطرح Tofflerإسرتاتيجية تربوية مهمة لتحقيق تعليم املستقبل و هي { التعلم بالعمل } " ،ففي هذه
اإلسرتاتيجية يقوم الطلبة بتنظيم أنفسهم و بتكوين فرق تتكون من أفراد ذوي أعمار خمتلفة لكسر احلواجز بني
األجيال ،مث تتفق هذه الفرق حول هدف واضح حيدد التغيري الذي يريدون إحداثه يف اجملتمع ،و هذا سينمي
لديهم شعورا باالنتماء لدى الفرقة الواحدة مما يؤدي إىل أُفول املشكالت املتعلقة بالشعور بالوحدة و بالعزلة
الذي غالبا ما يغذيه التعلم املفردن" (برتراند ،9002 ،ص .)993
و التعلم بالعمل جيب أن يتحول إىل حمور أساسي للرتبية ،أين تكون الدروس عبارة عن وسيط ثانوي يساهم يف
إعادة العالقات بني املدرسة و اجملتمع إىل وضعها الطبيعي.
36
المحاضرة الرابعة النظرية النفس معرفية(La Théorie psycho-cognitive) :
تمهيد:
ما زالت الدراسات النفسية اليت تناولت عمليات التعلم و املعاجلة املعرفية للمعلومات و خصائص املتعلم تؤثر
بشكل كيب يف البحوث الرتبوية ،و يتعلق األمر بالنظريات اليت ترى أن التعلم هو عملية بناء املعرفة ،و ما
يسمى بالنظريات البنائية.
" و اشتقت النظرية البنائية من ثالث جماالت هي:
علم النفس النمو لبياجيه Development psychologyالذي ركز على عملية التكيف و
عدم االتزان.
ما ترتب على رؤية بياجيه من علم نفس معريف Cognitive psychologyالذي ركز على
األفكار املسبقة للطالب من خرباهتم احلياتية و حماولة تغيريها و تعديلها لعدم مالءمتها لنظام خمططات
البنية الذهنية ،وتظهر هذه األفكار عند حدوث عدم اتزان معريف.
البنائية االجتماعية لفيجوتسكي Social constructivismاليت نقلت بؤرة االهتمام إىل اخلربة
االجتماعية للمتعلم ،و أمهية اللغة لنقل اخلربة االجتماعية إىل األفراد ،و دورها يف تنمية املنطقة املركزية"
( الدواهيدي ،9002 ،ص .) 15
-1اتجاهات النظرية النفسية المعرفية:
ّأدت التأثريات السابقة املتنوعة إىل ظهور تيارات بنائية خمتلفة أمهها اثنان:
تيار النظريات اليت تتناول املدركات القبلية للمتعلم ،و هي النظريات اليت نصفها بالديداكتيكيات
البنائية.
تيار النظريات اليت تعاجل املالمح البيداغوجية للمتعلم( .برتراند ،9002 ،ص )22
37
-1-1الديداكتيكيات البنائية:
" لقد ظهرت النظرية البنائية كنظرية بارزة للتعلم يف العقد املاضي نتيجة ألعمال Deweyو Piagetو
Brunerو ،Vygotskyالذين قدموا سوابق تارخيية للنظرية البنائية و اليت متثل منوذج لالنتقال من الرتبية
اليت تستند على النظرية السلوكية إىل الرتبية اليت تستند على النظرية املعرفية (".صادق ،9009 ،ص )155
" و تعترب الفلسفة البنائية من الفلسفات احلديثة اليت يشتق منها عدة طرق تدريسية متنوعة ،و تقوم عليها عدة
مناذج تعليمية متنوعة ،و هتتم الفلسفة البنائية بنمط بناء املعرفة و خطوات اكتساهبا ( ".سعودي .1223 ،ص
)222
-1-1-1نظرية Piagetللنمو العقلي:
" لقد توصل Piagetيف هناية حياته إىل استنتاج أنه ال وجود ملعارف نامجة عن جمرد القيام مبالحظات و دون
تنظيم ،يساهم يف حدوثه الفرد من خالل نشاطاته ،بل ال وجود (لدى اإلنسان) لبنيات معرفية مسبقة أو
فطرية ،إن كل ما يورث هو نشاط الذكاء ،و هو النشاط الذي ُحي ِدث بنيات من خالل تنظيم سلوكات متتالية
يؤثر هبا الفرد على األشياء...لقد مسحت أعمال Piagetبإعداد نظريات تربوية بنائية ،األمر الذي جعل
اهتمام الباحثني يف بلدان خمتلفة ينصب على مظهرين أساسيني يف النظرية البياجيسية :يرتبط املظهر األول
مبجاالت التفاعل اليت يبين فيها الفرد معرفته و ينمو ضمن سريورة شاملة من التعديل الذايت و التكيف مع
حميطه ،و يتعلق املظهر الثاين مبراحل منو الطفل"( برتراند ،9002 ،ص )30 ،22
" و قد جعل Piagetالتفاعل بني الذات و احمليط حمور منوذجه النظري ،فالطفل يؤثر يف احمليط و يتأثر
مبثرياته ،و منو الذات معرفيا هو عبارة عن سريورة تتألف من طفرات متعاقبة تتحقق من خالل املالءمة و
االستيعاب (دمج املثريات اجلديدة يف اخلطاطات املوجودة) ،و مبا أن التعلم سريورة تتم بالتفاعل ،فإن
للعمليات اليت تقوم هبا الذات دورا حموريا يف بنية تفكريها ،و هذه العمليات ترتكز طبعا على استعمال املعارف
السابقة يف استيعاب معرفة جديدة ( ".بوتكالي ،9010 ،ص )202
" حيث ركز Piagetيف نظريته على تفاعل الطفل مع بيئته ،و اعترب البيئة شرطا أساسيا لكي يتمكن الطفل
من االستمرار يف منوه ،و ذلك من خالل إدماج املثريات اجلديدة مع ما هو موجود عنده من خمططات معرفية
38
سابقة ،لتتحول هي األخرى إىل مكونات جديدة يف املخططات املعرفية و هكذا ،و لكن البنائية ال تعين
إمكانية تدخل العوامل البيئية يف تسريع النمو العقلي إال يف إطار حمدود ،حبيث يرى Piagetبأن النمو
العقلي هو الذي يتحكم يف التعليم و ليس العكس ،و من هنا فإن التعليم ال ينبغي أن يكون قائما على تبليغ
املعلومات ،و إمنا على تسهيل بناء املعلومات لكل طفل مبفرده ،و هذا بواسطة األدوات التعليمية و االحتكاك
مع احمليط ،و هبذا يصبح التعليم قائما على االختيار بني األدوات و وضع املتعلمني يف بيئة تعليمية تناسب
مستوى منوهم العقلي .إن النظرة البنائية جعلت من املتعلم و ما حيمله من مستوى النمو العقلي العنصر
الرئيسي يف العملية التعليمية (".لكحل ،9011 ،ص .) 29
أ -مسار بناء المعرفة عند :Piaget
" يوضح Piagetمسارات بناء املعرفة عند الفرد و تتم على النحو التايل:
تمثيل المعرفة عقليا :Assimilationحيث يقوم الفرد بتمثيل املعرفة املكتسبة و اخلربات
املرتبطة هبا متثيال عقليا داخليا ،فيكون هلا صورة عقلية ،مما يسمح له بإعادة تنظيمها مرة أخرى
لتجسد أبعادا و خططا و لبنات جديدة يف الرصيد املعريف الذي يكونه و ينميه باستمرار.
مالءمة المعرفة و القدرة للوضعية المستجدة :Accommodationو هي املرحلة اليت
حيدد فيها الفرد املالئم من املعارف اليت ميتلكها للوضعية املستجدة " ،و يؤكد Giordanقائال بأن
االستيعاب حيتوي على عملية تغيري صورة البنيات املعرفية ،و من مثة البد من إنشاء عملية تعيد تنظيم
املعارف ،كما جند Piagetيستخدم عبارات التكيف مث التجريد االرتداد بقوله إن التلميذ يدخل يف
نظامه املعريف اخلاص به معطيات العامل اخلارجي ،حيث تتم عملية معاجلة املعلومات اجلديدة تبعا
للمكتسبات السابقة ،لكن هذه املعلومات تقوم بتغيري خطاطاته الفكرية " (برتراند،9002 ،
ص.)32
مرحلة التكييف :Adaptationو هي الوضعية الديناميكية اليت جتمع بني االستجابة (السلوك)
و الوضعية اليت أدت إىل ظهور هذه االستجابة ،مبا خيدم خربة و معارف هذا املتعلم ،حيث ستدخل
حصيلة هذا السلوك ،و تصنف مستقبال كمعارف و قدرات قبلية ( ".نعمون ،9012 ،ص )902
39
ب -مراحل النمو العقلي عند :Piaget
" بذل Piagetجهدا كبريا يف حتديد مراحل النمو العقلي ،و توضيح خصائصها ،فقد حدد أربعة مراحل،
المرحلة األولى :تتمثل يف مرحلة النشاط احلسي احلركي ،و اليت تبدأ يف السنتني األوليتني من حياة الطفل،
حيث يتعلم خالهلا الكثري من املهارات العقلية و احلركية عن طريق احلديث و املشي و اللعب و اخلربة املباشرة.
المرحلة الثانية :فتسمى مبرحلة ما قبل العمليات ،و تبدأ من السنة الثالثة و حىت السابعة من عمر الطفل ،و
متتاز هذه املرحلة بالنمو اللغوي لدى الطفل ،و اعتماده على اإلدراك احلسي املباشر ،مع تكوين صور عقلية
لكثري من األشياء مع بداية تكوين مفاهيم الوقت و الفراغ.
المرحلة الثالثة :و تتمثل يف مرحلة العمليات املادية و اليت تبدأ من سن السابعة و حىت احلادية عشرة ،و فيها
يكتسب الطفل القدرة على التصنيف و الرتتيب ،و إجراء املقارنات و تصور النتائج املتوقعة ،و توقع نتائج
عكسية ،و منو مفهوم العدد ،و القيام بالعمليات املنطقية و الرياضية كاجلمع و الطرح و الضرب و القسمة و
الرتتيب و التعويض.
المرحلة الرابعة :و تتمثل يف مرحلة العمليات اجملردة و هي آخر مراحل النمو العقلي اليت حددها Piagetو
اليت تبدأ من سن احلادية عشر و حىت اخلامسة عشر ،و هنا ينتقل الطفل من عمليات تفكريه من املستوى
احلسي إىل مستوى التفكري اجملرد ،و استخدام الرموز يف العمليات الفكرية ،مع القدرة على إدراك العالقات بني
شيئني أو أكثر ،و وضع أكثر من احتمال للقضايا و األمور اليت تواجهها ،و عمل مقارنات و الوصول إىل
االستنتاجات و تكوين الفروض و إدراك املفاهيم اجملردة ،و التفكري املنطقي و ضبط املتغريات يف التجارب و
القدرة على تقومي األفكار و نقدها( ".س .سعيد .9003 ،ص )992
-2-1-1فلسفة النفي لـ ـ ـ ـ ـ : Gaston Bachlard
تفرد Bachlardبإسهاماته املتميزة يف تفصيل و حتليل كيفية بناء املعرفة عند املتعلم ،ضمن منوذج بنائي
متفرد ،ترك فيه أثرا كبريا و مهما يف منهجية البحوث الرتبوية اليت أعدت الحقا ،فهو صاحب فلسفة النفي و
مفهوم القطيعة اإلبستيمولوجية ،حيث يرى أن املعرفة العلمية الصحيحة تتشكل على أنقاض املعرفة العلمية
اخلاطئة.
40
" لقد طرح Bachlardفلسفة بنائية تعتمد على مبدأ النفي ،معتقدا أهنا ليست سلبية التوجه ،بل على
العكس من ذلك ،فهي تقوم على تغيري مبادئ املعرفة ذاهتا...فالفرد يبين معرفته من خالل إجراء فحص نقدي
ملعارفه و جتاربه الراهنة( ".برتراند ،9002 ،ص )31
" لقد كان ألفكار Bachlardاملتعلقة بوصول التلميذ إىل دراسة الفيزياء و هو مزود مبعارف جتريبية سبق
تكوينها لديه من الناحية العملية ،كما كان ألفكاره املرتبطة بضرورة االهتمام هبذه املعارف اليت قد تشكل
معوقات للتعلم ،تأثري على العديد من البحوث اليت جرت يف بلدان عديدة ،و هو ما أدى إىل ظهور تطبيقات
ديداكتيكية خمتلفة حوهلا...و تقوم أغلب هذه الديداكتيكيات على مفهوم فكرة املدركات القبلية( ".برتراند،
،9002ص )39
" و يعرف Larochelle & Désautelاملدرك العفوي أو القبلي بأنه نظام استقبال مرجعي تتم انطالقا
منه عملية تغيري و تكامل و اكتساب عناصر إخبارية و تصورية جديدة أو خمتلفة ،حيث تأيت املدركات العفوية
على املستوى املفاهيمي ،كنتيجة جملموع تفاعالت الفرد مع حميطه ،و تتجلى كتعابري تفسريية يستعملها الفرد
ليصف هبا تفاعالته مع احمليط...و عليه فاملدركات القبلية ليست نقاط انطالق و ال نتائج لبناء املعرفة ،إهنا
أدوات هلذا النشاط ،و هي تعدل باستمرار إلدماج كل معرفة جديدة يف البنيات القائمة اليت يتوفر عليها
الطالب( ".برتراند ،9002 ،ص )32 ،39
-3-1-1نظرية الصراع المعرفي:
بعد نظرييت كل من Piagetو " ، Bachlardظهر ما يعرف بالبنائية اجلديدة ،و تقوم على فكرة أساسية
مفادها أن الصراع املعريف يكون أكرب إذا صاحبه صراع اجتماعي ،و يأخذ الصراع هنا معىن التحديات اليت
يواجهها املتعلم ،و هي حتديات خارجية تثري قدراته التعليمية على التعلم ،فهذه التحديات متنح فرصا أكثر
ملسار مواءمة البىن املعرفية املوجودة سلفا ،و هو ما حيقق التوافق الذي يفرضه االحتكاك مع البيئة خاصة ما
تعلق منها باجلانب التعليمي" ( لكحل ،9011 ،ص .)29
41
" لقد تطرق كل من Larochelle & Désautelملفهوم التنافر املعريف ،لوصف استعماالته الرتبوية ،و
لإلشارة إىل املشكالت اليت تطرحها هذه االستعماالت...حيث يلخصان اإلسرتاتيجية الرتبوية للتنافر املعريف
باألسلوب التايل:
تقديم ظاهرة يراد دراستها :يستدعي الطلبة مناقشة تصوراهتم عن الظاهرة املدروسة ،و كذلك تنبؤاهتم
يف كيفية سريها ،ميكن أن تكون هذه املرحلة متقنة على املستوى الرتبوي ،و خاصة من خالل تنظيم
حوار مع األفكار ،و من خالل حتديد املستلزمات الفكرية املرتبطة بتطور احلجج و الرباهني.
إعداد حادث اضطرابي :ميكن جعل الطلبة يواجهون ظاهرة تبدو صعبة التفسري يف إطار تصوراهتم،
أو يعارض حدوثها تنبؤاهتم ،و من مثة ينبغي أن نسلم بأن هذه الظواهر املعارضة تؤدي إىل حدوث
اضطراب معريف لدى التالميذ ،اضطراب ينجم عن الفارق بني توقعاهتم و معطيات املالحظة.
إعادة تنظيم األفكار :تتميز هذه املرحلة بالقيام بعدة نشاطات متنوعة ( مناقشات ،عروض ،أعمال
تطبيقية )...و هتدف هذه النشاطات إىل مساعدة التالميذ يف حل املشكلة أو املشكالت املرتبطة
باحلادث االضطرايب ،و هتدف بالتايل إىل إعادة التوازن املعريف ،و ينبغي أن نسلم بأن هذا احلل
سيؤدي بالتالميذ إىل تغيري مدركاهتم ،و استعماهلا يف جمال مادة من املواد العلمية.
و تكمن هذه اإلسرتاتيجية بالدرجة األوىل يف تشجيع التفكري النقدي للمسلمات ،و الغايات اليت توجه كل
عملية تستهدف إنتاج املعرفة مبا فيها املعرفة العلمية( ".برتراند ،9002 ،ص )25 ،22
إن النظرة البنائية اجلديدة أظهرت أمهية االحتكاك بالبيئة مبا جيعل الطفل يف موقع الصراع و التحدي املعريف،
وهو ما جيعله يستخدم تَعلُ َماتِه و مكتسباته السابقة لفهمه و حل الصراع و املشكل الذي أثاره ،األمر الذي
يكسبه تَعلُ َمات جديدة.
-2-1النظريات التي تعالج المالمح البيداغوجية للمتعلم:
ساهم Antoline de la Garaudieneخالل عدة سنوات و يف العديد من املؤلفات يف نشر
البحوث املتعلقة باخلصائص املعرفية و بطرق عمل التلميذ ،حيث يرى أن التجربة أثبتت أن للتلميذ استعدادات
42
تعلُ ِمية ،و أسلوب يف العمل ،و طريقة يف معاجلة املعلومة ،و قد استعار هذا العامل مفهوم امللمح
اإلبستيمولوجي عن Bachlardألنه يعتقد أن عقل التلميذ مليء باملعارف.
" يعتقد De la Garaudieneأن للتلميذ عادات معرفية سلوكية بإمكاهنا أن تتحول إىل معوقات
إبستيمولوجية حتول دون حدوث أي تغري ذهين نسعى إىل فرضه عليه...حيث قام بدراسة العادات الذهنية عن
قرب يف أقسام الدراسة عند مجاعات األساتذة و التالميذ النجباء ،ليتأكد من أن التالميذ يستعملون تصورات
ذهنية أو متثالت تتحول إىل أساليب عامة تنطبق على مجيع جماالت املعرفة ،و القانون البيداغوجي األساسي
يدل على أن حدوث التعلم و الفهم حيتاج إىل وجود مثل تلك التصورات...لقد تأكد De la
Garaudieneمن أن تعدد األساليب الذهنية و العادات اإلسرتجاعية ميكن إرجاعها إىل منوذجني كبريين
من النماذج البيداغوجية ،و مها النماذج املرئية و النماذج السمعية ،و يعود التمييز بني ما هو مسعي و ما هو
مرئي إىل طبيب األمراض النفسية العصبية الفرنسي ،Carnotفهو من قدم أثناء دروسه حول احلبسة اللغوية
يف هناية القرن 12براهني تثبت وجود تلك النماذج ،فالبصارون ( و هي صيغة ت استعماهلا لإلشارة للتالميذ
الذين يتعلمون عن طريق البصر أكثر من تعلمهم عن طريق السمع ) يتمثلون الواقع اخلارجي من خالل صور
ذهنية بصرية لألشياء أو األشكال ،أما السماعون ( و هي صيغة ت استعماهلا لإلشارة للتالميذ الذين يتعلمون
عن طريق السمع أكثر من تعلمهم عن طريق البصر ) فيعربون عن الواقع بواسطة استعماهلم للغة داخلية ،أي
أهنم يتصرفون بواسطة صور ذهنية شفوية أو مسعية( ".برتراند ،9002 ،ص )23 ،22
كما تناولت حبوث أخرى موضوع املالمح البيداغوجية و عالقتها بتعليم الرياضيات (على وجه اخلصوص)،
فالتالميذ يقومون حبركات ذهنية غري مرئية حتدد جناحهم أو فشلهم " ،و لكن ما هي هذه احلركات الذهنية يف
الرياضيات؟ كيف حنددها؟ ما هي العالقة املوجودة بني طبيعة احلركات الذهنية و أسلوب حل مشكلة ما؟ ما
هي العمليات اليت يقرهنا التالميذ بالعمليات الرياضية ،و ما هي تأثريات هذه العملية على احللول اليت
يقدموهنا؟ و كيف جنعل التالميذ ميارسون احلركات الذهنية اليت تناسبهم؟ لقد حاول Taurissonاإلجابة
عن هذه املشكالت من خالل حبوثه حول تعليم الرياضيات يف املستوى االبتدائي ،حيث تعترب حركات التفوق
يف الرياضيات حركات ذهنية دقيقة ،و ميكن حتديدها و اكتساهبا ،غري أن اكتساهبا يتطلب تعليم التلميذ كيف
43
يتعرف عليها ،فكل شيء ينطلق من التمييز الذي وضعه De la Garaudieneيف كتابه Les profils
pédagogiquesبني اإلدراك و االسرتجاع و بني الروابط املوجودة بني العادات اإلسرتجاعية و التفوق
الدراسي ،فبما أن الفهم يقوم يف آن واحد على القدرة اإلدراكية و على القدرة اإلسرتجاعية اليت تعترب عودة إىل
ما ت إدراكه ،لِتُستَخلَص منه صورة بصرية أو مسعية ،فإن عملية االسرتجاع حتدد التمثُالت اليت يضفيها التالميذ
على لغة الرياضيات ،و هي تتحقق بواسطة العودة إىل ما كان مدركا من قبل" (برتراند ،9002 ،ص ،22
" ،)100لقد مسحت البحوث اليت أجراها Taurissonعلى األطفال بالتأكيد على نقطة نادرة االستعمال
مفادها أن عملية االسرتجاع ال تتوقف على املوضوع املراد اسرتجاعه و لكن على املسرتجع نفسه...ذلك أن
نقطة البداية يف حل املشكالت هي البحث عن متثُل للمشكلة يتطابق و طريقة اسرتجاع الفرد الذي حيل
املشكلة ،فالبصار حيتاج لتصور مكاين للمشكلة ،يتضمن عناصر الصياغة لديه ،غري أنه ال ينبغي أن حيدث
ضياع للمعلومات بني صياغة املشكلة و متثلها الذي يتطلب جمهودات عملية متارس أثناء عملية البحث عن
احلل ،أما السماع فيكون يف حاجة إىل تصور للمشكلة يستدعي إجراء عمليات متتالية حلدوث هذا التصور،
ألن السماع يهتم بعناصر املشكلة أكثر مما يهتم بالوضعيات ...فال يكفي عندما نتوجه إىل البصارين و
ص َوِرية ،بل إن ما ينبغي فعله
السماعني املتواجدين يف نفس القسم ،أن نطرح عليهم ترمجات لغوية أو ترمجات ُ
خاصة ،هو أن نوفر هلم إمكانيات ممارسة االسرتجاع اليت تناسبهم ،فبالنسبة للبصارين يعترب الصمت الذي
يصاحب تقدمي ُخطاطة معينة و تعليمتها املرتبطة هبا ،أهم من اخلطاطة يف حد ذاهتا ،ألن البصارين يتوفرون
على املادة األولية اليت حتتاجها احلركات الذهنية (الصور) ،و لديهم كذلك نية تدبري عملهم الذهين (ربط –
تفسري) و بإمكاهنم أن يصلوا يف هناية عملية االسرتجاع الذهين اليت متثل املشكلة كمتتالية من احلاالت املتتابعة،
أما بالنسبة للسماعني فتعد عملية تفكيك املشكلة إىل متتالية من احلركات نقطة بداية نشاطهم الذهين ،كما
تعترب تعليمات القيام بالتعبري الكتايب أو الشفوي جد هامة بالنسبة لتوجيههم حنو القيام باخلطوات املؤدية إىل
احلل( ".برتراند ،9002 ،ص )109 ،100
* و عليه ميكن القول أنه من أجل حدوث التعلم و بناء املعرفة على املعلمني األخذ بعني االعتبار سريورة التعلم
و معارف املتعلم ،إذ جيب أن يتم الكشف خاصة عن املعارف اليت ميتلكها املتعلم ،و عن مناذجه و متثالته و
44
أساليبه يف معاجلة املعلومات و عن مدركاته العفوية ،كما جيب إعداده ملواجهة التنافرات املعرفية املمكن حدوثها
بني املعارف القبلية و املعارف العلمية ،و أيضا جيب مساعدة املتعلم على االنتقال من مرحلة معرفية إىل مرحلة
أخرى أكثر تعقيد و علمية.
45
المحاضرة الخامسة النظريات التكنولوجية في التربية(La Théorie Technologique):
تمهيد:
التطور التكنولوجي الذي عرفه القرن 90املؤسسات املدرسية بنفس الدرجة اليت طبع هبا املؤسسات "طبع ّ
االجتماعية األخرى ،وُميكن التعرف على تأثري التكنولوجيا يف مستويني ،مستوى اإلجناز التكنولوجي ،ومستوى
ما خلّفه هذا االجناز من عالمات ترتبط بالتغريات املمكن القيام هبا( ".برتراند ،9002 ،ص )102
حيمل مفهوم التكنولوجيا معىن واسعاً"[ ،فهي أدوات فكرية و لغوية و رياضية و حتليلية ،باختصار اهنا تنظيم
للمعرفة العلمية من أجل أغراض عملية"] (غريب 9002 ،ب ،ص ،) 933أي أهنا " جمموعة من الوسائط
املساعدة يف الفعل الرتبوي ،ومن املمكن أن يعين أيضاً خمتلف املوارد واألدوات واألجهزة واآلالت والعمليات
والطرائق العادية أو املربجمة اليت ميكن االستعانة هبا يف املمارسة املنظمة للمعارف العلمية هبدف حل مشكالت
عملية ،وتكمن أية نظرية تكنولوجية للرتبية يف التنظيم املنطقي للوسائل امللموسة ،سعياً وراء تنظيم التعليم
بغض النظر عن طبيعة حمتواه ،فالنظريات التكنولوجية للرتبية تضع االهتمام بالشروط العلمية للتعليم ،من بني
انشغاالهتا األوىل وحتاول حل مشكالت التعليم اليومية ،إضافة إىل ذلك تسعى النظرية التكنولوجية للرتبية إىل
ومنَظِّمة للتواصل البيداغوجي لدرجة أ ّن البعض أصبح يتح ّدث فيها عن تكنولوجيا التعليم
أن تكون نفعية ُ
وتكنولوجيا الرتبية( ".برتراند ،9002 ،ص )102
حيث يرى Stolovitch et la Roqueأن تكنولوجيا التعليم تطرح " دراسة كيفية تنظيم البيئة
البيداغوجية ،وكيفية هتيئة الوسائل والطرائق الرتبوية والتعليمية وكيفية تركيب املعارف .وباختصار تطرح تكنولوجيا
التعليم حتديد النموذج الذي يـُ َع ّد ملمارسة التعليم وفق ما يق ّدمه هذا النموذج من اسرتاتيجيات حىت يتمكن
املتعلّم من استيعاب املعارف اجلديدة بأكرب قدر ممكن من الفعالية ،ويُعترب مفهوم النموذج النموذج النفسي
للتعليم حمور تكنولوجيا الرتبية "( .برتراند ،9002 ،ص )110
وتعرب تكنولوجيا التعليم عن " جمموع املوارد السمعية البصرية املستعملة يف التعليم ،مثل الصور و األفالم و
أدوات التسجيل و الراديو و التلفزة ،...كما أهنا تشري كذلك إىل منهجية التعليم مثل التعليم املربمج ،و هي
46
اجتاه فكري و عملي تطور وفق تيارين مها :تطبيق نظريات التعلم يف املمارسة البيداغوجية ،و إدماج مقاربات
لتنظيم املعرفة و حتديد األهداف( ".غريب 9002 ،ب ،ص )295
أما تكنولوجيا الرتبية فيكتسب هذا اللفظ معنيني يف األدبيات البيداغوجية ،فهو يفيد بالنسبة لبعض الباحثني
عقلنة نشاط التكوين بواسطة حتديد األهداف ،و صياغة اسرتاتيجيات مالئمة للجمهور و لنمط التعلم
املنشود ،و استعمال أدوات التقييم بغرض قياس مستوى حتقق األهداف ،و بالنسبة لباحثني آخرين فإهنم
يستعملون هذا اللفظ يف معىن توظيف آالت ميكن أن تساعد املدرسني ( عاكس ،فيديو ،آلة تسجيل")...
(غريب 9002 ،ب ،ص ) 933
و تتميز النظرية التكنولوجية يف الرتبية مبجموعة من اخلصائص نذكر منها:
استعماهلا للمصطلحات التالية :سريورة ،هندسة تربوية ،تواصل ،تكوين ،تكنولوجيا ،وسائل تقنيات،
خمرب متفاعل ،بيئات معلمنة ،وسائط متع ّددة ،برجمة نظام ،تعليم مفردن.
انشغاهلا بالتعليم والتكوين أكثر من انشغاهلا بالرتبية.
اهتمامها الكبري بالتخطيط وبتنظيم سريورة التكوين.
تأكيدها على عناصر التواصل والتغذية الراجعة يف عملية تبليغ املعرفة .
استعماهلا لتكنولوجيات التواصل :أجهزة مسعية ،بصرية ،فيديو ،أسطوانات ،أقراص ،كمبيوتر.
تأكيدها على ضرورة التحديد املستقبلي للسلوكات املالحظة لدى الطالب.
إرادهتا يف تنظيم املراحل املختلفة للتكوين بأقصى ما ميكن من التنظيم (حتديد األهداف واملهام
والتقومي...إخل) ويكون ذلك من منظور شامل للعلوم التطبيقية أو اهلندسة الرتبوية.
جلوءها إىل وصف وتقنني عمليات التكوين ،و إرادهتا يف استعمال أعمال منظمة.
اعتمادها على النقد السليب للنظرة اإلنسانية للرتبية اليت ال هتتم كثرياً بالتخطيط والتنظيم( .برتراند،
،9002ص )111
كما أشار " Eisnerيف كتابه Educational imaginationإىل أ ّن هم تكنولوجيا التعليم ليس هو
طبيعة الغايات الرتبوية ،بل تنظيم الوسائل وحتديدها لبلوغ هذه الغايات ...ويؤّكد أنصار تكنولوجيا الرتبية أ ّهنا
47
عاماً وواحداً
قادرة بصفة عامة على حل مشكلة التطبيق يف اجملال التعليمي ،بل إ ّهنم يرون أ ّن هناك طريقاً ّ
لتحسني التعليم ،هو "التكنولوجيا" ،وأ ّن اخلالص من ال عقالنية املمارسات التعليمية يكمن يف حتديد
األهداف الرتبوية( ".برتراند ،9002 ،ص )111
-1اتجاهات النظرية التكنولوجية في التربية:
األول هو االجتاه النسقي والثاين هو اجتاه
نتطرق إىل اجتاهني كبريين يف احلركة التكنولوجية للرتبيةّ ،
سنحاول أن ّ
الوسائط املتعددة.
-1-1االتجاه النسقي:
العامة لألنساق وإرادهتا يف تنظيم كل
"يتّفق الباحثون على أ ّن املصدر الغزير للنظريات التكنولوجية هو النظرية ّ
العمليات دون إمهال أي شيء ،وترجع البدايات األوىل لتطبيق نظرية األنساق يف ميدان الرتبية إىل األمريكيني،
فهم ّأول من حاول جتسيدها خالل اخلمسينات ،وواصلوا حماوالهتم هذه من خالل كتاباهتم اليت تناولت
موضوع تطبيق النظرية النسقية يف الرتبية" (برتراند ،9002 ،ص " ،)119و يرى كينيث أن تطوير التعليم
يعتمد بدرجة أساسية على نظرية النظم اليت تنظر للتعليم على أنه نظام ينطوي على عدد من العالئق السلوكية
اليت ميكن إخضاعها ملنهج حتليل النظم ،كما ينطوي على منظومة من املكونات املتعددة و املتداخلة كاإلدارة و
التلميذ و املنهج و املعلم و املواد و غريها من املكونات اليت تعمل لتحقيق أهداف معينة ،هذه املكونات هي
اليت تنظر إليها نظرية النظم على أهنا يف حاجة إىل تنسيق و تنظيم لعملية التفاعل بينها هبدف حتسني أساليب
التعليم و تعزيز التنمية الفردية و اجلماعية" ( الفرجاين ،9009 ،ص .)23
و عليه ،فهذا االجتاه يكمن "يف فحص العالقات بني العناصر حسب الغايات املنشودة ،ويوصي أنصار هذا
مكونات العملية الرتبوية ،كما يوصون بوضع تعاريف كاملة وتامة هلذه
مكون من ّ االجتاه بعدم إمهال أي ّ
املكونات انطالقا من ثالث أمور أساسية :الغايات ،السريورات ،العناصر ،و يدعون أيضا إىل االنطالق يف
العمل الرتبوي ،باستعمال أسلوب نسقي و اتّباع سريورة حم ّددة ومعيّنة ،وهي السريورة اليت تنطلق من حتليل
تصور لنظام تعليمي -تعلّمي ،وكذلك عرب القيام بتجريب النظام وتقوميه الغايات و مميزات الطالب ،ومتُر عرب ّ
لتنتهي إىل إدراج التعديالت الضرورية( ".برتراند ،9002 ،ص )119
48
و يعترب Ludvig Von Bertalanffyالداعية األول هلذه املقاربة الشاملة ،حيث أنه كان يرفض النظرة
اآللية للمعرفة ،و يرى أن اخلاصية األساسية لكل كائن حي هي نظامه الكلي ،و بالتايل فإن حتليل أشكال
احلياة من حيث أجزائها أو حتليل عمليات معينة معزولة الواحدة عن األخرى ،ال ميكنه أن يقدم لنا تفسريا
شامال لظواهر احلياة.
" و النظرية العامة للنظم ( األنساق) هي النظرية اليت تبحث يف تفسري املفاهيم و القوانني املشرتكة بني العلوم
انطالقا من مبادئ عامة ،ترفض النظرة التجزيئية يف إدراك الظواهر الطبيعية و اإلنسانية ،و تنظر إليها باعتبارها
كليات منظمة و متفاعلة تفاعال ديناميا ،و مربر هذا املوقف أن تعقد التكنولوجيا و ظواهر اجملتمعات املعاصرة
أدى إىل عجز يف كفاية تفسري الظواهر و حل مشكالت اإلنسان املعاصر ،مثل اختالالت النظم اإليكولوجية
و تطور املؤسسات الرتبوية و مشاكل العالقات الدولية،...مما يدعو إىل النظر إىل كل هذه املشكالت باعتبارها
كليات ،Totalitésو افرتاض وجود مبادئ عامة مشرتكة بينها ،مثل الكلية و التنظيم و التفاعل
الديناميكي ،متكن من تفسريها تفسريا شامال يتجاوز النزعة التخصصية اليت كانت سائدة يف بعض جماالت
املعرفة اإلنسانية" ( غريب 9002 ،ب ،ص .)958
وخاصة ما يتعلّق منه
ّ وقد ق ّدمت النظرية العامة لألنساق مليدان الرتبية " قواعد تصميم التعلّم بشكل جيّد
بعناصر العملية التعليمية و سريورهتا و وظائفها و الغاية منها ،ومراميها وأهدافها .وهكذا يُعترب النموذج النسقي
مكونات و سريورات ونتائج التعليم ،كما أنّه يساعد يف
إطاراً جاهزاً للتنظيم يأخذ بعني االعتبار مدخالت و ّ
االهتمام بالتفاعالت املختلفة ويف مراقبة أهداف التكوين ،ويف حتقيق أقصى درجات الفعالية يف العملية
التعليمية( ".برتراند ،9002 ،ص )115
-1-1-1الـمـبـادئ:
49
إلجراءات علمية ودافعية ،هتدف إىل حتقيق الفعل التعليمي يف فضاء مكاين وزماين حمددين ،وهو يعترب جسرا
يصل بني العلوم النظرية ( العلوم السلوكية واملعرفية) ،والعلوم التطبيقية ( استخدام التكنولوجيا والتقنية يف
عمليات التعليم والتعلم) ،من هنا نستطيع القول إن التصميم التعليمي ضمان لتاليف وجتنب أي تضارب بني
املنهج الذي نعلمه ،وطرق التدريس اليت نستخدمها ،وبيئة التعلم اليت خنتارها ،وإجراءات التقييم اليت نعتمدها"
( عبد الغفور ،9019 ،ص .)22
" يقوم منطق ختطيط التعليم على مخسة مبادئ تُعترب جد بسيطة وهي:
فردنة التعليم.
التخطيط على املدى القصري واملدى الطويل.
ضرورة التخطيط والتنظيم
أخذ شروط التعلّم بعني االعتبار.
التعرف على النظرية النسقية واالنطالق منها( ".برتراند ،9002 ،ص )112
ّ
إذا فتخطيط التعليم هو جمموعة من األمور و الوقائع اليت تسعى لتيسري عمليات التعلم الداخلية للفرد " ،كما
جيب أن حيرتم تنظيم التعليم املنطق التايل:
جلب انتباه الطالب
إخبار التلميذ باألهداف وحتديد مستوى التوقّعات
مراجعة احملتويات اليت سبق تعلّمها
تقدمي األدوات والـوسائل بكل وضوح
قيادة التعلّم
طلب تقدمي أدلة على حدوث التعلّم
القيام بتغذية راجعة
تقييم األداء
تيسري حتويل املعارف إىل ميادين أخرى تطبيقية"( .برتراند ،9002 ،ص )113
50
-2-1اتجاه الوسائط المتع ّددة:
تُعطي البحوث و التجارب الرتبوية اليوم مكانة هامة لتفاعل املعرفة ولتقنيات تقدميها عرب الوسائط املتعددة وهو
اجتاه جديد يتغ ّذى من نتائج البحوث اليت تتناول مواضيع تدور حول شروط النشاط احلواري املفتوح بني
اإلنسان واملعلومة ،و " تعود مصادر نظريات الوسائط اإلعالمية املتعددة إىل بداية استعمال الوسائل السمعية
ـسـبِ ْـرنِـيتِـ َقا ،وإىل نظريات املعرفة والنظريات السلوكية اليت ساعدت يف إثارة
البصرية يف التعليم ،وكذلك إىل ال ِّ
سمى
االهتمام باالتصال وبفهم كيفية عمل املخ ،وهو ما ّأدى إىل تسهيل والدة التكنولوجيا الرتبوية أو ما يُ ّ
باهلندسة الرتبوية( ".برتراند ،9002 ،ص )190
" تشكل نظريات االتصال المصدر األول الذي استلهمت منه نظريات الوسائط املتعددة أفكارها ،ذلك أ ّن
االتصال البيداغوجي أصبح يُدرك كنشاط جيب تنظيمه وتفعيله ،ولتحقيق هذا الغرض جيب االنطالق من
املعارف اليت لدينا حول املستقبل (أي الطالب) ،وحول الرسالة (املادة) ،وحول الوسيط (وسائل االتصال)،
وأخرياً حول التنظيم الشامل (النسق) ،أما المصدر الثاني فتمثل في السيبرنيتيقا...و قد انطلقت السيربنيتيقا
الرتبوية يف بداية األمر من ال ّدراسة العلمية للعالقات بني سريورة التعليم وأثرها على مستوى التعلّم ،وهي
العالقات اليت من املمكن حتويلها إىل عالقات رياضية ،فالرتبية من وجهة نظر سيربنيتيقية جيب أن تُ ْد َرَك
كتكنولوجيا حقيقية هتدف إىل جعل اآللة حتل حمل اإلنسان يف إجراءات التعليم...و يوجد المصدر الثالث
لهذا التيار في النظريات المعرفية والنظريات السلوكية ...فقد استطاع Skinerأن يشرح من خالل
نظريته يف اإلشراط اإلجرائي مبدأ جد بسيط مفاده أن التحكم اجليد يف البيئة التعليمية يساعد بكفاية يف حتقيق
املهتمني الذين وجدوا فيها
ّ تعلم جيد...ولقد نالت مزاوجة السلوكية بتكنولوجيا التعليم إعجاب العديد من
حالّ لعدة مشكالت ،ممّا ّأدى إىل ظهور اعتقاد مفاده أنّه باإلمكان مستقبال تعويض (أستاذ رديء) بآلة مربجمة
بشكل جيّد .وإنّنا ال نستطيع اليوم إحصاء أعداد الدروس املربجمة يف احلواسيب ،فهي تسيطر اليوم على
الساحة التعليمية ،و هو ما يعين أ ّن الطالب يستطيع الوصول إىل املعرفة عن طريق احلاسوب ،ممّا ميكنه من
التحكم يف سريورته التعليمية ،ومن هنا جاء تداول كلمة البيئات املتعددة الوسائط و نظم التعليم الذكية"(.
برتراند ،9002 ،ص )192 -190
51
-1-2-1مبادئ تنظيم البيئات المتع ّددة الوسائط( :برتراند ،9002 ،ص )190 -192
52
تنوع مصادرها فحسب ،بل أيضا يف
اهلامة هلذه التغريات فال تكمن يف ّ
بالفيديو...،اخلّ ،أما اخلصائص ّ
تنوع األشكال اليت تتفاعل هبا.
ّ
* إذا ،يف ظل النظريات التكنولوجية و اليت طاملا تأثرت باملوقف النسقي و بالسيربنيتيقا ،وجد املعلم نفسه أمام
مشكلة كبرية و هي اهنيار سلطته و فقدان سيطرته على الفعل الرتبوي ،و اليت أصبحت بيد ذوي االختصاص
من تكنولوجيي التعليم ،و خرباء نظرية األنساق ،و أصحاب النظريات املعرفية و البنائية...اخل ،مما يستدعي
املعلم إىل اإلملام بكل جديد خيص ميدان عمله من نظريات و وسائل تكنولوجية.
53
المحاضرة السادسة النظريات االجتماعية المعرفية(La Théorie Sociocognitive ( :
تمهيد:
توجد اليوم جمموعة من النظريات الرتبوية اليت تُرّكز اهتمامها على األبعاد االجتماعية و الثقافية للتعلّم ،حيث
املدرسني
تؤّكد على املكانة اهلامة اليت حيتلّها التفاعل االجتماعي و الثقايف يف آليات التعلم ،و يش ّكل وعي ّ
بضرورة إعطاء أمهية للشروط االجتماعية و الثقافية للتّعلّم نقطة انطالق النظريات االجتماعية املعرفية ،فالكثري
توصلت إىل استنتاج مفاده:
من التحاليل واملالحظات اليت قام هبا علماء الرتبيةّ ،
إ ّن الرغبة يف حتقيق تعلّم مستدمي تعتمد على ما نُولّيه من اهتمام بالشروط االجتماعية والثقافية ،وأيضا يأيت
اهتمام هذه النظريات الكبري بتأثريات الوسط (الوسط املدرسي ،الطبقة االجتماعية ،الثقافة اإلقليمية ،الثقافة
الشعبية) على التعلّم.
-1النظريات االجتماعية المعرفية للتعلم االجتماعي:
" يعترب باندورا Banduraأحد املف ّكرين األوائل يف التعلّم االجتماعي ،و الذي يهتم باخلصائص الشخصية
للمتعلم ،و أمناط السلوك ،و البيئة" )(M. Braungart, G. Braungart, 2007, p 67
" فمنذ 1229بدأ يهتم باألصول االجتماعية للفكر ،وشرع يف إجراء حبوث حول التعلّم بواسطة التقليد
حيث اتّضح له أننا نتعلّم كثرياً باختاذنا أشخاصاً آخرين كنماذج ،و أن للوسائل السمعية و البصرية تأثريا كبريا
جدا على سلوكاتنا...وكان هذا الباحث يرفض النظريات اإلنسانية اليت تُِقيم كل شيء على الشخص...ويف
وبني ما
سنة 1232ق ّدم نظرية التفاعل االجتماعي املعريف اليت تشرح العالقات بني البيئة والفكر والعملّ ،
يعنيه مبفهوم » االجتماعي املعريف « بالعبارات التالية" :نستعمل كلمة اجتماعي أل ّن الفكر واملمارسة يُعتربان
ظاهرتان اجتماعيتان من حيث اجلوهر ،ونستعمل كلمة معريف أل ّن سريورات الفكر تُؤثّر على الدافعية وعلى
االنفعاالت وعلى احلركة " (برتراند ،9002 ،ص )122
أ -الـمـبادئ:
التأثير المتبادل " :تقوم النظرية االجتماعية املعرفية على مفهوم التأثري املتبادل بني العوامل االجتماعية
والثقافية والعوامل الذاتية ،والعوامل السلوكية يف التعلّم ويف املمارسة...و بتعبري ّأدق يتأسس التعلّم على
54
تتطور املعرفة والسلوك من خالل
تفاعل هذه العوامل الثالثة " (برتراند ،9002 ،ص ،)122أي ّ
تبادل التأثري بني تلك العوامل الثالثة :الوقائع اليت حتدث يف البيئة ،خصائص الفرد ،و السلوكات.
التعلّم غير المباشر :و تفيد هذه اخلاصية أ ّن تعلّم األشياء ال َْحي ُد ُ
ث بقيام الفرد هبا بالضرورة ،بل
ميكن للفرد أن يتعلّم مبالحظته ألشخاص آخرين يقومون يف مكانه بعمل هذه األشياء ،أل ّن كل فرد
ميتلك القدرة على اجناز تعلّم اجتماعي بطريقة غري مباشرة (مثال :ميكن للفرد أن يُصاب خبوف مرضي
من الثعابني جملرد رؤيته أن فردا آخر يهلع منها).
التمثيل الرمزي :تكمن اخلاصية الثالثة للتعلّم االجتماعي املعريف يف التمثيل الرمزي ،فأفكارنا وأفعالنا
نكوهنا حول كل ما جيري يف احمليط ،ويرى Banduraأ ّن الكائن
تنتظم بواسطة التمثّالت اليت ّ
يكونه ،وعلى ما يفعله ،وعلى ما يريد فعله ،وعلى ما
اإلنساين ميتلك قابلية للتّشكل تتوقّف على من ّ
يرى اآلخرين أ ّن باستطاعته أن يفعله بالفعل .إنّه ميتلك قدرات خمتلفة جتعل منه كائناً إنسانياً ،فهو
يتصرف انطالقا منها ،وباستطاعته أن يُ َك ِّون لنفسه صورة عن املستقبل
ميتلك أفكاراً ويبلغها ،كما أنّه ّ
سيتصرف فعال انطالقاً من متثّلــه ملا ُميكن أن حيدث يف املستقبل
ّ خاصة به ،فالفرد
وحي ّدد أهدافا ّ
(برتراند ،9002 ،ص " ،)123و هذا التمثيل الرمزي أو املعرفة يتضمن النظم اللغوية والصور
الذهنية والرموز املوسيقية والعددية ،و تتوقف قيمة هذا التمثيل يف سلوك اإلنسان على ا ملطابقة الوثيقة
بني النظام الرمزي و األحداث اخلارجية الذي يشري إليها " (اجمللس الوطين للثقافة و الفنون و اآلداب،
،1232ص .)125
التفوق إدراك الفرد لفعاليته " :تكمن هذه اخلاصيّة يف نوع اإلدراك الــذي يُ ّ
كونه الفرد عن قدرته على ّ
وعن فعالية معاجلته وتدخالته...وجتدر اإلشارة إىل أ ّن فكرة التوقف عن الشعور باخلوف وأ ّن فكرة
التفوق موجودتان منذ زمن بعيد ،إالّ أن Banduraكان من األوائل الذين بَـنَـ ْوا
اإلميان بالقدرة على ّ
تصرفاته .يتوقّف
نظرية يف التعلّم تأخذ بعني االعتبار الدور اهلام الذي يلعبه نوع إدراكات الفرد لفعالية ّ
يكونه الفرد
التصور الذي ّ
التّعلّم والسلوك على نوع احلكم الذي يُصدره الفرد على قدراته ،ومن مثّة فإ ّن ّ
عن قدرته على إجناز مهمة معينة ،يؤثّر بالتأكيد على نتائج سلوكاته املستقبلية ،وهكذا تكون حظوظه
55
التفوق ،إ ّن حتقيق النجاح يف أي إجناز
يف حتقيق النّجاح كبرية كلّما كان هذا الفرد يؤمن بقدرته على ّ
التفوق"( برتراند ،9002 ،ص ،)123و
يؤدي إال تعديل على مستوى إدراك الفرد لقدرته على ّ
ّ
العكس.
الضبط الذاتي " :إ ّن الفرد ميلك القدرة على ضبط ذاته فهو ليس حتت رمحة بيئته ،وال حتت رمحة
غري أفعاله حسب النتائج اليت حيققها ،وبإمكانه
يتحرك انطالقا من حاجاته ،ويُ ّ
غرائزه ،إذ بإمكانه أن ّ
ويغري إدراكه
أيضا أن يُف ّكر فيما جيري وأن يقوم بتحليل ذايت ،بل بإمكانه أن حيلل طريقة تفكريه ّ
وتصرفاته "( برتراند ،9002 ،ص .)150 ،122
الشخصي ّ
النمذجة :أي يتعلّم الفرد بواسطة تقليد اآلخرين " ،ففي بعض األحيان خيتار الفرد شخصاً آخر
كنموذج ويقلّده يف العديد من سلوكاته" (برتراند ،9002 ،ص " ،)150و يتأثر التعبري اخلالق
عندما يتعرض الشخص املالحظ لنماذج خمتلفة ،و يف أغلب األحيان ال يقتصر السلوك املتأثر
بالنماذج على ما حدثت مالحظته ،و عوضا عن ذلك فإن هذا السلوك يكون نتيجة ترابط جمموعة
من ا ملالمح بنماذج خمتلفة تؤدي إىل استجابات ختتلف عن أي من املصادر األصلية ،و كلما زاد
االختالف بني النماذج و زاد عددها كلما زاد االحتمال بأن تكون االستجابة الناجتة مستحدثة"
(اجمللس الوطين للثقافة و الفنون و اآلداب ،1232 ،ص .)152
ّأما الفرق بني التعلّم غري املباشر والتعلّم بالنمذجة فيكمن فيما يلي :ففي احلالة األوىل يتم التعلم من خالل
مالحظة سلوكيات فرد آخر ،بينما يتم التعلّم وفق احلالة الثانية انطالقا من نتائج سلوكيات الفرد ذاته.
ب -اإلستراتيجيات التربوية( :برتراند ،9002 ،ص .)159 -151
تبين سلوكات بعض األشخاص الذين عرض نماذج من السلوك على الطلبة :مييل املتعلّمون إىل ّ
املدرسني إجياد مناذج من السلوك لتعليمها و تقدميها للطلبة ،فإذا
يعتربوهنم كنماذج ،و عليه جيب على ّ
ما أردنا مثال أن نق ّدم درسا يف املسؤولية فسيكون من األفضل ،إضافة إىل الشروحات اليت تقدَّم،
56
استضافة شخص يف القسم يعتربه اجملتمع مسؤوال (طبيب مثال) ،و إثارة تفاعالت بينه و بني الطلبة
للتأثري فيهم.
تقويم وتبرير قيمة السلوكات :يؤّكد Banduraأ ّن التعلّم يتوقّف على القيمة اليت نعطيها للنتيجة،
نبني للطلبة منفعة كل تعلّم ،فالطلبة يتعلّمون أحسن إذا تبيّنت هلم فائدة هذا التعلّم
ولذلك ينبغي أن ّ
معني بالنسبة لتعلّم
أو ذاك بالنسبة للحياة ،أو إذا اتضحت هلم الفائدة اليت سيكسبوهنا من تعلّم ّ
الحق.
تعزيز سلوكات التلميذ :من املهم جداً القيام بتغذية راجعة إجيابية لكل طالب حي ّقق تق ّدماً يف تعلّمه،
أل ّهنا تسمح له بتكوين صورة إجيابية عن ذاته بإدراكها كذات قادرة على القيام باملهام املطلوبة ،غري أنّه
من املمكن اللجوء إىل العقاب للتقليل من القيام ببعض السلوكات.
الممارسة:يوصي Banduraباجلمع بني النظرية والتطبيق ،فمثال من الصعب ج ّدا أن نتعلّم الكتابة
دون ممارستها .ولتوضيح عالقة املمارسة بالنظرية يف جمال الرتبية ،نُق ّدم إسرتاتيجية تربوية ق ّدمها
وتتكون هذه اإلسرتاتيجية من أربع مراحل كربى وهي:
Gudlerأثناء حتليله ألفكار ّ Bandura
المرحلة األولى تحليل السلوكات المراد تحقيقها:
حتديد طبيعة السلوك :معريف ،أو وجداين ،أو حركي.
حتديد مقطع أطوار السلوك
حتديد النقاط احلرجة يف املقطع :مثل صعوبات مالحظة السلوك مع حتديد املقاطع اليت يكون
فيها احتمال ظهور األخطاء كبرياً.
المرحلة الثانية :وصف مردودية السلوك وانتقاء نموذج من نماذج السلوك المراد تعليمه
تعريف الطالب مبردودية السلوك ،أو بالنجاح الذي سيح ّققه إذا ما قام بتنفيذ السلوك املراد
تعلّمه ،مثال من املهم أن نطلب من التلميذ أن يكتب خبط جيّد إذا كانت الوظيفة اليت سيقوم هبا يف
املستقبل تتطلّب حترير تقارير كثرية.
57
البحث عن منوذج من مناذج السلوك اليت تساعد على حتقيق النّجاح ،وغالبا ما تكون هذه
املتفوق.
النماذج ممثلة يف األقران أو يف األستاذ أو يف بعض مناذج السلوك االجتماعي ّ
حتديد ما إذا كان ينبغي أن يكون النموذج رمزياً أو حقيقياً ،مثال :استدعاء كاتب أو طبيب
ملقابلة التالميذ.
وضمها للنموذج.
حتديد أنواع التعزيزات الضرورية للسلوك املنشود ّ
الحصة التعليمية
ّ المرحلة الثالثة :إعداد
حتديد األساليب اللغوية ( التعاليق ،التعليمات ،املؤشرات ،الشروحات اليت تصف ما ينبغي فعله
وما ال ينبغي فعله).
إعادة املراحل املقطعية اليت تتطلّب وقتا أطول لتفسريها ،مع إجياد الشروحات اليت جيب إضافتها
لتسهيل التّعلّم.
المرحلة الرابعة تنفيذ الحصة التعليمية:
فعندما يتعلق األمر بتعلّم التلميذ القيام مبهارات حركية:
أ .جيب عرضها (عليه) من طرف خبري ،أي تقدميها من طرف منوذج يُقتدى به.
ب .منح فرصة املمارسة للتالميذ
ت .استعمال تغذية راجعة تكون مرئية ومسموعة.
وعندما يتعلّق األمر بسلوك معريف فيجب:
مدعماً بعبارات شفوية
أ .تقدمي النموذج ّ
ب .منح فرصة للتالميذ لتقدمي تعابري موجزة عن السلوك النموذجي.
وعندما يتعلّق األمر بتعلّم مفهوم ما أو قاعدة:
معني.
خاصة ملّا يتعلّق األمر حبل مشكلة أو بتطبيق ّ
أ .توفري فرص التعبري للتالميذّ ،
ب .توفري فرص تعميم السلوك الذي تّ تعلّمه وحتويله إىل وضعيات أخرى.
58
-2النظرية االجتماعية التاريخية:
" ظهرت نظرية الثقافة االجتماعية على يد ،Vygotskyحيث كان من السباقني إىل التأكيد على أمهية
التفاعل بني الطفل و بيئته " ،و أملح إىل أمهية تدخل الراشد كوسيط يف بناء تعلمات األطفال ،و حىت يف
حتديد اجتاه منوهم ،و طبيعة سلوكياهتم ،كما يؤكد على األمهية اليت حيدثها التفاعل احلاصل بني األطفال و
أقراهنم و اآلباء و املعلمني يف ذلك ،فاملعلمون خاصة إذا ما كانوا قادرين على احرتام اإليقاع اخلاص باملتعلم ،و
خاصة اجلوانب النمائية و الثقافية منها ،و كانوا قادرين على رصد و حتديد اللحظة اليت تكون فيها أية قدرة من
قدرات املتعلم قد اكتملت ليقوموا بتقدمي أنشطة جديدة متكن هذا املتعلم من تنمية قدرة جديدة ،هذه اللحظة
اليت أطلق عليها Vygotskyحبيز النمو املوايل La Zone du Développement Prochain
،و هي اللحظة اليت يكون فيها املتعلم قادرا حني تـُ َق َدم له املساعدة ( مساعدة الراشد ) على حل مشكل
حيايت أو معريف ما "( نعمون ،9012 ،ص .) 902
" كما جند أن املؤلف األمريكي Brunerيرجع إىل نظرية Vygotskyليؤكد على أن األنا يتشكل
بواسطة العامل الذي يعيش فيه ،فيقول حنن ممثلون ثقافيون و اجتماعيون ألننا نلعب دورا يف الدراما االجتماعية
و يف الدراما الثقافية ،و يضيف قائال بأن األنا ال يكون أبدا مستقال عن وجوده االجتماعي و الثقايف ،و أن
بناءه يتم بواسطة جمموعة واسعة من األدوات اليت تتشكل منها ثقافته ،فاألنا يفسر العامل من خالل التعامل مع
اآلخرين" (برتراند ،9002 ،ص .)152
" يف هذا السياق ،ينظر Vygotskyإىل الثقافة باعتبارها السلوكيات املقبولة اجتماعيا واملواقف واملعتقدات،
وهي اليت نتجت من خالل منتجات اإلنسان اجملتمعية مثل املؤسسات والنظم الرمزية واألدوات مثل اللغة ،و
الثقافة يف هذا املعىن هي نتيجة ديناميكية لألحداث و التطورات التارخيية ،و منتجات التنمية البشرية .لكن،
وكما أكد ، Vygotskyيف أي وقت تارخيي معني ،و الثقافة نفسها تؤثر على األداء العقلي والسلوكي
لإلنسان ،وبالتايل تكامل العالقة املعقدة بني البيئة و الثقافية و تنمية الشخصية .وبعبارة أخرى ،فاألفراد ال
ينتجون فقط الثقافة ،بل هم أيضا نتاج الثقافة نفسها)Zhou & Brown , 2014, net( ".
59
" إذا فالتفاعل االجتماعي يلعب دور أساسي يف تطوير اإلدراك ،و يظهر مدى تطور الطفل الثقايف مرتني
األوىل على املستوى االجتماعي والحقاً على املستوى الفردي ،فبداية يظهر بني الناس وبعد ذلك داخل الطفل
و هذا ينطبق على حد سواء ،على االنتباه الطوعي و الذاكرة املنطقية وتشكيل املفاهيم ،وكل الوظائف العليا
اليت تنشأ كعالقات فردية ،و السمة الثانية لنظرية Vygotskyهي أن التطوير اإلدراكي يعتمد على منطقة
النمو القريبة املركزية ) (ZPDفمستوى التطوير يتقدم عندما ينخرط األطفال يف السلوك االجتماعي،
فالتطوير يلزمه تفاعل اجتماعي كامل ،ومدى املهارة اليت تُنجز بتوجيه بالغ أو تعاون أقران تتجاوز ما ميكن أن
ينجزه الفرد لوحده .فالوعي ال يوجد يف الدماغ بل يف املمارسة اليومية ،هذه الفرضية هي اليت شكلت قاعدة
عمل ( " Vygotskyالدواهيدي ،9002 ،ص .)95
أ -المبادئ:
منطقة النمو المحتمل :يطرح Vygotskyيف كتابه Mind in societyمفهوم منطقة النمو
احملتمل ليصف الوظائف اليت تكون يف حالة حتول عند الطفل ،فهو يعرفها بالفارق بني مستويني،
مستوى النمو املشاهد و هو ما يقاس مبدى قدرة الطفل على حل املشكالت مبفرده ،و مستوى النمو
املتوقع الذي يقاس مبدى قدرة الطفل على حل املشكالت عندما يساعده شخص آخر (برتراند،
،9002ص .)120فإذا افرتضنا أننا نريد تعليم شخصني يف نفس السن لعبة معينة ال يتقنها
كالمها ،فسنفرتض أهنما سيصالن إىل نفس النتيجة ،أي أن النمو لديهما سيكون متساو " ،غري أننا
إذا ما أخذنا بعني االعتبار – أثناء تعليمهما اللعبة – قابليتهما املختلفتني ملمارسة اللعبة و جمهوداهتما
يف التعلم ،فإننا سنحكم على منومها بعدم التساوي ،لذلك ميكن القول أن منطقة النمو احملتمل تقوم
على مسلمتني مها :مسلمة وجود إمكانية للنمو ،و مسلمة ضرورة الوساطة االجتماعية الثقافية .و
املقصود بكل مسلمة كما يلي:
العالقة بين النمو و التعلم (مسلمة وجود امكانية للنمو) :يصر Vygotskyعلى أن
الطفل ميلك نوعا من السيطرة على منوه ،حيث يعترب أن النمو يكون تابعا للتعلم ،و مل يدخر
جهدا يف التعبري عن معارضته لـ ـ ـ Piagetو أمثاله الذين يرون أن النمو يسبق التعلم ،و
60
يعتقدون مثال أن الطفل ال يكون قادرا على تعلم املنطق الصوري مثال إال إذا بلغ مرحلة عمرية
معينة (برتراند ،9002 ،ص " .)121حيث يرى Vygotskyانه لفهم طبيعة النمو والتعلم
ال يكون إال بفكرته عن منطقة النمو األدىن احملتمل ( The zone of proximal
،) developmentفبالرغم من أن التعلم يبدأ قبل املدرسة فكل تعلم حيدث يف املدرسة له
تاريخ سابق ،إن التعلم املدرسي يف املقابل يقدم شيئا جديدا لنمو الطفل وهنا يطرح فكرته عن
منطقة النمو احملتمل ،واليت تؤكد بان اإلنسان غري حمدد بدرجة كبرية بدرجة النمو املفروضة
علينا ،و لكشف العالقة احلقيقية بني عملية النمو وإمكانيات التعلم ،فانه ال بد من حتديد
مستويني من النمو مها:
مرحلة النمو الواقعية :وهذه ترجع إىل مستوى منو العمليات العقلية واليت تنتج عن
االنتهاء من مرحلة منو معينة أو مبعىن آخر إىل درجة حمددة من النضج.
مستوى النمو املتوقع :وترجع إىل املدى الذي ميكن أن حيققه الطفل فوق ما تسمح به
مرحلة منوه الواقعية (درجة نضجه ) وهذا ما حيدده Vygotskyكمنطقة للنمو
احملتمل ( ".ح.الغامدي.) net ،9010 ،
الوساطة االجتماعية الثقافية :تتميز منطقة النمو احملتملة بأهنا اجتماعية و ثقافية ،فالشخص
يقلد يف تعلمه معلمه الذي ميارس أمامه موضوع التعلم ،فالتلميذ مثال يتعلم الكتابة كما يكتب
معلمه ،أي أنه يتأثر بثقافة املعلم ،و هذا ما جيعل من التعلم عملية اجتماعية و ثقافية.
-3نظريات التعلم السياقي:
يرى برتراند ( ،9002ص )122أنه قد تزايد االهتمام بتأثري التفاعالت االجتماعية يف تطوير الذكاء و التعلم
بشكل عام ،فنجد Laveيهتم فيما يسميه بأثر احلياة اليومية على التعلم ،كما تؤكد مجاعة من الباحثني
املنتمني إىل ''معهد البحوث يف التعلم'' أنه من غري املمكن عزل حتصيل املعرفة عن سياقها البيداغوجي و الثقايف
و االجتماعي...كما أن جتاهل سياق التعلم يتناقض مع مهمة الرتبية األساسية و اليت تكمن يف تزويد التلميذ
باملعارف اليت تنفعه يف احلياة اليومية.
61
أ -المبادئ( :برتراند ،9002 ،ص )122 ،125
المعرفة كأداة تابعة اساسا للممارسة و للثقافة :تقوم نظريات التعلم السياقي على مبدأ أساسي هو
أن املعرفة تعترب يف أساسها أداة تابعة للنشاط و للثقافة ،و حيلل Laveهذا املبدأ قائال :لقد قمنا
خالل السنوات القليلة املاضية بتحليل الفرد ،و العملية املعرفية الداخلية ،و التمثالت و الذاكرة و حل
املشكالت ،غري أنه كان ينبغي لنظريتنا أن تشمل أشياء أخرى أيضا ،ألن األفراد يعاجلون و يتمثلون و
يتذكرون معارفهم من خالل عالقات بعضهم ببعض ،و وفق ما يستدعيه الوسط االجتماعي الذي
يتواجدون به ،و النتيجة هي أنه ينبغي أن نوسع جمال نظرتنا الضمن -فردية إىل النشاطات و
التفاعالت االجتماعية اليومية.
اكتساب المعارف ينتج عن المشاركة :يؤكد Laveأن اكتساب املعارف يعد خاصية تنشأ من
مشاركة الشخص املقبولة إمجاال يف نشاط مجاعة تتقاسم نفس املمارسات ،و يضيف Lave
و Wengerأن املشاركة يف املمارسات االجتماعية تعد القالب األساسي للتعلم.
السياق الثقافي يحدد وسط استعمال المعرفة :يدل لفظ السياق على جمموع خصائص الوسط
الذي ستستعمل فيه املعرفة ،و إذا كانت الثقافة املدرسية حتتوي دائما على مشكلة حمددة جيدا ،فإن
الثقافة اليومية تطرح مشاكل حمددة بشكل غري واضح أو حمددة جزئيا فقط.
ب -االستراتيجيات التربوية( :برتراند ،9002 ،ص )123 ،122
يتعلم الفرد في مواقف واقعية شبيهة بمواقف الحياة اليومية :فكلما كان من املمكن استدراج
املعارف ضمن سياق واقعي ،كلما كان من املمكن احلديث عن حتصيل املفاهيم.
يتعلم الشخص مع اآلخرين و يتقاسم معهم معارفه و مشاكله و اكتشافاته في سياق اجتماعي:
يتعلم الفرد داخل اجلماعة من خالل التعليم املتبادل و احلوار و الذي يعتمد على حضور أولياء
األمور و شركاء اجتماعيني آخرين هبدف خلق مواقف يتقاسم فيها أفراد اجلماعة املعرفة ،و هذا ما
يعلم التالميذ كيف ينتقلون من عامل مصغر خاص بكل واحد منهم ،إىل عامل أكثر تعقيدا و أكثر
اتساعا.
62
يتعلم الشخص كيف يتجاوز المعوقات :تراهن هذه اإلسرتاتيجية الرتبوية على التأثريات اليت تتناول
اإلسرتاتيجيات غري الفاعلة ،و على األخطاء و التصورات الرديئة...اخل ،إذ أن مثل هذه املراهنة متكن
من الكشف بسهولة عن املفاهيم القبلية للتالميذ ،كما أهنا متكن من جتاوز ما متثله هذه املفاهيم من
صعوبات ،و تساعد أخريا يف تعويد التالميذ على معايشة اخلطأ يف الوقت الضائع و يف املواقف
املتميزة بغموضها...اخل.
-4النظريات التعاونية للتعليم والتعلّم:
املدرسني الذين يهتمون هبا يزداد يوما
" تتمتع النظريات التعاونية للتعليم والتعلّم اليوم بانتشارها ال ـواسع ،فعدد ّ
بعد يوم ،وميكن مالحظة هذا االهتمام من خالل الرجوع هلذه النظريات يف فرنسا ويف أمريكا ،ومن خالل ما
نشرته جملّة Le nouvel éducateurالف ـرنسية ،وجملة Cooperative learningاألمريكية من
ومهمة تدور حول الواقع اليومي للتعاون ،لقد كانت النظريات التعاونية موجودة منذ
مقاالت عديدة توضيحية ّ
وقت بعيد ،فالبيداغوجيا التعاونية الفرنسية تُ ْستَ َم ُّد من Freinetالذي أدخل ممارساهتا ونظرياهتا الرتبوية إىل
فرنسا سنة ،1222وميكن تلخيص األهداف الرتبوية التعاونية املستم ّدة من بيداغوجيا Freinetيف ما يلي:
تقوم بيداغوجيا Freinetعلى أربعة أهداف متثّل قوهتا وهي:
احلق يف التعبري والتواصل.
التحليل النقدي ملا هو واقعي.
التك ّفل ال ّذايت
التك ّفل باجلماعة.
إ ّهنا سريورة مستمرة:
الراشدين املختلفة.
بني الفرد واجلماعة على مستوى التالميذ والتعليم ومجاعات ّ
بني النّظرية والتطبيق مع استعمال الوسائل املادية (األدوات البيداغوجية) والنّظامية (التعاونية
ووسائل االتصال).
بني القسم ال ّدراسي والوسط احمليط" (برتراند ،9002 ،ص .)122
63
" تقوم إشكالية الرتبية التعاونية على بعض املالحظات ،نذكر منها السلبية اليت يوفّرها التعليم التقليدي ،غياب
التنوع االقتصادي و
االتصال املباشر بني التالميذ ،الضعف البيداغوجي لبعض الطرائق النشطة ،ضعف تقبّل ّ
االجتماعي والعرقي" (برتراند ،9002 ،ص .)122
توجههم حنو نظريات
" فلذلك جند ّرواد هذه النظريّات حياولون العثور على حلول لتلك املشكالت من خالل ّ
يؤسسون لتدخالت تربوية خاصيتها
العمل اجلماعي الذي يعطي أمهية كبرية لنشاطات التلميذ ،و من مثّة راحوا ّ
األساسية هي :إدماج األشخاص بغض النظر عن أصوهلم العرقية و االقتصادية و االجتماعية وغريها من جهة،
واالهتمام باملشاركة النشطة للتالميذ من جهة ثانية" (برتراند ،9002 ،ص . )121
أ -المبادئ:
املرات يف كتبهم نذكر منها:
تعرض هلا العديد من املؤلفني يف الكثري من ّ
هامة ّ
يقوم التعليم التعاوين على مبادئ ّ
(برتراند ،9002 ،ص )129 -121
مبدأ الشراكة :يعترب مبدأ الشراكة يف التعلّم التّعاوين مبدأً بسيطا ج ّداً ،فتعلّم الطلبة يكون أحسن كلّما
توفّرت هلم فرصة العمل اجلماعي لتحقيق مشروع مشرتك بينهم.
مبدأ المرونة :نظراً لتميّز هذه النظرية مبرونة كربى ،فإ ّهنا تتوفّر على عدد هائل من أساليب العمل يف
التعليم التعاوين ،فهي ترى أنّه ال يوجد لنموذج فريد صاحل لكل زمان ومكان ،وما ينبغي القيام به
التكيّف مع ما تتميّز به مجاعات الطلبة ومع الثقافات ومع املناطق اجلغرافية...إخل.
مبدأ التعاون المتبادل :يقوم التعلّم التعاوين على مبدأ مسامهة الكل وتعاونه مع اآلخرين ،فكل واحد
يشارك يف العمل اجلماعي وعلى التالميذ املوهوبني أن يساعد والتالميذ األقل موهبة.
مبدأ التعقيد المعرفي :بالرغم من أ ّن املواقف التعليمية تتأسس يف هذا النوع من التعليم على جتميع
الطلبة ،فإ ّن التلميذ الواحد جيد نفسه بالضرورة يف موقف معريف ونفس اجتماعي يستخدم فيه عدداً
يطور ذاته" يف سياق أكثر إثارة.
من املتغريات وبالتايل فهو يتعلّم كيف " ّ
64
مبدأ تشكيلة من المواقف االجتماعية :يراهن التعليم التعاوين على حتصيل السلوكات االجتماعية
األكثر أمهية مثل :تقبّل اآلخر ،إذ ميكن أن نالحظ يف مثل هذا التعليم تناقصاً للسلوكات العنصرية
والتنافسية.
ب -االستراتيجيات التربوية( :برتراند ،9002 ،ص )122 -122
جعل كل فرد مسؤوال :جيب أن يشعر التلميذ بأنّه مسؤول عن سري اجلماعة ،فالطلبة يشاركون أكثر
إذا ما عرفوا أ ّهنم سيكافؤون على اجملهودات الفردية اليت يبذلوهنا يف التّعلّم .ومن هنا ينبغي:
تقدمي املكافئة:انطالقا من نتائج أداءات اجلماعة وإعطاء عالمات إضافية للتالميذ (مثال عندما
حتصل اجلماعة على %20من النجاح يف نشاطها).
جتنّب املبالغة يف الكفاءات املادية (النقود أو اهلدايا...إخل).
القيام بتقديرات حمكية بدل القيام بتقديرات معيارية لكل طالب.
التأكيد على املسؤوليات الفردية كلما كانت اجلماعة تتجاوز ثالثة أفراد.
تكوين جماعات صغيرة غير متجانسة :تؤكد العديد من البحوث على تكوين مجاعات صغرية ،و
من األفضل أن تكون غري متجانسة يف تكوينها و جيب:
تكوين مجاعات ال تتع ّدى أربعة أو مخسة أشخاص ،على اعتبار أن كرب حجم اجلماعة ال يسمح
للتالميذ بالقيام مبا يكفي من املمارسات ،و أ ّن اجلماعات ذات األحجام الصغرية ج ّداً تكون ناقصة
التنوع فيها.
التفاعالت بسبب نقص ّ
تكوين مجاعات غري متجانسة أل ّن ذلك يسمح بالرفع من درجات الفوائد االجتماعية ،لذلك جيب
تكوين مجاعات بشكل جيعلها حتتوى على أشخاص خمتلفني دراسيا ،واجتماعيا ،وعرقيا ،وثقافياً.
وصى
العمل على تشجيع بقاء اجلماعة أطول م ّدة ممكنة (مل ّدة سداسي واحد على األقل) و يُ َ
بالعمل مع كل فرقة من 2إىل 12مرة.
جتنّب تواجد الطلبة الضعاف أو صغار السن ضمن مجاعات متجانسة.
تبني أ ّن بعضها يعاين كثرياً من الصعوبات أثناء عملها.
إعادة تكوين اجلماعات إذا ما ّ
65
برمجة النشاطات :جيب جتنيب التالميذ كل الوضعيات اليت جتعل منهم أفراداً مستقبالً للمعلومات
املدرس أن: ِ
فقط ،وينبغي أن يكون التلميذ نشيطاً وفامها لما يُنتظر منه ،وبالتايل جيب على ّ
ينظم نشاطات كل ال ّدروس.
حي ّدد بدقة األهداف و السريورات اليت جيب إتباعها.
املدرس.
يتجنّب النشاطات الغامضة ،أل ّهنا تدفع بالتالميذ إىل تأويل نوايا ّ
يبدأ بالنشاطات البسيطة ُمثّ ينتقل إىل النشاطات األكثر تعقيداً مىت تعلّم التالميذ كيفية العمل
بفعالية مع زمالئهم.
تطوير المهارات االجتماعية :يـُ َع ُّد حتصيل املهارات االجتماعية أحد األهداف الرئيسية ،وجيب أن
للمدرس أن:
يتعلّم الطلبة كيف يسامهون يف مهام مشرتكة ،وهلذا ينبغي ّ
يـُ َع ِّود التالميذ على التفاعل فيما بينهم بكل فعالية قبل بداية التعلّم التعاوين.
حي ّدد مؤ ّشرات لتسهيل التدخالت.
ينظّم املمارسات التعاونية ،أل ّن التعاون سلوك ميكن تعلّمه.
يدفع التالميذ إىل التفكري يف فعالية نشاطاهتم التعاونية.
املدرس ُم َس ِّهالً ،أي ال يُبلّغ املعلومات فحسب ،بل يقوم بتنفيذ العديد من
جيب أن يكون ّ
الوظائف لتسهيل العمل الفردي والعمل اجلماعي ،وبالتايل جيب عليه أن:
التفوق أو الفشل يف التعلّم.
الراجعة لتفسري ّ
يلجأ إىل استعمال التغذية ّ
للتفوق فقط.
موجهة ّ
يتجنّب كل تغذية راجعة ّ
ال يتخلّى عن اجلماعات اليت تعاين من صعوبات يف سري عملها.
* و عليه فللنظريات االجتماعية املعرفية فضل بارز يف تأكيدها على البعد االجتماعي للتعلم ،حيث أظهرت
أمهية االحتكاك بالبيئة مبا جيعل الطفل يف موقع الصراع و التحدي املعريف ،وهو ما جيعله يستخدم تَعلُ َماتِه و
مكتسباته السابقة لفهمه و حل الصراع و املشكل الذي أثاره ،األمر الذي يكسبه تَعلُ َمات جديدة.
66
المحاضرة السابعة :النظرية التربوية اإلسالميةThéorie de l'éducation islamique:
تمهيد:
" البحث يف نظرية املعرفة يف الرتبية اإلسالمية أمر هام ،و حاجة ملحة يف احملتوى املعريف و تطبيقاته ،و على
املستوى اإلسالمي و اإلنساين ،و تتجلى هذه األمهية خاصة يف انتهاء عصر احلضارات احمللٌيَّة املوقوتة املتتابعة،
ستمرة...فمن األمور اليت تشري إىل دخول اإلنسان عصر حضارة عاملية
و بدء عصر احلضارة العاملية الواحدة امل َّ
مستمرة ،هو هذا االضطراب و الفوضى يف جمتمعات األرض قاطبة ،و هو تعبي ـ ـ ـ ـر عن اإلحساس كالتمزق بني
طور انتهت فاعليته و طور بدت معامله ،و تشت ٌد فيه احلاجة إىل جتديد انتماء النَّاس و جتديد اهلوية لألفراد و
العالقات بني الشعوب و األمم ،و هذا يعين أن العبور إىل نعيم احلضارة اإلنسانيَّة اجلديدة هو للذين حيسنون
بلورة نظريَّة تربويَّة هلا فلسفتها و نظريَّتها يف املعرفة و يف التَّطبيق ،و يف إ خراج إنسان جديد حييط بالتَّفاعالت
اجلارية و يسخرها لبناء جمتمع عاملي جديد املؤسسات ،رفيع التطبيقات ،رباين العالقات ،جيسد الكمال
اإلنساين حتت شعار ﴿{ :إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم ف اعبدون﴾ (األنبياء ،اآلية "} )29
(الكيالين ،9002 ،ص .)9
" و من األصوات القويَّة اليت ندَّدت مبنهاج املعرفة املعاصرة Abraham Maslowرئيس مجعيات علماء
تخصصة بأنَّه َّ
حل النَّفس يف الواليات املتَّحدة يف السبعينات من القرن العشرين ،و الذي وصفته اجملالت امل ٌ
حمل -داروين ،و فرويد ،و سكينر -يف التأثري على العقل الغريب عا َّمة ،و من أقواله يف هذا اجملال { ال َّ
بد
بد من معىن أوسع للعلم ؛ إن ملحد القرف التاسع عشر قد أحرق البيت من طريقة جديدة للمعرفة ،و ال َّ
مقررات
بدل أن يعيد ترميمه ،فلقد رمى جبميع األسئلة اليت يطرحها ال ٌدين و بإجاباهتا معا ،و أدار ظهره لكل َّ
الدين ،ألن القائمني على ال ٌدين قد طلعوا عليه بإجابات ال يستطيع قبوهلا ،و ال تقوم على شواهد و براهني
ميكن أن يبلعها العامل الذي حيرتم نفسه ،و من املسلَّم به اآلن أن علماء النفس الطبيعيني و اإلنسانيني سوف
يعتربون كل شخص ال يهتم بالدين و موضوعاته و قضاياه إمنا هو إنسان شاذ و مريض" (الكيالين،9002 ،
ص .)3
67
-1مفهوم النظرية التربوية اإلسالمية:
" هي جمموعة من املبادئ و احلقائق املرتابطة ،و املستمدة من آيات اهلل يف القرآن الكرمي و سنة نبيه صلى اهلل
عليه و سلم ،و املبثوثة يف النفس اإلنسانية أو الكون ،و الشاملة مليادين العملية الرتبوية كافة ،و اهلادفة إىل
توجيه السلوك اإلنساين مث تفسريه يف ضوء قيم اإلسالم و مبادئه اخلالدة"(.املزيين ،9015 ،ص )10
كما عرفت بأهنا " منهج كامل للحياة ،و نظام متكامل لرتبية و رعاية النشء ،فهي تشتمل على أهداف و
فلسفة و مناهج التعليم و طرائق التدريس ،و هي حترص على الفرد و اجملتمع ،و حترص أيضاً على القيم املادية
و الروحية و األخالق ،و توازن بني احلياة الدنيا و احلياة اآلخرة " (القامسي ،1223 ،ص .)52
و أيضا ت تعريفها بأهنا " جمموع املفهومات اليت يرتبط بعضها ببعض يف إطار فكري واحد يستند إىل املبادئ
والقيم اليت جاء هبا اإلسالم واليت ترسم عدداً من اإلجراءات والطرائق العملية اليت يؤدي تنفيذها إىل أن يسلك
املرء سلوكا يتفق وعقيدة اإلسالم" ( علي ،9000 ،ص )11
و هي أيضا " جمموعة متناسقة مرتابطة من املفهومات والقيم الفاعلة يف نفس املؤمن ،وروحه حىت إذا كان على
غري وعي كامل هبا أو على غري قدرة على صياغتها وترتيبها وعرضها " ) جاسم ،و فنن ،9000 ،ص .)2
و هي " جمموعة من املبادئ و املفاهيم و التصورات الرتبوية املستمدة من القرآن و السنة املوجهة لسلوك األفراد
يف املواقف التعليمية ،و لتقومي نشاط املتعلم و املعلم معا هبدف ترشيدمها و تطوير قدراهتما ،كما تنطوي النظرية
على األهداف و الوسائل املستخدمة يف العمليات التعليمية" (مدن ،9002 ،ص .)99
" وهبذا تقدم الرتبية اإلسالمية املنظومة املتكاملة من املعتقدات عن طبيعة املعرفة ووسائلها ،والسبل املوصلة
إليها ،مث اهلدف العام فيها ،والنسق القيمي واألخالقي الذي حيكم حياة الفرد واجملتمع واألمة ،وهذا األساس
الفلسفي لألمة عموما ،وملناهج الرتبية والتعليم اإلسالمية على حنو خاص ،ينبثق من نظرة اإلسالم إىل الكون و
احلياة و اإلنسان ،و من هذا األساس الفلسفي تشتق األهداف العامة للرتبية و التعليم مث األهداف اخلاصة
بكل مرحلة تعليمية ،و يشتمل حمتوى منهج الرتبية اإلسالمية على مواد كسب املهارة وتعلم الصناعات
املختلفة و اإلعداد للحياة العملية ،و العمل اجلاد الذي يعني اإلنسان على عمارة األرض مبقتضى منهج اهلل
فضالً عن مواد ترقية الوجدان و إبراز عظمة اهلل يف خلقه" (السعدون ،9019 ،ص .)1111
68
-2مصادر النظرية التربوية اإلسالمية:
ميكن إجياز مصادر النظرية الرتبوية اإلسالمية يف مصدرين أساسيني مها:
أوال :القرآن الكرمي .ثانيا :السنة النبوية الشريفة.
-1-2القرآن الكريم:
و هو "كتاب اهلل تعاىل ،أوحى به إىل نبيه حممد صلى اهلل عليه وسلم لينقذ الناس به و ليعلمهم التوحيدّ ،بني
اهلل فيه من األحكام ما ّبني ،و ّبني فيه من الفضائل ما هبا صالح األمة ،به سعادة اإلنسان يف احلياة الدنيا و
احلياة اآلخرة ،و هو أفضل الكتب السماوية اليت أنزلت على الرسل ،و أمجعها للخري ،و أوفاها حلاجة البشر،
و أبقاها على الدهر ،مصدقاً ملا قبله من الكتب السماوية األخرى ،و مهيمناً عليها ،و هو دعوة احلق لسائر
اخللق إىل يوم الدين ،ال إميان إال به ،وال جناة من اآلخرة إال يف إتباعه ،قال تعاىل ﴿ و من يبتغ غير اإلسالم
دينا ف لن يقبل منه و هو في اآلخرة من الخاسرين ﴾ ( آل عمران ،اآلية ،)35و هو املعجزة الكربى
الدالة على صدق الرسالة و الدعوة العظمى منه تعاىل إىل التوحيد و اإلسالم ،الباقية و القائمة ما بقي
الدهر...حث النيب صلى اهلل عليه و سلم أصحابه خاصة ،و املسلمني عامة ،يف كل العصور على أن يتخذوه
إماماً هلم ،يقتدون به ،و خيضعون حلكمه ،و جيتهدون يف تعلمه و تفهم أسراره و تدبر معانيه ،أكرم اهلل به نبيه
صلى اهلل عليه و سلم ،و جعله املعجزة الكربى املستمرة على تعاقب األزمان ،حتدى به اإلنس واجلان ،و أفحم
به مجيع أهل الزيغ و الطغيان ،و جعله ربيعاً لقلوب أهل البصائر و العرفان ،تكفل حبفظه و أودعه يف صدور
املؤمنني األطهار ،و من نعيم فضله على عباده أن ّبني فيه من اآليات ما يدل على فضائل القرآن قال تعاىل ﴿
إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم و يُبشِّر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا
كبيرا ﴾ ( اإلسراء ،اآلية ( ")2السعدون ،9019 ،ص )1112
" و كان للقرآن الكرمي وقع عظيم و أثر تربوي بالغ يف نفوس املسلمني ،إذ بدأ نزوله بآيات تربوية فيها إشارة
إىل أن أهم أهدافه تربية اإلنسان بأسلوب حضاري فكري ،عن طريق اإلطالع و القراءة و التعلم قال تعاىل
الذي علم بالق لم إقرأ و ربك األكرم خلق اإلنسان من علق ﴿إقرأ باسم ربك الذي خلق 1
ط
اآليات ( ")5 -1السعدون ،9019 ،ص )1113 علم اإلنسان ما لم يعلم ﴾ ( 1العلق،
1
69
-2-2السنة النبوية الشريفة:
" متثل السنة النبوية الشريفة لدى املسلمني املصدر الثاين للتشريع يف كل جماالت احلياة و ليس يف اجلانب
التعليمي فحسب...فالسنة النبوية الشريفة هي وعاء النظرية التعليمية اإلسالمية بعد القرآن ،و قد حفظ
الصحابة رضوان اهلل عليهم هذه النظرية من خالل حفظ نصوصها و شرحها و بيان معانيها للناس "
(الكيالين ،1235 ،ص )92 ،99عمال بقول اهلل تعاىل ﴿ ما أتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه
ف انتهوا ﴾ ( احلشر ،اآلية ،)2و كذا قوله عز و جل ﴿ لقد كان لكم في رسول اهلل أسوة حسنة لمن
كان يرجو اهلل و اليوم اآلخر و ذكر اهلل كثيرا ﴾ ( األحزاب ،األية )91
و هي كل " ما صدر عن النيب صلى اهلل عليه و سلم ،غري القرآن ،من قول أو فعل أو تقرير ،فهي هبذا
االعتبار دليل من أدلة األحكام و مصدر من مصادر التشريع ،و مكانة السنة النبوية يف التشريع اإلسالمي
حقيقة يقررها القرآن الكرمي يف آيات عديدة منها قوله سبحانه وتعاىل ﴿ من يطع الرسول فقد أطاع اهلل و
من تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا ﴾ ( النساء ،اآلية ( ")30السعدون ،9019 ،ص .)1112
" و السنة جاءت يف األصل لتحقيق هدفني:
إيضاح ما جاء يف القرآن و إىل هذا املعىن أشار القرآن الكرمي يف قوله تعاىل ﴿ و أنزلنا إليك الذكر
لتبين للناس ما نُزِّل إليهم ﴾ (النحل ،اآلية .) 22
بيان تشريعات و آداب أخرى كما ورد يف قوله تعاىل ﴿ و يعلمهم الكتاب و الحكمة ﴾ ( اجلمعة،
اآلية ،)9أي السنة كما فسرها اإلمام الشافعي رمحه اهلل الطريقة العلمية اليت هبا تتحقق تعاليم القرآن،
و ورد عن الرسول صلى اهلل عليه و سلم أنه قال { لقد أوتيت القرآن ومثله معه }.
للسنّة يف اجملال الرتبوي فائدتان عظيمتان:
و ُ
إيضاح املنهج الرتبوي اإلسالمي املتكامل الوارد يف القرآن الكرمي ،وبيان التفاصيل اليت مل ترد يف القرآن
الكرمي
استنباط أسلوب تربوي من حياة الرسول حممد صلى اهلل عليه وسلم مع أصحابه و معاملته األوالد
وغرسه اإلميان يف النفوس( ".السعدون ،9019 ،ص )1113
70
" و قد يستنري املنظرون للرتبية اإلسالمية ببعض املصادر غري امللزمة و تسمى مصادر ثانوية مثل:
الدراسات التارخيية و الدراسات الرتبوية آلراء العلماء املسلمني.
دراسة الشخصيات اإلسالمية الالمعة يف جمال الرتبية كابن خلدون ،و الغزايل ،و ابن تيمية ،و ابن
القيم ،و ابن مجاعة و غريهم.
معطيات البحوث العلمية الصحيحة اليت تلقي الضوء على طبيعة اإلنسان ،وطريقة تعلمه.
كل خربات البشر اليت ال تتعارض مع العقيدة اإلسالمية( ".م .الغامدي ،9019 ،ص )92
-3أهداف التربية اإلسالمية:
" تتصف األهداف العامة للرتبية اإلسالمية بأمرين ،األول أهنا تبدأ بالفرد و تنتهي باجملتمع اإلنساين عامة ،و
الثاين ،أهنا تبدأ بالدنيا و تنتهي باآلخرة بأسلوب متكامل متناسق" ( الكيالين ،1235 ،ص )92
" و تدور األهداف الرتبوية اإلسالمية حول أربعة مستويات هي:
أوال :األهداف اليت تدور على مستوى العبودية هلل سبحانه و تعاىل ،يقول اهلل عز و جل ﴿ و ما
خلقت الجن و اإلنس إال ليعبدون ﴾ ( األنبياء ،اآلية ،)95و يقول جل يف عاله ﴿ و ما أرسلنا
من قبلك من رسول إال نوحي إليه أنه ال إله إال أنا ف اعبدون ﴾ ( الذاريات ،اآلية .)52
ثانيا :األهداف اليت تدور على مستوى الفرد ،إلنشاء شخصية إسالمية ذات مثل أعلى يتصل باهلل
و ذكر اسم ربه فصلى تزكى 1 تعاىل ،يقول اهلل عز و جل يف كتابه احلكيم ﴿ قد أف لح من
1
بل تؤثرون الحياة الدنيا و اآلخرة خير و أبقى ﴾ ( األعلى ،اآليات .)12 -12
1
1
ط 1 1
يف1 املؤمنة ،يقول اهلل عز و جل
حول بناء اجملتمع اإلسالمي ،أو بناء األمة 1
ثالثا :األهداف اليت تدور 1
1 ط ط
كتابه احلكيم ﴿ يا أيها 1الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى 1و جعلناكم شعوبا و قبائل
1 1
لتعارفوا إن أكرمكم عند اهلل أتق اكم ﴾ ( احلجرات ،اآلية )19
رابعا :األهداف اليت تدور حول حتقيق املنافع الدينية و الدنيوية ،يقول اهلل عز و جل يف حمكم التنزيل
﴿و ابتغ فيما آتاك اهلل الدار اآلخرة و ال تنس نصيبك من الدنيا و أحسن كما أحسن اهلل
إليك ﴾ ( القصص ،اآلية ( " )22جابر.)net ،9002 ،
71
" و عليه ميكن حتديد أهداف الرتبية اإلسالمية على النحو األيت:
تنشئة اإلنسان الذي يعبد اهلل و خيشاه ،فالرتبية اإلسالمية جاءت لتحقيق هدف اإلسالم يف
تنشئة أبنائه على عقيدته و مبادئه ،و قيمه و مثله ،و يف التسامي بفطرهم إىل الغاية اليت رمسها
هلم
تربية اإلنسان لبلوغ الفضيلة وكمال النفس عن طريق العلم باهلل عز وجل.
حتقيق سعادة اإلنسان يف الدنيا واآلخرة.
تعليم الناشئة مبادئ الدين اإلسالمي.
تربية املتعلم الصاحل املتفاعل مع بيئته االجتماعية الذي يقدر املسؤولية.
تربية املتعلم من جوانبه مجيعاً جسمياً و عقلياً و روحياً و انفعالياً و اجتماعياً.
هتذيب أخالق املتعلم بضبط سلوكه مبا يتفق و الدين اإلسالمي.
تنمية قدرة املتعلم على تعمري األرض و تسخري ما فيها لصاحله.
غرس القيم اإلنسانية البناءة اليت يربيها اإلسالم يف نفوس أبنائه باحرتام إنسانيتهم ،و التعامل
معهم بغض النظر عن لوهنم ،أو جنسهم ،أو دينهم( ".السعدون ،9019 ،ص )1112
و عليه "فالرتبية اإلسالمية مجعت بني تأديب النفس و تصفية الروح و تثقيف العقل و تقوية اجلسم ،فهي تُعىن
بالرتبية الدينية و اخللقية و العلمية و اجلسمية دون تضحية بأي نوع منها على حساب اآلخر (".عبد الرمحن،
.) net ،9012
-4خصائص التربية اإلسالمية:
تتميز النظرية الرتبوية اإلسالمية جبملة من اخلصائص اليت متيزها عن غريها ،و هي( :السعدون ،9019 ،ص
)1112 -1112
الطبيعة اإللهية :فالعقائد اإلسالمية و العبادات و املعامالت و السرية و األخالق و بقية جوانب
التعلم يف الرتبية اإلسالمية كلها تعتمد على القرآن الكرمي اإلهلي املصدر ،و تعتمد على ُسنّة رسول
اهلل صلى اهلل عليه و سلم اإلهلية املصدر أيضاً عن طريق اإلهلام أو الوحي ،و يرتتب على هذه
72
الطبيعة اإلهلية أن أساسيات هذا الدين ثابتة و ينبغي أن تقدم إىل الناشئة على أهنا حقائق أو مبادئ
ال تقبل اجلدل أو املناقشة كما ينبغي أن تقدم على أهنا تتناسب مع نظرة اإلنسان ألهنا من لدن
حكيم عليم و على أهنا ال ترتبط مبكان أو زمان معينني.
التكامل :و تعين هذه اخلاصية أن جوانب الدين اإلسالمي متكاملة تتبادل التأثري ،و يتصل بعضها
ببعض ،و التكامل له معان عدة منها :أن اجلوانب العملية يف اإلسالم ال تصبح ذات معىن أو ذات
قيمة إال إذا سبقها اعتقاد أو نية طيبة ،قال صلى اهلل عليه وآله وسلم{ إنما األعمال بالنيات و
إنما لكل امرئ ما نوى } ،و هذا يعين ضرورة االنسجام بني العلم و العمل أو بني العقيدة و
الشريعة و ضرورة االتفاق بني اجلوانب املختلفة للشخصية ،كما يعىن التكامل أيضاً أن اإلسالم
جبوانبه املختلفة يتناول الفرد من جوانبه مجيعها الفكرية و النفسية و اجلسمية حبيث يؤدي هذا إىل
تكوين الفرد املسلم املتوازن ،كما يعين التكامل أيضا عدم التناقض بني جوانب العملية الرتبوية
اإلسالمية أي يوجد تكامل و اتساق بني األهداف و احملتوى و املصادر و الوسائل.
الشمول :إن للرتبية اإلسالمية نظرة شاملة للكون و اإلنسان و احلياة و تعىن باإلنسان من نواحي
تكوينه مجيعها ،جسميا ،و عقلياً ،و روحيا ،و ذلك أن نظرة القرآن الكرمي إىل اإلنسان هي نظرة
شاملة متزنة معتدلة ،فاإلنسان ليس بالكيان املادي فحسب ،كما أنه ليس بالروح اجملردة عن املادة
بل هو كائن حيتاج إىل منو اجلسم و العقل و الروح و اخللق بتوازن و اعتدال.
التوازن :تتميز الرتبية اإلسالمية بالتوازن ،فالنظام اإلسالمي هو نظام متوازن ،و يبدو ذلك يف التوازن
بني العقل والوجدان ،و بني اجلسد و الروح و بني الدنيا و اآلخرة ،قال تعاىل ﴿و ابتغ فيما آتاك
اهلل الدار اآلخرة و ال تنس نصيبك من الدنيا و أحسن كما أحسن اهلل إليك ﴾ ( القصص،
اآلية .)22
العالمية :تتسم الرتبية اإلسالمية بأهنا تربية عاملية ،صاحلة لكل زمان و مكان مهما اختلفت
األجناس و األلسن ،و هي يف ذلك تستمد عامليتها من عاملية اإلسالم.
73
الواقعية :و تعين هذه اخلاصية أن اإلسالم يتعامل مع احلقائق املوضوعية ذات الوجود احلقيقي المع
تصورات عقلية ،و ال مع مثاليات ال مقابل هلا يف الواقع ،فهو منهج قابل للتحقيق يف احلياة
اإلنسانية ...و يرتتب على هذا أن تكون مناهج الرتبية اإلسالمية موافقة للطبيعة اإلنسانية يعمل
على تزكيتها ،و حفظها من االحنراف ،و سالمتها ،و أن تنمي القدرة على املوازنة بني اخلري و الشر،
و احلق و الباطل ،و ينبغي على املنهج أن يكون واقعياً ممكن التطبيق.
الثبات والمرونة :تتميز الرتبية اإلسالمية بأهنا جتمع بني الثبات الذي يعين قطعية األحكام و
صالحيتها لكل زمان و مكان ،و املرونة اليت تعين اتساعها لتشمل حاجات العصر وتغريات احلياة
املتجددة ،و الرتبية اإلسالمية ينبغي أن تعكس تلك اخلاصية للدين اإلسالمي حبيث تصبح من أبرز
خصائصها و مساهتا ،فالغايات و األهداف العليا للرتبية اإلسالمية ثابتة مستقرة ،بينما األهداف
الوسطية و القريبة مرنة و قابلة للتغيري ،و األصول و املصادر األساسية للرتبية اإلسالمية ثابتة ،بينما
األساليب و الوسائل مرنة قابلة للتطور و التغيري ،و كل ذلك وفقاً ملا تتطلبه حركة احلياة من تطور،
فالرتبية اإلسالمية هتيئ الفرد املسلم ملواجهة تلك التطورات لكن يف وجود قيم ثابتة.
اإللزامية :الرتبية اإلسالمية فريضة إسالمية ،فال حتقيق لشريعة اإلسالم إال برتبية أفراده على اإلميان
باهلل عز وجل ومراقبته و اخلضوع له ،فهي فريضة يف أعناق اآلباء و املدرسني ،و أمانة حيملها اجليل
إىل اجليل الذي بعده ،و هذا يتطلب إعداد اإلنسان و هتذيبه حىت يصبح قادرا على محل األمانة
وتأدية الرسالة.
-5التطبيقات التربوية للنظرية التربوية اإلسالمية:
-1-5المناهج في التربية اإلسالمية:
" إن حمتوى املنهج اإلسالمي يتضمن مواد و مقررات قد تكون علمية و نظرية تنمي مهارات حمددة ،لكن هذا
احملتوى بتميزه بالنظرية اإلسالمية سوف يكون له عدد من اخلصائص اليت قد تشرتك مع خصائص أي منهج
وفق نظريات أخرى لكنها تلتزم باملبادئ اإلسالمية ،منها الصدق ،و مالءمة ميول املتعلمني ،و الثبات" (م.
الغامدي ،9019 ،ص .)25
74
أسلَمة املناهج هامة فهي تعطي املناهج البعد و الصيغة اإلسالمية ،بربط املواد الدراسية
إن " عملية تأصيل و ْ
مببادئ اإلسالم ،مثل القيم اخللقية و الدينية و ربط هذا كله حبياة الطالب يف جمتمعه ،و عملية التأصيل هذه
تتطلب إعادة صياغة املناهج الدراسية احلالية على ضوء اإلسالم من حيث املعلومات و تنسيقها و ربط بعضها
ببعض ربطاً منطقياً ،هذا كله يتطلب صياغة األهداف بطريقة جتعل فروع املعرفة املختلفة تثرى التصور
اإلسالمي لرتبية الطالب ليكون عامالً و مشاركاً يف بناء جمتمعه بصورة جادة و نشطه و يتمكن من أداء دوره
بإجيابية و فعالية" ( عبد الرمحن.) net ،9012 ،
" و من اجملاالت اليت ينبغي أن يتضمنها حمتوى املنهج يف ضوء النظرية الرتبوية اإلسالمية:
املعرفة اخلاصة بالدين اإلسالمي احلنيف.
معرفة النفس البشرية وجسم اإلنسان من كافة اجلوانب.
املعرفة اخلاصة بالكيمياء والفيزياء ،فهذان العلمان خيتصان باجلمادات اليت خلقها اهلل يف هذا الكون
الفسيح.
املعرفة اخلاصة بالنباتات و احليوانات.
املعرفة اخلاصة بالكون و الظواهر الكونية.
املعرفة اخلاصة بالبيئة سواء البيئة الطبيعية أو البشرية.
املعرفة اخلاصة بالعامل اإلسالمي.
املعرفة اخلاصة بعلوم اللغة العربية.
املعرفة اخلاصة باللغات األجنبية.
املعرفة اخلاصة مبكونات اجملتمع و وحداته.
احرتام دور العلماء يف احلضارة اإلنسانية عرب العصور املختلفة" (م .الغامدي ،9019 ،ص .)25
" و مبا أن التوجه احلضاري العام يف الدول اإلسالمية هو حنو بناء اإلنسان املسلم احلق ،فيجب أن تبىن املناهج
على تأصيل كل اخلربات و املعلومات اليت تعطى للطالب ،فعملية التأصيل هذه أصبحت من القضايا اهلامة يف
الدول اإلسالمية نسبة لتوجههم اإلسالمي ،إذ جيب الرجوع إىل القيم اليت يف اجلذور اإلسالمية لنستمد منها ما
نضمن أنه يبين اإلنسان الكامل املتكامل من مجيع جوانبه اخللقية و العقلية و اجلسدية و االجتماعية على
75
أساس إسالمي حقيقي ،و جيب أن توضع كل املناهج من منظور إسالمي متجدد حسب التطور و االنفجار
املعريف و التكنولوجي الذي حدث يف عامل اليوم ،مع التمسك القوي باألصالة يف النشأة و الوجود مع
االستمرارية ،حىت ال يتهم املنهج الدراسي بأنه جامد يف قوالب ال تتغري بظروف الزمان و املكان و لكن جيب
أن يظل األصل ثابتاً مهما تغريت األمناط و األشكال ،و اليت تكون نتاجا طبيعيا لتوجه جمتمع معني و جهده،
فكلما تغريت حياته بتغري الظروف تغري الشكل دون املضمون ،وهو األصل ،ألنه يظل مرتبطاً بتصورات اجملتمع
العامة يف احلياة و املعتقدات و التقاليد و املثل اليت يتمسك هبا اجملتمع و هو التوجه احلضاري .وهبذا يكون
للمجتمع اإلسالمي صبغة خاصة ال تتغري وال تتبدل على الرغم من اختالف ظروف الزمان و املكان ،و هذه
الصبغة اخلاصة هي نتاج لوحدة التصور النابع من وحدة العقيدة اإلسالمية...و مبا أن املؤسسات التعليمية
كلها مبا فيها اجلامعات هي املؤسسات اليت هتتم ببناء الفرد املسلم من مجيع جوانبه االجتماعية و النفسية و
العقلية و اخللقية و اجلسدية و تعدل من سلوكه و اجتاهاته ،كان ال بد من مراعاة عوامل التغيري و البناء و
ربطها باملؤثرات و املتغريات الثقافية و احلضارية ،و ربط هذا بواقع التلميذ وعقيدته" ( عبد الرمحن،9012 ،
.) net
إذا " ،متثل الرتبية اإلسالمية النشاط االجتماعي الذي ينبع من فلسفة األمة و يدور حول اإلنسان يف كل دور
من أدوار حياته ،حىت يتكيف مع نفسه و مع اجلماعة اليت يتعامل معها ،فاكتساب املفاهيم الدينية يعلم الطلبة
أصول الدين و جينبهم الوقوع بالزلل و اخلطأ ،و يكون لديهم املعيار السلوكي لكي يتصرفوا يف ضوئه ،ألن هذه
املفاهيم تفقد قيمتها إذا مل تنعكس آثارها على حياهتم و تصرفاهتم و تصبح سلوكا عمليا حممودا ،تتجلى يف
يقظة ضمريهم ،و مسو وجداهنم ،و متسكهم بالفضائل ،و تساميهم عن الرذائل و هنوضهم بالواجبات الدينية
يف محاسة و إميان ،و هنا البد من اإلشارة إىل ضرورة ارتباط منهج الرتبية اإلسالمية باستعدادات الطلبة و
ميوهلم و قدراهتم و حاجاهتم و الفروق الفردية بينهم ،و البد أن تنسجم حمتويات هذا املنهج مع البيئة الثقافية
و االجتماعية ،و القضايا املتجددة يف املنطقة اليت يعمل على تطبيق و تنفيذ املنهج فيها ،فال فائدة من منهج
دراسي يوضع مبعزل عن استعدادات الطلبة و قدراهتم ،و عن طبيعة املرحلة اليت ميرون هبا ،و ما تتصف به كل
76
مرحلة من خصائص و مظاهر يف جوانب شخصية الفرد مجيعها" (السعدون ،9019 ،ص ،1111
.)1119
-2-5طرائق التدريس في التربية اإلسالمية:
إن " الطريقة أو األسلوب الذي يستعمله املدرس يف إيصال املعلومات إىل الطالب تسمى طريقة التدريس ،و
كلما كانت هذه الطريقة جيدة و مناسبة للطالب و املادة العلمية كانت أكثر فاعلية يف حتقيق األهداف
الرتبوية ،من هنا كانت لطريقة التدريس أمهية بالغة يف العملية الرتبوية و عليها يتوقف إىل حد كبري فشل
التعليم أو جناحه "(السعدون ،9019 ،ص .)1119
" يف هذا العنصر ميكن اإلشارة إىل معنيني :املعىن األول :الكيفية اليت يعرض هبا احملتوى على املتعلمني ،و
الثاين :الكيفية اليت يتعامل هبا املعلمون واملتعلمون مع احملتوى.
و بناء على التنظيم الذي يتم اعتماده كمدخل أساسي لعرض احملتوى كالتنظيم اهلرمي أو التتابعي ،فإن هذه
الطرق و األساليب البد و أن تتناسب مع ما حدد للمنهج الرتبوي من مصفوفة املدى و التتابع ،و الطرق و
األساليب املستخدمة يف املنهج اإلسالمي البد أن تتماشى مع طبيعة الركائز و املنطلقات اليت يصدر عنها من
جانب ،و مع طبيعة األهداف اليت يرمى إىل حتقيقها من جانب آخر ،مع األخذ يف احلسبان أن تلك الطرق و
األساليب تسهم يف إعداد اإلنسان الصاحل للدنيا و اآلخرة معا ،على غري املناهج التابعة لنظريات أخرى
تستهدف إعداد املواطن الصاحل جملتمعه فقط مبقاييس دنيوية ،تارة هتتم باجلانب النفسي كحاجات ،و تارة
تقدم اجلانب االجتماعي كنفعية و إنتاج ،و لذلك جند األسلوب يف املنهج اإلسالمي يقدم للمتعلم بشكل
متوازن مع حاجاته كفرد و ما يلزمه جتاه اجملتمع...فالطرق التدريسية يف املنهج اإلسالمي مل تـُغَال يف احلرية
املطلقة للمتعلم الكتساب القيم بعيدا عن الضبط يف املوقف التعليمي ،و مل تالزم اجلمود يف الطرق التقليدية،
فطرقه تنطلق من االهتمام باملتعلم و جعله حمور العملية التعليمية ،كما يهتم بالطرق التطبيقية العملية كالقدوة
و التمثيل بضوابطه الشرعية ،فيحرم الوسائل اليت تؤثر على األخالق أو تلحق الضرر باملتعلمني ،وهبذا فقد
ضمنت الطرق التدريسية يف املنهج اإلسالمي املوازنة بني واجبات املعلم كقدوة و املتعلم كمحور للعملية
التعليمية ،و هذا تفتقده املناهج يف ضوء النظريات األخرى ،فتارة تغفل جانب املتعلم كالنظريات املستمدة من
77
الفلسفة املثالية ،و تارة تغفل جانب املعلم كالنظرية الربمجاتية والفنون املتعددة ( سعادة و إبراهيم،9001 ،
ص.) 177
و ميكن إمجال الطرق واألساليب يف املنهج اإلسالمي فيما يلي( :م .الغامدي ،9019 ،ص .)23 ،22
أسلوب القدوة الصاحلة ،قال تعاىل﴿ لقد كان لكم في رسول اهلل أسوة حسنة لمن كان يرجو
اهلل و اليوم اآلخر و ذكر اهلل كثيرا ﴾ )األحزاب ،اآلية .)90
أسلوب القصة ،ويعد هذا األسلوب من أهم األساليب وأنفعها ،و هذا راجع إىل تأثري القصة على
السامع ،وقد ذكر القرآن الكرمي قصص األنبياء ،كما ذكر قصص املكذبني بالرساالت وما أصاهبم من
عذاب نتيجة تكذيبهم الرسل.
و ذكر عل أسلوب التوجيه واملوعظة احلسنة ،قال تعاىل ﴿ فتول عنهم فما أنت بملوم
الذكرى تنفع المؤمنين﴾ (الذاريات ،اآليات ،)55 ،52وقال أيضا ﴿ ادع 1إلى سبيل ربك
1
ط
1 بالحكمة و الموعظة الحسنة ﴾ ) النحل ،اآلية )195
1
أسلوب الرتغيب والرتهيب ،وقد استعمل القرآن الكرمي هذا األسلوب ،إذ يذكر حياة املؤمنني يف
اآلخرة ،و يف املقابل يذكر حياة الكافرين فيها و ما يناهلم من عذاب ،حيث يقول عز وجل ﴿ ثم
اصطَفَ ْينَا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه و منهم ُمقتصد و منهم
أورثنا الكتاب الذين ْ
ون فيها من
سابق بالخيرات بإذن اهلل ذلك هو الفضل الكبير جنات عدن يدخلونها يُ َحلّ َ
الح َزن
أساور من ذهب و لؤلؤا و لباسهم فيها حرير و1ق الوا الحمد هلل الذي اذهب عنا َ
1
1ط
صب و ال يََمسنا
ََن فيها نا سم ي
ََ ال فضله من
امة 1
المق 1
إن ربنا لغفور شكور الذي أحلّنا دار ُ
1 ط
ضى عليهم فيموتوا و ال يُخفف عنهم من
فيها لَغوب و الذين1كفروا لهم نار جهنم ال 1يُقْ َ
1
1 ط
كذلك نجزي1كل كفور ﴾ (فاطر ،اآليات .)92 -99 عذابها
1
1
1 ط
ار ،و قد استخدم القرآن الكرمي أسلوب احلوار يف مواضع عديدة ،منها حوار إبراهيم عليه
أسلوب احلو 1
78
1
1
ط
1
1
عنك شيئا يا أبت إنِّي قد جاءني من العلم ما لم يَأْتِ َ
ك ف اتَّبعني أَهدك صراطا سويا يا
تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عَ ِصيَّا
1 1
ك
يا أبت إني أخاف أن يََم1سَّ َ 1 أبت ال
ط 1 ط
لئن لم
أنت عن آلهتي ي ا إبراهيم 1
عذاب من 1الرحمن فتكون للشيطان وليا ق ال أراغب 1
1
ك و اهجرني مليا ق ال سالم 1عليك سأستغفر 1لك ربي إنه كان بي َحفِيَّا ﴾
1 ط 1
تنته ألَ ْر ُج َمنَّ َ
1 ط 1
1 1 (مرمي ،اآليات )22 -29
1 ط
عندما ال ُجتدي األساليب السابقة ،و هو ما عرب عنه الشرع األسلوب
1 أسلوب العقاب ،ويستعمل هذا
1
بإقامة احلدود و التعزير.
أسلوب ضرب األمثال ،و هو لون من ألوان التصوير الفين يف القرآن ،و منه كل التشبيهات اليت جيء
هبا إلحالة املعاين واحلاالت صور ا و هيئات ،و من هذا النوع قال تعاىل ﴿ ألم تر كيف ضرب اهلل
تؤتي أكلها كل حين مثال كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء
1
كلمة خبيثة كشجرة خبيثة
بإذن ربها و يضرب اهلل األمثال للناس لعلهم يتذكرون و مثل 1
ط
الذين آمنوا 1بالقول الثابت في الحياة اجتثت من فوق األرض ما لها من قرار يثبت اهلل
1
1
1 ط
يشاء ﴾ ( إبراهيم ،اآليات .)92 -92
الدنيا و في اآلخرة و يضل اهلل الظالمين1و يفعل اهلل ما 1
1
1 ط
1 و يضيف نشوان الطرق التالية:
1
طريقة حل املشكالت.
طريقة حتقيق الذات.
التعليم املربمج.
التدريس بالفريق.
التعليم املصغر( .نشوان ،1223 ،ص .)922
ريب من حتقيق أهداف املنهج الرتبوي
هذا و يؤّكد الباحث علي أمحد مذكور أ ّن مجيع الطرائق اليت مت ّكن امل ِّ
ُ
فضل طريقة
اإلسالمي هي طرائق سليمة ،سواء ما كان موجودا منها اآلن ،أو ما سيوجد فيما بعد ،فهو ال يُ ّ
79
على أخرى ،بل ُميكن املزج بينها حسب متطلبات املوقف التعليمي " ،ففعالية الطريقة وتأثريها خيتلف
املادة أو احملتوى الذي تتناوله،
املدرس إىل حتقيقها ،وباختالف طبيعة ّ
باختالف مستويات األهداف اليت يسعى ّ
ومبدى كفاءة املعلم يف استخدام الطريقة ،وباختالف نوعيات وأعداد التالميذ ومبدى توافر البيئة املدرسية
املناسبة والتجهيزات املالئمة" ( مدكور ،9002 ،ص .)923
-3-5المعلم في التربية اإلسالمية:
" املعلم يف ظل املنهج اإلسالمي مسؤول أمام اهلل مث أمام اجلهة اليت يعمل فيها ،انطالقا من حديث املصطفى
تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع ،عن شبابه فيما أباله ،و
عليه الصالة و السالم {ال ُ
عن عمره فيما أفناه ،و عن ماله من أين اكتسبه و فيما أنفقه ،و عن علمه ما فعل به} ،وقوله يف حتذيره
من كتم العلم {من ُسئل عن علم فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار }.
" و قد بلغ من شرف التعليم أن جعلها اهلل من مجلة املهمات اليت كلف هبا رسوله صلى اهلل عليه و سلم،
يقول اهلل عز و جل ﴿ ربنا و ابعث فيهم رسوال منهم يتلوا عليهم آياتك و يعلمهم الكتاب و الحكمة
و يزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ﴾ ( البقرة ،اآلية ( ")192س .سعيد ،9003 ،ص .)992
" و يتميز املعلم بالتخصص يف جماله و النشاط و الفعالية ،و ال يدعي اإلملام بكل اجلوانب املادية و املعنوية
كلِّ ذي علم عليم ﴾ ( يوسف ،اآلية ،)22لذلك جيب أن
للمتعلم ،يقول اهلل عز و جل ﴿ و فوق ُ
يتصف املعلم بصفات أمهها :كما يراها س .سعيد( ،9003ص )990 -992
أن يكون هدفه و سلوكه و تفكريه ربانيا قال تعاىل ﴿ و لكن كونوا ربانيين ﴾ ( آل عمران،
اآلية ،)22أي ينتسبون إىل الرب جل جالله بطاعتهم هلل تعاىل و عبوديتهم له و اتباعهم لشرعه و
معرفتهم لصفاته ،من أجل نقلها إىل طالهبم ،و بدون هذه الصفة ال ميكن للمعلم أن حيقق هدف
الرتبية اإلسالمية.
أن يكون خملصا عمله هلل تعاىل ،و هذا من متام صفة الربانية و كماهلا.
80
أن يكون صبورا على معاناة التعليم و تقريب املعلومات إىل أذهان املتعلمني ،فذلك يتطلب تنويعا
لألساليب و مكارهة النفس على حتمل املشقة ،كما أن الطالب ليسوا سواء يف القدرة على التعلم.
أن يكون صادقا فيما يدعو إليه ،و عالمة الصدق ان يطبقه على نفسه ،فإذا طابق علمه عمله اتبعه
املتعلم و اقتدى به يف كل أقواله و أفعاله ،أما إذا خالف عمله ملا يدعو إليه ،فإن املتعلم يشعر بعدم
جدية أقوال معلمه و عدم عزمه على حتقيق ما يقول ،و قد عاتب اهلل املؤمنني على عدم صدقهم
كبر مقتا عند فيما يقولون بقوله تعاىل ﴿ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما ال تفعلون
أتأم ُرون
اهلل أن تقولوا ما ال تفعلون ﴾ ( الصف ،اآليات ،)9 ،9و يقول عز و 1جل ﴿ ُ
1
ط
ون ﴾ (البقرة ،اآلية
كم و أنتُم تتلُون الكتاب أ ف ال تعق لُ 1
بالبر و تنسون أنفس ُ
الناس ِّ
1
.)22
أن يكون دائم التزود بالعلم و املدارسة له ،ألن تعليم العلم و تبسيطه للناشئني ال يأيت إال بعد
هضمه و التعمق يف فهمه.
أن يكون قادرا على تنويع أساليب التعليم و متقنا هلا ،عارفا باألسلوب الذي يصلح لكل موقف من
مواقف التدريس و مواده.
أن يكون قادرا على الضبط و السيطرة على الطلبة ،حازما يضع األمور يف مواضعها ،و يلبس لكل
حالة لبوسها فال يتشدد حيث ينبغي التساهل ،و ال يتساهل حيث جتب الشدة.
أن يكون دارسا لنفسية املتعلم يف املرحلة اليت يتعلم هبا ،إي يكون على معرفة مبراحل منو الطفل و
متطلبات كل مرحلة.
أن يكون واعيا للمؤثرات و االجتاهات العاملية و ترتكه يف نفوس اجليل من أثر على املعتقدات و
أساليب التفكري ،مدركا ملشكالت احلياة املعاصرة ،و عالج اإلسالم هلاَ ،م ِرنًا َكيِّ ًسا ،يستمع لكل
آراء الطلبة و استفساراهتم و شكوكهم فيتتبع أسباهبا و يعاجلها حبكمة و روية.
أن يكون عادال بني من يعلمهم ،ال مييل إىل فئة منهم ،و ال يفضل أحد على أحد إال باحلق ،و مبا
يستحق كل متعلم حسب عمله و مواهبه.
81
" و من هنا جيب على املريب املسلم أن يتمثل احلراك يف هنجه الرتبوي ،و الديناميكية يف السلوك ،و التطبيق
العملي السلوكي ،و ينأى جبعل الرتبية اإلسالمية يف أطر جامدة نظرية ساكنة ،ال متت للحياة املعاصرة بصلة ،و
ال متت للتأسي بالعصور اإلسالمية الذهبية يف االلتزام يف عهد السرية النبوية و عهد خريوية القرون الثالث
األوىل ،حيث كانت الرتبية اإلسالمية حراك و عمل ،قبل أن تكون تنظريا و كلمات ،و هنا املشكل يف واقع
الرتبية اإلسالمية اليت اصطبغت باجلمود و السكون و التنظري ،و من الديناميكية مبكان ،متابعة االجتاهات
العاملية احلديثة يف النظريات الرتبوية يف أطر األصالة و املعاصرة ،و استثمار ما ال يتعارض منها مع ثوابت
الشريعة اإلسالمية يف تطوير املناهج الرتبوية املستندة إىل الرتبية اإلسالمية ،و تفعيلها يف الطرائق و األساليب و
االسرتاتيجيات التعليمية التَـ َعلُّ ِميَة ،ألن احلكمة ضالة املؤمن أىن وجدها أخذها يف أطر واعية ناضجة ،تستند
إىل الفكر ال ِرسايل يف اإلسالم" ( س .سعيد ،9003 ،ص .)992
-4-5المتعلم في التربية اإلسالمية:
" املتعلم يف املنهج اإلسالمي بصفته الطالب املنتظم يف مرحلة من مراحل العلم هو ذلك العنصر الذي تسعى
الرتبية من أجل إعداده يف كافة اجلوانب العلمية و اإلنسانية و الشخصية ،و يوجب عليه القيام بأدواره و
كل
تقف ما ليس لك به علم إن السمع و البصر و الفؤاد ُ
واجباته جتاه ربه و علمه ،قال تعاىل ﴿ وال ُ
أُولئك كان عنهُ مسئُوال ﴾ ( اإلسراء ،اآلية ،)92و انطالقا من اعتبار طلبه للعلم عبادة مىت ما كانت
نيته خالصة هلل أوال ،و ترسيخ مبدأ العلم و العمل به يف حياته ،مع تأكيد حريته و قدراته على اإلبداع و
التجديد و عمارة الكون مبا ينفع الناس مع تكرميه حيا فال جيوز إدانته أو القصاص منه إال باحلق" ( م.
الغامدي ،9019 ،ص .)50
لقد اشتمل القرآن على كثري من اآليات اليت حتث على العلم و تأمر به ،و ترغِّ ُ
ب اإلنسان يف النظر يف الكون
و احلياة ،لسرب أغوارها ،و معرفة كيفية االستفادة منها ،فيقول اهلل تعاىل ﴿ هو الذي جعل الشمس ضياءً و
القمر نورا و قدَّره منازل لتعلموا عدد السنين و الحساب ما خلق اهلل ذلك إال بالحق يفصل اآليات
لقوم يعلمون﴾ ( يونس ،اآلية ،)5و قوله أيضا ﴿ و هو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في
82
ظلمات البر و البحر قد فصلنا اآليات لقوم يعلمون ﴾ ( األنعام ،اآلية ،)22و قوله أيضا ﴿ يرفع اهلل
الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات و اهلل بما تعملون خبير ﴾ ( اجملادلة ،اآلية ،)11كما
أشارت النصوص القرآنية إىل أن طلب العلم يقوم عل مبدأ االستمرارية و االستزادة فيقول عز و جل ﴿ و ق ل
رب زدني علما ﴾ ( طه ،اآلية .)112
ِّ
و اهتمت السنة النبوية الشريفة بطلب العلم و حضت عليه " ،حيث يروى عن الرسول صلى اهلل عليه و سلم
قوله { من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل اهلل له طريقا إلى الجنة ،و إن المالئكة لتضع أجنحتها
رضاء لطالب العلم و إن العالم ليستغفر له من في السموات و من في األرض حتى الحيتان في الماء ،و
فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ،إن العلماء ورثة األنبياء ،و إن األنبياء لم
يورثوا دينارا و ال درهما ،إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ }" ( س .سعيد ،9003 ،ص .)125
"و سامهت الرحلة يف طلب العلم يف إثراء احلركة العلمية ،و توسعة نطاقها ،حيث كان العلماء يرحتلون من قطر
إىل قطر ،و من مدينة إىل مدينة ،متحملني مشاق السفر و العذابات يف سبيل حتقيق أهدافهم السامية يف
طلب العلم ،و إثراء الذات بالعلوم النافعة املعمقة" ( س .سعيد ،9003 ،ص .)125
" إن البشرية على مدار تارخيها مل تعرف نظاما شامال واسعا حميطا بكل األمور كاإلسالم ،أما الفلسفة
اإلسالمية فتنبع من القرآن الكرمي و احلديث الشريف ،و قد قامت على أساسهما ،و تأثرت الفلسفة اإلسالمية
أيضا مبا قبلها و ما حوهلا من الفلسفات...و هذا التأثر ال يعين أهنا طبعت بطابع تلك الفلسفات ،و لكن
هذا يعين أهنا كانت تأخذ ما يناسبها و يتمشى مع مبادئ اإلسالم احلنيف ،فالغاية القصوى من الفلسفة
اإلسالمية هي احلكمة و اليت تعين معرفة اهلل سبحانه و تعاىل ،و ال تقف الفلسفة اإلسالمية عند ذلك بل
تتعداه إىل املالحظة و التجريب و ما هو واقعي و ملموس يف هذا الكون الواسع الفسيح ،و الغرض من ذلك
الوصول إىل احلقيقة و املعرفة لقوله تعاىل ﴿ سنريهم آياتنا في اآلف اق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه
الحق ﴾ (فصلت ،اآلية ( ")59ناصر ،و بن طريف ،و الزبون ،9010 ،ص )115
83
المصادر:
-1القرآن الكرمي.
المراجع:
القواميس:
-9غريب ،عبد الكرمي 9002( .أ) .املنهل الرتبوي – معجم موسوعي يف املصطلحات و املفاهيم
البيداغوجية و الديداكتيكية و السيكولوجية – اجلزء األول .ط .1ال ّدار البيضاء ،املغرب :منشورات عامل
الرتبية.
-9غريب ،عبد الكرمي 9002( .ب) .املنهل الرتبوي – معجم موسوعي يف املصطلحات و املفاهيم
البيداغوجية و الديداكتيكية و السيكولوجية – اجلزء الثاين .ط .1ال ّدار البيضاء ،املغرب :منشورات عامل الرتبية.
الكتب:
-2برتراند ،ي ( .)9002( .)Y. Bertrandالنظريات الرتبوية املعاصرة .ط ( .1ترمجة بوعالق حممد).
الرباط ،املغرب :مكتبة دار األمان.
-5بن بوزيد ،بو بكر .)9002( .إصالح الرتبية يف اجلزائر -رهانات و إجنازات .-اجلزائر :دار القصبة
للنشر.
-2جونز ،فيليب .)9010( .النظريات االجتماعية و املمارسة البحثية .ط ( .1ترمجة حممد ياسر اخلواجة).
مصر :مصر العربية للنشر و التوزيع.
-2سعادة ،جودت و إبراهيم ،عبد اهلل .)9001( .تنظيمات املناهج و ختطيطها و تطويرها .ط .9عمان،
األردن :دار الشروق للنشر و التوزيع.
-3سعيد ،جودت .)9019( .العمل قدرة و إرادة -أحباث يف سنن تغيري النفس و اجملتمع .-دار الفكر
املعاصر.
84
-2سعيد ،سعاد جرب .)9003( .علم النفس الرتبوي .ط .1إربد ،األردن :عامل الكتب احلديث للنشر و
التوزيع.
-10العبد هلل ،إبراهيم يوسف .)9002( .اإلصالحات الرتبوية ملواجهة متطلبات العصر و حتديات
املستقبل .ط .1بريوت ،لبنان :شركة املطبوعات للنشر والتوزيع.
-11علي ،سعيد إمساعيل .)9000( .القرآن الكرمي رؤية تربوية .ط ،1القاهرة ،مصر:دار الفكر العريب.
-19غريب ،عبد الكرمي .)9002( .سوسيولوجيا املدرسة .ط .1ال ّدار البيضاء ،املغرب :مطبعة النجاح
اجلديدة.
-19الفرجاين،عبد العظيم عبد السالم .)9009( .التكنولوجيا و تطوير التعليم .القاهرة ،مصر :دار غريب
للطباعة و النشر و التوزيع.
-12القامسي ،علي حممد .)1223( .مفهوم الرتبية اإلسالمية و طرائق التدريس .اإلمارات العربية :دار املنار
للنشر والتوزيع.
-15الكيالين ،ماجد عرسان .)1235( .تطور مفهوم النظرية الرتبوية اإلسالمية – دراسة منهجية يف
األصول التارخيية للرتبية اإلسالمية .-ط .9بريوت :دار ابن كثري و املدينة املنورة :مكتبة دار الرتاث.
-12الكيالين ،ماجد عرسان 9005( .أ) .أهداف الرتبية اإلسالمية .ديب :دار القلم.
-12الكيالين ،ماجد عرسان 9005(.ب) .الرتبية و التجديد و تنمية الفاعلية عند العريب املعاصر .ديب:
دار القلم.
-13مدكور ،علي أمحد .)9002(.نظريات املناهج الرتبوية -سلسلة املراجع يف الرتبية و علم النفس.-
الكتاب .95القاهرة ،مصر :دار الفكر العريب.
-12مدن ،يوسف .)9002( .التعلم و التعليم يف النظرية الرتبوية اإلسالمية .ط .1بريوت ،لبنان :دار
اهلادي للطباعة و النشر و التوزيع.
-90ناصر ،ابراهيم عبد اهلل و بن طريف ،عاطف عمر و الزبون ،حممد سليم .)9010( .مدخل إىل الرتبية.
ط . 9عمان ،األردن :دار الفكر ناشرون و موزعون.
85
-91نشوان ،يعقوب حسني . (1223 ) .املنهج الرتبوي من منظور إسالمي .عمان ،األردن :دار الفرقان.
-99نظريات التعليم :دراسة مقارنة( .ديسمرب .)1232اجلزء الثاين( .ترمجة علي حسني حجاج ،و مراجعة
عطية حممود هنا) .الكويت :عامل املعرفة -سلسلة كتب ثقافية شهرية تصدر اجمللس الوطين للثقافة و الفنون و
اآلداب.-
المجالت و الدوريات:
-99بوتكالي ،حلسن ،)9010( .الوضعية املشكلة و اإلصالح البيداغوجي -الربنامج اإلستعجايل أو
إصالح اإلصالح يف منظومة الرتبية و التكوين .-جملة عامل الرتبية( ،العدد .)12الدار البيضاء ،املغرب:
منشورات عامل الرتبية.
-92السعدون ،عادلة علي ناجي .)9019( .مباحث يف طرائق تدريس الرتبية اإلسالمية وأساليب تقوميها.
األستاذ (،العدد .)909كلية الرتبية ،جامعة بغداد.
-95صادق ،منري موسى .)9009( .فعالية منوذج سفن آيز البنائي يف تدريس العلوم يف تنمية التحصيل و
بعض مهارات عمليات العلم لدى تالميذ الصف الثاين إعدادي بسلطنة عمان .جملة الرتبية العلمية ،جملد ( 2
العدد .)9القاهرة ،مصر.9009 :
-92عبد الغفور ،نضال( .جانفي .)9019األطر الرتبوية لتصميم التعلم االلكرتوين .جملة جامعة األقصى.
سلسلة العلوم اإلنسانية ،اجمللد( 12العدد .)1
-92لكحل ،خلضر ،)9011( .املقاربة بالكفاءات :اجلذور و التطبيق .جملة العلوم اإلنسانية و االجتماعية.
عدد خاص ملتقى التكوين بالكفايات يف الرتبية ( ،العدد .)2ورقلة :جامعة قاصدي مرباح.
-93مبدر ،جاسم شاكر و فنن ،بصري .)9000( .مواصفات معلم الرتبية اإلسالمية من وجهة نظر
األشراف الرتبوي و اإلدارات املدرسية وطلبة املرحلة الثانوية .وزارة الرتبية .بغداد :مركز البحوث والدراسات
الرتبوية.
86
المؤتمرات:
-92سعودي ،مىن عبد اهلادي ،1223( ،أوت) .فعالية استخدام منوذج التعلم البنائي يف تدريس العلوم
على تنمية التفكري االبتكاري لدى تالميذ الصف اخلامس االبتدائي .املؤمتر العلمي الثاين .إعداد معلم العلوم
للقرن احلادي و العشرين ،اجمللد الثاين ،القاهرة ،مصر.
-90الكيالين ،ماجد عرسان ،9002( .نوفمرب) .نظرية املعرفة يف الرتبية اإلسالمية .حبث مقدم إىل املؤمتر
الرابع للبحث العلمي يف اجلمعية األردنية للبحث العلمي ،عمان ،األردن.
َّ
الرسائل الجامعية:
-91الدواهيدي ،عزمي عطية أمحد .)9002( .فعالية التدريس وفقا لنظرية فيجوتسكي يف اكتساب بعض
املفاهيم البيئية لدى طالبات جامعة األقصى بغزة .رسالة ماجستري قسم املناهج و التدريس .كلية الرتبية.
اجلامعة اإلسالمية .غزة ،فلسطني.
-99املزيين ،فاضل بن سلطان بن حممد .)9015( .النظرية الرتبوية اإلسالمية و أثرها على تنمية املوارد
البشرية يف السنة النبوية .أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه يف العلوم اإلسالمية .املعهد العايل ألصول الدين .جامعة
الزيتونة ،تونس.
-99نعمون ،عبد السالم .)9012( .حنو منظومة تربوية تنمي إبداع املتعلم يف بيداغوجية املقاربة
بالكفاءات .مذكرة دكتوراه .قسم علم النفس و علوم الرتبية و االرطوفونيا .كلية العلوم اإلنسانية و االجتماعية.
جامعة حممد ملني دباغني سطيف ،9اجلزائر.
المواقع االلكترونية:
-92جابر ،حممد بن سامل بن علي .)9002( .أهداف الرتبية اإلسالمية ومقاصدها .تاريخ االطالع/2 :
/http://www.alukah.net/social/0/151 .9012 /19مقتبس من
-95عبد الرمحن ،حسن .املناهج الرتبوية من منظور إسالمي .تاريخ االطالع . 9012 /9 /5 :مقتبس من
http://www.tourathtripoli.org/phocadownload/3ilm_ijtima3_altarbia/
almanahege%20altarbouia.pdf
87
( نظرية النشاط: نظرية فيجوتسكي االجتماعية الثقافية يف النمو املعريف. حسني عبد الفتاح، الغامدي-92
مقتبس من. 9010 /19 /90 : تاريخ االطالع.) ملخصات من كتاب التفكري و اللغة
www.pdffactory.com
. قراءة لنظرية املنهج الرتبوي يف ضوء النظرية اإلسالمية.)9019( . ماجد بن سامل محيد، الغامدي-92
www.alukah.net مقتبس من. 9012 /9 /5 :تاريخ االطالع
مقتبس. 9012/10/90: تاريخ االطالع. النظرية الرتبوية معناها و مكوناهتا. ماجد عرسان، الكيالين-93
/http://www.alukah.net/social/0/8854 من
مقتبس من. 9012/11/2 : تاريخ االطالع. النظريات الرتبوية املعاصرة.)9002( .حسان، هشام-92
http://ashahed.blogspot.com/2011/05/blog-post_5131
: الوثائق و المناشير
النظام- املهد الوطين لتكوين مستخدمي الرتبية و حتسني مستواهم.)9002( . وزارة الرتبية الوطنية-20
.سند تكويين لفائدة مديري املدارس االبتدائية. -الرتبوي واملناهج التعليمية
:المراجع باللغة األجنبية
88