You are on page 1of 14

‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .

‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬


‫تاريخ نشر المقال‪6802/00/01 :‬‬ ‫تاريخ قبول نشر المقال‪6802/09/01:‬‬ ‫تاريخ استقبال المقال‪6802/80/ 20 :‬‬

‫نقد النظرية املعرفية‬


‫أ‪ .‬د محمد بودربالة الجامعة –المسيمة‬
‫أ‪ .‬دليمة بوضياف الجامعة –المسيمة‬
‫البريد اإللكتروني ‪Bouder_med@yahoo.fr‬‬
‫‪mahajjablanc@hotmail.com‬‬
‫ممخص‪:‬‬
‫تقوم المدرسة المعرفية عمى الفكرة القائمة بأن ما يفكر فيو الناس وما يقولونو عن أنفسيم وكذلك إتجاىاتيم‬
‫وآرائيم ومثميم إنما ىي أمور ميمة وذات صمة وثيقة بسموكيم الصحيح والمريض‪ .‬وأشار أليس ألبرت في‬
‫نظريتو العقبلنية اإلنفعالية عمى أن أفكار اإلنسان ىي التي تؤثر في مشاعره‪ .‬ويرى أن البشر يفكرون‬
‫ويشعرون ويتصرفون في آن واحد وأنيم مخموقات بشرية ولدوا وليم نزعات لمصراع الداخمي‪ .‬وأنيم يتأثرون‬
‫بالعائمة والثقافة‪ .‬إال أن ىذه النظرية أىممت الجانب الديني الذي لو دور كمنيج وقائي وعبلجي في التفكير‬
‫البلعقبلني وخاصة في بيئتنا العربية‪ .‬وفي المقابل نجد مالك بن نبي الذي يعتبر مفك ار معرفيا‪ ،‬وكان أول‬
‫من أودع منيجا محددا في بحث مشكمة المسممين عمى أساس كل من عمم النفس واالجتماع وسنة التاريخ‪،‬‬
‫ليذا سنحاول في ىذه الورقية البحثية تناول النظرية العقبلنية اإلنفعالية ألليس ألبرت وما يقابميا من فكر‬
‫لمالك بني باإلضافة إلى إسياماتو في عمم النفس‪.‬‬
‫الكممات المفتاحية‪ :‬األفكار‪ ،‬التفكير البلعقبلني‪ ،‬العبلج العقبلني اإلنفعالي‪.‬‬

‫‪Criticize Knowledge theory‬‬


‫‪Abstract:‬‬
‫‪The school of knowledge is based on the idea that what people think and what‬‬
‫‪they say about themselves as well as their views, opinions and ideals in general,‬‬
‫‪but are important questions on the behavior.‬‬
‫‪In this context, we see that Ellis Albert has emphasized in his morality theory that‬‬
‫‪thoughts of being human have a major impact on their feelings.‬‬
‫‪Human beings were born and tends to have internal conflict.‬‬
‫‪We also find that family and culture impose and designate in parallel their‬‬
‫‪personalities.‬‬
‫‪However, this theory has neglected the religious side, which has an important role‬‬
‫‪and had a prevention and therapeutic means in irrational thinking especially in the‬‬
‫‪Arab world.‬‬
‫‪In contrast, Malik bin Nabi, which is an Arabo-Muslim thinker, has been first to‬‬
‫‪fill a specific approach to research the problem of Muslims on the basis of both‬‬
‫‪the psychology, sociology and history.‬‬

‫‪542‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬
‫‪For this, we will try in this research paper to address the difference between Alice‬‬
‫‪Albert's and Malik bin Nabi theory, and drew the consequences and the role of‬‬
‫‪Malik bin Nabi in his contribution to psychology development.‬‬
‫‪Key words: Ideas, Irrational Thinking, Rational-emotive therapy‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫ميز اهلل اإلنسان بأن جعل لو عقبل يفكر بو‪ ،‬ويدير بو شؤون حياتو‪ ،‬وما نراه اليوم من تطور‬
‫حضاري ما ىو إال نتاج لعمميات تفكير اإلنسان عبر العصور‪ .‬والتفكير أعمى مراتب المعرفة وأرقاىا وال‬
‫ترجع أىميتو إلى كونو أداة لتقدم اإلنسان فحسب‪ ،‬بل إعتباره ضرورة وجود وا ستمرار بقاء اإلنسان عمى‬
‫األرض‪ ،‬ألن اإلنسان منذ وجوده لو لم يكن م فك ار لطرق معيشتو المختمفة‪ ،‬وأساليب دفاعو عن نفسو لما‬
‫كتب لو البقاء وما إستطاع أن يحقق ما حققو من تقدم ورقي‪ ،‬ىذا إلى جانب أن التفكير لو أىمية كبيرة في‬
‫‪1‬‬
‫مساعدة الفرد عمى التكيف مع عالمو الخارجي‪.‬‬
‫واألفكار الحقيقية لمثقافة األكثر إذا قيست بغيرىا من العناصر الم ادية‪ .‬ومن أىم مكونات األفكار‪،‬‬
‫الحقائق العممية‪ ،‬االداب والمعتقدات الدينية والحكم واألمثال‪ .‬وغالبا ماتسجل األفكار التي تسود مجتمعا ما‪،‬‬
‫وتدون وتحفظ‪ ،‬وخاصة في المجتمعات المتقدمة‪ ،‬بينما تنمو ىذه األفكار في صورة أساطير وخرافات في‬
‫‪2‬‬
‫المجتمعات البدائية‪.‬‬
‫وتعد المعرف ة ىي وسيمة اإلنسان لكي يفيم ذاتو والعالم من حولو والتوصل إلى حقائق األشياء بل‬
‫ىي أساس نمو العقل اإلنساني وسبيمو لمسيطرة عمى األشياء‪ .‬وقد أكد ذلك (أوجست كونت) في قولو‪ ":‬إذا‬
‫عرفت استطعت"‪ .‬ورغم أن المعرفة‪ ،‬كما أكد(فرويد) ىي جزء ىام في الطريق إلى الشفاء إال أنيا عندما‬
‫تضطرب فبل تصبح ىي الشفاء بل تصبح ىي المرض والشقاء‪ .‬كما ذىب الفيمسوف الروائي(ابكتيوس) إلى‬
‫أن إزالة األفكار الخاطئة من العقل أجدى بكثير من إزالة أو ارم‪ 3 .‬وحذا حذوه في ىذه الوجية من النظر‬
‫آخرون من عمماء العصر مثل أرنولد ‪ .)0651( Arnold‬و بيك ‪ ،)0653( Beck‬و إليس ‪)0651( Ellis‬‬
‫وكيمي ‪ ،)0644( Kelly‬و الزاروس ‪ 4 )0656( Lazarus‬فقد احتل التفكير وعمميات الفكر مرك از في‬
‫النظريات المعرفية‪ .‬فمن الواضح أن األفكار ال تحدث عشوائيا‪ ،‬فمكل منا أفكاره الثابتة ومعموماتو المختزنة‬
‫‪5‬‬
‫التي ترشد أو تحدد بنية تفكيرنا‪.‬‬
‫فمن خبلل التفكير يتعرف الفرد إلى ذاتو ويطور لغتو‪ ،‬ويعبر عن حاجاتو ويقوي قدراتو‪ ،‬ويساىم‬
‫في تنمية المشاركة الوجدانية والتضامن وضبط النفس و إحترام الذات‪ ،‬ويقوم التفكير عمى التعبير الرمزي‬
‫من خبلل تحويل البيئة الطبيعية إلى رموز‪ ،‬وىذه الرموز ىي األساس الذي من خبللو يتم تحويل األحداث‬
‫إلى إضطرابات أو إستقرار‪ ،‬ويعد التفكير من أرقى العمميات النفسية والعقمية التي من خبلليا يستطيع‬
‫اإلنسان الوصول إلى مستويات رمزية أو مجردة لمعاني األشياء واألحداث والعبلقات الموجودة بين ىذه‬
‫‪6‬‬
‫األشياء واألحداث لمتغمب عمى ما يواجو من صعوبات‪.‬‬
‫وترى النظرية العقبلنية اإلنفعالية أللبرت أليس أن نسق األفكار لدى الفرد عن األحداث التي‬
‫يواجييا ىي المتغير في تحديد إستجاباتو السموكية واإلنفعالية‪ ،‬فإذا كان نسق أفكاره عقبلنيا فإنو سيسمك‬

‫‪542‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬
‫فعال وغير منتج‪ ،‬ويعاني من‬
‫فعال ومنتج‪ ،‬أما إذا كان نسق أفكاره العقبلنيا فإنو سيسمك بشكل غير ّ‬
‫بشكل ّ‬
‫‪7‬‬
‫اإلضطراب وسوء التوافق‪.‬‬
‫فالجانب الفكري من االضطرابات يشير ببساطة إلى مجموعة األفكار والمعتقدات والحجج‪ ،‬وربما القيم التي‬
‫يتبناىا الشخص نحو ذاتو ونحو بيئتو وىذه األفكار والمعتقدات غير العقبلنية تكاد تكون عامة‪ ،‬وعندما يتم‬
‫‪8‬‬
‫تقبميا وتدعيميا عن طريق التمقين الذاتي تؤدي إلى االضطراب أو إلى العصاب‪.‬‬
‫ويرى ىذا اإلتجاه أن اإلضطراب النفسي عندما يحدث ال يشمل جانبا واحدا من الشخصية فحسب‬
‫بل يمتد ليشمل أربعة جوانب ىي السموك الظاىر (األفعال الخارجية)‪ ،‬واإلنفعال (التغيرات الفسيولوجية)‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫والتفكير (طرق التفكير والقيم)‪ ،‬والتفاعل اإلجتماعي (العبلقات باآلخرين)‪.‬‬
‫ولقد أولى مالك بن نبي إىتماما كبي ار لمجانب العقمي عند اإلنسان كما يتجمى في عالم األفكار‬
‫الذي درسو دراسة مستفيضة وخاصة في عبلقتو بالبناء الحضاري ‪ ،10‬حيث يرى أن المعرفة ىي مجموعة‬
‫واألفكار وسيمة إندماج الفرد في المجتمع ‪ .12‬وشبو‬ ‫‪11‬‬
‫الخبرات التي يكتسبيا الفرد في الحياة اإلجتماعية‬
‫األفكار بالجراثيم التي تنقل العدوى وتسبب األمراض اإلجتماعية‪ ،‬لقد أدرك األزمة الفكرية‪ ،‬وىي بنيتيا‬
‫المعرفية والمنيجية‪ ،‬إنو أحد أىم رواد مدرسة "إسبلمية المعرفة" ‪ .‬إىتم مالك بن نبي بالجانب النفسي‬
‫اإلجتماعي لتشكل األفكار لدى الفرد وعبلقتيا بالطاقة الحيوية التي تقابل الطاقة الميبيدو لدى فرويد‪ ،‬وقسم‬
‫نمو إندماج الطفل في المجتمع إلى مراحل‪ ،‬التي تندرج في سياقات نفسية وجسدية‪ .‬فمن وجية نظرنا طرح‬
‫مالك بن نبي ألزمة األفكار تشبو طرح أريكسون ألزمة اليوية‪.‬‬
‫النظرية العقالنية اإلنفعالية‪ :‬يعد ألبرت أليس )‪ (Albert Ellis‬من أوائل الباحثين الذين أبرزوا دور األفكار‬
‫البلعقبلنية في السموك‪ ،‬وقد وضع إحدى عشرة فكرة غير منطقية‪ ،‬وقد بدأت اإلنطبلقة في دراسة األفكار‬
‫البلعقبلنية في التراث السيكولوجي منذ عام ‪0644‬م حيث قدم أليس تصور كامبل في مجال أساليب التفكير‬
‫ترجع إلى عوامل التنشئة اإلجتماعية‪ ،‬وخاصة المراحل األولى من حياة‬ ‫فحواىا أن األفكار البلعقبلنية‬
‫الفرد‪ ،‬وأن أسباب اإلضطراب النفسي والعقمي يرجع إلى تم ك األفكار والمعتقدات البلعقبلنية الخاطئة التي‬
‫تشكل البناء المعرفي لدى الفرد وأقترح العبلج العقبلني اإلنفعالي السموكي والذي ىدفو حماية الفرد من‬
‫اإلضطرابات وذلك عن طريق مياجمة األفكار البلعقبلنية التي تؤثر عمى أمن الفرد وادراكو لذاتو ولآلخرين‬
‫‪13‬‬
‫وانجازاتو وابداعاتو‪.‬‬
‫ويسبب التفكير البلعقبلني إضطرابا نفسيا لمفرد‪ ،‬يشمل جميع جوانب الشخصية‪ ،‬ويظير في‬
‫سموكو الظاىري و إنفعاالتو ‪ ،‬وتحدث إضطرابات في التفكير والمعتقدات والقيم‪ ،‬وتكون معتقدات الفرد خاطئة‬
‫‪14‬‬
‫عن نفسو وعن العالم المحيط بو‪.‬‬
‫وىذا ما فسره ألبرت إليس )‪ Albert Ellis (1979‬عمى أن المحتوى المعرفي والمتمثل في األفكار‬
‫البلعقبلنية لو دور في حدوث مشكبلت نفسية‪ .‬ويرى أن التفكير واإلنفعال والسموك جميعيا أشكال متبلحمة‬
‫‪15‬‬
‫وأن جانبا كبير من االنفعاالت ال يزيد عن كونو أنماط فكرية متحيزة‪.‬‬

‫‪542‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬
‫والواقع أن األساس الذي يقوم عميو العبلج العق بلني العاطفي ىو أن اإلنسان حيوان عقبلني‬
‫والعقبلني بصورة فريد‪ ،‬وأن اإلضطرابات النفسية والعاطفية ىي نتاج تفكير اإلنسان بصورة العقبلنية‪،‬‬
‫ويمكن لئلنسان أن يتخمص من إضطراباتو النفسية إذ تعمم كيف ينمي تفكيره العقبلني‪ ،‬وأن يقمل من تفكيره‬
‫البلعقبلني‪ ،‬وأن التفكير ا لعاطفي حسب رأي أليس ال يشمل وظيفتين مستقمتين‪ ،‬إذ أن اإلنفعال يصاحب‬
‫التفكير‪ ،‬واإلنفعال ىو في الواقع تفكير متميز ذاتي شخصي وغير عقبلني‪ ،‬وذلك يرى أليس أن التفكير‬
‫البلعقبلني يرجع في نشأتو إلى التعميم المبكر الذي يتمقاه الطفل من والديو‪ ،‬ومن البيئة التي يعيش فييا‪،‬‬
‫‪16‬‬
‫والذي يتضمن جوانب العقبلنية‪.‬‬
‫وتقوم نظرية أليس في العبلج العقمي العاطفي عمى عدد من اإلفتراضات األساسية المتعمقة‬
‫بطبيعة اإلنسان‪ ،‬وطبيعة اإلضطرابات العاطفية التي يعاني منيا‪ ،‬وىذه اإلفتراضات ترى بأن الناس يولدون‬
‫ولدييم إمكانية في أن يكونوا عقبلنيين والعق بلنيين‪ ،‬ولدييم نزعة أو ميل لمحفاظ عمى الذات‪ ،‬كما لدييم‬
‫‪17‬‬
‫أيضا نزعة أو ميل ليدم الذات‪.‬‬
‫وأكد كري جييد )‪ (Craig Head‬عمى أنو الرغم من عدم وجود نموذج واحد في العبلج العقبلني‬
‫أو المعرفي‪ ،‬إال أن جميع النظريات العقبلنية أو المعرفية في العبلج النفسي تتفق عمى اإلفتراض األساسي‬
‫القائل إن اإلضطرابات النفسية ىي نتيجة لمعمميات العقمية البلعقبلنية و البلتكيفية‪ ،‬وأن أفضل أسموب‬
‫‪18‬‬
‫لمتخمص من تمك اإلضطرابات يكمن في تعديل تمك العمميات العقمية أو المعرفية نفسيا‪.‬‬
‫نقد النظرية‪:‬‬
‫النظرية العقبلنية اإلنفعالية ألليس ألبرت بصفة خاصة و المدرسة المعرفية بصفة عامة ىذه‬
‫األخيرة التي تعتبر من أحدث المدارس في عمم النفس وفي مجال اإلرشاد والعبلج النفسي‪ ،‬والتي يرتبط‬
‫البناء النظري ليذه المدرسة بالتطورات الحادثة في عمم النفس اإلجتماعي‪ ،‬وعمم النفس المعرفي ونظرية‬
‫تشغيل المعمومات التي ينتج عنيا الب حث في األداءات العقمية والكيفية التي يفكر بيا اإلنسان والبنية‬
‫المعرفية والنواتج المعرفية‪...‬إلخ ‪ ،19‬أىممت جانب ميم وىو الجانب الديني الذي لو دور في بناء وتشكل‬
‫األفكار ويعتبر أيضا كمنيج وقائي وعبلجي في التفكير البلعقبلني فيو يعتبر عامل ميم في بناء شخصية‬
‫الفرد ‪ .‬حيث يرى مالك بن نبي أن العنصر الديني يغذي الجذور النفسية لمفرد والذي يتدخل مباشرة في‬
‫العناصر الشخصية التي تكون "األنا" الواعية في الفرد وتنظيم الطاقة الحيوية التي تضعيا الغرائز في خدمة‬
‫‪20‬‬
‫وىذا ما جعل عمم اإلجتماع يقول في تعريف اإلنسان بأنو‪( :‬حيوان ديني)‪ ،‬وىو بذلك يحدد‬ ‫ىذه األنا‬
‫جانبا من األساس النفسي العام في أفراد النوع‪ ،‬وفي كل فرد يبني شخصيتو الخاصة عمى ىذا األساس‪ .‬أي‬
‫أن الدين يتدخل في عممية البناء ويتدخل مباشرة في عممية التكييف التي ىي عممية ترشيح أو تنحية جانب‪،‬‬
‫‪21‬‬
‫وعممية إنتقاء أو بعث لئلحساس من جانب آخر‪.‬‬
‫فالدين في فكر مالك ىو قانون من قوانين اهلل تعالى التي فطرت عمييا النفس اإلنسانية‪ ،‬والدين كظاىرة‬
‫إجتماعية يدخل في عبلقات تفاعمية بين الوحدات اإلجتماعية األخرى المكونة لممجتمع‪ .‬وبذلك ال يقتصر‬

‫‪542‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬
‫عمى الدين السماوي‪ ،‬بل ىو عنده قانون يحكم فكر اإلنسان ويوجو بصره نحو أفق أوسع ويروض الطاقة‬
‫‪22‬‬
‫الحيوية لئلنسان ويجعميا مخصصة لمحضارة‪.‬‬
‫ىذا وترى النظرية العقبلنية اإلنفعالية أن البشر‪ ،‬مخموقات بشرية ولدوا ولدييم نزعات لمصراع‬
‫الداخمي‪ .‬وأنيم يتأثرون بالعائمة والثقافة‪ .‬وأن لدييم إستعداد فطري وميل مكتسب ألن يكونوا عقبلنيين أو‬
‫غير عقبلنيين أن البيئة تساعد األفراد في مرحمة طفولتيم لتكوين األفكار غير العقبلنية‪ 23 .‬ولكن مالك بن‬
‫نبي يرى أن الطبيعة تأتي بالفرد في حالة بدائية‪ ،‬ثم يتولى المجتمع تشكيمو‪ .‬ويعني بو ذلك الكائن الفطري‬
‫لحظة والدتو الذي يستيدف إعداده لئلندماج في الحياة اإلجتماعية والشروع في القيام بالدور الذي ينسجم‬
‫مع إستعدادتو الفطرية وميارتو المكتسبة‪ .‬أى أن اإلنسان يولد (فرد خام) مزود بإستعدادات ومواىب وقدرات‬
‫كامنة تؤىمو لمقيام بالوظيفة التي خمق من أجميا‪ ،‬إذ ما أحسن تكييف ىذه اإلستعدادات والمواىب والطاقات‬
‫‪24‬‬
‫وتعتبر الفكرة الدينية عنده أولى البواعث النفسية التي‬ ‫من جية‪ ،‬ومن جية أخرى تأىيمو ليذه الوظيفة‪.‬‬
‫تولد الفاعمية وتحفز اإلنسان عمى النشاط وتشحذ اليمم‪ ،‬ويتجاوز من خبلليا اإلنسان أسباب الخور‬
‫‪25‬‬
‫يقول مالك بن نبي‪" :‬عمينا المجوء إلى لغة التحميل النفسي بغية تتبع إطراد الحضارة بإعتبارىا‬ ‫والعجز‪،‬‬
‫صورة زمنية لؤلفعال وردود األفعال المتبادلة‪ ،‬التي تتولد منذ مطمع ىذا اإلطراد بين الفرد والفكرة الدينية التي‬
‫تبتعث فيو الحركة و النشاط وحينئذ فعندما نعد الفرد عند نقطة الصفر‪ ...‬فإننا نجده في الحالة التي يعرفيا‬
‫بعض المؤرخين المسممين بالفطرة‪ ،‬مع جميع غرائزه ‪ -‬كما وىبتو إياىا الطبيعة فالفرد في ىذه الحالة ليس‬
‫أساسو إال اإلنسان الطبيعي أو الفطري غير أن الفكرة الدينية سوف تتولى إخضاع غرائزه إلى عممية شرطية‬
‫تمثل ما يصطمح عميو عمم النفس الفرويد بالكبت‪.‬‬
‫وىذه العممية ال شرطية ليس من شأنيا القضاء عمى الغرائز‪ ،‬ولكنيا تتولى تنظيميا في عبلقة وظيفية مع‬
‫مقتضيات الفكرة الدينية‪ :‬فالحيوية الحيوانية التي تمثميا الغرائز بصورة محسوسة‪ ،‬لم تمغ ولكنيا إنضبطت‬
‫‪26‬‬
‫بقواعد نظام معين‪".‬‬
‫واألفكار لدى مالك بن نبي تتجمى في صورتين فيي إما أن تؤثر بوصفيا عوامل نيوض بالفرد‬
‫وبالحياة اإلجتماعية‪ ،‬واما أن تؤثر عمى عكس ذلك بوصفيا عوامل ممرضة‪ ،‬تجعل النمو اإلجتماعي صعبا‬
‫أو مستحيبل‪ .‬وىي تستطيع ذلك ألنيا تخدع قوة الدفاع الذاتي فيو‪ .‬األمر الذي يضطرنا تبعا لطبيعة المشكمة‬
‫ذاتيا أن نقرر أن ىناك أنواعا من الجراثيم ا لناقمة لؤلمراض اإلجتماعية‪ ،‬ىذه الجراثيم الخاصة أفكار معدية‪،‬‬
‫‪27‬‬
‫أفكار تيدم كيان المجتمعات أو تعوق نموىا‪.‬‬
‫ويرى كل من مالك بن نبي وأليس ألبرت في أن الثقافة والمجتمع لو دور في تشكل األفكار‬
‫العقبلنية وغير العقبلنية‪ ،‬حيث يقول مالك بن نبي‪" :‬وىكذا الفرد يدفع ضريبة عن إندماجو اإلجتماعي إلى‬
‫الطبيعة والى المجتمع‪ .‬وكمما كان المجتمع مختبل في نمو إرتفعت قيمة الضريبة" ‪ .28‬ويقول أيضا‪ ":‬ونفيم‬
‫أىمية الصمة الثقافية‪ ،‬تمك الصمة التي تمنح األفكار واألشياء قيمتيا الذاتية ‪ 29‬والموضوعية في إطار معين"‬
‫إن وظيفة ال ثقافة في جوىرىا‪ ،‬بنظر مالك بن نبي‪ ،‬ىي توجيو األفكار‪ ،‬فالثقافة عنده مجموعة من الصفات‬
‫الخمقية والقيم اإلجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ والدتو‪ ،‬وتصبح العبلقة التي تربط ‪-‬بشكل الشعوري ‪-‬سموكو‬

‫‪542‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬
‫بأسموب الحياة في وسطو الذي ولد فيو‪ .‬فالثقافة ىي المحيط الذي يتحرك فيو الفرد ويغذي إليامو‪ ،‬وىي‬
‫الجو الذي يتنفس فيو اإلنسان ويكتسب األلوان واألنغام والعادات واألشكال والحركات‪ ...‬إنيا الرابط العضوي‬
‫بين اإلنسان ومحيطو‪ .‬وفي ىذا المحيط تتشكل طباع الفرد وشخصيتو‪ ،‬إذ يمارس ىذا المحيط تأثيره‬
‫وعضويا‪ .‬فالثقافة ال نتمقاىا في المحيط‪ ،‬بل نتنفسيا فيو كما نتنفس‬
‫ّ‬ ‫نفسيا‬
‫ّ‬ ‫ومفعولو عمى اإلنسان‬
‫‪30‬‬
‫األوكسجين‪.‬‬
‫يرى (أليس) أن النزعة إلى الكمال ورغبة الفرد في أن ينجز األعمال عند أعمى مستوى من‬
‫اإلتقان‪ ،‬تمك النزعة العامة التي تكاد توجد عند الجميع‪ ،‬يوحي بأن ليذه النزعة أساسا بيولوجيا فطريا‪ .‬وفي‬
‫الوقت الذي يحرص فيو كل الناس في البداية عمى إنجاز األعمال عند المستوى المثالي فإن أغمب الناس‬
‫تيجر ىذا المدخل لعدم قدرتيا عمى االلتزام بو ولمعوامل الكثيرة التي تقف حائبل دون ذلك‪ .‬عمى أن بعض‬
‫الناس يظموا في مجاىدة مستمرة لكي يمتزموا بيذا المستوى‪ ،‬ويدفعون لذلك ثمنا باىظا‪ ،‬وىم الذين يكونون‬
‫أكثر عرضة من غيرىم لئلضطراب بسبب عدم الرضا عن أدائيم وتقييميم السمبي لذواتيم ‪.31‬‬
‫وأما مالك بن نبي فيرى أن يعرف اإلنسان أن دوره في الحياة أن تتجسد الفكرة الدينية في حياتو كسموك‬
‫إجتماعي‪ ،‬وأن يرتقي في سمم الكمال‪ ...‬وتمك غايتو ودأبو‪ ،‬واذا ألمت بو ظروف تحد من إرتقائو‪ ،‬وتفرض‬
‫عمية الراجع عن بعض ذرى الكمال التي وصمت إليو‪ ،‬يجد نفسو يتراجع وفق خطة ومنيج يحفظ لو توازنو‬
‫النفسي والفكري والسموكي‪ ،‬ويبقيو دائما ضمن دائرة المشروعية ميما إستمر تدينو وتراجعو‪ ،‬مادام قصده‬
‫‪32‬‬
‫سميما و إضط ارره لذلك قائما وارادتو لمكمال متحفزة‪.‬‬
‫ربط مالك بن نبي األفكار بالطاقة الحيوية‪ ،‬حيث يقول‪" :‬لؤلفكار دور وظيفي يرتبط بالطاقة‬
‫الحيوية بإعتبارىا قوة فاعمة في محيط القيم الروحية التي تنظم الطاقة الحيوية وتوجييا‪ .‬فالطاقة الحيوية‬
‫قوة فاعمة واإلستغناء عنيا ىو ىدم لممجتمع وتحريرىا بالكامل تيدم المجتمع كذلك ولذا يجب أن تعمل‬
‫‪33‬‬
‫طوعت الطاقة الحيوية ويقول أيضا‪":‬‬
‫بالضرورة ضمن ىذين الحدين‪ ".‬والفكرة اإلسبلمية ىي التي ّ‬
‫البييمية ‪-‬ال تندمج مع الحياة في المجتمع؛ بحيث إن إندماج الفرد‬
‫ّ‬ ‫فالطاقة ىذه وىي في طبيعتيا‬
‫اإلجتم اعي يجب أن يراعي إحتياجاتو من ناحية‪ ،‬واحتياجات المجتمع الذي يندمج فيو من ناحية أخرى‪.‬‬
‫والمجتمع في الواقع يفرض قواعد وضوابط و قوانيين وتقاليد ‪ ،‬وحتى بعض األذواق واألحكام المسبقة ىي‬
‫‪34‬‬
‫بالنسبة إليو ليست بأقل حيوية‪".‬‬
‫إذن الطاقة الحيوية لدى مالك بن نبي مرتبط بالد وافع الغرائزية وىي الطاقة التي تصدر عنيا جميع‬
‫ظواىر الحياة وىي تقابل الميبيدو لدى فرويد ومعنى المبيدو الطاقة النفسية المتعمقة بالغرائز‪ ،‬أن جميع‬
‫الظواىر النفسية سواء كانت شعورية أو الشعورية‪ ،‬إنما تصدر عن قوى دينامية أساسية تنبعث عن التركيب‬
‫الفسيولوجي والك يمائي لمكائن الحي وتسمى ىذه القوى بالغرائز وىي الطاقة التي تصدر عنيا جميع الظواىر‬
‫‪35‬‬
‫وأشار فرويد أن الدين واألخبلق والشعور اإلجتماعي ‪ -‬ىي العناصر األساسية لما ىو أسمى ما‬ ‫الحياتية‪،‬‬
‫‪36‬‬
‫في اإلنسان‪.‬‬

‫‪522‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬
‫ويرى مالك أن تشكل األفكار يمر عبر مراحل من الوالدة إلى الشيخوخة في دورة كاممة‬
‫لمحياة‪،‬حيث قسم نمو إندماج الطفل في المجتمع إلى مراحل‪ ،‬التي تندرج في سياقات نفسية وجسدية‪ .‬فالطفل‬
‫يتدرج في عوالم ثبلثة‪ :‬األشياء – األشخاص – األفكار‪ .‬و إطراد إندماج الطفل في المجتمع ىو بيولوجي‬
‫‪37‬‬
‫ومنطقي في أن واحد إنو يشتمل عمى أعمار ثبلثة‪.‬‬
‫‪ - 0‬مرحمة األشياء‪ :‬العمر الذي يكتشف فيو تمقائيا عالم األشياء‪ ،‬وىو يمعب بأصابعو وبمصاصتو‪ .‬في‬
‫أمو التي ليست‬ ‫أي إدراك لعالم األشخاص‪ ،‬حيث ال يتعرف عمى وجو ّ‬ ‫ىذه المرحمة‪ ،‬ليس لديو بعد ّ‬
‫بالنسبة إليو سوى الثدي الذي يغ ّذيو‪ ،‬شيء يمكن لمرضاعة أن تحل محمّو بسيولة؛ إذا ما إفتقد األم‬
‫محدد عن‬
‫أي إحساس ّ‬
‫لحادث سوء‪ .‬إنو ال يتعرف عمى نفسو ككيان مكتمل؛ ألنو ليس لديو بعد ّ‬
‫(أناه)‪.‬‬
‫إن إكتشاف األشياء عند الطفل بإمتبلكيا‪ .‬والرابطة التي تقوم بينو وبينيا رابطة غذائية‪ ،‬فيو يحمل‬
‫الشيء تمقيا إلى فمو‪.‬‬
‫‪ - 1‬مرحمة األشخاص‪ :‬العمر الذي يكتشف فيو تدريجيا عالم األشخاص‪ ،‬وىو يتعرف فيو عمى وجو أمو‬
‫بادئ األمر‪ ،‬ووجو أبيو واخوتو وأخواتو‪ ،‬وىذه الوجوه جميعا تبدأ في أن تشكل من حولو عالم‬
‫األشخاص الغريب‪.‬‬
‫أن إطمئنانو إلى ىذا العالم لم يؤخذ مداه بعد‪ ،‬حتى حين يكون لو من العمر ثبلث أو أربع سنوات‪.‬‬
‫بيد ّ‬
‫ويكفي أن ندعو وحيدا عم ى الرصيف بالقرب من عتبة منزل العائمة؛ لنرى كيف ترتسم في الحال عمى وجيو‬
‫عبلمات كآبة الوحدة التي يشعر بيا أمام المارة الذين ال يعرفيم‪ .‬إن إكتشافو لعالم األشخاص يتم بمقدار ما‬
‫إجتماعية‬
‫ّ‬ ‫يرتبط بيا بعالقات عاطفية ثم‬
‫يعد يوم دخول المدرسة بالنسبة إليو تجربة قاسية جدا في عالم األشخاص غريب‬ ‫وحتّى في السنة السادسة؛ ّ‬
‫عنو‪ .‬وىو ال يندمج إال تدريجيا‪ ،‬وشيئا فشيئا‪ ،‬وتبعا لنقطة تحددىا درجة ألفتو اإلجتماعية‪ ،‬إذ ىذه الدرجة‬
‫تتفاوت بين األطفال ألسباب ال يمكن حصرىا بأجمعيا‪ .‬ولكن أن نصنفيا ربما وقفا لنظرية (يونغ) في عمم‬
‫النفس لنموذ جيا‪ .‬فالمنفتح يكتشف عالم األشخاص بسرعة أكثر من النموذج المنغمق‪ ،‬وىذا األخير يكتشف‬
‫ربما بسرعة أكبر عالم األفكار‪ ،‬ولكن دون أن يختصر المراحل‪.‬‬
‫‪ - 2‬مرحمة األفكار ‪ :‬العمر الذي يكتشف فيو أخير عالم األفكار‪ ،‬إذ يبدأ من المحظة التي يتمكن فيو من‬
‫لنقدر‬
‫إن عمينا أن نرى طفبل يفشل في مسألة صغيرة ّ‬ ‫يدية‪ّ .‬‬
‫تكوين روابط شخصية مع مفاى يم تجر ّ‬
‫المجيود المصحوب باليأس أحيانا في إقتحام باب ىذا العالم‪ ،‬ىذه المأساويات الصغيرة تمر أحيانا عمى‬
‫العموم دون أن تفطن ليا األسر والمدارس غير أن الطفل يتذكر أحيانا أنو بعد إصطدام بصعوبة عدة‬
‫الحل وحده‪ ،‬فيذه المحظة بالنسبة إليو‬
‫مرات دون يقيرىا يكشف لو يوما تفكيره وعقمو سبيبل لقيرىا فيجد ّ‬
‫ىي لحظة (أرخميدس)‪ ،‬وتكون ىذه المحظة ما بين السابعة والثامنة من العمر؛ حيث يضع قدمو في‬
‫‪38‬‬
‫عالم األفكار دون أن يعتمد عمى أحد‪.‬‬

‫‪522‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬
‫فعندما يعبر الطفل عالم األفكار يضع قدمو في محيط ثقافي وأحيانا أنظمة أيدلوجية‪ ،‬ليا من‬
‫خصائصيا ما يفصل بينيا وبين المجتمعات المحايدة أو الخامدة‪ .‬ىذا التغير في المستوى النفسي يكشف لو‬
‫يحول ىذا اإلكتشاف كيانو النفسي؛ فإن كيانو الجسدي يتحول‬
‫عن آفاق جديدة وأبعاد ال تخطر لو ببال‪ .‬واذ ّ‬
‫ىو اآلخر‪ 39 .‬وىذا ما يقابمو لدى إريك إريكسون مرحمة المراىقة وىي تعتبر البحث عن اليوية من خبلل‬
‫محاولتو اكتشاف ما يناسبو من مبادئ ومعتقدات وأىداف وأدوار وعبلقات اجتماعية ذات معنى أو قيمة عمى‬
‫المستوى الشخصي واالجتماعي‪ ،‬إن أزمة اليوية داللة عمى حاجة المراىق إلى إنجاز حالة الرشد من خبلل‬
‫عبور مضيق بنائي من خمس متطمبات جسدية‪ ،‬جنسية‪ ،‬مينية‪،‬اجتماعية‪ ،‬فمسفية وتجسيد اندماج ىذه‬
‫‪40‬‬
‫المتطمبات يمكن رؤيتيا كأىداف عامة لممراىقين في ميمات التطور‪.‬‬
‫عمى أن بعد ىذه الخطوة فاإلندماج يأخذ مداه بإطراد في سائر مراحل الحياة‪ :‬النضج‪ ،‬والشيخوخة‪ ،‬وما بعد‬
‫‪41‬‬
‫الشيخوخة‪ ،‬لتتحول شيئا فشيئا إلى اطراد نحو عدم اإلندماج‪,‬‬
‫ففي الشيخوخة‪ ،‬يبدو الفرد يعكس خط سيره‪ ،‬ويعود القيقري في مراحل حياتو النفسية ويترك عمى‬
‫التوالي‪:‬‬
‫‪ - 0‬عالم األفكار يفقد كل قدرة خبلقة‪.‬‬
‫‪ - 1‬عالم األشخاص نتيجة البلمباالة أو النفور‬
‫‪ - 2‬عالم األشياء نتيجة الضعف وعدم اإلقبال‬
‫وىكذا يرحل أخي ار عن الحياة في عممية متكاممة‪.‬‬
‫لكن العوالم الثبلثة ىذه تتعايش طوال حياة اإلنسان جنبا إلى جنب مع تفوق أحدىا تبعا لمفرد ولنموذج‬
‫المجتمع الذي يندمج فيو‪ .‬وان اإلضطراب في الحياة اإلجتماعية مرتبط بالفساد في عبلقات األفكار فيما‬
‫‪42‬‬
‫بي نيا‪ ،‬أو عبلقاتيا مع عالم األشخاص أو في عالم األشياء‪.‬‬
‫فالفكر يتشكل عند اإلنسان‪ ،‬ونوعية التركيب النفسي‪ ،‬الذي يرسم معالم الشخصية وخصائصيا‬
‫الكيفية‪ ،‬وىذه الشخصية تتبمور معالميا وطبيعة السياق التاريخي‪ ،‬فبليمكن الفصل بين الفكر والشخصية بل‬
‫‪43‬‬
‫إن الشخصية ىي التحميل النفسي لؤلفكار والمفاىيم واتجاىاتيا اإلجتماعية‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫والبد إذن من إحترام عبلقات األفكار بالمقاييس الثابتة لممنشاط واال بات ذلك النشاط عابثا أو مستحيبل ‪.‬‬
‫وتقع تمك العبلقات في ثبلث مراتب‬
‫‪ - 0‬المرتبة األخبلقية اإليديولوجية‪ ،‬السياسية بالنسبة لعالم األشخاص وحتى الفيزيولوجي؛ إذا أخذنا‬
‫بعين اإلعتبار تحسين النسل‪.‬‬
‫‪ - 1‬المرتبة المنطقية الفمسفية‪ ،‬العممية‪ ،‬بالنسبة لعالم األفكار‪.‬‬
‫‪ - 2‬الرتبة التقنية‪ ،‬اإلقتصادية‪ ،‬اإلجتماعية‪ ،‬بالنسبة لعالم األشياء‪.‬‬
‫ووضع مالك بن نبي جياز لئلنسان أو الشخص يتكون من دائرة أفكاره و دائرة حياتو الشخصية‪ ،‬ودائرة‬
‫عبلقاتو اإلجتماعية حيث يقول " إن مبدأ الجياز الجديد ‪...‬لو قبل دائرة األفكار – دائرة تشمل حياتو‬
‫‪45‬‬
‫الشخصية‪ ،‬في عقر بيتو‪ ،‬ودائرة تضم عبلقاتو اإلجتماعية‪ ،‬خارج بيتو ميما يكن عددىا‪.‬‬

‫‪525‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬
‫ىاتين الدائرتين من وجية تركيبيما ومحتواىما‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أما الدائرة الشخصية‪ :‬فإنيا تتضمن بحكم الضرورة حياة الفرد الخاصة مع أسرتو أو بمفرده‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الدائرة اإلجتماعية فإنيا تتضمن‪ ،‬بالضرورة‪ ،‬الجوار‪ ،‬والعبلقات المينية والعبلقات الودية والعبلقات‬
‫الناشئة عن الضرورة اليومية‬
‫فمن وجية نظرنا طرح مالك بن نبي ألزمة األفكار تشبو طرح أريكسون ألزمة اليوية‪ ،‬حيث يعتبر‬
‫مفيوم اليوية من أىم اإلسيامات التي قدمتيا نظرية (إيركسون) في نظريتو عن النمو النفسي‬
‫إجتماعي‪ ،‬فتشكل اليوية عممية تتم في إطار من الثقافة اإلجتماعية لمفرد وىي ذات تأثير نفسي متزامن‬
‫عمى كافة مستويات الوظيفة العقمية والتي عن طريقيا يستطيع المرء أن يقيم نفسو في ضوء إدراكو لما‬
‫ىو عميو‪ ،‬وفي ضوء إدراكو لوجية نظر اآلخرين فيو وىي عممية نفسية اجتماعية قابمة لمتغير والنمو‪.‬‬
‫وقد ركز (إيركسون) عمى البعد األيديولوجي لمفيوم اليوية‪ .‬أيضا كشف عن تأثير الثقافة والمجتمع‬
‫‪46‬‬
‫والتاريخ عمى الشخصية النامية وتصوير ىذا في دراسات تارخية ونفسية لمعظماء والمشاىير‪.‬‬
‫ورأى أن الثقافة ىي التي تضيف المظير اإلنساني لمحياة حيث يرى أن اإلنسان يحيي بقوى غريزية‬
‫وىنا تقوم الثقافة بدور التأكيد عمى ضرورة إستخدام القوى الغريزية بشكل صحيح فالبيئة الثقافية لكل فرد ىي‬
‫التي تختار لو طبيعة تجاربو ‪ .47‬حيث يؤدي اإلطار االجتماعي والثقافي الذي تتواجد فيو ىذه األخيرة دو ار‬
‫‪49‬‬
‫كبي ار في تشكيميا‪48 .‬فقد أدرك أن أزمة اليوية تظير في كافة أنماط الحياة‪.‬‬
‫واليوية لدى إيركسون ىي شعور فريد مضاعف‪ ،‬يعني "أن يشعر اإلنسان بأنو متحد مع ذاتو ‪-‬بالشكل‬
‫‪50‬‬
‫الذي ينمو وبتطور فيو ‪-‬؛ كما يعني‪ ،‬مع شعور بالجماعة المتصالحة والمنسجمة مع مستقبميا وتاريخيا"‬
‫يوسع إيركسون نظرية النمو التحميمية النفسية إلى ما بعد سن الشباب ويطرح نموذجا شامبل لمراحل الحياة‪،‬‬
‫حيث يواجو الفرد طبقا لذلك في ثمانية أزمات نمائية منذ الوالدة وحتى الموت‪ ،‬مشكبلت أساسية لموجود‬
‫‪51‬‬
‫وىكذا تنمو اليوية وتتطور عبر تاريخ طويل يبدأ في ذىن الوالدين‪ ،‬ثم في حديثيم وتصوراتيم‬ ‫اإلنساني‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫واليوية‬ ‫بشأنو‪ ،‬ثم من خبلل العناية بو جسميا ونفسيا‪ ،‬في إطار العبلقات المتشعبة التي تربطو باآلخرين‪،‬‬
‫تتكون من عنصرين ىما ىوية األنا وىوية الذات‪ ،‬وترجع ىوي ة األنا إلى تحقيق اإللتزام في بعض النواحي‬
‫كالعمل والقيم اإليديولوجية والسياسية والدين وفمسفة الفرد لحياتو‪ ،‬أما ىوية الذات فترجع إلى اإلدراك‬
‫‪53‬‬
‫الشخصي لؤلدوار اإلجتماعية ويذكر كذلك أن لميوية بعدان ىما‪ :‬البعد اإليديولوجي والبعد اإلجتماعي‪.‬‬
‫فاليوية إلى حد ما تش بو الجياز الذي أشار إليو مالك بن نبي‪ ،‬فيي تتكون من اليوية األيديولوجية وىوية‬
‫اإلجتماعية (العبلقات اإلجتماعية) أما الجياز فيو يتكون دائرة الشخصية والع بلقات اإلجتماعية باإلضافة‬
‫إلى دائرة األفكار ىذه األخير التي تؤثر في حياة الفرد وعبلقاتو اإلجتماعية وىذا التأثير متبادل إال أن دائرة‬
‫األفكار ليا ت أثير خاص حيث يقول مالك بن نبي‪":‬إن لؤلفكار سمطة خاصة تفرض رقابة عمى اإليحاءات‬
‫التي ترد إلى دائرتين من الدائرة الشخصية ومن الدائرة اإلجتماعية‪ ،‬وتصحح معناىا إذا وقع فيو إنحراف‪،‬‬
‫‪54‬‬
‫مقصود أو غير مقصود‪".‬‬

‫‪522‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬
‫ومنو فإن األفكار ىي التي تؤثر في اليوية‪ ،‬كما أن أزمة اليوية تؤثر في األفكار‪ ،‬إال أن األفكار‬
‫تستطيع إسترجاع اليوية وحمايتيا من التشتت‪ ،‬والفكرة الدينية ىي التي تجدد وتحافظ وتحمي ىويتنا من‬
‫التشتت أو التصدع في نفس الوقت‪ ،‬ذلك ألن الفكرة الدينية ىي النظرية المتكاممة التي يتحدد ضمنيا‬
‫أىداف المجتمع‪ ،‬وقيمو ومثمو العميا وتطمعاتو المستقبمية‪ ،‬وتترجم األىداف إلى أنماط سموكية في البشر وىم‬
‫بالتالي القوى التي ستقود وتمارس جميع األعمال‪ ،‬واألدوار‪ ،‬والعمميات اإلجتماعية في المجتمع‪.‬‬
‫ربط مالك بن نبي األفكار أيضا باألخبلق والجمال ورأى أنيما مصدر األفكار حيث يقول "ال شك‬
‫أن لمجمال أىمية إجتماعية ىامة‪ ،‬إذا ما اعتبرناه المنبع الذي تنبع منو األفكار‪ ،‬وتصدر عنو بواسطة تمك‬
‫األفكار أعمال الفرد في المجتمع‪ .‬فبالذوق الجميل الذي ينطبع فيو فكر الفرد‪ ،‬يجد اإلنسان في نفسو نزوعا‬
‫‪55‬‬
‫باإلضافة أن األخبلق مصدر األفكار فيي تتحكم‬ ‫إلى اإلحسان في العمل‪ ،‬وتوخيا لمكريم من العادات‪".‬‬
‫في السموك ويقول‪ ":‬ويمكن في المبدأ األخبلقي الذي يحدد سموك األفراد كما أنو يحقق إرتباط األفراد‬
‫بأسموب حياة المجتمع‪ .‬وأن الدين ينتج القيم واألخبلق التي تنظم قواعد السموك"‪ 56 ،‬ويقول أيضا‪ ":‬إن أي‬
‫‪57‬‬
‫تعفن أخبلق ي يحدث داخل الدائرة الشخصية‪ ،‬يصل إشعاعو فو ار بصفتو تعفنا إلى دائرة األفكار‪".‬‬
‫أشار مالك إلى أىمية العمم الذي يعتبر بالنسبة إليو في أبسط معانيو‪ ،‬البحث عن الحقيقة في كل‬
‫ميدان في األخبلق‪ ،‬في التشريع‪ ،‬في عمم اإلجتماع‪ ،‬في الطب في الطبيعة‪ ،‬فقد قامت كل الحضارات‬
‫يكون‬
‫السابقة عمى التممي والنظر والتدقيق في األشياء من خبلل تكريس العمم‪ ،‬فاإلنسان يحاول دوما أن ّ‬
‫نفسو ويثقفيا من خبلل العمم والقراءة والتتبع ىو إنسان خارج ال محالة من طور التخمف إلى فضاء التحرر‪،‬‬
‫فبالعمم بنت المجتمعات األوربية مجتمعاتيا وثم دوليا ونظميا بكل أصنافيا‪ .‬بينما مازالت العالم الثالث‬
‫وتسير ىذه التقنية وتكييفيا‪ ،‬بينما‬
‫ّ‬ ‫ت ستورد الخبرات العممية من الغرب دون تكوين كوادر تستطيع أن تدبر‬
‫نرى الغرب من عقود ليست بالقصيرة تعيد تكيف العمم المنتج في الحضارة اإلسبلمية مع خصوصيات‬
‫مجتمعاتيم‪ ،‬ل قد رأينا الفارابي ومدرستو في ميدان العمم والمعرفة ينقمون فمسفة أرسطو المادية إلى الفكر‬
‫العممي اإلسبلمي‪ ،‬ولكن بعد أن طبعوىا بطابع إسبلمي‪ ،‬وكما رأينا من بعدىم توماس اإلكويني ينزع فمسفة‬
‫أرسطو طابعا اإلسبلمي كيما يطبقي ا عمى المجتمع المسيحي الذي كان الذي كان يتييأ بدوره لمنشوء‬
‫‪58‬‬
‫وان العمم إذا لم يتحول إلى ثقافة‪ ،‬والثقافة إلى فعل وحركة وعمل صالح‪ ،‬يبقى مجرد ترف ال‬ ‫واإلرتقاء‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫مكان لو في وطن ما يزال فقي ار من الوسائل واألطر‪.‬‬

‫‪524‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫أىممت المدرسة المعرفية بصفة عامة والنظرية العقبلنية اإلنفعالية بصفة خاصة الجانب الديني الذي يعتبر‬
‫بالنسبة لمالك بن نبي لو أىمية في بناء الشخصية ويتدخل في عممية تكيف الفرد الخام أو الفرد الطبيعي‬
‫الذي يولد مزود بإستعدادات ومواىب وقدرات وغرائز كامنة تؤىمو لمقيام بالوظيفة التي خمق من أجميا‪ ،‬وىذا‬
‫تتولى الثقافة والمجتمع تشكيل الفرد و إندماجو في الحياة اإلجتماعية وفي ىذه الحالة يطمق عميو الشخص‬
‫أو الفرد المكيف‪ ،‬والدين عنده قانون يحكم فكر اإلنسان ويوجو بصره نحو أفق أوسع ويروض الطاقة‬
‫الحيوية وىي لدى مالك بن نبي مرتبط بالدوافع الغرائزية التي تصدر عنيا جميع ظواىر الحياة وىي‬
‫تقابل الميبيدو لدى فرويد ومعنى المبيدو الطاقة النفسية المتعمقة أيضا بالغرائز‪.‬‬
‫إن تحرير الطاقة يؤدي إلى تدمير الفرد والمجتمع‪ ،‬وتحيد الطاقة يؤدي إلى ىدم الفرد والمجتمع‪ ،‬ليذا الدين‬
‫أو الفكرة الدينية طوعت الطاقة الحيوية لخدمت المجتمع وتولت تنظيم الغرائز بما يخدم الفرد أو المجتمع‪،‬‬
‫لقد وضع مالك لئل نسان جياز يتكون من ثبلث دوائر‪:‬دائرة األفكار‪ ،‬دائرة الحياة الشخصية‪ ،‬ودائرة العبلقات‬
‫الشخصية وىي ليست منفصمة وتؤثر عمى بعضيا البعض لكن دائرة األفكار ليا تأثير خاص وىذا ألنيا‬
‫تفرض رقابة عمى اإليحاءات التي ترد إلى دائرتين‪ ،‬وتصحح معناىا‪.‬‬
‫وتتجمى األفكار لدى مالك في صورتين إما أفكار ناجحة تؤثر بشكل إيجابي في الفرد وبالحياة‬
‫اإلجتماعية‪ ،‬أو أفكار مرضية تتنقل عن طريق العدوى اإلجتماعية تعيق نمو الفرد والمجتمع‪ .‬والثقافة‬
‫والمجتمع لو دور في توجيو األفكار وكمما كان المجتمع مختبل كان تفكير الفرد مختبل أيضا‪.‬باإلضافة أن‬
‫األخبلق والجمال يعتبر منبع لؤلفكار فإذا فسدت األخبلق فسدت األفكار‪ ،‬والدين مصدر القيم الجمالية‬
‫واألخبلقية‪.‬‬

‫ويرى مالك أن تشكل األفكار يمر عبر مراحل من الوالدة إلى الشيخوخة في دورة كاممة لمحياة‪ ،‬حيث قسم‬
‫نمو إندماج الطفل في المجتمع إلى مراحل‪ ،‬التي تندرج في سياقات نفسية وجسدية‪ .‬فالطفل يتدرج في عوالم‬
‫ثبلثة‪ :‬األشياء – األشخاص – األفكار‪ .‬عندما يعبر الطفل عالم األفكار يضع قدمو في محيط ثقافي وأحيانا‬
‫أنظمة أيدلوجية‪ ،‬تميزىا عن المجتمعات األخرى‪ .‬ثم تأتي مراحل الحياة‪ :‬النضج‪ ،‬والشيخوخة‪ ،‬وما بعد‬
‫الش يخوخة‪ ،‬لتتحول شيئا فشيئا إلى إطراد نحو عدم اإلندماج‪،‬ففي الشيخوخة يبدو الفرد يعكس خط سيره‪.‬‬

‫واإلضطراب في الحياة اإلجتماعية مرتبط بالفساد في عبلقات األفكار فيما بينيا‪ ،‬أو عبلقاتيا مع عالم‬
‫األشخاص أو مع عالم األشياء‪.‬وقد إ ستعمل مالك بن نبي الكثير من المفاىيم ومصطمحات التحميل النفسي‬
‫في تحديد العبلقات والتفاعبلت اإلجتماعية كالشعور‪،‬والبلشعور‪،‬واألنا والمنعكس الشرطي والغريزة والطاقة‬
‫الحيوية والنكوص والذىان‪ ،‬الكبت‪...‬الخ‬

‫‪522‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬
‫إن إىمال العنصر الدين الذي يعد ركيزة أساسية في بناء الشخصية وحاجة األفراد إليو يجعل‬
‫البعض يستغل ىذا الجانب في تدمير الشباب والمجتمع عن طريف الفيم الخاطئ لمدين‪ .‬فيو لو دور وقائي‬
‫وعبلجي لمتخمص من التفكير البلعقبلني‪ ،‬والفكرة الدينية ىي التي تجدد وتحافظ وتحمي ىويتنا من التشتت‬
‫أو التصدع في نفس الوقت‪ ،‬ذلك ألن الفكرة الدينية ىي النظرية المتكاممة التي يتحدد ضمنيا أىداف‬
‫المجتمع‪ ،‬وقيمو ومثمو العميا وتطمعاتو المستقبمية‪ ،‬وتترجم األىداف إلى أنماط سموكية في البشر وىم بالتالي‬
‫القوى التي ستقود وتمارس جميع األعمال‪ ،‬واألدوار‪ ،‬والعمميات اإلجتماعية في المجتمع‪.‬‬
‫وتسير واعادة تكيف العمم المنتج في الحضارة الغربية‬
‫ّ‬ ‫وفي األخير يدعو مالك بن نبي إلى ضرورة أن تدبر‬
‫مع خصوصيات مجتمعاتنا‪ ،‬تتناسب مع البيئة اإلسبلمية بدل استيرادىا كما ىي من الغرب األوربي‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬حسن بن علً الزاهرانً (‪ .)2010‬االفكار الالعقالنٌة وعالقتها بإدارة الوقت‪ ،‬رسالة دكتوراء ‪ ،‬جامعة ام القرى ‪ ،‬المملكة‬
‫العربٌة السعودٌة‪.‬ص‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬جالل مدبولً(‪ .)1983‬دراسات فً الثقافة والمجتمع‪ ،‬المكتب الجامعً الحدٌث‪ ،‬اإلسكندرٌة‪.‬ص‪24‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬عصام عبد اللطٌف(‪ .)2001‬سٌكولوجٌة العدوانٌة وتروٌضها‪ ،‬دار غرٌب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪16‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-‬بٌرنً كورٌن‪ .‬بٌتر رودل‪ .‬ستٌفٌن بالمر(‪ .)2008‬العالج المعرفً السلوكً المختصر‪ ،‬ترجمة محمود عٌد مصطفى‪ ،‬دار‬
‫إٌتراك للطباعة والنشر والتوزٌع‪ ،‬القاهرة‪ .‬ص‪30‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-‬ملٌكة لوٌس كامل(‪ .)1990‬العالج النفسً وتعدٌل السلوك‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الكوٌت ‪.‬ص‪171‬‬
‫‪6‬‬
‫‪-‬عابد محمد الصباح‪ ،‬وسهٌر سلٌمان الخمور(‪ .)2007‬األفكار الالعقالنٌة وعالقتها ببعض المتغٌرات لدى طلبة جامعات‬
‫الضفة الغربٌة فً فلسطٌن‪ .‬مجلة إتحاد الجامعات العربٌة(‪. 329- 279،)49‬‬
‫‪7‬‬
‫‪-‬محمد صهٌب مزنزق(‪ .) 1999‬تنمٌة التفكٌر الالعقالنً وأثره على الضغوط النفسٌة لدى المراهقٌن "دراسة تجرٌبٌة"‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬كلٌة اآلداب وللعلوم والتربٌة جامعة عٌن شمس‪ .‬ص‪2‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬عبد الستار إبراهٌم (‪ :)1978‬العالج النفسً الحدٌث‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬الكوٌت‪ ،‬ص‪65‬‬
‫‪9‬‬
‫‪-‬عادل عبد هللا(‪ .)2000‬العالج المعرفً ال ّسلوكى"أسس وتطبٌقات‪ .‬دار الرشاد‪ .‬ص‪17‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ -‬العابد مٌهوب(‪ .)2014‬مرجع سبق ذكره‬
‫‪11‬‬
‫‪-‬العابد مٌهوب(‪ .)2014‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص‪138‬‬
‫‪12‬‬
‫‪-‬مالك بن نبً(‪ .) 2002‬مشكلة األفكار فً العالم اإلسالمً ترجمة عمر مسقاوي‪،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.‬ص‪26‬‬
‫‪13‬‬
‫‪-‬حمزة مالكً‪ ،‬شباب الرشٌدي(‪ .) 2012‬عالقة األفكار الالعقالنٌة بالسلوك العدوانً لدى طالب الثانوي‪ ،‬مجلة كلٌة التربٌة‬
‫بالزقازٌق‪ ،‬العدد‪ ،88‬ص‪220‬‬
‫‪14‬‬
‫‪ -‬حمزة مالكً‪ ،‬شباب الرشٌدي(‪ .)2012‬مرجع سبق ذكره ص‪221‬‬
‫‪15‬‬
‫‪-‬روبً محمد (‪ .)2013‬األفكار الالعقالنٌة عند المراهقٌن‪ ،‬دار الخلدونٌة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪13‬‬
‫‪16‬‬
‫‪-‬محمد أحمد شاهٌن‪ ،‬محمد نزٌه حمدي (‪ :)2008‬العالقة بٌن التفكٌر الالعقالنً وضغوط ما بعد الصدمة لدى عٌنة من طلبة‬
‫الجامعات فً فلسطٌن وفاعلٌة برنامج إرشادي عقالنً إنفعالً فً خفضها‪ ،‬مجلة جامعة القدس المفتوحة‪ ،‬العدد‪ ،14‬القدس‪،‬‬
‫ص‪16‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ -‬بسمة عبد خلٌل الشرٌف( ‪ .)2013‬فاعلٌة برنامج توجٌه جمعً ٌستند إلى نظرٌة الٌس ‪ Ellis‬فً التفكٌر الالعقالنً فً‬
‫خفض اإلكتئاب وتحسٌن مستوى التكٌف لدى طالبات الصف األول الثانوي فً مدٌنة عمان ‪ .‬كلٌة االداب ‪.‬جامعة عمان األهلٌة‬
‫‪.‬البلقاء للبحوث والدراسات‪ ،‬المجلد (‪ ،)16‬العدد(‪ ، )1‬عمان ‪ .‬األردن‪ .‬ص‪91‬‬
‫‪18‬‬
‫‪-‬سلٌمان الرٌحانً(‪ .)1987‬األفكار الالعقالنٌة عند األردنٌٌن واألمرٌكٌٌن دراسة غٌر ثقافٌة لنظرٌة ألٌس فً العالج العقلً‬
‫العاطفً‪ .‬مجلة دراسات‪ .‬المجلد (‪ .)14‬العدد (‪ .)5‬ص‪76‬‬

‫‪522‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬

‫‪19‬‬
‫‪-‬حسن مصطفى عبد المعطى(‪ .)1998‬علم النفس اإلكلٌنٌكً‪ ،‬دار قباء للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ .‬ص‪15‬‬
‫‪20‬‬
‫‪ -‬العابد مٌهوب(‪ .)2014‬مرجع سبق ذكره ص‪106‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ -‬مالك بن نبً(‪ .)2000‬مٌالد مجتمع‪ ،‬ترجمة عبد الصبور شاهٌن‪ .‬دار الفكر‪ .‬دمشق‪ .‬سورٌا‪.‬ص‪109‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ -‬العابد مٌهوب(‪ .)2014‬مرجع سبق ذكره‪.‬ص ‪218‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -‬سامً محمد ملحم(‪ .)2013‬علم نفس الشواذ‪ ،‬ط‪ ،1‬الرضوان للنشر والتوزٌع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ص‪98‬‬
‫‪24‬‬
‫‪ -‬العابد مٌهوب(‪ .)2014‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص ‪100‬‬
‫‪25‬‬
‫‪ -‬العابد مٌهوب(‪ .)2014‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص ‪218‬‬
‫‪26‬‬
‫‪ -‬مالك بن نبً(‪ .)2012‬شروط النهضة ترجمة عمر كامل مسقاوي‪ ،‬عبد الصبور شاهٌن‪ ،‬دار الكتاب‬
‫المصري‪،‬القاهرة‪.‬ص‪96‬‬
‫‪27‬‬
‫‪-‬العابد مٌهوب(‪ .)2014‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص ‪3‬‬
‫‪28‬‬
‫‪-‬مالك بن نبً(‪ .)2002‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص‪26‬‬
‫‪29‬‬
‫‪-‬مالك بن نبً(‪ .)2000‬مشكلة الثقافة ترجمة عبد الصبور شاهٌن‪ ،‬ط‪ ،4‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.‬ص‪56‬‬
‫‪30‬‬
‫‪-‬مالك بن نبً (‪ .)2012‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،52‬ص‪53‬‬
‫‪31‬‬
‫‪-‬عالء الدٌن كفافً(‪ .)1999‬اإلرشاد والعالج النفسً األسري‪ ،‬دار الفكر العربً‪ ،‬القاهرة‪ .‬ص‪324‬‬
‫‪32‬‬
‫‪ -‬العابد مٌهوب(‪ .)2014‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص ‪235‬‬
‫‪33‬‬
‫‪ -‬العابد مٌهوب(‪ .)2014‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص ‪235‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -‬مالك بن نبً(‪ .)2002‬مشكلة األفكار فً العالم اإلسالمً ترجمة عمر مسقاوي‪،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.‬ص‪ ،49‬ص‪52‬‬
‫‪35‬‬
‫‪ -‬سٌجمند فروٌد (‪ .)1981‬األنا والهو ترجمة محمّد عثمان نجاتً‪ ،‬ط‪ . 4‬دار الشروق‪.‬ص‪17‬‬
‫‪36‬‬
‫‪-‬سٌجمد فروٌد(‪ .)1981‬مرجع سبق ذكره‪.‬ص‪61‬‬
‫‪37‬‬
‫‪-‬مالك بن نبً(‪ .) 2002‬مشكلة األفكار فً العالم اإلسالمً ترجمة عمر مسقاوي‪،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.‬ص‪26‬‬
‫‪38‬‬
‫‪-‬مالك بن نبً(‪ .)2002‬مرجع سبق ذكره‪.‬ص‪،31‬ص‪32‬‬
‫‪39‬‬
‫‪ -‬مالك بن نبً(‪ .)2002‬مرجع سبق ذكره ص‪33‬‬
‫‪40‬‬
‫‪-‬فلاير حمود (‪ .)2013‬مستوٌات تشكل الهوٌة وعالقتها بالمجاالت األساسٌة المكونة لها لدى عٌنة من طلبة الصف األول‬
‫الثانوي من الجنسٌن (دراسة مٌدانٌة فً مدارس الثانوي العامة فً مدٌنة دمشق)‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‪ ،‬كلٌة التربٌة‪ ،‬المجلد ‪،27‬‬
‫سورٌا‪ .‬ص‪441‬‬
‫‪41‬‬
‫‪ -‬مالك بن نبً (‪ .)2012‬مرجع سبق ذكره‪.‬ص‪28‬‬
‫‪42‬‬
‫‪-‬مالك بن نبً (‪ .)2012‬مرجع سبق ذكره‪.‬ص‪ ،52‬ص‪53‬‬
‫‪43‬‬
‫‪-‬زكً المٌالد(‪ .)1998‬مالك بن نبً ومشكالت الحضارة‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.‬ص‪37‬‬
‫‪44‬‬
‫‪-‬مالك بن نبً(‪ .)2002‬مرجع سبق ذكره‪.‬ص‪64‬‬
‫‪45‬‬
‫‪ -‬مالك بن نبً(‪ :)1981‬الصراع الفكري فً البالد المستعمرة ترجمة عمر المسقاوي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬لبنان‪ .‬ص‪ ،73‬ص‪75‬‬
‫‪46‬‬
‫‪-‬باربرا انجلر(‪ .)1991‬مدخل إلى نظرٌات الشخصٌة‪ ،‬ترجمة فهد بن عبد هللا دلٌم‪ ،‬دار الحارثً للطباعة والنشر ‪ .‬ص‪183‬‬
‫‪47‬‬
‫‪-‬سهٌر أحمد(‪ .)2003‬سٌكولوجٌه الشخصٌة‪ .‬مركز اإلسكندرٌة للكتاب‪ .‬اإلسكندرٌة‪ .‬مصر‪ .‬ص ‪234‬‬
‫‪48‬‬
‫‪ -‬رضوان زقار(‪ .)2009‬حداد ما بعد الصدمة بٌن السواء والمرض ‪-‬دراسة إسقاطٌة لمراهقٌن ضحاٌا زلزال‪ – 2003‬رسالة‬
‫الدكتوراه‪ ،‬قسم علم النفس جامعة الجزائر ص‪77‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ -‬رضوان زقار(‪ .)2009‬حداد ما بعد الصدمة بٌن السواء والمرض ‪-‬دراسة إسقاطٌة لمراهقٌن ضحاٌا زلزال‪ – 2003‬رسالة‬
‫الدكتوراه‪ ،‬قسم علم النف س جامعة الجزائر ص‪77‬‬
‫‪50‬‬
‫‪ -‬بٌتر كونسن(‪ .)2010‬البحث عن الهوٌة "الهوٌة وتشتتها فً حٌاة إٌرك إٌركسون وأعماله"‪ ،‬ترجمة سامر جمٌل رضوان‪،‬‬
‫دار الكتاب الجامعً‪ ،‬اإلمارات العربٌة المتحدة‪ .‬ص‪97‬‬
‫‪51‬‬
‫‪ -‬بٌتر ك ونسن(‪ .)2010‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪195‬‬
‫‪52‬‬
‫‪ -‬رضوان زقار(‪ .)2009‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص‪77‬‬

‫‪522‬‬
‫أ‪ .‬دلٌلة بوضٌاف‬ ‫‪ .‬د محمد بودربالة ‪/‬‬ ‫نقد النظرٌة المعرفٌة‬

‫‪-‬محمد السٌّد عبد الرحمن(‪ .)1998‬دراسات فً الصّحة النّفسٌة "المهارات اإلجتماعٌة ‪-‬اإلستقالل النّفس ّ‬
‫‪53‬‬
‫ى ‪-‬الهوٌّة"‪ .‬الجزء‬
‫الثانً‪ .‬دار قباء للطباعة والنشر والتوزٌع‪ .‬القاهرة‪.‬ص‪396‬‬
‫‪54‬‬
‫‪-‬مالك بن نبً(‪ .)1981‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص ‪74‬‬
‫‪55‬‬
‫‪-‬مالك بن نبً (‪ .)2000‬القضاٌا الكبرى ترجمة عمر المسقاوي‪ ،‬دار الفكر‪،‬دمشق‪ .‬ص‪ ،91‬ص‪101‬‬
‫‪56‬‬
‫‪ -‬العابد مٌهوب(‪ .)2014‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص ‪ ،341‬ص‪346‬‬
‫‪57‬‬
‫‪-‬مالك بن نبً(‪ .)1981‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص‪74‬‬
‫‪58‬‬
‫‪ -‬العابد مٌهوب(‪ .)2014‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص‪247‬‬
‫‪59‬‬
‫‪-‬مالك بن نبً (‪.)2012‬مرجع سبق ذكره‪ .‬ص‪29‬‬

‫‪522‬‬

You might also like