Professional Documents
Culture Documents
1
المؤلف :جميل حمداوي
الكتاب :الديمقراطية والتربية والمساواة
الطبعة األولى 2017م
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
2
اإلهــــداء
3
4
الفهرس
اإلهداء
الفهرس5......................................................................
المقدمة6.......................................................................
الفصل األول :التربية والديمقراطية8......................................
الفصل الثاني :مدرسة النجاح 47..........................................
الفصل الثالث :مدرسة التميز64...........................................
الخاتمة74.....................................................................
ثبت المصادر والمراجع77.................................................
5
المقدمة
6
وفي األخير ،أرجو ،من هللا عز وجل ،أن يلقى هذا الكتاب
المتواضع استحسانا لدى المتلقي .وأشكر هللا وأحمده على علمه
ونعمه وفضائله الكثيرة التي ال تعد وال تحصى.
7
الفصل األول:
التربية والديمقراطية
8
اليمكن استجالء العالقة الوثيقة بين التربية والديمقراطية إال بتفكيك
بعض المفاهيم البارزة ،مثل :التربية والدمقراطية على النحو التالي:
- 1جان بياجي :التوجهات الجديدة للتربية ،ترجمة :محمد الحبيب بلكود ،دار
توبقال للنشر ،الدار البيضاء ،المغرب ،الطبعة األولى سنة1998م ،ص.52:
9
ويقةةول الةةدكتور محمةةد لبيةةب النجيحةةي ":ولمةةا كةةان هةةدف التربيةةة
األساسي هو تنمية التفكير واستغالل الذكاء ،فمعنةى هةذا أن التربيةة
تعمل مةن أجةل الحريةة اإلنسةانية .فالتأكيةد علةى نمةو الطفةل إنمةا هةو
تأكيةةد علةةى تحريةةر قدراتةةه العقليةةة مةةن قيودهةةا ،وإتاحةةة الفرصةةة لهةةا
لالنطةةالق حتةةى تسةةتطيع أن تسةةتخدم بطريقةةة فعالةةة إمكانيةةات البيئةةة
التي يعيش فيهةا .ويصةبت المجتمةع الحةر هةو المجتمةع الةذي يشةتر
أفراده أيضا في تطويره وتوجيه التغيير االجتماعي الحادث له.
وعنةةدما يتمتةةع أفةةراد المجتمةةع بالحريةةة فةةكن التربيةةة تكةةون بةةذلك قةةد
أسهمت في بنةاء مجتمةع مفتةوح .ونعنةي بةالمجتمع المفتةوح المجتمةع
الذي يسعى عن قصد وتصميم في سبيل تطوره ،وال يعمل فقط على
المحافظةةة علةةى الوضةةع الةةراهن .وهةةذا المجتمةةع هةةو مجتمةةع قةةد نظةةم
تنظيما يدخل في اعتبةاره حقيقةة التغييةر فةي األمةور اإلنسةانية .وهةو
مجتمع يقبل التغير على أنةه وسةيلة للقضةاء علةى الفسةاد واالنحةالل،
وأن الةةذكاء اإلنسةةاني والمجهةةود التعةةاوني مةةن جميةةع أفةةراد المجتمةةع
2
تؤدي جميعا إلى نمو اإلنسانية وتقدمها".
عالوة على ذلك ،تحقق التربيةة مجموعةة مةن الوظةائف الجوهريةة
كةةالتعليم والتثقيةةف والتطهيةةر والتنةةوير ،والسةةمو باإلنسةةان نحةةو آفةةاق
إيجابية ومثالية.
- 2محمد لبيب النجيحي :مقدمة في فلسفة التربية ،دار النهضة العربي للطباعة
والنشر ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة1992م ،ص.240:
10
وترتكز الديمقراطية على القانون والحق والحرية والعدالة والكرامة
اإلنسةانية ،واالحتكةةام إلةةى مبةةادا حقةوق اإلنسةةان ،وإرسةةاء المسةةاواة
الحقيقية بين األجناس في الحقوق والواجبات.
ومن أهم أسةس الديمقراطيةة االلتةزام بالمسةؤولية ،واحتةرام النظةام،
وترجيت كفة المعرفة على القوة والعنف.وتتأسس الديمقراطية الفعالة
والحقيقية"من بةين مةا تتأسةس عليةه احتةرام الحقةوق وأداء الواجبةات
التةةي يحميهةةا ويضةةبطها القةةانون والمؤسسةةات فةةي إطةةار دولةةة الحةةق
والقانون .ومن المؤكةد أن احتةرام الحقةوق وأداء الواجبةات اليتأتيةان
إال بنسةةبة إلةةى شةةخا حةةر .الديمقراطيةةة لةةم تعةةد أمةةورا شةةكلية أو
قطاعيةةةة ،بةةةل أصةةةبحت ثقافةةةة ومعةةةامالت تتجةةةذر بمفةةةاهيم النسةةةبية
واالخةةةتالف وقبةةةول الةةةرأي ارخةةةر والمسةةةاواة والعدالةةةة واإلنصةةةاف
والمشاركة السياسية وتقرير الفرد لمصيره واختياراتةه ،ورفةض أي
نةةزوع سةةلطوي فةةي جميةةع مجةةاالت الحيةةاة .ديمقراطيةةة اليةةوم والغةةد
تتمثةةل أكثةةر فةةأكثر فةةي احتةةرام الشةةخا وقدرتةةه علةةى تكةةوين نفسةةه
بوصفه إنسانا...إنها سياسة الشخا ككنسان حر ومبدع.
مةةةةن المتعةةةةذر الحةةةةديث عةةةةن الديمقراطيةةةةة والسةةةةلو الةةةةديمقراطي
باعتبارهمةةةا حالةةةة تكةةةون عليهةةةا المؤسسةةةات أو باعتبارهمةةةا ثوابةةةت
سياسةةية ،بةةل يجةةب أن ينظةةر إليهمةةا كمقتضةةى أخالقةةي تكةةون مبادئةةه
مشةةةتركة ينبنةةةي البشةةةر ومةةةاهم مختلفةةةون فيةةةه علةةةى أسةةةاس اإلقةةةرار
باالختالف مما يمكن الشخا من السيطرة على االنفعاالت وتجنب
3
األحكام المسبقة".
إذا ،فالديمقراطية الحقيقيةة هةي التةي تحقةق سةعادة اإلنسةان ،وتةؤمن
عيشه الكريم ،وتوفر له فرص الشغل ،وتشبع رغباته الغريزية مةن
مأكل وشرب ،وتروي غليله المعرفي والفني والثقافي ،وتخرجه من
براثن الفقر والفاقة والتخلف إلةى عةالم أكثةر اسةتقرارا وأمنةا ،يسةمت
بالعيش الكريم والمساهمة في اإلبداع واالبتكار والعطاء.
-3محمد مصطفى القباج ( :التربية على المواطنة والحوار وقبول ارخر في التعليم
الثانوي :تحليالت واتجاهات) ،مجلة علوم التربية ،المغرب ،العدد ،32:أكتوبر
2006م ،ص.143-142:
11
المطلب الثالث :دراسات حول التربية والديمقراطية
ثمة دراسات عديدة تناولةت عالقةة التربيةة بالديمقراطيةة ،ومةن أهةم
هةذه الدراسةات كتةاب األمريكةي جةون ديةوي بعنةوان(الديمقراطيةة
والتربيةةة ،4وقةةد نشةةره سةةنة 1916م ،ويتنةةاول الكتةةاب فةةي مجملةةه
فلسفة التربية وتطبيقاتها.
كمةةا صةةدر كتةةاب آخةةر بعنةةوان(الةةدين والتربيةةة والديمقراطيةةة) سةةنة
1997م ،وقةةد أشةةرف عليةةه كةةل مةةن ميشةةلين ميلةةو( Micheline
5
)Milotوفرناند ويلي(.)Fernand Ouellet
وتوجد كتب ومؤلفات عديدة خصصةت للتربيةة والديمقراطيةة بعةض
الفصول كالباحث غي آفةانزيني( )Guy Avanziniفةي كتابةه الةذي
نشره سنة 1975م بعنوان(الجمود والتجديد في التربية المدرسةية)؛
حيةةةةث أثبةةةةت فةةةةي القسةةةةم الثالةةةةث فصةةةةال سةةةةماه( التربيةةةةة الحديثةةةةة
والديمقراطية الحرة).
4
- John Dewey:Démocratie et éducation, Paris, Armand, Colin,
1975.
5
- Micheline Milot et Fernand Ouellet:Religion, éducation et
démocratie .Montréal, 1977, 257 pages.
12
العسكرية ،ويحملون العصي القصةيرة كرجةال المخةزن ليخيفةوا بهةا
براعم المسةتقبل مةن أجةل أن يفرضةوا النظةام ،ولةو اسةتدعى األمةر
استعمال القةوة والعنةف ،وفةرل العقوبةات الزجريةة ،سةواء أكانةت
لفظية أم بدنية.
وقةةد سةةبب هةةذا الواقةةع التربةةوي البةةذيء فةةي ظهةةور النظةةام التربةةوي
األوتوقراطي الذي يستند إلى لغة القمع والقهر ،والتخفي مدنيا وراء
قنةةاع الممارسةةات األمنيةةة والعسةةكرية التةةي التعةةرف غيةةر خطةةاب
التأديةةةب والزجةةةر ،واسةةةتخدام العنةةةف الرمةةةزي ولةةةو ضةةةد األطفةةةال
األبريةةاء؛ ممةةا يولةةد فةةي نفةةوس الناشةةئة قيمةةا سةةلبية ومشةةاعر الحقةةد
والكراهيةةةة والخةةةةوف واالنكمةةةاد ،وعةةةةدم القةةةدرة علةةةةى المغةةةةامرة
والتخييل واالبتكةار واإلبةداع النعةدام الحريةة والديمقراطيةة الحقيقيةة
والمساواة االجتماعية.
ومةن نتةائه هةذا الضةغط السياسةةي ظهةور جيةل مةن الشةباب اليةةافعين
الةةذين تمةةردوا عةةن األسةةرة والمدرسةةة والمجتمةةع ،وحملةةوا مشةةةعل
الثورة والتغريب وتخريب منشآت الدولة مةن أنابيةب المةاء وحنفياتةه
و مصةةابيت كهربائيةةة ،وإتةةالف كةةل ماتملكةةه المؤسسةةات التعليميةةة،
وتكسةةير المقاعةةد ،وتشةةويه الجةةدران ،والتغيةةب بكثةةرة عةةن المدرسةةة
التي تحولت إلى سجن قاتل كئيب.
وفةةي األخيةةر ،يتةةر المةةتعلم المدرسةةة مبكةةرا ،فينقطةةع عمةةا فيهةةا
بسةةبب شةةطط اإلدارة ،وتعسةةف الطةةاقم التربةةوي .ناهيةةك عةةن ضةةآلة
فرص الشغل ،وضبابية المستقبل وقتامته الجنائزية.
وبذلك ،فقد وصلت المدرسة المغربية إلى آفاقها المسدودة ،فصةارت
فضةةةاء مسةةةةرحيا تراجيةةةةديا يشةةةةخا المأسةةةةاة وصةةةةراع األجيةةةةال،
ويعكس ،بكل جةالء ،التطةاحن االجتمةاعي والتفةاوت الطبقةي ،ويعيةد
لنةةا إنتةةاج الورثةةة كمةةا يقةةول بييةةر بورديةةو وباسةةرو ؛ ألن النظةةام
التربوي"يتطابق كل التطابق مع المجتمع الطبقي ،وبما أنه من صنع
طبقة متميزة تمسةك بمقاليةد الثقافةة أي بأدواتهةا األساسةية (المعرفةة،
المهارة العلمية وبخاصة إجادة التحدث) ،فكن هذا النظام يهدف إلةى
المحافظة على النفوذ الثقافي لتلك الطبقة .والبرهان الذي قدمه هةذان
المفكران يبرز التناقض بةين هةدف ديمقراطيةة التعلةيم الةذي يطرحةه
13
النظةةام وعمليةةة االصةةطفاء التةةي تقصةةي طبقةةة اجتماعيةةة ثقافيةةة مةةن
6
الشباب ،وتعمل لصالت طبقة الوارثين".
ويترتب عن هذا أن المدرسة الوطنية هةي مدرسةة غيةر ديمقراطيةة.
وبالتةةالي ،تخةةدم مصةةالت الطبقةةة الحاكمةةة واألقليةةة المحظوظةةة .ومةةا
التعلةةةيم العمةةةومي والتعلةةةيم الخصوصةةةي والتعلةةةيم الفكةةةري والتعلةةةيم
المهنةةةي سةةةوى تعبيةةةر عةةةن تكةةةريس التفةةةاوت االجتمةةةاعي ،وتحويةةةل
المؤسسةةة التربويةةة إلةةى فضةةاء للتمييةةز اللغةةوي والعنصةةري ،ومكةةان
للتطاحن االجتماعي والتناحر الطبقي والتمايز اللغوي.
وإذا كان إميل دوركايم ينطلق من رؤيةة محافظةة فةي تحليةل النظةام
التربةةةوي ،فةةةي عالقتةةةه بمةةةا هةةةو اجتمةةةاعي وسياسةةةي ،فةةةكن لةةةوي
ألتوسةةير( )L.Althusserيةةرى بخصةةوص" التقنيةةات والمعةةارف،
أنةةةه يجةةةري فةةةي المدرسةةةة تعلةةةم قواعةةةد تحكةةةم الةةةروابط االجتماعيةةةة
بموجب التقسيم االجتماعي التقني للعمل.
كما يقول بأن النظام المدرسي وهو أحةد أجهةزة الدولةة اإليديولوجيةة
هو الةذي يةؤمن بنجاعةة استنسةاا روابةط اإلنتةاج عةن طريةق وجةود
مسةةتويات مةةن التأهيةةل الدراسةةي تتجةةاوب مةةع تقسةةيم العمةةل ،وعةةن
طريق ممارسة اإلخضاع لإليديولوجيا السائدة.إن المسالك الموجودة
فةةي المدرسةةة هةةي انعكةةاس لتقسةةيم المجتمةةع إلةةى طبقةةات ،وغايتهةةا
7
اإلبقاء على الروابط الطبقية".
ويرى بودلو( )C.Baudelotوإستابليه( )R.Establetأن المدرسة
إيديولوجيةةة وطبقيةةة وغيةةر ديمقراطيةةة تكةةرس التقسةةيم االجتمةةاعي
لوجةةود " شةةبكتين النتسةةاب الطةةالب إلةةى المةةدارس يحةةددهما الفصةةل
بين العمل اليدوي والعمل الفكري ،ثم التعةارل بةين طبقةة مسةيطرة
8
وأخرى خاضعة للسيطرة".
وبما أن المدرسة الليبرالية مدرسة طبقية وغير ديمقراطيةة ،فكنهةا ،
في الدول المتخلفة والمسةتبدة ،تكةرس سياسةة التخلةف واالسةتعمار،
ديمقراطية التعلم:
يقصد بها أن يكون التعليم منصبا على المتعلم الذي ينبغي أن يسةتفيد
مةةن جميةةع التعلمةةات علةةى غةةرار أقرانةةه ،بشةةكل عةةادل ومتسةةاو ،فةةي
إطار تكافؤ الفرص .ومن هنا ،يستوجب األمةر القةانوني والتشةريعي
على المربين أن يتعاملوا مع المتعلم فةي ضةوء البيةداغوجيا الفارقيةة
وبيةةةداغوجيا الةةةدعم لكةةةي ينةةةال حقةةةه مةةةن التربيةةةة والتعلةةةيم كبةةةاقي
المتمدرسةةين ارخةةرين ،وخاصةةة األغنيةةاء مةةنهم .ويطةةرح فةةي هةةذا
السةةةياق موضةةةوع الةةةزي المدرسةةةي الةةةذي ينبغةةةي أن يكةةةون رسةةةميا
وموحدا بين جميع تالميذ المؤسسات التربوية.أضف إلى ذلك أنه من
الضةةروري أن تقةةدم البةةرامه والمنةةاهه والمقةةررات الدراسةةية مةةادة
قانونيةةة موسةةعة ،تؤهةةل التلميةةذ ليتعةةرف إلةةى حقوقةةه وواجباتةةه لكةةي
يكون ديمقراطيا في تصرفاته وسلوكياته مع ذاته وأقرانه.
❖ديمقراطية التعليم:
15
تسةةعى الةةدول المتقدمةةة إلةةى جعةةل التعلةةيم ديمقراطيةةا،بتعميم البةةرامه
الدراسية ،وتوحيد المناهه والمقررات ،على الةرغم مةن تنوعهةا فةي
األشةةةةكال والمضةةةةامين .باإلضةةةةافة إلةةةةى تةةةةأميم التعلةةةةيم وإلزاميتةةةةه
وإجباريته ،والحد من نسبة األمية والفقر والتخلف .فالتعليم هو الةذي
يغير المجتمةع جزئيةا أو كليةا ،ويحقةق الديمقراطيةة الحقيقيةة .كمةا أن
المةةتعلم يةةتعلم الديمقراطيةةة داخةةل المةةدارس والمؤسسةةات التربويةةة،
ويتربى في أجوائها المفعمة بالحرية.وعندما نقول أيضةا بديمقراطيةة
التعليم ،فنعني به جعل التعليم ذا خاصية شةعبية عامةة ،يسةتفيد منةه
الجميةةع بةةدون اسةةتثناء أو إقصةةاء ،فتصةةبت المدرسةةة مفتوحةةة للفقةةراء
واألغنياء بطريقة عادلة ومتساوية تتكافأ فيها الفرص.
وينبغةةي أن نعةةرف أن مبةةدأ توحيةةد المنةةاهه الدراسةةية الةةذي أصةةبت
ميسةةما يعبةةر عةةن تطلعةةات األحةةزاب الشةةعبية ،وشةةعارا براقةةا لكةةل
القةةرارات السياسةةية والوطنيةةة ينبغةةي أال يلغةةي " مةةايزخر بةةه الواقةةع
المغربةةي المتعةةدد ،ومةةا تفرضةةه شةةروط وآليةةات التحةةول الجديةةدة مةةن
ضرورة االنفتاح على كل أنماط التعدد واالختالف والتمةايز الطبقةي
واإلثنةةةي ...واحتوائهةةةا وتجاوزهةةةا فةةةي ارن ذاتةةةه ،وذلةةةك بتكةةةريس
االنخةةةراط التشةةةاركي الشةةةمولي فةةةي بنةةةاء دولةةةة ووفةةةاق اجتمةةةاعي
ديمقراطةةي وتكةةاملي .ويتأسةةس هةةذا الطةةرح علةةى كةةون الرهةةان علةةى
البنةةاء الةةديمقراطي ،فةةي مجتمعاتنةةا العربيةةة والثالثيةةة عامةةة ،لةةن يبلة
أهدافه أبدا إال عبر جسور متينة من التربية والتكوين والثقافة وإعداد
الموارد البشرية ،وإال بواسةطة الدمقرطةة الشةاملة ألسةاليب وقنةوات
توزيع الرأسةمال الرمةزي ،المتمثةل فةي التكةوين والمعرفةة والثقافةة،
هةةذا فضةةال عةةن دمقرطةةة توزيةةع مختلةةف أشةةكال االسةةتفادة الماديةةة،
ومختلةةف المواقةةع واألدوار والمراتةةب االجتماعيةةة بةةين كةةل الفرقةةاء
9
المعنيين في المجتمع"
وهكذا ،تسةعى الةدول كلهةا جةادة وجاهةدة لتثبيةت أجةواء الديمقراطيةة
في مؤسساتها التربوية ،بكصدار مجموعةة مةن المةذكرات الوزاريةة
والقرارات الحكوميةة والقةوانين المنظمةة ليتبةوأ التعلةيم مكانةة زاهيةة
- 9مصطفى محسن :الخطاب اإلصالحي التربوي ،المركز الثقافي العربي ،الدار
البيضاء ،المغرب ،الطبعة األولى سنة 1999م ،ص.31:
16
في مجتمع ديمقراطةي ،ولكةن أي نةوع مةن هةذا المجتمةع فةي غيةاب
الحريات ،وانتشار التسلطن واالستبداد؟!!
تعليم الديمقراطية:
اليمكةةن لمجتمةةع مةةا أن يكةةون ديمقراطيةةا يةةؤمن بالحريةةات الخاصةةة
والعامةةةة وحقةةةوق اإلنسةةةان ،ويتشةةةبث بمنطةةةق االخةةةتالف وشةةةرعية
الحةةوار والتسةةامت ،إال إذا تربةةى علةةى الديمقراطيةةة الحقيقيةةة سةةلوكا
وعمال وتطبيقا ،وال يتأتى له ذلك إال فةي المدرسةة التةي تعلةم الةنشء
مبةةةادا الديمقراطيةةةة السةةةليمة وقةةةوانين اسةةةتعمالها ومعةةةايير تمثلهةةةا
وتطبيقها.
بيد أن مدرسةة الثكنةة والقمةع والقهةر اليمكةن أن تنةته سةوى أسةاليب
التعسةةف والتفكيةةر اإلقصةةائي والتطةةرف اإلرهةةابي ،والجنةةوح نحةةو
االستبداد والسلو العةدواني الطةائش .فبالتربيةة نةتعلم الديمقراطيةة ،
ونتمثلها شعارا وعقيدة ومبدأ وسلوكا .
ولم يعد يخفى أيضا على أحد " كون المؤسسةة التعليميةة تلعةب دورا
رئيسةةيا ،انطالقةةا مةةن انفتاحهةةا علةةى الحيةةاة السياسةةية للمجتمةةع فةةي
ترسةةيم مجموعةةة مةةن المبةةادا والقةةيم الكفيلةةة بةةالنهول بةةالمجتمع
وبتحديثةةه سياسةةيا؛ فةةدور المدرسةةة ،لةةم يعةةد يقتصةةر علةةى محيطهةةا
الداخلي ،بل يتعداه إلى جوانب قد تبدو للشخا العادي بعيةدة عنهةا،
لكنها في الواقع هي تربتها األصيلة؛ ألن مبادا الديمقراطية وحقوق
اإلنسةةةةان والتعدديةةةةة السياسةةةةية ،كلهةةةةا قةةةةيم تكتسةةةةب بفعةةةةل التربيةةةةة
ومناهجهةةةا؛ فتنشةةةئة األفةةةراد علةةةى تلةةةك القةةةيم هةةةو السةةةبيل الصةةةحيت
للوصةةةول إلةةةى حةةةد المشةةةاركة الفعليةةةة فةةةي تسةةةيير شةةةؤون السياسةةةة
للمجتمع ،بنوع من العقلنة وبعيدا عن االرتجالية .وال يفوتنةا فةي هةذا
الجانب ،أن ننوه بالدور الذي لعبته المدرسة في خلةق برلمةان للطفةل
10
في ارونة األخيرة"
- 10العربي سليمان ورشيد الخديمي :يضايا تربوية ،منشورات عالم التربية ،مطبعة
النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،المغرب ،الطبعة األولى سنة2005م ،ص-243:
.244
17
إذا ،فالتربية هي بمثابة السبيل األوحد لتعليم الديمقراطيةة ،وفرضةها
في أرل الواقع كي يحقق اإلنسةان آدميتةه وكرامتةه البشةرية وأنفتةه
اإلنسانية.
18
ومةةةن هنةةةا ،فةةةـبيداغوجيا الفكةةةر التعةةةاوني مةةةن أسةةةس تحقيةةةق التعلةةةيم
الديمقراطي ،وتحديث التعليم ،ودمقرطة التربيةة والمجتمةع علةى حةد
سواء؛ ألنها تزيل الفوارق االجتماعية ،وتذيب كل التمايزات اللونيةة
واللغوية والطبقية.
ومةةةن أهةةةم الةةةذين دعةةةوا إلةةةى الفكةةةر التعةةةاوني لدمقرطةةةة المةةةدارس
البروليتارية المربي الفرنسي سلستان فرينيةه()Célestin Freinet
الذي استعمل مجموعة من الوسائل التنشيطية لزرع الفكةر التعةاوني
بةةين الناشةةئة التربويةةة .وتتمثةةل هةةذه الوسةةائل فةةي اسةةتخدام المطبعةةة،
والتراسةةل ،والنصةةوص الحةةرة ،والتحقيقةةات الخارجيةةة ،واالسةةتهداء
بالعمةةةةل الجمةةةةاعي ،وتأسةةةةيس التعاونيةةةةات المدرسةةةةية ،واسةةةةتعمال
الجةةذاذات ،والسةةهر علةةى إنشةةاء جريةةدة األطفةةال ،واالعتمةةاد علةةى
التسةةيير الجمةةاعي ،واالعتنةةاء بكتةةاب الحيةةاة ،وتنظةةيم خزانةةة العمةةل،
وتشغيل ارليات الحديثة كجهاز الفونو واألسطوانات والسينما ...
وهكذا ،يمكن تحقيق ديمقراطية التعلم وديمقراطية التعلةيم مةن خةالل
العمةةةل داخةةةل فريةةةق ،وأجةةةرأة التربيةةةة الديمقراطيةةةة ميةةةدانيا ،بحةةةل
المشةةكالت التةةي تواجةةه المةةتعلم فةةي عالمةةه الموضةةوعي بسةةهولة ،
بكنجاز األعمال المطلوبة منه بشكل فعال ،و عالج الكثير من ارفات
النفسةةية الفرديةةة الشةةعورية والالشةةعورية ،مثةةل :األنانيةةة ،والنبةةذ،
والكراهيةةةة ،والنفةةةور ،واسةةةتبدالها بمشةةةاعر أكثةةةر نةةةبال كاالنسةةةجام،
والتوافةةةق ،والتشةةةار ،والتعةةةاون ،واالبتكةةةار الجمةةةاعي ،واإلبةةةداع
الهادف.
وإلزالة القيم السلبية والحد من المشاعر الفردية السيئة البد من دفع
المتعلم إلى االنصهار داخةل الجماعةة الكتسةاب سةلوكيات جماعيةة ،
والتعةةود علةةى الفكةةر االشةةتراكي العملةةي ،بتةةدريب طاقتةةه الجسةةدية
والعقليةةةة علةةةى تحقيةةةق المردوديةةةة واإلنتاجيةةةة كمةةةا يقةةةول أنطةةةون
مكارينكو( ،)Makarenkoوتعويد تالميذ الفصل علةى العمةل الحةر
داخل جماعةات متجانسةة ،مةن حيةث السةن والمسةتوى الدراسةي كمةا
يقول كوزينيه ،Cousinetوخلةق فةرص للعمةل الجمةاعي مةن أجةل
بناء مجتمع ديمقراطي مبدع ومزدهر.
19
المطلب الثاني :دي اميكية الجماعات
20
❖القيادة األوتويراطية:هي التي ترتكن إلى استعمال العنف والقهر
والتشديد في أسةاليب التعامةل ؛ فينضةبط الجميةع فةي حضةور القائةد،
ولكةةنهم يتمةةردون فةةي حالةةة غيابةةه .وفةةي هةةذه الحالةةة ،تقةةل اإلنتاجيةةة
والمردودية ،وتتحةول المؤسسةة إلةى ثكنةة قمعيةة ،فيصةعب تطبيةق
مبادا نظرية تفعيةل الحيةاة المدرسةية وتنشةيطها لوجةود قةيم سةلبية
كالتنافر ،والتنابذ ،والتناحر،والتوتر.
القيادة السائبة :هي قيادة قائمة على فلسفة" دعةه يعمةل" .ومةن
ثم ،فهي قيةادة فوضةوية التسةاعد علةى تحقيةق المردوديةة واإلنتاجيةة
في غياب القائد أو حضوره ،وتزرع في نفوس المتعلمين قيم االتكال
والعبث والالمسؤولية.
وبنةةاء علةةى هةةذا ،نستشةةف أن الةةنهه الةةديمقراطي يسةةاعد علةةى نمةةو
الجماعةةة وتطورهةةا بشةةكل إيجةةابي فعةةال .لةةذا ،علةةى رجةةال اإلدارة
والمدرسةةين األخةةذ بالقيةةادة الديمقراطيةةة لتحقيةةق النجةةاح الحقيقةةي ،
وتحصةةيل الجةةودة البنةةاءة ،وإضةةفاء النجاعةةة علةةى أنشةةطة التسةةيير
والتأطير.
-11أحمد أوزي :المعجم الموسوعي لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،المغرب ،الطبعة األولى سنة 2006م ،ص.167:
22
مثل :الخوف ،والجزع ،والقلق ،واالنكمةاد ،واالنطةواء ،والخجةل،
واالنعزال المميت.
25
الثقافي إلغناء عدته المعرفية والمنهجية والتواصةلية لصةالت المةتعلم
14
والمدرسة المغربية.
27
واالكتشةةاف ،وتطةةوير القةةدرات الذاتيةةة والماديةةة مةةن أجةةل مواجهةةة
التحديات كلها.
ومن الشروط التي تستوجبها النظريةة اإلبداعيةة االحتكةام الةدائم إلةى
الجودة الحقيقية كما وكيفا؛ تلك الجودة التي اليمكةن الحصةول عليهةا
إال بتخليق المتعلم والمواطن والمجتمع بصفة عامة .ويعد اإلتقان من
الشةةةروط األساسةةةية لمةةةاهو إبةةةداعي؛ ألن اإلسةةةالم حةةةث علةةةى إتقةةةان
العمل ،وحرم الغش والربت الحرام.
والبد من ضبط النفس في أثناء التجريب واالختبار وتنفيذ المشاريع
العلميةةةة والتقنيةةةة ،والتةةةروي فةةةي إبةةةداعاتنا علةةةى جميةةةع األصةةةعدة
والمسةةتويات والقطاعةةات اإلنتاجيةةة ،واالشةةتغال فةةي فريةةق تربةةوي،
واالنفتاح على المحيط العالمي قصد االستفادة من تجارب ارخةرين،
والمساهمة بدورنا في خدمة اإلنسةان كيفمةا كةان .ومةن هنةا ،البةد أن
يكةةون التعلةةيم اإلبةةداعي منفتحةةا علةةى محيطةةه ،وفةةي خدمةةة التنميةةة
المحلية ،والجهوية ،والوطنية ،والقومية ،واإلنسانية.
وتةةرفض النظريةةة اإلبداعيةةة التقليةةد األعمةةى ،والمحاكةةاة العميةةاء ،
واالتكال على ارخةرين ،واسةتيراد كةل مةاهو جةاهز ،واسةتبدال ذلةك
كله بالتخطيط المعقلن ،وإنتاج األفكار والنظريات عن طريق التفكير
في الحاضر والمستقبل ،وتمثل التوجهات البرجماتية العملية المفيدة،
ولكن بشرط تخليقها لمصلحة اإلنسان بصفة عامة.
هةةذا ،وينبغةةي أن ينصةةب اإلبةةداع علةةى مةةا هةةو أدبةةي وفنةةي وفكةةري
وعلمةةي وتقنةةي ومهنةةي وصةةناعي ،فةةي إطةةار نسةةق منسةةجم ومتنةةاغم
لتحقيق التنمية الحقيقية والتقدم واالزدهار النافع لوطننا وأمتنا.
ولةةم تتقةةدم الةةدول الغربيةةة إال بتشةةجيع الحريةةات الخاصةةة والعامةةة،
وإرسةةاء الديمقراطيةةة الحقيقيةةة ،وتشةةجيع العمةةل ،وتحفيةةز العةةاملين
ماديا ومعنويا.
ومةةن ثةةم ،تعتبةةر النظريةةة اإلبداعيةةة فكةةرة التشةةجيع والتحفيةةز وتقةةديم
المكافةةآت الماديةةة والرمزيةةة مةةن أهةةم مقومةةات البيةةداغوجيا العمليةةة
28
الحقيقية ،ومن أهم أسس التربية المستقبلية القائمةة علةى االستكشةاف
15
واالختراع.
33
حينمةةا تتنةةازل الدولةةة عةةن سةةلطاتها الواسةةعة لتشةةر فيهةةا كفةةاءات
المجتمةةةع بطريقةةةة ديمقراطيةةةة عادلةةةة ،التفةةةاوت فيهةةةا ،وال صةةةراع
شخصي أو حزبي يؤجه حولها .
ومن هنا يرى جون ديوي أن " االندماج االجتماعي األمثل هو الذي
يسةةتجيب للنمةةوذج الةةديمقراطي ،ذلةةك النمةةوذج الةةذي اليعنةةي ميةةدان
السياسة وحدها بل سائر الميادين األخرى ،والسيما العائلة والكنيسةة
واألعمال االقتصادية.
وهذا النموذج الديمقراطي اليمكن عنده أن يوضع موضةع التنفيةذ إال
عةن طريةق اسةتعدادات خلقيةة معنويةةة يرجةع إلةى المدرسةة صةةراحة
أمر تعهدها وغرسها .غير أنه مادامت هذه المدرسةة توجههةا مبةادا
سةةةةةليمة ،ومادامةةةةةت تيسةةةةةر أقصةةةةةى حةةةةةد مةةةةةن تقاسةةةةةيم التجةةةةةارب
والمسةةةةؤوليات ،فكنهةةةةا تسةةةةهم بالضةةةةرورة فةةةةي إعةةةةادة بنةةةةاء النظةةةةام
االجتمةةةاعي .وإنهةةةا ،علةةةى حةةةد تعبيةةةره ،الوسةةةيلة األساسةةةية للتقةةةدم
23
واإلصالح االجتماعي"
وعلةةةى الةةةرغم مةةةن أهميةةةة المدرسةةةة فةةةي تغييةةةر المجتمةةةع وتحديثةةةه
وعصةةةةرنته ومسةةةةاهمته فةةةةي تحقيةةةةق الديمقراطيةةةةة ،وإرسةةةةاء فكةةةةر
االختالف وشرعية الحوار ،إال أن المدرسةة ظلةت فةي غيةاب " عةن
الحياة السياسية ،ليست بسةبب عةدم انفتاحهةا علةى المحةيط السياسةي
فحسب ،بل ألن هذا األخيةر هةو بةدوره منغلةق علةى ذاتةه؛ أو بعبةارة
أخرى إن مانلحظه ،هةو انعةدام دور األحةزاب السياسةية والجمعيةات
فةةي الوصةةول إلةةى جةةوهر المؤسسةةة التعليميةةة بةةالمعنى العةةام ،حيةةث
ظلت ترزح تحت غطاء الحزبية الضيقة التي تطغى عليها.
فةةةةالبرامه السياسةةةةية مطالبةةةةة بالحضةةةةور الفعلةةةةي داخةةةةل المنظومةةةةة
التربوية ،ليس من باب تشكيل أحزاب وكتل سياسية داخل المدرسة،
بل بترسيم ثقافة الحوار الحوار وتقبل ارخةر واكتسةاب مبةادا النقةد
الذاتي والتشبث بقةيم الوحةدة بجميةع معانيهةا؛ ذلةك أنةه مهمةا اختلفةت
رؤانةةا ل مةةور ،فةةكن الغايةةة تظةةل واحةةدة :بنةةاء مجتمةةع حةةديث مسةةاير
24
للركب الحضاري والتطور التكنولوجي والعلمي".
- 23غي آفانزيني :الجمود والتجديد في التربية المدرسية ،ص.276:
- 24العربي سليمان ورشيد الخديمي :نفسه ،ص.244:
34
وهكذا ،نصل إلى أن دمقرطة المجتمع وبنائه حضاريا وأخالقيةا مةن
أهةةةم ارليةةةات اإلجرائيةةةة لتحقيةةةق الديمقراطيةةةة الحقيقيةةةة فةةةي نظامنةةةا
التربوي والتعليمي.
المطلب الثاني عشر :توحيد الزي المدرسي
مةن أهةةم الحلةةول األخةةرى للحةةد مةن ظةةاهرة الصةةراع الطبقةةي ،علةةى
الرغم من شكليتها ،توحيد الزي المدرسةي ،وفرضةه إجباريةا علةى
جميةةةع التالميةةةذ ،ومسةةةاعدة المتعلمةةةين المعةةةوزين الةةةذين يوجةةةدون
بالمؤسسةةةة علةةةى التقيةةةد بةةةه .وهنةةةا ،نسةةةتدعي دور جمعيةةةة األنشةةةطة
االجتماعي ةة والتربويةةة والثقافيةةة باعتبارهةةا فةةاعال مشةةاركا ؛ ألنهةةا
تنشةةةط فةةةي مجةةةاالت متعةةةددة ،وتسةةةاعد التالميةةةذ الفقةةةراء ،وتلبةةةي
حاجيةةاتهم الماديةةة ،وتقةةدم للتالميةةذ المتعثةةرين دراسةةيا حصصةةا فةةي
الةةدعم والتقويةةة ،وتةةنظم للمجتمةةع المدرسةةي محاضةةرات وعروضةةا،
وتمةةنت للتالميةةذ المتفةةوقين جةةوائز تشةةجيعية ،وغيرهةةا مةةن األنشةةطة
االجتماعية والتربوية والثقافية.
تعد التربية علةى حقةوق اإلنسةان والمواطنةة مةن أهةم ارليةات لتفعيةل
الديمقراطيةةةة الحقيقيةةةة ،فتعريةةةف المةةةتعلم بحقوقةةةه وواجباتةةةه تجعلةةةه
يعرف ماله وما عليه ،وتدفعه إلى التحلي بةروح المواطنةة والتسةامت
والتعايش مع ارخرين ،مع نبذ اإلرهاب واإلقصاء والتطرف.
وقد أرست المجتمعات الليبرالية مجموعة مةن الحقةوق الكونيةة التةي
اعترفةةت بهةةا هيئةةة األمةةم المتحةةدة ،وسةةطرتها فةةي مواثيةةق تشةةريعية
مدنيةةةة واجتماعيةةةة وثقافيةةةة واقتصةةةادية وإنسةةةانية سةةةيدت اإلنسةةةان،
وجعلتةةةه فةةةوق الطبيعةةةة .كمةةةا دافعةةةت عةةةن كرامتةةةه وأنفتةةةه وطبيعتةةةه
البشرية .بل اهتمت أيضا بحقةوق الطفةل السةوي والالجةل والمعةاق.
في الوقت نفسه الذي اعترفت فيه بحقوق الكبار والمسنين والمةدنيين
في حالتي السلم والحرب على حد سواء.
وهكةةذا ،نجةةد وزارة التربيةةة والتعلةةيم بةةالمغرب تعلةةم ناشةةئتها مبةةادا
حقةةوق اإلنسةةان ،وتعرفهةةا بمجمةةل المعاهةةدات والمواثيةةق الحقوقيةةة
التةةي سةةطرتها هيئةةة األمةةم المتحةةدة بعةةد الحةةرب العالميةةة الثانيةةة إبةةان
39
القرن العشرين ،فاعتبرت المدرسة التربوية الفضاء المناسب لتلقةين
التعلمةةةات والخبةةةرات المتعلقةةةة بحقةةةوق اإلنسةةةان .وسةةةارعت الةةةدول
الغربية والعربية -علةى حةد سةواء -إلةى االهتمةام بحقةوق الطفةل؛ إذ
بةةادر المغةةرب إلةةى إنشةةاء برلمةةان الطفةةل ليعبةةر فيةةه الصةةغار عةةن
مشاكلهم وانشغاالتهم ،ويقدمون فيه اقتراحاتهم وتوصياتهم.
وعليةةةه ،فاختيةةةار الديمقراطيةةةة" كةةةنهه فةةةي تةةةدبير الشةةةأن السياسةةةي
وكممارسة وتربية أصبت اختيارا الرجعةة فيةه ،بةل وأصةبت معيةارا
لالندماج في المجتمع الدولي .وأي مسةاس بةه أو خةروج عةن مبادئةه
أو خةرق لسةةلوكاته يكةةون كةل ذلةةك مةةدعاة للتنديةد والعةةزل واإلقصةةاء
وبةةدهي أن تعةةرل أيةةة دولةةة لةةذلك يعنةةي اسةةتحالة أن تحقةةق تنميتهةةا
27
وارتقاءها واالستفادة مما يتيحه التضامن الدولي".
ويعني هذا كله أن تعليم النشء ثقافة حقةوق اإلنسةان مةن أهةم السةبل
الحقيقية لتفعيل الديمقراطية المجتمعية والتربوية.
- 27محمد مصطفى القباج ( :التربية على المواطنة والحوار وقبول ارخر في التعليم
الثانوي :تحليالت واتجاهات) ،مجلة علوم التربية ،المغرب ،العدد ،32:أكتوبر
2006م ،ص.142:
40
ورشةةيدة ،وسةةلوكيات مواطنةةة واعيةةة إجرائيةةة عمليةةة ،يسةةتفيد منهةةا
المواطنون كلهم بعدالة وسواسية ،مع احترام دولة الحق والقانون.
ومةةن هنةةا ،فمةةن أهةةم العوائةةق التةةي تحةةول دون تطبيةةق الديمقراطيةةة:
البيروقراطية ،والجهل ،والتخلف ،والخمول ،والتقاعس ،والروتين،
ورتابة اإلدارة ،وانعدام الخبرة ،وغياب الكفاءة التربوية واإلدارية.
ومن ثم ،فليست الديمقراطية الحقيقية -كما قال جةون ديةوي -مجةرد
شةةةكل للحكومةةةة ،وإنمةةةا هةةةي ،فةةةي أساسةةةها ،أسةةةلوب مةةةن الحيةةةاة
المجتمعية والخبرة المشتركة والمتبادلة.
واليمكن تحقيق الديمقراطية ،في نظامنا التربوي ،إذا كان مبنيا على
التقليد واالجترار ،وتغليف المناهه والبةرامه والمقةررات بةالتفكير
األسطوري والماورائي ،وتغليفه باألفكار السطحية والقشور الزائفة.
كمةةا التتحقةةق الديمقراطيةةة فةةي مجتمةةع يتعشةةش فيةةه الفقةةر والبةةؤس
والفاقةةة والحرمةةان ،وتنعةةدم فيةةه العدالةةة ،ويقةةل فيةةه الخةةوف مةةن هللا،
وتبطل فيه شريعة هللا.
أي :إن الديمقراطية الجوهرية -ال الشكلية -سلو عملي ،وتطبيق
سياسةةي واجتمةةاعي عةةام .وهةةي كةةذلك مرتبطةةة أيمةةا ارتبةةاط بالحريةةة
والمساواة والعدالةة والعقالنيةة والتعةايش والتسةامت ،وحةب ارخةر ،
والتواصل معه بشكل إيجابي وهادف.
وخالصة القول :يتبين لنا ،مةن هةذا كلةه ،أن التربيةة تةرتبط ارتباطةا
جةةدليا بالديمقراطيةةة .فةةال يمكةةن الحةةديث عةةن تربيةةة حقيقيةةة إال فةةي
مجتمع ديمقراطي ،يؤمن بحقوق اإلنسان وحرياته الخاصة والعامة،
ويؤمن أيضا بالتعدد اللغوي والطائفي والحزبي والعرقي.
وال تتحقق الديمقراطية في المجتمع إال إذا تشةبع بهةا المتعلمةون فةي
مدارسهم ،فةي ضةوء مقاربةات قانونيةة و ثقافيةة واجتماعيةة و أدبيةة
وعلمية....
ومن هنا ،البد أن يتعود الطفل على السلو الديمقراطي فةي أسةرته؛
منةةذ نعومةةة أظةةافره ليرتمةةي فةةي أحضةةان المدرسةةة ،فةةي جةةو مفعةةم
بالحريةةةة والسةةةعادة واألمةةةل والتفةةةاؤل ،ريثمةةةا ينتقةةةل إلةةةى أحضةةةان
المجتمةةع ليطبةةق مةةا تشةةربه مةةن قةةيم ديمقراطيةةة عادلةةة سةةلوكا وتمةةثال
وعمال.
46
الفصل الثاني:
47
اليمكن الحديث عن التدبير البيداغوجي والنجاح المدرسي إال إذا
استحضرنا مفهومين أساسيين مترابطين هما :مدرسة التميز ،
والحكامة الجيدة .ويعني هذا أن بناء مدرسة النجاح المتميزة ،وخلق
مدرسة المساواة والعدالة واإلنصاف واالرتقاء ال يمكن أن تتحقق
واقعيا وميدانيا إال بتطبيق إستراتيجية التدبير الناجع ،واألخذ بسياسة
التغيير الكمي والكيفي للنسق التربوي الوطني جزئيا أو كليا ،بشكل
آني ولحظي ،أو بشكل مرحلي ،أو بشكل متدرج .فضال عن
االسترشاد بالحكامة الجيدة على جميع األصعدة والمستويات التي
تتعلق بتدبير المنظومة التربوية ديدكتيكيا ،34وإداريا ،وماديا،
وماليا.
إذاً ،ما مفهوم الحكامة الجيدة؟ وكيف يمكن إرساؤها في الحقل
التربوي والديدكتيكي؟ وما المقصود بمدرسة التميز؟ وما شروطها
ومستلزماتها؟ وكيف يتحقق ذلك؟ هذا ما سوف نتوقف عنده في
المباحث التالية:
المبحــث األول :الحكامـــة الجيـــدة
اليمكن تحقيق مدرسة وطنية متميزة إال إذا أخذنا بمبدإ الحكامة
الجيدة( .)Gouvernanceوهو مفهوم غامض ومعقد ومتشعب
الدالالت بتنوع مجاالته؛ إذ يمكن الحديث عن حكامة سياسية،
وحكامة اجتماعية ،وحكامة اقتصادية ،وحكامة ثقافية ،وحكامة
إدارية ،وحكامة أوروبية ،وحكامة عالمية ،وحكامة مؤسساتية،
وحكامة ترابية...
وتدل الحكامة على المقاربة التشاركية والتعددية في تسيير اإلدارة
وتدبيرها ،واستحضار مختلف الفاعلين والشركاء في أثناء أخذ
القرار ،أو ممارسة التقويم ،أو بناء المشروع .وتعني أيضا إرساء
الدولة على أساس الالمركزية والالتركيز .ومن ثم ،تعد الحكامة آلية
تدبيرية لتجاوز أزمة الدولة البيروقراطية والمركزية.
64
والجودة واالرتقاء. المبحث األول :مدرسة اإلنصا
قدم المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي رؤية
إستراتيجية لإلصالح التربوي ما بين2015و2030م .والهدف منه
هو تأسيس مدرسة اإلنصا والجودة واالرتقاء .وإن كان هذا
التقرير ،في الحقيقة ،تطويرا وامتدادا وتمطيطا للميثاق الوطني
للتربية والتكوين ؛ ذلك الميثاق الذي كان يدعو إلى تأسيس مدرسة
النجاح الوطنية ،بانتهاج بيداغوجيا الكفايات واإلدماج.
ويستند هذا التقرير إلى تحقيق أربعة أهداف إستراتيجية كبرى هي:
65
الثاني :العمل من أجل بلوغ مدرسة الجودة الهد
للجميع
يتحقق هذا الهدف األسمى بتحقيق الجودة الكمية والكيفية ،وتجديد
المحتويات الدراسية آنيا وظرفيا ،بتحديث طرائقها البيداغوجية
والديدكتيكية ،وعصرنة وسائلها التعليمية ،وتجديد مهن التدريس
والتدبير والتكوين ،وخلق هيكلة جديدة لمؤسسات التكوين والتعليم
والتدبير والتأطير ،وخلق الجسور الممكنة بين مختلف األسال
التعليمية ،والبحث عن نموذج بيداغوجي قوامه االنفتاح ،والتنوع،
واالبتكار ،والنجاعة ،واإلبداع .فضال عن ضرورة التمكن من
اللغات العالمية ،وتجويد تدريسها ،والنهول بالبحث العلمي والتقني
واالبتكار ،وتطبيق الحكامة الجيدة في مجال التربية والتعليم.
67
ومن هنا ،سيظل تقرير المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث
العلمي تقريرا مثاليا وطوباويا وبعيد المنال والتحصيل والتحقق،
يندرج في باب الوهم واإلمكان واالحتمال واالستحالة واإليديولوجيا
والديماغوجيا.في حين ،تغرق المدرسة المغربية ،من سنة إلى
أخرى ،في أوحال الرداءة ،والتسيب ،والتخلف ،واالنحطاط،
واإلفالس.وبالتالي ،ستبقى المدرسة المغربية مدرسة التمييز
بيير بمفاهيم والورثة واالصطفاء واالنتقاء
بورديو( ،)P.Bourdieuوليست مدرسة المساواة والعدالة
واإلنصاف واالرتقاء ،بل ستزداد هذه المدرسة ،مستقبال ،سوءا عن
سوء ،وانهيارا عن انهيار ،ورداءة بعد رداءة.
68
والقضاء عليه ،على أنه في أحيان أخرى يطلق أحكاما تنادي
50
بالقضاء عليها قضاء جذريا ،ويرى فيها مؤسسة بالية أنى كانت".
والدليل على موت المدرسة العمومية بالمغرب تراجع جودة
المنظومة التربوية كما وكيفا ووظيفة ،وتراجع مكانة النظام التربوي
المغربي على الصعيد العالمي بصفة عامة ،وعلى صعيد الوطن
العربي بصفة خاصة حسب التقارير الدولية .على الرغم من
اإلصالحات التربوية العديدة التي قام بها المغرب منذ االستقالل إلى
يومنا هذا .ونشير أيضا إلى تراجع المدرسة العمومية على مستوى
التحصيل والنجاح والجودة مقارنة بالمدرسة الخصوصية التي
أصبحت هدفا لكل األسر المغربية إلنقاذ أوالدهم من شبت البطالة
والفشل الدراسي.
هذا ،وقد وصفت المدرسة العمومية المغربية بأنها مدرسة "
مريضة مشوهة تعكس غلبة من يدبر في مواجهة من اليملك حيلة"،
وهو وصف بال الداللة بالنسبة لمدرسة أضحى أداؤها المختل
يجسد كل األعطاب المجتمعية ،ويعكس موازين قوى تعمل انطالقا
من تعميق الفوارق الصارخة بين مدرسة تفتقر إلى البنيات األساسية
والتجهيزات الضرورية ،وذات مردود هزيل ،ونتائه متردية
التستحق حتى التعليق ،بل ومقبولة ما دامت الخدمة التي تقدمها هذه
المدرسة مجانية ،وتعليم خاص يحرص على تسويق نفسه كتجسيد
للجودة والمردودية المرتفعة والمضمونة ،مادام قابال للمحاسبة من
قبل الذين يدفعون سعرا مقابل الخدمة المقدمة ألبنائهم .وعلى
الصعيد األخالقي ،تشهد المدرسة العمومية انتكاسا واضحا لقيم
التطوع والمثابرة والمسؤولية ،واستسالما للهيئة التربوية في
مواجهة إغراءات المال ،مع الزحف والتوسع المرعب لسوق
الدروس الخصوصية؛ مما يعد سببا آخرا لبداية نهاية المدرسة
العمومية بالصورة التي تشكلت فيها في الوجدان الشعبي كفضاء
للعطاء وكسب العلم والمعرفة ،فيما يتنامى الشعور لدى أبناء
- 50غي أفانزيني :الجمود والتجديد في التربية المدرسية ،ترجمة :عبد هللا عبد
الدائم ،بيروت ،لبنان ،دار العلم للماليين ،الطبعة األولى سنة 1981م ،صا-456:
457؛
69
الطبقات الكادحة بالعجز والفوات ،مع تركز التفوق المعرفي في
صفوف " الميسورين" ،الذي يعزز احتكارهم للثروة والسلطة على
نحو غير مسبوق في تاريم المغرب؛ إذ حتى عهد قريب كان التفوق
الدراسي ،والدافع إلى االجتهاد والتحصيل العلمي ،يكاد يكون
51
ينحصر في صفوف أبناء الطبقات الشعبية".
ومن األدلة األخرى على موت المدرسة العمومية تراجع مكانة
المدرس اجتماعيا لتدني أجرته ،وتضعضع وضعيته االقتصادية
على جميع المستويات .وقد نته عن ذلك أن أصبت مثار سخرية
واحتقار وتنكيت .وفي هذا السياق ،يقول الباحث المغربي عبد
المجيد السخيري ":كثيرة هي المؤشرات الدالة على نهاية المدرسة
العمومية في عصرنا ،في المغرب كما في بلدان كثيرة تسير على
نهه الرأسمالية المنتصرة ،وتخضع كليا لسياسات السوق الممالة
من قبل األذرع القوية للرأسمال العالمي ،وكثيرة هي أيضا العالمات
الدالة على انتهاء الدور التقليدي للمدرس(ة) ،وتحطم صورته
المبجلة ،وتراجع إشعاعه االجتماعي ،وتقزيم وظيفته في العملية
التعليمية بما يتناسب مع تهميشه ،وتحجيم حضوره ودوره في الحياة
العامة .وال ينبغي أن ينظر على هذا على أنه مجرد تتويه
لمراجعات نظرية في األدب التربوي تستهدف الحد من السلطة
الفعلية للمدرس(ة) التقليدي(ة) داخل الفصل الدراسي ،ونقد
ممارسات تربوية تجعل منه محور العملية التعليمية -التعلمية،
وتحرير العالقات التربوية من الهيمنة األحادية للمدرس(ة) ،وما
يرتبط بها من أشكال التسلط والعنف الرمزي واحتكار المعرفة
وامتال الحقيقة ومعايير الصواب والخطأ وغيرها من صور
التمركز الذاتي واالستبداد المقنع.كما أن تراجع السلطة األخالقية
للمدرسين (ات) في المناا السائد اليوم ليس مجرد تحصيل لهذا
النقد ،بل هي أيضا نتيجة لهجوم مركب يستهدف تحييد هؤالء من
الصراع ،وتشطيب دورهم السياسي بما يفست المجال أمام المقاول
73
الخاتـــمـــة
يتبةةين لنةةا ،ممةةا سةةبق ذكةةره ،أن ثمةةة أنواعةةا ثالثةةة مةةن الديمقراطيةةة
التربوية :ديمقراطية التعلم ،وديمقراطية التعليم ،وتعليم الديمقراطية.
وقد أبرزنا أيضا أن هنا مجموعة من ارليات لتطبيةق الديمقراطيةة
الحقيقية في نظامنةا التربةوي والتعليمةي ،فقةد حصةرناها إجمةاال فةي
التفكيةةر التعةةاوني ،والعمةةل الجمةةاعي ،واسةةتعمال تقنيةةات التنشةةيط،
وتمثل البيداغوجيا اإلبداعية ،واألخذ بالشراكة والجودة.
فضال عن تطبيق الطرائق التربوية الفعالة ،واإليمان بمبادا حقةوق
اإلنسةةةان ،وزرع المواطنةةةة الحقيقيةةةة فةةةي نفةةةوس المتعلمةةةين وناشةةةئة
المستقبل ،دون أن ننسى دمقرطة المدرسة والمجتمع على حد سواء.
بيةةد أن تطبيةةق الديمقراطيةةة ،فةةي نظامنةةا التربةةوي والتعليمةةي ،يواجةةه
صةةعوبات جمةةة ،مثةةل :الجهةةل ،والتخلةةف ،والبيروقراطيةةة ،وغيةةاب
حقةةةوق اإلنسةةةان ،وغيةةةاب المواطنةةةة الحقيقيةةةة ،وإقصةةةاء الكفةةةاءات
العاملةةةة .ناهيةةةك عةةةن التعامةةةل بةةةالغش مةةةن أجةةةل تحقيةةةق المصةةةالت
الشخصةةةية والمةةةآرب النفعيةةةة ،والتفةةةريط فةةةي مقوماتنةةةا الحضةةةارية
ومبادئنةةا الدينيةةة ،وتبديةةد ثرواتنةةا سةةفها وتبةةذيرا ،وتهجيةةر طاقاتنةةا
العلمية واألدمغة المتنورة إلى الخارج أو الةتخلا منهةا ،بتعطيلهةا،
أو تفقيرهةةا ،أو تجويعهةةا ،أو إزهةةاق أرواحهةةا إذا كانةةت مناوئةةة أو
معارضة للسلطة الحاكمة....
أمةةةا الحلةةةول لتحقيةةةق الديمقراطيةةةة الناجعةةةة فةةةي نظامنةةةا التربةةةوي
والتعليمةةي ،فيكةةون بالقضةةاء علةةى الصةةعوبات والمشةةاكل والعراقيةةل
التي ذكرناها سالفا ،مةع التسةلت باإليمةان والتقةوى والصةبر والتجلةد،
والتحلي بةروح العمةل والمواطنةة الصةالحة ،والتعةايش مةع ارخةرين
انفتاحا وتعاونا وتعايشا وتسامحا.
ومن جهة أخرى ،تعد مدرسة النجاح والجودة والتميز من أهم
ارليات اإليجابية لالرتقاء بالمدرسة المغربية ،وإنقاذها من الركود
والكساد واإلفالس .وبالتالي ،فهذه المدرسة بمثابة مشروع مجتمعي
هائل .فكذا تم تطبيق مبادا هذه المدرسة كلها بشكل جيد ومتقن،
فستتحقق -فعال -هذه المدرسة الوطنية الناجحة ،والسيما إذا أوكلت
مهمة تفعيل اإلصالح إلى أصحاب النوايا الحسنة الصادقة .
74
و ال يمكن أن تتحقق مدرسة النجاح -فعليا -في المغرب إال إذا
أرسينا مجتمعا ديمقراطيا يحتكم إلى مؤسسات قانونية عادلة ،وفعلنا
منظومة حقوق اإلنسان ،وأعطينا األولوية لإلبداع واالبتكار
والتجديد والتقويم الذاتي ،واحترمنا الكفاءات الوطنية المتميزة،
وأشركناها في إصدار القرار .
ويبقى ،في األخير ،أن أهم سبب للنجاح الحقيقي لمدرسة النجاح هو
االهتمام برجل التعليم ،بالرفع من أجره مرات ومرات حسب
ارتفاع أسعار المعيشة في الوطن ،وتحفيزه ماديا ،وتشجيعه
معنويا؛ ألن رجل التعليم هو القاطرة الفعلية للتنمية والتطور
واالزدهار والتقدم .وإذا لم يتم الرفع من مستوى هذا اإلنسان "
البروميثيوسي" المناضل ،فلن تكون هنا أبدا مدرسة النجاح إال
في األحالم واألوراق والمذكرات الوزارية .
في حين ،تتصف مدرسة التميز بالجودة والفعالية والنجاعة ،
والقدرة على التنافسية ،والعمل على تكوين متعلمين متفوقين
ومتميزين ومبدعين وقادرين على اإلنتاج واالبتكار .وتتسم هذه
المدرسة أيضا بالجودة كما وكيفا ،والخضوع لمستلزمات الحكامة
الجيدة على مستوى التخطيط والتدبير والتقويم وتسيير المؤسسة.
ويعني هذا كله أن مدرسة التميز هي التي تربط المسؤولية
بالمحاسبة والمواكبة واالفتحاص والتقييم .وتسعى جادة لخدمة
الوطن واألمة ،بكرساء ثقافة حقوق اإلنسان ،واالحتكام إلى الضمير
األخالقي ،واألخذ بسياسة التشار والشفافية والديمقراطية في إسناد
األدوار وتوزيع المهام والمسؤوليات.
أما مدرسة المساواة واإلنصاف واالرتقاء التي تحدث عنها المجلس
األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في ضوء الرؤية
اإلستراتيجية لإلصالح التربوي ما بين2015و2030م ،فهي مجرد
مدرسة خيالية وطوباوية ال تحتكم إلى الواقع المغربي المحبط
والمنحط على جميع األصعدة والمجاالت والمستويات .وبالتالي،
فهذه المدرسة بمثابة مدرسة مجردة غير موجودة أصال في الواقع،
واليمكن أن تتحقق المساواة إال بتطبيق الديمقراطية الحقة ،وإرساء
العدالة المجتمعية ،وهذا اليمكن أن يتحقق في مجتمعنا المغربي في
75
حديث وإجماع عن موت وقتنا الراهن .في الوقت نفسه ،هنا
المدرسة المغربية.
76
ثبت المصادر والمراجع
المعاجم والقواميس:
77
-9جميل حمداوي :من مستجدات التربية الحديثة والمعاصرة،
سلسلة شرفات ،رقم ،24منشورات الزمن ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،الطبعة األولى سنة2008م.
-10جون سكوت :علم االجتماع ،المفاهيم األساسية ،ترجمة:
محمد عثمان ،الشبكة العربية ل بحاث والنشر ،بيروت ،لبنان،
الطبعة الثانية 2013م.
-11خليل ميخائيل معول :علم ال فس االجتماعي ،دار نشر
المغربية ،الدار البيضاء ،المغرب ،الطبعة األولى سنة 1982م.
-12عبد الكريم غريب :الم هل التربوي ،الجزء الثاني ،منشورات
عالم التربية ،دار النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،المغرب ،الطبعة
األولى سنة 2006م.
-13العربي سليمان ورشيد الخديمي :يضايا تربوية ،منشورات
عالم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،المغرب،
الطبعة األولى سنة2005م.
-14غي أفانزيني :الجمود والتجديد في التربية المدرسية ،ترجمة:
عبد هللا عبد الدائم ،بيروت ،لبنان ،دار العلم للماليين ،الطبعة األولى
سنة 1981م.
-15مارسيل بوستيك :العالية التربوية ،ترجمة :محمد البشير
النحاس ،المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ،تونس1986 ،م.
-16مبار ربيع :مخاو األطفال ،الهالل العربية للطباعة
والنشر ،طبعة 1991م.
-17محمد الدريه :مشروع المؤسسة والتجديد التربوي في
المدرسة المغربية ،الجزء األول ،منشورات رمسيس ،الرباط،
الطبعة األولى1996 ،م.
-18محمد لبيب النجيحي :مقدمة في فلسفة التربية ،دار النهضة
العربي للطباعة والنشر ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة1992م.
-19محمد ياسر الخواجة وحسين الدريني :المعجم الموجز في علم
االجتماع ،مصر العربية للنشر والتوزيع ،القاهرة ،مصر ،الطبعة
األولى سنة 2011م.
78
المركز الثقافي، الخطاب اإلصالحي التربوي: مصطفى محسن-20
.م1999 الطبعة األولى سنة، المغرب، الدار البيضاء،العربي
،26: سلسلة شرفات رقم، مدرسة المستقبل: مصطفى محسن-21
.م2009 الطبعة األولى سنة، المغرب، الرباط،منشورات الزمن
، تونس، معجم علم ال فس التربوي: وزارة الثقافة والتربية-22
.م1990
جدلية االنفصال، اإليدولوجيا وعلم االجتماع: وسيلة خزار-23
الطبعة األولى سنة، لبنان، بيروت، منتدى المعارف،واالتصال
.م2013
79
32-Louis Althusser,) Les appareils idéologiques
d’État (, revue La Pensée, juin 1970.
33-Michel Foucault, Surveiller, Gallimard, Paris,
1975.
34- Micheline Milot et Fernand Ouellet:Religion,
éducation et démocratie .Montréal, 1977.
35-Mourad Bahloul :La pédagogie de la
différence:l'exemple de l'école tunisienne , M.
Ali Editions, 2003 .
36– Petit Robert, Paris, éd, 1992, "Qualité" .
37-Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron,La
reproduction. Éléments pour une théorie du
système d'enseignement, Minuit, 1970.
38-R. Boujedra,La répudiation, Paris: Seuil, 1969
39-Robert Merton: The Sociology of Science,
Glencoe: free Press, 1957.
40-R. Scherer,Émile perverti ou Des rapports
entre l’éducation et la sexualité, Paris, Laffont,
1974. Réédition Désordres-Laurence Viallet, 2006.
:المقاالت
80
-43عماد أبركان( :الوالة والعمال في النموذج المغربي لإلدارة
المحلية وسؤال الحكامة الترابية) ،مجلة مسالك ،المغرب،
العدد ،32-31:السنة 2015 ،11م.
-44المختار عنقا اإلدريسي (:المسرح والتنشيط) ،مجلة لفال
تربوية ،المغرب ،العدد1996 ،11م.
-45محمد مصطفى القباج ( :التربية على المواطنة والحوار وقبول
ارخر في التعليم الثانوي :تحليالت واتجاهات) ،مجلة علوم
التربية ،المغرب ،العدد ،32:أكتوبر 2006م.
الدالئل والتقارير:
81
الروابط اإللكترونية:
-52جميل حمداوي :نحو نظرية تربوية جديدة (البيداغوجيا
اإلبداعية ،مكتبة األلوكة ،السعودية ،بتاريم.14/07/2016 :
http://www.alukah.net/library/0/105455
ذ
82
السيـــرة العلـــمية:
83
-رئيس الهيئة العربية لنقاد الكتابة الشذرية ومبدعيها.
-رئيس جمعية الجسور للبحث في الثقافة والفنون.
-رئيس مختبر المسرح األمازيغي.
-عضو الجمعية العربية لنقاد المسرح.
-عضو رابطة األدب اإلسالمي العالمية.
-عضو اتحاد كتاب العرب.
-عضو اتحاد كتاب اإلنترنت العرب.
-عضو اتحاد كتاب المغرب.
-من منظري فن القصة القصيرة جدا وفن الكتابة الشذرية.
-مهتم بالبيداغوجيا والثقافة األمازيغية.
-ترجمت مقاالته إلى اللغة الفرنسية و اللغة الكردية.
-شار في مهرجانات عربية عدة في كل من :الجزائر ،وتونس،
وليبيا ،ومصر ،واألردن ،والسعودية ،والبحرين ،والعراق،
واإلمارات العربية المتحدة،وسلطنة عمان...
-مستشار في مجموعة من الصحف والمجالت والجرائد
والدوريات الوطنية والعربية.
-نشر أكثر من ألف وثالثين مقال علمي محكم وغير محكم ،وعددا
كثيرا من المقاالت اإللكترونية .وله أكثر من ( )154كتاب ورقي،
وأكثر من مائة وثالثين ( )227كتاب إلكتروني منشور في موقعي
(المثقف) وموقع (األلوكة) ،وموقع (أدب فن).
-ومن أهم كتبه :فقه النوازل ،ومفهوم الحقيقة في الفكر اإلسالمي،
ومحطات العمل الديدكتيكي ،وتدبير الحياة المدرسية ،وبيداغوجيا
األخطاء ،ونحو تقويم تربوي جديد ،والشذرات بين النظرية
والتطبيق ،والقصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق ،والرواية
التاريخية ،تصورات تربوية جديدة ،واإلسالم بين الحداثة وما بعد
الحداثة ،ومجزءات التكوين ،ومن سيميوطيقا الذات إلى سيميوطيقا
التوتر ،والتربية الفنية ،ومدخل إلى األدب السعودي ،واإلحصاء
التربوي ،ونظريات النقد األدبي في مرحلة مابعد الحداثة ،ومقومات
القصة القصيرة جدا عند جمال الدين الخضيري ،وأنواع الممثل في
التيارات المسرحية الغربية والعربية ،وفي نظرية الرواية :مقاربات
84
جديدة ،وأنطولوجيا القصة القصيرة جدا بالمغرب ،والقصيدة
الكونكريتية ،ومن أجل تقنية جديدة لنقد القصة القصيرة جدا ،
والسيميولوجيا بين النظرية والتطبيق ،واإلخراج المسرحي ،ومدخل
إلى السينوغرافيا المسرحية ،والمسرح األمازيغي ،ومسرح الشباب
بالمغرب ،والمدخل إلى اإلخراج المسرحي ،ومسرح الطفل بين
التأليف واإلخراج ،ومسرح األطفال بالمغرب ،ونصوص مسرحية،
ومدخل إلى السينما المغربية ،ومناهه النقد العربي ،والجديد في
التربية والتعليم ،وببليوغرافيا أدب األطفال بالمغرب ،ومدخل إلى
الشعر اإلسالمي ،والمدارس العتيقة بالمغرب ،وأدب األطفال
بالمغرب ،والقصة القصيرة جدا بالمغرب،والقصة القصيرة جدا عند
السعودي علي حسن البطران ،وأعالم الثقافة األمازيغية...
-عنوان الباحث :جميل حمداوي ،صندوق البريد،1799
الناظور ،62000المغرب.
-جميل حمداوي ،صندوق البريد ،10372البريد المركزي تطوان
،93000المغرب.
-الهاتف النقال0672354338:
-الهاتف المنزلي0536333488:
-اإليميلHamdaouidocteur@gmail.com:
Jamilhamdaoui@yahoo.
85
الخارجي الغال
يهتم الكتاب بالعالقة الموجودة بين التربية والديمقراطية إيجابا
وسلبا .كما يعرف القراء بأسس مدرسة النجاح ،ورصد سبل تحقيق
الجودة المدرسية ،وتقديم مختلف ارليات التي تسهم في تحقيق
مدرسة النجاح المجتمعية الحقيقية.
كما يتناول الكتاب مفهوم مدرسة التميز ،ومفهوم الحكامة الجيدة في
تدبير شؤون المنظومة التربوية ،والمهام التي يقوم بها المدرس أو
مدبر الفصل الدراسي.
86