You are on page 1of 443

‫هشام ادرحو‬ ‫جميل حمداوي‬

‫سوسيولوجيا التربية‬
‫م‬ ‫م‬
‫(الدخالت‪ ،‬والعمليات‪ ،‬والخرجات)‬

‫‪1‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫الؤلف‪ :‬جميل حمداوي و هشام إدرحو‬

‫الكتاب‪ :‬سوسيولوجيا التربية (املدخالت‪ -‬العلميات‪ -‬املخرجات)‬

‫الطبعة‪ :‬األولى‬

‫السنة‪2222:‬م‬

‫منشورات الركز التوسطي للدراسات واألبحاث ‪ ،‬سلسلة ملفات تربوية تكوينية‪ ،‬رقم‪،9:‬‬
‫الناظور‪ -‬طنجة‪ /‬الغرب‪.‬‬

‫‪ISBN : 978-9920-9199-1-3‬‬

‫الهاتف‪2333366632/2332322363 /2332632660:‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة للمؤلف‬

‫‪2‬‬
‫اإلهـ ــداء‬

‫نهدي هذا الكتاب إلى الدكتورفوزي بوخريص أستاذ علم‬


‫االجتماع التربوي بكلية العلوم اإلنسانية بالقنيطرة بالغرب‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفهرس‬
‫اإلهداء‬

‫الفهرس‪4....................................................................................................................................‬‬

‫مقدمة‪5.....................................................................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪:‬مفهوم علم االجتماع التربوي ‪3..........................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تطور علم االجتماع التربوي‪30........................................................................‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬مدخالت التربية‪63.........................................................................................‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬عمليات التربية‪323.........................................................................................‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬مخرجات التربية‪636...................................................................................‬‬

‫خاتمة‪223.................................................................................................................................‬‬

‫ثبت الصادروالراجع‪220.......................................................................................................‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬
‫يتناول هذا الكتاب علم االجتماع التربوي بالتحليل‪ ،‬والتفسير‪ ،‬والتقويم‪ .‬ومن ثم‪ُ ،‬يعنى‬
‫علم اجتماع التربية (‪ ،)La sociologie de l’éducation‬أو علم اجتماع املدرسة ( ‪La‬‬
‫‪ ،)sociologie de l’école‬بدراسة قضايا التربية أو البحث في مشاكل املدرسة على حد‬
‫سواء‪ ،‬على أساس أن املدرسة ظاهرة اجتماعية أو مؤسسة اجتماعية لها ثوابتها‬
‫ومتغيراتها‪.‬أي‪ :‬تدرس سوسيولوجيا التربية كل الظواهر املتعلقة بمجال التربية والتعليم‬
‫واملؤسسة الدراسية في عالقة تامة باملجتمع‪ .‬ويعني هذا أن املدرسة تعكس محيطها‬
‫االجتماعي بشكل مباشر أو غير مباشر‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تركز هذه السوسيولوجيا على البحث في‬
‫املؤسسة التربوية من الداخل والخارج معا بدراسة مكوناتها وعناصرها ونسقها الوظيفي‬
‫الكلي‪ ،‬ورصد مختلف األنشطة التي تقوم بها املؤسسة التعليمية سواء كانت أنشطة مادية‬
‫أم معنوية‪ .‬ثم رصد مختلف العالقات التفاعلية التي تجريها املؤسسة مع املجتمع الخارجي‬
‫بالتوقف عند ثوابتها ومتغيراتها‪ ،‬واستجالء خصائصها ووظائفها وأدوارها املجتمعية‪،‬‬
‫وتبيان مدى مساهمتها في توعية املجتمع وتنويره ‪ ،‬وقيادته تنمويا‪ ،‬واقتصاديا‪ ،‬واجتماعيا‪،‬‬
‫وسياسيا‪ ،‬وثقافيا‪ ،‬وحضاريا‪.‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬تتوقف سوسيولوجيا التربية عند مكونات املدرسة وعناصرها الفاعلة‬
‫والوظيفية كالتوقف‪ -‬مثال‪ -‬عند التالميذ‪ ،‬واملدرسين‪ ،‬ورجال اإلدارة‪ ،‬واألعوان‬
‫واملساعدين‪ ،‬واملشرفين التربويين‪ ،‬وجمعيات اآلباء واألمهات‪ ،‬بالتحليل والدراسة والرصد‬
‫واستكشاف مهام هؤالء والوظائف املنوطة بهم‪.‬‬

‫وما يهمنا في هذا الكتاب هو التركيز على النسق أو التنظيم أو النظام التعليمي املغربي من‬
‫م‬
‫خالل التوقف عند الدخالت التي نقصد بها الفاعلين في الشأن التربوي‪ ،‬والعمليات التي‬

‫‪5‬‬
‫م‬
‫تكمن في اآلليات والطرائق التربوية والتعليمية‪ ،‬والخرجات التي تتمثل في التقويم‪،‬‬
‫واإلخفاق‪ ،‬والنجاح‪ ،‬واالصطفاء‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫مفهوم علم االجتماع التربوي‬

‫‪7‬‬
‫ينبن ي ييي ه ي ييذا الفص ي ييل األول عل ي ييى تحدي ي ييد دالالت عل ي ييم االجتم ي يياع الترب ي ييوي‪ ،‬وتبي ي ييان قيمت ي ييه‪،‬‬
‫واستكشاف منهجيته إن فهما وإن تفسيرا على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ ،‬تعريف سوسيولوجية التربية‪:‬‬


‫ي ييدرس عل ييم االجتم يياع الترب ييوي ‪ ،‬أو سوس يييولوجيا‪ 1‬التربي يية‪ ،‬مختل ييف الظ ييواهر التربوي يية الت ييي‬
‫تحدث في املدرسة إن فهما‪ ،‬وإن تفسيرا‪ .‬وقد عرفه أحمد أوزي بقوله‪:‬‬
‫" يق ييوم عل ييم االجتم يياع الترب ييوي بدراس يية أش ــكال األنش ــطة التربوي ــة للمؤسس ــات‪ ،‬كأنش ييطة‬
‫املدرس ي ييين والتالمي ي ييذ واإلداري ي ييين داخ ي ييل املؤسس ي ييات املدرس ي ييية‪ .‬كم ي ييا يق ي ييوم بوص ي ييف طبيع ي يية‬
‫العالقات واألنشطة التي تتم بينهم‪ .‬كميا يهيتم عليم االجتمياع التربيوي بدراسية العالقيات التيي‬
‫تييتم بييين املدرسيية وسييين مؤسسييات أخييرى ‪ ،‬كاألسييرة‪ ،‬وامل ييجد‪ ،‬والنييادي‪ .‬كمييا يهييتم بالشييرو‬
‫االقتص ي ييادية والطبيعي ي يية الت ي ييي تع ي ييي فوه ي ييا ه ي ييذه املؤسس ي ييات‪ ،‬وت ي ييؤثر ف ي ييي ش ي ييرو وجوده ي ييا‬
‫وتعاملها‪"2.‬‬

‫أما عبد الكريم غريب‪ ،‬فيعرف هذا العلم بقوله‪:‬‬

‫" علييم يييدرس التييأثيرات االجتماعييية التييي تييؤثر فييي املسييتقبل الدراهيياي لنفيراد كمييا هييو الشييأن‬
‫بالنسبة لتنظيم املنظومة املدرسيية‪ ،‬وميكانيزميات التوجييه‪ ،‬واملسيتوى السوسييوثقافي ألسير‬
‫املتمدرس ييين‪ ،‬وتوقع ييات املدرس ييين واآلب يياء‪ ،‬وإدم يياج املع ييايير والق يييم االجتماعي يية م يين ط ييرف‬
‫التالميذ‪ ،‬ومخرجات األنظمة التربوية‪...‬‬

‫ويمك يين تحدي ييد موو ييوع سوس يييولوجيا التربي يية ف ييي التس ييا ل العلم ييي ح ييول نوعي يية ال ييرواب‬
‫القائمة بين املؤسسات التربوية املختلفة وسين باقي البنييات واألطير االجتماعيية األخيرى‪ :‬ميا ي‬

‫‪ -1‬الصحيح في اللغة السوسيولوجيا ألنها كلمة أ‘جنبية‪ ،‬ولكن يمكن استخدامها بالتاء املرسوطة‬
‫(سوسيولوجية) لكي تتناسب مع السياق العربي ليس إال‪.‬‬
‫‪ -2‬أحمد أوزي‪ :‬العجم الوسوعي لعلوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.333:‬‬
‫‪8‬‬
‫الوظيف يية الت ييي تق ييوم به ييا تل ييك املؤسس ييات داخ ييل مجتم ييع م ييا ومام ييدى مس يياهمتها ف ييي تنشي ي ة‬
‫األفراد ؟ وإلى أي حد تحدث تعديالت في الهرمية االجتماعية القائمة (الحركية االجتماعية)‬
‫ومام ي ي ي ي ييدى تأثيره ي ي ي ي ييا ف ي ي ي ي يي البني ي ي ي ي ييات الثقافي ي ي ي ي يية وماعالقته ي ي ي ي ييا بالبني ي ي ي ي ييات املهني ي ي ي ي يية والثقافي ي ي ي ي يية‬
‫املوجودة؟‪...‬إلخ‪.‬تلك أهم التسا الت التي تطمح سوسيولوجيا التربية لإلجابة عنهيا‪ ،‬ميع األخيذ‬
‫بعين االعتبار االختالفات القائمة بين املجتمعات املتنوعة‪3".‬‬

‫ويعرف علي الحوات علم االجتماع التربوي بقوله‪:‬‬

‫بدراسـة اإلنسـاح حينمـا لـدخل الـي عالقـة مـع إنسـاح طخـرالـي إطــار‬ ‫" هيو العليم اليذي يخيت‬
‫ترب ـ ــوي يه ي ييدف إل ي ييى تك ي ييوين الخل ي ييرة ‪ ،‬أو املعرف ي يية‪ ،‬أو الثقاف ي يية‪ ،‬أو التعل ي يييم‪ ،‬أو الت ي ييدريب"‪.‬أي‪:‬‬
‫العالق ييات الت ييي ت ييتم ب ييين األفي يراد ف ييي اإلط ييار الترب ييوي (التعليم ييي التعلم ييي)‪ ،‬س ييواء أكان ييت ه ييذه‬
‫العالقييات بييين تلميييذ و خير‪ ،‬أو بييين تلميييذ ومعلييم‪ ،‬ثييم بييين التالميييذ واملعلمييين ككييل‪ ،‬وسييين كييل‬
‫م يين ف ييي املؤسس يية التربوي يية‪ ،‬والنظ ييام الترب ييوي بش ييكل ع ييام‪ ،‬وس ييين ك ييل م يين ف ييي اإلط ييار الترب ييوي‬
‫واملؤسسات االجتماعية األخرى في املجتمع الكبير‪.4".‬‬

‫ُ‬
‫وعليه‪ ،‬فسوسيوسوجيا التربية ي التي تعنى بدراسة املدرسة فيي عالقتهيا بمحيطهيا املجتم يي‪،‬‬
‫ودراس ي يية مختل ي ييف التف ي يياعالت االجتماعي ي يية داخ ي ييل املؤسس ي يية التربوي ي يية نفس ي ييها‪ ،‬واالهتم ي ييام‬
‫بمختلي ييف األنشي ييطة واألدوار التي ييي تقي ييوم بهي ييا املدرسي يية التربويي يية بي ييالتركيز علي ييى مجموعي يية مي يين‬
‫الظ ي ييواهر االجتماعي ي يية التربوي ي يية‪ ،‬مث ي ييل‪ :‬س ي ييلطة املدرس ي يية‪ ،‬والنج ي يياح واإلخف ي يياق‪ ،‬واالنتق ي يياء أو‬
‫االصطفاء التربوي‪ ،‬ودور املدرسة في انتخاب النخبة‪ ،‬والفوارق االجتماعيية والطبقيية داخيل‬
‫املؤسسة‪ ،‬والهدر املدرهاي‪ ،‬وديناميكيية الجماعيات‪ ،‬ومشيروع املؤسسية‪ ،‬والشيراكة التربويية‪،‬‬
‫والتوجي ييه الترب ييوي‪ ،‬واملس ييالك املهني ية‪ ،‬وديمقراطي يية التعل يييم‪ ،‬وتف يياعالت املدرس يية الداخلي يية‬

‫‪ -3‬عبد الكريم غريب‪ :‬النهل التربوي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.032:‬‬
‫‪ - 4‬علي الحوات‪ :‬أسس علم االجتماع التربوي‪ ،‬جامعة الفاتح‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪ ، ،‬طبعة ‪3636‬م‪ ،‬ص‪.02:‬‬
‫‪9‬‬
‫والخارجي ي يية‪ ،‬وقض ي ييية الالمس ي يياواة الطبقي ي يية ‪ ،‬واملدرس ي يية واإلع ي ييالم‪ ،‬أو موق ي ييف املدرس ي يية م ي يين‬
‫التح ييديات اإلعالمي يية للتلفزي ييون واألنترني ييت‪ ،‬والتفاع ييل الترب ييوي داخ ييل املؤسس يية أو الفص ييل‬
‫الدراهيياي‪ ،‬وطبيعيية العالقيية بييين املدرسيية واألسييرة‪ ،‬وقضييية االنتميياء االجتميياعي‪ ،‬والتحصيييل‬
‫الدراهاي‪ ،‬والنجاح املدرهاي‪.‬‬
‫ُ‬
‫وي ييرى محم ييد الش ييرقاوي أن سوس يييولوجيا التربي يية ييي الت ييي تعن ييى بدراس يية أنظم يية التعل يييم‪،‬‬
‫ودراس يية الظ ييواهر املدرس ييية بدراس يية مختل ييف العالق ييات الت ييي تك ييون ب ييين املدرس يية ومخل ييف‬
‫املؤسس ييات األخ ييرى‪ ،‬مث ييل‪ :‬األس ييرة‪ ،‬والسياس يية‪ ،‬واالقتص يياد‪ .‬أي‪ ":‬دراس يية اآللي ييات املدرس ييية‬
‫كامل ي ي ي ييدخالت و العمليي ي ي ي ييات واملخرج ي ي ي ييات‪ .‬وتتمثي ي ي ي ييل امل ي ي ي ييدخالت في ي ي ي ييي التالميـ ـ ـ ـ ــذ والدرس ـ ـ ـ ـ ـ ح‬
‫فيزيولوجييية‪،‬‬ ‫واإلدارة‪.‬ويتمييز تالميييذ املدرسيية‪ ،‬علييى أسيياس أنهييم سيياكنة املدرسيية ‪،‬بخصييائ‬
‫ونفس ييية‪ ،‬واجتماعي يية‪ ،‬ع ييالوة عل ييى الس ييمات التالي يية‪ :‬الس يين‪ ،‬والج يينس‪ ،‬واملس ييتوى الثق ييافي‪،‬‬
‫واألصي ي ييل االجتماعي‪.‬أمي ي ييا املدرسي ي ييون واإلداريي ي ييون‪ ،‬فيتميي ي ييزون بي ي يياملتغيرات املهنيي ي يية والحرفيي ي يية‬
‫والسياسييية والنقابييية ‪ ،‬مثييل‪ :‬مسييتوى التكييوين‪ ،‬وطريقيية التوظيييف‪ ،‬والووييعية داخييل البنييية‬
‫املجتمعية‪ ،‬والتوجهات السياسية والنقابية‪.‬‬

‫أمـ ــا الخرجـ ــات‪ ،‬فتتمثي ييل في ييي النتي ييائظ التي ييي تترتي ييب عي يين توظيي ييف لي ي يات التطبيي ييع االجتمي يياعي‬
‫واالصطفاء‪.‬أي‪ :‬توظيف مختلف املعارف واملهارات من أجل تحقيق النجاح الدراهاي‪ ،‬ورصد‬
‫مختلف ثار التعلم في أساليب الحياة‪ ،‬أوفي السلوك السياهاي أو القانون املجت ي النهائي‪.‬‬

‫وترتكز العمليات على نقل القيم األخالقية واملعارف‪ ،‬ثم االهتمام بالبيداغوجيا‪ ،‬ثم قواعد‬
‫التق ي ييويم‪ .‬ويعن ي ييي ه ي ييذا أن وظيف ي يية املدرس ي يية ي ييي نق ي ييل املع ي ييارف والق ي يييم وف ي ييق قواع ي ييد ترسوي ي يية‬
‫وتدريسية معينة‪ ،‬مع االهتمام بأنظمة التقويم‪.‬‬

‫ويتضيي‪ ، ،‬ممييا سييبق‪ ،‬أن مجييال علييم االجتميياع املدرهيياي هييو رصييد التحييول الييذي ينتيياب الفييرد‪،‬‬
‫وهي ي ييو ينتقي ي ييل مي ي يين يك ي ييائن بيولي ي ييوجي غريي ي ييزي إلي ي ييى يك ي ييائن بيولي ي ييوجي إنسي ي يياني وثقي ي ييافي ‪ .‬ومي ي يين ثي ي ييم‪،‬‬

‫‪10‬‬
‫فسوسيولوجيا التربية لديها الكثير مما تقوله‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فعلم االجتماع التربوي مجال واسيع‬
‫ورحييب‪ ،‬ومتعييدد املواويييع والقضييايا‪ ،‬وأن املدرسيية مجتمييع مصييغر‪.‬وسالتالي‪ ،‬تزخيير بكثييير ميين‬
‫الظواهر واملجتمعية التي تنقلها من املحي الذي يحوم بها‪.5‬‬

‫ويمكن لسوسيولوجيا التربية أن تتوسع وتتجاوز إطار املدرسة إلى أشكال ومنية أخرى مين‬
‫التعلم كأن تتوقف عند األسرة واملحي وغيرها من املواويع املرتبطة بالتعلم ‪.‬‬

‫ومي يين هني ييا‪ ،‬تهي ييتم سوسي يييولوجيا التربيي يية بالعالقي ييات االجتماعيي يية داخي ييل املؤسسي يية التربويي يية‪،‬‬
‫ودراسي يية املؤسس ي ييات الت ي ييي تق ي ييوم بوظيف ي يية التنش ي ي ة التربوي ي يية واالجتماعي ي يية‪ ،‬ورس ي ي التك ي ييوين‬
‫بوظيفت ييه االجتماعي يية واإليديولوجي يية‪ ،‬والتركي ييز عل ييى وظيف يية التنشي ي ة االجتماعي يية ووظيف يية‬
‫التمدرس‪.‬‬

‫وعل ييى العم ييوم‪ ،‬ته ييتم سوس يييولوجيا التربي يية بدراس يية األنظم يية التربوي يية ف ييي عالقته ييا ب يياملجتمع‪،‬‬
‫وتبييان دورهييا فيي التغيييير االجتمياعي‪ ،‬والسييما أن التربيية تسي ى إليى تحويييل كيائن غييير اجتميياعي‬
‫ليص ييبح اجتماعي ييا‪.6‬وم يين ث ييم‪ ،‬يب ييدو أن سوس يييولوجيا التربي يية مفه ييوم ع ييام ي ييدرس مختل ييف‬
‫األنشطة اإلنسانية‪ ،‬والسيما التربوية منها‪.‬‬
‫وإذا كانت سوسيولوجيا التربية تدرس الظواهر املدرسية ‪ ،‬فلها أيضا عالقة وثيقة باألسرة‪،‬‬
‫والسياس ــة‪ ،‬واالقتص ــاد‪.‬ويعن ييي ه ييذا أنه ييا ت ييدرس م ييا يتعل ييق بالتربي يية م يين خ ييالل تن يياول ثالث يية‬
‫عناصيير رئيسيية ييي‪ :‬مييداخل التربييية (املتمدرسييون‪ ،‬و رجييال التعليييم‪ ،‬و أطيير اإلدارة‪ ،‬واآلبيياء‪،‬‬
‫واملق ي ي ي ييررون‪ ،‬واملفتش ي ي ي ييون‪ ،)...‬و لياته ي ي ي ييا البيداغوجي ي ي ي يية والديدكتيكي ي ي ي يية والسوس ي ي ي يييولوجية‪،‬‬
‫ومخارجها(التقويم‪ ،‬والنجاح‪ ،‬واالنتقاء‪ ،‬واالصطفاء‪ ،‬الفشل‪ ،‬والبطالة‪ ،‬واالرتقاء‪.)...‬‬
‫وهناك تعريف خر لهذا الحقيل املعرفيي مفياده أن عليم االجتمياع التربيوي يقيوم عليى " دراسية‬
‫أش ي ييكال األنش ي ييطة التربوي ي يية للمؤسس ي يات‪ ،‬كأنش ي ييطة املدرس ي ييين والتالمي ي ييذ واإلداري ي ييين داخ ي ييل‬
‫املؤسسات املدرسية‪.‬كما يقوم بوصف طبيعية العالقيات واألنشيطة التيي تيتم بينهم‪.‬كميا يهيتم‬
‫‪5- Mohamed Cherkaoui:Sociologie de l'éducation, Que sais-je, PUF, 5 edition 1999, pp: 3-5.‬‬

‫‪6 -Mohamed Cherkaoui : Sociologie de l’éducation, PUF, Paris, France, 1 édition 1986, p : .6‬‬

‫‪11‬‬
‫عل ييم االجتم يياع الترب ييوي بدراس يية العالق ييات الت ييي ت ييتم ب ييين املدرس يية وس ييين مؤسس ييات أخ ييرى‪،‬‬
‫كاألسرة‪ ،‬وامل جد‪ ،‬والنادي‪.‬كما يهتم بالشرو االقتصادية والطبيعية التي تعي فوها هذه‬
‫املؤسسات‪ ،‬وتؤثر في شرو وجودها وتعاملها‪"7.‬‬
‫وهنيياك ميين يعييرف سوسيييولوجيا التربييية بأنهييا بمثابيية علييم" يييدرس التييأثيرات االجتماعييية التييي‬
‫تييؤثر فييي املسييتقبل الدراهيياي لنف يراد كمييا هييو الشييأن بالنسييبة لتنظيييم املنظوميية املدرسييية‪،‬‬
‫وميكانيزم ييات التوجي ييه‪ ،‬واملس ييتوى السوس يييوثقافي ألس يير املتمدرس ييين‪ ،‬وتوقع ييات املدرس ييين‬
‫واآلباء‪ ،‬وإدماج املعايير والقيم االجتماعية من قبل التالميذ‪ ،‬ومخرجات األنظمة التربوية‪"8.‬‬
‫وسنيياء علييى مييا سييبق‪ ،‬يقصييد بسوسيييولوجيا التربييية ذلييك الحقييل املعرفييي الييذي يسييتعين بعلييم‬
‫االجتميياع فييي دراسيية القضييايا التربويية فييي عالقيية بمختلييف املؤسسييات املجتمعييية األخييرى علييى‬
‫أس يياس أن املؤسس يية التعليمي يية مجتم ييع مص ييغر يعك ييس‪ ،‬ف ييي ج ييوهره ‪ ،‬مختل ييف التناقض ييات‬
‫ُ‬
‫الجدليي يية التي ييي يتضي ييمنها املجتمي ييع األكلي يير‪ .‬وأهي ييم مي ييا تعني ييى بي ييه سوسي يييولوجيا التربيي يية دراسي يية‬
‫املؤسسة التعليمية بتحديد دورها في بناء املجتميع سيواء أكيان ذليك علير التكيييف االنيدماجي‬
‫أم عل يير عملي ييات التغيي يير‪ .‬أو ييف إل ييى ذل ييك أنه ييا ته ييتم بفه ييم املدرس يية باعتباره ييا بني يية‪ ،‬ودالل يية‪،‬‬
‫ومقص ي ييدية‪.‬أي‪ :‬ترص ي ييد دوره ي ييا ف ي ييي التغيي ي يير االجتم ي يياعي‪ .‬كم ي ييا ته ي ييتم بتبي ي ييان مختل ي ييف وظائفه ي ييا‬
‫وأدواره ييا‪ ،‬واستكش يياف عالق يية املدرس يية باألس ييرة والسياس يية واالقتص يياد‪ ،‬ووص ييف مختل ييف‬
‫الص ي يراعات الطبقيي يية واالجتماعيي يية التي ييي تمي ييا بهي ييا املؤسسي يية التعليميي يية‪ ،‬والتركيي ييز علي ييى أهي ييم‬
‫الفيياعلين فييي تحريييك هييذه املؤسسيية التربوييية‪ ،‬و تفسييير دور املدرسيية فييي املجتمييع الليلرالييي ميين‬
‫حيث تحقيقها لفرص النجاح والفشل‪ ،‬وعالقة ذلك باألصول الطبقية واالجتماعية‪.‬‬
‫وهك ييذا‪ ،‬اس ييتفاد الت ييدريس كثي يرا م يين املقارس يية السوس يييولوجية ف ييي دراس يية الفش ييل الدراه يياي‪،‬‬
‫وافتح يياص املنظوم يية التربوي يية فييي مختلييف مس ييتوياتها وأبعادهييا بعييد أن ارتبط ييت ملييدة طويل يية‬
‫ُ‬
‫باملقارس ي يية الس ي يييكولوجية الت ي ييي كان ي ييت تعن ي ييى بدراس ي يية الظ ي ييواهر الفردي ي يية يك ي ييالنمو‪ ،‬وال ي ييذكاء‪،‬‬
‫والذاكرة‪ ،‬والتعلم‪...‬‬

‫‪ -7‬أحمد أوزي‪ :‬العجم الوسوعي لعلوم التربية‪ ،‬ص‪.333:‬‬


‫‪ -8‬عبد الكريم غريب‪ :‬النهل التربوي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.036:‬‬
‫‪12‬‬
‫َ‬
‫إذا‪ ،‬يقصد بعلم االجتماع التربوي ‪ ،‬أو سوسيولوجيا التربية‪ ،‬ذلك العلم الذي ُيعنى بفهم‬
‫سلوك الطفل داخل املؤسسة التربوية في عالقة ببي ته االجتماعية بتأويل هذا السلوك‬
‫وتوصيفه وتفسيره والتنبؤ به وتطويعه‪ .‬ويساعد هذا العلم الحديث على القيام بدراسات‬
‫وأبحاث تركز على التنظيم التربوي من جهة‪ ،‬واستكشاف الظواهر التربوية من جهة أخرى‪.‬‬
‫بمعنى أن منهجية علم االجتماع التربوي متعددة الخطوات ‪ ،‬فهي تقوم على الفهم‪،‬‬
‫والتوصيف‪ ،‬والتصنيف‪ ،‬والتفسير‪ ،‬والتأويل‪ ،‬والتحكم‪ ،‬واالستشراف‪ ،‬والتطويع‪...‬ويعني‬
‫هذا كله التركيز على املدرسة‪ ،‬واستكشاف دورها املهم في إدماج الطفل داخل املجتمع ‪،‬‬
‫وتحديد الوظائف التي تقوم بها من أجل التنش ة االجتماعية‪ ،‬ورصد مختلف التفاعالت‬
‫املوجودة بين املؤسسة الترسوية واملحي االجتماعي‪ ،‬وتبيان نوع التفاعل والتواصل املوجود‬
‫بين املتعلم وساقي العناصر التي تتحكم في املؤسسة التعليمية من جميع الجوانب‪.‬‬

‫ثانيا‪،‬أهمية سوسيولوجيا التربية‪:‬‬


‫ميين املعلييوم أن لسوسيييولوجيا التربييية أهمييية كلييرى فييي فهييم األنظميية التربوييية وتفسيييرها‪.‬فهي ‪-‬‬
‫أوال ‪ -‬تتج يياوز املقارس يية الس يييكولوجية الت ييي ته ييتم بدراس يية الظ ييواهر الفردي يية لته ييتم ب ييالظواهر‬
‫االجتماعية‪.‬ويعني هذا أنها تنشر نوعا من اليوعي االجتمياعي فيي مقارسية الظيواهر التربويية‪ .‬كميا‬
‫تؤكييد سوسيييولوجيا التربييية مييدى ارتبييا التربييية بالسياسيية واملجتمييع واالقتصيياد ميين جهيية‪.‬‬
‫ومي يين جهي يية أخي ييرى‪ ،‬تستكشي ييف مي ييدى تغلغي ييل االجتمي يياعي والسياهي يياي في ييي املنظومي يية التربويي يية‪،‬‬
‫باإلش ي ييارة إل ي ييى أن املدرس ي يية ليس ي ييت مؤسس ي يية محاي ي ييدة‪ ،‬ب ي ييل تخض ي ييع للتوجه ي ييات السياس ي ييية‪،‬‬
‫والحزسية‪ ،‬والنقابية‪ ،‬واإليديولوجيية‪ .‬وتهيدف هيذه السوسييولوجيا إليى التقلييل مين مسيؤولية‬
‫األف يراد س يييما ف ييي مج ييال الفش ييل الدراه يياي لتحم ييل املجتم ييع وسنيات ييه نت ييائظ ذل ييك‪ .‬وال نن يياى أن‬
‫سوسيييولوجيا التربييية تهييتم بالتشييديد علييى دور املدرسيية فييي تغيييير املجتمييع‪ ،‬وتحقيييق التنمييية‬
‫البشي ييرية املسي ييتدامة‪ ،‬وتأهيي ييل االقتصي يياد‪ ،‬وتط ي ييوير املجتمي ييع‪ ،‬وتحقيي ييق التقي ييدم واالزده ي ييار‪،‬‬
‫وتحقيق الديمقراطية واملساواة والعدالة االجتماعية‪ ،‬والقضاء على األميية‪.‬ومن هنيا‪ ،‬أصيبح‬

‫‪13‬‬
‫التعل ي يييم مش ي ييروعا مجتمعي ي ييا كبي ي ييرا ف ي ييي مج ي ييال التن ي ييافس ب ي ييين األم ي ييم س ي يييما ف ي ييي زم ي يين العومل ي يية‬
‫واملعلومات الرقمية‪.‬‬
‫ثالثا‪ ،‬عالقة علم االجتماع التربوي بعلم االجتماع العام‪:‬‬
‫يعييد علييم االجتميياع التربييوي فرعييا ميين فييروع علييم االجتميياع العييام‪ ،‬وميييدانا ميين أهييم ميادينييه‬
‫امليكييرو مجتمعييية نظيرا لعالقيية املدرسيية بيياملجتمع والتنمييية والتخلييف علييى السييواء‪ .‬وأكثيير ميين‬
‫ه ييذا فثم يية ت ييأثير وت ييأثر متب ييادل ب ييين ه ييذين العلم ييين إذ يش ييتغل عل ييم االجتم يياع الترب ييوي عل ييى‬
‫التصورات االجتماعية واملقارسات املنهجية والتطبيقية التي يرتكن إلوها عليم االجتمياع العيام‪.‬‬
‫وفيي الوقيت نفسيه‪ ،‬يسيتفيد عليم االجتمياع العيام مين قضيايا عليم االجتمياع التربيوي‪ ،‬ونتائجييه‬
‫املختلرية وامليدانية والتحليلية‪.‬‬

‫كم ي ييا يس ي ييتفيد عل ي ييم االجتم ي يياع الترب ي ييوي م ي يين معظ ي ييم النظري ي ييات واملقارس ي ييات الت ي ييي اعتم ي ييدتها‬
‫السوسيييولوجيا العاميية‪ ،‬مثييل‪ :‬املادييية التاريخييية (كييارل ميياركس)‪ ،‬والبنيوييية (لييوي ألتوسييير)‪،‬‬
‫والبنيوية الوظيفية (بارسنز وميرتون)‪ ،‬والنسقية (كومبس‪ ،‬وسودون‪ ،‬وفالو)‪...‬‬

‫ومي يين جهي يية أخي ييرى‪ ،‬يسي ييتعمل هي ييذا العلي ييم األدوات واملفي يياهيم نفسي ييها التي ييي يسي ييتخدمها علي ييم‬
‫االجتم يياع الع ييام‪ ،‬وين يياق املوو ييوعات والقض ييايا الت ييي يناقش ييها عل ييم االجتم يياع الع ييام‪ ،‬مث ييل‪:‬‬
‫عالقيية النظييام التربييوي بيياملجتمع الكلييي‪ .‬وميين ثييم‪ ،‬التكتفييي سوسيييولوجيا املدرسيية باملقارسيية‬
‫امليكرو‪ -‬مجتمعية على أساس أن املدرسة مجتمع مصغر بل تتعدى ذلك إليى التعاميل معهيا‬
‫و ي ييمن املقارسي ي يية املي ي يياكرو‪ -‬سوس ي يييولوجيا بي ي ييالتوقف عني ي ييد عالق ي يية املؤسسي ي يية التربويي ي يية ببي ي يياقي‬
‫ُ‬
‫التنظيمييات املجتمعييية األخييرى‪ .‬والتعنييى فق ي بدراسيية املدرسيية أو املؤسسيية التربوييية فق ي ‪،‬‬
‫بييل تهييتم كييذلك بدراسيية املمارسييات التربوييية‪ ،‬واسييتجالء مختلييف العالقييات االجتماعييية التييي‬
‫تتحكم في تصرفات الفاعلين داخل املؤسسة التربوية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ويب ييدو أن لع ييم االجتم يياع الترب ييوي عالق يية وثيق يية ب ييالعلوم األخ ييرى ك ييالعلوم االجتماعي يية ( عل ييم‬
‫اليينفس‪ ،‬والتيياريق‪ ،‬واالقتصيياد‪ ،‬واألنتروسولوجيييا‪ ،‬والسياسيية)‪ ،‬والعلييوم اإلنسييانية (اللغييات‪،‬‬
‫والفلسي ييفة‪ ،‬والفني ييون‪ ،‬والي ييديانات)‪ ،‬والعلي ييوم التطبيقيي يية (الرياوي يييات‪ ،‬والفلي ييك والهندسي يية‪،‬‬
‫والطب‪ ،‬والتربية)‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬أسئل ــة سوسيولوجيا التربية وقضالاها‪:‬‬


‫طرحت سوسيولوجيا املدرسة‪ ،‬منذ ظهورها في أواخر القيرن التاسيع عشير املييالدي وسيدايات‬
‫القييرن العشييرين‪ ،‬عييدة أسي لة وقضييايا‪ ،‬مثييل‪ :‬سييؤال االنضييبا االجتميياعي أو دور املدرسيية فييي‬
‫ُ‬
‫التنش ي ة االجتماعي يية م ييع إمي ييل دور يك ييايم‪ .‬وبع ييد ذل ييك‪ ،‬ط يرح س ييؤال الالمس يياواة من ييذ س يينوات‬
‫ُ‬
‫الستين من القرن املاضاي مع بيير بورديو ‪ ،‬وكلود باسرون‪ ،‬وسريزنشتاين‪ ،‬وغيرهم‪...‬ثم‪ ،‬طيرح‬
‫ُ‬
‫سييؤال خيير هييو سييؤال العنييف وقليية األدب مييع إريييك ديبييارسيو(‪ .)Éric Debarbieux‬ثييم ط يرح‬
‫سيؤال يتعلييق بتصييرفات املييتعلم وسييلوكاته داخييل املدرسيية‪ ،‬وسييؤال عالقييات املدرسيية بأولييياء‬
‫األمييور‪ ،‬وسييؤال الهييدر املدرهيياي‪ ،‬وسييؤال الجييودة بعييد تعيياظم دور املدرسيية الكمييية‪ ،‬وسييؤال‬
‫بطال يية أا ييحاب الش ييهادت العلي ييا‪ ،‬وس ييؤال التك ييوين الترب ييوي‪ ،‬وس ييؤال املدرس يية ب ييين منط ييق‬
‫الطليب والعير ‪ ،‬وسيؤال املفاويلة واملقارنية بيين املدرسية العموميية واملدرسية الخصوصيية‪،‬‬
‫وسييؤال النجيياح واإلخفيياق املدرسيييين‪ ،‬وسييؤال التوجيييه التربييوي أو املدرهيياي أو امل ييي‪ ،‬وسييؤال‬
‫األقس ييام املشي ييتركة‪ ،‬وسي ييؤال العالقي ييات التفاعليي يية ب ييين املدرسي يية واملجتمي ييع كمي ييا يظهي يير ذلي ييك‬
‫واض ي ي ييحا عن ي ي ييد السوس ي ي يييولوجي األمريك ي ي ييي بارس ي ي ييونز (‪ ،)Parson‬وس ي ي ييؤال الغي ي ي ي وتس ي ي ييرسات‬
‫االمتحاني ييات‪ ،‬وسي ييؤال الكفي يياءة التعلميي يية والتعليميي يية واملهنيي يية‪ ،‬وسي ييؤال الكفي يياءة والتأهيي ييل‪،‬‬
‫وسؤال عالقة املدرسة بسوق الشغل‪...‬‬

‫ومي ي يين هني ي ييا‪ ،‬تنصي ي ييب سوسي ي يييولوجيا التربيي ي يية أو املدرسي ي يية علي ي ييى دراسي ي يية العالقي ي ييات التربويي ي يية‪،‬‬
‫واستكشاف األدوار التربويية‪ ،‬وتحدييد الجماعيات التربويية‪ ،‬لييس فيي بليد معيين بيل فيي العيالم‬

‫‪15‬‬
‫كل ييه‪ ،‬وف ييي مختل ييف املجتمع ييات القديم يية والحديث يية و ييمن ر ي يية علمي يية موو ييوعية‪ .‬بي ييد أن‬
‫املدرس ي يية باعتباره ي ييا مؤسس ي يية ترسوي ي يية اليمك ي يين دراس ي ييتها دراس ي يية مس ي ييتقلة ‪ ،‬ب ي ييل له ي ييا عالق ي يية‬
‫باملؤسس ييات األخ ييرى كمؤسس يية األس ييرة‪ ،‬ومؤسس يية االقتص يياد‪ ،‬ومؤسس يية ال ييدين‪ ،‬ومؤسس يية‬
‫اإلدارة‪ ،‬ومؤسسة السياسة‪...‬‬
‫ُ‬
‫وعليييه‪ ،‬تعنييى سوسيييولوجيا التربييية بوصييف النسييق التربييوي فييي عالقتييه بيياملجتمع‪ ،‬وت ييخي‬
‫مختلييف األدواء التييي يعيياني منهييا هييذا النسييق بإيجيياد الحلييول املمكنيية لح يل مختلييف املشيياكل‬
‫التي تطرحها التربية أو املؤسسية التعليميية‪ ،‬وتقيديم مقترحيات استشيرافية ملعالجية الظياهرة‬
‫التربوية في منظور املقترب السوسيولوجي‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬منهجية التعامل مع سوسيولوجيا التربية‪:‬‬


‫يمكن الحديث عن منهجين فيي دراسية الظيواهر التربويية‪ :‬مينها كميي ومينها كيفيي‪ .‬ويعنيي هيذا‬
‫أن ثم يية أبحاث ييا وكتب ييا ودراس ييات اعتم ييدت عل ييى املن ييا ا التجريبي يية‪ ،‬واملق يياييس املوو ييوعية‪،‬‬
‫واإلحص يياء السوس يييولوجي‪.‬أي‪ :‬تمثل ييت التحلي ييل التجري ييي القي يائم عل ييى اإلحس يياس باملش ييكلة‪،‬‬
‫وتك ييوين الفرو يييات‪ ،‬وتجري ييب املتغيي يرات املس ييتقلة والتابع يية‪ ،‬وتكي يرار االختب ييارات‪ ،‬وإص ييدار‬
‫القييانون‪ ،‬وتعميييم النظريييات‪ .‬ويعنييي هييذا أن علييم االجتميياع التربييوي قييد تعامييل مييع مووييوعات‬
‫النسي ييق التربي ييوي علي ييى أنهي ييا أشي ييياء ومي ييواد يمكي يين إخضي يياعها للدراسي يية العلميي يية املووي ييوعية‪،‬‬
‫باالعتم يياد عل ييى املالحظ يية التجريبي يية املنظمي ية القائم يية عل ييى املعاين يية املخلري يية‪ ،‬والبح ييث ع يين‬
‫العالق ي ييات االرتباطي ي يية ب ي ييين املتغي ي يرات املس ي ييتقلة والتابع ي يية اعتم ي ييادا عل ي ييى اإلحص ي يياء الوص ي ييفي‬
‫واإلحصيياء االسييتنتاجي‪ ،‬كمييا يتبييين ذلييك جليييا فييي املييدارس السوسيييولوجية األمريكييية‪ .‬ويعنييي‬
‫هذا أن سوسيولوجيا التربية أمريكية أكثر مميا يي بريطانيية وأملانيية بسيبب كثيرة الصيحف‬
‫ُ‬
‫واملجالت والدراسات والكتب واألبحاث واملختلرات التي تعنى بمشاكل علم االجتماع التربوي‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ول ي ييم يقتص ي يير البح ي ييث املوو ي ييوعي عل ي ييى التجري ي ييب فقي ي ي ‪ ،‬ب ي ييل يتع ي ييدى ذل ي ييك إل ي ييى الوص ي ييف‪،‬‬
‫والت ي ييخي ‪ ،‬واملقارن ي يية‪ .‬وق ي ييد ت ي ييم التركي ي ييز عل ي ييى العالق ي ييات التربوي ي يية‪ ،‬والجماع ي ييات التربوي ي يية‪،‬‬
‫واألدوار التربوي ي يية‪ ،‬ودراس ي يية املدرس ي يية ف ي ييي عالقته ي ييا ب ي يياملجتمع‪ ،‬واألس ي ييرة‪ ،‬وال ي ييدين‪ ،‬واألخ ي ييالق‪،‬‬
‫والسياسي ي يية‪ ،‬واالقتصي ي يياد‪ ،‬واإلدارة‪ ...‬مي ي يين خي ي ييالل التركيي ي ييز علي ي ييى البنيي ي يية (املدرسي ي يية البنيويي ي يية)‬
‫والوظيفيية (املدرسيية الوظيفييية)‪ .‬وفييي املقابييل‪ ،‬هنيياك دراسييات اعتمييدت علييى دراسيية الحاليية‪،‬‬
‫وتحليل املضمون‪ ،‬واالستمارة‪ ،‬واملقابلة‪ ،‬واملعايشة‪ ،‬واملالحظة‪...‬‬
‫َ‬
‫إذا‪ ،‬يتييأرع‪ ،‬علييم االجتميياع التربييوي بييين البعييد الييذاتي والبعييد العلمييي املووييوعي‪ .‬ويسييتند ‪-‬‬
‫منهجيا‪ -‬إلى الفهم‪ ،‬والت خي ‪ ،‬والتفسير‪ ،‬واليتأويل‪.‬‬

‫وخالص ــة الق ــول‪ ،‬تع ييد سوسيييولوجيا التربي يية ميين أه ييم الحقييول املعرفي يية التييي ته ييتم بالتربي يية‬
‫بصفة عامة‪ ،‬واملدرسة بصفة خاصة‪ .‬والسيما أن هيذا الحقيل املعرفيي ‪ -‬اليذي تيم اسيتحداثه‬
‫ف ييي ب ييدايات الق ييرن العش ييرين امل يييالدي‪ -‬ي ييدرس مختل ييف الظ ييواهر التربوي يية ف ييي و ييوء املقارس يية‬
‫االجتماعية باستكشاف مختليف العواميل االجتماعيية والسياسيية واالقتصيادية والتاريخيية‬
‫واالقتص ييادية الت ييي ت ييؤثر‪ ،‬بش ييكل م يين األش ييكال‪ ،‬ف ييي التربي يية والتعل يييم مع ييا فهم ييا وتفس يييرا م يين‬
‫جهة‪ ،‬أو نظرية وتطبيقا من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫تط ــورعلم االجتماع التربوي‬

‫‪18‬‬
‫من املعلوم أن علم االجتماع التربوي‪ ،‬أو سوسيولوجيا التربية‪ ،‬أو سوسيولوجيا املدرسة‪،‬‬
‫فرع من فروع علم االجتماع العام‪ .‬ويهتم هذا الفرع بدراسة عالقة املدرسة باملجتمع في‬
‫ووء مقترب سوسيولوجي علمي أو تفاعلي تفهمي‪ .‬ويعني هذا أن هذه السوسيولوجيا تقارب‬
‫التربية بصفة عامة‪ ،‬واملدرسة بصفة خاصة ‪ ،‬في سياقها الواق ي واالجتماعي‪ ،‬ووفق ظروفها‬
‫السياسية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬والتاريخية‪ ،‬والدينية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والحضارية‪ .‬فضال عن كونها‬
‫تهتم بدراسة املدرسة من الداخل باعتبارها نسقا بنيويا وظيفيا‪ ،‬تقوم بأدوار عدة من أجل‬
‫الحفاظ على نظام املؤسسة ‪ ،‬وتحقيق توازنها املطلوب‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تدرسها من‬
‫الخارج على أساس أن املدرسة قاطرة للتنمية املجتمعية املستدامة ‪.‬‬

‫وما يهمنا في هذا املوووع هو التوقف عند تطور علم االجتماع التربوي‪ ،‬أو سوسيولوجيا‬
‫التربية‪ ،‬أو سوسيولوجيا املدرسة‪ ،‬في العاملين‪ :‬الغربي والعربي بالدراسة‪ ،‬والتحليل‪،‬‬
‫والتوثيق‪.‬‬

‫أوال‪ ،‬تطــورسوسيولوجي ــا التربية الي الغ ــرب‪:‬‬


‫يمكن الحديث عن مجموعة من املراحيل التيي عرفتهيا سوسييولوجيا التربيية‪ ،‬ويمكين حصيرها‬
‫فييي مرحليية البداييية والتأسيييس التييي تمتييد حتييى حييدود الحييرب العاملييية الثانييية‪ ،‬ومرحليية التطييور‬
‫واالزدهار إبيان سينوات السيتين والسيبعين مين القيرن املاضياي‪ ،‬ومرحلي يية املراجعية والتجياوز‬
‫ما بين سينوات السيبعين والثميانين‪ ،‬واملرحلية السوسييولوجيا املعاصيرة إبيان سينوات‬
‫التسعين‪ ،‬ومرحلة األلفية الثالثة‪...‬‬

‫‪ /3‬مرحل ــة الريادة والتأسيس‪:‬‬


‫لم تظهر سوسيولوجيا التربيية إال فيي أواخير القيرن التاسيع عشير ميع إمييل دوركيايم اليذي يعيد‬
‫م يين ال ييرواد األوائ ييل ال ييذين اهتم ييوا بسوس يييولوجيا التربي يية من ييذ أواخ يير الق ييرن التاس ييع عش يير‬

‫‪19‬‬
‫عن ي ييدما ك ي ييان يحاو ي يير ف ي ييي جامع ي يية ب ي ييوردو و ي ييمن ال ي ييدروس البيداغوجي ي يية الت ي ييي ك ي ييان يق ي ييدمها‬
‫للمدرسييين‪.‬وقد اهييتم أيضييا بالتنشي ة االجتماعييية التييي تقييوم بهييا املدرسيية مين خييالل التسييا ل‬
‫عيين طريقيية تكييوين املجتمعييات لشييبابها‪ ،‬وتبيييان دور املدرسيية فييي املجتمييع‪ .‬بيييد أن محاو يراته‬
‫ُ‬
‫وكتاباته لم تجمع إال بعد موته‪.‬‬

‫ومي يين أهي ييم كتبي ييه‪ ،‬في ييي هي ييذا املجي ييال‪ ،‬كتي يياب (التربيـ ــة األخالقيـ ــة)‪ 9‬الي ييذي نشي يير مي ييا بي ييين سي يينتي‬
‫‪3622‬و‪3626‬م حييث تنيياول فييه بعييض املواوييع املتعلقيية بالتربيية ‪ ،‬مثييل‪ :‬علمانيية األخييالق‪،‬‬
‫وعناصيير األخييالق‪ ،‬وروح االنضييبا ‪ ،‬واالرتبييا بالجماعييات املجتمعييية‪ ،‬واسييتقاللية اإلرادة‪،‬‬
‫والتربي يية األخالقي يية عن ييد املتعلم ييين‪ ،‬واالنض ييبا املدره يياي‪ ،‬وس يييكولوجيا امل ييتعلم‪ ،‬والعقوس يية‬
‫املدرس ييية‪ ،‬والطف ييل والغير‪،‬وت ييأثيرات الوس ي الترب ييوي‪ ،‬وت ييدريس العل ييوم والثقاف يية الجمالي يية‬
‫والتعليم التاريخي على حد سواء‪.‬‬

‫ثييم أعقبييه كتيياب خيير هييو (التربيــة وعلــم االجتمــاع )‪ ، 10‬وقييد نشيير سيينة ‪3622‬م حيييث أورد‬
‫تعريفييات للتربييية فييي وييوء املقتييرب السوسيييولوجي بالتشييديد علييى الطييابع االجتميياعي للتربييية‪،‬‬
‫وتبيييان دور الدوليية فييي مجييال التربييية‪ ،‬والتركيييز علييى سييلطة التربييية ووسييائل العمييل‪ ،‬واسييتجالء‬
‫طبيعيية البيييداغوجيا ومنهجيتهييا‪ ،‬واملقارنيية بييين البيييداغوجيا والسوسيييولوجيا‪ ،‬ورصييد تطييور‬
‫التعليم الثانوي في فرنسا ودوره‪.‬‬

‫وعلييه‪ ،‬ييرى دوركيايم أن املدرسية تسييهم فيي التنشي ة االجتماعيية بنقييل قييم األجيداد إليى األبنيياء‬
‫واألحفاد‪ .‬كما تعمل على إدمياج األفيراد داخيل املجتميع الكبير‪.‬ويعنيي هيذا أن املدرسية مجتميع‬
‫مصييغر تكيييف املتعلمييين ليتييأقلموا مييع املحييي املجتم ييي وقيمييه وعاداتييه وقوانينييه وأعرافييه‬
‫وتشييريعاته‪ .‬وستعبييير خيير‪ ،‬للمدرسيية وظيفيية التبي يية االجتماعييية‪ ،‬وخلييق مييواطنيين صييالحين‬
‫قييادرين علييى التكيييف مييع املجتمييع الخييارجي‪ .‬لييذا‪ ،‬تقييوم التربييية األخالقييية بييدور مهيم فييي مجييال‬

‫‪9-Émile Durkheim,L'éducation morale, 1902-1903,PUF,nouv.éd.1963.‬‬

‫‪10 -‬‬ ‫‪Émile Durkheim, Éducation et sociologie, 1922. PUF, nouv.éd.1966.‬‬


‫‪20‬‬
‫التنش ي ة االجتماعي يية‪ ،‬وتطبي ييع امل ييتعلم اجتماعي ييا للتكي ييف م ييع الوو ييعيات املعط يياة‪ ،‬وتك ييوين‬
‫أشخاص مستقلين يحترمون ثقافة املجتمع العام‪...‬‬

‫وال نن يياى كتابييه اآلخيير (التطــورالايــدايوفي الــي فرنســا)‪ 11‬الييذي صييدر سيينة ‪3660‬م‪ ،‬ويهييتم‬
‫بالتطور التاريخي للممارسة البيداغوجية الفرنسية في عالقتها ببنيتها املجتمعية‪.‬‬

‫بي ي ييد أن عل ي ييي أس ي ييعد وطف ي يية وعل ي ييي جاس ي ييم الش ي ييهاب ي ي ييذهبان‪ ،‬ف ي ييي كتابهم ي ييا (عل ـ ــم االجتم ـ ــاع‬
‫الدرس ـ ي)‪ ،‬إلييى أن جييون ديييوي هييو رائييد علييم االجتميياع التربييوي بكتابييه (الدرس ــة والجتم ــع)‬
‫الذي نشره سنة ‪3066‬م‪ 12‬حيث ركز فيه على املبادىء التالية‪:‬‬

‫‪ ‬رس املدرسة باملجتمع‪.‬‬

‫‪ ‬التربية عملية حياتية ‪ ،‬وليست عملية إعداد للمستقبل‪.‬‬

‫‪ ‬االهتمام باملوووعات العملية واملهنية وسمبدإ الفعالية بصورة عامة‪.‬‬

‫‪ ‬العالقة بين الديمقراطية والتربية‪.13‬‬

‫ويقول الباحثان عن جون ديوي‪:‬‬

‫" لقييد شييكلت أعمييال جييون ديييوي(‪ (1859-1952))John Dewey‬املنطلييق األساهيياي لييوالدة‬
‫عل ييم االجتم يياع املدره يياي الح ييديث ف ييي نهاي يية الق ييرن العش ييرين‪ ،‬حي ييث تمك يين بعبقريت ييه التربوي يية‬
‫املعهييودة‪ ،‬فييي نسييق ميين أعمالييه املتييواترة‪ ،‬أن يؤسييس منهجييية علمييية رصييينة للبحييث فييي مجييال‬
‫املؤسسيية التربوييية‪.‬كان ديييوي أول ميين أسييس مدرسيية تجريبييية فييي عييام ‪ ،3063‬واسييتطاع عل ير‬
‫تجرسته هذه أن ينشر أعماال عظيمة فيي مجيال التربيية املدرسيية‪ ،‬حييث نشير كتابيه (عقيـدتي‬

‫‪11- Émile Durkheim: L'évolution pédagogique en France,Paris,PUF,nouv.édition 1969.‬‬

‫‪ - 12‬جون ديوي‪ :‬الدرسة والجتمع‪ ،‬ترجمة‪ :‬أحمد حسن الرحيم‪ ،‬دار مكتبة الحياة للطباعة والنشر‪ ،‬بغداد‪،‬‬
‫العراق‪ ،‬الطبعة الثانية ‪3630‬م‪.‬‬
‫‪ - 13‬جون ديوي‪ :‬الدرسة والجتمع‪،‬ص‪.22:‬‬
‫‪21‬‬
‫التربوية) عام ‪ ،))My Pedagogic Creed(3063‬ثم نشر كتابه املشهور (الدرسة والجتمع)‬
‫ع يام ‪ ،)The School and Society( 3066‬ويش ييار ف ييي ه ييذا الص ييدد إل ييى كتاب ييه املع ييروف‬
‫(الدلمقراطية والتربية) عام ‪3633‬م ( ‪Democracy and Education: an introduction to‬‬
‫‪14".)the philosophy of education‬‬

‫وبعييد هييذين الرائييدين‪ ،‬ظهييرت كتييب أخييرى هنييا وهنيياك تهييتم باملدرسيية فييي أبعادهييا املجتمعييية‪،‬‬
‫مثييل‪ :‬دراسيية ألفييرد بينيييه (‪ )A.Binet‬حييول البيييداغوجيا التجريبييية التييي تس ي ى إلييى ت ييخي‬
‫الفشيل الدراهيياي بووييع مقياييس الييذكاء‪ .‬وقييد اهيتم ألفييرد بينيييه‪ ،‬فيي كتابييه (األفكــارالعاصــرة‬
‫التجري ييي لإلخف يياق املدره يياي‪ ،‬ودراس يية الدوس يييمولوجيا ف ييي‬ ‫ح ــول األطف ــال)‪ ،15‬بالت ييخي‬
‫تقويم فعالية املقررات الدراسية‪...‬‬

‫ويمك يين الح ييديث أيض ييا ع يين مجموع يية م يين الدارس ييين والفالس ييفة والب يياحثين ال ييذين اهتم ييوا‬
‫بسوسيييولوجيا املدرسيية إمييا بشييكل صييريح‪ ،‬وإمييا بشييكل وييمني‪ ،‬أمثييال‪ :‬كـ ـارل مــاركس( ‪Karl‬‬
‫‪ )marx‬الـ ــي كتاب ـ ـ (رأس املي ييال)‪ ، 16‬ومـ ــاكس في ـ ــر(‪ )Max Weber‬الـ ــي كتاب ـ ـ (االقتصي يياد‬
‫واملجتميع)‪ ، 17‬وبـول اليـي(‪18)Paul Lapie‬الـي كتابـ (املدرسية واملجتميع)‪ ،‬وثورسـتالن فيالـ ح‬

‫‪ - 14‬علي أسعد وظفة وعلي جاسم الشهاب‪ :‬علم االجتماع الدرس ي‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪ ،‬ص‪.6-0:‬‬
‫‪15-A.Binet :Les idées modernes sur les enfants, Paris, Flammarion. Réédité en 1973 avec une préface‬‬

‫‪de Jean Piaget. 1919.‬‬


‫‪16-K.Marx : Le capital, M. Lachâtre (Paris) 1872.‬‬

‫‪17- Max Weber: Economie et société, introduction de Hinnerk Bruhns, traduction par Catherine‬‬

‫‪Colliot-Thélène et Françoise Laroche, La Découverte, 1998.‬‬


‫‪18- LAPIE. P., École et société, textes choisis, introduits et présesentés par Hervé Terral, Paris,‬‬

‫‪L’Harmattan, coll. "Logiques sociales", 2003.‬‬


‫‪22‬‬
‫(‪ 19(Thorstein veblen‬الــي كتابـ (التعليييم العييالي فييي أمريكييا)‪ ،‬ووالــر(‪ 20)Waller‬الــي كتابـ‬
‫(سوسيييولوجيا التييدريس)‪...‬وقييد امتييدت هييذه املرحليية إلييى غاييية سيينوات الخمسييين ميين القييرن‬
‫العشرين‪.‬‬

‫وبعييد الحييرب العاملييية الثانييية‪ ،‬تطييورت املؤسسيية التربوييية بتطييور النمييو الييديمغرافي وارتباطهييا‬
‫بالعوام ييل االقتص ييادية‪ ،‬واالجتماعي يية ‪ ،‬والسياس ييية‪ .‬وأض ييحت مش يياكل املؤسس يية التعليمي يية‬
‫متفاقم يية بتزاي ييد اإلقب ييال عل ييى املدرس يية‪ ،‬والسي ي ي إل ييى تقوي يية ه ييذه املؤسس يية ‪ ،‬والبح ييث ع يين‬
‫اسييتقالليتها املادييية‪ ،‬واملالييية‪ ،‬واملعنوييية‪ .‬وفييي الوقييت نفسييه‪ ،‬تطييورت سوسيييولوجيا املدرسيية‬
‫ُ‬
‫بش ييكل الف ييت لالنتب يياه بفض ييل تع ييدد مراك ييز البح ييث واملختلي يرات العلمي يية الت ييي تعن ييى بدراس يية‬
‫املدرسة في عالقتها باملحي املجتم ي‪ ،‬وقد نشرت الف من الكتب في هذا النطاق‪ ،‬وخاصية‬
‫ما كتبه كارل مانهايم (‪ ،21)Karl Manheim‬مثل‪( :‬السوسيولوجيا سياسة للتربية)‪...‬‬

‫بيييد أن علييم االجتميياع التربييوي لييه تيياريق خيير فييي الواليييات املتحييدة األمريكييية‪ ،‬فقييد اسييتخدم‬
‫مص ييطس‪ ،‬سوس يييولوجيا التربي يية (‪ ")Educational Sociology‬ألول م ييرة ف ييي كلي يية املعلم ييين‬
‫بجامعة كولومبيا بمدينة نيويورك في الواليات املتحدة األمريكية عام ‪3632‬م‪ ،‬باعتباره علما‬
‫ُييدرس فييي املعاهييد العليييا علييى يييد اللروفسييور هنييري سييوزالو (‪ ، )Henry Sozzallo‬واسييتخدم‬
‫هييذا املصييطس‪ ،‬فيمييا بعييد هييذا التيياريق علمييا مسييتقال‪ ،‬ومييا أن جيياء عييام ‪3632‬م وصييار هنيياك‬
‫حوالي ست عشرة جامعة أمريكية تدرس ميواد بعنيوان عليم االجتمياع التربيوي‪ ،‬وفيي حيين كيان‬
‫هن يياك ح ييوالي س ييتين جامع يية ف ييي أمريك ييا ت ييدرس عل ييم االجتم يياع الع ييام وفروع ييه املختلف يية (غي يير‬
‫التربوي)‪.‬‬
‫‪19-‬‬ ‫‪VEBLEN T. [1918] The Higher Learning in America. A Memorandum on the Conduct of‬‬
‫‪Universities by Business Men, Stanford, Academic Reprints.1954.‬‬
‫‪20- Waller W.: The Sociology of Teaching, New York, Russel & Russel, 1932.‬‬

‫‪21‬‬‫‪- Karl Mannheim,Sociology as Political Education. (Edited and translated, with Colin Loader).‬‬
‫‪New Brunswick: Transaction Publishers 2001.‬‬
‫‪23‬‬
‫ومييا أن جيياء عييام ‪3666‬م حتييى تييم تأسيييس وتنظيييم الجمعييية الوطنييية لدراسيية علييم االجتميياع‬
‫التربييوي‪ ،‬وقامييت هييذه الجمعييية بنشيير ثالثيية كتييب سيينوية خييالل األعييوام ‪3663-3666‬م‪ ،‬ثييم‬
‫توقفييت هييذه النشيرات عيين الصييدور ألن نشييرة أخييرى أسسييها اللروفسييور بييين (‪)E.G.Payne‬‬
‫عام ‪3620‬م‪ ،‬أصبحت ي النشرة الرسمية لسجمعية بعد ذلك‪.‬‬

‫ومع مرور األيام ‪ ،‬صار علماء االجتماع املهتمون بالتربية يلتقون فيي اجتماعيات سينوية باسيم‬
‫فرع علم االجتماع التربوي لسجميعة األمريكية لعلم االجتماع‪.‬‬

‫و يك يان تييدريس علييم االجتميياع التربييوي يتييأرع‪ ،‬بييين االزدهييار والتراجييع‪ ،‬وذلييك السييتبدال بعييض‬
‫املؤسس ييات التربوي يية م يين كلي ييات التربي يية ومعاه ييد املعلم ييين ت ييدريس م ييواد اجتماعي يية بأس ييماء‬
‫أخرى بدال من اسم علم االجتماع التربوي‪.‬وعلى الرغم من ذلك استمر تدريس هذا العلم فيي‬
‫املعاهيد العلييا والجامعيات‪ ،‬وصييارت تعطي بهيذا العليم الييدرجات العلميية العلييا فيي املاجسييتير‬
‫والدكتوراه‪ ،‬واليزال عليم االجتمياع التربيوي ييدرس فيي الجامعيات األمريكيية واألوروسيية‪ ،‬ولكين‬
‫دخوله لسجامعات العرسية جاء متأخرا‪22".‬‬

‫ويعن ييي ه ييذا كل ييه أن سوس يييولوجيا التربي يية ق ييد ظه ييرت ‪ -‬أوال‪ -‬ف ييي الوالي ييات املتح ييدة األمريكي يية‪،‬‬
‫ففرنسا ثانيا‪ ،‬ثم انتقلت إلى باقي البلدان األخرى‪.‬‬

‫‪ /2‬مرحل ــة التط ــور واالزده ــار‪:‬‬


‫لم تعرف سوسيولوجيا التربية تطورها الحقيقي إال في سنوات الستين من القرن املاضاي إذ‬
‫كانت هذه الفترة مرحلة التطور واالزدهار العلمي واملنهجي لهذه السوسيولوجيا مع مجموعة‬
‫من الباحثين ‪ ،‬أمثال‪ :‬الفرنسيين‪ :‬بيير بورديو)‪ ،23(Pierre Bourdieu‬وكلود باسرون‪(Jean-‬‬

‫‪ - 22‬إبراهيم ناصر‪ :‬علم االجتماع التربوي‪ ،‬دار الجيل بيروت‪ ،‬لبنان مكتبة الرائد العلمية عمان األردن‪ ،،‬ب‪.‬ت‪،‬‬
‫ص‪.0-3:‬‬
‫‪23- Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron,Les héritiers : les étudiants et la culture, Paris, Les‬‬

‫‪Éditions de Minuit, coll. « Grands documents » (no 18), 1964, 183 p.‬‬
‫‪24‬‬
‫)‪ ،24Claude Passeron‬ورايمون بودون)‪ ،25(Raymond Boudon‬وإستابليت‪(Roger 26‬‬
‫واللريطاني‬ ‫‪27)Christian‬‬ ‫بودلو(‪Baudelot‬‬ ‫وكريستيان‬ ‫)‪،Establet‬‬
‫بيرنشتاين)‪ 28(Bernstein‬واألمريكيين‪ :‬باولز (‪ ،29)Bowles‬وجينتيس(‪...30)Gintis‬‬

‫ويمكيين القييول ‪:‬إن بيييير بورديييو وكلييود باسييرون همييا اللييذان أعطيييا والدة ثانييية لسوسيييولوجيا‬
‫التربية‪ ،‬وقد انطلقا من فروية سوسيولوجية أساسية ي‪:‬‬

‫اليملك املتعلمون الحظوظ نفسها في تحقيق النجاح املدرهاي‪ .‬وقيد ترتيب عين هيذا االخيتالف‬
‫في الحظوظ تنوع طبقي ومجتم ي‪ ،‬ووجود فوارق فردية داخل الفصل الدراهاي نفسيه‪ .‬ومين‬
‫ثييم‪ ،‬فقييد قييادت األبحيياث السوسيييولوجية واإلحصييائية التييي أجراهييا كييل ميين بورديييو وساسييرون‬
‫إلى اسيتنتاج أساهياي هيو أن الثقافية التيي يتلقاهيا امليتعلم‪ ،‬فيي املدرسية الفرنسيية الرأسيمالية‪،‬‬
‫ليس ييت ثقاف يية موو ييوعية ومحاي ييدة ب ييل ييي تعبي يير ع يين الثقاف يية املهيمن يية أو ثقاف يية الطبق يية‬
‫الحاكميية‪ .‬وليسييت التنش ي ة االجتماعييية تحري يرا للمييتعلم‪ ،‬بييل إدماجييا لييه فييي املجتمييع فييي إطييار‬
‫ثقاف ي يية التواف ي ييق والتطبي ي ييع واالنض ي ييبا املجتم ي ييي‪.‬ومن ث ي ييم‪ ،‬تعي ي ييد لن ي ييا املدرس ي يية الطبق ي ييات‬

‫‪24-Pierre‬‬ ‫‪Bourdieu et Jean-Claude Passeron,Les héritiers : les étudiants et la culture, Paris, Les‬‬
‫‪Éditions de Minuit, coll. « Grands documents » (no 18), 1964, 183 p.‬‬
‫‪25-Raymond Boudon:L'inégalité des chances, Paris, Armand Colin, 1973 (publication poche :‬‬

‫‪Hachette, Pluriel, 1985).‬‬


‫‪26-Roger Establet et Christian Baudelot, L'école capitaliste en France, Paris, Maspero, 1971.‬‬

‫‪27- Roger Establet et Christian Baudelot,L'école capitaliste en France, Paris, Maspero, 1971.‬‬

‫‪28- Bernstein B., Class, codes and control, London, Routledge & Kegan Paul, 3 vol., 1971-1975.‬‬

‫‪29- Bowles S., Gintis H., Schooling in Capitalist America, New York, Basic Books, 1976.‬‬

‫‪30- Bowles S., Gintis H., Schooling in Capitalist America, New York, Basic Books, 1976.‬‬

‫‪25‬‬
‫االجتماعيي يية نفسي ييها ع ي يين طري ي ييق االصي ييطفاء‪ ،‬واالنتق ي يياء‪ ،‬واالنتخاب‪.‬وسالتي ييالي‪ ،‬فهي ييي مدرس ي يية‬
‫الالمساواة االجتماعية بامتياز‪.‬‬

‫ويعنييي هييذا كلييه أن سوسيييولوجيا التربييية النقدييية قييد عرفييت ُمنحنييى مهمييا فييي سيينوات السييتين‬
‫إلى غاية سنوات السبعين من القرن املاضاي‪ ،‬واتخذت بعدا علمييا أكثير مميا هيو سياهياي بعيد‬
‫أن توس ييعت اله ييوة ب ييين النظري يية والتطبي ييق‪ ،‬أو ب ييين املؤسس يية التربوي يية واملجتم ييع س يييما بع ييد‬
‫تحي ييول املدرسي يية الرأسي ييمالية إلي ييى فضي يياء للتطي يياحن والص ي يراعات االجتماعيي يية والطبقيي يية‪ ،‬أو‬
‫تحولها إلى مؤسسة تنعدم فوهيا العدالية الطبقيية‪ ،‬وتغييب فوهيا املسياواة عليى مسيتوى الفيرص‬
‫والحظييوظ حيييث الفشييل واإلخفيياق مييتل أبنيياء الطبقييات الشييعبية‪ .‬فييي حييين‪ ،‬يكييون النجيياح‬
‫حليييف أبنيياء الطبقييات الغنييية وأبنيياء الطبقيية الحكميية‪.‬أي‪ :‬أصييبحت مدرسيية فارقييية بامتييياز ‪،‬‬
‫أو تحولت إلى مدرسة لالنتقاء واالصطفاء الطبقي والتمييز االجتماعي‪.‬‬

‫ويعن ي ييي ه ي ييذا أن الس ي ييؤال ال ي ييذي رك ي ييزت علي ي ييه سوس ي يييولوجيا التربي ي يية‪ ،‬ف ي ييي س ي يينوات الس ي ييتين‬
‫والسييبعين‪ ،‬هييو سييؤال الالمسيياواة املدرسييية التييي تعكييس الالمسيياواة الطبقييية واالجتماعييية‪.‬‬
‫وتعكييس مييدى اخييتالف أبن يياء الطبقييات العمالييية عيين أبن يياء الطبق ييات املحظوطيية‪ ،‬واخ ييتالف‬
‫املسييتوى التعليمييي الطويييل الييذي يرتيياده أبنيياء الطبقييات املحظوظيية‪ ،‬والتعليييم القصييير الييذي‬
‫يكييون ميين حييء أبنيياء الطبقييات الييدنيا سيييما أبنيياء الطبقييات العمالييية وأبنيياء املهيياجرين ‪.‬لييذا‪،‬‬
‫يكيان التوجييه املارك يياي النقييدي الجديييد يغلييب علييى هييذه السوسيييولوجيا الص يراعية‪ .‬والييدليل‬
‫علييى ذلييك الثييورة العارميية علييى املدرسيية الرأسييمالية التييي كانييت مدرسيية طبقييية بامتييياز‪ ،‬كمييا‬
‫يتمث ييل ذل ييك بج ييالء ف ييي ث ييورة ‪3630‬م‪ .‬وك ييان الب ييديل ه ييو دمقرط يية التعل يييم‪ ،‬وتحقي ييق املس يياواة‬
‫االجتماعيي ي يية الشي ي يياملة‪ ،‬والحي ي ييد مي ي يين الفي ي ييوارق البيداغوجيي ي يية‪ ،‬والديدكتيكيي ي يية‪ ،‬والثقافيي ي يية‪،‬‬
‫والطبقي يية‪ ،‬واملجتمعي يية‪ .‬ث ييم‪ ،‬خل ييق مدرس يية موح ييدة تحق ييق النج يياح لجمي ييع املتعلم ييين ب ييدون‬
‫تمييز أو انتقاء أو اصطفاء‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ نقييد للدراسييات الكالسيييكية‬،‫ فييي الحقيقية‬،‫ إن دراسييات بييير بورديييو ييي‬:‫ يمكيين القييول‬،‫وعلييه‬
‫حيول سوسييولوجيا التربييية إذ اعتميدت عليى املقارسيية املاركسيية الجدييدة فييي دراسية املدرسيية‬
‫ واملدرسي يية الرأسي ييمالية بصي ييفة عامي يية بغيي يية ال ي يدفاع عي يين مشي ييروع‬،‫الفرنسي ييية بصي ييفة خاصي يية‬
.‫التعليم الديموقراطي‬

‫وم يين أه ييم الب يياحثين السوس يييولوجيين املعاص ييرين ال ييذين ترك ييوا بص ييمات واض ييحة ف ييي مج ييال‬
‫) ف ييي كتابوهم ييا‬Passeron(‫)وكل ييود باس ييرون‬P.Bourdieu ( ‫سوس يييولوجيا التربي يية ببي يير بوردي ييو‬
‫وكليود‬،33)‫ ورايمون بودون فيي كتابيه (الحظـو الالمتسـاوية‬32)‫ و(إعادة اإلنتاج‬،31)‫(الورثة‬
Basil ( ‫ واللريطاني بازيل بيرنشتاين‬،)‫ ) في كتابه(نظام األشياء‬Claude Grignon34(‫ڭرينيون‬
‫ ومحميد الشيرقاوي فيي مجموعية مين‬،35)‫) في كتابه (اللغة والطاقات االجتماعيـة‬Bernstein
‫ و(مفارقــات‬،37)‫و(تحــوالت النظــام التربــوي بفرنســا‬،36)‫ (سوســيولوجيا التربيــة‬:‫ مثييل‬،‫كتبييه‬
(‫) فييي كتابوهييا‬Viviane Isambert-Jamati( ‫ وفيفيييان إيزامبييير جميياتي‬38)‫النجــامل الدرس ـ ي‬

31 -Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron,Les héritiers : les étudiants et la culture, Paris, Les
Éditions de Minuit, coll. « Grands documents » (no 18), 1964, 183 p
32-Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron,La reproduction : Éléments d’une théorie du système

d’enseignement, Les Éditions de Minuit, coll. « Le sens commun », 1970, 284 p


33- Bodoun:L'inégalité des chances, Paris, Armand Colin, 1973 (publication poche : Hachette,

Pluriel, 1985).
34 -Claude Grignon :L’Ordre des choses,les fonctions sociales de l'enseignement technique,
Minuit, Paris, 1971
35 -Basil Bernstein, Langage et classes sociales – Codes socio-linguistiques et contrôle social,
Paris, Éditions de Minuit, 1975
36- Mohamed Cherkaoui: Sociologie de l'éducation, Que sais-je, PUF, 5 édition 1999.

37- Mohamed Cherkaoui :Les changements du système éducatif en France 1950-1980, PUF,
1982.
38- Mohamed Cherkaoui: Les paradoxes de la réussite scolaire, PUF, "L'éducateur", 1985 .

27
‫أزمات الجتمع وأزمـات التعلـيم)‪ ،39‬و(اإلصـالمل التربـوي الفرنيـ ي الـي التعلـيم األساسـ ي)‪،40‬‬
‫وجان ميشييل بيرتيليو (‪ )Jean-Michel Berthelot‬فيي كتابيه (الدرسـة‪ ،‬والتوجيـ ‪ ،‬والجتمـع)‬
‫‪ ،41‬وسودل ييو وإس ييتابليت(‪ )Baudelot et Establet‬ف ييي كتابهم ييا (الدرس ــة الرأس ــمالية ال ــي‬
‫‪ )Anne‬ف ي ييي كتابه ي ييا (الدرس ـ ــة ال ـ ــي مح ـ ـ‬ ‫‪Van‬‬ ‫فرس ـ ــا)‪ ،42‬و ن ف ي ييان هايش ي ييت(‪Haecht‬‬
‫السوسيولوجيا أو سوسيولوجيا التربية وتطوراتها)‪ ،43‬وماري دورو بيال وأنيس ڤان زانتيين‬
‫(‪ )Marie Duru-Bellat, Agnès Van Zanten‬في كتابهما (سوسيولوجيا الدرسة)‪...44‬‬

‫‪ /6‬مرحل ــة الراجعة والتجاوز‪:‬‬


‫ظهرت سوسيولوجيا ترسويية فيي الوالييات املتحيدة األمريكيية‪ ،‬فيي سينوات السيبعين مين القيرن‬
‫املاض ي يياي‪ ،‬تعتم ي ييد عل ي ييى ال ي ييتفهم أو املن ي ييا ا التأويلي ي يية واملقارس ي يية الهرمونيطيقي ي يية ذات املن ي ييى‬
‫الفينومينولي ييوجي واإلثني ييومنهجي‪ ،‬فركي ييزت ج ي ييل أعمالهي ييا وأبحا ه ي ييا النظري ي يية والتطبيقيي يية علي ييى‬
‫الظييواهر التربوييية امليكييرو‪ -‬مجتمعييية بييدل الظييواهر امليياكرو‪ -‬مجتمعييية‪ .‬وقييد جيياءت رد فعييل‬
‫عل ييى املقارس ييات املعياري يية والوظيفي يية واملاركس ييية الجدي ييدة‪ .‬ث ييم اعتم ييدت عل ييى اإلثنوغرافي ييا‪،‬‬

‫‪39-Viviane‬‬ ‫‪Isambert-Jamati:Crises de la société, crises de l'enseignement : sociologie de‬‬


‫‪l'enseignement secondaire français, Presses universitaires de France, coll. « Bibliothèque de‬‬
‫‪sociologie contemporaine », Paris, 1970‬‬
‫‪40- Viviane Isambert-Jamati: La Réforme de l'enseignement du français à l'école‬‬

‫‪élémentaire,Éditions du CNRS, coll. « Actions thématiques programmées : sciences humaines »,‬‬


‫‪Paris, 1977.‬‬
‫‪41-‬‬ ‫‪Jean-Michel‬‬ ‫‪Berthelot:‬‬ ‫‪École,‬‬ ‫‪orientation,‬‬ ‫‪société‬‬ ‫‪(Pédagogie‬‬
‫‪d'aujourd'hui),Paris,PUF,1993.‬‬
‫‪42- Baudelotet Roger Establet: L'école capitaliste en France, Paris, Éditions Maspero, 1971.‬‬

‫‪43-Anne Van Haecht:L'école à l'épreuve de la sociologie,Collection : Ouvertures sociologiques‬‬

‫‪,De Boeck Supérieur,Bruxelles, 2006.‬‬


‫‪44-Marie Duru-Bellat, Agnès Van Zanten:Sociologie de l'école, Collection :U, Cycles M et D,‬‬

‫‪UNIVERSITE,2012.‬‬
‫‪28‬‬
‫وعلم النفس االجتماعي‪ ،‬والتاريق‪ ،‬ونظريات التنش ة االجتماعيية‪ ،‬وكانيت البنيويية الوصيفية‬
‫مهيمني يية في ييي هي ييذه الدراسي ييات‪ .‬وقي ييد ركي ييزت هي ييذه السوسي يييولوجيا علي ييى أبنيي يية األدوار‪ ،‬ومصي ييير‬
‫املدرسة‪ ،‬واملنا ا التربوية‪ ،‬وتطور املؤسسة التعليمية‪...‬‬

‫وبعييد النظييرة السييوداوية املتشييائمة إلييى املدرسيية الرأسييمالية‪ ،‬ظهييرت دراسييات ملجموعيية م ين‬
‫الب يياحثين متس ييمة بط ييابع التف ييا ل بع ييد النج يياح النس ي ي لننظم يية التربوي يية الغرسي يية‪ ،‬ووو ييوح‬
‫املعايير والقوانين كما يبدو ذلك جليا في كتابيات كيل مين ‪ :‬محميد الشيرقاوي(‪،45)Cherkaoui‬‬
‫وروتيير (‪ ،46)Rutter‬وهال يياي(‪ ،47)Halsey‬وكوملييان (‪ ،48)Coleman‬وشييوب ومييو ( ‪Chubb et‬‬
‫‪...49)Moe‬‬

‫‪ /2‬الرحل ــة السوسيولوجية العاصرة‪:‬‬


‫تمتييد املرحليية السوسيييولوجية املعاصييرة ميين سيينوات الثمييانين ميين القييرن املاضيياي حتييى أواخيير‬
‫سيينوات التسييعين إذ انصييب االهتمييام علييى املنييا ا الدراسييية ‪ ،‬وإعييادة النظيير فييي املحتويييات‬
‫واملقيررات الدراسييية‪ ،‬ورصيد تيياريق املعيارف‪ ،‬واالهتمييام باملؤسسيات التعليمييية مين جهيية أولييى‪،‬‬

‫‪45‬‬ ‫‪-Cherkaoui M., Les Paradoxes de la réussite scolaire, Sociologie comparée des systèmes‬‬
‫‪d’enseignement, Paris, PUF, 1979.‬‬
‫‪46-‬‬ ‫‪Rutter M.,Fifteen Thousand Hours, Secondary schools and their effects on children,‬‬
‫‪Cambridge, Harvard University Press, 1979.‬‬
‫‪47- Halsey A.H., Heath A.F., Ridge J.M., Origins and Destinations. Family, Class, and Education in‬‬

‫‪Modern Britain, Oxford, Clarendon Press, 1980.‬‬


‫‪48- Coleman J.S.,Equality and Achievement in Education, San Francisco,Westview Press, 1990.‬‬

‫‪49-‬‬ ‫‪Chubb J.E. et Moe T.M.,Politics, Markets and America’s Schools, Washington D.C., The‬‬
‫‪Brookings Institution, 1990.‬‬
‫‪29‬‬
‫والعناية بالطرائق البيداغوجية من جهة ثانية‪ ،‬والتركيز على املدرسين من جهة ثالثة‪ .‬ويعني‬
‫العملي يية الديدكتيكي يية أو العملييية التعليمي يية‪-‬التعلمي يية بوص ييفها‬ ‫هييذا كل ييه و ييرورة ت ييخي‬
‫وتحليلها وتقويمها بتحديد سلبياتها وإيجابياتها بعييدا عين التصيورات الذاتيية‪ ،‬و السياسيية‪،‬‬
‫واإليديولوجية‪.‬‬

‫وقي ييد عرفي ييت هي ييذه املرحلي يية مجموعي يية مي يين الكتابي ييات السوسي يييولوجية التي ييي ارتبط ي يت‬
‫بالتربيية واملدرسية عليى حيد سيواء‪ ،‬منهيا كتابيات البياحثين السويسيريين فيلييب بيرنيود‬
‫وكليوسياترا مونتانيدون (‪ )Philippe Perrenoud et Cléopâtre Montandon,‬الليذين كتبيا‬
‫مجموع يية م يين الدراس ييات واألبح يياث ع يين ص ييعوسات التواص ييل ب ييين املدرس ييين واآلب يياء ‪،‬‬
‫والس يييما املنح ييدرين م يين أص ييول ش ييعبية كم ييا يتض يي‪ ،‬ذل ييك جلي ييا ف ييي كتابهم ييا ( الح ــوار‬
‫السـ ــتحيل ب ـ ـ ح ا بـ ــاء والدرس ـ ـ ح)‪ .50‬ث ييم‪ ،‬ريجي ييين سي يييروتا (‪ )Régine Sirota‬ف ييي كتابهي ييا‬
‫(لوميــات الدرســة االبتدا يــة )‪ 51‬حيييث ركييزت الباحثيية علييى التصييرفات اليومييية للمييدرس فييي‬
‫عالقات ييه بتالمذت ييه (كث ييرة النظ يير‪ ،‬واالبتس ييامات‪ ،‬والته يياني‪ ،‬واألسي ي لة)‪ ،‬وعالق يية ذل ييك‬
‫بجذورهم االجتماعية‪.‬‬
‫أم ييا فرانسييوا دوبييي (‪ ،)François Dubet‬فق ييد اه يتم بحييياة تالميييذ التعل يييم الثييانوي‪ ،‬ورص ييد‬
‫معانيياتهم داخييل املدرسيية كمييا يتبييين ذلييك جليييا فييي كتابييه (تالميــذ الثــانوي) الييذي ألفييه سيينة‬
‫‪3663‬م‪ . 52‬ويص ييف الباح ييث ك ييذلك الحي يياة املدرس ييية الت ييي يعيش ييها املراه ييق داخ ييل املؤسس يية‬
‫التربوية‪ ،‬وخاصية فيي كتابيه( إلـى الدرسـة ‪ :‬سوسـيولوجيا التجربـة الدرسـية) اليذي ألفيه ميع‬

‫‪50-‬‬ ‫‪Philippe Perrenoud et Cléopâtre Montandon: Entre parents et enseignants, un dialogue‬‬


‫‪impossible, Berne, Peter Lang.1987.‬‬
‫‪51- Sirota R. (1988) :L'Ecole primaire au quotidien coll. Pédagogie d'aujourd'hui, ed. Presses‬‬

‫‪universitaires de France, 200 pages‬‬


‫‪52- François Dubet :Les Lycéens, Seuil,Paris, 1991.‬‬

‫‪30‬‬
‫دانيليو مارتيشيولي (‪ )Danilo Martuccelli‬سينة ‪3663‬م‪ .53‬ويركيز الباحثيان معيا عليى الفجيوة‬
‫املوج ييودة ب ييين ذاتي يية املراه ييق ذي األص ييول الش ييعبية وعملي يية التطبي ييع االجتم يياعي‪ ،‬ومس ييافة‬
‫التوتر التي توجد بين الحالتين‪ .‬أي‪ :‬بين الثقافة الشعبية للعائلة وثقافة املدرسة مما يخليق‬
‫نوعا من الفشل في االندماج وتحقيق النجاح‪.‬‬

‫وهن يياك ن ب ييارير (‪ )Anne Barrère‬ف ييي كتابه ييا (عم ــل تالمي ــذ الث ــانوي ) ال يذي نش ييرته س يينة‬
‫‪3663‬م‪ ،‬وقد تحدث الكتاب عن العمل املدرهاي في ووء سوسيولوجيا الشغل ‪.54‬‬

‫وثميية مجموعيية ميين البيياحثين الييذين عمقييوا إشييكال العمييل املدرهيياي‪ ،‬أمثييال‪ :‬إليزابيييت بييوتي‪،‬‬
‫وسرنيار شيارلو‪ ،‬وجيان إييف رو(ياي ( ‪(Elisabeth Bautier, Bernard Charlot et Jean-Yves‬‬
‫‪ ،)Rochex‬في كتابهم (الدرسةو العرفة الي الضواحيوي رها) ‪ ،‬وقد نشر سنة‪3662‬م‪...55‬‬

‫‪/5‬مرحل ــة األلفي ــة الثالث ــة‪:‬‬


‫لقييد أصييبحت املدرسيية ‪ ،‬فييي سيينوات األلفييية الثالثيية‪ ،‬ظيياهرة مركبيية ومعقييدة‪ ،‬وميين الييالزم أن‬
‫تقي ييوم بي ييأدوار أخي ييرى غيي يير األدوار التي ييي كاني ييت تقي ييوم بهي ييا سي ييابقا‪ .‬فباإلوي ييافة إلي ييى دور اإلدمي يياج‬
‫والتنش ي ة االجتماعي يية‪ ،‬وتق ييديم ثقاف يية موح ييدة ومعمم يية‪ ،‬أص ييبح ه ييم املدرس يية األس يياس ه ييو‬
‫تأهيييل املتعلمييين تييأهيال جيييدا للتوافييق مييع قييانون الطلييب والعيير الييذي تسييتوجبه السييوق‬
‫الرأسي ييمالية بتطي ييوير كفي يياءاتهم املهنيي يية واألدائيي يية واإلنجازيي يية ‪ ،‬وتنميي يية مهي يياراتهم التطبيقيي يية‬

‫‪53-‬‬ ‫‪François Dubet : À l'école. Sociologie de l'expérience scolaire avec Danilo Martuccelli, Seuil,‬‬
‫‪1996.‬‬
‫)‪54 - Anne Barrère, Les lycéens au travail, Paris, PUF, 1997 (262 pages‬‬

‫‪55-Charlot Bernard, Bautier Elisabeth, Rochex Jean-Yves :Ecole et savoir dans les banlieues... et‬‬

‫‪ailleurs.Éd. Armand Colin Coll. Formation des enseignants. 1993.‬‬

‫‪31‬‬
‫لالنييدماج فييي سييوق الشييغل بخلييق مجموعيية ميين الووييعيات املشييكالت إليجيياد حلييول مناسييبة‬
‫له ييا‪ .‬ويعن ييي ه ييذا أن ال ييتعلم بالوو ييعيات ه ييو الش ياغل األس يياس للبي ييداغوجيا املعاص ييرة‪ ،‬وق ييد‬
‫أص ي ييبح االهتم ي ييام منص ي ييبا عل ي ييى بي ي ييداغوجيا الكفاي ي ييات‪ ،‬واألخ ي ييذ بالش ي ييهادات الكفائي ي يية ب ي ييدل‬
‫الشييهادات املعرفييية النظري ية‪ .‬عييالوة علييى االهتمييام بييالتكوين امل ييي واالحترافييي‪ .‬ويعنييي هييذا أن‬
‫وظيفيية املدرسيية الرئيسييية ييي وظيفيية التكييوين والتأهيييل والتمهييير‪ ،‬وخلييق الكفيياءات املتمكنيية‬
‫القادرة على التأقلم مع الووعيات الحياتية املعقدة والصعبة‪.‬‬

‫وعل ييى " امت ييداد الق ييرن العش ييرين تفج ييرت ين ييابيع البح ييث السوس يييولوجي ف ييي مج ييال املدرس يية‬
‫واملؤسسي ييات األخي ييرى التربويي يية‪ ،‬وجي يياء حصي يياد هي ييذه األعمي ييال بلي ييورة لعلي ييم االجتمي يياع املدرهي يياي‬
‫بوصي ي ييفه الني ي ييواة الحقيقيي ي يية لعلي ي ييم االجتمي ي يياع التربوي‪.‬لقي ي ييد تقي ي يياطرت الدراسي ي ييات واألبحي ي يياث‬
‫السوسيييولوجية فييي ميييدان املدرسيية واملؤسسييات املدرسييية وشييكلت نتائجهييا نظامييا متماسييكا‬
‫مي يين املق ي يوالت واملفي يياهيم والنظريي ييات السوسي يييولوجية ومني ييا ا البحي ييث التي ييي تؤسي ييس لعلي ييم‬
‫اجتمي يياع خي يياص هي ييو علي ييم االجتمي يياع املدرهي يياي‪ .‬وهني يياك الف مؤلفي يية مي يين الكتي ييب والدراسي ييات‬
‫واألبحي يياث املكثفي يية التي ييي عالجي ييت جواني ييب الحيي يياة املدرسي ييية بتفاعالتهي ييا وأنظمتهي ييا الداخليي يية‬
‫وقضاياها التربوية واالجتماعية‪56".‬‬

‫من هذا كله إلى أن سوسييولوجيا التربيية ‪ ،‬أو سوسييولوجيا املدرسية‪ ،‬قيد عرفيت‪،‬في‬ ‫ونخل‬
‫الغرب ‪ ،‬خمس مراحل كلرى ي‪:‬‬

‫‪‬مرحلة التأسيس من القرن التاسع عشر إلى سنوات الخمسين من القرن العشرين‬

‫‪‬مرحلة التطور واالزدهار مابين سنوات الستين والسبعين‬

‫‪‬مرحلة املراجعة والتجاوز ما بين السبعين والثمانين‬

‫‪ -56‬علي أسعد وطفة وعلي جاسم الشهاب‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.32-6:‬‬


‫‪32‬‬
‫‪‬مرحلة السوسيولوجيا املعاصرة في سنوات التسعين‬

‫‪ ‬مرحلة سنوات األلفية الثالثة‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬سوسيولوجيا التربية الي الوطن العربي‪:‬‬


‫ثمي يية مجموعي يية مي يين الكتي ييب ‪ ،‬علي ييى الصي ييعيد العربي ييي‪ ،‬التي ييي تناول ي يت سوسي يييولوجيا التربيي يية أو‬
‫املدرس يية إم ييا بش ييكل جزئ ييي‪ ،‬وإم ييا بش ييكل كل ييي ‪ .‬وم يين أه ييم ه ييذه الكت ييب كت يياب (دراسـ ــات الـ ــي‬
‫سوس ــيولوجيا التربي ــة) لعل ييي أس ييعد وطف يية وعب ييد ت ش ييمت املجي ييدل ‪،57‬و(عل ــم االجتم ــاع‬
‫الدرسـ ـ ي) لعل ييي أس ييعد وطف يية وعل ييي جاس ييم الش ييهاب‪ ،58‬و(التربي ــة واإللدلولوجي ــة) لش ييبل‬
‫ب ي ي ي ييدران‪ ،59‬وف ي ي ي ييايز م ي ي ي يراد دن ي ي ي ييد ف ي ي ي ييي كتاب ي ي ي ييه (عل ـ ـ ـ ــم اإلجتم ـ ـ ـ ــاع الترب ـ ـ ـ ــوي ب ـ ـ ـ ـ ح الت ـ ـ ـ ــأليف‬
‫والت ــدر س )‪،60‬وفادي يية عم يير الج ييوالني ف ييي كتابه ييا (عل ــم االجتم ــاع الترب ــوي)‪ ،61‬وحم ييدي عل ييي‬
‫أحمييد فييي كتابييه (مقدمــة الــي علــم اجتمــاع التربيــة)‪ ،62‬وعبييد السييميع السيييد أحمييد فييي كتابييه‬
‫(دراس ــات ال ــي عل ــم االجتم ــاع الترب ــوي)‪ ، 63‬وعل ييي الس يييد ال ييخي ي ف ييي كتاب ييه ( عل ــم اجتم ــاع‬
‫التربية العاصر)‪،64‬وعبد ت الرشدان في كتابه (علـم االجتمـاع التربـوي)‪ ،65‬وحسين حسيين‬

‫‪ -57‬أسعد وطفة وعبد ت شمت املجيدل ‪:‬دراسات الي سوسيولوجيا التربية‪ ،‬دار اإلعصار العلمي‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -58‬علي أسعد وطفة وعلي جاسم الشهاب‪ :‬علم االجتماع الدرس ي‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ -59‬شبل بدران‪:‬التربية واإللدلولوجية‪ ،‬النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‪3663‬م‪.‬‬
‫‪ - 60‬فايز مراد دند ‪ :‬علم اإلجتماع التربوي ب ح التأليف والتدر س‪،‬دار الوفاء لدنيا الطبع والنشر‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪-61‬فادية عمر الجوالني‪:‬علم االجتماع التربوي‪ ،‬مركز االسكندرية للكتاب‪ .‬طبعة ‪3663‬م‬

‫‪ -62‬حمدي علي أحمد‪ :‬مقدمة الي علم اجتماع التربية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ .‬طبعة ‪3663‬م‪.‬‬
‫‪ -63‬عبد السميع سيد أحمد‪ :‬دراسات الي علم االجتماع التربوي‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬طبعة‬
‫‪3666‬م‪.‬‬
‫‪ -64‬علي السيد ال خي ي‪ :‬علم اجتماع التربية العاصر‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫الببالوي في كتابه (اإلصـالمل التربـوي الـي العـالم الثالـث)‪ ،66‬وعبيد ت رشيدان فيي كتابيه (علـم‬
‫اجتمــاع التربيــة)‪ ،67‬وسييمية أحمييد السيييد فييي كتيياب (علــم اجتمــاع التربيــة)‪ ،‬وفرحييان حسيين‬
‫بييريق فييي كتابييه (الدرســة والجتمــع)‪ ،68‬ورنييده خليييل سييالم فييي كتابهييا(الدرســة والجتمــع)‪،69‬‬
‫وحسين أحميد الطعياني فيي كتابيه (مفـاهيم تربويــة‪ :‬الدرسـة والجتمـع)‪ ،70‬وإبيراهيم ناصير فييي‬
‫كتابه (علم االجتماع التربوي)‪...71‬إلخ‬

‫وم ي ي يين جه ي ي يية أخ ي ي ييرى‪ ،‬يمك ي ي يين الح ي ي ييديث ع ي ي يين مجموع ي ي يية م ي ي يين الكت ي ي ييب والدراس ي ي ييات املتعلق ي ي يية‬
‫بسوسي يييولوجيا التربيي يية أنجزهي ييا بي يياحثون مغارسي يية أمثي ييال‪ :‬محمي ييد عابي ييد الجي ييابري في ييي كتابيي ييه‬
‫مشـ ــكالتنا الفكريـ ــة‬ ‫(أضـ ــواء عكـ ــى مشـ ــكل التعلـ ــيم بـ ــالغرب‪( )72‬ورؤيـ ــة تقدميـ ــة لـ ــاع‬
‫والتربوية)‪ ، 73‬وخالد املير وإدريس قاسمي و خرون في كتابهم( أهميـة سوسـيولوجيا التربيـة‬
‫‪ ،‬والدرسة ووظا فها)‪ ،74‬والصديق الصادقي العماري في كتابه ( التربية والتنمية وتحدلات‬

‫‪ -65‬عبد ت الرشدان‪ :‬علم االجتماع التربوي‪ ،‬دار عمان للتوزيع والنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬طبعة ‪3603‬م‪.‬‬
‫‪ -66‬حسن حسين الببالوي‪ :‬اإلصالمل التربوي الي العالم الثالث‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬طبعة ‪3600‬م‪.‬‬
‫‪ -67‬عبد ت رشدان‪ :‬الي علم اجتماع التربية‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2220‬م‪.‬‬
‫‪ -68‬فرحان حسن بريق‪ :‬الدرسة والجتمع‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2232‬م‪.‬‬
‫‪ -69‬رنده خليل سالم‪ :‬الدرسة والجتمع‪،‬مكتبة املجتمع العربي‪ ،‬الطبعة األولى ‪2232‬م‪.‬‬
‫‪ -70‬حسن أحمد الطعاني ‪:‬مفاهيم تربوية‪ :‬الدرسة والجتمع‪ ،‬رؤية معاصرة‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2236‬م‪.‬‬
‫‪ - 71‬إبراهيم ناصر‪ :‬علم االجتماع التربوي‪ ،‬دار الجيل بيروت‪ ،‬لبنان ومكتبة الرائد العلمية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ -72‬محمد عابد الجابري‪ :‬أضواء عكى مشكل التعليم بالغرب ‪ ،‬دار النشر املغرسية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪3636‬م‪.‬‬

‫مشكالتنا الفكرية والتربوية‪،‬دار النشر املغرسية‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬ ‫‪ -73‬محمد عابد الجابري‪ :‬رؤية تقدمية لاع‬
‫املغرب‪3633 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -74‬خالد املير وإدريس قاسمي و خرون ‪:‬أهمية سوسيولوجيا التربية ‪ ،‬والدرسة ووظا فها‪ ،‬سلسلة التكوين‬
‫التربوي‪ ،‬العدد ‪ ،6‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية سنة ‪3663‬م‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫الســتقال‪ :‬مقاربــة سوســيولوجية)‪ ،75‬وعبييد النييور إدريييس (سوســيولوجيا التمالز‪:‬ظــاهرة‬
‫اله ـ ـ ـ ــدرالدراسـ ـ ـ ـ ـ ي ب ـ ـ ـ ــالغرب)‪،76‬وعب ي ي ي ييد الك ي ي ي ييريم غري ي ي ي ييب ف ي ي ي ييي (سوس ـ ـ ـ ــيولوجيا التربي ـ ـ ـ ــة)‬
‫‪77‬و(سوسيولوجيا الدرسة)‪ ،78‬ومحمد فاوسار في كتابه ( سوسيولوجيا التعليم بالوسـ‬
‫القروي)‪ ،79‬ومصطف محسن في كتبه (اإلطارالسوسيولوفي العـام للنظـام التربـوي)‪ 80‬و(‬
‫الــي الســألة التربويــة ‪ ،‬نحــو منظــورسوســيولوفي منفــت )‪ 81‬و( الخطــاب اإلصــاللي التربــوي‬
‫بـ ح أســئلة األزمــة وتحــدلات التحــول الحضــاري‪ ،‬رؤيــة سوســيولوجية نقدلــة‪ )82‬و(مدرسـة‬
‫السـ ــتقال)‪ 83‬و(رهانـ ــات تنمويـ ــة ‪ -‬رؤى سوسـ ــيوتربوية وثقافيـ ــة ونقدلـ ــة)‪ ، 84‬واملصي ييطف‬

‫‪ -75‬الصديق الصادقي العماري‪:‬التربية والتنمية وتحدلات الستقال‪ :‬مقاربة سوسيولوجية‪،‬مطبعة بلفقيه‪،‬‬


‫الرشيدية‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2236‬م‪.‬‬
‫‪ -76‬عبد النور إدريس‪ :‬سوسيولوجيا التمالز‪:‬ظاهرة الهدر الدراس ي بالغرب‪ ،‬دار دفاتر االختالف‪ ،‬مكناس‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2220‬م‪.‬‬
‫‪ -77‬عبد الكريم غريب‪ :‬سوسيولوجيا التربية‪ ،‬مطبعة دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ -78‬عبد الكريم غريب‪ :‬سوسيولوجيا الدرسة‪ ،‬مطبعة دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪ -79‬محمد فاوسار‪ :‬سوسيولوجيا التعليم بالوس القروي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -80‬مصطف محسن ‪:‬اإلطارالسوسيولوفي العام للنظام التربوي‪ ،‬سلسلة من أجل كتاب ترسوي نف اي واجتماعي‬
‫مغربي‪ ،‬منشورات مجلة التربية والتعليم‪ ،‬الرسا ‪ ،‬مسحق بالعدد‪ ،33‬الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪.‬‬
‫‪ -81‬مصطف محسن‪ :‬الي السألة التربوية ‪ ،‬نحو منظور سوسيولوفي منفت ‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪.‬‬
‫‪ -82‬مصطف محسن‪ :‬الخطاب اإلصاللي التربوي ب ح أسئلة األزمة وتحدلات التحول الحضاري‪ ،‬رؤية‬
‫سوسيولوجية نقدلة‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3666‬م‪.‬‬
‫‪ -83‬مصطف محسن‪ :‬مدرسة الستقال‪ ،‬رهاح اإلصالمل التربوي الي عالم متغ ر‪ ،‬منشورات الزمن‪ ،‬سلسلة‬
‫شرفات رقم ‪،23‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪ -84‬مصطف محسن‪:‬رهانات تنموية ‪ ،‬رؤى سوسيوتربوية وثقافية ونما ية‪ ،‬منشورات الزمن‪ ،‬سلسلة شرفات‬
‫رقم ‪،66‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫حديي يية في ييي كتابي ييه (الشـ ــااب‪ ،‬التربيـ ــة والتغي ـ ــراالجتمـ ــاعي)‪ ،85‬وجميي ييل حمي ييداوي في ييي كتابي ييه‬
‫(سوسيولوجيا التربية)‪ ،86‬وهلم جرا‪...‬‬

‫وخالصــة القــول‪ ،‬إذا كانييت سوسيييولوجيا التربييية ‪ ،‬فييي العييالم الغربييي‪ ،‬قييد حظيييت بدراسييات‬
‫ومؤلفات وكتب ومقاالت كثيرة ‪ ،‬و استندت إلى منهجيات مختلفية‪ ،‬وانيدرجت ويمن ميدارس‬
‫متنوعية‪ ،‬فمازالييت سوسييولوجيا التربييية ‪ ،‬فيي وطننييا العربيي‪ ،‬عالية علييى نظيرتهيا الغرسييية بتتبييع‬
‫خطواتهي ييا العلميي يية ‪ ،‬ودراسي يية املواوي يييع واملشي يياكل والقضي ييايا واملحي يياور نفسي ييها التي ييي ناقش ي يتها‬
‫سوس يييولوجيا التربي يية ف ييي الغ ييرب مي ين خ ييالل تمث ييل نظرياته ييا ومنا جه ييا وطرائقه ييا إم ييا بش ييكل‬
‫جزئي‪ ،‬وإما بشكل كلي ‪.‬‬

‫‪85-‬‬ ‫‪Elmostafa Haddiya:Jeunesse, éducation et changement social, Rabatnet, Rabat, Maroc,‬‬


‫‪1édition 2014.‬‬
‫‪ -86‬جميل حمداوي‪ :‬سوسيولوجيا التربية‪،‬مطبعة الخليظ العربي‪ ،‬تطوان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2230‬م‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫ممدخالت التربية‬

‫‪37‬‬
‫ته ييدف سوس يييولوجيا التربي يية إلي يى دراس يية النس ييق الترب ييوي والتعليم ييي ب ييالتركيز عل ييى اآللي ييات‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫املدرسييية كامليدخالت‪ ،‬و العمليييات ‪ ،‬واملخرجييات‪ .‬وتتمثييل املييدخالت فييي التالميييذ‪ ،‬واملدرسييين‪،‬‬
‫واملفتشييين‪ ،‬واإلدارة‪ ،‬وأولييياء التالميذيي‪ ،‬وغيرهييا ميين الفرقيياء املتعيياونين مييع املدرسيية‪ .‬وميين ثييم‪،‬‬
‫يتمي ييز تالمي ييذ املدرس يية عل ييى أس يياس أنه ييم س يياكنة املدرس يية بخص ييائ فيزيولوجي يية ونفس ييية‬
‫ُ‬
‫واجتماعية معينة‪ ،‬ويتم قبولهم ونجاحهم وفق شرو محدة بشكل قانوني ورسيمي ‪ .‬وتراعيى‬
‫ف ييوهم مجموع يية م يين الس ييمات كالس يين‪ ،‬والج يينس‪ ،‬واملس ييتوى الثق ييافي‪ ،‬واألص ييل االجتماعي‪.‬أم ييا‬
‫املدرس ييون واإلداري ييون واملفتش ييون‪ ،‬فيتمي ييزون ب يياملتغيرات املهني يية‪ ،‬والحرفي يية‪ ،‬والسياس ييية‪،‬‬
‫والنقابييية‪ ،‬مثييل‪ :‬مسييتوى التكييوين‪ ،‬وطريقيية التوظيييف‪ ،‬والووييعية داخييل البنييية املجتمعييية‪،‬‬
‫والتوجهات السياسية والنقابية‪.‬‬
‫ُ‬
‫إذا‪ ،‬يحت يياج النس ييق الترب ييوي والتعليم ييي املغرب ييي إل ييى ت ييدخل مجموع يية م يين الف يياعلين الترب ييويين‬
‫واالجتم يياعيين واالقتص يياديين م يين‪ :‬متمدرس ييين‪ ،‬ومدرس ييين‪ ،‬وإداري ييين‪ ،‬وم ييؤطرين ترس ييويين‪،‬‬
‫وجمي ييع ش ييركاء املؤسس يية س ييواء أ يك ييانوا ف يياعلين داخلي ييين ‪ ،‬كاألس ييرة‪ ،‬وجمعي يية ب يياء وأولي يياء‬
‫التالمييذ وأمهياتهم‪ ،‬أم فياعلين خيارجيين ‪ ،‬مثيل‪ :‬الجماعية املحليية‪ ،‬والشيركاء االقتصياديين أو‬
‫االجتماعيين‪ ،‬وكل الفعاليات اإلبداعية في املجتمع املدني‪...‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬يتضمن النسق التربوي املغربي مجموعة من الفاعلين الذين يسهمون في‬
‫إثراء الحياة املدرسية هم‪ :‬املتعلمون‪ ،‬واملدرسون‪ ،‬ورجال اإلدارة‪ ،‬واملشرفون التربويون‪،‬‬
‫وجمعية أولياء األمور‪ ،‬واملستشارون في التوجيه املدرهاي ‪ ،‬واملسحقون التربويون‪.‬‬

‫أوال‪ ،‬التعلموح‪:‬‬
‫إن املتمدرس‪ ،‬أو املتعلم‪ ،‬هو املحور األساس واملستهدف من كل عملية ترسوية أو تنظيمية‬
‫أو تنشيطية تشهدها الحياة املدرسية‪ .‬يجب أن يشارك مشاركة فعالة في مختلف هذه‬
‫األنشطة الصفية أو املوازية‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫ومن املعروف أن املتمدرس في التعليم االبتدائي أو في غيره من األسالك الدراسية‪ -‬مثال ‪-‬‬
‫يمر بمرحلة مهمة في حياته يحتاج إلى من يهتم به من الناحية السيكولوجية للتعرف إلى‬
‫أحواله النفسية ومساعدته ليتمكن من تجنب بعض االنحرافات السلوكية التي تحد من‬
‫فعاليته في الحياة املدرسية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ينبغي علينا أن نعده للمستقبل مستثمرين قدراته في‬
‫اإلنتاج النافع عن طريق انخراطه في مجالس املؤسسة وأنديتها الثقافية والتربوية حسب‬
‫رغباته وميوله ساعين دائما إلى زيادة قدراته" على العمل في شرو ميسرة المعسرة"‪87.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬يرتب املتعلم بمجموعة من الحقوق والواجبات التي ينبغي على الحياة املدرسية‬
‫أن تصونها في إطار دولة حقوق اإلنسان‪.‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬تساعد املتعلم على أداء‬
‫واجباته تجاه مؤسسته التربوية ومجتمعه وأمته‪.‬‬

‫‪‬حقوق التعلم‪:‬‬

‫يتمتع املتعلم‪ ،‬ومن قانون الحياة املدرسية‪ ،‬بمجموعة من الحقوق الطبيعة واملكتسبة‪،‬‬
‫ويمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪" /3‬الحق في التعلم واكتساب القيم واملعارف واملهارات التي تؤهله لالندماج في الحياة‬
‫العملية كلما استوفى الشرو والكفايات املطلوسة‬

‫‪ /2‬تمكينه من إبراز التميز بحسب مؤهالته‪ ،‬وقدراته‪ ،‬واجتهاداته‬

‫على ذلك‬ ‫‪ /6‬تمتيعه بالحقوق املصرح بها للطفل واملرأة واإلنسان بوجه عام ‪ .‬كما تن‬
‫املعاهدات واالتفاقات واملواثيق الدولية املصادق علوها من لدن اململكة املغرسية‬

‫‪ /2‬تمتيعه باملساواة وتكافؤ الفرص ذكرا كان أو أنثى طبقا ملا يكفله دستور اململكة‬

‫‪ /3‬االهتمام بمصالحه ومعالجة قضاياه التربوية واملساهمة في إيجاد الحلول املمكنة لها‬

‫‪ -87‬محمد مك اي‪ :‬الحياة الدرسية وإشكالية الحداثة والتطرف‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪2226‬م‪ ،‬ص‪.33:‬‬
‫‪39‬‬
‫‪ /3‬إشراكه بصورة فعالة في تدبير شؤون مؤسسته علر ممثليه من التالميذ‬

‫‪ /3‬تمكينه من املعلومات والوثائق املرتبطة بحياته املدرسية واإلدارية وفق التشريعات‬


‫املدرسية‬

‫‪ /0‬جعل اإلمكانات والوسائل املادية املتوفرة باملؤسسة في خدمته في إطار القوانين‬


‫التنظيمية املعمول بها‬

‫‪ /6‬ف ‪ ،‬املجال النخراطه في جمعيات وأندية املؤسسة ومجالسها كي يشارك ويساهم في‬
‫تفعيلها‬
‫ة والعنف املادي واملعنوي‪88".‬‬ ‫‪ /32‬حمايته من كل أشكال االمتهان واملعاملة السي‬

‫ويعني هذا أن التلميذ اليمكن أن يستمتع بالحياة املدرسية التي ينتمي إلوها إال بضمان كل‬
‫حقوقه الطبيعية واملكتسبة‪.‬‬

‫‪‬واجاات التعلم‪:‬‬

‫إذا كان للمتعلم مجموعة من الحقوق ‪ ،‬فله أيضا مجموعة من الواجبات التي يمكن‬
‫حصرها في ما يلي‪:‬‬

‫‪ /3‬االجتهاد والتحصيل وأداء الواجبات الدراسية على أحسن وجه‬

‫املراقبة املستمرة بانضبا وجدية ونزاهة‬ ‫‪ /2‬اجتياز االمتحانات واالختبارات وفرو‬


‫اعتمادا على التنافس الشريف‬

‫‪ /6‬املواظبة واالنضبا ملواقيت الدراسة وقواعدها ونظمها‬

‫‪ /2‬إحضار جميع الكتب واألدوات واللوازم املدرسية التي تتطلبها الدروس دون استثناء أو‬
‫تمييز‬

‫‪ - 88‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل الحياة الدرسية‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ، ،‬غشت ‪2220‬م‪ ،‬ص‪.00-03:‬‬
‫‪40‬‬
‫‪ /3‬اإلسهام في التنشي الفردي والجماعي داخل الفصل وفي األنشطة املندمجية والداعمة‬

‫‪ /3‬املساهمة الفعالة في تنشي املؤسسة وفي إشعاعها الثقافي والتعليمي والعمل على‬
‫حسن نظافتها حفاظا على رونقها ومظهرها‬

‫‪ /3‬العناية بالتجهيزات واملعدات واملراجع والكتب واملحافظة على كل ممتلكات املؤسسة‬

‫‪ /0‬العمل على ترسيق روح التعاون البناء‪ ،‬وإبعاد كل ما يعرقل صفو الدراسة وسيرها‬
‫الطبي ي‬

‫‪ /6‬االبتعاد عن كل مظاهر العنف أو الفوضاى املخلة بالنيظام الداخلي العام للمؤسسة‬

‫‪ /32‬معالجة املشاكل والقضايا املطروحة باالحتكام إلى مبدإ الحوار البناء والتسامح‪،‬‬
‫وقبول االختالف‪ ،‬وتبني املمارسة الديموقراطية‪ ،‬واحترام حقوق االنسان‪ ،‬وتدعيم كرامته‬

‫‪ /11‬االمتثال للضواب اإلدارية والتربوية والقانونية املعمول بها‪ ،‬واحترام جميع العاملين‬
‫باملؤسسة والوافدين علوها‬

‫‪ /12‬املساهمة بإيجابية في كل ما يجعل من املؤسسة فضاء له حرمته‪ ،‬ويحظ بالتقدير‬


‫واالحترام‬

‫‪ /11‬احترام التعليمات املتعلقة بورقة الغياب وسطاقة التعريف املدرسية‬

‫‪ /11‬إيالء عناية خاصة للهندام داخل املؤسسات التعليمية ‪ ،‬وااللتزام بزي مدرهاي مناسب‬
‫موحد بين التالميذ والتلميذات بناء على ما تقرره مجالس املؤسسة‪89".‬‬

‫وينبغي أن يلتزم التلميذ بمجموعة من الواجبات ‪ ،‬مثل‪ :‬الت جيل في املؤسسة التربوية أو‬
‫إعادة الت جيل فوها مرة أخرى‪ ،‬ثم االلتزام بأداء رسوم الت جيل وواجبات التأمين املدرهاي‬
‫والرياضاي‪ ،‬واالنخرا في الجمعيات املدرسية في التواريق املحددة‪ ،‬وإيداع جميع الوثائق‬
‫‪ - 89‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.06-00:‬‬
‫‪41‬‬
‫واملطبوعات واللوازم لدى إدارة املؤسسة بتسلم بطاقة التعريف املدرسية وإيصاالت األداء‪.‬‬
‫ثم‪ ،‬تفادي الغياب سواء أكان ملررا أم غير ملرر ألن ذلك سيؤثر سلبا ‪ -‬بطبيعة الحال‪ -‬في‬
‫مستوى تحصيله الدراهاي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تطبق عليه مسطرة تتبع الغيابات التي تتخذ عدة‬
‫مستويات ي‪ :‬قبول العذر‪ ،‬وتقديم النص‪ ،،‬ثم االنتقال إلى مستويات متدرجة أخرى‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫التنبيه‪ ،‬واالستفسار ‪ ،‬والتوسيق‪ ،‬واإلنذار ‪ ،‬ومكاتبة األسرة أو أولياء أمره‪ ،‬وتأديبه (املجلس‬
‫التأديب)‪ ،‬ثم فصله نهائيا عن املدرسة إذا انقطع عنها أشهر عدة‪.‬‬

‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬إذا التزم املتعلم بواجباته ودروسه ‪ ،‬وأفس‪ ،‬فوها بشكل إيجابي ‪ ،‬فإنه‬
‫يجازى بلوحة الشرف‪ ،‬فالت جيع‪ ،‬ثم التنويه‪ ،‬ثم االستحسان‪ ،‬ثم التميز‪.‬‬

‫‪‬مسؤوليات التعلم وما لتعلق ب ‪:‬‬

‫ثمة مجموعة من املسؤوليات التي تنا باملتعلم وأولياء األمور تجاه املؤسسة التربوية ‪،‬‬
‫وتجاه املتعلم نفسه‪ .‬وتنحصر هذه املسؤوليات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ /3‬إن اآلباء واألولياء ومراسلي التالميذ الداخليين ملزمون بتتبع مواظبة أبنائهم على‬
‫الدروس وانضباطهم‪ ،‬ومراقبة أعمالهم وتصرفاتهم ‪ ،‬ويتحملون كامل املسؤوليات املترتبة‬
‫عن غيابهم أو سوء سلوكهم‬

‫‪ /2‬يتعين على اآلباء أو األولياء أو املراسلين إشعار املؤسسة بكل تغيير قد يطرأ على‬
‫عناوينهم فور حدوثه‬

‫‪ /6‬كل حدث يقع للتلميذ املغادر للمؤسسة قبل نهاية خر حصة م جلة في استعماله‬
‫الزمني يتحمل تبعات تصرفه‪ .‬وال يترتب عن ذلك الحدث أية مسؤولية للمؤسسة‬

‫‪ /2‬املؤسسة غير مسؤولة عما قد يضيع للتالميذ أو املوظفين من أشياء داخل املؤسسة أو‬
‫بجوارها مهما كانت قيمتها‬

‫‪ /3‬تستدعي إدارة املؤسسة اآلباء أو األولياء الستفسارهم عن تغيبات أبنائهم وتأخراتهم‪،‬‬


‫ودراسة حاالتهم التأديبية عند االقتضاء‬
‫‪42‬‬
‫‪ / 3‬يتحمل اآلباء أو األولياء مسؤولية تعويض كل إتالف أو تخريب يتسبب فيه أبنا هم‬
‫بصفة فردية‪ ،‬في حال تحديد املسؤولية‪ ،‬وسصفة جماعية حين انعدامها‬

‫‪ /3‬إدارة املؤسسة مسؤولة عن التالميذ داخل املؤسسة خالل فترات االستراحة‪ ،‬وخالل‬
‫تواجدهم بقاعة املداومة‪ .‬كما أن مسؤوليتهم تقع على عاتق األستاذ في أثناء الحص‬
‫الدراسية‬

‫‪ /0‬يجب أن تقضاى أوقات االستراحة امل جلة في جداول استعمال الزمن الخاصة بالتالميذ‬
‫داخل فضاء املؤسسة‪ ،‬وعلى التالميذ احترام فتراتها طبقا لإليقاعات املدرسية‬

‫‪ /6‬يفتح باب املؤسسة في وجه التالميذ الدارسين وفق جداول استعمالهم الزمني دون‬
‫غيرهم‬

‫‪ /32‬يصطحب األستاذ تالميذه إلى قاعة الدرس انطالقا من مكان وقوفهم في هدوء ونظام‪،‬‬
‫ويخرجهم من القاعة إلى حيث يؤطرون من طرف الحراسة التربوية‪،‬على أن يكون األستاذ‬
‫أول من يسا قاعة الدرس و خر من يغادرها‬

‫‪ /11‬عند وقوع حادثة مدرسية أو رياوية لتلميذ ما فإنه ينقل إلى قسم املستمجالت‬
‫باملستشفيات العمومية‪ ،‬أو إلى أقرب مستوصف عمومي‪ ،‬ويخلر ولي أمره بالحادثة‪ ،‬وتتولى‬
‫إدارة املؤسسة القيام باإلجراءات اإلدارية الالزمة في املوووع‪90".‬‬

‫ويعني هذا أن اإلدارة التربوية قد ووعت مجموعة من القوانين التي تحمي املتعلم‪ ،‬وتلرىء‬
‫املؤسسة التعليمية من عدة مسؤوليات قد تخرج عن اختصاصها‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تحمل‬
‫اإلدارة كذلك املدرسين وأولياء األمور أخطاء أوالدهم أو متعلموهم في حالة تهاونهم‪،‬‬
‫وتقاعسهم‪ ،‬وتجاوز القوانين االنضباطية‪.‬‬

‫‪‬الحظورات التي تتعلق بالتعلم ومن لخدم ‪:‬‬

‫‪ - 90‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬نفسه‪ ،‬ص ‪.66-62:‬‬


‫‪43‬‬
‫ثمة مجموعة من املحظورات التي تتعلق باملتعلم بصفة خاصة‪ ،‬وفضاء املؤسسة بصفة‬
‫عامة‪ .‬وتتمثل هذه املحظورات فيما يلي‪":‬‬

‫‪ /3‬يمنع الدخول أو البقاء بقاعات الدراسة أو املالعب الرياوية دون حضور األستاذ أو‬
‫املسؤول أو املنش املؤطر‬

‫‪ /2‬يمنع التدخين داخل مرافق املؤسسة أو ترويظ املواد التي تشكل خطرا على الصحة‬
‫العمومية (كاملواد السامة أو ما شابهها)‬

‫‪ /6‬يمنع استعمال الهاتف املحمول من قبل التالميذ داخل حرم املؤسسة ومرافقها‬

‫‪ /2‬يمنع استعمال املذياع ال خصاي أو ما شابهه داخل املؤسسة‬

‫‪ /3‬ال يسمح ألي أستاذ بحرمان أحد تالمذته من الدرس إال عند الضرورة القصوى(قيام‬
‫التلميذ بسلوك يؤدي إلى عرقلة السير الطبي ي للدرس…)‪ ،‬حيث يحال التلميذ على إدارة‬
‫املؤسسة بعد إشعارها بذلك‪ ،‬ويتعين على األستاذ إنجاز تقرير في املوووع وتسليمه إلى‬
‫إدارة املؤسسة‬

‫‪ /3‬يمنع حمل األدوات الحادة‬

‫‪ /3‬يمنع إدخال السيارات والدراجات بأنواعها إلى املؤسسة‬

‫‪44‬‬
‫‪ /0‬يمنع إدخال الحيوانات إلى املؤسسة‬

‫‪ /6‬يمنع استغالل فضاءات املؤسسات التعليمية إلقامة حظائر لتربية الدواجن واملوا(اي‬
‫ما لم يكن ذلك مندمجا ومن برامظ ومشاريع ترسوية‪ ،‬وبعد الحصول على إذن مسبق من‬
‫مصال‪ ،‬النيابة ‪"91.‬‬

‫يتض‪ ،،‬مما سبق ذكره‪ ،‬أن ثمة مجموعة من النوا ي واملحظورات التي تمنع املتعلم من‬
‫مخالفة القوانين‪.‬والتقتصر هذه املحظورات على املتعلم فق ‪ ،‬بل تتعداه إلى املدرسين‬
‫املكلفين بحماية املتعلمين وترسيتهم وتهذيبهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬الدرسوح‪:‬‬
‫املدرسون هم الذين يتولون مهمة التدريس والتكوين‪ ،‬ويتكلفون بمهمة تدبير الفصل‬
‫الدراهاي وتسييره وتنظيمه‪ ،‬وتقويم املتعلمين وتوجوههم‪ ،‬وت جيل تأخراتهم وغياباتهم‪،‬‬
‫واالهتمام بهم معرفيا ونفسانيا واجتماعيا‪ ،‬وت جيعهم على األنشطة الثقافية والفنية‬
‫واألدبية‪ ،‬وتأهيلهم تأهيال جيدا لسحياة بتقويم سلوكهم وتعديله نحو األحسن‪ .‬ويساعدهم‬
‫بالدعم‪ ،‬والت جيع‪ ،‬والتقوية‪ ،‬واملعالجة الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يعد تدخل املدرسين‪ ،‬في تفعيل الحياة املدرسية وتنشيطها وتدبيرها‪ ،‬فعال رئيسا‬
‫وفق وظائف املدرسة الجديدة التي ال تقتصر فوها وظيفة املدرسين على حشو أذهان‬
‫املتمدرسين باملعلومات الجاهزة‪ ،‬وإنما تتعداها إلى التكوين و التأطير والتربية على املواطنة‬
‫وحقوق اإلنسان وغيرها من القيم اإلنسانية النبيلة‪ .‬ولهذا‪ ،‬ينبغي أن تكون هي ة التدريس‬
‫هي ة متدخلة رئيسية في الحياة املدرسية قدوة ‪ ،‬ونموذجا‪ ،‬وإشرافا‪ ،‬وتوجوها‪.‬‬

‫‪ - 91‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.62-66:‬‬


‫‪45‬‬
‫ومن واجب هذه الف ة أيضا االنخرا في مشاريع املؤسسة‪ ،‬واملساهمة في التنشي‬
‫املدرهاي ‪ ،‬وفي جميع املجاالت داخل الفصل أو خارجه‪ ،‬بتبني الطرائق التربوية والتدريسية‬
‫املالئمة التي تستجيب لسحاجيات النفسية والعاطفية للمتمدرسين بتنظيم األنشطة‬
‫املندمجة والداعمة‪ ،‬وتكوين أندية منفتحة على املجتمع املحلي والجهوي والوطني‬
‫الستقطاب الفعاليات في مجال الفكر واإلبداع‪.‬‬

‫من املعلوم أن املدرس هو أس العملية التعليمية‪-‬التعلمية الناعحة‪ .‬واليمكن الحديث بتاتا‬


‫عن درس ديدكتيكي‪ 92‬حقيقي في غياب املدرس‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يقوم املدرس بوظائف مهنية‬
‫وترسوية وتعليمية عدة‪ .‬وسالتالي‪ ،‬اليمكن الحديث كذلك عن مدرس يفتقد الكفايات‬
‫وامللكات والقدرات التأهيلية التي تسعفه في أداء مهمته على أحسن وجه ‪.‬وتتحقق هذه‬
‫الكفايات لدى املدرس علر عمليات التكوين‪ ،‬والتأطير‪ ،‬والتأهيل‪ ،‬والتدريب‪ ،‬واملمارسة‪،‬‬
‫والتتبع‪ ،‬واملصاحبة‪ ،‬والتقويم‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ما أهم الكفايات األساسية التي ينبغي أن يتزود بها املدرس أو يتصف بها؟هذا ما سوف‬
‫نرصده في هذه العناصر التالية‪:‬‬

‫‪‬العالقات التفاعلية ب ح الدرس والتعلم والعرفة‪:‬‬

‫ينبني التفاعل التعليمي على عناصر ثالثة ي‪ :‬املدرس‪ ،‬واملتعلم‪ ،‬واملعرفة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فقد‬
‫كانت التربية التقليدية تركز على املدرس واملعرفة‪ ،‬و تجعل املدرس مالكا للمعرفة املطلقة‪،‬‬
‫غيب املتعلم على مستوى التواصل التفاعلي‪ ،‬وتجعله كائنا سلبيا يتلق املعلومات فق‬ ‫و ُت ّ‬
‫ُ‬
‫دون مناقشتها أو محاورة صاحبها‪ .‬ويعني هذا أن املتعلم ذات متلقية تحشاى باملعلومات‬
‫واملعارف‪ .‬في حين‪ ،‬تتميز املقارسة بالكفايات بالتركيز على التفاعل اإليجابي بين أقطاب‬
‫ثالثة‪ :‬املعلم‪ ،‬واملتعلم‪ ،‬واملعرفة‪.‬‬

‫‪ -92‬تعني كلمة الديدكتيك(‪ )Didactique/Didactic‬العملية التعليمية‪-‬التعلمية‪ ،‬أو ما يسمى أيضا بالتربية‬


‫الخاصة‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫وعليه‪ ،‬تتحول املعرفة‪ ،‬في املقارسة الكفائية‪ ،‬إلى ووعيات إجرائية تطبيقية في شكل مشاكل‬
‫معقدة ومركبة تستوجب الحلول الناجعة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تنطلق هذه املعرفة من املقررات‬
‫واملحتويات واملضامين في ووء مجموعة من الكفايات األساسية علر ووعيات‪ -‬مشكالت‪.‬‬
‫ويعني هذا أن املعرفة مرتبطة بالكفاية والووعية‪.‬‬

‫أما املعلم‪ ،‬أو املدرس‪ ،‬أو املدبر‪ ،‬فتتمثل مهمته التربوية في تحضير الووعيات التي تجعل‬
‫املتعلم يستضمر قدراته الذاتية ملواجهة هذه الووعيات املركبة واملعقدة‪ .‬وعالوة على‬
‫ذلك‪ ،‬فللمدرس أهداف ثالثة‪:‬‬

‫أوال‪ ،‬يساعد املتعلم على تحديد املشكلة أو موووع الووعية‬

‫ثانيا‪ ،‬يوجهه إلى املوارد التي ينبغي استثمارها في حل هذه املشكلة‬

‫ثالثا‪ ،‬يساعده على تنظيم موارده بكيفية الئقة وهادفة‪.‬‬

‫ويعني هذا أن دور املدرس توجيهي وإرشادي ومنهجي وكفائي وتحفيزي ليس إال‪ .‬ومن هنا‪ ،‬لم‬
‫تعد املعرفة ملكا للمدرس‪ ،‬بل ي من مكتسبات املتعلم‪ .‬أي‪ :‬أضحت املعرفة مجموعة من‬
‫املوارد التي يمتلكها املتعلم‪ .‬وتتكون هذه املعرفة من مهارات‪ ،‬ومعارف‪ ،‬ودراسات‪،‬ودرايات‪،‬‬
‫وتقنيات‪ ،‬وتقنيات‪ ،‬ومواقف‪ ،‬وإنجازات‪ ،‬وكفايات معرفية وثقافية ومنهجية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يبدو‬
‫أن الكفاية ي مجموعة من املعارف املختلفة التي يستضمرها املتعلم ويدمجها حين يواجه‬
‫موقفا أو ووعية سياقية جديدة‪.‬‬

‫أما املتعلم ‪ ،‬فهو البطل الحقيقي في سيرورة التعلم إذ يساعده املدرس على حل‬
‫الووعيات السياقية املتدرجة في البساطة والتعقيد بتوظيف قدر ممكن من مكتسباته‬
‫الكفائية واملنهجية ‪ ،‬واستعمال موارده بطريقة الئقة وهادفة‪ .‬بمعنى أن كفاياته معرفية‪،‬‬
‫ووجدانية انفعالية‪ ،‬وحسية حركية‪ .‬ويعني هذا أن هذه املقارسة الجديدة تنمي الفكر‬
‫املهاري لدى املتعلم‪ ،‬وتقوي إدراكاته املنهجية والتواصلية‪ .‬في حين‪ ،‬يهتم التدريس السلوكي‬
‫‪47‬‬
‫بتعليم شرطي لي محدود‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهو تعليم قياهاي وكمي‪ .‬بينما تساعد املقارسة الكفائية‬
‫املتعلم على البحث املنهجي اعتمادا على الذات‪ ،‬وحل املشاكل املستعصية‪ ،‬ومواجهة‬
‫الظروف الصعبة واملعقدة‪ ،‬والتأهب دائما لالعتماد على الذات لحل جميع املشاكل‬
‫املختلفة التي يواجهها في محيطه الخارجي‪ .‬ويعني هذا أن هذه املقارسة طريقة دينامكية‬
‫هادفة تساعد على اكتساب الفكر املهاري والتعلم املنهجي للوصول إلى هدف ناجع‪.‬‬

‫‪‬الدرس التقليدي والدرس الكفائي‪:‬‬

‫يرتكز التعليم التقليدي املوسوعي على املدرس باعتباره صاحب سلطة معرفية مطلقة‪،‬‬
‫يقدمها للتلميذ جاهزة علر مجموعة من األس لة التي تستوجب الحفء‪ ،‬والتقليد‪،‬‬
‫والتكرار‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يصبح التلميذ مرتكنا إلى مدرسه‪ ،‬ال يستطيع أن يواجه ما يتعر له من‬
‫املواقف املستجدة‪ ،‬أو يل ي طلبات املقاوالت الحديثة ألنه ال يملك الكفاءات واملهارات‬
‫املهنية و املنهجية و التواصلية والذهنية واللغوية بل يقف مكتوف اليدين عاجزا عن‬
‫التأقلم والتكيف مع مستجدات الواقع االقتصادي الجديد ألن معارفه نظرية مجردة غير‬
‫وظيفية‪ ،‬وتنقصه املمارسة والخلرات التجريبية‪.‬‬

‫وفي التعليم املوسوعي أيضا يكون االهتمام بالكم على حساب الكيف‪ ،‬ويلتجئ املدرس إلى‬
‫التحفيز السلوكي امليكانيكي اعتمادا على ثنائية الحافز واالستجابة لتوجيه دفة القسم‬
‫مما ينتظ عنه ردود أفعال التالميذ السلبية‪ ،‬ونفورهم من القسم لغياب األنشطة الذاتية‬
‫والخلرات الفردية‪ .‬وسالتالي‪ ،‬ينكمشون على أنفسهم انطواء أو خوفا أو خجال أو جهال بما‬
‫ُيعط لهم من دروس ومعارف كمية يصعب اإلحاطة بها في سنة كاملة‪.‬‬

‫أما املدرس الكفائي‪ ،‬فهو مدرس متنور يستكشف القدرات الكفائية لدى املتعلم علر‬
‫أداءات وإنجازات طوال سيرورة التعلم‪ ،‬وووعه في ووعيات معقدة أو أقل تعقيدا الختبار‬
‫أدائه السلوكي ‪ ،‬وتقويم كفاءاته وقدراته في التعامل مع مشاكل الواقع املحيطة به‪ .‬وسالتالي‪،‬‬

‫‪48‬‬
‫يراعي هذا املدرس الكفائي الفوارق الفردية‪ ،‬وينكب على ظاهرة الالتجانس من خالل‬
‫دراسة كل حالة فردية‪ ،‬ودعم كل متعلم بمجموعة من املهارات الكفائية‪ ،‬وتحفيزه على‬
‫إبراز قدراته وميوله واستعداداته سواء في حلقة واحدة أم في حلقات متعددة متواصلة ألن‬
‫املقياس ‪ -‬هنا‪ -‬ليس هو الدرس الذي ينتهي داخل حصة زمنية محددة كما في التعليم‬
‫التقليدي املوسوعي‪ ،‬بل الحلقة الديدكتيكية املتوالية التي تمتد علر حصتين فأكثر‪.‬‬

‫ويقدم املدرس الكفائي املقرر الدراهاي في شكل مجزوءات ووحدات دراسية وووعيات‬
‫مركبة ‪ ،‬تصغر ‪ ،‬بدورها‪ ،‬في إطار مقاطع وحلقات وخلرات مؤشرة في كفايات نوعية أو‬
‫شاملة أو ممتدة قصد التدرج باملتعلم لتحقيق كفايات عليا كلية ونهائية‪ .‬ويتم التركيز في‬
‫هذا النوع من التعليم على الكيف واملتعلم ألن املدرس مجرد وصاي أو مرشد ليس إال‪.‬‬
‫وتصبح الدروس خلرات وممارسة كيفية‪ ،‬ومهارات وقدرات معرفية‪ ،‬ووجدانية‪ ،‬وحركية‪.‬‬
‫أي‪ :‬إن املتعلم هو الذي يكون نفسه بنفسه‪ ،‬ويتعلم كيف يبحث ويفكر‪ ،‬وينظم ما يبحث‬
‫عنه منهجيا ووظيفيا‪.‬إن املدرس الكفائي‪ -‬كما يقول محمد الدريظ‪:-‬‬

‫"يروم بناء الكفايات لدى التلميذ‪ ،‬على اعتبار أن الكفايات ي قدرات شاملة ودينامية‬
‫(نشطة) التي اليمكن اختزالها في الئحة تحليلية من املحتويات‪ ،‬إنها تشكيلة ( تركيبة) ذكية‬
‫من املعارف واملهارات واالتجاهات‪ .‬فأن نكون أكفاء ال يعني أن نملك جملة من املعلومات‬
‫واملهارات‪ ،‬فأن نكون أكفاء يعني أساسا أن نكون قادرين على تجنيد تلك املعلومات‬
‫واملهارات‪ ،‬وتوظيفها في مواقف معينة ولحل مشكالت‪ .‬أي‪ :‬أن نكون فعالين ومنتجين في‬
‫ووعيات محددة‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬يصير بناء الكفايات بهذا املعنى أمرا معقدا وأمرا ذاتيا وشخصيا‪ .‬فيكون من أولويات‬
‫املدرسين مساعدة املتعلمين‪،‬لكن على املتعلمين مساعدة أنفسهم في التعلم‬ ‫نشا‬

‫‪49‬‬
‫والتكوين الذاتي‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن التعليم باملجزوءات يستدعي املتعلم كمسؤول‪ ،‬ويتعامل معه‬
‫كمدبر لتكوينه‪.93".‬‬

‫وهكذا‪ ،‬تتأسس بيداغوجيا الكفايات على املتعلم ال على املدرس كما هو حال البيداغوجيا‬
‫الكالسيكية‪ .‬بمعنى أن الدرس يتحول إلى مجموعة من الووعيات املعقدة واملشاكل‬
‫املركبة التي ينبغي على املتعلم مواجهتها من خالل املوارد التي يمتلكها حيث يوظفها بطريقة‬
‫مالئمة ومناسبة من أجل تحقيق الكفاية األساسية والهدف األنجع‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملدرس‪ ،‬في‬
‫هذا التصور البيداغوجي الجديد‪ ،‬مرشد وموجه ليس إال‪ ،‬ييهئ الووعيات الجديدة‪،‬‬
‫ويقترح املشاكل املعقدة واملركبة التي ينبغي أن يحلها املتعلم‪ .‬ويعني هذا أن الدرس يتحول‬
‫إلى مجموعة من الووعيات املتدرجة من البساطة إلى التعقيد حيث تكون واضحة‪،‬‬
‫ودالة‪ ،‬وهادفة‪ ،‬وسناءة‪ ،‬ومحفزة على العمل‪ ،‬واالجتهاد‪ ،‬والنجاح‪ .‬وسالتالي‪ ،‬ليس املدرس‪-‬‬
‫هنا‪ -‬مالكا للمعرفة‪ ،‬بل هو مجرد محضر لنس لة والووعيات املشكلة ‪.‬‬

‫‪‬كفــالات الدرس‪:‬‬

‫يمكن الحديث عن ثالث كفايات أساسية ينبغي أن تتوفر في املدرس الراهن من أجل‬
‫تحقيق الجودة في درسه الديدكتيكي‪.‬وهذه الكفايات البارزة ي‪ :‬كفاية التخطي ‪ ،‬وكفاية‬
‫التدبير‪ ،‬وكفاية التقويم‪.‬‬

‫أ‪ -‬كفالــة التخطي ‪:‬‬

‫إذا كاني ييت فكي ييرة التخطي ييي (‪ )Planification‬قي ييد ظهي ييرت في ييي املجتمع ييات القديمي يية كمي ييا لي ييدى‬
‫املص ييريين ‪ -‬م ييثال‪ -‬م يين خ ييالل اإلش ييارات ال ييواردة ف ييي س ييورة يوس ييف علي ييه الس ييالم ف ييي الق يير ن‬
‫الكييريم‪ .‬وقييد تبلييورت هييذه الفكييرة كييذلك فييي كتابييات الفالسييفة واملفكييرين وعلميياء االجتميياع‬

‫‪ -93‬محمد الدريظ‪:‬الكفالات الي التعليم‪ ،‬منشورات سلسلة املعرفة لسجميع‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ،‬شتنلر‪2222‬م‪،‬‬
‫ص‪.232:‬‬
‫‪50‬‬
‫(أفالط ييون‪ ،‬وإنجل ييز‪ ،‬وم يياركس‪ ،‬واب يين خل ييدون‪ ،‬وم ييوريس دوب‪ ،)....‬ف ييإن التخط ييي الحقيق ييي‬
‫املبنييي علييى العلمييية والدراسيية اإلحصييائية التجريبييية لييم يظهيير إال فييي بييدايات القييرن العشييرين‬
‫(‪3622‬م) مع املخططات الخماسية التي كان ينهجها االتحياد السيوڤياتي‪ .‬وبعيد ذليك‪ ،‬أخيذت‬
‫ال ي ييدول الغرسي ي يية تس ي ييتفيد م ي يين ه ي ييذه املخطط ي ييات الش ي يياملة الت ي ييي ب ي ييدأت توظفه ي ييا ف ي ييي املج ي ييال‬
‫االقتصادي‪ ،‬واإلداري‪ ،‬والتربوي‪ .‬بيد أن أغليب اليدول العرسيية ليم تأخيذ بسياسية املخططيات‬
‫والتخطي إال في الستينيات من القرن العشرين‪.‬‬

‫وقييد رافييق التخطييي ‪ ،‬فييي الحقيقيية‪ ،‬ظهييور اإلدارة وقطيياع الخييدمات منييذ منتصييف القييرن‬
‫التاسييع عشيير فييي أورسييا الغرسييية والواليييات املتحييدة األمريكييية بانبثيياق املجتمعييات الرأسييمالية‬
‫الت ييي عقلن ييت إدارته ييا ومؤسس يياتها املالي يية بطريق يية علمي يية مقنن يية تعتم ييد عل ييى وو ييع الخطي ي‬
‫وتنفيذها ميدانيا‪.‬‬

‫واليمك ي يين فه ي ييم التخط ي ييي الترب ي ييوي أو الدي ي ييدكتيكي إال م ي يين خ ي ييالل تعري ي ييف التخط ي ييي لغ ي يية‬
‫واصطالحا‪:‬‬

‫يقييدم ابيين منظييور‪ ،‬فييي( لس ــاح الع ــرب)‪ ،‬مجموعيية ميين التعيياريف اللغوييية لكلميية التخطييي‬
‫املش ييتقة م يين فع ييل خ ي وخط ي ال ييذي يحي ييل عل ييى مجموع يية م يين ال ييدوال املمجمي يية ك ييالخ‬
‫ال ييذي ه ييو عب ييارة ع يين الطريق يية املس ييتطيلة ف ييي الش ييايء‪ ،‬والجم ييع خط ييو ‪ .‬والخي ي ‪ :‬الطري ييق‪.‬‬
‫والخ ي ‪ :‬الكتابيية ونحوهييا ممييا يخ ي ‪ .‬والخ ي ‪ :‬وييرب ميين الكهانيية‪ .‬وخ ي الشييايء يخطييه خطييا‪:‬‬
‫كتب ييه بقل ييم أو غي ييره‪ .‬والتخط ييي ‪ :‬التس ييطير‪ .‬والخط ييو م يين بق يير ال ييوح ‪ :‬الت ييي تخ ي األر‬
‫بأظالفه ييا‪ .‬والخي ي ‪ :‬خي ي الزاج يير‪ ،‬وه ييو أن يخي ي بإص ييبعه ف ييي الرم ييل ويزج يير‪ .‬وث ييوب مخطي ي‬
‫وكسيياء مخطي ‪ :‬فيييه خطييو ‪ .‬وخي وجهييه واخييت ‪ :‬صييارت فيييه خطييو ‪ .‬واخييت الغييالم‪ :‬أي‬
‫نب ييت ع ييذا ه‪ .‬والخط يية ك ييالخ كأنه ييا اس ييم للطريق يية‪ .‬واملخ ي بالكس يير‪ :‬الع ييود ال ييذي يخ ي ب ييه‬
‫الحائييك الثييوب‪ .‬واملخطييا ‪:‬عود تسييوى عليييه الخطييو ‪ .‬والخ ‪:‬وييرب ميين البضييع‪ .‬والخ ي‬
‫والخطة‪ :‬األر تنزل من غير أن ينزلها نازل قبل ذلك‪ .‬وقد خطها لنفسه خطا واختطها‪ :‬وهو‬
‫‪51‬‬
‫أن يعل ييم علوه ييا عالم يية ب ييالخ ‪ .‬والخط يية‪ :‬األر ‪ .‬واألر الخطيط يية‪ :‬الت ييي يمط يير ماحوله ييا وال‬
‫تمطيير ييي‪ ،‬وجمعه ييا خط ييائ ‪ .‬وأر خ ي ‪ :‬ل ييم تمط يير وق ييد مطيير ماحوله ييا‪ .‬والخط يية‪ :‬بالض ييم‪:‬‬
‫ش ييبه القص يية واألم يير‪ ،‬وقي ييل‪ :‬املقص ييد‪ .‬والخط يية‪ :‬الح ييال واألم يير والخط ييب‪ .‬واألخي ي ‪ :‬ال ييدقيق‬
‫املحاس ي يين‪ ،‬ورج ي ييل مخط ي ي ‪ :‬جمي ي ييل‪ .‬وخطة‪:‬اس ي ييم عن ي ييز‪ .‬والخ ي ي ‪ :‬أر ينس ي ييب إلوه ي ييا الرم ي يياح‬
‫الخطي يية‪ .‬والخط ييي‪ :‬ال ييرمح املنس ييوب إل ييى الخ ي ‪ .‬والخط ييي ‪ :‬قري ييب م يين الغط ييي وه ييو ص ييوت‬
‫‪ :‬مووع‪94.‬‬ ‫النائم‪ .‬وحلس الخطا ‪ :‬اسم رجل زاجر‪ .‬ومخط‬

‫ويتبييين لنييا ‪ ،‬ميين خييالل هييذه الييدالالت االشييتقاقية‪ ،‬أن التخطييي عبييارة عيين خطيية مرسييومة‬
‫ومحددة بدقة وطريقة مسطرة كتابة وخطا‪.‬‬

‫أمييا كلميية( ‪ ) Planification‬األجنبي يية‪ ،‬فت ييدل علييى التصييميم والتخط ييي ‪ .‬و ييي مش ييتقة م يين‬
‫كلمة( ‪ ) Planifier‬التي تعني‪ ،‬بدورها‪ ،‬خط وصمم‪.‬‬

‫أمييا ميين حيييث االصييطالح‪ ،‬فييالتخطي عبييارة عيين مجموعيية ميين الطرائييق والتصيياميم واملنييا ا‬
‫واألسيياليب والتييدابير التييي نلتجييئ إلوهييا ميين أجييل تحقيييق مجموعيية ميين األهييداف والغايييات علييى‬
‫املستوى البعيد‪ ،‬واملتوس ‪ ،‬والقريب‪.‬‬

‫ولتنفي ييذ ه ييذه األه ييداف املس ييطرة املوج ييودة ف ييي م ييداخل نس ييق مع ييين الب ييد م يين االعتم يياد عل ييى‬
‫الوس ييائل املادي يية واملالي يية والبش ييرية واملعلوماتي يية ألج يرأة ه ييذه األه ييداف مي ييدانيا ف ييي مختل ييف‬
‫س ييياقاتها املتاح يية وظروفه ييا املمكن يية‪ .‬واليمك يين التأك ييد م يين نجاع يية األه ييداف املس ييطرة داخ ييل‬
‫النس ييق البني ييوي أو ال ييوظيفي إال بع ييد االس ييتعانة بك ييل لي ييات التق ييويم واملراقب يية‪ .‬وإذا أص يييبت‬
‫العملية بالتعثر والفشل‪ ،‬فمن الضروري االستعانة كذلك بالفيدباك أو التغذية الراجعة‪.‬‬

‫‪ - 94‬ابن منظور‪ :‬لساح اللساح ‪ ،‬تهذلب لساح العرب‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة‪3666‬م‪ ،‬ص‪.632:‬‬
‫‪52‬‬
‫ويمكي يين القي ييول‪ :‬إن التخطي ييي إسي ييتراتيجية وطريقي يية تقني ي يية ناعح ي يية لل ي ييتحكم في ييي املعطيي ييات‬
‫املووي ي ييوعية إمي ي ييا بطريقي ي يية كميي ي يية إحصي ي ييائية تجريبيي ي يية‪ ،‬وإمي ي ييا بطريقي ي يية اسي ي ييتقرائية وصي ي ييفية‬
‫استنتاجية‪.‬‬

‫وم يين هن ييا‪ ،‬يب ييدو أن التخط ييي تص ييور نظ ييري وإجي يراء تفس يييري يعتم ييد عل ييى قي يراءة األس ييباب‬
‫الدافعة بتبيان العلل والحيثيات التفسيرية التي تكون وراء ظاهرة معينة‪ .‬كميا أن التخطيي‬
‫تصييميم تنب ييي يييتحكم ف يي الظييواهر املسييتقبلية ويستشييرفها بإعييداد خطي وتييدابير لإلحاطيية‬
‫بالظاهرة أو تطويقها أو فهمها أو تفسيرها من أجل الشروع في بناء تصاميم توقعية ناجعة‪.‬‬

‫التخط ييي الدي ييدكتيكي‪ ،‬فيقص ييد ب ييه ذل ييك املس ييار الهنده يياي ال ييذي يتتبع ييه‬ ‫أم ييا فيم ييا يخي ي‬
‫امل ييدرس الكف ييائي م يين أج ييل تحقي ييق ه ييدف مع ييين أو تجس يييد كفاي يية معين يية‪.‬أي‪ :‬تل ييك الخط يية‬
‫املنهجي يية الت ييي توص ييل ذل ييك امل ييدرس إل ييى تحقي ييق ماق ييد رس ييمه م يين أه ييداف وكفاي ييات إجرائي يية‬
‫قياسييية ومعيارييية‪ .‬وسييذلك‪ ،‬يطييرح املييدرس أو املخط ي الديييدكتيكي أس ي لة ثالثيية علييى النحييو‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪ ‬ماذا سأفعل؟‬

‫‪ ‬كيف سأفعل؟‬

‫‪ ‬كيف سأقوم ذلك الفعل قبل فعله؟‬

‫ويعن ييي ه ييذا أن التخط ييي الدي ييدكتيكي يتس ييم بنظ ييرة اس ييتباقية توقعي يية‪ ،‬ويق ييوم عل ييى ثالث يية‬
‫مرتكزات مترابطة‪:‬‬

‫ماتم التخطي له هدفا أو كفاية‪.‬‬ ‫‪ ‬التوقع‪ :‬ت خي‬

‫‪ ‬مادأ الحتمية‪ :‬رس اإلنجاز بالهدف أو الكفاية املخط لها رسطا حتميا‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪‬ال رجم ـ ــة‪ :‬وو ي ييع برمج ي يية مفص ي ييلة مل ي يياهو مخط ي ي ل ي ييه بتفص ي يييله وتجزي ي ييه‪ ،‬والتركي ي ييز عل ي ييى‬
‫التعلم ييات‪ ،‬وتحدي ييد الفض يياء الزمك يياني‪ ،‬واإلش ييارة إل ييى الف ييات املس ييتهدفة‪ ،‬وتبي ييان الوس ييائل‬
‫الديدكتيكية ‪.‬‬
‫ُ‬
‫إذا‪ ،‬يقي ي ييوم التخطي ي ييي الديي ي ييدكتيكي علي ي ييى املي ي ييدخالت (األهي ي ييداف والكفايي ي ييات)‪ ،‬والعمليي ي ييات‬
‫(املحتويات‪ ،‬والطرائق البيداغوجية‪ ،‬والوسائل )‪ ،‬واملخرجات( تقويم األهداف والكفايات)‪،‬‬
‫والتغذية االرتجاعية (الفيدباك)‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬تهيتم كفايية التخطيي ليدى امليدرس الكفيائي بمراعياة املسيار العالئقيي اليذي يسيمح‬
‫ل ييه بمعرف يية جمي ييع العناص يير البيداغوجي يية والعلمي يية الض ييرورية م يين أج ييل تحقي ييق الكفاي يية‬
‫األساس ييية‪ ،‬أو تحصي يييل الهي ييدف املنشي ييود‪ .‬ويمك يين أن يكي ييون التخطي ييي الديي ييدكتيكي بمثابي يية‬
‫الئحة من املحتويات املنتظمة بطريقة تراتبية متعاقبية‪ .‬وقيد يكيون موويوعات وتيميات‪ .‬وقيد‬
‫يكييون عبييارة عيين أهييداف وكفايييات متعاقبيية ومتسلسييلة‪ ،‬وقييد يكييون عبييارة عيين مييوارد ترسوييية‪،‬‬
‫ومؤسسيياتية‪ ،‬وبشيرية‪ ،‬ومالييية‪ ،‬وفضييائية‪ ،‬وزمنييية‪ .‬وميين ثييم‪ ،‬فييالتخطي هييو أول مرحليية ميين‬
‫مراح ييل الفع ييل البي ييداغوجي لتعقب ييه مرحل يية اإلنج يياز‪ ،‬ومرحل يية التق ييويم‪ ،‬ومرحل يية اإلدم يياج‪،‬‬
‫ومرحلة املعالجة‪.‬‬

‫ويمكن الحديث عن مجموعة من املقومات واملرتكزات األساسية التي ينبنيي علوهيا التخطيي‬
‫الديدكتيكي‪ ،‬وتتمثل هذه املقومات في العناصر األربعة التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تحدييد الكفاييات األساسيية أو الكفايييات املستعروية التيي يمكيين تطويرهيا أو إنما هيا لييدى‬
‫التلميذ أو الطالب داخل الفصل الدراهاي‪.‬‬

‫‪ ‬مراعاة الفوارق الفردية التي تميز تالميذ أو طلبة الفصل الدراهاي‪.‬‬

‫‪ ‬ت ي ييوفير جمي ي ييع امل ي ييوارد الت ي ييي يمك ي يين اس ي ييتثمارها ف ي ييي املراح ي ييل البيداغوجي ي يية ال ي ييثالث‪ :‬مرحل ي يية‬
‫التحضير واإلعداد‪ ،‬ومرحلة اإلنجاز والتحقيق‪ ،‬ومرحلة اإلدماج)‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫‪ ‬اختيار نوع املقارسة التي يمكن االستعانة بها من أجل استثمار هذه الووعية التعلمية‪.‬‬

‫وعليى وجييه العمييوم‪ ،‬ينبنييي التخطييي الديييدكتيكي علييى مجموعيية ميين املبيياد واملقومييات التييي‬
‫يمكن تحديدها في الالئحة التالية‪:‬‬

‫‪ ‬بن يياء التخط ييي الدي ييدكتيكي عل ييى مجموع يية م يين الكفاي ييات واأله ييداف اإلجرائي يية املح ييددة‬
‫بدقة‪.‬‬

‫‪ ‬ينبغ ي ييي أن يحق ي ييق التخط ي ييي الدي ي ييدكتيكي ك ي ييل الكفاي ي ييات واأله ي ييداف املس ي ييطرة بإنج ي يياز‬
‫املجزوءة املعطاة‪.‬‬

‫‪ ‬يسي ييتوجب التخطي ييي الديي ييدكتيكي سي ييواء أ يك ييان سي يينويا أم مرحليي ييا أم يوميي ييا أم إجرائيي ييا‪،‬‬
‫التركيييز علييى العناصيير الرئيسيية ميين عملييية التخطييي ‪ ،‬و ييي‪ :‬املحتويييات فييي عالقتهييا بالكفايييات‬
‫واألهداف‪ ،‬و مراعاة اإليقاعات الزمنية املفرووة‪.‬‬

‫‪ ‬ينبغي أن يحترم التخطيي السينوي‪ ،‬أو التخطيي املرحليي‪ ،‬منطيق املقيررات الدراسيية فيي‬
‫تعاقبها وتسلسلها وانتظامها وترابطها اتساقا وان جاما‪.‬‬

‫‪ ‬يستوجب في التخطي الجرائي (تخطي الدرس) احترام تعلمات املقرر الدراهاي‪.‬‬

‫‪ ‬ينبغي ييي أثني يياء تخطي ييي الي ييدرس التركيي ييز علي ييى تعلمي ييات وأنشي ييطة التالميي ييذ ال علي ييى تعلمي ييات‬
‫املدرس وأنشطته التدريسية التعليمية‪.‬‬

‫‪ ‬ينبغي أن يهتم التخطي الديدكتيكي برصد مجمل املراحل التي يقطعها إنجاز التعلمات‬
‫بفعالية إيجابية بغية فهمها وتفسيرها‪.‬‬

‫‪ ‬ينبغي ييي التركيي ييز في ييي التخطي ييي الديي ييدكتيكي علي ييى تي ييوفير الظي ييرف الزمني ييي إلج ي يراء التقي ييويم‬
‫التكويني واألخذ بأنشطة املعالجة والدعم واالستدراك‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫ويسييتلزم التخطييي الديييدكتيكي مجموعيية ميين الش ييرو الضييرورية التييي يمكيين حصييرها ف ييي‬
‫النق التالية‪:‬‬

‫‪ ‬أن يكون التخطي الديدكتيكي تخطيطا واقعيا‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون التخطي شامال يتضمن جميع املراحل التي تنبني علوها املجزوءة الدارسيية‪ ،‬أو‬
‫متضمنا لكل مكونات العملية الديدكتيكية‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون التخطي مرنا‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون التخطي قابال للتطبيق واألجرأة‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون قابال للتحوير والتغيير والتعديل‪.‬‬

‫‪ ‬أن يتضمن التخطي املدخالت والعمليات واملخرجات والفيدباك‪.‬‬

‫‪ ‬أن يحدد التخطي أفضل اإلستراتيجيات واإلجراءات املناسبة لتنفيذ الخطة‪.‬‬

‫‪ ‬أن يرتب بمجموعة من الكفايات واألهداف اإلجرائية‪.‬‬

‫‪ ‬أن يخضع التخطي لعمليات التقويم واإلدماج‪.‬‬

‫و للتخط ي ييي الدي ي ييدكتيكي أهمي ي يية كبي ي ييرة تتمث ي ييل ف ي ييي كون ي ييه يعقل ي يين العملي ي يية الديدكتيكي ي يية‪،‬‬
‫ويجسييدها ممارسيية‪ ،‬وسييلوكا‪ ،‬وتعليمييا‪ ،‬وتعلمييا‪ .‬كمييا ييينظم مضييامين الييتعلم املقييررة فييي شييكل‬
‫أهييداف تعليمييية‪ .‬عييالوة علييى ذلييك‪ ،‬يحييدد التخطييي مجموعيية ميين عمليييات اإلنجيياز بنيياء علييى‬
‫مجموعي يية مي يين األهي ييداف والكفايي ييات املنشي ييودة‪ .‬ويعني ييي هي ييذا أن التخط ي ييي يعقلي يين العمليي يية‬
‫التربوية ويجعلهيا ذات هيدف‪ ،‬ومعنيى‪ ،‬وداللية‪ ،‬ومقصيدية‪ .‬وييرس امليوارد التعلميية بمجموعية‬
‫ميين الكفايييات والووييعيات السييياقية‪ .‬ويسييعف التخطييي املييدرس الكفييائي فييي تييدبير الوقييت‬
‫والحف يياظ عل ييى اإليق يياع املدره يياي‪ ،‬واالقتص يياد ف ييي الجه ييد‪ .‬فض ييال ع يين ت ييوفير األم يين للم ييدرس‬

‫‪56‬‬
‫وامل ي ي ييتعلم عل ي ي ييى ح ي ي ييد س ي ي ييواء‪ ،‬وتس ي ي ييهيل عملي ي ي يية التق ي ي ييويم‪ ،‬وتنظ ي ي يييم العملي ي ي يية البيداغوجي ي ي يية‬
‫والديدكتيكية في أحسن صورة مشرفة‪.‬‬

‫وينبني التخطي الديدكتيكي على مجموعة من األهداف اآلنيية واملرحليية والبعييدة‪ ،‬ويمكين‬
‫جمعها في األهداف التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تحقيق الكفايات العامة واإلجرائية‪.‬‬

‫‪ ‬تحقيق نجاح العملية الديدكتيكية‪.‬‬

‫‪ ‬تنظيم العملية التعليمية ‪ -‬التعلمية‪.‬‬

‫‪ ‬عقلنة املوارد التعلمية التي تتضمنها املنا ا واملقررات الدراسية‪.‬‬

‫‪ ‬تنظيم هندسة الدرس في مختلف مراحلها املقطعية‪.‬‬

‫‪ ‬توفير العدة املنهجية لتحقيق الخطة بغية تحقيق الكفايات املرصودة‪.‬‬

‫‪ ‬إح ييداث تغيي يير ن ييي ف ييي العملي يية الديدكتيكي يية أو إص ييالح ت ييدريجي‪ ،‬أو األخ ييذ بمب ييدإ التط ييور‬
‫البطيء‪.‬‬

‫‪ ‬تحقيق تنمية ناعحة وناجعة بيداغوجيا وديدكتيكيا‪.‬‬

‫‪ ‬يحقق مدرسة النجاح والتميز والكفاءة‪.‬‬

‫ويتخييذ التخطييي الديييدكتيكي مسييارا هندسيييا رساعيييا‪ ،‬ففييي بداييية السيينة الدراسييية‪ ،‬يعتمييد‬
‫املي ييدرس الكفي ييائي علي ييى التقي ييويم الت خيصي يياي القبلي ييي أو التمهيي ييدي الي ييذي يهي ييدف إلي ييى توجيي ييه‬
‫املييدرس توجوهييا ترسويييا اييحيحا لكييي يييتفهم ووييعيات الفصييل‪ ،‬ويحييدد الفييوارق البيداغوجييية‬
‫املوجودة عنده بغية خلق نوع من التقارب بين التالميذ‪ .‬بمعنيى أن التقيويم التمهييدي بمثابية‬

‫‪57‬‬
‫وصييفة اسييتباقية وتوقعييية توجييه املييدرس إلييى مييواطن الخلييل والقييوة ميين أج يل تييدارك الووييع‬
‫التربوي‪ ،‬ومعالجته ديدكتيكيا‪ ،‬أو في ووء معالجة داخلية أو خارجية‪.‬‬

‫وبعييد ذل ييك‪ ،‬ت ييأتي فت ييرة التعلمييات التكوينييية ف ييي شييكل متتالي ييات أسييبوعية يقييوم فوهييا امل ييدرس‬
‫الكفائي بإرساء امليوارد ‪ ،‬واختييار املحتوييات والطرائيق البيداغوجيية والوسيائل الديدكتيكيية‬
‫املالئم يية‪ .‬وتس ييتهدف ه ييذه املراح ييل التكويني يية نمي يياء الكفاي يية وتثبيته ييا وإرس ييائها‪ .‬وتنقس ييم كي ييل‬
‫متوالي يية زمني يية تكويني يية إل ييى مق يياطع ووح ييدات دراس ييية مرتبط يية بكفاي ييات فرعي يية‪ ،‬وأه ييداف‬
‫مح ييددة تخ ييدم الكفاي يية األساس ييية‪ ،‬و ق ييد تتمث ييل ف ييي الس ييلك االبت ييدائي إم ييا ف ييي كفاي يية التعبي يير‬
‫الشفوي‪ ،‬وإما في كفاية القراءة‪ ،‬وإما في كفاية الكتابية‪ ،‬وإميا فيي كفايية اسيتيعاب عليوم اللغية‬
‫واسيتثمارها وظيفييا وسيياقيا‪ .‬وتتخلييل هيذه املراحيل التكوينيية مجييزوءات إدماجيية بينيية بعييد‬
‫ستة أسابيع من التكوين‪ .‬وبهذا‪ ،‬يكون اللرنامظ السينوي قائميا عليى أربيع مجيزوءات أسيبوعية‬
‫متسقة ومن جمة ومتطورة ‪ .‬وتتكون كل مجزوءة من ستة أسابيع يتبعها أسبوعان لإلدمياج‬
‫تعلما وإنجازا وتقويما ومعالجة على السواء‪ .‬وبهذا‪ ،‬يكون عدد أسابيع التعلم ثمانية وثالثون‬
‫أس ييبوعا يض يياف إلوهم ييا أس ييبوع التق ييويم الت خيص يياي وأس ييبوع التق ييويم اإلش ييهادي‪ .‬وف ييي نهاي يية‬
‫ميدى‬ ‫السنة الدراسية‪ ،‬يلتجئ املدرس الكفيائي إليى املجيزوءة اإلدماجيية النهائيية التيي ت يخ‬
‫تحقق الهدف اإلدماجي النهائي السنوي‪.‬‬

‫وم يين املعل ييوم أن الوح ييدة األساس ييية لت ييدبير (‪ )la gestion‬التعلم ييات ييي املج ييزوءة ( ‪le‬‬
‫‪ )module‬التييي تييؤمن‪ ،‬بشييكل متسييق ومن ييجم‪ ،‬مجموعيية ميين الكفايييات عليير ثييالث محطييات‬
‫رئيسة ي‪:‬‬

‫‪ -3‬مرحلة استيعاب أو اكتساب التعلمات األساسية‪.‬‬

‫‪ -2‬مرحلة إدماج التعلمات‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -6‬مرحلة التقويم أو املعالجة‪.95‬‬

‫ويمكيين الحييديث عيين أنييواع عييدة ميين الهندسييات التخطيطييية فييي مجييال الديييدكتيك أو التربييية‬
‫الخاصة‪ .‬ويمكن حصرها في األنواع التالية‪:‬‬

‫‪ /1‬التخطي ـ السن ــوي‪:‬‬

‫يييرتب التخطييي السيينوي (‪ )la planification annuelle‬باملنهيياج أو املقييرر الدراهيياي‪ .‬وقييد‬


‫عييرف تخطييي املنهيياج ثييالث محطييات كلييرى‪ :‬محطيية املضييامين واملحتويييات حيييث يكيان يعتمييد‬
‫فييي تخطييي املنهيياج الدراهيياي علييى مووييوعات أو تيمييات أو مفيياهيم معينيية‪ ،‬مثييل‪ :‬الدراس يية‪،‬‬
‫والطفولة‪ ،‬والهجرة‪ ،‬والعمل‪ ،‬والسفر‪ ،‬ووسائل النقل‪ ،‬واملدينة‪ ،‬والبادية‪....‬‬

‫أما املحطة الثانية‪ ،‬فهي محطة األهداف التي واكبت فترة الثمانين من القرن العشرين‪ .‬فقد‬
‫قس ييمت األه ييداف التربوي يية إل ييى أه ييداف وغاي ييات عام يية‪ ،‬وأه ييداف وس ييط ‪ ،‬وأه ييداف إجرائي يية‬
‫خاصة ‪ ،‬في ووء املنظور اللساني السلوكي( واطسون‪ ،‬وسافلوف‪ ،‬وسكينر)‪.‬‬

‫أما املحطة الثالثة ‪ ،‬فهي محطة الكفايات التي تبلورت في املغرب في سنوات العقد األول من‬
‫األلفيية الثالثيية لييرس التعلييم بواقييع الشييغل واملهننية‪ .‬وقييد انبنييت هيذه النظرييية الجديييدة علييى‬
‫مجموع ي يية م ي يين التص ي ييورات اإلبس ي ييتمولوجية مث ي ييل‪ :‬النظري ي يية املعرفي ي يية‪ ،‬والنظري ي يية التوليدي ي يية‬
‫التحولي ي يية(نوام شومس ي ييكي)‪ ،‬والنظري ي يية البنائي ي يية التكويني ي يية (ج ي ييان بي ي يياجي)‪ ،‬وك ي ييل النظري ي ييات‬
‫السييياقية التييي تييرس الييذات بيياملحي أو السييياق الخييارجي‪ .‬دون أن نن يياى النظريييات التربوييية‬
‫القائم ي يية عل ي ييى ال ي ييتعلم ال ي ييذاتي ومراع ي يياة الفوارق(البي ي ييداغوجيا الالتوجوهي ي يية‪ ،‬والبي ي ييداغوجيا‬
‫املؤسساتية‪ ،‬وديناميكية الجماعات‪ ،‬وسيداغوجيا الفوارق‪ ،‬وسيداغوجيا األخطاء‪)...‬‬

‫وعلي ييه‪ ،‬يق ييوم التخط ييي الس يينوي بتج ييزيء املق ييررات التربوي يية‪ ،‬أو تقس يييم املن ييا ا الدراس ييية‬
‫سنويا‪ ،‬بتوزيعها إلى مجموعة من املراحل التكوينية‪ ،‬أواملجزوءات الدراسية ‪ ،‬واختيار أنجيع‬
‫‪95 - Roegiers, X, la pédagogie de l’intégration en bref, Rabat, 2006 PP.9-10.‬‬

‫‪59‬‬
‫السبل من أجيل تقيويم إجميالي أونهيائي مناسيب للتأكيد مين مكتسيبات التالمييذ‪ ،‬أو الثبيت مين‬
‫مدى تحقق الكفاية اإلدماجية النهائية لدى طلبة الفصل الدراهاي‪.‬‬

‫وهكي ييذا‪ ،‬يتكي ييون التخطي ييي السي يينوي مي يين أربي ييع مراحي ييل كلي ييرى‪ .‬وتتضي ييمن كي ييل مرحلي يية ثمانيي يية‬
‫أسابيع‪ ،‬األسابيع الستة األولى إلرساء املوارد‪ ،‬واألسبوعان الباقيان يخصصان لإلدماج‪ .‬كما‬
‫األسييبوعان الثالييث والسييادس ألنشييطة التوليييف والتقييويم والييدعم‪ .‬و تشييكل هييذه‬ ‫يخص ي‬
‫األسابيع الثمانية ما يسمى بياملجزوءة التيي تبيدأ بالكفايية‪ ،‬وتنتهيي بيالتقويم اإلجميالي‪ .‬ويالحيء‬
‫أن عدد املجزوءات أربع يسبقها أسبوع للتقويم الت خيصاي وأسبوع في خير السينة للتقيويم‬
‫اإلشهادي‪.‬‬

‫‪ /2‬التخطي ـ الرحل ــي‪:‬‬

‫ينبنييي التخطييي املرحلييي (‪)planification intérmidiaire‬علييى توزيييع التعلمييات الدراسييية أو‬


‫تجييزيء املقييررات أو املنييا ا التربوييية حسييب مراحييل زمنييية تكوينييية معينيية إمييا باتبيياع التكييوين‬
‫األسدوهيياي (سييتة أشييهر)‪ ،‬وإمييا اختيييار التكييوين األثلييو ي (ثالثيية أشييهر) ‪ ،‬وإمييا بانتهيياج التكييوين‬
‫التربييوي والديييدكتيكي حسييب املجييزوءات‪ .‬ويسييمى هييذا التخطييي أيضييا بييالتخطي املرحلييي‪،‬‬
‫أو التخطييي البينييي‪ ،‬أو التخطييي التكييويني ‪ .‬وستعبييير خيير‪ ،‬فييالتقويم املرحلييي ‪ -‬فييي الحقيقيية‪-‬‬
‫م ييرتب بإنج يياز مج ييزوءة معين يية ف ييي و ييوء كفاي يية أساس ييية معين يية بع ييد امل ييرور بطبيع يية الح ييال‬
‫بمحطة اإلدماج السياقي‪.‬‬
‫‪ /1‬التخطي اليوم ــي‪:‬‬

‫نعنييي بييالتخطي اليييومي ميياينجزه املييدرس الكفييائي ميين تعلمييات وكفايييات مستعرويية فييي يييوم‬
‫معييين‪ ،‬وتييدبير مختلييف اإليقاعييات الزمنييية التييي علييى هييديها يييتم تقييديم الوحييدات املقطعي يية‬
‫واملضامين التعلمية في مختلف املواد التي سيقبل علوها املتعلم في يومه الدراهاي‪.‬‬

‫‪ /1‬التخطي اإلجرائي ‪:‬‬

‫‪60‬‬
‫يس ي ى التخطييي اإلجرائييي (‪ )la planification opérationelle‬إلييى هندسيية خطيية الييدرس‬
‫بش ييكل عمل ييي وإجرائ ييي واض يي‪ ،‬مفص ييل ف ييي جمي ييع خطوات ييه املتسلس ييلة واملتعاقب يية واملتداخل يية‪.‬‬
‫ويس ييمى ه ييذا التخط ييي ك ييذلك بج ييذاذة ال ييدرس‪ ،‬أو خط يية ال ييدرس‪ ،‬أو هندس يية ال ييدرس‪ ،‬أو‬
‫تخطي الدرس‪ ،‬أو مقطع الدرس‪ .‬ويصف هذا التخطي جميع الخطوات املتبعية مين قبيل‬
‫املعلم واملتعلم على حد سواء‪.‬أي‪ :‬تقسم التعلمات الديدكتيكية إلى أنشطة املدرس وأنشطة‬
‫املتعلم انطالقا من كفايات محددة بدقة‪ ،‬واختيار املوارد والوسائل والطرائق البيداغوجيية‬
‫التي يمكن اتباعهيا باسيتعمال وسيائل التقيويم املالئمية‪ ،‬واالنتقيال‪ ،‬بعيد ذليك‪ ،‬إليى الوويعيات‬
‫اإلدماجية‪ ،‬لتعقبها مرحلة املعالجة واالستدراك والدعم‪.‬‬
‫وسنيياء علييى ماسييبق‪ ،‬فييالتخطي اإلجرائييي يصييف مسييار التعلمييات بشييكل مفصييل‪ ،‬فييي مرحليية‬
‫معينة من التدريس‪ ،‬انطالقا من مرحلة تحديد الكفايات إلى مرحلية التقيويم‪ ،‬ميرورا بمرحلية‬
‫اإلنجاز وإرساء املوارد‪.‬‬

‫‪ /5‬التخطي اإلدمافي‪:‬‬

‫يتعل ييق التخط ييي اإلدم يياجي بت ييدبير ج ييذاذة دراس ييية ف ييي و ييوء بي ييداغوجيا اإلدم يياج بتس ييطير‬
‫ووي ي ييعية معيني ي يية مرتبطي ي يية بمواردهي ي ييا وسي ي ييندها وحاملهي ي ييا وتعليماتهي ي ييا ومعاييرهي ي ييا ومؤش ي ي يراتها‬
‫التقويمية‪ .‬باإلوافة إلى شبكات التمرير‪ ،‬والتحقق‪ ،‬واملعالجة‪ ،‬والدعم‪ ،‬واالستدراك‪.‬‬

‫وتعييد جييذاذة الييدرس ميين أهييم الوثييائق الضييرورية التييي يسييتعين بهييا املييدرس وامليتعلم علييى حييد‬
‫سييواء إلنجيياز الييدرس فييي وييوء مجموعيية ميين الكفايييات العاميية والخاصيية بغييية أجرأتهييا عمليييا‬
‫إلنم يياء الكفاي يية وإرس ييائها وتثبيته ييا ودعمه ييا وتعزيزه ييا بغي يية تحقي ييق اله ييدف النه ييائي أو أجي يرأة‬
‫الكفاييية األساسييية‪ .‬لييذا‪ ،‬ينبغييي احت يرام مجموعيية ميين الخطييوات واملراحييل واملقيياطع التعلمييية‬
‫التييي ينبغييي املييرور منهييا للوصييول إلييى الهييدف النهييائي أو الكفاييية اإلجمالييية‪ .‬وميين هنييا‪ ،‬تتضييمن‬
‫خطة الجذاذة ثالثة مقاطع أساسية ي‪:‬‬

‫‪‬مقطع الت خي ‪ ،‬واملراجعة‪ ،‬والتقويم القبلي‬

‫‪61‬‬
‫املحتوي ييات والطرائ ييق البيداغوجي يية والوسي ييائل‬ ‫‪‬مقط ييع التك ييوين الق ييائم عل ييى اس ييتعرا‬
‫الديدكتيكية‪ ،‬وتحديد أنما الفضاء وطرائق التفاعل والتواصل داخل الصف الدراهاي‬

‫‪‬مقط ييع التق ييويم اإلجم ييالي الق ييائم عل ييى التطبيق ييات الش ييفوية والكتابي يية‪ ،‬وتحض ييير ال ييدرس‬
‫القادم‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فاملدرس الكفء الحقيقي هو الذي يمتلك كفاية التخطي واالستشراف‪ ،‬وتنظيم‬
‫الدرس في أحسن صورة‪ ،‬والتخطي له على مستوى األمد القريب‪ ،‬واألمد املتوس ‪ ،‬واألمد‬
‫البعيد‪ .‬والهدف من ذلك كله هو تحقيق الكفايات األساسية والتكميلية واملستعروة‪.‬‬

‫ب‪ -‬كفــال ــة التدبي ــر‪:‬‬

‫يقصد بالتدبير الديدكتيكي بناء ووعيات ديدكتيكية تطبيقية في مدة معينة‪ ،‬وتدبيرها في‬
‫مستوى دراهاي معين‪ ،‬أو ومن مستويات دراسية مختلفة من مستويات املدرسة االبتدائية‬
‫إما داخل فصل دراهاي أحادي‪ ،‬وإما داخل فصل دراهاي مشترك من خالل االعتماد على‬
‫مجموعة من الوثائق واللرامظ الرسمية باستعمال أشكال التنفيذ وفق مقارسة الكفايات‬
‫وسيداغوجيا اإلدماج‪ .‬ويعني هذا أن التدبير الديدكتيكي هو بناء الدرس في شكل ووعيات‬
‫ديدكتيكية وإدماجية حسب مقاطع فضائية وزمانية معينة في ووء املقارسة بالكفايات‬
‫واإلدماج‪ ،‬من خالل التركيز على مجموعة من األنشطة التي يقوم بها املعلم واملتعلم معا‬
‫بتوظيف طرائق بيداغوجية ووسائل ديدكتيكية معينة‪ ،‬بتمثل معايير ومؤشرات معينة في‬
‫التقويم واملعالجة‪.‬‬

‫الواقع في ووء‬ ‫وتتمثل أهداف التدبير الديدكتيكي في أجرأة الكفايات واألهداف في أر‬
‫املقارسة بالكفايات واإلدماج بتنفيذها وفق ووعيات ديداكتيكية مجسدة في شكل‬
‫خطاطات مفصلة وجذاذات مقطعية قابلة للتنفيذ والتطبيق‪ .‬كما يهدف التدبير‬
‫الديدكتيكي إلى بناء ووعيات تعلمية إجرائية وتطبيقية في شكل مقاطع تعليمية ‪ -‬تعلمية‬
‫‪62‬‬
‫تشمل مختلف أنشطة املعلم واملتعلم‪ ،‬وأيضا أنواع التقويم واملعالجة في مكان محد وزمن‬
‫معين‪ .‬بمعنى أن التدبير ينصب على تنظيم مختلف العمليات الديدكتيكية في ووعيات‬
‫إشكالية بسيطة ومعقدة سواء أكان ذلك في األقسام الصفية األحادية أم األقسام الصفية‬
‫والتنظيم وفق ووعيات‬ ‫املتعددة واملشتركة‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يتخذ التدبير طابع التخطي‬
‫إدماجية قابلة للتقويم واملعالجة والقياس واإلشهاد في شكل مقاطع دراسية محددة‬
‫ديدكتيكيا وإيقاعيا‪.‬‬

‫ويالحء أن لليتدبير الديدكتيكي أهمية كلرى‪ .‬وتتمثل هذه األهمية اإلستراتيجية في عقلنة‬
‫بالتنفيذ والتطبيق والتقويم‪ ،‬وتحويل‬ ‫التخطي‬ ‫العملية التعليمية ‪ -‬التعلمية‪ ،‬ورس‬
‫التمثالت املجردة إلى مخططات عملية سلوكية‪ ،‬وأجرأة الكفايات واألهداف املسطرة‬
‫تطبيقا وتنفيذا‪ .‬كما يعد التدبير لية ورورية لتحقيق الجودة الكمية والكيفية‪.‬‬

‫ومن وظائف املدرس املدبر وظيفة التخطي ‪ ،‬ووظيفة التسيير‪ ،‬ووظيفة التوجيه‬
‫والوصاية‪ ،‬ووظيفة التنظيم‪ ،‬ووظيفة التطبيق‪ ،‬ووظيفة التنفيذ‪ ،‬ووظيفة التحكم‪،‬‬
‫ووظيفة القيادة‪ ،‬ووظيفة التنسيق‪ ،‬ووظيفة املراقبة املرحلية أو املستمرة‪ ،‬ووظيفة التوقع‪،‬‬
‫ووظيفة التقويم والتصحيح واملعالجة‪...‬‬

‫وينبني التدبير الديدكتيكي على مجموعة من املرتكزات املنهجية التي يمكن حصرها‪ :‬في‬
‫أنشطة املعلم وأنشطة املتعلم علر مجموعة من املقاطع الدراسية (املقطع االستهاللي‪،‬‬
‫واملقطع التكويني‪ ،‬واملقطع النهائي)‪ ،‬واالنطالق من مجموعة من األهداف والكفايات‬
‫املسطرة‪ ،‬وتحديد فضاء التدبير‪ ،‬والتركيز على اإليقاع الزمني ت خيصا وتكوينا ومعالجة‪،‬‬
‫ورصد الووعيات الديدكتيكية واإلدماجية‪ ،‬وتنظيمها في شكل جذاذة دراسية تخطيطا‬
‫وتطبيقا وتنفيذا‪ ،‬واختيار أنواع الطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية التي تسعف‬
‫املدرس واملتعلم معا في التعامل مع الووعيات الكفائية وأنواع الووعيات املقدمة‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫السنوي واملرحلي والديدكتيكي‪،‬‬ ‫ويعني هذا كله أن التدبير يأتي بعد مرحلة التخطي‬
‫وينصب اهتمامه على مجال التعلم ببلورة ووعيات التعلم‪ ،‬وتبيان كيفيات إنجاز الدرس‪،‬‬
‫وتحديد طرائق تدبير القسم‪ ،‬وذلك كله في عالقة جدلية بمجال التخطي من جهة‪،‬‬
‫ومجال التقويم والدعم من جهة أخرى‪.‬‬

‫و يتطلب التدبير الديدكتيكي أن يتعرف املدرس إلى مختلف منهجيات وحدة اللغة العرسية‬
‫والكتابة‪ ،‬ومنهجية‬ ‫باملدرسة االبتدائية كأن يعرف منهجية القراءة‪ ،‬ومنهجية الخ‬
‫التعبير‪ ،‬ومنهجية النحو والصرف واإلمالء والشكل‪ ،‬ومنهجية املحفوظات‪ ،‬ومنهجية التربية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ومنهجية الووعيات اإلدماجية والتقويمية‪...‬‬

‫الدراسية وغالفها الزمني‪ ،‬ويعرف كذلك أنواع‬ ‫وأن يعرف أيضا كيف تتوزع الحص‬
‫ووعيات التعلم من أجل تحديد الطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية املالئمة‬
‫لتقديم املقطع الدراهاي‪ ،‬أو مجموعة من املقاطع الديدكتيكية‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يستلزم‬
‫التدبير الديدكتيكي التعرف إلى تقنيات التنشي والتواصل‪ ،‬وإعداد معينات ديدكتيكية‬
‫مالئمة للمقطع (املورد)‪ ،‬وتكييف مختلف التقنيات التنشيطية والتواصلية مع‬
‫خصوصيات القسم (قسم حضري‪ ،‬وقسم مشترك‪ ،‬وقسم مكتء‪ )...‬بتنويع تقنيات‬
‫التواصل مع التمركز حول املتعلم ‪ ،‬واستثارة قدراته الكفائية واإلدماجية‪ ،‬واالنطالق من‬
‫نظريات التعلم في أثناء التدبير‪.‬‬

‫ويستلزم التدبير الديدكتيكي تعب ة مجموعة من املوارد األساسية التي تساعد املعلم‬
‫واملتعلم على مواجهة الووعيات اإلدماجية‪ ،‬وإيجاد الحلول املناسبة لها وفق املقارسة‬
‫بالكفايات واإلدماج‪ .‬ومن بين هذه املوارد الضرورية التمكن من وواب اللغة العرسية‬
‫الفص ى‪ ،‬وتمثل معاييرها الصوتية‪ ،‬والصرفية‪ ،‬والتركيبية‪ ،‬والداللية‪ ،‬والبالغية‪،‬‬
‫والتواصلية‪ .‬فضال عن التعرف إلى منهجية مكونات وحدة اللغة العرسية بالسلكين‪ :‬األساس‬
‫واملتوس ‪ ،‬واستيعاب تقنيات التنشي والتواصل بتدبير وظيفي بناء وفعال لكل املعينات‬
‫‪64‬‬
‫الديدكتيكية‪ ،‬واعتماد مختلف الطرائق البيداغوجية املناسبة لتقديم الووعيات‬
‫الديدكتيكية واإلدماجية ومن أوسا سوسيوترسوية متعددة (أقسام مكتضة‪ ،‬وأقسام‬
‫بالوس القروي‪ ،‬وأقسام متعددة املستويات‪ ،‬أو ما يسمى كذلك باألقسام املشتركة‪،)...‬‬
‫وتدبير الفوارق الفردية باعتماد البيداغوجيا الفارقية‪ ،‬وتحديد الصيغ املالئمة لتدبير‬
‫أزمنة وفضاءات التعلم (عمل فردي‪ ،‬وعمل جماعي‪ ،‬واالشتغال في فرق ومجموعات‪،)...‬‬
‫والتمكن من مباد اإلدماج‪ ،‬والتعرف إلى كيفية بناء الووعيات الديدكتيكية واإلدماجية‬
‫‪ ،‬وتبيان طرائق إنجازها وتنفيذها‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يتجسد التدبير الديدكتيكي في إعداد جذاذات نمطية‪ ،‬أو بطاقات تقنية‪،‬‬
‫أو خطاطات هيكلية‪ ،‬تعمل على تنظيم العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪ .‬ويستند التدبير‬
‫الديدكتيكي إلى إفراغ التعلمات واألنشطة في مجموعة من املراحل الرئيسية‪ ،‬بعد أن‬
‫تتحدد الكفاية املستهدفة‪ ،‬وتعين مجموعة من األهداف اإلجرائية‪.‬‬

‫وتضم الجذاذة التقنية أيضا ‪ ،‬إلى جانب العتبات واملعينات ال خصية‪ ،‬ثالث مراحل أو‬
‫مقاطع أساسية‪ ،‬و ي ‪:‬‬

‫‪ ‬القطع التمهيدي أو االبتدائي أو االستهاللي‪ ،‬ويكون في شكل مراجعة‪ ،‬أو تقويم‬


‫ت خيصاي‪ ،‬أو استكشاف توق ي لتمثالت التالميذ حول املوووع املدروس‬

‫‪‬القطع التكويني‪ ،‬ويرتكز على أنشطة املعلم واملتعلم في شكل أفعال كفائية وقدرات‬
‫مرصودة بتبيان الطرائق البيداغوجية واملوارد والوسائل الديدكتيكية مع تقويمها‬

‫‪ ‬القطع النهائي أو الختامي أو التقويمي‪ ،‬ويكون بمثابة تطبيقات واستنتاجات‬


‫واستثمارات وأنشطة لإلنجاز والتقويم النهائي أو اإلجمالي‪.‬‬

‫هذه املراحل في النموذج التقني التالي‪:‬‬ ‫ويمكن ت خي‬

‫‪65‬‬
‫ج ــذاذة نموذجية‪-‬‬ ‫‪-‬‬

‫األستاذ‪...........................:‬‬ ‫رقم الجذاذة‪.............:‬‬ ‫التاريخ‪...........................:‬‬

‫عنواح الدرس‪..................:‬‬ ‫الادة‪.......................:‬‬ ‫الؤسسة‪........................:‬‬

‫الوحدة‪...........................:‬‬ ‫الدة الزمنية‪...............:‬‬ ‫الستوى‪.........................:‬‬

‫األساوع‪.........................:‬‬ ‫مكوح الوحدة‪:‬‬ ‫رقم الوحدة‪......................:‬‬

‫‪....................................................................................................‬‬ ‫الكفالة‬
‫الستهدفة‬
‫‪..................................................................................................‬‬

‫‪....................................................................................................‬‬
‫تقويم‬ ‫الطرا ق‬ ‫الوسا ل‬ ‫األنشطة الدلداكتيكية‬ ‫األهداف‬
‫الايدايوجية ودعم‬ ‫التعليمية‬ ‫اإلجرا ية‬
‫التعلم‬ ‫الدرس‬

‫تقويم‬ ‫القطع‬
‫قاكي‬ ‫التمهيدي‬

‫تقويم‬ ‫القطع‬
‫تكويني‬ ‫التكويني‬

‫تقويم‬ ‫القطع‬
‫إجمالي‬ ‫النهائي‬

‫‪66‬‬
‫‪ ،‬مما سبق‪ ،‬إلى أن املدرس الحق هو الذي يمتلك كفاية التدبير ببناء ووعيات‬ ‫ونخل‬
‫تعليمية‪ -‬تعلمية‪ ،‬أو صياغة ووعيات إدماجية داخل فصل دراهاي معين سواء أكان ذلك‬
‫الفصل أحاديا أم مشتركا اعتمادا على الوثائق الرسمية ‪ .‬ويتمثل هدف املدرس في تحقيق‬
‫الكفايات األساس من جهة‪ ،‬وتحقيق أهداف إجرائية معينة‪ ،‬قد تكون معرفية‪ ،‬أو وجدانية‬
‫انفعالية‪ ،‬أو حسية حركية‪ .‬بمعنى أن املدرس املدبر الكفء هو الذي يبني األنشطة‬
‫الديدكتيكية والتقويمية بشكل تطبيقي وإجرائي‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يتخذ هذا التدبير شكل‬
‫جذاذات ومخططات مقطعية تنطلق من املنا ا واللرامظ الرسمية ‪ ،‬و تراعي خصوصيات‬
‫املتعلمين ومن فضاء زمكاني معين‪ ،‬باختيار طرائق ووسائل ديدكتيكية وسيداغوجية‬
‫معينة‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬ينصب التدبير على تخطي األنشطة والتعلمات الخاصة بكل‬
‫مادة دراسية بشكل بنائي مفصل ووظيفي‪ ،‬وقابل للتنفيذ واألجرأة بترقب كل الطوار‬
‫واملستجدات التي تلرز في أثناء التفاعل والتواصل داخل جماعة القسم‪.‬‬

‫ج‪ -‬كفالة التق ــويم‪:‬‬

‫من أهم الكفايات التي ينبغي للمدرس الجيد اإلملام بها التمكن من كفاية التقويم‪ .‬ويعد‬
‫التقويم من أهم عناصر املنظومة البيداغوجية‪ ،‬ومن املرتكزات األساسية في العملية‬
‫التعليمية ‪-‬التعلمية ملا له من عالقة أساسية مع األهداف والكفايات املسطرة‪ .‬عالوة على‬
‫مواطن القوة والضعف في نظامنا البيداغوجي ‪ .‬ويعد أيضا‬ ‫كونه املعيار الحقيقي لت خي‬
‫أداة فاعلة للتثبت من نجاعة التجارب اإلصالحية في مجال التربية والتعليم‪.‬‬

‫ومن األكيد أن التقييم والتقويم وجهان لعملة واحدة‪ ،‬لكن التقويم أعم من التقييم‬
‫والقياس ألن التقويم هو الحكم على عمل‪ ،‬أو شخ ‪ ،‬أو (ايء‪ ،‬أو حدث‪ ،‬أو مهمة منجزة‬
‫املرصود بعد‬ ‫بإصدار حكم قيمة‪ .‬أي‪ :‬إن التقويم هو تثمين وتقييم املنجز أو ال خ‬
‫إخضاعه لطرائق ومعايير دوسيمولوجية وقياسية ( األس لة‪ ،‬واالختبارات‪ ،‬والروائز‪،‬‬
‫والفرو ‪ ،.‬واالمتحانات‪ .)...‬أما التقييم‪ ،‬فيحيل على القيمة أو التقدير‪ ،‬سواء العددي منه‬
‫‪67‬‬
‫أم املعنوي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يكون القياس أول خطوة يبدأ بها املقوم لسحكم على املنجز مادام‬
‫خاوعا للتأشير الكمي والكيفي‪ .‬وإذا كان التقويم بمعنى التقدير العددي واملعنوي اعتمادا‬
‫على معايير قياسية محددة‪ ،‬فإنه كذلك سيرورة نسقية تهدف إلى تحديد مدى تحقق‬
‫األهداف والكفايات لدى املتعلم علر العملية الديدكتيكية‪.‬‬

‫وينصب التقويم على مدى تحكم املتعلم في مهارة ما‪ ،‬وتحديد درجة التحكم واإلتقان‪.‬‬
‫وليس املهم هو تقويم املعارف‪ ،‬بل تقويم الكفايات والقدرات املستضمرة لدى املتعلم‪.‬‬
‫بمعنى التركيز على الكيف وليس الكم‪ .‬أي‪ :‬تقويم مدى تحكم املتعلم في مهارات اكتساب‬
‫املوارد وحسن توظيفها‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالهدف من بيداغوجيا الكفايات هو إعطاء معنى ما‬
‫للتعلمات بتحويل املضامين واملحتويات إلى ووعيات ومشاكل مستعصية‪ ،‬ومعقدة ‪،‬‬
‫ومتنوعة‪ ،‬ومركبة‪ ،‬وجديدة‪.‬‬

‫وينبني التقويم على طرح مجموعة من األس لة الجوهرية‪ ،‬مثل‪ :‬ملاذا نقوم؟ وماذا نقوم؟‬
‫وملن نقوم؟ ومن يقوم؟ وماذا نقوم؟ ومتى نقوم؟ وأين نقوم؟‬

‫ويعني هذا أن هذه األس لة تحيل على املقوم (املدرس‪ ،‬واملشرف‪ ،‬والتلميذ‪ ،‬واملكون‪،‬‬
‫واملتعلم‪ ،‬والتكوين‪ ،)...‬أو على العمل املقوم (إنجازات املتعلم الكتابية والشفوية‪،‬‬
‫واملعارف‪ ،‬واملهارات‪ ،‬والكفايات النوعية واملستعروة‪ ،)...‬وتحديد الهدف من التقويم‬
‫(تحديد أهداف إجرائية أو كفايات نمائية )‪ ،‬والتأشير على طبيعة التقويم(تقويم ذاتي أو‬
‫تقويم موووعي‪ ،‬فرو ‪ ،‬واختبارات‪ ،‬وروائز‪ ،)...‬وتبيان زمان التقويم ومكانه‪ ،‬ثم تبيان ملن‬
‫يتم هذا التقويم (القطاع املسؤول عن التربية والتعليم‪ ،‬مستقبل التلميذ‪ ،‬التكوين‪،‬‬
‫املتعلم‪)...‬‬

‫و للتقويم عدة وظائف أساسية‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ ‬الوظيفة االجتماعية التي تتمثل في معرفة مدى صالحية النظام التربوي ملسايرة‬
‫التطور االجتماعي‪ ،‬ومدى قدرة املدرسة على تغيير املجتمع أو التكيف معه‪ ،‬ومدى قدرتها‬
‫على إعداد املتعلم اجتماعيا وتأهيله نظريا وتطبيقيا لخدمة املجتمع‪ ،‬والسير به نحو فاق‬
‫زاهرة‪.‬‬

‫‪ ‬الوظيفة الايدايوجية التي تتجلى في تقويم العملية التعليمية‪-‬التعلمية‪ ،‬والتحقق من‬


‫األهداف املسطرة في شكل سلوكيات وكفايات‪ ،‬واختبار الطرائق البيداغوجية والوسائل‬
‫الديدكتيكية واالستراتيجيات املتبعة في إلقاء الدروس‪ ،‬وتحليل السياقات االجتماعية‬
‫والنفسية للمتعلمين بغية معرفة مواطن الخلل واإلخفاق عن طريق املعالجة والفيدباك‪.‬‬
‫ويعني هذا أن التقويم إجراء ت خيصاي ملستوى املتعلمين واألساتذة معا‪.‬‬

‫‪‬الوظيفة الؤسسية التي تحيلنا على سلطة املدرس عندما يشهرها في وجه التلميذ‪ ،‬أو‬
‫الخضوع للنظام املؤسسساتي الترات ي والطبقي‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول بلبل( ‪:)PELPEL‬‬

‫"إن هدف الوظيفة االجتماعية هو في األخير توزيع األفراد حسب أذواقهم وقدراتهم على‬
‫مجاالت مختلفة من الحياة االجتماعية واملهنية‪ ،‬بينما نجد العكس في التقييم الايدايوفي‬
‫حيث إن الهدف هو خلق مجموعة متجانسة‪ ،‬ألن املشروع البيداغوجي للمدرس اليمكن أن‬
‫يهدف إال إلى إنجاح الجميع‪ ،‬أو على األقل األغلبية‪ .‬أما بالنسبة للوظيفة الؤسسية والتي‬
‫تعتلر وسيطة بين الوظيفتين‪ :‬االجتماعية والبيداغوجية فهدفها اليمكن أن يكون إال‬
‫متناقضا‪ :‬إنه في الوقت نفسه االرتقاء والتصفية‪ .‬فقرار التصفية واالرتقاء متعلقان بنوع‬
‫السنة الدراسية‪ :‬في بعض األحيان تحدد مسبقا نسبة النجاح ملستوى معين‪ .‬كما أن لنفس‬

‫‪69‬‬
‫القرارين عالقة باملؤسسات‪ ،‬فبعضها أكثر تسامحا‪ ،‬والبعض اآلخر أكثر تشددا‪ .‬أي‪ :‬إنه‬
‫أكثر تصفية"‪96.‬‬

‫وتكمن أهمية التقويم في كونه فعال طبيعيا وعقالنيا الختبار منا ا التعليم‪ ،‬والتأكد من‬
‫األهداف التي تم تحقيقها و لم يتم تحقيقها عن طريق القياس والدوسيمولوجيا (‬
‫‪ .)Docimologie‬كما أن التقويم واجب وطني من خالله نتأكد من مدى نجاعة نظامنا‬
‫التربوي الوطني‪ ،‬ومدى قدرة املدرسة على املواكبة‪ ،‬والتثبت من مدى نجاعتها في تأهيل‬
‫املتعلمين لسحاور واملستقبل معا‪ .‬كما أنه واجب اجتماعي ملعرفة الدور الذي يقوم به هذا‬
‫النظام التربوي في تنمية املجتمع وتطويره‪ .‬فضال عن كونه أداة في عملية اإلصالح والتأطير‬
‫والكمال لدى‬ ‫مواطن النق‬ ‫والتكوين‪ .‬وسصفة عامة‪ ،‬يساعد التقويم على ت خي‬
‫املدرسين واملتعلمين واإلداريين واملشرفين واملسؤولين عن املنظومة التربوية والتعليمية على‬
‫حد سواء قصد اتخاذ القرارات الصائبة من أجل اإلصالح وإيجاد الحلول املناسبة لكل‬
‫التعثرات ‪.‬‬

‫وللتقويم كذلك أهداف ووظائف أخرى‪ ،‬يمكن حصرها في الالئحة التالية من األغرا‬
‫واملقاصد‪:‬‬

‫‪ ‬يهدف التقويم إلى تحديد تقدم املستوى التعلمي لدى التلميذ أو الطالب‬

‫مواطن القوة والضعف في العملية التعليمية‪ -‬التعلمية بصفة خاصة‪،‬‬ ‫‪ ‬ت خي‬
‫واملنظومة التربوية بصفة عامة‬

‫‪ ‬تقويم طرائق التدريس من جهة‪ ،‬وتتبع العملية الديدكتيكية من جهة أخرى‬

‫‪ ‬التثبت من مدى تحقق األهداف املعلنة في مدخالت الدرس‬

‫‪96‬‬ ‫‪-P . PELPEL : Se former pour enseigner, Bordas, Paris, 1966, p :105.‬‬
‫‪70‬‬
‫‪ ‬انتقاء املتعلمين األكفاء املؤهلين‪ ،‬وتمييزهم عن غير األكفاء‬

‫‪ ‬مساعدة املتعلم على التقويم الذاتي‪ ،‬وتصحيح األخطاء املرتكبة بجردها وتصنيفها‬
‫وتصحيحها ومعالجتها‬

‫‪ ‬مراقبة املتعلم مراقبة متدرجة علر مساره الدراهاي‬

‫‪ ‬استكشاف طبيعة القدرات لدى املتعلم ‪ ،‬واستجالء طبيعة املواهب والذكاءات‬


‫املوجودة لديه‬

‫‪ ‬يساعد املقوم على التغذية الراجعة‪ ،‬وتمثل املعالجة الداخلية والخارجية‬

‫مستوى املتعلمين قبليا‪ ،‬وتكوينيا‪ ،‬ونهائيا‬ ‫‪ ‬ت خي‬

‫‪ ‬التقويم أداة مهمة في االنتقاء والتكوين وتنمية الكفاءات اإلنمائية األساسية علر‬
‫مجموعة من املجزوءات اإلجبارية والداعمة والتكميلية‪.‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬للتقويم أربع وظائف أساسية كلرى ي‪:‬‬

‫‪ /3‬الوظيفة الت خيصية (تبيان مواطن القوة والضعف)‬

‫‪ /2‬الوظيفة التحكيمية (إصدار أحكم تقديرية)‬

‫‪ /6‬الوظيفة االستشرافية (تحديد مستقبل املتعلم وطبيعة التوجيه)‬

‫‪ /2‬الوظيفة اإلشهادية (الشهادة والدبلوم)‪..‬‬

‫وتمر عملية التقويم التربوي والديدكتيكي ‪ -‬كما هو معروف‪ -‬بثالث مراحل أساسية‪ ،‬و ي‪:‬‬

‫‪ /3‬تحض راالختاار‪ :‬بتحديد هدفه‪ ،‬وعر مضمونه‪ ،‬واختيار نوع األس لة‪ ،‬وتبيان معايير‬
‫التصحيح وسلم التنقي ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ /2‬إجراء االختاار‪ :‬ينجز املمتحن االختبار الذي قد يكون كتابيا أو شفويا في زمان ومكان‬
‫معينين‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تصح‪ ،‬اإلجابات في ووء مقاييس معيارية مضبوطة‪.‬‬

‫‪ /6‬استعمال االختاار‪ :‬بتفسير نتائجه وأخذ القرارات الالزمة‪.‬‬

‫أما الجوانب التنظيمية لالمتحانات املعيارية ( ما يسمى بالتقويم الخارجي)‪ ،‬فتعهد إلى لجان‬
‫مختصة إما وطنية وإما جهوية وإما إقليمية لتعد املوووعات الخاصة بكل امتحان ‪ .‬ويتم‬
‫إعداد االمتحان انطالقا من اقتراحات األساتذة باحترام التعليمات الواردة في املذكرة‬
‫الوزارية‪ .‬وتجرى االمتحانات في املؤسسات التعليمية‪ ،‬وتسهر علوها أطر ترسوية وإدارية‬
‫ومشرفون إلوفاء املصداقية على الشهادات والدبلومات بغية توفير تكافؤ الفرص بين‬
‫التالميذ‪.‬‬

‫وثمة عمليات مصاحبة إلجراء االختبارات داخل مركز التقويم أو االمتحان كتيهيء القاعات‬
‫بالعدد الكافي‪ ،‬وووع لوائح املرشحين انطالقا من املحاور الجماعية‪ ،‬وتوزيع املرشحين‬
‫على القاعات بالتنسيق مع األكاديمية‪،‬ووب الغياب‪ ،‬وإعداد لوائح املراقبين والقاعات‬
‫املسندة إلوهم(مراقبان في كل قاعة‪ -‬مثال‪ ،)-‬وإعداد أوراق التحرير والتسويد بالنسبة لجميع‬
‫االمتحانات‪ ،‬وفتح األظرفة الخاصة باملواويع أمام مرأى التالميذ واملراقبين واملشرفين‪،‬‬
‫والحرص على احترام مواقيت االمتحان‪ .‬وتتم املراقبة داخل القاعة بالتأكد من هوية‬
‫التالميذ‪ ،‬وتجريدهم من وثائقهم‪ ،‬وإعطائهم أوراق االمتحان والتسويد‪ ،‬والتثبت من توقيع‬
‫املرشحين بعد تسلم أوراق االمتحان‪ ،‬ووب الغياب في أوراق صفراء مخصصة لذلك‪،‬‬
‫ووب حاالت الغ في محضر الغ ‪ ،‬وإرجاع األوراق إلى إدارة املؤسسة‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬ترجع‬
‫أوراق االمتحان إلى اإلدارة اإلقليمية والجهوية‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬يعتلر التصحيح إجراء ترسويا فاعال في عملية التقويم‪ ،‬والتقييم‪،‬‬
‫والقياس‪ .‬و يتم التصحيح من قبل األستاذ شفهيا أو كتابيا سواء أكان ذلك في مجموعة‬
‫كبيرة أم صغيرة‪ .‬كما يتم من قبل املتعلم ذاتيا أو من قبل أقرانه‪.‬‬

‫ومن مواصفات التصحيح أن يكون واضحا ومنتظما متتبعا ألعمال التلميذ‪ ،‬ومفردنا يحترم‬
‫شخصية التلميذ‪ ،‬وإيجابيا يعترف بعمل التلميذ ومجهوده كيفما كان ناقصا‪ .‬وينبغي أن‬
‫يكون ملررا تلريرا ترسويا كما وكيفا‪ .‬وتتم عملية التصحيح بعد أن توزع األكاديمية أظرفة‬
‫االمتحانات على مختلف املؤسسات لترجعها في أوقات محددة‪.‬‬

‫وتجري عملية التصحيح داخل املؤسسة حيث يتم التأكد من عدد األوراق املوجودة في‬
‫الظرف قبل مباشرة عملية التصحيح وبعدها‪ ،‬والتثبت من النقطة النهائية‪ .‬وتستلزم كتابة‬
‫النقطة بالعدد والحروف‪ ،‬وإرفاق ذلك بالتظهير أو التوقيع في أثناء الوقوع في الخطأ أو‬
‫السهو من خالل الحرص التام على تطابق النقطة املوجودة في الورقة مع النقطة املدونة في‬
‫املحضر الجماعي‪ ،‬واملشاركة في عملية املداوالت‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تستثمر نتائظ االمتحانات‬
‫املوحدة أو املعيارية في اتخاذ القرارات الالزمة على مستوى املؤسسة‪ ،‬واملستوى اإلقليمي‪،‬‬
‫مواطن الضعف‬ ‫واملستوى الجهوي‪ ،‬واملستوى الوطني‪.‬والهدف من ذلك كله هو ت خي‬
‫واإليجابيات‪ ،‬وإبراز مواطن الجودة والخلل ‪ ،‬والقصد من ذلك‬ ‫والكمال‪ ،‬وتحديد النواق‬
‫هو تحسين مردودية النظام التعليمي‪.‬‬

‫ويمكن الحديث عن أنواع عدة من االمتحانات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬حسب طبيعتها‪:‬امتحانات كتابية وامتحانات شفوية‪.‬‬

‫‪ ‬حسب التصحيح‪ :‬امتحانات ذاتية وامتحانات موووعية‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪‬حسب التوظيف واالستعمال‪ :‬امتحانات معيارية (امتحانات وطنية) وامتحانات غير‬
‫معيارية ( امتحانات مدرسية داخلية)‪.‬‬

‫وهناك أيضا امتحانات التلريز ملعرفة مدى تحقق األهداف الكفائية لدى املتعلم أو‬
‫لتبيان‬ ‫الطالب‪ ،‬وامتحانات االنتقاء الصطفاء متعلمين معينين ‪ ،‬وامتحانات الت خي‬
‫مواطن القوة والضعف‪ ،‬وامتحانات استشرافية لتبيان مسار املتعلم في املستقبل من‬
‫حيث نجاحه وإخفاقه‪.‬‬

‫والغر من هذه االمتحانات كلها هو تقويم املتعلم إيجابا أو سلبا‪ ،‬وتوفير معايير التوجيه‬
‫امل ي أو الدراهاي‪ ،‬وتقديم شهادات صادقة لآلباء واملجتمع املدني حول مردودية النظام‬
‫التربوي من حيث التأهيل والكفاءات بمنح املتعلم شهادة أو دبلوما لينال بها مكانة‬
‫اجتماعية‪ ،‬أو منصبا‪ ،‬أو وظيفة ما‪.‬‬

‫وينقسم التقويم التربوي والديدكتيكي إلى ثالثة أقسام كلرى على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ /1‬التقويم التشخيص ي أو القاكي أو التمهيدي‪:‬‬

‫يقصد بالتقويم القبلي ذلك التقويم الذي ينصب على املكتسبات القديمة في إطار‬
‫املراجعة‪ ،‬واالستكشاف‪ ،‬واالستثمار ‪ .‬كما أنه تقويم يحفز املتعلم على طرح املوووع‬
‫واستكشافه‪ ،‬أو هو تقويم ت خيصاي يحاول معرفة مواطن القوة والضعف لدى املتعلم‪.‬‬
‫وسالتالي‪ ،‬له وظيفة إرشادية‪ ،‬وتوجوهية‪ ،‬وت خيصية‪ .‬وقد يكون التقويم القبلي أو التمهيدي‬
‫بمثابة ووعية استكشافية يراد بها إثارة انتباه املتعلم إلى موووع جديد قد يكون فعال‬
‫محور الدرس الكفائي‪.‬‬

‫وسناء على هذا التقويم‪ ،‬تتحدد الكفايات والقدرات املستهدفة‪ ،‬وتنتق الووعيات‬
‫واملحتويات واملعارف واملوارد ‪ .‬كما تحدد الطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية‬
‫الوظيفية‪ ،‬ويعين التقويم املناسب لقياس الكفاية واختبارها‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يكون التقويم‬
‫‪74‬‬
‫القبلي أو االستكشافي أو الت خيصاي في بداية السنة‪ ،‬أو بداية الحصة الدراسية‪ ،‬أو عند‬
‫تحضير املقطع األولي أو التمهيدي من الدرس‪.‬‬

‫‪ /2‬التقوي ــم التكوينــي‪:‬‬

‫يكون التقويم التكويني في وس الدرس‪ ،‬أو في أثناء بناء العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪ ،‬أو في‬
‫أثناء التنسيق بين أنشطة املتعلم واملعلم‪ .‬ويهدف هذا التقويم إلى التثبت من احة‬
‫الحلول التي يقترحها املتعلم‪ ،‬وكيفية تعامله مع الووعيات‪ .‬و من ثم‪ ،‬يس ى هذا التقويم‬
‫إلى مساعدة املتعلم على التقويم الذاتي ملعرفة األخطاء املرتكبة‪ .‬وينصب هذا التقويم على‬
‫عالقة املدرس باملتعلم من خالل أنشطة الووعيات‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يكون التقويم ذاتيا بالفعل‪.‬‬

‫ويستند التقويم التكويني الذي يتخلل العملية التعليمية‪-‬التعلمية‪ ،‬بكل مراحلها‪ ،‬إلى‬
‫التنظيم التربوي املنهجي‪ ،‬والتعرف إلى املساعدات الضرورية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تتمثل وظيفة التقويم التكويني في وظيفة تثبيت الكفاية وتعزيزها ‪ ،‬وسناء الدرس‬
‫كفائيا‪ ،‬وترسيق الووعيات بشكل إيجابي‪ ،‬وتكوين املتعلم تكوينا أدائيا وإنجازيا‪ ،‬وتطوير‬
‫قدراته النمائية واملعرفية في أثناء مواجهته للووعية املستهدفة‪ .‬وسطبيعة الحال‪ ،‬تتزامن‬
‫هذه الوظيفة مع مرحلة الدرس الوسطي أو املقطع الرئيس‪.‬‬

‫‪ /1‬التقويم اإلجمالــي‪:‬‬

‫يكون التقويم اإلجمالي أو النهائي في خر الحصة الدراسية بعد االنتهاء من املقطع الوسطي‬
‫الذي يتخلل الدرس‪ .‬ويكون هذا التقويم في شكل خالصات عامة‪ ،‬أو تطبيقات إدماجية‬
‫قصيرة أو طويلة‪ ،‬أو تمارين فصلية و منزلية ‪ .‬ويرتب التقويم اإلجمالي بمدة معينة بعد‬
‫االنتهاء من فر أو تجرسة أو درس‪ .‬ويهدف إلى قياس املعارف واملهارات ‪ ،‬والتثبت من مدى‬
‫تحقق الهدف أو الكفاية في خر الدرس‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫ويستحسن أن تجمع كل التمارين التطبيقية والووعيات اإلدماجية في مرتب املتعلم الذي‬
‫يسمى بامللف التراكمي أو (‪ )Port-folio‬الذي يحدد مستوى املتعلم بتتبع إنجازاته علر‬
‫الفترة الدراسية ‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬ينبغي أن يركز التقويم اإلجمالي الهادف على كيفية اكتساب املوارد واملعارف‬
‫واملهارات في إطار ما يسمى بامليتامعرفي‪ ،‬وقياس القدرات الكفائية‪ ،‬واالبتعاد عن قياس‬
‫املعارف واملعلومات املخزنة في الذاكرة‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬اليمكن الحديث عن مدرس جيد إال إذا كان يمتلك ثالث كفايات رئيسة‬
‫مهمة ي‪ :‬كفاية التخطي ‪،‬وكفاية التدبير‪ ،‬وكفاية التقويم‪.‬‬

‫وإذا كانت كفاية التخطي قائمة على ووع خط هندسية استشرافية قريبة ومتوسطة‬
‫وبعيدة‪ ،‬فإن كفاية التدبير قائمة على أجرأة هذه املخططات وتطبيقها وتنفيذها وتنزيلها‬
‫واقعيا وميدانيا‪.‬‬

‫وتستند كفاية التقويم إلى معايير كمية وكيفية لقياس تعلمات التلميذ وخلراته وقدراته‬
‫الكفائية عندما يووع أمام ووعيات معقدة ومركبة وجديدة لحل مشاكلها املستعصية‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يساعد التقويم املدرس الكفء على معرفة مستوى التالميذ‪ ،‬وتحديد مواطن‬
‫القوة والضعف لديهم‪ .‬كما يسعفه في اختيار املنا ا واللرامظ الصالحة لتحسين املنظومة‬
‫التربوية والديدكتيكية‪ .‬ويفيده كذلك في معرفة مدى تحقق األهداف والكفايات املرجوة‬
‫البلوغ إلوها‪ ،‬ويعطيه صورة واضحة عن مدى ما تحققه املدرسة من نتائظ‪ ،‬ويساهم عددا‬
‫وتقديرا في التوجيه واإلرشاد املدرهاي ‪.97‬‬

‫‪ -97‬محمد الدريظ ‪:‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪ ،3600‬ص‪.03-03:‬‬
‫‪76‬‬
‫وهكذا‪ ،‬نصل إلى أن املدرس الكفء والجيد هو الذي يتمثل الطرائق الجديدة في التدريس‪،‬‬
‫ويمتلك ثالث كفايات رئيسة وأساسية اليمكن الفصل بينها ي‪ :‬كفاية التخطي ‪ ،‬وكفاية‬
‫التدبير‪ ،‬وكفاية التقويم‪.‬‬

‫‪‬حقوق الوظف وواجاات وأخالقيات ‪:‬‬

‫يتمتع املدرس بمجموعة من الحقوق والواجبات‪ .‬ومن بين حقوقه ما يتعلق بالحريات‬
‫والحقوق الدستورية العامة كحرية التجول‪ ،‬وحرية االستقرار بأنحاء املمكلة املغرسية‪،‬‬
‫وحرية الرأي‪ ،‬وحرية التعبير بمختلف أشكاله‪ ،‬وحرية االجتماع‪ ،‬وحرية تأسيس الجمعيات‬
‫فوها‪ ،‬و حرية االنتماء إلى النقابات واألحزاب السياسية‪ ،‬واحترام سرية‬ ‫أو االنخرا‬
‫املمتلكات‪ ،‬وحق امللكية‪ ،‬وحرية املبادرة الخاصة‪ ،‬وحق االنتخاب‪ ،‬وحق الترش‪ ،‬ملختلف‬
‫االنتخابات‪.‬‬

‫الحقوق اإلدارية واالجتماعية ‪ ،‬فله حق الترسيم‪ ،‬وحق االنتقال‪ ،‬وحق‬ ‫وفيما يخ‬
‫تقاضاي األجرة‪ ،‬وحق التمتع بالرخ ‪ ،‬وحق الترقي‪ ،‬والحق في طلب االستقالة‪ ،‬وحق طلب‬
‫االستيداع املؤقت لغر خاص‪ ،‬أو بسبب مسؤولية اجتماعية‪ ،‬أو ظرف عائلي طار ‪ ،‬أو‬
‫من أجل متابعة الدراسات العليا‪ .‬وله الحق أيضا في االنخرا في النقابات املهنية والحرفية‬
‫التي تدافع عن حقوق العمال واملوظفين على حد سواء من أجل تحسين أوواع املدرس‬
‫املادية‪ ،‬واملعنوية‪ ،‬واالجتماعية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فقد كان املدرس يتبوأ مكانته ومن الطبقة‬
‫املتوسطة داخل املجتمع‪ ،‬تلك املكانة التي تتضعضع من حين آلخر حسب الظروف‬
‫االجتماعية والسياسية واالقتصادية للمجتمع املغربي‪ ،‬وقد يتدن مستوى املدرس األجير‬
‫إلى درجة الفقر والفاقة‪ ،‬فينزل من الطبقة املتوسطة إلى الطبقة الفقيرة سيما عندما‬
‫تتدن األجور وتبق ثابتة في مقابل تفشاي الغالء واالرتفاع الصاروخي ألثمان السلع‬
‫ُ‬
‫والبضائع واملنتجات‪ .‬وأكثر من هذا تقتطع من أجرته املتواوعة نفقات التقاعد كلما وقع‬
‫إفالس ما في صندوق التقاعد‪.‬لذلك‪ ،‬فقد تردت مكانة املدرس املغربي مجتمعيا بسبب‬
‫‪77‬‬
‫اإلفالس القيمي واالقتصادي والسياهاي حتى أصبح املدرس إنسانا هشا في املجتمع املغربي‬
‫مقارنة ببعض الطوائف والف ات االجتماعية األخرى كالقضاة ‪ ،‬واللرملانيين ‪،‬‬
‫والوزراء‪،‬ورجال األمن وجنيراالت العسكر‪.‬‬

‫عالوة على حق املوظف التربوي في االستفادة من ووعية اإللحاق لدى إدارة أخرى‪ ،‬أو‬
‫جماعة محلية‪ ،‬أو مؤسسة عامة‪ ،‬أو شركة تابعة للدولة‪ ،‬أو هي ة خصوصية ذات مصسحة‬
‫عامة‪ ،‬أو جمعية ذات منفعة عامة‪ ،‬أو دولة أجنبية‪ ،‬أو منظمة جهوية أو دولية‪.‬‬

‫فضال عن حق االستفادة من نظام الووع رهن اإلشارة لدى إدارة أخرى‪ ،‬أو من التفرغ‬
‫النقابي إذا كان املوظف منتميا إلى إحدى النقابات األكثر تمثيال‪.‬‬

‫عالوة على الحق في التعويض عن حوادث الشغل ‪ ،‬والحق في التأمين اإلجباري عن املر ‪،‬‬
‫وحق تقاضاي معاشات التقاعد والزمانة واألبوين وذوي الحقوق‪ ،‬والحق في املنافع العينية‬
‫التي يتمتع بها بعض املوظفين حسب طبيعة املهمة املنوطة بهم (لباس‪ ،‬وحقيبة‪ ،‬وسكن‪،‬‬
‫وحذاء‪ ،)...‬واالستفادة من الضمانات التأديبية التي تتمثل في الدفاع عن نفسه قبل توقيع‬
‫أي عقولة انضباطية عليه من قبل املجلس التأدي ي‪ ،‬والطعن في القرارات اإلدارية‪ ،‬والحق‬
‫في الحماية من التهديدات والتهجمات واإلهانات ‪ ،‬والحق في تحمل الدولة عن املوظف‬
‫التعويضات املدنية التي تتمثل في مختلف األورار التي قد يسحقها بالطرف اآلخر من جراء‬
‫ممارسة املوظف مسؤوليته العادية‪ ،‬ويخرج من ذلك أخطا ه ال خصية التي ال يكن‬
‫الغر منها هو تحقيق مصسحة املرفق العام ‪.‬‬

‫واجاات الوظف‪ ،‬فتتمثل في قبول املنصب والتعيين على حد سواء‪،‬‬ ‫أما فيما يخ‬
‫واالستمرارية في العمل بشكله الرسمي‪ ،‬وممارسة العمل شخصيا‪ ،‬وامتالك الكفاءة املهنية‬
‫والعلمية‪ ،‬والتحلي باملروءة واألخالق الحسنة‪ ،‬واحترام سلطة الدولة ‪ ،‬والعمل على‬
‫احترامها‪ ،‬وااللتزام بكتم السر امل ي‪ ،‬واالمتناع عن الرشوة واستغالل النفوذ‪ ،‬واملساهمة‪،‬‬

‫‪78‬‬
‫إن اقتضاى الحال‪ ،‬في الدفاع عن الوطن ووحدة ترابه وصيانة مقدساته‪ ،‬واملساهمة‬
‫التضامنية في التكاليف الناتجة عن الكوارث التي تصيب البالد‪ ،‬وأداء الضرائب‪ ،‬والوفاء‬
‫بااللتزامات التي يفروها النظام العام وحق املواطنة‪ ،‬واحترام مقتضيات واملعاهدات‬
‫واملواثيق الدولية التي صادق علهيا املغرب‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بحقوق الطفل واملرأة‬
‫واملعاق‪ ،‬وتحمل مختلف املسؤوليات الناجمة عن األخطاء الجسيمة التي يرتكبها مخالفا‬
‫بذلك التنظيمات اإلدارية الرسمية‪ .‬ناهيك عن املسؤولية املدنية‪ ،‬واملسؤولية الجنائية‪ .‬وال‬
‫نن اى التقيد بميثاق حسن السلوك كتخليق الحياة اإلدارية‪ ،‬وترسيق ثقافة املرفق العام‪،‬‬
‫واالنضبا بقواعد األخالق املهنية‪ ،‬وتدعيم الشفافية‪ ،‬وترسيق ثقافة املرفق العام والقيم‬
‫الوقائية لتدعيم البنيان التشري ي املتطابق مع روح املقتضيات القانونية الجاري بها‬
‫العمل‪.98‬‬
‫ً‬
‫تلكم ‪ ،‬إذا‪ ،‬نظرة مختصرة إلى ووعية املدرس املغربي التي تتمثل في إنجاز عمله التدري اي‪-‬‬
‫التعلمي والتربوي وفق ثالث خطوات رئيسة ي‪ :‬التخطي ‪ ،‬والتدبير‪ ،‬والتقويم‪.‬‬

‫والتقتصر مهمته الرئيسة على أداء الوظائف واألدوار الديدكتيكية الثالثة فق ‪ ،‬بل يتمع‬
‫املدرس بمجموعة من الحقوق مقابل مجموعة من الواجبات التي ينبغي أن يؤديها املدرسن‬
‫باحترام ميثاق حسن األخالق‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬الفتش التربوي‪:‬‬


‫يعد املفت ‪ ،‬أو املؤطر التربوي ‪ ،‬أو املشرف التربوي‪ ،‬من أهم األطر والدعامات البشرية‬
‫الفاعلة التي يتكون منها النسق التربوي املغربي إلى جانب املتعلمين‪ ،‬واملدرسين‪ ،‬ورجال‬
‫اإلدارة إذ يسهم املفت في تأطير املدرسين وتكوينهم ومراقبتهم واإلشراف علوهم من أجل‬

‫‪ -98‬خالد املير وإدريس قاسمي‪ :‬التشر ع اإلداري والتسي ر التربوي‪ ،‬دار صبح‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة ‪2233‬م‪،‬‬
‫ص‪.63-623:‬‬
‫‪79‬‬
‫نجاح العملية التعليمية‪-‬التعلمية‪ ،‬والتثبت من مدى تنفيذ املدرس للمنهاج واللرنامظ‬
‫واملقرر الدراهاي الذي ووعته وزارة التربية الوطنية‪.‬‬
‫ومن هنا‪ " ،‬يعتلر مفت التعليم من العناصر األساسية والفاعلة في بناء وتفعيل وتقييم‬
‫وتتبع ومراجعة إستراتجية التعليم بالبالد‪.‬كما يلعب دورا أساسيا على مستوى املمارسة‬
‫والتطوير لتحقيق جودة املنتوج التربوي والتنظيمي‪...‬ولقد أصبح املفت في مجال التربية‬
‫والتسيير التربوي واملالي والتخطي والتوجيه جزءا اليتجزأ من العملية التعليمية‬
‫التعلمية‪ ،‬بل إن تحسين وتطوير الفعل التربوي رهين بمدى الفعالية التي يتخذها دور‬
‫املفت ‪ ،‬خاصة وأن هذا الدور لم يعد يقتصر‪ ،‬كما كان سابقا‪ ،‬على مراقبة واملحاسبة‬
‫بقدر ما أصبح اآلن يقوم على دور التأطير والتوجيه والتكوين والتجديد‬
‫والتنشي ‪..‬والتحفيز‪.‬‬
‫من هنا جاءت فكرة إحداث مركز تكوين مفتشاي التعليم الذي يتميز به نظام التعليم‬
‫املغربي‪ ،‬بحيث يعتلر مؤسسة عليا‪ ،‬ويتمتع بمواصفات التعليم الجام ي التخصصاي‪،‬‬
‫ويساهم في بلورة وتطوير الفعل التربوي‪"99.‬‬
‫بمعنى أن املفت يسهر على تنفيذ تعليمات الوزارة‪ ،‬وتطبيق توصياتها ومذكراتها وقوانينها‬
‫التشريعية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يقوم املفت بزيارات صفية لتفقد املدرسين املتدرسين قصد توجوههم‬
‫الوجهة السليمة‪ ،‬وتزويدهم باملعلومات واملعارف والتقنيات الكافية التي يستخدمونها في‬
‫التدريس‪.‬ويعني هذا أن املفت إطار ترسوي تأطيري وتوجيهي يقدم مجموعة من النصائح‬
‫واإلرشادات والتوصيات لصال‪ ،‬املدرسين واإلداريين على حد سواء‪ .‬وسالتالي‪ ،‬يسهم في ترقية‬
‫املدرسين الرسميين وغير الرسميين وفق معايير الكفاءة‪ ،‬واالنضبا ‪ ،‬واالهتمام بالبحث‬
‫العلمي‪ ،‬وتحمل املسؤولية بشكل كامل‪ ،‬وأداء الواجب بشكل جيد كما وكيفا‪.‬‬
‫كما يهتم املفت بكتابة التقارير بشكل مستمر حول الندوات والدروس وما تحقق إنجازه‪،‬‬
‫برفعها إلى األكاديمية أو السلطة املركزية التي تتولى النظر في تلك التقارير‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يراقب‬

‫‪ -99‬خالد املير وإدريس قاسمي‪ :‬التشر ع اإلداري والتسي ر التربوي‪ ،‬دار صبح‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة ‪2233‬م‪،‬‬
‫ص‪.663-662:‬‬
‫‪80‬‬
‫املفت وثائق املدرس‪ ،‬ويسهم في التخطي ‪ ،‬واملراقبة‪ ،‬والتنسيق‪ ،‬والتقويم‪ ،‬وتتبع أعمال‬
‫املدرسين‪ .‬ويشارك في املؤتمرات والندوات واملجالس العلمية والتربوية‪.‬ويسهم أيضا في ووع‬
‫كتب املقررات الدراسية‪ُ ،‬ويستدعى إلى ووع اللرامظ الدراسية‪ ،‬والتفكير في دعامات منهاج‬
‫التربية والتعليم‪ ،‬واقتراح مختلف الحلول من أجل الرفع من مستوى املنظومة التربوية‬
‫والتعليمية‪ .‬كما يشرف على االمتحانات وتصحيحها‪ ،‬والحضور في املنتديات العلمية‪،‬‬
‫والتربوية‪ ،‬والتنشيطية‪ .‬كما ينتقي األساتذة املرشدين الذين يساعدونه في عملية التأطير ‪،‬‬
‫والتكوين‪ ،‬واإلشراف‪ .‬ومن هنا‪ ،‬لم يعد املفت يقوم بتلك املهمة التي كان يقوم بها قديما‬
‫كتفتي املدرس ومراقبة وثائقه ومحاسبته بشكل سلطوي وقم ي‪ .‬بمعنى أن املفت كان‬
‫يرادف سلطة الترهيب والقمع واملراقبة التي كان يمارسها على املدرس باسم القانون‪ .‬واآلن‪،‬‬
‫تغيرت مهمته ليصبح مجرد مؤطر ترسوي حيث انحصرت وظيفته في مجال تكوين‬
‫املدرسين‪ ،‬ومساعدتهم على أداء مهامهم بشكل موجب‪.‬‬
‫وهنا‪ ،‬نتحدث عن أنواع من املفتشين‪ ،‬فهناك املفت املتدرب‪ ،‬واملفت الرسمي‪ ،‬واملفت‬
‫الرئيس‪ ،‬واملفت املمتاز‪ ،‬واملفت املنسق‪ ،‬واملفت الجهوي‪ ،‬واملفت العام‪ ،‬واملفت‬
‫املركزي‪.‬ويمكن أيضا الحديث عن املفت املجاز‪ ،‬واملفت الحاصل على املاستر‪ ،‬واملفت‬
‫الحاصل على درجة الدكتوراه‪.‬‬
‫التربوي على النحو‬ ‫ومن حيث أنواع التفتي ‪ ،‬فيمكن الحديث عن أنواع من التفتي‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ /1‬التفتيش التقويمي الذي يقوم على تقويم املدرس ومراقبته بشكل مستمر إلى درجة‬
‫االستفزاز‪ ،‬ومراقبة املدرس في كل صغيرة وكبيرة‪ ،‬ومحاسبته كما وكيفا‪ ،‬والتركيز على‬
‫الوثائق دون الس ي إلى تأطيره وسنائه ومساعدته على اإلبداع‪.‬‬
‫‪ /2‬التفتيش التنفيذي ‪ ،‬وهدف هذا التفتي هو تنفيذ تعليمات الوزارة‪ ،‬وتطبيقات‬
‫توصياتها املختلفة‪ ،‬والتثبت من مدى تنفيذ املدرس ملاهو موجود في املنهاج الدراهاي من‬
‫جهة أولى‪ ،‬واللرنامظ التعليمي من جهة ثانية‪ ،‬واملقرر الدراهاي من جهة ثانية‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ /1‬التفتيش التصحيحي ‪ ،‬وهدفه هو تصحيح املنظومة التربوية‪ ،‬والتركيز على األخطاء‬
‫والتعثرات لدى املدرس وتصحيحها بالتوقف عند مظاهر قوتها ووعفها‪ .‬أي‪ :‬يتمثل‬
‫التفتي التصحي ي في تصحيح األغال التي يقع فوها املدرس والتلميذ على حد سواء‪،‬‬
‫بإتباع السبل الالئقة واألخالقيات الحميدة في النص‪ ،‬واإلرشاد والدعم ‪ ،‬والسجوء إلى‬
‫التغذية الراجعة‪ ،‬والعمل على أجرأة األهداف املسطرة‪.‬‬
‫‪ /1‬التفتيش التوجيهي‪ :‬ال يقتصر اإلرشاد على تصحيح األغال وإظهار مواطن الضعف‬
‫فق ‪ ،‬بل البد من تقديم مجموعة من التوجوهات السديدة والنصائح البناءة من أجل‬
‫تمثلها واالستفادة منها عمليا ومهنيا‪.‬‬
‫‪ /5‬التفتيش الانائي الذي يكمن في مساهمة املفت في بناء املنظومة التربوية والتعليمية‪،‬‬
‫وتحفيز املدرسين على العطاء‪ ،‬والبذل‪،‬واإلنتاجية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يكون املفت عنصرا بنائيا‬
‫داخل النسق التربوي‪ ،‬يسهم في تفعيل ذلك النسق بشكل براجماتي إيجابي‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يجب أن يكون التفتي وظيفيا بامتياز‪ ،‬يساعد على بناء املعارف النظرية والتطبيقية‬
‫من جديد عن طريق التغيير ‪ ،‬وتجاوز ما هو قديم من املنا ا والطرائق‪ ،‬واستبدالها‬
‫بأحدث التقنيات وأنجع النظريات التي تحقق النجاعة والبساطة والكفاءة على املستوى‬
‫العملي وامليداني‪.‬‬
‫‪ /6‬التفتيش الوقائي الذي يعنى بووع خط إجرائية وإستراتيجية لتفادي مجموعة من‬
‫الصعوسات والعوائق التي تعتر سبيل املدرسين في تنزيل املذكرات واملقررات الدراسية‬
‫وتنفيذها‪ .‬ويعني هذا مساعدة املدرس على تجنب الوقوع في املشاكل التي يمكن حدو ها عن‬
‫طريق التنبؤ بمخاطرها‪ ،‬ومحاولة توجوهه إلى السبل الناجعة لتفاديها وتجنبها بشكل تدريجي‬
‫أو نهائي‪.‬‬
‫‪/7‬التفتيش القيادي الذي يعني أن املفت يتحمل مسؤولية قيادة قاطرة التربية والعليم‬
‫حيث يبحث عن املقارسات واملنا ا والنظريات التربوية الصحيحة والسليمة للرفع من‬
‫مستوى املنظومة التربوية والتعليمية‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ /8‬التفتيش اإلبداعي هو الذي يتجاوز التقليد إلى التجريب واإلبداع وممارسة البحث‬
‫العلمي‪ ،‬ومساعدة املدرسين على االبتكار‪ ،‬والخلق‪ ،‬واالختراع‪ ،‬واالستكشاف‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ال‬
‫يمكن أن يتحقق النجاح واالزدهار والجودة الحقيقية كما وكيفا إال بتطبيق البيداغوجيا‬
‫اإلبداعية‪ ،‬والبحث عن الجديد ‪ ،‬واإليمان باالبتكار واإلبداع والتجديد والتجريب‬
‫والتحديث والعصرنة‪ .‬ويعني هذا أن التفتي اإلبداعي يقوم على " تحرير العقل‪ ،‬واإلرادة‪،‬‬
‫وإطالق الطاقة عند املدرسين لالستفادة من قدراتهم ومواهبهم‪ ،‬إلى أقصاى حد ممكن في‬
‫تحقيق األهداف التربوية‪ .‬ووفق هذا املن ى ينبغي أن يعمل املشرف على تنمية روح االبتكار‬
‫لدى املدرسين‪ ،‬وجعلهم قادرين على قيادة أنفسهم بأنفسهم‪"100.‬‬
‫‪ /9‬التفتيش التأط ري والتكويني الذي يهدف إلى تأطير املدرسين بشكل مستمر أو دوري‪،‬‬
‫وتكوينهم في املجال التربوي والتعليمي‪.‬‬
‫‪ /11‬التفتيش العالفي‪ :‬يتمثل في مساعدة املدرس على كيفية عالج مشاكله بطريقة ناجعة‬
‫وهادفة ومثمرة‪ ،‬ومواجهة الصعاب بالبحث عن الحلول القانونية املناسبة واملروية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يعد املفت أهم إطار في املنظومة التربوية املغرسية حيث يسهم في تأطير املدرسين‬
‫والطلبة ورجال اإلدارة ‪ ،‬و تكوين هؤالء تكوينا معرفيا ومهنيا من أجل الرقي باملدرسة‬
‫الوطنية نظريا وتطبيقيا‪ ،‬والسمو بها إلى أعالي املجد‪ ،‬والعطاء‪ ،‬والتقدم‪ ،‬واالزدهار‪.‬‬

‫‪ -100‬أحمد أوزي‪ :‬املمجم املوسوعي لعلوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2223‬م‪ ،‬ص‪ 63:‬عبد الكريم غريب‪ :‬املنهل التربوي‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة بالدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪ ،2223‬الجزء األول‪ ،‬ص‪ 633:‬محمد الدريظ‪( :‬كفايات املشرف التربوي وأساليب‬
‫تطويرها)‪ ،‬التدريس بالكفايات رهان على جودة التعلم‪ ،‬مجلة علوم التربية‪،‬الطبعة األولى ‪2223‬م‪ ،‬ص‪362:‬‬
‫إبراهيم الباعمراني‪ :‬دليل التفتي التربوي بالتعليم األساهاي والثانوي‪ ،‬منشورات صدى التضامن‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3666‬م وأحمد فريد الدرفوفي‪ :‬اإلشراف التربوي ‪ :‬مقوماته وتقنياته‪ ،‬شركة بابل‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرسا ‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3663‬م وعبد الرحيم تمحري‪( :‬الجهة ودور اإلشراف‬
‫التربوي في اإلقالع البيداغوجي بها‪ :‬إقليم جرادة نموذجا‪ ،‬مادة الفلسفة مثاال)‪ ،‬مجلة علوم التربية‪،‬املغرب‪ ،‬العدد‬
‫الخامس عشر‪ ،‬املجلد الثاني‪ ،‬أكتوسر‪3660‬م‪ ،‬ص‪.32-36:‬‬
‫‪83‬‬
‫وبهذا‪ ،‬يسهم املفت في تنفيذ مهام التأطير‪ ،‬واإلشراف‪ ،‬واملراقبة‪ ،‬والتكوين‪ ،‬والتفقد‪.‬‬
‫ويشتغل املفت في إطار برنامظ العمل الذي يسطره بشكل دقيق مع بداية السنة‬
‫الدراسية‪ ،‬ويضعه لخدمة مقاطعته التربوية‪.‬‬
‫وال فرق عندنا بين األستاذ املرشد واملرشد التربوي ماداما يمارسان معا مهمة التدريس‪،‬‬
‫ويقومان بعملية التأطير واملراقبة والتكوين والتوجيه بإشراف املفت ‪ .‬لكن هناك فرق‬
‫واض‪ ،‬وجلي بين املفت واألستاذ املرشد ألن املفت هو الذي يوجه األستاذ املرشد ‪،‬‬
‫ويضع له خط العمل التي ينبغي االلتزام بها على مستوى التأطير والتكوين واإلشراف ‪،‬‬
‫ويقوم بعملية املراقبة والتفتي ‪ ،‬واتخاذ قرار الثواب والعقاب في حق املدرسين‪ .‬بينما‬
‫األستاذ املرشد يهتم ‪ ،‬قبل كل (ايء‪ ،‬باإلرشاد والتوجيه وتقديم الدعم واملساعدة للسادة‬
‫املدرسين ليس إال‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فاألستاذ املرشد هو مساعد تنفيذي مؤقت يمكن أن يعود إلى‬
‫منصبه األصلي فور االنتهاء من مهمته التي كلف بأدائها‪ .‬بينما املفت إطار رسمي قائم‬
‫بذاته له حقوق وواجبات أمام اإلدارة املسؤولة‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فاملفت التربوي هو الذي يقوم بتوجيه" املدرسين ومساعدتهم وتنشيطهم‬
‫وقيادتهم لنقد وتقويم ودراسة اتجاهاتهم وخلراتهم الفردية‪ ،‬وأوجه نشاطهم وطرقهم‬
‫التربوية‪ ،‬حتى يمكنهم بذل الجهد لتحقيق أهداف التعليم‪"101.‬‬
‫ويعني هذا أن املفت يقدم مجموعة من املساعدات للمدرسين في املجال التعليمي‬
‫والتربوي من أجل االرتقاء بالعملية التعليمية ‪ -‬التعلمية بتوجوههم لتنظيم إيقاعهم املدرهاي‬
‫على أسس علمية مضبوطة قائمة على التخطي ‪ ،‬والت خي ‪ ،‬وصياغة إستراتيجية‬
‫تعليمية هادفة‪ ،‬وسناءة‪ ،‬ومبدعة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يكون عمل املفت بمثابة عملية ترسوية تعاونية‬
‫توجوهية وإرشادية فنية‪ .‬ويكون أيضا عبارة عن قيادة تشاورية‪ ،‬وإنسانية‪ ،‬وعلمية‪ ،‬ومرنة‪،‬‬
‫وإبداعية‪ ،‬وشاملة‪ .‬والغر من هذا كله هو مساعدة املدرسين على االرتقاء بمهاراتهم‬
‫املعرفية واملهنية‪ ،‬وتقويم العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪ ،‬وتطويرها أسسها النظرية واملهنية‪.‬‬

‫‪ -101‬أحمد أوزي‪ :‬العجم الوسوعي لعلوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2223‬م‪ ،‬ص‪.63:‬‬
‫‪84‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يعتمد املفت التربوي على مجموعة من املنا ا في تكوين املدرسين‬
‫إشرافا‪ ،‬وتأطيرا‪ ،‬وتقويما‪ ،‬والسيما عند التعامل معهم‪ ،‬واألخذ بيدهم من أجل تحقيق‬
‫النجاح ماديا ومعنويا‪ .‬ومن هذه املنا ا يحق لنا التحدث عن املقارسات التالية‪:‬‬
‫‪ /1‬القاربة التشاركية‪ :‬تعتمد هذه املقارسة على إشراك جميع الفاعلين التربويين في اإليمان‬
‫بفلسفة العمل واالجتهاد واإلبداع والعطاء‪ ،‬واالشتغال في فريق ترسوي متناسق‪.‬‬
‫‪ /2‬القاربة اإلبداعية‪ :‬تستند هذه املقارسة إلى دفع املدرسين األساتذة إلى التخييل‪،‬‬
‫واإلبداع‪ ،‬واالبتكار‪ ،‬والتجديد‪ ،‬والتحديث‪ ،‬والعصرنة‪.‬‬
‫‪ /1‬القاربة الدلمقراطية‪ :‬البد من اتباع الطريقة الديمقراطية في أثناء الحوار واملناقشة‬
‫وطرح القضايا التربوية واملعرفية‪ ،‬والسماح لآلخرين بإبداء وجهات نظرهم بكل حرية‪،‬‬
‫واالبتعاد عن التعصب والتشنظ والتفرد باآلراء ال خصية على حساب الحقيقة‬
‫املوووعية‪.‬‬
‫‪ /1‬القاربة النما ية‪ :‬تهدف هذه املقارسة إلى إنماء القدرات والكفايات واملهارات لدى‬
‫املدرسين‪ ،‬ومساعدتهم على أجرأتها ميدانيا‪ ،‬واألخذ بيدهم من أجل تجاوز العراقيل‪،‬‬
‫وتفادي الصعوسات بت جيع مواهبهم وابتكاراتهم‪ ،‬واإلنصات إلى حاجياتهم وميولهم‪.‬‬
‫‪ /5‬القاربة الوقا ية‪ :‬ويتحقق ذلك بمساعدة املدرسين على تفادي املشاكل الذاتية‬
‫واملوووعية‪ ،‬وتجاوز الووعيات الصعبة في أثناء أداء مهمة التدريس‪ ،‬وإسعافهم على‬
‫تخطي كل الصعوسات والعراقيل العويصة ألن الوقاية ‪ -‬كما يقال ‪ -‬خير من العالج‪.‬‬
‫‪/6‬القاربة العالجية‪ :‬ينبغي للمفت أن يساعد املدرسين مساعدة شاملة ملواجهة‬
‫الووعيات املعقدة واملشاكل التي تواجههم بتقديم حلول عالجية مرنة وهادفة من أجل‬
‫تجاوز الصعوسات النفسية و االجتماعية ‪ ،‬وإيجاد الحلول لكل العوائق املستعصية في‬
‫املجال التعليمي والتربوي ‪ ،‬واالشتغال على دراسة كل حالة ترسوية على حدة‪.‬‬
‫في القيام بمجموعة من املهام واألدوار واألعمال‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬تتمثل أنشطة املفت‬
‫التربوية على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪85‬‬
‫‪ /1‬التوجي واإلرشاد التربوي ‪ :‬يتحقق ذلك بتنظيم لقاءات مع املدرسين في بداية األمر‪،‬‬
‫والتعرف إلى األساتذة الجدد والقدام لتدارس مشاكلهم ‪ ،‬وتحديد حاجياتهم ‪ ،‬واقتراح‬
‫خطة عمل تشاركية ‪ ،‬وووع مجموعة من برامظ التكوين والتدريب والدعم من أجل‬
‫مساعدة املدرسين على تحقيق الجودة والنجاح في عملهم التعليمي والتربوي‪.‬‬
‫‪ /2‬الزيارات الصفية‪ :‬ويكون الغر منها التعرف إلى مواطن الضعف في العملية‬
‫التعليمية‪ -‬التعلمية قصد ت خي نق الضعف‪ ،‬وإبراز السلبيات‪ ،‬وتحديد الثغرات من‬
‫أجل تصحيحها من خالل التركيز على اإليجابيات لالستمرار فوها‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تعطينا الزيارات‬
‫الصفية املتكررة للصف الدراهاي تصورا عاما عن أداء املدرس‪ .‬كما تزودنا بمعرفة شاملة‬
‫وحقيقية عن مستوى التعليم داخل مؤسساتنا التعليمية‪.‬‬
‫‪ /1‬الندوات العلمية والتربوية‪ :‬ويكون الغر منها شرح املذكرات الوزارية‪ ،‬وتوويح‬
‫املستجدات التربوية‪ ،‬وإيجاد الحلول الناجعة ملجموعة من املشاكل التربوية والحاالت‬
‫التربوية املستعصية من أجل البحث عن حلول ناجعة علمية وترسوية قصد الرفع من‬
‫مستوى األساتذة ‪ ،‬وتعزيز قدراتهم العلمية النظرية ‪ ،‬والسمو بممارساتهم املهنية‬
‫والتطبيقية‪.‬‬
‫‪ /1‬الدروس التجريبية‪ :‬تكون الدروس التجريبية املحك العملي األساس للمدرس لتجريب‬
‫ما تم مالحظته حسيا ‪ ،‬وإدراكه نظريا وذهنيا‪ ،‬وتطبيق ما تم استيعابه علر الندوات‬
‫واللقاءات التربوية ‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالدروس التجريبية مفيدة ومثمرة للمدرس املبتد للتزود‬
‫باملعارف النظرية والتطبيقية‪.‬‬
‫‪ /5‬التفتيش‪ :‬يمكن أن يزاول املفت مهمة التفتي واملراقبة والتفقد‪ ،‬ولكن ال يمكن‬
‫السجوء إلى هذه العملية إال بعد مجموعات من الزيارات التربوية والتداريب التكوينية‬
‫واللقاءات التأطيرية واإلشرافية‪ .‬وسالتالي‪ ،‬يكون الهدف من التفتي هو تقويم أداء‬
‫املدرس‪ ،‬والتثبت من مدى استيعابه للمعارف النظرية والتطبيقية‪ ،‬والتأكد من مدى‬
‫تحصيله ملجمل ما تم طرحه نظريا وتطبيقيا‪ .‬ويكون الغر من ذلك أيضا هو مراقبة‬

‫‪86‬‬
‫املدرس على مستوى احترامه للقوانين واملباد التشريعية‪ ،‬و كيفية تعامله مع الوثائق‬
‫املدرسية‪.‬‬
‫‪ /6‬إع ــداد تقرير التفتيش‪ :‬ينبغي للمفت أو املشرف التربوي أن يكون عارفا بتقنيات كتابة‬
‫التقارير التفتيشية كأن يبدأ بت جيل معلومات شخصية عن املدرس‪ ،‬فيعين طبيعة‬
‫التقرير‪ :‬زيارة صفية أم تقرير تفتيشاي؟! وبعد ذلك‪ ،‬يحدد موووع الدرس الذي تم مراقبته‬
‫ورصده صفيا بتحديد تاريخه‪ ،‬وتعيين مرجعه ومصدره‪.‬‬
‫وتعقب هذه املرحلة عملية الوصف ملراحل الدرس وخطوات اإلنجاز وطريقة األداء‪ ،‬وذكر‬
‫مجمل الدرس‪ .‬وبعد مرحلة الوصف والتوثيق‪ ،‬تأتي مرحلة التقويم إيجابا وسلبا بتقديم‬
‫املالحظات وإبرازها للمدرس ملناقشتها علميا وموووعيا‪ .‬ثم تتبعها مرحلة التوجيه‬
‫واإلرشاد‪ ،‬وينبغي أن تنصب على املعارف النظرية‪ ،‬والوثائق التربوية‪ ،‬واألداء التربوي‪،‬‬
‫لتنتهي عملية املراقبة بالتقدير العام بإعطاء نقطة عددية مشفوعة بتعليل معنوي‪ .‬ويوقع‬
‫التقرير من قبل املفت والنائب اإلقليمي ومن قبل املعني باألمر‪.‬‬
‫وإليكم مثاال توويحيا لتقرير تفتيشاي‪:‬‬

‫" قمت بزيارة األستاذ (محمد الصدوقي) الذي لدرس القسم السادس الي مدرسة اإلمام‬
‫الاخاري االبتدا ية بمدلنة الناظور‪ ،‬لوم الخميس ‪12‬نوفم ر‪2111‬م‪ ،‬عكى الساعة‬
‫التاسعة صااحا‪ ،‬وكاح الدرس الذي للقي عكى تالمذت الي مادة النحو‪ ،‬وعنوان‬
‫العري ‪( :‬التوابع)‪.‬‬

‫أ‪ -‬وصــف الدرس‪:‬‬

‫استهل األستاذ درس بتحدلد األهداف‪ ،‬وتسط ر الكفالة األساسية‪ ،‬ومراجعة الدرس‬
‫السابق‪ .‬وبعد ذل ‪ ،‬بدأ األستاذ الي استعراض درس الجدلد باستكشاف الوضوع‪،‬‬
‫و إثارة التالميذ‪ ،‬وكتابة األمثلة عكى الساورة‪ ،‬مع كتابة الشواهد بقلم مغالر‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫شرع الدرس الي شرمل الدرس‪ ،‬بتنو ع األسئلة‪ ،‬وتحف ز التعلم ح‪ ،‬وتشجيعهم عكى‬
‫‪87‬‬
‫االستجابة‪ ،‬باستكشاف القواعد التعلقة بالتوابع بشكل متدرج‪ ،‬إلى أح حصل الدرس‬
‫التالميذ عكى الساورة من جهة‪ ،‬ونقلوها‬ ‫عكى مجموعة من القواعد التي كتبها بع‬
‫بسرعة إلى دفاترهم من جهة أخرى‪ .‬عالوة عكى ذل ‪ ،‬فقد قسم األستاذ الساورة إلى‬
‫عناصر عدة‪ ،‬مستعمال الي ذل الطااش راللونة‪ .‬وح ح االنتهاء من كتابة القواعد‪ ،‬التجأ‬
‫الدرس إلى التطايق التقويمي‪ ،‬مع مطالاة التالميذ بذكر األمثلة ‪ ،‬وكتابة فقرة إنشا ية‬
‫الي أربعة أسطر‪ ،‬لوظفوح فيها مختلف التوابع‪ .‬وكاح الدرس لنتقل داخل القسم بجدلة‬
‫ب ح الصفوف‪ ،‬مر اقاا إنجازاتهم‪ ،‬فيشجعهم تحف زا وتقدلرا‪ .‬ويالحظ أح الدرس كاح‬
‫وفيا للمقرر الدراس ي‪ ،‬لنوع األسئلة من فينة إلى أخرى‪ ،‬و ستخدم الوسا ل التعليمية‬
‫الناساة‪ ،‬وكاح لتأرجح الي شرح ب ح الحوار والتلق ح‪ ،‬ويحترم طليات التقويم الختلفة‬
‫والتنوعة‪ ،‬ويلتزم بالتغذلة الراجعة ‪ ،‬وبالضا حينما لحس بعجز التالميذ عكى فهم‬
‫الدرس‪ ،‬أو يشعربعدم قدرتهم عكى استيعاب ‪.‬‬

‫ب‪ -‬تقيي ــم وتوجي ‪:‬‬

‫لالحظ أح الدرس قد نجح الي استدماج قدرات الكفا ية‪ ،‬وتوظيف جميع خ رات‬
‫الايدايوجية والدلدكتيكية الي تقدلم درس ‪ .‬وقد توفق ألضا الي إشراك كل تالميذ‬
‫القسم لكي يسهموا الي بناء الدرس‪ .‬وال نني ى أن كاح لنتقل من التلق ح إلى الحوار‪،‬‬
‫باستعمال طليات التنشي ‪ ،‬والتأرجح ب ح لغة تواصلية لفظية ولغة حركية‪.‬بيد أح ما‬
‫لؤخذ عكى هذا األستاذ أن توقف كث را عند الراجعة القالية‪ ،‬كما تجاوز الفترة‬
‫الخصصة للحصة بعشر دقا ق‪ .‬وفيما عدا ذل ‪ ،‬لظل األستاذ جدلرا بالثقة واالحترام‪،‬‬
‫عكى الريم من حداثة تجربت التربوية‪ ،‬ذل أح تفتح ‪ ،‬واستعداده‪ ،‬وكفاءت ‪ ،‬وشهادت‬
‫العليا‪ ،‬كلها عوامل تبشربعطاء مثمر‪ ،‬و إنتاج زاهر‪.‬‬

‫النقطة العددلة‪ ،21/16 :‬والتقدلرالكيفي‪ :‬حسن"‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ /7‬إعداد تقارير تفتيشية تربوية عامة‪ :‬البد للمفت الذي يقوم بمهمة التأطير والتكوين‬
‫من كتابة تقارير قبلية وتكوينية ونهائية من أجل وصف عمليات التكوين واإلرشاد والتأطير‬
‫والدعم والتوجيه‪ ،‬وتحديد السلبيات واإليجابيات‪ ،‬واقتراح الحلول املناسبة لتفادي‬
‫املشاكل والعراقيل واملثبطات‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تكتب تقارير تركيبية شهرية أو دورية أو‬
‫أسدسية ترفع إلى جهات إقليمية وجهوية ومركزية ملدارستها ومناقشتها‪.‬‬
‫‪ /8‬إنجاز الاحوث العلمية والتربوية‪ :‬ينبغي للمفت أن ينجز مجموعة من البحوث‬
‫النظرية والتطبيقية في مجال املعرفة العامة‪ ،‬أو في مجال التخص ‪ ،‬أو في مجال التربوية‬
‫والتدريس‪ .‬ولكن البد من احترام قواعد البحث العلمي األكاديمي‪ ،‬واالستعانة بمقاييس‬
‫اإلحصاء الوصفي والتجري ي إلنجاز البحوث التربوية‪.‬‬
‫‪ /9‬التكوين والتأطي ــر‪ :‬يمكن للمفت أن يقوم بتكوين املدرسين نظريا وتطبيقيا لشرح‬
‫مستجدات التربية املعاصرة ‪ ،‬وتوويح املذكرات الوزارية‪.‬‬
‫‪ /11‬دراسة الحاالت التربوية‪ :‬يمكن للمفت أن يدرس مجموعة من الحاالت التربوية‬
‫واإلدارية والنفسية واالجتماعية من أجل إيجاد الحول للمشاكل املستعصية ‪ ،‬والبد من‬
‫اتباع املنا ا العلمية في ذلك للوصول إلى نتائظ علمية ملموسة وإجرائية‪.‬‬
‫‪ /11‬الشاركة الي االمتحانات‪ :‬من مهام املفت التربوي املشاركة في االمتحانات املهنية إذ‬
‫يحضر امتحانات الكفاءة قصد التعرف إلى الووعيات التقويمية‪ ،‬ليقوم ‪ -‬بعد ذلك‪-‬‬
‫بتحليلها وت خيصها قصد إيجاد الحلول املناسبة‪.‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬يؤدي املفت التربوي مجموعة من املهام واملسؤوليات واألدوار التي ينبغي‬
‫تحقيقها وتنفيذها ومن واجباته املهنية‪ ،‬فقد تكون أدوارا مهمة أو خاصة‪ .‬وتتمثل هذه‬
‫املسؤوليات الجسيمة التي ينبغي أن يقوم بها املفت في األدوار التالية‪:‬‬
‫‪ -3‬مساعدة السادة األساتذة وخصوصا املبتدئين منهم في مجال البيداغوجيا‬
‫والديداكتيك‬
‫‪ -2‬توجيه املدرسين وإرشادهم نمائيا‪ ،‬وإبداعيا‪ ،‬ووقائيا‪ ،‬وعالجيا‬
‫‪89‬‬
‫‪ -6‬تكوين املدرسين سيما الجدد منهم نظريا وتطبيقيا‬
‫‪ -2‬عقد لقاءات خاصة مع املدرسين املتدرسين واملتمرنين من أجل الرفع من قدراتهم‬
‫األدائية نظرية وممارسة‬
‫‪ -2‬تأطير السادة األساتذة وتكوينهم وتقويمهم علر الزيارات الصفية ترسويا وعمليا‬
‫‪ -3‬املساهمة بالبحوث النظرية وامليدانية من أجل دعم املدرسين نظريا وتطبيقيا‪،‬‬
‫ومساعدتهم معرفيا ومهنيا‬
‫‪ -3‬تكوين املدرسين الجدد في مجاالت التشريع والتربية الخاصة والعامة‬
‫‪ -3‬إنشاء فرق ترسوية للبحث في قضايا ترسوية ومعرفية خاصة وعامة‬
‫‪ -0‬ووع تصور عام أو إعداد مشروع للبحث والتكوين والتأطير‬
‫‪ -6‬العمل على تكوين املدرسين املبتدئين أو املتدرسين أو املقبلين على امتحانات الكفاءة‬
‫املهنية‪ ،‬واإلكثار من الزيارات الصفية‬
‫‪ -32‬تعريف األساتذة واملدرسين بما استجد في الساحة التربوية من قضايا بيداغوجية‬
‫وديدكتيكية معاصرة‬
‫‪ -33‬التنسيق بين األساتذة‬
‫‪ -32‬توفير الشرو املادية والتنظيمية لعقد اللقاءات التربوية‬
‫‪ -36‬ت جيع املدرسين الناعحين إشادة وتنويها‪ ،‬ونص‪ ،‬املقصرين منهم توجوها وإرشادا‬
‫‪ -32‬القيام بعملية اإلخبار والتواصل والتفاو مع الشركاء والفرقاء الخارجيين‬
‫‪ -36‬مساعدة املدرسين على تنظيم زمنهم املدرهاي‪ ،‬ودفعهم إلى العناية بوثائقهم التربوية‬
‫‪ -32‬تتبع مشاريع املؤسسة التربوية‪ ،‬واملساهمة في إعدادها‪ ،‬وتطبيقها‪ ،‬وتقويمها‬
‫‪ -33‬البحث عن مشاريع ترسوية جديدة‪ ،‬ومساعدة املدرسين على تحقيقها بشكل فردي‬
‫أو جماعي‬

‫‪90‬‬
‫‪ -33‬مساعدة املدرسين سيما الجدد منهم على تنفيذ واجباتهم اليومية‪ ،‬ومساعدتهم على‬
‫تنظيم دروسهم بووع تصور واض‪ ،‬حول املدخالت‪ ،‬والسيرورات العملية‪ ،‬واملخرجات‪،‬‬
‫والفيدباك‬
‫‪ -33‬االستجابة الفورية لطلبات املدرسين من مساعدات‪ ،‬ونصائح‪ ،‬وتوجوهات‪،‬‬
‫وإرشادات استشارية‬
‫‪ -30‬تقديم كل املساعدات للمدرسين الذين يتقدمون لالمتحانات املهنية أو امتحانات‬
‫الكفاءة‬
‫‪ -36‬إعداد التقارير التربوية التوصيفية‬
‫‪ -22‬العمل على تحديد حاجيات املدرسين‪ ،‬وووع برنامظ للتكوين والتأطير‪ ،‬واألخذ‬
‫باملراقبة التربوية الفاعلة‪.‬‬
‫ً‬
‫هذه ي‪ -‬إذا‪ -‬أهم األدوار العامة والخاصة التي يجب على املفت التربوي القيام بها في‬
‫أجواء مناسبة وظروف ترسوية وإدارية الئقة‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن خلق إطار مفت التعليم كان من أجل تحقيق مدرسة الجودة‬
‫والنجاح ‪ ،‬والرفع من مستوى املدرسة املغرسية‪ ،‬وتأهيل املدرسين معرفيا وترسويا سيما‬
‫الجدد منهم لكي يصبحوا أساتذة أكفاء ‪ ،‬يمتلكون املهارات والقدرات الكافية للتحكم في‬
‫مسار العملية الديدكتيكية والبيداغوجية عن جدارة واستحقاق‪ .‬ولكن البد من التنبيه أن‬
‫املفت التربوي ال يمكن أن يحقق النجاح في عمله اليومي إال إذا تم تحفيزه وت جيعه ماديا‬
‫ومعنويا‪ ،‬وتوفرت له الظروف املناسبة وأجواء العمل الالئقة به‪ ،‬وتم اختياره من ذوي‬
‫الكفاءات الجادة الذين لهم الشهادات العليا‪ .‬فال يعقل منطقيا وال عمليا أن يؤطر مفت‬
‫مجاز زميال له حاصال على درجة املاجستير أو الدكتوراه ألن ذلك سيسبب ‪ -‬بال ريب‪-‬‬
‫مشاكل كثيرة لنساتذة املدرسين‪ .‬وسالتالي‪ ،‬سيولد األحقاد والعداوة بينهم‪ .‬وتفاديا لكل هذه‬
‫املشاكل العويصة ودرءا لها البد من اختيار من تتوفر فيه الكفاءة العلمية واملهنية حيث‬
‫يكون قادرا على التواصل والتنسيق بين املدرسين‪ ،‬واثقا من نفسه‪ ،‬وواثقا أيضا من قدراته‬
‫العلمية والعملية‪ ،‬متأكدا من ملكاته املعرفية والبيداغوجية‪ ،‬متمكنا كذلك أيما تمكن من‬
‫ليات التأطير والتكوين واملراقبة وإعداد العدد الديدكتيكية والبيداغوجية‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫رابعا‪ ،‬رجال اإلدارة‪:‬‬
‫إذا كان املتعلم هو املحور األساس في العملية التعليمية‪ /‬التعلمية‪ ،‬وفي كل عملية‬
‫تنشيطية ألنه هو املستهدف بالتكوين تكوينا سليما واحيحا قصد تهذيبه وجدانيا‪،‬‬
‫وتنميته معرفيا‪ ،‬وتحفيزه حركيا‪ ،‬والعمل على رعايته رعاية صالحة‪ ،‬وتنشئته تنش ة‬
‫إسالمية قائمة على املواطنة‪ ،‬والحفاظ على الهوية‪ ،‬واالنفتاح على اإلنسانية وثقافة اآلخر‬
‫فإن أهمية اإلدارة املدرسية تكمن في التخطي املستمر‪ ،‬وتنفيذ املقررات الرسمية‪،‬‬
‫والسهر على تدبير املنا ا واللرامظ واملقررات الدراسية‪ ،‬وتقويم العملية التعليمية‪-‬‬
‫التعليمية‪.‬فضال عن التأطير التربوي‪ ،‬والتنظيم الدراهاي‪ ،‬والتنسيق اإلداري‪ ،‬والتنشي‬
‫التربوي‪ ،‬والعمل على تقوية التواصل بين مختلف املتدخلين في الحياة املدرسية‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫يتوقف نجاحها على مدى مساهمتها في تفعيل املنظومة التربوية‪ ،‬واقتراح مشاريع ترسوية أو‬
‫مادية مدعمة من قبل هي ة التدريس سيما أعضاء مجلس التدبير‪.‬‬

‫وينبغي أن تكون هذه املشاريع مبنية على خطة تشاركية تنفتح املؤسسة من خاللها على‬
‫محيطها الذي يسمح لها باستثمار إمكانياتها املتوفرة‪ .‬ولن يتأت ذلك إال إذا كانت اإلدارة‬
‫تؤمن بالديمقراطية‪ ،‬والتواصل‪ ،‬واالنفتاح‪ ،‬والشراكة‪ .‬ثم‪ ،‬تعمل على تحقيق حرية أكلر في‬
‫إطار الالتركيز‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول محمد الدريظ‪:‬‬

‫" يتطلب مشروع اإلصالح حرية أكلر للمؤسسات في إطار الالمركزية ‪ ،‬وتفتحها على محيطها‬
‫االقتصادي واالجتماعي والثقافي ‪،‬وإقامتها ملشاريع ترسوية وعالقات شراكة‪102".‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فإن هي ة اإلدارة التي نتحدث عنها ي اإلدارة الفاعلة التي تتشكل من فريق‬
‫متكامل يقوده مدير ومدبر قائد ومبدع بامتياز‪ ،‬يحترم املبادرة‪ ،‬ويحفز املوارد البشرية‬
‫ماديا ومعنويا‪ ،‬وي جع السلوكيات اإليجابية‪ ،‬ويحث على الحوار ‪ .‬وسالتالي‪ ،‬ينفتح على‬
‫املدرسين‪ ،‬واآلباء‪ ،‬وشركاء املؤسسة‪ .‬وهذا ما يدعو إليه امليثاق الوطني للتربية والتكوين‬
‫بقوله‪:‬‬

‫‪ -102‬محمد الدريظ‪ :‬مشروع الؤسسة والتجدلد التربوي الي الدرسة الغربية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬منشورات رمسيس‪،‬‬
‫الرسا ‪ ،‬املغرب‪،‬الطبعة األولى سنة ‪3663‬م‪،‬ص‪.33:‬‬
‫‪92‬‬
‫" يتمتع املشرفون على تدبير املؤسسات التربوية واإلدارات املرتبطة بها بنفس الحقوق‬
‫املخولة للمدرسين‪ ،‬وعلوهم الواجبات التربوية نفسها ‪ ،‬وساألخ ‪ :‬الحوار والتشاور مع‬
‫املدرسين واآلباء واألمهات وسائر األولياء وشركاء املؤسسة‪".103‬‬

‫ويقوم الحارس العام والناظر في هذا الفريق(الذي يقوده مدير مدبر ديمقراطي) بدور‬
‫حاسم ومركزي إذا توفرت لديهما اإلرادة والعزيمة‪ ،‬وكانا يشتغالن في ظروف حسنة‪ ،‬بحكم‬
‫موقعهما وقربهما من جميع املتدخلين في تفعيل الحياة املدرسية وتنشيطها‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يقوم املدير بعدة أدوار مهمة‪ ،‬مثل‪ :‬التخطي ‪ ،‬والقيادة‪ ،‬واإلدارة‪،‬‬
‫وتنظيم العمل ‪ ،‬والتنسيق بين املدرسين‪ ،‬وتوزيع املهام‪ ،‬وتدبير العمل وتنفيذه‪ ،‬والتواصل‬
‫مع املتعلمين واملدرسين وأعضاء اإلدارة والشركاء واملشرفين التربويين‪ ،‬ثم تقويم املهمة‪،‬‬
‫والقيام باملراقبة والتتبع واملواكبة الدائمة‪.‬‬

‫وتتأسس اإلدارة التربوية الفاعلة واملبدعة على التواصل من جهة‪ ،‬والتفاعل‬


‫(‪ )Interaction‬من جهة أخرى‪ .‬ويراد بالتفاعل تبادل املعلومات واملشاعر واألحاسيس بين‬

‫‪ -103‬انظر‪ :‬امليثاق الوطني للتربية والتكوين الصادر عن وزارة التربية الوطنية املغرسية‪ ،‬املادة ‪ ،30‬ص‪.32:‬‬
‫‪93‬‬
‫فردين أو أكثر ومن نسق مجتم ي معين‪ .‬ويتخذ هذا التفاعل بين الذوات طابعا تبادليا‬
‫بامتياز‪.‬ومن ثم‪ ،‬يبدو أن التفاعل االجتماعي قد يكون موووعا‪ ،‬أو سيرورة‪ ،‬أو وجهة نظر‬
‫ألننا نتحدث عن املنظور التفاعلي في علم االجتماع‪ .‬وقد تكون التفاعالت لفظية أو غير‬
‫لفظية ‪ ،‬إيجابية أو سلبية أو مختلطة‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يقصد بالتفاعل االجتماعي تلك العالقات التي تقوم بين فرد و خر‪ ،‬أو بين جماعة‬
‫وأخرى‪ ،‬أو بين فرد وجماعة‪ .‬ويستند هذا التفاعل إلى مجموعة من املواقف االجتماعية في‬
‫شكل مثيرات واستجابات‪ ،‬وتكون مبنية على عالقات إيجابية أو سلبية أو مختلطة تجمع‬
‫بين ماهو سل ي وإيجابي‪ .‬ويتخذ هذا التفاعل طابعا سيكواجتماعيا ألنه مبني على‬
‫مجموعة من العالقات االجتماعية الوجدانية املقبولة ‪ ،‬مثل‪ :‬املحبة‪ ،‬واملودة‪ ،‬والصداقة‪،‬‬
‫والتفاهم‪ ،‬والتعاي ‪ ،‬والتسامح ‪ ،.....‬أو العالقات املرفووة‪ ،‬مثل‪ :‬التنافر‪ ،‬والكراهية‪،‬‬
‫والحقد‪ ،‬والعدوان‪ ،‬والرفض‪ ،‬واإلقصاء‪ ،‬والتغريب‪ ...‬وستعبير خر‪ ،‬التفاعل االجتماعي هو‬
‫فعل ورد فعل‪ ،‬فالتحية وردها هو نوع من التفاعل أو التبادل االجتماعي‪.‬‬

‫ويعني هذا أن التفاعل االجتماعي من أهم املواويع التي يعنى بها علم النفس االجتماعي‬
‫الذي يدرس األفراد في حضن املجتمع في ووء أسس سيكولوجية شعورية أوالشعورية‬
‫بالتركيز على العالقات اإلنسانية الوجدانية والنفسية التي تجمع الذوات ببعضها البعض ‪،‬‬
‫ومن جماعات صغرى أو متوسطة أو كلرى‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول خليل ميخائيل‬
‫معو ‪ ،‬في كتابه (علم النفس االجتماعي)‪:‬‬

‫" علم النفس االجتماعي فرع من فروع علم النفس‪ ،‬يتناول سلوك األفراد والجماعات‬
‫وتفاعلهم خالل املواقف االجتماعية املختلفة‪ ،‬ودراسة العوامل التي تؤثر في هذا التفاعل‬
‫والعمليات النفسية التي تحدث أثناء هذا التفاعل‪.‬ومايترتب على هذا التفاعل من اكتساب‬
‫الفرد التجاهات وقيم وأساليب سلوكية معينة ترضاى عنها الجماعة‪ ،‬وأثناء عمليات‬

‫‪94‬‬
‫التفاعل االجتماعي يتم تأثير متبادل بين األفراد بعضهم مع بعض‪ ،‬وسين الجماعات بعضها‬
‫مع بعض‪ ،‬وسين األفراد والجماعات‪.‬‬
‫ً‬
‫فعلم النفس االجتماعي ‪ -‬إذا‪ -‬يتناول سلوك األفراد االجتماعي املعقد داخل الجماعات‪،‬‬
‫سلوك األفراد السل ي واإليجابي خالل املواقف االجتماعية‪ ،‬وعلم النفس االجتماعي بذلك‬
‫يختلف عن علم االجتماع الذي يدرس الظواهر االجتماعية واملشكالت االجتماعية وطرق‬
‫حلها أو عالجها‪104".‬‬

‫ويعني هذا أن علم النفس االجتماعي يركز كثيرا على عملية التفاعل االجتماعي في مختلف‬
‫تجلياته التواصلية‪ ،‬والسيكولوجية‪ ،‬واالجتماعية‪.‬‬

‫وعلى أي حال‪ ،‬فالتفاعل االجتماعي هو بمثابة تواصل سلوكي أو تبادل بين الذوات تحفيزا‬
‫واستجابة ومن مواقف اجتماعية معينة‪ ،‬تنتظ عنها سلوكيات وقيم تواصلية معينة‪.‬‬
‫وستعبير خر ‪ ،‬هو فعل ورد فعل‪ .‬وقد عظم دور التفاعل االجتماعي كثيرا بفعل العوملة‪،‬‬
‫وانتشار وسائل اإلعالم الفضائي والرقمي‪.‬‬

‫ويعني هذا أن التفاعل االجتماعي‪ -‬حسب محمد ياسر الخواجة وحسين الدريني‪ -‬هو ذلك"‬
‫السلوك في حضور اآلخر ‪ ،‬فيؤثر كال‬ ‫التبادل بين األشخاص ‪ ،‬بحيث يصدر كل شخ‬
‫منهما في اآلخر‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬هو العملية التي تتم بواسطتها مالحظة الفرد لآلخرين تكون ي‬
‫نفسها بمثابة منبه لهم فيستجيبون له‪.‬أي‪ :‬إن استجابة الفرد لآلخرين تكون ي نفسها‬
‫بمثابة منبه لهم فيستجيبون له استجابات تصبح بدورها منبها للفرد‪ .‬فعندما يقوم املدرس‬
‫بشرح الدرس لتالميذه‪ ،‬يعروهم لعديد من املثيرات واملنبهات االجتماعية (كحديثه‪-‬‬
‫إيماءاته‪ -‬إشاراته‪ -‬حركاته)‪ ،‬فيستجيبون له ( بإظهار االهتمام والحماس أو بالكسل وعدم‬

‫‪ -104‬خليل ميخائيل معو ‪ :‬علم النفس االجتماعي‪،‬دار النشر املغرسية‪ ،‬الدرا البيضاء‪ ،‬املغرسية‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪3602‬م‪ ،‬ص‪.36:‬‬
‫‪95‬‬
‫االنتباه)‪ ،‬تلك االستجابات تصبح مثيرا جديدا للمدرس‪ ،‬فيزداد في التوويح واألمثلة‬
‫والحركة‪ ،‬مثال‪ ،‬أو ينتابه امللل ويختصر الحديث‪ ،‬وهكذا يكون سلوك كال منهما منبها لآلخر‬
‫ومؤثرا فيه‪.‬‬

‫واليقتصر التفاعل االجتماعي على مايدور بين فرد و خر بل قد يكون بين جماعة وأخرى‪.‬‬
‫ففريق كرة القدم يمثل جماعة تتفاعل مع الفريق اآلخر أو الجماعة األخرى‪.‬كما بينت‬
‫الدراسات أنه إذا قامت جماعتان بأداء العمل نفسه بحيث تكون كل جماعة مستقلة عن‬
‫األخرى‪ ،‬ولكنها تراها وتكون على علم بوجودها (جماعات العمل معا)‪ ،‬فإن ذلكم يؤثر في‬
‫األداء واإلنتاجية‪105".‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يكون التفاعل االجتماعي فرديا أو جماعيا أو مختلطا‪ ،‬وقد يكون تفاعال لفظيا‪،‬‬
‫أو سلوكيا‪ ،‬أو حركيا‪ ،‬أو إشاريا‪ ،‬أو سيميائيا بصفة عامة‪.‬‬

‫ويعرفه أنطوني غيدنز بقوله‪:‬‬

‫" التفاعل االجتماعي هو العملية التي نقوم بها بالفعل ورد الفعل تجاه من حولنا وكثير من‬
‫الجوانب التي تبدو في سلوكنا اليومي قليلة األهمية في ظاهرها تتكشف عند استقصائنا لها‬
‫عن نواح معقدة ومهمة من التفاعل االجتماعي‪.‬ففي أغلب التفاعالت يكون لقاء العين‬
‫بالعين عابرا وسريعا‪ ،‬غير أن النظرة التي نمعن فوها في التحديق باآلخرين قد تكون إشارة‬
‫تدل على العداء في بعض املجاالت األساسية التي يركز علوها علم االجتماع ألنها تلقي‬
‫الضوء على كثير من الجوانب في الحياة االجتماعية‪"106.‬‬

‫‪ -105‬محمد ياسر الخواجة وحسين الدريني‪ :‬الوجز الي علم االجتماع ‪ ،‬مصر العرسية للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪22333‬م‪ ،‬ص‪.02-06:‬‬
‫‪ -106‬أنتوني غدنز‪ :‬علم االجتماع‪ ،‬ترجة‪ :‬فايز الصياغ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العرسية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.302:‬‬
‫‪96‬‬
‫وعليه‪ ،‬يتحقق التفاعل داخل املؤسسة التربوية إما بشكل إيجابي‪ ،‬وإما بشكل سل ي‪ .‬وقد‬
‫يتخذ هذا التفاعل اتجاها أفقيا أو اتجاها عموديا من جهة‪ ،‬أو اتجاها داخليا أو اتجاها‬
‫خارجيا من جهة أخرى‪.‬‬

‫وقد يتحقق هذا التفاعل التواصلي على صعيد اإلدارة‪ ،‬أو على صعيد املتعلمين‪ ،‬أو على‬
‫صعيد املدرسين‪ .‬بمعنى أن ثمة عالقات تجمع بين رجال اإلدارة بعضهم البعض‪ ،‬وسينهم‬
‫وسين املدرسين واملتعلمين‪.‬ومن ثم‪ ،‬يدخلون في عالقات إيجابية قائمة على املحبة‪ ،‬واملودة‪،‬‬
‫والصداقة‪ ،‬والتعاون‪ ،‬والتفاهم‪ ،‬والتواصل‪ ،‬والتعاي ‪ ،‬واالنصهار الجماعي‪ .‬وقد تكون‬
‫العالقات سلبية قائمة على الحقد‪ ،‬والنفور‪ ،‬والكراهية‪ ،‬واإلقصاء‪ ،‬والتغريب‪ ،‬والنبذ‪...‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬البد للمدبر اإلداري‪ ،‬أو املدبر التربوي‪ ،‬أن يخلق أجواء دراسية مفعمة بالسعادة‬
‫والحبور واملرح قصد توفير حياة مدرسية هادئة وسعيدة ومريحة لسجميع‪.‬‬

‫وقد‪ ،‬يتخذ التواصل ‪ ،‬في نطاق الحياة املدرسية‪ ،‬مظهرا لفظيا وغير لفظي‪ .‬كما يتخذ طابعا‬
‫اجتماعيا تفاعليا حيث ينصهر الكل في جماعات صغرى وكلرى داخل املؤسسة التربوية ‪.‬‬
‫وتتكون كل جماعة (جماعة اإلدارة‪ ،‬وجماعة املدرسين‪ ،‬وجماعة املتعلمين) من مجموعة‬
‫من األفراد الذين يتأثرون ويفكرون ويحكمون ويرون األشياء بمنظار الجماعات التي‬
‫ينتمون إلوها‪ ،‬والتي بدورها تتطور في حضن السياق االجتماعي الذي أفرزها‪ .‬ويالحء أن هذا‬
‫النموذج التفاعلي والتواصلي ينتمي إلى علم االجتماع‪ ،‬وخاصة علم النفس االجتماعي الذي‬
‫يرصد مختلف العالقات النفسية واالجتماعية بين املتواصلين داخل السياق االجتماعي‪.‬‬
‫وهذا ما يجعل هذا النظام يسهم في تأسيس علم تواصل الجماعة ( ‪la communication de‬‬
‫‪ .)groupe‬ومن أهم مفاهيمه اإلجرائية‪ :‬مفهوم السياق االجتماعي‪ ،‬واالنتماء إلى الجماعة‪.‬‬

‫ويعني هذا أن اإلدارة التربوية الحقيقية ي التي تحتكم إلى مبدأين رئيسين هما‪ :‬التواصل‬
‫مع املتعلمين واملدرسين والشركاء الداخليين والخارجيين وفق متطلبات التواصل اللفظي‬
‫وغير اللفظي‪ ،‬والتفاعل مع هؤالء وفق علم النفس االجتماعي املبني على االحترام‪،‬‬
‫‪97‬‬
‫والتقدير‪ ،‬والتفاهم‪ ،‬والتعاي ‪ ،‬والتسامح‪ ،‬والتعاون‪ ،‬والتضامن من أجل تحقيق جودة‬
‫املنظومة التربوية باملغرب‪ ،‬والرفع من مستواها كما وكيفا‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬اليمكن الحديث عن تدبير إداري أو ترسوي جيد وناجع وفعال وهادف إال‬
‫إذا احتكم إلى سياسة إدارية خاوعة للعقلنة واملشروعية والعمل املنتظ بتنظيم العمل‪،‬‬
‫وتقسيم املسؤوليات‪ ،‬وإشراك الفاعلين‪ ،‬وتوجيه سياسة التدبير نحو تحقيق األهداف‬
‫اإليجابية‪ ،‬والس ي من أجل تحقيق اإلنتاجية الكمية والنوعية باحترام معايير الجودة‪،‬‬
‫والتميز‪ ،‬والتنافسية‪.‬ويعود هذا كله إلى قيادة ديمقراطية جادة ومدبرة حكيمة تحسن‬
‫واالستشراف‪ ،‬وتؤمن بالتوجيه وتنظيم العمل‪ ،‬وتكثر من املواكبة والتتبع‬ ‫التخطي‬
‫واملحاسبة والتقويم‪ ،‬وتستشرف املستقبل األفضل‪.‬‬

‫واليمكن الحديث عن تنظيم للعمل وتقسيمه إال في إطار بيروقراطية علمية‪ ،‬وعقالنية‬
‫مشروعة‪ ،‬وتوزيع للمهام وفق الكفاءة واالستحقاق كما يبدو ذلك جليا في تصور ماكس‬
‫فيلر (‪ )Max Weber‬الذي يعد من مؤس اي علم اإلدارة الحديثة ‪ .‬وقد تحدث كثيرا عن‬
‫مجموعة من املفاهيم اإلدارية والتنظيمية‪ ،‬مثل‪ :‬السلطة‪ ،‬والشرعية‪ ،‬والبيروقراطية‪،‬‬
‫والهرمية اإلدارية‪ ،‬ومبدإ الكفاءة‪...‬و قد أدلى بتصورات مهمة حول التنظيم واملنظمات‪.‬‬
‫وسذلك‪ " ،‬قدم فيلر أول تفسير منهجي لنشأة املنظمات الحديثة‪ .‬فهو يعتلرها سبيال لتنسيق‬
‫أنشطة البشر وما ينتجونه من سلع بأسلوب مستقر ومستمر علر الزمان واملكان‪.‬وأكد‬
‫فيلر أن نمو املنظمات يعتمد على السيطرة على املعلومات‪ ،‬وشدد على األهمية املركزية‬
‫للكتابة في هذه العملية‪ :‬فاملنظمة ‪ ،‬في رأيه‪ ،‬تحتاج إلى تدوين القواعد والقوانين التي‬
‫تستهدي بها ألداء عملها‪ ،‬مثلما تحتاج إلى ملفات تختزل فوها ذاكرتها‪.‬ورأى فيلر أن املنظمات‬

‫‪98‬‬
‫تتميز بطبيعتها بنظام ترات ي ومرات ي في الوقت نفسه مع تركز السلطة في مستوياته‬
‫العليا‪107".‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬البد من التوقف عند مفهوم إداري مهم‪ ،‬بالشرح والتوويح والتحليل‪ ،‬وهو‬
‫مفهوم البيروقراطية اإلدارية‪ .‬وتعني هذه الكلمة املكتب أو املوظفين الجالسين إلى مكاتبهم‬
‫لتأدية خدمات عامة‪ .‬ولقد ظهرت البيروقراطية‪ ،‬في القرن السابع عشر‪ ،‬لتدل على املكاتب‬
‫الحكومية‪ .‬وقد استعمل املصطس‪ ،‬من قبل الكاتب الفرن اي ديغورني سنة ‪3323‬م الذي‬
‫جمع بين مقطعين هما‪ :‬بيرو الذي يعني املكتب‪ ،‬وكراتيا الذي يعني الحكم‪ .‬وبعد ذلك‪،‬‬
‫أطلقت البيروقراطية على كل مرافق الدولة من مدارس‪ ،‬ومستشفيات‪ ،‬وجامعات‪،‬‬
‫ومؤسسات رسمية‪...‬كما تدل كلمة البيروقراطية على القوة‪ ،‬والسلطة‪ ،‬والنفوذ‪ ،‬والسيادة‪.‬‬
‫وقد ظهرت البيروقراطية لتنظيم العمل وتسهيله والتحكم فيه برمجة‪ ،‬وتخطيطا‪ ،‬وتدبيرا‪،‬‬
‫وتوجوها‪ ،‬وقيادة‪ ،‬وإشرافا‪ ،‬وتقويما‪ .‬وسالتالي‪ ،‬فالبيروقراطية نتاج للرأسمالية والعقالنية‬
‫والحداثة الغرسية‪ ،‬ونتاج لتقسيم العمل وتنظيمه إداريا‪.‬‬

‫ويمكن الحديث عن مواقف ثالثة إزاء البيروقراطية‪:‬‬

‫‪‬موق ـ ــف س ـ ــل ي‪ :‬مف ي يياده أن البيروقراطي ي يية تنظ ي يييم إداري روتين ي ييي ومعق ي ييد وسط ي يييء ف ي ييي أداء‬
‫الخ ييدمات العام يية مم ييا دف ييع بل يزاك إل ييى الق ييول ب ييأن البيروقراطي يية ييي" الس ييلطة الكل ييرى الت ييي‬
‫يمارسها األقزام"‪108‬‬

‫‪ ‬موقــف إلجــابي‪ :‬ينظيير إلييى البيروقراطييية نظييرة متميييزة‪ ،‬علييى أسيياس أنهييا طريقيية فييي تنظيييم‬
‫العمييل وتييدبيره وفييق خطيية عقالنييية هادفيية ‪.‬وميين ثييم‪ ،‬فهييي نمييوذج لسحييرص والدقيية والكفيياءة‬

‫‪ - 107‬أنتوني غدنز‪ :‬علم االجتماع‪ ،‬ترجمة فايز الصياغ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العرسية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫الرابعة‪2223 ،‬م‪ ،‬ص‪.220:‬‬
‫‪- 108‬أنتوني غيدنز‪ :‬علم االجتماع‪ ،‬ص‪.226:‬‬
‫‪99‬‬
‫والفعالي يية اإلداري يية‪ ،‬م ييادام هن يياك احتك ييام إل ييى التعليم ييات واألوام يير واإلجي يراءات التنظيمي يية‬
‫الصارمة‪109‬‬

‫‪‬موق ــف وسـ ـ واعت ــدال‪ :‬ويمثل ييه م يياكس فيل يير ال ييذي داف ييع ع يين البيروقراطي يية بمختل ييف‬
‫إيجابياتهي ييا وسي ييلبياتها‪ .‬ويتخي ييوف أن تحيي ييد البيروقراطيي يية عي يين أهي ييدافها الحقيقيي يية‪ ،‬فتصي ييبح‬
‫أسلوسا ملمارسة القوة والتسل والرقابة‪.‬‬

‫و الي ييوم‪ ،‬ينظ يير كثي يير م يين الن يياس إل ييى البيروقراطي يية نظ ييرة س ييلبية ألنه ييا تحي ييل عل ييى ال ييب ء‬
‫والروتين والفساد اإلداري ‪ ،‬وتعقيد اإلجراءات الشكلية واملساطر اإلدارية ‪ .‬فيي حيين‪ ،‬يعتلرهيا‬
‫ميياكس فيليير أسيياس العقالنييية والتقييدم واالزدهييار الرأسييمالي الحييديث‪ .‬ويعنييي هييذا أن ميياكس‬
‫فيل يير ي ييدافع ع يين البيروقراطي يية الت ييي تق ييوم عل ييى الش ييرعية‪ ،‬والعقالني يية‪ ،‬والحداث يية‪ ،‬والكف يياءة‬
‫املهنية والحرفية والعلمية‪.‬‬

‫وقييد ووييع فيليير نموذجييا " يحييدد مفهومييا مثاليييا للبيرقراطييية يتفييق مييع التوجهييات التييي كانييت‬
‫سييائدة فييي عصييره‪ ،‬وقييد أصييبح هييذا النظييام ميين أكثيير األنظميية اإلدارييية الشييائعة بعييد الثييورة‬
‫الصناعية ‪ ،‬فكان البد من وجود نظام إداري يستطيع التعاميل ميع التوسيع الهائيل فيي اإلنتياج‬
‫الصييناعي‪ ،‬ومييا نجييم عنييه ميين تضييخيم فييي املؤسسييات االقتصييادية والصييناعية واالجتماعييية‪،‬‬
‫ومييارافق ذلييك ميين تعقيييد فييي الحييياة البشييرية ‪ ،‬وتبييين أنييه ميين الصييعوسة بمكييان أن يسييتطيع‬
‫واح ييد القي ييام بأعم ييال متع ييددة ومعق ييدة ف ييي ن واح ييد‪ ،‬وه ييذا ك ييان م يين املل ييررات الت ييي‬ ‫ش ييخ‬
‫دفع ييت فيل يير إل ييى البح ييث ع يين تنظ يييم إداري ق ييادر عل ييى و ييب ومراقب يية املهم ييات الص ييناعية‬
‫ويمن نظيام هرميي‪ ،‬بحييث‬ ‫املختلفة‪ ،‬فقام بتحديد املهام واألدوار والصيالحيات لكيل شيخ‬
‫يكييون الفييرد وييمن هييذا التنظيييم تابعييا لييرئيس واحييد‪ ،‬ويتبعييه فييي الوقييت نفسييه مجموعيية ميين‬
‫املر وس ييين ‪ ،‬وح ييدد فيل يير مه ييام وص ييالحيات وأدوار املر وس ييين بدق يية و ييمن ل ييوائح وإج يراءات‬

‫‪ - 109‬نفسه‪ ،‬ص‪.226:‬‬
‫‪100‬‬
‫وقواعيد مكتوسيية‪ ،‬وسيذلك تييتحكم فييي سيلوك الجماعيية البيروقراطييية مجموعية وييواب مقننيية‬
‫جامدة‪110".‬‬

‫وم يين ث ييم‪ ،‬تق ييوم البيروقراطي يية عل ييى العالق ييات الس ييلطوية‪ ،‬واحت يرام مجموع يية م يين اإلج يراءات‬
‫والقواع ييد الرس ييمية والتنظيمي يية الت ييي ت ييتحكم ف ييي العم ييل‪ ،‬ومراع يياة الس ييلم اإلداري ‪ ،‬واألخ ييذ‬
‫بالتراتبييية اإلدارييية الهرمييية (الهيرارشييية) ميين الييرئيس إلييى امليير وس‪ ،‬أو ميين القميية إلييى القاعييدة‬
‫(البنييية الطويليية أو السييطحية)‪ ،‬أو ميين املركييز إلييى غييير املركييز‪ ،‬واالحتكييام إلييى الخلييرة والكفيياءة‬
‫واالس ي ييتحقاق دون السج ي ييوء إل ي ييى العالق ي ييات اإلنس ي ييانية وال خص ي ييية‪ .‬أو ي ييف إل ي ييى ذل ي ييك األخ ي ييذ‬
‫باملسيتويات اإلدارييية (العليييا‪ ،‬والوسيط ‪ ،‬والييدنيا)‪ ،‬واحتيرام التسلسيل اإلداري‪ ،‬وهييذا كلييه ميين‬
‫أجل خدمة املصسحة العامة‪ ،‬وتجويد املنتظ‪ ،‬وتحسين األداء وتنظيمه كما وكيفا‪ .‬ويعني هذا‬
‫أن البيروقراطي يية وج ييدت م يين أج ييل" تس ييريع العم ييل‪ ،‬وتقلي ييل األخط يياء‪ ،‬والدق يية ف ييي اإلنج يياز‪،‬‬
‫واملحافظ ية علييى حقييوق املوظييف والصييال‪ ،‬العييام ‪ ،‬وليسييت بييالعكس‪ ،‬كمييا أصييبح يحييدث فييي‬
‫أكثيير األحيييان علييى أر الواقييع‪ ،‬بحيييث إننييا نالحييء إفيرازات سييلبية‪ ،‬إسيياءات للبيروقراطييية ‪،‬‬
‫واأله ييم م يين ذل ييك أنه ييا أث ييرت ف ييي الن يياس ف ييي و ييوء التعقي ييد ال ييذي يلقون ييه‪ .‬وإن رسي ي التعقي ييد‬
‫بالقطيياع الحكييومي بشييكل أكليير ميين القطيياع الخيياص اييحيح‪ ،‬هييذا واقييع ألن القطيياع الخيياص‬
‫يحييرص فيييه صيياحب املؤسسيية الخاصيية علييى عملييه‪ ،‬ألنييه يحقييق هييدفا رسحيييا وأحيانييا سييريعا‪،‬‬
‫وهييو حييارس دائييم وقييائم علييى عملييه وموظفيييه بييالحوافز وسالحسييم إذا احتيياج لييذلك‪ ،‬ولكيين‬
‫الحييارس اإلداري فييي القطيياع الحكييومي لديييه أولويييات تختلييف بعييض الشييايء‪ ،‬والرقابيية كييذلك‬
‫تختلف بسبب اتساع القطاع الحكيومي وججميه ومقيياس اإلنتياج ورسطيه بيالحوافز‪ ،‬وكميا أن‬
‫وواض‪ ،‬شبه غائب في قطاعنا الحكومي‪111".‬‬ ‫التقويم بشكل مخط‬

‫‪ - 110‬إبراهيم بن عبد العزيز الدعيسا‪ :‬اإلدارة حقا ق تتجدد‪ ،‬مكة املكرمة‪ ،‬اململكة العرسية السعودية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2232‬م‪ ،‬ص‪.02:‬‬
‫‪ - 111‬إبراهيم بن عبد العزيز الدعيسا‪ :‬اإلدارة حقا ق تتجدد‪،‬ص‪.03:‬‬
‫‪101‬‬
‫وعلي ي ييه‪ ،‬يع ي ييد م ي يياكس فيل ي يير رائ ي ييد األس ي ييلوب البيروقراط ي ييي الح ي ييديث حي ي ييث رسط ي ييه بالس ي ييلطة‬
‫العقالنية الشيرعية املنظمية مين جهية‪ ،‬و الهيرارشيية الهرميية مين القمية إليى القاعيدة مين جهية‬
‫أخي ييرى ملي ييا لهي ييا مي يين فوائي ييد عمليي يية في ييي رفي ييع اإلنتي يياج واملردوديي يية الكميي يية والكيفيي يية‪ ،‬وتحقيي ييق‬
‫الفاعلي يية‪ ،‬واحتي يرام اللي ييوائح القانوني يية والتنظيميي يية غيي يير الخاو ييعة مل ي يزاج الي ييرئيس أو املي ييدبر‬
‫اإلداري‪ .‬عالوة على وحدة األمر‪ ،‬ونطاق اإلشراف‪ ،‬ومبدإ التدرج الهرمي‪...‬‬

‫واليعني هذا أن البيروقراطية مفهوم حديث العهد‪ ،‬بل عرفته الشعوب القديمة كذلك‪ .‬وفي‬
‫هذا الصدد‪ ،‬يقول أنتوني جيدنز(‪:)A.Giddens‬‬

‫"يعتقد فيلر أن بعض أنواع التنظيم البيروقراطي قد نشأت وتطورت في الحضارات‬


‫التقليدية القديمة‪ .‬فاملسؤول البيروقراطي في الصين القديمة هو الذي كان يتولى مسؤولية‬
‫إدارة شؤون الحكومة‪ ،‬غير أن البيروقراطية لم تتطور وتكتمل إال في العصور الحديثة‬
‫باعتبارها تشكل املحور الرئي اي لترشيد وعقلنة املجتمع‪.‬وقد ترك هذا الترشيد وتلك‬
‫العقلنة ثارهما في جميع جوانب الحياة بما فوها العلوم والتربية والحكم‪.‬وسدال من أن يعتمد‬
‫الناس على املعتقدات والعادات التقليدية التي درجوا علوها‪ ،‬فقد بدأ الناس في العصور‬
‫واضحة‪ ،‬وراحوا‬ ‫الحديثة يتخذون قرارات عقالنية تستهدف تحقيق أهداف وأغرا‬
‫يختارون السبل األكثر كفاءة للوصول إلى نتائظ محددة ألنشطتهم‪.‬‬

‫لم يكن ثمة مناص‪ ،‬في نظر فيلر‪ ،‬من انتشار البيروقراطية في املجتمعات الحديثة‪،‬‬
‫فالسلطة البيروقراطية ي األسلوب الوحيد للتعامل مع املتطلبات اإلدارية واألنساق‬
‫االجتماعية‪.‬ومع تزايد التعقد في املهمات والواجبات غدا من الضروري تطوير أنظمة‬
‫الضب والسيطرة واإلدارة ملعالجتها‪.‬من هنا‪ ،‬فقد نشأت البيروقراطية باعتبارها االستجابة‬

‫‪102‬‬
‫األرشد واألكفأ لتلبية هذه االحتياجات‪.‬غير أن فيلر نبه إلى كثير من جوانب القصور‬
‫واإلعاقة التي يحملها التنظيم البيروقراطي‪".112‬‬

‫ولتحديد البيروقراطية بشكل دقيق‪ ،‬التجأ ماكس فيلر إلى رسم نموذج مثالي مجرد‪ ،‬يحدد‬
‫مواصفات البيروقراطية األساسية والجوهرية‪ ،‬ويستجلي سماتها ومكوناتها الشكلية في‬
‫النق التالية‪:‬‬

‫‪‬توز ع السلطة الي شكل تراتبية هرمية‪ ،‬ومراتب واضحة‪ .‬ويعني هذا أن اإلدارة عبارة‬
‫عن شجرة بمجموعة من الفروع‪ ،‬واملكاتب‪ ،‬والرتب‪ .‬وهناك سلطة عليا تقوم بمهمة إصدار‬
‫القرارات واألوامر من القمة العليا إلى القاعدة الدنيا‪ .‬وتكون تلك األوامر عبارة عن مهام‬
‫وأداءات ينبغي تنفيذها من قبل الذين يوجدون في الرتب الدنيا أو املكاتب الفرعية‪ .‬وستعبير‬
‫خر‪ ،‬هناك سلطة مركزية تصدر األحكام والقرارات واألوامر والنوا ي‪ ،‬وتوزع األعمال‬
‫واملهام على املر وسين لتنفيذها بشكل ترات ي وهرمي‪.‬‬

‫‪‬خضوع اإلدارة الا روقراطية للقوان ح الكتوبة والتعليمات عكى جميع الستويات‬
‫واألصعدة‪ .‬بمعنى أن اإلدارة تلتزم وتتقيد بمجموعة من التشريعات والقوانين الداخلية أو‬
‫الخارجية على مستوى التدبير‪ ،‬والتسيير‪ ،‬والقيادة‪ ،‬واإلشراف مما يجعل هذه اإلدارة‬
‫تشتغل برتابة وروتين وس ء‪ .‬ويستلزم هذا نوعا من املرونة في التسيير‪ ،‬والقيادة‪ ،‬وإصدار‬
‫القرارات املناسبة‪.‬‬

‫‪‬يعمل الوظفوح الي إطار الا روقراطية بدوام كامل مع تقاض أجر وتعويضات عن‬
‫العمل‪ .‬ويعني هذا أن املوظف مرتب بأوقات عمل محددة قانويا‪.‬ثم‪،‬يحصل على أجر‬
‫مقابل ذلك العمل‪ .‬ويتحدد األجر أو التعويضات حسب األقدمية أو الكفاءة أواالستحقاق‪.‬‬

‫‪ - 112‬أنطوني غيدنز‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.232-226:‬‬


‫‪103‬‬
‫‪‬الفصل التام ب ح عمل السؤول وحيات خارجيا‪ .‬ويعني هذا أن املسؤول البيروقراطي‬
‫يفصل بين العمل وحياته ال خصية‪ ،‬فال ينبغي أن يخل بينهما‪.‬‬

‫‪ ‬إح الوظف ح الي التنظيمات الا روقراطية اللملكوح الوارد الادلة والالية التاحة‪،‬‬
‫بل لجدونها عند الدولة أو عند مالكي وسا ل اإلنتاج‪.‬ويعني هذا أن" نمو البيرقراطية‪ ،‬على‬
‫ما يرى فيلر‪ ،‬تفصل بين العاملين من جهة والسيطرة على وسائل اإلنتاج‪ .‬ففي املجتمعات‬
‫التقليدية‪ ،‬يسيطر املزارعون والصناع‪ ،‬في العادة‪ ،‬على عمليات اإلنتاج‪ ،‬ويمتلكون األدوات‬
‫التي يستخدمونها‪.‬أما في التنظيمات البيروقراطية ‪ ،‬فإن املواطنين اليمتلكون املكاتب التي‬
‫يعملون فوها والمايستخدمونه من معدات وتجهيزات‪113".‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالبيروقراطية أساس الحداثة املتقدمة‪ ،‬وأساس الدولة املنظمة الراشدة التي‬
‫تؤمن بالعقالنية ‪ .‬وقد " كان فيلر يعتقد أن اقتراب املنظمة من النموذج املثال‬
‫للبيروقراطية يجعلها أكثر كفاءة في مساعوها للوصول إلى األهداف التي قامت من أجلها‬
‫أساسا‪.‬كما أنه كان يرى أن البيروقراطية تتفوق من الوجهة الفنية والتقنية على أشكال‬
‫التنظيم األخرى كافة‪ .‬وكثيرا ما أشار إلى البيروقراطية بوصفها باملاكنة املتقدمة‬
‫فالبيروقراطية ي التي ترتقي باملهارات إلى حدودها القصوى‪ ،‬وتشدد على الدقة والسرعة‬
‫في إنجاز املهمات املحددة‪114".‬‬

‫بيد أن النظرية البيروقراطية قد تحد من الطاقات اإلبداعية املوجودة لدى املوظفين‪،‬‬


‫وتجعلهم مثل روسوتات لية تتحكم فوهم عالقات ميكانيكية من األعلى نحو األسفل‪ .‬كما أن‬
‫العالقات التي تجمع بين أعضاء التنظيم ي عالقات رسمية وإدارية أكثر مما ي عالقات‬
‫إنسانية‪ .‬ويعني هذا أن أسلوب البيروقراطية اليراعي الجوانب النفسية واإلنسانية لدى‬
‫املوظف‪ .‬كما تغيب روح املبادرة في هذا التصور اإلداري‪ .‬فمن األفضل تطبيق املقارسة‬

‫‪ - 113‬نفسه‪ ،‬ص‪.233-232:‬‬
‫‪ - 114‬نفسه‪ ،‬ص‪.233:‬‬
‫‪104‬‬
‫التشاركية ‪ ،‬وتحفيز املوظف ماديا ومعنويا‪ ،‬ثم ترقيته على أساس املبادرة والقدرات‬
‫الكفائية ‪ ،‬ومراعاة العالقات اإلنسانية التي تتحكم في العمل اإلداري‪ .‬ويمكن ‪ ،‬أن ينتظ عن‬
‫تعدد املكاتب والسجان اإلدارية تعقيد في املساطر اإلدارية وتباطؤ في تنفيذها‪ .‬في حين‪،‬‬
‫تطالب اإلدارة باملرونة واليسر ملنافسة اإلدارات األخرى سيما اإلدارة ذات التوجه‬
‫الخصوصاي‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول أنتوني غيدنز‪:‬‬

‫" إن فيلر ‪ ،‬في تحليله للبيروقراطية‪ ،‬قد أولى اهتمامه الرئي اي للعالقات الرسمية التي‬
‫تحددها القواعد واألنظمة الداخلية في املؤسسة‪ ،‬غير أنه لم يتحدث عن الرواب‬
‫ال خصية والعالقات التي تدور في نطاق ويق بين الجماعات في جميع املنظمات‪.‬وتبين لنا‬
‫من دراسات موسعة األساليب غير الرسمية ألنشطة املنظمات تتيح مجاال واسعا للمرونة ‪،‬‬
‫وتف ‪ ،‬الفرصة لتحقيق غايات املؤسسة بطرائق أخرى‪ .‬وفي مقدمة الدراسات املرجعية‬
‫التي تناولت العالقات غير الرسمية تلك التي أجراها بيتر بلو (‪ )Blau1963‬في إحدى الدوائر‬
‫الحكومية املختصة بتقصاي املخالفات واالنتهاكات لقوانين وريبة الدخل‪ .‬ففي هذه‬
‫الدائرة‪ ،‬كان على املوظفين والعاملين أن يناقشوا مثل هذه املخالفات أو األمر مع ر سائهم‬
‫واملشرفين علوهم ويتجنبوا استشارة زمالئهم الذين يماثلونهم في املرتبة الوظيفية‪ .‬غير أن‬
‫هؤالء كانوا يتحاشون الرجوع إلى ر سائهم في مثل هذه القضايا خشية أن يفسر ذلك‬
‫باعتباره دليال على عدم كفاءتهم‪ ،‬ويقلل بالتالي من فرص ترقيتهم إلى مرتبة أعلى‪ .‬ومن هنا‪،‬‬
‫فقد درجوا على التشاور بين بعضهم البعض ومخالفة التعليمات الرسمية بهذا الصدد‪.‬‬
‫ولم يقتصر تصرفهم هذا على تمكينهم من تقديم حلول عملية ملموسة ومباشرة لتلك‬
‫القضايا‪ ،‬بل إنه خفف من املخاوف التي كانت تنتابهم من جراء العمل بصورة منفردة‬
‫وسمعزل عن اآلخرين‪.‬وكان من نتائظ ذلك أن نشأت وتعززت فيما بينهم منظومة متماسكة‬
‫من الوالءات على املستوى األولي لسجماعات البشرية العاملة في املرتبة الوظيفية نفسها‪،‬‬
‫ورسما كانت األساليب التي انتهجها هؤالء في معالجة القضايا واملشكالت التي واجهوها أكثر‬

‫‪105‬‬
‫كفاءة وأسرع إنجازا‪.‬فقد استطاعت املجموعة أن تنمي بين أعضائها سلسلة من اإلجراءات‬
‫غير الرسمية تتفوق على القواعد الرسمية للمنظمة في إذكاء روح املبادرة واإلحساس‬
‫باملسؤولية بين العاملين‪115".‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يرى روسرت ميرتون(‪ )Robert Merton‬أن البيروقراطية أسلوب إداري‬
‫رتيب ومعيق للتطور واملنافسة والتقدم في العمل على أساس أن هذا األسلوب يسحق‬
‫الضرر باملؤسسة عاجال أو جال‪ .‬وفي هذا‪ ،‬يقول أنتوتي غيدنز‪:‬‬

‫" وووع عالم االجتماع األمريكي روسرت ميرتون (‪ 116)Robert Merton1957‬دراسة موسعة‬
‫عن النموذج املثال الذي طرحه فيلر عن املنظمة البيروقراطية‪ .‬وسين هذا الباحث‪ ،‬وهو من‬
‫كبار الباحثين في املدرسة الوظيفية‪ ،‬أن البيروقراطية تنطوي على كثير من جوانب القصور‬
‫والعناصر التي قد تفضاي إلى إلحاق الضرر حتى في نشا املؤسسة نفسها‪.‬ومن متخذ‬
‫ميرتون على البيروقراطية أن موظفوها البيروقراطيين يدرسون على االلتزام املتشدد بالقواعد‬
‫واإلجراءات املكتوسة التي التترك لهم مجاال للمرونة في إصدار األحكام واتخاذ القرارات‪ ،‬أو‬
‫الس ي إلى حلول وإجابات مبتكرة ملعالجة القضايا واملشكالت‪ .‬وقد يؤدي ذلك إلى تصلب‬
‫ما يسمى الطقوس البيروقراطية التي تعلو فوها القواعد والقوانين على كل ماعداها من‬
‫األمور والحلول املحتملة‪ .‬كما أن االلتزام املتزمت بهذه القواعد رسما يخفي أو يبدد األهداف‬
‫الفعلية للمنظمة ويصبح غاية بحد ذاته‪ ،‬ويحجب عن البصر الصورة الكلية ألنشطة‬
‫املؤسسة‪ .‬وتوقع روسرت ميرتون نشوء حالة من التوتر والتناقض بين املؤسسات‬
‫البيروقراطية ‪ ،‬والسيما الحكومية والعامة منها من جهة ‪ ،‬وجماهيرها العريضة من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬ألن انشغال املسؤوليسن البيروقراطيين بأداء مهماتهم وفق الروتين اليومي الذي‬

‫‪ - 115‬نفسه‪ ،‬ص‪.232-233:‬‬
‫‪116 -Robert Merton :The Sociology of Science ,Glencoe:free Press,1957.‬‬

‫‪106‬‬
‫درجوا عليه قد يخلق فجوة بينهم وسين مصال‪ ،‬الناس واهتماماتهم واحتياجاتهم‬
‫الفعلية‪117".‬‬

‫ويرى مشيل فوكو (‪ )Michel Foucault‬أن البيروقراطية تعني السيطرة على الزمان واملكان‪.‬‬
‫وسالتالي‪ ،‬فهي أداة ملراقبة األجساد والتنصت علوها بمختلف الوسائل واألجهزة‪ .‬واليتعلق‬
‫هذا بالدول املستبدة فحسب‪ ،‬بل يتعدى ذلك إلى الدول الديمقراطية ككندا‪ ،‬مثال‪ .‬ويعد‬
‫فوكو اإلدارة رمزا للقوة والسلطة والتراتبية االجتماعية " فاملكاتب والرتب التي وصفها‬
‫فيلر بصورة مجردة تتخذ هنا أشكاال معمارية ‪ ،‬بل إن املباني التي تضم الشركات الكلرى‬
‫تنظم بصورة عامة تنظيما عموديا تكون فيه الطوابق العلوية مخصصة لذوي السلطة‬
‫والقوة األعلى في املنظمة‪ .‬وكلما اقترب مكتب املوظف من قمة املبنى ‪ ،‬ازدادت دالئل اقترابه‬
‫من عملها‪ ،‬والسيما في الحاالت التي يعتمد فوها النسق التنظيمي على العالقات غير‬
‫الرسمية‪ .‬إن القرب الفيزيقي ييسر التفاعل والتواصل ين الجماعات األولية‪ .‬بينما يؤدي‬
‫البعد املادي إلى استقطاب املجموعات ‪ ،‬وووع خطو فاصلة بين " هم" و" نحن"‪ ،‬كما‬
‫يؤدي إلى التباعد بين دوائر املؤسسة وأقسامها‪ .‬التستطيع املنظمات أن تعمل بكفاءة إذا‬
‫كانت أنشطة العاملين فوها متداخلة على نحو عشوائي‪ .‬ففي الشركات التجارية‪ ،‬كما أوض‪،‬‬
‫فيلر‪ ،‬تتوقع من الناس أن يعملوا ساعات منتظمة‪ ،‬كما ينبغي التنسيق بين األشطة‪ ،‬من‬
‫الوجهتين الزمانية واملكانية‪ ،‬وذلك ما يتحقق إلى حد بعيد عن طريق التقسيم املادي‬
‫ألماكن العمل من جهة‪ ،‬وتنظيم الجداول الزمنية ألداء املهمات‪ .‬ومن شأن ذلك‪ ،‬كما يرى‬
‫فوكو‪ ،‬توزيع األجسام أي الناس بطريقة تجتمع فوها الكفاءة والفعالية‪ ،‬وبغير هذه‬
‫الترتيبات تدخل األنشطة اإلنسانية حالة من الفوضاى املطبقة‪ .‬إن ترتيبات الغرف‬

‫‪ - 117‬أنتوني غيدنز‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.232-236:‬‬


‫‪107‬‬
‫والقاعات والفضاءات املفتوحة في املبنى الذي تشغله املنظمة تعطينا مؤشرات أساسية‬
‫عن األسلوب الذي يعمل به نظام السلطة والقوة‪" 118.‬‬

‫وإذا كان األسلوب البيروقراطي يتسم باالستخدام السيئ ملعيار التخص ‪ ،‬واالستخدام‬
‫السيئ لإلجراءات الروتينية‪ ،‬واالستخدام الخاطئ للتسلسل الرئاهاي‪ ،‬واالستخدام الحرفي‬
‫لننظمة‪ ،‬وااللتزام الجامد باللوائح والتعليمات فإن البيروقراطية الفيبيرية تتميز‬
‫بمجموعة من املواصفات واملقومات األساسية ‪ ،‬مثل‪ :‬العقالنية‪ ،‬والعمل الهادف‪،‬‬
‫والتخص ‪ ،‬والتراتبية‪ ،‬والتسلسل اإلداري‪ ،‬واملراقبة‪ ،‬والكفاءة‪ ،‬والتحفيز‪ ،‬وتنظيم‬
‫العمل‪ ،‬واتباع الرسميات‪ ،‬واليتأثير القانوني‪ ،‬ووحدة السلطة والقرار (وحدة األمر)‪،‬‬
‫والسلطة املركزية‪ ،‬ونطاق اإلشراف‪ ،‬ومبدأ التدرج الهرمي‪119..‬‬

‫وعليه‪ ،‬يعد ماكس فيلر من أهم ممثلي املدرسة الكالسيكية في مجال التدبير ‪ ،‬وخاصة‬
‫ذلك االتجاه الذي ركز على السلطة في مجال اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬وتبيان أشكال تنظيمها‪،‬‬
‫إلى جانب ميشيل كروزيي)‪ .(Michel Crozier‬بيد أن ماكس فيلر تميز بتقسيم السلطة إلى‬
‫أنواع ثالثة‪ :‬السلطة الكاريزمية التي تعود إلى شخصية املسؤول اآلسرة التي تجعل اآلخرين‬
‫يلتزمون بأوامرها اقتناعا وإعجابا‪ ،‬والسلطة التقليدية القائمة على األعراف والتقاليد‬
‫والوراثة‪ ،‬والسلطة الوظيفية الرسمية (البيروقراطية)‪.‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬تتصف إدارة التميز بالجودة‪ ،‬والفعالية‪ ،‬والنجاعة ‪ ،‬والقدرة على‬
‫التنافسية‪ ،‬واالشتغال في فريق ترسوي وإداري‪ ،‬والعمل على تكوين متعلمين متفوقين‬
‫ومتميزين ومبدعين وقادرين على اإلنتاج واالبتكار‪ .‬وتتسم هذه اإلدارة أيضا بالجودة كما‬
‫وكيفا ‪ ،‬والخضوع ملستلزمات الحكامة الجيدة على مستوى التخطي والتدبير والتقويم‬
‫املسؤولية باملحاسبة‪،‬‬ ‫وتسيير املؤسسة‪ .‬ويعني هذا كله أن إدارة التميز ي التي ترس‬

‫‪ - 118‬نفسه‪ ،‬ص‪.233:‬‬
‫‪ - 119‬إبراهيم بن عبد العزيز الدعيسا‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.63-00:‬‬
‫‪108‬‬
‫واملواكبة‪ ،‬واالفتحاص‪ ،‬والتقييم‪ .‬وتس ى جادة لخدمة الوطن واألمة بإرساء ثقافة حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬واالحتكام إلى الضمير األخالقي‪ ،‬واألخذ بسياسة التشارك والشفافية‬
‫والديمقراطية في إسناد األدوار‪ ،‬وتوزيع املهام واملسؤوليات‪ .‬وسالتالي‪ ،‬تحتكم إلى بروقراطية‬
‫فيبيرية عقالنية‪ ،‬ومشروعة‪ ،‬وهادفة‪ ،‬ومثمرة‪.‬وتكون فاعلة مبدعة ومساهمة ومنافسة على‬
‫جميع األصعدة واملستويات‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يستوجب واقع التربية والتعليم أن تكون اإلدارة مبدعة بكل طاقمها التسييري‪،‬‬
‫فالبد أن تتمثل اإلدارة ليات التدبير والتخطي املعقلنين باعتماد املقارسة التشاركية‪،‬‬
‫والالمركزية النسبية‪ ،‬واالستقاللية‪ ،‬والتسيير الذاتي‪ ،‬وتأهيل املوارد البشرية ‪ ،‬وتدبير‬
‫املوارد املالية‪ ،‬واالنفتاح على محيطها املحلي‪ ،‬والوطني‪ ،‬والعاملي‪ ،‬إلخ‪ ....‬ويضاف إلى ذلك‬
‫ورورة تحديث اإلدارة شكال ومضمونا‪ ،‬وعصرنتها باملعلوميات والحواسيب وأساليب‬
‫اإلدارة املعاصرة‪.‬‬

‫وترتكز املقارسة اإلبداعية في مجال التدبير وتسيير اإلدارة على اإلبداع واالبتكار واإلنتاج‪،‬‬
‫وتطوير التعليم وتجديده‪،‬وتحفيز التالميذ املتعلمين على العطاء واملردودية‪ ،‬ومساعدتهم‬
‫على التخييل والتنفيذ واالختراع واالكتشاف‪ ،‬وتنفيذ اإلنجازات املهمة التي ي في صال‪،‬‬
‫املؤسسة الثانوية اإلعدادية‪.‬‬

‫ومن سلبيات اإلدارة التربوية املغرسية اهتمامها املبالغ فيه بتنفيذ املذكرات الوزارية‬
‫الروتينية‪ ،‬وعدم االهتمام بواقع التدريس من جهة‪ ،‬أو العناية بالتنشي التربوي من جهة‬
‫أخرى‪ .‬ويعني هذا أن اإلدارة التربوية التعنى بتفعيل الحياة املدرسية بكل مواصفاتها‪.‬‬
‫وسالتالي‪ ،‬ال يحظ التنشي املدرهاي في مؤسسات التعليم باالهتمام الذي يستحقه‪ .‬إذ‬
‫التشير التوجوهات اإلدارية الرسمية إليه إال في مناسبات االحتفال باألعياد واأليام الوطنية‬
‫والدولية‪ ،‬وتبق هذه التوجوهات إلزامية نظريا دون أن تفعل إداريا وميدانيا بالشكل‬

‫‪109‬‬
‫املطلوب بسبب وعف املبادرة لدى الفاعلين التربويين‪ ،‬من أساتذة‪ ،‬وتالميذ‪ ،‬ورجال‬
‫اإلدارة‪ ،‬وغيرهم‪ ...‬وانعدام املنشطين املتخصصين في هذا املجال‪.‬‬

‫وال يمكن لرجال اإلدارة ‪ -‬بحال من األحوال‪ -‬ممارسة هذا الفعل التنشيطي بمفردهم‬
‫النعدام وقت الفراغ لديهم بسبب كثرة األعباء اإلدارية‪ ،‬وانعدام املحفزات‪ .‬حتى التالميذ‬
‫أنفسهم لم يعد لديهم الوقت الكافي ملمارسة هذه األنشطة الفنية والتثقيفية‪ ،‬فما لديهم‬
‫ً‬
‫من أوقات الفراغ يقضونها في مراجعة الدروس‪ .‬إذا‪ ،‬فهم في صراع مستمر مع الزمن واملقرر‬
‫قصد الحصول على املعدل في االمتحانات الدورية‪ ،‬أو اإلقليمية‪ ،‬أو الجهوية‪ ،‬أو الوطنية‪.‬‬

‫ويعني هذا أن النظام التعليمي الجديد عائق من عوائق التنشي املدرهاي إذ يجعل‬
‫التلميذ مجرد خزان للمعلومات‪ ،‬وذاكرة لحشو األفكار وحفظها ونسيانها بعد االمتحان‪.‬‬
‫أوف إلى ذلك عائقا خر عندما تقف اإلدارة التربوية ججرة عثرة في وجه أي فعل تنشيطي‬
‫يريد أن يقوم به األستاذ أو التلميذ بدعوى أنه مضيعة للوقت‪ ،‬وتهرب من الحص‬
‫الرسمية التي تخلو من التنشي ‪.‬‬

‫ولهذا‪ ،‬يجب على اإلدارة التربوية دعم النشا املدرهاي بت جيع املبادرات الفردية‬
‫والجماعية كيف ما كان مصدرها حتى نحارب رتابة الحياة املدرسية الحالية وكسادها‪،‬‬
‫ونحقق للمتعلم االندماج االجتماعي‪.‬‬

‫خامسا‪ ،‬الجمعي ــات الدرسيــة‪:‬‬


‫تحوي املؤسسة التعليمية مجموعة من املجالس التي بإمكانها تفعيل الحياة املدرسية‬
‫وتنشيطها وتدبيرها‪ ،‬ومن أهمها ‪ :‬جمعية األنشطة االجتماعية والتربوية والثقافية‪،‬‬
‫والجمعية الرياوية‪.‬‬

‫‪‬جمعية األنشطة االجتماعية والتربوية والثقافية‪:‬‬

‫تنش هذه الجمعية في مجاالت متعددة‪ ،‬تساعد التالميذ املعوزين‪ ،‬وتل ي حاجياتهم‬
‫املادية‪ ،‬وتقدم للتالميذ املتعثرين دراسيا حصصا في الدعم والتقوية‪ ،‬وتنظم للمجتمع‬
‫‪110‬‬
‫املدرهاي محاورات وعرووا‪ ،‬وتمنح للتالميذ املتفوقين جوائز ت جيعية‪ .‬فضال عن قيامها‬
‫بأنشطة اجتماعية وترسوية وثقافية أخرى‪.‬‬

‫‪‬الجمعية الرياضية‪:‬‬

‫تنش هذه الجمعية في امليدان الرياضاي‪ ،‬فتنظم املباريات واملسابقات بين األقسام أو‬
‫املؤسسات أو بين فرق األحياء‪ ،‬ويمكن لها أن تقترح عدة أشكال من الشراكة مع الفعاليات‬
‫الرياوية املحلية أو الجهوية حتى الوطنية في مجال تبادل الخلرات الرياوية‪ ،‬و اكتشاف‬
‫الالعبين املوهوسين‪.‬‬

‫سادسا‪ ،‬فئات تربوية وإدارية فاعلة‪:‬‬


‫يمكن الحديث عن فاعلين خرين يسهمون في تدبير الحياة املدرسية وتفعيلها وتنشيطها‪،‬‬
‫ونذكر من بينهم ف ة املفتشين أو املشرفين التربويين التي تقوم " بمهام التأطير والتكوين‬
‫واستكمال التكوين من أجل تحسين جودة التعليم‪ ،‬فتقوم بتتبع الحياة املدرسية ‪،‬‬
‫وتقويمها بكيفية دائمة ومستمرة‪120".‬‬

‫وال نن اى املسحقين التربويين‪ ،‬واملشرفين على االقتصاد واملراقبة املالية‪ ،‬واملكلفين بالتوجيه‬
‫التربوي ملا لهم من دور كبير في بناء الحياة املدرسية ترسويا‪ ،‬وإداريا‪ ،‬ونفسيا‪ ،‬واجتماعيا‪،‬‬
‫وماديا‪ ،‬ومعنويا وما لهم أيضا من مساهمات جبارة في تفعيل الحياة املدرسية وتنشيطها ‪،‬‬
‫إن ي قامت بواجبها في مجال التنشي التربوي والثقافي أحسن قيام سواء على املستوى‬
‫التعليمي أم التوجيهي ‪.‬‬

‫سابعا‪ ،‬شركاء الؤسسة‪:‬‬


‫تس ى املؤسسة التربوية املغرسية الجديدة إلى أن تكون منفتحة على محيطها ومجتمعها‬
‫انفتاحا يقظا وواعيا ومثمرا بفضل املنها التربوي الحديث الذي يستحضر املؤسسة داخل‬
‫املجتمع‪ ،‬واملجتمع في قلب املؤسسة‪ .‬إذ للمجتمع الحق في االستفادة من املؤسسة‪ ،‬ومن‬

‫‪ -120‬نفسه ‪ ،‬ص‪.23:‬‬
‫‪111‬‬
‫واجبه املساهمة في الرفع من قيمتها‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يمكن تقسيم شركاء املؤسسة إلى‬
‫قسمين‪ :‬شركاء داخليين‪ ،‬مثل‪ :‬األسرة‪ ،‬وجمعية اآلباء وأولياء التالميذ وشركاء خارجيين‬
‫كالجماعة املحلية‪ ،‬والفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬

‫‪‬األسرة وجمعية ا باء وأولياء التالميذ‪:‬‬

‫يرى دليل الحياة املدرسية أن األسرة تتدخل" بصفتها معنية بتتبع املسار الدراهاي ألوالدها‪،‬‬
‫ويتم ذلك بكيفية مباشرة‪ ،‬وفي تكامل وان جام مع املدرسة ‪...‬أما جمعية باء وأولياء‬
‫التالميذ‪ ،‬فتعتلر هي ة مساهمة في تنظيم الحياة املدرسية وتنشيطها‪121".‬‬

‫وقد أشارت املذكرة الوزارية رقم ‪ ، 20‬الصادرة بتاريق شعبان ‪ 3232‬املوافق ل ي ‪ 30‬فلراير‬
‫‪3662‬م إلى ورورة التعاون بين جمعية باء وأولياء التالميذ واملؤسسة التعليمية ألن هذا‬
‫التعاون وروري إلسعاد التلميذ‪ ،‬وخدمة املؤسسة بتفعيلها ماديا ومعنويا‪ ،‬وتحقيق‬
‫التكامل املنشود بين املؤسسة وهذه الجمعيات‪ .‬ويتمثل التعاون في املشاركة الفعلية ألولياء‬
‫التالميذ في تدبير املؤسسة وصيانتها وتمويلها ‪ ،‬والحضور عن كثب لالطالع على ما يقوم به‬
‫فلذات أكبادهم من األنشطة التربوية التثقيفية‪ .‬ويتطلب هذا التعاون كسر الحواجز‬
‫اإلدارية واالجتماعية والنفسية بين املؤسسة وجمعيات اآلباء‪...‬‬

‫والبد أن تشارك هذه الجمعيات ‪ -‬فعليا‪ -‬في مجلس التدبير قصد مراقبة سلوكيات‬
‫املتعلمين ونتائجهم‪ ،‬وإبداء املالحظات حول املنا ا واللرامظ‪ ،‬وتتبع سير املؤسسة‪ ،‬وتقديم‬
‫املساعدات للتالميذ املتعثرين في دراستهم‪ ،‬وتتبع حالتهم الصحية وتغيباتهم‪ .‬عالوة على‬
‫تمثيلهم مركزيا وال مركزيا‪ ،‬والدفاع عن رغباتهم وطلباتهم املشروعة‪ ،‬واملشاركة في بناء‬
‫مدرسة سعيدة قوامها األمل‪ ،‬واملواطنة ‪،‬والديمقراطية‪ ،‬واإلبداع‪ ،‬والتجديد التربوي‪ .‬والبد‬
‫من استحضار أولياء التالميذ‪ ،‬وإشراكهم في اتخاذ القرارات الخاصة باملؤسسة سواء‬
‫التربوية منها أم املادية‪ .‬وأي إقصاء أو تهمي لهم‪ ،‬سينعكس سلبا على املردودية التربوية‪.‬‬
‫ويبق عمل املدرس غير كاف في القسم مادام لم يكمل في املنزل من قبل املتعلمين بمراقبة‬
‫أوليائهم لتحفيزهم وت جيعهم‪.‬‬
‫‪ -121‬نفسه ‪ ،‬ص‪.23:‬‬
‫‪112‬‬
‫ويتبين لنا ‪ ،‬من خالل ما سبق‪ ،‬أن دور األسرة وجمعية اآلباء دور مهم وفعال في تفعيل‬
‫الحياة املدرسية وتنشيطها‪.‬‬

‫‪‬الجماع ــة الحلي ــة‪:‬‬

‫على الجماعة املحلية أن تعطي األهمية للمؤسسة التعليمية املتواجدة في حدودها الترابية‬
‫باعتبارها مصدر تكوين رجال مستقبلها ألن املؤسسة تقوم بإعداد الشباب لسحياة العملية‬
‫املنتجة لفائدة الجماعة‪ .‬وسناء على هذا الوعي‪ ،‬تقوم الجماعة املحلية بواجبات الشراكة مع‬
‫املؤسسة‪ ،‬واإلسهام في مجهود التربية والتكوين‪.‬‬

‫‪‬الفاعلوح االقتصادلوح واالجتماعيوح‪:‬‬

‫تعمل املدرسة الحديثة على إشراك مختلف الشركاء في تطوير لية اشتغالها‪ ،‬وفي دعم‬
‫مشاريعها وأنشطتها املختلفة‪ .‬ويقوم الفاعلون االقتصاديون واالجتماعيون بدور أساهاي في‬
‫رس املؤسسة بمحيطها‪ ،‬وتمكين املتعلمين من االندماج في عالم الشغل مستقبال‪ .‬فهم‬
‫يسهمون في الرفع من مردودية املؤسسة ‪،‬وتكوين أطرها البشرية‪ ،‬وتقديم املساعدات‬
‫الالزمة املادية واملعنوية‪ ،‬ويشاركون ‪ -‬إلى جانب املتدخلين اآلخرين في الحياة املدرسية ‪ -‬في‬
‫خلق مدرسة سعيدة مستقلة بإمكانياتها املادية والبشرية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تقتضاي الشراكة‬
‫عموما" التعاون بين األطراف املعنية‪ ،‬وممارسة أنشطة مشتركة‪ ،‬وتبادل املساعدات‪،‬‬
‫واالنفتاح على اآلخر ‪ ،‬مع احترام خصوصياته‪122".‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يبدو لنا ‪ ،‬باستعرا املتدخلين في تفعيل الحياة املدرسية وتنشيطها وتدبيرها‪ ،‬أن‬
‫هناك تفاعال بين مكونات النسق التربوي الداخلي واملحي الخارجي علر مكون الشراكة‬
‫والتمويل والتنشي ‪ ،‬وأن الحياة املدرسية قوامها االنفتاح على املحي الذي يعد عنصرا‬
‫أساسيا في الجودة واإلصالح‪ .‬فتنظيم األنشطة الثقافية أو الرياوية أو الفنية‪ ،‬بالتعاون‬
‫مع مختلف الهي ات في ال ي أو في املدينة التي توجد فوها املدرسة‪ ،‬ملن شأنه أن يساعد على‬

‫‪ -122‬محمد الدريظ‪ :‬مشروع الؤسسة والتجدلد التربوي الي الدرسة الغربية‪ ،‬منشورات رمسيس‪ ،‬املغرب‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪ ،3663‬ص‪.36:‬‬
‫‪113‬‬
‫إغناء التجرسة التربوية‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬تقوم املؤسسة بتنظيم أنشطة لفائدة املواطنين في‬
‫ال ي أو املنطقة‪ ،‬فتتحول املؤسسة بذلك إلى مركز ثقافي إشعاعي وترسوي يتسع ليشمل‬
‫الجهة بأسرها‪123.‬‬

‫ثامنا‪ ،‬الفرق التربوية ومجالس الؤسسة‪:‬‬


‫تحتل الفرق التربوية في املؤسسات التعليمية مكانة بارزة في تنظيم الحياة املدرسية‬
‫وتنشيطها وتدبيرها‪ ،‬وتتمثل في إبداء املالحظات واالقتراحات حول اللرامظ واملنا ا‪ ،‬وسرمجة‬
‫مختلف األنشطة الثقافية واالجتماعية والرياوية ‪ ،‬وتحيين اإلمكانيات والتدابير الالزمة‬
‫لتنفيذها‪ ،‬والقيام بغير ذلك من األعمال التنظيمية والتربوية‪ ،‬و"اعتماد الفرق التربوية‬
‫بمختلف األسالك كتليات تنظيمية وترسوية ملن شأنه أن يقوي فرص نجاح التغييرات‬
‫املرغوب فوها‪ ،‬ولضمان فعالياتها ‪،‬وانتظام أنشطتها‪ ،‬تحدد بشكل دوري مهام هذه الفرق‬
‫وطبيعة أعمالها ووظيفتها االستشارية في تنشي الحياة املدرسية‪124".‬‬

‫أما مجالس املؤسسة‪ ،‬فتحددها املادة ‪ 33‬من املرسوم الوزاري رقم ‪ 2.22.633‬بتاريق ‪33‬‬
‫يوليوز ‪ 2222‬م بعنوان (مجالس تدب رمؤسسات التربية والتعليم العمومي)‪.‬‬

‫ونجد ‪ ،‬في دليل الحياة املدرسية‪ ،‬عدة مهام موكولة لهذه املجالس‪ ،‬نذكر منها ‪ -‬على سبيل‬
‫املثال‪ -‬بعض مهام مجلس التدبير الذي يقوم" بدراسة برنامظ العمل السنوي الخاص‬
‫بأنشطة املؤسسة‪ ،‬وتتبع مراحل إنجازه‪ ،‬ويبدي رأيه بشأن مشاريع اتفاقيات الشراكة التي‬
‫تعتزم املؤسسة إبرامها‪125".‬‬

‫ويمثل مجلس التدبير السند والدعامة األساسية لهي ة اإلدارة في اتخاذ مبادرات شجاعة‬
‫تتعلق بمشاريع املؤسسة سعيا وراء االستقاللية‪ ،‬وتحقيقا ملبدإ الالمركزية‪ .‬كما تقوم‬
‫مجالس املؤسسة بدور كبير في تفعيل الحياة املدرسية وتنشيطها وتدبيرها‪ ،‬إذا ما انتخبت‬

‫‪ -123‬محمد الدريظ‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.30:‬‬


‫‪ -124‬انظر‪ :‬دليل الحياة الدرسية‪ ،‬ص‪.22:‬‬
‫‪ -125‬نفسه ‪ ،‬ص‪.33:‬‬
‫‪114‬‬
‫انتخابا ديمقراطيا‪ ،‬وكان ألعضائها من التالميذ واإلدارة ورجال التعليم الرغبة واإلرادة‬
‫القويتان في تخطي الواقع املتدني بغية إيجاد الحلول املالئمة للمشاكل التي تعاني منها‬
‫املؤسسة التعليمية ‪،‬واملساهمة في االرتقاء بحياتها املدرسية‪.‬‬

‫تاسعا‪ ،‬تدبي ــرالجال ــس التربويــة‪:‬‬

‫تتوفر املؤسسة على عدة مجالس يمكن أن تسهم في إثراء املؤسسة وتفعيلها على جميع‬
‫املستويات واألصعدة من خالل لم املتعلمين في بوتقة اجتماعية واحدة كالجالس‬
‫التعليمية والفرق التربوية التي تحتل مكانة بارزة في تنظيم الحياة املدرسية وتنشيطها‬
‫ودمقرطتها‪ .‬وتتمثل في إبداء املالحظات واالقتراحات حول اللرامظ واملنا ا‪ ،‬وسرمجة مختلف‬
‫األنشطة الثقافية واالجتماعية والرياوية‪ ،‬وتحيين اإلمكانات والتدابير الالزمة لتنفيذها‪،‬‬
‫وغير ذلك من األعمال التنظيمية والتربوية ‪ ،‬وإن "اعتماد الفرق التربوية بمختلف‬
‫األسالك‪ ،‬كتليات تنظيمية وترسوية‪ ،‬ملن شأنه أن يقوي فرص نجاح التغييرات املرغوب فوها‪،‬‬
‫ولضمان فعالياتها‪ ،‬وانتظام أنشطتها‪ ،‬تحدد بشكل دوري مهام هذه الفرق‪ ،‬وطبيعة‬
‫أعمالها‪ ،‬ووظيفتها االستشارية في تنشي الحياة املدرسية‪.126"....‬‬

‫ومن أهم هذه املجالس املجلس التربوي‪ ،‬و املجالس التعليمية‪ ،‬ومجال األقسام‪ ،‬ومجلس‬
‫التدبير‪.‬‬

‫‪ /1‬الجل ــس الترب ــوي‪:‬‬


‫يهتم املجلس التربوي)‪ (Le conseil pédagoqique‬بإعداد خطة سنوية ملختلف مشاريع‬
‫املؤسسة ‪ ،‬وخاصة ووع برامظ العمل التربوي ‪ ،‬والتخطي ملختلف األنشطة الداعمة‬
‫واملوازية تدبيرا‪ ،‬وتفعيال ‪ ،‬وتقويما‪ ،‬ومواكبة‪ ،‬وتتبعا‪ .‬ثم‪ ،‬تسطير مجموعة من االقتراحات‬
‫والتوصيات املتعلقة باملنا ا واللرامظ واملقررات الدراسية تخطيطا‪ ،‬وتدبيرا‪ ،‬وتقويما‪ .‬ثم‪،‬‬

‫‪ - 126‬نفسه‪ ،‬ص‪.22:‬‬
‫‪115‬‬
‫توجوهها إلى األكاديمية الجهوية للتربية والتكوين املعنية‪ ،‬والتنسيق بين أساتذة مختلف‬
‫املواد املدرسة في املؤسسة املعنية‪ .‬ثم‪ ،‬تقديم اقتراحات هادفة وسناءة فيما يتعلق بتوزيع‬
‫التالميذ حسب الفصول والحجرات الدراسية‪ ،‬وكيفية تدبير استعماالت الزمن‪ .‬ثم‪ ،‬إعداد‬
‫رزنامة لالمتحانات واالختبارات حسب إيقاعاتها الزمنية املناسبة‪ ،‬وتبيان طرائق تدبيرها‬
‫وتقويمها‪ ،‬ثم البت في طلبات املساعدة االجتماعية باقتراح أسماء املتعلمين الذين‬
‫سيستفيدون منها حسب معايير االستحقاق ‪ .‬ثم‪ ،‬عروها على مجلس التدبير‪ .‬فضال عن‬
‫التخطي املحكم ملختلف األنشطة الثقافية واألدبية والفنية والعلمية والتربوية حسب‬
‫دورتي السنة الدراسية‪ ،‬وسرمجتها بشكل جيد‪.‬‬

‫أما في ما يتعلق باجتماع املجلس التربوي‪ ،‬فينعقد مرتين في السنة حسب معيار الدورتين‬
‫الدراسيتين‪ ،‬وأيضا كلما دعت الضرورة إلى ذلك باقتراح من املدير بصفته رئيسا للمؤسسة‬
‫املعنية‪.‬‬

‫املؤسسة االبتدائية‪ ،‬من مدير‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يتألف املجلس التربوي‪ ،‬فيما يخ‬
‫املؤسسة بصفته رئيسا‪ ،‬وممثل واحد عن هي ة التدريس عن كل مستوى دراهاي من‬
‫مستويات املرحلة االبتدائية‪ ،‬ورئيس جمعية باء وأولياء تالميذ املؤسسة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالسلك اإلعدادي‪ ،‬فهناك مدير املؤسسة بصفته رئيسا‪ ،‬والحراس العامون‬
‫الخارجيون‪ ،‬وممثل واحد عن هي ة التدريس عن كل مادة دراسية‪ ،‬ومستشار في التوجيه‬
‫التربوي‪ ،‬ورئيس جمعية باء وأولياء تالميذ املؤسسة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالتعليم الثانوي اليتأهيلي‪ ،‬فهناك مدير املؤسسة بصفته رئيسا‪ ،‬ومدير‬
‫الدراسة في حالة وجود أقسام تحضيرية لولوج املعاهد واملدارس العليا أو أقسام لتحضير‬
‫شهادة التقني العالي‪ ،‬وناظر املؤسسة‪ ،‬والحراس العامون الخارجيون‪ ،‬وممثل واحد عن‬

‫‪116‬‬
‫هي ة التدريس عن كل مادة دراسية‪ ،‬ومستشار في التوجيه التربوي‪ ،‬ورئيس جمعية باء‬
‫وأولياء تالميذ املؤسسة‪.‬‬

‫‪ /2‬الجالس التعليمية‪:‬‬
‫تهتم املجالس التعليمية (‪ )Les conseils d’enseignement‬بدراسة ووعية املادة‬
‫الدراسية املعنية‪ ،‬وتحديد الحاجيات التربوية‪ ،‬ورصد الصعوسات واملعوقات والعراقيل التي‬
‫تحول دون تطبيق التوجوهات الرسمية أو املقررات التربوية بشكل فعال وناجع‪ ،‬والتنسيق‬
‫عموديا وأفقيا بين مدرهاي املادة الواحدة‪ .‬ويعني هذا أنه البد من تعيين منسق للمادة يمثل‬
‫جميع مدرهاي املادة يحاورهم في مختلف الحاجيات التربوية والديداكتيكية‪ ،‬ويشاورهم في‬
‫كل ما يتعلق باملادة الدراسية التي تجمعهم‪ ،‬ويكتب في هذا تقريرا وافيا‪.‬‬

‫واللرامظ التدبيرية لتقويم املادة بتقديم‬ ‫عالوة على ذلك‪ ،‬تسطر مجموعة من الخط‬
‫اقتراحات وتوجوهات مناسبة لسحد من كل العوائق املثبطة للعزائم في مجال التدريس‪،‬‬
‫واختيار الكتب التربوية واملصادر واملراجع املالئمة‪ ،‬واقتراحها على املجالس التربوية للنظر‬
‫أو البت فوها أو املصادقة علوها‪ ،‬وتبيان ليات التكوين لفائدة األساتذة املدرسين باملؤسسة‬
‫املادة‪،‬‬ ‫املعنية‪ .،‬ثم‪ ،‬اقتراح مجموعة من األنشطة التربوية والثقافية بتنسيق مع مفت‬
‫وسرمجتها بشكل دوري‪ ،‬وتقويم نتائظ املتعلمين في كل مادة دراسية ما‪ ،‬و استثمارها بشكل‬
‫إيجابي‪ .‬ثم‪ ،‬إيجاد طرائق بيداغوجية بديلة لتجديد املمارسة الديدكتيكية بووع جداول‬
‫املناسبة لكل مدرس على حدة‪ ،‬وكتابة تقرير واف حول النشا التربوي املتعلق‬ ‫الحص‬
‫بمادة دراسية ما ‪ .‬ثم‪ ،‬إطالع املجلس التربوي واملفت على كل تفاصيله بشكل دقيق‪.‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ما تنعقد املجالس التعليمية مرتين في السنة حسب الدورتين الدراسيتين‪ ،‬وكذلك‬
‫كلما استدعت الضرورة إلى ذلك بطلب من السيد مدير املؤسسة‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫أما من حيث التركيبة والبنية املؤسساتية‪ ،‬فالبنسبة للتعليمين االبتدائي واإلعدادي‪،‬‬
‫يحضر مدير املؤسسة بصفته رئيسا‪ ،‬وجميع مدرهاي املادة الدراسية املعنية‪ .‬أما فيما‬
‫يتعلق بالثانوي التأهيلي‪ ،‬فيحضر مدير املؤسسة بصفته رئيسا ‪ ،‬ومدير الدراسة في حالة‬
‫وجود أقسام تحضيرية لولوج املعاهد واملدارس العليا أو أقسام لتحضير شهادة التقني‬
‫العالي‪ ،‬وناظر املؤسسة‪ ،‬وجميع مدرهاي املادة الدراسية املعنية‪.‬‬

‫‪/1‬مجالس األقسـ ـام‪:‬‬


‫تعنى مجالس األقسام(‪ ، )Les Conseils de classes‬بصفة دورية ‪ ،‬بنتائظ املتعلمين بغية‬
‫إصدار قررارت مناسبة في حقهم حسب العمل واالجتهاد واالستحقاق‪ .‬وتستثمر النتائظ‬
‫الدورية في ووع خط فورية أو متدرجة أو مؤجلة للتقوية والدعم واملعالجة الداخلية‬
‫والخارجية‪ .‬وتكون قرارات هذه املجالس إما بنجاح التلميذ ‪ ،‬وإما بإعادة السنة وتكرارها ‪،‬‬
‫وإما بفصله عن الدراسة إذا استوفي جميع السنوات املسموح بها إداريا‪ .‬وتتولى هذه‬
‫األقسام النظر في طلبات التوجيه التربوي والبت فوها ‪ ،‬والنظر كذلك في طلبات إعادة‬
‫التوجيه‪.‬ناهيك عن إصدار عقوسات تأديبية وانضباطية في حق املتعلمين الذين ارتكبوا‬
‫مخالفات جسيمة‪ ،‬ولم يلتزموا بمقتضيات القانون الداخلي للمؤسسة التي يدرسون بها‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تجتمع مجالس األقسام ‪ ،‬في نهاية كل دورة أو مرحلة أو أسدوس دراهاي‪،‬‬
‫بموجب النظام املدرهاي الجاري به العمل‪ .‬وكذلك حينما تكون هناك عقوسة تأديبية لتلميذ‬
‫خالف قوانين املدرسة‪ .‬وهنا‪ ،‬البد من إحضار تلميذ يمثل باقي متعلمي املؤسسة التعليمية‬
‫لكي تكون التمثيلية ديمقراطية وشفافة ‪.‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬تتكون هذه املجالس حسب األسالك الدراسية املوجودة‪ .‬فالبنسبة‬
‫للتعليم االبتدائي‪ ،‬هناك مدير املؤسسة بصفته رئيسا‪ ،‬وجميع مدرهاي القسم املعني ‪،‬‬
‫وممثل عن جمعية باء وأولياء تالميذ املؤسسة‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫أما في يتعلق بالسلك اإلعدادي‪ ،‬فهناك املدير بصفته رئيسا‪ ،‬والحراس العامون لسخارجية‪،‬‬
‫ومستشار في التوجيه التربوي‪ ،‬وجميع مدرهاي القسم املعني‪ ،‬وممثل عن جمعية باء‬
‫وأولياء تالميذ املؤسسة‪.‬‬

‫التعليم الثانوي التأهيلي‪ ،‬فهناك املدير بصفته رئيسا‪ ،‬ومدير الدراسة في‬ ‫أما فيما يخ‬
‫حالة وجود أقسام تحضيرية لولوج املعاهد واملدارس العليا أو أقسام لتحضير شهادة‬
‫التقني العالي‪ ،‬والحراس العامون لسخارجية‪ ،‬وجميع مدرهاي القسم املعني‪ ،‬وممثل عن‬
‫جمعية باء وأولياء تالميذ املؤسسة‪.‬‬

‫‪ /1‬مجل ــس التدبيــر‪:‬‬


‫للتسيير والتدبير‪،‬‬ ‫أشار امليثاق الوطني للتربية والتكوين ‪ ،‬في املجال الخامس املخص‬
‫في الدعامة الخامسة املعنونة بإقرار الالمركزية والالتمركز في قطاع التربية‬ ‫وساألخ‬
‫والتكوين‪ ،‬وسالضب في املادة رقم( ‪ ،) 326‬إلى أهمية مجلس التدبير في املؤسسة التعليمية‪،‬‬
‫وأهمية أدواره اإلدارية واملادية واملالية والتنشيطية‪.‬‬

‫وتقول املادة القانونية من امليثاق الوطني للتربية والتكوين‪:‬‬

‫" يحدث على صعيد كل مؤسسة للتربية والتكوين مجلس للتدبير‪ ،‬يمثل فيه املدرسون و باء‬
‫أو أولياء التالميذ وشركاء املدرسة في مجاالت الدعم املادي أوالتقني أو الثقافي كافة‪.‬‬

‫ومن مهام هذا املجلس‪:‬‬

‫‪ -‬املساعدة وإبداء الرأي في برمجة أنشطة املؤسسة‪ ،‬ومواقيت الدراسة‪ ،‬واستعماالت‬


‫الزمن‪ ،‬وتوزيع مهام املدرسين‬
‫‪ -‬اإلسهام في التقويم الدوري لنداء التربوي‪ ،‬وللووعية املادية للمؤسسة‪ ،‬وتجهيزاتها‪،‬‬
‫واملناخ التربوي بها‬
‫‪ -‬اقتراح الحلول املالئمة للصيانة‪ ،‬ولرفع مستوى املدرسة‪ ،‬وإشعاعها داخل محيطها‬
‫‪119‬‬
‫عمال بمدإ التنافي بين دوري الطرف والحكم‪ ،‬اليسمح للمدرس بتمثيل جمعية اآلباء في‬
‫مجلس تدبير املؤسسة التي يمارس فوها‪.‬‬

‫يمكن أن يضم مجلس تدبير املؤسسة ممثلين عن املتعلمين‪ ،‬كلما توافرت الشرو التي‬
‫يضعها املجلس لذلك‪ ،‬وتبعا للمقاييس التي يعتمدها في اختيار هؤالء املمثلين‪.‬‬

‫ترصد لكل مؤسسة ميزانية للتسيير العادي والصيانة‪ ،‬ويقوم املدير بصرفها تحت مراقبة‬
‫مجلس التدبير‪ .‬وتمنح تدريجيا للثانويات صفة " مصسحة للدولة تسير بطريقة‬
‫مستقلة"(نظام ‪127".)Segma‬‬

‫يتبين لنا‪ ،‬من خالل هذه املادة القانونية‪ ،‬أن مجلس التدبير يتكون قانونيا من املدرسين‪،‬‬
‫والتالميذ‪ ،‬ورجال اإلدارة‪ ،‬وجمعية اآلباء وأولياء األمور‪ .‬عالوة على الشركاء الفاعلين‬
‫الداخليين والخارجيين‪.‬ومن ثم‪ ،‬ملجلس التدبير مهام إدارية‪ ،‬وتسييرية‪ ،‬واقتصادية‪،‬‬
‫وتنشيطية‪ ،‬واستشارية‪ .‬فضال عن مهام املراقبة واإلشراف والتوجيه واإلرشاد ‪ ،‬وتقويم‬
‫الووعية التربوية باملؤسسة التعليمية‪.‬‬

‫وما يهمنا من مهام مجلس التدبير ذلك الدور التثقيفي والتنشيطي‪ ،‬فالبد أن يتجاوز‬
‫مجلس التدبير أدواره الروتينية العادية والطبيعية التي تتمثل في مراقبة ماهو مادي‪ ،‬ومالي‪،‬‬
‫وإداري ‪ ،‬إلى ما يتعلق ب خصية املتعلم‪ .‬أي‪ :‬االهتمام بأنشطة املتعلم التثقيفية والتعليمية‬
‫على املستويات املعرفية والوجدانية والحسية ‪ -‬الحركية ‪ ،‬وتيهيء برنامظ سنوي ملموس‬
‫مخط بشكل واض‪ ،‬وعملي من قبل املشرفين على مجلس التدبير‪ ،‬فتتنوع فيه األنشطة‬
‫تصنيفا وترتيبا ‪ .‬ثم‪ ،‬توزع علر الدورتين الدراسيتين‪ ،‬ويستحسن أن يكون هناك نشا في‬
‫كل شهر على األقل‪.‬‬

‫‪ - 127‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬الدونة القانونية للتربية والتكوين‪ ،‬سلسلة اإلدارة والقانون‪ ،‬رقم ‪ ،3‬إشراف الدكتور‬
‫املهدي بنمير‪ ،‬املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراك ‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫ويستوجب تنفيذ هذه األنشطة التربوية وجود ميزانية مفصلة‪ ،‬وتحديد مضبو لإلمكانات‬
‫من زمان‬ ‫والوسائل املادية واملالية والبشرية املتاحة بتبيان الظروف املواتية للنشا‬
‫ومكان‪ ،‬دون أن نن اى الفاعلين واملستفيدين من النشا ‪.‬‬

‫عملية املراقبة والتقويم بشكل متدرج قبليا وتكوينيا ونهائيا من‬ ‫ويستتبع فعل التنشي‬
‫أجل تحديد نسبة النجاح والفشل‪ ،‬والبحث عن األسباب الذاتية واملوووعية التي كانت‬
‫وراء ذلك‪ ،‬والسجوء إلى التغذية االرتجاعية أو الدعم التكويني لتصحيح مسار التنشي‬
‫بإيجاد الحلول املناسبة‪ ،‬واقتراح التوصيات الناجعة التي ترقى بمستوى التنشي املدرهاي‪،‬‬
‫وتسهم بشكل إيجابي في تحقيق الحياة املدرسية ‪ ،‬وإرساء مفعول الجودة املطلوسة‪.‬‬

‫وترسل كل مؤسسة أنشطة مجلس تدبيرها‪ ،‬بعد توقيعها بشكل موض‪ ،‬ومفصل‪ ،‬إلى‬
‫الجهات اإلدارية املسؤولة ليصادق علوها املفت ‪ ،‬والنائب اإلقليمي‪ ،‬ومدير األكاديمية‪،‬‬
‫والسيد وزير التربية الوطنية‪ .‬ومن األفضل أن يصاحب هذه املصادقة تقدير كمي وكيفي‬
‫ت جيعا للمؤسسة أو توسيخا لها‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫أنشطة مجلس تدب رالؤسسة‬

‫الدلنة‪:‬‬ ‫مدلرالؤسسة‪:‬‬ ‫الؤسسة‪:‬‬

‫األكادلمية الجهوية‪:‬‬ ‫الالدة‪:‬‬ ‫رقم الؤسسة‪:‬‬

‫‪ -‬أنشطة مجلس تدب رالؤسسة‪-‬‬

‫التقويم‬ ‫الوسا ل‬ ‫مكان‬ ‫تاريخ‬ ‫أهداف‬ ‫الشرفوح عكى الستفيدوح‬ ‫نوع‬ ‫موضوع‬ ‫رقم‬ ‫الدورات‬
‫النشاط‬ ‫من النشاط‬ ‫النشاط‬ ‫النشاط‬ ‫النشاط‬ ‫النشاط‬
‫وكفالات‬

‫ترفيهي‬ ‫‪1‬‬ ‫الدورة‬

‫بيئي‬ ‫‪2‬‬ ‫األولى‬

‫ثقاالي‬ ‫‪1‬‬

‫رياض ي‬ ‫‪1‬‬

‫خ ري‬ ‫‪5‬‬

‫فني‬ ‫‪6‬‬ ‫الدورة‬


‫الثانية‬
‫دلني‬ ‫‪7‬‬

‫علمي‬ ‫‪8‬‬

‫أدبي‬ ‫‪9‬‬

‫مدني‬ ‫‪11‬‬

‫‪122‬‬
‫توقيع مدير األكاديمية‪:‬‬ ‫توقيع املفت ‪:‬‬ ‫توقيع مدير املؤسسة‪:‬‬

‫مصادقة الوزير‪:‬‬ ‫توقيع النائب‪:‬‬ ‫توقيع أعضاء مجلس التدبير‪:‬‬

‫تقويم أنشطة مجلس التدب ر‬

‫الفيدباك االقتراحات‬ ‫األسباب‬ ‫نسبة‬ ‫نسبة‬ ‫مجموع‬ ‫الدورات‬

‫والتوصيات‬ ‫الفشل‬ ‫األنشطة النجاح‬

‫الدورة‬
‫األولى‬

‫الدورة‬
‫الثانية‬

‫توقيع مدير األكاديمية‪:‬‬ ‫توقيع املفت ‪:‬‬ ‫توقيع مدير املؤسسة‪:‬‬

‫مصادقة الوزير‪:‬‬ ‫توقيع النائب‪:‬‬ ‫توقيع أعضاء مجلس التدبير‪:‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬يتكون النسق التربوي بصفة عامة‪ ،‬والنسق اإلداري بصفة خاصة‪ ،‬من‬
‫مجموعة من العناصر والدعامات والبنيات الرئيسة التي تسهم في نجاح املنظومة التربوية‬
‫التعليمية من جهة‪ ،‬والرفع من مستوى اإلدارة التربوية من جهة أخرى‪ .‬وهذه العناصر‬
‫ي‪:‬املتعلمون‪ ،‬واملدرسون‪ ،‬واملفتشون‪ ،‬ورجال اإلدارة‪ ،‬والشركاء الداخليون والخارجيون‪،‬‬
‫‪123‬‬
‫واملشرفون عن املجالس التعليمية واإلدارية داخل املؤسسة التعليمية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يتميز‬
‫النسق التربوي واإلداري في الحقل التعليمي املغربي باالنفتاح على املجتمع‪ ،‬والتفاعل مع‬
‫مختلف البنيات الفاعلة في النسق‪ ،‬والتواصل مع اآلخرين واألغيار‪ ،‬واالستعانة بمجموعة‬
‫من املفاهيم التدبيرية الجديدة كالشراكة‪ ،‬والتعاون‪ ،‬واالستثمار‪ ،‬وخلق مشاريع‬
‫املؤسسات‪ ،‬والحكامة الجيدة‪ ،‬والس ي نحو التنافس‪ ،‬والتميز‪ ،‬وتحقيق الجودة الكمية‬
‫والكيفية‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫عمليات التربية‬
‫(ا ليات التربوية والتدر سية)‬

‫‪125‬‬
‫ترتكي ييز العمليـ ــات التربويـ ــة علي ييى نقي ييل القي يييم األخالقيي يية واملعي ييارف‪ .‬ثي ييم ‪ ،‬االهتمي ييام بالتربيي يية‪،‬‬
‫والتييدريس‪ ،‬و التقييويم‪ .‬ويعنييي هييذا أن وظيفيية املدرسيية ييي نقييل املعييارف والقيييم وفييق قواعييد‬
‫ترسوي يية وتدريس ييية معين يية‪ ،‬والعناي يية بأنظم يية التق ييويم بص ييفة خاص يية‪.‬لذا‪ ،‬تس ييتند العملي ييات‬
‫التربوية التي يقوم بها املدرس إلى أنواع ثالثة ي‪ :‬عملية التخطي ‪ ،‬وعمليية التيدبير‪ ،‬وعمليية‬
‫التقويم‪.‬‬

‫أوال‪ ،‬عملية التخطي ‪:‬‬


‫يعرف التخطي بأنه بمثابة مسار من خالله يحدد املدبر أو املدرس مجموعة من األهداف‬
‫لتحقيقها إجرائيا باختيار إستراتيجيات العمل املناسبة لتبليغ هذه األهداف‪ .‬أي‪ :‬يهدف‬
‫التخطي إلى رسم الخطة العامة التي توصل املدرس إلى تحقيق مجموعة من األهداف في‬
‫ووء مجموعة من الظروف التربوية والسياقية املتاحة‪.‬‬

‫وينبني التخطي على مجموعة من األبعاد‪ ،‬مثل‪ :‬البعد الزمني (متى)‪ ،‬والبعد الغرضاي(‬
‫تحقيق األهداف)‪ ،‬والبعد ال خوصاي(من)‪ ،‬والبعد الكيفي (الطريقة والوسيلة)‪ ،‬والعراقيل‬
‫املمكنة (العوائق)‪.‬‬

‫وقد عرف النظام التربوي املغربي ثالث محطات رئيسة على مستوى التخطي ‪ ،‬فقد كان‬
‫املدرس يخط وفق املضامين‪ ،‬أو وفق األهداف‪ ،‬أو وفق الكفايات‪.‬‬

‫‪ /1‬االشتغال وفق الضام ح‪:‬‬

‫لقد تمثل النظام التربوي املغربي منذ الستينيات من القرن املاضاي إلى غاية سنوات‬
‫الثمانين من القرن نفسه املقارسة املضمونية التي تركز على املحتويات‪ ،‬واملعارف‪،‬‬
‫واملعلومات‪ .‬بمعنى أن املقارسة باملضامين ي تقديم مجموعة من املعارف لحشو ر وس‬
‫املتعلمين بها من أجل حفظها بغية استرجاعها عند االمتحان‪.‬لذلك‪ ،‬كان التعليم املغربي في‬

‫‪126‬‬
‫تلك الفترة كميا إلى حد كبير‪.‬بمعنى أنه يقيس املعلومات والقدرات املعرفية‪ ،‬واليهتم‬
‫بالكيف‪ ،‬والتقنيات‪ ،‬والدرايات‪ ،‬واملهارات ‪ .‬وسالتالي‪ ،‬فاملدرس هو رمز السلطة‪.‬في حين‪ ،‬يعد‬
‫التلميذ متلقيا سلبيا اليستطيع أن يشارك في بناء الدرس وتفعيله‪.‬وقد كانت العالقة‬
‫التفاعلية املوجودة بين املدرس واملتعلم عالقة عمودية بامتياز‪.‬‬

‫‪ /2‬االشتغال وفق األهداف‪:‬‬

‫عرف قطاع التربية والتعليم في املغرب‪ ،‬وسالضب في سنوات الثمانين من القرن العشرين‪،‬‬
‫ُ‬
‫مقارسة ترسوية جديدة تسمى بنظرية األهداف‪ .‬والغر من هذه النظرية أو هذه املقارسة هو‬
‫عقلنة العملية التعليمية‪ -‬التعلمية تخطيطا وتدبيرا وتسييرا وتقويما بأجرأة الفلسفة‬
‫من ذلك كله هو‬ ‫التربوية التعليمية الفضفاوة في شكل أهداف عامة وخاصة‪ .‬والغر‬
‫تقويم املنظومة التربوية بصفة عامة‪ ،‬والبحث عن مواطن الضعف والقوة بصفة خاصة‪.‬‬
‫فضال عن تحفيز املدرسين وت جيعهم على تقديم الدروس بطريقة علمية هادفة وواعية‬
‫ومركزة ومخططة في ووء تسطير مجموعة من األهداف اإلجرائية السلوكية الخاصة‬
‫بانتقاء املعايير الكفيلة بالتقويم‪ ،‬واملالحظة‪ ،‬والرصد‪ ،‬والقياس‪ ،‬واالختبار‪ .‬ومن ثم‪ ،‬العمل‬
‫على تقويم مدى تحقق النتيجة أو الهدف في خر الحصة الدراسية ألن ذلك هو الذي‬
‫يحكم على الدرس بالنجاح أو اإلخفاق‪.‬‬

‫وإذا تحقق الهدف املسطر في بداية الدرس‪ ،‬فقد تحقق نجاح العملية التعليمية‪-‬‬
‫التعلمية‪ .‬وإذا لم يتحقق ذلك‪ ،‬فقد أخفق املدرس في عمليته التعليمية‪ -‬التعلمية‪ .‬وسالتالي‪،‬‬
‫فما عليه سوى أن يعيد الدرس من جديد بتمثل التغذية الراجعة منهجا وقائيا‪ ،‬ومعيارا‬
‫الكائنة‪ ،‬ودرء الشوائب غير املتوقعة‪ ،‬والحد‬ ‫ت خيصيا‪ ،‬ومؤشرا تقويميا لسد النواق‬
‫من أسباب التعثر الدراهاي بتصحيح كل األخطاء التي ارتكبها في أثناء تقديم مقاطع الدرس‬
‫في مختلف مراحلها الثالث‪ :‬االستكشافية‪ ،‬والتكوينية‪ ،‬والنهائية‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫وقد أخذت املؤسسات التربوية املغرسية بهذه املقارسة التربوية الجديدة مع بداية الثمانينيات‬
‫من القرن املاضاي‪ .‬بيد أنها سرعان ما تخلت عنها دون روية أو تفكير أو عمق ليجد املدرسون‬
‫أنفسهم أمام مقارسات ترسوية مرتجلة أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬تطبيق دليل الحياة املدرسية‪ ،‬واألخذ‬
‫بفلسفة الشراكة واملشروع‪ ،‬وتمثل ترسية الجودة‪ ،‬واألخذ باملقارسة بالكفايات واإلدماج‪،‬‬
‫واالستفادة من مدرسة النجاح‪ ،‬أو االستهداء بامليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ...‬بمعنى أن‬
‫املغرب قد أصبح حقال للتجارب التربوية الغرسية بامتياز حيث عرف تقلبات بيداغوجية‬
‫كذلك الهتزازات ترسوية مجتمعية مرات ومرات بسبب تذبذب وزارة التربية‬ ‫عدة‪ ،‬وتعر‬
‫الوطنية سياسة‪ ،‬وتدبيرا‪ ،‬وتخطيطا‪ .‬ثم‪ ،‬عجزها عن اختيار إستراتيجية ترسوية واضحة‬
‫ودقيقة وناجعة‪ .‬رسما يكون هذا التقلب راجعا إلى عوامل ذاتية ومزاجية‪ ،‬أو نتيجة لعوامل‬
‫سياسية ومجتمعية داخلية‪ ،‬أو يكون ذلك نتاجا لعوامل خارجية تتمثل في وغو‬
‫املؤسسات الدولية سيما املؤسسات املالية والبنكية التي تفر على املغرب شروطا معينة‬
‫في تدبير قطاع التربية والتعليم مقابل االستفادة من املنح‪ ،‬والقرو ‪ ،‬واالمتيازات‪.‬‬

‫‪‬مفهــوم التربية باألهــداف‪:‬‬

‫إذا كانت املقارسة بالكفايات تعنى بتحديد الكفايات والقدرات األساسية والنوعية لدى‬
‫املتعلم في أثناء مواجهته ملختلف الووعيات‪ -‬املشكالت في سياق ما‪ ،‬فإن التربية باألهداف‬
‫ي مقارسة ترسوية تشتغل على املحتويات واملضامين في ووء مجموعة من األهداف‬
‫التعليمية‪ -‬التعلمية ذات الطبيعة السلوكية سواء أكانت هذه األهداف عامة أم خاصة‪،‬‬
‫ويتم ذلك التعامل أيضا في عالقة مترابطة مع الغايات واملرامي البعيدة للدولة وقطاع‬
‫التربية والتعليم‪ .‬وستعبير خر‪ ،‬تهتم نظرية األهداف بالدرس الهادف تخطيطا‪ ،‬وتدبيرا‪،‬‬
‫وتقويما‪ ،‬ومعالجة‪.‬‬

‫‪‬أن ــواع األه ــداف‪:‬‬

‫‪128‬‬
‫من املعروف أن الهدف مصطس‪ ،‬عسكري يعني الدقة والتحديد والتركيز في اإلصابة‪ .‬ويعني‬
‫اصطالحا ووع خطة أو إستراتيجية معينة على أساس التخطي والتدبير والتسيير بغية‬
‫الوصول إلى نتيجة معينة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يخضع الهدف للتقويم‪ ،‬والرصد‪ ،‬والقياس‪ ،‬واالختبار‪،‬‬
‫والتغذية الراجعة‪.‬‬

‫وثمة مجموعة من األهداف‪ ،‬مثل‪ :‬الغايات‪ ،‬واألغرا ‪ ،‬واألهداف العامة‪ ،‬واألهداف‬


‫الخاصة‪ ،‬ويمكن توويحها على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ /1‬الغــالات‪:‬‬

‫البعيدة التي تريدها‬ ‫ي مجموعة من األهداف العامة أو ي التوجهات واملرامي واألغرا‬


‫الدولة من التربية‪ .‬بتعبير خر‪ ،‬الغايات ي فلسفة الدولة في مجال التربية والتعليم‪،‬‬
‫وتتجسد في املنهاج واللرامظ الدراسية واملقررات التعليمية ومحتويات الدروس‪ ،‬مثل‪ :‬عبارة‬
‫"أن يكون مواطنا صالحا"‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالغايات ي مجموعة من املرامي الفلسفية‬
‫والطموحات املستقبلية البعيدة التي تتسم بالغمو ‪ ،‬والتجريد‪ ،‬والعمومية‪ .‬ويعرفها‬
‫محمد الدريظ بقوله‪:‬‬

‫" إن الغايات ي غايات ألهداف تعلر عن فلسفة املجتمع‪ ،‬وتعكس تصوراته للوجود‬
‫والحياة ‪ ،‬أو تعكس النسق القيمي السائد لدى جماعة معينة وثقافية معينة‪ ،‬مثل قولنا‪":‬‬
‫على التربية أن تنمي لدى األفراد الروح الديمقراطية" أو "على املدرسة أن تكون مواطنين‬
‫مسؤولين" أو " على املدرسة أن تمحو الفوارق االجتماعية‪..."...‬إلخ‪ .‬فهذه أهداف عامة‬
‫تتمووع على املستوى السياهاي والفلسفي العام ‪ ،‬وتس ى إلى تطبيع الناش ة بما تراه‬
‫مناسبا لسحفاظ على قيم املجتمع ومقوماته الثقافية والحضارية‪"128.‬‬

‫‪ -128‬محمد الدريظ‪ :‬تحليل العملية التعليمية ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪3606‬م‪ ،‬ص‪.63:‬‬
‫‪129‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فالغايات ي أهداف ترسوية كلرى تختل بالسياسة العامة للدولة‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما‬
‫تكون أهدافا عامة‪ ،‬ومجردة‪ ،‬وفضفاوة‪.‬‬

‫‪ /2‬األهداف العامة أو األيراض‪:‬‬

‫أو األهداف العامة توجهات التربية والتعليم‪.‬أي‪ :‬تتعلق بأهداف قطاع‬ ‫يقصد باألغرا‬
‫التربية والتعليم في مجال التكوين‪ ،‬والتأطير‪ ،‬والتدريس‪ .‬وللتعليم االبتدائي أهدافه العامة‪،‬‬
‫وللتعليم اإلعدادي والثانوي أهدافه العامة‪ ،‬وللتعليم الجام ي أهدافه العامة‪ ،‬وللتكوين‬
‫أقل عمومية من الغايات‪،‬‬ ‫امل ي كذلك أهدافه ومراميه وأغراوه‪ .‬ويعني هذا أن األغرا‬
‫وترتب بفلسفة قطاع التربية والتعليم‪ .‬في حين‪ ،‬ترتب الغايات بسياسية الدولة العامة‪،‬‬
‫كأن نقول ‪ -‬مثال‪ -‬يهدف التعليم امل ي إلى تكوين مهنيين محترفين في مجال التكنولوجيا‬
‫والصناعة‪.‬‬

‫‪ /1‬األهداف الوسطى‪:‬‬

‫تتموقع األهداف الوسط بين األهداف العامة واألهداف الخاصة‪ .‬بمعنى أنها أقل عمومية‬
‫وتجريدا من األهداف العامة‪ ،‬وأقل إجرائية وتطبيقا من األهداف الخاصة‪ .‬وسالتالي‪ ،‬تبدو‬
‫الصنافات املعرفية واالنفعالية والحسية الحركية عبارة عن مجموعة من املراقي املتدرجة‬
‫في العمومية‪ .‬بيد أنها تقترب من الخصوصية‪ ،‬مثل‪ :‬أن يعرف التلميذ أخوات كان‪،‬‬
‫ويستظهر القصيدة الشعرية‪ ،‬و يتذوق الشعر‪ ،‬ويقفز بالزانة‪...‬‬

‫‪ /1‬األهداف الخاصة‪:‬‬

‫يقصد باألهداف الخاصة األهداف السلوكية أو األهداف اإلجرائية‪ .‬ونعني باألهداف‬


‫اإلجرائية تلك األهداف التعليمية القابلة للمالحظة‪ ،‬والقياس‪ ،‬والتقييم‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما تصاغ‬
‫في شكل أفعال مضارعة محددة بدقة‪ .‬ويعني هذا أن الهدف اإلجرائي هو إنجاز فعلي خاوع‬
‫للقياس واملالحظة املوووعية‪ ،‬وقد يكون هدفا معرفيا‪ ،‬أو هدفا وجدانيا ‪ ،‬أو هدفا حسيا‬
‫‪130‬‬
‫حركيا‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬نقيس سلوك املتعلم‪ ،‬ال سلوك املدرس‪ ،‬بأفعال مضارعة محددة‬
‫بدقة قياسية‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬يقول محمد الدريظ‪:‬‬

‫" يمكن أن نالحء بأن صياغة األهداف الخاصة تكون دائما صياغة واضحة ‪ ،‬وتكون‬
‫لكلماتها معاني واحدة غير قابلة للتأويل‪ .‬إن صياغة الهدف الخاص يجب أن تتجنب‬
‫العبارات الضبابية التي توحي بعدد كبير من التأويالت التي قد يفروها تباين األشخاص‪،‬‬
‫واختالف املواقف مما قد يؤدي إلى تعطل التواصل بين املدرس والتالميذ وسينه وسين‬
‫زمالئه في الفصل‪.‬‬

‫ثم إن ما يميز األهداف الخاصة هو كونها تصف سلوكا قابال للمالحظة‪...‬ثم إن األهداف‬
‫ظهور السلوك‪129"...‬‬ ‫الخاصة تحدد شرو‬

‫وعليه‪ ،‬فاألهداف الخاصة أو اإلجرائية ي أهداف سلوكية تعليمية معرفية‪ ،‬وانفعالية‪،‬‬


‫وحسية حركية‪ ،‬تقيس إنجازات املتعلم بعبارات واضحة ودقيقة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تكون قابلة‬
‫للمالحظة‪ ،‬والقياس‪ ،‬والتقييم‪.‬‬

‫‪ /1‬السي ــاق التاريخ ــي للتربية باألهداف‪:‬‬

‫تبلورت نظرية األهداف في الواليات املتحدة األمريكية في سنة ‪3620‬م ملناقشة أسباب‬
‫الفشل الدراهاي في املؤسسات التعليمية‪ ،‬وقد انعقد االجتماع في بوسطن بمناسبة تنظيم‬
‫مؤتمر الجمعية األمريكية للسيكولوجيا‪ ،‬وقد ترتب عن ذلك قرار باإلجماع لتوصيف‬
‫السلوك التربوي‪ ،‬وتحديد استجابات املتعلمين في ووء سلوك إجرائي محدد بدقة لقياسه‬
‫إجرائيا‪ .‬بمعنى أن املؤتمرين قد وصلوا إلى أن ترقية التعليم وتطويره‪ ،‬والحد من ظاهرة‬
‫اإلخفاق سببه غياب األهداف اإلجرائية‪.‬أي‪ :‬إن املدرس ال يسطر األهداف التي يريد‬
‫تحقيقها في الحصة الدراسية‪.‬‬

‫‪ -129‬محمد الدريظ‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.60:‬‬


‫‪131‬‬
‫وقد ن األوان للتفكير في صنافات األهداف املعرفية والوجدانية والحسية الحركية لوصف‬
‫مختلف استجابات املتعلم بصياغتها في عبارات سلوكية محددة ودقيقة‪ ،‬وتصنيفها في‬
‫مراق متراكبة تتدرج من السهولة إلى الصعوسة والتعقيد‪ .‬ومن ثم‪ ،‬خرج املؤتمر السيكولوجي‬
‫بنظرية ترسوية جديدة تسمى بنظرية األهداف أو الدرس الهادف الذي يقوم على تحديد‬
‫مجموعة من األهداف السلوكية املرصودة واملالحظة سواء أكانت أهدافا عامة أم خاصة‪.‬‬
‫ومن هنا‪،‬‬

‫وقد ارتبطت نظرية األهداف بجماعة شيكاغو‪ ،‬وقد كان رالف تيلر( ‪ )Ralph Tyler‬سباقا‬
‫إلى تحديد مجموعة من األهداف باعتبارها مداخل أساسية لتطوير التعليم ‪ ،‬والرفع من‬
‫مستواه ‪ .‬بمعنى أن رالف تايلر كان سباقا منذ سنة ‪3663‬م إلى عقلنة العملية اإلنتاجية‬
‫انطالقا من تحديد مجموعة من األهداف ‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬يقول محمد الدريظ‪:‬‬

‫" والحقيقة أن الفضل يعود في الدرجة األولى إلى رالف تايلر(‪ ، )Ralph Tyler‬إذ كان من أبرز‬
‫الداعين إلى تعيين األهداف التي يجب أن يرمي إلوها التعليم‪ ،‬وخاصة في كتيب له تحت‬
‫عنوان (أساسيات الناهج)‪ ،‬والذي نقله إلى العرسية أحمد خيري كاظم وجابر عبد الحميد‬
‫جابر منذ سنة ‪3632‬م‪.‬‬

‫وقد انطلق تايلر من أن التحقق من احة أساليب التعليم وأساليب االمتحان‪ ،‬ال يتم‬
‫بالرجوع إلى نصوص الكتب املدرسية واملنا ا املقررة‪ ،‬إنما بالرجوع إلى األهداف التي وراء‬
‫هذه النصوص واملنا ا ألن النصوص واملنا ا في نظره‪ ،‬يمكن أن تدرس بطرق متعددة‪،‬‬
‫ً‬
‫ولتحقيق غايات كثيرة‪ ،‬فهي التصس‪ ،‬إذا أن تكون املرجع للتحقق من احة التعليم‬
‫وسالمته أو صدق االمتحانات‪ ،‬ولذلك فمن الضروري أن يكون وب األهداف سابقا‬
‫للنشا التعليمي‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫وقد وجدت نظرية تايلر صدى كبيرا في األوسا التربوية والتعليمية‪ ،‬وستظهر مصنفات‬
‫كثيرة في االتجاه نفسه‪ ،‬ومتأثرة بترائه‪ .‬ومن أهمها املصنف الذي سبقت اإلشارة إليه‪،‬‬
‫والذي نشرته لجنة القياس واالمتحانات(مجموعة شيكاغو)‪ -‬وجل أعضائها من تالميذ‬
‫تايلر‪ -‬والتي شددت على األهداف التعليمية كأساس لتنظيم التربية‪130".‬‬

‫وقد نتظ عن هذا املؤتمر ‪ -‬الذي سلف ذكره ‪ -‬مجموعة من الصنافات تعنى بتنمي‬
‫األهداف اإلجرائية في مجموعة من املراقي املتدرجة‪ ،‬مثل‪ :‬مصنف بلوم الذي‬
‫عنوانه(تصنيف األهداف التربوية‪ ،‬الجال العقكي العرالي) ونشر سنة ‪3633‬م بإشراف‬
‫بنيامين بلوم (‪ ، )B.Bloom‬وأعقبه الجزء الثاني بعنوان (تصنيف األهداف التربوية‪،‬‬
‫الجال االنفعالي العاطفي) بإشراف كرا هول (‪.)D.Krathwohl‬‬

‫وقد انتشرت نظرية األهداف في أمريكا وأوروسا منذ الستينيات من القرن املاضاي‪ ،‬وأصبحت‬
‫مووة ترسوية معاصرة أكثر انتشارا في سنوات السبعين‪ .‬وقد أخذ املغرب بهذه املقارسة‬
‫الجديدة منذ سنوات الثمانين من القرن املاضاي بعد أن أرسلت بعثة من أساتذة كلية علوم‬
‫التربية بالرسا إلى بسجيكا للتكوين والتدريب على نظرية األهداف التربوية‪ ،‬بما فوها‪ :‬الباحث‬
‫محمد الدريظ صاحب كتاب(التدر س الهادف)‪131‬‬

‫نظرية األهداف التربوية بالنظرية السلوكية القائمة على ثنائية املثير‬ ‫وعليه‪ ،‬ترتب‬
‫واالستجابة ألن بيداغوجيا األهداف تس ى إلى قياس السلوك التعليمي الخارجي‪ ،‬ورصده‬
‫مالحظة‪ ،‬وقياسا‪ ،‬وتقويما‪.‬‬

‫‪ /1‬شــروط صيايــة اله ــدف‪:‬‬

‫‪ -130‬محمد الدريظ‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.66:‬‬


‫‪ -131‬محمد الدريظ‪ :‬التدر س الهادف ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪3662‬م‪.‬‬
‫‪133‬‬
‫تستوجب صياغة الهدف التعليمي الذي يرتب بسلوك املتعلم اإلنجازي ‪ -‬حسب ماجر‬
‫(‪ – )Mager‬شروطا أساسية ثالثة ي‪:‬‬

‫‪ ‬أن تتضمن صياغة الهدف النتائظ التي سيحصل علوها التلميذ‪ .‬بمعنى أن يحدد املدرس‬
‫سلوك املتعلم بدقة ووووح‪.‬‬

‫‪ ‬أن تتضمن الصياغة توصيفا للظروف السياقية للسلوك املنجز من قبل املتعلم‪.‬‬

‫‪ ‬أن تشتمل صياغة الهدف على تحديد دقيق للمستوى األدن للنجاح الذي يحيلنا على‬
‫تحقق قدر معين من الهدف‪.132‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يذهل غانيي(‪ )Gangné‬إلى أن الهدف اإلجرائي الخاص يتميز بمجموعة‬
‫من السمات التالية‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫وتعدد االحتماالت والتأويالت‪ .‬بمعنى أن يكون‬ ‫‪ ‬إن الهدف الغامض يسبب الغمو‬
‫الهدف واضحا بدقة ومحددا بالشكل الكافي‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون الهدف صادقا ‪ .‬بمعنى أن يفهمه اثنان باملعنى نفسه‪ ،‬ويتفقان حوله‪.‬‬

‫‪ ‬أن يكون قابال للتحقق واإلنجاز‪ ،‬فال يمكن تقويم هدف مرتب بسلوك مستحيل‪ ،‬أو‬
‫صعب تحقيقه‪.‬‬

‫‪ ‬أن تكون األهداف متدرجة ومتنوعة على مستوى املراقي‪ .‬بمعنى أن تكون األهداف‬
‫متدرجة في السهولة والصعوسة‪ ،‬فنبدأ بالبسي لنتدرج حتى املركب واملعقد‪.‬‬

‫‪ ‬أن تكون األهداف املرجوة تعبيرا صادقا عن فلسفة التربية املعتمدة‪ .‬بمعنى أن تكون‬
‫جزءا ال يتجزأ من فلسفة الدولة وغاياته البعيدة املحصلة من فعل التربية والتعليم‪.133‬‬

‫‪132‬‬‫‪- A regarder Mager,Robert: Comment definer des objectifs pédagogiques,Traduction‬‬


‫‪G.Décote.Gauthier-Villars, Paris, 1981.‬‬
‫‪134‬‬
‫‪ /5‬تصنيف األه ــداف التربوية‪:‬‬

‫يمكن الحديث عن أنواع ثالثة من األهداف ي‪ :‬األهداف املعرفية‪ ،‬واألهداف الوجدانية‪،‬‬


‫واألهداف الحسية الحركية‪.‬‬

‫‪‬صنافة األهداف العرفية‪:‬‬

‫يبدو أن الهدف املعرفي هو الذي يهدف إلى نقل املعلومات واستقبالها‪ ،‬ويركز على الجوانب‬
‫املعرفية ومراقوها‪ .‬أو بتعبير خر‪ ،‬إنه يركز على اإلنتاجية واملردودية‪ .‬ويس ى هذا الهدف إلى‬
‫نقل الخلرات والتجارب إلى املتلقي‪ ،‬وتعليمه طرائق التركيب‪ ،‬والتطبيق‪ ،‬والفهم‪ ،‬والتحليل‪،‬‬
‫والتقويم‪ .‬إنه يهدف إلى تزويد املتلقي باملعرفة واملعلومات الهادفة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يقوم هذا‬
‫الهدف على تبادل اآلراء‪ ،‬ونقل املعارف وتجارب السلف إلى الخلف‪.‬‬

‫وثمة صنافات بيداغوجية في مجال التواصل املعرفي كصنافة بلوم(‪ )Bloom‬التي تم االنتهاء‬
‫منها سنة ‪3633‬م‪ .‬وتتضمن ستة مراق ي‪ :‬املعرفة‪ ،‬والفهم‪ ،‬والتطبيق‪ ،‬والتحليل‪،‬‬
‫والتركيب‪ ،‬والتقييم‪ .‬وتتميز هذه املراقي الستة بالتدرج‪ ،‬والتراب ‪ ،‬والتكامل الوظيفي‪ .‬ويعني‬
‫هذا أن هذه املراقي تتجرد من البسي نحو املعقد‪ ،‬وتتراب على مستوى العمليات الذهنية‬
‫من أبس فعل ذهني هو املعرفة إلى أعقد عملية تتمثل في التقييم‪ ،‬والنقد‪ ،‬واملناقشة‪.‬‬

‫‪ ‬صنافة األهداف الوجدانية‪:‬‬

‫يقصد بالهدف الوجداني في مجال التربية اكتساب امليول واالتجاهات والقيم‪ ،‬وتقدير‬
‫جهود اآلخرين من خالل تفاعل املتعلم مع املادة املدروسة‪ ،‬واكتسابه لسخلرات بأنواعها‬
‫للمجال الوجداني صنافات بيداغوجية‪ ،‬ومن بين‬ ‫املباشرة وغير املباشرة‪ .‬وقد خص‬
‫املهتمين بهذا املجال ( كراتهول‪ )Krathwol/‬الذي خصصها بصنافة سنة ‪3632‬م ‪ ،‬تتكون‬

‫‪ -133‬نقال عن محمد الدريظ‪ :‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬ص‪.23:‬‬


‫‪135‬‬
‫من خمسة مستويات ذات صلة وثيقة باملواقف والقيم واالهتمامات واالنفعاالت‬
‫واألحاسيس والتوافق واملعتقدات واالتجاهات‪ :‬فكرية كانت أو خلقية‪ .‬وهذه املستويات ي ‪:‬‬
‫التقبل‪ ،‬واالستجابة‪ ،‬والحكم القيمي‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتمييز بواسطة قيمة أو بواسطة‬
‫منظومة من القيم‪.‬‬

‫‪ ‬صنافة األهداف الحسية الحركية‪:‬‬

‫يمكن الحديث عن الهدف الح اي الحركي الذي يتناول ماهو غير معرفي ووجداني‪ .‬ويظهر‬
‫هذا التواصل في مجال السلرينطيقا‪ ،‬واآللية ‪ ،‬واملسرح امليمي ‪،‬والرياوة الحركية‪...‬‬

‫ويتضمن هذا الهدف في املجال التربوي مجموعة متسلسلة من األهداف املتدرجة التي‬
‫تعمل على تنمية املهارات الحركية والجسدية والتواصلية‪ ،‬واستعمال العضالت والحركات‬
‫الجسمية‪ ..‬ومن أهم صنافات هذا التواصل الحركي صنافة هارو( ‪ ) Harrow‬التي ووعها‬
‫صاحبها سنة ‪3632‬م‪ .‬وتتكون هذه الصنافة من ستة مراق أساسية ي‪ :‬الحركات‬
‫االرتكاسية‪ ،‬والحركات الطبيعية األساسية‪ ،‬واالستعدادات اإلدراكية‪ ،‬والصفات البدنية‪،‬‬
‫واملهارات الحركية لليد‪ ،‬والتواصل غير اللفظي‪.‬‬

‫‪ /6‬تخطي ـ الــدرس اله ــادف‪:‬‬

‫يخضع التدريس أو الدرس الهادف ملجموعة من املحطات اإلجرائية التي تتمثل في تحديد‬
‫املداخل األولي بتسطير مجموعة من األهداف العامة والخاصة املتعلقة بدرس معين حيث‬
‫نبدأ بتحديد الهدف العام‪ .‬ثم‪ ،‬نتبعه باألهداف السلوكية اإلجرائية حسب طبيعتها‪:‬‬
‫معرفية‪ ،‬ووجدانية ‪ ،‬وحسية حركية‪ ،‬كما يظهر ذلك جليا في األمثلة التالية التي تتعلق‬
‫بدرسنا االفتراضاي (املبتدأ والخلر)‪.‬‬

‫الهدف العام‪:‬‬

‫‪136‬‬
‫أن يستوعب املتعلم درس املبتدأ والخلر‪.‬‬

‫األهداف اإلجرا ية‪:‬‬

‫‪ ‬أن يعرف التلميذ الجملة الفعلية في مستهل الدرس‪.‬‬

‫‪ ‬أن يذكر التلميذ قاعدة املبتدأ والخلر في أثناء املرحلة التكوينية‪.‬‬

‫‪ ‬أن يحدد التلميذ أنواع الخلر في أثناء املرحلة التكوينية‪.‬‬

‫‪ ‬أن يذكر التلميذ خمس جمل اسمية فوها مبتدأ وخلر في خر الحصة‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يحدد املدرس‪ ،‬بمعية املتعلم‪ ،‬األهداف األولية املرتبطة باملقطع التعليمي‬
‫باألنشطة املكتسبة‪ ،‬وعملية املراجعة واالستكشاف‪ .‬ثم يحدد‬ ‫التمهيدي الذي يرتب‬
‫األهداف الوسيطة في أثناء مرحلة املقطع الوسطي أو التقويم التكويني‪ .‬لينتهي الدرس‬
‫باألهداف النهائية مع اختتام الدرس‪ .‬ويعني هذا أن الدرس عبارة عن مجموعة من املحطات‬
‫واألنشطة التعليمية‪ -‬التعلمية سواء أتعلقت بأنشطة املدرس أم بأنشطة املتعلم التي‬
‫تتالءم مع أنواع ثالثة من األهداف‪ :‬أهداف أولية‪ ،‬وأهداف وسيطة‪ ،‬وأهداف نهائية‪.134‬‬

‫‪ /7‬مزالا الــدرس الهادف وعيوب ـ ‪:‬‬

‫من املعلوم أن للدرس الهادف مجموعة من النق اإليجابية واملزايا الحميدة‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬العقلنة‪ :‬ويعني أن األهداف اإلجرائية تعقلن العملية التعليمية‪ -‬التعلمية تخطيطا‪،‬‬


‫وتدبيرا‪ ،‬وتقويما‪ .‬وسذلك‪ ،‬يتجاوز الدرس الهادف العفوية واالرتجال والعشوائية التي كان‬
‫يتسم بها الدرس التقليدي‪.‬‬

‫‪ -134‬انظر مادي لحسن‪ :‬األهداف والتقييم الي التربية‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪3662‬م‪ ،‬ص‪.330-333:‬‬
‫‪137‬‬
‫‪ ‬األجرأة‪ :‬تس ى األهداف الخاصة إلى تحويل األهداف العامة إلى أهداف سلوكية‬
‫إجرائية قابلة للمالحظة‪ ،‬والقياس‪ ،‬والتقويم بتفتيت املحتويات إلى أهداف صغرى وأكثر‬
‫تجزي ا‪.‬‬

‫‪ ‬ال رمجة‪ :‬ويقصد بها خضوع العملية التعليمية لخطة ملرمجة لها مداخل‪ ،‬وعمليات‪،‬‬
‫ومخارج‪ .‬بمعنى أن تحقيق الهدف يمر علر عمليات وسط إلى أن تتحقق النتيجة النهائية‬
‫علر مؤشرات التقويم والقياس‪ .‬وستعبير خر‪ ،‬تعني اللرمجة تنظيم مختلف العمليات‬
‫التدريسية من أجل الوصول إلى هدف معين علر خطة مفصلة دقيقة وموووعية ومقننة‪.‬‬

‫ويرى محمد الدريظ‪ ،‬في كتابه (تحليل العملية التعليمية)‪ ،‬أن لنهداف اإلجرائية فوائد‬
‫كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ ‬إن الهدف اإلجرائي هدف واض‪ ،‬وشفاف ال يخفي شي ا‪.‬‬

‫‪ ‬تشدد النظريات التربوية املعاصرة على ورورة تحديد األهداف املتعلقة بالتعليم‬
‫امللرمظ‪ ،‬أو في تسطير اللرامظ واملنا ا واملقررات الدراسية‪.‬‬

‫‪ ‬يساعد وووح األهداف املدرس في اختيار املحتويات والطرائق البيداغوجية والوسائل‬


‫التدريسية ومعايير التقويم املناسبة‪.‬‬

‫‪ ‬إن تحديد املعايير واألهداف بوووح ودقة يسهم في تحصيل تقويم أفضل لعمل‬
‫املتعلم‪.‬‬

‫‪ ‬تمكن األهداف املدرس من تقويم درسه علر توظيف التغذية الراجعة أو الفيدباك‬
‫مواطن القوة والضعف‪.‬‬ ‫لسد النواق ‪ ،‬وت خي‬

‫‪ ‬تسهم الصياغة اإلجرائية لنهداف في تجويد العملية التدريسية بصفة خاصة‪،‬‬


‫وتطوير املنظومة التربوية بصفة عامة‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫‪ ‬ورورة إطالع املتعلمين على األهداف اإلجرائية في بداية كل حصة دراسية لكي يركزوا‬
‫انتباههم على العناصر الضرورية والجوهرية‪ ،‬وتحييد العناصر العروية أو الثانوية‪.‬‬

‫بيد أن للدرس الهادف عيوسا وسلبيات‪ ،‬يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪‬تتسم نظرية األهداف بالنزعة السلوكية والنظرة التقنية على حساب النظرة الشمولية‪.‬‬
‫كما تخضع لثنائية املثير واالستجابة‪.‬‬

‫‪ ‬تعطي نظرية األهداف أهمية كلرى لتجزيء املحتويات وتفتيتها بشكل مبالغ فيه‪.‬‬

‫‪ ‬تعنى نظرية األهداف كثيرا باملحتوى‪ ،‬وتغض الطرف عن الطرائق واملنا ا والوسائل‬
‫التعليمية‪.‬‬

‫‪ ‬تقسيم الذات اإلنسانية ‪ -‬حسب الصنافات‪ -‬إلى مستويات مستقلة ي‪ :‬الجانب‬


‫املعرفي ‪ ،‬و الجانب الوجداني ‪ ،‬والجانب الح اي الحركي‪ .‬في حين‪ ،‬إن اإلنسان وحدة نفسية‬
‫وعضوية مركبة ومترابطة ومتكاملة‪.‬‬

‫‪ ‬إن كثيرا من املدرسين ذوي الخلرة قد نجحوا في دروسهم كل النجاح دون أن‬
‫يستندوا‪ ،‬بحال من األحوال‪ ،‬إلى نظرية األهداف‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬تعد بيداغوجيا األهداف نظرية ترسوية جديدة قائمة على العلم ‪،‬‬
‫والعقالنية‪ ،‬والتخطي ‪ ،‬والقياس‪ ،‬والتكنولوجيا‪ ،‬والتحقق املوووعي‪ .‬وقد انتشرت هذه‬
‫النظرية في املغرب في سنوات الثمانين من القرن العشرين‪ ،‬فقد كانت ‪ -‬فعال‪ -‬بديال للدرس‬
‫الهرسارتي التقليدي الذي كان يقوم على مجموعة من املراحل ‪ ،‬مثل‪ :‬املراجعة ‪ ،‬والشرح‪،‬‬
‫وسناء القاعدة‪ ،‬والرس ‪ ،‬واالستنتاج‪ ،‬والتطبيق‪ .‬وكان هذا الدرس يقدم في غياب أهداف‬
‫مسطرة‪ ،‬فقد كان املدرس يلقي درسه بطريقة غير واعية وغير مخططة بدقة مما يوقعه‬
‫ذلك في صعوسات جمة على مستوى التقويم‪ ،‬والتصحيح‪ ،‬واملعالجة‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫لذا‪ ،‬جاءت بيداغوجيا األهداف لتنظيم العملية التدريسية وعقلنتها وعلمنتها تخطيطا‬
‫وتدبيرا وتسييرا وتقويما بل أصبحت هذه النظرية معيارا إجرائيا لقياس الحصيلة‬
‫مواطن قوة‬ ‫التعليمية‪ -‬التعلمية لدى املتعلم واملدرس معا‪ ،‬ومحكا موووعيا لت خي‬
‫املنظومة التربوية على مستوى املردودية‪ ،‬واإلنتاجية‪ ،‬واإلبداعية‪ .‬ثم‪ ،‬أضحت أداة ناجعة‬
‫لتبيان نق وعفها وفشلها وإخفاقها‪ .‬وتعد كذلك لية فعالة في مجال التخطي والتقويم‬
‫وسناء الدرس الهادف‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬االشتغال وفق الكفالات‪:‬‬

‫من املعلوم أن الكفايات ي مقارسة ترسوية وتدريسية جديدة ومعاصرة تهدف إلى تسليح‬
‫املتعلم بمجموعة من الكفايات األساسية ملواجهة الووعيات الصعبة واملركبة التي‬
‫يصادفها املتعلم في واقعه الدراهاي أوال خصاي أواملوووعي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالكفايات ي بمثابة‬
‫معارف ومهارات ومواقف وكفايات معرفية وتواصلية ومنهجية وثقافية يستضمرها املتعلم‬
‫لحل مجموعة من املشاكل أو الووعيات ‪ -‬املشكالت بغية التكيف أو التأقلم مع املحي ‪،‬‬
‫أو االستجابة ملتطلبات سوق الشغل‪ ،‬أو قصد التميز الدراهاي والكفائي والحرفي وامل ي‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فاكتساب الكفايات هو السبيل الحقيقي لتحصيل النجاح ‪ .‬وهو أيضا أساس‬
‫االستقاللية ال خصية‪ ،‬ومدخل وروري إلى تحمل املسؤولية‪ ،‬واالعتماد على الذات في حل‬
‫جميع املشاكل التي تطرحها الووعيات أمام املتعلم في أثناء مجابهته لواقعه ال ي‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫تنصب بيداغوجيا الكفايات على املعط الكيفي‪ ،‬وتركز على التعلم السياقي في عالقة‬
‫جدلية بالكفايات املستهدفة سواء أكانت أساسية أم نوعية‪.‬‬

‫‪ /1‬مفهوم الكفالات‪:‬‬

‫تعرف الكفاية (‪ )compétence‬بأنها عبارة عن قدرات وملكات ذاتية أساسية ونوعية‪،‬‬


‫يتسس‪ ،‬بها املتعلم في أثناء مواجهته لووعية أو مشكلة ما في واقعه ال خصاي أو املوووعي‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫وستعبير خر‪ ،‬الكفاية ي تلك القدرة التي يستدمجها املتعلم عند وجوده أمام ووعيات‬
‫جديدة معقدة ومركبة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتمثل الذكاء الفعلي في توظيف الكفايات والقدرات في حل‬
‫املشاكل املستعصية ترسويا‪ ،‬وتدريسيا‪،‬وواقعيا‪ .‬ويعني هذا كله أن الكفايات تشمل مجموعة‬
‫من املعارف واملوارد واملهارات واملواقف التي يستضمرها املتعلم ملواجهة الووعيات التي‬
‫يواجهها في محيطه‪ .‬ويعني هذا أن املتعلم يستثمر موارده عند مواجهة املشاكل املعقدة‬
‫والووعيات الجديدة باختيار الحلول املناسبة‪ ،‬أو التوليف بين مجموعة من االختيارات‬
‫لحل املشاكل التي يواجهها في حياته ال خصية والعملية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تعرف الكفاية عند جيلي (‪ )GILLET‬بأنها " نظام من املعارف املفاهيمية (الذهنية)‬
‫واملهارية ( العملية) التي تنتظم في خطاطات إجرائية‪ ،‬تمكن في إطار ف ة من الووعيات‪،‬‬
‫من التعرف على املهمة – اإلشكالية‪ ،‬وحلها بنشا وفعالية"‪.135‬‬

‫وتعرف الكفاية كذلك على أنها بمثابة " هدف‪ -‬مرم ‪ ،‬متمركزة حول البلورة الذاتية لقدرة‬
‫التلميذ على الحل الجيد للمشاكل املرتبطة بمجموعة من الووعيات‪ ،‬باعتماد معارف‬
‫مفاهيمية ومنهجية مندمجة ومالئمة"‪.136‬‬

‫ويعرفها فيليب پيرنو (‪ )Perrenoud‬بأنها" القدرة على تعب ة مجموعة من املوارد املعرفية (‬
‫معارف‪ ،‬و قدرات‪ ،‬ومعلومات‪ ،‬إلخ)‪ ،‬بغية مواجهة جملة من الووعيات بشكل مالئم‬
‫وفعال"‪.137‬‬

‫‪135‬‬ ‫‪-GILLET , P : ) L’ utilisation des objectifs en formation , contexte et évolution (, Education‬‬


‫‪permanent , Nr :85 , octobre 1986 , p :17-37.‬‬
‫‪ -136‬بيير ديشاي‪ :‬تخطي الدرس لتنمية الكفالات‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الكريم غريب‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة‬
‫دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2226 ،‬ص‪.323 :‬‬
‫‪ -137‬باوال جونتيل وروسيرتا بنتشيني‪ (:‬بناء الكفايات‪ :‬مقابلة مع فليب پيرنو)‪ ،‬الكفالات الي التدر س ب ح التنظ ر‬
‫والمارسة‪ ،‬تعريب‪ :‬محمد العمارتي والبشير اليعكوبي‪ ،‬مطبعة أكدال‪ ،‬الرسا ‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪،‬‬
‫ص‪.23:‬‬
‫‪141‬‬
‫ويرى محمد الدريظ أن هذه الكفايات" ينظر إلوها على أنها إجابات عن ووعيات‪ -‬مشاكل‬
‫تتألف منها املواد الدراسية"‪.138‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬فالكفاية ي مجموعة من القدرات واملهارات واملعارف يتسس‪ ،‬بها التلميذ‬
‫ملواجهة مجموعة من الووعيات والعوائق واملشاكل التي تستوجب إيجاد الحلول الناجعة‬
‫لها بشكل مالئم وفعال‪.‬‬

‫ويظهر لنا ‪ ،‬من خالل مجموعة من التعاريف التي انصبت على تحديد مفهوم الكفاية‪ ،‬أنها‬
‫تنبني على عناصر أساسية‪ ،‬يمكن حصرها في‪:‬‬

‫‪ ‬القدرات واملهارات‪.‬‬

‫‪‬اإلنجاز أو األداء‪.‬‬

‫‪ ‬الووعية أو املشكل‪.‬‬

‫‪‬حل الووعية بشكل فعال وصائب‪.‬‬

‫‪ ‬تقويم الكفاية بطريقة موووعية‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يبدو لنا أن الكفاية مرتبطة أشد االرتبا بالووعية‪ -‬اإلشكال‪.‬أي‪ :‬إن الكفاية‬
‫قائمة على إنجاز املهمات الصعبة‪ ،‬وإيجاد الحلول املناسبة للمشاكل املطروحة في الواقع‬
‫املوووعي‪ .‬إذا‪ ،‬فالعالقة املوجودة بين الكفاية والووعية ي عالقة جدلية وثيقة ومتينة‪،‬‬
‫وعالقة استلزام اختباري‪ ،‬وتقييمي‪ ،‬وتدري اي‪.‬‬

‫‪ /2‬أن ــواع الكفال ــات‪:‬‬

‫تنقسم الكفايات‪ ،‬في مجال التربية والتعليم‪ ،‬إلى أنواع عدة يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -138‬محمد الدريظ‪ :‬الكفالات الي التعليم‪ ،‬املعرفة لسجميع‪ ،‬أكتوسر ‪ ،2222‬العدد‪ ،33‬ص‪.33 :‬‬
‫‪142‬‬
‫‪ ‬الكفالات النوعية ‪ :‬تتحدد هذه الكفايات في مقابل الكفايات املمتدة أو املستعروة‪.‬‬
‫ويعني هذا أن الكفايات النوعية ي التي يكتسبها املتعلم في فترة مدرسية محددة‪ .‬أي‪ :‬إن‬
‫م ي معين‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫هذه الكفايات مرتبطة بمادة دراسية معينة‪ ،‬أو مجال نوعي‪ ،‬أو تخص‬
‫فهي أقل شمولية وعمومية من الكفاية املستعروة‪ .‬و ي السبيل إلى تحقيق الكفايات‬
‫املمتدة‪.‬‬

‫‪ ‬الكفالات المتدة أو الستعرضة ‪ :‬ي تلك الكفايات املشتركة التي تجمع بين‬
‫تخصصات متعددة‪ .‬بمعنى أن الكفاية املوسعة ي التي تتوزع بين مجموعة من املواد‬
‫والتخصصات‪ ،‬ويمكن امتالكها بعد فترة من التعلم والتحصيل الدراهاي‪ ،‬مثل‪ :‬اكتساب‬
‫منهجية التفكير العلمي‪ ،‬و ي كفاية توجد في جميع املواد الدراسية‪ .‬وتمتاز الكفايات‬
‫املوسعة بأنها كفايات عليا وقصوى وختامية‪ ،‬تتطلب نوعا من اإلتقان‪ ،‬واالنضبا ‪،‬‬
‫واملهارة‪ ،‬واالحتراف‪ .‬وتستوجب أيضا كثرة التعلم والتحصيل الدراهاي ألن هذه الكفاية ي‬
‫نتاج تفاعل مع تخصصات ومواد دراسية عدة‪.‬‬

‫‪ ‬الكفالات األساسية‪ :‬ي كفايات قاعدية أو جوهرية أو دنيا‪ .‬و ي كفايات ورورية في‬
‫مجال التربية والتعليم‪ ،‬مثل‪ :‬كفاية القراءة‪ ،‬وكفاية الكتابة‪ ،‬وكفاية الحساب‪ ،‬بالنسبة‬
‫للتعليم االبتدائي‪ .‬بمعنى أن الكفايات األساسية ي التي تنبني علوها العملية التعليمية‪-‬‬
‫التعلمية‪ ،‬أو يبنى علوها النسق التربوي‪.‬‬

‫‪ ‬كفالة اإلتقاح‪ :‬ي كفاية تكميلية‪ ،‬وليست أساسية وورورية ‪ ،‬فعدم الغرق أثناء‬
‫السباحة ي كفاية أساسية‪ .‬بيد أن الرشاقة‪ ،‬والسرعة‪ ،‬والسباحة في فريق‪ ،‬واحترام‬
‫قواعد السباحة‪ ،‬ي كلها كفايات تكميلية‪ ،‬أو كفايات إتقان وجودة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تصنف الكفايات كذلك إلى معارف‪ ،‬ومواقف‪ ،‬ومهارات‪ ،‬وكفايات ثقافية‪،‬‬
‫وكفايات تواصلية‪ ،‬وكفايات منهجية‪...‬‬

‫‪143‬‬
‫‪ /1‬تعريــف الوضعي ــات‪:‬‬

‫إذا تصفحنا معاجم اللغة العرسية‪ ،‬كلسان العرب واملمجم الوسي ‪ ،‬فإننا ال نجد كلمة‬
‫الووعية بهذه الصيغة بل نجد كلمة ووع مووعا ومواوع الدالة على اإلثبات في املكان‪.‬‬
‫أي‪ :‬إن الووعية بمثابة إطار مكاني للذات والشايء‪ .139‬ولكن في اللغات األجنبية‪ ،‬نجد‬
‫حضورا لهذا املفهوم بشكل واض‪ ،‬ومحدد‪ .‬ففي ممجم أكسفورد اإلنجليزي‪ ،‬تعني الووعية‬
‫" معظم الظروف واألشياء التي تقع في وقت خاص‪ ،‬وفي مكان خاص"‪.140‬‬

‫وتقترن الووعية بداللة أخرى‪ ،‬و ي السياق الذي هو" عبارة عن ووعية يقع فوها (ايء‪،‬‬
‫وتساعدك ‪ -‬بالتالي‪ -‬على فهمه"‪.141‬‬

‫أما ممجم روسير(‪ ، )Robert‬فيرى أن الووعية ي " أن تكون في مكان أو حالة حيث يوجد‬
‫الشايء أو يتموقع"‪ . 142‬أي‪ :‬إن الووعية ي التموقع املكاني أو الحالي في مكان أو ووع ما‪،‬‬
‫بينما يحدد السياق في هذا املمجم على أنه " مجموعة من الظروف التي تحي بالحدث"‪.143‬‬

‫ويمكن أن نفهم‪ ،‬من هذا كله‪ ،‬أن الووعية ي مجموعة من الظروف املكانية والزمانية‬
‫بالحدث‪ ،‬وتحدد سياقه‪ .‬وقد تتداخل الووعية مع السياق‪،‬‬ ‫والحالية التي تحي‬
‫والظروف‪ ،‬والعوائق‪ ،‬واملواقف‪ ،‬واملشكالت‪ ،‬والصعوسات‪ ،‬واالختبارات‪ ،‬واملحكات‪ ،‬والحالة‬
‫‪ ،‬والواقع‪ ،‬واإلطار‪ ،‬واإلشكال…إلخ‪.‬‬

‫‪ -139‬ابن منظور‪ :‬لساح اللساح‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،3666 ،‬ص‪326:‬‬
‫واملمجم الوسي ألحمد حسن الزيات و خرين‪ ،‬املكتبة اإلسالمية‪ ،‬استانبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬ص‪.3266 :‬‬
‫‪140- A.Regarder: Oxford advanced learner’s, Dictionary Oxford university press 2000; p: 1109.‬‬

‫‪141 -Ibid, p : 247.‬‬

‫‪142 - Paul robert : Le Petit Robert, Paris, éd, 1992, p : 378.‬‬

‫‪143 -Ibid, p : 1820 .‬‬

‫‪144‬‬
‫وتعرف الووعية في مجال التربية والتدريس بأنها" ووعية ملموسة تصف‪ ،‬في الوقت‬
‫نفسه‪ ،‬اإلطار األكثر واقعية‪ ،‬واملهمة التي يواجه التلميذ من أجل تشغيل املعارف‬
‫املفاهيمية واملنهجية الضرورية‪ ،‬لبلورة الكفاية واللرهنة علوها"‪.144‬‬

‫أي‪ :‬إن الووعية واقعية ملموسة يواجهها التلميذ بقدراته ومهاراته وكفاءاته عن طريق‬
‫حلها‪ .‬وليست الووعيات سوى التقاء عدد من العوائق واملشاكل في إطار شرو وظروف‬
‫معينة‪ .‬وتطرح الووعية‪ -‬حسب محمد الدريظ‪ " -‬إشكاال عندما تجعل الفرد أمام مهمة‬
‫عليه أن ينجزها‪ ،‬مهمة ال يتحكم في كل مكوناتها وخطواتها‪ ،‬وهكذا يطرح التعلم كمهمة‬
‫تشكل تحديا معرفيا للمتعلم‪ ،‬بحيث يشكل مجموع القدرات واملعارف الضرورية ملواجهة‬
‫الووعية وحل اإلشكال‪ ،‬ما يعرف بالكفاية"‪.145‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬نفهم أن الووعية ي مجموعة من املشاكل والعوائق والظروف‬


‫التي تستوجب إيجاد حلول لها من قبل املتعلم لسحكم على مدى كفاءته وأهليته التعليمية ‪-‬‬
‫التعلمية واملهنية‪ .‬وتعتد املواد الدراسية مجموعة من املشاكل والووعيات‪ .‬ومن هنا‪،‬‬
‫ينبغي علينا أن نعد التلميذ لسحياة والواقع ملواجهة التحديات والصعوسات التي يفروها‬
‫عاملنا اليوم‪ ،‬و يتعلم الحياة عن طريق الحياة‪ ،‬وأال يبق رهين النظريات املجردة البعيدة‬
‫عن الواقع املوووعي‪ ،‬أو حبيس الفصول الدراسية واألقسام املغلقة واملسيجة باملثاليات‬
‫واملعلومات التي تجاوزها الواقع‪ ،‬أو التي أصبحت غير مفيدة لإلنسان‪ .‬أي‪ :‬تنبني فلسفة‬
‫الووعيات على أسس اللراجماتية كاملنفعة‪ ،‬واإلنتاجية‪ ،‬واملردودية‪ ،‬والفعالية‪،‬‬
‫واإلبداعية‪ ،‬والفائدة املرجوة من املنتظ ‪ ،‬وهو تصور الفلسفة الذرائعية لدى جيمس‬
‫جويس‪ ،‬وجون ديوي ‪ ،‬وسرغسون‪ ،‬والثقافة األنجلو سكسونية بصفة عامة‪.‬‬

‫‪ -144‬بيير ديشاي‪ :‬تخطي الدرس لتنمية الكفالات‪ ،‬ص‪.303:‬‬


‫‪ -145‬محمد الدريظ‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.32 :‬‬
‫‪145‬‬
‫وخالصة القول‪ :‬ترتب الكفايات بمواجهة املشاكل املركبة والووعيات املعقدة‪ .‬واملقصود‬
‫بأن تكون كف ا‪ .‬يعني أن تكون إنسانا ناعحا ومتمكنا من أسباب النجاح‪.‬‬

‫ومن مواصفات الكفاية أنها مركبة تشتمل على مجموعة من املوارد واملواقف املختلفة‪ .‬كما‬
‫أنها ذات هدف معين‪ .‬و ي كذلك تفاعلية‪ .‬بمعنى أن املتعلم يتسس‪ ،‬بمجموعة من القدرات‬
‫املستضمرة للتفاعل مع املحي ‪ .‬وسالتالي‪ ،‬فهي مفتوحة على مجموعة من الحلول الواقعية‬
‫واملمكنة واملحتملة‪ .‬و ي محفزة على النجاح‪ ،‬والتفوق‪ ،‬والتميز‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ينبغي أن‬
‫تكون الووعية مدعمة باألسناد والوثائق والتعليمات والنصوص ومعايير التقويم‪،‬‬
‫ومؤشرات التصحيح‪.‬‬

‫‪ /1‬أن ــواع الوضعي ــات‪:‬‬

‫إن الووعيات ي مجموعة من األطر واملؤشرات والظروف السياقية التي تحدد املشكالت‬
‫والعوائق والصعوسات التي تواجه التلميذ الذي يتسس‪ ،،‬بدوره‪ ،‬بمجموعة من املعارف‬
‫والقدرات والكفايات الوظيفية قصد حل هذه الووعيات املعقدة واملركبة‪ ،‬والحصول على‬
‫إجابات وافية واحيحة لللرهنة على صدق هذه الكفايات والقدرات املكتسبة علر‬
‫مجموعة من التعلمات واملوارد املدرسية املنجزة مسبقا‪ .‬ويمكن أن نضع التلميذ أمام عدة‬
‫ووعيات تلرز طبيعة الكفاية لديه‪ .‬وهذه ي التي ستحدد لنا أنما الووعيات ‪ -‬املشاكل‬
‫على مستوى مؤشرات األطر السياقية‪.‬‬

‫ويمكن أن نحدد أنواعا أخرى من الووعيات املوقفية قياسا على ما ذهب إليه إيريبان‬
‫(‪ )IRIBANE‬في تصنيفه للكفايات‪:146‬‬

‫‪ ‬وضعيات التقليد والحاكاة‪:‬‬

‫‪146‬‬ ‫‪-A regarder : A , IRRIBANE : La compétitivité, Défi Social, Enjeu éducatif, CNRS, Paris, 1989.‬‬
‫‪146‬‬
‫ترتكز على مهمات التقليد‪ ،‬وإعادة املعارف واملهارات املكتسبة عن طريق التطبيق‪،‬‬
‫واملماثلة‪ ،‬والحفء‪ ،‬واإلعادة ( ووعيات االجترار)‪.‬‬

‫‪ ‬وضعيات التحويل‪:‬‬

‫تنطلق من ووعية معينة من العمل لتطبيقها على ووعيات غير متوقعة ‪ .‬بيد أنها قريبة‬
‫بالتفكير باملثل‪ ،‬واالستفادة من الووعيات السابقة لحل الصعوسات عن طريق تحويلها‬
‫إليجاد الحلول املناسبة (ووعيات االستفادة واالمتصاص)‪.‬‬

‫‪‬وضعيات التجدلد‪:‬‬

‫تنطلق من مواجهة مشاكل وصعوسات وعراقيل جديدة‪ ،‬وتقديم حلول مناسبة لها‪( .‬‬
‫ووعيات الحوار و اإلبداع)‪.‬‬

‫ويمكن تصنيف الووعيات من الناحية التقويمية املعيارية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬وضعية أولية‪ :‬يتم طرح مجموعة من الووعيات اإلشكالية للتلميذ في أثناء بداية‬
‫الدرس أو قبل الشروع فيه‪ .‬وتتعلق هذه الووعيات بمراجعة الدرس السابق‪ ،‬أو دفعه إلى‬
‫االستكشاف‪ ،‬أو حثه وت جيعه على استعمال قدراته الذاتية واملهارية‪.‬‬

‫‪ ‬وضعية وسيطية‪ :‬يقدم املعلم للمتعلم مجموعة من الووعيات في أثناء مرحلة‬


‫التكوين والتعلم الذاتي لحل مشاكلها اعتمادا على األسناد‪ ،‬والوثائق‪ ،‬والنصوص‪،‬‬
‫والتعليمات‪ ،‬ومعايير التقويم‪ .‬والهدف من ذلك كله هو التثبت من قدرات التلميذ‬
‫التعلمية واملفاهيمية واملهارية‪.‬‬

‫‪ ‬وضعية نها ية‪ :‬يواجه التلميذ في نهاية الدرس ووعيات نهاية إجمالية أو نهائية ي التي‬
‫تحكم على التلميذ إن كان كف ا أم ال؟ وهل تحققت عنده الكفاية األساسية أو النوعية أم‬
‫ال؟ وهل أصبح قادرا على مواجهة الصعوسات والووعيات اإلشكالية واملواقف الواقعية‬
‫‪147‬‬
‫الصعبة أم ال؟ وهل تحقق الهدف املبتغى والغاية املنشودة من التكوين والتعلم الذاتي أم‬
‫ال؟‬

‫وينبغي لهذه الووعيات أن تتناسب تماثليا مع التقويم األولي والتكويني واإلجمالي في إطار‬
‫العملية التعليمية ‪ -‬التعلمية‪.‬‬

‫وعلى مستوى املحتوى أو املضمون والخلرات‪ ،‬فهناك ووعيات معرفية (ثقافية)‪،‬‬


‫وووعيات منهجية‪ ،‬وووعيات تواصلية‪ ،‬وووعيات وجدانية وأخالقية‪ ،‬وووعيات‬
‫حركية‪ ،‬وووعيات مهنية تقنية…‬

‫‪ /5‬أهمية الوضعيات‪ -‬الش ــاكل‪:‬‬

‫من املعلوم أن للووعيات أهمية كبيرة في اختبار املنا ا الدراسية‪ ،‬وتقييم املدرسة‬
‫املعاصرة‪ ،‬والتمييز بين التقليدية منها والجديدة ‪ ،‬ومعرفة املدرسة املنغلقة من املدرسة‬
‫الوظيفية واملنفتحة‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن الووعيات ي محك الكفاءة واملردودية‪ ،‬وإبراز للقدرات‬
‫واملهارات واملواهب املضمرة والظاهرة‪ .‬إنها ترسية على حل املشاكل املستعصية‪ ،‬واقتراح‬
‫الحلول املناسبة واملمكنة‪ ،‬والتحفيز على التعلم الذاتي‪ ،‬وتجاوز للطرائق التقليدية القائمة‬
‫على التلقين والحفء‪ ،‬وتقديم املعرفة واملحتويات بواسطة املدرس إلى التلميذ السل ي‪.‬‬

‫ومن األكيد أن التربية بالووعيات ي التي تفرز الكفاءات والقدرات العقلية املتميزة ‪ .‬فهي‬
‫التي ترس املدرسة بالواقع وسوق الشغل ‪ ،‬وليس ذلك من خالل الشهادات والدبلومات‬
‫واملؤهالت بل من خالل الشهادات ‪ -‬الكفايات‪ .‬بيد أن هذه الووعيات والكفايات ليست‬
‫عصا سحرية ملعالجة كل مشاكل وزارات التربية والتعليم ‪ ،‬مثل‪ :‬معالجة اكتظاظ التالميذ‬
‫في تكوين املدرسين‪ ،‬وإيجاد الحلول املناسبة للووعية‬ ‫في الفصول الدراسية‪ ،‬ونق‬
‫االجتماعية للمدرسين‪ ،‬وتوفير الوسائل واإلمكانيات املادية والبشرية بل إن طريقة التعليم‬
‫بالكفايات والووعيات طريقة ترسوية لعقلنة العملية التدريسية تخطيطا‪ ،‬وتدبيرا‪،‬‬
‫‪148‬‬
‫وتسييرا‪ ،‬وتقويما‪ .‬ثم‪ ،‬تفعيلها بطريقة علمية موووعية على أسس معيارية وظيفية‪ ،‬ورس‬
‫املدرسة بالحياة ‪ ،‬وسوق العمل‪ ،‬وتلبية حاجيات أرساب العمل‪ ،‬وتحقيق الجودة‬
‫واملنافسة‪ ،‬والسير وفق مقتضيات العوملة‪ .‬ويتطلب هذا كله تغيير عقلية اإلدارة واملدرس‬
‫والتلميذ واآلباء واملجتمع كله‪ .‬وال ينبغي أن تبق الووعيات والكفايات في إطارها الشكلي‪،‬‬
‫أو بمثابة مووة عابرة أو حبيسة مقدمات الكتب املدرسية‪ ،‬أو رهينة لتوجوهات اللرامظ‬
‫الدراسية وفلسفتها البعيدة باعتبارها غايات ومواصفات مثالية نظرية دون تطبيق أو‬
‫ممارسة فعلية وميدانية‪ .‬وهنا‪ ،‬أستحضر قولة معلرة بكل وووح ملا نريد أن نقصده ملبلور‬
‫الكفايات فيليب پيرنو(‪:)Perrenoud‬‬

‫"إذا ظلت املقارسة بالكفايات على مستوى الخطاب لهثا وراء املووة‪ ،‬فإنها ستغير النصوص‬
‫لتسق في النسيان… […] أما إذا كانت تطمح إلى تغيير املمارسات‪ ،‬فستصبح إصالحا من‬
‫الثالث) ال يستغني عن مساءلة معنى املدرسة وغايتها" ‪147‬‬ ‫(النم‬

‫وعليه‪ ،‬فللووعيات أهمية كلرى في مجال التربية والتعليم ألنها تؤهل املتعلم ليكون‬
‫إنسانا كف ا ومواطنا مسؤوال يعتمد على نفسه في مواجهة املواقف الصعبة والووعيات‬
‫املستعصية‪.‬‬

‫‪/3‬سياق الوضعيات‪:‬‬

‫ال يمكن فهم الووعيات إال إذا ووعناها في سياقها االجتماعي والتاريخي‪ .‬فقد استلزم‬
‫التطور العلمي والتكنولوجي املعاصر منذ منتصف القرن العشرين توفير أطر مدرسة‬
‫أحسن تدريب لتشغيل اآللة بكل أنماطها مما دفع باملجتمع الغربي إلى إعادة النظر في‬
‫املدرسة وطبيعتها ووظيفتها برسطها بالواقع والحياة وسوق الشغل قصد محارسة البطالة‪،‬‬

‫‪ -147‬حسن بوتكالي‪ (:‬مفهوم الكفايات وسنا ها عند فيليب پيرنو)‪ ،‬الكفالات الي التدر س ب ح التنظ ر والمارسة‪،‬‬
‫مطبعة أكدال‪ ،‬الرسا ‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪ ،2222‬ص‪.22:‬‬
‫‪149‬‬
‫والبحث عن أسباب الفشل املدرهاي‪ ،‬وإيجاد حل للالمساواة االجتماعية‪ .‬ويعني هذا رس‬
‫املدرسة باملقاولة‪ ،‬والحياة املهنية‪ ،‬والعوملة‪ ،‬والقدرة التنافسية املحمومة‪ .‬أي ‪ :‬ينبغي على‬
‫املدرسة أن تنفتح على الواقع واملجتمع معا لتغييرهما وإمدادهما باألكفاء واألطر املدرسة‬
‫املاهرة واملتميزة‪ .‬فال قيمة للمعارف واملحتويات الدراسية إذا لم تقترن بما هو وظيفي‪،‬‬
‫وم ي‪ ،‬وتقني‪ ،‬وحرفي‪ .‬وقد كانت هذه العوامل كلها وراء عقلنة املنا ا التربوية‪ ،‬وجعلها‬
‫فعالة ناجعة ذات مردودية تأطيرية وإبداعية‪.‬‬

‫وقد حاولت دول العالم الثالث‪ ،‬بما فوها الدول العرسية ( املغرب‪ ،‬والجزائر‪ ،‬و تونس‪،‬‬
‫وسلطنة عمان ‪ -‬مثال‪ ،)...-‬أن تتمثل هذا النموذج التربوي القائم على املقارسة بالكفايات‬
‫والووعيات ملسايرة املستجدات العاملية‪ ،‬واإلنصات إلى متطلبات السوق الليلرالية بغية‬
‫الحد من البطالة‪ ،‬وتفادي الثورات االجتماعية ‪ ،‬والحد من ظاهرة الهجرة بكل أنواعها‪،‬‬
‫بتبي تها مع خصوصيات مدارسها لخلق الجودة والعقالنية‪ ،‬وتحصيل املردودية الفعالة‪.‬‬
‫وسذلك‪ ،‬أصبحت التربية تابعة للسياسة االقتصادية للدولة وظروفها االجتماعية‬
‫والتمويلية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول نيكو هيرت (‪:)Nico Hirtt‬‬

‫" ما هو إذا عالم اليوم هذا ؟ يتميز محيطنا االقتصادي بعنصرين اثنين ‪ :‬أوال تقلب بالغ ‪،‬‬
‫وثنائية اجتماعية قوية‪ .‬ينجم عن احتدام الصراعات التنافسية‪ ،‬وإعادة الهيكلة ‪ ،‬وإغالق‬
‫املصانع‪ ،‬وترحيل وحدات اإلنتاج‪ ،‬والسجوء املتسارع إلى اختراعات تكنولوجية زائلة أكثر‬
‫فأكثر( سواء في مجال اإلنتاج أم في مجال االستهالك)‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تتمثل إحدى أهم‬
‫مساعي أرساب العمل في املرونة‪ .‬أي‪ :‬مرونة سوق العمل‪ ،‬ومرونة العامل املهنية واالجتماعية‪،‬‬
‫ومرونة أنظمة التربية والتكوين‪ ،‬وقابلية تكيف املستهلك‪.‬‬

‫مازالت سوق العمل حاليا منظمة بشكل قوي على أسس املؤهالت‪ .‬أي‪ :‬على أساس‬
‫الشواهد‪ .‬وتمثل الشهادة جملة معارف ومهارات معترف بها‪ ،‬تخضع ملفاووات جماعية‪،‬‬
‫وتخول حقوقا بشأن األجور وشرو العمل أو الحماية االجتماعية‪ .‬وإلتاحة دوران أكثر‬
‫‪150‬‬
‫ليونة لليد العاملة‪ ،‬بات أرساب العمل يسعون لتدمير هذا الثنائي املتصلب‪ :‬مؤهالت‪-‬‬
‫شواهد‪ ،‬واستبداله بالثنائي كفايات‪ -‬شواهد مبنية على وحدات تكوين( مصوغات أو‬
‫مجزوءات ‪148").Modulaire‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن سياق الووعيات يتمثل في االنفصال بين النظرية والتطبيق‪ ،‬أو في‬
‫غرسة املدرسة عن الواقع و سوق الشغل‪.‬‬

‫‪/7‬خصا ص الوضــعية‪ -‬الشكل‪:‬‬

‫التي يجب أن تتميز بها الووعية املشكلة‪ -‬حسب أستوفلي‬ ‫ثمة مجموعة من الخصائ‬
‫(‪ ،149)ASTOLFI‬نذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬ينبغي أن تحدد الووعية عائقا ينبغي حله‪.‬‬

‫على التلميذ صياغة فرويات‬ ‫‪ ‬أن تكون الووعية حقيقية ملموسة وواقعية تفر‬
‫وتخمينات‪.‬‬

‫‪ ‬تشبه هذه الووعية لغزا حقيقيا ينبغي حله‪ ،‬و مواجهته بالقدرات املكتسبة‪.‬‬
‫‪ ‬تكون ذات خصوصية تحدد مجال فعل الكفاية‪.‬‬

‫‪ ‬توصف ومن لغة واضحة ومفهومة من قبل التلميذ‪.‬‬

‫‪ ‬تتطلب الووعية معارف وقدرات ومهارات تسهم في تكوين الكفاية في شتى مستوياتها‬
‫املعرفية‪ ،‬والوجدانية‪ ،‬والحركية ‪.‬‬

‫‪ -148‬نيكو هرت‪ (:‬بصدد املقارسة علر الكفايات هل نحتاج إلى عمال أكفاء أم إلى مواطنين نقديين؟)‪ ،‬الكفالات الي‬
‫التدر س ب ح النظرية والمارسة‪ ،‬مطبعة أكدال‪،‬الرسا ‪،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪ ،‬ص‪.32 /26:‬‬
‫‪149 - Astolfi, j, p : ( Placer les élèves en situation – problème ? ). Dans Probio revue, 16, 4, Bruxelles :‬‬

‫‪Association des professeurs de biologie (ASBL) ,1993.‬‬


‫‪151‬‬
‫‪ ‬تتشابه مع ووعية حقيقية يمكن أن تواجه األفراد خارج املدرسة ومن الحياة املهنية‬
‫أو الحياة الخاصة‪.‬‬

‫‪ ‬ينبغي أن يكون املشكل الذي يعد للتلميذ مشكال حقيقيا‪ ،‬ال يكون فيه الحل بديهيا‪.‬‬

‫خلراته‪.‬‬ ‫التلميذ‬ ‫فوها‬ ‫يثري‬ ‫فرصة‬ ‫الووعية‬ ‫تشكل‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬تحدد الووعية وفق املستوى املعرفي للتلميذ‪.‬‬

‫‪ /8‬سياق القاربة بالكفالات‪:‬‬

‫ظهرت املقارسة بالكفايات بعد أزمة التشغيل التي كانت تعاني منها ومازالت تعاني منها دول‬
‫العالم الثالث ألن املدرسة لم تعد وظيفية تسهم في التنمية الشاملة‪ ،‬وتحقق املستقبل‬
‫السعيد للمتعلمين وخريجي الجامعات الذين يتزايدون سنة بعد سنة‪ .‬وقد ساهمت هذه‬
‫املدرسة غير الوظيفية في ازدياد أفواج العاطلين بشكل خطير‪ .‬لذا‪ ،‬فكرت الدول أن ترس‬
‫املدرسة باملحي وسوق الشغل بتأهيل املتعلمين تأهيال وظيفيا ‪ ،‬وتكوينهم تكوينا كفائيا‬
‫تحديات الواقع املوووعي‪ .‬بمعنى خر‪ ،‬تزويد املتعلمين أو الخريجين بكفايات ورورية‬
‫وأساسية يحتاجونها في أثناء مواجهتهم لووعيات جديدة أو صعبة أو مركبة أو معقدة أو‬
‫متنوعة بغية التكيف مع الواقع املوووعي سيما واقع الشغل أو العمل‪.‬‬

‫وفي هذا السياق بالذات‪ ،‬ظهرت باملقارسة بالكفيات لتعيد النظر في وظيفة املدرسة التي‬
‫تركز كثيرا على املعارف الكمية على حساب الكفايات واملهارات والقدرات الوظيفية‪ .‬ومن‬
‫ثم‪ ،‬فقد ركزت هذه املقارسة الجديدة على ثالثة مكونات ورورية ي‪ :‬الكفايات‪،‬‬
‫والووعيات‪ ،‬والسياق الوظيفي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬أضحت مقارسة إجرائية ناجعة في معالجة مشاكل‬
‫التربية والتعليم سيما مشكل التقويم الذي يعتمد على مفهوم جديد هو مفهوم اإلدماج‬
‫الذي يعني إدماج املتعلم ملوارده املكتسبة عند مواجهة الووعيات الصعبة ‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬تس ى املقارسة بالكفايات إلى تأهيل رجال الغد ونسائه لتحمل مسؤولياتهم‬
‫بطريقة قائمة على اإلبداعية‪ ،‬واملسؤولية ال خصية‪ ،‬واالرتكان إلى التعلم الذاتي‪ ،‬ومواجهة‬
‫املشاكل والووعيات الجديدة‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تس ى إلى ت جيع املتعلم والطالب على‬
‫البحث واالستكشاف واالبتكار‪ ،‬ومواجهة الظروف الصعبة‪ .‬كما تساعده على التحلي بروح‬
‫العمل ‪ ،‬وتحقيق الجودة‪ ،‬واملثابرة الجادة‪ ،‬واملبادرة الحرة ‪ ،‬وتحمل املسؤولية‪ .‬أي‪ :‬تكوين‬
‫مواطن مسؤول وكفء ‪.‬‬

‫ويضاف إلى ذلك أن هذه املقارسة التربوية الجديدة تهدف إلى تمهير املتعلم بمجموعة من‬
‫الكفايات األساسية واملستعروة التي تجعله يواجه مختلف الووعيات التي تواجهه في‬
‫الحياة العملية‪ .‬لذا‪ ،‬ارتبطت هذه املقارسة بسوق الشغل‪ ،‬وكان الهدف منها هو تمهين‬
‫املتعلم لكي يواكب مختلف التطورات التي قد تصادفه في سوق العمل‪ .‬عالوة على ذلك‪،‬‬
‫البد للتعليم أن يكون وظيفيا مرتبطا بسوق الشغل بغية القضاء على البطالة واألمية‬
‫الوظيفية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملدرسة ‪ -‬حسب نظرية الكفايات‪ -‬ي لية من ليات اإلبداع‪،‬‬
‫واالبتكار‪ ،‬واالختراع‪ ،‬واإلنتاج‪ ،‬والعمل‪ ،‬والتطور الديناميكي‪.‬‬

‫‪ /9‬مقارنة ب ح األهداف و الكفالات‪:‬‬


‫ُ‬
‫إذا كانت بيداغوجيا األهداف تعنى بوصف سلوك املتعلم من خالل التشديد على طبيعة‬
‫السلوك و رسطه بصاحبه‪ ،‬وتعيين الهدف املرجو تحقيقه من وراء إنجاز هذا السلوك‪،‬‬
‫بهذا السلوك‪ ،‬وتحديد معايير القياس التي يتم بها تقويم‬ ‫وتبيان الظروف التي تحي‬
‫السلوك املالحء بتجزيء املحتويات التعليمية ‪ -‬التعلمية إلى أهداف جزئية إجرائية‬
‫فإن املقارسة بالكفايات ي التي ترس الكفايات بووعياتها الحقيقية والسياقية‪،‬‬ ‫مفتتة‪150‬‬

‫‪150‬‬ ‫‪-V. et G. Landsheere : Définir les objectifs de l’éducation, Liège et George Thoune 1975, p202.‬‬
‫‪153‬‬
‫فتعليم لغة ما ‪ -‬مثال‪ -‬ال يمكن أن يكون ناجعا إال في سياق اللغة املرج ي‪ ،‬واللغوي‪،‬‬
‫والتداولي‪.‬‬
‫ُ‬
‫كما أن هذه املقارسة الكفائية كيفية ومهارية تقوي ملكات العقل ‪ ،‬وتنمي املواقف‬
‫والكفايات املعرفية واملنهجية‪ ،‬وتتحول فوها املحتويات إلى قدرات وكفايات وووعيات‬
‫مترابطة‪ .‬ويعني هذا أن املقررات الدراسية تنتظم في شكل كفايات وووعيات متدرجة من‬
‫السهولة إلى الصعوسة فالتعقيد ‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تتميز هذه الووعيات بالتنوع وتعدد مسالكها‬
‫وتخصصاتها الدراسية‪.‬‬

‫وإليكم ‪ -‬اآلن‪ -‬جدوال توويحيا للمقارنة بين األهداف و الكفايات‪:‬‬

‫القاربة بالكفالات‬ ‫التربية باألهداف‬

‫‪ -‬تعتمد على مدخل الووعيات‪.‬‬ ‫‪ -‬تعتمد على مدخل املحتويات‪.‬‬

‫‪ -‬البحث عن السلوك املالحء علر ‪ -‬البحث عن استعماالت للقدرات‬


‫ومن ووعيات مختلفة ومتنوعة‪.‬‬ ‫املحتوى‪.‬‬

‫‪ -‬التركيز على أنشطة املتعلم‪.‬‬ ‫‪ -‬التركيز على إلقاء املدرس‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد السياق‪.‬‬ ‫‪ -‬عدم االرتبا بالسياق‪.‬‬

‫‪ -‬موارد محددة في سلوكيات وأهداف ‪ -‬البحث عن معنى للتعلمات‪.‬‬


‫إجرائية خاوعة للقياس‪.‬‬
‫‪ -‬تعدد املوارد‪.‬‬
‫‪ -‬التركيز على عملية التعليم‪ ،‬وليس على‬
‫‪ -‬تصنيف الووعيات الكفائية التي‬
‫تسمح بتكوين املتعلم ملواجهة مختلف‬ ‫التعلم‪.‬‬

‫العوائق واملشاكل والووعيات املعقدة‬ ‫‪ -‬إنتاج معارف تخصصية‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫واملركبة في الواقعين التربوي واملرج ي‪.‬‬ ‫‪ -‬املقارسة السلوكية‪.‬‬

‫‪ -‬مقارسة ذات نماذج معرفية‬


‫وإبستمولوجية متنوعة‪.‬‬

‫‪ /11‬تخطي الدرس الي ضوء القاربة بالكفالات‪:‬‬

‫ينبني تخطي الدرس‪ ،‬في ووء املقارسة بالكفايات‪ ،‬على مجموعة من الخطوات الضرورية‬
‫التي تكمن في ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تسط رالكفال ــات‪:‬‬


‫تتكون جذاذة الدرس من كفايات مسطرة في شكل قدرات كفائية أساسية‪ ،‬أو كفايات‬
‫نوعية‪ ،‬أو كفايات مستعروة وممتدة كأن نقول مثال‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون التلميذ قادرا في خر الحصة على تركيب إنشاء في ستة أسطر يصف فيه م جد‬
‫ال ي موظفا في ذلك جملتين حاليتين وجملتين نعتيتين‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون املتعلم قادرا في خر الحصة الدراسية على إنجاز جميع التطبيقات الكتابية في‬
‫ظرف ربع ساعة‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون املتعلم قادرا على استظهار ية قر نية مع تفسير مضامينها‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون املتعلم قادرا على بناء قاعدة الدرس في أثناء املرحلة التكوينية‪.‬‬

‫وقد تكون الكفايات املسطرة معرفية‪ ،‬أو وجدانية ‪ ،‬أو حسية حركية‪ ،‬أو منهجية‪ ،‬أو‬
‫ثقافية‪ ،‬أو تواصلية‪...‬‬

‫‪155‬‬
‫‪ ‬تحويل الحتويات إلى أنشطة ووضعيات‪:‬‬
‫تكون محتويات الدرس عبارة عن أنشطة تعلمية وووعيات متنوعة ومتدرجة سواء أكانت‬
‫ووعيات معرفية أم وجدانية أم حسية حركية‪ .‬وتتوزع هذه األنشطة بين ما يعود إلى‬
‫املدرس وما يعود إلى املتعلم‪ .‬بمعنى أن هناك أنشطة املدرس وأنشطة املتعلم‪ .‬ومن املعلوم‬
‫أن املدرس هو الذي يحضر الووعيات ‪ -‬املشكالت ليجيب عنها املتعلم‪ .‬وقد ميز دوكتيل‬
‫من األنشطة التعلمية املرتبطة ببيداغوجيا اإلدماج‪،‬‬ ‫‪ )DE‬بين خمسة أنما‬ ‫(‪KETELE‬‬

‫و ي‪:151‬‬

‫‪ ‬أنشطة االستكشاف أو االستثمار‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة التعلم النسقي‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة الاناء‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة اإلدماج‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة التقويم‪.‬‬

‫واليمكن التمكن من هذه األنشطة الكفائية بشكل جيد ودقيق إال بتبيانها على النحو‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪ ‬أنشطة االستكشاف أو االستثمار‪.‬‬

‫تقوم أنشطة االستكشاف على إثارة املتعلم ذهنيا‪ ،‬ووجدانيا‪ ،‬وحركيا‪.‬ثم‪ ،‬جذبه إلى‬
‫الووعية الجديدة بغية إيجاد حلول مناسبة ملا تطرحها من مشاكل عويصة‪ ،‬ودفعه إلى‬
‫التفكير فوها‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تكون هذه األنشطة تمهيدية متزامنة مع التقويم التمهيدي أو القبلي‬

‫‪ -151‬انظر‪ :‬بيدايوجيا اإلدماج‪ ،‬ترجمة‪ :‬لحسن بوتكالي‪ ،‬منشورات مجلة علوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪2226 ،‬م‪ ،‬ص‪.30-33:‬‬
‫‪156‬‬
‫أو الت خيصاي ‪ ،‬وتتمحور حول التعلمات االعتيادية أو املكتسبة أو التعلمات السابقة‪.‬‬
‫والفرق بين االستكشاف في التعليم التقليدي والتعليم املعاصر إال من باب وجود السياق‬
‫ألن الووعيات ال تأخذ معناها ودالالتها الوظيفية إال في سياق تداولي ومرج ي ما‪ .‬بيد أن ما‬
‫يالحء على مرحلة االستكشاف أن املتعلم هو الذي يقوم بهذا االستكشاف‪ .‬في حين‪،‬‬
‫يحضر املدرس ووعيات االستكشاف الصعبة ليحلها املتعلم بطريقة منهجية فاعلة‬
‫وهادفة‪ .‬ويعني هذا أن املتعلم ينطلق في استكشافه من ووعية املشكلة‪ ،‬فيختار الحلول‬
‫املمكنة لحل هذه املشكلة املعقدة‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة التعلم النسقي‪.‬‬

‫تعتمد أنشطة التعلم النسقي على بناء املعارف بطريقة تدريجية متناسقة بمراعاة التدرج‬
‫في عملية التراب واالتساق واالن جام بين املوارد األساسية التي ترتب بكفاية ما‪ .‬وستعبير‬
‫خر‪ ،‬فأنشطة التعلم النسقي ي" تلك األنشطة التي تتوخى تنظيم مختلف املعارف‬
‫والخلرات التي تمت معالجتها أثناء أنشطة االستكشاف‪ :‬ترسيق املفاهيم‪ ،‬وسنينة املكتسبات‬
‫وممارستها‪"152.‬‬

‫وتذكرنا هذه األنشطة بطريقة املربي األملاني هرسارت القائمة على التنسيق املنطقي بين‬
‫مجموعة من العمليات التدريسية‪ ،‬مثل‪ :‬املراجعة‪ ،‬وقراءة األمثلة‪ ،‬واستخراج القاعدة‪،‬‬
‫والتنسيق بين الفقرات‪ ،‬والتطبيق‪.‬‬

‫‪ ‬أنشط ــة الانـ ــاء‪.‬‬

‫تتمثل أنشطة البناء أو البنينة في الرس بين املكتسبات القديمة والجديدة‪ ،‬أو الرس بين‬
‫املفاهيم املتقارسة‪ ،‬أو املقارنة بين املفاهيم والقضايا املتباعدة أو املتكاملة‪ .‬ويعني هذا أن‬
‫ثمة أنشطة‪ ،‬مثل‪ :‬التمارين التطبيقية التي تسعف املتعلم في عملية الرس والدمظ بين‬

‫‪ -152‬انظر‪ :‬بيدايوجيا اإلدماج‪ ،‬ص‪.03:‬‬


‫‪157‬‬
‫املعارف املكتسبة واملعارف الجديدة‪ .‬وقد تكون هذه البنينة في مستهل الدرس أو في نهايته‬
‫بتجميع األفكار األساسية والثانوية والفرعية كلها في خالصة عامة ‪ .‬كما تعتمد أنشطة‬
‫البناء على الجمع بين عدة عمليات عقلية ومنطقية ورياوية كالجمع بين الجمع والضرب‬
‫وحساب النسبة املائوية في عملية واحدة ما أو املقارنة بين رسمين‪...‬وإذا كانت" جل أنشطة‬
‫بمجموع‬ ‫بتعلم اعتيادي‪ ،‬فقد نتصور أنشطة استكشاف ترتب‬ ‫االستكشاف ترتب‬
‫التعلمات‪ ،‬من أجل بنينة هذه التعلمات في البداية‪.‬‬

‫وقد يتعلق األمر بإدخال بعض األفكار األساسية والتمثيلية التي تفسر للتلميذ جوهر‬
‫املعارف الجديدة‬ ‫املحتوى كله‪ ،‬عن طريق األمثلة و‪ /‬أو التمارين‪ ،‬مما يمكنه من رس‬
‫بمعارفه السابقة وستجرسته‪153".‬‬

‫ويعني هذا أن أنشطة البناء تهدف إلى الرس بين التعلمات السابقة والتعلمات الجديدة‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة التعلم بحل الشكالت‪.‬‬

‫يواجه املتعلم ووعية تتطلب حل مشكلة ما إما بشكل فردي‪ ،‬وإما بشكل جماعي ‪ ،‬من‬
‫خالل التفكير في حيثيات املشكلة من خالل سياقها التداولي‪ ،‬وتدبرها بشكل جيد‪ .‬ثم‪،‬‬
‫اقتراح الحلول املناسبة واملمكنة ملعالجة هذه املشكلة‪ .‬ومن ثم‪ " ،‬يحقق التعلم بحل‬
‫االستكشاف‪ ،‬في إيصال مفهوم دقيق ألنه يقترح‬ ‫املشكالت نتائظ أفضل من نشا‬
‫ووعية‪ -‬مشكلة معقدة‪،‬تستلزم أن يقوم التلميذ بتعلمات متعددة‪ ،‬متداخلة ومتمحورة‬
‫حول هذه الووعية في اآلن نفسه‪ .‬و ي ليست نشاطا يستغرق دقائق أو ساعات معدودة‪،‬‬
‫وإنما يتطلب عدة أيام‪ ،‬وأسابيع‪ ،‬أو حتى عدة أشهر‪ ...‬وتعتمد هذه املقارسة حاليا في التعليم‬
‫العالي بالخصوص‪154".‬‬

‫‪ -153‬نفسه‪ ،‬ص‪.63-62:‬‬
‫‪ -154‬نفسه‪ ،‬ص‪.03:‬‬
‫‪158‬‬
‫ويعني هذا أن البحث الذي يقوم به املتعلم يرتب بفروية أو مشكلة ما تستوجب البحث‬
‫والتنقيب معا‪ ،‬وجمع املادة إليجاد حل لها‪.‬‬

‫‪ ‬أنشط ــة اإلدم ــاج‪.‬‬

‫يلتجئ املتعلم إلى أنشطة اإلدماج‪ ،‬بعد اكتساب املوارد ‪ ،‬وبعد عمليات التوليف والتركيب‬
‫والدعم واملراجعة من أجل مواجهة ووعية أو مجموعة من الووعيات الصعبة بغية‬
‫تثبيت كفاية ما تمهيدا وتطبيقا‪ .‬وستعبير خر‪ ،‬يستدمظ املتعلم كل موارده املكتسبة‬
‫لتوظيفها لحل الووعية‪.‬أي‪ :‬إن" نشا اإلدماج هو نشا ديدكتيكي يتوخى استدراج‬
‫ً‬
‫التلميذ لتحريك املكتسبات التي كانت موووع تعلمات منفصلة‪ ،‬فهي ‪ -‬إذا‪ -‬لحظات تعلمية‬
‫تقوم على إعطاء معنى لتلك املكتسبات‪.‬‬

‫ويمكن أن نسجأ إلى أنشطة اإلدماج في أية لحظة من التعلم‪ ،‬السيما في نهاية بعض التعلمات‬
‫التي تشكل كال داال‪ ،‬أي‪ :‬عندما نريد ترسيق كفاية‪ ،‬أو تحقيق الهدف النهائي لإلدماج‪.‬‬

‫وتتغير أنشطة اإلدماج هاته‪ ،‬فأثناء التعلمات االعتيادية‪ ،‬قد تكون أنشطة قصيرة (ال‬
‫تتجاوز دقائق معدودات) لووع مكتسبات عديدة ومن سياق‪ .‬وفي نهاية التعلم‪ ،‬تصير‬
‫املدة مهمة‪ :‬قد تمتد من ساعة إلى عدة أيام‪155".‬‬

‫اإلدماج على فعالية املتعلم باعتباره بطال رئيسا في عملية بناء‬ ‫وعليه‪ ،‬ينبني نشا‬
‫التعلمات‪ ،‬وحل الووعيات املشكالت‪ .‬كما يستلزم اإلدماج من املتعلم أن يع ئ كل موارده‬
‫املستضمرة لحل الووعية املطروحة عليه‪ .‬كما أن نشا املتعلم نشا ذو معنى مرتب‬
‫بووعية جديدة‪ ،‬وموجه نحو كفاية أو نحو هدف إدماج نهائي‪.‬‬

‫خاص بووعية‬ ‫حول حل املشكالت‪ ،‬ونشا‬ ‫ومن أمثلة األنشطة اإلدماجية نشا‬
‫تواصل‪ ،‬ومهمة معقدة تنجز في سياق معط ‪ ،‬وإنتاج حول موووع معين‪ ،‬وزيارة ميدانية‪،‬‬
‫‪ -155‬نفسه‪ ،‬ص‪.62-63:‬‬
‫‪159‬‬
‫وأعمال تطبيقية ومختلرية‪ ،‬وابتكار عمل فني‪ ،‬وتدريب عملي‪ ،‬وإنجاز مشروع ترسوي أو‬
‫مشروع القسم‪...‬‬

‫ويرتكز نشا اإلدماج على تحديد الكفاية املستهدفة‪ ،‬وتحديد التعلمات التي نريد دمجها‪،‬‬
‫واختيار ووعية ما تكون دالة وجديدة تراعي مستوى املتعلم‪ ،‬وتتيح فرصة إلدماج ما نريد‬
‫أن يتعلمه التلميذ‪ ،‬وووع صيغ التطبيق‪ ،‬مثل‪ :‬ما يقوم به املتعلم‪ ،‬وما يقوم به املدرس‪،‬‬
‫وإعداد الوسائل املتوفرة‪ ،‬وتحديد املطلوب بدقة‪ ،‬وتبيان أشكال العمل(فردي – جماعي‪-‬‬
‫املجموعات‪ ،)...‬وتوويح مراحل العمل‪ ،‬واإلشارة إلى بعض املزالق التي ينبغي تجنبها‪.‬‬

‫‪ ‬أنشط ــة التقويــم‪.‬‬

‫يرتب التقويم بعمليات اإلدماج‪ .‬بمعنى أن التقويم في هذا املجال إدماجي يقيس كفايات‬
‫املتعلم وطريقة استدماجه للموارد‪ ،‬وكيفية حله للووعية املشكلة‪ .‬ويقوم التقويم على‬
‫أنشطة التقدير‪ ،‬والقياس‪ ،‬والتصحيح‪ ،‬واملعالجة‪ .‬ويعني هذا أن أنشطة التقويم ي بمثابة‬
‫ووعيات استدماجية تتطلب حال من قبل املتعلم اعتمادا على مجموعة من موارده‬
‫ومكتسباته السابقة بمراعاة السياق التداولي‪ ،‬والنصاي‪ ،‬واملرج ي‪ ،‬وال خصاي‪.‬‬

‫‪ /1‬اختيارالوسا ـل والطرا ق التدر سية الناساة‪:‬‬

‫البد من تمثل الطرائق التربوية التي تتالءم مع املقارسة بالكفايات واإلدماج باالنفتاح على‬
‫الوسائل اللفظية والبصرية والرقمية املتنوعة واملختلفة‪ ،‬واستعمال النصوص والوثائق‬
‫ً‬
‫واملصادر واملراجع واألسناد واألس لة والتعليمات ومعايير التصحيح ومؤشرات التقويم‪ .‬إذا‪،‬‬
‫من األجدى اختيار طريقة بيداغوجية تالئم نشاطا كفائيا ما ‪ ،‬و"ال يخف أن هناك طرائق‬
‫التلميذ مثل طريقة حل‬ ‫عديدة يمكن اتباعها ومنها الطرائق التي تركز على نشا‬
‫املشكالت‪ ،‬أو الطرائق التي تنظم التعلمات حول مشروع معين(بيداغوجيا املشروع)‪ ،‬أو‬
‫حول نشا وظيفي( دوكرولي‪ -‬فريني)‪ ،‬ومنها أيضا مجموع املمارسات البيداغوجية التي‬
‫‪160‬‬
‫تفردن األنشطة حسب مواصفات التالميذ واهتماماتهم‪ .‬وهو إجراء مهم من منظور‬
‫اإلدماج‪ ،‬بحيث إن املكتسبات املختلفة تترسخ بشكل فردي لدى التلميذ‪ ،‬بما فوها األهداف‬
‫النوعية والقدرات والكفايات‪"156.‬‬

‫ويعني هذا كله أن املقارسة بالكفايات تستفيد من كل الطرائق التربوية والوسائل التعليمية‬
‫املمكنة التي تساعد املتعلم على حل جميع الووعيات التي يواجهها في واقعه ال ي‪.‬‬

‫‪ /1‬التطايــق الكفائي‪:‬‬

‫من أجل تثبيت كفاية ما لدى املتعلم أو التأكد من تحقيقها البد من تقديم للمتعلم‬
‫مجموعة من التطبيقات واألنشطة التقويمية في شكل ووعيات قصيرة أو طويلة تتدرج في‬
‫البساطة والتعقيد‪ .‬وتستلزم أن يوظف املتعلم كل مكتسباته السابقة وموارده القديمة‬
‫ملواجهة ووعية جديدة ‪ ،‬محددة في الزمان‪ ،‬واملكان‪ ،‬والسياق‪.‬‬

‫وثمة كتب وكراسات عبارة عن تطبيقات حول الووعيات الكفائية واالستدماجية ‪ .‬و ي‬
‫بمثابة أنشطة وووعيات متدرجة في البساطة والتعقيد‪ ،‬وتكون التمارين املوجودة في‬
‫الكتب املدرسية والكراريس التطبيقية مرتبطة بكفاية ما‪ .‬لذا‪ ،‬تتنوع األنشطة على الرغم‬
‫من اشتراكها في خدمة كفاية معينة‪.‬‬

‫و يبدو أن دور املدرس هو بلورة مجموعة من الووعيات واملشكالت الضرورية وتنظيمها‬


‫من أجل مساعدة املتعلم على اكتساب كفايات معينة في عالقة بمحتويات ومضامين‬
‫املقررات الدراسية‪ .‬ويعني هذا أن املدرس يحدد كفاية أساسية ما مثل‪ :‬كفاية القراءة أو‬
‫الكتابة أو التعبير ‪ ،‬ثم يحدد مجموعة من األنشطة في شكل ووعيات ومشاكل متدرجة في‬
‫تراب تام مع املحتويات املقررة‪.‬‬

‫‪ /11‬أن ــواع التقوي ــم وفق القاربة بالكفالات‪:‬‬


‫‪ -156‬نفسه‪ ،‬ص‪.02:‬‬
‫‪161‬‬
‫ترتب املقارسة بالكفايات بالتقويم اإلدماجي كما وضحه البسجيكي روجرز كزافيي ( ‪Xavier‬‬
‫‪ .157)Roegiers‬ويهدف هذا التقويم الجديد إلى تطوير الكفايات في التعليم االبتدائي‬
‫واإلعدادي والعالي بإعطاء املعنى للتعلمات‪ .‬وقد كان التقويم منصبا على املعارف واإلنتاج‬
‫دون االهتمام بالكفايات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تساعد هذه الطريقة على النجاح بتمهير املتعلم‬
‫بمجموعة من الكفايات اإلدماجية التي تسعفه في حل مشاكل الواقع‪.‬‬

‫وللتمثيل‪ :‬عندما نقول من الضروري أن نحمي البي ة‪ ،‬فهذا هدف عام ال يمكن تقويمه‬
‫بشكل من األشكال‪.‬لكن عندما نضع هذا الهدف في شكل ووعية بالتركيز على األسباب‬
‫والحلول يمكن الحديث نذاك عن ووعية مشكلة هادفة وسناءة‪ .‬وسالتالي‪ ،‬اليمكن أن‬
‫معين‪ ،‬وإذا تعدينا ذلك‪ ،‬فسنلتجئ إلى التقطيع‬ ‫تتعدى الكفايات ثالثا في السنة في تخص‬
‫وتجزيء املحتويات أكثر فأكثر‪.‬‬

‫ويضاف إلى ذلك أنه البد أن يكون التقويم عبارة عن ووعيات معقدة ومركبة من أجل‬
‫التثبت من مدى تملك املتعلم للكفايات الحقيقية‪ .‬والبد أن تووع تلك الووعيات في‬
‫سياقات واقعية حية بتقديم مجموعة من الصور واألسناد والبيانات ملعالجتها‪ .‬ويترتب عن‬
‫ذلك صدق التقويم وثباته‪ .‬وهذا ما يسمى باملقارسة بالكفايات أو املقارسة علر الكفايات‬
‫األساسية‪.‬‬

‫وسناء على ما سبق‪ ،‬ننتظر من املتعلم إجابات أصيلة ومبدعة لحل ووعية ما‪ ،‬والبد من‬
‫تقويم ما أنتجه املتعلم في ووء مجموعة من املعايير التي يسموها روجرز مؤشرات‬
‫التصحيح (‪ .)Critères de correction‬ومن ثم‪ ،‬فمعيار التصحيح هو ذلك املؤشر الذي‬
‫ينبغي مراعاته في إنتاج التلميذ كاإلنتاج الواض‪ ،‬الدقيق‪ ،‬واإلنتاج املن جم‪ ،‬واإلنتاج‬

‫‪157- ROEGIERS, X. Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck Université.2003.‬‬

‫‪162‬‬
‫ً‬
‫األصيل‪....‬إذا‪ ،‬فاملؤشر هو وجهة نظر من خاللها نقوم عمال ما‪ .‬وإذا أردنا أن نقوم العبا‬
‫رياويا ما‪ ،‬فالبد من التركيز على األناقة‪ ،‬وجودة اللعب‪ ،‬وان جام الفريق‪ ،‬واإلنتاجية‪.‬‬

‫ومن أهم مؤشرات التقويم الؤشر األدنى (‪ )Critère minimal‬ومؤشر اإلتقان‪ .‬فمؤشر‬
‫األدن هو الذي يحدد بعض الشرو لتحقيق كفاية ما كأن نقول بأن السباح الكفء هو‬
‫الذي ال يغرق‪ .‬وسالتالي‪ ،‬يحافء على توازنه‪ .‬أما إذا أوفنا كفايات أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬السرعة‪،‬‬
‫وشدة الحركة ‪ ،‬واألناقة‪ ،‬واحترام القواعد‪ ،‬فإننا ننتقل إلى مؤشر اإلتقاح( ‪critère de‬‬
‫‪.)perfectionnement‬‬

‫والبد من التقليل من املؤشرات الدنيوية وإال كنا قساة مع املتعلمين عندما تتضخم هذه‬
‫املؤشرات التقويمية‪ .‬ويعني هذا أن التقويم اليبنى على محك األخطاء‪ ،‬بل يبنى على قياس‬
‫الكفايات املهارية فليس هناك من ال يخطئ‪ ،‬وال يعقل أن يكون الخطأ هو املعيار الوحيد‬
‫للتقويم ‪.‬‬

‫ويمكن االستعانة في أثناء التقويم اإلدماجي بقاعدة دوكيتيل (‪ )De Ketele‬التي تسمى‬
‫بقاعدة ‪ . 6/2‬بمعنى أن نسبة النجاح الكفائي هو اإلجابة عن ووعيتين من ثالث‬
‫ووعيات‪ . 158‬والبد من االحتكام أوال إلى املؤشر األدن بدل االحتكام إلى مؤشر اإلتقان‬
‫التكميلي‪.‬‬

‫والبد أن تكون معايير مؤشر األدن مستقلة عن بعضها البعض‪ ،‬فال يعقل أن تكون األس لة‬
‫مترابطة ومتتابعة ومتناسلة ألننا سنكون قساة مع املتعلمين‪ ،‬بل البد أن تكون األس لة‬
‫منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض لكي تكون هناك حظوظ متوفرة أمام املتعلم‪ .‬عالوة‬
‫على وجود معيار االن جام الذي يستلزم تراب أجزاء املوووع منهجيا ومنطقيا‪ ،‬ومعيار‬

‫‪158‬‬‫‪- DE KETELE, J.M. L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ? Pour quoi ?, Revue‬‬
‫‪Tunisienne des Sciences de l'Éducation, 23,1996, p. 17-36.‬‬
‫‪163‬‬
‫املالءمة الذي يعني تال م أجوسة املتعلم مع تعليمات الووعية ومعطياتها‪ ،‬ومعيار‬
‫االستعمال السليم لتقنيات التخص ‪ ،‬ومعيار االتساق الداخلي‪ .‬وسطبيعة الحال‪ ،‬هذا له‬
‫عالقة بالكفاية األساسية والكفاية النوعية‪.‬‬

‫ي‪:‬‬ ‫وعليه‪ ،‬يتضمن اختبار التقويم ثالثة شرو‬

‫‪ ‬أن يتالءم التقويم مع الكفايات املطلوسة تقويمها‪.‬‬

‫‪ ‬أن تكون الكفايات دالة ومحفزة على العمل‪.‬‬

‫‪ ‬أن تنصب الكفايات على قيم إيجابية كاملواطنة وحماية البي ة مثال‪.159‬‬

‫كما يبنى االختبار اإلدماجي علر مجموعة من املحطات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪‬تحديد الكفايات التي ينبغي تقويمها‪.‬‬

‫‪‬بناء ووعية أو ووعيتين جديدتين مالئمتين للكفاية‪.‬‬

‫‪‬ووع معايير التقويم املستقلة بشكل واض‪ ،‬ودقيق في ووء قاعدة ‪.6 /2‬‬

‫‪ ‬كتابة األسناد والتعليمات لكي تكون املهمة التي ينبغي إنجازها من قبل املتعلم‬
‫واضحة‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد مؤشرات التصحيح التي سيعتمد علوها املدرس حين تصحيح ورقة االختبار‪.‬‬

‫‪ ‬ووع شبكة التصحيح‪.‬‬

‫ومن األفضل واألجدى االكتفاء بووعية واحدة أو ووعيتين على األقل‪ ،‬وعدم تقسيم‬
‫التعليمات إلى أس لة فرعية جزئية متعددة يجعل املتعلم أمام صعوسات معرفية ومنهجية‬
‫بسبب تعدد األس لة التي قد تكون متشابهة وتابعة للتعليمة األولى أو الثانية أو الثالثة‪.‬‬
‫‪159‬‬ ‫‪-ROEGIERS, X. Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck Université.2003.‬‬
‫‪164‬‬
‫بمعنى بناء أس لة مستقلة هادفة وناجعة‪ .‬والبد من تجذير الووعية داخل سياقها التداولي‬
‫وتكون ووعية جديدة‪ ،‬ويكون اإلنتاج أصيال‪ .‬كما يجب االبتعاد عن نصوص ووثائق‬
‫وأسناد معروفة‪ ،‬فالبد أن تكون جديدة وموووعة ومن سياق جديد‪.‬‬

‫وتقوم املؤشرات بدور مهم في توفير تصحيح عادل‪ ،‬فقد يكون مؤشرا كيفيا كأن نطالب‬
‫املتعلم بتوظيف أفعال أو صفات أو أحوال أو تشابيه أو استعارات في وصفه‪ ،‬وقد يكون‬
‫مؤشرا كميا عندما نطالب املتعلم على مستوى التركيب بتوظيف ثلثي من الجمل احيحة‬
‫لكي ينال ‪.6 / 2‬‬

‫وعليه‪ ،‬فللتقويم الخاوع للمعايير واملؤشرات فوائد مهمة ‪ -‬حسب روجرز ‪ -‬ي‪:160‬‬

‫‪ ‬تكوح النق عادلة‪ .‬بمعنى أن التقويم ينصب ‪ -‬هنا‪ -‬على الكفايات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فكثير من‬
‫الراسبين في التربة التقليدية قد يكونوا ناعحين‪ .‬وكم من ناع‪ ،‬يستحق اإلخفاق في النظرية‬
‫الجديدة مادام الهدف هو التركيز على الكفايات والقدرات املهارية‪ ،‬وليس على املعلومات‬
‫وكثرة املعارف‪.‬‬

‫‪ ‬تثم ح النق اإللجابية‪ ،‬بتقويم العناصر األساسية ‪ ،‬وإظهار مواطن القوة والعناصر‬
‫اإليجابية في إنتاجات املتعلمين‪.‬‬

‫‪ ‬تحدلد هوية التلميذ الذي يستحق النجامل أو اإلخفاق‪.‬‬

‫البد من تخفيض مؤشرات التقويم لتحقيق مدرسة النجاح واألمل‪ .‬كلما زادت معايير‬
‫التقويم واع التلميذ بين هذه املؤشرات‪ .‬وسالتالي‪ ،‬ال يستطيع التحكم في األجوسة املتعددة‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬البد من االكتفاء بمؤشرين أو ثالثة‪ .‬كما يمكن االكتفاء بكفايتين أو ثالث كفايات‬
‫أساسية‪ .‬وكلما أكثرنا من مؤشرات التقويم‪ ،‬وخاصة إذا كانت مؤشرات تابعة وغير‬
‫مستقلة‪ ،‬فإننا نرتكب ظلما في حق املتعلم الذي نعاقبه مرات متعددة على الخطإ نفسه‪.‬‬
‫‪160- ROEGIERS, X :L'école et l'évaluation. Bruxelles: De Boeck Université.2004.‬‬

‫‪165‬‬
‫ومن األفضل كذلك أن يعرف املتعلم معايير التقويم لكي يستأنس بها فيعطي كل ما لديه ‪.‬‬
‫و بالتالي‪ ،‬يمكن أن يلتجئ إلى التقويم الذاتي‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬يعتمد التقويم اإلدماجي على تسطير ووعية معينة مرتبطة‬
‫بمواردها وسندها وحاملها وتعليماتها ومعاييرها ومؤشراتها التقويمية‪ .‬باإلوافة إلى ووع‬
‫شبكات التمرير‪ ،‬والتحقق‪ ،‬واملعالجة‪ ،‬والدعم‪ ،‬واالستدراك‪ .‬ومن املعروف أن املدرس‬
‫املدبر يقدم للمتعلم ثالثة أنواع من األنشطة الدراسية‪:‬‬

‫‪‬أنشطة تدر سية‪ ،‬أو ما يسمى ألضا بالوارد أو التعلمات‪ ،‬وترد في شكل معارف عقلية‬
‫وذهنية‪ ،‬أو في شكل قيم ومواقف وجدانية‪ ،‬أوفي شكل مهارات سلوكية حسية حركية‬

‫‪‬أنشطة موازية تكميلية تهدف إلى خدمة املتعلم تسلية وإفادة‬

‫‪‬الوضعيات اإلدماجية التي توظف األسناد املكتوسة واملصورة لحمل املتعلم على تعب ة‬
‫املوارد التي اكتسبها في أثناء أسابيع تعلم املوارد‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تنقسم السنة الدراسية‪ ،‬في التعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي‪ ،‬إلى أربعة وثالثين‬
‫الفعلي يطابقها ججم حصصاي من ‪3222‬إلى ‪3222‬ساعة‪.‬‬ ‫أسبوعا كامال من النشا‬
‫وتنقسم السنة الدراسية إلى أربع مراحل أو درجات ‪ .‬وتتكون كل مرحلة من ثمانية أسابيع‬
‫األسبوع األول والثاني والرابع والخامس إلرساء موارد الكفاية‪ .‬ويخص‬ ‫إذ يخص‬
‫والتوليف والدعم والتقويم أو ما يسمى كذلك‬ ‫األسبوع الثالث من كل مرحلة للرس‬
‫األسبوع السابع والثامن لإلدماج ‪ ،‬فالسابع إلنماء الكفاية‪،‬‬ ‫باإلدماج الجزئي‪ .‬بينما يخص‬
‫األسبوع الثامن لتقويمها معالجة‪ ،‬وتصحيحا ‪ ،‬ودعما‪.‬‬ ‫ويخص‬

‫‪166‬‬
‫ويستلزم تدبير الووعية اإلدماجية أن تقدم للتلميذ املتعلم مجموعة من املوارد في شكل‬
‫ووعيات مركبة متنوعة بغية استدماج كل مكتسباته املعرفية ومواقفه الوجدانية‬
‫ومهاراته الحسية الحركية من أجل إيجاد حلول مناسبة لتلك الووعيات املتدرجة في‬
‫السهولة والصعوسة ‪ .‬و ينتقل املتعلم إلى إنماء كفايته الشفوية أو الكتابية‪ ،‬بإنجاز‬
‫مجموعة من الووعيات اإلدماجية تعلما وتطبيقا بعد مجموعة من أسابيع إرساء املوارد‪،‬‬
‫والرس بين التعلمات توليفا وتقويما‪.‬‬

‫وبعد االنتهاء من اإلدماج‪ ،‬يلتجئ املدرس إلى تقويم الكفايات املستهدفة وتصحيحها في ووء‬
‫معايير الدعم املناسبة ومؤشرات التقويم اإلدماجي رغبة في إيجاد حلول عالجية داخلية‬
‫وخارجية‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يعتمد املدرس في تدبير الووعية اإلدماجية على دفتر أو كراسة الووعيات‬
‫اإلدماجية التي تتضمن مجموعة من الووعيات واألسناد والصور األيقونية والوثائق‬
‫التدريسية املرفقة بمجموعة من التعليمات وسلم التنقي ‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬هناك دليل‬

‫‪167‬‬
‫اإلدماج‪ ،‬ويشتمل على بطاقات التمرير أو االستثمار‪ ،‬وشبكات التحقق‪ ،‬وكذلك شبكات‬
‫التصحيح‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يستوجب تدبير الووعية اإلدماجية أربعة مراحل متكاملة ومتتابعة ي‪:‬‬

‫‪ ‬فهم الووعية اإلدماجية عنوانا‪ ،‬وسياقا‪ ،‬وأسنادا‪ ،‬وصورا‪ ،‬ومقصودا‪ ،‬واستيعاب‬


‫التعليمات بشكل جيد‪.‬‬

‫‪ ‬إنجاز العمل املطلوب باحترام تعليمات الووعية‪ ،‬وإنجاز العمل كما هو مطلوب‬
‫وموصوف‪ ،‬واستثمار الصور والوثائق بشكل جيد لخدمة املوووع‪.‬‬

‫‪‬التحقق من جودة اإلنتاج بالتحقق من مراعاة املواصفات‪ ،‬ومقارنة قيمة اإلنتاج‬


‫باإلنتاج املنتظر‪.‬‬

‫‪ ‬املعالجة الداخلية والخارجية تقويما وتصحيحا ودعما من أجل تطوير اإلنتاج‪ .‬وهنا‪،‬‬
‫يعتمد التصحيح الذاتي وتحسين اإلنتاج‪.‬‬

‫وتعد املعالجة الطريقة التي تدفع املتعلم إلى تحقيق النجاح الدراهاي‪ .‬ويلتجئ إلوها املدرس‬
‫أو االختبارات واالمتحانات والروائز بغية‬ ‫بعد االنتهاء من عملية تصحيح الفرو‬
‫مواطن الضعف والقوة بتمثل املعالجة الداخلية التربوية والتدريسية ‪ ،‬وتمثل‬ ‫ت خي‬
‫املعالجة الخارجية ذات الطابعين النف اي واالجتماعي‪ .‬بمعنى أن املعالجة تهدف إلى‬
‫اكتشاف األخطاء وت خيصها ووصفها وتقديم معالجة إجرائية ناجعة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تستند‬
‫املعالجة التدريسية إلى أربع مراحل‪:‬‬

‫‪ ‬الكشف عن األخطاء‪.‬‬

‫‪ ‬وصف األخطاء‪.‬‬

‫‪ ‬البحث عن مصادر الخطإ‪.‬‬


‫‪168‬‬
‫‪ ‬تيهئ عدة املعالجة‪.‬‬

‫ويعني هذا أن املصح‪ ،‬أو املقوم يبدأ بتحديد األخطاء التي ارتكبها املتعلم في موووعه‬
‫حسب سياقها ومظانها‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬يصف األخطاء املرصودة في اإلنتاج ال خصاي‪،‬‬
‫فيصنفها إلى أنواع‪ ،‬مثل‪ :‬أخطاء صوتية‪ ،‬وأخطاء إمالئية‪ ،‬وأخطاء صرفية‪ ،‬وأخطاء‬
‫داللية‪ ،‬وأخطاء تركيبية‪ ،‬وأخطاء تداولية‪...‬وسالتالي‪ ،‬يحدد مواطن الضعف والقوة لدى‬
‫املتعلم بالبحث عن أسباب هذه األخطاء متسائال عن مصدرها‪ :‬هل ترجع إلى مصدر داخلي‬
‫تدري اي وترسوي أم إلى مصدر خارجي نف اي واجتماعي؟! بمعنى البحث عن عوامل ذاتية‬
‫وموووعية‪.‬‬

‫والتعثرات‬ ‫وفي األخير‪ ،‬يقترح مجموعة من اإلستراتيجيات لتجاوز هذه األخطاء والنواق‬
‫التي قد ترتب باملدرس أو املتعلم أو بالنظام التربوي العام‪ .‬وال تتم املعالجة إال إذا تكرر‬
‫الخطأ مرات عدة‪.‬أما الذي يقوم باملعالجة‪ ،‬فقد يكون املدرس نفسه‪ ،‬أو املتعلم نفسه في‬
‫إطار التصحيح الذاتي‪ ،‬أو تلميذ خر ‪ ،‬أو قد يكون أخصائيا نفسانيا أو أخصائيا اجتماعيا‬
‫أو مسحقا إداريا أو ترسويا ‪ ،‬وقد يلتجئ كذلك إلى وسائل اإلعالم وال جالت الذاتية واللرامظ‬
‫الرقمية ‪...‬‬

‫ومن أهم اإلستراتيجيات في املعالجة أنه يمكن االعتماد على‪:‬‬

‫‪ ‬التغذية الراجعة أو الفيدباك لتصحيح العملية التدريسية‪ ،‬وسد غراتها املختلفة‬


‫واملتنوعة‪ ،‬وتفادي نواقصها وعيوبها سواء أقام بتلك التغذية الراجعة املدرس أم التلميذ‬
‫نفسه اعتمادا على أدلة التصحيح‪.‬‬

‫‪ ‬املعالجة بالتكرار أو بالعمليات التكميلية‪.‬أي‪ :‬بمراجعة املكتسبات السابقة‪ ،‬وإوافة‬


‫تمارين تكميلية مساعدة للتقوية وتثبيت املعارف والقواعد األساسية‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫‪ ‬تمثل منهجيات تعلمية جديدة كمنهجية اإلدماج‪ ،‬ومنهجية االستكشاف‪ ،‬واالعتماد‬
‫على التعلم الذاتي‪ ،‬وتمثل التعلم النسقي‪.‬‬

‫كتوفير الحياة املدرسية داخل املؤسسة‪،‬‬ ‫األساسية‪161‬‬ ‫‪ ‬إجراء تغييرات في العوامل‬


‫وإعادة توجيه املتعلم من جديد‪ ،‬وتغيير فضاء املدرسة‪ ،‬وخلق أجواء مؤسساتية‬
‫ديمقراطية ‪ ،‬واالستعانة باألسرة أو علماء النفس واالجتماع والطب لتغيير العوامل‬
‫السلبية التي يعيشها املتعلم في ظلها‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬يتبين لنا ‪ -‬مما سبق ذكره‪ -‬أن املقارسة بالكفايات ي التي تنصب على‬
‫ُ‬
‫املتعلم‪ ،‬وتعنى بتطوير الكفايات والقدرات لديه بووعه أمام الووعيات‪ -‬املشكالت التي‬
‫تستوجب حال ناجعا انطالقا من سياق ما‪ .‬بمعنى أن املقارسة بالكفايات ي مقارسة ترسوية‬
‫جديدة تعطي األولوية للمتعلم الذي يملك القدرة على اكتساب املعارف واملوارد التي ينبغي‬
‫توظيفها في أثناء مواجهته للووعيات الصعبة واملعقدة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تهدف هذه املقارسة التربوية املعاصرة إلى تكوين متعلم كفء يعرف كيف يستثمر‬
‫املعرفة ويوظفها‪ ،‬ويعرف كيف ينمي تفكيره بطريقة ميتامعرفية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ال تهتم هذه‬
‫املقارسة باملحتويات واملعارف كما هو حال املدرسة التقليدية بقدر ما تهتم بالكيف والوعي‬
‫بطريقة اكتساب املعارف واملهارات واملواقف والكفايات التواصلية والثقافية واملنهجية‪.‬‬
‫ويعني هذا أن املقارسة بالكفايات ترس الكفايات بالووعيات داخل سياق تداولي ما‪.‬‬

‫وأهم إيجابية تمتاز بها هذه املقارسة التربوية هو إعادة النظر في مقاييس التقويم واالختبار‪،‬‬
‫واالستعانة بالتقويم اإلدماجي الكفائي في الحكم على الكفاءات والقدرات التعلمية‪ .‬ومن‬
‫مزايا هذه املقارسة كذلك أنها تتبع الحياة ال خصية للمتعلم طوال مساره الدراهاي‪ ،‬فتقيم‬

‫‪ -161‬انظر‪ :‬بيدايوجيا اإلدماج‪ ،‬ص‪.326:‬‬


‫‪170‬‬
‫عالقة تفاعلية إيجابية بين املتعلم واملعلم بتجذير النشا التعلمي في الحياة ال خصية‬
‫للمتعلم‪.‬فضال عن التركيز على ماهو كيفي‪ ،‬ومنهجي‪ ،‬ومهاري‪.‬‬

‫بيد أنه اليمكن تطبيق هذه املقارسة في األقسام التعليمية املكتظة بالتالميذ‪ .‬واليمكن أيضا‬
‫تمثلها في الفصول الدراسية العادية التي فوها تعدد في الفوارق الفردية الناتجة عن سياسة‬
‫الخريطة املدرسية ‪ .‬ويتعذر أيضا تطبيقها في األقسام املشتركة كما هو الشأن في املغرب‪.‬‬
‫كما تستوجب هذه املقارسة أن يحضر املدرس الكفائي مجموعة من الووعيات الصعبة‬
‫التي تتناسب مع مستوى املتعلم‪ .‬ناهيك عن تعقد مساطير التقويم اإلدماجي بالنسبة‬
‫للمدرس‪ .‬كما أن الحاجة ماسة إلى تكوين املدرس في إطار هذه البيداغوجيا تكوينا كفائيا‬
‫حقيقيا ومنتجا ومبدعا وهادفا حيث يصبح املدرس موجها ومرشدا ومحضرا للووعيات‬
‫اإلدماجية‪ ،‬وليس معلما أو ملقنا أو مالكا للمعرفة املوسوعية التي يريد أن ي حن بها عقل‬
‫املتعلم كما‪ ،‬وليس كيفا‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬طلية التدب ر‪:‬‬


‫يقصد بالتدبير (‪ ) Management/Gestion‬مجموعة من التقنيات التي تستعملها‬
‫مؤسسة‪ ،‬أو منظمة‪ ،‬أو مقاولة‪ ،‬أو شركة‪ ،‬لتحقيق أهدافها العامة والخاصة‪ .‬وتتمثل هذه‬
‫التقنيات في التخطي ‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتنسيق‪ ،‬والقيادة‪ ،‬واملراقبة‪ .‬وقد يعني التدبير‬
‫مجموعة من األشخاص الذين يديرون اإلدارة‪ ،‬أو املقاولة‪ ،‬أو املؤسسة‪ ،‬أو املنظمة‪ ،‬سواء‬
‫أكانوا مديرين‪ ،‬أم مدبرين‪ ،‬أم أطرا‪ ،‬أم مسيرين‪ ،‬أم موجهين‪...‬‬

‫وسصفة عامة‪ ،‬يعني التدبير مجمل التقنيات التي تعتمدها اإلدارة لتنفيذ أعمالها وتصريفها‪.‬‬
‫وغالبا‪ ،‬ما يتخذ التدبير طابعا كميا باعتماده على املعايير الكمية القائمة على اإلحصاء‬
‫الرياضاي واملحاسباتي‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يعني التدبير مجموعة من القواعد التي تتعلق بقيادة املقاولة االقتصادية‬
‫وتنظيمها وتسيير دفتها‪ .‬أي‪ :‬إن مفهوم التدبير مفهوم اقتصادي بامتياز‪ ،‬يرتب كل االرتبا‬
‫بتسيير الشركات واملقاوالت‪ .‬وسالتالي‪ ،‬فالتدبير بمثابة إدارة شاملة ملؤسسة أو مقاولة أو‬
‫منظمة ما تعمل جادة لتحقيق الجودة املطلوسة وفق مجموعة من املباد املتدرجة‬
‫واملتالحقة واملتكاملة التي تتمثل في‪ :‬التخطي ‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتنسيق‪ ،‬والقيادة‪ ،‬واملراقبة‪.‬‬

‫ولم يقتصر التدبير على ماهو اقتصادي ومقاوالتي وإداري فق ‪ ،‬بل تجاوز ذلك إلى ماهو‬
‫ترسوي وتعليمي بالتركيز على املشاريع التربوية‪ ،‬وتدبير عملية التكوين‪ ،‬واالهتمام بمختلف‬
‫التعلمات في سيرورتها التدريسية القائمة على املدخالت (األهداف والكفايات ) ‪ ،‬والسيرورة‬
‫(املضامين‪ ،‬والطرائق‪ ،‬والوسائل)‪ ،‬واملخرجات(التقويم‪ ،‬والتغذية الراجعة‪ ،‬واملعالجة‪،‬‬
‫والدعم)‪.‬‬

‫وإذا كان التخطي تصورا نظريا استشرافيا ‪ ،‬فإن التدبير تنفيذ وإنجاز وتطبيق لهذه‬
‫الخطة النظرية التنبؤية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول محمد أمزيان‪:‬‬

‫" إن التدبير مرحلة التطبيق الفعلي لسخط واللرامظ‪ ،‬ويتم خاللها تدبير ووعيات التعليم‬
‫والتعلم‪.‬كما يتم أيضا بناء الووعيات التي تسمح بنقل املعارف والخلرات والقيم‬
‫للمستفيدين وفق خطة محكمة‪.‬‬

‫ولسحكم على جودة هذه املرحلة‪ ،‬يتم تقويم نوعية الووعيات املهنية املتبناة لنقل املعرفة‪،‬‬
‫وكذا طبيعة الوسائل أو الشرو املتوفرة‪ ،‬ثم املوارد املوجودة ملتابعة نتائظ عملية التكوين‬
‫أو إعادة التكوين ورصدها‪162".‬‬

‫‪ -162‬محمد أمزيان‪ :‬تدب ر جودة التعليم‪ ،‬مطبعة أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2223‬م‪ ،‬ص‪.326:‬‬
‫‪172‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فالتدبير هو التخطي املعقلن ‪ ،‬وترصد العواقب قبل اإلقدام على فعل (ايء ما‪،‬‬
‫والتفكير في األمور بجدية وعقالنية‪ .‬وقد ورد التدبير في القر ن الكريم بمعنى تدبر املعنى‬
‫فهما وتفسيرا وتأويال كما ذهب إلى ذلك ابن كثير في كتابه ( تفس رالقرطح العظيم)‪ .‬وفي هذا‬
‫الصدد‪ ،‬يقول ابن كثير في تفسير هذه الكلمة‪:‬‬

‫" قد قال تعالى‪ ﴿:‬أفال يتدبرون القر ن ولو كان من عند غير ت لوجدوا فيه اختالفا كثيرا"‪،‬‬
‫عنه‪ ،‬وعن تفهم معانيه‬ ‫يقول تعالى مرا لهم بتدبر القر ن‪ ،‬وناهيا لهم عن اإلعرا‬
‫املحكمة وألفاظه البليغة‪163﴾...‬‬

‫وعليه‪ ،‬فالتدبير‪ ،‬في مدلوله اللغوي‪ ،‬بمعنى إعمال النظر والفكر‪ ،‬وتوقع العواقب قبل‬
‫اإلقدام علوها حذرا واحترازا واجتنابا‪.164‬‬

‫أما التدبير من حيث االصطالح‪ ،‬فهو عبارة عن مجموعة من العمليات والتقنيات واآلليات‬
‫والخط اإلجرائية التي يعتمد علوها املدبر لتنفيذ األنشطة والتعلمات واملشاريع في إطار‬
‫زمكاني معين انطالقا من كفايات وأهداف محددة‪ ،‬واعتمادا كذلك على مجموعة من‬
‫املوارد والطرائق والوسائل سواء أكانت مادية أم معنوية‪.‬‬

‫و تؤدي كلمة التدبير (‪ ،)Management/Gestion‬في املعاجم والقواميس األجنبية‪ ،‬املعاني‬


‫نفسها التي تؤديها في اللغة العرسية حيث تدل هذه الكلمة على القيادة‪ ،‬والتخطي ‪،‬‬
‫والتسيير‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والقيادة‪ ،‬واملراقبة‪ ،‬والهدف من ذلك كله هو تحقيق الجودة‬
‫والفعالية ‪.‬‬

‫‪ -163‬ابن كثير‪ :‬تفس رالقرطح العظيم‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬طبعة ‪3666‬م‪ ،‬ص ‪.623-623:‬‬

‫‪ -164‬خالد الصمدي‪ :‬مصطلحات تعليمية من التراث اإلسالمي‪ ،‬منشورات املنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم‬
‫والثقافة ‪ -‬إيسيسكو‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2220‬م‪ ،‬ص‪.303:‬‬
‫‪173‬‬
‫وينبني التدبير التربوي على مجالين مهمين هما‪ :‬تدبير املشاريع التربوية‪ ،‬وتدبير التكوين‪.‬‬
‫ويقصد باملشروع مجموعة من املهام التي لها أهداف معينة‪ .‬بمعنى أن املشروع ينصب على‬
‫إنجاز مهمة أو نشا أو عمل ترسوي وفق مجموعة من األهداف املسطرة‪ .‬عالوة على توفر‬
‫ُ‬
‫مجموعة من اإلمكانات البشرية‪ ،‬واملادية‪ ،‬واملالية‪ ،‬واملعنوية‪ .‬وتنجز هذه املهام بطريقة‬
‫مرنة ‪ ،‬في فضاء معين‪ ،‬وفي زمان محدد‪ ،‬وسوسائل مناسبة‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما تكون املشاريع التربوية‬
‫مشاريع ثقافية‪ ،‬وتعليمية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬وسيئية‪ ،‬وفنية‪ ،‬وإعالمية ‪ ،...‬يستفيد منها املتعلم‬
‫واملعلم على حد سواء‪ .‬وتخضع هذه املشاريع لخطة مقننة ‪ ،‬وتحوي األهداف والكفايات‪،‬‬
‫والعمليات‪ ،‬واملخرجات التقويمية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يعرف املشروع التربوي مجموعة من املراحل‪ ،‬مثل‪ :‬تدبير املدخالت‪ ،‬وتدبير‬
‫العمليات‪ ،‬وتدبير املخرجات‪ ،‬وتدبير املخاطر‪ ،‬وهذا كله من أجل تحقيق الجودة الحقيقية‬
‫والفعالة‪165.‬‬

‫أما تدبير التكوين‪ ،‬فيقصد به ووع خطة متقنة وجيدة لتأهيل املتدرسين واملوارد البشرية‬
‫في ووء مجزوءات إجبارية وتكميلية وداعمة لتمهيرهم بكفاءات مهنية وقدرات حرفية كأن‬
‫نزود هؤالء بمهارات وقدرات معرفية في مجال التربية العامة والخاصة‪ ،‬أو نمكنهم بتليات‬
‫البحث التربوي وطرائق التدريس‪ ،‬أو نقدم لهم معلومات تشريعية تتعلق بالوظيفة‬
‫العمومية‪...‬ويعني هذا كله أن التدبير التربوي يهتم باملوارد البشرية من حيث التخطي ‪،‬‬
‫والتوظيف‪ ،‬والتعيين‪ ،‬بعد عمليات االستقطاب‪ ،‬واالختيار‪ ،‬واالنتقاء‪ .‬عالوة على تحليل‬
‫العمل وتوزيعه وتخصيصه‪ ،‬وتوصيف الوظيفة بكل مكوناتها ‪ ،‬وترتيبها ترتيبا هرميا في شكل‬
‫ساللم ودرجات ورتب‪ ،‬وتدريب املوظفين وتكوينهم وفق معايير الجودة‪ ،‬وتأهيلهم تأهيال‬
‫كفائيا‪ ،‬وتقويم أدائهم تقويما قبليا‪ ،‬وتكوينيا‪ ،‬وإجماليا‪ ،‬وإدماجيا‪ ،‬وإشهاديا‪ ،‬وتنمية‬
‫مسارهم الوظيفي بشكل مستمر‪.‬‬

‫‪ -165‬محمد أمزيان‪ :‬نفسه‪ ،‬ص ‪.363-322:‬‬


‫‪174‬‬
‫واليمكن الحديث عن التدبير التربوي إال في ووء سياسية تخطيطية تنبؤية‪ ،‬ووجود‬
‫املكونين األكفاء‪ ،‬وعدة التكوين‪ ،‬وتوفر اإلمكانات البشرية واملادية واملالية بغية تحقيق‬
‫الكفايات النمائية واملستعروة‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فالتدبير التربوي الناجع هو الذي ينصب على تدبير التكوين‪ ،‬وتدبير املشاريع‪ .‬وأكثر‬
‫من هذا فالتدبير التربوي هو مجموعة من التقنيات التي يلتجئ إلوها املكون في عملية‬
‫التكوين لتحقيق أهدافه‪ ،‬وتنمية الكفايات املكتسبة‪...‬‬

‫وأكثر من هذا يهتم التدبير التربوي بتكوين األطر‪ ،‬وإيجاد املنا ا والتقنيات املناسبة‬
‫والكفيلة لحل املشاكل املعقدة‪ ،‬ومواجهة الووعيات اإلدماجية املستعصية‪ ،‬وتدبير‬
‫الفضاء الزمكاني لتوفير حياة مدرسية سعيدة بالتركيز على عمليات التخطي ‪ ،‬والتنظيم‪،‬‬
‫والتنسيق‪ ،‬واملراقبة‪ ،‬والتقويم‪ ،‬وتدبير الندوات والدروس واملشاريع املشتركة‪ .‬فضال عن‬
‫تدبير األقسام املشتركة‪ ،‬وتدبير التعليم األولي‪ ،‬وتدبير املعوقين أو ذوي الحاجيات الخاصة‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ُ ،‬يعنى التدبير التربوي بالتعليم املصغر‪ ،‬وتدبير البحوث التربوية‪ ،‬وتدبير‬
‫التعلمات‪ ،‬وتدبير العمل الجماعي في ووء معطيات علم النفس االجتماعي‪ ،‬أو ديناميكية‬
‫الجماعات‪ ،‬وتدبير التنشي وفق الطرائق البيداغوجية الحديثة أو الفعالة‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بتدبير العملية التعليمية ‪ -‬التعلمية‪ ،‬فهو يهتم ببناء ووعيات تعليمية‪-‬‬
‫تعلمية تطبيقية في مدة معينة‪ ،‬وتدبيرها في مستوى دراهاي معين‪ ،‬أو ومن مستويات‬
‫دراسية مختلفة من مستويات املدرسة االبتدائية أو اإلعدادية أو التأهيلية إما داخل فصل‬
‫دراهاي أحادي‪ ،‬وإما داخل فصل دراهاي مشترك‪ ،‬اعتمادا على مجموعة من الوثائق‬
‫واللرامظ الرسمية باستعمال أشكال التنفيذ وفق مقارسات متنوعة ومختلفة‪ ،‬مثل‪ :‬املقارسة‬
‫اإلبداعية‪ ،‬واملقارسة باملضامين‪ ،‬واملقارسة باألهداف‪ ،‬واملقارسة بالذكاءات املتعددة‪ ،‬واملقارسة‬
‫بامللكات‪ ،‬واملقارسة بالكفايات و اإلدماج‪...‬‬

‫‪175‬‬
‫ويعني هذا أن التدبير التدري اي هو بناء الدرس في شكل ووعيات تعلمية وإدماجية حسب‬
‫مقاطع فضائية وزمانية معينة بالتركيز على مجموعة من األنشطة التي يقوم بها املعلم‬
‫واملتعلم معا وفق طرائق بيداغوجية ووسائل ديدكتيكية معينة بتمثل معايير ومؤشرات‬
‫محددة في التقويم واملعالجة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ينصب التدبير التدري اي على تدبير الفصل الدراهاي‪ ،‬وتدبير التعلمات وفق‬
‫مقارسات مختلفة‪ .‬لذا‪ ،‬يبدو أن َمهمة تدبير الفصل الدراهاي مهمة مركبة تتطلب من‬
‫املدرس قدرات متعددة سواء تعلق األمر بتنظيم ووعيات التعلم‪ ،‬أم بتدبير التعلمات‪ ،‬أم‬
‫بتحفيز املتعلمين‪ ،‬أم بضب القسم‪ .‬وسالتالي‪ ،‬يشكل تدبير التعلمات جانبا من جوانب‬
‫تدبير الفصل الدراهاي‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يهتم التدبير الديدكتيكي بالووعيات التعليمية‪ -‬التعلمية وفق مقاطعها املتنوعة‬
‫واملختلفة كأن يكون مقطعا دراسيا ابتدائيا‪ ،‬أو وسطيا‪ ،‬أو نهائيا‪ .‬كما ينبني هذا التدبير على‬
‫فلسفة األهداف والكفايات اإلدماجي سواء أكانت نمائية أم مستعروة من خالل االنفتاح‬
‫على تقنيات التربية الخاصة وعلوم التربية تخطيطا‪ ،‬وتنظيما‪ ،‬وتنسيقا‪ ،‬وقيادة‪ ،‬وتقويما‪.‬‬

‫أوال‪ ،‬الناهج والقررات الدراسية‪:‬‬

‫يتضمن املحتوى التدري اي ما يقدم للمتعلم من مضامين وقيم وخلرات وتجارب ومعارف‬
‫ومعلومات مهمة تنفعه في حياته اليومية أو املهنية أو املستقبلية‪ .‬وإذا كانت املدرسة‬
‫التقليدية مدرسة مضامين بامتياز حيث كانت تركز كثيرا على املعرفة والكم املعلوماتي‪،‬‬
‫فإن املدرسة الحديثة مدرسة أهداف‪ ،‬ومهارات‪ ،‬وكفايات منهجية وتواصلية وثقافية‪.‬‬
‫بمعنى أن املعرفة لم تعد الشاغل األساس بالنسبة للمتعلم‪ ،‬فهناك ما هو أهم منها‬
‫كاملهارات والقدرات الكفائية ألن املعارف واملعلومات تتغير‪ ،‬في عاملنا اليوم‪ ،‬بسرعة مذهلة‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫وتتجسد املضامين في مجموعة من املرجعيات التربوية‪ ،‬مثل ‪ :‬املنهاج الذي يعلر عن فلسفة‬
‫الدولة في التعليم والتربية‪ .‬وهو عبارة عن أهداف وغايات عامة تهدف إلى تكوين مواطن‬
‫صال‪ ،‬متعلم وقادر على مواجهة الووعيات الصعبة واملعقدة في حياته الدراسية‬
‫والواقعية‪ .‬بمعنى أن املنهاج املدرهاي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية والتعليم‪.‬‬
‫وتتأثر فلسفة املنهاج بالظروف املحلية والدولية على الصعيد السياهاي‪ ،‬واالجتماعي‪،‬‬
‫واالقتصادي‪ ،‬والثقافي‪ ،‬والديني ‪...‬في حين‪ ،‬يعد اللرنامظ أقل عمومية من املنهاج‪ ،‬وأكثر‬
‫تجريدا من املقرر التعليمي‪ .‬بمعنى أن اللرنامظ يتضمن محتويات وقيما وعناوين ومضامين‬
‫عامة غير مفصلة بشكل إجرائي‪ ،‬وتستمد خلراتها من فلسفة املنهاج‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تتحول‬
‫مضامين هذا اللرنامظ إلى مقررات دراسية خاصة بكل مادة معينة‪ ،‬وتكون هذه املقررات‬
‫مفصلة‪ ،‬وأكثر خصوصية وإجرائية‪.‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬ترتب املحتويات واملضامين باألهداف العامة والخاصة‪ .‬كما تنطلق أيضا‬
‫من املقارسة بالكفايات واإلدماج بعد أن كانت املدرسة التقليدية تلقن معارفها للمتعلمين‬
‫دون أن يكون لها منطلق فلسفي أو أهداف معينة‪ ،‬أو تصدر عن مقصدية كفائية واعية‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فاملحتويات ‪ -‬حسب محمد الدريظ‪ " -‬ي كل الحقائق واألفكار التي تشكل الثقافة‬
‫السائدة في مجتمع معين وفي حقبة معينة‪.‬إنها مختلف املكتسبات العلمية واألدبية‬
‫والفلسفية والدينية والتقنية وغيرها مما تتألف منه الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ومما تزخر به‬
‫الثقافات الشعبية املحلية في كل البقاع‪ ،‬والتي تصنف في النظام الدراهاي إلى مواد مثل‪:‬‬
‫اللغة والحساب والتاريق والجغرافيا‪...‬إلخ‪ .‬على أن اختيار مادة دون غيرها أو قسطا منها‬
‫دون سواه يتم بناء على الغايات واألهداف املتوخاة‪ .‬في حين‪ ،‬يبق تنظيم املحتوى رهينا‬

‫‪177‬‬
‫بمتطلبات العملية التعليمية ذاتها وسأشكال العمل الديداكتيكي ‪.‬أي‪ :‬ما يصطس‪ ،‬على‬
‫تسميته بطرق التدريس"‪.166‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬تخضع املحتويات واملضامين الدراسية ملجموعة من املقاييس‪ ،‬مثل‪ :‬مقياس‬
‫االختيار‪ ،‬ومقياس التنظيم‪ ،‬ومقياس التصنيف‪ ،‬ومقياس الوحدة أو الفروع‪ ،‬ومقياس‬
‫التدرج‪ ،‬ومقياس التنويع‪ ،‬ومقياس املدخالت‪ ،‬ومقياس املستويات‪ ،‬ومقياس الثقافة‪،‬‬
‫ومقياس علم النفس العقلي والنمائي‪ ،‬ومقياس التقويم‪ ،‬واملقياس املنهجي‪ ،‬واملقياس الكمي‬
‫والكيفي‪ ،‬ومقياس التوزيع‪ ،‬ومقياس التخطي ‪ ،‬ومقياس التدبير‪...‬‬

‫وإذا كانت املدرسة التقليدية تختار املحتويات على أساس معرفي كمي ومضموني‪ ،‬وتعد‬
‫املعارف ي األساس في العملية التعليمية فإن املدرسة الحديثة تنطلق من األهداف‬
‫والكفايات واملهارات وعلم النفس النمائي في ووع املحتويات وتقديمها للمتعلم‪.‬وفي هذا‬
‫الصدد‪ ،‬يقول محمد الدريظ‪:‬‬

‫" إننا بدأنا نشاهد في السنوات األخيرة محاوالت الختيار املواد الدراسية‪ ،‬وتنظيمها بناء على‬
‫مقاييس أخرى أكثر ان جاما‪ ،‬متمشيا مع ما لت إليه املجتمعات املعاصرة‪ ،‬ومع وتيرة‬
‫التقدم العلمي‪ .‬من هذه املقاييس مقياس اختيار مادة التعليم وفق األهداف املرسومة‪،‬‬
‫وفي ان جام تام مع الغايات املحددة‪.‬‬

‫ومن مقاييس اختيار املواد وتنظيم محتوياتها وتوزيعها على املستويات‪ ،‬هناك االختيار الذي‬
‫يرتكز على حقائق علم النفس‪ ،‬وخاصة علم النفس النمائي ونظريات التعلم وغيرها من‬
‫املقررات من معطيات ثمينة عن شخصية‬ ‫الفروع‪ ،‬التي تمكن واوع اللرامظ ومخط‬
‫التالميذ وقدراتهم العقلية وميوالتهم النفسية ومراحل النمو التي يخضعون لها‪...‬وهكذا‪،‬‬

‫‪ -166‬محمد الدريظ‪ :‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬طبعة ‪3600‬م‪،‬‬
‫ص‪.36:‬‬
‫‪178‬‬
‫يتم مراعاة الفترة املناسبة من مراحل نمو ال خصية لتقديم مجموعة من املعارف‬
‫واملهارات‪ .‬كما قد يتم تحديد املواد ومحتوياتها بناء على الثقافة السائدة في املجتمع‪،‬‬
‫ي ومتطلبات التنمية‪167"...‬‬ ‫وانطالقا من حاجياته وحاجيات التكوين امل‬
‫ُ‬
‫وعليه‪ ،‬تبنى املقررات واملضامين واملحتويات الدراسية في املدرسة الحديثة واملعاصرة على‬
‫أساس علمي موووعي قائم على مكتسبات علم النفس العقلي واالرتقائي ‪ ،‬ويبنى كذلك‬
‫على أساس األهداف والكفايات اإلدماجية‪.‬‬

‫‪‬النهاج التربوي‪:‬‬

‫إذا تصفحنا املعاجم والقواميس اللغوية للبحث عن مدلول املنهاج أو املنها‪ ،‬فسنجد‬
‫شبكة من الدالالت اللغوية التي تحيل على الخطة‪ ،‬والنها‪ ،‬واملسلك‪ ،‬والتصميم‪،‬‬
‫والطريقة‪ ،‬والهدف البين‪ ،‬والسير الواض‪ ،،‬والصرا املستقيم‪ .‬وفي هذا‪ ،‬يقول ابن منظور‬
‫في(لساح العرب)‪:‬‬

‫" نها‪ :‬طريق نها‪ :‬بين واض‪ ،‬وهو النها‪ ،‬والجمع نهجات ونها ونهوج‪ ...‬وطرق نهجة وسبيل‬
‫منها‪ :‬كنها‪ .‬ومنها الطريق‪ :‬وضحه‪ .‬واملنهاج‪ :‬كاملنها‪ .‬وفي التنزيل‪:‬لكل جعلنا منكم شرعة‬
‫‪.‬وأنها الطريق‪ :‬وض‪ ،‬واستبان وصار نهجا واضحا بينا‪...‬‬ ‫ومنهاجا‬
‫أي تعين وتقوي‪ .‬واملنهاج‪ :‬الطريق الواض‪ .،‬واستنها الطريق‪ :‬صار نهجا‪ .‬وفي حديث‬
‫العباس‪:‬لم يمت رسول ت ‪ -‬صلى ت عليه وسلم ‪ -‬حتى ترككم على طريق نا جة‪ ،‬أي‬
‫واضحة بينة‪ .‬ونهجت الطريق‪ :‬أبنته وأوضحته‪ .‬يقال‪ :‬اعمل على ما نهجته لك‪ .‬ونهجت‬

‫‪ -167‬محمد الدريظ‪ :‬تحليل العملية التعليمية‪ ، ،‬ص‪.32:‬‬


‫‪179‬‬
‫الطريق‪ :‬سلكته‪ .‬وفالن يستنها سبيل فالن أي يسلك مسلكه‪.‬والنها‪ :‬الطريق املستقيم‪.‬‬
‫ونها األمر وأنها‪ ،‬لغتان‪ ،‬إذا وض‪"168.،‬‬

‫ويعني هذا أن املنهاج عبارة عن مسلك أو تصميم أو طريقة واضحة املدخالت واملخرجات‪.‬‬
‫وهو أيضا عبارة عن خطة واضحة الخطوات واملراقي‪ ،‬تنطلق من البداية نحو النهاية علر‬
‫العمليات اإلجرائية التطبيقية‪ .‬ويعني هذا أن املنها ينطلق من مجموعة من الفرويات‬
‫واألهداف والغايات‪ ،‬ويمر علر سيرورة من الخطوات العملية واإلجرائية قصد الوصول إلى‬
‫نتائظ ملموسة ومحددة بدقة مضبوطة‪.‬‬

‫ويقصد باملنهاج‪ ،‬في مجال التربية والتعليم‪ ،‬ذلك املخط العام الذي يعلر عن فلسفة‬
‫الدولة في التعليم والتربية‪ .‬وهو عبارة عن فلسفة سياسية وغايات عامة تهدف إلى تكوين‬
‫مواطن صال‪ ،‬متعلم وقادر على مواجهة الووعيات الصعبة واملعقدة في حياته الدراسية‬
‫والواقعية‪ .‬بمعنى أن املنهاج املدرهاي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية والتعليم‪.‬‬
‫وتتأثر هذه الفلسفة بالظروف املحلية والدولية على الصعيد السياهاي‪ ،‬واالجتماعي‪،‬‬
‫واالقتصادي‪ ،‬والثقافي‪ ،‬والديني‪...‬‬

‫وعليه‪ ،‬فاملنهاج هو خطة العمل في املجال التربوي والتعليمي‪ ،‬ويشمل أنواع الخلرات‬
‫والدراسات والتجارب واملهارات واملواقف التي توصلها املدرسة إلى التالميذ واملتعلمين‪.‬‬
‫بمعنى أن املنهاج هو تصور مستقبلي استشرافي في مجال التربية والتعليم‪ ،‬هدفه هو تنظيم‬
‫املدرسة من جهة‪ ،‬وتوجيه العملية التعليمية‪-‬التعليمية من جهة أخرى‪ ،‬أو هو بمثابة نوع‬
‫والتشريع والقوانين التي تنظم التربية بصفة عامة‪ ،‬والعملية التدريسية‬ ‫من التخطي‬
‫بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪ - 168‬ابن منظور‪ :‬لساح العرب‪ ،‬حرف النون‪ ،‬مادة نها‪ ،‬الجزء الرابع عشر‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪180‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬يستند املنهاج التربوي التعليمي إلى مجموعة من الغايات الكلرى واألهداف‬
‫البعيدة التي تريدها الدولة من‬ ‫العامة‪ ،‬أو مجموعة من التوجهات واملرامي واألغرا‬
‫التربية‪ .‬بتعبير خر‪ ،‬الغايات ي فلسفة الدولة في مجال التربية والتعليم‪ ،‬وتتجسد في‬
‫املنهاج ‪ ،‬كأن نقول‪ " :‬أن يكون املتعلم مواطنا صالحا"‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملنهاج عبارة عن الغايات‬
‫واملرامي الفلسفية والطموحات املستقبلية البعيدة التي تتسم بالغمو ‪ ،‬والتجريد‪،‬‬
‫والعمومية‪ .‬ويعرف محمد الدريظ غايات املنهاج بقوله‪:‬‬

‫" إن الغايات ي غايات ألهداف تعلر عن فلسفة املجتمع‪ ،‬وتعكس تصوراته للوجود‬
‫والحياة ‪ ،‬أو تعكس النسق القيمي السائد لدى جماعة معينة وثقافية معينة‪ ،‬مثل قولنا‪":‬‬
‫على التربية أن تنمي لدى األفراد الروح الديمقراطية"‪ ،‬أو "على املدرسة أن تكون مواطنين‬
‫مسؤولين"‪ ،‬أو " على املدرسة أن تمحو الفوارق االجتماعية‪..."...‬إلخ‪ .‬فهذه أهداف عامة‬
‫تتمووع على املستوى السياهاي والفلسفي العام ‪ ،‬وتس ى إلى تطبيع الناش ة بما تراه‬
‫مناسبا لسحفاظ على قيم املجتمع ومقوماته الثقافية والحضارية‪"169.‬‬

‫ويهدف منهاج التعليم االبتدائي إلى تكوين متعلم صال‪ ،‬قادر على حل الووعيات واملشاكل‬
‫التي تجابهه في الحياة‪ ،‬بعد أن يكون قد اكتسب مجموعة من القدرات واملهارات واملواقف‬
‫التي تؤهله للتكيف مع الواقع وتغييره بصورة أفضل‪ ،‬والحفاظ على قيم املجتمع وثوابته‬
‫وعاداته وأعرافه وقوانينه‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ " ،‬ينبغي أن يعمل املنهاج على تحقيق أهداف نوع معين من التعليم ‪ ،‬ما دمنا بصدد‬
‫الحديث عن املدرسة االبتدائية‪ ،‬فيجب أن تعمل املنا ا على تحقيق أهداف هذه املدرسة‬
‫‪ .‬وتعتلر املدرسة االبتدائية مرحلة قائمة بذاتها‪ .‬بمعنى أنها ليست إعدادا للمرحلة الثانوية‪،‬‬
‫ولكنها الحد األدن من التعليم الذي يجب أن يحصل عليه كل مواطن حتى يستحق صفة‬

‫‪ -169‬محمد الدريظ‪ :‬تحليل العملية التعليمية ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪3606‬م‪ ،‬ص‪.63:‬‬
‫‪181‬‬
‫املواطنة ‪ ،‬فمنهاج املدرسة االبتدائية على هذا األساس يجب أن يعمل على تكوين املواطن‬
‫الصال‪ ،‬الذي يعرف حقوقه وواجباته‪ ،‬ويستطيع املحافظة على احته‪ ،‬وحل مشاكله‬
‫بنفسه‪ ،‬واستغالل وقت فراغه استغالال مفيدا‪ ،‬وممارسة حقوقه كمواطن‪ ،‬والشعور‬
‫بالوالء نحو الدولة‪ ،‬واحترام القانون‪170"...‬‬

‫ويرتب املنهاج بالغايات واملرامي الكلرى حيث تعد الغايات أهدافا ترسوية كلرى تختل‬
‫بالسياسة العامة للدولة‪.‬وغالبا‪ ،‬ما تكون أهدافا عامة‪ ،‬ومجردة‪ ،‬وفضفاوة‪.‬ومن ثم‪،‬‬
‫الذي يرمي إليه التعليم‪ ،‬وما‬ ‫يعكس املنهاج فلسفة الدولة وغاياتها وطموحاتها والغر‬
‫يصبو إليه املجتمع من مال ومتل‪ .‬و"لكل مجتمع فلسفة خاصة و أهداف معينة يعمل على‬
‫تحقيقها عن طريق التربية والتعليم‪ ،‬فاملجتمع اإلسلرطي القديم كان يهدف إلى تكوين‬
‫الجنود الذين يستطيعون الدفاع عن إسلرطة‪ ،‬وتحقيق النصر على أعدائها‪ ،‬ولهذا اتجهت‬
‫في التربية اتجاها عسكريا صرفا ‪ .‬بينما نرى أن مدينة يونانية معاصرة لها و ي أثينا كانت‬
‫تقوم منا جها التعليمية على تكوين الواطن الدلموقراطي الحر الذي يستطيع أن يمارس‬
‫حقوقه املدنية‪ ،‬وقد قامت السياسة التعليمية في أملانيا النازية على أساس فلسفة‬
‫عنصرية قوامها تفوق العنصر األملاني ‪ ،‬أما في املغرب‪ ،‬فيجب أن تعمل منا ا الدراسة‬
‫على خلق الواطن الدلموقراطي الذي يستطيع أن يساهم في بناء بالده‪ ،‬وتسيير شؤونها‪،‬‬
‫واستغالل ثرواتها بحيث يكون عضوا فعاال في بلد ذات شخصية متميزة ‪171"...‬‬

‫ويقصد باملنهاج‪ ،‬في مجال التربية والتعليم‪ ،‬ذلك املخط العام الذي يعلر عن فلسفة‬
‫الدولة في التعليم والتربية‪ .‬وهو عبارة عن أهداف وغايات عامة تهدف إلى تكوين مواطن‬
‫صال‪ ،‬متعلم وقادر على مواجهة الووعيات الصعبة واملعقدة في حياته الدراسية‬
‫والواقعية‪ .‬بمعنى أن املنهاج املدرهاي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية والتعليم‪.‬‬

‫‪ -170‬أمينة اللوه و خرون‪ :‬الوجزالي التربية وعلم النفس‪ ،‬دار الكتب العرسية‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.30:‬‬
‫‪ -171‬أمينة اللوه و خرون‪ :‬الوجزالي التربية وعلم النفس‪ ،‬ص‪.36:‬‬
‫‪182‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬تتأثر فلسفة املنهاج بالظروف املحلية والدولية على الصعيد السياهاي‪،‬‬
‫واالجتماعي‪ ،‬واالقتصادي‪ ،‬والثقافي‪ ،‬والديني‪...‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يعلر املنهاج عن فلسفة الدولة في التعليم والتربية‪ .‬وهو عبارة عن أهداف وغايات‬
‫عامة‪ ،‬تهدف إلى تكوين مواطن صال‪ ،‬متعلم وقادر على مواجهة الووعيات الحياتية‪،‬‬
‫واملهنية‪ ،‬والتربوية‪ .‬بمعنى أن املنهاج املدرهاي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية‬
‫والتعليم‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تتأثر فلسفة املنهاج بالظروف املحلية والدولية‪...‬في حين‪ ،‬يعد اللرنامظ‬
‫أقل عمومية من املنهاج‪ ،‬وأكثر تجريدا من املقرر التعليمي‪ .‬بمعنى أن اللرنامظ يتضمن‬
‫محتويات وقيما وعناوين ومضامين عامة غير مفصلة بشكل إجرائي‪ ،‬وتستمد خلراتها من‬
‫فلسفة املنهاج‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تتحول مضامين هذا اللرنامظ إلى مقررات دراسية خاصة بكل‬
‫مادة معينة‪ ،‬وتكون هذه املقررات مفصلة وأكثر خصوصية وإجرائية‪.‬‬

‫ومن املعلوم أن الدولة أو السلطة الحاكمة ي املسؤولة عن السياسة التربوية وفلسفة‬


‫التربية والتعليم‪.‬ومن ثم‪ ،‬تكون وظيفة املنهاج ي التخطي املعقلن‪ ،‬والتشريع القانوني‪،‬‬
‫وإصدار القرار‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يرتب املنهاج بالغايات البعيدة بخلق مواطن منفتح على العالم‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫مخط عام لسارالنسق التعليمي‬
‫مستوى القرار‬ ‫الوظيفة‬ ‫مستوى الهدف‬ ‫الستوى‬

‫السياسة‬ ‫تخطي وتقرير‬ ‫مقاصد النظام التربوي‬


‫املنهاج الدراهاي‬
‫التعليمية‬ ‫ومراميه‬

‫املقررون‬
‫واملشرعون‬ ‫يتضمن‬

‫‪ -‬النظام التعليمي‬ ‫برمجة ‪ +‬تدبير‬ ‫أهداف عامة وتوجوهات‬ ‫برامظ دراسية‬


‫واملسالك الدراسية‬ ‫تدبيرية كفايات‬
‫السلطة السياسية‬ ‫استراتيجية‬
‫تتضمن مجموعة‬
‫بالقطاع‬
‫من‬

‫الهياكل الدراسية‬ ‫أهداف عامة ونوعية‬ ‫الوحدات واملواد‬


‫ومدبرو الشأن‬ ‫أو كفايات نوعية‬ ‫الدراسية‬
‫التعليمي محليا‪.‬‬
‫هيكلة وتنظيم‬
‫تتضمن مجموعة من‬

‫النشا الصفي‬ ‫إعداد وتحضير وتيهئ‬ ‫الدروس‬


‫ومدبرو الفعل‬
‫أهداف خاصة أو‬
‫الديداكتيكي‬
‫قدرات‬ ‫تتضمن مجموعة‬
‫‪184‬‬
‫الخاص‬ ‫من‬

‫املدرس في تفاعل مع‬ ‫هندسة وتنفيذ‬ ‫أهداف إجرائية وموارد‬


‫املقاطع الديدكتيكية‬
‫املتعلم‬ ‫‪ :‬معرفة‪ ،‬معرفة الفعل‬
‫‪ ،‬وموقف‬
‫تتضمن مجموعة من‬
‫تقوي ييم‬ ‫الوحدات الوظيفية‬
‫هدف نشا‬

‫مستويات األهداف‬
‫صفات‬ ‫صيغت‬ ‫مصدره‬ ‫مضمون‬ ‫مستوى‬
‫الهدف‬
‫تتميز‪...‬‬ ‫على صيغة أو شكل‬ ‫فإنه يعلر عن‪ ...‬صادر من لدن‪...‬‬ ‫إذا كان‬
‫الهدف‬
‫وقيم عليا بشكلها املثير‬ ‫رجال السياسة مباد‬ ‫فلسفة التربية‬ ‫يالة‬
‫والجذاب وكذلك‬ ‫ورغبات وتطلعات‬ ‫والجماعات‬ ‫وتوجهات‬
‫القابل للتأويل‬ ‫من‬ ‫الضاغطة‬ ‫السياسة‬
‫أحزاب ‪...‬‬ ‫التعليمية‬
‫إداريين ومؤطرين أهداف اللرامظ واملواد بارتباطها املباشر‬ ‫نوايا املؤسسة‬ ‫مرمى‬
‫باملواد والوسائل‬ ‫ومفتشين ومسيري وأسالك التعليم‬ ‫التربوية ونظامها‬
‫واملنا ا‬ ‫التعليم‬ ‫التعليمي‬
‫مؤطرين ومدرسين قدرات ومهارات وتغيرات تمركزها حول‬ ‫أنما شخصية‬ ‫عاما‬
‫نريد إحدا ها أو التلميذ وقدراته‬ ‫التلميذ العقلية‬
‫اكتسابها من طرف ومكتسباته‬ ‫والوجدانية‬
‫التلميذ‬ ‫والحس حركية‬
‫مدرسين أو تالميذ فعل سيقوم به التلميذ تصريحها بما‬ ‫محتوى درس‬ ‫خاصا‬
‫‪185‬‬
‫به‬ ‫مرتب بمحتوى درس سيقوم‬ ‫معين سينجز في‬
‫التلميذ في الدرس‬ ‫حصة أو أكثر‬
‫سلوكات ينجزها مدرسين أو تالميذ فعل اإلنجاز وشروطه تصريحها بأدوات‬ ‫إجرا يا‬
‫التقييم وأشكاله‬ ‫ومعايير اإلتقان‬ ‫التلميذ ليلرهن‬
‫بلوغه‬ ‫عن‬
‫الهدف‬

‫‪186‬‬
‫النهاج التقليدي والنهاج الحدلث‪:‬‬
‫يمكن الحديث عن نوعين من املنهاج‪ :‬املنهاج التقليدي واملنهاج الحديث على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ /1‬النهاج التقليدي‪:‬‬
‫ينبني املنهاج التقليدي على فعل التدريس املحض‪ ،‬وليس بناء التعلمات بطريقة تكوينية‪.‬‬
‫ناهيك عن االهتمام باملعرفة الكمية‪ ،‬و العناية باملدرس على حساب املتعلم‪ ،‬وتغييب‬
‫اللعب على أساس أنه مضعية للوقت‪.‬ومن ثم‪ ،‬يصبح املتعلم متلقيا سلبيا اليحاور وال‬
‫يبدي خياراته واقتناعاته وأس لته التي تحيره‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ينبني املنهاج التقليدي على فلسفة‬
‫العقاب‪ ،‬وعدم األخذ بالتصميم والتخطي وفلسفة التدبير‪ ،‬وعدم االستهداء بعلم النفس‬
‫وعلم االجتماع‪ ،‬وعدم رس التعليم بالحياة واألنشطة والحرية ‪.‬وكان الهدف الرئيس من‬
‫هذا التدريس هو شحن عقول املتعلمين باملعرفة واستظهارها وحفظها‪ ،‬وتقويم املتعلمين‬
‫في مدى تمكنهم من تلك املعارف املوسوعية‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فاملنهاج التقليدي هو ذلك املنها الذي يركز على املضامين‪ ،‬واملحتويات‪ ،‬واملعلومات‪.‬‬
‫وهو الذي ينطلق من مقارسة املضامين في شكل مقررات دراسية ويقة النطاق دون احترام‬
‫املتعلمين النمائية‪ ،‬والبيولوجية‪ ،‬والفيزيولوجية‪ ،‬والنفسية‪ ،‬واالجتماعية‪،‬‬ ‫خصائ‬
‫ومتطلبات الحياة العملية اليدوية واملهنية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يبدو أن املنهاج‪ ،‬بمفهومه التقليدي‪ ،‬حسب حلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين‬
‫املفتي ‪ " ،‬عبارة عن مجموعة من املعلومات والحقائق واملفاهيم التي تعمل املدرسة على‬
‫إكسابها للتالميذ بهدف إعدادهم لسحياة وتنمية قدراتهم عن طريق اإلملام بخلرات اآلخرين‬
‫واالستفادة منها‪ ،‬وقد كانت هذه املعلومات والحقائق واملفاهيم تمثل املعرفة بجوانبها‬
‫املختلفة‪ ،‬أي‪ :‬إنها كانت تتضمن معلومات علمية ورياوية ولغوية وجغرافية وتاريخية‬
‫وفلسفية ودينية وفنية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫‪187‬‬
‫وحيث إن هذه املعلومات كانت تقدم في صورة مواد دراسية مختلفة موزعة على مراحل‬
‫الدراسة وسنواتها فمعنى ذلك أن املنهاج بمفهومه التقليدي هو مجموعة املواد الدراسية‬
‫التي يتولى املتخصصون إعدادها ويقوم التالميذ بدراستها‪ ،‬ومن هنا أصبحت كلمة منهاج‬
‫مرادفة لكلمة مقرر دراهاي وسمرور الوقت أصبح استخدام كلمة منهاج أعم وأشمل من‬
‫استخدام كلمة مقرر حتى أصبحنا نسمع بمنهاج الجغرافيا ومنهاج التاريق ومنهاج‬
‫العلوم‪...‬إلخ‪ .‬وكان املدرسون أكثر الف ات استخداما لكلمة منهاج باملعنى الذي أشرنا إليه‬
‫والدليل على ذلك أنهم كانوا يكتبون في أول صفحة من دفتر تحضير دروس املادة "توزيع‬
‫املنهاج على أشهر وأسابيع العام الدراهاي" ‪ .‬واملقصود باملنهاج هنا هو املقرر الدراهاي للمادة‪.‬‬

‫وسكل أسف فإن هذا املفهوم التقليدي للمنهاج مازال مستخدما حتى اآلن لدى عامة‬
‫الشعب بل ولدى الكثير من القائمين بالعملية التعليمية بالرغم من أن هذا املفهوم قد‬
‫تغير تغييرا جوهريا كما سنرى فيما بعد‪"172.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يالحء أن هناك غمووا في تبيان املصطسحات التالية‪ :‬املنهاج‪ ،‬واللرنامظ‪ ،‬واملقرر‪،‬‬
‫والكتاب املدرهاي‪ ،‬كما يتبين ذلك في كتاب (أسس بناء الناهج وتنظيماتها) لحلمي أحمد‬
‫الوكيل ومحمد أمين املفتي وغيرهما من الباحثين التربويين‪ .‬فاملنهاج مفهوم أكثر عمومية‪،‬‬
‫وتجريدا‪ ،‬واتساعا‪ .‬فهو يتضمن فلسفة الدولة في مجال التربية والتعليم‪ ،‬في شكل غايات‬
‫ومرام بعيدة املدى‪ .‬في حين‪ ،‬يتعلق اللرنامظ بتصميم مستوى دراهاي‪ ،‬أو مادة دراسية‬
‫معينة كلرنامظ مادة العلوم في السلك االبتدائي‪ ،‬وسرنامظ اللغة العرسية في السلك‬
‫اإلعدادي‪ ،‬ومادة الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي‪ .‬كما يتضمن اللرنامظ أهداف املادة‬
‫وأغراوها وكفاياتها‪ ،‬ومواصفات املتعلم‪ ،‬والطرائق البيداغوجية‪ ،‬وتفصيل اللرنامظ في‬
‫شكل وحدات دراسية وعناوين عامة ‪ .‬في حين‪ ،‬يتميز املقرر الدراهاي بالطابع الح اي‬

‫‪ -172‬الوكيل حلمي أحمد‪ ،‬املفتي محمد أمين‪ ،‬أسس بناء الناهج وتنظيماتها‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫طبعة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.3:‬‬
‫‪188‬‬
‫الت خيصاي في شكل عناوين مفصلة ومنوعة في إطار وحدات ومحاور دراسية‪ .‬أما الكتاب‬
‫املدرهاي‪ ،‬فهو وسيلة إجرائية يستعين بها املدرس في بناء دروسه‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن هناك من الباحثين والدارسين من يخل بين املنهاج واللرنامظ واملقرر‬
‫والكتاب املدرهاي‪ ،‬أو يرادف بين هذه املصطسحات‪ ،‬أو يميز بين هذه املفاهيم بشكل واض‪،‬‬
‫ودقيق‪.‬‬

‫إذا‪ ،‬يقوم املنهاج التقليدي على النظرة الكمية‪ ،‬وحشو ر وس املتعلمين بمعارف ومعلومات‬
‫كثيرة دون االستهداء بعلم النفس ومبادئه وقوانينه‪ .‬عالوة على اإلشادة بسلطة املعلم‬
‫باعتباره مصدر املعلومة‪ .‬أما املتعلم‪ ،‬فهو يتلق املعلومات فق دون محاولة بنائها أو‬
‫تكوينها ذاتيا‪ ،‬أو املشاركة في مناقشة املدرس والحوار معه عموديا‪ ،‬أو الحوار مع زمالئه‬
‫أفقيا‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬يبدو أن املنهاج التقليدي سل ي من بعض الجوانب‪ .‬فهو يعنى أكثر بالحفء‬
‫والتكرار واالجترار فق ‪ ،‬وال يعنى بنمو الطفل من النواحي الذهنية والعقلية والوجدانية‬
‫والحسية الحركية‪ ،‬وال يعطي أهمية للعب أو مستجدات علم النفس والسوسيولوجيا‪ ،‬وال‬

‫‪189‬‬
‫يأخذ بالطرائق الحديثة و املعاصرة في التدريس‪ ،‬ويهمل حاجات املتعلم وميوله واتجاهاته‬
‫ومشاكله الذاتية واملوووعية‪ ،‬ويغفل عن توجيه سلوكه نحو األفضل‪ .‬ويركز كثيرا على‬
‫الكم على حساب الكيف‪ ،‬وال يراعي الفوارق الفردية‪ .‬كما يعد األخطاء التعلمية عيبا‬
‫ومهانة وجريرة التغتفر ‪ ،‬وال ينظر إلوها على أنها طريقة مهمة ومفيدة في التعلم‪ .‬ويهمل أيضا‬
‫تكوين العادات واالتجاهات اإليجابية لدى التالميذ‪.‬ناهيك عن تضخم املقررات الدراسية‪،‬‬
‫وعدم تراب املواد ‪.‬ويهمل كذلك الجانب العملي و األنشطة الصفية الفردية والجماعية‪،‬‬
‫وال يهتم بالتعلم الذاتي‪ ،‬وتوجيه املتعلم توجوها احيحا‪.‬‬

‫‪ /2‬النهاج الحدلث‪:‬‬
‫ينطلق املنهاج الحديث من فلسفة التربية املعاصرة ‪ ،‬وعلم النفس التربوي‪ ،‬وعلم االجتماع‬
‫التربوي‪ ،‬وتمثل الطرائق البيداغوجية املعاصرة‪ ،‬وتجاوز طرائق التلقين‪ ،‬واالرتكان إلى‬
‫فلسفة األهداف والكفايات ‪ ،‬واالعتماد على الوسائل الديدكتيكية والتدريسية الكفيلة‬
‫التعلم الذاتي لدى املتعلم‪ ،‬وتحقيق أنجع السبل لتحقيق التواصل الفعال‬ ‫بتنشي‬
‫الهادف والبناء واملثمر‪ .‬عالوة على اعتماد الطرائق الجديدة في عملية التقويم‪ ،‬واالنطالق‬
‫من مباد الدوسيمولوجيا املعاصرة في بناء أس لة االمتحانات املوووعية وتقويمها‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬ترتب املحتويات واملضامين باألهداف العامة والخاصة‪ .‬كما تنطلق أيضا من‬
‫بيداغوجيا الكفايات واإلدماج‪ ،‬بعد أن كانت املدرسة التقليدية تلقن معارفها للمتعلمين‬
‫دون أن يكون لها منطلق فلسفي أو أهداف معينة‪ ،‬أو تصدر عن مقصدية كفائية واعية‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فاملحتويات ‪ -‬حسب محمد الدريظ‪ " -‬ي كل الحقائق واألفكار التي تشكل الثقافة‬
‫السائدة في مجتمع معين وفي حقبة معينة‪.‬إنها مختلف املكتسبات العلمية واألدبية‬
‫والفلسفية والدينية والتقنية وغيرها مما تتألف منه الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ومما تزخر به‬
‫الثقافات الشعبية املحلية في كل البقاع‪ ،‬والتي تصنف في النظام الدراهاي إلى مواد مثل‪:‬‬

‫‪190‬‬
‫اللغة والحساب والتاريق والجغرافيا‪...‬إلخ‪ .‬على أن اختيار مادة دون غيرها أو قسطا منها‬
‫دون سواه يتم بناء على الغايات واألهداف املتوخاة‪ .‬في حين‪ ،‬يبق تنظيم املحتوى رهينا‬
‫بمتطلبات العملية التعليمية ذاتها وسأشكال العمل الديدكتيكي ‪.‬أي‪ :‬ما يصطس‪ ،‬على‬
‫تسميته بطرق التدريس"‪.173‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬تخضع املحتويات واملضامين الدراسية‪ ،‬ومن املنهاج التربوي املعاصر‪ ،‬ملجموعة‬
‫من املقاييس‪ ،‬مثل‪ :‬مقياس االختيار‪ ،‬ومقياس التنظيم‪ ،‬ومقياس التصنيف‪ ،‬ومقياس‬
‫الوحدة أو الفروع‪ ،‬ومقياس التدرج‪ ،‬ومقياس التنويع‪ ،‬ومقياس املدخالت واملخرجات‪،‬‬
‫ومقياس املستويات‪ ،‬ومقياس الثقافة‪ ،‬ومقياس علم النفس العقلي والنمائي‪ ،‬ومقياس‬
‫التقويم‪ ،‬واملقياس املنهجي‪ ،‬واملقياس الكمي والكيفي‪ ،‬ومقياس التوزيع‪ ،‬ومقياس‬
‫التخطي ‪ ،‬ومقياس التدبير‪...‬‬

‫وإذا كانت املدرسة التقليدية تختار املحتويات على أساس معرفي كمي ومضموني‪ ،‬وتعد‬
‫املعارف ي األساس في العملية التعليمية ‪ ،‬فإن املنهاج الحديث ينطلق من األهداف‬
‫والكفايات واملهارات وعلم النفس النمائي في ووع املحتويات‪ ،‬وتقديمها للمتعلم‪.‬وفي هذا‬
‫الصدد‪ ،‬يقول محمد الدريظ‪:‬‬

‫" إننا بدأنا نشاهد في السنوات األخيرة محاوالت الختيار املواد الدراسية‪ ،‬وتنظيمها بناء على‬
‫مقاييس أخرى أكثر ان جاما‪ ،‬متمشيا مع ما لت إليه املجتمعات املعاصرة‪ ،‬ومع وتيرة‬
‫التقدم العلمي‪ .‬من هذه املقاييس مقياس اختيار مادة التعليم وفق األهداف املرسومة‪،‬‬
‫وفي ان جام تام مع الغايات املحددة‪.‬‬

‫‪ -173‬محمد الدريظ‪ :‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬طبعة ‪3600‬م‪،‬‬
‫ص‪.36:‬‬
‫‪191‬‬
‫ومن مقاييس اختيار املواد وتنظيم محتوياتها وتوزيعها على املستويات‪ ،‬هناك االختيار الذي‬
‫يرتكز على حقائق علم النفس‪ ،‬وخاصة علم النفس النمائي ونظريات التعلم وغيرها من‬
‫املقررات من معطيات ثمينة عن شخصية‬ ‫الفروع التي تمكن واوع اللرامظ ومخط‬
‫التالميذ وقدراتهم العقلية وميولهم النفسية ومراحل النمو التي يخضعون لها‪...‬وهكذا‪ ،‬يتم‬
‫مراعاة الفترة املناسبة من مراحل نمو ال خصية لتقديم مجموعة من املعارف واملهارات‪.‬‬
‫كما قد يتم تحديد املواد ومحتوياتها بناء على الثقافة السائدة في املجتمع‪ ،‬وانطالقا من‬
‫ي ومتطلبات التنمية‪174"...‬‬ ‫حاجياته وحاجيات التكوين امل‬

‫وعليه‪ ،‬تبنى املقررات واملضامين واملحتويات الدراسية‪ ،‬في املنهاج التربوي الحديث واملعاصر‬
‫‪ ،‬على أساس علمي موووعي قائم على مكتسبات علم النفس العقلي واالرتقائي ‪ ،‬ويبنى‬
‫كذلك على أساس األهداف والكفايات اإلدماجية‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬محطات النهاج التربوي الغربي‪:‬‬


‫عرف تخطي املنهاج التربوي املغربي ثالث محطات كلرى‪ ،‬يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬محطة الضام ح والحتويات‪ :‬يعتمد املنهاج على موووعات أو تيمات أو محاور أو‬
‫وحدات أو مفاهيم معينة‪ ،‬مثل‪ :‬الدراسة‪ ،‬والطفولة‪ ،‬والهجرة‪ ،‬والعمل‪ ،‬والسفر‪ ،‬ووسائل‬
‫النقل‪ ،‬واملدينة‪ ،‬والبادية‪....‬‬

‫‪‬محطة األهداف التي واكبت فترة الثمانين من القرن العشرين‪ ،‬فقد قسمت األهداف‬
‫التربوية إلى أهداف وغايات عامة‪ ،‬وأهداف وسط ‪ ،‬وأهداف إجرائية خاصة‪ ،‬في ووء‬
‫منظور السيكولوجيا السلوكية ( واطسون‪ ،‬وسافلوف‪ ،‬وسكينر)‪.‬‬

‫‪ -174‬محمد الدريظ‪ :‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬ص‪.32:‬‬


‫‪192‬‬
‫‪‬محطة الكفالات التي تبلورت في املغرب في سنوات العقد األول من األلفية الثالثة لرس‬
‫التعليم بواقع الشغل واملهننة‪ .‬وقد انبنت هذه النظرية الجديدة على مجموعة من‬
‫التصورات اإلبستمولوجية‪ ،‬مثل‪ :‬النظرية املعرفية‪ ،‬والنظرية التوليدية التحولية (نوام‬
‫شومسكي)‪ ،‬والنظرية البنائية التكوينية (جان بياجي)‪ ،‬وكل النظريات السياقية التي ترس‬
‫الذات باملحي أو السياق الخارجي‪ .‬دون أن نن اى النظريات التربوية القائمة على التعلم‬
‫الذاتي‪ ،‬ومراعاة الفوارق الفردية (البيداغوجيا الالتوجوهية‪ ،‬والبيداغوجيا املؤسساتية‪،‬‬
‫وديناميكية الجماعات‪ ،‬وسيداغوجيا التفريدية‪ ،‬وسيداغوجيا األخطاء‪)...‬‬

‫وعليه‪ ،‬يقوم التخطي السنوي بتجزيء املقررات التربوية أو تقسيم املنا ا الدراسية‬
‫سنويا بتوزيعها إلى مجموعة من املراحل التكوينية أواملجزوءات الدراسية ‪ ،‬واختيار أنجع‬
‫السبل من أجل تقويم إجمالي أو نهائي مناسب بغية التثبت من مكتسبات التالميذ‪ ،‬أو‬
‫التأكد من مدى تحقق الكفاية اإلدماجية النهائية لدى طلبة الفصل الدراهاي‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتكون التخطي السنوي من أربع مراحل كلرى‪ ،‬وتتضمن كل مرحلة ثمانية‬
‫ُ‬
‫أسابيع‪ ،‬تخص األسابيع الستة األولى إلرساء املوارد‪ُ ،‬ويخص األسبوعان الباقيان‬
‫لإلدماج‪ .‬كما ُيخص األسبوعان الثالث والسادس ألنشطة التوليف والتقويم والدعم‪.‬‬
‫ُ‬
‫وتشكل هذه األسابيع الثمانية ما يسمى باملجزوءة التي تبدأ بالكفاية‪ ،‬وتنتهي بالتقويم‬
‫اإلجمالي‪ .‬ويالحء أن عدد املجزوءات أربع‪ ،‬يسبقها أسبوع للتقويم الت خيصاي‪ ،‬وأسبوع في‬
‫خر السنة للتقويم اإلشهادي‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫أنواع الناهج‪:‬‬
‫يمكن الحديث عن أنواع عدة من املنا ا الدراسية والتربوية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬منهاج الواد النفصلة‪ :‬يقصد به ذلك املنهاج الذي يقوم على تدريس املواد التعليمية‬
‫بطريقة منفصلة‪ ،‬والعناية بكل مادة دراسية مجزأة على حدة‪ " ،‬بتنظيم املعلومات‬
‫واملهارات املطلوب إمداد التالميذ بها في صورة مواد دراسية مستقلة " تاريق‪.‬‬
‫جغرافية‪.‬لغة‪.‬رياوة‪ "...‬وقد يكون طابع هذا املنهاج املغاالة في الفصل بين هذه املواد‪ ،‬وقد‬
‫يالحء فيه (ايء من الرس بينها‪.‬‬

‫ومن خواص هذا املنهاج أن كل مادة تعتلر مستقلة استقالال تاما أو نسبيا عن غيرها من‬
‫املواد الدراسية‪ ،‬وأن لكل مادة منهجا معينا‪ ،‬ووقتا محددا‪ ،‬وكتابا خاصا‪ ،‬وأن لكل مادة‪-‬‬
‫كذلك‪ -‬أهدافا ووسائل‪.‬‬

‫ومما يؤخذ على هذا املنهاج أنه يغفل ميول التالميذ ألنهم قد يدرسون أشياء التميل إلوها‬
‫نفوسهم‪ ،‬ومن عيوسه أيضا أن فيه تفريقا وتنافرا بين املعلومات في أذهان التالميذ‪ ،‬فتصبح‬
‫‪194‬‬
‫هذه املعلومات غير وظيفية‪ ،‬أي عاجزة عن حل املشكالت الحيوية‪ ،‬كما أن املغاالة في األخذ‬
‫بهذا املنها قد تدعو إلى إهمال األحداث الجارية والحياة املعاصرة‪ ،‬وقد يطغى اهتمام‬
‫املدرس باملادة على حق التلميذ من املشاركة اإليجابية‪"175.‬‬

‫وعليه ‪ ،‬يدرس هذا املنهاج الخلرات التعليمية في شكل مجزوءات ووحدات ومواد منفصلة‪،‬‬
‫على الرغم من انصهارها ومن الكل‪.‬والهدف من ذلك هو تبسي املعلومات واملعارف‬
‫واملحتويات‪ ،‬وتسهيلها على مستوى األداء واإلنجاز والتبليغ‪ ،‬والتمييز بين مختلف املكونات‬
‫املستقلة‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فمنهاج املواد املنفصلة هو" املنهاج التقليدي املعروف املكون من مواد دراسية منفصلة‬
‫موزعة على سنوات الدراسة املختلفة والتاريق والجغرافيا والعلوم والحساب والهندسة‬
‫والرسم واألشغال‪ ،‬وفي هذا املنهاج ال توجد أية رابطة بين مادة دراسية وسين باقي املواد ‪،‬‬
‫فالخلرة فيه مفككة واملواد حسب منطق الكبار واملتخصصين في املواد املختلفة‪ ،‬و البعد‬
‫عن سيكولوجية األطفال‪ ،‬كما أن املواد املختلفة املستوى التالميذ بل إنها في العادة فوق‬
‫مستواهم وذلك يرجع الى نظرية اللكات التي كانت مسيطرة على فلسفة التربية والتي ترى‬
‫أن العقل مقسم إلى ملكات‪ ،‬وأن كل مادة من مواد الدراسة تدرب إحدى هذه امللكات‪،‬‬
‫فالشعر يدرب ملكة الخيال‪ ،‬والحساب يدرب ملكة التفكير الى غير ذلك‪ ،‬وكلما زادت املواد‬
‫الدراسية في الصعوسة كليا أدى ذلك إلى تدريب أقوی وأعمق أثرا مللكات العقل‪ .‬كما أن هذا‬
‫النوع من املنا ا يعتلر بعيدا كل البعد عن مواقف الحياة العادية بسبب التقسيم‬
‫املصطنع مما يؤدي إلى عدم اهتمام التالميذ به‪ ،‬والی اتباع طريقة التلقين والتقرير في‬
‫توصيله إلى أذهانهم‪176".‬‬

‫‪ -175‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬الوج الفني لدرس ي اللغة العربية‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة السابعة‪،‬‬
‫‪3636‬م‪ ،‬ص‪.63:‬‬
‫‪ -176‬أمينة اللوه‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.33-33 :‬‬
‫‪195‬‬
‫ويشبه هذا املنهاج ما يسمى بنظرية الفروع التي يقصد بها تدريس اللغة العرسية أو اللغات‬
‫األجنبية بطريقة فرعية مستقلة‪ .‬بمعنى أن املدرس يدرس مواد مختلفة من اللغة العرسية ‪-‬‬
‫مثال‪ -‬على أنها فروع مستقلة في منهاجها وسنياتها التدريسية والتربوية‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬يرى‬
‫عبد العليم إبراهيم أن املراد بها في تعليم اللغة" أننا نقسم اللغة فروعا‪ ،‬لكل فرع منهجه‬
‫وكتبه وحصصه‪ ،‬مثل‪ :‬املطالعة‪ ،‬واملحفوظات‪ ،‬والتعبير‪ ،‬والقواعد‪ ،‬واإلمالء‪ ،‬واألدب‪،‬‬
‫والبالغة‪.‬‬

‫ولتطبيق هذه النظرية يعالا كل فرع من هذه الفروع على أساس منهجه املرسوم في‬
‫حصصه املقررة في الجدول الدراهاي‪177".‬‬

‫وقد تبنى املغرب هذه الطريقة إبان سنوات السبعين من القرن العشرين في االبتدائي‬
‫واإلعدادي والثانوي‪ ،‬فقد كان هناك كتاب للقواعد‪ ،‬وكتاب للقراءة‪ ،‬وكتاب للمحفوظات‪،‬‬
‫وكتاب للتاريق‪ ،‬وكتاب لسجغرافيا‪ ،‬وكتاب للتربية الوطنية‪ ،‬وكتاب للتربية اإلسالمية‪ .‬وكانت‬
‫لكل مادة طريقتها في التدريس‪ ،‬والتقويم‪ ،‬والتوجيه‪...‬‬

‫‪ ‬منهاج املواد املترابطة‪ :‬يشبه منهاج املواد املنفصلة في املنهاج التقليدي‪ ،‬ولكن هناك‬
‫تراب شكلي طفيف بين بعض املواد دون األخرى كدراسة تاريق املغرب‪ ،‬وجغرافيا املغرب‪،‬‬
‫وأدب املغرب‪ ،‬دون أن يمتد التراب إلى باقي املواد األخرى‪ .‬ومن ثم‪ ،‬مازالت فكرة االنفصال‬
‫باقية‪ ،‬ولم يحقق التراب دوره اإليجابي في توحيد املواد الدراسية كلها‪.‬‬

‫‪ ‬منهاج الواد التشابهة أو التسعة‪ :‬يعتمد هذا املنهاج على تدريس املواد املتشابهة أو‬
‫املتسعة كما في التعليم االبتدائي املغربي‪:‬‬

‫أ‪ -‬قطب اللغات ‪:‬اللغة العرسية‪ ،‬واللغة الفرنسية‪ ،‬واللغة األمازيغية‬

‫ب‪ -‬قطب الرياضيات‪:‬الجلر‪ ،‬والهندسة‪ ،‬والقياس‪ ،‬إلخ‪...‬‬


‫‪ -177‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬الوج الفني لدرس ي اللغة العربية‪ ،‬ص‪.33-32:‬‬
‫‪196‬‬
‫ج‪ -‬قطب مواد التفت ‪ :‬التربية التشكيلية‪ ،‬والنشا العلمي‪ ،‬والتربية البدنية‪ ،‬والتربية‬
‫اإلسالمية‪...،‬‬

‫وهكذا‪ " ،‬يعتلر هذا النوع محاولة أخرى إلدماج املواد الدراسية بعضها في بعض وهو أقرب‬
‫إلى التكامل من منهاج املواد املرتبطة‪ ،‬وفيه تدمظ كل مجموعة من املواد ذات عالقة‬
‫ببعضها في مادة واحدة‪ ،‬فال تكون هناك مادة للتاريق‪ ،‬وأخرى لسجغرافيا‪ ،‬وثالثة للتربية‬
‫الوطنية أو األخالق‪ ،‬وإنما وال منها مادة واحدة ي العلوم االجتماعية وكذلك في املواد‬
‫العلمية والرياوية والفنية‪".178‬‬

‫ويعني هذا خلق توأمة بين الدروس واملواد املتشابهة كتقسيمها إلى مواد العلوم االجتماعية‬
‫(التاريق‪ ،‬والجغرافيا‪ ،‬والتربية الوطنية)‪ ،‬والعلوم اإلنسانية(األدب‪ ،‬والفلسفة‪ ،)...‬واملواد‬
‫العلمية (الرياويات‪ ،‬والفيزياء‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬والعلوم الطبيعية‪.)...‬‬

‫‪‬النهاج الحوري أو التمركز(‪ :)Consentré‬يقصد به ذلك املنهاج الذي تتمحور حوله‬


‫املواد الدراسية في إطار وحدة مترابطة ومتكاملة حيث تنصهر فيه جميع الوحدات‬
‫واملجزوءات التعليمية في بوتقة محورية متسلسلة‪ ،‬ومتسقة‪ ،‬ومن جمة ‪ .‬أي‪ :‬إنه" املنهاج‬
‫الذي يقوم على التراب والتكامل بين املواد الدراسية‪ ،‬بحيث تتخذ إحدى هذه املواد محورا‬
‫تدور حوله سائر الخلرات األخرى‪ ،‬على أن يتجه السير بهذا املنهاج نحو مشكالت الحياة‬
‫واملجتمع "‪.179‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يعد املنهاج املحوري " خطوة موفقة نحو تراب الخلرة وتكاملها ‪ ،‬ونظام املنهاج‬
‫املحوري باتخاذ إحدى املواد الدراسية نواة أو محورا تدور حوله باقي املواد الدراسية‬
‫األخرى‪ ،‬وقد اتخذ التاريق كنواة في بداية األمر بحيث يكون أساسا لدراسة الجغرافيا‬

‫‪ - 178‬أمينة اللوه‪ :‬نفسها‪ ،‬ص‪.33-33:‬‬


‫‪ -179‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.66:‬‬
‫‪197‬‬
‫واألدب والتعبير اللغوي‪ .‬كما أن دروس التعبير الفني كانت تدور حول رسم اآلثار‬
‫وال خصيات التاريخية وعمل نماذج لها‪ ،‬ثم عدل عن التاريق‪ ،‬وحلت محله الجغرافيا ‪ ،‬ثم‬
‫عدل عنها إلى العلوم‪ ،‬ولكن وجد أنه ليس من املمكن أن تتراب جميع املواد حول مادة‬
‫واحدة بطريقة طبيعية دون تكلف أو افتعال‪ ،‬ولهذا أصبح املحور يقوم على مشكلة مشتقة‬
‫من املواد الدراسية أو من مواقف الحياة العامة‪180" .‬‬

‫ويشبه هذا املنهاج ما يسمى بنظرية الوحدة التي تعني تدريس مادة ما‪ ،‬كأن تكون اللغة‬
‫العرسية أو اللغة الفرنسية‪ ،‬على أنها وحدة مترابطة ومتكاملة مراعاة لنسس التربوية‪،‬‬
‫القراءة ‪ -‬مثال‪ -‬في التعبير‪ ،‬والتذوق‪ ،‬واإلنشاء‪،‬‬ ‫والنفسية‪ ،‬واللغوية كأن نستثمر ن‬
‫والشكل‪ ،‬والنحو‪ .‬بمعنى أن نظرية الوحدة أو املنهاج املحوري ‪ -‬حسب عبد العليم إبراهيم ‪-‬‬
‫ي" أن ننظر إلى اللغة على أنها وحدة مترابطة متماسكة‪ ،‬وليست فروعا متفرقة مختلفة‪،‬‬
‫محورا تدور حوله جميع‬ ‫ولتطبيق هذه النظرية في تعليم اللغة يتخذ املوووع أو الن‬
‫الدراسات اللغوية‪ ،‬فيكون هو موووع القراءة‪ ،‬والتعبير‪ ،‬والتذوق‪ ،‬والحفء‪ ،‬واإلمالء‪،‬‬
‫والتدريب اللغوي‪ ...‬وهكذا‪ ،‬وقد كانت هذه الطريقة ي السائدة في العهود األولى تدريسا‬
‫وتأليفا‪ ،‬وكتاب (الكامل) للملرد يعد مثاال للتأليف على هذه الطريقة ففيه يعر الن ‪،‬‬
‫ويعالا من الناحية اللغوية والنحوية والصرفية وغيرها‪ .‬وطبي ي أن نظرية الوحدة التعترف‬
‫معينة لنوع من أنواع الدراسات اللغوية"‪.181‬‬ ‫حص‬ ‫بتخصي‬

‫ويضاف إلى ذلك أن املدارس العتيقة واألصيلة باملغرب ‪ ،‬كجامع القرويين‪ ،‬تتخذ هذا املنهاج‬
‫أو الكتاب املنطلق ليكون وثيقة للدراسة‬ ‫في التعليم والتدريس حيث يستثمر الن‬
‫الشاملة والكلية‪.‬‬

‫‪ -180‬أمينة اللوه و خرون‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.33:‬‬


‫‪ -181‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.32:‬‬
‫‪198‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬تنطلق املقارسة املحورية أو املركزية أو البؤرية " من مبدإ كلية املعارف واملواد والتداخل‬
‫فيما بينها ‪ ،‬بحيث اليمكن عزلها وتجزيئها إال بالتخلي عن طابعها التكاملي املتناسق‪.‬لذا تؤكد‬
‫هذه املقارسة على أنه ينبغي أن الننطلق من املواد لبناء اللرنامظ أو املنهاج‪ ،‬بل ينبغي أن‬
‫ننطلق من معايير أخرى تلتقي عندها جميع املواد‪.‬ولقد أكد تطور األبحاث العلمية اليوم‬
‫على الطابع املتداخل واملتكامل للعلوم‪ .‬فتفسير ظاهرة كيميائية مثال اليمكن أن يتم في‬
‫معزل عن الفيزياء والبيولوجيا ‪ ،‬كما أن النظريات العلمية أصبحت تبحث عن نماذج‬
‫تفسيرية للظواهر تتسم بتعدد أبعادها ‪ ،‬وعدم اقتصارها على مجال علمي واحد‪ .‬وكذلك‬
‫في التعليم وجهت الدعوة إلى إزالة الحواجز بين املواد‪ ،‬والتركيز على األنشطة واإلنجازات‬
‫التي تتميز بتداخل املعارف واملهارات‪182".‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فاملنهاج املحوري هو الذي يركز على تداخل املعارف وتشابهها وتكاملها ومن‬
‫نسق ترسوي منفتح ومتعدد‪.‬‬

‫‪ ‬منهاج النشاط القا م عكى ميول التالميذ‪ :‬يراعي هذا املنهاج ميول الطفل‪ ،‬ويهتم‬
‫بسيكولوجيته‪ ،‬ويقوم على فلسفة التنشي الذاتي من خالل التركيز على املواقف الذاتية‬
‫من جهة‪ ،‬واملشاريع الفردية الخاصة من جهة أخرى‪ .‬و يعد" هذا النوع من املنا ا ثورة على‬
‫املنا ا التقليدية حيث إنه أهمل العناية باملواد الدراسية‪ ،‬واهتم بميول التالميذ‬
‫وحاجاتهم‪ ،‬وأصبحت املنا ا تدور حول مشاكل تهم التالميذ ويختارونها بأنفسهم‪ ،‬وأثناء‬
‫قيامهم بحل هذه املشاكل يكتسبون خلرات متنوعة ‪ .‬ويمتاز هذا املنهاج بتكامل الخلرة‬
‫ومراعاة سيكولوجية التعلم واالهتمام البالغ بميول التالميذ‪ ،‬ولكنه ال يوجه عنايته إلى‬
‫الوظيفة االجتماعية لعملية التعلم ومن أمثلة ذلك طريقة املشروعات املعروفة‪" .183‬‬

‫‪ 182‬عبد اللطيف الفارابي و خران‪ :‬ال رامج والناهج‪ ،‬دار الخطابي للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪،‬‬
‫ص‪.66:‬‬
‫‪ -183‬أمينة اللوه و خرون‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.33:‬‬
‫‪199‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن منهاج النشا قد يكون فرديا من جهة‪ ،‬ومجتمعيا من جهة أخرى‪ .‬ومن‬
‫ثم‪ ،‬يشكل هذا املنهاج قوام التربية الحديثة التي تعنى باللعب والحرية واألنشطة الصفية‬
‫واملوازية التي تتالءم مع ميول املتعلم بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪ ‬منهاج النشاط القا م عكى مو اقف الحياة االجتماعية‪ :‬اليكتفي هذا املنهاج بما هو‬
‫فردي‪ ،‬بل ينفتح على ما هو اجتماعي بحل املشاكل التي تواجه املتعلم في املجتمع‪ .‬ومن هنا‪،‬‬
‫" يعالا هذا املنهاج عيوب املنها السابق‪ .‬أي‪ :‬املنهاج القائم على ميول التالميذ‪ ،‬فهو بالرغم‬
‫من عنايته بميول األطفال إال أنه ال يهمل الجانب االجتماعی‪ ،‬ففي هذا النوع تختار مشاكل‬
‫تهم التالميذ ‪ ،‬و لكنها ذات صفة اجتماعية‪ ،‬أو ذات قيمة بالنسبة لحل مشاكل املجتمع‪.‬‬
‫ا‪184" .‬‬ ‫أي‪ :‬إن مشاكل املجتمع ي املحور الذي تدور حوله هذه املنا‬

‫ومن ثم‪ ،‬فهذا املنهاج أكثر انفتاحا من املنهاج السابق الذي يبق منحصرا فيما هو ذاتي‪،‬‬
‫وفردي‪ ،‬وأنوي‪.‬‬

‫مقاربات بناء النهاج‪:‬‬


‫يمكن الحديث عن خمس مقارسات ترسوية وديدكتيكية أساسية تستند إلوها فلسفة املنهاج‬
‫التربوي املغربي على مستوى التخطي والتدبير التدري اي‪ ،‬ويمكن حصرها في املقارسات‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪‬القارب ــة التربوي ــة التمرك ــزة ح ــول تالي ـ العرف ــة‪ :‬ته ييتم ه ييذه املقارس يية الت ييي تطبقه ييا‬

‫املدرسي ي يية التقليديي ي يية بتقي ي ييديم املعي ي ييارف املوسي ي ييوعية ‪ ،‬والتركيي ي ييز علي ي ييى املي ي ييدرس دون املي ي ييتعلم‪،‬‬

‫واالهتم ييام ب ييالكم عل ييى حس يياب الكي ييف‪ ،‬والعناي يية ب ييالتعليم دون ال ييتعلم‪ ،‬وتق ييديس املعرف يية‬

‫‪ -184‬نفسه‪ ،‬ص‪.30:‬‬
‫‪200‬‬
‫واملييدرس علييى حسيياب املييتعلم‪ .‬ويكييون الهييدف ميين هييذه املقارسيية املضييمونية هييو تكييوين مييتعلم‬

‫يحييافء علييى قيييم املجتمييع وعاداتييه وأعرافييه وتقاليده‪،‬وينصييهر فييي املجتمييع كبيياقي املييواطنين‬

‫اآلخييرين‪ .‬وميين هنييا‪ ،‬يتبييين لنييا أن هييذه املقارسيية عبييارة عيين نسييق ترسييوي ذي بعييد معييارفي‪ ،‬تييولي‬

‫أهمييية كلييرى ملركزييية املييدرس‪ ،‬ومركزييية املعرفيية‪ ،‬ومركزييية الحفييء واالسييتظهار‪ ،‬والرغبيية فييي‬

‫إدماج املتعلم في مجتمع محافء‪.‬‬

‫‪‬القاربــة التربويــة التمركــزة حــول تعــدلل الس ــلوك‪ :‬تتميييز هييذه املقارسيية بالتييدريس‬

‫الهادف أو التدريس التقني الذي يرمي إلى تغيير السلوك وفق املقارسية باألهيداف علير تسيطير‬

‫مجموعيية ميين األهييداف اإلجرائييية املعرفييية والوجدانييية والحسييية الحركييية ميين جهيية‪ ،‬وقييياس‬

‫السلوك من جهة أخرى‪.‬‬

‫وتسيتند هييذه املقارسيية إلييى السيييكولوجيا السيلوكية القائميية علييى ثنائييية املثييير واالسييتجابة‪.‬ومن‬

‫هن ييا‪ ،‬تفت ييت ه ييذه املقارس يية املعرف يية التربوي يية والتدريس ييية إل ييى مجموع يية م يين األه ييداف العام يية‬

‫والوس ييط والخاص يية وف ييق املق يياطع التمهيدي يية والوس ييطية والنهائي يية‪ ،‬ووف ييق التق ييويم القبل ييي‬

‫والتكييويني واإلجمييالي ميين أجييل التحقييق ميين نجاعيية األهييداف اإلجرائييية املسييطرة عليير املسييار‬

‫التدري يياي القييائم علييى تحديييد األهييداف الخاصيية‪ ،‬وتقييديم املحتويييات‪ ،‬واالسييتعانة بالوسييائل‬

‫التعليمية‪ ،‬واألخذ بالطرائق البيداغوجية‪ ،‬واالهتميام بيالتنظيم الصيفي‪ ،‬وتنظييم اإليقاعيات‬

‫‪201‬‬
‫الزمنييية‪ ،‬وتحقيييق التواصييل اللفظييي وغييير اللفظييي‪ .‬وبعييد ذلييك‪ ،‬السجييوء إلييى معييايير التقييويم‬

‫والفيييدباك (التغذييية الراجعيية) لقييياس مييدى تغييير السييلوك لييدى املييتعلم إيجابييا أو سييلبا‪ .‬وميين‬

‫هن ييا‪ ،‬يتس ييم ه ييذا املنه يياج بالط ييابع التقن ييي النس ييقي ذي البع ييد التكنول ييوجي‪ ،‬ويخل ييق لن ييا إنس ييان‬

‫التقنية الذي ُيعنى بالعقالنية واإلنتاجية وتحقيق املردوية السلوكية‪.‬‬

‫‪‬القاربـ ــة الايدايوجيـ ــة التمركـ ــزة حـ ــول خصـ ــية الـ ــتعلم‪ :‬تعني ييى هي ييذه املقارسي يية‬

‫بيياملتعلم علييى أسيياس أنييه محييور العملييية التعليمييية‪ -‬التعلمييية‪.‬في حييين‪ ،‬يعييد املييدرس موجهييا‬

‫ومرشييدا ليييس إال ‪ .‬وبهييذا‪ ،‬يتميييز هييذا النسييق بطابعييه اإلنسيياني ‪ ،‬مييادام يركييز علييى شخصييية‬

‫امل ي ييتعلم النمائي ي يية‪ ،‬والفيزيولوجي ي يية‪ ،‬والبيولوجي ي يية‪ ،‬والنفس ي ييية‪ ،‬والوجداني ي يية‪ ،‬واالجتماعي ي يية‪،‬‬

‫والوجوديية‪.‬أي‪ :‬تهييدف هييذه املقارسية إلييى خلييق إنسيان وجييودي متميييز‪ ،‬يعتميد علييى نفسييه وذاتييه‬

‫في بناء التعلمات علر األنشطة واملشاريع والووعيات الفردية‪.‬‬

‫وتعد الالتوجوهية (‪ )le non-directivisme‬من أهم الطرائق التربوية التي تمثل هذا التوجه ‪،‬‬

‫وقد جاءت رد فعل على التيار اإللزامي و الفوووي‪ .‬ومن أهم ممثلوها ‪ :‬الفرن اي جان جاك‬

‫روسو‪ ،(J.Rousseau)185‬و الفرن اي أوليفيه ريبول‪ ،(O.Reboul)186‬واألمريكي كارل‬

‫‪185- Frédéric Worms, Rousseau, Émile ou de l'éducation, Livre IV, Paris, Ellipses, 2001.‬‬

‫‪186 - O.Reboul : La philosophie de l'éducation (première édition 1971) - 9e éd. - Paris : PUF, 2001 -‬‬

‫‪coll. Que sais-je ? n°2441.‬‬


‫‪202‬‬
‫روجرز(‪ .187)C.Rogers‬وتتأسس هذه الطريقة على ترسية الولد فردا وذاتا عكس‬

‫البيداغوجيا املؤسساتية (‪ )Pédagogie Institutionnelle‬التي تنصب على ترسية الجماعة‪.‬‬

‫و إذا كانت املذاهب التجريبية تربي الولد من أجل املجتمع‪ ،‬فإن أنصار الطبيعة يرسون‬

‫الولد من أجل الولد‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ينزع االتجاه األول إلى إلزام الولد وإجباره ترسويا‪ .‬أما اإلتجاه‬

‫الثاني ‪ ،‬فيرى أن التنش ة السلطوية إنما ي تشويه لطبيعة الولد‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإخضاعه‬

‫لقواعد خارج عن طاعته‪ ،‬و هو اإلنسان الخير اللريء‪ ،‬إنما هو إعدام لحريته و تقييد‬

‫ملواهبه‪ .‬وعليه‪ ،‬يرفض أوليفيه ريبول التربية اإلجبارية التي ال تهدف إال إلى امتثالية‬

‫اجتماعية ت حق الفرد وتقهره وتخرس لسانه‪ ،‬و ي أشبه بالتربية الفوووية التي تحجر‬

‫الولد في الطفولة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬ينادي ريبول بتربية إنسانية تخول له أن يكمل طبيعته في ثقافة‬

‫إنسانية‪.‬‬

‫وقد استوحى كارل روجرز مباد نظريته الالتوجوهية من روسو و الالتوجوهيين اآلخرين‪ .‬ومن‬

‫ثم‪ ،‬يرفض روجرز ما ذهب إليه فرويد على أساس أن جوهر اإلنسان ينطوي على غرائز‬

‫سي ة أو متوحشة بقوله‪:‬‬

‫"عندما نبلغ أعماق ما في الفرد‪ ،‬فإن ذلك األعمق هو بالذات ما نجزم جميعا بأنه سيكون‬

‫بنائيا‪ ،‬و سيميل إما إلى املجموعة‪ ،‬و إما إلى النمو األفضل صلة بين األشخاص‪"188.‬‬

‫‪187 - karl Rogers : Liberté pour apprendre, Dunod.1972.‬‬

‫‪203‬‬
‫وعليه‪ ،‬ترتكز الالتوجوهية عند روجرز على التلميذ‪ ،‬و تلغي سلطة املدرس ال منفعته ألن‬

‫اإلجبار ‪ ،‬باعتباره خطابا معياريا تقريريا‪ ،‬يخلق أناسا امتثاليين أو متمردين وغير مبدعين‪ .‬و‬

‫بالتالي‪ ،‬ينبغي على التعليم أن يهتم باملتعلم بصفة خاصة‪ ،‬بتحريره من وغو االمتحانات‬

‫و اللرامظ ‪ ،‬وسنائه وجدانيا في إطار دينامية الجماعة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فدور األستاذ بمثابة منش‬

‫وموجه ومرشد ليس إال‪ .‬أي‪ :‬هو ذلك الحاور‪/‬الغائب الذي ال يتدخل إال في حالة عجز‬

‫التالميذ التام عن متابعة النشا و التفكير الذاتيين‪ ،‬أو في حالة استعصاء مشكلة ما‬

‫بإعطاء توجوهات و إرشادات تساعد املتعلم على حلها اعتمادا على قدراته الذاتية‪ .‬و يكتفي‬

‫الفكري‪ ،‬وتوفير الشرو املوووعية‬ ‫املدرس بت جيع التالميذ على ممارسة النشا‬

‫والظروف املالئمة و الوسائل املادية واملعنوية داخل القسم‪ .‬ويشبه هذا الدور ما نجده‬

‫لدى أنصار التربية املؤسساتية حيث اليعتلي املدرس عندهم املنصة‪ ،‬وال يلقي دروسا‬

‫وإنما هو متعاون مثل باقي التالميذ‪ ،‬إال أنه يمتاز بكونه املتعاون األكثر علما ‪ ،‬واألكثر‬

‫تجرسة‪ ،‬واألعلم بدينامية املجموعة‪ ،‬و األكثر تمثيال للقانون والسلطة املدرسية‪ .‬فهو‬

‫يحافء على مؤسسة القسم‪ ،‬ويعمل على توفير الوسائل املادية واملعنوية‪ ،‬وال يتدخل في‬

‫املناقشة إال بطلب من التالميذ‪.‬‬

‫‪188‬‬ ‫‪-A regarder Jean-Claude Filloux, « Carl Rogers, le non-directivisme et les relations‬‬
‫‪humaines », Bulletin de psychologie, t. 16, no 214, 1963, p. 321-325.‬‬

‫‪204‬‬
‫وتستند الالتوجوهية إلى الحوار األصيل‪ ،‬أو الحوار الحر‪ ،‬أو املناقشة الحرة ‪ ،‬ونعني به ذلك‬

‫النوع الذي يشترك فيه املدرس مع التالميذ في إطار حوار متبادل وسناء بوصفه طرفا من‬

‫أطراف القسم‪ .‬فهو يشارك متعلميه مشاركة الند للند‪ ،‬وينحصر دوره في إدارة النقا ‪.‬‬

‫وتتضاءل قيمة املدرس عند روجرز ألنه يرفض سلطته ‪ ،‬ويرحب بتوجوهه وإرشاده‬

‫ومنفعته‪.‬أي‪ :‬إنه مجرد مرشد ومنش و مستشار تقني للمتعلمين‪ .‬ويعني هذا أن التربية ‪،‬‬

‫حسب أوليفيي ريبول‪ ،‬ال تبدأ إال حين تتوقف السلطة‪ ،‬وأن اإلجبار التربوي الوحيد هو‬

‫اإلجبار الذاتي‪.‬‬

‫ً‬
‫إذا‪ ،‬تنطلق هذه املقارسة من " مبدأ مركزي في النظر إلى ال خصية اإلنسانية‪ ،‬إذ يعتلرها‬

‫شخصية متحررة في جوهرها من أية وغو خارجية‪ ،‬قادرة على تحقيق ذاتها بذاتها‪ ،‬وعلى‬

‫التطور والنمو‪ ،‬وسالتالي قادرة على التعلم الذاتي‪"189.‬‬

‫وتقوم الالتوجوهية على إيجابية شخصية املتعلم‪ ،‬وتأكيد طابعها اإلنساني‪ ،‬وأنها ليست‬

‫خاوعة لسخوف والقلق‪ .‬وسالتالي‪ ،‬فهي قادرة على التعلم الذاتي‪ ،‬واإلبداع‪ ،‬واالبتكار‪،‬‬

‫والتحرر‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملتعلم ذات متفردة التقبل تدخل اآلخر أو ذات أخرى مقابلة تعوقها‬

‫عن النمو والتعلم‪.‬‬

‫‪ - 189‬عبد اللطيف الفارابي و خران‪:‬ال رامج والناهج‪ ،‬سلسلة علوم التربية‪ ،‬دار الخطابي للطباعة والنشر‪،‬‬
‫الطبعة األولى يوليوز ‪3662‬م‪ ،‬ص‪.323:‬‬
‫‪205‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬تقوم املقارسة الالتوجوهية على التعلم الذاتي والتسيير ال خصاي‪ ،‬واعتماد‬

‫املتعلم على نفسه في إنجاز واجباته‪ ،‬وأداء أعماله‪ ،‬ويتحول املدرس ‪ -‬هنا‪ -‬إلى مشرف‬

‫مرشد‪ ،‬وال يتدخل إال إذا طلب منه املتعلم ذلك‪ .‬وتعتمد الالتوجوهية على الحرية والعفوية‬

‫والتلقائية‪ ،‬وسناء املعرفة عن طريق التدريظ املنطقي وال خصاي‪ ،‬واالبتعاد عن طرائق‬

‫التدريس التلقينية القائمة على اإلكراه والتلقين والحفء ‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬تزرع هذه الطريقة الالتوجوهية الحديثة الثقة في املتعلم‪ ،‬وتعوده على املثابرة‬

‫ال خصية والتعلم الذاتي وحب املغامرة‪ ،‬واالستعانة بكفاءاته وقدراته الذاتية لحل‬

‫املشاكل والووعيات‪ ،‬وتطويع الصعوسات التي تواجهه في املدرسة والحياة على حد سواء‪.‬‬

‫‪‬القارب ــة التربوي ــة التمرك ــزة ح ــول نش ــاط الجماع ــة‪ :‬ترتك ييز ه ييذه املقارس يية عل ييى دور‬

‫الجماع يية العض ييوية ف ييي بن يياء التعلم ييات و ييمن فري ييق ترس ييوي‪ ،‬أو و ييمن س ييياق اجتم يياعي‪ ،‬أو‬

‫بمراعيياة مثييرات البي يية‪.‬ومن ثييم‪ ،‬يتميييز الطييابع التعلمييي بخاصيييته الجماعييية‪ .‬وقييد تييأثرت هييذه‬

‫املقارس يية ب ييالفكر املارك يياي وعل ييم ال يينفس االجتم يياعي كم ييا عن ييد مورين ييو(‪ ، )L.Moreno‬وواي ييت‬

‫(‪ ،)P.H.White‬وك ييورت ل ييوين (‪ ،)K.Lewin‬والبنائي يية االجتماعي يية ذات البع ييد االجتم يياعي كم ييا‬

‫عند فيكوتسكي(‪ ،)Vygotski‬و ميد(‪ ،)Mead‬وفالون (‪ ،)Wallon‬وغالي بييران (‪.)Galé Perin‬‬

‫فض ييال ع يين البي ييداغوجيا املؤسس يياتية الت ييي يك ييان يتزعمه ييا ك ييل م يين الباس يياد(‪، )G.Lapassade‬‬

‫وفاسكيز (‪ ،)A.Vasquez‬ولوسرو(‪ ،)M.Lobrot‬وفرينيه(‪…)C.freinet‬‬

‫‪206‬‬
‫وعليه‪ ،‬تعد البيداغوجيا املؤسساتية (‪ )Pédagogie Institutionnelle‬نموذجا للمقارسة‬
‫املتمركزة حول نشا الجماعة ‪ .‬ومفاد هذه املقارسة العضوية أن جميع املرسين ‪ ،‬دون‬
‫استثناء‪ ،‬يرفضون تحويل املؤسسة التربوية إلى مؤسسة الثكنة أو فضاء بيروقراطي‬
‫يكرس التمييز العنصري ‪ ،‬ويؤعا الصراع الطبقي‪ ،‬أو يتم إصالحها خارجيا بل ينبغي أن‬
‫الايدايوجيا الؤسساتية ‪PIDAGOGIE‬‬ ‫يكون اإلصالح داخليا قائما على مباد‬
‫‪ INSTITUTIONNELLE‬التي نظر لها كل من أوري( ‪ ،) OURY‬ولوسرو( ‪، ) LOBROT‬‬
‫والپاساد( ‪...) LAPASSADE‬‬

‫وتعد املدرسة املؤسساتية اتجاها ترسويا حديثا في فرنسا ‪ ،‬ويرى هذا االتجاه أن اإلصالح "‬
‫يجب أن يمر علر املؤسسة‪ ،‬باإلوافة إلى البنيات االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬ومن ثمة يجب‬
‫االهتمام بمفهوم اإلدارة الذاتية والتسيير الذاتي من أجل تحقيق االستقالل الذاتي‬
‫للمتربين في إطار مؤس اي مفتوح"‪.190‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ترفض هذه البيداغوجيا الجديدة املدرسة الثكنة التي تخنق التلميذ بنظامها‬
‫االنضباطي البيروقراطي الذي يحد من حرية التلميذ‪ ،‬فتتحول املدرسة إلى صندوق أسود‪،‬‬
‫أو إلى ثكنة عسكرية التؤمن إال بالنظام واالنضبا على حساب حرية التلميذ ولعبه‬
‫وأنشطته الثقافية ‪ ،‬والفنية‪ ،‬والرياوية‪ ،‬والعلمية‪.‬‬

‫لهذا‪ ،‬تقترح البيداغوجيا املؤسساتية مدرسة مرنة ومنفتحة تنبع قوانينها من التفاعل‬
‫الداخلي ألفرادها قصد االنتقال باملدرسة من مؤسسة التلقين والتوجيه واالنضبا‬
‫الوحشاي نحو مؤسسة إبداعية فاعلة وفعالة مبدعة ومبتكرة‪ ،‬تس ى إلى تحقيق التقدم‬
‫واالزدهار‪.‬‬

‫‪ - 190‬أحمد أوزي‪ :‬العجم الوسوعي لعلوم التربية‪،‬ص‪.326:‬‬


‫‪207‬‬
‫ومن أهم الذين دعوا إلى الفكر املؤسساتي التعاوني لدمقرطة املدارس اللروليتارية املربي‬
‫الفرن اي سلستان فرينيه( ‪ ) Célestin Freinet‬الذي استعمل مجموعة من الوسائل‬
‫التنشيطية لزرع الفكر التعاوني بين الناش ة التربوية‪ .‬وتتمثل هذه الوسائل في استخدام‬
‫املطبعة‪ ،‬والتراسل‪ ،‬والنصوص الحرة‪ ،‬والتحقيقات الخارجية‪ ،‬واالستهداء بالعمل‬
‫الجماعي‪ ،‬وتأسيس التعاونيات املدرسية‪ ،‬واستعمال الجذاذات ‪ ،‬والسهر على إنشاء جريدة‬
‫األطفال‪ ،‬واالعتماد على التسيير الجماعي‪ ،‬واالعتناء بكتاب الحياة‪ ،‬وتنظيم خزانة العمل‪،‬‬
‫وتشغيل اآلليات الحديثة كجهاز الفونو‪ ،‬واألسطوانات‪ ،‬والسينما‪...‬‬

‫ومن خالل العمل داخل فريق‪ ،‬يمكن تحقيق ديمقراطية التعلم وديمقراطية التعليم‪،‬‬
‫وأجرأة التربية الديمقراطية بحل املشكالت التي تواجه املتعلم في عامله املوووعي بسهولة‬
‫من خالل إنجاز األعمال املطلوسة منه بشكل فعال‪ ،‬و عالج الكثير من اآلفات النفسية‬
‫الفردية الشعورية والالشعورية كاألنانية والنبذ والكراهية والنفور‪ ،‬واستبدالها بمشاعر‬
‫أكثر نبال كاالن جام والتوافق والتشارك والتعاون واالبتكار الجماعي واإلبداع الهادف‪.‬‬

‫وإلزالة القيم السلبية‪ ،‬والحد من املشاعر الفردية السي ة‪ ،‬البد من دفع املتعلم إلى‬
‫االنصهار داخل الجماعة ليكتسب سلوكيات جماعية‪ ،‬ويتعود على الفكر االشتراكي العملي‬
‫بتدريب طاقته الجسدية والعقلية على تحقيق املردودية واإلنتاجية كما يقول أنطون‬
‫مكارينكو(‪ ، ) A. Makarenko‬وتعويد تالميذ الفصل على العمل الحر داخل جماعات‬
‫متجانسة من حيث السن واملستوى الدراهاي كما يقول كوزينيه(‪ ،)Cousinet‬وخلق فرص‬
‫للعمل الجماعي من أجل بناء مجتمع ديمقراطي مبدع ومزدهر‪.‬‬

‫‪ ‬القاربة التربوية التمركزة حول الكفاءة واإلدماج‪ :‬تستند هذه املقارسة على‬
‫القدرات والكفايات الرئيسة واملمتدة والنوعية بغية تأهيل املتعلم على مواجهة الووعيات‬
‫الصعبة واملعقدة واملركبة من أجل اكتساب الذكاء املعرفي والعملي‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالكفاية ي‬

‫‪208‬‬
‫بمثابة قدرات وموارد ومهارات ومواقف يستضمرها املتعلم ملواجهة مختلف الووعيات‬
‫الحياتية واملهنية والتدريسية التي تصادفها ‪ .‬وتمتح الكفايات أسسها النظرية والعملية من‬
‫اللسانيات التوليدية التحويلية لنوام شومسكي من جهة أولى‪ ،‬ومن علم النفس املعرفي‬
‫الورا ي من جهة ثانية‪ ،‬ومن بيداغوجيا اإلدماج من جهة ثالثة‪ .‬وبهذا‪ ،‬تهدف هذه املقارسة إلى‬
‫تكوين إنسان عقالني كفء ومؤهل قادر على مواجهة العوائق كافة سواء أكانت تدريسية‬
‫أم حياتية أم طبيعية‪...‬وتس ى هذه املقارسة إلى تكوين إنسان قادر على التحدي ومواجهة‬
‫الواقع ومن سياق إدماجي ‪.‬‬

‫وقد ترتب عن هذه املقارسة ظهور املقارسة اإلدماجية التي تتخذ بعدا تطبيقيا‪ .‬وإذا كان‬
‫التقويم يقصد به قياس قدرات املتعلم وخلراته وتعلماته ودراياته ومهاراته وإتقاناته‪،‬‬
‫مواطن القوة والضعف لديه فإن اإلدماج (‪ )Intégration‬هو توظيف‬ ‫بت خي‬
‫املكتسبات السابقة واستثمارها في معالجة الووعيات اإلدماجية املعقدة والصعبة‪ .‬بمعنى‬
‫أن املتعلم يستدمظ كل تعلماته وموارده الدراسية وأبحاثه ومعلوماته املخزنة واملستضمرة‬
‫في حل ووعية إدماجية ما بغية التثبت من مدى تحقق الكفاية املستهدفة أو تحقق‬
‫الكفاية األساسية املطلوسة‪ .‬ويساعدنا اإلدماج أيضا على حسن استعمال معارفنا ومهاراتنا‬
‫في التعامل مع الووعيات اإلدماجية سواء أكانت بسيطة أم مركبة‪ ،‬ومعالجتها وفق معايير‬
‫ومؤشرات كمية وكيفية بغية الحكم على املتعلم بالكفاءة والتأهيل أو عدم استحقاقه‬
‫ذلك‪ .‬والهدف من ذلك كله هو إعداد املتعلم لسحياة الواقعية أوالحرفية أو املهنية لكي‬
‫يتكيف مع سوق الشغل‪ ،‬ويتأقلم مع صعوسات الحياة ومشاكلها وعوائقها‪ .‬أي‪ :‬تسعف‬
‫عملية اإلدماج املتعلم في امتالك الذكاء الكفائي النظري والتطبيقي على حد سواء‪ ،‬وخلق‬
‫متعلم كفء ومحترف ومؤهل مهنيا‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬ينبني اإلدماج على التعلم الذاتي‪ ،‬واملوارد واملكتسبات‪ ،‬والووعيات اإلدماجية‪،‬‬
‫والحلول الناجعة‪ ،‬والتقويم‪ ،‬والتصحيح‪ ،‬واملعالجة‪ .‬ويشكل هذا كله ما يسمى باملقارسة‬
‫‪209‬‬
‫إدماجي‪،‬‬ ‫اإلدماجية (‪ .)Approche intégratrice‬ومن ثم‪ ،‬يمكن الحديث عن تخطي‬
‫وتدبير إدماجي‪ ،‬وتقويم إدماجي‪191.‬‬

‫(‪،)ROEGIERS‬‬ ‫كسافيي‪192‬‬ ‫وقد ارتبطت املقارسة اإلدماجية باملربي البسجيكي روجيرز‬


‫وبشريكه دوكيتيل (‪ ،)DE KETELE‬كما يتجلى ذلك واضحا في كتابهما (بيدايوجيا اإلدماج)‬
‫الذي نشر سنة ‪2222‬م‪.‬‬

‫منهاج التدريس في ووء‬


‫املنتظ البيداغوجي للنسق‬ ‫النسق التربوي‬
‫املقارسة البيداغوجية‬

‫املقارسة املتمركزة على تبليغ النسق التربوي ذو البعد‬


‫إنسان املحافظة‬
‫املعارفي‬ ‫املعرفة‬

‫النسق التربوي ذو البعد‬ ‫املقارسة املتمركزة حول‬


‫إنسان التقنية‬
‫التكنولوجي‬ ‫تعديل السلوك‬

‫النسق التربوي ذو البعد‬ ‫املقارسة املتمركزة حول‬


‫اإلنسان الوجودي‬
‫اإلنساني‬ ‫الكيان الوجداني‬

‫اإلنسان العضوي‬ ‫النسق التربوي ذو البعد‬ ‫املقارسة املتمركزة حول‬


‫املجتم ي‪.‬‬ ‫نشا الجماعة‬

‫‪ -191‬عبد الكريم غريب‪ :‬بيدايوجيا اإلدماج‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2233‬م‪ ،‬ص ‪.363-303:‬‬
‫‪192- ROEGIERS, X.,Avec la collaboration de DE KETELE, J.-M. Une pédagogie de l'intégration,‬‬

‫‪Bruxelles-Paris : De Boeck Université,2222. 304 pages.‬‬

‫‪210‬‬
‫اإلنسان املحترف‬ ‫النسق ذو البعد امل ي‬

‫املقارسة املتمركزة حول‬


‫الكفايات واإلدماج‬

‫وخالصــة القــول‪ ،‬لقييد تمثييل املنهيياج التربييوي املغربييي خمييس مقارسييات للمنهيياج الدراهيياي منهييا‬

‫املقارسيية املضييامينية التييي تعنييى بيياملقررات املوجهيية باملعرفيية‪ ،‬واملقارسيية النسييقية التييي تقييوم علييى‬

‫املخططييات املوجهيية باألهييداف‪ ،‬واملقارسيية الالتوجوهييية التييي تييؤمن باملنهيياج املبنييي علييى مراعيياة‬

‫حاجي ي ييات امل ي ييتعلم وميول ي ييه واتجاهات ي ييه ‪ ،‬واملقارس ي يية البيداغوجي ي يية املؤسس ي يياتية القائم ي يية عل ي ييى‬

‫التسي ي يييير الجمي ي يياعي والفكي ي يير التعي ي يياوني ‪ ،‬واملقارسي ي يية املتمركي ي ييزة علي ي ييى الكفايي ي ييات والووي ي ييعيات‬

‫اإلدماجييية القائم يية عل ييى النس ييق امل ييي م يين جه يية‪ ،‬وتك ييوين اإلنسييان املحت ييرف عملي ييا م يين جه يية‬

‫أخرى‪.‬‬

‫مرجعيات النهاج‪:‬‬

‫اليمكيين فهييم املنهيياج إال إذا فهمنييا أهدافييه وغاياتييه ومرجعياتييه وأسسييه وفلسييفته ومقاصييده‬

‫القريب يية والبعي ييدة ‪ .‬وم يين هن ييا‪ ،‬تش ييتق" أه ييداف املن ييا ا م يين أه ييداف التربي يية الت ييي تحيلن ييا عل ييى‬

‫تسا الت متشابكة ندرجها بالكيفية التالية‪:‬‬

‫‪211‬‬
‫‪‬ما ي الغايات و األهداف والنتائظ املنتظرة في التربية؟‬

‫‪‬من أين يستمد نظام تعليمي معين فلسفته التربوية واختياراته التعليمية؟‬

‫‪‬من أين تستمد أهداف التربية مشروعيتها؟‬

‫‪‬ما عالقة املنا ا بالخصوصيات الحضارية للمجتمع علر تاريخه وسأوواعه االقتصادية‬
‫واالجتماعية الراهنة وسحاجاته وتطلعاته املستقبلية؟‬

‫‪‬ما عالقتها بحاجات املتعلمين وخصائصهم النهائية ومتطلباتها وسبل تعلمهم وطبيعة‬
‫اإلسهام املنتظر منهم؟‬

‫‪‬ما عالقتها بما وصلت اإلنسانية من خلرة حضارية ونتائظ علمية في املجاالت املختلفة بما‬
‫في ذلك نتائظ الدراسات ذات الصلة بالتربية والتعليم؟‬

‫فاملنهاج التعليمي ال يتحرك في فراغ‪ ،‬وليس نسقا مغلقا ومنفصال عن املشروع الحضاري‬
‫املجتم ي للمنظومة الحضارية بكل أبعادها ‪"193.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬ينبني املنهاج التربوي املغربي على مجموعة من املرجعيات اإلحالية التي تتمثل في‬
‫املرجعيات املرتبطة بفلسفة التربية‪ ،‬واملرجعيات السياسية‪ ،‬واملرجعيات القانونية‬
‫والتشريعية‪ ،‬واملرجعيات القيمية واألخالقية‪ ،‬واملرجعيات التربوية ‪ ،‬واملرجعيات الثقافية‪.‬‬

‫وإذا كانت " املنا ا تستمد توجهاتها من الوس التربوي‪ ،‬فهي تتفاعل كذلك بكيفية غير‬
‫مباشرة مع املحي الخارجي من خالل السياسية التربوية‪ ،‬وقد أكدنا في السابق أن هذا‬
‫يتشكل من مجموع التفاعالت بين األنساق املتفاعلة فيما بينها والتي تشكل‬ ‫املحي‬

‫‪ -193‬ميلود أحبادو‪ ( :‬مقومات املنهاج التعليمي)‪ ،‬مجلة التدر س‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬ص‪.32 :‬‬
‫‪212‬‬
‫السياسة التربوية‪.‬ومن العوامل التي تؤثر في املنهاج من خالل تأثيرها في السياسة التربوية‬
‫نذكر‪:‬‬

‫‪-‬التوجهات السياسية للمجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬املعطيات االقتصادية واملادية‪.‬‬

‫‪ -‬املعطيات الديمغرافية والطبيعية‪.‬‬

‫‪ -‬طبيعة التسيير اإلداري العام ونظامه‪.‬‬

‫‪ -‬القيم الثقافية والفكرية السائدة‪"194.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬يتبين لنا‪ ،‬مما سلف ذكره‪ ،‬أن املنهاج التربوي عبارة عن خطة استشرافية‬
‫توقعية تتعلق بغايات التربية والتعليم وفق املقارسة السياسية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتميز املنهاج‬
‫الحديث واملعاصر عن املنهاج التربوي التقليدي باالعتماد على الحرية‪ ،‬وتعلم الحياة علر‬
‫الحياة‪ ،‬والتركيز على التعلم الذاتي‪ ،‬واالهتمام باللعب‪ ،‬وتطبيق الطرائق التربوية الفعالة‪،‬‬
‫واالسترشاد بعلم النفس وعلم االجتماع‪ ،‬واالنطالق من األهداف والكفايات األساسية‬
‫والنوعية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يمكن الحديث عن أنواع عدة من املنا ا التربوية‪ ،‬فهناك منهاج املواد املنفصلة‪،‬‬
‫ومنهاج املواد املترابطة‪ ،‬ومنهاج املواد املتشابهة‪ ،‬ومنهاج النشا الفردي والجماعي‪ ،‬ومنهاج‬
‫امليول‪...‬‬

‫ويستند املنهاج التربوي املغربي إلى ثالثة محددات رئيسة ي‪ :‬االعتماد على مبدإ االختيار‪،‬‬
‫واألخذ بتربية القيم‪ ،‬وتطبيق املقارسة بالكفايات واإلدماج‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ينفتح املنهاج‬
‫التربوي املغربي على خمس مقارسات متنوعة كاملقارسة املضمونية‪ ،‬واملقارسة املتمركزة على‬

‫‪ -194‬عبد اللطيف الفاربي و خران‪ :‬ال رامج والناهج‪ ،‬ص‪.36:‬‬


‫‪213‬‬
‫تغيير السلوك‪ ،‬واملقارسة املتمركزة على شخصية املتعلم‪ ،‬واملقارسة املتمركزة على األهداف‪،‬‬
‫واملقارسة املتمركزة على الكفايات واإلدماج‪.‬‬

‫‪‬مفهوم ال رنامج الدراس ي‪:‬‬

‫يستند الفعل التربوي والديدكتيكي إلى مجموعة من الوثائق واملفاهيم الرئيسة التي ينبغي‬
‫اإلملام بها في بناء الدروس والتعلمات والوحدات والحلقات الدراسية‪ .‬ومن الصعب بمكان‬
‫استيعاب علم الديدكتيك‪ ،‬أو التربية الخاصة‪ ،‬دون التوقف عند بعض املصطسحات‬
‫الرئيسة كاملنهاج‪ ،‬واللرنامظ‪ ،‬واملقرر‪ ،‬والكتاب املدرهاي‪ ،‬واملجزوءة‪ ،‬والوحدة التعلمية‪...‬‬

‫وما يهمنا في هذا املقام هو التوقف عند مفهوم اللرنامظ بالتحليل‪ ،‬والفح ‪ ،‬والدرس‪،‬‬
‫والتقويم‪.‬‬

‫أوال‪ ،‬مفهوم ال رنامج الدراس ي‪:‬‬


‫يعد اللرنامظ (‪ )Programme‬أقل عمومية من املنهاج‪ ،‬وأكثر تجريدا من املقرر التعليمي‪.‬‬
‫بمعنى أن اللرنامظ يتضمن محتويات وقيما وعناوين ومضامين عامة غير مفصلة بشكل‬
‫إجرائي‪ ،‬وتستمد خلراتها وتوجوهاتها وتعليماتها من فلسفة املنهاج‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تتحول‬
‫مضامين هذا اللرنامظ إلى مقررات دراسية خاصة بكل مادة معينة‪ ،‬وتكون هذه املقررات‬
‫مفصلة‪ ،‬وأكثر خصوصية وإجرائية‪ ،‬ومن وظائف اللرنامظ اللرمجة والتدبير‪.‬‬

‫ويعرفه أحمد أوزي بقوله‪:‬‬

‫" كلمة برنامظ في معناها العام تطلق على التخطي املهيإ مسبقا‪ ،‬والذي تحدد فيه األشغال‬
‫أو الساعات التي ستنجز فوها مجموعة من األنشطة‪.‬مثل برنامظ حفل‪،‬أو برنامظ سفر‬
‫سياحي‪ ،‬أو دراهاي‪ ،‬أو برنامظ حكومي ملجموعة من املشاريع التي تتطلع إلى إنجازها في‬
‫املستقبل‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫أما في مجال التربية والتعليم‪ ،‬فإن كلمة برنامظ غالبا ما تطلق على الوثيقة أو الوثائق التي‬
‫تحدد مختلف مراحل التمدرس‪ ،‬واملواد التي ينبغي تدريسها‪ ،‬واملعارف املطلوسة في‬
‫االمتحانات‪.‬وفي هذا املعنى يقال برنامظ التعليم اإلعدادي أو الثانوي أو برنامظ العلوم في‬
‫السنة األولى من التعليم الثانوي‪...‬إلخ‪"195.‬‬

‫وتعرفه اليونيسكو أيضا بقولها‪:‬‬

‫"اللرنامظ هو تحديد للمواد املراد تعليمها‪ ،‬وتكوين جدول لكل مادة يحدد عدد ساعات‬
‫تدريسها وقائمة املحتويات التي ينبغي اكتسابها أي املعارف املفرووة‪".196‬‬

‫وإذا كان مسيرو التعليم ومقرروه السياسيون هم الذين يخططون املنهاج في شكل غايات ‪،‬‬
‫وإذا كان املدرسون هم الذين يحددون األهداف اإلجرائية السلوكية التي تنحصر في تنفيذ‬
‫املقرر والكتاب املدرهاي‪ ،‬فإن وزارة التربية الوطنية ولجانها ي التي تسهر على ووع اللرامظ‬
‫الدراسية وفق املرامي‪.197‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فاللرنامظ الدراهاي هو بمثابة نها أو خطة تعليمية ‪/‬تعلمية موجهة إلى متعلم فرد‪ ،‬أو‬
‫صف دراهاي‪ ،‬أو مستوى تعليمي معين‪ ،‬أو مسلك دراهاي‪ ،‬أو ملؤسسة تعليمية‪ ،‬أو لعدد من‬
‫املؤسسات التعليمية‪ .‬وقد ينفذ هذا اللرنامظ ومن يوم دراهاي واحد‪ ،‬أو أسبوع‪ ،‬أو مرحلة‬
‫معينة‪ ،‬أو فترة دراسية‪ ،‬أو فصل معين‪ ،‬أو دورة محددة‪ ،‬أو سنة كاملة‪.‬‬

‫‪ /2‬محتويات ال رنامج‪:‬‬

‫‪-195‬أحمد أوزي‪ :‬العجم الوسوعي لعلوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.32-26 :‬‬
‫‪ -196‬نقال عن أحمد أوزي‪ :‬العجم الوسوعي لعلوم التربية‪،‬ص‪.32 :‬‬
‫‪ -197‬عبد اللطيف الفاربي و خران‪ :‬ال رامج والناهج‪ ،‬دار الخطابي للنشر‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪،‬‬
‫ص‪.33:‬‬
‫‪215‬‬
‫يحوي اللرنامظ خطة املنهاج الدراهاي من حيث األهداف والكفايات ‪ ،‬ويضم مجموعة من‬
‫منا ا التدريس‪ ،‬واملحتويات واملضامين الدراسية‪ ،‬واألنشطة التعليمية املراد إنجازها‪،‬‬
‫وكذا الطرائق البيداغوجية‪ ،‬والوسائل الديدكتكية‪ ،‬واإليقاعات الزمنية واملكانية‪ ،‬وأنظمة‬
‫التواصل‪ ،‬ووسائل التقويم واملعالجة واملراجعة والدعم والتغذية ‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يمكن الحديث‬
‫عن برنامظ اللغة العرسية‪ ،‬وسرنامظ التربية اإلسالمية‪ ،‬وسرنامظ العلوم‪ ،‬وسرنامظ الرياويات‪،‬‬
‫إلخ‪...‬‬

‫ويرتب اللرنامظ الدراهاي بلرمجة النظام التربوي وتدبيره في سلك دراهاي معين‪ ،‬أو بمادة‬
‫دراسية معينة‪ ،‬ومن نسق إيقاعي زمني ومكاني ‪ .‬ويستند إلى األهداف العامة من التربية‪.‬أي‪:‬‬
‫توجهات التربية والتعليم‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يتعلق اللرنامظ بأهداف قطاع التربية والتعليم في مجال‬
‫التربية والتكوين والتأطير والتدريس‪ .‬فللتعليم االبتدائي أهدافه العامة‪ ،‬وللتعليم اإلعدادي‬
‫والثانوي أهدافه العامة‪ ،‬وللتعليم الجام ي أهدافه العامة‪ ،‬وللتكوين امل ي كذلك أهدافه‬
‫ومراميه وأغراوه‪ .‬ويعني هذا أن مرامي اللرنامظ أقل عمومية من الغايات‪ ،‬وترتب بفلسفة‬
‫قطاع التربية والتعليم‪ .‬في حين‪ ،‬ترتب الغايات بسياسة الدولة العامة‪ ،‬أو املنهاج العام‬
‫للتربية‪ ،‬كأن نقول ‪ -‬مثال‪ -‬يهدف التعليم امل ي إلى تكوين مهنيين محترفين في مجال‬
‫التكنولوجيا والصناعة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يرتب اللرنامظ بمستوى دراهاي معين‪ ،‬ومادة معينة ‪ ،‬كأن نقول برنامظ‬
‫مادة اللغة العرسية في السلك االبتدائي‪ ،‬وسرنامظ الرياويات في السلك اإلعدادي‪ ،‬وسرنامظ‬
‫الفلسفة في التعليم الثانوي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتضمن اللرنامظ أهداف املواد الدراسية وكفاياتها‬
‫املتنوعة‪ ،‬ومواصفات متعلمي السلك الدراهاي‪ ،‬ورصد عناوين املواد مع أهدافها‬
‫ومقاصدها‪ ،‬وتبيان طرائق التدريس‪ ،‬وتبيان ليات التقويم‪.‬‬

‫ويعني هذا كله أن اللرنامظ جزء من املنهاج التربوي‪ ،‬يسهر عليه مسيرو التعليم ومؤطروه‪،‬‬
‫واألهداف الخاصة املتعلقة بقطاع التربية والتعليم في سلك‬ ‫وهو مجموعة من األغرا‬
‫‪216‬‬
‫دراهاي معين‪ ،‬وفي مادة معينة‪.‬ومن ثم‪ ،‬يتضمن اللرنامظ الدراهاي مجموعة من املحتويات‬
‫والخلرات والتجارب مقدمة بطريقة مستسلسلة‪ ،‬بتحديد مجموعة من املدخالت في شكل‬
‫أهداف وكفايات‪ ،‬وتبيان الطرائق والوسائل الديدكتيكية والبيداغوجية الكفيلة بتحقيق‬
‫هذه املدخالت‪ ،‬مع تنظيم اإليقاعات الزمنية واملكانية والصفية‪ ،‬وتحديد ليات التواصل‬
‫اللفظي وغير اللفظي‪ .‬كما يشتمل اللرنامظ على ليات التقويم املختلفة من امتحانات‬
‫واختبارات ومقاييس وطرائق الدعم واملعالجة والتقييم والتغذية الراجعة‪ .‬كما يحوي‬
‫اللرنامظ مواصفات املتعلمين من النواحي النمائية‪ ،‬والنفسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والتربوية‪ .‬ومن‬
‫ثم‪ ،‬يتميز اللرنامظ باملالءمة‪ ،‬والتماسك‪ ،‬والفعالية‪ ،‬والقابلية للتطبيق‪.‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬قد يتضمن اللرنامظ املقرر الدراهاي والتوزيع السنوي إلى جانب املخط‬
‫الدراهاي والوحدات الدراسية ومجاالتها ومختلف املكونات املدرسة‪.‬عالوة على مواصفات‬
‫املتعلم‪ ،‬ورصد ملختلف األهداف والكفايات األساسية والنوعية‪ ،‬وتبيان الطرائق املنهجية‬
‫في عملية التدريس الخاصة بكل مكون على حدة‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يسمى اللرنامظ بالدليل ( ‪Le‬‬
‫‪ ،)guide‬أو كتاب األستاذ كما في التعليم االبتدائي‪ ،‬أو دليل تنفيذ املنهاج ملادة معينة في‬
‫التعليم اإلعدادي والثانوي التأهيلي‪ .‬وقد يكون اللرنامظ عبارة عن مذكرات وزارية تفصل‬
‫املقرر واللرنامظ الدراهاي بشكل واض‪ ،‬وجلي‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬يتبين لنا‪ ،‬مما سبق ذكره‪ ،‬أن اللرنامظ عبارة عن دليل أو خطة واضحة‬
‫املعالم واملالمح‪ ،‬تسعف املدرس في تحضير دروسه وتعلماته وفق مجموعة من املواصفات‬
‫واألهداف والكفايات على مستوى املدخالت‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالعمليات التعليمية‪-‬التعلمية‪ ،‬يهتم اللرنامظ بتبيان املحتويات‪ ،‬وتحديد‬


‫الوسائل الديدكتيكية املالئمة لكل درس‪ ،‬وتبيان مختلف الطرائق البيداغوجية‪ ،‬واستجالء‬
‫اإليقاعات الزمانية واملكانية‪ ،‬وتنظيم العملية التواصلية من جميع جوانبها‪.‬‬

‫وفيما يتعلق باملخرجات‪ ،‬يرتكز اللرنامظ على التقويم والتغذية الراجعة واملعالجة والدعم‬
‫على حد سواء‪.‬‬

‫‪ /1‬القررالدراس ي‪:‬‬
‫ثمة مجموعة من املصطسحات التربوية التي ينبغي أن يتوقف عندها الباحث أو الدارس أو‬
‫املكون أو طالب التربية بالبحث والتحليل واملناقشة وفق املقارسة االصطالحية‪ ،‬قبل‬
‫‪218‬‬
‫الخو في مجال التربية الخاصة ‪ ،‬والتعمق في علوم التربية‪ .‬ومن أهم املفاهيم التربوية التي‬
‫تثير االوطراب واللبس والخل مفهوم املقرر الدراهاي في عالقته باملنهاج واللرنامظ من‬
‫جهة‪ ،‬والكتاب املدرهاي من جهة أخرى‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ما مفهوم املقرر الدراهاي؟ وما أسسه ومرتكزاته؟ وما وظيفته ومن النسق التربوي؟‬
‫وما عالقته باللرنامظ والكتاب املدرهاي؟‬

‫هذا ما سوف نتطرق إليه في العناوين الفرعية املوالية‪:‬‬

‫‪ /1‬مفهوم القررالدراس ي‪:‬‬


‫ينصب املقرر الدراهاي (‪ )Cursus scolaire /Course‬على تفصيل الدروس‬
‫واملواد واملحتويات حسب الزمن الدراهاي السنوي‪ ،‬وحسب املجزوءات واملراحل والوحدات‬
‫والفصول‪ .‬وسالتالي‪ ،‬يخضع املقرر الدراهاي ملنطق التوزيع‪ ،‬والتصنيف‪ ،‬والتراكم‪ ،‬والترتيب‪،‬‬
‫والتجزيء‪ ،‬وتكييف الدروس واملواد التعلمية حسب املناسبات واألوقات الطبيعية‬
‫واملناسباتية التي تتالءم مع أهداف الدرس وغاياته‪.‬‬

‫ويرتب املقرر باألهداف العامة والكفايات النوعية من جهة‪ ،‬وسواو ي املقررات الدراسية‬
‫من جهة أخرى‪ .‬وهو عبارة عن وحدات ومواد دراسية مرتبطة بمكوناتها ومجاالتها‬
‫الرئيسة‪.‬والهدف الرئيس من املقرر هو التنظيم والهيكلة وترتيب املحتويات والعناوين‬
‫حسب املكونات والوحدات واملجاالت واإليقاعات الزمنية واملكانية‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫ويرى الحسن السحية أن املقرر الدراهاي " هو مرادف املواد أو الدروس‪ ،‬وهو نفسه بالنسبة‬
‫لجميع التالميذ ‪ .‬يحدد املقرر ما ينبغي أن يتعلمه التالميذ في كل سنة دراسية وفي كل مادة‬
‫من املواد املدرسة في السنة‪"198.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فاملقرر الدراهاي عبارة عن الئحة أو فهرس من املواد واملحتويات الواجب تعلمها‬
‫وتدريسها‪ .‬ويمكن القول‪ :‬إن املقرر الدراهاي هو تفصيل للدروس واألنشطة املصحوسة‬
‫بالتوزيع السنوي‪.199‬‬

‫وعليه‪ ،‬فاملقرر الدراهاي هو عبارة عن مواد ومحتويات ومضامين وووعيات ومفاهيم‬


‫وموارد دراسية في شكل عناوين مترابطة ومتسلسلة ‪ ،‬أو هو جملة من النصوص واملعارف‬
‫واملعلومات واملهارات واملوارد واملواقف والحقائق واملفاهيم واملصطسحات التي يختارها‬
‫مجموعة من الخلراء واملدرسين واملفتشين والسجان التربوية لتكون رهن إشارة املتعلمين وفي‬
‫خدمتهم‪ .‬وتل ي ميول املتعلمين الذهنية والوجدانية والحسية الحركية‪ ،‬وتراعي اتجاهاتهم‬
‫النفسية‪ ،‬وتل ي حاجياتهم املختلفة واملتنوعة‪ .‬ويرد املقرر في شكل مواويع ودروس وموارد‬
‫ومواقف ومهارات ووحدات ومحتويات وخلرات وتجارب تكسب املتعلمين ما يحتاجونه من‬
‫معارف ومعلومات وحقائق مهمة الستضمارها بغية توظيفها في مجاالت الحياة املختلفة‪.‬‬

‫‪ /2‬عالقة القرربالنهاج وال رنامج والكتاب الدرس ي‪:‬‬


‫للمقرر املدرهاي عالقة وثيقة باملنهاج التربوي من جهة‪ ،‬واللرنامظ الدراهاي من جهة أخرى‪.‬‬
‫أي‪ :‬إن ثمة عالقة وثيقة ونسقية قائمة على التجزيء والتوويح والتفصيل والتنويع‪ .‬ويعني‬
‫هذا أن املقرر الدراهاي يحترم تعليمات املنهاج العام‪ ،‬ويستمد مشروعيته من اللرنامظ‬
‫الدراهاي‪ .‬ويتميز بطابعه امللموس والح اي‪ ،‬مادام هذا املقرر يحوي عناوين واضحة وجلية‬

‫‪ - 198‬الحسن السحية‪ :‬االمتحانات الهنية (علوم التربية)‪ ،‬منشورات املعارف‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2233‬م‪ ،‬ص‪.222:‬‬
‫‪ 199‬الحسن السحية‪ :‬نفسه ‪ ،‬ص‪.222:‬‬
‫‪220‬‬
‫بعيدة عن خاصيتي التجريد والفلسفة اللتين يتسم بهما املنهاج التربوي العام‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫فاملقرر الدراهاي عبارة عن مواد دراسية ووحدات تعليمية تعلمية ‪ ،‬تختارها لجن ترسوية‬
‫مشرفة تتكون من مفتشين وخلراء ومدرسين بشكل دقيق ‪ ،‬ثم تدرس هذه املقررات في‬
‫املدارس العمومية والخصوصية ‪ ،‬يقبل علوها املتعلمون بإشراف املدرس‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ستخدم مجموعة ِمن العناوين‬ ‫مكتوسة ت‬
‫ٍ‬ ‫خطة‬
‫ٍ‬ ‫عن‬ ‫ة‬ ‫ومن هنا‪ ،‬فاملقرر الدراهاي " هو عبار‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الدراسية التي تعتمد على املراجع واملنا ا املعتمدة خالل الفصل الدراهاي الواحد‪ ،‬ومن‬
‫التفاعل بين املعلم والطالب ومحتوى‬ ‫تعريفات املقرر‪ :‬هو املحتوى الذي ُيساعد في تحقيق ّ‬
‫ً‬
‫عتمدا على الكتب ّ‬ ‫املادة ّ‬
‫الدراسية‪ ،‬أم املراجع اإللكترونية من خالل‬ ‫سواء أكان ُم‬
‫الدراسية ً‬
‫جهاز الحاسوب‪ ،‬أم ّ‬
‫الزيارات امليدانية‪.‬‬
‫النتائظ باالعتماد على دور الطالب في فهم املادة ّ‬
‫الدراسية‬ ‫َيهدف املقرر إلى تحقيق أفضل ّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫مناسبة داخل الغرفة‬
‫ٍ‬ ‫تعليمية‬
‫ٍ‬ ‫منظومة‬
‫ٍ‬ ‫بمساعدة املعلم‪ِ ،‬لذلك ُيساهم املقرر في تطبيق‬
‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫الصفية‪ ،‬وتتوزع على مجموعة من الوحدات ّ‬
‫وحدة منها هدف ُم ٍ‬
‫حدد يجب‬ ‫ٍ‬ ‫الدراسية‪ ،‬ولك ِل‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْأن ُ‬
‫بأسلوب‬
‫ٍ‬ ‫ر‬‫املقر‬ ‫تعليم‬ ‫تطبيق‬ ‫في‬ ‫ساعد‬ ‫ت‬ ‫بها‬ ‫خاصة‬ ‫تعليمية‬ ‫ومصادر‬ ‫الطالب‪،‬‬ ‫حققه‬ ‫ي‬
‫ومناسب مع الطالب‪".200‬‬
‫ٍ‬ ‫سهل‬
‫ٍ‬
‫وعلى العموم‪ ،‬إذا كان اللرنامظ مفصال ومسهبا في مقتضياته وسنوده وتعليماته وتوصياته‪،‬‬
‫ح اي‪ ،‬في شكل‬ ‫فإن املقرر عبارة عن عناوين عامة تحتاج إلى تنزيل وتفصيل وت خي‬
‫نصوص ودروس ووحدات وحلقات ومقاطع ديدكتيكية‪ ،‬وهذا ما يقوم به الكتاب املدرهاي‪.‬‬

‫ومن هنا‪ " ،‬يتناقض مفهوم املقرر الدراهاي مع املنهاج الدراهاي‪ ،‬فاملقرر‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬هو‬
‫الئحة املواد الواجب تدريسها مصحوسة بتعليمات منهجية تلررها وتقدم مؤشرات حول‬

‫‪ -200‬مجد خضر‪( :‬الفرق بين املنها واملقرر)‬


‫‪http://mawdoo3.com/‬‬
‫‪221‬‬
‫الطريقة أو املقارسة التي ينظر إلوها مؤلفوها بأنها األحسن أو األكثر دقة لتدريس تلك‬
‫املحتويات‪201".‬‬

‫وعليه‪ ،‬يتميز املقرر الدراهاي عن املنهاج واللرنامظ بخاصية الفهرسة من جهة‪ ،‬وسالئحته‬
‫العنوانية العريضة التي تضم مجموعة من املحتويات واملواد والدروس املنفصلة املنعزلة‬
‫عن سياقها الداللي واملرج ي والتربوي والديدكتيكي من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪ /1‬أسس القررالتربوي ومرتكزات ‪:‬‬


‫ينبني املقرر الدراهاي على مجموعة من األسس واملبادىء التربوية والنفسية واالجتماعية‬
‫والديدكتيكية كمبدإ اللرمجة‪ ،‬ومبدإ الهيكلة‪ ،‬ومبدإ التفصيل‪ ،‬ومبدإ التنظيم‪ ،‬ومبدأ‬
‫العنونة‪ ،‬ومبدإ التوزيع‪ ،‬ومبدإ التصنيف‪ ،‬ومبدإ الترتيب‪ ،‬ومبدإ التنويع‪ ،‬ومبدإ االنتقاء‪،‬‬
‫ومبدإ االختيار‪ ،‬ومبدإ التخطي ‪ ،‬ومبدإ التوجيه‪ ،‬ومبدإ التقسيم‪ ،‬ومبدإ التسلسل‪ ،‬ومبدإ‬
‫التدريس‪ ،‬ومبدإ التوحيد‪ ،‬ومبدإ التجزيء‪ ،‬ومبدإ التعميم‪ ،‬ومبدإ املراجعة‪ ،‬ومبدإ التغيير‪،‬‬
‫ومبدإ التطوير‪ ،‬ومبدإ التجديد‪ ،‬ومبدإ التجويد‪ ،‬ومبدإ التوصيف‪ ،‬ومبدإ االحتواء‪ ،‬ومبدإ‬
‫الفهرسة‪ ،‬ومبدإ املالءمة‪ ،‬ومبدإ الشمولية‪ ،‬ومبدإ التراكم‪ ،‬ومبدإ املجاالت‪ ،‬ومبدإ‬
‫املكونات‪ ،‬ومبدإ الوحدات‪...،‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬فاملقرر الدراهاي عبارة عن مجموعة من املواويع والعناوين والوحدات‬


‫التي ينبغي تدريسها لصف دراهاي معين‪ ،‬وفي مادة معينة ‪.‬ومن ثم‪ ،‬يراعي املقرر فلسفة‬
‫املنهاج من جهة‪ ،‬ويحافء على توجهات اللرنامظ من جهة أخرى‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتميز املقرر بتراكم‬
‫املحتويات والعناوين وتفصيلها في لوائح وجداول ومذكرات واستعماالت الزمن‪ ،‬وقد تكون‬
‫محتويات املقرر إما متناقضة و متنافرة و متباعدة ‪ ،‬وإما متشابهة ومترابطة ومتكاملة ‪.‬‬

‫‪ - 201‬الحسن السحية‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.222:‬‬


‫‪222‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬يتميز املقرر الدراهاي بطابع االنفصال والتراكم والتجزيء والتتابع‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫تكون املادة املقررة في تلك اللوائح دون داللة أو مقصدية أو معنى ‪ ،‬مادامت منعزلة عن‬
‫النصوص واملحتويات واملضامين ‪ ،‬ومنفصلة عن بي تها ومحيطها السوسيواقتصادي‪.‬‬

‫رابعا‪ ،‬الكتاب الدرس ي‪:‬‬


‫يعد الكتاب املدرهاي (‪ )Le manuel scolaire‬وثيقة من الوثائق التربوية والتعليمية التي‬
‫يستعين بها املدرس والتلميذ معا في بناء الدرس‪ ،‬وتحقيق األهداف الخاصة والوسط‬
‫والعامة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فله عالقة وثيقة باملنهاج واللرنامظ واملقرر‪ ،‬مادام عنصرا بنيويا وجزءا‬
‫فعاال ومن النسق التربوي‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالكتاب املدرهاي بمثابة وعاء يشمل مجموعة من‬
‫الدروس واملضامين واملحتويات واملوارد والتعلمات التي ينبغي للتلميذ التقيد بها‪ ،‬وإنجازها‬
‫داخل القسم أو خارجه‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ما مفهوم الكتاب املدرهاي؟ وماعالقته باملنهاج واللرنامظ واملقرر ؟ وما مواقف الباحثين‬
‫واملرسين والفالسفة من الكتاب املدرهاي؟ وما الكتاب اإللكتروني؟ وما عالقة الكتاب‬
‫املدرهاي بالصورة؟ وما إيجابياته وسلبياته؟‬

‫هذا ما سوف نتوقف عنده في هذه املطالب على الشكل التالي‪:‬‬

‫مفهوم الكتاب الدرس ي‪:‬‬


‫يعد الكتاب املدرهاي وسيلة إجرائية تنفيذية ملموسة لتطبيق فلسفة املنهاج في الواقع‬
‫امليداني‪ ،‬وتمثل توجوهات اللرنامظ‪ ،‬وإنزال املقرر املدرهاي إلى حيز الوجود‪ .‬ويعني هذا أن‬
‫ملجموعة من الدروس املتراكمة اتساقا وان جاما‪،‬‬ ‫الكتاب املدرهاي وعاء ح اي م خ‬
‫وفق تسلسل منطقي ‪ ،‬ووفق وحدات ‪ ،‬ومجزوءات‪ ،‬واتجاهات‪ ،‬وتيمات‪ ،‬وفي ووء‬
‫اإليقاعات الزمانية واملكانية املمكنة‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يستند الكتاب املدرهاي إلى مبدإ االختيار والتنوع وااللتزام بتوجوهات املنهاج‪،‬‬
‫واالنطالق من مباد اللرنامظ‪ ،‬وتفصيل عناوين املقرر ومواده ومحاوره ووحداته‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يتوجه الكتاب املدرهاي إلى التلميذ املتعلم أو املتمدرس بالخصوص ملساعدته‬
‫على استيعاب دروسه‪ ،‬وإنجاز األنشطة الدراسية داخل املدرسة وخارجها‪ ،‬والتثبت من‬
‫قدراته النمائية والكفائية ‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهو عبارة عن مجموعة من الدروس املبثوثة بين دفتي‬
‫الكتاب‪ ،‬في شكل نصوص‪ ،‬وخلرات‪ ،‬وتجارب‪ ،‬وأنشطة تعلمية تطبيقية‪ ،‬وكفايات‬
‫وووعيات‪ ،‬أو أهداف إجرائية ‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فقد جاء في ممجم (مصطلحات التربية والتعليم) أن الكتاب املدرهاي " هو الكتاب‬
‫الذي يقدم للمتعلم كل ما يحتاجه من معلومات وحقائق بأسلوب يتناسب ومستواه‬
‫الفكري‪ .‬فهو وسيلة تعليمية أساسية في عملية التعليم والتعلم‪ ،‬نظم بحسب املنها‬
‫التربوي املقرر من وزارة التربية الوطنية‪ ،‬وفي ووء القدرات املتاحة للمتعلمين لكي‬
‫يستعينوا به لتنمية معارفهم‪ ،‬وفهم املعطيات العلمية املطلوسة منهم‪ .‬لهذا اعتلر الكتاب‬
‫املدرهاي مرجعا يعود إليه املتعلم‪ ،‬سواء كان ذلك داخل الصف أو خارجه فهو يستعين به‬
‫لتنفيذ ما هو مطلوب منه‪ ،‬وسخاصة التمارين التطبيقية املتعلقة بكل درس من‬
‫الدروس"‪.202‬‬
‫وأكثر من هذا " يمثل الكتاب املدرهاي املصدر األساهاي لتزويد التالميذ بهذه املعلومات‪ ،‬ثم‬
‫يتولى املدرس شرحها وتبسيطها وتحليلها والتعليق علوها ‪ ،‬ويقوم التلميذ بفهمها أو حفظها‬
‫أو استيعابها‪ ،‬وتعمل االمتحانات على قياسها‪"203.‬‬

‫‪ - 202‬جرجس ميشال جرجس‪ :‬معجم مصطلحات التربية والتعليم‪ ،‬دار النهضة العرسية للطبع والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.233 :‬‬
‫‪ -203‬الوكيل حلمي أحمد‪ ،‬املفتي محمد أمين‪ ،‬أسس بناء الناهج وتنظيماتها‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫طبعة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.3:‬‬
‫‪224‬‬
‫ويعرف عبد الكريم غريب الكتاب املدرهاي بقوله‪:‬‬
‫" هو املرجع األساهاي الذي يستقي منه التالميذ معلوماتهم أكثر من غيره من املصادر‪،‬‬
‫فضال عن أنه‪ ،‬أي الكتاب ‪ ،‬هو األساس الذي يستند إليه املدرس في إعداد دروسه قبل أن‬
‫يواجه تالميذه في ججرة الدراسة"‪204.‬‬

‫فوها أنها األداة‪ ،‬أو‬ ‫ويعرفه كذلك بأنه" الوعاء الذي يحتوي املادة التعلمية التي يفتر‬
‫إحدى األدوات على األقل التي تستطيع أن تجعل التالميذ قادرين على بلوغ أهداف املنها‬
‫املحددة سلفا‪"205.‬‬
‫ويعد الكتاب املدرهاي كذلك «دعامة حقيقية‪ ،‬رائدة في تفعيل وإعمال مقتضيات املباد‬
‫علوها امليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬والتي‬ ‫والقيم واالختيارات التربوية العامة التي ن‬
‫تؤكدها وثيقة االختيارات والتوجوهات التربوية العامة»‪.206‬‬
‫وسناء على ما سبق‪ ،‬فالكتاب املدرهاي هو الذي يتضمن مجموعة من األهداف الخاصة‬
‫والكفايات النوعية ‪ ،‬ويشتمل على مجموعة من املوارد واملهارات واملواقف واملحتويات‬
‫واملضامين التعلمية املوجهة إلى متعلم معين‪ ،‬وسمواصفات خاصة من خالل االستعانة‬
‫بمجموعة من الطرائق والوسائل الديدكتيكية‪ ،‬في إطار زمكاني محدد‪ ،‬وومن ووعية‬
‫تواصلية لفظية وغير لفظية‪ ،‬باستخدام ليات التقويم واملعالجة والدعم املختلفة‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالكتاب املدرهاي هو الذي يشتمل على مجموعة من الدروس والنصوص‬
‫واملحتويات واملضامين والتجارب وفق أهداف نوعية خاصة بغية تأهيل املتعلم وإكسابه‬

‫‪ - 204‬عبد الكريم غريب‪ :‬النهل التربوي‪ ،‬ج‪ ،2‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2223‬م‪ ،‬ص‪.333‬‬
‫‪ - 205‬عبد الكريم غريب‪ :‬النهل التربوي‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.333‬‬
‫‪ - 206‬وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين األطر والبحث العلمي‪ ،‬الكتاب الدرس ي مسار إصالمل‪ ،‬مديرية‬
‫املنا ا‪ ،‬قطاع التربية الوطنية‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪ ، 2223‬ص‪.23‬‬
‫‪225‬‬
‫مجموعة من القدرات واملهارات ملواجهة الووعيات‪-‬املشكالت بغية إيجاد الحلول املناسبة‬
‫لها‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يعد الكتاب املدرهاي وسيلة لتنفيذ فلسفة املنهاج‪ ،‬وتطبيق توجوهات اللرنامظ‪،‬‬
‫وإنزال املقرر املدرهاي إلى حيز الوجود‪ .‬ويعني هذا أن الكتاب املدرهاي وثيقة ووعاء ح اي‬
‫ملموس ملجموعة من الدروس املتراكمة اتساقا وان جاما‪ ،‬وفق تسلسل منطقي ‪ ،‬ووفق‬
‫وحدات‪ ،‬ومجزوءات‪ ،‬واتجاهات‪ ،‬وتيمات‪ ،‬ووفق معايير داللية‪ ،‬وزمانية‪ ،‬ومكانية ‪ ،‬وفنية‪،‬‬
‫وجمالية‪ ،‬وتجنيسية‪...‬‬

‫و يستند الكتاب املدرهاي إلى مبدإ االختيار والتنوع وااللتزام بتوجوهات املنهاج‪ ،‬واالنطالق‬
‫من مباد اللرنامظ‪ ،‬وتفصيل لعناوين املقرر ومواده ‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالكتاب املدرهاي عبارة عن مجموعة من الدروس املبثوثة بين دفتي الكتاب‪ ،‬في‬
‫شكل نصوص‪ ،‬وخلرات‪ ،‬وتجارب‪ ،‬وأنشطة تعلمية تطبيقية‪ ،‬وكفايات وووعيات‪ ،‬أو‬
‫أهداف إجرائية ‪.‬‬

‫موقف الرب ح والفالسفة من الكتاب الدرس ي‪:‬‬


‫يمكن الحديث عن مجموعة من املواقف تجاه الكتاب املدرهاي‪ .‬فهناك من يعد الكتاب‬
‫التربوي دعامة أساسية وورورية في التعليم اليمكن االستغناء عنه بأي حال من األحوال‪،‬‬
‫كما تذهب إلى ذلك املدرسة التقليدية‪ ،‬والفلسفة املثالية العقالنية‪ ،‬وفالسفة عصر‬
‫األنوار‪.‬‬
‫في حين‪ ،‬هناك من يعد الكتاب املدرهاي وسيلة وليس هدفا أو غاية أو مقصدية مسحة‬
‫وورورية كما تذهب إلى ذلك الفلسفة اللراجماتية مع وليم جيمس وجون ديوي‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫بينما هناك من يرفض الكتاب املدرهاي‪ ،‬ويثبت أن الطبيعة واالكتساب من املجتمع أفضل‬
‫من التعلم في الكتاب املدرهاي‪ ،‬كما يبدو ذلك عند جان جاك روسو في كتابه (إميل‬
‫‪.)Emile/‬‬
‫وهكذا‪" ،‬اختلفت اآلراء‪ ،‬وتعددت بصدد موووع الكتاب املدرهاي‪ ،‬وذلك باختالف‬
‫الفلسفات التربوية‪ ،‬وتعدد وجهات النظر‪ ،‬ففي التربية التقليدية حيث تعتلر مادة‬
‫الدراسات ي مركز االهتمام وتحصيل التراث العلمي هو مووع العناية اكتسب الكتاب‬
‫املدرهاي أهمية كلرى وصارت وظيفة املعلم ي مساعدة التالميذ على تحصيل ما تضمنته‬
‫الكتب املدرسية من مادة علمية تقيسها االمتحانات التقليدية املعروفة‪ ،‬بينما نرى أن‬
‫الفلسفة الطبيعية في التربية ال تهتم بالكتب‪ ،‬وإنما توجه عنايتها إلى الخلرة املباشرة التي‬
‫يكتسبها التالميذ نتيجة لتفاعل قواهم الطبيعية مع مؤثرات البي ة‪ ،‬ونرى أن رائدا كبيرا‬
‫من رواد الحركة الطبيعية وهو الفيلسوف الفرن اي جان جاك روسو يقترح في كتابه‬
‫(إميل) أن تكون ترسية الطفل سلبية من سن الخامسة إلى سن الثانية عشر‪ ،‬وأال يقرأ إميل‬
‫أي كتاب إال كتابا واحدا هو كتاب الطبيعة‪ ،‬كما تكون التربية االجتماعية عن طريق‬
‫املمارسة الفعلية لحقوق الفرد املدنية بصفته عضوا في مجتمع‪ ،‬أما الفلسفة اللراجماتية‬
‫أو العملية‪ ،‬فهي ترى أن املعلومات أو الكتب ليست غايات في ذاتها‪ ،‬وإنما ي مجرد وسائل‬
‫يستعين بها األفراد في حل مشاكل حياتهم‪ ،‬وهو اتجاه عملي نف ي يتفق مع السمات‬
‫املميزة لهذه الفلسفة‪207".‬‬ ‫والخصائ‬
‫ويتبين لنا‪ ،‬مما سبق ذكره‪ ،‬أن للكتاب املدرهاي مؤيدين ومعاروين‪ .‬بيد أن الكتاب املدرهاي‬
‫وثيقة ورورية لتوجيه املتعلمين ومساعدتهم على التدريس‪ ،‬وعدم تشتيت جهدهم في‬
‫البحث عن النصوص واملحاور واملواويع‪ .‬كما تمنع املدرس من تبليغ إيديولوجيات وأهواء‬
‫واقتناعات شخصية التمت بصلة إلى العلم واملعرفة املوووعية‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬يمكن‬

‫‪ -207‬أمينة اللوه و خرون‪ :‬الوجزالي التربية وعلم النفس‪ ،‬دار الكتب العرسية‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.20-23 :‬‬
‫‪227‬‬
‫للمدرس تغيير النصوص شر االلتزام بمحاور املقرر وعناوينه الكلرى‪ ،‬واحترام منهاج‬
‫الدولة وسرنامجه العام‪.‬‬

‫الكتاب الدرس ي والصورة ‪:‬‬


‫لقد حقق الكتاب املدرهاي املغربي ‪ -‬اليوم‪ -‬تطورا الفتا لالنتباه على مستوى توظيف الصورة‬
‫البصرية واملرئية‪ ،‬وحقق أيضا نجاحا كبيرا في استثمارها ترسويا وديدكتيكيا مقارنة بالفترات‬
‫السابقة عندما كان الكتاب املدرهاي التقليدي مجرد كتابة خطية أفقية وعمودية خالية‬
‫من األلوان الضوئية أو التشكيلين مع هيمنة اللون األسود الذي يتربع على صفحة البيا ‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فقد كانت صفحات هذا الكتاب مجرد أوراق تتقاطع فوها الخطو واألسطر فوق‬
‫فراغ أبيض يمنة ويسرة ‪ ،‬دون أن تتخللها صور ترسوية أو تعليمية أو ديدكتيكية‪ .‬مع العلم‬
‫أن املتعلم بصفة عامة‪ ،‬والطفل بصفة خاصة‪ ،‬ينجذب كثيرا إلى الصورة املثيرة‪ ،‬ويتعلم من‬
‫خاللها الكثير الكثير‪ ،‬والسيما إذا كان هذا املتعلم طفال في املراحل األولى من التعليم األولي‬
‫حسب التصور النف اي‬ ‫أو الدراهاي ألنه ال يتعلم إال باملحسوس وامللموس وامل خ‬
‫واملعرفي لجان بياجيه (‪.)Jean Piaget‬‬

‫وأكثر من هذا يقبل الطفل املتعلم كثيرا على الكتب واملجالت والوسائل البصرية التي‬
‫تستخدم الصورة‪ ،‬فينساق مع جمالياتها الفنية‪ ،‬ويتأثر بأشكالها البصرية‪ ،‬وينده‬
‫أللوانها الزاهية املثيرة‪ ،‬ويتيه مع عواملها التخيليية‪ ،‬سواء أكانت واقعية أم احتمالية أم‬
‫مستحيلة‪ .‬كما يتلذذ بظاللها الجذابة‪ ،‬ويتمثل رسائلها الهادفة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يرتاح الطفل‬
‫املتعلم إلى الصورة املرئية أكثر مما يرتاح إلى درس جاف مقرف‪ ،‬يستخدم فيه املدرس اللغة‬
‫البيانية من بداية الحصة حتى نهايتها‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالصورة وسيلة مهمة في املجال التربوي‬
‫والتعليمي نظرا لفوائدها الكثيرة وأدوارها الهامة‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫ولقد عرف الكتاب املدرهاي املغربي أربع مراحل على مستوى تطور الصورة التربوية أو‬
‫الديدكتيكية ‪ ،‬وهذه املراحل ي‪:‬‬

‫هذه املرحلة بظهور املدارس العتيقة والكتاتيب‬ ‫‪ ‬مرحلة يياب الصــورة‪ :‬ترتب‬
‫والجوامع القر نية في املغرب‪ ،‬وفي هذه املرحلة لم تكن الكتب املدرسية أو املقررات‬
‫التعليمية توظف الصور التربوية أو التعليمية‪ ،‬بل كان التركيز على اللغة والبيان واإللقاء‪.‬‬
‫فقد كان املدرس يشرح الكتب التراثية الصفراء تفسيرا وتأويال وتعليقا وتحشية‪ .‬ويعني هذا‬
‫أن الكتاب املدرهاي لم يكن سوى كتابة خطية أفقية وعمودية‪ ،‬ترسم فوق صفحة صفراء‬
‫أو بيضاء‪ .‬وأكثر من هذا لم تتطور املطبعة بعد‪ ،‬في تلك الفترة‪ ،‬تقنيا وفنيا وجماليا‬
‫لتستفيد من التقنيات الحديثة على مستوى الرقن أو الطبع أو الكتابة‪ ،‬كما هو حال‬
‫الكتب األجنبية في مجال القراءة والكتابة والرياويات والعلوم‪ .‬وقد استمر هذا الووع‬
‫حتى مرحلة الحماية األجنبية على املغرب‪ ،‬وظلت الكتب املدرسية املغرسية غفال من الصور‪،‬‬
‫باستثناء الكتب املدرسية اللبنانية واملصرية التي كانت تدرس باملغرب‪ ،‬وكانت تحوي صورا‬
‫مختلفة‪...‬‬

‫‪ ‬مرحلــة الصورة الســوداء‪ :‬بعد االستقالل‪ ،‬قررت وزارة التربية الوطنية املغرسية‬
‫مجموعة من الكتب التعليمية املتنوعة واملختلفة حسب املواد الدراسية‪ ،‬كانت تتضمن‬
‫صورا سوداء غير ملونة حسب طبيعة املطبعة السائدة نذاك‪ ،‬كما يظهر ذلك جليا في‬
‫كتب النصوص األدبية‪ ،‬والسيما كتاب النصوص األدبية للسنة الرابعة من التعليم الثانوي‬
‫في سنوات السبعين من القرن املاضاي‪ .‬فقد كانت صور الشعراء والكتاب في هذا الكتاب‬
‫مرسومة باللون األسود في كل أبعادها ومالمحها التخييلية ‪ ،‬وهذا يذكرنا بصور كتاب‬
‫(تاريخ األدب العربي) للباحث اللبناني حنا الفاخوري‪.‬‬

‫‪‬مرحلــة الصورة اللونــة‪ :‬لقد استخدم الكتاب املدرهاي الصورة امللونة بكثرة مع سنوات‬
‫الثمانين من القرن الفائت‪ ،‬وإن كان أحمد بوكماخ سباقا إلى توظيف الصورة امللونة في‬
‫‪229‬‬
‫سلسلة كتبه الدراسية املعنونة بي(اقرأ)‪ ،‬منذ الستينيات من القرن العشرين (‪3632‬م)‪ ،‬وقد‬
‫كان هذا الكتاب نموذجيا من حيث كثرة الصور الزاهية واملثيرة التي تنمي قدرات التخييل‬
‫لدى املتلقي‪ .‬وما تزال كتبه ‪ -‬إلى حد اآلن‪ -‬تعتمد من قبل األفراد وبعض املؤسسات التربوية‬
‫والتعليمية املغرسية‪ .‬والسبب في ذلك أنه كان كتابا ترسويا متميزا بصوره الرائعة‪ .‬وسالتالي‪ ،‬ال‬
‫يمكن مجاراته إبداعيا وترسويا ‪ ،‬أو مضاهاته على مستوى توظيف الصور في سياقاتها‬
‫القرائية والتداولية وأجوائها األدبية والفنية واإلبداعية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فلقد " انفرد أحمد‬
‫بوكماخ في تأليف (اقرأ) بتوظيف الرسوم بكل أشكالها وأجناسها وأنواعها‪ ،‬إذ شكلت هذه‬
‫املنهجية سبقا‪ .‬ويرى أحمد الفتوح‪ ،‬الناقد السينمائي ورئيس املنتدى الثقافي بطنجة‪ ،‬أنه‬
‫باستثناء الصور الفوتوغرافية التي تزين غالف األعداد‪ ،‬وظف أحمد بوكماخ الرسوم‬
‫كدعامة للنصوص‪ ،‬ومكملة لها‪ ،‬أو باعتبارها مواويع مستقلة‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وقد استفاد بوكماخ من وظائف الصورة في تجميل الن ‪ ،‬لتحفيز فضول الطفل‪،‬‬
‫وإثارة انتباهه لتحقيق متعة بصرية‪ ،‬وت جيعه على القراءة‪ ،‬إوافة إلى توظيف الرسوم‬
‫لذاتها من خالل أس لة حول موووع الرسومات وشكلها‪ ،‬ثم لكونها منطلقا للتعبير الشفوي‬
‫والكتابي‪ .‬وهنا‪ ،‬تكمن الوظيفة التعبيرية واللغوية‪...‬‬

‫‪230‬‬
‫وتعتلر رسوم مجموعة (اقرأ) مجاال خصبا للدراسة والتحليل بالنسبة للمتخصصين في‬
‫سيميائيات الصورة‪ ،‬إذ تتجاوز عدد صفحات الكتاب الواحد ثالث مرات‪ ،‬تختلف فوها‬
‫تقنيات وأساليب إنجاز وابتكار هذه الرسوم‪.‬‬

‫لقد اشتغل أحمد بوكماخ مع الفنان التشكيلي محمد شبعة‪ ،‬والفنان املسرحي‬
‫والكاريكاتوري املرحوم أحمد الشنتوف‪ .‬وكان هذا التعاون بين الكاتب والرسام أساسا‬
‫لتأليف السلسلة وتنسيقها وإخراجها شكال ومضمونا‪ ،‬إوافة إلى تعاون بوكماخ مع‬
‫الشاعر أحمد الحرشني الذي كان يتقن عدة لغات أجنبية‪ ،‬وعمل على مساعدة بوكماخ في‬
‫ترجمة مجموعة من نصوص (اقرأ) من لغتها األصلية إلى العرسية"‪.208‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن أحمد بوكماخ كان سباقا إلى توظيف الصور امللونة في الكتاب املدرهاي‬
‫املغربي‪ ،‬بعد أن كانت هذه الصور مقتصرة على الكتب املصرية واللبنانية‪.‬‬
‫‪ ‬مرحلــة الصــورة الرقميـة‪ :‬لم تتبلور الصورة الرقمية في الكتاب املدرهاي إال مع سنوات‬
‫األلفية الثالثة‪ ،‬بعد انتشار الحاسوب وتعميمه تجاريا وإعالميا‪ ،‬وتطور الثورة الرقمية‬
‫والتكنولوجية‪ ،‬وتكاثر الصور في مواقع الشبكات العنقودية في مختلف أنواعها وتشكيالتها‪.‬‬
‫وسالتالي‪ ،‬أصبح عصرنا هذا عصر الثورة الرقمية بامتياز‪ .‬لذلك‪ ،‬ساير الكتاب املدرهاي‬
‫املغربي هذه الثورة بتطعيم نصوصه ومضامينه التعليمية‪ -‬التعلمية بمجموعة من الصور‬
‫الرقمية لكي يحتك بها املتعلم على مستوى التلقي واالستثمار والتطبيق من جهة‪ ،‬ويوظفها‬
‫املدرس في بناء درسه الديدكتيكي علر مختلف مقاطعه التدبيرية والتخطيطية من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬

‫‪ - 208‬زهور باقي‪( :‬أحمد بوكماخ من املسرح والسياسية إلى تأليف سلسلة “اقرأ")‪ ،‬موقع هس ريس‪ ،‬املغرب‪ ،‬االثنين‬
‫‪ 32‬غشت ‪ 2236‬م‪.‬‬

‫‪http://hespress.com/portraits/86476.htm‬‬
‫‪231‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن الصورة املرئية ي تمثيل محسوس للذات والعالم معا‪ ،‬باستخدام‬
‫العالمة البصرية التي يتحد فوها الدال واملدلول معا مع املرجع الح اي لتشكيل الداللة‬
‫الكلية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالصورة البيداغوجية أو الديدكتيكية ي تلك الصورة التي تتعلق باملجال‬
‫التربوي والتعليمي‪ ،‬وتؤدي وظائف تعليمية‪ -‬تعلمية جمة‪ .‬وسالتالي‪ ،‬فلقد عرف الكتاب‬
‫املدرهاي املغربي أربع مراحل على مستوى تطور الصورة‪ :‬مرحلة غياب الصورة‪ ،‬ومرحلة‬
‫الصورة السوداء‪ ،‬ومرحلة الصورة امللونة‪ ،‬ومرحلة الصورة الرقمية‪.‬‬

‫ويتضمن هذا الكتاب املدرهاي مجموعة من الصور املرئية‪ ،‬منها‪ :‬الصورة التربوية‪ ،‬والصورة‬
‫الديدكتيكية‪ ،‬والصورة التحسيسية‪ ،‬والصورة األيقونية‪ ،‬والصورة اإلشهارية‪ ،‬والصورة‬
‫السينمائية‪ ،‬والصورة الفوتوغرافية‪ ،‬والصورة التشكيلية‪ ،‬والصورة املسرحية‪ ،‬والصورة‬
‫الرقمية‪.‬‬

‫ومن املعلوم أن للصورة في الكتاب املدرهاي مجموعة من الوظائف‪ ،‬مثل‪ :‬الوظيفة التربوية‬
‫والديدكتيكية‪ ،‬والوظيفة التعبيرية‪ ،‬والوظيفة األداتية‪ ،‬والوظيفة التأثيرية‪ ،‬والوظيفة‬
‫الجمالية‪ ،‬والوظيفة املرجعية‪ ،‬والوظيفة األيقونية‪ ،‬والوظيفة الحفاظية‪ ،‬والوظيفة‬
‫الثقافية‪ ،‬والوظيفة السيميائية‪...‬‬

‫الكتاب اإللكتروني‪:‬‬

‫يمكن أن يستفيد املدرس واملتعلم على حد سواء من ثمرات الكتب اإللكترونية والرقمية‬
‫بغية التخفيف من عبء املحفظة التي تثقل كاهل املتعلم بمجموعة من الكتب والكراريس‬
‫واألدوات املدرسية‪ ،‬وتعويضها بكتاب رقمي وإلكتروني واحد ‪ ،‬في شكل لوحة (‪)tablette‬‬
‫تشمل جميع املواد الدراسية‪ .‬وسالتالي‪ ،‬يسهل حملها من مكان إلى خر‪.‬‬

‫ومن إيجابيات هذا الكتاب أنه يسهم في الحفاظ على البي ة ‪ ،‬بحماية األشجار من عملية‬
‫التقطيع لكيال تتحول الجذوع واألغصان والفروع إلى أوراق وملفوفات لصناعة الكتب‬
‫‪232‬‬
‫املدرسية‪ .‬بيد أن هذا الكتاب ‪ ،‬لو عممناه على التالميذ كافة‪ ،‬سيكلف الدولة ميزانية‬
‫ضخمة التستطيع تحمل نفقاتها ‪ .‬فضال عن كون هذا الكتاب اآللي يعوق فعل القراءة‬
‫املثالية‪ ،‬ويسبب مشاكل الحصر لها كإإلدمان وإرهاق الدماغ والبصر‪.‬‬

‫إلجابيات الكتاب الدرس ي وسلايات ‪:‬‬


‫للكتاب املدرهاي إيجابيات وسلبيات‪ .‬فمن إيجابيات الكتاب املدرهاي أنه يساعد املدرس‬
‫على تخطي دروسه وتدبيرها وتنفيذها وتقويمها بطريقة تقنية عقالنية واضحة ومنظمة‬
‫وسهلة وملرمجة‪ .‬كما يسعف املدرس في توجيه املتعلمين علر التمارين واألنشطة الصفية‬
‫التي يحويها الكتاب‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬يتضمن هذا الكتاب عناوين املقرر بشكل مفصل ومجسد بواسطة‬
‫النصوص والوحدات والدروس والحلقات التعلمية‪ ،‬ويراعي مبادىء املنهاج واللرنامظ واملقرر‬
‫على حد سواء‪ ،‬ويحترم وواب التشريع التربوي في عدم الخروج عن هذا الكتاب الذي قد‬
‫يكون وثيقة عامة تسري على جميع تالميذ الوطن وطلبته توحيدا وإجبارا وتعميما وإلزاما‬
‫بغية االستعداد لالمتحانات املوحدة أو شبه املوحدة‪ .‬و" إن إهمال الكتب املدرسية اهماال‬
‫تاما فيه إهمال للتراث الثقافي والتجارب التي حصل علوها الجنس البشري علر القرون‪،‬‬
‫واشترك فوها علماء وفالسفة في مختلف العصور والبي ات ونحن ال يمكننا أن نغض الطرف‬
‫عن هذا امليراث‪ ،‬ونترك للطفل مهمة إعادة تحصيله‪"209.‬‬
‫ً‬
‫وأكثر من هذا يتعر املدرس للنسيان مهما كانت قدراته العقلية‪ .‬إذا‪ ،‬فالبد من االستعانة‬
‫بالكتاب املدرهاي الذي يستعمله التلميذ أيضا في املراجعة‪ ،‬وتذكر القواعد‪ ،‬وإنجاز‬
‫التمارين واالمتحانات واالختبارات‪ ،‬ويتخذه كذلك وسيلة للمناقشة والحوار وإعداد‬
‫الدروس‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالكتاب املدرهاي وسيلة تعليمية مهمة يستغلها املعلم الكفء إلى جانب‬

‫‪ -209‬أمينة اللوه و خرون‪ :‬الوجزالي التربية وعلم النفس‪ ،‬ص‪.26:‬‬


‫‪233‬‬
‫الوسائل األخرى كوسائل اإليضاح والرحالت والسبورة‪ .‬عالوة على ذلك‪" ،‬يشتمل الكتاب‬
‫املدرهاي إذا أحسن تأليفه وإخراجه على الكثير من وسائل اإليضاح كالصور والرسوم‬
‫والخرائ ‪ .‬وكذلك يتضمن الكثير من التمارين التطبيقية‪.‬‬
‫ويحتوي الكتاب املدرهاي على الحد األدن من املعلومات التي يجب أن يحصل علوها كل‬
‫تلميذ استعدادا لالمتحان‪ ،‬ويمكن للمعلم أن يكيف طريقة تدريسه وفقا لظروفه‬
‫وإمكانياته‪ ،‬وأن يزود تالميذه بما يراه وروريا من املعلومات‪.‬‬
‫والبد من وجود مذكرة في أيدي التالميذ للرجوع إليه عند الحاجة‪ ،‬فاإلنسان عروة‬
‫للنسيان والكتاب املدرهاي خير وسيلة لتأدية هذه املهمة‪"210.‬‬
‫وال ينبغي للمدرس االلتزام بالكتاب املدرهاي حرفيا على مستوى تدريس النصوص ‪ ،‬وتطبيق‬
‫األنشطة التطبيقية التعلمية بحذافيرها‪ ،‬بل يمكن أن يتصرف فوها ويجتهد قدر اإلمكان‪،‬‬
‫باختيار النصوص التي تتالءم مع سن املتعلم ورغبته والهدف الذي انطلق منه املدرس‪.‬‬
‫وغالبا‪ ،‬ما تكون املنا ا التربوية ‪ ،‬بلرامجها ومقرراتها ومحتوياتها الدراسية ‪ ،‬سببا في‬
‫األخطاء التي يرتكبها املدرس واملتعلم معا بسب غياب فلسفة ترسوية واضحة‪ ،‬أو وجود‬
‫أخطاء معرفية كثيرة في املنهاج الدراهاي بصفة عامة‪ ،‬واللرنامظ واملقرر والكتاب املدرهاي‬
‫بصفة خاصة‪ .‬ويعني هذا أن املدرس قد يوصل إلى املتعلم أخطاء معرفية ومنهجية وتقنية‬
‫سببها املحتويات واملضامين التي يما بها املنهاج الدراهاي‪ .‬و ليس هناك مراقبة للكتاب‬
‫الدراهاي وتتبع تقويمي له‪ .‬وأكثر من هذا ليس هناك مراجعون لهذه الكتب قصد تصحيح‬
‫هذه األخطاء ومعالجتها‪ ،‬وتنبيه املؤلفين واملطابع إلى إعادة النظر فوها بالتصحيح واملعالجة‪.‬‬
‫ويستحيل أن نجد كتابا مدرسيا من االبتدائي نحو التعليم العالي خاليا من األخطاء‬
‫املطبعية‪ ،‬واملعرفية‪ ،‬والصرفية‪ ،‬واإلمالئية‪ ،‬والتركيبية‪ ،‬واملنهجية‪...‬ومن هنا‪ ،‬تتسرب هذه‬
‫األخطاء كلها إلى املتعلم‪ ،‬ويتعلمها على أنها احيحة ويقينية وحقيقية‪.‬‬

‫‪ -210‬أمينة اللوه و خرون‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.32-26:‬‬


‫‪234‬‬
‫اقتراحات وتوصيات‪:‬‬
‫من أجل الحصول على الجودة التربوية البد أن توفر الوزارة الكتب املدرسية جميعها في‬
‫الوقت املناسب‪ ،‬وسأثمان معقولة‪ .‬ومن املؤكد عليه أيضا أن تتالءم كثافة املحتويات مع‬
‫السياق الزمني للسنة الدراسية وإيقاعها املقنن‪ .‬ومن الضروري كذلك أن يعاد النظر في‬
‫بعض الكتب ذات الكم الهائل‪ ،‬والسيما في مجاالت‪ :‬العلوم الطبيعية‪ ،‬والفيزيائية‪،‬‬
‫والكيميائية‪ ،‬والرياويات‪ ،‬واالجتماعيات‪ ،‬والتربية اإلسالمية‪...‬‬

‫ونرى أنه من الالزم تغيير املقررات الدراسية مع تغير األوواع االجتماعية واالقتصادية‬
‫والثقافية قصد مواكبة املستجدات املوجودة في الساحة العلمية والفنية واألدبية والتقنية‪.‬‬

‫ويالحء كذلك أنه من األفضل أن تتغير املؤلفات األدبية والفنية في التعليم الثانوي التأهيلي‬
‫كل أربع سنوات من أجل تفادي امللل والتكرار والروتين‪ ،‬والسيما في شعبتي اللغة العرسية‬
‫والفرنسية‪.‬والبد أن تتأسس الكتب املدرسية على معايير الحداثة واملعاصرة‪ ،‬وجودة‬
‫املحتويات والشكل واإلخراج املطب ي امللون‪ ،‬مراعين‪ ،‬في ذلك‪ ،‬شرو التلقي والتقبل‪،‬‬
‫وسيكولوجية القراءة‪ ،‬والبعد االجتماعي‪ ،‬وسيميولوجيا التواصل‪.‬‬

‫ومن الحضاري كذلك أن يكون هناك تنوع في الكتب املدرسية والكتب املوازية‪ ،‬بشر أن‬
‫تستجيب لشرو دفتر التحمالت التي تفروها وزارة التربية والتعليم‪ ،‬وتكون مصححة‬
‫ومنقحة‪ ،‬و تدقق في مفاهيمها ومصطسحاتها العلمية املتفق علوها دوليا‪ ،‬ووطنيا‪ ،‬وعلميا‪،‬‬
‫ومؤسساتيا‪ ،‬ولسانيا‪ .‬وهنا‪ ،‬البد كذلك من توحيد السجان التي تضع الكتب املدرسية لكي ال‬
‫يقع نشاز بينها‪ ،‬أوعدم التكامل والتنسيق مخافة من التناقض املنهجي أو املعرفي أو‬
‫الديدكتيكي‪.‬ومن املفيد مرجعيا وعلميا أن نسترشد بكتب محلية وجهوية تطبيقا لشعار‬
‫الوزارة‪ :‬الجودة‪/‬الجهوية‪/‬القرب‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬لن تعطي العملية التربوية ثمارها إال إذا ألزمنا تالمذتنا بإحضار الكتب‬
‫املدرسية‪ ،‬وخاصة مع ندرة الوسائل الديدكتيكية‪ .‬والبد أن ننبه إلى أمر مهم يتمثل في ترك‬
‫الحرية لنستاذ الختيار كتاب املقرر املناسب‪ ،‬مراعيا مستوى الف ة املدرسية املستهدفة‪.‬‬
‫عالوة على ورورة تنويع املصادر في تيهيء املادة املعرفية لنجاح العملية الديدكتيكية داخل‬
‫الفصل الدراهاي‪.‬‬

‫وما ينبغي أن نشير إليه أيضا أن تكون هذه الكتب املدرسية ذات محتويات حيوية‬
‫فيه التلميذ‪ ،‬ومواكبة للمستجدات في ميدان‬ ‫وديناميكية مرتبطة بالفضاء الذي يعي‬
‫اإلعالم والتواصل واإلحصاء‪ ،‬كما هو الشأن في املواد االجتماعية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تراعي هذه‬
‫الكتب واملقررات ميول التلميذ وأهوائه وقيمه الوطنية والدينية والحضارية‪ ،‬وتبتعد ‪ -‬قدر‬
‫اإلمكان‪ -‬عن تكريس إيديولوجيات معينة‪ ،‬بل علوها أن تكون ذات محتويات إنسانية عادلة‪،‬‬
‫وذات أبعاد اجتماعية ديموقراطية‪ .‬فضال عن ذلك‪ ،‬تكون متماثلة مع أهداف املنهاج‬
‫وفلسفة الكفايات‪ ،‬و تكون محتويات هذه الكتب عبارة عن ووعيات وسياقات ترسوية قابلة‬
‫للتقويم واالختبار‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬يعد الكتاب املدرهاي وثيقة ترسوية وديدكتيكية مهمة تساعد املدرس‬
‫واملتعلم على حد سواء في بناء الدروس والتعلمات‪ .‬ويعد أيضا وعاء يجمع مجموعة من‬
‫املجزوءات واملكونات والوحدات واملجاالت الدراسية التي ينبغي للمتعلم االطالع علوها قصد‬
‫تحضير دروسه وتهييئها وإعدادها بغية تحقيق األهداف املرجوة من العملية التعليمية‪-‬‬
‫التعلمية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يمكن الحديث عن كتاب مدرهاي ورقي من جهة‪ ،‬وكتاب إلكتروني من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬ولكل كتاب إيجابيات وسلبيات ‪ .‬واليمكن الحديث عن كتاب مدرهاي حقيقي‬
‫إال إذا روعيت فيه مواصفات الجودة‪ ،‬والتميز‪ ،‬واالختيار‪ ،‬والتنويع‪ ،‬والتجديد‪ ،‬والتطوير‪...‬‬

‫خامسا‪ ،‬الجزوءة الدراسية‪:‬‬

‫‪236‬‬
‫يعد التعليم باملجزوءات أو املجز ت) ‪)Approche Modulaire‬من أهم مظاهر التحديث‬
‫التربوي املعاصر بغية إيجاد الحلول الناجعة للفشل الدراهاي والالتجانس الفصلي والهدر‬
‫املدرهاي‪ ،‬ومعالجة ظاهرة العزوف عن الدراسة والبطالة املتفشية في معظم الدول العالم‬
‫الثالث‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬فلقد جرب املغرب عدة نظريات ترسوية مستن خة عن الغرب قصد استنباتها في‬
‫الواقع التربوي املغربي‪ ،‬مثل‪ :‬نظرية فريديريك هرسارت‪ ،‬ونظرية جان بياجي ‪ ،‬والنظريات‬
‫اللسانية‪ ،‬ونظرية مشروع املؤسسة‪ ،‬ونظرية الشراكة البيداغوجية ‪ ،‬ونظرية الجودة‬
‫التربوية‪ ،‬ونظرية األهداف ‪ ،‬ونظرية الكفايات واملجزوءات‪...‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ما املجزوءات لغة واصطالحا؟ وما الفرق بين التعليم املوسوعي والتعليم باملجزوءات؟‬
‫وما سياق نظرية املجزوءات؟ وما مرجعياتها النظرية والتطبيقية؟ وما مرتكزات هذا التعليم‬
‫الجديد وأهدافه؟ وما هيكلة املجزوءة وأنواعها؟ وكيف يمكن إعداد الدروس واللرامظ‬
‫واملنا ا في ووء املجزوءات؟ وما أهم االنتقادات املوجهة إلى التعليم باملجزوءات؟‬

‫الجزوءة لغة واصطالحا‪:‬‬


‫ترجمت كلمة ( ‪ )Module‬الفرنسية باملجزوءة‪ ،‬أو املصوغة‪ ،‬أو الوحدة‪ ،‬أو املنظومة‪ ...‬كما‬
‫‪ ) modulaire‬بالتعليم باملجزوءات‪ .‬وتشتق كلمة‬ ‫ترجمت عبارة ( ‪l’enseignement‬‬
‫املجزوءة من فعل جزأ الذي يعني القطع والتقسيم‪ .‬وين جم هذا املفهوم مع مدلول (‬
‫‪ )module‬الذي يعني تقسيم السنة الدراسية إلى مجزوءات إدماجية فصلية‪ ،‬ووحدات‬
‫ترسوية معينة‪ ،‬يمكن تقسيمها بدورها إلى وحدات ومقاطع وفضاءات وحلقات قصد تحقيق‬
‫مجموعة من الكفايات املسطرة ملواجهة ووعيات سياقية‪ ،‬تستلزم من املتعلم إظهار‬
‫قدراته الذاتية وكفاءاته الفردية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬الين جم مصطس‪ ،‬مجزوءة صرفيا مع الفعل‬
‫الرساعي في اللغة العرسية أال وهو جزأ الذي ينبغي أن تشتق منه كلمة مجزأة أو مجز ت‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫وسنتعامل مع كلمة املجزوءة الشائعة ‪ ،‬على الرغم من عدم احتها الصرفية‪ ،‬مادامت‬
‫وزارة التربية الوطنية قد أقرت هذا املصطس‪ ،‬في امليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬ووظفته‬
‫أيضا في الكتاب األبيض‪ ،‬كما استعمل في الكثير من األدبيات التربوية والدراسات‬
‫البيداغوجية‪. 211‬‬

‫أما املجزوءة اصطالحا ‪ ،‬فهي مجموعة من املواد املن جمة‪ ،‬أو مجموع الوحدات التعليمية‬
‫في مجاالت متكاملة‪ .‬وتعرفها فيفيان دوالندشير ( ‪ ) Viviane De Land Sheere‬بأنها"وحدة‬
‫معيارية أو شبه معيارية تدخل في تأليف كل متكامل (منهاج)‪ ،‬قابلة لإلدراك والتعديل‬
‫والتكييف‪ ،‬فهي كفيلة ببناء برنامظ دراهاي على القياس املطلوب‪". 212‬‬

‫ويعرفها روجيه فرانسوا غوتييه (‪)Roger François Gautier‬بأنها "تنظيم خاص لجزء من‬
‫التدريس بالتعليم الثانوي"‪. 213‬‬

‫ويعرفها كذلك املجلس الوطني لللرامظ بفرنسا ))‪ )CNP‬بأنها" وحدة تعليمية نوعية أو‬
‫مستعروة‪ ،‬تختار موووعاتها من طرف األساتذة‪ ،‬انطالقا من معايير يحددونها بعد‬
‫التنسيق والتشاور فيما بينهم داخل فريق ترسوي ‪"214.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن املجزوءة عبارة عن وحدات دراسية فصلية‪ ،‬يتم تقطيعها إلى مواد ومجزوءات‬
‫صغرى‪ ،‬بينها عالقات تكامل واندماج وتراب عضوي‪ ،‬سواء داخل مسلك أم سلك دراهاي‪،‬‬
‫من أجل تنظيم الحياة املدرسية‪ ،‬وخلق القدرات الكفائية لدى املتعلم من أجل مواجهة كل‬
‫الووعيات املحتملة التي يصادفها في الواقع الذي يعي فيه املتمدرس‪.‬‬

‫‪ -211‬ميلود التوري‪ :‬تدب ر الجزوءات لاناء الكفالات‪،‬مطبعة سوماڰرام‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪.2223‬‬
‫‪212 - Viviane De Land Sheere: L' éducation et la formation. P.U.F, 1987, p: 167.‬‬

‫‪ -213‬عبد الكريم غريب والبشير اليعكوبي‪ :‬الجزوءات‪،‬منشورات عالم التربية‪،‬الطبعة األولى‪ 2226 ،‬م‪،‬ص‪.33:‬‬
‫‪214 - Françoise Clairc: Enseigner en Modules, Hachette, 1992, P.10.‬‬

‫‪238‬‬
‫التعليم الوسوعي والتعليم الجزوئي‪:‬‬
‫يرتكز التعليم املوسوعي على املدرس‪ ،‬باعتباره صاحب سلطة معرفية يقدمها للتلميذ‬
‫جاهزة بواسطة مجموعة من األس لة التي تستوجب الحفء والتقليد والتكرار‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫يصبح التلميذ مرتكنا إلى مدرسه‪ ،‬اليستطيع أن يواجه ما يتعروه من املواقف املستجدة‪،‬‬
‫أو يل ي طلبات املقاوالت الحديثة ألنه اليملك الكفاءات واملهارات املهنية و املنهجية و‬
‫التواصلية والذهنية واللغوية‪ ،‬بل يقف مكتوف اليدين‪ ،‬عاجزا عن التأقلم والتكيف مع‬
‫مستجدات الواقع االقتصادي الجديد ‪.‬تبق معارفه نظرية مجردة غير وظيفية‪ ،‬تنقصها‬
‫املمارسة والخلرات التجريبية ‪.‬ويكون االهتمام ‪ ،‬في التعليم املوسوعي‪ ،‬بالكم على حساب‬
‫الكيف‪ ،‬ويلتجئ املدرس إلى التحفيز السلوكي امليكانيكي‪ ،‬باالسترشاد بثنائية الحافز‬
‫واالستجابة لتوجيه دفة القسم مما ينتظ عنه ردود أفعال التالميذ السلبية‪ ،‬ونفورهم من‬
‫القسم النعدام األنشطة الذاتية والخلرات الفردية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ينكمشون على أنفسهم خوفا‬
‫أو خجال أو جهال بما يعط لهم من دروس ومعارف كمية‪ ،‬يصعب اإلحاطة بها في سنة كاملة‪.‬‬

‫أما التعليم املجزوئي‪ ،‬فهو تعليم قائم على بيداغوجيا الكفايات التي تستهدف البحث عن‬
‫من‬ ‫القدرات الكفائية لدى املتعلم‪ ،‬بووعه في ووعيات معقدة أو أقل تعقيدا‪ .‬والغر‬
‫ذلك هو اختبار أدائه السلوكي‪ ،‬وتقويم كفاءاته وقدراته في التعامل مع مشاكل الواقع‬
‫املحيطة به‪ .‬و يراعي هذا التعليم الفوارق الفردية‪ ،‬وينكب على ظاهرة الالتجانس بدراسة‬
‫كل حالة فردية‪ ،‬ودعم كل متعلم ‪ ،‬وتحفيزه على إبراز قدراته وميوله واستعداداته‪ ،‬سواء في‬
‫حلقة واحدة أم في حلقات متعددة متواصلة ألن املقياس ‪ -‬هنا‪ -‬ليس هو الدرس الذي‬
‫ينتهي داخل حصة زمنية محددة كما في التعليم املوسوعي‪ ،‬بل الحلقة الديدكتيكية‬
‫املتوالية التي تمتد علر حصتين فأكثر ‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫ويقدم التعليم املجزوئي املقرر الدراهاي في شكل مجزوءات ووحدات دراسية‪ ،‬تصغر بدورها‬
‫في إطار مقاطع وحلقات وخلرات مرتبطة بكفايات نوعية أو شاملة أو ممتدة قصد التدرج‬
‫باملتعلم لتحقيق كفايات عليا كلية ونهائية‪ .‬ويتم التركيز‪ ،‬في هذا النوع من التعليم‪ ،‬على‬
‫الكيف واملتعلم ألن املدرس مجرد وصاي أو مرشد ليس إال‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تصبح الدروس خلرات‬
‫وممارسة كيفية ومهارات وقدرات معرفية ووجدانية وحركية‪ .‬أي‪ :‬إن املتعلم هو الذي يكون‬
‫نفسه بنفسه‪ ،‬ويتعلم كيف يبحث ويفكر وينظم ما يبحث عنه منهجيا ووظيفيا‪.‬إن التعليم‬
‫باملجزوءات‪ -‬كما يقول الباحث املغربي محمد الدريظ‪"-‬يروم بناء الكفايات لدى التلميذ‪،‬‬
‫على اعتبار أن الكفايات ي قدرات شاملة ودينامية(نشطة)‪ ،‬والتي اليمكن اختزالها في الئحة‬
‫تحليلية من املحتويات‪ ،‬إنها تشكيلة( تركيبة) ذكية من املعارف واملهارات واالتجاهات‪ .‬فأن‬
‫نكون أكفاء ال يعني أن نملك جملة من املعلومات واملهارات‪ ،‬فأن نكون أكفاء يعني أساسا أن‬
‫نكون قادرين على تجنيد تلك املعلومات واملهارات‪ ،‬وتوظيفها في مواقف معينة ولحل‬
‫مشكالت‪ ،‬أي أن نكون فعالين ومنتجين في ووعيات محددة‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬يصير بناء الكفايات بهذا املعنى أمرا معقدا وأمرا ذاتيا وشخصيا‪ .‬فيكون من أولويات‬
‫نشا املدرسين مساعدة املتعلمين‪،‬لكن على املتعلمين مساعدة أنفسهم في التعلم والتكوين‬
‫الذاتي‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن التعليم باملجزوءات يستدعي املتعلم كمسؤول ويتعامل معه كمدبر‬
‫لتكوينه ‪.215".‬‬

‫ارتباطا وثيقا ببيداغوجيا الكفايات‬ ‫ويعني هذا كله أن التعليم باملجزوءات قد ارتب‬
‫واإلدماج‪.‬‬

‫مرتكزات التعليم الجزوئي ومقومات ‪:‬‬

‫‪ -215‬محمد الدريظ‪:‬الكفالات الي التعليم‪ ،‬منشورات سلسلة املعرفة لسجميع‪ ،‬شتنلر ‪ ،2222‬ص‪.232:‬‬
‫‪240‬‬
‫يستند التعليم املجزوئي إلى مجموعة من املقومات األساسية التي يمكن حصرها في‬
‫العناصر التالية‪:‬‬

‫‪‬ينبني هذا التعليم على بيداغوجيا الكفايات والووعيات‪.‬‬

‫‪‬يحترم خصوصيات التالميذ وحاجياتهم من املعرفة واملهارة والخلرة‪،‬‬

‫ويراعي فوارقهم الفردية ومشاريعهم ال خصية‪...‬‬

‫‪‬يستفيد من البيداغوجيا الفارقية‪ ،‬ومن تفريد التعليم‪.‬‬

‫‪‬يركز على املتعلم‪ ،‬وي جعه على إظهار قدراته ومهاراته وكفاءاته املضمرة وغير املضمرة‬
‫قصد إعداده ملواجهة ووعيات الواقع املعقدة‪.‬‬

‫‪‬يوزع املقررات الدراسية إلى مجزوءات فصلية أو دورية في شكل وحدات ديدكتيكية‬
‫وسيداغوجية‪ ،‬ويقطعها إلى حلقات دراسية نوعية أو عامة‪ ،‬بطريقة متكاملة ومندمجة في‬
‫بؤرة منصهرة ووحدة ترسوية عضوية‪.‬‬

‫‪‬يقوم على التعلم الذاتي‪ ،‬والتكوين املستمر‪ ،‬ومد الجسور بين املراحل التعليمية‪.‬‬
‫‪‬ينظم الدروس والحلقات والوحدات الدراسية في شكل كفايات مستهدفة‪ ،‬وقدرات‪،‬‬
‫ومهارات‪ ،‬وخلرات معرفية ومنهجية وتواصلية وتقنية وثقافية( يعني أنه يأخذ بمدخل‬
‫الكفايات في التدريس)‪.‬‬

‫‪‬يحول الدروس واللرامظ واملقررات إلى ووعيات إشكالية وأس لة للبحث والتنشي ‪،‬‬
‫تتدرج من البسي إلى املعقد‪ ،‬مع تنويع هذه الووعيات في شكل أنشطة وأعمال وأبحاث‪،‬‬
‫واستقراء للوسائل البصرية والسمعية واملراجع املدرسية‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫‪‬يقسم متعلمو الفصل إلى مجموعات من التالميذ كفريق ترسوي جماعي تعاوني‪ ،‬أو‬
‫يتعامل مع التالميذ كأفراد ‪ ،‬بتحفيزهم على ترجمة قدراتهم ومهاراتهم الدفينة املضمرة إلى‬
‫أفعال وأداءات إنجازية مرصودة بالتقويم واملالحظة والقياس‪.‬‬

‫‪‬يهدف إلى تمهير املتعلم ذهنيا ووجدانيا وحركيا بقدرات كفائية ملواجهة الواقع وووعياته‬
‫اإلشكالية‪.‬‬

‫‪ -11‬يعتمد على مرونة التعلم‪ ،‬واملنهاج املندمظ‪ ،‬والتكامل بين األسالك واملسالك واألقطاب‬
‫الدراسية‪ ،‬في إطار شمولي نوعي وعام وممتد‪.‬‬

‫‪ -12‬يهدف إلى خلق مدرسة إبداعية‪ ،‬قوامها التمكن من ليات التقدم والتكنولوجيا‪ ،‬بعيدا‬
‫املحافظة‪.‬‬ ‫القيم‬ ‫وتكريس‬ ‫اإلنتاج‪،‬‬ ‫إعادة‬ ‫وقوانين‬ ‫التقليد‬ ‫عن‬
‫سي ــاق التعلي ــم الجزوئي‬
‫ظهرت تجرسة املجزوءات ألول مرة ‪ ،‬باعتبارها ممارسة بيداغوجية‪ ،‬في كندا بغية مواجهة‬
‫ظاهرة الالتجانس الفصلي واملتعدد الرتب والدرجات‪ ،‬أوما يسمى بالقسم املشترك الذي‬
‫ينتشر كثيرا في القرى‪ ،‬والسيما في أفريقيا‪ ،‬وأمريكا‪ ،‬وأوروسا‪ .‬وكان الحل هو التفكير في‬
‫التدريس باملجزوءات الكفائية قصد الخروج من هذا اإلشكال الذي يثيره تعدد املستويات‬
‫مقارنة بالقسم "املفردن"‪ .‬وقد انتقلت التجرسة إلى فرنسا في التسعينيات لحل مشكلة‬
‫الفشل الدراهاي في الثانويات الفرنسية‪ ،‬بعد أن استقطبت هذه املؤسسات التعليمية‬
‫متعلمين من جذور وأصول عرقية واجتماعية وثقافية مختلفة ‪ .‬وفي سنة‪3662‬م‪ ،‬ارتأت‬
‫وزارة التربية الوطنية الفرنسية العمل باملجزوءات )‪ (MODULES‬بغية مواجهة األزمات التي‬
‫فوها التعليم الفرن اي‪ ،‬بعد أن أمضاى سنين طويلة في تطبيق البيداغوجيا‬ ‫بدأ يتخب‬
‫الفردية والفارقية‪ .‬ويشكل الالتجانس بين التالميذ والفشل الدراهاي من األسباب الرئيسية‬
‫التي دفعت وزير التربية الفرن اي ليونيل جويسبان( ‪ ) Lynonnele Juspin‬لينادي إلى تنويع‬

‫‪242‬‬
‫مسالك التكوين بين العام والتقني وامل ي‪ ،‬واإلفادة في ذلك من التعليم املجزوئي‪ .‬وفي هذا‬
‫الصدد‪ ،‬يقول في إحدى ندواته الصحفية سنة‪3663‬م‪ ":‬إن مساعدة املتعلمين بالنسبة لنا‬
‫ي أول جواب مستمجل عن سؤال الالتجانس‪ ،‬وهو جواب قابل للتطبيق الفوري في النظام‬
‫التربوي الحالي‪ .‬والذي يتحمل مسؤولية هذه املساعدة هم املدرسون دون غيرهم إن أردنا أن‬
‫نضمن جودة التعليم‪ ،‬فالدروس الخصوصية التي يتكفل بها الراغبون والقادرون من اآلباء‬
‫لن تلعب وحدها هذا الدور‪ .‬وللوصول إلى هذا املبتغى البد من تطوير البنيات البيداغوجية‬
‫للتعليم الثانوي‪ ،‬فباملجزوءة نكون قد قدمنا إطارا بيداغوجيا أكثر مرونة وفضاء جديدا‬
‫لحرية تصرف املدرسين "‪.216‬‬

‫ولقد انتقلت التجرسة إلى املغرب الذي أكد‪ ،‬بدوره ‪ ،‬ورورة االعتماد على بيداغوجيا‬
‫املجزوءات في امليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬حينما ن ‪ ،‬إبان حديثه عن اللرامظ‬
‫واملنا ا‪ ،‬على مراعاة املرونة الالزمة للسيرورة التربوية‪ ،‬وقدرتها على التكيف ‪ ،‬بتجزيء‬
‫املقررات السنوية إلى وحدات تعليمية‪ ،‬يمكن التحكم فوها على مدى فصل بدل السنة‬
‫الدراسية الكاملة إال عند االستحالة‪ ،‬والحفاظ على التمفصل واالن جام اإلجمالي لكل‬
‫برنامظ‪ ،‬مع مراعاة األهداف املميزة لكل مرحلة من مراحل التعليم والتعلم التي يعنوها‪ .‬كما‬
‫امليثاق الوطني على ووع برامظ تعتمد نظام الوحدات املجزوءة انطالقا من التعليم‬ ‫ن‬
‫الثانوي ‪ ،‬لتنويع االختيارات املتاحة‪ ،‬وتمكين كل متعلم من ترصيد املجزوءات التي اكتسبها‪،‬‬
‫وتوزيع مجمل الدروس ووحدات التكوين واملجزوءات من التعليم األولي إلى التعليم الثانوي‬
‫على ثالثة أقسام متكاملة‪:‬‬

‫‪ ‬قسم إلزامي على الصعيد الوطني في حدود ‪ 32‬في املائة من مدة التكوين بكل سلك‬

‫‪216 --Viviane De Land Sheere: L’éducation de la formation,p : 27.‬‬

‫‪243‬‬
‫‪‬قسم تحدده السلطات التربوية الجهوية ‪ ،‬بإشراك املدرسين في حدود ‪ 33‬في املائة من‬
‫تلك املدة‪،‬وتتضمن بالضرورة تكوينا في الشأن املحلي وإطار الحياة الجهوية‬

‫‪‬عدد من االختيارات تعروها املدرسة على اآلباء واملتعلمين الراشدين في حدود حوالي‪33‬‬
‫إما لساعات الدعم البيداغوجي لفائدة املتعلمين املحتاجين لذلك‪ ،‬وإما‬ ‫في املائة ‪ ،‬وتخص‬
‫ألنشطة مدرسية موازية وأنشطة للتفتح بالنسبة للمتعلمين غير املحتاجين للدعم‪. 217‬‬

‫وينتظم التدريس باملؤسسات الجامعية كذلك في مسالك وأسالك ومجزوءات‪ ،‬ويتوج‬


‫بشهادات وطنية ‪ ،‬وتحصل املجزوءات بالتقييم املنتظم‪ ،‬وترصيد املكتسب منها ‪.‬‬

‫وقد ساير الكتاب األبيض ماذهب إليه امليثاق الوطني للتربية والتكوين حينما دعا إلى‬
‫استبدال السنة الدراسية‪ ،‬في التعليم الثانوي‪ ،‬بدورات فصلية قائمة على تدريس‬
‫املجزوءات ‪ .‬ويضم التعليم الثانوي التأهيلي ست دورات تدرس فوها مجزوءات‬
‫إجبارية(االمتحان الوطني) ومجزوءات اختيارية(االمتحان الجهوي)‪،‬مع العلم أن كل‬
‫مجزوءة تتكون من ثالثين ساعة ‪.‬أما السنة الدراسية‪ ،‬فتضم أربعة وثالثين أسبوعا و‪3222‬‬
‫إلى ‪ 3222‬ساعة دراسية‪ .‬كما يضم اإلعدادي ست دورات دراسية على غرار التعليم الثانوي‪.‬‬
‫وقد أشار الكتاب األبيض أيضا إلى عدة أقطاب وشعب ومسالك‪ ،‬مثل‪ :‬قطب التعليم‬
‫األصيل‪ ،‬وقطب اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬وقطب الفنون والرياوة‪ ،‬وقطب العلوم‪،‬‬
‫وقطب التكنولوجيات ‪.‬‬

‫وقد بدأ املغرب في تنفيذ نظام الوحدات واملصوغات في السلك الثانوي التأهيلي‪ ،‬فووع‬
‫اللرامظ واملنا ا الدراسية‪ ،‬وقد فعل بيداغوجيا املجزوءات انطالقا من املوسم الدراهاي‬
‫‪ ، 2222/2226‬بتغيير الكتب املدرسية‪ ،‬وتجديد هيكلتها وطرائق عروها‪.‬‬

‫‪ -217‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬اليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪،‬‬
‫ص‪.20-23:‬‬
‫‪244‬‬
‫مرجعيات التعليم الجزوئي‪:‬‬
‫للتعليم املجزوئي مرجعيات وإحاالت مختلفة ومتنوعة‪ ،‬يمكن اختزالها في املؤثرات التالية‪:‬‬
‫بيداغوجيا الكفايات‪ ،‬والبيداغوجيا الفارقية‪ ،‬والالتجانس والفشل الدراهاي‪ ،‬و اللسانيات‬
‫التوليدية التحويلية التي تتبنى املقارسة اإلدراكية الفطرية التي تعترف بالقدرات الوراثية‬
‫للمتكلم املستمع التي تسمح بتوليد جمل المتناهية العدد‪ ،‬بتحويل الكفاءة للبنى العميقة‬
‫إلى بنى سطحية‪ ،‬و الفلسفة الدكارتية التي تؤكد أهمية البنى الذهنية الرياوية واملنطقية في‬
‫معرفة الحقيقة‪ ،‬وأن ماهو عقلي فطري ورا ي سابق على ماهو تجري ي خارجي‪،‬‬
‫والسيكولوجيا املعرفية واإلدراك‪ ،‬و فكر املقاولة الذي كان دائما ومازال يستوجب تمهير‬
‫املتعلمين باملهارات‪ ،‬وتسليحهم بالقدرات والكفاءات النوعية واملمتدة واملتخصصة‪ .‬فضال‬
‫عن ظاهرة العوملة ‪ ،‬ثم االقتصاد التناف اي الذي يستلزم الطاقات البشرية املؤهلة ذات‬
‫الكفاءات العالية‪ ،‬وذات املهارات املتنوعة والقدرات الفائقة‪.‬‬

‫بنية الجزوءة و أنواعها‪:‬‬


‫تستند بنية املجزوءة التربوية والتعليمية إلى ثالثة عناصر أساسية ‪ ،‬يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪‬الدخالت ‪ :‬تستهدف تسطير مجموعة من الكفايات املزمع تحقيقها في شكل أهداف‬


‫إجرائية سلوكية قبل الدخول في مسار تعلمي‪ ،‬أو تنفيذ مجزوءة دراسية‪ ،‬بووع امتحان‬
‫ت خيصاي قبلي في شكل الووعيات ‪-‬األس لة‪.‬‬

‫‪ ‬الهيك ــل ‪:‬يقسم املقرر إلى مجزوءات دراسية‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تجزأ إلى وحدات ديدكتيكية‬
‫ومتواليات‪ ،‬أو حلقات تعلمية‪ ،‬تساعد املتعلم على التعلم الذاتي والتكوين املستمر في شكل‬
‫فردي أو جماعي‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫‪‬الخرجات‪ :‬هنا‪ ،‬نتحقق من نجاعة القدرات والكفاءات التي أنجزها املتعلم وأداها في‬
‫أثناء سيرورة التعلم‪ .‬وهذا التقويم ت خيصاي ومرحلي ونهائي‪.‬‬

‫أما عن أنواع املجزوءات‪ ،‬فهناك مجزوءات إجبارية ‪ ،‬ومجزوءات إجبارية تكميلية‪،‬‬


‫ومجزوءات اختيارية‪.‬‬

‫ويمكن أن تكون املجزوءة‪ ،‬في إطار سيرورتها اإلنجازية ‪ ،‬مجزوءة نوعية‪ ،‬أو مجزوءة‬
‫مستعروة ممتدة‪.‬‬

‫بالخلرة‪ ،‬وما يتم تعلمه ذاتيا‬ ‫ويمكن تصنيفها أيضا إلى مجزوءات تنظيمية ترتب‬
‫ومجزوءات‬ ‫والتكميلية‪،‬‬ ‫واالختيارية‬ ‫اإلجبارية‬ ‫كاملجزوءات‬
‫ديدكتيكية ترتب بمحتويات املرجع الدراهاي‪ ،‬مثل‪ :‬الكتاب املدرهاي‪ ،‬والوثائق السمعية‬
‫والبصرية‪.‬‬

‫كيف ندرس بواسطة التعليم الجزوئي‪:‬‬


‫عند ووع اللرامظ واملنا ا واملقررات الدراسية السنوية ‪ ،‬البد من تقسيمها حسب الفصول‬
‫الدراسية‪ ،‬أو الدورات الفصلية‪ ،‬أو في شكل مجزوءات دراسية‪ ،‬تتضمن وحدات دراسية‬
‫محددة زمانيا ومكانيا أو‬ ‫نوعية‪ ،‬تنقسم بدورها إلى حلقات أو متواليات تدرس في حص‬
‫غير محددة‪ .‬كما يخضع هذا التقسيم لتوزيع زمني ومكاني مدقق‪ ،‬يراعي ظروف املتعلم‬
‫وسياق التعلم‪ .‬كما ينبغي ووع اللرنامظ الدراهاي في شكل ووعيات وأس لة وأنشطة‬
‫وخلرات‪ ،‬يراعى فوها التدرج من البسي إلى املركب‪ ،‬ومن الووعيات السهلة إلى الووعيات‬
‫املعقدة‪ .‬وتحدد أيضا جميع الكفايات والقدرات املستهدفة الجزئية‪ ،‬أو الكفايات النهائية‬
‫النوعية واملستعروة‪ ،‬في شكل سلوكيات مؤشرة بالقياس والرصد التقويمي‪ .‬كما يمكن‬
‫االستعانة بتقويم قبلي ت خيصاي أو تكويني أو إجمالي قصد تحديد مستوى كل تلميذ في‬
‫بداية السنة الدراسية ‪ ،‬أو بداية كل مجزوءة‪ ،‬أو في نهايتها‪ .‬ومن الواجب تدريس املتواليات‬
‫‪246‬‬
‫الديدكتيكية في شكل مجموعات أو حسب األفراد‪ ،‬فيكون محور التعليم هو التلميذ‪ ،‬وليس‬
‫املدرس الذي ينبغي أن يكون مستشارا يساعد املتعلمين على التعلم الذاتي والتكوين‬
‫املستمر‪ ،‬باستثمار الوثائق البصرية والسمعية والرقمية وكل الوسائل الديدكتيكية املتاحة‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬على الرغم من أهمية بيداغوجيا املجزوءات‪ ،‬فما زالت نظريتها غامضة‬
‫ومبهمة وغير محددة بدقة‪ .‬لذلك‪ ،‬تبق املمارسة متعثرة في نظامنا التربوي املغربي الذي‬
‫دائما يترقب ما يستجد في الساحة التربوية الغرسية‪ ،‬والسيما التجرستين الفرنسية والكندية‬
‫منها‪ .‬وهكذا‪ ،‬نجد أنفسنا ننتقل من نظرية ترسوية إلى أخرى دون استيعابها بشكل جيد‬
‫لتطبيقها في مدارسنا بشكل ناجع وفعال‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬الوحدة التعلمية‪:‬‬


‫ينقسم الكتاب املدرهاي إلى مجموعة من الوحدات واملواويع واملجاالت واملحاور الداللية‬
‫واملفاهيمية واملمجمية ‪.‬بمعنى أن كل مكون دراهاي ملادة معينة يتجزأ إلى وحدات دراسية‬
‫‪.‬وتتضمن كل وحدة مجموعة من العناوين والدروس والحلقات واملفاهيم والحقائق ‪ .‬ويعني‬
‫هذا كله أن الوحدة (‪ )Unit‬جزء من محتوى دراهاي يتناول قضية أو موووعا أو مفهوما‬
‫واحدا‪ ،‬في إطار وحدة عضوية وموووعية متسقة ومن جمة ترسويا وديدكتيكيا‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ما مفهوم الوحدة التعلمية؟ وما سياقها التاريخي؟ وما أسس الوحدة التعلمية‬
‫ومرتكزاتها؟ وكيف تدبر الوحدة التعلمية ترسويا وديدكتيكيا؟ وما إيجابيات التدريس‬
‫بالوحدات وسلبياتها؟ هذا ما سوف نتبينه علر العناوين التالية‪:‬‬

‫مفهوم الوحدة التعلمية ‪:‬‬


‫من الصعب جدا تحديد مفهوم الوحدة لتشعب مفاهيمه‪ ،‬واختالف مدلوالته من باحث‬
‫إلى خر نظرا لتعدد حقوله النظرية والتطبيقية‪ ،‬وتباين مجاالته الدراسية‪ ،‬وتعدد‬

‫‪247‬‬
‫التصورات املنهجية والر ى الفكرية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يعد مفهوم الوحدة من أعقد املصطسحات‬
‫التربوية واألدبية والنقدية والفلسفية غمووا وإشكاال‪ ،‬حتى إن الباحثين املحدثين قد‬
‫استخدموها بتسميات عدة‪ ،‬نشأ عنها نوع من فوضاى االصطالح والتسمية‪ .‬فهناك مفهوم‬
‫الوحدة‪ ،‬والتصميم‪ ،‬والوحدة العضوية‪ ،‬والوحدة املوووعية‪ ،‬ووحدة العنوان‪ ،‬والوحدة‬
‫النفسية‪ ،‬ووحدة االنطباع‪ ،‬والوحدة العاطفية‪ ،‬والوحدة الوجدانية‪ ،‬والوحدة املعنوية‪،‬‬
‫والوحدة املنطقية‪ ،‬ووحدة الصورة‪ ،‬والوحدة في التنوع‪ ،‬ووحدة الغر ‪ ،‬والوحدة‬
‫املوسيقية‪ ،‬ووحدة املقطع‪ ،‬ووحدة العمل‪ ،‬والوحدة التعلمية‪ ،‬والوحدات الثالث التي‬
‫و ي‪ :‬وحدة الحدث‪ ،‬ووحدة‬ ‫الشعر)‪218‬‬ ‫تحدث عنها أرسطو (‪ )Aristote‬في كتابه (فن‬
‫الزمان‪ ،‬وووحدة املكان ‪.‬‬

‫وهناك من الدارسين من يتحدث عن وحدة املتكلم‪ ،‬والوحدة الشعرية‪ ،‬ووحدة التجرسة‪،‬‬


‫ووحدة األثر‪ ،‬والوحدة اللغوية ( ‪ ،)Morphème‬و الوحدة الصوتية ( ‪ ،)Phonème‬ووحدة‬
‫الوزن والقافية‪.‬‬

‫إال أن ما يهمنا من هذه الدوال االصطالحية التربوية واألدبية والنقدية واللسانية مصطس‪،‬‬
‫الوحدة التعلمية أو الدراسية‪.‬‬

‫والتماسك‬ ‫وعليه‪ ،‬تحيل الوحدة ‪ ،‬من حيث الداللة اللغوية‪ ،‬على مفاهيم الرس‬
‫واالن جام واالتساق والتكامل واالن جام‪...‬ومن ثم‪ ،‬فهي ود االنفصال والبعثرة والتفكك‬
‫والتجزيء ووياع تسلسل الحلقات‪...‬‬

‫وتعني الوحدة ‪ -‬اصطالحا‪ -‬أن مادة دراسية ما تنقسم إلى وحدات تعلمية ودراسية متكاملة‪،‬‬
‫تتكون من مواد مترابطة ومتكاملة ومتشابكة‪ ،‬تندرج في مجال من املجاالت كمجال القيم‪،‬‬

‫‪ - 218‬أرسطو‪ :‬فن الشعر‪ ،‬ترجمة‪:‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‪ ،‬طبعة ‪3636‬م‪.‬‬
‫‪248‬‬
‫ومجال البي ة‪ ،‬ومجال العلم واملعرفة‪ ،‬ومجال التقنية‪ ،‬ومجال الفنون‪ ،‬ومجال الصحة‬
‫اإلنسانية‪...‬‬

‫وقد تعني الوحدة التعلمية مجموعة من األنشطة والخلرات والتعلمات واملوارد التي تدور‬
‫حول موووع محوري معين‪ ،‬أو تنصب حول هدف محدد‪ ،‬أو تعالا مشكلة معينة يتفق‬
‫حولها املدرس مع تالمذته إليجاد حل لها‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تخضع الوحدة التعلمية لعمليات‬
‫التخطي ‪ ،‬والتدبير‪ ،‬والتقويم‪ .‬وللوحدة عالقة وثيقة باملنهاج ‪ ،‬واللرنامظ‪ ،‬واملقرر‪ ،‬والكتاب‬
‫املدرهاي‪.‬وتقوم الوحدة بوظيفة الهيكلة والتنظيم وفق أهداف عامة وخاصة‪ ،‬أو وفق‬
‫كفايات رئيسة ونوعية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالوحدة التعلمية وظيفية ‪ ،‬مادامت تقوم بدور التنظيم‬
‫والهيكلة‪ .‬كما أنها وحدة إجرائية وإنجازية مرتبطة بوظيفة التقويم‪.‬‬

‫وتتضمن الوحدة الدراسية ‪ -‬حسب أحمد أوزي‪ " -‬مدخال ومتنا وخاتمة‪ .‬في املدخل يحدد‬
‫املحتوى وأهدافه‪ ،‬مع إجراء تقييم قبلي للطالب الذين تتوجه إلوهم الوحدة‬
‫الدراسية‪.‬ويتضمن املتن مختلف املواد التعليمية النظرية أو التطبيقية أو هما معا‪.‬أما‬
‫الخاتمة فتتضمن تقييما بعديا‪219".‬‬

‫وتتسم الدراسة بالوحدات " باإلحاطة والشمول‪ ،‬وفي سبيل ذلك قد تتخط الحواجز‬
‫الفاصلة بين فروع املادة الواحدة أو بين ميادين املعرفة وذلك تبعا لنوع الوحدة‪220".‬‬

‫ويذهب عبد الكريم غريب في كتابه (النهل التربوي) إلى أن الوحدة التعلمية "سلسلة ذات‬
‫معنى من الخلرات وأنواع النشا التعلمي‪ ،‬تدور حول موووع دراهاي أو مشكلة يهتم بها‬
‫املتعلمون ويخططون لها بالتعاون فيما بينهم تحت إشراف املدرس وتوجوهه‪.‬وهذا املفهوم‬

‫‪ - 219‬أحمد أوزي‪:‬العجم الوسوعي لعلوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.232:‬‬
‫‪ -220‬الدمردا سرحان ومنير كامل‪ :‬الناهج‪،‬دار العلوم للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة الثالثة سنة ‪3632‬م‪،‬‬
‫ص‪.232:‬‬
‫‪249‬‬
‫ملعنى الوحدة يشير إلى أنها نوعان‪ :‬النوع األول هو وحدة املادة الدراسية‪ ،‬والنوع الثاني هو‬
‫وحدة الخلرة‪ .‬ومحور النوع األول هو املادة الدراسية‪ ،‬بمعنى أن تقسم هذه املادة إلى محاور‬
‫علمية ذات أهمية خاصة لدى التالميذ‪ ،‬بحيث يضم كل محور املعارف والحقائق املتصلة‬
‫به دون التزام بالحدود التي تفصل بين املواد املتعددة‪ ،‬أو بين فروع املادة الواحدة‪ ،‬ودون‬
‫رعاية كذلك للتنظيم املنطقي في أي مادة‪ .‬أما محور النوع الثاني‪ ،‬فهو حاجة املتعلم‬
‫فوها‪ .‬وهذا النوع أيضا اليعرف الفواصل بين‬ ‫ومشكالته التي يواجهها في البي ة التي يعي‬
‫املواد الدراسية أو املعارف اإلنسانية‪ ،‬بل ينتفع بها جميعا في إشباع الحاجة أو حل مشكلة‬
‫موووع الوحدة‪221".‬‬

‫وسناء على ما سبق‪ ،‬تعني الوحدة التعلمية أن املعرفة اإلنسانية واحدة ومترابطة ومتكاملة‬
‫الوحدات التعلمية‬ ‫املدرسة بالحياة‪ ،‬كأن نرس‬ ‫وغير منفصلة‪ .‬لذا‪ ،‬البد من رس‬
‫الوحدات باألنشطة‪،‬‬ ‫بالووعيات الحياتية ومشكالت البي ة الطبيعية‪ .‬عالوة على رس‬
‫وليس باملعلومات واملعارف كما في املنهاج التربوي التقليدي‪ .‬ويعني هذا كله تحقيق مبدأ‬
‫شمول الخلرة التعلمية‪ ،‬ومراعاة األسس السليمة في تقويم نمو املتعلم‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تعني‬
‫الوحدة الدراسية أن يقدم املدرس للمتعلم املقرر الدراهاي ومكوناته في شكل وحدات‬
‫مترابطة بنيويا ونسقيا ‪ ،‬ووفق نظام مجالي متراب ومتماسك وموحد‪.‬‬

‫أسس الوحدة ومرتكزاتها‪:‬‬


‫تنبني الوحدة الدراسية والتعلمية على مجموعة من األسس ‪ ،‬منها ماهو لغوي‪ ،‬ونف اي‪،‬‬
‫واجتماعي‪ ،‬وترسوي‪ ،‬ووظيفي‪...222‬ويعني هذا أن الوحدة عبارة عن مضمون معرفي ‪ ،‬وشكل‬

‫‪ - 221‬عبد الكريم غريب‪ :‬النهل التربوي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.630 :‬‬
‫‪ - 222‬نهاد املوهاى‪ :‬األساليب مناهج ونماذج الي تعليم اللغة العربية‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬طبعة ‪2226‬م‪ ،‬ص‪33:‬‬
‫ومابعدها‪.‬‬
‫‪250‬‬
‫فني وجمالي يتخذ طابعا لغويا في شكل بنى صوتية‪ ،‬وصرفية‪ ،‬وتركيبية‪ ،‬وداللية‪ ،‬وسالغية‪،‬‬
‫وتداولية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتخذ ملفوظ الوحدة طابعا تلفظيا وصوتيا من جهة‪ ،‬وطابعا كتابيا من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬

‫وأكثر من هذا تن جم الوحدة الدراسية نفسيا مع ميول املتعلم وحاجياته واتجاهاته ‪،‬‬
‫وتبعث فيه العمل والحياة ‪ ،‬وتبعد عنه امللل والروتين والنفور‪ .‬كما تسهم الوحدة التعلمية‬
‫في خلق نوع من التوازن التربوي بتوحيد املواد الدراسية والتعلمية في بوتقة داللية ومجالية‬
‫ومحورية واحدة‪ .‬ويعني هذا أن هناك نوعا من التنوع والتواتر والتوازن على مستوى تقسيم‬
‫املجاالت التعلمية‪ .‬كما تساعد الوحدة الدراسية الوظيفية املتعلم على فهم املواد الدراسية‬
‫ومن إدراك كلي نسقي غير منفصل وغير مفكك‪.‬‬

‫ومن أسس الوحدة التعلمية كذلك توكيد وحدة املعرفة‪ ،‬ورس الدراسة بالحياة‪ ،‬وإقامة‬
‫الدراسة على أساس النشا ‪ ،‬وتحقيق مبدأ شمول الخلرة‪ ،‬ومراعاة األسس السليمة في‬
‫تقويم نمو التلميذ‪.223‬‬

‫عالوة على ذلك‪ ،‬تستند الوحدة الدراسية والتعلمية إلى مجموعة من املبادىء التربوية‬
‫والنفسية كمبدإ االنتقاء‪ ،‬ومبدإ التقسيم‪ ،‬ومبدإ االختيار‪ ،‬ومبدإ الترتيب‪ ،‬ومبدإ التدرج‪،‬‬
‫ومبدإ التخطي ‪ ،‬ومبدإ التدبير‪ ،‬ومبدإ التقويم‪ ،‬ومبدإ التكامل‪ ،‬ومبدإ التوازن‪ ،‬ومبدإ‬
‫التخفيف‪ ،‬ومبدإ التنوع‪ ،‬ومبدإ التواتر‪ ،‬و مبدإ التراب ‪ ،‬ومبدإ الوحدة‪ ،‬ومبدإ التنظيم‪،‬‬
‫ومبدإ رس الوحدة بالحياة‪...،‬‬

‫أنواع الوحدات‪:‬‬
‫يمكن تقسيم الوحدات التعلمية إلى نوعين رئيسين من الوحدات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ - 223‬الدمردا سرحان ومنير كامل‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.233:‬‬


‫‪251‬‬
‫‪ ‬الوحدة القا مة عكى الادة الدراسية‪:‬‬

‫تدور الدراسة حول محور رئيس‪ ،‬أو تنصب على مجال داللي معين‪ ،‬في شكل تيمات‬
‫ومواويع ومحاور ومفاهيم معينة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تشتمل الوحدة التعلمية على مجموعة من‬
‫املكونات والدروس والحلقات املترابطة‪ .‬كما التؤمن الوحدة التعلمية باملواد املنفصلة أو‬
‫الفروع الدراسية‪ ،‬بل تدمظ كل الدروس في بوتقة مجالية واحدة‪ .‬وقد يكون محور الوحدة‬
‫موووعا من موووعات املادة الدراسية (املاء في حياة اإلنسان)‪ ،‬أو مفهوما من املفاهيم‬
‫(التسامح)‪ ،‬أو مشكلة ما ( كيف يؤثر البترول في حياة سكان الشرق األوس ؟)‪ ،‬أو قاعدة‬
‫معممة (تكاثر السكان يتطلب البحث عن موارد جديدة)‪ ،‬وقد تكون الوحدة م حية (‬
‫الحضارة اليونانية)‪...‬‬

‫‪ ‬الوحدة القا مة عكى الخ رة والنشاط‪:‬‬

‫تعتمد الوحدة التعلمية على الخلرة والنشا والحاجيات الفردية والجماعية‪ .‬ويعني هذا أن‬
‫الوحدة التكتفي بما هو دراهاي ومعرفي فق ‪ ،‬بل تنفتح الوحدة على األنشطة والخلرات‬
‫الفردية والجماعية‪.‬وإذا كان موووع الوحدة هو (كيف أفهم نف اي؟) ‪ ،‬فالبد ‪ ،‬في هذا‬
‫الصدد‪ ،‬من استحضار مجموعة من الدراسات في وحدة تعلمية واحدة كالنف اي‪،‬‬
‫واالجتماعي‪ ،‬والبيولوجي‪ ،‬والفيزيولوجي‪...‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالخلرة في الحياة الواقعية " خلرة متكاملة غير مقسمة الى مواد دراسية‪ ،‬ولكن‬
‫أوجه النشا اإلنساني تتراب فوها بطريقة طبيعية ‪ ،‬ولهذا فان املواد املنفصلة تكون‬
‫بعيدة الصلة بالحياة الخارجية مما يؤدي الى عدم اهتمام التالميذ بهذه املواد نظرا لعدم‬
‫صلتها بمشكالت حياتهم‪224".‬‬

‫‪ - 224‬أمينة اللوه‪ :‬الوجزالي التربية وعلم النفس‪ ،‬دار الكتب العرسية‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.33:‬‬
‫‪252‬‬
‫أيضا‬ ‫الوحدات الدراسية باملنهاج التربوي الحديث واملعاصر‪ ،‬وترتب‬ ‫ومن هنا‪ ،‬ترتب‬
‫ببيداغوجيا الكفايات واإلدماج‪ ،‬مادامت لها صلة وثيقة باملجزوءات واملحاور واملوارد‬
‫الرئيسة ‪.‬‬

‫سياق ظهورالوحدات‪:‬‬
‫لم يظهر نموذج الوحدات في ميدان التدريس‪ ،‬وووع املنا ا التربوية‪ ،‬إال رد فعل على‬
‫املنهاج التقليدي الذي كان يدرس املواد الدراسية بطريقة منفصلة‪ ،‬دون توفرها على وحدة‬
‫معرفية شمولية‪ ،‬ودون مراعاة األسس النفسية واالجتماعية والديدكتيكية والتربوية ‪ .‬ومن‬
‫هنا‪ ،‬فلقد " اتسم املنها التقليدي بكثير من العيوب‪ ،‬وفي مقدمتها أنه كان يلتزم بالحدود‬
‫الفلصلة بين املواد بين موووعات املادة الواحدة‪.‬وقد أدى ذلك إلى تفكك الدراسة ووياع‬
‫وحدتها‪.‬‬

‫كما أن االهتمام بجانب املعلومات دون غيرها من بقية أهداف التربية قد أدى بكثير من‬
‫املدرسين في ظل املنا ا التقليدية إلى إهمال رس الدراسة بالحياة‪ ،‬واالعتماد في تقديم‬
‫الحقائق إلى التالميذ على التلقين مما أدى بدوره إلى إهمال النشا وسلبية التلميذ‪.‬‬

‫ومما يؤخذ على املنا ا التقليدية كذلك عدم وووح األهداف سواء بالنسبة للمدرس أو‬
‫التلميذ وقد أدى ذلك إلى سيادة هدف واحد في ظل الدراسة التقليدية أال وهو تحصيل‬
‫الادة واالستعداد لالمتحاح وعاودلة الكتاب الدرس ي‪.‬‬

‫الدراسة التقليدية وطرقها وما أدت إليه من ثار بالغة‬ ‫وملحاولة عالج كثير من نقائ‬
‫املدى في حياة التالميذ‪ ،‬ظهر التفكير في ورورة تنظيم النشا التعليمي للتلميذ في صورة‬
‫وحدات دراسية‪.‬وقد استهدفت الوحدات في أول أمرها معالجة تفكك املنها والعمل على‬
‫إبراز وحدته‪ ،‬ثم تطورت الوحدات فأكدت أيضا أهمية رس الدراسة بالحياة‪ ،‬وإيجابية‬

‫‪253‬‬
‫التالميذ ونشاطهم‪ ،‬وعملت على مساعدة املدرس على تحقيق األهداف التربوية بصورة أعم‬
‫وأشمل‪225".‬‬

‫ويعني هذا كله أن املواد الدراسية ‪ ،‬في املنا ا التربوية التقليدية‪ ،‬كانت منفصلة عن بعضها‬
‫ومواد تعلمية مستقلة‪ " ،‬اليكاد التلميذ يدرك العالقة بين فروع‬ ‫البعض‪ ،‬في شكل حص‬
‫اللغة‪ ،‬أو يستغل في التعبير ما تعلمه في حصة القراءة‪ ،‬أو مادرسه في حصة القواعد‪.‬‬

‫ولم يقف األمر عند هذا الحد‪ ،‬بل تعداه إلى تحاجز بين موووعات الفرع الواحد‪ .‬ففي علم‬
‫النبات مثال‪ ،‬يدرس التلميذ شكل الورقة في باب‪ ،‬وتركيبها في الداخلي في باب خر‪ ،‬ووظائفها‬
‫في باب ثالث‪ .‬ويترتب على ذلك أن يدرس املوووع الواحد بصورة مجزأة في أوقات‬
‫أن التلميذ قادر على تجميع معلوماته حول املوووع الواحد من‬ ‫متباعدة‪.‬وكأنما يفتر‬
‫هذه الدراسات املبعثرة التي تعط تحت ظروف مختلفة‪ ،‬وهو مالم يقم على احته دليل‪.‬‬
‫فلو أنك سألت تلميذا درس بالطريقة التقليدية عن املالءمة الوظيفية لورقة النبات‪،‬‬
‫لمجز عن أن يرس بين شكل الورقة وتركيبها ووظائفها‪.‬‬
‫وتماسك‪226".‬‬ ‫والوحدة الدراسية محاولة إلبراز ما بين فروع املعرفة اإلنسانية من تراب‬

‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا أن نظام الوحدات التعلمية هو جزء من املنهاج التربوي الحديث املتكامل‬
‫واملندمظ الذي يقوم على األهداف‪ ،‬والكفايات‪ ،‬والنشا ‪ ،‬والطرائق الفعالة في التدريس‪،‬‬
‫وتعلم الحياة علر الحياة‪...‬‬

‫تدب رالوحدة التعلمية ‪:‬‬


‫تنطلق الوحدة من أهداف عامة وكفايات رئيسة ونوعية‪ ،‬وتنبني على املحتويات واألنشطة‬
‫والوسائل التعلمية والطرائق البيداغوجية‪ ،‬وتستند إلى أساليب التقويم واملعالجة‬

‫‪ - 225‬الدمردا سرحان ومنير كامل‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.232:‬‬


‫‪ - 226‬نفسه‪ ،‬ص‪.233-233:‬‬
‫‪254‬‬
‫والفيدباك والدعم‪ .‬وتنبني الوحدة التعلمية على املفاهيم واملجاالت والدروس‪.‬ويعني هذا أن‬
‫الوحدة حلقات دراسية متنوعة تمتح وجودها من املجزوءة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تعني الوحدات‬
‫تنظيم األنشطة والخلرات التعليمية ‪ -‬التعلمية حول مجال أو موووع ما ‪ ،‬وإيضاح‬
‫مفاهيم علمية محددة ومرتبطة ببعضها في نشا علمي‪ ،‬نظريا كان أو علميا‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬تعتمد الوحدة الدراسية التعلمية على املوووع‪ ،‬واملجاالت‪ ،‬واملفاهيم‪ ،‬واملكونات‬
‫الدراسية‪ ،‬والتقويم اإلجمالي‪ .‬وقد تختل الوحدة باملجزوءة‪ ،‬أو تتميز عنها وفق التعاريف‬
‫التي تعط للمجزوءة أو للوحدة الدراسية‪.‬‬

‫ولقد اعتمد التدريس بالتعليم االبتدائي املغربي في السنوات األخيرة على مبدإ الوحدات‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬نجد كتاب اللغة العرسية بالقسم الرابع يتكون من مجموعة من الوحدات التعلمية‬
‫على النحو التالي‪:‬‬

‫‪‬القيم الوطنية واإلسالمية واإلنسانية ‪.‬‬

‫‪‬الحياة الثقافية و االجتماعية ‪.‬‬

‫‪‬الديموقراطية و حقوق الطفل ‪.‬‬

‫‪‬عالم االبتكار و اإلبداع ‪.‬‬

‫‪‬الخدمات االجتماعية ‪.‬‬

‫‪‬التغذية والصحة و الرياوة ‪.‬‬

‫‪‬التوازن الطبي ي وحماية البي ة ‪.‬‬

‫‪‬عالم األسفار والرحالت و األلعاب ‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫وتتكون كل وحدة من عدة مكونات ‪ ،‬وتشتمل على عدد من الدروس ‪ ،‬وهذه املكونات ي ‪:‬‬
‫القراءة ‪ ،‬والتراكيب والصرف والتحويل ‪ ،‬واإلمالء ‪ ،‬والشكل ‪ ،‬واإلنشاء‪ .‬وهناك أنواع ثالثة‬
‫من النصوص القرائية و ي‪ :‬النصوص القرائية الوظيفية‪ ،‬والنصوص القرائية املسترسلة‪،‬‬
‫والنصوص القرائية الشعرية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يمكن الحديث عن مجموعة من املرتكزات التي تعتمد علوها وحدة الدرس‪ ،‬ويمكن‬
‫تحديدها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬أهداف الوحدة التعلمية وكفاياتها الرئيسة والنوعية‪.‬‬

‫‪ ‬مضامين الوحدة ومحتوياتها وخلراتها ومواردها‪.‬‬

‫‪ ‬أنشطة التعليم والتعلم املتعلقة بالوحدة املدروسة‪.‬‬

‫‪ ‬إجراءات تقويم الوحدة الدراسية‪.‬‬

‫‪ ‬أساليب الدعم واملعالجة والتغذية الراجعة املتعلقة بكل وحدة دراسية على حدة‪.‬‬

‫وتتوخى الوحدة التعلمية ‪ ،‬بمختلف محاورها وحلقاتها ومقاطعها ومكوناتها‪ ،‬تحقيق‬


‫مجموعة من األهداف العامة والوسط والخاصة واإلجرائية من جهة‪ ،‬أو التثبت من‬
‫الكفايات املعرفية‪ ،‬والكفايات اللغوية‪ ،‬والكفايات التواصلية ‪ ،‬والكفايات املنهجية‪،‬‬
‫والكفايات الثقافية‪ ،‬والكفايات التكنولوجية‪ ،‬والكفايات اإلستراتيجية من جهة أخرى‪.‬‬

‫وتعتمد الوحدة الدراسية على مجموعة من الخطوات البارزة التي يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬أن يكون املدرس متمكنا من أهداف تدريس الوحدة الدراسية ‪.‬‬

‫‪‬أن يكون املدرس ملما بجميع جوانب املوووع الذي يدرسه تالميذه ‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫‪‬أن يكون املدرس متحكما في طرائق التدريس ‪ ،‬و يختار املالئم منها لتبليغ موووعات‬
‫الوحدة‪ ،‬وتحقيق أهدافها اإلجرائية الخاصة‪.‬‬

‫‪‬أن ينوع املدرس األنشطة التعلمية قبل الشروع في التدريس‪ ،‬أو في أثنائه‪ ،‬أو بعد ذلك‪.‬‬

‫‪‬أن يستعمل املدرس ما يناسب الدرس من وسائل ديدكتيكية‪.‬‬

‫‪ ‬أن يحدد املدرس املصادر و املراجع العلمية والتربوية التي تخدم تدريس موووعات‬
‫الوحدة الدراسية‪.‬‬

‫تقويم الوحدة الدراسية ‪ ،‬البد من السجوء إلى أنواع التقويم التالية‪:‬‬ ‫وفيما يخ‬

‫‪‬التقـ ــويم القاكـ ــي ‪ :‬ويك ييون اله ييدف من ييه التثب ييت م يين املعرف يية الخلفي يية عن ييد امل ييتعلم قب ييل‬
‫الشروع في تقديم الوحدة الدراسية‪.‬‬

‫‪‬التق ــويم التك ــويني ‪ :‬يلتجييىء إليييه املييدرس فييي وس ي الحصيية الدراسييية‪ ،‬وفييي أثنيياء تقييديم‬
‫الوحيدة وشييرحها وسنياء تعلماتهييا‪ ،‬وخييالل تيدريس الوحييدة التعلمييية‪ ،‬مسترشيدا بمجموعيية ميين‬
‫األس ي لة والوو ييعيات واألنش ييطة والتم ييارين الص ييفية للتثب ييت م يين تحق ييق األه ييداف املس ييطرة‬
‫بغية السجوء إلى التغذية الراجعة (الفيدباك) لتصحيح مسار العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪.‬‬

‫‪‬التق ــويم الخت ــامي ‪ :‬يس ي ى إل ييى قي يياس م ييدى نج يياح األه ييداف املس ييطرة ف ييي بداي يية الوح ييدة‬
‫الدراسييية ‪ ،‬وت ييخي مييواطن القييوة والضييعف فييي هييذه الوحييدة التعلمييية‪ ،‬وتبيييان صييعوسات‬
‫املتعلم‪.‬‬

‫وعلي ييى العمي ييوم‪ ،‬يخضي ييع تي ييدبير الوحي ييدة التعلميي يية للعمليي ييات الي ييثالث‪ :‬التخطي ييي ‪ ،‬والتي ييدبير‪،‬‬
‫والتقويم‪ .‬ويمكن توويح ذلك بالشكل التالي‪:‬‬

‫الرحلة االولى‪ :‬مرحلة تخطي الوحدات التعلمية‬

‫‪ ‬تحديد الف ات املستهدفة من الوحدة التعلمية‪ ،‬بتبيان مواصفات املتعلمين‪ ،‬واسيتجالء‬


‫قدراتهم التعلمية‪ ،‬ورصد خصائ نموهم النف اي والفيزيولوجي والبيولوجي‪.‬‬
‫‪257‬‬
‫‪ ‬االسترشاد باألهداف العامة والخاصة واإلجرائية‪.‬‬

‫‪ ‬رصد الكفايات الرئيسة والنوعية واملمتدة‪.‬‬

‫الرحلة الثانية‪ :‬مرحلة تدب رالوحدات التعلمية‬

‫‪ ‬تنظيييم املحتوي ييات واملض ييامين والخل يرات واألنش ييطة الفردي يية والجماعي يية‪ ،‬وتبي ييان طرائ ييق‬
‫تجميعها في وحدات ومجاالت دراسية‪.‬‬

‫‪ ‬التوقف عند مختلف الطرائق اليداغوجية في تقديم الوحدة التعلمية‪.‬‬

‫‪ ‬انتقاء الوسائل الديدكتيكية اللفظية والبصرية والرقمية‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد اإليقاعات الزمنية املناسبة ملختلف الوحدات التعلمية‪.‬‬

‫‪ ‬تنظيم قاعة الدرس صفيا لتالئم منها الوحدات التعلمية‪.‬‬

‫‪ ‬التركيز على التواصل التربوي والديدكتيكي اللفظي وغير اللفظي‪.‬‬

‫الرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة التقويم‬

‫‪ ‬تق ييويم الوح ييدات التعلمي يية وف ييق التق ييويم الت خيص يياي‪ ،‬والقبل ييي‪ ،‬والتك ييويني‪ ،‬واإلجم ييالي‪،‬‬
‫واإلشهادي‪...‬‬

‫‪ ‬تقييديم االمتحانييات فييي شييكل خليرات وأنشييطة ومشيياكل ومشيياريع وووييعيات وفييق وحييدات‬
‫معينة‪.‬‬

‫‪ ‬االس ي ييتعانة ف ي ييي تق ي ييويم الوح ي ييدة التعلمي ي يية بالتغذي ي يية الراجع ي يية‪ ،‬أو م ي ييا يس ي ييمى بالفي ي ييدباك‬
‫(‪.)feedback‬‬

‫‪ ‬معالجية األخطياء داخلييا وخارجييا ‪ ،‬أو معالجتهيا وفيق املقارسيات النفسيية‪ ،‬واالجتماعيية‪،‬‬
‫والديدكتيكية‪.‬‬
‫‪258‬‬
‫‪ ‬دعم املتعلمين املتعثرين وفق البيداغوجيا الفارقية‪.‬‬

‫إلجابيات الوحدة التعلمية وسلاياتها‪:‬‬


‫على الرغم من إيجابيات التدريس بالوحدة التعلمية على مستوى املكونات الدراسية أم على‬
‫مستوى الخلرات واألنشطة التعلمية‪ ،‬فإن مفهوم الوحدة مفهوم غامض ومعقد ومتشابك‬
‫مع مجموعة من املفاهيم األخرى كاملجزوءة التي تعني ‪ ،‬وفق ما تعنيه‪ ،‬الوحدة الدراسية‪.‬‬
‫ويعني هذا أن هناك خلطا في تحديد مدلول املجزوءة والوحدة الدراسية معا‪ ،‬ويصعب‬
‫الفصل بينهما بشكل دقيق‪.‬‬

‫وال ينبغي أن تقتصر الوحدة على الدروس والحلقات واملجاالت املوووعاتية فحسب‪ ،‬بل‬
‫البد من تحويل الوحدات إلى ووعيات ‪ -‬مشكالت‪ ،‬واالنتقال من التدريس إلى التعلم‪ ،‬ومن‬
‫الخلرات واملواد الدراسية واألنشطة إلى ووعيات معقدة ومركبة لكي يوظف املتعلم موارده‬
‫املستضمرة إليجاد الحلول املناسبة لهذه الووعية بغية خلق متعلم قادر وكفء ومؤهل ‪.‬‬

‫ويبق السؤال الرئيس هل تستطيع الوحدات التعلمية أن تحقق نتائظ أفضل مقارنة‬
‫بالدروس التقليدية أو بيداغوجيا الكفايات واإلدماج؟ !!‬

‫وخالصة القول‪ ،‬وهكذا يتبين لنا‪ ،‬مما سلف ذكره‪ ،‬أن الوحدة الوظيفية حلقة تبدأ‬
‫بالهدف املعلر عنه بصيغة إجرائية ‪ ،‬وعلى أساسه تنجز أفعال وأنشطة‪ ،‬وتنتهي عندما‬
‫يؤشر تقويم هذا اإلنجاز على بلوغ الهدف املنشود‪ .‬إن وحدة الدرس‪ -‬حسب هذا التعريف‪-‬‬
‫بنية صغرى تتكون من العناصر التالية‪ :‬الهدف اإلجرائي املعلر عنه بصيغة ظاهرة واضحة‪،‬‬
‫والنشا املنجز لتحقيق الهدف‪ ،‬والتقويم الذي يقيس مدى تحقق الهدف‪ ،‬ومن خالله‬
‫يصح‪ ،‬الفعل أو النشا ‪.227‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فالوحدة التعلمية نم من التعلم ‪ ،‬يقوم على الرس بين مختلف الدروس ومن‬
‫حلقة دراسية واحدة‪ ،‬أو ومن وحدة مجالية معينة‪ .‬وقد جاءت نظرية الوحدة رد فعل‬

‫‪ - 227‬ميلود التوري‪ :‬من درس األهداف إلى درس الكفالات‪ ،‬مطبعة أنفوسرانت‪ ،‬فاس‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2222‬م‪ ،‬ص‪.30:‬‬
‫‪259‬‬
‫على املنا ا التربوية التقليدية التي كانت تؤمن باملواد املنفصلة واملنقسمة إلى فروع الصلة‬
‫والراب بينها على املستوى املنهجي‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬من أجل تحقيق الجودة املتميزة في مجال التربية والتعليم‪ ،‬والوصول إلى‬
‫األهداف املرجوة من العملية الديدكتيكية الهادفة والبناءة‪ ،‬البد من االهتمام باملنا ا‬
‫واللرامظ واملقررات والكتب املدرسية ‪ ،‬وإعادة النظر فوها‪.‬‬

‫والبد من ووع مجموعة من املعايير واملقاييس واملواصفات الضرورية‪ ،‬عند ووع املنا ا‬
‫واللرامظ الدراسية‪ ،‬قصد تأهيل تعليمنا لكي يلتحق بركب التنمية والتطور واالزدهار‪ .‬ومن‬
‫أهم هذه املعايير‪ :‬األصالة واملعاصرة‪ ،‬واالستجابة لحاجيات املجتمع ومؤسساته‬
‫االقتصادية‪ ،‬واالنفتاح على مستجدات العلوم والفنون واآلداب والتكنولوجيا ‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫الدول املتقدمة أو السائرة في طريق النمو‪ ،‬كما هو حال دول جنوب سيا (الص ح‪ ،‬وهون‬
‫كون ‪ ،‬وتالواح‪ ،‬وسانغفورة‪ ،‬وكوريا الجنوبية)‪.‬‬

‫ومن األفضل أن تقوم هذه املنا ا على فلسفة الكفايات استجابة ملتطلبات السوق‬
‫والعوملة‪ ،‬ومراعاة متطلبات املقاولة املغرسية أو املستثمرة داخل املغرب‪.‬‬

‫إوافة إلى ذلك‪ ،‬البد أن تنطلق هذه املنا ا من فلسفة ميثاق التربية والتكوين ‪ ،‬و تعمل‬
‫على تشرب مرتكزاته ودعاماته ومبادئه لتخطي كل العقبات واألزمات التي يعانوها التعليم‬
‫املغربي‪ ،‬علما أن امليثاق غني بكثير من البنود واملقررات التي يمكن أن تسهم في إثراء‬
‫منظومتنا التربوية والتعليمية‪ .‬كما ينبغي أن تتطور هذه املنا ا بتطور الطرائق‬
‫البيداغوجية الحديثة بغية مواكبة التطور العاملي في مجال التواصل واإلعالميات والتطور‬
‫التقني‪.‬‬

‫ومع توقيع املغرب على اتفاقية الكاط ‪ ،‬واتفاقيات التبادل الحر الثنائية أو الجماعية‪ ،‬نرى‬
‫أنه من الضروري أن يتحقق االنفتاح‪ ،‬ومسايرة متطلبات العوملة على مستوى اللرامظ‬
‫واملنا ا الدراسية‪.‬وال يعني هذا إهمال املوروث املحلي الخصوصاي والقيم الوطنية ‪ ،‬فال بد‬
‫من تجزيء املنا ا واللرامظ لتراعي ثالثة جوانب أساسية ي‪:‬‬

‫‪261‬‬
‫‪‬الثقافة العاملية ذات البعد اإلنساني‬

‫‪‬الثقافة الوطنية‬

‫‪‬الثقافة املحلية‪.‬‬

‫وال نن اى كذلك ورورة مواكبة هذه اللرامظ واملنا ا ملعايير التقويم والدوسيمولوجيا‬
‫الحديثة لكي تكون املحتويات والخلرات الديدكتيكية أكثر إجرائية وتطبيقا‪ ،‬وأكثر قابلية‬
‫للمراجعة والنقد الذاتي والفيدباك‪.‬‬

‫وال يمكن أن يتحقق إصالح املنا ا واللرامظ إال بتوفير الوسائل املادية واملعنوية والبشرية‪،‬‬
‫وإال سيبق هذا اإلصالح الذي تتطلع إليه وزارة التربية والتعليم إصالحا طوساويا دونكيشوتيا‬
‫خياليا‪ ،‬ال يعتمد على مرتكزات حقيقية وواقعية وميدانية‪ .‬وال ينبغي أن تكون هذه اللرامظ‬
‫واملنا ا إمالءات من دول أجنبية أو من قبل دول املركز ‪ ،‬نخضع لها باعتبارنا دوال محيطة‬
‫متروسوليا أو اقتصاديا أو سياسيا(مثل التبعية الفرنكوفونية)‪ ،‬وأال تكون نتاجا للضغو‬
‫الدولية‪ ،‬وشرو األبناك املانحة‪ ،‬كالبنك الدولي‪ ،‬وصندوق النقد العاملي‪ .‬أي‪ :‬أال يكون‬
‫اإلصالح خارجيا‪ .‬وال يعني هذا أال نستفيد من خلرات الدول األجنبية‪ ،‬بل علينا أن نلم‬
‫بتجارب الدول املتقدمة‪،‬كألانيا‪ ،‬والواللات التحدة األمريكية‪ ،‬وبريطانيا‪ ،‬والياباح‪،‬‬
‫وخلرات التنينات األربعة‪.‬‬

‫ومن األحسن أن نراعي‪ ،‬في ووع هذه اللرامظ‪ ،‬نظام الوحدات واملجزوءات(‪،) les modules‬‬
‫وتحقيق التناغم والتكامل بين وحدات املقرر واملواد املدرسة بغية خلق االتساق واالن جام‬
‫البيداغوجي‪ ،‬تطابقا مع فلسفة الكفايات والووعيات‪ .‬كما ينبغي أن تكون هذه اللرامظ‬
‫واملنا ا واضحة ودقيقة وقابلة لنجرأة والتطبيق‪.‬‬

‫ومن أولى األوليات أن يستشير مسؤولو الوزارة املركزية ‪ -‬الذين تنا بهم مهمة ووع اللرامظ‬
‫واملنا ا‪ -‬مختلف الفاعلين التربويين كاألساتذة‪ ،‬واملفتشين‪ ،‬واملتمدرسين‪ ،‬وأولياء التالميذ‪،‬‬
‫‪262‬‬
‫وكذلك األطر اإلدارية والشركاء الذين تستوجبهم مدرسة الحياة( ‪ ،)la vie scolaire‬وأال‬
‫يكون تنزيل اللرامظ واملنا ا بشكل عمودي‪.‬‬

‫ومن األفضل كذلك أن ترتكز هذه اللرامظ واملنا ا التربوية على ثوابت األمة كالدين والعرسية‬
‫واألمازيغية‪ .‬أي‪ :‬أن تستجيب ملكونات الدولة املغرسية دون إيديولوجية أو عرقية شوفينية‬
‫ومزايدات سياسوية أو نقابوية أو إسالموية‪ ،‬ودون االنفصال عن املنظور اإلسالمي والعربي‬
‫والقومي‪.‬‬

‫وعندما نصدر أي إصالح ترسوي جديد أو أي تغيير‪،‬فالبد من تأهيل األساتذة الستيعاب هذا‬
‫اإلصالح‪ ،‬عن طريق التكوين والتأطير والشرح والتفسير واإلعالم‪ ،‬وتمكينهم بكل املذكرات‬
‫والقرارات الوزارية والجهوية ليتمكنوا من تطبيق مقترحات الوزارة‪ ،‬وأجرأة قراراتها ومذكراتها‬
‫في أحسن الظروف‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬البد أن نشير إلى ما تم اإلشارة إليه سالفا ‪ ،‬وهو أن تتضمن هذه اللرامظ واملنا ا‬
‫فلسفة وطنية قائمة على التواصل والتسامح واألخوة‪ ،‬و تكون نابعة من التربة املحلية ومن‬
‫الذات املغرسية‪.‬‬

‫‪/7‬العينات التعليمية‪:‬‬

‫تستعمل للشرح والتوويح‬ ‫ليست الوسائل الديداكتيكية وسائل تكميلية ومساعدة فق‬
‫والبيان ‪ ،‬بل ي وسائل ورورية‪ ،‬و ي جزء من العملية التعليمية‪ -‬التعلمية الكلية‪.‬لذا‪ ،‬من‬
‫األفضل تسميتها بالوسائل الديدكتيكية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول محمد الدريظ‪:‬‬

‫" ليست الوسائل التعليمية‪ ،‬كما قد يتوهم البعض‪ ،‬مساعدة على الشرح فحسب‪ .‬إنها‬
‫جزء اليتجزأ من عملية التعليم‪.‬لذا‪ ،‬فمن الخطإ تسميتها"وسائل اإليضاح"‪ ،‬كما هو شائع‬
‫في بعض األوسا التعليمية‪.‬ومن شأن الوسائل التعليمية ‪ ،‬باإلوافة إلى املساهمة في‬
‫الحقائق‪ ،‬أن تضيف إلى محتويات املواد الدراسية حيوية‪،‬‬ ‫توويح املفاهيم وت خي‬
‫‪263‬‬
‫وتجعلها ذات قيمة عملية وأكثر فعالية وأقرب إلى التطبيق‪.‬لذا‪ ،‬فإن املدرس الذي يسجأ إلى‬
‫توظيفها على الوجه األنسب‪ ،‬يجعل من تعليمه تعليما مشوقا وأكثر جاذبية‪ ،‬يعين التالميذ‬
‫على فهم املادة وتحليلها‪ .‬كما أنها تساعد املتعلم على ترسيق املعلومات في ذاكرته ورسطها في‬
‫مخيلته بأشكال وألوان وأصوات وغيرها‪ ،‬فتبق عالقة بالذهن سهلة عند محاولة‬
‫استرجاعها‪.‬وهذا ما يعرف " بالتصور العقلي" وهو فن له قيمته‪ ،‬يسجأ صاحبه إلى‬
‫وذكر الحوادث الواقعية وورب األمثال والسجوء إلى أدوات وصور‬ ‫االستشهاد بالقص‬
‫أثناء الدرس أو أثناء إلقاء خطاب وما إلى ذلك‪.‬املهم هو االنتقال باملتعلم أو املستمع من‬
‫املجردات إلى مجال املحسوسات‪ ،‬فيكت اي عالم املعقوالت حلة جديدة‪ ،‬تجعله مفهوما‬
‫مقبوال وجذابا لدى التالميذ"‪228.‬‬

‫ويمكن الحديث عن أنواع ثالثة من الوسائل الديدكتيكية على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ ،‬الوسا ل اللغوية اللفظية ‪ ،‬مثل‪ :‬الشرح‪ -‬األمثلة‪ -‬السرد‪ -‬الوصف‪ -‬القياس‪ -‬األمثال‪-‬‬
‫التشبيه‪ -‬التوويح‪ -‬التفسير‪-‬البيان‪ -‬االستشهاد‪...‬‬

‫ثانيا‪ ،‬الوسا ل الاصرية‪ ،‬مثل‪ :‬الخطاطات‪ -‬الجداول‪ -‬املبيانات‪-‬الصور‪ -‬الخرائ ‪-‬‬


‫األيقونات‪ -‬املنحوتات‪ -‬السبورة‪ -‬الكتاب الكتب‪ -‬األشكال املادية‪ -‬الرموز‪ -‬اللوحات‪...‬‬

‫ثالثا‪ ،‬الوسا ل التكنولوجية العاصرة كالراديو‪ -‬امل جلة‪ -‬التلفزيون‪ -‬الفضائيات‪-‬‬


‫السينما‪ -‬الحاسوب‪ -‬اإلعالميات‪ -‬السبيرنطيقا‪ -‬اللرمجيات‪ -‬األشرطة‪ -‬الفيديو‪ -‬أدوات‬
‫التصوير‪...-‬‬

‫‪ /8‬الطرا ق التربوية‪:‬‬

‫يقصد بالطرائق التربوية تلك األنشطة واألشكال واألعمال التي يقوم بها املدرس من أجل‬
‫توصيل املحتويات واملعارف واملهارات إلى املتعلم بغية تحقيق مجموعة من األهداف‬
‫‪ -228‬محمد الدريظ‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.03:‬‬
‫‪264‬‬
‫العامة أو الخاصة‪ .‬وستعبير خر‪ ،‬إنها عبارة عن منا ا تدريسية يستعملها املدرس أو‬
‫املتعلم لتحصيل هدف ما أو تحقيق كفاية ما‪ .‬ويعني هذا أن الطرائق ي وسائ لفظية أو‬
‫بصرية أو رقمية أو بحثية لنقل املعارف بغية تحقيق مجموعة من األهداف والكفايات‬
‫والغايات األساسية‪.‬‬

‫ويمكن جمع كل الطرائق البيداغوجية في األنواع التالية‪ :‬األشكال اإللقائية‪ ،‬واألشكال‬


‫الحوارية‪ ،‬وأشكال البحث‪ ،‬وعمل املجموعات‪ .‬و"ال يخف أن هناك طرائق عديدة يمكن‬
‫اتباعها ومنها الطرائق التي تركز على نشا التلميذ مثل طريقة حل املشكالت‪ ،‬أو الطرائق‬
‫التي تنظم التعلمات حول مشروع معين(بيداغوجيا املشروع)‪ ،‬أو حول نشا وظيفي(‬
‫دوكرولي‪ -‬فريني)‪ ،‬ومنها أيضا مجموع املمارسات البيداغوجية التي تفردن األنشطة حسب‬
‫مواصفات التالميذ واهتماماتهم‪ .‬وهو إجراء مهم من منظور اإلدماج‪ ،‬بحيث إن املكتسبات‬
‫املختلفة تترسخ بشكل فردي لدى التلميذ‪ ،‬بما فوها األهداف النوعية والقدرات‬
‫والكفايات‪"229.‬‬

‫وإذا كانت املدرسة التقليدية مدرسة تلقينية بامتياز‪ ،‬تعتمد على سلطة املدرس املطلقة‪،‬‬
‫وطرائق الحفء واالستذكار والتدوين والتحشية فإن املدرسة الحديثة قد تمثلت مجموعة‬
‫من الطرائق القائمة على الحوار والبحث والعمل في املجموعات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تعد الطرائق‬
‫الفعالة من أهم التقنيات واآلليات اإلجرائية لتحقيق الديمقراطية الحقيقية سيما أنها من‬
‫مقومات التربية الحديثة واملعاصرة في الغرب كما قال السيد بلوخ ‪ ، Bloch‬عندما أثبت أن‬

‫‪ -229‬انظر‪ :‬بيدايوجيا اإلدماج‪ ،‬ترجمة‪ :‬لحسن بوتكالي‪ ،‬منشورات مجلة علوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪2226 ،‬م‪ ،‬ص‪.02:‬‬
‫‪265‬‬
‫نجاح املدرسة الفعالة‪ " :‬الزب من أجل بزوغ مجتمع ديمقراطي اليمكن أن يكون كذلك إال‬
‫عن طريق منطوق مؤسساته"‪.230‬‬

‫وقد ظهرت هذه الطرائق الفعالة في أورسا في أواخر القرن التاسع عشر وسداية القرن‬
‫العشرين مع ماريا مونتيسوري ‪ ، Maria Montessori‬وجون ديوي ‪ ،Dewey‬وكالباريد‬
‫‪ ،Claparide‬وكرشنشتاير ‪ ،Kerschensteiner‬وفرينيه ‪ ،Freinet‬وكارل روجرز ‪،Rogers‬‬
‫ومكارنكو ‪ ،Makarenko‬وريبول ‪ ،Reboul‬وفيريير ‪ ،Ferrière‬وجان بياجيه ‪...،J.Piaget‬‬

‫وتعتمد هذه الطرائق الفعالة الحديثة على عدة مباد أساسية ي‪ :‬اللعب‪ ،‬وتعلم الحياة‬
‫عن طريق الحياة‪ ،‬والتعلم الذاتي‪،‬والحرية‪ ،‬واملنفعة العملية‪ ،‬وتفتح ال خصية‪ ،‬واالعتماد‬
‫على السيكولوجيا الحديثة‪ ،‬واالستهداء بالفكر التعاوني‪ ،‬واألخذ بالتسيير الذاتي‪ ،‬وتطبيق‬
‫الالتوجوهية‪ ،‬ودمقرطة التربية والتعليم‪...‬‬

‫ويؤكد أاحاب الطرائق الفعالة الحديثة‪ ،‬بلغة تكاد تكون واحدة‪ ،‬رفضهم القاطع للنزعة‬
‫التسلطية والتلقينية بضرورة" تدعيم والدة مجتمع ديمقراطي‪ ،‬مادامت املدرسة التقليدية‬
‫التكون الكيان ال خصاي كما التحقق الدمظ االجتماعي‪ ،‬بل تؤدي على العكس في ن واحد‬
‫إلى تمييع املجتمع‪ ،‬وإلى قيام النزعة الفردية األنانية‪ .‬ويضيف أولهم ‪ -‬ونعني كالباريد‪ -‬أن‬
‫األمر ترسية مدنية غريبة عن أي‬ ‫عالج مثل هذه النقيصة اليكون بأن ندخل على هام‬
‫ترسية من هذا الطراز التقليدي‪ .‬وجميعهم يشيد بالقيادة الذاتية لسبب وحيد هو أنهم‬
‫يريدون أن يحلوا محل النظم الزجرية التي ييسر الترويض ذيوعها وانتشارها‪ ،‬بأخرى‬
‫جديدة تشتمل على املشاركة واملسؤولية‪ ،‬وسالتالي‪ ،‬على ما ييسر انطالق الشعور الغيري‪.‬‬

‫‪ - 230‬غي فانزيني‪ :‬الجمود والتجدلد الي التربية الدرسية‪ ،‬ترجمة‪ :‬الدكتور عبد ت عبد الدائم‪ ،‬دار العلم‬
‫للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3603‬م‪ ،‬ص‪.202:‬‬
‫‪266‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬إنهم يخشون‪ ،‬في حال غياب التدريب املناسب‪ ،‬أن تنحدر الديمقراطية‪ ،‬فتغدو‬
‫حكم التفاهة والضعة‪231".‬‬

‫إذا‪ ،‬فالطرائق الفعالة والنشيطة التي أفرزتها التربية الحديثة من أهم مقومات التدبير‬
‫الديدكتيكي على مستوى التعلمات‪.‬‬

‫ويعد الفكر التعاوني من أهم اآلليات لتحقيق الديمقراطية التربوية الحقيقية ألن‬
‫االشتغال في فريق ترسوي داخل جماعة معينة يساعد التلميذ على التفتح والنمو واكتساب‬
‫املعارف والتجارب لدى الغير كما يبعده عن كثير من التصرفات الشائنة‪ ،‬ويجنبه أيضا‬
‫الصفات السلبية كاالنكما ‪ ،‬واالنعزالية‪ ،‬واالنطواء‪ ،‬واإلحساس بالخوف والنق‬
‫من األنانية وحب الذات ‪ .‬واليمكن للدول أن تحقق‬ ‫والدونية‪ ،‬ويساعده على التخل‬
‫التقدم واالزدهار إال إذا اشتغلت في إطار فريق جماعي كما في الغرب والواليات املتحدة‬
‫األمريكية حيث يترب العلماء والباحثون على الفكر التعاوني‪ ،‬والبحث في فريق جماعي‪،‬‬
‫لتحقيق األهداف التي انطلقوا منها في مشاريعهم العملية‪ ،‬والعلمية‪ ،‬والثقافية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬يبدو أن بيداغوجية الفكر التعاوني من أسس تحقيق التعليم الديمقراطي‪،‬‬
‫وتحديث التعليم‪ ،‬ودمقرطة التربية واملجتمع على حد سواء ألنها تزيل الفوارق‬
‫االجتماعية‪ ،‬وتذيب كل التمايزات اللونية واللغوية والطبقية‪.‬‬

‫ومن أهم الذين دعوا إلى الفكر التعاوني لدمقرطة املدارس اللروليتارية املربي الفرن اي‬
‫سلستان فرينيه ‪ Célestin Freinet‬الذي استعمل مجموعة من الوسائل التنشيطية لزرع‬
‫الفكر التعاوني بين الناش ة التربوية‪ .‬وتتمثل هذه الوسائل في استخدام املطبعة‪ ،‬والتراسل‪،‬‬
‫والنصوص الحرة‪ ،‬والتحقيقات الخارجية‪ ،‬واالستهداء بالعمل الجماعي‪ ،‬وتأسيس‬
‫التعاونيات املدرسية‪ ،‬واستعمال الجذاذات ‪ ،‬والسهر على إنشاء جريدة األطفال‪ ،‬واالعتماد‬

‫‪ - 231‬غي فانزيني‪ :‬الجمود والتجدلد الي التربية الدرسية‪ ،‬ص‪.236:‬‬


‫‪267‬‬
‫على التسيير الجماعي‪ ،‬واالعتناء بكتاب الحياة‪ ،‬وتنظيم خزانة العمل‪ ،‬وتشغيل اآلليات‬
‫الحديثة كجهاز الفونو واألسطوانات والسينما ‪...‬‬

‫ومن خالل العمل داخل فريق‪ ،‬يمكن تحقيق ديمقراطية التعلم وديمقراطية التعليم‪،‬‬
‫وأجرأة التربية الديمقراطية علر حل املشكالت التي تواجه املتعلم في عامله املوووعي‬
‫بسهولة بواسطة إنجاز األعمال املطلوسة منه بشكل فعال‪ ،‬وعالج الكثير من اآلفات‬
‫النفسية الفردية الشعورية والالشعورية كاألنانية والنبذ والكراهية والنفور‪ ،‬واستبدالها‬
‫بمشاعر أكثر نبال كاالن جام‪ ،‬والتوافق‪ ،‬والتشارك‪ ،‬والتعاون‪ ،‬واالبتكار الجماعي‪،‬‬
‫واإلبداع الهادف‪.‬‬

‫وإلزالة القيم السلبية‪ ،‬والحد من املشاعر الفردية السي ة‪ ،‬البد من دفع املتعلم إلى‬
‫االنصهار داخل الجماعة ليكتسب سلوكيات جماعية‪ ،‬ويتعود على الفكر االشتراكي‬
‫العملي‪ ،‬بتدريب طاقته الجسدية والعقلية على تحقيق املردودية واإلنتاجية كما يقول‬
‫أنطون مكارينكو‪ ، A. Makarenko‬وتعويد تالميذ الفصل على العمل الحر داخل جماعات‬
‫متجانسة من حيث السن واملستوى الدراهاي كما يقول كوزينيه ‪ ،Cousinet‬وخلق فرص‬
‫للعمل الجماعي من أجل بناء مجتمع ديمقراطي مبدع ومزدهر‪.‬‬

‫ويمكن الحديث كذلك عن بيداغوجيا مؤسساتية مفادها أن أغلب املرسين يرفضون‬


‫تحويل املؤسسة التربوية إلى مؤسسة الثكنة أو فضاء بيروقراطي يكرس التمييز‬
‫العنصري‪ ،‬ويؤعا الصراع الطبقي‪ ،‬أو يتم إصالحها خارجيا بل ينبغي أن يكون اإلصالح‬
‫‪PIDAGOGIE‬‬ ‫الايدايوجيا الؤسساتية‬ ‫داخليا قائما على مباد‬
‫‪ INSTITUTIONNELLE‬التي نظر لها كل من أوري ‪ OURY‬ولوسرو ‪ LOBROT‬والباساد‬
‫‪. LAPASSADE‬‬

‫‪268‬‬
‫ومن املعروف أن املدرسة املؤسساتية اتجاه قد ظهر في فرنسا يعتلر أن اإلصالح" يجب أن‬
‫يمر علر املؤسسة‪ ،‬باإلوافة إلى البنيات االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬ومن ثمة يجب‬
‫االهتمام بمفهوم اإلدارة الذاتية والتسيير الذاتي من أجل تحقيق االستقالل الذاتي‬
‫اي مفتوح"‪1.‬‬ ‫للمتربين في إطار مؤس‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬ترفض هذه البيداغوجيا الجديدة املدرسة الثكنة التي تخنق التلميذ بنظامها‬
‫االنضباطي البيروقراطي الذي يحد من حرية التلميذ‪ ،‬فتتحول املدرسة إلى صندوق أسود‬
‫أو إلى ثكنة عسكرية التؤمن إال بالنظام واالنضبا على حساب حرية التلميذ ولعبه‬
‫وأنشطته الثقافية‪ ،‬والفنية‪ ،‬والرياوية‪ ،‬والعلمية‪.‬‬

‫لهذا‪ ،‬تقترح البيداغوجيا املؤسساتية مدرسة مرنة ومنفتحة تنبع قوانينها من التفاعل‬
‫الداخلي ألفرادها قصد االنتقال باملدرسة من مؤسسة التلقين والتوجيه واالنضبا‬
‫الوحشاي نحو مؤسسة إبداعية فاعلة وفعالة مبدعة ومبتكرة‪ ،‬تس ى إلى تحقيق التقدم‬
‫واالزدهار‪.‬‬

‫وال نن اى كذلك أهمية الشراكة التربوية وخلق مشار ع الؤسسة لتنمية املؤسسة‬
‫التربوية‪ ،‬وإزالة تناقضاتها االقتصادية واالجتماعية الصارخة ألن املدرسة جزء من‬
‫املجتمع‪ ،‬ومر ة صادقة تعكس سلبياته وتفاوتاته الطبقية الصارخة التي يجسدها‬
‫املتعلمون داخل الساحة املدرسية أو داخل الصف الدراهاي‪.‬‬

‫أما البيداغوجيا الالتوجوهية‪ ،‬فهي تنبني على التعلم الذاتي والتسيير ال خصاي‪ ،‬واعتماد‬
‫املتعلم على نفسه في إنجاز واجباته‪ ،‬وأداء أعماله‪ ،‬ويتحول املدرس – هنا‪ -‬إلى مشرف‬
‫مرشد‪ ،‬وال يتدخل إال إذا طلب منه املتعلم ذلك‪ .‬وتعتمد الالتوجوهية على الحرية والعفوية‬
‫والتلقائية‪ ،‬وسناء املعرفة عن طريق التدريظ املنطقي وال خصاي‪ ،‬واالبتعاد عن طرائق‬
‫التدريس التلقينية القائمة على اإلكراه والتلقين والحفء ‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬تزرع هذه الطريقة الالتوجوهية الحديثة الثقة في املتعلم‪ ،‬وتعوده على املثابرة‬
‫ال خصية والتعلم الذاتي وحب املغامرة‪ ،‬واالستعانة بكفاءاته وقدراته الذاتية لحل‬
‫املشاكل والووعيات‪ ،‬وتطويع الصعوسات التي تواجهه في املدرسة والحياة على حد سواء‪.‬‬

‫ومن أهم املنظرين للبيداغوجيا الالتوجوهية جان جاك روسو ‪ ،Rousseau‬وأوليفييه ريبول‬
‫‪ ،Olivier Reboul‬وكارل روجرز ‪.C.Rogers‬‬

‫‪ /9‬الوسا ل التعليمية‪:‬‬

‫تستلزم البيداغوجيا اإلبداعية أن نسترشد بالوسائل الديداكتيكية املعاصرة‪ ،‬مثل‪:‬‬


‫االستعانة بالخطاطات الشكلية والرقمية‪ ،‬وتنويع امللفوظ البياني شرحا وتفسيرا وتأويال‪،‬‬
‫واستخدام اللرهان والحجاج العقالني لإلقناع والتأثير من خالل التوسل بكل ماهو روحاني‬
‫في التعامل مع ماهو ديني وشرعي إيماني‪ ،‬وتطبيق أدوات اإلعالميات والحوسبة‪ ،‬واالستفادة‬
‫من الصورة األيقونية والبصرية واألفالم واألقراص الرقمية‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬نسترشد‬
‫بتليات الدرس التربوي عند علمائنا املسلمين القدام ‪ ،‬مثل‪ :‬اإلمام الغزالي‪ ،‬وابن خلدون‪،‬‬
‫وابن سحنون‪ ،‬والقاب اي‪ ،‬والسمعاني‪ ،‬وابن طفيل‪ ،‬وابن الهيثم‪ ...‬كأن نتمثل الحفء الذي‬
‫يقوي الذاكرة‪ ،‬وينميه إدراكيا‪ ،‬ويعمق الذكاء الدماغي والعص ي‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬ننتقل إلى‬
‫ليات الحوار والنقد واملناقشة‪ ،‬وغرسلة األفكار بشكل علمي وموووعي‪ ،‬مع االنطالق من‬
‫الشك املنهجي نحو اليقين العلمي‪ ،‬كما يرى كل من ابن الهيثم‪ ،‬واإلمام الغزالي‪ ،‬وابن‬
‫خلدون‪ ،‬وعلماء الجرح والتعديل‪...‬‬

‫‪ /11‬اإللقاعات الزمنية‪:‬‬

‫يعد تنظيم الزمن والتحكم فيه من ليات تدبير الفصل الدراهاي ديدكتيكيا بضب الزمن‬
‫سنويا في شكل توزيع سنوي‪ ،‬أو وبطه مرحليا في شكل توزيع مرحلي‪ ،‬أو وبطه شهريا في‬
‫شكل توزيع شهري‪ ،‬أو وبطه يوميا في شكل مذكرة يومية‪ ،‬ويتحقق هذا كله بتوزيع الدروس‬
‫واالختبارات بين شهور السنة الدراسية بشكل محكم ودقيق يراعي‬ ‫واألنشطة والفرو‬

‫‪270‬‬
‫العطل وأيام العطل واألعياد والغالف الزمني الدراهاي الفعلي لكل شهر‪ .‬ويمكن توزيع املقرر‬
‫اعتمادا على املقياس الزمني‪ ،‬كدروس ‪23‬دقيقة‪ ،‬ودروس ‪62‬دقيقة‪ ،‬ودروس ‪ 23‬دقيقة ‪-‬‬
‫مثال‪...-‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬البيد للميدرس أن ييتحكم جييدا فيي اإليقاعيات الزمنيية املتعلقية بكيل مسيتوى دراهياي‬
‫لك ييل قس ييم ظرف ييا زمني ييا مناس ييبا يؤه ييل امل ييتعلم للي ييتأقلم م ييع املح ييي‬ ‫مع ييين حي ييث يخصي ي‬
‫الترب ييوي وال ييواق ي‪ .‬وهن ييا‪ ،‬يمك يين الح ييديث ع يين التكيي ييف الزمن ييي أو اإليق يياعي أو البي ييي ال ييذي‬
‫يراعي بي ية امليتعلم كاالسيتراحة فيي أييام األسيواق األسيبوعية بيدل األييام الرسيمية ألن امليتعلم‬
‫يصيياحب أب يياه إل ييى الس ييوق وينييوب عن ييه ف ييي ذل ييك‪ .‬بعب ييارة أخييرى‪ ،‬يراع ييي امل ييدرس ك ييل الحص ي‬
‫واملدة الزمنية املخصصة لكل وحدة دراسية دون أن يكون ذلك لصال‪ ،‬مستوى على حساب‬
‫مسييتوى خ يير‪.‬أي‪ :‬يراع ييي مقيياييس االنض ييبا ‪ ،‬وال ييتحكم‪ ،‬واالن ييجام‪ ،‬واالس ييتيفاء‪ ،‬ب يياحترام‬
‫إيقاع كل قسم على حدة‪.‬‬

‫ويمكن الحديث عن أنواع عدة من استعمال الزمن‪:‬‬

‫‪‬استعمال الزم ــن الع ــادي‪:‬‬


‫يتعلييق بييزمن االسييتقبال‪ ،‬وزميين الييتعلم‪ ،‬وزميين االسييتراحة‪ ،‬وزميين االنص يراف‪ ،‬وزميين األنشييطة‬
‫الرياوية والفنية‪ .‬وتشترك األقسام املشتركة في هذا الزمان مع األقسام العادية املوحدة‪.‬‬

‫‪‬استعمال الزمن الشترك‪:‬‬

‫يعنييى بكييل مايقييدم ميين التعلمييات والخليرات للقسييم املشييترك بغييية تحقيييق نييوع ميين االن ييجام‬
‫التق ي ييويم الت خيص ي يياي املش ي ييترك‪،‬‬ ‫داخ ي ييل الفص ي ييل الدراه ي يياي‪ .‬ويتعل ي ييق ه ي ييذا ال ي ييزمن بحص ي ي‬
‫التطبيي ييق أوالتقي ييويم‬ ‫اإلنجي يياز املشي ييترك‪ ،‬وحص ي ي‬ ‫التقي ييديم املشي ييترك‪ ،‬وحص ي ي‬ ‫وحص ي ي‬
‫التقيديم املشيترك‪،‬‬ ‫االستقبال املشترك‪ ،‬وحص‬ ‫املشترك‪ ،...‬أو يمكن الحديث عن حص‬
‫البحث املشترك‪...‬‬ ‫التفكير املشترك‪ ،‬وحص‬ ‫العمل املشترك ‪ ،‬وحص‬ ‫وحص‬
‫‪271‬‬
‫‪‬استعمال الزمن الخاص بالورشات‪:‬‬

‫املييدرس حصصييا دراسييية للورشييات الدراسييية التطبيقييية والفنيةبتقسيييم الفصييل‬ ‫يخصي‬


‫الدراهاي إلى مجموعات أو جماعات أو فيرق وفيق أسيس ديناميكيية الجماعيات بيدفع اآلخيرين‬
‫إلي ييى العمي ييل معتمي ييدين علي ييى أنفسي ييهم في ييي الي ييتعلم‪ .‬وقي ييد تنصي ييب تلي ييك الورشي ييات علي ييى الق ي يراءة‪،‬‬
‫والكتابة‪ ،‬والحساب‪ ،‬والتواصل‪ ،‬واألنشطة الفنية والتشكيلية‪ .‬عالوة على ورشيات املطالعية‬
‫والتثقيف وفهم النصوص وتسخيصها وتحليلها‪ ،‬وورشات اإلبداع واإلنتاج واالبتكار‪...‬‬

‫ويمك يين الح ييديث ع يين مجموع يية م يين الورش ييات‪ ،‬مث ييل‪ :‬الورش ييات املوجه يية م يين قب ييل امل ييدرس‪،‬‬
‫والورشات املسيتقلة التيي تعتميد عليى مبيادرات امليتعلم وقدراتيه الذاتيية فيي اليتعلم‪ ،‬والورشيات‬
‫ش ييبه املوجه يية أو املرفق يية بعري ييف أو قائ ييد م ييتمكن وك ييفء‪ ،‬وورش ييات املش يياريع الح ييرة‪ ،‬مث ييل‪:‬‬
‫الورشات الثقافية والفنية‪ ،‬والورشات األدبية‪ ،‬والورشات العلمية‪...‬‬

‫‪‬استعمال الزمن الفردي ‪:‬‬

‫امل ييدرس زمن ييا للتفري ييد بتتب ييع امل ييتعلم بطريق يية فردي يية م يين خ ييالل مراقب يية إنجازات ييه‬ ‫يخصي ي‬
‫وأعمالييه وتطبيقاتييه وأداءاتييه‪ ،‬ومراقب يية واجباتييه املنزلييية بتقييديم ال ييدعم الكييافي واملناسييب فييي‬
‫حاليية تعثييره‪ ،‬أو عييدم قدرتييه علييى مواكبيية مختلييف الووييعيات املقدميية لييه‪ .‬والبييد ميين تحديييد‬
‫ه ي ييذا ال ي ييزمن داخ ي ييل مخطط ي ييه اإليقي ي ياعي الع ي ييام‪ ،‬ويخت ي يياره بدق ي يية وعناي ي يية و ي ييمن م ي ييا يس ي ييمى‬
‫بالبيداغوجيا الفارقية‪.‬‬

‫‪‬استعمال الزمن الوازي‪:‬‬

‫يمكيين الحييديث عيين الييزمن الديييدكتيكي املتعلييق بالفصييل الدراهيياي ميين جهيية‪ ،‬والييزمن املييوازي‬
‫ال ييذي ي ييرتب بفت ييرة االس ييتراحة أو بوق ييت الف يراغ م يين جه يية أخ ييرى‪ .‬وهن ييا‪ ،‬يمك يين للم ييدرس أن‬
‫يسييتثمر هييذا الوقييت لخلييق الحييياة السييعيدة املثلييى‪ ،‬وتأهيييل املييتعلم وتييأطيره وتكوينييه بشييكل‬

‫‪272‬‬
‫جي ييد‪ ،‬وخل ييق مختل ييف األنش ييطة لتحفي ييز امل ييتعلم عل ييى اإلب ييداع والخل ييق واالبتك ييار والتخيي ييل‬
‫واإلنشاء‪ ،‬وإظهار قدراته‪ ،‬وكفاءاته‪ ،‬وميوله ‪.‬‬

‫‪‬اإللقاع الزمني الرتا بالعطل والناساات‪:‬‬

‫ي ي ييرتب اإليق ي يياع الزمن ي ييي املدره ي يياي بمجموع ي يية م ي يين األح ي ييداث والعط ي ييل واملناس ي ييبات الوطني ي يية‬
‫والعاملية‪.‬لي ييذا‪ ،‬البي ييد للمي ييدرس مي يين خلي ييق أنشي ييطة تتي ييواءم وتتناسي ييب مي ييع فت ي يرات تلي ييك األعيي يياد‬
‫واملناسبات كأن تكون أنشيطة ثقافيية وطنيية‪ ،‬أو أنشيطة إعالميية ‪ ،‬أو أنشيطة اجتماعيية‪ ،‬أو‬
‫أنش ييطة بيئي يية ‪ ،‬أو أنش ييطة اقتص ييادية‪ ،‬أو أنش ييطة أدبي ية وفني يية وعلمي يية وتقني يية‪ ،‬أو أنش ييطة‬
‫دينية ‪ ،‬أو أنشطة حقوقية‪ ،‬أو أنشطة سياسية‪ ،‬أو أنشطة احية‪...‬إلخ‪.‬‬

‫ال حة األعياد والناساات الوطنية والعالية‬


‫‪ .3‬مجال البي ة والصحة‬

‫التاريخ‬ ‫األلام الـمحتفى بها‬

‫‪ 6‬شتنلر‬ ‫اليوم العاليمي لإلسعافات األولية‬

‫‪ 33‬شتنلر‬ ‫اليوم العاليمي لحماية طبقة األوزون‬

‫األسبوع األخير من شهر شتنلر‬ ‫اليوم العاليمي للبحر‬

‫‪ 23‬شتنلر‬ ‫اليوم العاليمي للقلب‬

‫‪ 2‬أكتوسر‬ ‫اليوم العاليمي لسحيوان‬

‫األربعاء الثاني من شهر أكتوسر‬ ‫اليوم العاليمي للوقاية من الكوارث الطبيعية‬

‫‪ 32‬أكتوسر‬ ‫اليوم العربي للبي ة‬

‫‪ 33‬أكتوسر‬ ‫اليوم العاليمي للتغذية‬

‫‪ 32‬نونلر‬ ‫اليوم الوطني لل جرة‬

‫فاتح دجنلر‬ ‫اليوم العاليمي للسيدا‬

‫‪273‬‬
‫التاريخ‬ ‫األلام الـمحتفى بها‬

‫‪ 6‬دجنلر‬ ‫اليوم العاليمي للمعاقين‬

‫‪ 0‬دجنلر‬ ‫اليوم العاليمي لنظافة البي ة‬

‫‪ 26‬دجنلر‬ ‫اليوم العاليمي للتنوع البيولوجي‬

‫‪ 2‬فلراير‬ ‫اليوم العاليمي لليمناطق الرطبة‬

‫‪ 2‬فلراير‬ ‫اليوم العاليمي ليمكافحة مر السرطان‬

‫‪ 22‬أو ‪ 23‬مارس‬ ‫اليوم العاليمي لنر‬

‫من ‪ 23‬إلى ‪ 20‬مارس‬ ‫األسبوع العاليمي للغابة‬

‫‪ 22‬مارس‬ ‫اليوم العاليمي لليماء‬

‫‪ 26‬مارس‬ ‫اليوم العاليمي للرصد الجوي‬

‫‪ 22‬مارس‬ ‫اليوم العاليمي ليمكافحة مر السل‬

‫‪ 3‬أبريل‬ ‫اليوم العاليمي للصحة‬

‫‪ 33‬أبريل‬ ‫اليوم العاليمي ليمر باركنسن‬

‫‪ 33‬أبريل‬ ‫اليوم العاليمي للهيموفيليا‬

‫‪ 22‬أبريل‬ ‫اليوم العاليمي لنر‬

‫‪ 23‬أبريل‬ ‫اليوم العاليمي ليمكافحة مر اليمالريا‬

‫التاريخ‬ ‫األلام الـمحتفى بها‬

‫‪274‬‬
‫التاريخ‬ ‫األلام الـمحتفى بها‬

‫‪ 6‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي للشمس‬

‫‪ 33‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي للكائنات اليمهددة‬

‫‪ 32‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي للتمريض‬

‫‪ 22‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي للتنوع البي ي‬

‫‪ 20‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي من أجل تنمية احة اليمرأة‬

‫‪ 63‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي بدون تدخين‬

‫‪ 3‬يونيو‬ ‫اليوم العاليمي للبي ة‬

‫‪ 0‬يونيو‬ ‫اليوم العاليمي للمحي‬

‫‪ 33‬يونيو‬ ‫اليوم العاليمي ليمحارسة التصحر والجفاف‬

‫‪ 23‬يونيو‬ ‫اليوم العاليمي ليمكافحة اليمخدرات‬

‫‪ 23‬يونيو‬ ‫اليوم العاليمي ليمحارسة داء السكري‬

‫‪ .2‬مجال التربية على حقوق اإلنسان واليمواطنة‬

‫التاريخ‬ ‫األلام الـمحتفى بها‬

‫‪ 23‬شتنلر ‪ 3 /‬يناير‬ ‫اليوم العاليمي للسالم‬

‫‪ 23‬شتنلر‬ ‫اليوم العاليمي ليمقاومة الحروب واالحتالل‬

‫‪ 2‬أكتوسر‬ ‫اليوم العاليمي لالعنف‬

‫‪ 3‬أكتوسر‬ ‫اليوم العاليمي للطفل‬

‫‪ 32‬أكتوسر‬ ‫اليوم الوطني لليمرأة‬

‫‪ 22‬أكتوسر‬ ‫اليوم العاليمي لنمم اليمتحدة‬

‫‪ 3‬نونلر‬ ‫ذكرى اليمسيرة الخضراء‬

‫‪ 6‬نونلر‬ ‫اليوم العاليمي لسحرية‬

‫‪275‬‬
‫التاريخ‬ ‫األلام الـمحتفى بها‬

‫‪ 33‬نونلر‬ ‫اليوم العاليمي للتسامح والتنمية‬

‫‪ 30‬نونلر‬ ‫عيد االستقالل‬

‫‪ 22‬نونلر‬ ‫اليوم العاليمي لحقوق الطفل‬

‫‪ 23‬نونلر‬ ‫اليوم العاليمي ليمناهضة العنف ود النساء‬

‫‪ 26‬نونلر‬ ‫اليوم العاليمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني‬

‫‪ 2‬دجنلر‬ ‫اليوم العاليمي للقضاء على الرق‬

‫‪ 32‬دجنلر‬ ‫اليوم العاليمي لحقوق اإلنسان‬

‫التاريخ‬ ‫األلام الـمحتفى بها‬

‫‪ 33‬يناير‬ ‫ذكرى تقديم وثيقة االستقالل‬

‫‪ 0‬مارس‬ ‫اليوم العاليمي لحقوق اليمرأة‬

‫‪ 23‬مارس‬ ‫اليوم العاليمي ليمكافحة التمييز العنصري‬

‫فاتح ماي‬ ‫اليوم العاليمي للشغل‬

‫‪ 6‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي لحرية الصحافة‬

‫‪ 23‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي لنطفال اليمختفين‬

‫‪ 3‬يونيو‬ ‫اليوم العاليمي للطفولة‬

‫‪ 2‬يونيو‬ ‫اليوم العاليمي لنطفال ضحايا االعتداءات‬

‫‪ 32‬يونيو‬ ‫اليوم العاليمي ليمحارسة تشغيل األطفال‬

‫‪ .6‬اليمجال الثقافي واالجتماعي‬

‫التاريخ‬ ‫األلام الـمحتفى بها‬

‫‪276‬‬
‫التاريخ‬ ‫األلام الـمحتفى بها‬

‫األربعاء الثاني من شهر شتنلر‬ ‫عيد اليمدرسة‬

‫‪ 0‬شتنلر‬ ‫اليوم العاليمي ليمحو األمية‬

‫فاتح أكتوسر‬ ‫اليوم العاليمي لنشخاص اليمسنين‬

‫‪ 3‬أكتوسر‬ ‫اليوم العاليمي لليمدرس‬

‫االثنين األول من شهر أكتوسر‬ ‫اليوم العاليمي للسكن‬

‫‪ 33‬أكتوسر‬ ‫اليوم العاليمي للقضاء على الفقر‬

‫من فاتح إلى ‪ 32‬نونلر‬ ‫الحملة الوطنية للتضامن ود الفقر‬

‫‪ 33‬نونلر‬ ‫اليوم الوطني للصحافة واإلعالم‬

‫‪ 23‬نونلر‬ ‫اليوم العاليمي للتلفزة‬

‫السبت األخير من شهر نونلر‬ ‫اليوم الوطني للتعاون اليمدرهاي‬

‫‪ 6‬دجنلر‬ ‫اليوم العاليمي لنشخاص اليمعاقين‬

‫‪ 22‬دجنلر‬ ‫اليوم العاليمي للتضامن اإلنساني‬

‫‪ 3‬يناير ‪ 33 /‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي لنسرة‬

‫‪ 3‬يناير‬ ‫اليوم الوطني ليمحارسة الرشوة‬

‫‪ 23‬فلراير‬ ‫اليوم العاليمي للغة األم‬

‫‪ 23‬مارس‬ ‫اليوم العاليمي للشعر‬

‫‪ 23‬مارس‬ ‫اليوم العاليمي لليمسرح‬

‫التاريخ‬ ‫األلام الـمحتفى بها‬

‫‪277‬‬
‫التاريخ‬ ‫األلام الـمحتفى بها‬

‫‪ 30‬أبريل‬ ‫اليوم العاليمي لليمباني واليمواقع التاريخية‬

‫‪ 26‬أبريل‬ ‫اليوم العاليمي للكتاب وحقوق اليمؤلف‬

‫‪ 23‬أبريل‬ ‫اليوم العاليمي للملكية الفكرية‬

‫‪ 0‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي للهالل األحمر‬

‫‪ 32‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي لليمسرح اليمدرهاي‬

‫‪ 33‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي لليمواصالت السلكية والالسلكية‬

‫‪ 30‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي لليمتحف‬

‫‪ 23‬ماي‬ ‫اليوم العاليمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية‬

‫‪ 32‬يونيو‬ ‫اليوم الوطني لنعمال االجتماعية‬

‫‪ 32‬يونيو‬ ‫اليوم العاليمي للتلرع بالدم‬

‫‪ 33‬يونيو‬ ‫اليوم العاليمي ليمحارسة اليمجاعة‬

‫‪ 23‬يونيو‬ ‫االحتفال بعيد األم‬

‫‪‬استعمال الزمن لالشتغال الي مجموعات أو فرق‪:‬‬

‫املدرس زمنا لالشتغال في فرق ومجموعات‪ ،‬ويترأس كل فرقة قائيد كيفء أو عرييف‬ ‫يخص‬
‫مييتمكن ميين ليييات القيراءة والكتابيية والحسيياب والتواصييل الكتييابي والشييفوي‪ .‬ويختييار املييدرس‬
‫الفريييق أو الجماعيية وفييق مقيياييس ديناميكييية الجماعيية أو مقييياس السوسيييوميترية‪ .‬وتشييتغل‬
‫هذه الفرق على مواويع وأدوار متشابهة‪ ،‬أو متقارسة‪ ،‬أو مختلفة‪.‬‬

‫ويتييأرع‪ ،‬اإليقيياع الزمنييي لسحصيية الدراسييية بييين عشييرين دقيقيية وسييتين دقيقيية‪.‬أي‪ :‬ثميية مييواد‬
‫تسييتلزم خم ييس وعشييرين دقيقيية (الق يراءة بالفرنسييية)‪ ،‬أو ثالث ييين دقيقيية( الق يراءة بالعرسييية‪،‬‬

‫‪278‬‬
‫والصييرف والتحويييل‪ ، )...‬أو خمييس وأربعييين دقيقيية( الرياويييات‪ ،‬والنشييا العلمييي‪ ،‬والتربييية‬
‫الفنية)‪ ،‬أو ستين دقيقة (التربية البدنية)‪...‬ويختلف هذا من مستوى دراهاي إلى خر‪.‬‬

‫املييدرس ربييع سيياعة‬ ‫وتييوزع الحصيية الزمنيية كييذلك بييين مقيياطع الييدرس املختلفيية يكيأن يخصي‬
‫للمراجعيية والتقييديم‪ ،‬فييي حصيية زمنييية تقييدر بسيياعة كامليية‪ ،‬ونصييف سيياعة لتقييديم الييدرس‪،‬‬
‫وربي ييع سي يياعة للتطبيي ييق والتقي ييويم اإلجمي ييالي‪ .‬ويمكي يين أن يقسي ييم املي ييدرس املي ييادة الدراسي ييية إلي ييى‬
‫حص ي ييتين زمنيت ي ييين‪ ،‬كس ي يياعة لحص ي يية التق ي ييديم والفه ي ييم‪ ،‬وس ي يياعة أخ ي ييرى للتحلي ي ييل والتركي ي ييب‬
‫والتقويم ‪ ،‬كما يبدو ذلك جليا في حصة النصوص األدبية ‪ ،‬في التعليم الثانوي التأهيلي‬

‫الدراسية حسب اإليقاعات الزمنية زيادة ونقصانا‪،‬‬ ‫وتأسيسا على ماسبق‪ ،‬توزع الحص‬
‫أو حسب معيار املتجانس واملختلف كما في األقسام املشتركة من التعليم االبتدائي‪ .‬بمعنى‬
‫حصصا دراسية للمواد املتجانسة كالنحو والصرف‬ ‫أن املدرس يمكن أن يخص‬
‫حصصا أخرى للمواد املتباينة ‪ ،‬مثل‪ :‬الرياويات والقراءة‬ ‫واإلمالء(صنف ألف)‪ ،‬ويخص‬
‫والتشكيل (صنف باء)‪...‬‬

‫وعليه‪ ،‬ال يمكن للفصل الدراهاي أن يحقق نتائجه اإليجابية إال بالتحكم في اإليقاعات‬
‫الزمانية‪ ،‬وهذا ما يسمى بالتدبير الزمني‪ .‬ويشمل املواقيت‪ ،‬واستعماالت الزمان‪،‬‬
‫واإليقاعات‪ ،‬والعطل املدرسية ‪.‬‬

‫وإذا كان اإليقاع الزمني في املدرسة التقليدية غير منظم وفق مقاييس ترسوية ونفسية‬
‫واجتماعية دقيقة وواعية ومقننة‪ ،‬إذ كان األطفال محرومين من اللعب واالستراحة‬
‫ً‬
‫والعطل ألن ذلك يعد ‪ -‬حسب تصورها‪ -‬تضييعا للوقت وهدرا للطاقة‪ .‬فكان املهم ‪-‬إذا‪ -‬هو‬
‫حشو ر وس املتعلمين باملعارف الكثيرة‪ ،‬وإن كان ذلك يتم على حساب الكيف‪.‬‬

‫بيد أن املدرسة الحديثة قد نظمت إيقاعاتها الزمنية بشكل جيد وفق أسس التربية‬
‫الحديثة من خالل مراعاة متطلبات علم النفس وعلم االجتماع‪ .‬لذا‪ ،‬فهناك أوقات متنوعة‬
‫‪279‬‬
‫والتثقيف‪،‬‬ ‫ومختلفة‪ :‬وقت للدراسة‪ ،‬ووقت للعب‪ ،‬ووقت لالستراحة‪ ،‬ووقت للتنشي‬
‫ووقت للتجريب واالختبار‪ ،‬ووقت للعطلة واالستجمام‪ ،‬ووقت لالحتفال باألعياد الوطنية‬
‫والدينية‪ ،‬ووقت للتفرغ املنزلي‪...‬‬

‫امليثاق الوطني للتربية والتكوين على أهمية تنظيم اإليقاعات الزمنية‬ ‫وقد ن‬
‫البيداغوجية والديدكتيكية بشكل يراعي الجوانب النفسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والجغرافية‪...‬‬
‫فقد قسم السنة الدراسية في املستويات التعليمية االبتدائية واإلعدادية والثانوية إلى أربع‬

‫‪280‬‬
‫مراحل‪ ،‬وكل مرحلة تتكون من ثمانية أسابيع‪ ،‬واملجموع أربعة وثالثون أسبوعا كامال‬
‫بالنشا الفعلي‪ .‬ويحوي هذا الغالف الزمني مابين ‪3222‬و‪ 3222‬حصة زمنية‪ .‬وتوزع هذه‬
‫الجغرافي واملحلي‪ ،‬ويمكن للسلطة التربوية أن تغير‬ ‫الدراسية حسب املحي‬ ‫الحص‬
‫اإليقاعات الزمنية حسب الظروف الطارئة‪ ،‬مثل‪ :‬الكوارث الطبيعية‪ ،‬بشر أن يستوفي‬
‫املتعلمون الغالف الزمني املقرر رسميا‪ .‬أما على مستوى الجامعات‪ ،‬فيمكن لرئاسة الجامعة‬
‫أن تختار اإليقاع الزمني الذي يتناسب مع التكوين الجام ي‪ ،‬ويمكن أن تأخذ بالدورة‬
‫الصيفية إذا كانت هناك حاجة إلى ذلك‪ .‬ولها الصالحية الكاملة في تثبيت إيقاع زمني معين‬
‫أو تغييره أو تعديله جزئيا أو كليا‪.‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ما تبدأ الدراسة بالتعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي في شهر شتنلر من كل سنة‪،‬‬
‫وسالضب في األربعاء من األسبوع الثاني من الشهر نفسه‪ .‬في حين‪ ،‬يلتحق تالميذ البكالوريا‬
‫في اليوم الخامس عشر من الشهر نفسه‪ .‬في حين‪ ،‬تنتهي السنة الدراسية في شهر يونيو‪،‬‬
‫وقد تمتد االمتحانات ( البكالوريا مثال) حتى شهر يوليوز‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهناك سداسيان‪:‬‬
‫السداهاي األول الذي يبتد من شهر شتنلر‪ ،‬وينتهي في شهر فلراير‪ .‬والسداهاي الثاني الذي‬
‫يبتد من الشهر نفسه حتى شهر يوليوز‪.‬‬

‫و إذا كان تدبير الفصل الدراهاي في املدرسة التقليدية منصبا على املتعلم ومعرفته املطلقة‪،‬‬
‫فإن تدبير الفصل في املدرسة الحديثة واملعاصرة يقوم على املتعلم ومعرفته الكفائية في‬
‫حل الووعيات املعقدة‪ُ .‬ويضاف إلى هذا أن تدبير الفصل خاوع لعملية التخطي املحكم‬
‫في مختلف مراحله ‪ ،‬كما يخضع لعملية التنظيم مكانيا وزمانيا باألخذ بقيادة مرنة‬
‫ديمقراطية بعيدا عن القيادة املتصلبة أو املتسيبة ألن القيادة املرنة تساعد على ومان‬
‫جو الحرية واملشاركة والتعلم الذاتي‪ ،‬وتوفير فرص الخلق‪ ،‬واإلبداع‪ ،‬واالبتكار ‪.‬‬

‫وضع استعماالت زمنية خاصة بالحياة الدرسية‪ :‬يمكن التمييز ‪ -‬هنا‪ -‬بين اإليقاعات‬
‫املدرسية العادية التي ترتكز على تكييف الغالف الزمني مع املحتويات املدرسة و الحجرات‬
‫‪281‬‬
‫الدراسية‪ ،‬وإيقاعات الحياة املدرسية التي تتخط ماهو كمي إلى ماهو كيفي‪ ،‬وتعنى بنمو‬
‫أوقات مناسبة وفضاءات خاصة‬ ‫شخصية املتعلم ذهنيا ووجدانيا وحركيا‪ ،‬بتخصي‬
‫املدرهاي‪ ،‬وتيهيء املشاريع التربوية‪ ،‬وعقد شراكات داخلية وخارجية‪ ،‬والقيام‬ ‫للتنشي‬
‫برحالت وألعاب رياوية‪ ،‬وتنظيم ندوات وحفالت وأنشطة ديداكتيكية أو موازية لخلق‬
‫أجواء سعيدة داخل املؤسسة التربوية‪.‬‬

‫حصة الصباح لتقديم الدروس األساسية‪ .‬أما في حصة‬ ‫وللتمثيل فق ‪ ،‬يمكن أن نخص‬
‫املساء‪ ،‬فيمكن تخصيصها لننشطة التربوية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والفنية‪ ،‬والترفوهية‪،‬‬
‫واالجتماعية‪ ،‬واألدبية‪ ،‬والدينية‪...‬بمعنى أن ننظم الزمن املدرهاي ليتالءم مع الدروس من‬
‫جهة‪ ،‬ويراعي أنشطة املتعلم من جهة أخرى‪.‬‬

‫لسحييياة املدرسييية حصيية‬ ‫تخص ــيص س ــاعات خاص ــة للحي ــاة الدرس ــية‪ :‬ينبغييي أن تخص ي‬
‫زمنية كافية لتأهييل امليتعلم ‪ ،‬وخاصية فيي اإلعيدادي والثيانوي‪ ،‬وأال تقيل عين عشير سياعات فيي‬
‫السينة تييدمظ وييمن اسييتعماالت الييزمن الرسييمية‪ .‬وهييذا كلييه ميين أجييل تأهيييل املييتعلم للمجتمييع‬
‫امل ييدني‪ ،‬وترسيت ييه عل ييى الحري يية ‪ ،‬واملش يياركة ف ييي خدم يية وطن ييه وأمت ييه‪ ،‬والتحل ييي ب يياألخالق والق يييم‬
‫الفاو ييلة‪ ،‬واالش ييتغال ف ييي فري ييق‪ ،‬وممارس يية األنش ييطة املتنوع يية‪ ،‬وتأهيل ييه لتحم ييل املس ييؤولية‬
‫ال خص ييية‪ ،‬وحثي ييه عل ييى األخي ييوة واملسي يياوة والعدال يية بدفع ييه إلي ييى نب ييذ اإلقصي يياء‪ ،‬والع ييدوان‪،‬‬
‫والعنف‪ ،‬والشغب‪ ،‬والتمييز العرقي أو العنصري أو اللغوي‪.‬‬

‫‪ /11‬الفضاء الدراس ي‪:‬‬

‫اليمكن للعملية الديدكتيكية‪ ،‬أو للعملية التعليمية‪-‬التعلميية‪ ،‬أن تحقيق نجاحهيا املرجيو إال‬
‫بت ييدبير الفض يياء الدراه يياي بش ييكل محك ييم وجي ييد ب ييالتحكم ف ييي أمكنت ييه وأركان ييه وجدران ييه وأثاث ييه‬
‫ومقاعده وصفوفه‪ ،‬وتقسيمه تقسيما جيدا يراعي املستويات الدراسية‪ ،‬ويتوافق ميع أسيس‬
‫السيكولوجيا النمائية والوجدانية والحسية‪-‬الحركية‪.‬‬

‫‪282‬‬
‫ولإلشارة فقد كان الفضاء الدراهاي‪ ،‬في املدرسة التقليدية ‪ ،‬فضاء عدوانيا مغلقا رتيبا‬
‫يتحكم فيه املدرس ب خصيته الكاريزمية املتسلطة واملهيبة حيث يمتلك معرفة مطلقة‬
‫ينبغي أن يستفيد منها املتعلم مهما كانت طريقة التدريس شائنة‪ .‬وقد كان املتعلم مجرد‬
‫متلق سل ي ال يشارك في بناء الدرس‪ ،‬بل يكتفي بالسمع‪ ،‬والتدوين‪ ،‬والحفء‪ ،‬والتحشية ‪.‬‬
‫وكان الفضاء الدراهاي غير منظم وال مرتب ‪ ،‬بل كان فضاء ويقا فارغا أو مؤثثا بالحصائر‬
‫أو الزرابي املعدودة يجلس علوها املتعلمون في ووعيات غير مناسبة وغير صالحة للتعلم‬
‫والدراسة‪ .‬وكان هذا الفضاء موسوءا بالعنف والقهر والصرامة تختفي فيه الحوارية‬
‫واملبادرة والنقد والنقا ‪ ،‬وتغيب فيه الحياة السعيدة والروح الديمقراطية‪.‬‬

‫وإذا انتقلنا أيضا إلى املدرسة الغرسية الكالسيكية‪ ،‬فقد كان الفصل الدراهاي بمثابة مقاعد‬
‫أو كراس دراسية مصطفة تتوجه نحو السبورة املعلقة في وس الجدار األمامي‪ .‬لكن هذا‬
‫الفضاء الدراهاي‪ ،‬بدوره‪ ،‬كان فضاء رتيبا عمودي الطابع‪ .‬بمعنى أن املدرس كان مالك‬
‫املعرفة املطلقة يوزعها على التالميذ في اتجاه عمودي من األعلى نحو األسفل‪ .‬وقد كان‬
‫الفضاء الدراهاي الكالسيكي فضاء صفيا عموديا تصطف فيه املقاعد إما بشكل فردي‪،‬‬
‫وإما بشكل ثنائي‪ ،‬وإما بشكل متعدد‪.‬‬

‫لكن املدرسة الحديثة التي أخذت بالطرائق البيداغوجية الفعالة قد كسرت هذا الفضاء‬
‫العمودي الرتيب املغلق‪ ،‬فانفتحت على أفضية حميمة كفضاء الساحة‪ ،‬وفضاء الحديقة‪،‬‬
‫وفضاء اللعب‪ ،‬وفضاء الرو ‪ ،‬وفضاء التعاونيات‪ ،‬وفضاء البستنة‪ ،‬وفضاء الرحلة‪،‬‬
‫وفضاء املنزل‪ ،‬وفضاء الطبع والنشر‪ ،‬والفضاء املفتوح‪ ،‬والفضاء الالمدرهاي‪...‬كما تغير‬
‫نظام املقاعد ليتخذ بعدا عموديا ‪ ،‬وأفقيا ‪ ،‬ودائريا ‪ ،‬ونصف دائري‪ ،‬وشكل حذوة‬
‫الحصان‪...‬‬

‫‪283‬‬
‫وعلي ي ييه‪ ،‬يس ي ييتلزم الفص ي ييل الدراه ي يياي ‪ ،‬كم ي ييا ف ي ييي مدارس ي يينا الحالي ي يية‪ ،‬مجموع ي يية م ي يين األفض ي ييية‬
‫الضييرورية‪ ،‬مثييل‪ :‬فضيياء املكتييب‪ ،‬وفضيياء العمييل‪ ،‬وفضيياء السييبورة‪ ،‬وفضيياء الخزانيية‪ ،‬وفضيياء‬
‫املطالعة‪ ،‬وفضاء املتحف أو األنشطة اليدوية والفنية‪...‬‬

‫أو يمكن الحديث عن مجموعة من األركان كركن األعمال الجماعية‪ ،‬وركن الورشات‪ ،‬وركن‬
‫املطالع ي يية والتثقي ي ييف‪...‬أو رك ي يين الرياو ي يييات(ألعاب وتم ي ييارين‪ ،‬والع ي ييد‪ ،‬والقي ي يياس الهنده ي يياي‪،‬‬
‫والي ييوزن‪ ،‬والحجي ييم‪ ،‬والطي ييول‪ ،)...‬وركي يين العرسيي يية أو الفرنسي ييية( تمي ييارين‪ ،‬وسحي ييث في ييي املعي يياجم‬
‫والقي ييواميس‪ ،‬ومطالعي يية القص ي ي ‪ ،)...‬وركي يين التربيي يية الفنية(رسي ييم‪ ،‬وتلي ييوين‪ ،‬ومتحي ييف فني ييي‪،‬‬
‫ومرسي ي ي ي ي ييم‪ ،)...‬وركي ي ي ي ي يين االجتماعيات(وثي ي ي ي ي ييائق‪ ،‬ونصي ي ي ي ي ييوص‪ ،‬وخ ي ي ي ي ي يرائ ‪ ،)...‬وركي ي ي ي ي يين التربيي ي ي ي ي يية‬
‫اإلس ي ييالمية(الوثائق‪ -‬وص ي ييور الوو ي ييوء والص ي ييالة‪ ،‬وحف ي ييء الق ي يير ن الك ي ييريم والس ي يينة النبوي ي يية‬
‫الشييريفة‪ ،)...‬ورك يين النشييا العلم ييي(تسخي ‪ ،‬ودراس يية وثييائق‪ ،‬وص يينع أشييياء‪ ،‬والتحق ييق م يين‬
‫التجارب‪)232...‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يتميييز الفضيياء الدراهيياي بتنييوع الحيييز الديييدكتيكي ‪ ،‬واخييتالف أشييكاله‪ ،‬وتعييدد تصيياميمه‬
‫الهندسية حسب طبيعة األنشطة الديدكتيكية والدروس املقدمة للمتعلمين‪.‬‬

‫وسناء على ما سبق‪ ،‬يمكن الحديث عن مجموعة من األفضية الديدكتيكية‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫‪‬فض ــاء حذوة الحصاح أو فضاء ‪:U‬‬


‫يتميي ييز هي ييذا الفضي يياء بانفتاحي ييه النس ي ي ي‪ ،‬وتحقيي ييق التواصي ييل الفعي ييال اإليجي ييابي بي ييين املي ييدرس‬
‫واملتعلم ي ييين‪ .‬كم ي ييا يتس ي ييم ه ي ييذا الفض ي يياء ببع ي ييده الحم ي يييم‪ ،‬وتقري ي ييب املس ي ييافات ب ي ييين التالمي ي ييذ‬
‫املتحاورين أفقيا أو عموديا‪ ،‬ويكون املدرس مرشدا أو موجها في هذه الحالة الفضائية‪.‬‬

‫‪ - 232‬ميلود التوري‪ :‬القسم الشترك نحو مقاربة فارقية‪ ،‬أنفوسرانت‪ ،‬فاس‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2222‬م‪.‬ص‪.63:‬‬
‫‪284‬‬
‫كم ييا يق ييرب ه ييذا الش ييكل الفض ييائي ب ييين املس ييتويات الدراس ييية‪ ،‬ويس ييهم ف ييي تحقي ييق التفاع ييل‬
‫املثم يير‪ ،‬والتع يياون البن يياء واله ييادف‪ .‬وتك ييون الس ييبورة األمامي يية ب ييارزة وواض ييحة لك ييل املتعلم ييين‬
‫الييذين يتتبعييون درس املعلييم‪ .‬وغالبييا‪ ،‬مييا ينفييع هييذا التنظيييم فييي أثنيياء مناقشيية مواويييع عاميية‬
‫التي تثير النقا والجدال واالختالف في املواقف واآلراء واألفكار‪ .‬وتعيد هيذه الطريقية عمليية‬
‫ناعح يية ف ييي حال يية ك ييان ع ييدد التالمي ييذ قل يييال‪ ،‬وف ييي ممارس يية بع ييض األنش ييطة املوازي يية‪ ،‬وتس ييمح‬
‫لنسييتاذ بالسيييطرة املحكميية علييى دواليييب القسييم‪ .‬بيييد أن هييذا الشييكل يعرقييل تحييرك املييدرس‬
‫والتالميذ معا بشكل سريع ومرن‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫‪‬فضاء منتصف الدا رة‪:‬‬
‫يش ييبه ه ييذا الفض يياء ال ييذي يتخ ييذ نص ييف ال ييدائرة م ييا يس ييمى بفض يياء الح ييذوة حي ييث يتجم ييع‬
‫املتعلم ييون بش ييكل منتص ييف ال ييدائرة عل ييى امل ييدرس ال ييذي يق ييوم بمهم يية التوجي ييه‪ ،‬واإلرش يياد‪،‬‬
‫نفسها التي يتميز بها فضاء حذوة الحصان‪.‬‬ ‫واإلشراف‪ .‬ويتميز بالخصائ‬

‫‪‬الفض ــاء الدا ــري‪:‬‬


‫‪286‬‬
‫يتخيذ هييذا الفضيياء الدراهيياي أو الصييفي طابعييا أو شيكال هندسيييا دائريييا حيييث يصييبح املييدرس‬
‫مركييز الييدائرة‪ .‬وميين ثييم‪ ،‬يحقييق هييذا الشييكل تواصييال ديناميكيييا‪ ،‬وييسيير التواصييل األفقييي بييين‬
‫املتعلمييين بشييكل جيييد‪ .‬لكيين هييذا الفضيياء اليمكيين أن يصييس‪ ،‬لجميييع املييواد‪ ،‬إذ يمكيين أن ينفييع‬
‫املواويع الحوارية ‪ ،‬ولكن اليصس‪ ،‬للمواد التي تحتاج إلى شرح وتوويح على السبورة‪.‬‬

‫‪‬فض ــاء الجموع ــات‪:‬‬

‫ينقسم الفصل الدراهاي إلى مجموعات صغيرة أو فرق مستقلة يوجههيا قائيد ميا‪ ،‬وقيد تحيوم‬
‫تلييك الجماعييات أو الفييرق حييول طيياوالت دائرييية أو مقاعييد مسييتطيلة أو مربعيية أو بييأي شييكل‬
‫خر‪ .‬بيد أن هذا التقسيم الفضائي يؤثر في العمل الجماعي املشترك‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫‪‬الفض ــاء العمودي‪:‬‬
‫يتميييز الفضيياء العمييودي بكونييه فضيياء سيييميتريا متوازيييا يعتمييد علييى مقاعييد مصييطفة بشييكل‬
‫مي يينظم حيي ييث تتجي ييه ر وس التالميي ييذ عموديي ييا نحي ييو السي ييبورة‪.‬وهذه الطريقي يية كالسي يييكية في ييي‬
‫املدرسيية املغرسييية‪ ،‬ويكييون فوهييا الحييوار عموديييا ميين املييدرس نحييو املييتعلم‪ ،‬وميين املييتعلم نحييو‬
‫املدرس‪.‬‬

‫ويعني هذا أن الفضاء العمودي أو الفضاء الصفي التقلييدي املسيتقيم هيو الشيكل املسييطر‬
‫و املوجييود بكثييرة فييي العملييية التعليمييية التعلمييية حيييث إن معظييم األقسييام تؤثييث علييى هييذه‬
‫الشيياكلة‪ .‬فهييو يسييتوعب االكتظيياظ املفتيير للتالميييذ‪ ،‬ويسييهل عملييية التلقييين حيييث يقييف‬
‫األستاذ بجانيب السيبورة يعليو التالمييذ بخطيوة‪ .‬وهيو تكيريس للتراتبيية املعرفيية أوال وأساسيا‪،‬‬
‫ويمكيين أن يلغ ييي األس ييتاذ ه ييذه التراتبي يية بالحرك يية املس ييتمرة م ييا ب ييين الص ييفوف واالنخ يرا م ييع‬
‫التالميذ‪.‬‬

‫‪288‬‬
‫‪‬تنظيم الفصل الدراس ي وتأثيث ‪:‬‬

‫أما من حيث تنظيم الفضاء الدراهاي‪ ،‬فينبغي للمدرس أن يقسم الفصل الدراهاي حسب‬
‫نظام الصفوف أو تغييره شكليا وهندسيا كأن يستخدم الدائرة أو شبه الدائرة أو الحذوة‬
‫أو املربع أو املستطيل‪ ،‬أو اتباع الشكل الصفي العمودي‪ .‬كما تقسم ججرة الدرس إلى أركان‬
‫عدة‪ :‬ركن خاص بمكتب املعلم‪ ،‬وركن خاص باملطالعة‪ ،‬وركن خاص بخزانة الكتب‬
‫والدفاتر املدرسية‪ ،‬وركن خاص بالوسائل الديدكتيكية وإنجازات املتعلمين ‪...‬‬

‫‪289‬‬
‫وعلي ييه‪ ،‬ينبغ ييي أن يك ييون ت ييدبير الفض يياء الدراه يياي متميي يزا ومتنوع ييا حس ييب امل ييواد والتعلم ييات‬
‫املدرسة بغية تحقيق فضاء تشاركي وتعاوني وجماعي ومن يجم ومتسيق‪ .‬كميا ينبغيي أن يكيون‬
‫فضيياء سييعيدا تتحقييق فيييه حييياة النشييا والحبييور واملييرح‪ .‬وميين ثييم‪ ،‬ينبغييي أن يكييون فضيياء‬
‫حميما الفضاء عدوانيا‪ .‬كما ينبغي أن يتأرع‪ ،‬بيين االنغيالق واالنفتياح حسيب ظيروف اليدرس‬
‫وسياقاته التربوية‪ ،‬والديدكتيكية‪ ،‬والنفسية‪ ،‬واالجتماعية‪.‬‬

‫ويمكن الحيديث عين فضياءات أخيرى ييرتب بهيا امليتعلم خيارج الفصيل الدراهياي‪ ،‬مثيل‪ :‬سياحة‬
‫املدرس يية‪ ،‬واملراف ييق الرياو ييية‪ ،‬واملراف ييق اإلداري يية‪ .‬ويعن ييي ه ييذا أن ييه الب ييد أن تك ييون للمؤسس يية‬
‫التربوية ساحة واسعة تتضمن أنواعا عدة من النباتات‪ ،‬واألشجار‪ ،‬والورود‪ ،‬واألزهار‪.‬عالوة‬
‫علييى الكراهيياي الثابتيية الجيييدة التييي يجلييس علوهييا املتعلمييون‪ ،‬وتييوفير قمامييات األزسييال ميين صيينع‬
‫جيد‪ ،‬وإيجاد سقيفة واسيعة تحميي املتعلميين مين حير الشيمس‪ ،‬وشيدة الليرد‪ ،‬واملطير الغزيير‪.‬‬
‫أوييف إلييى ذلييك البييد ميين تكليييف بسييتاني يهييتم بتلييك االشييجار والنباتييات‪ ،‬واالعتنيياء بهييا يوميييا‬
‫بمنع بناء األقسام داخل هيذه السياحة الخضيراء مهميا كانيت اليدواعي والظيروف‪ .‬ثيم‪ ،‬تكلييف‬
‫حارس ليلي يقيوم بحراسية املؤسسية التربويية‪ ،‬وحيارس فيي النهيار يحيرس بياب املؤسسية بصيفة‬
‫خاصة‪ ،‬واملؤسسة التربوية بصفة عامة‪.‬‬

‫فض يياء الرياو يية‪ ،‬فالب ييد أن تك ييون هن يياك مالع ييب متنوع يية للرياو يية واس ييعة‬ ‫أم ييا فيم ييا يخي ي‬
‫األطيراف‪ ،‬وتكييون مسيييجة لكييي تفصييل عيين األقسييام الدراسييية‪ .‬ويسييتلزم هييذا الفضيياء كييذلك‬
‫بناء قاعة لتغيير املالبس خاصة باملدرسين‪ ،‬وقاعة خاصة بالذكور‪ ،‬وقاعة خاصة باإلنياث‪،‬‬
‫تتي ييوفر علي ييى جميي ييع اللي ييوازم مي يين م ي يراحيض‪ ،‬وأنابيي ييب امليي يياه‪ ،‬وص ي يينابير الي يير ‪ ،‬وغيرهي ييا مي يين‬
‫التجهي ي يزات األساسي ييية‪ .‬والبي ييد مي يين قاعي يية تحي ييوي جميي ييع األدوات واللي ييوازم الرياوي ييية الالزمي يية‬
‫ملمارسة التربية البدنية‪.‬‬

‫مرافييق اإلدارة‪ ،‬فالبييد ميين مكتييب املييدير‪ ،‬ومكتييب النيياظر‪ ،‬ومكاتييب الح يراس‬ ‫أمييا فيمييا يخ ي‬
‫العييامين‪ ،‬ومكتييب مسيياعد املييدير‪ ،‬ومكتييب السييكرتارية‪ ،‬ومكتييب املقتصييد‪ ،‬وقاعيية لنسيياتذة‬
‫‪290‬‬
‫تتض ييمن خزان يية تح ييوي مس ييتلزمات ك ييل م ييدرس‪ ،‬ومكتب يية واس ييعة وع ييامرة ‪ ،‬وقاع يية للمطالع يية‬
‫وإلق يياء املحاو يرات والن ييدوات وعق ييد االجتماع ييات‪ .‬وينبغ ييي أن تك ييون تل ييك املكات ييب والقاع ييات‬
‫مفتوحي يية ومنفتحي يية علي ييى املتعلمي ييين‪ ،‬وجمعيي ييات اآلبي يياء‪ ،‬والسي يياهرين علي ييى الحقي ييل التربي ييوي‪،‬‬
‫والفاعلين الداخليين والخارجيين والشركاء ومن سياسية التواصل والحكامة الجيدة‪.‬‬

‫وهنيياك مرافييق أخييرى داخييل املؤسسيية التربوييية‪ ،‬مثييل‪ :‬امل يراحيض الخاصيية بالييذكور واإلنيياث‬
‫واملدرس ييين ورج ييال اإلدارة‪ ،‬ومرف ييق الص ييحة املدرس ييية‪ ،‬وأقس ييام دراس ييية ‪ ،‬ومحترف ييات أدبي يية‬
‫وفني ي ي ي يية وثقافيي ي ي ي ية‪ ،‬وأندي ي ي ي يية مختلف ي ي ي يية‪ ،‬ومختل ي ي ي يرات علمي ي ي ي يية وتقني ي ي ي يية‪ ،‬وورش ي ي ي ييات متع ي ي ي ييددة‬
‫االختصاصات‪.‬ومن جهية أخيرى‪ ،‬يمكين الحيديث عين م يجد‪ ،‬وداخليية‪ ،‬ومقصيف‪ ،‬ومطعيم‪،‬‬
‫وقاعات التوثيق واإلعالم واألرشفة وتخزين امللفات والحفاظ علوها‪.‬‬

‫‪ /12‬التواصل اللفظي وي راللفظي‪:‬‬

‫يذهب كثير من الدارسين إلى أن الدوال تدل وتتواصل بطريقة مباشرة وغير مباشرة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫اللغة‪ ،‬والعالمات‪ ،‬والخطابات‪ ،‬واألنساق‪ ،‬واإلنسان‪ ،‬وسائر الكائنات املوجودة في‬
‫الطبيعة‪ .‬ويعني هذا أن كل (ايء في عاملنا يحمل داللة ووظيفة‪ .‬وهذه الوظيفة قد تكون‬
‫ذات مقصدية أو دون مقصدية‪ ،‬ذات ميزة فردية أو جماعية‪ ،‬طبيعتها مادية أو معنوية‪.‬‬
‫وقد تكون هذه الدوال التواصلية لفظية أو غير لفظية تعلر عن وعي أو عن غير وعي‪.‬‬
‫واليوم‪ ،‬أصبح التواصل عبارة عن تقنية إجرائية وأساسية في فهم التفاعالت البشرية‪،‬‬
‫وتفسير النصوص والخلرات اإلعالمية‪ ،‬والتحكم في كل طرائق اإلرسال والتبادل‪.‬‬

‫وتعد اللغة من أهم ليات التواصل ‪ ،‬و من أهم تقنيات التبليغ ونقل الخلرات واملعارف‬
‫والتعلمات من األنا إلى الغير أو من املرسل إلى املخاطب‪ .‬ويالحء أن هذه اللغة‪ ،‬على‬
‫مستوى التخاطب والتواصل ‪ ،‬ذات مستويين سلوكيين‪ :‬لفظي وغير لفظي‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫إذا‪ ،‬ما مفهوم التواصل؟ وما أنواعه؟ وما نماذجه؟ وما شروطه؟ وما املقصود من التواصل‬
‫اللفظي وغير اللفظي؟ وما أهم اآلليات اإلجرائية التي يستند إلوها التواصل اللفظي وغير‬
‫اللفظي في املجال التربوي؟ وما جهود رومان جاكبسون في مجال لسانيات التواصل؟ وكيف‬
‫يمكن دراسة األدب في املنظور التواصلي؟‬

‫مفهوم التواصل لغة واصطالحا‪:‬‬


‫اليمكن فهم التواصل وإدراك لياته ومجاالته ومفاهيمه إال بتعريفه لغة واصطالحا على‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫‪ /1‬التــواصل لغ ــة‪:‬‬
‫يرى ابن منظور ‪ ،‬في كتابه ( لساح العرب)‪ ،‬أن االتصال من فعل وصل وصال ووصوال‬
‫واتصاال‪:‬‬

‫" وصل ‪ :‬وصلت الشايء وصال وصلة ‪ ،‬والوصل ود الهجران ‪ .‬ابن سيده ‪:‬الوصل خالف‬
‫الفصل ‪ .‬وصل الشايء بالشايء يصله وصال وصلة وصلة األخيرة عن ابن جني ‪ ،‬قال ‪ :‬ال‬
‫أدري أمطرد هو أم غير مطرد ؟ قال ‪ :‬وأظنه مطردا‪ ،‬كأنهم يجعلون الضمة مشعرة بأن‬
‫املحذوف إنما ي الفاء التي ي الواو ‪ ،‬وقال أبو علي الضمة في الصلة ومة الواو املحذوفة‬
‫من الوصلة ‪ ،‬والحذف والنقل في الضمة شاذ كشذوذ حذف الواو في يجد ‪ ،‬ووصله كالهما ‪:‬‬
‫من‬ ‫ألمه ‪ .‬وفي التنزيل العزيز ‪ :‬ولقد وصلنا لهم القول ‪ ،‬أي وصلنا ذكر األنبياء وأقاصي‬
‫مضاى بعضها ببعض ‪ ،‬لعلهم يعتلرون ‪ .‬واتصل الشايء بالشايء ‪ :‬لم ينقطع وقوله أنشده‬
‫ابن جني ‪:‬‬

‫قام بها ينشد كل منشد وايتصلت بمثل ووء الفرقد‬

‫إنما أراد اتصلت ‪ ،‬فأبدل من التاء األولى ياء كراهة للتشديد وقوله أنشده ابن األعرابي ‪:‬‬
‫‪292‬‬
‫سحيرا وأعناق املطي كأنها مدافع غبان أور بها الوصل‬

‫معناه ‪ :‬أور بها فقدان الوصل ‪ ،‬وذلك أن ينقطع الثغب فال يجري وال يتصل ‪ ،‬والثغب ‪:‬‬
‫مسيل دقيق ‪ ،‬شبه اإلبل في مدها أعناقها إذا جهدها السير بالثغب الذي يخده السيل في‬
‫الوادي ‪ .‬ووصل الشايء إلى الشايء وصوال وتوصل إليه ‪ :‬انتهى إليه وسلغه قال أبو ذ يب ‪:‬‬

‫توصل بالركبان حينا وتؤلف ال جوار ويغشوها األمان رسابها‬

‫ووصله إليه وأوصله ‪ :‬أنهاه إليه وأبلغه إياه ‪ .‬وفي حديث النعمان بن مقرن ‪ :‬أنه ملا حمل على‬
‫العدو ما وصلنا كتفيه حتى ورب في القوم أي لم نتصل به ولم نقرب منه حتى حمل علوهم‬
‫أي موصوال ‪ ،‬فاعل‬ ‫من السرعة ‪ .‬وفي الحديث ‪ :‬رأيت سببا واصال من السماء إلى األر‬
‫بمعنى مفعول كماء دافق قال ابن األثير ‪:‬كذا شرح ‪ ،‬قال ‪ :‬ولو جعل على بابه لم يبعد ‪.‬‬
‫وفي حديث علي ‪-‬عليه السالم ‪ : -‬صلوا السيوف بالخط والرماح بالنبل قال ابن األثير ‪:‬‬
‫أي إذا قصرت السيوف عن الضريبة فتقدموا تسحقوا وإذا لم تسحقهم الرماح فارموهم‬
‫بالنبل قال ‪ :‬ومن أحسن وأبلغ ما قيل في هذا املعنى قول زهير ‪:‬‬

‫يطعنهم ما ارتموا حتى إذا طعنوا واربهم فإذا ما وارسوا اعتنقا‬

‫وفي الحديث ‪ :‬كان اسم نبله ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬املوتصلة ‪ ،‬سميت بها تفا ال بوصولها إلى العدو‬
‫‪ .‬واملوتصلة لغة قري فإنها ال تدغم هذه الواو وأشباهها في التاء ‪ .‬فيقول موتصل وموتفق‬
‫وموتعد ونحو ذلك ‪ .‬وغيرهم يدغم فيقول متصل ومتفق ومتعد ‪ .‬وأوصله غيره ووصل ‪:‬‬
‫بمعنى اتصل أي دعا دعوى الجاهلية ‪ ،‬وهو أن يقول ‪ :‬يال فالن ! وفي التنزيل العزيز ‪ :‬إال‬
‫الذين يصلون إلى قوم بينكم وسينهم ميثاق أي يتصلون املعنى اقتلوهم وال تتخذوا منهم‬
‫أولياء ‪ ،‬إال من اتصل بقوم بينكم وسينهم ميثاق واعتزوا إلوهم ‪ .‬واتصل الرجل ‪ :‬انتسب ‪ ،‬وهو‬
‫من ذلك قال األعشاى ‪:‬‬

‫‪293‬‬
‫إذا اتصلت قالت لبكر بن وائل وسكر سبتها واألنوف رواغم‬
‫أي ينتسبون"‪233‬‬ ‫أي إذا انتسبت ‪ .‬وقال ابن األعرابي في قوله ‪ :‬إال الذين يصلون إلى قوم‬

‫يتبين لنا ‪ ،‬من خالل هذه املادة اللغوية‪ ،‬أن التواصل من الفعل املثال املعتل (وصل)‪،‬‬
‫ويدل على الوصل‪ ،‬واالقتران‪ ،‬واالقتراب‪ ،‬واالنتساب‪ ،‬واالجتماع‪ ،‬والتضام‪ ،‬والوصول‪،‬‬
‫والبلوغ‪ ،‬واالنتهاء ‪ .‬ويعد الفراق واالنقطاع واالبتعاد والبين والهجران من أوداد التواصل‪.‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬يفيد التواصل ‪ ،‬في اللغة العرسية‪ ،‬االقتران‪ ،‬واالتصال‪ ،‬والصلة‪ ،‬والتراب ‪،‬‬
‫وااللت ام‪ ،‬والجمع‪ ،‬واإلبالغ‪ ،‬واالنتهاء‪ ،‬واإلعالم‪.‬‬

‫أما كلمة( ‪ ،) Communication‬في اللغة األجنبية‪ ،‬فتعني التراسل‪ ،‬والتراب ‪ ،‬واإلرسال‪،‬‬


‫والتبادل‪ ،‬واإلخبار‪ ،‬واإلعالم ‪ ،‬وإقامة عالقة‪ .‬أي‪ :‬هناك تشابه في الداللة واملعنى بين مفهوم‬
‫التواصل العربي ونظيره الغربي‪.‬‬

‫‪ /2‬التواصل اصــطالحا‪:‬‬
‫يدل التواصل‪ ،‬في االصطالح‪ ،‬على عملية نقل األفكار والتجارب‪ ،‬وتبادل املعارف واملشاعر‬
‫بين الذوات واألفراد والجماعات‪ .‬وقد يكون هذا التواصل ذاتيا شخصيا أو تواصال غيريا‪.‬‬
‫وقد ينبني على املوافقة أو على املعاروة واالختالف‪ .‬ويفتر التواصل أيضا ‪ -‬باعتباره نقال‬
‫وإعالما‪ -‬مرسال‪ ،‬ورسالة ‪ ،‬ومتقبال ‪ ،‬و سياقا مرجعيا ‪ ،‬ومقصدية الرسالة‪ ،‬و شفرة يتفق‬
‫على تسنينها وتشفيرها كل من املتكلم واملستقبل (املستمع)‪.‬‬

‫‪ -233‬ابن منظور‪ :‬لساح العرب ‪ ،‬الجزء الخامس عشر‪ ،‬حرف الوار‪ ،‬مادة وصل‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬طبعة‬
‫‪2226‬م‪.‬‬
‫‪294‬‬
‫ويعرف شارل كولي( ‪ ) Charles Cooley‬التواصل قائال‪:‬‬

‫" التواصل هو امليكانيزم الذي بواسطته توجد العالقات اإلنسانية وتتطور‪ .‬إنه يتضمن كل‬
‫رموز الذهن‪ ،‬مع وسائل تبليغها علر املجال‪ ،‬وتعزيزها في الزمان‪ .‬ويتضمن أيضا تعابير‬
‫الوجه ‪ ،‬وهي ات الجسم ‪ ،‬والحركات‪ ،‬ونلرة الصوت‪ ،‬والكلمات‪ ،‬والكتابات‪ ،‬واملطبوعات‪،‬‬
‫والقطارات‪ ،‬والتلغراف‪ ،‬والتلفون‪ ،‬وكل ما يشمله خر ما تم في االكتشافات في املكان‬
‫والزمان"‪234‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا ‪ ،‬علر هيذا التعريف‪ ،‬أن التواصل هو جوهر العالقات اإلنسانية ومحقق‬
‫تطورها‪ .‬لذا‪ ،‬فالتواصل له وظيفتان من خالل هذا التعريف‪:‬‬

‫‪‬وظيفة معرفية‪ :‬تتمثل في نقل الرموز الذهنية ‪ ،‬وتبليغها في الزمان واملكان بوسائل‬
‫لغوية وغير لغوية‬

‫‪‬وظيفة تأث رلة وجدانية‪ :‬تقوم على تمتين العالقات اإلنسانية وتفعيلها على مستوى‬
‫اللفظي وغير اللفظي‪.‬‬

‫‪234‬‬‫‪- Charles Cooley:(social organisation), cité in:J.Lohisse : la communication anonyme. ED.‬‬


‫‪Universitaire1969, p : 42.‬‬
‫‪295‬‬
‫وهناك من يعرف التواصل بأنه" العملية التي بها يتفاعل املراسلون واملستقبلون للرسائل‬
‫في سياقات اجتماعية معينة"‪.235‬‬

‫ومن املعلوم أن للتواصل ثالث وظائف بارزة يمكن إجمالها في‪:‬‬

‫‪‬التبادل‪Echange:‬‬

‫‪‬التبليغ‪Transfert:‬‬

‫‪‬التأثير‪Impact :‬‬

‫ويعرف التواصل أيضا بأنه " تبادل املعلومات والرسائل اللغوية وغير اللغوية‪ ،‬سواء أكان‬
‫هذا التبادل قصديا أم غير قصدي‪ ،‬بين األفراد والجماعات"‪. 236‬‬

‫و ال يقتصر التواصل على ماهو ذهني ومعرفي فحسب ‪ ،‬بل يتعداه إلى ماهو وجداني وماهو‬
‫ح اي حركي و لي‪ .‬أي‪ :‬ليس التواصل" مجرد تبليغ املعلومات بطريقة خطية أحادية االتجاه‪،‬‬
‫ولكنه تبادل لنفكار واألحاسيس والرسائل التي قد تفهم‪ ،‬وقد التفهم بالطريقة نفسها من‬
‫طرف كل األفراد املتواجدين في ووعية تواصلية"‪237.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالتواصل عبارة عن تفاعل بين مجموعة من األفراد والجماعات بتبادل املعارف‬
‫الذهنية واملشاعر الوجدانية بطريقة لفظية أو غير لفظية‪.‬‬

‫وترتكز الصورة املجردة للتواصل على ثالثة عوامل أساسية‪:‬‬

‫‪‬الوضوع‪ :‬وهو اإلعالم واإلخبار‬

‫‪ -235‬طلعت منصور‪ (:‬سيكولوجية االتصال )‪ ،‬عالم الفكر‪ ،‬الكويت‪ ،‬املجلد‪ ،33‬السنة ‪ ،3602‬ص‪.323:‬‬
‫‪236 - Françoise Raynal and Alain Rieunier: Pédagogie: Dictionnaire des concepts clés, 1977, ESF‬‬

‫‪éditeur Paris, P:76.‬‬


‫‪ -237‬العربي أسليماني ورشيد الخديمي‪ :‬قضالا تربوية‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء ‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م ‪،‬ص‪.63:‬‬
‫‪296‬‬
‫‪‬ا لية‪ :‬تتمثل في التفاعالت اللفظية وغير اللفظية‬

‫‪ ‬الغا ية‪ :‬الهدف من التواصل ومقصديته البارزة( البعد املعرفي أو الوجداني أو‬
‫الحركي)‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يمكن القول‪ :‬إن االتصال أو التواصل عبارة عن عملية نقل واستقبال للمعلومات‬
‫بين طرفين أو أكثر‪ .‬ويستند هذا التواصل‪ ،‬في سياقاته املتنوعة‪ ،‬إلى التغذلة الراجعة(‬
‫‪ ،‬أو‬ ‫‪ ) Feed Back‬عند حدوث سوء االستقبال‪ ،‬أو سوء االستيعاب‪ ،‬أو التشوي‬
‫االنحراف االنزياحي‪.‬‬

‫أن ــواع التواصل‪:‬‬


‫يمكن الحديث عن أنواع عدة من التواصل اإلنساني واآللي والسيميائي‪ .‬فهناك ‪ :‬التواصل‬
‫البيولوجي‪ ،‬والتواصل اإلعالمي‪ ،‬والتواصل اآللي‪ ،‬والتواصل السيكولوجي‪ ،‬والتواصل‬
‫‪297‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬والتواصل السيميوطيقي‪ ،‬والتواصل الفلسفي‪ ،‬والتواصل البيداغوجي‪،‬‬
‫والتواصل االقتصادي‪ ،‬والتواصل الثقافي‪ ...‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول طلعت منصور‪:‬‬

‫" إن وظيفة االتصال تتسع لتشمل فاقا أبعد‪ .‬فكثير من الباحثين يتناولون االتصال‪،‬‬
‫كوظيفة للثقافة ‪ ،‬وكوظيفة للتعليم والتعلم‪ ،‬وكوظيفة لسجماعات االجتماعية‪ ،‬وكوظيفة‬
‫للعالقات بين املجتمعات‪ ،‬بل ويعتلرون االتصال كوظيفة لنضا شخصية الفرد‪ ،‬وغير‬
‫ذلك من جوانب توظيف االتصال‪238".‬‬

‫ويرتب التواصل بعدة علوم ومعارف يمكن حصرها في ‪ :‬علم التدبير والتسيير‪ ،‬والعالقات‬
‫العامة‪ ،‬والبيداغوجيا والديدكتيك‪ ،‬وعلم التسويق( ‪ ،)Marketing‬وعلوم اإلعالم‬
‫واالتصال‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬والسيميولوجيا‪...‬‬

‫وسنختار من هذه األنواع‪ :‬التواصل اللساني والتواصل الفلسفي والتواصل السيميائي‬


‫بغية الحديث عنها‪ ،‬والتعريف بها‪ ،‬مرج ين باقي األنواع التواصلية األخرى حتى يتيسر ذلك‪.‬‬

‫‪ /1‬التواصل من النظوراللساني‪:‬‬
‫يذهب مجموعة من اللسانيين إلى أن اللغة وظيفتها التواصل كفردلناند دو سوس ر ( ‪F.De‬‬
‫‪ )Saussure‬الذي يرى‪ ،‬في كتابه ( محاضرات الي اللسانيات العامة) (‪ ، )3633‬أن اللغة‬
‫نسق من العالمات واإلشارات والدوال هدفها التواصل والتبليغ في أثناء اتحاد الدال مع‬
‫املدلول بنيويا‪ ،‬أو في أثناء تقاطع الصورة السمعية مع املفهوم الذهني‪ .‬وهو املفهوم نفسه‬
‫الذي كان يرمي إليه تقريبا ابن جني في كتابه(الخصا ص)‪ ،‬عندما عرف اللغة بأنها "‬
‫أصوات يعلر بها قوم عن أغراوهم"‪.239‬‬

‫‪ -238‬طلعت منصور‪ (:‬سيكولوجية االتصال )‪ ،‬ص‪.320:‬‬


‫‪ -239‬ابن جني‪ :‬الخصا ص‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار الهدى للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،33‬ص‪.66:‬‬
‫‪298‬‬
‫ويعرف أندري مارتيني( ‪ ) André Martinet‬اللغة على أساس أنها تلفء مزدوج وظيفتها‬
‫التواصل‪ .‬ويعني هذا أن اللغة يمكن تقسيمها إلى تمفصل أو تلفء أول هو املونيمات(‬
‫الكلمات)‪ .‬أما التمفصل أو التلفء الثاني ‪ ،‬فهو الفونيمات واملورفيمات‪.‬وللتمثيل‪ ،‬تتكون‬
‫كلمة (يلعبون) من مونيم (لعب)‪ ،‬وفونيمات صوتية (الالم‪ ،‬والعين‪ ،‬والباء)‪ ،‬ومورفيمات‬
‫نحوية وصرفية ‪ ،‬مثل‪ :‬ياء املضارعة‪ ،‬وواو الجماعة التي تعرب فاعال ‪ .‬لكن الفونيمات‬
‫اليمكن تقسيمها أكثر‪ ،‬فهي التتجزأ إلى وحدات أصغر منها‪ .‬ألن الصوت مقطع ال يتجزأ‪ .‬وإذا‬
‫جمعنا الفونيمات واملورفيمات مع بعضها البعض‪ ،‬فسنحصل ‪ -‬في هذا الصدد‪ -‬على‬
‫مونيمات‪ ،‬وإذا جمعنا الكلمات بين بعضها البعض‪ ،‬فقد نكون جمال‪ ،‬وسالجمل ُن ّ‬
‫كون‬
‫كون الن في حالتي‬ ‫الفقرات واملتواليات‪ُ ،‬وت ّ‬
‫كون الفقرات ما يسمى بالن ‪ .‬ومن ثم‪ُ ،‬ي ّ‬
‫التأليف واالستبدال ما يسمى باللغة التي من أهدافها األساسية فعل التواصل‪.‬‬

‫ويذهب روماح جاكبسوح (‪ )Roman Jakobson‬إلى أن اللغة ذات بعد وظيفي‪ ،‬وأن لها ستة‬
‫عناصر‪ ،‬وست وظائف‪ :‬املرسل ووظيفته انفعالية‪ ،‬واملرسل إليه ووظيفته تأثيرية‪ ،‬والرسالة‬
‫ووظيفتها جمالية‪ ،‬واملرجع ووظيفته مرجعية‪ ،‬والقناة ووظيفتها تواصلية‪ ،‬واللغة ووظيفتها‬
‫وصفية‪ .‬وهناك من يضيف الوظيفة السابعة‪ ،‬و ي الوظيفة األيقونية‪.‬‬

‫وإذا كان الوظيفيون يرون أن اللغة واضحة تؤدي وظيفة التواصل الشفاف بين املتكلم‬
‫واملستمع‪،‬فإن أزوالد دوكرو( ‪ ) Ducrot‬يرى خالف ذلك أن اللغة ليست دائما لغة تواصل‬
‫واض‪ ،‬وشفاف‪ ،‬بل ي لغة إومار ‪ ،‬وغمو ‪ ،‬وإخفاء‪ .‬ويعني هذا أن الفرد قد يوظف‬
‫اللغة في سياق اجتماعي معين للتمويه والتخفية وإومار النوايا واملقاصد‪ .‬ويكون هذا‬

‫‪299‬‬
‫اإلومار اللغوي ناتجا عن أسباب دينية‪ ،‬ونفسية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬وسياسية ‪ ،‬وأخالقية‪.‬‬
‫فمهرب املخدرات ال يستعمل اسم مهرساته بطريقة مباشرة‪ ،‬بل يستعمل الرموز لإلخفاء‬
‫كأن يقول لصديقه‪ :‬هل وصلت الحناء إلى هولندا؟ كما أن أسلوب األمر في الشريعة‬
‫اإلسالمية يستعمل للوجوب والدعاء والندب على حد سواء‪ ،‬وهذا يعني أن اللغة فوها أوجه‬
‫داللية عدة مما يزيد من غمووها ‪ ،‬ويؤكد عدم شفافيتها التواصلية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يذهب روالح بارت( ‪ ) Roland Barthes‬بعيدا في تأويالته للغة اإلنسانية‬
‫حيث يعدها بعيدة عن التواصل‪ ،‬و يجعلها لغة السلطة‪ ،‬ومصدرها السلطة‪ .‬ويعني هذا أن‬
‫اإلنسان عبد للغة وحر في الوقت نفسه‪ .‬فعندما يريد املتكلم أن يتحدث لغة أجنبية‪ ،‬فهو‬
‫خاوع لقواعدها وتراكيبها‪ ،‬ومقيد بمنظومتها الثقافية‪ .‬ولكنه في الوقت نفسه‪ ،‬يوظف هذه‬
‫اللغة كيفما يشاء‪ ،‬ويطوعها جماليا وفنيا‪ .‬فقد استبدت اللغة الفرنسية كثيرا بالشعب‬
‫الجزائري ملدة طويلة‪ ،‬فأخضعته لقواعدها وسننها اللساني‪.‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬نجد‬
‫بعض األدباء الجزائريين‪ ،‬بقدر ما هم خاوعون لهذه اللغة األجنبية‪ ،‬يتخذونها سالحا لهم‬
‫بكل حرية للتنديد باالستعمار الفرن اي ونقده وتعريته والهجوم عليه بتطويع تلك اللغة‬
‫وتعرسوها أو جزأرتها‪ .240‬كما تفر السلطة الحاكمة اللغة التي تناسبها على املجتمع لفر‬
‫اللغة بالقوة السياسية واالقتصادية‬ ‫سيطرتها السياسية واإليديولوجية‪ .‬أي‪ :‬تفر‬
‫والثقافية‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬تمنح اللغة الف ة الحاكمة قوة الحكم والسلطة السياسية ‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬نستنتظ أن اللغة قد تكون أداة للتواصل الشفاف من جهة أولى‪ ،‬وتكون أداة‬
‫لإلومار والتمويه واإلخفاء من جهة ثانية‪ ،‬و تكون أداة للسلطة من جهة ثالثة‪.‬‬

‫‪ /2‬التواصل من النظورالفلسفي‪:‬‬

‫‪ -240‬نسبة إلى الجزائر‪.‬‬


‫‪300‬‬
‫طرح مفهوم األنا والغير ‪ ،‬وخاصة في الخطاب الفلسفي‪ ،‬كثيرا من اإلشكاالت التي تنصب‬
‫كلها في كيفية التعامل مع الغير‪ ،‬وكيف يمكن لننا النظر إلى الغير؟!‬

‫يذهب الفيلسوف األملاني هيجل إلى أن العالقة بين األنا والغير ي عالقة سلبية قائمة على‬
‫الصراع الجدلي كما توض‪ ،‬ذلك نظريته املسماة بجدلية السيد والعبد‪ .‬أما الفيلسوف‬
‫الفرن اي جاح بول سارتر ‪ ،‬فيرى أن الغير ممر ووسي وروري لننا إال أن الغير عحيم ال‬
‫يطاق ألنه يشايء الذات أو األنا‪ .‬لهذا‪ ،‬يدعو سارتر إلى التعامل مع الغير بحذر وترقب‬
‫وعدوان‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يستحيل التعاي بين األنا والغير أو التواصل بينهما مادام الغير يستلب‬
‫حرية األنا‪ ،‬ويجمد إرادته‪ .‬لذلك‪ ،‬قال قولته املشهورة‪ " :‬أنا‪ ،‬واآلخرون إلى الجحيم"‪.‬‬

‫لكن م رلوبونتي لرفض نظرية سارتر التجزيئية العقالنية‪ ،‬وينطلق من أن العالقة بين األنا‬
‫والغير إيجابية قائمة على االحترام والتكامل والتعاون والتواصل‪ ،‬وأساس هذا التواصل‬
‫هواللغة‪.‬‬

‫أما الفيلسوف األملاني ماكس شيلر‪ ،‬فيرى أن العالقة بين األنا والغير قائمة على التعاطف‬
‫الوجداني ‪ ،‬واملشاركة العاطفية الكلية مع الغير‪ ،‬وال تقوم على التنافر أو البغض‬
‫والكراهية‪ .‬في حين‪ ،‬يرى جيل دولوز أن العالقة التواصلية بين األنا والغير ‪ ،‬في املجال‬
‫املعرفي البنيوي‪ ،‬قائمة على التكامل اإلدراكي‪.‬‬

‫ويعد هابرماس من أهم الفالسفة األملان الذين اهتموا بالجانب التواصلي والتفاعل‬
‫االجتماعي‪ .‬ويعد أيضا ‪،‬عند توم بوتومور‪ ،‬املفكر األكلر ملا بعد مدرسة فرانكفورت أو‬
‫النظرية النقدية الجديدة‪ .‬و"على الرغم من قرسه من املاركسية‪ ،‬فإنه يختلف مع ماركس في‬
‫أمر أساهاي‪ :‬فهو يرى أن ماركس قد أخطأ في إعطائه لإلنتاج املادي املركز األول في تعريفه‬
‫لإلنسان في ر يته التاريخية‪ ،‬باعتباره تطورا لنشكال واألنما االجتماعية ‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫ولهذا‪ ،‬يرى هابرماس أن التفاعل االجتماعي هو أيضا بعد أساهاي من أبعاد املمارسة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وليس اإلنتاج وحده‪ ،‬وهو ما يوض‪ ،‬فلسفته التي تقوم على مفهوم االتصال أو‬
‫التواصل‪ ،‬وعلى أسبقية اللغة‪ ،‬وأولويتها على العمل‪.‬‬

‫والعقل االتصالي عند هابرماس هو فاعلية تتجاوز العقل املتمركز حول الذات‪ ،‬والعقل‬
‫الشمولي املنغلق الذي يدعي أنه يتضمن كل (ايء‪ ،‬والعقل األداتي الوو ي الذي يفتت‬
‫الواقع ويجزئه‪ ،‬ويحول كل (ايء إلى موووع جزئي حتى العقل نفسه‪241".‬‬

‫وقد وجه هابرماس انتقادات صارمة للماركسية ‪ ،‬فأعاد بناءها على أسس جديدة‪ ،‬وتسمى‬
‫هذه املرحلة من مراحل مدرسة فرانكفورت بمرحلة مابعد املاركسية‪ .‬وقد بدأ مقاالته التي‬
‫كتبها في الستينيات من القرن املاضاي بتقويم الووعية العلمية واملنطقية على غرار أسالفه‬
‫من مفكري معهد فرانكفورت‪ .‬وقد ميز بين ثالثة أنواع من املعرفة انطالقا من منظور‬
‫املصسحة التي تحققها لسجنس البشري‪ ،‬في كتابه(العرفة والصالح البشرية) (‪3632‬م)‪،‬‬
‫وقد حصرها في مصسحة تقنية‪ ،‬ومصسحة عملية‪ ،‬ومصسحة تحررية‪.‬‬

‫وقد اعتلر هابرماس النموذج النف اي الفرويدي أداة صالحة للنظرية النقدية لتحقيق‬
‫الثورة التحررية اإلنسانية واملجتمعية‪ .‬وقد أكد هابرماس أسبقية اللغة على العمل‪ ،‬وأكد‬
‫أيضا تراب اللغة والعمل االجتماعي‪ ،‬فمن الصعب فصل عنصر على خر‪ ،‬وخالف بذلك‬
‫رأي ماركس الذي كان يعتلر العمل هو الذي يخلق اإلنسان ‪ .‬ويعتلر هابرماس اللغة ي التي‬
‫تحقق االستقالل الذاتي واملسؤولية‪ .‬وبهذا‪ ،‬يكون هابرماس قد انتقل من نظرية املصال‪،‬‬
‫املعرفية إلى نظرية اللغة واالتصال‪.‬‬

‫‪ - 241‬توم بوتومور‪ :‬مدرسة فرانكفورت‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعد جرس‪ ،‬دار أويا‪،‬دار الكتب الوطنية‪ ،‬ليبيا‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية سنة ‪2222‬م‪ ،‬ص‪.332:‬‬
‫‪302‬‬
‫ويالحء أن هناك ارتباطا في فكر هابرماس بين التحليل الفلسفي ونظرية املجتمع‪ ،‬وإن‬
‫تغيرت طبيعة هذا االرتبا بالتدريظ‪ .‬ففي كتابه( العرفة والصلحة البشرية)‪ ،‬كان هناك‬
‫تماثل بين األنواع الثالثة من املعرفة مع قسمات رئيسة لسحياة االجتماعية‪ ،‬و ي‪ :‬العمل‪،‬‬
‫والتفاعل‪ ،‬والتسل ‪.‬‬

‫وانتقل في املرحلة الثانية إلى تقديم نظرية في الحق التضرب بجذورها في املجتمع‪ ،‬وإنما في‬
‫اللغة بوصفها ميزة عامة لسجنس البشري‪ ،‬وتستمر هذه الفكرة في أعمال هابرماس ‪ ،‬وإن‬
‫كان يشدد في األخير على إعادة بناء النظرية في املجتمع‪ .‬و" بالفعل‪ ،‬فإن هذا التطور ي جل‬
‫ابتعادا أكثر عن نظرة مدرسة فرانكفورت في مرحلتها األخيرة ‪ ،‬وأصبح هذا التباعد أكثر‬
‫صراحة بإعالن هابرماس أنه يتناول النظرية االجتماعية بوصفه‪ ":‬منظرا ماركسيا مهتما‬
‫بمواصلة التعاليم املاركسية في ظل ظروف تاريخية متغيرة على نحو كبير"‪ .‬وهكذا‪ ،‬قدم‬
‫هابرماس عناصر النظرية املاركسية املعاد بنا ها في عملين مهمين خالل السبعينيات‪ ،‬دار‬
‫أولهما حول مشكالت الشرعية في املجتمعات الرأسمالية إبان مراحل تطورها األخيرة‪،‬‬
‫والثاني حول املادية التاريخية‪242".‬‬

‫وقد مال هابرماس إلى البنيوية التكوينية بديال لفلسفة التاريق التي تبنتها مدرسة‬
‫فرانفكورت إبان بدايتها متأثرا في ذلك بجان بياجيه‪ ،‬ولوسيان كولدمان‪.‬وبعد ذلك‪ ،‬شرع في‬
‫التمييز بين الرأسمالية املنظمة واالشتراكية البيروقراطية بوصفهما الشكلين الرئيسين‬
‫للترشيد العقالني للمجتمعات الحديثة‪ .‬وسني هابرماس نظريته النقدية في علم االجتماع‬
‫على مرتكزين وروريين هما‪ :‬الفلسفة والعلم‪ .‬بيد أن نظرية هابرماس غير تاريخية ‪،‬‬
‫والتعتني باالقتصاد كما هو حال النظرية املاركسية األولى‪ .‬و" نرى أن السمة األكثر تميزا‬
‫لنظرية ماركس‪ ،‬وإسهامها األكثر أهمية في إقامة علم واق ي عن املجتمع‪ ،‬ي أنها ال تتعامل‬
‫مع التفاعل االجتماعي على وجه العموم‪ ،‬وإنما تتناول عالقة البشر بالطبيعة‪ ،‬والتفاعل‬

‫‪ - 242‬توم بوتومور‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.333:‬‬


‫‪303‬‬
‫فيما بين البشر في عملية اإلنتاج‪ ،‬كاتجاهات سائدة ومولدة ومحددة ألشكال أخرى من‬
‫التفاعل‪.‬‬

‫إن هذا هو املفهوم الذي منح املاركسية قوتها التفسيرية‪ ،‬و اليزال يمنحها هذه القوة حتى‬
‫اليوم‪.‬ألنه مهما تكن الحاجة إلى إعادة بناء للنظرية املاركسية من أجل فهم املراحل‬
‫املستجدة من تطور املجتمعات الحديثة بشكل مالئم‪ ،‬والسيما دورالدولة وطبيعة‬
‫الصراعات الطبقية‪ ،‬فإنه اليزال وروريا البدء من تحليل تنظيم اإلنتاج وتسييره‪ ،‬سواء‬
‫كان ذلك على شكل تسل رأس املال املتركز في شركات وطنية أو متعددة الجنسية‪ ،‬أم‬
‫اإلدارة البيروقراطية للصناعة املؤممة‪243".‬‬ ‫تسل‬

‫وعليه‪ ،‬مر فكر هابرماس ‪ -‬حسب سامي خشبة‪ -‬بمرحلتين رئيستين‪ :‬مرحلة نقد العقل‬
‫الوو ي الذي ساد الغرب مع نضا الرأسمالية وتطور العلوم اإلنسانية والتجريبية‪.‬‬
‫واملرحلة الثانية التي انشغل فوها هابرماس ببناء نظرية اجتماعية قائمة على حركة تنويرية‬
‫جديدة أو استئناف القديمة‪ ،‬وصياغة عقالنية تسترشد باملنجزات العصرية لعلوم‬
‫الطبيعة والعلوم االجتماعية‪ ،‬وخاصة علم االجتماع‪ ،‬وعلوم اللغة واالتصال‪ ،‬وعلم النفس‬
‫التربوي التطوري‪244.‬‬

‫ويمكن أن نحدد ‪ ،‬بدورنا‪ ،‬مراحل أخرى لفكر هابرماس‪ ،‬ففي املرحلة األولى‪ ،‬انتقد‬
‫الووعية العلمية واملنطقية‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬انتقل إلى الحداثة ليعتلرها دليال على العقل‬
‫التنويري مقابل النزعات الالعقالنية التقويضية والتفكيكية‪ ،‬وقد اعتلر الحداثة نموذجا‬
‫للتحرر من كل أنواع السيطرة إذ تتطابق النظرية والتطبيق‪ ،‬واملعرفة واملصسحة‪ ...‬و ركز‬
‫أيضا على االتصال بأنواعه باعتباره وسيلة لبناء املعرفة‪ ،‬وليس مجرد تبادلها كما أشار إلى‬
‫ذلك في كتابه( االتصال ونشوء الجتمع)(‪ .)3633‬وقد أعاد للقيم واملعايير االجتماعية‬

‫‪ - 243‬نفسه‪ ،‬ص‪.323:‬‬
‫‪ - 244‬نفسه ‪،‬ص‪.333-332:‬‬
‫‪304‬‬
‫أهميتها‪ ،‬وتبنى الكفاءة األخالقية مضمونا لالتصال االجتماعي في كتابه( نظرية الفعل‬
‫االتصالي)(‪3603‬م)‪ .‬لكن هابرماس ينتقد (مابعد الحداثة) التاريخية ابتداء من عام‬
‫‪3603‬م حيث يرجع فشلها إلى اختالل التوازن بين القيمة املعنوية والقيمة املادية مما‬
‫حول عقالنية التنوير إلى حالة مروية‪ ،‬وتلك ي الحال التي يصف بها تصور فرانسوا‬
‫ليوتار وجان بودريار ملا بعد الحداثة‪.245‬‬

‫‪ /1‬التواصل من النظورالسيميائي‪:‬‬
‫يمثل هذا االتجاه كل من برييطو( ‪ ،) Prieto‬ومونان( ‪ ،)Mounin‬وسويسنس( ‪Buyssens‬‬
‫)‪،‬وكرايس( ‪ ،)Grice‬وأوستين( ‪ ،)Austin‬وفتجنشتاين(‪ ،) Wittgenstein‬وأندري‬
‫مارتينيه( ‪ .)Martinet‬ويرى هذا االتجاه في الدليل على أنه أداة تواصلية‪ .‬أي‪ :‬مقصدية‬
‫إبالغية‪ .‬ويعني هذا أن العالمة تتكون من ثالثة عناصر‪ :‬الدال‪ ،‬واملدلول‪ ،‬والوظيفة أو‬
‫القصد‪ .‬وهؤالء اللسانيون واملناطقة اليهمهم من الدوال والعالمات السيميائية غير اإلبالغ‬
‫والوظيفة االتصالية أو التواصلية‪ .‬وهذه الوظيفة التؤديها األنساق اللسانية فحسب‪ ،‬بل‬
‫هناك أنظمة سننية غير لغوية ذات وظيفة سيميوطيقية تواصلية‪ .‬إن السيميولوجيا ‪-‬‬
‫حسب بويسنس‪ -‬ي دراسة لطرائق التواصل والوسائل املستعملة للتأثير في الغير قصد‬
‫إقناعه أو حثه أو إبعاده‪ .‬أي‪ :‬إن موووع السيميولوجيا هو التواصل املقصود سيما‬
‫التواصل اللساني والسيميوطيقي‪.‬‬

‫وقد طالب" بعض السيميائيين (بويسنس‪ ،‬وسرييطو‪ ،‬ومونان) تالفيا لتفكك موووع‬
‫السيميائية‪ ،‬بالعودة إلى الفكرة السوسيرية بشأن الطبيعة االجتماعية للعالمات‪ ،‬لقد‬
‫حصروا السيميائية بمعناها الدقيق‪ ،‬في دراسة أنساق العالمات ذات الوظيفة‬
‫التواصلية‪.‬وهكذا‪ ،‬يذهب مونان إلى القول بأنه ينبغي من أجل تعيين الوقائع التي تدرسها‬

‫‪ - 245‬نفسه‪،‬ص‪.336-332:‬‬
‫‪305‬‬
‫السيميائية تطبيق املقياس األساهاي القاضاي بأن هناك سيميوطيقا أو سيميولوجيا إذا‬
‫حصل التواصل‪246".‬‬

‫والتواصل لدى بويسنس هو الهدف املقصود من السميولوجيا‪ ،‬وهذا ما أكده برييطو"‬


‫ينبغي للسيميولوجيا حسب بويسنس‪ ،‬أن تهتم بالوقائع القابلة لإلدراك املرتبطة بحاالت‬
‫الوعي‪ ،‬واملصنوعة قصدا من أجل التعريف بحاالت الوعي هذه‪ ،‬ومن أجل أن يتعرف‬
‫الشاهد على وجهتها‪ ...‬التواصل في رأي بويسنس هو ما يكون موووع السيميولوجيا"‪.247‬‬

‫وثمة أمارات متنوعة كاألمارات العفوية ‪ ،‬واألمارات العفوية املغلوطة‪ ،‬واألمارات القصدية‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬تركز السيميولوجيا على الدالئل القائمة على القصدية التواصلية‪ .‬ويرى برييطو‬
‫" أنه من املمكن اعتبار سيميولوجيا التواصل فرعا من سيميولوجيا تدرس البنيات‬
‫السيميوطيقية مهما كانت وظيفتها‪ .‬إال أن سيميولوجيا من هذا النوع ستلتبس بعلوم‬
‫اإلنسان‪ ،‬منظورا إلوها في مجموعها‪ .‬إذ يبدو أن موووع علوم اإلنسان جميعا هو البنيات‬
‫السيميوطيقية التي ال تتميز فيما بينها إال بالوظيفة التي تميز‪ ،‬على التوالي‪ ،‬هذه‬
‫البنيات"‪.248‬‬

‫ولسيماء التواصل محوران اثنان هما‪ :‬العالمة والتواصل‪ .‬ويتشعب كل محور من هذين‬
‫املحورين إلى أقسام‪ .‬وهكذا‪ ،‬يمكن أن ينقسم التواصل السيميائي إلى إبالغ لساني من جهة‪،‬‬
‫وإبالغ غير لساني من جهة أخرى‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يتم التواصل اللساني علر الفعل الكالمي‪ ،‬فعند‬
‫دوسوسير البد من متكلم وسامع‪ .‬باإلوافة إلى تبادل الحوار علر الصورة الصوتية والصورة‬
‫السمعية‪.‬بينما التواصل لدى شينون وويفر يتحقق علر الرسالة من قبل املتكلم إلى‬

‫‪ - 246‬عواد علي‪ :‬معرفة ا خر‪ ،‬مدخل إلى الناهج النقدلة الحدلثة‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪ ،3662‬ص‪.03:‬‬
‫‪ - 247‬عواد علي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.03:‬‬
‫‪ - 248‬حنون مبارك‪ :‬دروس الي السيميا يات‪ ،‬دار توسقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪3603‬م‪ ،‬ص‪.32:‬‬
‫‪306‬‬
‫املستقبل‪ ،‬وهذه الرسالة تشفر وترسل علر القناة‪ ،‬ويشتر فوها الوووح وسهولة‬
‫املقصدية لنجاح هذه الرسالة قصد أداء وظيفتها‪ .‬وبعد التسليم‪ ،‬يقوم املرسل إليه‬
‫بتفكيك الشفرة وتأويلها‪.‬‬

‫أما التواصل غير اللفظي أو غير اللساني‪ ،‬فيعتمد على أنظمة سننية غير أنساق اللغة‪ .‬و ي‬
‫حسب بويسنس مصنفة حسب معايير ثالثة‪:‬‬

‫‪ -3‬معيار اإلشارية النسقية‪ :‬حيث تكون العالمات ثابتة ودائمة ‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪ :‬الدوائر‪،‬‬
‫واملثلثات‪ ،‬واملستطيالت‪ ،‬وعالمات السير‪.‬‬

‫‪ -2‬معيار اإلشارية الالنسقية‪ :‬عندما تكون العالمات غير ثابتة وغير دائمة على عكس‬
‫املعيار األول نحو‪ :‬امللصقات الدعائية‪.‬‬

‫‪ -6‬معيار اإلشارية‪ :‬حيث العالقة جوهرية بين معنى املؤشر وشكله كالشعارات الصغيرة‬
‫التي ترسم علوها مثال‪ :‬قبعة‪ ،‬أو مظلة‪ .‬ثم‪ ،‬تعلن على واجهات املتاجر دليال على ما يوجد فوها‬
‫من البضائع‪249.‬‬

‫ويمكن الحديث ومن هذا املعيار األخير عن معيار خر لإلشارية ذات العالقة االعتباطية‬
‫أو الظاهرية " كالصليب األخضر الذي يشير إلى الصيدلية‪ ،‬ويتفرع عنه أيضا معيار‬
‫لإلشارية يقيم عالقة بين معنى الرسالة والعالمات التي تنتقل هذه الرسالة بواسطتها‪ .‬كما‬

‫‪ - 249‬عواد علي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.62:‬‬


‫‪307‬‬
‫يتفرع عنه أخيرا معيار لإلشارية ينوب مناب املعيار األول‪ :‬فالكالم معيار لإلشارية املباشرة‪،‬‬
‫إذ ال(ايء يحول بين األصوات امللتقطة ودالالتها التي رسمت لها‪ ،‬ولكن املورس يعد معيارا‬
‫نيابيا‪ ،‬إذ إنه لكي يتوصل إلى املعنى الذي يريد هذا املورس أن ينقله‪ ،‬البد من االنتقال من‬
‫العالمة فيه إلى العالمة في الكتابة الصوتية‪ ،‬ثم من العالمة في الكتابة الصوتية إلى العالمة‬
‫الصوتية‪250".‬‬

‫وما يهمنا في هذه السيميولوجيا هو موووع التواصل ألن املقارسة السيميوطيقية‬


‫للنصوص تبحث في وظائف خطاباتها وملفوظاتها اإلبداعية قصد تبيان مقاصدها املباشرة‬
‫وغير املباشرة‪ .‬وإذا أخذنا العنوان الذي يعلق على أغلفة الدواوين الشعرية أو فوق‬
‫النصوص‪ ،‬فليس تموقعه زائدا ومجانيا بل يؤدي دورا في التدليل ‪ ،‬ويسهم في فهم الداللة‪.‬‬
‫وسالتالي‪ ،‬فالعنوان هو املفتاح اإلجرائي الذي يمدنا بمجموعة من املعاني التي تساعدنا على‬
‫فك رموز الن ‪ ،‬وتسهيل مأمورية الدخول في أغواره‪ ،‬واستكشاف تشعباته الوعرة‪ .‬ويمكن‬
‫أن نستلهم من هذه السيميولوجيا بعض أنما عالماتها التواصلية كاإلشارة‪ ،‬واأليقون‪،‬‬
‫والرمز‪ ،‬وهذه املصطسحات اإلجرائية ذات كفاية منهجية ناجعة في مقارسة الدال العنواني‬
‫باعتباره العتبة الحقيقية لولوج عالم املدلوالت النصية والسياقية‪.‬‬

‫أنم ــاط التواص ــل‪:‬‬


‫يمكن الحديث عن أنواع عدة من التواصل اإلنساني التي يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪‬التواصل مع الذات الذي يكون عن طريق وعي الذات بوجودها وكينونتها‪ ،‬وتحقيق‬
‫إنيتها األنطولوجية ووعوها الداخلي بالعالم‬

‫‪‬التواصل ب ح الفرد وا خرين؛ ألن إدراك اآلخر يساعد الفرد على إدراك ذاته‬

‫‪- 250‬عواد علي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.66-62:‬‬


‫‪308‬‬
‫‪‬التواصل ب ح الجماعات االجتماعية قصد تنمية الروح التشاركية‪ ،‬وتفعيل املبدإ‬
‫التعاوني‪ ،‬وتحقيق التعارف املثمر البناء‪.‬‬

‫ومن األنما التواصلية األخرى ‪ ،‬نذكر‪ :‬التواصل البشري‪ ،‬والتواصل الحيواني ‪ ،‬والتواصل‬
‫اآللي ( السيلرينطيقا)‪ ،‬والتواصل اإلعالمي (تكنولوجيا االتصال بصفة عامة)‪.‬‬

‫مفاهيم التواصل ومكونات األساسية‪:‬‬


‫يشتر فعل التواصل استحضار مجموعة من املفاهيم النظرية والعناصر األساسية‬
‫التطبيقية على أساس أنها مكونات جوهرية في عملية التبادل والتفاعل‪ ،‬وخاصة عندما‬
‫أو خطاب تواصلي ما بغية فهم أنسقته التفاعلية والتبادلية والتواصلية‬ ‫نريد مقارسة ن‬
‫وتفسيرها‪ .‬وهذه العناصر ي‪:‬‬

‫‪‬زمنية التواصل(‪) temporalité‬‬

‫‪ ‬املكانية أو املحلية( ‪)localisation‬‬

‫‪ ‬السنن أو لغة التواصل( التشفير والتفكيك)(‪)code‬‬

‫‪‬السياق(‪)contexte‬‬

‫‪‬رهانات التواصل( ‪)enjeux de communication‬‬

‫‪‬التواصل اللفظي( اللغة املنطوقة) والتواصل غير اللفظي(اللغة الجسدية‬


‫والسيميائية)(‪) communication verbale et non verbale‬‬

‫‪‬إرادة التواصل( بث اإلرسالية قد تكون إرادية أو غير إرادية)( ‪volonté de‬‬


‫‪)communication‬‬

‫‪309‬‬
‫‪‬الفيدباك أو التغذية الراجعة‪ ،‬بتصحيح التواصل‪ ،‬وتقويته‪ ،‬وتدعيمه‪،‬‬
‫وإنهائه( ‪)feedback‬‬

‫‪‬شبكة التواصل(‪.)le Réseau.‬‬

‫نم ــاذج من التواص ــل‪:‬‬


‫هناك كثير من نظريات التواصل التي حاولت مقارسة نظام التراسل واالتصال وفهمه‬
‫وتفسيره‪ .‬لذلك‪ ،‬من الصعب استقراء كل النظريات التي تتحدث عن التواصل‪ ،‬بل‬
‫سنكتفي ببعض النماذج التواصلية املعروفة قصد معرفة التطورات التي لحقت هذه‬
‫النظريات ‪ ،‬والعالقات املوجودة بينها‪:‬‬

‫‪ /1‬النموذج السلوكي‪:‬‬
‫ووع هذا النموذج املحلل النف اي األمريكي الزويل( ‪ ) D . Harold Lasswell‬سنة ‪3620‬‬
‫م‪ .‬ويتضمن هذا النموذج مايلي‪:‬‬

‫من؟ ( املرسل)‪ ،‬يقول ماذا؟( الرسالة)‪ ،‬بأية وسيلة؟ ( وسي )‪ ،‬ملن؟ (املتلقي)‪ ،‬وألي تأثير(‬
‫أثر)‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫ويرتكز هذا النموذج على خمسة عناصر ي‪:‬الرسل‪ ،‬و الرسالة‪ ،‬والقناة‪ ،‬والتلقي‪ ،‬و‬
‫األثر‪.‬‬

‫ويمكن إدراج هذا النموذج ومن املنظور السلوكي الذي انتشر كثيرا في الواليات املتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬ويقوم على ثنائية املثير واالستجابة‪ .‬ويظهر هذا املنظور بجالء عندما يركز‬
‫الزويل على الوظيفة التأثيرية‪ .‬أي‪ :‬التأثير في املرسل إليه من أجل تغيير سلوكه إيجابا وسلبا‪.‬‬

‫ومن سلبيات هذا النظام أنه يجعل املتقبل سلبيا في استهالكه‪ ،‬ويمتاز منظوره بتملكه‬
‫للسلطة في استعمال وسائل التأثير اإلشهاري في جذب املتلقي والتأثير فيه لصال‪ ،‬املرسل‪.‬‬

‫‪ /2‬النموذج الرياض ي‪:‬‬


‫لقد ووع املهندس كلود شانوح( ‪ ،) Claude Shannon‬والفيلسوف وارين‬
‫و الڤر(‪ ) Waren Weaver‬هذا النموذج سنة ‪3626‬م‪ .‬ويركز هذا التصور الرياضاي على‬
‫املرسل‪ ،‬والترميز‪ ،‬والرسالة‪ ،‬وفك الترميز‪ ،‬والتلقي‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫ويهدف هذا النموذج إلى فهم اإلرسال التلغرافي بغية فهم عملية اإلرسال من نقطة ‪A‬إلى ‪B‬‬
‫مبدأ‬ ‫بوووح دقيق دون إحداث أي انقطاع أو خلل في اإلرسال بسبب التشوي ‪ .‬ويتسخ‬
‫هذا النظام بكل بساطة فيمايلي‪:‬‬

‫"يرسل مرسل شفرته املسننة إلى متلق يفك تلك الشفرة"‪.‬‬

‫ومن غرات هذا النظام الخطي أنه ال يطبق في كل ووعيات التواصل‪ ،‬خاصة إذا تعدد‬
‫املستقبلون‪ ،‬وانعدم الفهم االجتماعي والسيكولوجي في أثناء التفاعل التواصلي بين الذوات‬
‫املفكرة‪ .‬كما يبق املتقبل سلبيا في تسلمه للرسائل املشفرة‪.‬‬

‫‪ /1‬النموذج االجتماعي‪:‬‬
‫هو نموذج ريكي وريكي( ‪ ) Riley &Riley‬الذي يعتمد على فهم طريقة انتماء األفراد إلى‬
‫الجماعات‪ .‬فاملرسل هو املعتمد‪ ،‬واملستقبل هم الذين يودعون في جماعات أولية‬
‫اجتماعية‪ ،‬مثل‪ :‬العائالت‪ ،‬والتجمعات‪ ،‬والجماعات الصغيرة‪...‬‬

‫وهؤالء األفراد يتأثرون‪ ،‬ويفكرون‪ ،‬ويحكمون‪ ،‬ويرون األشياء بمنظار الجماعات التي‬
‫ينتمون إلوها‪ ،‬والتي بدورها تتطور في حضن السياق االجتماعي الذي أفرزها‪ .‬ويالحء أن هذا‬
‫النموذج ينتمي إلى علم االجتماع‪ ،‬وخاصة علم النفس االجتماعي حيث يرصد مختلف‬
‫العالقات النفسية واالجتماعية بين املتواصلين داخل السياق االجتماعي‪ .‬وهذا ما يجعل‬
‫هذا النظام يسهم في تأسيس علم تواصل الجماعة (‪.)la communication de groupe‬‬

‫ومن املفاهيم التواصلية املهمة داخل هذا النظام مفهوم السياق االجتماعي واالنتماء إلى‬
‫الجماعة‪.‬‬

‫‪312‬‬
‫‪ /1‬النموذج اللساني‪:‬‬
‫يتبنى هذا النموذج اللساني الوظيفي روماح جاكبسوح( ‪ )Roman Jackobson‬في سنة‬
‫‪ 3632‬م عندما انطلق من مسلمة جوهرية أال و ي أن التواصل هو الوظيفة األساسية‬
‫للغة‪ ،‬وارتأى أن اللغة تتضمن ستة عناصر ي‪ :‬الرسل‪ ،‬والرسالة‪ ،‬والرسل إلي ‪،‬‬
‫والقناة‪ ،‬والرجع‪ ،‬واللغة‪ .‬ولكل عنصر وظيفة خاصة‪ :‬فاملرسل وظيفته انفعالية تعبيرية‪،‬‬
‫والرسالة وظيفتها جمالية من خالل إسقا محور االستبدال على محور التركيب‪ ،‬واملرسل‬
‫إليه وظيفته تأثيرية وانتباهية‪ ،‬والقناة وظيفتها تواصلية وحفاظية‪ ،‬واملرجع وظيفته‬
‫مرجعية أو موووعية‪ ،‬واللغة أو السنن وظيفتها(ه) لغوية أو وصفية‪.‬‬

‫وهناك من يزيد الوظيفة السابعة إلى الخطاب اللساني و ي الوظيفة األيقونية بعد ظهور‬
‫كتابات جاك دريدا( ‪ ،)J . Derrida‬وانبثاق السيميوطيقا التواصلية‪.‬‬

‫وقد تأثر جاكبسون ‪ ،‬في هذه الخطاطة التواصلية‪ ،‬بأعمال فرديناند‬


‫دوسوسير( ‪ ،) Ferdinand. De Saussure‬والفيلسوف املنطقي اللغوي جون أوسطين(‬
‫‪.)John L. Austin‬‬

‫‪313‬‬
‫‪ /5‬النموذج اإلعالمي‪:‬‬
‫يقوم هذا النموذج اإلعالمي على توظيف التقنيات اإلعالمية الجديدة كالحاسوب‪،‬‬
‫واإلنترنت‪ ،‬والذاكرة املنطقية املركزية في الحاسوب‪ .‬ومن مرتكزات هذا النموذج‪ :‬خطوة‬
‫االتصال وخلق العالقة الترابطية(‪ ،)phase de mise en contact/ connexion‬و خطوة‬
‫إرسال الرسائل‪ ،‬وخطوة اإلغالق( ‪ .)phase de clôture/déconnexion‬أي‪ :‬يستند هذا‬
‫النموذج اإلعالمي إلى ثالث مراحل أساسية‪ :‬الشروع في االتصال‪ ،‬والتشغيل‪ ،‬وإيقاف‬
‫التشغيل‪.‬‬

‫‪ /6‬النموذج التربوي‪:‬‬
‫يتكئ التواصل التربوي على املرسل ( املدرس)‪ ،‬والرسالة ( املادة الدراسية)‪ ،‬واملتلقي (‬
‫التلميذ)‪ ،‬والقناة( التفاعالت اللفظية وغير اللفظية)‪ ،‬والوسائل الديدكتيكية ( املقرر‬
‫واملنهاج ووسائل اإليضاح والوسائل السمعية البصرية‪ ،)...‬واملدخالت(الكفايات‬
‫واألهداف)‪ ،‬والسياق(املكان والزمان واملجزوءات)‪ ،‬واملخرجات(تقويم املدخالت)‪،‬‬
‫والفيدباك (تصحيح التواصل ‪ ،‬وإزالة عمليات التشوي وسوء الفهم)‪.‬‬

‫هذه نظرة مختصرة إلى مفهوم التواصل‪ ،‬وعناصره‪ ،‬وأنواعه‪ ،‬ومكوناته‪ ،‬ونظرياته‪ .‬ويبدو‬
‫أن التواصل عبارة عن عملية تبادل للرسائل بين املرسل واملتلقي في سياق ما بقصد التأثير‪،‬‬
‫والتبليغ‪ ،‬واإلقناع‪ ،‬واالقتناع‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالتواصل أنواع عدة‪ ،‬ومن أهمها‪ :‬التواصل‬
‫اللساني‪ ،‬والتواصل السيميائي‪ ،‬والتواصل التربوي‪ .‬ويترتب عن هذا التواصل مجموعة من‬
‫املنظورات والنماذج‪ ،‬مثل‪ :‬النموذج اإلعالمي‪ ،‬والنمودج الرياضاي‪ ،‬والنمودج االجتماعي‪،‬‬
‫والنموذج التربوي‪ ،‬والنموذج اللساني‪ ،‬والنموذج اللساني‪.‬‬

‫التواص ــل اللفظ ــي‪:‬‬

‫‪314‬‬
‫يشغل التواصل اللغوي ‪ -‬الذي يتحقق بين الذوات املتكلمة ‪ -‬وحدات فونيمية‪ ،‬ومقطعية‪،‬‬
‫ومورفيمية‪ ،‬وممجمية‪ ،‬وتركيبية‪ .‬أي‪ :‬يعتمد التواصل اللغوي على أصوات‪ ،‬ومقاطع‪،‬‬
‫وكلمات‪ ،‬وجمل‪.‬‬

‫ويتجسد التواصل اللغوي علر القناة الصوتية السمعية‪ .‬أي‪ :‬يتكئ أساسا على اللغة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ويتحقق سمعيا وصوتيا‪ .‬فاللغة املنطوقة لها مستوى لغوي‪ ،‬وهو عبارة عن‬
‫نظام من العالمات الدالة ( عالقة الدال باملدلول باملفهوم السوسيري) التي ي بمثابة نسق‬
‫من الوحدات نسموها‪ :‬وحدات الخطاب‪.‬‬

‫وتتفق البنيوية والتداولية على اعتبار اللغة وسيلة للتواصل على عكس التوليدية‬
‫التحويلية بزعامة نوام شومسكي التي ترى أن اللغة ذات وظيفة تعبيرية‪ .‬و من ثم‪ ،‬تقر بأن‬
‫التواصل ما هو إال وظيفة إلى جانب وظائف أخرى قد تؤديها اللغة‪.‬‬

‫وترى املدرسة الوظيفية األورسية‪ ،‬بشقوها الشرقي والغربي‪ ،‬أن اللغة اإلنسانية وظيفتها‬
‫التواصل‪ .‬فأندري مارتيني يعرف اللغة‪ -‬كما قلنا سابقا ‪ -‬على أنها تلفء مزدوج وظيفتها‬
‫األساسية ي التواصل‪ .‬ويعني بالتلفظين‪ :‬املونيمات والفونيمات‪ .‬وتذهب سيميولوجية‬
‫التواصل إلى تبني وظيفة املقصدية ‪ ،‬ويمثل هذا االتجاه‪ :‬جورج موناح‪ ،‬وبرييطو‪،‬‬
‫وبو سنس‪ ،‬والدرسة الوظيفية بصفة عامة‪.‬‬

‫فالذي يريد أن يدرس اللغة أداة للتواصل ينبغي له أن يستند إلى علوم لسانية كعلم‬
‫الداللة‪ ،‬والسيميوطيقا‪ ،‬والسيميولوجيا‪ .‬ويقول نادرمحمد سراج‪:‬‬

‫" يتواصل متكلمو لغة إنسانية معينة فيما بينهم بسهولة ويسر‪ ،‬وذلك مرده إلى أن كال منهم‬
‫يمتلك ويستخدم في البي ة اللغوية عينها‪ ،‬نسق القواعد نفسه‪ ،‬األمر الذي يتيح له سهولة‬
‫استقبال‪ ،‬وإرسال‪ ،‬وتحليل املرسالت اللغوية كافة‪ ،‬هذا ما يحدث مبدئيا علر ما نسميه‬

‫‪315‬‬
‫شكل التواصل الكالمي( ‪ )Communication verbal‬وهو الشكل األكثر انتشارا‬
‫واستعماال"‪.251‬‬

‫وكانت الوظيفة التواصلية في اللغة معروفة عند النحاة وعلماء اللغة العرسية القدام ‪،‬‬
‫فابن جني يقول في باب‪ ":‬القول عكى اللغة وما هي‪:‬‬

‫" أما حدها‪ :‬فإنها أصوات يعلر بها كل قوم عن أغراوهم"‪.252‬‬

‫أما علماء اللغة‪ ،‬فقد طرقوا‪ ،‬بدورهم‪ ،‬موووع وظيفة اللغة‪ ،‬فاتفق أغلبهم على أن وظيفتها‬
‫ي التعبير والتواصل والتفاهم‪ ،‬ويلرز في هذا املجال األلسني الفرني ي أندري مارتيني الذي‬
‫يؤكد‪ -‬بدوره ومن خالل كالمه عن اللغة اإلنسانية باعتبارها مؤسسة من املؤسسات‬
‫اإلنسانية‪ -‬أن هذه األخيرة " إنما تنتظ عن الحياة في املجتمع‪ ،‬وهذا هو تماما حال اللغة‬
‫اإلنسانية التي تدرك بشكل أساهاي كأداة للتواصل"‪253.‬‬

‫ويسير في هذا االتجاه لسانيو التيار اللراجماتي أو الذرائ ي أو التداولي كڤان ديك‪،‬‬
‫وهاليداي‪.‬‬

‫التواصـ ــل ي راللف ــظي‪:‬‬


‫تقوم القناة البصرية بدور أساهاي في التواصل على أساس أن فعل التواصل بين املرسل‬
‫واملرسل إليه ال يوظف فق نسقا لغويا منطوقا فحسب‪ ،‬بل إنه يستعمل نظاما من‬
‫اإلشارات والحركات واإليماءات التي تندرج فيما نسميه بالتواصل غير اللفظي ‪ ،‬وهو"‬

‫‪ -251‬محمد نادر سراج‪ ( :‬التواصل غير الكالمي بين الخطاب العربي القديم والنظر الراهن)‪ ،‬الفكر العربي‬
‫العاصر‪ ،‬لبنان‪ ،‬العددان‪ ،03/02 :‬السنة ‪3662‬م‪ ،‬ص‪.02:‬‬
‫‪ -252‬ابن جني‪ :‬الخصا ص‪ ،‬ص‪.66:‬‬
‫‪253 - André Martinet: Eléments de linguistique générale. Armand Colin. Paris 1970.p:9.‬‬

‫‪316‬‬
‫مجموع الوسائل االتصالية املوجودة لدى األشخاص األحياء‪ ،‬والتي ال تستعمل اللغة‬
‫اإلنسانية أو مشتقاتها غير السمعية ( الكتابة‪ ،‬لغة الصم والبكم)"‪254‬‬

‫وتستعمل لفظة التواصل غير اللفظي للداللة على " الحركات وهي ات وتوجهات الجسم‬
‫وعلى خصوصيات جسدية طبيعية واصطناعية‪ ،‬بل على كيفية تنظيم األشياء والتي‬
‫بفضلها تبلغ معلومات"‪255.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فإن مالحظة عادية ملا يجري داخل الفصل الدراهاي من سلوكيات غير لفظية بين‬
‫املدرس والتالميذ تشكل كنزا من املعلومات واملؤشرات على جوانب انفعالية ووجدانية‪ .‬كما‬
‫أنها تكشف عن املخفي واملستتر في كل عالقة إنسانية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول فرويد‪:‬‬

‫" من له عينان يرى بهما يعلم أن البشر اليمكن أن يخفوا أي سر‪ ،‬فالذي تصمت شفتاه‬
‫يتكلم بأطراف أصابعه‪ ،‬إن كل هذه السموم تفضحه"‪.256‬‬

‫من هنا‪ ،‬يساعدنا التواصل املرئي على تحديد الجوانب التالية‪:‬‬

‫‪ ‬تحديد املؤشرات الدالة على االنفعاالت والعالقات الوجدانية بين املرسل واملتلقي‬

‫‪ ‬تعزيز الخطاب اللغوي وإغناء الرسالة بتدعيمها بالحركات لضمان استمرارية التواصل‬
‫بين املرسل واملتلقي‬

‫‪ ‬يؤشر التواصل غير اللفظي على الهوية الثقافية للمتواصلين من خالل نظام الحركات‬
‫واإلشارات الجسدية‪.‬‬

‫وقد حدد هار سوح( ‪ ) Harrisson‬بعض العناصر التي تتصل بالتواصل غير اللفظي‪،‬‬
‫وحصرها في‪:‬‬
‫‪ - 254‬بيير جيرو‪ :‬السيمياء‪ ،‬ترجمة‪ :‬أنطون أبي زيد‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،3602 ،3 ،‬ص‪.336 :‬‬
‫‪ -255‬بيير جيرو‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.322:‬‬
‫‪256 - Edward .T.Hall: la dimension cachée.Ed Seuil.Coll. Point, n° 89.1971, P:13 .‬‬

‫‪317‬‬
‫‪ ‬كل التعابير املنجزة بواسطة الجسد( حركات‪ ،‬مالمح‪ ،)...‬وتنتمي إلى شفرة اإلنجاز‬

‫‪ ‬العالمات الثقافية كطريقة اللباس‪ ،‬وتتمثل في الشفرة االصطناعية‬

‫‪ ‬استعمال املجال والديكور‪ ،‬وتمثل الشفرة السياقية‬


‫ي الشفرة الوسيطة‪257.‬‬ ‫‪ ‬اآلثار التي تحد ها أصوات وألوان‪ ،‬مثل‪ :‬نظام إشارات املرور‪ ،‬و‬

‫مستويات خطابية البـ ــد منها‪:‬‬


‫هناك مجموعة من اآلليات واملفاهيم اإلجرائية التي ينبغي االعتماد علوها في تحليل أنظمة‬
‫التواصل‪ ،‬و ي‪:‬‬

‫‪‬العالمة‪ :‬و ي في اللغة العالقة بين الدال ( صورة صوتية) واملدلول(مفهوم ذهني)‪ ،‬فكل‬
‫خطاب منطوق أو مكتوب هو نسق من العالقات اللغوية‪ .‬أما العالمات غير اللغوية‪ ،‬فهي‬
‫نظام اإلشارات غير املنطوقة كعالمات املرور ‪ ،‬و املؤشرات‪ ،‬والرموز املرئية‪،‬وامللصقات‪،‬‬
‫واإلشهار ‪ ،‬والصورة‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫‪‬األلقونة‪ :‬و ي تمثيل محسوس لشايء قصد تبيان خصائصه وسماته‪ ،‬مثل‪ :‬صورة‬
‫أو خريطة بلد‪.‬‬ ‫شخ‬

‫‪‬الؤشر(‪ :) Indice‬وهو ما يخلر عن (ايء مستتر كالدخان‪ .‬فهو مؤشر على النار‪ ،‬إذا لم‬
‫تكن مرئية‪ ،‬وعالمات الوجه قد تكون مؤشرا على فرح أو غضب أو حزن‪.‬‬

‫‪‬الرمز(‪ :)Symbole‬وهو كل عالمة تشير إلى هوية (ايء‪ ،‬مثل‪ :‬الحمامة رمز للسالم‪ ،‬و‬
‫امليزان رمز للعدالة‪.‬‬

‫‪- Hall.E.T: (Proxemics: the study of man's spatial relations and bounderies), in: Man's image in‬‬
‫‪257‬‬

‫‪medicine and anthropology. New-York International University Press 1963.‬‬


‫‪318‬‬
‫وقد حظي التواصل غير اللفظي ‪ -‬مؤخرا‪ -‬باهتمام كثير من الدارسين مع تطور اللسانيات‬
‫والسميوطيقا وعلم النفس االجتماعي حيث" تزايد اهتمام املجتمع العلمي في السنوات‬
‫املاوية بموووع التواصل اإلشاري أو التواصل غير الكالمي الذي أو ى ميدانا خصبا‬
‫لسحلقات واألبحاث واملؤلفات‪ ،‬فباإلوافة إلى الف املقاالت وعشرات الكتب التي صدرت‪،...‬‬
‫فقد نظمت م ات الحلقات الدراسية التي خصصت الستجالء معالم هذا العلم املستجد‪،‬‬
‫وإلبراز مجاالته التطبيقية العملية"‪258‬‬

‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فالتواصل غير اللفظي هو تواصل بدون استخدام للغة اإلنسانية‪ .‬أي‪ :‬بدون تحقق‬
‫سم ي وصوتي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬شهدت الحقبة املعاصرة" توسع مفهوم التواصل املتعدد القنوات‬
‫من خالل أعمال وتأمالت علماء العادات وعلماء اإلنسان وعلماء االجتماع‪ ،‬إوافة إلى‬
‫العقلية‪ ،‬وكان قد سبق لبعض علماء اإلنسان أن أكدوا‬ ‫علماء النفس وأطباء األمرا‬
‫تعدد قنوات االتصال في بداية القرن"‪259‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن التواصل غير اللفظي مهم في تمتين العالقات اإلنسانية والبشرية حيث يسهم‬
‫في كشف روا األفراد وانفعاالتهم داخل جماعات معينة‪ ،‬واستخالص مميزاتهم الثقافية‬
‫والحضارية‪ ،‬وتبيان مقوماتهم السلوكية والحركية في التعامل مع األشياء واملواقف داخل‬
‫سياقات معينة‪ .‬بيد أن الخطاب اإلشاري أو الحركي غير كاف لتأدية كل الرسائل بوووح‬
‫وشفافية‪ ،‬فالبد أن يعزز بالتفاعالت اللفظية التي تزيل كل إبهام وتشوي عن كل إرسالية‬
‫غير لفظية في مجال التواصل‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملعرفة الضمنية" بالدالالت االجتماعية كنسق‬
‫إشاري ما ورورية وأساسية لنجاح أية عملية تواصل إنساني‪ ،‬وسالرغم من ذلك‪ ،‬فإن‬
‫التواصل اإلشاري يبق عروة لسوء التفسير أو اللبس‪ ،‬وصوال إلى سوء التقدير‪ ،‬حتى‬
‫أيضا‪ ،‬ألفراد البي ة اللغوية الواحدة‪ ،‬وما يمكن استخالصه كمالحظة أولية في هذا املجال‬

‫‪258 -‬‬ ‫‪A regarder Hall: La demension cachée. Paris, Seuil, 1966.‬‬
‫‪259 - Hall: (Proxemics), In: Current Anthropology, 1968, p: 108.‬‬

‫‪319‬‬
‫هو أنه ال يمكن للتواصل اإلشاري أن يعتمد كقناة وحيدة وأساسية للتخاطب‪ ،‬بل يجب أن‬
‫تكون األولوية للغة املنطوقة التي تؤدي في أغلب الحاالت والظروف إلى اتصال أوض‪ ،،‬وأكثر‬
‫دقة وأسرع داللة‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬إلى تفاهم أفضل"‪260‬‬

‫وقد ركز الباحثون كثيرا ‪ ،‬في دراساتهم وأبحا هم‪ ،‬على التواصل اللفظي سيما اللسانيين‬
‫مهملين السلوكات غير اللفظية وشبه اللغوية‪:‬‬

‫" وإذا كان التواصل اللفظي وغير الكالمي يشكالن إحدى سمات السلوك البشري ‪ .‬فمن‬
‫باب أولى أن نعيد إلى األذهان أن الباحثين ركزوا جهودهم سابقا على االعتناء بشكل أساهاي‬
‫بالجوانب الكالمية لهذا التواصل متجاهلين‪ ،‬وحسب التقليد‪ ،‬الرموز غير الكالمية التي‬
‫كانوا ينسبونها عادة للتنوع الصوتي( كيفية صوتية‪ ،‬تنغيم‪ ،‬وقفة) أو لغير الصوتي( نظرة‪،‬‬
‫تعبير وجهي‪ ،‬إشارات‪ ،‬وصفة الجسم وحركته)‪ ،‬بالرغم من تزايد االهتمام املوجه إلى‬
‫التحليل التحاد ي(‪ )Indicatives‬إما للقواعد االجتماعية‪ ،‬وإما لسحاالت النفسية‬
‫للمرسل"‪261‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فإن املقارسة الوظيفية لدور هذه الرموز غير الكالمية في التفاعل االجتماعي هو "‬
‫ما ينبغي التركيز عليه والس ي إلبرازه في أية دراسة مستقبلية من هذا النوع‪ ،‬وإذا كان الكالم‬
‫يشكل النشا املركزي لنم التفاعل اإلنساني الذي نسميه عادة بالتحادث‪ ،‬فإن األهمية‬
‫تكمن في اعتبار هذا التحادث ور يته كظاهرة لالتصال املتعدد القنوات الذي يشتمل على‬
‫عالئق متبنية جدا للرموز كالمية كانت أم غير كالمية‪.‬‬

‫إليه في هذه املقارسة التي سعينا من خاللها أن أية دراسة للرموز غير‬ ‫إن ما يجب أن نخل‬
‫الكالمية يجب أن ال يتم بشكل منعزل‪ ،‬كعزل القناة البصرية عن القناة السمعية‪ ،‬بل‬

‫‪ -260‬بيير جيرو‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.330:‬‬


‫‪ -261‬بيير جيرو‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.330:‬‬
‫‪320‬‬
‫باألحرى ينبغي إيالء وظائف األشكال العام (‪ )Configurations‬املتعددة القنوات للرموز‬
‫أهمية كلرى نظرا لدورها املميز في هذا املجال"‪.262‬‬

‫ويمكن للتواصل أن يتحقق" أيضا بواسطة أشكال تخاطبية ليست بالضرورة كالمية تحل‬
‫أحيانا محل التواصل الكالمي‪ ،‬ال بل وتصاحبه أحيانا كثيرة‪ .‬وهذه األشكال األخيرة التي‬
‫تعرف بالتواصل غير الكالمي أو باسم اللغة الالمنطوقة أو غير اللفظية ليست حكرا على‬
‫اإلنسان‪ ،‬بل ي معروفة أيضا لدى الفصائل الحيوانية التي يتصل بعضها ببعض عن‬
‫طريق األصوات والحركات واإلشارات"‪.263‬‬

‫ويسمح التواصل غير اللفظي بفهم التحفيزات والتفاعالت اإلنسانية‪ .‬وقد كان هذا‬
‫التواصل غير السلوكي وراء عدة بحوث مهمة تعتمد على تقنيات الفيديو‪،‬‬
‫وماكينوطوسكوب‪ ،‬والحاسوب في مختلف التخصصات‪ ،‬مثل‪ :‬علم النفس‪ ،‬وعلم النفس‬
‫االجتماعي‪ ،‬واللسانيات‪ ،‬والسميوطيقا‪ ،‬واألنتروسولوجيا‪ ،‬واإلثنولوجيا (علم العادات)‪.‬‬

‫وقد وقع تقدم مسحوظ ومعتلر في هذه املجاالت على عكس علوم التربية التي ي بعيدة عن‬
‫هذا املجال‪ ،‬ولم تخض غمار هذا البحث إال مؤخرا‪.‬‬

‫وقد قدم علماء اإلثنولوجيا أبحاثا مهمة في هذا الصدد‪ ،‬فحضور التواصل غير اللفظي‬
‫والنحت على‬ ‫والرسم والنق‬ ‫يتجلى‪ ،‬بشكل واض‪ ، ،‬في املسرح وامليم واملووة والرق‬
‫السواء‪ ،‬غير أن السلوكيات غير اللفظية لم تثر انتباه املفكرين والباحثين قديما وحديثا‬
‫على الرغم من استعمالهم لها‪.‬‬

‫وإذا كانت األنساق الداللية تنقسم إلى قسمين كبيرين‪ :‬أنساق داللية طبيعية وأنساق‬
‫داللية اجتماعية‪ ،‬فإن األنساق الداللية االجتماعية تنقسم إلى أنساق داللية اجتماعية‬

‫‪262 - A regarder Corraze Jacques: les communications non verbales.ED : PUF.1980.‬‬

‫‪263 - Julia Kristeva: Recherches pour une sémanalyse.ED, n°:96.Paris 1969.P:39.‬‬

‫‪321‬‬
‫لفظية‪ ،‬وأنساق داللية اجتماعية غير لفظية‪ .‬فاألنساق الداللية الطبيعية ي تلك‬
‫األنساق التي توجد في حضن الطبيعة‪ .‬ومن سمات هذه األنساق أنها غير مؤسسية‪،‬‬
‫فاإلنسان هو الذي وظفها داخل مجال الدالئل‪ ،‬وأسند إلوها دالالت معينة‪ .‬أما األنساق‬
‫الداللية االجتماعية ‪ ،‬فهي" في اآلن نفسه األنسنة وكل ما نتظ عنها‪ .‬أي‪ :‬إنها ما قبل التاريق‬
‫اإلنساني والتاريق اإلنساني منظورا إليه من زاوية السيميوطيقا العامة"‪264‬‬

‫أما األنساق الداللية االجتماعية‪ ،‬فهي تلك األنساق التي تتميز بكونها مؤسسية‪ ،‬وأنها أيضا‬
‫من نتاج عمل اإلنسان‪ .‬و ي تتفرع إلى أنساق لفظية وغير لفظية‪ .‬فاللفظية ي" تلك‬
‫األنساق التي لها لغات ولها خصوصياتها املتنوعة وإعدادات‪ ،‬مثل‪ :‬األنواع السننية‪ .‬وتقوم‬
‫ها اإلنسان في مادة الصوت"‪265‬‬ ‫هذه األنواع السننية على التمايزات التي يحد‬

‫ومن الواض‪ ،‬أن روس ي الندي" يقصاي من هذا النوع من األنساق اللغة الشعرية واللغات‬
‫التقنية واللغة الطقوسية واللغات اإليديولوجية املختلفة ولغة الرياويات‪ .‬وعالوة على‬
‫ذلك‪ ،‬فإن مفهوم األنساق اللفظية عنده ال يأخذ بعين االعتبار تمايز بين ماهو منطوق‬
‫وماهو مكتوب‪ ،‬فهذا املفهوم يشملهما معا"‪.266‬‬

‫أما األنساق الداللية االجتماعية غير اللفظية ‪ ،‬فهي تلك التي " ال تستعمل أنواعا سننية‬
‫قائمة على أصوات بها‪ ،‬ولكنها تستعمل أنواعا سننية قائمة على أنما أخرى من األشياء‪،‬‬
‫هاته األشياء األخرى التي يسموها باألجسام ي إما أشياء توجد قبليا في الطبيعة‪ ،‬وإما أن‬
‫اإلنسان أنتجها لغايات أخرى‪ ،‬وإما أنها أنتجت لغر أن تستعمل بوصفها دالئل‪ ،‬أو أنها‬
‫استعملت باعتبارها دالئل في الفعل نفسه الذي نتجت فيه"‪267‬‬

‫‪ -264‬حنون مبارك‪ :‬دروس الي السيميا يات‪ ،‬ص‪.22 :‬‬


‫‪ -265‬حنون مبارك‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.22:‬‬
‫‪ -266‬نفسه‪ ،‬ص‪.26-22:‬‬
‫‪ -267‬نفسه‪ ،‬ص‪.26:‬‬
‫‪322‬‬
‫وتتكون األنساق غير اللفظية التي لها وظيفة تواصلية مما يلي‪:‬‬

‫‪ -3‬حركات األجسام( ‪ )Kinesic‬وأوضاع الجسد( ‪ :)Postural‬مثل‪ :‬التواصل‬


‫باإلشارات ‪ ،‬وتعابير الوجه‪ ،‬وتعابير أخرى ‪ ،‬وأوواع الجسد‪....‬‬
‫‪ -2‬اإلشارات الدالة عكى القرب( ‪ :)Proxémique‬يتعلق باستعمال اإلنسان للمجال‬
‫املكاني‬
‫‪ -6‬التواصل اللمي ي والشمي والذوقي والاصري والسمعي إلى درجة نستطيع فوها إبعاد‬
‫أنساق داللية غير لفظية أخرى قائمة أيضا على السمع والبصر‬
‫‪ -2‬التواصل الشيئي‪ :‬ي األنساق القائمة على أشياء يرووها اإلنسان وينتجها‬
‫ويستعملها‪ :‬ثياب‪ ،‬وحلي ‪ ،‬وزخارف‪ ،‬وأدوات مختلفة ‪ ،‬و الت بناء من كل نوع ‪ ،‬وموسيقا‪،‬‬
‫وفنون رمزية‬
‫‪ -3‬التواصل الؤسساتي‪ :‬املقصود به كل أنواع التنظيمات االجتماعية‪ ،‬وسالتحديد كل‬
‫األنساق املتصلة برواب القرابة والطقوس واألعراف والعادات والنظم القضائية‬
‫والديانات والسوق االقتصادي‪268.‬‬

‫ويمكن تقسيم هذه األنساق إلى قسمين‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬عبارة عن أنساق داللية عضوية تحيل على جسم اإلنسان‪ .‬أي‪ :‬العضوية‬
‫اإلنسانية ( حركات األجسام‪ ،‬واملووعية‪ ،‬والحواس الخمس)‪ .‬أما القسم الثاني‪ ،‬فيحتوي‬
‫على أنساق داللية أداتية‪ .‬أي‪ :‬إن اإلنسان يقوم بسلوك بواسطة (ايء‪ ،‬وهذه األشياء‬
‫خارجة عن العضوية اإلنسانية‪.‬‬

‫وفي املقابل‪ ،‬يقسم السيميوطيقي اإليطالي أوم رطو إلكو (‪ ) Umberto Eco‬األنساق‬
‫الداللية إلى ثمانية عشر نسقا‪ .‬وينطلق في هذا التصنيف من األنساق التواصلية التي تبدو‬
‫في الظاهر أكثر طبيعية وعفوية‪ .‬أي‪ :‬أقل من خاصيتها الثقافية وصوال إلى العمليات‬
‫الثقافية األكثر تعقيدا‪ .‬وهذه األنساق ي‪:‬‬

‫‪ -268‬نفسه‪ ،‬ص‪.26:‬‬
‫‪323‬‬
‫‪ -3‬سيميوطيقا الحيواح‪ :‬ويخ األمر بالسلوكيات املتصلة بالتواصل داخل‬
‫الجماعات غير اإلنسانية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬الجماعات غير الثقافية‬
‫‪ -2‬العالقات الشمية‪ :‬كالعطور مثال‬
‫‪ -6‬التواصل اللمي ي‪ :‬كالقبلة والصفعة‬
‫‪ -2‬سنح الذوق‪ :‬ويتعلق األمر بممارسة الطبق‬
‫‪ -3‬العالمات الصاحاة لا هو لساني( ‪ :)Paralinguistique‬كأنما األصوات في‬
‫ارتباطها مع الجنس والسن والحالة الصحية‪ ...‬ومثل العالمات املصاحبة للغة كالكيفيات‬
‫الصوتية ( علو الصوت‪ ،‬ومراقبة العملية النطقية‪ ،)...‬وكالصوتيات ( األمزجة الصوتية‪:‬‬
‫الضحك‪ ،‬والبكاء‪ ،‬والتنهدات)‬
‫‪ -3‬السيميوطيقا الطاية‪ :‬و ي تبين لنا عالقة األعرا باملر‬
‫‪ -3‬حركات األجسام واإلشارات الدالة عكى القرب‪ :‬ويتعلق األمر باللغات اإلشارية‬
‫الحركية( ‪)Gestuels‬‬
‫‪ -0‬األنواع السننية الوسيقية‬
‫‪ -6‬اللغات الرمزية أو الشكلنة( ‪ ،)Formalisés‬مثل‪ :‬الجلر‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬وسنن‬
‫الشفرة(‪)Morse‬‬
‫‪ -11‬اللغات الكتوبة واألبجدلات الجهولة واألنواع السننية السرية؛‬
‫‪ -33‬اللغات الطايعية‪ :‬مثل‪ :‬اللغة العرسية‪ ،‬والفرنسية‪ ،‬واإلنجليزية‪ ،‬واإلسبانية‬
‫‪ -32‬التواصل الرئي‪ :‬مثل‪ :‬األنساق الخطية‪ ،‬واللباس‪ ،‬واإلشهار‬
‫‪ -36‬نسق األشياء‪ :‬مثل املعمار وعامة األشياء‬
‫‪ -32‬بنيات الحكي والسرد‬
‫‪ -33‬األنواع السننية الثقافية‪ :‬مثل‪ :‬داب السلوك‪ ،‬والتراتبات‪ ،‬واألساطير‪ ،‬واملعتقدات‬
‫الدينية القديمة‬
‫‪ -33‬األنواع السننية والرسا ل الجمالية‪ :‬مثل علم النفس‪ ،‬واإلبداع الفني‪ ،‬والعالقات‬
‫بين األشكال الفنية واألشكال الطبيعية‬
‫‪ -33‬التواصل الجماه ري‪ :‬مثل‪ :‬علم النفس‪ ،‬وعلم االجتماع‪ ،‬والبيداغوجيا‪ ،‬ومفعول‬
‫الرواية البوليسية‪ ،‬واألغنية‬
‫‪324‬‬
‫الخطابة ‪269.La rhéthorique‬‬ ‫‪-30‬‬

‫ً‬
‫تلكم – إذا‪ -‬أهم اآلليات التواصلية التي تتعلق بلسانيات التواصل اللفظي وغير اللفظي ‪.‬‬
‫و ي أساسية في تفكيك الخطابات كيفما كانت وتركيبها من جديد‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالسيميائيات في حاجة ماسة إلى معرفة األنظمة التواصلية‪ ،‬وتحديد شفراتها‬
‫السننية‪ ،‬وإرساء مصطسحاتها اإلجرائية والتطبيقية لفهم نظام التواصل وتفسيره‪ ،‬وتبيان‬
‫طرائق اإلرسال والتلقي‪ ،‬ورصد الوسائل واملدخالت واملخرجات التي يرتكن إلوها التواصل‬
‫اللفظي وغير اللفظي على حد سواء‪.‬‬

‫وإذا كانت اللسانيات مؤهلة لدراسة التواصل اللفظي كما يثبت ذلك فرديناند دوسوسير في‬
‫كتابه( محاضرات الي اللسانيات العامة)‪ ،‬فإن السيميولوجيا أو السيميوطيقا مؤهلة أيضا‬
‫لدراسة األنظمة التواصلية غير اللفظية‪ .‬في حين ‪ ،‬يرى روالن بارت‪ ،‬في كتابه( عناصر‬
‫السيميولوجيا)‪ ،‬أن اللسانيات ي التي تملك القدرة وحدها على رصد التواصل اللفظي‬
‫وغير اللفظي‪.‬‬

‫التواص ــل اللفظ ــي التربوي‪:‬‬


‫تستند العملية التعليمية‪-‬التعلمية الناعحة داخل الفصل الدراهاي إلى تفعيل الحوار‬
‫التربوي الهادف والبناء‪ ،‬وتنشي الدرس بصياغة أس لة وووعيات متدرجة من البساطة‬
‫نحو الصعوسة بغية التثبت من مدى تحقق الكفايات املسطرة‪ ،‬وتنفيذ األهداف املرسومة‬
‫من قبل املدرس واملنهاج املدرهاي‪.‬‬

‫‪ -269‬نفسه‪ ،‬ص‪.22:‬‬
‫‪325‬‬
‫وترتب عملية التواصل‪ ،‬داخل الفصل الدراهاي املغلق‪ ،‬بين مرسل وهو املدرس‪ ،‬ومتلق‬
‫وهو التلميذ املتعلم‪ ،‬فيقوم املدرس بتقديم املادة الدراسية وفق أهداف وكفايات محددة‬
‫بدقة‪ ،‬وقد تكون هذه األهداف والكفايات عامة أو نوعية أو خاصة أو إجرائية‪ .‬ويقسم‬
‫املدرس املادة الدراسية التي تعتلر في النموذج التواصلي عبارة عن رسالة ترسوية إلى مراحل‬
‫ووحدات دراسية وأنشطة ترسوية باحترام وحدة التمهيد ‪ ،‬ووحدة العر ‪ ،‬ووحدة الخاتمة‪.‬‬
‫ويكون تقطيع املادة في ان جام كلي مع التقويم القبلي‪ ،‬والتقويم التكويني‪ ،‬والتقويم‬
‫الت خيصاي‪.‬‬

‫ويوجه املدرس املادة الدراسية التي تكون جزءا من املقرر الدراهاي أو املنهاج التعليمي إلى‬
‫متعلم قد يكون صفحة بيضاء‪ ،‬أو قد يكون وارثا ملجموعة من التمثالت والقدرات الفطرية‬
‫الذهنية التي تؤهله للتعلم واالكتساب باستخدام مجموعة من الوسائل التعليمية املادية‬
‫السمعية البصرية ‪ ،‬والشروح‬ ‫واملعنوية‪ ،‬مثل‪ :‬توظيف الكتب‪ ،‬والوثائق‪ ،‬والوسائ‬
‫املستفيضة ‪ ،‬واملذكرات الوزارية‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫ُ‬
‫والتقويم والتغذية الراجعة( ‪Feed‬‬ ‫وال ينج‪ ،‬الدرس الديدكتيكي إال إذا أخضع للت خي‬
‫‪ ) Back‬من أجل دعم العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪ ،‬وتصحيح األخطاء املنهجية بملء‬
‫الفراغات التي أثرت سلبا في خطوات العملية الدراسية‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬يستهدف التواصل التربوي والتعليمي فهم ليات نقل الخلرات والتعلمات والقيم‬
‫واألنشطة الحركية من املدرس إلى املتعلم‪ ،‬والعمل على إدراكها وتفسيرها‪ ،‬ووب طرائق‬
‫التفاعل والتبادل والحوار‪ .‬ويتخذ التواصل التربوي أنواعا ثالثة‪:‬‬

‫‪ /1‬التواصل العرالي‪:‬‬
‫يهدف التواصل املعرفي إلى نقل املعلومات واستقبالها‪ .‬وهو تواصل يركز على الجوانب‬
‫املعرفية ومراقوها‪ .‬أو بتعبير خر‪ ،‬إنه يركز على اإلنتاجية واملردودية‪ .‬ويهدف هذا التواصل‬
‫‪326‬‬
‫إلى نقل الخلرات والتجارب إلى املتلقي وتعليمه طرائق التركيب والتطبيق والفهم والتحليل‬
‫والتقويم بصفة عامة‪ .‬إنه يهدف إلى تزويد املتلقي باملعرفة واملعلومات الهادفة‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫يقوم هذا التواصل على تبادل اآلراء‪ ،‬ونقل املعارف وتجارب السلف إلى الخلف‪.‬‬

‫ويسهم السلوك اللفظي وغير اللفظي في التواصل املعرفي إذا احترم شرو السيكولوجيا‬
‫التي تحي باملتلقي أو يعيشها‪ .‬فالرفع من اإلنتاجية املعرفية اليتم إال بسلوكيات لفظية‬
‫ديمقراطية تعتمد على روح املشاركة‪ ،‬والطريقة التربوية الالتوجوهية‪ ،‬وتمثل مبدإ التسيير‬
‫الذاتي‪ ،‬واألخذ بالتفاعل الديناميكي البناء‪ ،‬وكذلك علر سلوكات لفظية وغير لفظية‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫حركات التنظيم‪ ،‬والحركات الديدكتيكية‪ ،‬وحركات التقويم والتمجيد‪ .‬وهكذا‪ ،‬اليمكن‬
‫عزل التواصل املعرفي عن التواصل الوجداني إال من باب املنهجية ليس إال‪.‬‬

‫وثمة صنافات بيداغوجية في مجال التواصل املعرفي كصنافة بلوم( ‪ ) Bloom‬التي تتمثل‬
‫في املراقي التالية‪ :‬املعرفة‪ ،‬والفهم‪ ،‬والتطبيق‪ ،‬والتحليل‪ ،‬والتركيب‪ ،‬والتقويم‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫‪ /2‬التواصل الوجداني‪:‬‬
‫إن من بين أهم وظائف التواصل التأثير في املتلقي سلبا أو إيجابا‪ ".‬فهناك تواصل كلما‬
‫جهاز حي أن يؤثر في جهاز خر بتغيير فعله انطالقا من تبليغ‬ ‫أمكن لجهاز معين وساألخ‬
‫إرسالية"‪.270‬‬

‫وبهذا املفهوم‪ ،‬يقصد بالتواصل كل التأثيرات التي يمارسها نظام في خر‪ ،‬مثل‪ :‬تلك العالقة‬
‫التي تنبني على تطبيق أوامر وتعليمات أو ترديد إحداث تغيير في سلوك اآلخر‪ .‬وتعتلر‬
‫السلوكية من أهم التيارات السيكو‪ -‬لسانية التي ركزت على الوظيفة التأثيرية ألن‬
‫التواصل ‪ -‬حسب املنظور السلوكي‪ -‬يرتكز على مفهومي املثير واالستجابة‪ .‬لذلك‪ ،‬يترك‬
‫السلوك اللفظي أو غير اللفظي في وجدان املتلقي تأثيرات شعورية‪ ،‬تكون لها انعكاسات‬

‫‪270‬‬‫‪- Gilles Amado/ André Guillet: la dynamique des communications des groupes.ED. Armand‬‬
‫‪Colin.P:3.‬‬
‫‪328‬‬
‫إيجابية‪ ،‬مثل‪ :‬التعاون‪ ،‬والتماثل‪ ،‬واالندماج وانعكاسات سلبية مثل‪ :‬التعار ‪ ،‬والصراع‪،‬‬
‫والتنافس‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالعمليات اإليجابية" أقوى أثرا وأبق من العمليات السلبية‪ ،‬وإال ملا‬
‫بقيت املجتمعات اإلنسانية أو تقدمت نحو الرقي والنهو ‪ ،‬فالصراع والعمليات السالبة‬
‫عموما مجالها محدود‪ ،‬وكذلك أسلوبها ذلك ألن الحياة تضطر األفراد بمختلف مصالحهم‬
‫أو مواقفهم إلى أن يوافقوا أنفسهم باآلخرين‪ ،‬و يتخلصوا من الصراع إلى االندماج أو‬
‫التكيف مع البي ة"‪.271‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يقصد بالتواصل الوجداني‪ ،‬في مجال علم التربية‪ ،‬اكتساب امليول واالتجاهات والقيم‪،‬‬
‫وتقدير جهود اآلخرين بتفاعل املتعلم مع املادة املدروسة‪ ،‬واكتسابه الخلرات بأنواعها‬
‫املباشرة وغير املباشرة‪.‬‬
‫ُ‬
‫للمجال الوجداني صنافات بيداغوجية‪ ،‬ومن بين املهتمين بهذا املجال‬ ‫وقد خص‬
‫صنافة تتكون من خمسة مستويات ذات صلة وثيقة‬ ‫كراتهول( ‪ )Krathwol‬الذي خص‬
‫باملواقف والقيم واالهتمامات واالنفعاالت واألحاسيس والتوافق واملعتقدات واالتجاهات‬
‫فكرية كانت أم خلقية‪ .‬وهذه املستويات ي‪:‬‬

‫‪ ‬التقبل‪.‬‬

‫‪‬االستجابة‪.‬‬

‫‪‬الحكم القيمي‪.‬‬

‫‪‬التنظيم‪.‬‬

‫‪‬التمييز بواسطة قيمة أو بواسطة منظومة من القيم‪.‬‬

‫‪ -271‬جميلة العسال‪ :‬دروس الي التربية وعلم النفس‪ ،‬املركز التربوي الجهوي بفاس‪ ،‬مطبوع جام ي‪ ،‬السنة‬
‫الدراسية‪ ،3603-3602:‬ص‪.323:‬‬
‫‪329‬‬
‫‪ /1‬الجانب الحي ي – الحركي‪:‬‬
‫يمكن الحديث عن التواصل الحركي والح اي الذي يتناول ماهو غير معرفي ووجداني‪.‬‬
‫ويظهر هذا التواصل جليا في مجاالت تستدعي الحركة‪ ،‬مثل‪ :‬السيبيرنيطيقا‪ ،‬واآللية‪،‬‬
‫واملسرح امليمي‪ ،‬والرياوة البدنية‪...‬‬

‫ويتضمن هذا التواصل‪ ،‬في املجال التربوي‪ "،‬مجموعة متسلسلة من األهداف تعمل على‬
‫تنمية املهارات الحركية‪ ،‬واستعمال العضالت والحركات الجسمية"‪.272‬‬

‫ومن أهم صنافات هذا التواصل الحركي نجد صنافة هارو( ‪ ) Harrow‬التي ووعها‬
‫صاحبها سنة ‪ 3632‬م‪ .‬وتتكون هذه الصنافة من ستة مراق أساسية ي‪:‬‬

‫‪‬الحركات االرتكاسية‪.‬‬

‫‪‬الحركات الطبيعية األساسية‪.‬‬

‫‪‬االستعدادات اإلدراكية‪.‬‬

‫‪‬الصفات البدنية‪.‬‬

‫‪‬املهارات الحركية لليد‪.‬‬

‫‪ -272‬مادي لحسن‪ :‬األهداف والتقييم الي التربية‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫سنة ‪3662‬م‪ ،‬ص‪.33:‬‬
‫‪330‬‬
‫‪‬التواصل غير اللفظي‪.‬‬

‫وتوجد صنافة أخرى لسيمبسون (‪ )Simpson‬تتكون من‪:‬اإلدراك الح اي‪ ،‬والتهيؤ‪،‬‬


‫واالستجابة املوجهة‪ ،‬واآللية‪ ،‬واالستجابة املعقدة‪ ،‬والتكيف‪ ،‬واالبتكار‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ينبني املنهاج الدراهاي على تجميع مجموعة من الوحدات الداللية والخلرات‬
‫التعلمية في شكل معارف ذهنية وعقلية ‪ ،‬وميول وجدانية ‪ ،‬وتداريب حركية ‪ ،‬وأنشطة‬
‫تطبيقية ‪ ،‬وأس لة تكوينية في شكل ووعيات كفائية ينبغي أن يترجمها املدرس ميدانيا‬
‫داخل قاعة الدرس بواسطة حوارات ترد في شكل أس لة وأجوسة ‪ ،‬أوفي شكل تفاعالت‬
‫لفظية كالمية مندمجة في وحدات صوتية ومقطعية وكلمات وجمل تتسم باالتساق‬
‫واالن جام الداللي والتركي ي‪.‬‬

‫‪331‬‬
‫وقد يكون التواصل‪ ،‬في املدرسة التقليدية‪ ،‬تواصال خطيا أحدادي الجانب يتجه من‬
‫املدرس نحو املتلقي على أساس أن املدرس يملك املعلومات الجاهزة‪ ،‬وأن التلميذ صفحة‬
‫بيضاء‪ ،‬يجب أن تنق ذاكرته باملعلومات التي يزود بها املدرس التلميذ‪ .‬وهنا‪ ،‬يكون التلميذ‬
‫مستمعا سلبيا اليحق له الحوار والنقا والنقد والتفاعل مع املدرس‪ ،‬بل عليه أن يحفء‬
‫للعقاب والرسوب‪.‬‬ ‫ويجتر املعلومات املخزنة في الذاكرة‪ .‬وكل متعلم أخل بواجبه يتعر‬
‫ومن ثم‪ ،‬يبدو هذا املدرس الذي يستخدم هذه الطريقة التقليدية مدرسا مستبدا يحتكر‬
‫سلطة الكالم والعقاب والتأنيب ‪ ،‬وقتل كل فرص الحوار والتفاعل التشاركي‪.‬‬

‫وفي املقابل‪ ،‬يمكن الحديث عن التواصل الفعال الذي يكون إما تواصال عموديا‪ ،‬وإما‬
‫تواصال أفقيا‪ ،‬وإما تواصال دائريا‪ ،‬وإما تواصال شبه دائري‪ .‬ويتكئ هذا التواصل‬
‫الديمقراطي على الحوار بين التالميذ فيما بينهم في إطار بيداغوجيا الالتوجوهية ‪ ،‬أو‬
‫البيداغوجيا املؤسساتية‪ ،‬أو البيداغوجيا الفارقية‪ ،‬أو بيداغوجيا الكفايات واملجزوءات‪،‬‬
‫أو البيداغوجيا اإلبداعية‪ ،‬أو بيداغوجيا امللكات‪...‬‬

‫ويتخلى املدرس‪ ،‬في هذا التواصل الفعال‪ ،‬عن سلطة التلقين والتعليم واحتكار الكالم‬
‫ليأخذ صفة املرشد واملوجه إذ يعتمد التالميذ على أنفسهم في إعداد الدروس في إطار‬
‫التعلم الذاتي من أجل إيجاد الحلول الناجعة لإلجابة عن كل الووعيات السياقية التي‬
‫يواجهونها في الواقع أو في سوق الشغل ‪.‬‬

‫‪332‬‬
‫ويقوم التواصل ‪ ،‬في الطرائق الفعالة‪ ،‬على التعلم الذاتي‪ ،‬و اللعب‪ ،‬والحرية‪ ،‬وتعلم الحياة‬
‫علر الحياة‪ .‬فضال عن مبدإ االن جام‪ ،‬ومبدإ التبادل املستمر‪ ،‬ومبدإ اإلدراك الشامل‪.273‬‬
‫ومن هنا ‪ ،‬فالتواصل البيداغوجي الفعال هو الذي بتسم بالحرية‪ ،‬والتعبير ‪ ،‬والتبادل‪،‬‬
‫والفعالية‪.274‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬لن يكون التواصل اللفظي فعاال وناعحا على مستوى الكالم والكتابة إال‬
‫باعتماد أسلوب واض‪ ،‬ومتين ومتسق‪ ،‬واستعمال أسلوب حي مشوق ومثير يستفز املتعلم‬
‫بشكل مثير‪ ،‬ويحركه ذهنيا ووجدانيا وحركيا من أجل اإلجابة عن األس لة املطروحة داخل‬
‫الفصل الدراهاي‪ .‬عالوة على احترام البناء املنطقي في التواصل بتقسيم املادة الدراسية‬
‫بشكل متسلسل ومتراب زمنيا وسببيا من خالل اختيار القناة املناسبة لتوصيل املعارف‬
‫والقيم ‪ ،‬وتنمية األفكار عن طريق احترام مجموعة من املتواليات والخطوات املتعاقبة‬
‫واملتسلسلة في شكل وحدات وأنشطة متراكبة متسقة ومن جمة‪.‬‬

‫وينبغي أن يتفادى التواصل اللفظي كل الصعوسات والعوائق الباتولوجية (املروية) التي‬


‫تحول دون تحقيق تواصل فعال‪ ،‬قد تؤثر سلبا في عملية التراسل بين املدرس والتلميذ‪.‬‬
‫ونذكر من هذه الصعوسات‪ :‬الضجيظ‪ ،‬والتشوي ‪ ،‬والتمركز على الذات‪ ،‬وعدم االنفتاح‬
‫على الغير‪.‬‬

‫ناهيك عن الصعوسات الداللية الناتجة عن الرسالة املفعمة باالنزياح‪ ،‬والدالالت‬


‫التضمينية التي تحمل إيحاءات شعرية متعددة‪ ،‬وتشييء املتعلم بتحويله إلى كائن سل ي‬
‫مستلب‪ ،‬وإغفال تمثالت التالميذ مما يجعل التواصل داخل الفصل مستحيال‪ .‬دون أن‬
‫نن اى عوائق أخرى كانفصال التلميذ عن عامله الداخلي والخارجي‪ ،‬وارتكان املدرس إلى‬
‫الوثوقية واالستغالل حيث يلتجئ املعلم إلى تقديم معلومات خاط ة للمتمدرس على أنها‬

‫‪ -273‬العربي أسليماني ورشيد الخديمي‪ :‬قضالا تربوية‪ ،‬ص‪.63-63:‬‬


‫‪274 -Bernard Sannanès: Les fondements d'une comminication efficace, Dunod, 2002, pp:8-9.‬‬

‫‪333‬‬
‫احيحة يستغل بواسطتها سذاجة التالميذ وعفويتهم اللري ة باعتباره شخصا اليخط ء‪.‬‬
‫ناهيك عن مجموعة من األخطاء التي يرتكبها املدرس‪ ،‬مثل‪ :‬السحن‪ ،‬والتلعثم‪ ،‬وارتكاب‬
‫األخطاء النحوية والصرفية‪ ،‬واملساهمة في خلق وعف الثقة في النفس لدى املتمدرسين‬
‫بسبب تسلطنه املتمجرف‪ ،‬واستبداده داخل الفصل‪ ،‬ومنعه لسحوار واملناقشات النقدية‬
‫البناءة‪.275‬‬

‫وإذا كان التواصل البيداغوجي يعتمد على ثالثة مرتكزات‪ :‬املدرس‪ ،‬واملقرر‪ ،‬واملتعلم‪ ،‬فال‬
‫ينبغي للمدرس أن يركز على نفسه كثيرا على حساب املقرر والتلميذ ‪ ،‬أو يركز على املقرر‬
‫على حساب التلميذ واملدرس‪ ،‬أو يركز على التلميذ مع التضحية باملقرر‪ ،‬وسوجوده املهم‬
‫داخل العملية الديدكتيكية‪.‬‬

‫ومن الذين اهتموا كثيرا بالتواصل التربوي اللفظي بازل برنشتاين‪ ،‬والبوف‪ ،‬وپيير بورديو‪،‬‬
‫وپاسرون‪ ،‬وصوفي مواران‪ ،‬وأوليفيي روسول‪ ،‬وكوكوال‪ ،‬وساير‪ ،‬وطي ‪...‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬يستدعي التواصل التربوي اللفظي " قيام عالقة ثنائية أو جماعية‪ .‬والتعلم‬
‫الناع‪ ،‬هو املبني على التفاعل والتبادل‪ .‬ولذلك‪ ،‬اليمكن أن نتصور عملية تعليمية‪ -‬تعلمية‬
‫ناعحة ليس فوها تواصل وتفاعل‪ .‬كما يمكن القول بأن التواصل التربوي داخل فصولنا‬
‫الدراسية‪ ،‬يكون إما نازال خطيا أحادي االتجاه‪ ،‬يقوم على نقل املعلومات واملعارف من‬
‫األستاذ إلى التالميذ الشايء الذي يتنافى مع التفاعل والتشارك والحوار وإما تشاركيا يقوم‬
‫على حوارات أفقية وعمودية بين األستاذ والتالميذ‪ ،‬وسين التالميذ أنفسهم‪ .‬وقد تأثر‬
‫أاحاب التواصل األحادي‪ ،‬بمنظري اإلعالم وبعض النماذج الديداكتيكية التي ترى أن‬
‫عقل التلميذ عبارة عن صفحة بيضاء تنطبع باإلحساس والتجرسة‪ ....‬أما أاحاب التواصل‬

‫‪ -275‬العربي أسليماني ورشيد الخديمي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.22-60:‬‬


‫‪334‬‬
‫التشاركي‪ ،‬فإنهم يستندون إلى نظرية العقل املاقبلي بمعنى أن التلميذ يتوفر على أفكار‬
‫قبلية سابقة على اإلحساس والتجرسة"‪.276‬‬

‫وعلى أي حال‪ ،‬البد أن تستند البيداغوجيا اإلبداعية إلى الحوار املتكافئ‪ ،‬والتواصل املتعدد‬
‫االتجاهات من أجل خلق روح التعاون والشراكة والتشاركية‪ ،‬واالندماج داخل فريق‬
‫والتسامح‪ .‬واليمكن أن‬ ‫ترسوي‪ ،‬وتعويد التلميذ على تقبل اآلخر في إطار فلسفة التعاي‬
‫نخلق مجتمعا سويا يؤمن بالتعارف واالنفتاح وورورة التواصل إال إذا طبقنا أسلوب‬
‫الحوار في مدارسنا التربوية وفصولنا الدراسية‪.‬‬

‫التواصل ي راللفظي‪:‬‬
‫لقد حظي السلوك اللفظي باهتمام الباحثين العرب بصفة عامة‪ ،‬واملغارسة بصفة خاصة‪،‬‬
‫في املجال التربوي والديدكتيكي‪ ،‬وأهملوا السلوكات غير اللفظية‪ .‬و ن األوان إلعادة النظر‬
‫في السلوكات غير اللفظية في علوم التربية لفهم التواصل في إطار العملية الديدكتيكية من‬
‫جميع جوانبها سيما الجانب السيكواجتماعي‪ .‬أي‪ :‬اآلثار املعرفية والوجدانية التي تحد هما‬
‫السلوكيات غير اللفظية في التالميذ باملدرسة العرسية بصفة عامة‪ ،‬واملدرسة املغرسية‬
‫بصفة خاصة‪.‬‬

‫لذا على املؤطرين واملفتشين واألساتذة أن يعيروا انتباههم لسحركات الوظيفية والسلوكيات‬
‫غير اللفظية نظرا ألهميتها التربوية والتكميلية والتوويحية للسلوكيات اللفظية ألن‬
‫الحركات املعلرة لم تعد قاصرة على تعويض اللغة الطبيعية فق ‪ ،‬بل ي تكمل مهمتها‬
‫والتجسيد‪ .‬وقد تستقل بنفسها في كثير من األحيان‪ ،‬ولكن‬ ‫وتوضحها عن طريق الت خي‬
‫من األفضل ينبغي أن ينظر إلى هذه السلوكيات غير اللفظية بمنظار بنيوي كلي‪ .‬أي‪ :‬على‬
‫أساس أنه نسق متفاعل مع جميع السلوكات األخرى‪.‬‬

‫‪ -276‬نفسه‪ ،‬ص‪.23-22:‬‬
‫‪335‬‬
‫وعليه‪ ،‬يستخدم كثير من املدرسين سلوكيات غير لفظية بطريقة قصدية أو غير قصدية‬
‫دون إعارة أي اعتبار لها‪ ،‬على الرغم من أهميتها ووظيفتها الكلرى في أداء الخطاب التعليمي‪.‬‬

‫ويبدو أن للسلوكيات غير اللفظية تأثيرات سلبية وإيجابية في مستوى التواصل املعرفي‬
‫والوجداني‪ .‬وملعرفة هذه السلوكيات البد للمدرس من االطالع على أحدث النظريات في علم‬
‫التواصل‪ ،‬واللسانيات‪ ،‬والسيميوطيقا‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬وعلم االجتماع ‪ ،‬وكذلك ورورة‬
‫االستمرار في التكوين وإعادة التكوين بتجريب اآلليات الحديثة في املالحظة ومشاهدة‬
‫السلوكات غير اللفظية كاستخدامه للڤيديو‪ ،‬والحاسوب‪ ،‬واملاكينوطوسكوب‪ ،‬إلخ‪...‬‬

‫و يالحء أن املدرس يوظف في قسمه أنواعا من الحركات‪ ،‬وكل حركة لها داللتها‪ ،‬ولها‬
‫تأثيرها في عملية التواصل‪ ،‬وكذلك التأثير في املتلقي معرفيا‪ ،‬ووجدانيا‪ ،‬وحركيا‪.‬‬
‫ونستحضر من بين هذه الحركات الحركات التعبيرية ‪ ،‬و الحركات اإلشارية‪ ،‬والحركات‬
‫العالئقية املتمثلة في حركات التقويم‪ ،‬وحركات التلويح باليدين‪ ،‬واستخدام خطاب العيون‬
‫تنظيم القسم دون أن‬ ‫في التأديب أو التعبير أو الت خي ‪ .‬عالوة على الحركات التي تخ‬
‫نغفل الحركات التي تتعلق بتنقالت املدرس داخل الفصل الدراهاي‪ ،‬وكذلك الحركات‬
‫الجانبية الزائدة وغير الوظيفية كالنظر إلى ثيابه‪ ،‬وملس لحيته‪ ،‬واللعب بشوارسه‪.‬‬

‫ويبدو أن املدرس الناع‪ ،‬هو الذي يلقي درسه مستعينا بالسلوكات اللفظية وغير اللفظية‬
‫بشكل متكامل دون فصلها عن بعضها البعض‪ .‬ويشتر أن تكون هذه السلوكيات وظيفية‬
‫جدا ليكون لها تأثير فعال وإيجابي في املتعلمين إن على املستوى املعرفي ( اإلنتاجية‬
‫واملردودية)‪ ،‬وإن على املستوى الوجداني ( تمثل السلوكيات اإليجابية‪ :‬كالسلوك الهاد ‪،‬‬
‫واإلحساس بالروا واالرتياح أو بالفرح والسرور)‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬البد أن يكون للسلوكيات غير اللفظية دور معتلر جدا في املجال التربوي‬
‫خاصة داخل الفصل الدراهاي‪ .‬وينبغي للمتخصصين في علوم التربية أن يولوها أهمية كلرى‬

‫‪336‬‬
‫لنخذ بها والعمل بها تمثال وتطبيقا واسترشادا نظرا لجوانبها املهمة‪ ،‬وفعاليتها الكبيرة في‬
‫تحقيق األهداف اإلجرائية املسطرة‪ ،‬وتفعيل الكفايات البيداغوجية املرسومة في بداية‬
‫السنة الدراسية‪ ،‬أو في بداية كل حصة أو مجزوءة دراسية‪ .‬وعلوهم أيضا أن يخصصوا لهذا‬
‫التواصل املعرفي والوجداني املؤدى بواسطة السلوك غير اللفظي حلقات وأبحاثا وندوات‬
‫جادة ملدارسة هذا املوووع ‪ ،‬والخروج بتوصيات وحلول موووعية قد تخدم املدرس‬
‫والتلميذ على حد سواء‪.‬‬

‫وسناء على ماسبق‪ ،‬فإن البحث في التواصل غير اللفظي يثير االنتباه ‪ -‬على حد قول هنري‬
‫ديوزيد( ‪ - ) Henri Dieuzeid‬إلى األثر الذي تمارسه الوسائل السمعية البصرية في مجال‬
‫اليتأثير‪ ،‬والتي التس ى فق إلى تطوير االستقبالية لدى التالميذ ‪ ،‬بل تس ى أيضا إلى إيجاد‬
‫ووعيات إدراكية جديدة"‪.277‬‬

‫ومن املعلوم أن املرء يتعلم‪:‬‬

‫‪ %3‬بواسطة الذوق‬ ‫‪-‬‬


‫‪ % 6.3‬بواسطة الشم‬ ‫‪-‬‬
‫‪ % 3.3‬بواسطة اللمس‬ ‫‪-‬‬
‫‪ %33‬بواسطة السمع‬ ‫‪-‬‬
‫‪ % 06‬بواسطة البصر‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإنه يتذكر‪:‬‬

‫‪ %32 -‬مما يقر ه‬


‫‪ %22 -‬مما يسمعه‬

‫‪277 - Suzette Ghodsi-Jose: La 3 dimension éducative, ed. Labor.P:60.‬‬

‫‪337‬‬
‫‪ %62 -‬مما يراه‬
‫‪ %32 -‬مما يراه ويسمعه‬
‫‪ %22 -‬مما يقوله وهو يفعل شي ا‪.278‬‬
‫وسناء على هذه املعطيات‪ ،‬تفر كل النسب املائوية على الباحث واملهتم إعادة النظر في‬
‫العملية الديدكتيكية بمدارسنا العرسية بصفة عامة‪ ،‬واملدارس املغرسية بصفة خاصة‪ ،‬بعد‬
‫تطور علوم التربية واستعانتها بمنا ا العلوم األخرى‪ .‬فضال عن تطور اللسانيات‬
‫والسيميائيات اللتين اهتمتا بالعالمات البصرية والحركية من جهة ‪ ،‬والتواصل الذي‬
‫يستند إلى الشفرة الحركية الجسدية كانت أم بصرية من جهة أخرى‪ .‬وهذا ما يحتم علينا‬
‫أن ندرج التواصل غير اللفظي في شبكاتنا ملراقبة دروس التأطير والتكوين‪ .‬وكذا االستعانة‬
‫به لتكملة نجاعة التواصل اللفظي إلغناء العملية التربوية داخل املؤسسات التعليمية‪،‬‬
‫وإثارة انتباه األساتذة واملشرفين على التسيير التربوي ومراقبته إلى أهمية السلوكيات غير‬
‫اللفظية في املؤسسات التربوية التعليمية ‪ ،‬ومعرفة أثرها وجدانيا ومعرفيا في نجاح العملية‬
‫ُ‬
‫الديدكتيكية ‪ ،‬بعدما أن أشبع السلوك اللفظي درسا وتمحيصا من قبل كثير من الباحثين‪،‬‬
‫أمثال‪ :‬فالندرس ( ‪ ،)Flanders‬وليپيت( ‪ ،) Lippit‬ووايت( ‪ ،) White‬إلخ‪...‬‬

‫وقد أجريت عدة تجارب في الغرب من أجل معرفة ثار التواصل غير اللفظي‪ ،‬واألدوار التي‬
‫يقوم بها‪ ،‬والوسائل التي يمكن أن تقننه‪ ،‬وكانت هذه التجارب تجري خارج امليدان‬
‫البيداغوجي ‪ .‬أي‪ :‬في البيولوجيا‪ ،‬واإلثنولوجيا ‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬وعلم االجتماع‪ .‬وأخيرا‪ ،‬تم‬
‫نقله إلى البيداغوجيا من أجل دراسة التفاعالت اإلنسانية داخل القسم‪ .‬ومن أهم‬
‫الباحثين الذين خصصوا للتواصل غير اللفظي مكانة مهمة في أبحا هم جيلبير دوالندشير(‬
‫‪ )Gilbert de Landsheere‬وأندري ديلشاملر( ‪( André Del Chambre‬املدرسين بجامعة‬

‫‪278 - IBID.P:60.‬‬

‫‪338‬‬
‫لييظ ببسجيكا‪ ،‬في كتابهما القيم( السلوكات ي ر اللفظية للمدرس‪Les comportements /‬‬
‫‪.279)non verbaux de l'enseignant‬‬

‫ويتجلى التواصل غير اللفظي‪ ،‬داخل الفصل الدراهاي‪ ،‬في توظيف الحركات املعلرة‪ ،‬وتحويل‬
‫فيه األستاذ املادة الدراسية‪ ،‬ويشاركه في ذلك التلميذ‬ ‫القسم إلى محترف مسرحي ي خ‬
‫من أجل إثراء العملية الديدكتيكية‪.‬‬

‫ويزاوج املدرس‪ ،‬داخل الفصل الدراهاي‪ ،‬بين التواصل اللفظي والتواصل غير اللفظي‬
‫بتشغيل حركات تعبيرية‪ ،‬وحركات إيقاعية‪ ،‬وحركات عالئقية ( حركات التنظيم‪ ،‬وحركات‬
‫التقويم‪ ،‬وحركات الجسم العامة)‪ ،‬والحركات الزائدة‪ ،‬والحركات الخارجية(التنقالت) ‪،‬‬
‫املادة‪،‬‬ ‫والحركات الديدكتيكية‪ .‬ويستعين املدرس أيضا بامليم والبانتوميم في ت خي‬
‫وتمثيل املواقف الدرامية ‪.‬‬

‫‪279‬‬ ‫‪- Gilbert de Landsheere, André Del chambre: les comportements non verbaux de‬‬
‫‪l'enseignent. 2. Fernand Nathan, ed. Labor. Bruxelles, 1974.‬‬
‫‪339‬‬
‫وساإلوافة إلى الحركات‪ ،‬يستغل املدرس املكان والزمان في عملية التدريس‪ .‬أي‪ :‬يشغل‬
‫التمووعية( ‪ ) Proxémic‬في كل إمكاناتها العالئقية ‪ ،‬ويتحكم في املسافة التواصلية بينه‬
‫وسين التلميذ قرسا وبعدا‪ .‬وقد تكون هذه املسافة التواصلية مسافة ود وحب وتقريب‪ ،‬أو‬
‫مسافة نفور وإقصاء وتغريب‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬ينبغي للمدرس أن يستغل جيدا حركات‬
‫النظر والجسد أو ما يسمى باللغة الكينيسية ألداء درسه أحسن أداء ترسوي وديدكتيكي‬
‫الكوريغرافي الجسدي‪.‬‬ ‫من خالل الجمع بين التلفء اللغوي والت خي‬

‫ويسمى هذا التواصل املكاني بالتقريبية (‪ ،)Proxémique‬وقد نظر له هول( ‪ ) E.T.Hall‬في‬


‫كتابه( الكالم الصامت‪ )The Silent Language /‬حيث قدم الكاتب فيه املسافات‬
‫الداللية الثمانية بين متحدثين أمريكيين‪:280‬‬

‫سري جدا‬ ‫همس خفيف‬ ‫‪ -3‬قريب جدا‬

‫(من‪ 3‬إلى ‪ 22‬سنتم)‬

‫حميمي‬ ‫همس مسموع‬ ‫‪ -2‬قريب‬

‫(من ‪ 22‬إلى ‪ 62‬سنتم)‬

‫في حميمي‬ ‫منخفض‬ ‫صوت‬ ‫‪ -6‬مجاور‬


‫الداخل‪ /‬صوت مرتفع في‬
‫(من‪ 62‬إلى ‪ 32‬سنتم)‬
‫الخارج‬

‫صوت منخفض‪ ،‬ججم موووع شخصاي‬ ‫‪ -2‬حيادي‬

‫‪ - 280‬انظر‪ :‬بيير جيرو‪ :‬علم اإلشارة ‪/‬السيميولوجيا‪ ،‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬منذر عيا(اي‪ ،‬طالس للدراسات والترجمة والنشر‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬طبعة سنة ‪3662‬م‪ ،‬ص‪.323-323:‬‬
‫‪340‬‬
‫وعيف‬ ‫(من ‪ 32‬إلى ‪ 62‬سنتم)‬

‫موووع غير شخصاي‬ ‫صوت مرتفع‬ ‫‪ -3‬حيادي‬

‫(من‪ 3.62‬إلى ‪3.32‬م)‬

‫صوت مرتفع مفخم قليال أخبار عمومية موجهة‬ ‫‪ -3‬مسافة عمومية‬


‫من‬ ‫مسموعة‬ ‫لتكون‬
‫(من‪ 3.32‬إلى ‪2.22‬م)‬
‫أشخاص‬

‫متكلما إلى مجموعة‬ ‫صوت عال‬ ‫‪ -3‬ع رالغرفة‬

‫(من‪ 2.22‬إلى ‪3‬م)‬

‫تحيات من بعيد‪ ،‬رحيل‪،‬‬ ‫صوت عال‬ ‫‪ -0‬دوح حدود‬


‫الخ‬
‫(من‪ 3‬إلى ‪62‬م)‬

‫وتتحدد املسافة املكانية انطالقا من خاصية السمع‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملسافة اصطالحية‬
‫واعتباطية ألنها تتغير من شعب إلى خر‪ ،‬ومن ثقافة إلى أخرى‪" .‬فاألنكلوسكسونيون‬
‫يحافظون على مسافة معينة بين املتحدثين‪ .‬وعلى العكس من ذلك‪ ،‬يميل الالتينيون إلى‬
‫التقليل منها‪ .‬وينتظ عن هذا أن األنكلوسكسون يشعرون بضيق وانزعاج من الالتينيين‪،‬‬
‫بينما يراهم هؤالء باردين ومتحفظين‪ .‬وهذا ماذكره هال‪":‬إن املسافة في أمريكا الالتينية‬
‫أصغر منها في الواليات املتحدة‪ .‬وإن الناس‪ ،‬في الواقع‪ ،‬ال يستطيعون الكالم براحة إال علر‬
‫مسافة قريبة جدا‪ ،‬الشايء الذي يثير في أمريكا الشمالية مشاعر جنسية أو عدائية‪.‬‬
‫والنتيجة أنهم كلما اقتربوا ابتعدنا‪ .‬وسناء على هذا فإنهم يظنون أننا متمجرفون‪ ،‬وساردون‪،‬‬

‫‪341‬‬
‫ومحافظون‪ ،‬وغير وديين‪ .‬بينما نتهمهم نحن دائما بأنهم ينفخون في وجوهنا‪ ،‬ويحاصروننا‪،‬‬
‫ويرشون من لعابهم على وجوهنا أثناء حديثهم‪.‬‬

‫إن األمريكيين الذين عاشوا بعضا من الوقت في أمريكا الالتينية دون أن يدركوا معنى هذه‬
‫املسافات يستخدمون حيال أخرى‪ .‬إنهم يتحصنون خلف مكاتبهم‪ ،‬ويستعملون الكراهاي‬
‫والطاوالت لكي يبقوا األمريكي الالتيني واقفا على مسافة يعتلرونها مريحة‪.‬‬

‫والنتيجة‪ ،‬فإن األمريكي الالتيني يستطيع أن يذهب إلى حد يصعد فيه الحاجز ليصل إلى‬
‫مسافة حيث يتحدث براحة"‪281.‬‬

‫وإذا كان التواصل اللغوي اللفظي هو املهيمن داخل مؤسساتنا التعليمية سيما في املنا ا‬
‫التربوية التلقينية التي تتمركز حول املدرس باعتباره صاحب السلطة واملعرفة في الحقل‬
‫الديدكتيكي‪ ،‬فقد أصبح للتواصل غير اللفظي أهمية كلرى في الطرائق التربوية الفعالة‪،‬‬
‫وفي البيداغوجيا اإلبداعية‪ ،‬بعد تطور العلوم اللسانية والسيميائية والنفسية واالجتماعية‬
‫واإلثنولوجية‪.‬‬

‫وقد صار الخطاب البيداغوجي املعاصر يهتم بالسلوكات غير اللفظية لكونها ذات أهمية‬
‫كلرى اليمكن االنتقاص من قيمتها في املسار التواصلي معرفيا ووجدانيا ‪ ،‬و ي تساعد‬
‫السلوكيات اللفظية على أداء أدوارها كاملة‪ ،‬وتوويح إرسالياتها الشفوية حيث تخدمها‬
‫مباشرة بتجسيدها وتفسيرها وتنغيمها والتركيز علوها‪ .‬لذا‪ ،‬يساعد أثرها‪ ،‬في كثير من‬
‫األحيان ‪ ،‬على فهم جيد في إطار العملية الديدكتيكية‪ .‬ويختلف هذا األثر حسب‬
‫املعرفية والوجدانية لنفراد‪ .‬وفي كثير من األحيان‪ ،‬نجد السلوكيات غير‬ ‫الخصائ‬
‫اللفظية دواال مستقلة‪ ،‬وخصوصا أنها تمثل ‪ ،‬بطريقة مباشرة أو علر اصطالح ثقافي‪،‬‬
‫والحاالت‪.‬‬ ‫األشكال والحركات واألفعال والخصائ‬

‫‪ - 281‬انظر‪ :‬بيير جيرو‪ :‬علم اإلشارة ‪/‬السيميولوجيا‪ ،‬ص‪.320-323:‬‬


‫‪342‬‬
‫وتنظم السلوكيات غير اللفظية ‪ ،‬داخل الفصل الدراهاي‪ ،‬كثيرا من األوامر‪ ،‬واملمنوعات‪،‬‬
‫والنفي‪ ،‬والرفض‪ ،‬والحث‪ ،‬واإلغراء‪ ،‬واالكتساب‪ .‬وتعلر أيضا عن االنفعاالت والهي ات‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬ينبغي أن تكون السلوكيات غير اللفظية أفعاال بيداغوجية وظيفية تخدم‬
‫العملية الديدكتيكية بمدارسنا التربوية معرفيا ووجدانيا ‪ ،‬مثل‪ :‬حركات التنظيم‪ ،‬وحركات‬
‫التحفيز‪ ،‬وحركات التجسيد‪ ،‬والحركات الديدكتيكية املصاحبة للشرح والتفسير‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬طلية التقويم‪:282‬‬


‫يعد التقويم من أهم عناصر املنظومة البيداغوجية‪ ،‬ومن املرتكزات األساسية في العملية‬
‫التعليمية ‪-‬التعلمية ملا له من عالقة وثيقة باألهداف والكفايات املسطرة‪.‬عالوة على كونه‬
‫مواطن القوة والضعف في نظامنا البيداغوجي‪ ،‬وقياس تجارسنا‬ ‫املعيار الحقيقي لت خي‬
‫اإلصالحية في مجال التربية والتعليم‪ .‬ويضاف إلى ذلك أن التقويم هو املعيار الحقيقي‬
‫للتثبت من نماء الكفايات األساسية أو الكفايات املستعروة بل يمكن القول‪ :‬إن التقويم‬
‫هو لية إجرائية فاعلة في املجال البيداغوجي ألنه يقوم بوظائف عدة‪ ،‬مثل‪ :‬التقدير‪،‬‬
‫والت خي ‪ ،‬واالستشراف‪ ،‬واالنتقاء االجتماعي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ال يمكن للعملية الديدكتيكية‬
‫أن تنفصل فوها املدخالت عن العمليات واملخرجات‪ ،‬فالعالقة متينة بين التمفصالت‬
‫الثالثة‪ .‬بمعنى أن األهداف والكفايات اليمكن التحقق منها باعتبارها مدخالت إال علر‬
‫املخرجات التقويمية‪ ،‬مرورا بالعمليات التي تتمثل في املحتويات‪ ،‬والطرائق البيداغوجية‪،‬‬
‫والوسائل الديدكتيكية‪.‬‬

‫‪‬مفه ييوم التقوي ييم‪:‬‬

‫‪ -282‬أعدنا الحديث عن التقويم مرة أخرى ‪ ،‬وساألسلوب نفسه‪ ،‬ألسباب منهجية ليس إال ‪ ،‬ونحن نتفهم جيدا هذا‬
‫التكرار‪.‬‬
‫‪343‬‬
‫يعد التقويم خر عملية في مسار الدرس الديدكتيكي ‪ ،‬ويشمل القياس‪،‬‬
‫والفيدباك(التغذية الراجعة)‪ ،‬واملعالجة‪ ،‬والدعم‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالتقويم والتقييم وجهان‬
‫لعملة واحدة‪ ،‬لكن التقويم أعم من التقييم والقياس ألن التقويم هو الحكم على عمل أو‬
‫أو (ايء أو حدث أو مهمة منجزة بإصدار حكم قيمة‪ .‬أي‪ :‬إن التقويم هو تثمين‬ ‫شخ‬
‫املرصود بعد إخضاعه لطرائق ومعايير دوسيمولوجية وقياسية‬ ‫وتقييم املنجز أو ال خ‬
‫( األس لة‪ ،‬واالختبارات‪ ،‬والروائز‪ ،‬والفرو ‪ ،.‬واالمتحانات‪ .)...‬أما التقييم‪ ،‬فيحيل على‬
‫القيمة أو التقدير سواء العددي منه أم املعنوي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يكون القياس أول خطوة يبدأ بها‬
‫املقوم لسحكم على املنجز مادام خاوعا للتأشير الكمي والكيفي‪ .‬وإذا كان التقويم بمعنى‬
‫التقدير العددي واملعنوي اعتمادا على معايير قياسية محددة‪ ،‬فإنه كذلك سيرورة نسقية‬
‫تهدف إلى تحديد مدى تحقق األهداف والكفايات لدى املتعلم علر العملية الديدكتيكية‪.‬‬

‫وينصب التقويم على مدى تحكم املتعلم في مهارة ما‪ ،‬وتحديد درجة التحكم واإلتقان‪.‬‬
‫وليس املهم هو تقويم املعارف‪ ،‬بل تقويم الكفايات والقدرات املستضمرة لدى املتعلم‪.‬‬
‫بمعنى التركيز على الكيف وليس الكم‪ .‬أي‪ :‬تقويم مدى تحكم املتعلم في مهارات اكتساب‬
‫املوارد‪ ،‬وحسن توظيفها‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالهدف من بيداغوجيا الكفايات هو إعطاء معنى ما‬
‫للتعلمات بتحويل املضامين واملحتويات إلى ووعيات ومشاكل مستعصية‪ ،‬ومعقدة‪،‬‬
‫ومتنوعة‪ ،‬ومركبة‪ ،‬وجديدة‪.‬‬

‫‪‬مرتك يزات التقويم‪:‬‬

‫ينبني التقويم على طرح مجموعة من األس لة الجوهرية‪ ،‬مثل‪ :‬ملاذا نقوم؟ وماذا نقوم؟ وملن‬
‫نقوم؟ ومن يقوم؟ وماذا نقوم؟ ومتى نقوم؟ وأين نقوم؟‬

‫ويعني هذا أن هذه األس لة تحيل على املقوم (املدرس‪ ،‬واملشرف‪ ،‬والتلميذ‪ ،‬واملكون‪،‬‬
‫واملتعلم‪ ،‬والتكوين‪ ،)...‬أو على العمل املقوم (إنجازات املتعلم الكتابية والشفوية‪،‬‬

‫‪344‬‬
‫واملعارف‪ ،‬واملهارات‪ ،‬والكفايات النوعية واملستعروة‪ ،)...‬وتحديد الهدف من التقويم‬
‫(تحديد أهداف إجرائية أو كفايات نمائية )‪ ،‬ورصد طبيعة التقويم(تقويم ذاتي أو تقويم‬
‫موووعي‪ ،‬فرو ‪ ،‬واختبارات‪ ،‬وروائز‪ ،)...‬وتحديد زمان التقويم ومكانه‪ ،‬ثم تبيان ملن يتم‬
‫هذا التقويم (القطاع املسؤول عن التربية والتعليم‪ ،‬مستقبل التلميذ‪ ،‬التكوين‪ ،‬املتعلم‪)...‬‬

‫‪‬وظا ــف التقويــم‪:‬‬

‫من املعروف أن للتقويم عدة وظائف أساسية‪ ،‬منها‪ :‬الوظيفة االجتماعية التي تتمثل في‬
‫معرفة مدى صالحية النظام التربوي ملسايرة التطور االجتماعي‪ ،‬ومدى قدرة املدرسة على‬
‫تغيير املجتمع أو التكيف معه ‪ ،‬ومدى استعدادها إلعداد املتعلم اجتماعيا‪ ،‬وتأهيله نظريا‬
‫وتطبيقيا لخدمة املجتمع‪ ،‬والسير به نحو فاق زاهرة‪.‬‬

‫أما الوظيفة الايدايوجية‪ ،‬فتتجلى في تقويم العملية التعليمية‪-‬التعلمية‪ ،‬والتحقق من‬


‫تحقق األهداف املسطرة في شكل سلوكات وكفايات‪ ،‬واختبار الطرائق البيداغوجية‬
‫والوسائل الديدكتيكية واإلستراتيجيات املتبعة في إلقاء الدروس‪ ،‬وتحليل السياقات‬
‫االجتماعية والنفسية للمتعلمين بغية معرفة مواطن الخلل واإلخفاق عن طريق املعالجة‬
‫والفيدباك‪ .‬ويعني هذا أن التقويم إجراء ت خيصاي ملعرفة مستوى املتعلمين واألساتذة معا‪.‬‬

‫وهناك أيضا الوظيفة الؤسساتية التي تحيلنا على سلطة املدرس حين يشهرها في وجه‬
‫التلميذ‪ ،‬أو الخضوع للنظام املؤسسساتي الترات ي والطبقي‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول بلال(‬
‫‪:)PELPEL‬‬

‫"إن هدف الوظيفة االجتماعية هو في األخير توزيع األفراد حسب أذواقهم وقدراتهم على‬
‫مجاالت مختلفة من الحياة االجتماعية واملهنية‪ ،‬بينما نجد العكس في التقييم الايدايوفي‬
‫حيث إن الهدف هو خلق مجموعة متجانسة‪ ،‬ألن املشروع البيداغوجي للمدرس اليمكن أن‬

‫‪345‬‬
‫يهدف إال إلى إنجاح الجميع‪ ،‬أو على األقل األغلبية‪ .‬أما بالنسبة للوظيفة الؤسسية والتي‬
‫تعتلر وسيطة بين الوظيفتين‪ :‬االجتماعية والبيداغوجية فهدفها اليمكن أن يكون إال‬
‫متناقضا‪ :‬إنه في الوقت نفسه االرتقاء والتصفية‪ .‬فقرار التصفية واالرتقاء متعلقان بنوع‬
‫السنة الدراسية‪ :‬في بعض األحيان تحدد مسبقا نسبة النجاح ملستوى معين‪ .‬كما أن لنفس‬
‫القرارين عالقة باملؤسسات‪ ،‬فبعضها أكثر تسامحا‪ ،‬والبعض اآلخر أكثر تشددا‪ .‬أي‪ :‬إنه‬
‫أكثر تصفية"‪283.‬‬

‫وتكمن أهمية التقويم في كونه فعال طبيعيا وعقالنيا الختبار منا ا التعليم‪ ،‬والتأكد من‬
‫األهداف التي تم تحقيقها و لم يتم تحقيقها عن طريق القياس والدوسيمولوجيا (‬
‫‪ .)Docimologie‬كما أن التقويم واجب وطني من خالله نتأكد من مدى نجاعة نظامنا‬
‫التربوي الوطني‪ ،‬ومدى قدرة املدرسة على املواكبة‪ ،‬ونجاعتها في تأهيل املتعلمين لسحاور‬
‫واملستقبل معا‪ .‬كما أنه واجب اجتماعي ملعرفة الدور الذي يقوم به هذا النظام التربوي في‬
‫تنمية املجتمع وتطويره‪ .‬فضال عن كونه أداة في عملية اإلصالح والتأطير والتكوين‪ .‬وسصفة‬
‫والكمال لدى املدرسين واملتعلمين‬ ‫مواطن النق‬ ‫عامة‪ ،‬يساعد التقويم على ت خي‬
‫واإلداريين واملشرفين واملسؤولين عن املنظومة التربوية والتعليمية على حد سواء قصد‬
‫اتخاذ القرارات الصائبة من أجل اإلصالح‪ ،‬وإيجاد الحلول املناسبة لكل التعثرات ‪ .‬كما‬
‫يهدف التقويم إلى اصطفاء النخبة املجتمعية وانتقائها‪ ،‬والتمييز بين الناعحين والفاشلين‬
‫اجتماعيا‪.‬‬

‫وللتقويم كذلك أهداف ووظائف أخرى‪ ،‬يمكن حصرها في الالئحة التالية من األغرا‬
‫واملقاصد‪:‬‬

‫‪ ‬يهدف التقويم إلى تحديد تقدم املستوى التعلمي لدى التلميذ أو الطالب‪.‬‬

‫‪283‬‬ ‫‪-P . PELPEL : se former pour enseigner, Bordas, Paris, 1966, p : 105.‬‬
‫‪346‬‬
‫مواطن القوة والضعف في العملية التعليمية‪ -‬التعلمية بصفة خاصة‪،‬‬ ‫‪ ‬ت خي‬
‫واملنظومة التربوية بصفة عامة‪.‬‬

‫‪ ‬تقويم طرائق التدريس من جهة‪ ،‬وتتبع العملية الديداكتيكية من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪ ‬التثبت من مدى تحقق األهداف املعلنة في مدخالت الدرس‪.‬‬

‫‪ ‬انتقاء املتعلمين األكفاء املؤهلين‪ ،‬وتمييزهم عن غير األكفاء‪.‬‬

‫‪ ‬مساعدة املتعلم على التقويم الذاتي‪ ،‬وتصحيح األخطاء املرتكبة بجردها وتصنيفها‬
‫وتصحيحها ومعالجتها‪.‬‬

‫‪ ‬مراقبة املتعلم مراقبة متدرجة علر مساره الدراهاي‪.‬‬

‫‪ ‬استكشاف طبيعة القدرات لدى املتعلم ‪ ،‬واستجالء طبيعة املواهب والذكاءات‬


‫املوجودة لديه‪.‬‬

‫‪ ‬يسعف املقوم على التغذية الراجعة‪ ،‬وتمثل املعالجة الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫مستوى املتعلمين قبليا‪ ،‬وتكوينيا ‪ ،‬ونهائيا‪.‬‬ ‫‪ ‬ت خي‬

‫‪ ‬التقويم أداة مهمة في االنتقاء والتكوين وتنمية الكفاءات اإلنمائية األساسية علر‬
‫مجموعة من املجزوءات اإلجبارية‪ ،‬والداعمة‪ ،‬والتكميلية‪.‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬للتقويم أربع وظائف أساسية كلرى ي‪ :‬الوظيفة الت خيصية (تبيان مواطن‬
‫القوة والضعف)‪ ،‬والوظيفة التحكيمية (إصدار أحكم تقديرية)‪ ،‬والوظيفة االستشرافية‬
‫(تحديد مستقبل املتعلم وطبيعة التوجيه)‪ ،‬والوظيفة اإلشهادية (الشهادة والدبلوم)‪..‬‬

‫‪ ‬مراح ــل عملي ــة التقوي ــم‪:‬‬

‫‪347‬‬
‫تمر عملية التقويم التربوي والديداكتيكي – كما هو معروف‪ -‬علر ثالث مراحل أساسية ي‪:‬‬

‫مضمونه‪ ،‬واختيار نوع األس لة‪،‬‬ ‫‪ ‬تحض ر االختاار‪ :‬عن طريق تحديد هدفه‪ ،‬وعر‬
‫وتبيان معايير التصحيح وسلم التنقي ‪.‬‬

‫‪ ‬إجراء االختاار‪ :‬ينجز املمتحن االختبار الذي قد يكون كتابيا أو شفويا في زمان‬
‫ومكان معينين‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬تصح‪ ،‬اإلجابات في ووء مقاييس معيارية مضبوطة‪.‬‬

‫‪ ‬استعمال االختاار‪ :‬بتفسير نتائجه‪ ،‬وأخذ القرارات الالزمة‪.‬‬

‫أما الجوانب التنظيمية لالمتحانات املعيارية ( ما يسمى بالتقويم الخارجي)‪ ،‬فتعهد إلى لجان‬
‫مختصة إما وطنية وإما جهوية وإما إقليمية لتعد املوووعات الخاصة بكل امتحان ‪ .‬ويتم‬
‫إعداد االمتحان انطالقا من اقتراحات األساتذة باحترام التعليمات الواردة في املذكرة‬
‫ُ‬
‫الوزارية‪ .‬وتجرى االمتحانات في املؤسسات التعليمية‪ ،‬وتسهر علوها أطر ترسوية وإدارية‬
‫ومشرفون إلوفاء املصداقية على الشهادات والدبلومات بغية توفير تكافؤ الفرص بين‬
‫التالميذ‪.‬‬

‫وثمة عمليات مصاحبة إلجراء االختبارات داخل مركز التقويم أو االمتحان كتيهيء القاعات‬
‫بالعدد الكافي‪ ،‬وووع لوائح املترشحين انطالقا من املحاور الجماعية‪ ،‬وتوزيع املترشحين‬
‫على القاعات بالتنسيق مع األكاديمية‪،‬ووب الغياب‪ ،‬وإعداد لوائح املراقبين والقاعات‬
‫املسندة إلوهم( مراقبان في كل قاعة‪ -‬مثال‪ ،)-‬وإعداد أوراق التحرير والتسويد بالنسبة‬
‫لجميع االمتحانات‪ ،‬وفتح األظرفة الخاصة باملواويع أمام مرأى التالميذ واملراقبين‬
‫واملشرفين‪ ،‬والحرص على احترام مواقيت االمتحان‪ .‬وتتم املراقبة داخل القاعة من خالل‬
‫التأكد من هوية التالميذ‪ ،‬وتجريدهم من وثائقهم‪ ،‬وإعطائهم أوراق االمتحان والتسويد‪،‬‬
‫والتثبت من توقيع املترشحين بعد تسلم أوراق االمتحان‪ ،‬ووب الغياب في أوراق صفراء‬

‫‪348‬‬
‫في محضر الغ ‪ ،‬وإرجاع األوراق إلى إدارة‬ ‫حاالت الغ‬ ‫مخصصة لذلك‪ ،‬ووب‬
‫ُ‬
‫املؤسسة‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬ترجع إلى اإلدارة اإلقليمية والجهوية‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬يعتلر التصحيح إجراء ترسويا فاعال في عملية التقويم والتقييم‬
‫والقياس على السواء‪ .‬وقد يتم التصحيح من قبل األستاذ شفهيا أو كتابيا سواء أكان ذلك‬
‫في مجموعة كبيرة أم صغيرة‪ .‬كما يتم من قبل املتعلم ذاتيا أو من قبل أقرانه‪.‬‬

‫ومن مواصفات التصحيح أن يكون واضحا ومنتظما متتبعا ألعمال التلميذ‪ ،‬ومفردنا يحترم‬
‫شخصية التلميذ‪ ،‬وإيجابيا يعترف بعمل التلميذ ومجهوده كيفما كان ناقصا‪ ،‬وينبغي أن‬
‫يكون ملررا تلريرا ترسويا كما وكيفا‪ .‬وتتم عملية التصحيح بعد أن توزع األكاديمية أظرفة‬
‫االمتحانات على مختلف املؤسسات لترجعها في أوقات محددة‪ .‬وتجري عملية التصحيح‬
‫داخل املؤسسة حيث يتم التأكد من عدد األوراق املوجودة في الظرف قبل عملية‬
‫التصحيح وبعدها‪ ،‬والتأكد من النقطة النهائية‪ .‬وتستلزم كتابة النقطة بالعدد والحروف‬
‫مع التوقيع في أثناء الوقوع في الخطأ أو السهو‪ ،‬مع الحرص التام على تطابق النقطة على‬
‫الورقة مع النقطة املدونة في املحضر الجماعي‪ ،‬واملشاركة في عملية املداوالت‪ .‬وبعد ذلك‪،‬‬
‫ُتستثمر نتائظ االمتحانات املوحدة أو املعيارية في اتخاذ القرارات الالزمة على مستوى‬
‫املؤسسة‪ ،‬واملستوى اإلقليمي‪ ،‬واملستوى الجهوي‪ ،‬واملستوى الوطني‪ ،‬قصد ت خي‬
‫واإليجابيات‪ ،‬وإبراز مواطن الجودة والخلل ‪،‬‬ ‫مواطن الضعف والكمال‪ ،‬وتحديد النواق‬
‫والقصد من ذلك هو تحسين مردودية النظام التعليمي‪.‬‬

‫‪ ‬أنواع االمتحانات‪:‬‬

‫يمكن الحديث عن أنواع عدة من االمتحانات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬حسب طبيعتها‪:‬امتحانات كتابية وامتحانات شفوية‪.‬‬

‫‪349‬‬
‫‪ ‬حسب التصحيح‪ :‬امتحانات ذاتية وامتحانات موووعية‪.‬‬

‫‪‬حسب التوظيف واالستعمال‪ :‬امتحانات معيارية (امتحانات وطنية) وامتحانات غير‬


‫معيارية ( امتحانات مدرسية داخلية)‪.‬‬

‫وهناك أيضا امتحانات التلريز ملعرفة مدى تحقق األهداف الكفائية لدى املتعلم أو‬
‫لتبيان‬ ‫الطالب‪ ،‬وامتحانات االنتقاء الصطفاء متعلمين معينين ‪ ،‬وامتحانات الت خي‬
‫مواطن القوة والضعف‪ ،‬وامتحانات استشرافية لتبيان مسار املتعلم في املستقبل من‬
‫حيث نجاحه وإخفاقه‪.‬‬

‫من هذه االمتحانات هو تقويم املتعلم إيجابا أو سلبا‪ ،‬وتوفير للموجه معايير‬ ‫والغر‬
‫التوجيه امل ي أو الدراهاي‪ ،‬وتقديم شهادات صادقة لآلباء واملجتمع املدني حول مردودية‬
‫النظام التربوي من حيث التأهيل والكفاءات بمنح املتعلم شهادة أو دبلوما لينال بها مكانة‬
‫اجتماعية أو منصبا أو وظيفة ما‪.‬‬

‫‪‬أن ــواع التقوي ــم‪:‬‬

‫ينقسم التقويم التربوي والديدكتيكي إلى أقسام عدة‪ ،‬منها‪ :‬التقويم القبلي أو الت خيصاي‪،‬‬
‫والتقويم التكويني‪ ،‬والتقويم اإلجمالي‪ ،‬والتقويم اإلشهادي‪ ،‬والتقويم الكفائي واإلدماجي‪،‬‬
‫والتقويم الذاتي‪ ،‬والتقويم اإلعالمي‪ ،‬والتقويم علر املعالجة‪ ،‬والتقويم الدوسيمولوجي‪،‬‬
‫وذلك كله على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ ‬التقويم التشخيص ي أو القاكي أو التمهيدي‪:‬‬

‫يقصد بالتقويم القبلي ذلك التقويم الذي ينصب على املكتسبات القديمة في إطار‬
‫املراجعة‪ ،‬واالستكشاف‪ ،‬واالستثمار ‪ .‬كما أنه تقويم يحفز املتعلم على طرح املوووع‬
‫واستكشافه‪ ،‬أو هو تقويم ت خيصاي يحاول معرفة مواطن القوة والضعف لدى املتعلم‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫وسالتالي‪ ،‬له وظيفة إرشادية‪ ،‬وتوجوهية‪ ،‬وت خيصية‪ .‬وقد يكون التقويم القبلي أو التمهيدي‬
‫بمثابة ووعية استكشافية‪ ،‬يراد بها إثارة انتباه املتعلم إلى موووع جديد قد يكون فعال‬
‫محور الدرس الكفائي‪.‬‬
‫ُ‬
‫وسناء على هذا التقويم‪ ،‬تتحدد الكفايات والقدرات املستهدفة‪ ،‬وتنتق الووعيات‬
‫واملحتويات واملعارف واملوارد ‪ .‬كما تحدد الطرائق البيداغوجية‪ ،‬والوسائل الديدكتيكية‬
‫الوظيفية‪ ،‬والتقويم املناسب لقياس الكفاية واختبارها‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يكون التقويم القبلي أو‬
‫االستكشافي أو الت خيصاي في بداية السنة أو بداية الحصة الدراسية‪ ،‬أو حين تحضير‬
‫املقطع األولي أو التمهيدي من الدرس‪.‬‬

‫‪ ‬التقوي ــم التكوينــي‪:‬‬

‫يكون التقويم التكويني في وس الدرس‪ ،‬أو في أثناء بناء العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪ ،‬أو في‬
‫أثناء التنسيق بين أنشطة املتعلم واملعلم‪ ،‬ويهدف هذا التقويم إلى التثبت من احة‬
‫الحلول التي يقترحها املتعلم‪ ،‬و كيفية تعامله مع الووعيات‪ .‬و من ثم‪ ،‬يس ى هذا التقويم‬
‫إلى مساعدة املتعلم على التقويم الذاتي ملعرفة األخطاء املرتكبة‪ .‬وينصب هذا التقويم على‬
‫عالقة املدرس باملتعلم من خالل أنشطة الووعيات‪ .‬وغالبا‪ ،‬ما يكون التقويم ذاتيا بالفعل‪.‬‬

‫ويستند التقويم التكويني‪ -‬الذي يتخلل العملية التعليمية‪-‬التعلمية بكل مراحلها‪ -‬إلى‬
‫التنظيم التربوي املنهجي‪ ،‬والتعرف إلى املساعدات الضرورية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تتمثل وظيفة التقويم التكويني في وظيفة تثبيت الكفاية وتعزيزها ‪ ،‬وسناء الدرس‬
‫كفائيا‪ ،‬وترسيق الووعيات بشكل إيجابي‪ ،‬وتكوين املتعلم تكوينا أدائيا وإنجازيا‪ ،‬وتطوير‬
‫قدراته النمائية واملعرفية في أثناء مواجهته للووعية املستهدفة‪ .‬وسطبيعة الحال‪ ،‬تتزامن‬
‫هذه الوظيفة مع مرحلة الدرس الوسطي أو املقطع الرئيس‪.‬‬

‫‪ ‬التقويم اإلجمالــي‪:‬‬
‫‪351‬‬
‫يكون التقويم اإلجمالي أو النهائي في خر الحصة الدراسية بعد االنتهاء من املقطع الوسطي‬
‫الذي يتخلل الدرس‪ ،‬ويكون هذا التقويم في شكل خالصات عامة أو تطبيقات إدماجية‬
‫قصيرة أو طويلة‪ ،‬أو تمارين فصلية و منزلية ‪ .‬ويعني هذا أن التقويم اإلجمالي يرتب بمدة‬
‫أو تجرسة أو درس‪ .‬ويهدف إلى قياس املعارف واملهارات ‪،‬‬ ‫معينة بعد االنتهاء من فر‬
‫‪.‬والتثبت من مدى تحقق الهدف أو الكفاية في خر الدرس‪.‬‬

‫ُويستحسن أن تجمع كل التمارين التطبيقية والووعيات اإلدماجية في مرتب املتعلم الذي‬


‫يسمى امللف التراكمي أو (‪ )Port-folio‬الذي يحدد مستوى املتعلم من خالل تتبع إنجازاته‬
‫علر الفترة الدراسية ‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬ينبغي أن يركز التقويم اإلجمالي الهادف على كيفية اكتساب املوارد واملعارف‬
‫واملهارات في إطار ما يسمى بامليتامعرفي‪ ،‬وقياس القدرات الكفائية‪ ،‬واالبتعاد عن قياس‬
‫املعارف واملعلومات املخزنة في الذاكرة‪.‬‬

‫‪ ‬التقويم الستمر‪:‬‬

‫هو تقويم مستمر ومتواصل هدفه قياس تعلمات املتعلم وخلراته علر مختلف مراحل‬
‫واألنشطة الكتابية والشفوية‪،‬‬ ‫الدرس أو التعلم‪ .‬ويتم التقويم املستمر علر الفرو‬
‫واألنشطة املوازية‪ ،‬واألعمال املنجزة‪ ،‬واملشاريع البيداغوجية املتنوعة‪...‬‬

‫وعليه‪ ،‬فالتقويم املستمر هو تقويم للمتعلم معرفيا ووجدانيا وحركيا‪ ،‬وتتبعه في كل‬
‫مراحل التعلم والتكوين التي تؤدي إلى نقطة نهائية‪ ،‬تتمظهر ‪ ،‬بكل جالء‪ ،‬في طابعها‬
‫العددي( النقطة) والكيفي ( التقدير القيمي)‪ .‬ويدخل في هذا التقويم نتائظ الفرو‬
‫الكتابية والشفوية‪ ،‬واألنشطة املنجزة في القسم أو األنشطة املنزلية‪ ،‬ومشاركة التلميذ‬
‫داخل القسم‪ ،‬والروائز القياسية‪ ،‬وكذا األحكام الذاتية لنستاذ‪ .‬وتسهم هذه املراقبة‬

‫‪352‬‬
‫املستمرة في مراقبة األستاذ لتلميذه‪ ،‬وتتبع تعلماته‪ ،‬وتقييم خلراته‪ ،‬وتصحيح العمليات‬
‫الديدكتيكية التي ينجزها داخل الفصل الدراهاي مع املتعلمين‪.‬‬

‫ي‪:‬‬ ‫وينبغي أن تراعي في التقويم املستمر مجموعة من املباد‬

‫‪ ‬مادأ االنتظام واالستمرارية‪ :‬الهدف من هذا املبدإ إجراء وقفات تقييمية بعد فترة‬
‫معينة من التدريس والتحصيل ملعرفة مدى تحقق األهداف املسطرة في بداية املنهاج‪.‬‬

‫‪‬مادأ الشمولية‪ :‬أن تشمل جميع وحدات املقرر‪ ،‬و تتناول جميع مراقي الصنافات‬
‫املعرفية ‪ ،‬والوجدانية ‪ ،‬والحركية‪.‬‬

‫‪ ‬مادأ التنو ع‪ :‬أن تكون املراقبة املستمرة متنوعة في أساليب التقويم و ليات القياس‬
‫واالختبار( امتحانات كتابية‪ -‬فرو منزلية‪ -‬أس لة مقالية‪ -‬أس لة ذات أجوسة قصيرة)‪.‬‬

‫‪ ‬مادأ التكوين‪ :‬تهدف هذه املراقبة التقويمية إلى تكوين املتعلم‪ ،‬وتتبع تحصيله‬
‫الدراهاي‪ ،‬ومدى استيعابه لخلرات املقرر‪.‬‬

‫‪‬مادأ تكافؤ الفرص‪ :‬البد أن توفر املراقبة املستمرة الحظوظ نفسها للمتعلمين في‬
‫استعمال الروائز واالمتحانات والفرو نفسها‪....‬‬

‫وإذا أردنا كيفية احتساب املعدل ‪ -‬حسب الدبلومات‪ -‬علر األسالك التعليمية في التعليم‬
‫املغربي‪ -‬مثال‪ ،-‬فإن امتحاح نيل شهادة الدروس االبتدا ية للمترشحين الرسميين يتخذ‬
‫ثالثة مستويات‪:‬‬

‫‪ ‬الر اقاة الستمرة بنساة‪ (٪51‬جميع املواد املمتحن فوها لها معامل واحد)‪.‬‬

‫‪353‬‬
‫‪‬االمتحاح الوحد عكى صعيد الؤسسة بنساة‪ ( ٪25‬جميع املواد املمتحن فوها لها‬
‫معامل واحد‪ ،‬وعددها خمس)‪.‬‬

‫‪‬االمتحاح الوحد اإلقليمي‪ :‬بنساة‪ ( ٪25‬اللغة العرسية والتربية اإلسالمية معاملهما‬


‫معا‪ /6‬اللغة الفرنسية معاملها‪ /2‬الرياويات معاملها ‪.)2‬‬

‫أما بالنسبة المتحان شهادة السل اإلعدادي بالنسبة للمترشحين الرسميين‪ ،‬فالر اقاة‬
‫الستمرة بنساة‪ (٪11‬جميع املواد لها معامل واحد)‪ ،‬واالمتحاح الوحد عكى صعيد‬
‫الؤسسة بنساة ‪ (٪11‬املواد ذات معامل واحد)‪ ،‬واالمتحاح الوحد عكى الصعيد الجهوي‬
‫بنساة ‪ (٪11‬أربع مواد لها معامل ‪ 6‬كاللغة العرسية‪ ،‬والفرنسية‪ ،‬والرياويات‪ ،‬والتربية‬
‫اإلسالمية أما االجتماعيات ‪ ،‬فمعاملها ‪.)3‬‬

‫أما شهادة الاكالوريا األدبية‪ ،‬فيأخذ االمتحاح الجهوي في السنة األولى من سلك البكالوريا‬
‫نساة ‪ ٪25‬إذ يمتحن التلميذ في أربع مواد( التربية اإلسالمية معملها‪، 2‬واللغة الفرنسية‬
‫معاملها‪ ،6‬والعلوم الطبيعية معاملها‪ ،3‬والرياويات معاملها‪ ،)3‬بينما تكون الر اقاة‬
‫الستمرة في السنة الختامية بنساة ‪ ٪25‬في جميع املواد حسب معامالتها الرسمية‪ ،‬ويكون‬
‫االمتحاح الوطني الوحد بنساة‪ ٪51‬في أربع مواد أساسية‪ ،‬و ي‪ :‬اللغة العرسية‪ ،‬والفلسفة‪،‬‬
‫واإلنجليزية‪ ،‬واالجتماعيات‪ ،‬وكل مادة لها معامل(‪.)6‬وما يقال عن الشعبة األدبية‪ ،‬يقال‬
‫كذلك عن شعبة العلوم التجريبية‪ ،‬لكن بمواد مختلفة‪ .‬ففي االمتحاح الجهوي‪ ،‬يمتحن‬
‫التلميذ في خمس مواد‪ ،‬و ي‪ :‬اللغة العرسية‪ ،‬والتربية اإلسالمية‪ ،‬واالجتماعيات‪ ،‬والترجمة‪،‬‬
‫بمعامل‪ 2‬لكل مادة‪ ،‬والفرنسية بمعامل‪ .3‬وفي السنة الختامية‪ ،‬يكون االمتحاح الوطني في‬
‫خمس مواد ي‪ :‬الرياويات‪ ،‬والفيزياء‪ ،‬والطبيعيات‪ ،‬بمعامل‪ 3‬لكل مادة على حدة‪،‬‬
‫والفلسفة واإلنجليزية لكل منهما معامل‪.2‬‬

‫‪354‬‬
‫ويتبين لنا ‪ ،‬من هذا كله‪ ،‬أن االنتقال من قسم إلى خر داخل سلك دراهاي معين يتم علر‬
‫املراقبة املستمرة ‪ ،‬وبعد مداولة مجلس القسم وأيضا من سلك إلى خر بواسطة الدبلوم‪.‬‬
‫االمتحانات بالنسبة للمتعلمين في خر سلك من األسالك التعليمية إلى أربع‬ ‫وقد تم تقلي‬
‫مواد أو خمس‪ .‬ويتخذ االمتحان كذلك تدرجا هرميا‪ ،‬فيكون على صعيد القسم‬
‫واملؤسسة‪ ،‬ثم اإلقليم‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬على املستوى الوطني‪ .‬كما تتغير نسب املراقبة املستمرة‬
‫من نهاية سلك إلى خر من ‪ ٪32‬بالنسبة لشهادة االبتدائي إلى ‪ ٪62‬لشهادة السلك‬
‫اإلعدادي إلى ‪ ٪23‬لشهادة البكالوريا‪ .‬كما تعد نقطة الصفر موجبة للرسوب في االمتحان‬
‫الوطني املوحد‪ ،‬وفي نيل الشهادة االبتدائية واإلعدادية‪.‬‬

‫‪ ‬التقوي ــم اإلعالم ــي‪:‬‬

‫يهدف التقويم اإلعالمي (‪ )INFORMATIVE‬إلى تقويم العملية الديدكتيكية في مختلف‬


‫ُ‬
‫مراحلها الدراسية ومقاطعها التكوينية والبنيوية‪ ،‬كأن نقوم – مثال‪ -‬مرحلة االستكشاف‪،‬‬
‫ومرحلة املقطع الوسطي‪ ،‬ومرحلة االستنتاج النهائي‪ .‬وهدفه الرئيس هو جمع كل املعلومات‬
‫الضرورية حول الفعل الديدكتيكي‪ ،‬وجرد ثوابته ومتغيراته‪ ،‬وتعيين محطاته األساسية‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يسهل عملية التحكم في املسار الديدكتيكي‪ .‬كما يتبنى هذا التقويم مجموعة من‬
‫املنا ا‪ ،‬مثل‪ :‬االستمارة‪ ،‬ومالحظة القسم‪ ،‬والتعليم املصغر‪ ،‬واإلشراف التربوي‪،‬‬
‫واستعمال شبكة فالندرس (‪ )Flandres‬لرصد التفاعالت التربوية والديدكتيكية داخل‬
‫الفصل الدراهاي‪.‬‬

‫‪ ‬التقويــم الكفائي أو اإلدماجــي ‪:‬‬

‫يهدف التقويم الكفائي إلى قياس القدرات الكفائية ملتعلم ما وفق ووعيات معقدة ومركبة‬
‫محددة ‪ .‬وتعمل على تقويم أو تقدير مختلف القدرات لدى املتعلم في أثناء استدماجه‬
‫ملوارده التعلمية بغية حل الووعيات ‪ -‬املشكالت‪ .‬لذا‪ ،‬يسمى هذا التقويم أيضا بالتقويم‬
‫‪355‬‬
‫اإلدماجي‪ .‬ويهدف هذا التقويم إلى تطوير الكفايات النمائية‪ ،‬وقياس قدرات املتعلمين في‬
‫أثناء حلهم للووعيات‪-‬املشكالت‪.‬‬

‫ويستند هذا التقويم إلى مجموعة من املعايير‪ ،‬مثل‪ :‬معيار املالءمة (مالءمة الحل للمشكل‬
‫املوووع)‪ ،‬ومعيار التصحيح( يعني احة األجوسة املقترحة في عالقتها مع الووعية –‬
‫املشكلة‪ .‬أي‪ :‬أن تكون املوارد املوظفة من جمة مع الووعية‪-‬املشكلة‪ ،‬ويكون التصحيح‬
‫واضحا ودقيقا‪ ،‬فيه نوع من العدالة واملصداقية)‪ ،‬معيار اإلتقان أو الكمال‪ .‬بمعنى أن‬
‫يكون حل الووعية مكتمال وشامال لجميع عناصر الووعية‪ -‬املشكلة‪ .‬فضال عن معيار‬
‫األصالة الذي يتمثل في اقتراح أفكار شخصية جديدة لحل الووعية‪-‬املشكلة‪.‬‬

‫الووعيات بالسياق ‪،‬‬ ‫أما عن املباد األساسية لتقويم الكفايات‪ ،‬فتتمثل في تراب‬
‫وتوظيف جميع املعارف واملوارد املستعروة لحل الووعية املشكلة‪ ،‬و االعتماد على‬
‫ووعيات مشكالت أو ووعيات معقدة‪ ،‬ومركبة‪ ،‬وجديدة‪.‬‬

‫وقد يتطلب حل ووعية ما مشاركة ثنائية تجمع املتعلم وزميله في الفصل الدراهاي أو‬
‫متعددة يشارك فوها بعض املتعلمين‪ .‬ويستند التصحيح إلى إستراتيجيات معرفية‬
‫وميتامعرفية لرصد األخطاء ومعالجتها‪.‬‬

‫بيداغوجيا اإلدماج بالبسجيكي روجرز كزافيي ( ‪Xavier‬‬ ‫وللتوويح أكثر ترتب‬


‫‪ ،284)Roegiers‬وتهدف إلى تطوير الكفايات في التعليم االبتدائي واإلعدادي والعالي من‬
‫خالل إعطاء املعنى للتعلمات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فقد كان التقويم ينصب على املعارف واإلنتاج دون‬

‫‪284-‬‬‫‪ROEGIERS, X. (2003). Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck‬‬
‫‪Université.‬‬

‫‪356‬‬
‫االهتمام بالكفايات‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تساعد هذه الطريقة على النجاح من خالل تمهير املتعلم‬
‫بمجموعة من الكفايات اإلدماجية التي تسعفه في حل مشاكل الواقع‪.‬‬

‫وللتمثيل‪ :‬حينما نقول من الضروري أن نحمي البي ة‪ ،‬فهذا هدف عام‪ ،‬ال يمكن تقويمه‬
‫بشكل من األشكال‪.‬لكن حينما نضع هذا الهدف في شكل ووعية بالتركيز على األسباب‬
‫والحلول‪ ،‬يمكن الحديث نذاك عن ووعية مشكلة هادفة وسناءة‪ .‬وسالتالي‪ ،‬اليمكن أن‬
‫معين‪ ،‬وإذا تعدينا ذلك‪ ،‬فسنلتجئ إلى التقطيع‬ ‫تتعدى الكفايات ثالثا في السنة في تخص‬
‫وتجزيء املحتويات أكثر فأكثر‪.‬‬

‫ويضاف إلى ذلك أنه البد أن يكون التقويم عبارة عن ووعيات معقدة ومركبة من أجل‬
‫التثبت من مدى تملك املتعلم للكفايات الحقيقية‪ ،‬والبد أن تووع تلك الووعيات في‬
‫سياقات واقعية حية بتقديم مجموعة من الصور واألسناد والبيانات ملعالجتها‪ .‬ويترتب عن‬
‫ذلك صدق التقويم وثباته‪ .‬وهذا ما يسمى ببيداغوجيا اإلدماج أو املقارسة علر الكفايات‬
‫األساسية‪.‬‬

‫وسناء على ما سبق‪ ،‬ننتظر من املتعلم إجابات أصيلة ومبدعة لحل ووعية ما‪ ،‬والبد من‬
‫تقويم ما أنتجه املتعلم في ووء مجموعة من املعايير التي يسموها روجرز مؤشرات‬
‫التصحيح (‪ .)Critères de correction‬ومن ثم‪ ،‬فمعيار التصحيح هو ذلك املؤشر الذي‬
‫ينبغي مراعاته في إنتاج التلميذ‪ ،‬مثل‪ :‬اإلنتاج الواض‪ ،‬الدقيق‪ ،‬واإلنتاج املن جم‪ ،‬واإلنتاج‬
‫ً‬
‫األصيل‪....‬إذا‪ ،‬فاملؤشر هو وجهة نظر من خاللها نقوم عمال ما‪ .‬فإذا أردنا أن نقوم العبا‬
‫رياويا ما‪ ،‬فقد نركز على األناقة‪ ،‬وجودة اللعب‪ ،‬وان جام الفريق‪ ،‬واإلنتاجية‪.‬‬

‫ومن أهم مؤشرات التقويم الؤشر األدنى (‪ )Critère minimal‬ومؤشر اإلتقان‪ .‬فمؤشر‬
‫األدن هو الذي يحدد بعض الشرو لتحقيق كفاية ما‪ ،‬كأن نقول بأن السباح الكفء هو‬
‫الذي ال يغرق‪ .‬وسالتالي‪ ،‬يحافء على توازنه‪ .‬أما إذا أوفنا كفايات أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬السرعة‪،‬‬

‫‪357‬‬
‫وشدة الحركة ‪ ،‬واألناقة‪ ،‬واحترام القواعد‪ ،‬فإننا ننتقل إلى مؤشر اإلتقاح( ‪critère de‬‬
‫‪.)perfectionnement‬‬

‫والبد من التقليل من املؤشرات الدنيوية‪ ،‬وإال سنكون قساة مع املتعلمين حينما تتضخم‬
‫هذه املؤشرات التقويمية‪ .‬ويعني هذا أن التقويم اليبنى على محك األخطاء‪ ،‬بل يبنى على‬
‫قياس الكفايات املهارية‪ ،‬فليس هناك من ال يخطئ‪ ،‬وال يعقل أن يكون الخطأ هو املعيار‬
‫الوحيد للتقويم ‪.‬‬

‫ويمكن االستعانة عند التقويم اإلدماجي بقاعدة دوكيتيل (‪ )De Ketele‬التي تسمى بقاعدة‬
‫‪ . 6/2‬بمعنى أن نسبة النجاح الكفائي هو اإلجابة عن ووعيتين من ثالث ووعيات‪ 285.‬والبد‬
‫من االحتكام أوال إلى املؤشر األدن بدال من االحتكام إلى مؤشر اإلتقان التكميلي‪.‬‬

‫والبد أن تكون معايير مؤشر األدن مستقلة عن بعضها البعض‪ ،‬فال يعقل أن تكون األس لة‬
‫مترابطة ومتتابعة ومتناسلة ألننا سنكون قساة مع املتعلمين بل البد أن تكون األس لة‬
‫منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض لكي تكون هناك حظوظ متوفرة أمام املتعلم‪ .‬عالوة‬
‫على وجود معيار االن جام الذي يستلزم تراب أجزاء املوووع منهجيا ومنطقيا‪ ،‬ومعيار‬
‫املالءمة الذي يعني تال م أجوسة املتعلم مع تعليمات الووعية ومعطياتها‪ ،‬ومعيار‬
‫االستعمال السليم لتقنيات التخص ‪ ،‬ومعيار االتساق الداخلي‪ .‬وسطبيعة الحال‪ ،‬هذا له‬
‫عالقة بالكفاية األساسية والكفاية النوعية‪.‬‬

‫ي‪:‬‬ ‫وعليه‪ ،‬يتضمن اختبار التقويم ثالثة شرو‬

‫‪ ‬أن يتالءم التقويم مع الكفايات املطلوسة تقويمها‪.‬‬

‫‪ ‬أن تكون الكفايات دالة ومحفزة على العمل‪.‬‬

‫‪285 - DE KETELE, J.M. (1996). L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? pourquoi ? pour quoi ?, Revue‬‬

‫‪Tunisienne des Sciences de l'Éducation, 23, p. 17-36.‬‬


‫‪358‬‬
‫‪ ‬أن تنصب الكفايات على قيم إيجابية كاملواطنة وحماية البي ة مثال‪.286‬‬

‫كما يبنى االختبار اإلدماجي علر مجموعة من املحطات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪‬تحديد الكفايات التي ينبغي تقويمها‪.‬‬

‫‪‬بناء ووعية أو ووعيتين جديدتين مالئمتين للكفاية‪.‬‬

‫‪‬ووع معايير التقويم املستقلة بشكل واض‪ ،‬ودقيق في ووء قاعدة ‪.6 /2‬‬

‫‪ ‬كتابة األسناد والتعليمات لكي تكون املهمة التي ينبغي إنجازها من قبل املتعلم واضحة‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد مؤشرات التصحيح التي سيعتمد علوها املدرس حين تصحيح ورقة االختبار‪.‬‬

‫‪ ‬ووع شبكة التصحيح‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فمن األفضل واألجدى االكتفاء بووعية واحدة أو ووعيتين على األقل‪ ،‬وعدم‬
‫تقسيم التعليمات إلى أس لة فرعية جزئية متعددة‪ ،‬يجعل املتعلم أمام صعوسات معرفية‬
‫ومنهجية بسبب تعدد األس لة التي قد تكون متشابهة وتابعة للتعليمة األولى أو الثانية أو‬
‫الثالثة‪ .‬بمعنى بناء أس لة مستقلة هادفة وناجعة‪ .‬والبد من تجذير الووعية داخل سياقها‬
‫التداولي‪ ،‬وتكون ووعية جديدة‪ ،‬ويكون اإلنتاج أصيال‪ .‬كما يجب االبتعاد عن نصوص‬
‫ووثائق وأسناد معروفة‪ ،‬فالبد أن تكون جديدة وموووعة ومن سياق جديد‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬تقوم املؤشرات بدور مهم في توفير تصحيح عادل‪ ،‬فقد يكون مؤشرا كيفيا كأن‬
‫نطالب املتعلم بتوظيف أفعال أو صفات أو أحوال أو تشابيه أو استعارات في وصفه‪ ،‬وقد‬
‫يكون مؤشرا كميا حينما نطالب املتعلم على مستوى التركيب بتوظيف ثلثي من الجمل‬
‫احيحة لكي ينال ‪.6 / 2‬‬
‫‪286‬‬ ‫‪-ROEGIERS, X. (2003). Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck‬‬
‫‪Université.‬‬
‫‪359‬‬
‫وعليه‪ ،‬فللتقويم الخاوع للمعايير واملؤشرات فوائد مهمة ‪ -‬حسب روجرز ‪ -‬ي‪:287‬‬

‫عادلة‪ .‬بمعنى أن التقويم ينصب – هنا‪ -‬على الكفايات‪ .‬وكثير من‬ ‫‪ ‬تكوح النق‬
‫الراسبين في التربة التقليدية قد يكونوا ناعحين‪ ،‬وكم من ناع‪ ،‬يستحق اإلخفاق في النظرية‬
‫الجديدة مادام الهدف هو التركيز على الكفايات والقدرات املهارية‪ ،‬وليس على املعلومات‬
‫وكثرة املعارف‪.‬‬

‫‪ ‬تثم ح النق اإللجابية‪ ،‬بتقويم العناصر األساسية ‪ ،‬وإظهار مواطن القوة والعناصر‬
‫اإليجابية في إنتاجات املتعلمين‪.‬‬

‫‪ ‬تحدلد هوية التلميذ الذي يستحق النجامل أو اإلخفاق‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬البد من تخفيض مؤشرات التقويم لتحقيق مدرسة النجاح واألمل‪ .‬وكلما زادت‬
‫معايير التقويم واع التلميذ بين هذه املؤشرات‪ .‬وسالتالي‪ ،‬ال يستطيع التحكم في األجوسة‬
‫املتعددة‪ .‬لذا‪ ،‬فالبد من االكتفاء بمؤشرين أو ثالثة‪ .‬كما يمكن االكتفاء بكفايتين أو ثالث‬
‫كفايات أساسية‪ .‬وكلما أكثرنا من مؤشرات التقويم‪ ،‬خاصة إذا كانت مؤشرات تابعة وغير‬
‫مستقلة‪ ،‬فإننا نرتكب ظلما في حق املتعلم الذي نعاقبه مرات متعددة على الخطإ نفسه‪.‬‬
‫ومن األفضل كذلك أن يعرف املتعلم معايير التقويم لكي يستأنس بها‪ ،‬فيعطي كل ما لديه ‪.‬‬
‫و بالتالي‪ ،‬يمكن أن يلتجئ إلى التقويم الذاتي‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬يعتمد التقويم اإلدماجي على تسطير ووعية معينة مرتبطة‬
‫بمواردها وسندها وحاملها وتعليماتها ومعاييرها ومؤشراتها التقويمية‪ .‬باإلوافة إلى ووع‬
‫شبكات التمرير ‪ ،‬والتحقق‪ ،‬واملعالجة‪ ،‬والدعم‪ ،‬واالستدراك‪ .‬ومن املعروف أن املدرس‬
‫املدبر يقدم للمتعلم ثالثة أنواع من األنشطة الدراسية‪ :‬أنشطة دلدكتيكية أو ما يسمى‬
‫ألضا بالوارد أو التعلمات‪ ،‬وترد في شكل معارف عقلية وذهنية‪ ،‬أو في شكل قيم ومواقف‬

‫‪287- ROEGIERS, X (2004). L'école et l'évaluation. Bruxelles: De Boeck Université.‬‬

‫‪360‬‬
‫وجدانية‪ ،‬أوفي شكل مهارات سلوكية حسية حركية‪ .‬وهناك أيضا أنشطة موازية تكميلية‬
‫تهدف إلى خدمة املتعلم تسلية وإفادة‪ .‬وهناك كذلك الوضعيات اإلدماجية التي توظف‬
‫األسناد املكتوسة واملصورة لحمل املتعلم على تعب ة املوارد التي اكتسبها في أثناء أسابيع تعلم‬
‫املوارد‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تنقسم السنة الدراسية في التعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي إلى أربعة وثالثين‬
‫الفعلي يطابقها ججم حصصاي من ‪3222‬إلى ‪3222‬ساعة‪.‬‬ ‫أسبوعا كامال من النشا‬
‫وتنقسم السنة الدراسية إلى أربع مراحل أو درجات ‪ ،‬وتتكون كل مرحلة من ثمانية أسابيع‬
‫األسبوع األول والثاني والرابع والخامس إلرساء موارد الكفاية‪ ،‬ويخص‬ ‫إذ يخص‬
‫والتوليف والدعم والتقويم أو ما يسمى كذلك‬ ‫األسبوع الثالث من كل مرحلة للرس‬
‫األسبوع السابع والثامن لإلدماج ‪ ،‬فالسابع إلنماء الكفاية‪،‬‬ ‫باإلدماج الجزئي‪ .‬بينما يخص‬
‫األسبوع الثامن لتقويمها معالجة وتصحيحا ودعما‪.‬‬ ‫ويخص‬

‫ومن جانب خر‪ ،‬يستلزم تدبير الووعية اإلدماجية أن تقدم للتلميذ املتعلم مجموعة من‬
‫املوارد في شكل ووعيات مركبة متنوعة بغية أن يستدمظ كل مكتسباته املعرفية ومواقفه‬
‫‪361‬‬
‫الوجدانية ومهاراته الحسية الحركية من أجل إيجاد حلول مناسبة لتلك الووعيات‬
‫املتدرجة في السهولة والصعوسة ‪ .‬و بالتالي‪ ،‬ينتقل املتعلم إلى إنماء كفايته الشفوية أو‬
‫الكتابية بإنجاز مجموعة من الووعيات اإلدماجية تعلما وتطبيقا بعد مجموعة من‬
‫أسابيع إرساء املوارد‪ ،‬والرس بين التعلمات توليفا وتقويما‪.‬‬

‫وبعد االنتهاء من اإلدماج‪ ،‬يلتجئ املدرس إلى تقويم الكفايات املستهدفة وتصحيحها في ووء‬
‫معايير الدعم املناسبة ومؤشرات التقويم اإلدماجي رغبة في إيجاد حلول عالجية داخلية‬
‫وخارجية‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يعتمد املدرس في تدبير الووعية اإلدماجية على دفتر أو كراسة الووعيات‬
‫اإلدماجية التي تتضمن مجموعة من الووعيات واألسناد والصور األيقونية والوثائق‬
‫الديدكتيكية املرفقة بمجموعة من التعليمات وسلم التنقي ‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬هناك‬
‫دليل اإلدماج‪ ،‬ويشتمل على بطاقات التمرير أو االستثمار‪ ،‬وشبكات التحقق‪ ،‬وكذلك‬
‫شبكات التصحيح‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يستوجب تدبير الووعية اإلدماجية أربعة مراحل متكاملة ومتتابعة ي‪:‬‬

‫‪ ‬فهم الووعية اإلدماجية عنوانا‪ ،‬وسياقا‪ ،‬وأسنادا‪ ،‬وصورا‪ ،‬ومقصودا‪ ،‬واستيعاب‬


‫التعليمات بشكل جيد‪.‬‬

‫‪ ‬إنجاز العمل املطلوب من خالل احترام تعليمات الووعية‪ ،‬وإنجاز العمل كما هو‬
‫مطلوب وموصوف‪ ،‬واستثمار الصور والوثائق بشكل جيد لخدمة املوووع‪.‬‬

‫‪‬التحقق من جودة اإلنتاج‪ ،‬عن طريق التحقق من مراعاة املواصفات‪ ،‬ومقارنة قيمة‬
‫اإلنتاج باإلنتاج املنتظر‪.‬‬

‫‪362‬‬
‫‪ ‬املعالجة الداخلية والخارجية تقويما وتصحيحا ودعما من أجل تطوير اإلنتاج‪ .‬وهنا‪،‬‬
‫يعتمد التصحيح الذاتي وتحسين اإلنتاج‪.‬‬

‫‪ ‬التقويــم اإلشهادي‪:‬‬

‫نعني بالتقويم اإلشهادي ذلك التقويم املرتب بشهادة أو دبلوم ما يسمح للمتعلم باالنتقال‬
‫من مرحلة دراسية إلى أخرى ‪ ،‬أو بإجراء مباراة ما لسحصول على وظيفة ما أو تولية منصب‬
‫معين‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ينتهي كل سلك دراهاي بمنح شهادة أو دبلوم‪ ،‬فهناك شهادة الدروس االبتدا ية إثر‬
‫اجتياز السنة السادسة‪ ،‬وشهادة السل اإلعدادي بعد النجاح في السنة الثالثة إعدادي‪،‬‬
‫وشهادة الاكالوريا بعد اجتياز السنة الثانية من سلك البكالوريا‪.‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ما يكون التقويم اإلشهادي في نهاية التكوين أو التعلم‪ُ ،‬ويتوج بامتحان يتسلم بعده‬
‫املتعلم شهادة أو دبلوما معينا‪ ،‬يخول له أن ينال وظيفة ما أو يسا تعليما دراسيا أعلى ‪.‬‬
‫من هذا التقويم هو التثبت من احة ما اكتسبه املتعلم من موارد ومعارف‬ ‫والغر‬
‫ومهارات‪ ،‬والتأكد من مدى تحقق األهداف املسطرة من عملية التكوين والتعلم‪.‬‬

‫و يعتمد التقويم اإلشهادي على االمتحان ملعرفة القدرات الكفائية لدى املتعلم ‪ ،‬ورس‬
‫ذلك بعملية النجاح واإلخفاق‪ .‬و من جهة أخرى‪ ،‬يعتمد على املباراة النتقاء األكفاء‬
‫واملؤهلين جيدا لتولية وظائف الدولة‪ ،‬أو الولوج إلى بعض املؤسسات التعليمية االنتقائية‪،‬‬
‫أو تعيين في وظيفة ما سواء أكانت عامة أم خاصة أم شبه عامة‪.‬‬

‫‪ ‬التقوي ــم الذات ــي‪:‬‬

‫‪363‬‬
‫نعني بالتقويم الذاتي (‪ )Autoévaluation‬أن يصح‪ ،‬املتعلم أخطاءه بنفسه اعتمادا على‬
‫مجموعة من املؤشرات ومعايير وأدوات التصحيح الواضحة والدقيقة والبسيطة‪ .‬و يساعد‬
‫هذا التقويم املتعلم على تنظيم التعلمات وفق بيداغوجيا كفائية إدماجية‪.‬‬

‫وغالبا‪ ،‬ما يستعين التقويم الذاتي بووع شبكة التصحيح الذاتي( ‪Une grille de‬‬
‫‪ )correction‬في ووء مجموعة من املؤشرات الديدكتيكية والبيداغوجية ‪ .‬والهدف من‬
‫ذلك هو معيرة التصحيح‪ ،‬ودفع املتعلم إلى التصحيح الذاتي في ووء مجموعة من‬
‫التعليمات واملعايير واملؤشرات التقويمية التي ترتب بالووعية والكفاية املقومة‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫يحقق هذا التقويم نوعا من املوووعية‪ .‬وقد يدخل هذا النوع من التقويم أيضا ومن ما‬
‫يسمى بالتصحيح الذاتي (‪ " )Autocorrection‬إما بمنح التلميذ دليل التصحيح‪ ،‬وإما‬
‫بمنحه أدوات ليصح‪ ،‬أخطاءه بنفسه ومن هذه األدوات‪ :‬املعايير‪ ،‬والطريقة‪،‬‬
‫واملراجع(القاموس‪ ،‬واملوسوعة‪ ،‬والكتاب املدرهاي‪ ، )...‬أو الجواب (وعليه في هذه الحالة‬
‫تحديد الطريقة املوصلة إليه)‪ ،‬إلخ‪.‬‬

‫وهناك معالجة أخرى عن طريق املقابلة واملقارنة بين تصحيح ذاتي وتصحيح‬
‫خارجي(تصحيح املدرس‪ ،‬وتصحيح التالميذ اآلخرين) من أجل االستفادة من زوايا الصراع‬
‫السوسيومعرفي(التقايم)"‪288‬‬

‫ومن األجدى أن يعتمد التقويم الذاتي على شبكة التصحيح لكي يقوم املتعلم بنفسه أو‬
‫بمساعدة مدرسه على تبيان أخطائه وجردها وتصنيفها وتقييمها وتقديرها وتقييمها‪ .‬أي‪":‬‬
‫يجب معالجة إنتاجات التالميذ ‪ ،‬إلى جانب تثمينها والتصديق علوها في اآلن نفسه‪ ،‬سواء‬
‫كان املدرس هو من يختارها‪ ،‬أم تالميذ خرون‪ ،‬بمساعدة شبكة تصحيح (تقدم الجواب‬
‫الصحيح)‪ ،‬أو شبكة تقويم‪ ،‬حتى لو تضمنت أحكاما سلبية أكثر من اإليجابية (يلزم‬

‫‪ -288‬انظر‪ :‬بيدايوجيا اإلدماج‪ ،‬ترجمة‪ :‬لحسن بوتكالي‪ ،‬منشورات مجلة علوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪2226 ،‬م‪ ،‬ص‪.326:‬‬
‫‪364‬‬
‫الحرص ‪ ،‬دائما‪ ،‬على البدء بإبراز الجوانب اإليجابية) ‪ .‬ويسري هذا األمر على كل أنشطة‬
‫املتعلم‪ ،‬والسيما إنتاجات التالميذ في إطار أنشطة اإلدماج‪ .‬فإلقاء النظرة التحليلية علوها‪،‬‬
‫بمنح التالميذ تغذية راجعة دقيقة محددة ليتمكنوا من تحديد الجوانب التي ينبغي‬
‫تحسينها‪ .‬كما تفيدهم هذه النظرة التحليلية في التموقع بالنسبة إلى املستوى املنتظر في‬
‫التقويم الجزائي‪289".‬‬

‫وعليه‪ ،‬فالتقويم الذاتي هو الذي يقوم به املتعلم بنفسه عندما يصح‪ ،‬أخطاءه وفق‬
‫مجموعة من املعايير واملؤشرات اعتمادا على شبكات التصحيح والتحقق واالستثمار على‬
‫السواء‪.‬‬

‫‪ ‬التقويم بالعالجة (‪:)Remédiation‬‬

‫تعد املعالجة الطريقة التي تدفع املتعلم إلى تحقيق النجاح الدراهاي‪ .‬ويلتجئ إلوها املدرس‬
‫أو االختبارات واالمتحانات والروائز بغية‬ ‫بعد االنتهاء من عملية تصحيح الفرو‬
‫مواطن الضعف والقوة بتمثل املعالجة الداخلية التربوية والديدكتيكية ‪ ،‬واألخذ‬ ‫ت خي‬
‫باملعالجة الخارجية ذات الطابعين النف اي واالجتماعي‪ .‬بمعنى أن املعالجة تهدف إلى‬
‫اكتشاف األخطاء وت خيصها ووصفها وتقديم معالجة إجرائية ناجعة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تستند‬
‫املعالجة الديدكتيكية إلى أربع مراحل‪:‬‬

‫‪ ‬الكشف عن األخطاء‪.‬‬

‫‪ ‬وصف األخطاء‪.‬‬

‫‪ ‬البحث عن مصادر الخطإ‪.‬‬

‫‪ ‬تيهيء عدة املعالجة‪.‬‬

‫‪ -289‬انظر‪ :‬بيدايوجيا اإلدماج‪ ،‬ص‪.320:‬‬


‫‪365‬‬
‫ويعني هذا أن املصح‪ ،‬أو املقوم يبدأ بتحديد األخطاء التي ارتكبها املتعلم في موووعه‬
‫حسب سياقها ومظانها‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬يصف األخطاء املرصودة في اإلنتاج ال خصاي‪،‬‬
‫فيصنفها إلى أنواع‪ ،‬مثل‪ :‬أخطاء صوتية‪ ،‬وأخطاء إمالئية‪ ،‬وأخطاء صرفية‪ ،‬وأخطاء‬
‫داللية‪ ،‬وأخطاء تركيبية‪ ،‬وأخطاء تداولية‪...‬وسالتالي‪ ،‬يحدد مواطن الضعف والقوة لدى‬
‫املتعلم بالبحث عن أسباب هذه األخطاء متسائال عن مصدرها‪ :‬هل ترجع إلى مصدر داخلي‬
‫ديدكتيكي وترسوي أم إلى مصدر خارجي نف اي واجتماعي؟! بمعنى البحث عن عوامل ذاتية‬
‫وموووعية‪.‬‬

‫والتعثرات‬ ‫وفي األخير‪ ،‬يقترح مجموعة من اإلستراتيجيات لتجاوز هذه األخطاء والنواق‬
‫التي قد ترتب باملدرس أو املتعلم أو بالنظام التربوي العام‪ .‬وال تتم املعالجة إال إذا تكرر‬
‫الخطأ مرات عدة‪.‬أما الذي يقوم باملعالجة‪ ،‬فقد يكون املدرس نفسه‪ ،‬أو املتعلم نفسه في‬
‫إطار التصحيح الذاتي‪ ،‬أو تلميذ خر ‪ ،‬أو قد يكون أخصائيا نفسانيا أو أخصائيا اجتماعيا‬
‫أو مسحقا إداريا أو ترسويا ‪ ،‬وقد يلتجئ كذلك إلى وسائل اإلعالم وال جالت الذاتية واللرامظ‬
‫الرقمية ‪...‬‬

‫ومن أهم اإلستراتيجيات في املعالجة أنه يمكن االعتماد على‪:‬‬

‫‪ ‬التغذية الراجعة أو الفيدباك لتصحيح العملية الديدكتيكية‪ ،‬وسد غراتها املختلفة‬


‫واملتنوعة‪ ،‬وتفادي نواقصها وعيوبها سواء أقام بتلك التغذية الراجعة املدرس أم التلميذ‬
‫نفسه اعتمادا على أدلة التصحيح‪.‬‬

‫‪ ‬املعالجة بالتكرار أو بالعمليات التكميلية‪.‬أي‪ :‬بمراجعة املكتسبات السابقة‪ ،‬وإوافة‬


‫تمارين تكميلية مساعدة للتقوية وتثبيت املعارف والقواعد األساسية‪.‬‬

‫‪ ‬تمثل منهجيات تعلمية جديدة كمنهجية اإلدماج‪ ،‬ومنهجية االستكشاف‪ ،‬واالعتماد‬


‫على التعلم الذاتي‪ ،‬وتمثل التعلم النسقي‪.‬‬
‫‪366‬‬
‫كتوفير الحياة املدرسية داخل املؤسسة‪،‬‬ ‫األساسية‪290‬‬ ‫‪ ‬إجراء تغييرات في العوامل‬
‫وإعادة توجيه املتعلم من جديد‪ ،‬وتغيير فضاء املدرسة‪ ،‬وخلق أجواء مؤسساتية‬
‫ديمقراطية ‪ ،‬واالستعانة باألسرة أو علماء النفس واالجتماع والطب لتغيير العوامل‬
‫السلبية التي يعيشها املتعلم في ظلها‪.‬‬

‫‪ ‬التقوي ــم الدوسيمولوفي‪:‬‬

‫الدوسيمولوجيا في ممجم البيداغوجيا هو علم االمتحانات ‪ ،‬وقد تبلورت الدوسيمولوجيا‬


‫سنة ‪ 3622‬م مع هنري بييرون (‪.)Henri Piéron‬‬

‫ويقصد بالتقويم الدوسيمولوجي(‪ )docimologie‬قياس االمتحانات املدرسية‪ ،‬ومقارنة‬


‫بعضها ببعض‪ ،‬وتبيان مواطن القوة والضعف فوها‪ ،‬واستجالء الجوانب الذاتية‬
‫واملوووعية ‪ ،‬وإخضاع االمتحانات للمقاييس العلمية‪ .‬ويضاف إلى ذلك أن التقويم‬
‫الدوسيمولوجي ُيعنى بدراسة االمتحانات اإلشهادية ذات البعد االنتقائي‪ ،‬وتبيان عالقتها‬
‫واملراقبة املستمرة والروائز‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬يبحث التقويم الدوسيمولوجي في‬ ‫بالفرو‬
‫مختلف العوامل التي تتحكم في تقويم عمل التلميذ سواء أكان كتابيا أم شفويا‪ .‬بمعنى أن‬
‫هذا التقويم يس ى جادا إلى معرفة اختالف نقطة التلميذ من مصح‪ ،‬إلى خر‪ ،‬وتبيان‬
‫أسباب هذا االختالف‪ ،‬وتحديد العوامل التي تكون وراء هذا التباين في عملية التقويم‪ .‬وقد‬
‫تكون هذه العوامل راجعة إلى‪ :‬املقوم‪ ،‬أو إلى ظروف التقويم‪ ،‬أو إلى طبيعة امللفوظ أو‬
‫السؤال‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬يتبين لنا – مما سلف ذكره‪ -‬أن التقويم أعم من التقييم‪ ،‬واآلتي أنه عبارة‬
‫عن معايير كمية وكيفية لقياس تعلمات التلميذ وخلراته وقدراته الكفائية حين يووع أمام‬
‫ووعيات معقدة ومركبة وجديدة لحل مشاكلها املستعصية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يساعدنا التقويم‬

‫‪ -290‬انظر‪ :‬بيدايوجيا اإلدماج‪ ،‬ص‪.326:‬‬


‫‪367‬‬
‫على معرفة مستوى التالميذ‪ ،‬وتحديد مواطن القوة والضعف لديهم‪ .‬كما يسعفنا في‬
‫اختيار املنا ا واللرامظ الصالحة لتحسين املنظومة التربوية والديدكتيكية‪ ،‬ويفيدنا كذلك‬
‫في معرفة مدى تحقق األهداف والكفايات املرجوة البلوغ إلوها‪ ،‬ويعطينا صورة واضحة عن‬
‫مدى ما تحققه املدرسة من نتائظ‪ ،‬ويسهم عددا وتقديرا في التوجيه واإلرشاد املدرهاي ‪.291‬‬

‫وعليه‪ ،‬فللتقويم مجموعة من الوظائف أهمها‪ :‬الوظيفة الت خيصية‪ ،‬والوظيفة‬


‫التحكيمية‪ ،‬والوظيفة االستشرافية‪ ،‬والوظيفة اإلشهادية‪ ،‬والوظيفة اإلدماجية‪ ،‬والوظيفة‬
‫الكفائية‪...‬‬

‫ويمكن الحديث عن أنواع مختلفة من التقويم كالتقويم القبلي‪ ،‬والتقويم التكويني‪،‬‬


‫والتقويم النهائي‪ ،‬والتقويم املستمر‪ ،‬والتقويم اإلعالمي‪ ،‬والتقويم الكفائي واإلدماجي‪،‬‬
‫والتقويم الذاتي‪ ،‬والتقويم اإلشهادي‪ ،‬والتقويم الدوسيمولوجي‪...‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬الينبغي أن يقتصر التقويم على الوظيفة الكمية والعددية فحسب‪ ،‬بل ينبغي‬
‫أن يتجاوز ذلك إلى الوظيفة الكيفية ليصبح أداة إجرائية فعالة ملراقبة املنظومة التربوية في‬
‫مختلف لياتها التخطيطية والتدبيرية من خالل تتبع مسارها بإحكام وإتقان علر الجمع بين‬
‫املدخالت‪ ،‬والعمليات‪ ،‬واملخرجات‪.‬‬

‫‪ -291‬محمد الدريظ ‪:‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪ ،3600‬ص‪.03-03:‬‬
‫‪368‬‬
‫الفصل الخامس‪:‬‬
‫مخرجات التربية‬

‫‪369‬‬
‫توطئة البد منها‪:‬‬
‫ُ‬
‫م ي يين املعل ي ييوم أن سوس ي يييوسوجيا التربي ي يية ي ييي الت ي ييي تعن ي ييى بدراس ي يية املدرس ي يية ف ي ييي عالقته ي ييا‬
‫بمحيطها املجتم ي‪ ،‬ودراسية مختليف التفياعالت االجتماعيية داخيل املؤسسية التربويية‬
‫نفسيها‪ ،‬واالهتمييام بمختلييف األنشييطة واألدوار التييي تقييوم بهييا املدرسيية التربوييية بييالتركيز‬
‫عل ييى مجموعي يية مي يين الظ ييواهر االجتماعيي يية التربويي يية‪ ،‬مث ييل‪ :‬سي ييلطة املدرسي يية‪ ،‬والنجي يياح‬
‫واإلخفاق‪ ،‬واالنتقاء أو االصطفاء التربوي‪ ،‬ودور املدرسة في انتخاب النخبة‪ ،‬والفوارق‬
‫االجتماعيي يية والطبقيي يية داخي ييل املؤسسي يية‪ ،‬والهي ييدر املدرهي يياي‪ ،‬وديناميكيي يية الجماعي ييات‪،‬‬
‫ومشي ي ييروع املؤسس ي ي يية‪ ،‬والش ي ي يراكة التربوي ي ي يية‪ ،‬والتوجي ي ي ييه التربي ي ييوي‪ ،‬واملس ي ي ييالك املهني ي ي يية‪،‬‬
‫وديمقراطي يية التعل يييم‪ ،‬وتف يياعالت املدرس يية الداخلي يية والخارجي يية‪ ،‬وقض ييية الالمس يياواة‬
‫الطبقييية ‪ ،‬واملدرسيية واإلعييالم‪ ،‬أو موقييف املدرسيية ميين التحييديات اإلعالمييية للتلفزيييون‬
‫واألنترنيييت‪ ،‬والتفاعييل التربييوي داخييل املؤسسيية أو الفصييل الدراهيياي‪ ،‬وطبيعيية العالقيية‬
‫ب ييين املدرس يية واألس ييرة‪ ،‬وقض ييية االنتم يياء االجتم يياعي‪ ،‬والتحص يييل الدراه يياي‪ ،‬والنج يياح‬
‫املدرهاي‪.‬‬

‫ومي يين هني ييا‪ ،‬تهي ييتم سوسي يييولوجيا التربيي يية بدراسي يية أنظمي يية التعلي يييم‪ ،‬ودراسي يية الظي ييواهر‬
‫التعليمي يية بدراس يية مختل ييف العالق ييات الت ييي تك ييون ب ييين املدرس يية ومخل ييف املؤسس ييات‬
‫األخ ي ي ييرى‪ ،‬مث ي ي ييل‪ :‬األسي ي ي يرة‪ ،‬والسياس ي ي يية‪ ،‬واالقتص ي ي يياد‪ .‬أي‪":‬دراس ي ي يية اآللي ي ي ييات املدرس ي ي ييية‬
‫كامل ييدخالت‪ ،‬و العملي ييات‪ ،‬واملخرج ييات‪ .‬وتتمث ييل امل ييدخالت ف ييي التالميـ ــذ‪ ،‬والدرس ـ ـ ح‪،‬‬
‫واإلدارة‪.‬ويتمي ي ييز تالمي ي ييذ املدرس ي يية‪ ،‬عل ي ييى أس ي يياس أنه ي ييم س ي يياكنة املدرس ي يية ‪،‬بخص ي ييائ‬
‫فيزيولوجي يية‪ ،‬ونفس ييية‪ ،‬واجتماعي يية‪ .‬ع ييالوة عل ييى الس ييمات التالي يية‪ :‬الس يين‪ ،‬والج يينس‪،‬‬
‫واملسيتوى الثقيافي‪ ،‬واألصييل االجتماعي‪.‬أميا املدرسيون واإلداريييون‪ ،‬فيتمييزون بيياملتغيرات‬

‫‪370‬‬
‫املهني ي ي يية‪ ،‬والحرفي ي ي يية‪ ،‬والسياس ي ي ييية‪ ،‬والنقابي ي ي يية ‪ ،‬مث ي ي ييل‪ :‬مس ي ي ييتوى التك ي ي ييوين‪ ،‬وطريق ي ي يية‬
‫التوظيف‪ ،‬والووعية داخل البنية املجتمعية‪ ،‬والتوجهات السياسية والنقابية‪.‬‬

‫أمــا الخرجــات‪ ،‬فتتمثييل فييي النتييائظ التييي تترتييب عيين توظيييف ليييات التطبيييع االجتميياعي‬
‫واالصطفاء‪.‬أي‪ :‬توظيف مختلف املعارف واملهارات من أجيل تحقييق النجياح الدراهياي‪،‬‬
‫ورص ييد مختل ييف ث ييار ال ييتعلم ف ييي أس يياليب الحي يياة أوف ييي الس ييلوك السياه يياي أو الق ييانون‬
‫املجتم ي النهائي‪.‬‬

‫وترتك ييز العملي ــات عل ييى نق ييل الق يييم األخالقي يية واملع ييارف‪ .‬ث ييم‪ ،‬االهتم ييام بالبي ييداغوجيا‬
‫وقواعييد التقييويم‪ .‬ويعنييي هييذا أن وظيفيية املدرسيية ييي نقييل املعييارف والقيييم وفييق قواعييد‬
‫ترسوية وتدريسية معينة من خالل االهتمام بأنظمة التقويم‪.‬‬

‫وعلي ‪ ،‬تتمثل ُمخرجات التربية والتعليم في عملية التقويم‪ ،‬واالنتخاب‪ ،‬واالنتقاء‪،‬‬


‫ُ‬
‫واالصطفاء‪ ،‬والفشل‪ ،‬والنجاح الدراهاي‪ .‬بمعنى أن املخرجات تحيل على نتائظ‬
‫املدخالت والعمليات معا‪.‬أي‪ :‬مايترتب عن األهداف والكفايات من حصيلة تعلمية‬
‫ومجتمعية كأن ينج‪ ،‬املتعلم في مساره الدراهاي واملستقبلي‪ ،‬أو يفشل في الحصول‬
‫على منصب يوفر له السعادة والتكيف مع املجتمع‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تسهم التربية أو‬
‫املدرسة في ترقي اإلنسان من درجة إلى أخرى‪ ،‬وتحوله إلى فرد من أفراد النخبة في‬
‫املجتمع‪.‬فضال عن تمتعه باملكاسب املادية‪ ،‬واملالية‪ ،‬واملعنوية‪.‬‬

‫وإذا كان ييت سوسيييولوجيا التربييية تييدرس الظ ييواهر املدرسييية‪ ،‬فلهييا أيضييا عالقيية وثيق يية‬
‫باألســرة‪ ،‬والسياســة‪ ،‬واالقتصــاد‪.‬ويعنييي هييذا أنهييا تييدرس مييا يتعلييق بالتربييية ميين خييالل‬
‫تنياول ثالثيية عناصيير رئيسية ييي‪ :‬مييداخل التربييية (املتمدرسيون‪ ،‬و رجييال التعليييم‪ ،‬و أطيير‬
‫اإلدارة‪ ،‬واآلبي ي يياء‪ ،‬واملقي ي ييررون‪ ،‬واملفتشي ي ييون‪ ،)...‬و لياتهي ي ييا البيداغوجيي ي يية والديدكتيكيي ي يية‬

‫‪371‬‬
‫والسوسي يييولوجية‪ ،‬ومخارجهي ييا(التقويم‪ ،‬والنجي يياح‪ ،‬واالنتقي يياء‪ ،‬واالصي ييطفاء‪ ،‬الفشي ييل‪،‬‬
‫والبطالة‪ ،‬واالرتقاء‪.)...‬‬
‫م‬
‫وما يهمنا في هذا املوووع هو التركيز على الخرجات التي تتمثل في التقويم‪،‬‬
‫واإلخفاق‪ ،‬والنجاح‪ ،‬واالصطفاء‪...‬‬

‫أوال‪ ،‬الدرسة أساس النجامل والترقي‪:‬‬


‫يرى كثير من الباحثين والدارسين السوسيولوجيين والعوام من الناس أن املدرسة‬
‫ي أساس النجاح والتفوق والترقي في املجتمع‪ .‬بمعنى أن املدرسة ي التي ترقي‬
‫اإلنسان وترفع من شأنه‪ ،‬وتسمو به ماديا‪ ،‬وماليا‪ ،‬ومعنويا‪ ،‬ومجتمعيا‪ .‬ومن هنا‪،‬‬
‫ُ‬
‫تعد املدرسة فضاء للتربية والتكوين والتعليم والتهذيب القيمي والخلقي‪ ،‬وفضاء‬
‫إلعداد املواطنين الصالحين ‪ ،‬وتوفير أكلر عدد من املؤهلين األكفاء لتحريك دواليب‬
‫املجتمع واالقتصاد‪ ،‬وإعداد نخب وظيفية وسياسية واقتصادية‪ ،‬وتكوين رجال الغد‬
‫وسناة املستقبل‪.‬‬
‫َ‬
‫إذا‪ ،‬تعي ي ييد املدرسي ي يية ‪ -‬حسي ي ييب املنظي ي ييور اإلصي ي ييالحي إلميي ي ييل دوركي ي ييايم‪ -‬فضي ي يياء لإلدم ي ي يياج‬
‫االجتم يياعي‪ ،‬ومكان ييا الئق ييا للتنشي ي ة االجماعي يية بواس ييطة التعل يييم والتربي يية األخالقي يية ‪،‬‬
‫والحف يياظ عل ييى الع ييادات والتقالي ييد واملع ييايير والق يييم املوروث يية‪ .‬بمعن ييى أن املدرس يية له ييا‬
‫وظيفيية التطبيييع واإلدميياج‪ ،‬وتكييوين أفييراد مسييتقلين ومنييدمجين فييي املجتمييع فييي الوقييت‬
‫نفسييه‪.‬أي‪ :‬يعتمييدون علييى أنفسييهم فييي تكييوين أنفسييهم‪ ،‬ويتمثلييون القيييم املوروثيية‪ .‬وفييي‬
‫الوقت نفسه‪ ،‬ينصهرون في بوتقة املجتمع تحقيقيا ملبيدإ الوحيدة املجتمعيية واتسياقها‪.‬‬
‫وهنييا‪ ،‬نالحييء البعييد اإلصييالحي عنييد دور يكيايم‪ .‬فاملدرسيية ييي التييي تسييهم فييي الحفيياظ علييى‬
‫ثوابييت املجتمييع‪ .‬و ييي التييي تجعييل األفيراد يتمثلييون معييايير املجتمييع‪ ،‬ويلتزمييون بقواعييده‪،‬‬

‫‪372‬‬
‫ويتعلم ييون قواعي ييد الحي يياة الجماعيي يية ‪ .‬وم يين ثي ييم‪ ،‬يب ييدو أن ر يي يية دور يك ييايم إيديولوجيي يية‬
‫بامتياز حيث يكرس األوواع نفسها التي توجد في املجتمعات الغرسية العلمانية‪.‬‬

‫و" ق ي ييد يك ي ييان م ي يين الطبي ي ييي أن يس ي ييير دور يك ي ييايم ف ي ييي ر يك ي يياب األس ي ييتاذ ال ي ييذي أنش ي ييأ ع ي ييالم‬
‫االجتماع(أوجست كونت)‪ ،‬و يتأثر بوجهية نظيره فيي كثيير مين املوويوعات التيي عالجهيا‬
‫فقييد كييان دوركييايم يسييلم تسييليما تامييا بمبييدأ التــوازح الــي الجتمــع‪ ،‬وأن الص يراع مجييرد‬
‫حال يية طارئ يية ومؤقت يية‪ ،‬ب ييل ق ييد يمك يين اعتب يياره حال يية مرو ييية التلب ييث أن ت ييزول وتختف ييي‬
‫ويسترد املجتمع توازنه األصلي القديم‪292".‬‬

‫وعليييه‪ ،‬يجعييل دور يكيايم املدرسيية فضيياء لإلنييدماج الكلييي‪ ،‬ومجيياال لتلقييين قواعييد الحييياة‬
‫االجتماعية بياحترام امليتعلم ثوابيت املجتميع‪ ،‬وتمثيل معياييره املقننية‪ ،‬وااللتيزام بأخالقيه‬
‫وقيمي ييه وعاداتي ييه وتقاليي ييده‪ ،‬فإني ييه يريي ييد بي ييذلك وي ييرورة الحفي يياظ علي ييى تي ييوازن املجتمي ييع‬
‫واستمرار سيرورته بذلك الشكل املتصل‪ .‬وسالتالي‪ ،‬تهدف املدرسة إلى إدماج املتعلم فيي‬
‫املجتم ييع‪ ،‬ث ييم‪ ،‬إعطائ ييه ثقاف يية كوني يية عقالني يية‪ ،‬وإنس ييانية‪ ،‬وذكائي يية‪ .‬ث ييم‪ ،‬تك ييوين ذوات‬
‫مستقلة داخل مجتمع عضوي‪ .‬ثم‪ ،‬تلبية حاجيات املجتمع‪ .‬ويحقق هذا كليه نوعيا مين‬
‫التقيدم واالزدهيار للمجتميع‪ُ ،‬ويكسيب امليتعلم هويية وطنيية وقوميية حقيقيية‪ .‬ومين هنييا‪،‬‬
‫يكتسييب املييتعلم هويتييه الحقيقييية عليير دروس التيياريق‪ ،‬والجغرافيييا‪ ،‬والييدين‪ ،‬واألخييالق‪،‬‬
‫ويحتكم إلى العقل واملنطق‪ .‬وليست مدرسة دوركايم مدرسة املساواة في الحظوظ‪ ،‬بل‬
‫ي ييي مدرسي يية النخي ييب العقالنيي يية والشي ييرعية‪ ،‬وقي ييد اسي ييتمر هي ييذا املفهي ييوم حتي ييى سي يينوات‬
‫الخمسي ييين مي يين القي ييرن املاضي يياي‪ .‬وقي ييد ني ييتظ عي يين ذلي ييك خلي ييق مدرسي يية ليلراليي يية وعلمانيي يية‬
‫ديمقراطية ‪ ،‬ولكنها ليست مدرسة شعبية‪.‬‬

‫‪- 292‬وسيلة خزار‪ :‬اإللدولوجيا وعلم االجتماع‪ ،‬جدلية االنفصال واالتصال‪ ،‬منتدى املعارف‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2236‬م‪ ،‬ص‪.322 :‬‬
‫‪373‬‬
‫أما السوسييولوجي الفرن ياي بييير بوردييو ‪،‬فييرى أن األفيراد املجتمعييين اليذين يوجيدون‬
‫ف ييي املدرس يية ه ييم نت يياج التنش ي ة اإلدماجي يية واملعياري يية ‪ ،‬ونت يياج الوو ييعيات االجتماعي يية‬
‫املوجييودة بييالقوة والجلرييية امللزميية‪ .‬وهييم أيضييا نتيياج إعييادة اإلنتيياج وووييعيات التوريييث‬
‫بغية اكتساب الهوية املجتمعية‪.‬‬

‫وهن ي ي يياك ب ي ي يياحثون خ ي ي ييرون يقول ي ي ييون بالتنش ي ي ي ة االجتماعي ي ي يية أو ب ي ي ييالتطبيع واالن ي ي ييدماج‬
‫‪،‬‬ ‫االجتماعي‪ ،‬مثل‪ :‬املفكر األملاني جورج زيمل (‪)GEORG SIMMEL‬‬

‫والتقتصيير املدرسيية علييى نقييل القيييم األخالقييية فحسييب‪ ،‬بييل تس ي ى جاهييدة إلييى تأهيييل‬
‫امل ييتعلم معرفي ييا‪ ،‬وذهني ييا‪ ،‬ووج ييدانيا ‪ ،‬وحس يييا‪ -‬حركي ييا‪ .‬كم يا تس ييهم ف ييي توعيت ييه وتن ييويره‬
‫ثقافيي ييا‪ ،‬وأخالقيي ييا‪ ،‬وترسويي ييا‪ ،‬وعلميي ييا‪ ،‬وأدبيي ييا ‪ ،‬وفنيي ييا‪ ،‬وتقنيي ييا‪ .‬ثي ييم‪ ،‬توعيتي ييه وطنيي ييا أو‬
‫قوميا‪.‬‬

‫وتعد املدرسة كذلك فضاء للتأهيل والتعليم والتكوين والتربية‪ ،‬ومؤسسة ديمقراطية‬
‫للتنافس بين املتعلمين قصد الفوز والنجياح ‪،‬والحصيول عليى شيهادات ودبلوميات التيي‬
‫تس ييمح له ييم بت ييولي منص ييب أو مس ييؤولية م ييا‪.‬عالوة عل ييى ذل ييك‪ ،‬ينبغ ييي عل ييى املدرس يية أن‬
‫تصقل عقول األفراد بالتكوين املناسب‪ ،‬وتهذيبها باملعارف والقيم والحقائق العلمية‪.‬‬

‫ويعني هذا كله أن املدرسة حسب مفكري عصر األنوار‪ ،‬مثل‪:‬‬


‫كوندورسيه(‪ ،293)Condorcet‬وكان (‪ ،)Kant‬وجول فيري(‪ ،294)Jules Ferry‬فضاء‬

‫‪293-Condorcet,‬‬ ‫‪Cinq mémoires sur l'instruction publique (1792), Garnier-Flammarion,‬‬


‫‪1994. Élisabeth et Robert Badinter, Condorcet. Un intellectuel en politique. 1743-1794,‬‬
‫‪Fayard, 1989.‬‬
‫‪294-Jules Ferry, "Circulaire adressée par M. Le Ministre de l'Instruction publique aux‬‬

‫‪instituteurs, concernant l'enseignement moral et civique", 17 novembre 1883.‬‬


‫‪374‬‬
‫للتحرر الذاتي والوجودي‪ ،‬ومكان للترقي املجتم ي‪ ،‬وحيز مثالي لتحقيق املساواة‪،‬‬
‫وأداة للتقدم واالزدهار وسناء املستقبل‪ ،‬وسالح مهم للقضاء على األمية والجهل‬
‫والتخلف‪ ،‬وطريق حقيقي لسخروج من الظلمات إلى النور‪ .‬فكان ‪ -‬مثال‪ -‬يعتلر‬
‫اإلنسان الكائن الوحيد القادر على التعلم‪ .‬وينتقل‪ ،‬بفضل هذا ‪ ،‬من حالة الطبيعة‬
‫والتوح إلى حالة الثقافة‪ ،‬واملدنية ‪ ،‬والتحضر‪.‬‬

‫وسالتالي‪ ،‬اليكون اإلنسان إنسانا إال بالتعلم داخل الفضاء الدراهاي الذي يزود‬
‫اإلنسان بكثير من الخلرات والتجارب واملعلومات واملعارف من جهة‪ُ ،‬ويكسبه‬
‫مؤهالت كفائية متنوعة من جهة أخرى‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فالذي لم يتعلم بعد‪ ،‬فهو كائن‬
‫خام ومتوح ‪ .‬لذا‪ ،‬تدافع فلسفة األنوار عن التربية والتعليم ألثرهما التنويري‪،‬‬
‫واإلشعاعي‪ ،‬والعلمي‪ ،‬والتأهيلي‪ .‬وتدعو إلى تأسيس مدارس تجريبية قبل أن تصبح‬
‫عامة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تهدف املدرسة إلى تحرير املتعلم وسناء شخصيته الخاصة‪295.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تعد املدرسة أداة للنجاح والترقي والتطور وتحقيق التنمية الذاتية‬
‫واملجتمعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬الدرسة مؤسسة إدلولوجية تمارس القمع والعنف الرمزي‪:‬‬

‫يبدو أن املدرسة ‪ ،‬حسب بعض الباحثين السوسيولوجيين‪ ،‬وحسب املقارسة‬


‫الصراعية واإليديولوجية‪ ،‬بمثابة فضاء م حون ومتوتر ومكهرب يمارس فيه‬
‫الضغ ‪ ،‬والقهر ‪ ،‬والقمع‪ ،‬واالستيالب ‪.‬وستعبير خر‪ ،‬هو فضاء للتطاحن والتنافس‪،‬‬
‫وفضاء للصراع الطبقي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬والقيمي‪ ،‬واإليديولوجي‪ .‬ويمثل هذا الطرح بيير‬

‫‪295-Kant, Traité de pédagogie (1776-1787), Hachette, 1981, 107.‬‬

‫‪375‬‬
‫بورديو (‪ )P. Bourdieu‬وكلود باسرون (‪ )C.Passeron‬في كتابهما (الورثة)‪ .296‬ومن‬
‫هنا‪ ،‬يرى بورديو أن املدرسة فضاء للفوارق االجتماعية والطبقية‪ ،‬وأنها تعيد إنتاج‬
‫َ‬
‫الطبقات االجتماعية نفسها‪ :‬الطبقة املست ِغلة (بكسر الغين) والطبقة املستغلة بفتح‬
‫(الغين)‪.‬ومن ثم‪ ،‬فهي فضاء النعدام الحظوظ االجتماعية‪ ،‬وفضاء للفشل الدراهاي‪،‬‬
‫وغياب املساواة االجتماعية الحقيقية‪.‬‬

‫وأكثر من هذا فأبناء الطبقة السائدة الينجحون بسبب قدراتهم الذاتية والكفائية‪،‬‬
‫بل يعود ذلك إلى ما يملكون من رساميل موروثة‪ ،‬مثل‪ :‬الرأسمال الثقافي (الرصيد‬
‫الثقافي واألدبي والفني‪ ،‬وسمو الذوق ورهافته)‪ ،‬والرأسمال اللغوي( النشأة في بي ة‬
‫لسانية غنية باملفردات)‪ ،‬والرأسمال االقتصادي (وجود موارد مادية ومالية)‪،‬‬
‫والرأسمال االجتماعي( وجود عالقات اجتماعية متنوعة)‪.‬‬

‫وقد بلور لوي التوسير(‪ )Louis Althusser‬سنة ‪ 3632‬نظرية حول الدولة‪ ،‬و ذهب إلى‬
‫أن الدولة تمارس القمع والعنف والقهر على مواطنوها بمجموعة من األجهزة‬
‫اإليديولوجية التي تتمثل في‪ :‬املدرسة‪ ،‬واألسرة‪ ،‬ورجال الدين‪ ،‬واإلعالم‪ ،‬عالوة على‬
‫مؤسسات قمعية أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬الشرطة‪ ،‬والجي ‪ ،‬والحكومة‪ ،‬واإلدارة‪ ،‬واملحاكم‪،‬‬
‫جون‪ ،‬واألجهزة السياسية والنقابية والثقافية‪297.‬‬ ‫وال‬

‫‪296-Pierre‬‬ ‫‪Bourdieu et Jean-Claude Passeron,La reproduction. Éléments pour une théorie‬‬


‫‪du système d'enseignement, Minuit, 1970.‬‬
‫‪297-Louis Althusser,)Les appareils idéologiques d'État(, revue La Pensée, juin 1970, p. 9-19.‬‬

‫‪376‬‬
‫وهنك كتاب خرون يرون أن املدرسة تحرم الطفل من رغباته أو تكبتها وتقمعها كما‬
‫‪ ،‬ومانوني ( ‪G.‬‬ ‫‪299)R.‬‬ ‫عند بوجدرة (‪ ،298 )R. Boujedra‬وشيرير (‪Scherer‬‬
‫‪ ، 300)Mannoni‬وسيالم (‪...301)Celam‬‬

‫أما إيفان إليت (‪ ،)Yvan Illich‬فيدعو إلى إلغاء املدرسة ألنها من نتاج املجتمعات‬
‫الرأسمالية االستهالكية‪ ،‬ومرتبطة باالستعمار الغربي‪.‬لذا‪ ،‬البد من التحرر منها كما‬
‫بين ذلك في كتابه(مجتمع بالمدرسة)‪.302‬‬

‫ومي يين جه ي يية أخي ييرى‪ ،‬تع ي ييد املدرسي يية ‪ ،‬ف ي ييي منظي ييور ل ي ييوي ألتوسي ييير )‪ ،(L.Althusser‬جه ي ييازا‬
‫إيي ييديولوجيا قمعيي ييا‪ .‬بمعني ييى أن املدرسي يية مؤسسي يية عامي يية تعلي يير عي يين توجهي ييات الدولي يية‪،‬‬
‫وتطلعاتهييا السياسييية‪ ،‬وأهييدافها اإليديولوجييية بواسييطة منا جهييا وسرامجهييا ومقرراتهييا‬
‫ومحتوياتها الدراسية‪.‬ومن ثم‪ ،‬فهي تعلر عن مصال‪ ،‬الطبقة الحاكمة ‪ ،‬وتكرس ثوابتها‬
‫وأفكارهييا وطموحاتهييا‪ .‬أي‪ :‬يييرى ألتوسييير‪" ،‬بخصييوص التقنيييات واملعييارف‪ ،‬أنييه يجييري فييي‬
‫املدرسة تعلم قواعد تحكم اليرواب االجتماعيية بموجيب التقسييم االجتمياعي والتقنيي‬
‫للعمل‪.‬‬

‫كمييا يقييول بييأن النظييام املدرهيياي وهييو أحييد أجهييزة الدوليية اإليديولوجييية هييو الييذي يييؤمن‬
‫بنجاع يية استنس يياخ رواب ي اإلنت يياج ع يين طري ييق وج ييود مس ييتويات م يين التأهي ييل الدراه يياي‬
‫تتجيياوب مييع تقسيييم العمييل‪ ،‬وعيين طريييق ممارسيية اإلخضيياع لإليييديولوجيا السييائدة‪.‬إن‬
‫‪298- R. Boujedra, La répudiation, Paris: Seuil, 1969.‬‬

‫‪299-‬‬ ‫‪R. Scherer, Emile perverti ou Des rapports entre l’éducation et la sexualité, Paris,‬‬
‫‪Laffont, 1974. Réédition Désordres-Laurence Viallet, 2006.‬‬
‫‪300- G. Mannoni, Éducation impossible, Paris: Seuil, 1973.‬‬

‫‪301-Celam,Journal d’un éducateur, 1982.‬‬

‫‪302-Ivan Illich, Une société sans école, 1971, trad., Seuil, 1972.‬‬

‫‪377‬‬
‫املسييالك املوجييودة املدرسيية ييي انعكيياس لتقسيييم املجتمييع إلييى طبقييات‪ ،‬وغايتهييا اإلبقيياء‬
‫الطبقية‪303".‬‬ ‫على الرواب‬

‫وي ييدل ه ييذا كل ييه عل ييى أن املدرس يية تم ييارس عنف ييا رمزي ييا كم ييا يق ييول بوردي ييو ‪ ،‬وتس ييهم ف ييي‬
‫تكريس التفاوت الطبقي‪ ،‬وخليق الطبقيات االجتماعيية نفسيها سيواء أكانيت مهيمنية أم‬
‫خاوعة‪.‬‬

‫وعلي ييه‪ ،‬فالوظيف يية اإليديولوجي يية له ييا عالق يية وثيق يية بوظيف يية التطبي ييع والحف يياظ عل ييى‬
‫ثوابت األجداد‪ ،‬ورس املاضاي بالحاور‪ .‬وفي هذا‪ ،‬يقول مبارك رسيع‪:‬‬

‫" يمكي يين اعتبي ييار هي ييذه الوظيفي يية اإليديولوجيي يية وجهي ييا مي يين وجي ييوه الوظيفي يية التطبيعيي يية‬
‫العاميية‪ ،‬وذلييك علييى األقييل ألن الوظيفيية اإليديولوجييية ‪ ،‬تعتمييد فيمييا تعتمييد عليييه‪ ،‬علييى‬
‫املنظوميية املعرفييية‪ ،‬إال أنهييا تعتمييد علوهييا الميين حيييث ييي معرفيية بالعييالم أو الكييون‪ ،‬بييل‬
‫باعتبييار هييذه املعرفيية بمضييمونها خصوصييا‪ ،‬تعمييل علييى تكييوين اتجيياه فكييري خيياص فييي‬
‫الطفل‪ ،‬يميل إلى تركيز التحامه بمجتمعه‪ .‬ومين هنيا‪ ،‬تجيد القييم السياسيية واملذهبيية‬
‫والدينية‪..‬الخاصة باملجتمع طريقها لتلوين املنظومة املعرفية‪ ،‬ونزع طابع الحياد عنهيا‪،‬‬
‫فمفهييوم الييوطن والدوليية ونوعييية النظييام السياهيياي فييي املجتمييع‪...‬رغم أنهييا تييأتي أحيانييا‬
‫مصاغة في مواد محيددة كالتربيية الوطنيية أو الدينيية أو األخالقيية‪ ،‬فإنهيا ميع ذليك تجيد‬
‫طريقه ييا أيض ييا و ييمن امل ييواد العلمي يية ذات الط ييابع املحاي ييد أيض ييا‪.‬فالتاريق أو الجغرافي ييا‬
‫رغم الطابع املوووعي ‪ ،‬تكون فرصة لتثبيت االعتزاز بالذات الوطنية واألمة وغيرها‪.‬‬

‫‪ - 303‬مارسيل بوستيك‪ :‬العالقة التربوية ‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد البشير النحاس‪ ،‬املنظمة العرسية للتربية والثقافة‬
‫والعلوم‪ ،‬تونس‪3603 ،‬م‪ ،‬ص ‪.22-23:‬‬
‫‪378‬‬
‫‪..‬إن الدعوات القائمة على انتقاد الوظيفة اإليديولوجيية للمدرسية‪ ،‬منطلقية مين مبيدإ‬
‫االلتي ي يزام بقض ي ييايا الطبق ي ييات االجتماعي ي يية املتواو ي ييعة وامل ي ييحوقة‪ ،‬وسقض ي ييايا التح ي ييرر‬
‫االجتمي يياعي‪ ،‬بمي ييا فوهي ييا حقي ييوق الطفي ييل وامل ي يرأة‪ ،‬و ي ييي بي ييذلك تسي ييتحق التنويي ييه‪ ،‬ويمكي يين‬
‫االستفادة منها‪ ،‬بما يطور الوظيفة اإليديولوجية للمدرسة دون أن يلغوها‪...‬‬

‫وإذا اعتلرنييا الظييروف الخاصيية ببلييدان العييالم الثالييث حيييث التيزال مجتمعاتهييا فييي كثييير‬
‫م يين الح يياالت بعي ييدة ع يين كي ييان الدول يية بمعناه ييا الحقيق ييي‪ ،‬وم يياتزال بالت ييالي‪ ،‬قائم يية ف ييي‬
‫تنظيمه ييا عل ييى القبيل يية والعش يييرة ‪ ،‬فإنني ييا ن ييدرك أن الوظيف يية اإليديولوجي يية للمدرسي يية‬
‫باعتبارهيا عامييل توحيييد وتنظييم ميياتزال مرغوسييا فوهيا ميين هييذه الناحيية‪ ،‬كمييا أنهييا ميياتزال‬
‫مرغوسا فوها من ناحية املنظومة املعرفية‪ ،‬نظرا ملستوى التخلف وتفشاي األمية‪304".‬‬

‫وهكذا‪ ،‬ندرك أن للمدرسة وظيفة خطيرة تتمثل في الوظيفة اإليديولوجيية التيي تسيهم‬
‫في تكريس التفاوت الطبقي واالجتماعي والسياهاي نفسه‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬الدرسة سلطة تمارس السلطة‪:‬‬


‫ينتقد ميشيل فوكو املركزية الغرسية انتقادا شديدا‪ ،‬ويرى أنها قائمة على السلطة‬
‫والقوة والعنف‪ ،‬وإقصاء اآلخر عن طريق التأديب‪ ،‬والعقاب‪ ،‬وال جن‪ ،‬والضب ‪،‬‬
‫والحجر‪ .‬أي‪ :‬إن الحضارة الغرسية ي حضارة قوة وسلطة وتقنية بامتياز‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫يرى ميشيل فوكو أن الحضارة الغرسية مبنية على السلطة‪ ،‬واإلقصاء‪ ،‬والتغريب‪،‬‬
‫وتهمي الغير املخالف‪ .‬ومادامت السلطة مبنية على األوامر والهيمنة والسيطرة‬
‫واإلخضاع والتسل ‪ ،‬فإن هذا يؤدي إلى العنف‪ ،‬والحرب‪ ،‬والعدوان‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تعني‬
‫ُ‬
‫القيادة ممارسة العنف‪ .‬وقد يلرر القانون استخدام العنف‪ ،‬وتشرعه ملصسحة‬
‫الف ات الحاكمة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالعنف هو التجلي األكثر بروزا للسلطة‪ ،‬أو السلطة ي‬

‫‪ - 304‬مبارك رسيع‪ :‬مخاوف األطفال‪ ،‬الهالل العرسية للطباعة والنشر‪ ،‬طبعة ‪3663‬م‪ ،‬ص ‪.226-222:‬‬
‫‪379‬‬
‫نوع من العنف املخفف‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تسهم البيروقراطية في تكريس العنف وترسيخه في‬
‫مؤسسات الدولة أو أجهزة السلطة مادامت اإلدارة مبنية على ثناية األمر والطاعة‪،‬‬
‫واحترام املر وس لرئيسه‪.‬‬
‫وغالبا‪ ،‬ما تتحول السلطة إلى تسل ‪،‬وقهر‪ ،‬وقمع‪ ،‬وعنف حيث يسهم األمر‬
‫السلطوي في تأجيظ العنف‪ ،‬وإثارة الصراعات بين أبناء املجتمع الواحد‪ .‬وقد تسجأ‬
‫السلطة إلى استعمال العنف في خر لحظة يفشل فوها الحوار ملواجهة املجرمين أو‬
‫املتمردين أو األفراد املنعزلين الذين قد يرفضون أن يخضعوا لسيطرة توافق‬
‫األغلبية أو االكثرية‪ .305‬ومن هنا‪ ،‬فالعنف هو وسيلة ممارسة السلطة ليس إال‪ .‬وقد‬
‫تدل السلطة على السيطرة على اآلخر بواسطة العنف أو سيطرة اإلنسان على‬
‫اإلنسان اآلخر بواسطة العنف‪.‬وفي هذا‪ ،‬تقول حنا أرندت‪:‬‬
‫" إن إحالل العنف محل السلطة قد يحقق النصر‪ ،‬لكن الثمن يكون مرتفعا جدا‪.‬‬
‫ألن من يدفعه اليكون املهزوم وحده‪ ،‬يل يدفعه كذلك الطرف املنتصر‪ ،‬وعلى حساب‬
‫سلطته الخاصة‪ .‬وينطبق هذا الكالم بشكل خاص حين يكون املنتصر من تلك الدول‬
‫التي تحكم‪ ،‬في الداخل‪ ،‬من قبل حكومة دستورية‪ .‬ويبدو لنا هنري ستيل كومانجر‬
‫على حق تماما حين يقول‪ ":‬إذا ما قلبنا نظام العالم‪ ،‬وحطمنا السلم العاملي‪ ،‬سيكون‬
‫علينا‪ ،‬حتما‪ ،‬أن نقلب ونحطم بالتالي مؤسساتنا السياسية نفسها قبل ذلك‪306".‬‬

‫بمعنى أن األنظمة الديمقراطية التي تمارس العنف ود اآلخرين‪ ،‬والسيما‬


‫االستعمارية منها‪ ،‬يكون ثمن عنفها كبيرا ألنها تتناقض مع مؤسساتها الديمقراطية‬
‫التي ترفض ممارسة العنف مهما كان‪ .‬وقد يدفع فقدان السلطة أاحابها إلى إحالل‬
‫العنف محل السلطة‪.‬‬
‫ومن "الناحية السياسية اليكفي أن نقول‪ :‬إن السلطة والعنف ليسا الشايء نفسه‪.‬‬
‫فالسلطة والعنف يتعاروان‪ :‬فحين يحكم أحدهما حكما مطلقا يكون اآلخر غائبا‪.‬‬

‫‪ -305‬حنا أرندت‪ :‬الي العنف‪ ،‬ترجمة‪ :‬إبراهيم العريس‪ ،‬دار الساقي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية ‪2233‬م‪،‬‬
‫ص‪.23:‬‬
‫‪ -306‬نفسه‪ ،‬ص‪.20:‬‬
‫‪380‬‬
‫والعنف يظهر حين تكون السلطة مهددة‪ ،‬لكنه إن ترك على سجيته سينتهي األمر‬
‫باختفاء السلطة‪ .‬ويترتب على هذا أنه من غير الصحيح التفكير بالالعنف بوصفه‬
‫نقيض العنف والحديث عن سلطة العنيفة هراء المعنى له‪ .‬إن بإمكان العنف أن‬
‫يدمر السلطة‪...‬لكنه بالضرورة عاجز عن خلقها‪"307.‬‬
‫وعليه‪ ،‬تسهم السياسة في بروز العنف‪ ،‬وانتشار الثورات واملظاهرات واالوطرابات‬
‫واالنقالبات السياسية والعسكرية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يوجد العنف عندما توجد السياسة‪.‬‬
‫ومي يين جهي يية أخي ييرى‪ ،‬يي ييدرس فوكي ييو‪ ،‬في ييي كتابي ييه (الر اقاـ ــةوالعقاب)‪،308‬نظي ييام السي ييلطة‬
‫باعتبارهييا مؤسسيية مهيكليية ومنظميية‪ ،‬وجهييازا للضييب والتأديييب والعقيياب‪ .‬و ييي كييذلك‬
‫تعبييير عيين املجتمييع الليلرالييي‪ ،‬وقييد تييأثر فوكييو فييي ذلييك بأعمييال بنتهييام (‪ .)Bentham‬وقييد‬
‫بين فوكو في هذا الكتاب أننا قد انطلقنا تاريخيا من مرحلة مراقبة األجساد إلى مرحلة‬
‫مراقبة العقول والسلوكيات‪ .‬ويعني هذا أن الدولة التي تتبج‪ ،‬باملركزيية الغرسيية مبنيية‬
‫على قوة السلطة والتأديب واالنضبا ‪ ،‬ومراقبة األفراد أجسادا‪ ،‬وعقوال‪،‬وسلوكيات‪.‬‬
‫وميين هنييا‪ ،‬فييإن ال ييجن ‪ -‬مييثال‪ -‬نمييوذج لقييوة السييلطة الليلرالييية وقييوة الدوليية وهيبتهييا‪.‬‬
‫ويعني هذا أن فوكيو ييدعو إليى تحريير اإلنسيان مين السيلطة‪ ،‬وتخليصيه مين قيوة الدولية‬
‫املؤسساتية‪.‬‬

‫وميين ناحييية أخييرى‪ ،‬يييدين مشيييل فوكييو املدرسيية واملؤسسيية التربوييية فييي كتابييه(الر اقاــة‬
‫والعقــاب)(‪3633‬م) علييى أسيياس أن املدرسيية فضيياء مغلييق يعنييى بالتأديييب‪ ،‬والعقيياب‪،‬‬
‫واالنضبا ‪ .‬ويعنيي هيذا أن املدرسية تعبيير عين نظيام السيلطة‪.‬كما أنهيا مؤسسية مهيكلية‬

‫‪ -307‬نفسه‪ ،‬ص‪.32:‬‬

‫‪308-Michel Foucault:Surveiller et punir. Naissance de la prison, Paris, Gallimard, 1975,‬‬

‫‪328 p.‬‬
‫‪381‬‬
‫ومنظم ي يية ‪ ،‬وجه ي ييازا للض ي ييب ‪ ،‬والتأدي ي ييب‪ ،‬والعق ي يياب‪ .‬و ي ييي ك ي ييذلك تعبي ي يير ع ي يين املجتم ي ييع‬
‫الليلرال ييي‪ .‬وعليي ييه‪ ،‬يي ييرتب فوكي ييو بفلسي ييفة الس ييلطة ارتباطي ييا وثيقي ييا‪ ،‬ويي ييدافع عي يين حريي يية‬
‫الي ييذات‪ ،‬ويبي ييين أن كي ييل عصي يير يني ييتظ خطابي ييه املي يينظم واملهي يييمن‪ .‬ومي يين ثي ييم‪ ،‬يعلي يين نظي ييام‬
‫الخطاب حقيقة العالم ‪ ،‬ويجسد معاييره اليقينية الثابتة‪.309‬‬

‫رابعا‪ ،‬الدرسة الرأسمالية طاقية بامتياز‪:‬‬


‫لق ييد أف ييرزت املؤسس يية الرأس ييمالية مجموع يية م يين املش يياكل الت ييي أرق ييت علم يياء االجتم يياع‬
‫املدرهاي من بينهيا‪ :‬مشيكل الالمسياواة االجتماعيية داخيل املؤسسية التربويية أو ميا يسيمى‬
‫بالصراع الطبقي واالجتماعي‪ ،‬ومشكل تكافؤ الحظوظ والفرص‪ ،‬ومشكل ديمقراطية‬
‫التعلي يييم‪ ،‬ومشي ييكل االنتقي يياء واالصي ييطفاء ‪ ،‬ومشي ييكل الفي ييوارق الفرديي يية بي ييين املتعلمي ييين‪،‬‬
‫ومشكل اإلخفاق املدرهاي‪ ،‬ومشكل الهدر املدرهاي‪ ،‬ومشكل البطالة‪ ،‬ومشكل العنف‪،‬‬
‫ومشكل غياب العالقة بين املؤسسة التربوية واألسرة‪ ،‬ومشيكل السياعات اإلويافية أو‬
‫الخصوص ييية‪ ،‬ومش ييكل تراج ييع مس ييتوى املتعلم ييين‪ ،‬ومش ييكل ت ييردي املنظوم يية التربوي يية‬
‫وفش ي ييلها االجتم ي يياعي‪ ،‬ومش ي ييكل التوجي ي ييه املدره ي يياي‪ ،‬ومش ي ييكل ت ي ييدني الق ي يييم املجتمعي ي يية‪،‬‬
‫ومشكل البيرقراطية‪ ،‬ومشكل الوسيائ اإلعالميية والرقميية وأثرهيا السيل ي فيي امليتعلم‪،‬‬
‫ومشييكل املدرسيية والتنمييية‪ ،‬ومشيياكل الشيراكة ومشيياريع املؤسسييات التربوييية‪ ،‬ومشييكل‬
‫التفيياوت فييي املسييارات الدراسييية‪ ،‬ومشييكل تخلييف املنظوميية التربوييية‪ ،‬ومشييكل التنشي ة‬
‫االجتماعية‪ ،‬ومشاكل املدرسة في الباديية واملدينية‪ ،‬ومشياكل اإلدارة التربويية‪ ،‬ومشياكل‬
‫النسي ييق التربي ييوي داخي ييل املؤسسي يية التعليميي يية‪ ،‬ومشي يياكل الحيي يياة املدرسي ييية‪ ،‬ومش ي يياكل‬
‫التنش ييي الترب ييوي‪ ،‬ومش يياكل املؤسس ييات االجتماعي يية ف ييي أثن يياء تفاعله ييا م ييع املدرس يية‪،‬‬
‫ومشكل السلطة التربوية‪ ،‬ومشكل العنف الرمزي‪...‬‬
‫‪309- Michel Foucault, Surveiller, Gallimard, Paris, 1975.‬‬

‫‪382‬‬
‫ويبق ي ي مشي ييكل الالمسي يياواة أقي ييدم املشي يياكل التي ييي تناولتهي ييا سوسي يييولوجيا املدرسي يية ألن‬
‫املدرسيية ييي فضيياء للتفيياوت االجتميياعي‪ ،‬ومؤسسيية مجتمعييية للص يراع الطبقييي‪ .‬ويعنييي‬
‫هذا أن املدرسة مجتمع مصغر يعكيس مختليف التناقضيات املوجيودة فيي املجتميع عليى‬
‫املس ييتوى السياه يياي‪ ،‬واالقتص ييادي‪ ،‬واالجتم يياعي‪ ،‬والثق ييافي‪ ،‬واللغ ييوي‪ ..‬و يتمثي يل ه ييذا‬
‫التفيياوت فييي الفييوارق الفردييية املوجييودة بييين املتعلمييين علييى صييعيد التحصيييل الدراهيياي‪،‬‬
‫واخييتالف الرصيييد اللغييوي ميين مييتعلم إلييى خيير حسييب طبيعيية الطبقيية االجتماعييية التييي‬
‫ينتمي ي ييي إلوهي ي ييا‪ .‬إوي ي ييافة إلي ي ييى الفي ي ييوارق السي ي يييكولوجية‪ ،‬واالجتماعيي ي يية ‪ ،‬والديدكتيكيي ي يية‪،‬‬
‫والثقافية‪...‬‬

‫والنن اى مشاكل أخرى تعاني منها املدرسة الرأسمالية سواء أكان ذلك في الغيرب أم فيي‬
‫دول الجنييوب‪ ،‬مثييل‪ :‬مشييكل االكتظييا ‪ ،‬و مشييكل الجييودة الكمييية والكيفييية‪ ،‬ومشييكل‬
‫التحصيييل الدراهيياي‪ ،‬وتفييوق البنييات علييى الييذكور‪ ،‬ومشييكل تكييوين املدرسييين واإلداريييين‬
‫واملتعلم ي ييين‪ ،‬ومش ي ييكل ال ي ييدبلومات والش ي ييهادات املدرس ي ييية‪ ،‬ومش ي ييكل التوجي ي ييه امل ي ييي‪،‬‬
‫ومشييكل الهيرارشييية املدرسييية‪ ،‬ومشييكل العالقييات املدرسييية‪ ،‬ومشييكل اإلطعييام وامليينح‬
‫املدرسييية‪ ،‬ومشييكل التييوتر املدرهيياي‪ ،‬ومشييكل أزميية املدرسيية وسييبل اإلصييالح‪ ،‬ومشييكل‬
‫التفاوت بين املؤسسات‪ ،‬والشعب‪ ،‬واملسالك‪ ،‬والتخصصات‪...‬‬

‫وعليييه‪ ،‬تتجم ييع هييذه املش يياكل كلهييا فييي ثنائي ية النجيياح واإلخفيياق‪ ،‬فالنج يياح ميين نصيييب‬
‫أبناء الطبقة الراقية‪ ،‬واإلخفياق مين نصييب الطبقية العماليية أو املهنيية‪ .‬ويعنيي هيذا أن‬
‫املدرسي يية ي ييي فضي يياء إلنتي يياج الطبقي ييات االجتماعيي يية نفسي ييها ‪ ،‬أو ي ييي مؤسسي يية لتوريي ييث‬
‫املتعلميين مهيين أبائهم‪.‬وهيذا مييا جعيل البيياحثين ييدعون إلييى مدرسية ديمقراطييية حقيقييية‬
‫تتكاف يأ فوهييا الفييرص والحظييوظ ‪،‬أو يييدعون إلييى مدرسيية عادليية ومنصييفة بييدال ميين هييذه‬

‫‪383‬‬
‫املدرسيية الرأسييمالية القائميية علييى االنتقيياء والتمييييز واالصييطفاء الطبقييي‪ ،‬والتييي تحييتكم‬
‫إلى الحسب‪ ،‬والنسب‪ ،‬واألصول االجتماعية والطبقية‪.‬‬

‫ويعنييي هييذا ‪ -‬حس ييب بيييير بورديييو وكل ييود باسييرون‪ -‬أن املدرسيية الرأس ييمالية غي يير عادل يية‬
‫وغيرمنصييفة‪ .‬وسالتييالي‪ ،‬فهييي مدرسيية إيديولوجييية تييتحكم فوهييا الطبقيية الحاكميية بقيمهييا‬
‫ُ‬
‫وامتيازاتهييا‪ ،‬وأنهييا تعييد لنييا الورثيية ألن أبنيياء الطبقييات الشييعبية يمتهنييون مهيين بييائهم‪.‬في‬
‫حي ييين‪ ،‬يسي ييتفيد أبني يياء الطبقي ييات الغنيي يية أو الحاكمي يية باالمتيي ييازات املهنيي يية آلبي ييائهم‪ .‬أي‪:‬‬
‫التوفر املدرسة فرصا متعادلة أو متكاف ة لسجميع‪ ،‬فهناك المساواة ظاهرة‪ .‬ومن هنا‪،‬‬
‫تمييارس املدرسيية الغرسييية الديمقراطييية عنفييا رمزيييا وييد املتعلمييين الييذين ينحييدرون ميين‬
‫الطبقييات الشييعبية أو العمالييية‪ .‬وأكثيير ميين هييذا يتعروييون لإلخفيياق املدرهيياي‪ ،‬ويك ييون‬
‫مستواهم ضحال‪ ،‬ويفتقرون إلى املمجم اللغوي والثقافي الراقي مقارنية بأبنياء الطبقيات‬
‫الغني يية أو الحاكم يية ال ييذين يس ييتفيدون م يين النج يياح وال ييدبلومات الرفيع يية الت ييي ت ييؤهلم‬
‫لتي ييولي املناصي ييب السي ييامية‪ ،‬والحصي ييول علي ييى الوظي ييائف املتميي ييزة في ييي الدولي يية‪ .‬ومي يين هني ييا‪،‬‬
‫فاملدرس يية ييي نت يياج الثقاف يية املهيمن يية‪ ،‬وتعبي يير ع يين مص ييال‪ ،‬الطبق يية الحاكم يية وأهوائه ييا‬
‫وامتيازاتها الطبقية‪.‬‬

‫ولك يين اليعن ييي ه ييذا أن املدرس يية االش ييتراكية مدرس يية عادل يية ومنص ييفة‪ ،‬ب ييل ييي مدرس يية‬
‫جماعي ي يية التعن ي ييى ب ي ييالفرد بش ي ييكل أس ي يياس ‪.‬وسالت ي ييالي‪ ،‬تعط ي ييي األولوي ي يية للنخب ي يية العلمي ي يية‬
‫والتقنييية الراقييية‪ ،‬والتييوفر الحرييية الكامليية ألي تلميييذ بشييكل متسيياو مادامييت مدرسيية‬
‫إيديولوجية وقمعية وسروليتاريية‪ ،‬تيؤمن برعحيان كفية العميال عليى كفية رجيال األعميال‬
‫البورجوازيين املالكين لدواليب االقتصاد‪ .‬بمعنيى أن حظيوظ املسياواة غائبية‪ ،‬بيدورها ‪،‬‬
‫في املدرسة االشتراكية ذات الطابع اإليديولوجي والقم ي‪.‬‬

‫‪384‬‬
‫خامسا‪ ،‬الدرسة أساس الصراع الطاقي والفشل الدراس ي‪:‬‬
‫تنبني املقارسة الصراعية على مفهوم الصراع واالختالف حول السلطة والقوة ‪ .‬ومن‬
‫ثم‪ ،‬فاملجتمع غير خاوع ملبدإ النظام والتوازن واالن جام كما يقول الوظيفيون‬
‫(دوركايم‪ ،‬وسارسونز‪ ،‬وميرتون)‪ ،‬بل قائم على الصراع واالختالف والتوتر‪ .‬وفي هذا‪،‬‬
‫يقول أنتوني غيدنز‪ ،‬في كتابه(علم االجتماع)‪:‬‬

‫" يميل علماء االجتماع الذين يطبقون نظريات الصراع إلى التأكيد على أهمية البنى‬
‫في املجتمع مثلما يفعل الوظيفيون كما أنهم يطرحون نموذجا نظريا شامال لتفسير‬
‫عمل املجتمع‪.‬غير أن أاحاب النظريات الصراعية يرفضون تأكيد الوظيفيين على‬
‫اإلجماع‪ ،‬ويلرزون بدال من ذلك أهمية الخالف والنزاع داخل املجتمع‪ ،‬ويركزون بذلك‬
‫على قضايا السلطة والتفاوت والنضال‪.‬ويميل هؤالء إلى أن املجتمع يتألف من‬
‫مجموعات متميزة تس ى إلى تحقيق أهدافها الخاصة‪ .‬ووجود هذه املصال‪ ،‬املنفصلة‬
‫يعني أن احتمال قيام الصراع بين هذه الجماعات يظل قائما على الدوام‪ ،‬وأن بعضها‬
‫قد ينتفع أكثر من غيره من استمرار الخالف‪ .‬ويميل امللتزمون بنظريات الصراع إلى‬
‫دراسة مواطن التوتر بين املجموعات املسيطرة واملستضعفة في املجتمع‪ ،‬ويسعون‬
‫إلى فهم الكيفية التي تنشأ بها عالقات السيطرة وتدوم‪ .‬ويعزو كثير من منظري‬
‫الصراع راءهم إلى ماركس الذي أكد في مؤلفاته على الصراع الطبقي‪ ،‬إال أن بعضهم‬
‫ينوهون باألثر الذي تركه فيلر على توجهاتهم‪.‬ومن أبرز ممثلي هذا االتجاه عالم‬
‫االجتماع األملاني رالف دارندورف‪ ،‬ففي واحد من أبرز مؤلفاته(الطاقة والصراع‬
‫الطاقي الي الجتمع الصناعي (‪ ، ))3636‬يرى دارندورف أن املفكرين الوظيفيين‬
‫يقصرون دراستهم على جانب واحد من املجتمع‪ -‬أي نواحي الحياة االجتماعية التي‬
‫يتجلى فوها االن جام والتوافق‪ .‬وما يعادل أهمية تلك الجوانب‪ ،‬أو يفرق أهمية‪ ،‬هو‬
‫‪385‬‬
‫النواحي األخرى التي يميزها الصراع واالختالف‪.‬وينتظ الصراع‪ ،‬كما يقول دارندورف‪،‬‬
‫بين مصال‪ ،‬األفراد والجماعات على‬ ‫بشكل أساهاي عن االختالف والتعار‬
‫السواء‪.‬وقد اعتقد ماركس أن اختالف الصالح وقف عكى الطاقات‪ ،‬غير أن‬
‫دارندورف يعزوه بصورة أوسع إلى االختالف عكى السلطة والقوة‪.‬وفي جميع‬
‫املجتمعات ينشأ الخالف والنزاع بين من يملكون السلطة من جهة‪ ،‬ومن يتم‬
‫هم عنها من جهة أخرى‪ .‬أي‪ :‬بين الحكام واملحكومين‪310".‬‬ ‫إقصا‬

‫وسناء على ما سبق‪ ،‬ترتكز املقارسة الصراعية على التوجه املارك اي الجديد على أساس‬
‫أن املدرسة ي فضاء للصراعات الطبقية واالجتماعية واللغوية والرمزية‪ ،‬أو ي‬
‫فضاء للصراع حول السلطة والقوة كما يقول دارندورف‪ .‬وتتبنى هذه املقارسة‬
‫التصورات النقدية في ووء مقترب مارك اي جديد‪ .‬وخير من يمثل هذه املقارية كل‬
‫من بيير بورديو (‪ ، )Pierre Bourdieu‬وسودلو(‪ ،)Baudelot‬وإستابليت(‪،)Establet‬‬
‫وسرنار الهير(‪ ،)Bernard Lahire‬و كوالنز (‪ ،)Collins‬و بازل برنشتاين ( ‪Basil‬‬
‫‪...)Bernstein‬‬
‫وتنطلق هذه املقارسة من أن العالقات االجتماعية ي التي تتحكم في التوجيه‬
‫املدرهاي‪ .‬و ي التي تسهم في تحقيق النجاح أو تكون وراء اإلخفاق الدراهاي‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫فاألصل االجتماعي عنصر مهم في التحليل السوسيولوجي‪ ،‬لكنه اليعتلر العنصر‬
‫الوحيد في فهم الظاهرة التربوية وتفسيرها اجتماعيا‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملدرسة في منظور‬
‫هذه النظرية مثل لة إلعادة إنتاج الالمساواة الطبقية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ - 310‬أنتوني غيدنز‪ :‬علم االجتماع‪ ،‬ترجمة‪ :‬فايز الصياغ‪ ،‬منشورات املنظمة العرسية للترجمة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪ ،‬ص‪.33:‬‬
‫‪386‬‬
‫وقد طرحت السوسيولوجيا التربوية‪ ،‬في سنوات الستين من القرن املاضاي‪ ،‬سؤال‬
‫الالمساواة‪ ،‬وكان سؤاال جوهريا‪ ،‬وأسال كثيرا من الحلر إلى يومنا هذا‪ .‬أما قبل ذلك‪،‬‬
‫فكان سؤال التنشئة االجتماعية وإدماج الفرد في حضن املجتع مع إميل دوركايم‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يعد سؤال الالمساواة املدرسية نتاج لالمساواة الطبقية واالجتماعية‪ .‬ومعنى‬
‫هذا أن املدرسة تعبير عن الفوارق الفردية‪ ،‬والطبقية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬واللغوية‪،‬‬
‫والثقافية‪.‬فأبناء األغنياء والطبقات املرموقة يحصلون على معدالت مرتفعة‪،‬‬
‫ويستفيدون من التعليم الجام ي‪ .‬في حين‪ ،‬يحصل أبناء الطبقات الدنيا على معدالت‬
‫وعيفة‪ ،‬ويعانون من فوارق التحصيل والذكاء‪.‬ثم‪ ،‬اليستطيعون متابعة دراساتهم‬
‫الجامعية‪ ،‬فيكتفون بالتوجيه امل ي أو التقني‪ .‬وهذا إن دل على (ايء‪ ،‬فإنما يدل على‬
‫أن املدرسة الرأسمالية الطبقية تعيد لنا إنتاج الورثة بامتيازاتهم الطبقية‬
‫واالجتماعية‪ .‬بينما يفتقر أبناء الطبقة العمالية إلى الرأسمال الثقافي الذي يمتلكه‬
‫أبناء الطبقة البورجوازية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تمارس املدرسة الرأسمالية عنفا رمزيا ود أبناء‬
‫الطبقات الكادحة أو امل حوقة اجتماعيا‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يبدو أن وظيفة املدرسة ‪ -‬حسب‬
‫بيير بوردو وكلود باسرون ‪ -‬ي تحقيق الالمساواة الطبقية واالجتماعية‪.‬وليست‬
‫املدرسة محايدة أو موووعية أو عادلة أو كونية‪ ،‬بل تخدم مصال‪ ،‬الطبقة السائدة‬
‫أو قيم الف ة املهيمنة على الحكم ليس إال‪.‬‬

‫وتييرى هييذه املقارسيية أن املدرسيية ال تنتقييي ميين هييو أكثيير ذ يكياء وقييدرة وإنتاجييا وإبييداعا‪ ،‬بييل‬
‫ميين هييو أكثيير مطابقيية ومسييايرة لتمييثالت الف يية الحاكميية‪.‬أي‪ :‬تختييار ميين ينفييذ تعليمييات‬
‫الطبقة املالكة للسلطة‪ ،‬ويعيد إنتاج قيمها‪.‬‬
‫وقيد تنياول بيييير بوردييو مفهيوم إعييادة اإلنتياج بالتحلييل والدراسيية والتقيويم عنيدما ركييز‬
‫اهتمام ي ييه السوس ي يييولوجي عل ي ييى النظ ي ييام الترب ي ييوي الفرن ي يياي م ي ييع ص ي ييديقه ج ي ييان كل ي ييود‬

‫‪387‬‬
‫باسييرون(‪ ، )Jean-Claude Passeron‬فييي كتابهمييا (إعــاة اإلنتــاج) منييذ سيينوات السييتين‬
‫إذ كانييت هييذه الفتييرة مرحليية التطييور واالزدهييار العلمييي واملنهجييي‬ ‫م يين الق يرن املاض يياي‪311‬‬

‫لسوسيولوجيا التربية‪.‬‬

‫ويمكي ي يين القي ي ييول ‪:‬إن بييي ي يير بورديي ي ييو وكلي ي ييود باسي ي ييرون همي ي ييا اللي ي ييذان أعطيي ي ييا والدة ثانيي ي يية‬
‫لسوسيولوجيا التربية‪ .‬وقد انطلقا من فروية سوسييولوجية أساسيية‪،‬تتمثل فيي كيون‬
‫املتعلمين اليملكون الحظوظ نفسها في تحقيق النجاح املدرهياي‪ .‬ويرجيع هيذا االخيتالف‬
‫إل ييى التراتبي يية االجتماعي يية‪ ،‬والتف يياوت الطبق ييي‪ ،‬ووج ييود ف ييوارق فردي يية داخ ييل الفصي ييل‬
‫الدراهاي نفسه‪.‬‬

‫وق ي ييد ق ي ييادت األبح ي يياث السوس ي يييولوجية واإلحص ي ييائية بوردي ي ييو وساس ي ييرون إل ي ييى اس ي ييتنتاج‬
‫أساهيياي هييو أن الثقافيية التييي يتلقاهييا املييتعلم فييي املدرسيية الفرنسييية الرأسييمالية ليسييت‬
‫ثقافيية مووييوعية أو نزيهيية أومحايييدة‪ ،‬بييل ييي ثقافيية مؤدلجيية تعليير عيين ثقافيية الهيمنيية‬
‫وثقافة الطبقة الحاكمة‪ .‬وليست التنش ة االجتماعية تحرييرا للميتعلم‪ ،‬بيل إدماجيا ليه‬
‫فييي املجتمييع فييي إطييار ثقافيية التوافييق‪ ،‬والتطبييع‪ ،‬واالنضييبا املجتم ي‪.‬وسالتييالي‪ ،‬تعيييد لنييا‬
‫املدرسي ي يية إنتي ي يياج الطبقي ي ييات االجتماعيي ي يية نفسي ي ييها عي ي يين طريي ي ييق االصي ي ييطفاء‪ ،‬واالنتقي ي يياء‪،‬‬
‫واالنتخاب‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهي مدرسة الالمساواة االجتماعية بامتياز‪.‬‬

‫ويعن ييي ه ييذا كل ييه أن سوس يييولوجيا التربي يية النقدي يية ق ييد عرف ييت من ييى مهم ييا ف ييي س يينوات‬
‫السييتين إلييى غاييية سينوات السييبعين ميين القييرن العشييرين‪ .‬وقييد اتخييذت بعييدا علميييا أكثيير‬
‫ممي ييا هي ييو سياهي يياي بعي ييد أن توسي ييعت الهي ييوة بي ييين النظريي يية والتطبيي ييق‪ ،‬أو بي ييين املؤسسي يية‬
‫التربويي يية واملجتمي ييع‪ ،‬والسي يييما بعي ييد تحي ييول املدرسي يية الرأسي ييمالية إلي ييى فضي يياء للمنافسي يية‬
‫‪311 -Pierre‬‬ ‫‪Bourdieu et Jean-Claude Passeron, Les héritiers : les étudiants et la culture,‬‬
‫‪Paris, Les Éditions de Minuit, coll. « Grands documents » (no 18), 1964, 183 p.‬‬
‫‪388‬‬
‫والتطي ي يياحن والص ي ي يراعات االجتماعيي ي يية والطبقيي ي يية‪ ،‬أو تحولهي ي ييا إلي ي ييى مؤسسي ي يية تفاوتيي ي يية‬
‫هيرارشي ييية‪ ،‬أو مدرسي يية تراتبيي يية طبقيي يية تنعي ييدم فوهي ييا العدالي يية االجتماعيي يية الحقيقيي يية‪،‬‬
‫وتغيييب فوهييا املسيياواة علييى مسييتوى الفييرص والحظييوظ حيييث يكييون الفشييل واإلخفيياق‬
‫مييتل أبنيياء الطبقييات الشييعبية‪ .‬فييي حييين‪ ،‬يكييون النجيياح حليييف أبنيياء الطبقييات الغنييية‪،‬‬
‫وأبني يياء الطبقي يية الحاكمي يية‪.‬أي‪ :‬أصي ييبحت مدرسي يية فارقيي يية بامتيي يياز‪ ،‬أو مدرسي يية لالنتقي يياء‬
‫واالصطفاء الطبقي والتميز االجتماعي‪.‬‬

‫وللتوويح أكثر ينطلق بورديو وساسرون من فكرة أساسية ي" أن املدرسة تعمل وفق‬
‫تقسيييم املجتمييع إلييى طبقييات‪ .‬و ييي بييذلك تكييرس إعييادة اإلنتيياج واملحافظيية علييى الووييع‬
‫القييائم الييذي أنتجها‪.‬وتبعييا لهيذا‪ ،‬فييإن األطفييال ‪ ،‬ومنييذ البداييية‪ -‬قبييل ولييوجهم املدرسيية‪-‬‬
‫غي يير متس يياوين أم ييام املدرس يية والثقاف يية‪ .‬أي‪ :‬غي يير متس يياوين ف ييي الرأس ييمال الثق ييافي (أي‬
‫امييتالك املهييارات اللغوييية املالئميية التييي تسييهل عملييية التواصييل التربييوي)‪.‬ولكي تحييافء‬
‫املدرسيية علييى وظيفتهييا‪ -‬إعييادة اإلنتيياج‪ -‬فهييي تفيير معيييارا ثقافيييا ولغويييا معينييا‪ ،‬وهييو‬
‫أق ييرب إل ييى اللغ يية والثقاف يية الس يياريتين ف ييي األس يير البورجوازي يية من ييه ف ييي األس يير والطبق ييات‬
‫الشييعبية‪.‬إن ه ييذا اإليتييوس(‪. )Ethos‬أي‪ :‬النظ ييام القيم ييي املس ييتبطن بعمييق‪ ،‬والييذي ه ييو‬
‫لصال‪ ،‬الطبقات املسيطرة يؤدي إلى خلق نوع من االستعداد أو األبيتوس لدى األفيراد‬
‫عن طريق العميل التربيوي اليذي يسي ى أساسيا لتشيريب التعسيف الثقيافي املفيرو مين‬
‫قبل الجماعة املسيطرة‪.‬‬

‫وه ييذا يعن ييي أن طف ييل الف يية البورجوازي يية يع ييي اس ييتمرارية وتك ييامال ب ييين ثقاف يية ف ت ييه‬
‫وثقافيية مدرسييته‪ ،‬ممييا يسييهل عليييه عملييية التوافييق‪ ،‬إن لييم يكيين مسييبقا متوافقييا‪ .‬وميين‬
‫ثمة‪ ،‬يصبح وريثا للنظام املدرهاي‪.‬‬

‫‪389‬‬
‫أم ييا طف ييل الطبق يية ال ييدنيا‪ ،‬فه ييو يع ييي قطيع يية ب ييين ثقاف يية ف ت ييه وثقاف يية مدرس ييته‪.‬مما‬
‫من‬ ‫يجعل هذه األخيرة غريبة وبعيدة عنه‪.‬ولكي يتوافق دراسيا معها‪ ،‬عليه أن يتخل‬
‫رواس ييب ثقافت ييه‪ ،‬و ي ييتعلم طرائ ييق جدي ييدة ف ييي التفكي يير واللغ يية والس ييلوك‪.‬أي‪ :‬أن يم يير‪،‬‬
‫حسييب تعبييير بيرنييو (‪ ،)Perrnoud‬أوال بعملييية االنحييالل ميين الثقافيية‪ ،‬ثييم ثانيييا بعملييية‬
‫املثاقفة‪.‬‬

‫وعليى العمييوم‪ ،‬فيإن أطروحيية بورديييو وساسيرون توضيي‪ ،‬أن األهيداف الضييمنية للمدرسيية‬
‫تخ ييدم التكام ييل بينه ييا وس ييين الطبق يية املس يييطرة‪ ،‬مم ييا يجع ييل أبن يياء ه ييذه األخي ييرة أطف يياال‬
‫ني يياعحين دراسي يييا‪ .‬في ييي حي ييين‪ ،‬إن انعي ييدام التكامي ييل بي ييين املدرسي يية والطبقي يية الي ييدنيا‪ ،‬تبعي ييا‬
‫لنهداف نفسها‪ ،‬يجعل الفشل الدراهاي يحصد ضحاياه ومن أبنائها‪312".‬‬

‫ويعني هذا أن السؤال الذي ركزت عليه سوسيولوجيا التربية‪ ،‬في سنوات الستين‪ ،‬هيو‬
‫ســؤال الالمســاواة الدرســية التييي تعكييس الالمسيياواة الطبقييية واالجتماعييية‪ .‬وتعكييس‬
‫م ييدى اخي ييتالف أبني يياء الطبقي ييات العماليي يية عي يين أبني يياء الطبقي ييات املحظوطي يية‪ ،‬واخي ييتالف‬
‫املسييتوى التعليمييي الطويييل الييذي يرتيياده أبنيياء الطبقييات املحظوظيية‪ ،‬والتعليييم القصييير‬
‫الييذي يكييون ميين حييء أبنيياء الطبقييات الييدنيا‪ ،‬والسيييما أبنيياء الطبقييات العمالييية وأبنيياء‬
‫املهاجرين على حد سواء ‪.‬لذا‪ ،‬يغلب النقد املارك اي الجديد عليى هيذه السوسييولوجيا‬
‫الستينية‪ .‬والدليل على ذلك الثورة العارمية التيي اشيتعل أوارهيا فيي سينة ‪3630‬م بسيبب‬
‫املدرسي يية الرأسي ييمالية التي ييي كاني ييت ‪ -‬فعي ييال‪ -‬مدرسي يية طبقيي يية بامتيي يياز‪ .‬ويتمثي ييل الحي ييل في ييي‬
‫دمقرطة التعليم‪ ،‬وتحقيق املساواة االجتماعية الشاملة‪ ،‬والحد من الفوارق الطبقيية‬

‫‪ - 312‬خالد امليير و خيرون‪ :‬أهميـة سوسـيولوجيا التربيـة‪ ،‬سلسيلة التكيوين التربيوي‪ ،‬العيدد‪ ،6‬مطبعية النجياح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية سنة ‪3663‬م‪ ،‬ص‪.33-33:‬‬
‫‪390‬‬
‫واملجتمعي يية‪ ،‬ومن ييع ممارس يية العن ييف الرم ييزي و ييد املتعلم ييين ‪ ،‬وخل ييق مدرس يية موح ييدة‬
‫تحقق النجاح لجميع املتعلمين دون تمييز‪ ،‬أو انتقاء‪ ،‬أو اصطفاء‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يمكن اعتبار دراسات بورديو نقدا للدراسات الكالسيكية حيول سوسييولوجيا‬
‫التربي يية إذ اعتم ييدت عل ييى املقارس يية املاركس ييية الجدي ييدة ف ييي دراس يية املدرس يية الفرنس ييية‬
‫بص ييفة خاص يية‪ ،‬واملدرس يية الرأس ييمالية بص ييفة عام يية‪ ،‬عل ييى أس يياس أن املدرس يية فض يياء‬
‫للتنافس والهيمنة والصراع الطبقي واملجتم ي‪.‬‬

‫ولييم تقتصيير نظرييية إعييادة اإلنتيياج عنييد بيييير بورديييو علييى ميياهو ترسييوي فق ي ‪ ،‬بييل اهييتم‬
‫كييذلك بدراسيية إعييادة إنتيياج الهيمنيية الذكورييية فييي املجتمييع القبييائلي التقليييدي بييالجزائر‬
‫في كتابه القيم (الهيمنة الذكورية‪.313)La Domination masculine/‬‬

‫سادسا‪ :‬الدرسة فضاء لالصطفاء الجتمعي‪:‬‬


‫يييرى ك ييوالنز (‪ )Collins‬أن األف يراد الي ييتم انتقييا هم واص ييطفا هم عل ييى أس يياس الق ييدرات‬
‫الذكائية والتقنية واملعارف التحصيلية فحسب‪ ،‬بيل عليى أسياس االنتمياء إليى الجماعية‬
‫املسيييطرة ثقافيييا بتمث ييل تصييوراتها‪ ،‬واتب يياع قيمهييا‪ .‬وميين ث ييم‪ ،‬يكميين الص يراع فييي و ييغ‬
‫الجماعييات الحاكميية علييى املشييغلين بييأن يعتمييدوا علييى الشييهادات فييي عمليييات االنتقيياء‬
‫واالصييطفاء‪ .‬ع ييالوة علييى معييايير التبعي يية الثقافي يية والحزسي يية واإليديولوجييية‪ .314‬و" ميين‬
‫وييمن مييا يؤخييذ علييى هييذه األطروحيية أنهييا انبنييت فق ي علييى بعييض املعطيييات املرتبطيية‬
‫بسياسيية االنتقيياء واالختيييار‪ ،‬وسرواتييب املقيياوالت األمريكييية ممييا يصييعب تعميمهييا علييى‬

‫‪313 - Pierre Bourdieu, La Domination masculine, Paris, Le Seuil, 1998, coll. Liber, 134 p.‬‬

‫‪314- R.Collins: The Credential Society, NewYork, Academic press, 1979.‬‬

‫‪391‬‬
‫جميع األنظمة‪.‬غير أنيه‪ ،‬وعليى اليرغم مين هيذا القصيور‪ ،‬فقيد اسيتطاعت أن تبيين وجهيا‬
‫من وجوه مفارقات العالقة بين التطور التربوي ومثيله االجتماعي"‪.315‬‬
‫ويعني هذا أن كوالنز يثبت أن األصل االجتماعي والطبقي له دور مهم فيي تحدييد مصيير‬
‫الفرد‪.‬عالوة على انتماءاتهم الحزسية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬واإليديولوجية‪.‬‬
‫وتتمثل أطروحية بودليو وإسيتابلي فيي كيون املدرسية الرأسيمالية تنقسيم إليى قنياتين‪ :‬قنياة‬
‫التعلي يييم االبتي ييدائي ذات التوجي ييه امل ي ييي‪ ،‬وقني يياة التعلي يييم الثي ييانوي والعي ييالي ذات التوجي ييه‬
‫االحترافي‪.‬ويترت ي ييب ع ي يين القن ي يياتين أن أبن ي يياء الطبق ي يية العامل ي يية يكتف ي ييون ب ي ييالتعليم امل ي ييي‬
‫القصير‪.‬في حين‪ ،‬يهتم أبناء البورجوازية بالتعليم العالي الطوييل‪ .‬وينيتظ عين هيذا وجيود‬
‫صراع طبقي واجتماعي داخل املدرسة‪.‬‬
‫" وهكييذا‪ ،‬يتضيي‪ ،‬أن أطروحيية بودلييو وإسييتابلي تتميييز بالنقييد العنيييف واملتجييذر للنظييام‬
‫التعليمييي الرأسييمالي( الفرن يياي)‪ ،‬غييير أن هييذا النقييد‪ ،‬كمييا يجمييع جييل البيياحثين‪ ،‬يغلييب‬
‫علي ييه الط ييابع السياه يياي واإلي ييديولوجي ال ييذي طب ييع فت ييرة الس ييتينيات والس ييبعينيات م يين‬
‫الق ييرن املاض يياي‪ ،‬كم ييا أن ييه ت ييأثر ب يينم التنظي يير ال ييوظيفي‪ ،‬ش ييأنه ف ييي ذل ييك ش ييأن الثن ييائي‬
‫بورديو وساسرون‪ ،‬ذلك أن أطروحتهميا حيول إعيادة اإلنتياج‪ ،‬وأطروحية القنياتين لبودليو‬
‫وإستابلي‪ ،‬ركزتا على وظيفة املدرسة من حيث ي وظيفة اصطفائية‪ ،‬تعطي الشرعية‬
‫للتفاوت االجتماعي‪ ،‬وتكرس الصراع بين الف ات االجتماعيية‪.‬إنها وظيفية مرتبطية عنيد‬
‫األولى بالجانب االجتماعي‪-‬الثقافي‪ ،‬وعند الثانية بالجانب السياهاي‪-‬اإليديولوجي‪316".‬‬

‫وهكيذا‪ ،‬ييرتب بودليو وإسيتابلي بأطروحية القنياتين أو أطروحية التعلييم امل يي فيي مقابيل‬
‫التعليييم الجييام ي العييام‪ .‬فأبنيياء الطبقييات امل ييحوقة اجتماعيييا يختييارون التعليييم امل ييي‬

‫‪ -315‬خالد املير وإدريس قاسمي و خرون ‪:‬أهمية سوسيولوجيا التربية ‪ ،‬والدرسة ووظا فها‪ ،‬سلسلة‬
‫التكوين التربوي‪ ،‬العدد ‪ ،6‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية سنة‬
‫‪3663‬م‪ ،.‬ص‪.32-36:‬‬
‫‪ -316‬نفسه‪ ،‬ص‪.33-33:‬‬
‫‪392‬‬
‫ذي األم ي ييد القص ي ييير‪ ،‬وأبن ي يياء الطبق ي يية الحاك ي يية يخت ي ييارون التعل ي يييم الج ي ييام ي ذي األم ي ييد‬
‫الطويل‪.‬‬
‫سابعا‪ ،‬الدرسة والصراع اللغوي‪:‬‬
‫يتح ييدث بيي يير بوردي ييو ع يين الرأس ييمال اللغ ييوي م يين جه يية‪ ،‬والس ييوق األلس يينية م يين جه يية‬
‫أخرى‪ ،‬ومن ما يسمى باللسانيات االجتماعية‪.‬‬

‫وإذا كييان اللس يياني األمريك ييي نييوام شومس ييكي يتح ييدث ع يين الكفيياءة واإلنج يياز‪ ،‬ف ييإن بيي يير‬
‫بورديو يتحدث عن الكفاءة والسوق األلسنية على أساس أن هذه السيوق الرأسيمالية‬
‫ييي التييي تييثمن لغيية مييا‪ ،‬وتحي ميين‬ ‫االسييتثمارية واإلنتاجييية الخاوييعة للطلييب والعيير‬
‫لغ ييات أخ ييرى‪ .‬ويعن ييي ه ييذا أن اللغ يية القيم يية له ييا ف ييي الس ييوق األلس يينية إال إذا كن ييت تل ييك‬
‫اللغة تملك سلطة وهيمنة ورأسماال ماديا‪ ،‬وثقافيا‪ ،‬ومعنويا‪.‬‬

‫وللتمثيل‪ ،‬تحتل اللغة اإلنجليزية ‪ -‬عامليا‪ -‬مكانة كلرى في السوق األلسنية مقارنة بباقي‬
‫اللغات األخرى ألنها مرتبطة بهيمنة الواليات املتحدة األمريكية على العالم اقتصادا‪،‬‬
‫وثقافة‪ ،‬وتسليحا‪ ،‬وهيمنة‪ .‬بمعنى أن لغة الواليات املتحدة تتمتع بالسلطة والهيمنة‬
‫اللغوية‪ ،‬كما يتمتع الدوالر بتلك القيمة نفسها‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تتمتع اللغة الفص ى املعيارية بمكانة كلرى مؤسساتيا وترسويا‬
‫ومجتمعيا مقارنة باللغة الشعبية‪ .‬ومن اليمتلك هذا اللسان الفصيح اليستطيع أن‬
‫يحظ بمكانة داخل املجتمع‪.‬‬

‫والطلب‪،‬‬ ‫وفي املغرب‪ ،‬ثمة سوق ألسنية متنوعة ومختلفة قائمة على العر‬
‫تتضمن الفص ى‪ ،‬واللغة الفرنسية‪ ،‬واألمازيغية‪ ،‬والحسانية‪ ،‬والدارجة‪...‬لكن‬

‫‪393‬‬
‫االمتياز األكلر للغة الفرنسية ومن يتقنها‪ .‬فهي لغة الترقي والتميز والحصول على‬
‫املناصب العليا في الدولة‪.‬‬

‫وأكثر من هذا تجد املثقفين املغارسة يقبلون على الصحف والكتب التي تستعمل‬
‫اللغة الفرنسية ألنها لغة العلم‪ ،‬والحظوة‪ ،‬والهيمنة‪ ،‬واالصطفاء‪ .‬والشايء نفسه‬
‫بالنسبة للهجات األمازيغية في املغرب‪ ،‬فاللهجة السوسية تحظ بهيمنة كلرى مقارنة‬
‫بسبب الهيمنة السياسية واالقتصادية‬ ‫باللهجة الريفية ولهجة األطلس املتوس‬
‫والثقافية ألهل سوس وطنيا‪ ،‬ومحليا‪ ،‬وجهويا‪...‬‬

‫وتتشكل اللسانيات التعبيرية والخطابية حسب بورديو من هابيتوس ألسني (يشبه‬


‫الكفاءة عند نوام شومسكي) وسوق ألسنية‪ .‬وال ترتب الجملة عند بورديو بالكفاءة‬
‫واإلنجاز كما يقول شومسكي‪ ،‬بل بالهابيتوس والحالة السياقية املجتمعية‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫ليست املقبولية لسانية محضة‪ ،‬بل يتحكم فوها الواقع اللغوي‪،‬أو تتالءم مع السوق‬
‫والطلب‪ ،‬وقانون السعر االقتصادي‪.‬‬ ‫األلسنية‪.‬وتخضع هذه السوق لثنائية العر‬
‫ومن ثم‪ ،‬فهذه السوق (ايء ملموس وتجريدي في الوقت نفسه‪.‬إنها على نحو ملموس‬
‫حالة اجتماعية معينة رسمية وذات طقوس‪ .‬وهنا‪ ،‬نحتكم إلى الرأسمال األلسني‪.‬‬

‫فمثال‪ ،‬من يمتلك اللغة الفرنسية من جهة‪ ،‬أو اللغة اإلنجليزية من جهة أخرى‪ ،‬في‬
‫بلدنا املغرب‪ ،‬فقد ومن الفوز والترقي والحصول على الوظائف واملناصب العليا‬
‫الكفء أو املؤهل‪.‬‬ ‫بسبب الرأسمال اللغوي أو اللساني الذي يملكه ذلك ال خ‬
‫لغة معينة‪ ،‬وترعحها على كفة لغة أخرى‬ ‫لذلك‪ ،‬فالسوق اللسانية ي التي تفر‬
‫حسب معيار الطلب والعر ‪ ،‬ومعيار التثمين‪ ،‬والتمييز‪ ،‬والتقويم‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول بورديو‪:‬‬

‫‪394‬‬
‫" إدراج السوق مرة أخرى هو التذكير أن ال قيمة ألهلية ما طاملا ال تحظ بسوق ما‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فالناس الذين يريدون اليوم أن يدافعوا عن قيمتهم بصفتهم يملكون رأس‬
‫مال التينيا ( الذين يتقنون الالتينية) مرغمون على أن يدافعوا عن وجود سوق للغة‬
‫إعادة إنتاج مستهلكين للغة الالتينية في النظام املدرهاي‪.‬‬ ‫الالتينية ‪ ،‬أي باألخ‬

‫ثمة نزعة تقليدية معينة مروية أحيانا‪ ،‬في النظام املدرهاي التفهم إال من خالل هذا‬
‫القانون البسي أال وهو أن تخصصا من دون سوق يصبح من دون قيمة أو على‬
‫نحو أدق‪ ،‬يكف عن أن يكون رأسمال لغويا ليصبح تخصصا فحسب في مفهوم‬
‫األلسنيين ‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬اليعرف رأس مال ما وال يحمل منفعة بصفته هذه إال في سوق معينة‪.‬اآلن‪ ،‬يتعين‬
‫أن نحدد قليال مفهوم السوق هذا ونحاول أن نصف العالقات املوووعية التي تمنح‬
‫البنية لهذه السوق‪.‬ما ي السوق؟ ثمة منتجون فرديون يعروون منتجهم ومن ثم‬
‫يقيمه اآلخرون وينبثق بناء على ذلك سعر السوق‪ .‬هذه النظرة الليلرالية للسوق‬
‫خاط ة في ما يتصل بالسوق اللغوية والسوق االقتصادية على حد سواء‪ .‬كما يوجد‬
‫في السوق االقتصادية احتكارات وعالقات قوى موووعية التضع املنتجين وال جميع‬
‫السوق اللغوية فثمة‬ ‫املنتجات في مستوى واحد في البدء‪ ،‬كذلك األمر في ما يخ‬
‫عالقات قوى‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬للسوق اللغوية قوانين تكوين أسعار بحيث إن جميع منتجي النتاجات اللسانية‬
‫والكالمية غير متساوين‪ .‬إن عالقات القوى التي تهيمن على هذه السوق والتي تؤدي في‬

‫‪395‬‬
‫أن السوق‬ ‫الحال إلى منح امتيازات إلى بعض املنتجين وبعض النتاجات‪ ،‬تفتر‬
‫األلسنية موحدة نسبيا‪317".‬‬

‫وينبغي أن تكون السوق اللغوية موحدة‪ ،‬وتخضع لعالقات الهيمنة‪ ،‬واالوطهاد‪،‬‬


‫والصراع‪ ،‬والرقابة‪ .‬وفي هذا‪ ،‬يقول بورديو‪:‬‬

‫" تمارس في السوق اللغوية أشكال من االوطهاد لها منطق خاص‪ ،‬وكما هو الحال‬
‫في كل سوق للثروات الرمزية‪ ،‬ثمة أشكال للهيمنة املتخصصة التقتصر إطالقا على‬
‫الهيمنة االقتصادية البحتة‪ ،‬ال في أسلوب ممارستها وال في املنافع التي تمنحها‪318".‬‬

‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يتميز الحقل الثقافي بهيمنة مجموعة من الرساميل الرمزية ‪ ،‬والسيما الرأسمال‬
‫الثقافي‪ ،‬والرأسمالي اللساني‪.319‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬انتشرت اللسانيات االجتماعية في الواليات املتحدة األمركية بشكل‬
‫الفت لالنتباه بسبب تواجد الكثير من الجاليات األجنبية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ارتبطت بمجال‬
‫التربية والتعليم ارتباطا وثيقا كما عند بازيل برنشتاين (‪ )Basil Bernstein‬الذي‬
‫تحدث عن شفرتين لغوييتن اجتماعيين متقابلتين‪ :‬لغة ويقة ومفككة ووعيفة عند‬
‫أبناء الفقراء‪ ،‬ولغة غنية وموسعة عند أبناء األغنياء‪.‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول عبد‬
‫الكريم بوفرة‪:‬‬

‫‪ - 317‬بيير بورديو‪ :‬الرمز والسلطة‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد السالم بنعبد العالي‪ ،‬دار توسقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3603‬م‪ ،‬ص‪.222-223:‬‬
‫‪ - 318‬بيير بورديو‪ :‬مسا ل الي علم االجتماع‪ ،‬ترجمة‪ :‬هناء صب ي‪ ،‬هي ة أبوظ ي للسياحة والثقافة‪( ،‬مشروع‬
‫كلمة)‪،‬اإلمارات العرسية املتحدة‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2232‬م‪ ،‬ص‪ .223:‬بيير بورديو‪ :‬الرمز والسلطة‪،‬‬
‫ترجمة‪ :‬عبد السالم بنعبد العالي‪ ،‬دار توسقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3603‬م‪.‬‬
‫‪319 -Pierre Bourdieu, Ce que parler veut dire : l'économie des échanges linguistiques,‬‬

‫‪Paris, Fayard, 1982, 244 p.‬‬


‫‪396‬‬
‫" انتبه برنشتاين إلى العالقة املباشرة بين اإلنتاجات اللغوية الواقعية وسين الووعية‬
‫االجتماعية للمتكلمين أو الناطقين اللغويين‪ .‬وانطلق من هذه املالحظة لكي يصل إلى‬
‫استنتاج عام‪ ،‬مفاده أن أبناء الشرائح االجتماعية املتواوعة يعرفون نسب فشل‬
‫دراهاي أكلر من أول ك املنتمين إلى طبقات اجتماعية مستقرة ماديا‪ .‬ويتميز هذا‬
‫التفاوت بالفرق بين نظامين لغويين اثنين‪ :‬واحد ويق‪ ،‬واآلخر متسع‪...‬‬

‫وملعرفة ججم الفرق بين النظامين أعاله تم إخضاع تالميذ املستويين االجتماعيين‬
‫املختلفين لتجرسة مثيرة لالهتمام‪ .‬فقد طلب منهم التعليق كتابة على مجموعة من‬
‫الرسوم املتحركة الصامتة‪ .‬فماذا كانت النتيجة؟‬

‫كان جواب الف ة األولى (تالميذ الطبقة االجتماعية املتواوعة) على الشكل التالي‪:‬‬

‫" هم يلعبون بالكرة‪ ،‬قذف‪ ،‬تكسر الزجاج‪"...‬‬

‫بينما كان تعليق الف ة الثانية (تالميذ الطبقة الغنية) بهذا األسلوب‪:‬‬

‫" كان األطفال يلعبون بالكرة‪ ،‬قذف واحد منهم الكرة‪ ،‬ومرت علر النافذة‪ ،‬وكسرت‬
‫الزجاج‪"...‬‬

‫ويكمن الفرق بين النظامين في شكل التعبير من الناحية اللغوية‪ ،‬أي من حيث قواعد‬
‫النحو والتركيب أوال‪ .‬ففي الحالة األولى‪ ،‬نجد جمال قصيرة ‪ ،‬تفتقر إلى ومائر الرس‬
‫مع ممجم محدود جدا‪.‬لذا‪ ،‬يجد أول ك التالميذ صعوسة كلرى في التعبير‪ .‬فهم‬
‫عاجزون عن التعلم‪ ،‬وعن ر ية العالم‪.‬‬

‫‪397‬‬
‫ة االجتماعية تنشأ في األسرة‪ ،‬وليس في املدرسة‪320".‬‬ ‫وهذا يعني أن التعلم والتنش‬

‫ذات طابع لغوي ولساني‪.‬بمعنى أن‬ ‫‪321‬‬ ‫وعليه‪ ،‬يبدو أن أطروحة بازل برنشتاين‬
‫املدرسة فضاء للصراع اللغوي واللساني‪ .‬فلغة أبناء الطبقة الوسط والعليا تتسم‬
‫املنطقي والحجاجي ‪ .‬وتميل أيضا إلى‬ ‫بالخصوسة واالسترسال واملرونة والتراب‬
‫التجريد‪ ،‬والترميز ‪ ،‬والصورنة املنطقية‪ .‬عالوة على استعمالها لسجمل الطويلة التي‬
‫تما بالنعوت واألوصاف واملصادر املؤولة وأدوات الوصل والفصل‪.‬في حين‪ ،‬تتسم‬
‫لغة أبناء الطبقة الدنيا باستعمال شفرة لغوية ويقة ومحدودة وم خصة‬
‫حسيا‪.‬كما أنها لغة مفككة ومهلهلة غير خاوعة لعمليات التحليل والتأليف املنطقي‬
‫استقراء واستنتاجا‪.‬بيد أن هذه النظرية اليمكن تعميمها بشكل علمي ومنطقي‪.‬فثمة‬
‫أبناء من الطبقة الفقيرة يستعملون اللغة بشكل حيوي‪ ،‬ويحققون درجات من‬
‫النجاح والتقدم في مستواهم الدراهاي‪ ،‬على الرغم من فقر بي تهم االجتماعية‪.‬‬
‫وليست املدرسة دائما مكانا للصراع الطبقي واالجتماعي والسياهاي واللغوي‬
‫واإليديولوجي‪ ،‬بل يمكن أن تكون املدرسة فضاء للتعاي والتواصل واالستقرار على‬
‫حد سواء‪.‬‬

‫ثامنا‪ ،‬الدرسة فضاء االختيارات الفردلة الحرة‪:‬‬


‫يمثل هذا التوجه في مجال التربية والتعليم رايمون بودون‪ )Boudon( 322‬الذي يرفض‬
‫تصورات املدرسة الوظيفية واملقارسة الصراعية على أساس أن املدرسة تعيد إنتاج‬

‫‪-320‬عبد الكريم بوفرة‪ :‬علم اللغة االجتماعي‪ ،‬مقدمة نظرية‪ ،‬مطبوع جام ي‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية‬
‫اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬وجدة‪ ،‬املغرب‪ ،‬املوسم الجام ي‪2232-2233‬م‪ ،‬ص‪.23-22:‬‬
‫‪321 -Bernestein.B : Langage et classes sociales. Ed. De minuit, Paris, 1975.‬‬

‫‪322- Boudon.R:L'inégalité des chances, Paris, Armand Colin, 1973.‬‬

‫‪398‬‬
‫الطبقات االجتماعية نفسها‪ ،‬وأنها فضاء للصراع بين الطبقة املهيمنة والطبقة‬
‫الخاوعة‪.‬‬

‫ينفي رايمون بودون أن تكون هناك رواب قوية بين الالمساواة التعليمية والالمساواة‬
‫االجتماعية‪ .‬بمعنيى أن املجتميع لييس هيو السيبب فيي هيذه الالمسياواة التربويية‪ ،‬بيل يعيود‬
‫ذلك إلى اختيارات األفراد أنفسهم‪ ،‬ورغبياتهم الذاتيية‪ ،‬وقيراراتهم ال خصيية‪ ،‬بنياء عليى‬
‫حس ييابات األس يير الخاو ييعة ملنط ييق ال ييرسح والخس ييارة ‪ ،‬وطموحاته ييا الواقعي يية‪ ،‬ورغباته ييا‬
‫املستقبلية‪.‬‬
‫فبع ي ييد أن كان ي ييت الحاص ي ييلون عل ي ييى ال ي ييدبلومات والش ي ييهادات يحص ي ييلون عل ي ييى الوظ ي ييائف‬
‫واملناص ي ييب املناس ي ييبة له ي ييم‪ ،‬ازداد املتعلم ي ييون بكث ي ييرة‪ ،‬وكث ي ييرت الش ي ييهادات وال ي ييدبلومات‪،‬‬
‫وانحص يير س ييوق الش ييغل‪.‬لذا‪ ،‬أص ييبحت املدرس يية الت ييوفر لسجمي ييع الف ييرص نفس ييها م يين‬
‫الحظييوظ واالمتيييازات‪ .‬وليييس هييذا عائييدا إلييى أسييباب خارجييية‪ ،‬مثييل‪ :‬الص يراع الطبقييي‬
‫واالجتم يياعي والثق ييافي‪ ،‬واله ييابيتوس الع ييائلي كم ييا يق ييول أنص ييار املقارس يية الص يراعية ب ييل‬
‫يعي ي ي ييود ذلي ي ي ييك إلي ي ي ييى اختيي ي ي ييارات األسي ي ي ييرة ومنظورهي ي ي ييا إلي ي ي ييى املدرسي ي ي يية مي ي ي يين حيي ي ي ييث الي ي ي ييرسح‬
‫والخس ييارة‪.‬فهناك م يين األبن يياء م يين يرغ ييب ف ييي وو ييع اجتم يياعي يش ييبه وو ييع ب ييائهم امل ييي‪،‬‬
‫واليج ييدون حرج ييا ف ييي ذل ييك أو ظلم ييا‪ .‬وهك ييذا‪ ،‬تش ييكل البكالوري ييا بالنس ييبة ألبن يياء الطبق يية‬
‫العمالي يية فرص يية التع ييو م يين أجي يل تحقي ييق أرس يياح اقتص ييادية‪ ،‬ولك يين بالنس ييبة ألبن يياء‬
‫األطر العليا التعني تلك الفرصة رسحا حقيقيا لهم إال إذا استمروا فيي التعلييم الجيام ي‬
‫الطويييل‪ .‬ويعنييي هييذا اخييتالف رغبييات األف يراد ومنظييوراتهم إلييى الشييهادة أو الييدبلوم‪.‬فأن‬
‫تكون معلما بالنسبة البن عمالي رسح كبير وفرصة التعو ‪.‬ولكن بالنسيبة ألبنياء األطير‬
‫العليا‪،‬ف ييإن ذل ييك الي يينفعهم ف ييي ( ييايء‪ .‬ويع ييود ه ييذا كل ييه إل ييى م ييدى الرغب يية ف ييي املدرس يية و‬
‫اإلقبييال علوهييا‪ .‬ويعنييي هييذا أن الالمسيياواة املدرسييية راجعيية إلييى الرغبييات الفردييية‪ ،‬وليييس‬
‫إل ييى اخ ييتالف الرأس ييمال الثق ييافي‪ ،‬أو إل ييى طبيع يية الطبق يية املهيمن يية‪ ،‬أو إل ييى قاع ييدة إنت يياج‬
‫الطبقات نفسها‪.‬وإذا كانت املساواة مغيبة إلى حيد ميا فيي املجتميع الليلراليي‪ ،‬فإنيه يتمييز‬
‫بالحرية‪ .‬أما في املجتمعات االشتراكية‪،‬فهناك مساواة دون حرية‪.‬‬
‫‪399‬‬
‫" وعلييى خ ييالف النظرييية الحدسييية هييذه تبييين النظرييية العقالنييية أن االصييطفاء الييذاتي‬
‫ي ييتم عل ييى أس يياس محك ييات عقلي يية بالغ يية الدق يية والخصوص ييية ‪.‬ويع ييد املفك يير الفرن يياي‬
‫رايم ي ي ييون ب ي ي ييودون م ي ي يين أش ي ي ييهر ممثل ي ي ييي ه ي ي ييذا االتج ي ي يياه ف ي ي ييي مج ي ي ييال تحلي ي ي ييل االص ي ي ييطفاء‬
‫املدرهيياي‪.‬فالتلميذ يقييرر هنييا بصييورة واعييية مييا يترتييب عليييه فييي الشييأن املدرهيياي‪.‬ومن ثييم‪،‬‬
‫ي ييدرس الظ ييروف والعوام ييل واملتغي يرات املختلف يية ‪ ،‬ويق ييدر إمكاني يية املتابع يية أو أفض ييلية‬
‫الترك والتخلي عن الدراسة‪.‬وهو في كل األحوال اليتخذ قراره بناء على فروية الحدس‬
‫واالستبطان أو العفوية الحيرة فيي اتخياذ القرار‪.‬وهنيا‪ ،‬يبيدو أن اتخياذ القيرار بيالتخلي أو‬
‫الت ي ييرك يعتم ي ييد عل ي ييى موازن ي يية دقيق ي يية تأخ ي ييذ بع ي ييين االعتب ي ييار املخ ي يياطر وح ي ييدود النفق ي ييات‬
‫والعائدات‪ ،‬ويتحدد مثل هذا القرار وفقا لعوامل ومتغيرات‪"323.‬‬
‫ويعني ييي ه ي ييذا إذا كي ييان أنص ي ييار املقارس ي يية الص ي يراعية ق ي ييد أخي ييذوا بالحتمي ي يية املجتمعي ي يية أو‬
‫الواقعي يية ف ييي تحدي ييد مص ييير الف ييرد‪ ،‬ف ييإن رايم ييون ب ييودون ق ييد أخ ييذ بنظري يية الفع ييل عل ييى‬
‫أساس أن الفرد حر في أفعاليه واختياراتيه‪ .‬ويعنيي هيذا أن نظريية الفعيل االجتمياعي تيرى‬
‫أن " األف يراد ق ييادرون عل ييى ص ييناعة مص يييرهم املدره يياي وامل ييي تأسيس ييا عل ييى مب ييادراتهم‬
‫وفعالياتهم االجتماعية‪.‬‬
‫وم يين أه ييم االتجاه ييات األساس ييية له ييذه النظري ييات يمك يين اإلش ييارة إل ييى مدرس يية املفك يير‬
‫الفرن اي بودون الذي لطاملا يركز فيي دراسياته وأبحاثيه عليى أهميية العواميل املسيتقبلية‬
‫ف ييي تحدي ييد مص ييير الف ييرد ومس ييتقبله‪.‬فإذا ك ييان املاض يياي عن ييد الحتمي ييين ه ييو ال ييذي يح ييدد‬
‫مالمح املستقبل‪ ،‬فإن املستقبل عينه هو الذي يرسم املصير عند األفراد وفقا ألنصار‬
‫النظريي ي يية الفرديي ي يية‪.‬ومن هي ي ييذا املنطلي ي ييق يوجي ي ييه الفردانيي ي ييون انتقي ي يياداتهم الشي ي ييديدة إلي ي ييى‬
‫الثق ييافويين ال ييذين يعتق ييدون أن ه ييدف االص ييطفاء ه ييو إع ييادة إنت يياج البن ييى االجتماعي يية‬
‫القائمة ‪ ،‬وسأن املدرسة قادرة على فر قوانوها على األفراد‪324".‬‬

‫‪ - 323‬علي أسعد وطفة وعلي جاسم الشهاب‪ :‬علم االجتماع الدرس ي‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪ ،‬ص‪.362:‬‬
‫‪ - 324‬نفسه‪ ،‬ص‪.363-363:‬‬
‫‪400‬‬
‫وهكييذا‪ ،‬يييرى رايمييون بييودون أن الالمسيياواة التربوييية التييرتب بالالمسيياواة االجتماعييية‬
‫والطبقييية والثقافييية‪ ،‬بييل تعييود إلييى االختيييارات الحييرة لنف يراد وق يراراتهم ال خصييية ‪،‬‬
‫واقتناعي يياتهم الذاتيي يية‪ ،‬وحس ي ياباتهم الخاصي يية التي ييي يضي ييعونها جيي ييدا حي ييين التعامي ييل مي ييع‬
‫املدرسة‪.‬‬
‫تاسعا‪ ،‬نظرية موت الدرسة‪:‬‬
‫يمثل هذه النظرية إيفان إليت ( ‪ ) Ivan Ilitch‬الذي ثار على املدرسة الليلرالية‬
‫الطبقية واالستعمارية التي تكرس سياسة التخلف واالستعمار‪ ،‬وتسهم في توريث‬
‫الفقر والبؤس االجتماعي‪.‬لذا‪ ،‬نادى إيفان إليت إلى إلغاء هذه املدرسة الطبقية غير‬
‫الديمقراطية في كتابه( مجتمع بدوح مدرسة)‪.325‬‬

‫فنظرية موت املدرسة ‪ -‬حسب كوي أفانزيني‪ -‬ي في الحقيقة نظرية قد "تأثرت تأثرا‬
‫كبيرا بالعوامل الجغرافية التي أحاطت بها والتي قد تجعل منها نظرية صالحة لبلدان‬
‫أمريكا الالتينية‪ ،‬غريبة كل الغرابة عن املنطق التربوي للغرب‪ .‬السيما أننا نجد فوها‬
‫بعض التسا الت التي تؤيد مثل هذا التفسير الذي يقصرها على بلدان بعينها‪ ،‬ذلك‬
‫أن السيد إيلي ينزع أحيانا إلى القول بأن املدرسة مالئمة للعصر الصناعي‪ ،‬وأنها من‬
‫إرث هو مخلفاته‪ ،‬وينبغي أن ت جب فق في البلدان املتخلفة حيث التستطيع أن‬
‫توفر االنطالقة الالزمة لها‪ ،‬وحيث يكون حذفها شرطا الزما لحذف االستعمار‬
‫والقضاء عليه‪ ،‬على أنه في أحيان أخرى يطلق أحكاما تنادي بالقضاء علوها قضاء‬
‫كانت"‪326.‬‬ ‫جذريا ‪،‬ويرى فوها مؤسسة بالية أن‬

‫‪325- Illich, Ivan: Deschooling Society, Harmondsworth, Penguin, 1973.‬‬

‫‪ - 326‬غي أفانزيني‪ :‬الجمود والتجدلد الي التربية الدرسية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد ت عبد الدائم‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار‬
‫العلم للماليين‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3603‬م‪ ،‬ص ‪.233-233:‬‬
‫‪401‬‬
‫ً‬
‫من املدرسة الرأسمالية االستعمارية‬ ‫إذا‪ ،‬تهدف نظرية موت املدرسة إلى التخل‬
‫التي تعمق الفوارق االجتماعية واللغوية والطبقية والثقافية‪ .‬ومن هنا‪ " ،‬يشكك‬
‫بسالمة التعليم اإللزامي الشامل املطلق اليوم في أكثر أنحاء العالم‪.‬كما أنه‬ ‫إليت‬
‫يؤكد على التراب بين تطور التربية من جهة واملتطلبات االقتصادية التي تدعو إلى‬
‫أن مدارس‬ ‫االنضبا وااللتزام بالتراتبية االجتماعية من جهة أخرى‪ .‬ويعتقد إليت‬
‫اليوم تؤدي أربعة واجبات أساسية ي‪ :‬تقديم الرعاية التأديبية وتوزيع الناس وفق‬
‫أدوار مهنية محددة وتعليم القيم املهنية واكتساب املهارات واملعارف املقبولة‬
‫اجتماعيا‪.‬وأكثر ما يجري تعلمه في املدارس العالقة له بمضمون الدروس‪ .‬فاملدارس‬
‫تتوخى تلقين الطفل االستهالك السل ي‪.‬أي‪ :‬القبول الطوعي الخانع بالنظام االجتماعي‬
‫القائم‪ .‬واليجري تعليم هذه الدروس بصورة واعية ومعلنة ‪ ،‬بل بصورة ومنية من‬
‫خالل تنظيم املدرسة وإجراءاتها‪.‬إن املنها الدراهاي الخ يء يعلم األطفال أن دورهم في‬
‫الحياة ينحصر في أن يعرفوا مكانهم ويلزموه‪ ،‬و يمكثوا فيه قانعين مستكينين‪.‬ويدعو‬
‫إلى مجتمع بدون مدرسة‪.‬فالتعليم اإللزامي اكتشاف حديث‪ ،‬وليس ثمة ما‬ ‫إليت‬
‫يدعو إلى اعتباره أمرا حتميا المناص منه‪ .‬وحيث إن املدارس الت جع على إقامة‬
‫املساواة ‪ ،‬والتحفز طاقات الفرد اإلبداعية‪ ،‬فإن من املمكن االستغناء عنها بالشكل‬
‫الحالي‪.‬واليقصد إليت بذلك إزالة النظم التعليمية بأشكالها كافة‪.‬بل إن ما يرمي إليه‬
‫هو ورورة تزويد املتعلمين بما يحتاجون إليه من موارد طيلة حياتهم الخالل مرحلتي‬
‫الطفولة واملراهقة في حياتهم‪ ،‬وعلى نحو تقتصر فيه املعرفة على ف ة من‬
‫االختصاصيين‪.‬وينبغي في هذه الحالة أن يكون للمتعلمين مجال الختيار ما يريدون‬
‫دراسته‪.‬كما يتوجب تطوير عدة أطر ترسوية تتوافر فوها املعرفة في املكتبات‬
‫واملختلرات وسنوك املعلومات‪ ،‬مع إقامة شبكات لالتصال عن املهارات التي يتمتع بها‬

‫‪402‬‬
‫مختلف األفراد‪.‬كما يستلزم ذلك توزيع كوسونات مجانية يتمكن بواسطتها الطالب من‬
‫االنتفاع من الخدمات التعليمية حيثما يشا ون‪.‬‬

‫إن املقترحات التي يرطحها إيفان إليت تدخل‪ ،‬كما يرى كثير من املحللين‪ ،‬في نطاق‬
‫اليوتوسيا املثالية الخيالية في املدى املنظور‪.‬غير أن عددا من االفتراوات التي طرحها‬
‫في السبعينيات من القرن املاضاي قد عادت إلى الظهور مرة أخرى في‬ ‫إليت‬
‫التسعينيات‪ ،‬مع بروز تقانات املعلومات واالتصاالت الحديثة‪.‬ووجدت بعض هذه‬
‫اآلراء عن شيوع املعرفة اإلنسانية سندا لها في عدد من النظريات الحديثة التي ترى‬
‫أن الحواسب واإلنترنت سيحدثان ثورة تخفف جوانب الالمساواة والتفاوت في التربية‬
‫والتعليم في حياتنا املعاصرة‪327".‬‬

‫وهكذا‪ ،‬تتميز نظرية إفان إليت بكونها نظرية خيالية التن جم مع متطلبات الواقع‬
‫امليداني والتساير منطق العقل‪ .‬ومن ثم‪ ،‬اليمكن إطالقا بناء املجتمع اإلنساني بال‬
‫مدرسة‪ ،‬مهما كانت طبيعتها السياسية‪ ،‬واإليديولوجية‪ ،‬والدينية‪.‬‬

‫عاشرا‪ ،‬الدرسة فضاء للتعايش الطاقي‪:‬‬


‫الأتفق ‪ -‬شخصيا‪ -‬مع أاحاب املقارسة الصراعية‪ ،‬بما فوهم بيلر بورديو و خرون‪،‬‬
‫عندما ذهبوا إلى أن املدرسة ي دائما فضاء للصراع الطبقي والتطاحن املجتم ي ‪،‬‬
‫وأنها أداة إلعادة الورثة وإنتاج الطبقات نفسها بل يمكن أن تكون املدرسة فضاء‬
‫الطبقي‪ ،‬ومؤسسة للتسامح والتعاون واألخوة بعيدا عن الكراهية‪،‬‬ ‫للتعاي‬
‫واإلقصاء‪ ،‬والتغريب‪ ،‬والحقد‪ ،‬والنفور‪ ...‬بمعنى أن املدرسة فضاء للتكوين والترقي‬
‫والنجاح على السواء‪.‬وليس من الضرورة أن تعيد املدرسة الطبقات االجتماعية‬

‫‪ - 327‬أنتوني غيدنز‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.332:‬‬


‫‪403‬‬
‫نفسها‪ ،‬فيمكن أن يكون ابن الفالح وزيرا أو مسؤوال كبيرا في الدولة‪ ،‬ويمكن البن‬
‫الوزير أو أستاذ جام ي أال يكون ابنه ناعحا‪ .‬وقد ساهمت املدرسة الرأسمالية أن‬
‫ترفع من مستوى ابناء الطبقات الكادحة‪ ،‬وتدفعهم إلى النجاح‪ ،‬والترقي‪ ،‬واملجد‪،‬‬
‫والسؤدد‪ .‬ويتحقق ذلك بالعمل‪ ،‬والجد‪ ،‬واالجتهاد‪ .‬ومن هنا‪ ،‬نقر بأن كثيرا من أوالد‬
‫الفقراء والطبقات االجتماعية العادية قد وصلوا إلى مراتب عليا ومناصب كلرى‬
‫بفضل عملهم وسهرهم الد وب‪ ،‬وقد غيروا طبقاتهم االجتماعية‪ ،‬وهناك من أصبح‬
‫من األغنياء وأاحاب الشركات الوطنية والعاملية‪ .‬لذا‪ ،‬تعد نظرية بيير بورديو في‬
‫نظري غير احيحة دائما‪ ،‬بل ي نظرية إيديولوجية ماركسية محضة‪ .‬وسالتالي‪،‬‬
‫أوجد لنا املجتمع االشتراكي املارك اي مدارس غير متساوية من حيث الحظوظ ألن‬
‫الساسة واملهندسين التقنيين هم املحظوظون دائما في املجتمع‪.‬في حين‪ ،‬يحرم‬
‫اآلخرون من الحظوظ نفسها‪.‬بمعنى أن هناك تفاوتا طبقيا داخل املجتمع االشتراكي‬
‫نفسه‪.‬‬

‫تركيب واستنتاج‪:‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬تلكم نظرة عامة ومختصرة إلى أهم املقارسات والنظريات واملدارس‬
‫السوسيولوجية التي تناولت الفشل املدرهاي فهما‪ ،‬وتفسيرا‪ ،‬وتأويال‪ .‬بيد أن مشاكل‬
‫املدرسة تزداد اتساعا وصعوسة وخطورة كلما اتسعت القاعدة الهرمية للمتعلمين‬
‫واملرسين واملدرسين‪ .‬وتستفحل هذه املشاكل أكثر باختالف األجيال واألجناس‬
‫واملنظورات القيمية واإليديولوجية‪.‬وكلما ظهرت مستجدات في مجال العلوم‪،‬‬
‫واآلداب‪ ،‬والفنون‪ ،‬والتقنيات‪ ،‬واإلعالميات‪ ،‬وتكنولوجيا االتصال‪.‬‬

‫وإذا كانت املقارسات السابقة قد اعتلرت املدرسة فضاء للصراع االجتماعي والسياهاي‬
‫والطبقي واالقتصادي‪ ،‬فإن ثمة مقارسات أخرى تحلل طبيعة املدرسة في ووء‬
‫‪404‬‬
‫مقارسات تفسيرية متعددة اعتمادا على املعطيات الرياوية واإلحصائية واملنطقية‬
‫بغية معرفة عالقة املدرسة بالحراك االجتماعي‪ .‬وقد بينت هذه املقارسات أن العالقة‬
‫ليست قوية وال وعيفة‪ ،‬بل ثمة عوامل أخرى تتحكم في ذلك‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يمكن‬
‫الحديث عن النموذج اإلحصائي لجينكس(‪ ،)Jencks‬والنموذج النسقي‬
‫لسوروكون(‪ ،)Sorikin‬والنموذج النسقي التركي ي لبودون(‪ ...)Boudon‬وهكذا‪ ،‬يرى‬
‫بودون أن عدم تكافؤ الفرص اليرجع إلى عامل واحد‪ ،‬بل ثمة عوامل عدة ومختلفة‬
‫تشكل نسقا كليا‪.328‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬يعد الفشل الدراهاي من أهم املواويع واألس لة التي تطرقت‬
‫إلوها السوسيولوجيا التربوية في سنوات الستين والسبعين من القرن املاضاي‪ ،‬ومازال‬
‫هذا املوووع يؤرق السوسيولوجيين املعاصرين إلى يومنا هذا ومن محاور علم‬
‫االجتماع التربوي‪.‬ومن هنا‪ ،‬برزت مجموعة من النظريات واالتجاهات في علم‬
‫إشكال الفشل أو اإلخفاق الدراهاي من وجهات منهجية‬ ‫االجتماع التربوي تناق‬
‫مختلفة تتأرع‪ ،‬بين الفهم‪ ،‬والتفسير‪ ،‬والتأويل‪ .‬وهناك من يعد املدرسة الرأسمالية‬
‫سببا في الفشل واإلخفاق الدراهاي‪ .‬وهناك من يعدها وسيلة للترقي والنجاح‬
‫والحصول على الوظيفة والعمل‪.‬وهناك من يعدها فضاء للقمع واإليديولوجي‪ .‬وثمة‬
‫من ينظر إلوها على أساس أنها فضاء للسلطة والتسل ‪ ،‬أو فضاء للصراع اللغوي‬
‫واللساني‪ .‬في حين‪ ،‬هناك من يدعو إلى موت املدرسة الرأسمالية بصفة جذرية لكونها‬
‫مدرسة استعمارية إملريالية ‪.‬وهناك من يعد املدرسة فضاء للتعاي واملحبة واألخوة‬
‫والتسامح على حد سواء‪.‬‬

‫‪328 - Boudon .R : Inégalité des chances, la mobilité sociale dans les sociétés industrielles,‬‬

‫‪Armand Colin, Paris, 1973, p : 7.‬‬


‫‪405‬‬
‫خاتمة‬
‫خالصــة القــول‪ ،‬لتا ـ ح لنــا‪ ،‬ممــا ســاق ذكــره‪ ،‬أح علــم االجتمــاع التربــوي لنانــي عكــى‬
‫ثالث ـ ــة مح ـ ــاورر يس ـ ــة ه ـ ــي‪ :‬ال ـ ــدخالت‪ ،‬والعملي ـ ــات‪ ،‬والخرج ـ ــات‪ .‬وم ي يين ث ي ييم‪ ،‬تع ي ييد‬
‫سوسيولوجيا التربية‪ ،‬أو سوسييولوجيا املدرسية‪ ،‬مين أهيم الحقيول املعرفيية التيي تهيتم‬
‫بالتربية بصفة عامة‪ ،‬واملدرسة بصيفة خاصية‪ .‬والسييما أن هيذا الحقيل املعرفيي ‪ -‬اليذي‬
‫تم استحداثه في بدايات القرن العشرين امليالدي‪ -‬يدرس مختلف الظواهر التربوية في‬
‫ووء املقارسة االجتماعيية باستكشياف العواميل االجتماعيية والسياسيية واالقتصيادية‬
‫والتاريخية واالقتصادية التي تؤثر‪ ،‬بشكل من األشيكال‪ ،‬فيي التربيية والتعلييم معيا فهميا‬
‫وتفسيرا من جهة‪ ،‬أو نظرية وتطبيقا من جهة أخرى‪.‬‬
‫ومن أهم القضايا واملحاور واملواويع التي تعنى بها سوسيولوجيا التربية دور املدرسة‬
‫فييي املجتمييع‪ ،‬وأهييم الوظييائف التييي تؤديهييا‪ ،‬والتشييديد علييى أهييم الفيياعلين فييي املؤسسيية‬
‫التعليمية من متعلمين‪ ،‬ورجال ترسية‪ ،‬وأطر إدارية‪ .‬فضال عن دراسية موويوع النجياح‬
‫والفشييل الدراهيياي‪ ،‬ومناقشيية مبييدأي التوحيييد واالنتقيياء‪ ،‬وتبيييان عالقيية ذلييك باملسيياواة‬
‫الطبقييية م ين خييالل رصييد الووييعية االجتماعييية للفيياعلين التربييويين‪ ،‬ومعالجيية قضييية‬
‫تكافؤ الفرص في تسيير دواليب الدولة‪ ،‬ودراسة عالقة التربية بالديمقراطية‪...‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فسوسيولوجيا التربية جزء من علم االجتماع العام‪ .‬وقد ظهرت في بيدايات القيرن‬
‫العشييرين لتهييتم بقضييايا التربييية والتعليييم إمييا بطريقيية اجتماعييية مصييغرة‪ ،‬وإمييا بطريقيية‬
‫اجتماعي يية مكل ييرة‪ .‬بمعن ييى أن هن يياك م يين ينظ يير إل ييى املدرس يية عل ييى أنه ييا مجتم ييع مص ييغر‪.‬‬
‫وهناك من ينظر إلوها على أنها مجتمع مكلر‪.‬‬
‫وثميية مجموعيية ميين املقارسييات التييي اسييتعملت فييي رصييد عالقيية املدرسيية بيياملجتمع فهمييا ‪،‬‬
‫وتفسي ي يييرا ‪ ،‬وتي ي ييأويال‪ ،‬وأهمهي ي ييا‪ :‬املقارسي ي يية الص ي ي يراعية‪ ،‬واملقارسي ي يية التطبيعيي ي يية‪ ،‬واملقارس ي ي يية‬
‫الوظيفية(الكالس يييكية والتكنولوجي يية)‪ ،‬واملقارس يية التفاعلي يية‪ ،‬واملقارس ييات التفس يييرية‪،‬‬

‫‪406‬‬
‫وخاصي يية النسي ييقية منهي ييا‪ ،‬واملقارسي يية اإلثنوغرافيي يية ‪ ،‬واملقارسي يية اإلثنومنهجيي يية‪ ،‬واملقارسي يية‬
‫الثقافية‪ ،‬ومقارسة الجنوسة‪ ،‬وغيرها من النظريات واملقارسات السوسيولوجية‪...‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬يهتم علم االجتماع التربوي بدراسة األنظمة التربوية في عالقتها‬
‫باملجتمع‪ ،‬وتبيان دورها في التغيير االجتماعي‪ ،‬والسيما أن التربية تس ى إلى تحويل‬
‫كائن غير اجتماعي ليصبح اجتماعيا‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يبدو أن سوسيولوجيا التربية مفهوم‬
‫عام يدرس مختلف األنشطة اإلنسانية سيما التربوية منها‪ .‬وإذا كانت سوسيولوجيا‬
‫التربية تدرس الظواهر املدرسية ‪ ،‬فلها أيضا عالقة وثيقة باألسرة والسياسة‬
‫واالقتصاد عكى السواء‪.‬ويعني هذا أنها تدرس ما يتعلق بالتربية والتعليم من خالل‬
‫التركيز على ثالثة عناصر رئيسة ي‪ :‬مداخل التربية (املتمدرسون‪ ،‬و رجال التعليم‪،‬‬
‫وأطر اإلدارة‪ ،‬واآلباء‪ ،‬واملقررون‪ ،‬واملفتشون‪ ،)...‬و لياتها التربوية والتعليمية‬
‫والسوسيولوجية‪ ،‬ومخارجها(التقويم‪ ،‬واالنتقاء‪ ،‬واالصطفاء‪.)...‬‬

‫‪407‬‬
‫ثبت الصادروالراجع‬
‫العاجم اللغوية‪:‬‬
‫‪ -3‬ابن منظور‪ :‬لساح اللساح ‪ ،‬تهذلب لساح العرب‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة‪3666‬م‬

‫العاجم والقواميس التربوية‪:‬‬


‫‪ -2‬أحمد أوزي‪ :‬العجم الوسوعي لعلوم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬جرجس ميشال جرجس‪ :‬معجم مصطلحات التربية والتعليم‪ ،‬دار النهضة‬
‫العرسية للطبع والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬خالد الصمدي‪ :‬مصطلحات تعليمية من التراث اإلسالمي‪ ،‬منشورات املنظمة‬
‫اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة ‪ -‬إيسيسكو‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2220‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد الكريم غريب‪ :‬النهل التربوي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪2223‬م‪.‬‬
‫الصادرالعامة‪:‬‬
‫‪ -3‬ابن كثير‪ :‬تفس رالقرطح العظيم‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬طبعة ‪3666‬م‪.‬‬

‫الراجع باللغة العربية‪:‬‬


‫‪ -3‬إبراهيم الباعمراني‪ :‬دليل التفتي التربوي بالتعليم األساهاي والثانوي‪ ،‬منشورات‬
‫صدى التضامن‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3666‬م‪.‬‬

‫‪408‬‬
‫‪ -0‬إبراهيم بن عبد العزيز الدعيسا‪ :‬اإلدارة حقا ق تتجدد‪ ،‬مكة املكرمة‪ ،‬اململكة‬
‫العرسية السعودية‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2232‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬إبراهيم ناصر‪ :‬علم االجتماع التربوي‪ ،‬دار الجيل بيروت‪ ،‬لبنان مكتبة الرائد‬
‫العلمية عمان األردن‪ ،،‬ب‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ -32‬أحمد فريد الدرفوفي‪ :‬اإلشراف التربوي ‪ :‬مقوماته وتقنياته‪ ،‬شركة بابل للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الرسا ‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3663‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬أرسطو‪ :‬فن الشعر‪ ،‬ترجمة‪:‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‪ ،‬طبعة‬
‫‪3636‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬أسعد وطفة وعبد ت شمت املجيدل ‪:‬دراسات الي سوسيولوجيا التربية‪ ،‬دار‬
‫اإلعصار العلمي‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -36‬أمينة اللوه و خرون‪ :‬الوجز الي التربية وعلم النفس‪ ،‬دار الكتب العرسية‪،‬‬
‫الرسا ‪ ،‬املغرب‪،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ -32‬أنتوني غدنز‪ :‬علم االجتماع‪ ،‬ترجة‪ :‬فايز الصياغ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العرسية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬بيدايوجيا اإلدماج‪ ،‬ترجمة‪ :‬لحسن بوتكالي‪ ،‬منشورات مجلة علوم التربية‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪2226 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -16‬بيير بورديو‪ :‬الرمز والسلطة‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد السالم بنعبد العالي‪ ،‬دار توسقال‬
‫للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3603‬م‪.‬‬
‫‪ 33‬بيير بورديو‪ :‬مسا ل الي علم االجتماع‪ ،‬ترجمة‪ :‬هناء صب ي‪ ،‬هي ة أبوظ ي‬
‫للسياحة والثقافة‪( ،‬مشروع كلمة)‪،‬اإلمارات العرسية املتحدة‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪2232‬م‪.‬‬
‫‪ -30‬بيير جيرو‪ :‬علم اإلشارة ‪/‬السيميولوجيا‪ ،‬ترجمة‪ :‬منذر عيا(اي‪ ،‬طالس‬
‫للدراسات والترجمة والنشر‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬طبعة سنة ‪3662‬م‪.‬‬

‫‪409‬‬
‫‪ -36‬بيير ديشاي‪ :‬تخطي الدرس لتنمية الكفالات‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الكريم غريب‪،‬‬
‫منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪.2226‬‬
‫‪ -22‬بيير بورديو‪ :‬الرمز والسلطة‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد السالم بنعبد العالي‪ ،‬دار توسقال‬
‫للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3603‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬جميل حمداوي‪ :‬دروس الي لسانيات التواصل (التواصل التربوي أنموذجا)‪،‬‬
‫مطبعة املقدم‪ ،‬الناظور‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.30-32 ،‬‬
‫‪ -22‬جميل حمداوي‪ :‬سوسيولوجيا التربية‪،‬مطبعة الخليظ العربي‪ ،‬تطوان‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2230‬م‪.‬‬

‫‪ -26‬جون ديوي‪ :‬الدرسة والجتمع‪ ،‬ترجمة‪ :‬أحمد حسن الرحيم‪ ،‬دار مكتبة الحياة‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪ ،‬الطبعة الثانية ‪3630‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬حسن أحمد الطعاني ‪:‬مفاهيم تربوية‪ :‬الدرسة والجتمع‪ ،‬رؤية معاصرة‪ ،‬دار‬
‫الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2236‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬الحسن السحية‪ :‬االمتحانات الهنية (علوم التربية)‪ ،‬منشورات املعارف‪ ،‬الرسا ‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬حسن حسين الببالوي‪ :‬اإلصالمل التربوي الي العالم الثالث‪ ،‬عالم الكتب‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬طبعة ‪3600‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬حمدي علي أحمد‪ :‬مقدمة الي علم اجتماع التربية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ .‬طبعة ‪3663‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬حنا أرندت‪ :‬الي العنف‪ ،‬ترجمة‪ :‬إبراهيم العريس‪ ،‬دار الساقي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -26‬خال ييد املي يير و خ ييرون‪ :‬أهمي ــة سوس ــيولوجيا التربي ــة‪ ،‬سلس ييلة التك ييوين الترب ييوي‪،‬‬
‫الع ييدد‪ ،6‬مطبع يية النج يياح الجديي يدة‪ ،‬ال ييدار البيض يياء‪ ،‬املغ ييرب‪ ،‬الطبع يية الثاني يية س يينة‬
‫‪3663‬م‪.‬‬
‫‪410‬‬
‫‪ -62‬خالد املير وإدريس قاسمي‪ :‬التشر ع اإلداري والتسي ر التربوي‪ ،‬دار صبح‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -63‬خليل ميخائيل معو ‪ :‬علم النفس االجتماعي‪،‬دار النشر املغرسية‪ ،‬الدرا‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرسية‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3602‬م‪.‬‬
‫‪ -62‬الدمردا سرحان ومنير كامل‪ :‬الناهج‪،‬دار العلوم للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة سنة ‪3632‬م‪.‬‬
‫‪ -66‬رنده خليل سالم‪ :‬الدرسة والجتمع‪،‬مكتبة املجتمع العربي‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪2232‬م‪.‬‬
‫‪ -62‬شبل بدران‪:‬التربية واإللدلولوجية‪ ،‬النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة‪3663‬م‪.‬‬
‫‪ -63‬الصديق الصادقي العماري‪:‬التربية والتنمية وتحدلات الستقال‪ :‬مقاربة‬
‫سوسيولوجية‪،‬مطبعة بلفقيه‪ ،‬الرشيدية‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2236‬م‪.‬‬
‫‪ -63‬عبد السميع سيد أحمد‪ :‬دراسات الي علم االجتماع التربوي‪ ،‬دار املعرفة‬
‫الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬طبعة ‪3666‬م‪.‬‬
‫‪ -63‬عبد العليم إبراهيم‪ :‬الوج الفني لدرس ي اللغة العربية‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬الطبعة السابعة‪3636 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -60‬عبد الكريم غريب والبشير اليعكوبي‪ :‬الجزوءات‪،‬منشورات عالم التربية‪،‬الطبعة‬
‫األولى‪ 2226 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -66‬عبد الكريم غريب‪ :‬بيدايوجيا اإلدماج‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬عبد الكريم غريب‪ :‬سوسيولوجيا التربية‪ ،‬مطبعة دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬عبد اللطيف الفارابي و خران‪ :‬ال رامج والناهج‪ ،‬دار الخطابي للطباعة والنشر‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫‪ -22‬عبد ت الرشدان‪ :‬علم االجتماع التربوي‪ ،‬دار عمان للتوزيع والنشر‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬طبعة ‪3603‬م‪.‬‬
‫‪ -26‬عبد ت رشدان‪ :‬الي علم اجتماع التربية‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2220‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬عبد النور إدريس‪ :‬سوسيولوجيا التمالز‪:‬ظاهرة الهدر الدراس ي بالغرب‪ ،‬دار‬
‫دفاتر االختالف‪ ،‬مكناس‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2220‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬العربي أسليماني ورشيد الخديمي‪ :‬قضالا تربوية‪ ،‬منشورات عالم التربية‪،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬علي أسعد وطفة وعلي جاسم الشهاب‪ :‬علم االجتماع الدرس ي‪ ،‬املؤسسة‬
‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬علي الحوات‪ :‬أسس علم االجتماع التربوي‪ ،‬جامعة الفاتح‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪، ،‬‬
‫طبعة ‪3636‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬علي السيد ال خي ي‪ :‬علم اجتماع التربية العاصر‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫طبعة ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ -26‬غي فانزيني‪ :‬الجمود والتجدلد الي التربية الدرسية‪ ،‬ترجمة‪ :‬الدكتور عبد ت‬
‫عبد الدائم‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3603‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬فادية عمر الجوالني‪:‬علم االجتماع التربوي‪ ،‬مركز االسكندرية للكتاب‪ .‬طبعة‬
‫‪3663‬م‬

‫‪ -33‬فايز مراد دند ‪ :‬علم اإلجتماع التربوي ب ح التأليف والتدر س‪،‬دار الوفاء‬
‫لدنيا الطبع والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬فرحان حسن بريق‪ :‬الدرسة والجتمع‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪2232‬م‪.‬‬
‫‪ -36‬مادي لحسن‪ :‬األهداف والتقييم الي التربية‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر‪،‬‬
‫الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪ ،‬ص‪.330-333:‬‬
‫‪412‬‬
‫‪ -32‬مارسيل بوستيك‪ :‬العالقة التربوية ‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد البشير النحاس‪ ،‬املنظمة‬
‫العرسية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪3603 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬مبارك رسيع‪ :‬مخاوف األطفال‪ ،‬الهالل العرسية للطباعة والنشر‪ ،‬طبعة ‪3663‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬محمد الدريظ‪ :‬التدر س الهادف‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬محمد الدريظ‪ :‬الكفالات الي التعليم‪ ،‬املعرفة لسجميع‪ ،‬أكتوسر ‪ ،2222‬العدد‪.33‬‬
‫‪ -30‬محمد الدريظ ‪:‬تحليل العملية التعليمية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪.3600‬‬
‫‪ -36‬محمد الدريظ‪ :‬مشروع الؤسسة والتجدلد التربوي الي الدرسة الغربية‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬منشورات رمسيس‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪،‬الطبعة األولى سنة ‪3663‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬محمد الدريظ‪ :‬مشروع الؤسسة والتجدلد التربوي الي الدرسة الغربية‪،‬‬
‫منشورات رمسيس‪ ،‬املغرب‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪.3663‬‬
‫‪ -33‬محمد الدريظ‪:‬الكفالات الي التعليم‪ ،‬منشورات سلسلة املعرفة لسجميع‪ ،‬الرسا ‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬شتنلر‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬محمد أمزيان‪ :‬تدب ر جودة التعليم‪ ،‬مطبعة أفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -36‬محمد عابد الجابري‪ :‬أضواء عكى مشكل التعليم بالغرب ‪ ،‬دار النشر املغرسية‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3636‬م‪.‬‬

‫مشكالتنا الفكرية والتربوية‪،‬دار‬ ‫‪ -32‬محمد عابد الجابري‪ :‬رؤية تقدمية لاع‬


‫النشر املغرسية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪3633 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬محمد فاوسار‪ :‬سوسيولوجيا التعليم بالوس القروي‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬محمد مك اي‪ :‬الحياة الدرسية وإشكالية الحداثة والتطرف‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪413‬‬
‫‪ -33‬محمد ياسر الخواجة وحسين الدريني‪ :‬الوجز الي علم االجتماع ‪ ،‬مصر العرسية‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪22333‬م‪.‬‬
‫‪ -30‬مصطف محسن ‪:‬اإلطار السوسيولوفي العام للنظام التربوي‪ ،‬سلسلة من‬
‫أجل كتاب ترسوي نف اي واجتماعي مغربي‪ ،‬منشورات مجلة التربية والتعليم‪ ،‬الرسا ‪،‬‬
‫مسحق بالعدد‪ ،33‬الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪.‬‬
‫‪ -36‬مصطف محسن‪ :‬الخطاب اإلصاللي التربوي ب ح أسئلة األزمة وتحدلات‬
‫التحول الحضاري‪ ،‬رؤية سوسيولوجية نقدلة‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3666‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬مصطف محسن‪ :‬الي السألة التربوية ‪ ،‬نحو منظور سوسيولوفي منفت ‪ ،‬شركة‬
‫بابل للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬مصطف محسن‪ :‬مدرسة الستقال‪ ،‬رهاح اإلصالمل التربوي الي عالم متغ ر‪،‬‬
‫منشورات الزمن‪ ،‬سلسلة شرفات رقم ‪،23‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬مصطف محسن‪:‬رهانات تنموية ‪ ،‬رؤى سوسيوتربوية وثقافية ونما ية‪،‬‬
‫منشورات الزمن‪ ،‬سلسلة شرفات رقم ‪،66‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2233‬م‪.‬‬
‫‪ -36‬ميلود التوري‪ :‬القسم الشترك نحو مقاربة فارقية‪ ،‬أنفوسرانت‪ ،‬فاس‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬ميلود التوري‪ :‬تدب ر الجزوءات لاناء الكفالات‪،‬مطبعة سوماڰرام‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪.2223‬‬
‫‪ -33‬ميلود التوري‪ :‬من درس األهداف إلى درس الكفالات‪ ،‬مطبعة أنفوسرانت‪ ،‬فاس‪،‬‬
‫املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬نهاد املوهاى‪ :‬األساليب مناهج ونماذج الي تعليم اللغة العربية‪ ،‬دار الشروق‪،‬‬
‫طبعة ‪2226‬م‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫ منتدى‬،‫ جدلية االنفصال واالتصال‬،‫ اإللدولوجيا وعلم االجتماع‬:‫ وسيلة خزار‬-33
.‫م‬2236 ‫ الطبعة األولى سنة‬،‫ لبنان‬،‫ بيروت‬،‫املعارف‬
‫ دار‬،‫ أسس بناء الناهج وتنظيماتها‬،‫ املفتي محمد أمين‬،‫ الوكيل حلمي أحمد‬-30
.‫م‬2223 ‫ طبعة‬،‫ عمان‬،‫املسيرة للنشر والتوزيع‬
:‫الراجع األجنبية‬
79- A , IRRIBANE : La compétitivité, Défi Social, Enjeu éducatif, CNRS,
Paris, 1989.
80- A.Binet :Les idées modernes sur les enfants, Paris, Flammarion.
Réédité en 1973 avec une préface de Jean Piaget. 1919.
81- Anne Barrère, Les lycéens au travail, Paris, PUF, 1997 .
82- Anne Van Haecht:L'école à l'épreuve de la sociologie,Collection :
Ouvertures sociologiques ,De Boeck Supérieur,Bruxelles, 2006.
83- Astolfi, j, p : ( Placer les élèves en situation – problème ? ). Dans
Probio revue, 16, 4, Bruxelles : Association des professeurs de biologie
(ASBL) ,1993.
84- Basil Bernstein, Langage et classes sociales – Codes socio-
linguistiques et contrôle social, Paris, Éditions de Minuit, 1975

85- Baudelotet Roger Establet: L'école capitaliste en France, Paris,


Éditions Maspero, 1971.
86- Bernard Sannanès: Les fondements d'une communication efficace,
Dunod, 2002, pp:8-9.
87- Bernestein.B : Langage et classes sociales. Ed. De minuit, Paris, 1975.

415
88- Bernstein B., Class, codes and control, London, Routledge & Kegan
Paul, 3 vol., 1971-1975.

89- Bodoun:L'inégalité des chances, Paris, Armand Colin, 1973


(publication poche : Hachette, Pluriel, 1985).
90- Boudon .R : Inégalité des chances, la mobilité sociale dans les
sociétés industrielles, Armand Colin, Paris, 1973.
91- Bowles S., Gintis H., Schooling in Capitalist America, New York,
Basic Books, 1976.

92- Celam,Journal d’un éducateur, 1982.


93- Charles Cooley:(social organisation), cité in:J.Lohisse : la
communication anonyme. ED. Universitaire1969, p : 42.
94- Charlot Bernard, Bautier Elisabeth, Rochex Jean-Yves :Ecole et savoir
dans les banlieues... et ailleurs.Éd. Armand Colin Coll. Formation des
enseignants. 1993.

95- Cherkaoui M., Les Paradoxes de la réussite scolaire, Sociologie


comparée des systèmes d’enseignement, Paris, PUF, 1979.

96- Chubb J.E. et Moe T.M.,Politics, Markets and America’s Schools,


Washington D.C., The Brookings Institution, 1990.

416
97- Claude Grignon :L’Ordre des choses,les fonctions sociales de
l'enseignement technique, Minuit, Paris, 1971
98- Coleman J.S.,Equality and Achievement in Education, San
Francisco,Westview Press, 1990.

99- Condorcet, Cinq mémoires sur l'instruction publique (1792),


Garnier-Flammarion, 1994. Élisabeth et Robert Badinter, Condorcet. Un
intellectuel en politique. 1743-1794, Fayard, 1989.
100- DE KETELE, J.M. (1996). L'évaluation des acquis scolaires : quoi ?
pourquoi ? pour quoi ?, Revue Tunisienne des Sciences de l'Éducation,
23, p. 17-36.
101- Elmostafa Haddiya:Jeunesse, éducation et changement social,
Rabatnet, Rabat, Maroc, 1édition 2014.
102- Émile Durkheim, Éducation et sociologie, 1922. PUF,
nouv.éd.1966.
103-Émile Durkheim,L'éducation morale, 1902-
1903,PUF,nouv.éd.1963.
104- Émile Durkheim: L'évolution pédagogique en
France,Paris,PUF,nouv.édition 1969.
105- François Dubet : À l'école. Sociologie de l'expérience scolaire avec
Danilo Martuccelli, Seuil, 1996.
106- François Dubet :Les Lycéens, Seuil,Paris, 1991.
107- Françoise Clairc: Enseigner en Modules, Hachette, 1992.
108- Françoise Raynal and Alain Rieunier:Pédagogie:Dictionnaire des
concepts clés, 1977, ESF Editeur Paris.
417
109- Frédéric Worms, Rousseau, Émile ou de l'éducation, Livre IV, Paris,
Ellipses, 2001.
110- G. Mannoni, Éducation impossible, Paris: Seuil, 1973.
111- Gilbert de Landsheere, André Del chambre: les comportements non
verbaux de l'enseignent. 2. Fernand Nathan, éd. Labor. Bruxelles, 1974.
112- Gilles Amado/ André Guillet: la dynamique des communications
des groupes. ED. Armand Colin.
113- GILLET , P : ) L’ utilisation des objectifs en formation , contexte et
évolution (, Education permanent , Nr :85 , octobre 1986 .
114- Halsey A.H., Heath A.F., Ridge J.M., Origins and Destinations.
Family, Class, and Education in Modern Britain, Oxford, Clarendon
Press, 1980.

115- Illich, Ivan: Deschooling Society, Harmondsworth, Penguin, 1973.


116- Ivan Illich, Une société sans école, 1971, trad., Seuil, 1972.

117- Jean-Claude Filloux, « Carl Rogers, le non-directivisme et les relations


humaines », Bulletin de psychologie, t. 16, no 214, 1963.
118- Jean-Michel Berthelot: École, orientation, société (Pédagogie
d'aujourd'hui),Paris,PUF,1993.
119- Jules Ferry, "Circulaire adressée par M. Le Ministre de l'Instruction
publique aux instituteurs, concernant l'enseignement moral et civique", 17
novembre 1883.
120- K.Marx : Le capital, M. Lachâtre (Paris) 1872.
121- Kant, Traité de pédagogie (1776-1787), Hachette, 1981.

418
122- Karl Mannheim,Sociology as Political Education. (Edited and
translated, with Colin Loader). New Brunswick: Transaction Publishers
2001.

123- karl Rogers : Liberté pour apprendre, Dunod.1972.


124- LAPIE. P., École et société, textes choisis, introduits et présesentés
par Hervé Terral, Paris, L’Harmattan, coll. "Logiques sociales", 2003.

125- Louis Althusser,)Les appareils idéologiques d'État(, revue La Pensée,


juin 1970.
126- Mager,Robert: Comment definer des objectifs
pédagogiques,Traduction G.Décote.Gauthier-Villars, Paris, 1981.
127- Marie Duru-Bellat, Agnès Van Zanten:Sociologie de l'école,
Collection :U, Cycles M et D, UNIVERSITE,2012.

128- Max Weber: Economie et société, introduction de Hinnerk Bruhns,


traduction par Catherine Colliot-Thélène et Françoise Laroche, La
Découverte, 1998.
129- Michel Foucault:Surveiller et punir. Naissance de la prison, Paris,
Gallimard, 1975.
130- Mohamed Cherkaoui :Les changements du système éducatif en
France 1950-1980, PUF, 1982.
131- Mohamed Cherkaoui: Les paradoxes de la réussite scolaire, PUF,
"L'éducateur", 1985 .
132- Mohamed Cherkaoui: Sociologie de l'éducation, Que sais-je, PUF, 5
édition 1999.
419
133- O.Reboul : La philosophie de l'éducation (première édition 1971) -
9e éd. - Paris : PUF, 2001 - coll. Que sais-je ? n°2441.
134- Oxford advanced learner’s, Dictionary Oxford university press
2000.
135- P . PELPEL : se former pour enseigner, Bordas, Paris, 1966.
137- Paul robert : Le Petit Robert, Paris, éd, 1992.
138- Philippe Perrenoud et Cléopâtre Montandon: Entre parents et
enseignants, un dialogue impossible, Berne, Peter Lang.1987.
139-Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron, Les héritiers : les
étudiants et la culture, Paris, Les Éditions de Minuit, coll. « Grands
documents » (no 18), 1964.
140- Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron,La reproduction : Éléments
d’une théorie du système d’enseignement, Les Éditions de Minuit, coll. « Le
sens commun », 1970.
141-Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron,Les héritiers : les étudiants et
la culture, Paris, Les Éditions de Minuit, coll. « Grands documents » (no 18),
1964.
142- Pierre Bourdieu, Ce que parler veut dire : l'économie des
échanges linguistiques, Paris, Fayard, 1982.
143- Pierre Bourdieu, La Domination masculine, Paris, Le Seuil, 1998,
coll. Liber.
144- R. Boujedra,La répudiation, Paris: Seuil, 1969.
145- R. Scherer, Emile perverti ou Des rapports entre l’éducation et la
sexualité, Paris, Laffont, 1974. Réédition Désordres-Laurence Viallet,
2006.
420
146- R.Collins: The Credential Society, NewYork, Academic press, 1979

147- Raymond Boudon:L'inégalité des chances, Paris, Armand Colin,


1973 (publication poche : Hachette, Pluriel, 1985).
148- Robert Merton :The Sociology of Science ,Glencoe:free Press,1957.
149- ROEGIERS, X (2004). L'école et l'évaluation. Bruxelles: De Boeck
Université.
150- Roegiers, X, la pédagogie de l’intégration en bref, Rabat, 2006 .
151- ROEGIERS, X. (2003). Des situations pour intégrer les acquis.
Bruxelles : De Boeck Université.
152- ROEGIERS, X.,Avec la collaboration de DE KETELE, J.-M. Une
pédagogie de l'intégration, Bruxelles-Paris : De Boeck Université,2222.
153- Roger Establet et Christian Baudelot, L'école capitaliste en France,
Paris, Maspero, 1971.1- Roger Establet et Christian Baudelot,L'école
capitaliste en France, Paris, Maspero, 1971.
154- Rutter M.,Fifteen Thousand Hours, Secondary schools and their
effects on children, Cambridge, Harvard University Press, 1979.

155- Sirota R. (1988) :L'Ecole primaire au quotidien coll. Pédagogie


d'aujourd'hui, ed. Presses universitaires de France, 200 pages
156- Suzette Ghodsi-Jose: La 3 dimension éducative, éd. Labor.P:60.
157- V. et G. Landsheere : Définir les objectifs de l’éducation, Liège et
George Thoune 1975, p202.

421
158- VEBLEN T. [1918] The Higher Learning in America. A
Memorandum on the Conduct of Universities by Business Men, Stanford,
Academic Reprints.1954.
159- Viviane De Land Sheere: L' éducation et la formation. P.U.F, 1987.
160- Viviane Isambert-Jamati: La Réforme de l'enseignement du
français à l'école élémentaire,Éditions du CNRS, coll. « Actions
thématiques programmées : sciences humaines », Paris, 1977.
161- Viviane Isambert-Jamati:Crises de la société, crises de
l'enseignement : sociologie de l'enseignement secondaire français,
Presses universitaires de France, coll. « Bibliothèque de sociologie
contemporaine », Paris, 1970
162- Waller W.: The Sociology of Teaching, New York, Russel & Russel,
1932.

:‫القاالت‬
،)‫ مقابلة مع فليب پيرنو‬:‫( بناء الكفايات‬:‫ باوال جونتيل وروسيرتا بنتشيني‬-336
‫ محمد العمارتي والبشير‬:‫ تعريب‬،‫الكفالات الي التدر س ب ح التنظ ر والمارسة‬
.‫م‬2222 ‫ الطبعة األولى سنة‬، ‫ الرسا‬،‫ مطبعة أكدال‬،‫اليعكوبي‬

‫ الكفالات الي‬،)‫( مفهوم الكفايات وسنا ها عند فيليب پيرنو‬:‫ حسن بوتكالي‬-332
.2222 ‫ الطبعة األولى سنة‬، ‫ الرسا‬،‫ مطبعة أكدال‬،‫التدر س ب ح التنظ ر والمارسة‬

،33‫ املجلد‬،‫ الكويت‬،‫ عالم الفكر‬،) ‫( سيكولوجية االتصال‬:‫ طلعت منصور‬-333


.3602 ‫السنة‬

422
‫‪ -166‬عبد الرحيم تمحري‪( :‬الجهة ودور اإلشراف التربوي في اإلقالع البيداغوجي بها‪:‬‬
‫إقليم جرادة نموذجا‪ ،‬مادة الفلسفة مثاال)‪ ،‬مجلة علوم التربية‪،‬املغرب‪ ،‬العدد‬
‫الخامس عشر‪ ،‬املجلد الثاني‪ ،‬أكتوسر‪3660‬م‪.‬‬

‫‪ -333‬محمد الدريظ‪( :‬كفايات املشرف التربوي وأساليب تطويرها)‪ ،‬التدريس‬


‫بالكفايات رهان على جودة التعلم‪ ،‬مجلة علوم التربية‪،‬الطبعة األولى ‪2223‬م‪.‬‬

‫‪ -330‬ميلود أحبادو‪ ( :‬مقومات املنهاج التعليمي)‪ ،‬مجلة التدر س‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪،‬‬


‫العدد السابع‪.‬‬

‫‪ -336‬نيكو هرت‪ (:‬بصدد املقارسة علر الكفايات هل نحتاج إلى عمال أكفاء أم إلى‬
‫مواطنين نقديين؟)‪ ،‬الكفالات الي التدر س ب ح النظرية والمارسة‪ ،‬مطبعة‬
‫أكدال‪،‬الرسا ‪،‬الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪.‬‬
‫الطاوعات‪:‬‬
‫‪ -332‬جميلة العسال‪ :‬دروس الي التربية وعلم النفس‪ ،‬املركز التربوي الجهوي بفاس‪،‬‬
‫مطبوع جام ي‪ ،‬السنة الدراسية‪.3603-3602:‬‬
‫‪ -333‬عبد الكريم بوفرة‪ :‬علم اللغة االجتماعي‪ ،‬مقدمة نظرية‪ ،‬مطبوع جام ي‪،‬‬
‫جامعة محمد األول‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬وجدة‪ ،‬املغرب‪ ،‬املوسم‬
‫الجام ي‪2232-2233‬م‪.‬‬
‫الدال ل الوزارية‪:‬‬
‫‪ -332‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬اليثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪.‬‬

‫‪423‬‬
‫‪ -336‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬الدونة القانونية للتربية والتكوين‪ ،‬سلسلة اإلدارة‬
‫والقانون‪ ،‬رقم ‪ ،3‬إشراف الدكتور املهدي بنمير‪ ،‬املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراك ‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪2222‬م‪.‬‬

‫‪ -332‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬مراجعة الناهج التربوية الكتاب األبي ‪ ،‬مشروع منقح‬
‫ومزيد‪ ،‬نونلر ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ -333‬وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين األطر والبحث العلمي‪ ،‬الكتاب‬
‫الدرس ي مسار إصالمل‪ ،‬مديرية املنا ا‪ ،‬قطاع التربية الوطنية‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪. 2223‬‬
‫‪ -333‬وزارة التربية الوطنية‪ :‬دليل الحياة الدرسية‪ ،‬الرسا ‪ ،‬املغرب‪ ، ،‬غشت‬
‫‪2220‬م‪.‬‬

‫الرواب اإللكترونية‪:‬‬
‫‪ -333‬جميل حمداوي‪ :‬التواصل اللساني والسيميائي والتربوي‪ ،‬موقع األلوكة‪،‬‬
‫السعودية‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ -178‬زهور باقي‪( :‬أحمد بوكماخ من املسرح والسياسية إلى تأليف سلسلة “اقرأ")‪،‬‬
‫موقع هس ريس‪ ،‬املغرب‪ ،‬االثنين ‪ 32‬غشت ‪ 2236‬م‪.‬‬

‫‪http://hespress.com/portraits/86476.htm‬‬
‫‪ -179‬مجد خضر‪( :‬الفرق بين املنها واملقرر)‬
‫‪http://mawdoo3.com/‬‬

‫‪424‬‬
‫س رة جميل حمداوي‪:‬‬

‫‪ -‬جميل حمداوي من مواليد مدينة الناظور باململكة املغرسية ‪.‬‬

‫‪ -‬حاصل على دبلوم الدراسات العليا سنة ‪3663‬م في موووع (العنواح الي الشعر‬
‫العربي الحدلث والعاصرنحو مقاربة سيميا ية) بميزة حسن جدا‪.‬‬

‫‪ -‬حاصل على دكتوراه الدولة سنة ‪2223‬م في الرواية ‪ ،‬وكان موووع األطروحة (‬
‫مقاربة النص الوازي الي روالات بنسالم حميش) بميزة حسن جدا‪.‬‬

‫‪ -‬حاصل على إجازتين‪ :‬األولى في األدب العربي‪ ،‬والثانية في الشريعة والقانون‪ .‬كما تابع‬
‫دراساته الجامعية في الفلسفة وعلم النفس وعلم االجتماع بكليتي اآلداب بفاس‬
‫وتطوان‪.‬‬

‫‪ -‬دكتور بروفيسور في األدب العربي الحديث واملعاصر‪.‬‬

‫‪ -‬أستاذ التعليم العالي باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين بالناظور‪.‬‬

‫‪425‬‬
‫‪ -‬أستاذ التربية الخاصة والعامة ‪ ،‬وأستاذ علم التدريس في اللغة العرسية ‪ ،‬وعلوم‬
‫التربية باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين بالجهة الشرقية (وجدة‪/‬املغرب)‪.‬‬

‫‪ -‬كان سابقا أستاذ األدب الرقمي ومنا ا النقد األدبي بماستر الكتابة النسائية بكلية‬
‫اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان‪.‬‬

‫‪ -‬كان سابقا أستاذ الرواية ومنا ا مابعد الحداثة وعلم التحقيق بماستر النثر العربي‬
‫القديم بكلية اآلداب تطوان‪.‬‬

‫‪ -‬كان سابقا أستاذ الصحافة بماستر الترجمة والتواصل والصحافة بمدرسة فهد‬
‫العليا بطنجة (املغرب)‪.‬‬

‫بالكلية املتعددة‬ ‫‪ -‬كان سابقا أستاذ مادة حضارات البحر األبيض املتوس‬
‫التخصصات بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬أستاذ األدب العربي‪ ،‬والصحافة‪ ،‬ومنا ا البحث التربوي‪ ،‬واإلحصاء التربوي‪،‬‬


‫وعلوم التربية‪ ،‬والتربية الفنية‪ ،‬والحضارة األمازيغية‪ ،‬وعلم التدريس في التعليم‬
‫األولي‪...‬‬

‫‪ -‬يدرس ‪ -‬اآلن‪ -‬علم النفس التربوي‪ ،‬وعلوم التربية‪ ،‬ومنا ا البحث التربوي‪ ،‬وطرائق‬
‫التدريس‪ ،‬واإلحصاء التربوي‪ ،‬ومنا ا البحث التربوي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬شاعر‪ ،‬وناقد‪ ،‬وساحث‪ ،‬وسيناريست‪ُ ،‬ومحكم‪ ،‬وكاتب مسرحي‪ ،‬وخبير ترسوي‪،‬‬
‫ومؤطر ومحاور ثقافي وفني‪ ،‬ومكون ترسوي‪ ،‬ومستشار في كثير من املجالت العرسية‬
‫والدولية املحكمة وغير املحكمة‪.‬‬

‫‪ -‬مخرج مسرحي‪.‬‬

‫‪426‬‬
‫‪ -‬باحث فني وناقد سينمائي وتشكيلي وموسيقي‪.‬‬

‫‪ -‬يعد من املنظرين العرب األوائل للقصة القصيرة جدا‪ ،‬والكتابة الشذرية‪ ،‬والبالغة‬
‫الرحبة‪ ،‬والصورة السردية‪... ،‬‬

‫‪ -‬ممثل الخلراء في مجال التربية والتعليم‪.‬‬

‫‪ -‬صاحب مقارسات نقدية جديدة عرسيا ‪ :‬املقارسة امليكروسردية في دراسة القصة‬


‫القصيرة جدا‪ ،‬واملقارسة الشذرية في دراسة الشذرات‪ ،‬واملقارسة امليديولوجية في‬
‫دراسة األدب الرقمي‪ ،‬واملقارسة الكوسمولوجية في دراسة العوالم املمكنة‪ ،‬واملقارسة‬
‫الهايكية في دراسة شعر الهايكو‪ ،‬واملقارسة املقاصدية في دراسة مقاصد األدب‪،‬‬
‫واملقارسة الفيزيائية في دراسة حركة الشعر‪ ،‬والبيداغوجيا اإلبداعية في مجال التربية‬
‫والتعليم‪ ،‬ومقارسة البالغة الرحبة في دراسة الصور السردية‪ ،‬واملقارسة الطوسيقية في‬
‫دراسة املواوع الحجاجية‪ ،‬والتربية الناقدة‪ ،‬واملقارسة املهارية في التربية والتعليم‪...‬‬

‫‪ -‬كتب حوالي ‪ 3232‬كتاب ورقي وإلكتروني‪.‬وبهذا‪ ،‬يكون أكثر إنتاجا في الثقافة العرسية‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬نشر أكثر من ‪ 3622‬مقال علمي محكم وغير محكم في الصحف األجنبية والعرسية‬
‫واملغرسية‪ ،‬دون أن نن اى ما نشرناه من مقاالت في مواقع إلكترونية‪ ،‬فهي كثيرة جدا‪.‬‬

‫‪ -‬نشر أكثر من ‪ 32‬كتابا في املجال السياهاي والقانوني ككتاب علم االجتماع‬


‫السياهاي‪ ،‬ومغارسة العالم واملشاركة السياسية‪ ،‬والت ييرس يييية والديمقراط يي يية‪ ،‬والشباب‬
‫املغربي واملشاركة السياسية‪ ،‬والشباب العربي واملشاركة السياسية‪ ،‬وكتاب األحزاب‬
‫السياسية باملغرب‪ ،‬والعنف بين الرفض واملشروعية (مقارسة فلسفية)‪ ،‬والتسامح‬
‫الصوفي والطرقي باملغرب‪ ،‬ومبادىء علم االجتماع االقتصادي‪ ،‬وعلم التدبير‪ ،‬ومن‬
‫‪427‬‬
‫اإلدارة البيروقراطية إلى اإلدارة البديلة‪ ،‬ومفهوم اإلدارة التربوية‪ ،‬والعييدوان‬
‫الكييماوي عيلى منطقة اليرييف‪ ،‬واملفاهيم السوسيولوجية عند بيير بورديو ‪ ،‬واملقارسة‬
‫الثقافية أساس التنمية البشرية‪ ،‬والنظرية النقدية أو مدرسة فرانكفورت ‪ ،‬وعلم‬
‫اجتماع البي ة و التنمية‪ ،‬وسوسيولوجيا التطرف ‪ ،‬والجماعات اإلسالمية وسالح‬
‫التكفير‪ ،‬والسياسات العمومية باملغرب‪ ،‬والفضاء اليعييام في ووء علم االجتماع‬
‫السياهاي‪ ،‬واملغرب وصدمة الحداثة(مقارسة سوسيولوجية)‪ ،‬ومنا ا العلوم‬
‫االجتماعية والقانونية‪ ،‬وسيميولوجيا الهجرة املغرسية‪ ،‬وججاج الخطاب السياهاي‪،‬‬
‫والحرب العادلة أو الحرب األخالقية املشروعة في منظور العالقات الدولية‪ ،‬وهل من‬
‫مستقبل لنحزاب السياسية في الوطن العربي؟ واملقارسة الثقافية أساس التنمية‬
‫والحكامة الجيدة ‪ ،‬وعلم االجتماع اإلداري ‪ ،‬وأثر التقلبات السياسية العرسية الراهنة‬
‫في السلوك االجتماعي‪ ،‬ومقارسة سوسيو‪-‬سياسية‪ ،‬وجهود ماكس فيلر في مجال‬
‫السوسيولوجيا‪ ،‬وسوسيولوجيا النخب(النخبة املغرسية أنموذجا)‪ ،‬وسوسيولوجيا‬
‫الثقافة‪ ،‬و هل هناك حرب عادلة؟‪ ،‬إلخ‪...‬‬

‫‪ -‬له موقع إلكتروني مجاني يضم كتبا عديدة موجهة للباحثين والطلبة للتحميل‬
‫بعنوان( موقع الثقافة للجميع)‬

‫‪Hamdaoui.ma‬‬

‫‪ -‬كتب أكثر من ‪322‬كتاب في التربية والتعليم‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مركز جسور للبحث في الثقافة والفنون بالناظور‪/‬املغرب‪.‬‬

‫‪ -‬عضو في االتحاد الدولي للغة العرسية رقم العضوية ‪.3666/22‬‬

‫‪ -‬أديب ومبدع وناقد وساحث‪ ،‬يشتغل ومن ر ية أكاديمية موسوعية‪.‬‬


‫‪428‬‬
‫‪ -‬حصل على جائزة مؤسسة املثقف العربي (سيدني‪/‬أستراليا) لعام ‪2233‬م في النقد‬
‫والدراسات األدبية‪.‬‬

‫‪ -‬حصل على جائزة ناجي النعمان األدبية سنة‪2232‬م‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس الرابطة العرسية للقصة القصيرة جدا‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس املهرجان العربي للقصة القصيرة جدا‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس الهي ة العرسية لنقاد القصة القصيرة جدا‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس الهي ة العرسية لنقاد الكتابة الشذرية ومبدعوها‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس جمعية الجسور للبحث في الثقافة والفنون‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختلر املسرح األمازيغي‪.‬‬

‫‪ -‬عضو الجمعية العرسية لنقاد املسرح‪.‬‬

‫‪-‬عضو رابطة األدب اإلسالمي العاملية‪.‬‬

‫‪ -‬عضو اتحاد كتاب العرب‪.‬‬

‫‪-‬عضو اتحاد كتاب اإلنترنت العرب‪.‬‬

‫‪-‬عضو اتحاد كتاب املغرب‪.‬‬

‫‪ -‬عضو في الجامعة الدولية لإلبداع والعلوم اإلنسانية والسالم بين الشعوب‪.‬‬

‫‪ -‬خبير في التربية والثقافة األمازيغية‪.‬‬

‫‪429‬‬
‫‪ -‬ترجمت مقاالته ودراساته إلى اللغة الفرنسية‪ ،‬واللغة الفارسية‪ ،‬واللغة الكردية‪،‬‬
‫والبنغالية‪ ،‬واألندونيسية‪...‬‬

‫‪ -‬شارك في مهرجانات عرسية عدة في كل من‪ :‬الجزائر‪ ،‬وتونس‪ ،‬وليبيا‪ ،‬ومصر‪،‬‬


‫واألردن‪ ،‬والسعودية‪ ،‬والبحرين‪ ،‬والعراق‪ ،‬واإلمارات العرسية املتحدة‪ ،‬وسلطنة‬
‫عمان‪...‬‬

‫‪ -‬مستشار في مجموعة من الصحف واملجالت والجرائد والدوريات الوطنية والعرسية‪.‬‬

‫‪ -‬ألف ( ‪ )3232‬كتاب ورقي وإلكتروني في تخصصات متعددة‪.‬وبهذا‪ ،‬يكون أكثر إنتاجا‬


‫في الثقافة العرسية اإلسالمية ‪.‬‬

‫‪ُ -‬منح جميل حمداوي لقب شخصية العام من أفضل مائة شخصية مؤثرة في العالم‬
‫لعام ‪2223‬م من قبل الجامعة الدولية لإلبداع والعلوم اإلنسانية والسالم بين‬
‫الشعوب‪.‬‬

‫‪ -‬نشر الباحث مقاالته في الجالت الغربية ( مجلة وفاف‪ -‬مجلة املجرة‪ -‬مجلة‬
‫التحرير املغربي‪ -‬مجلة فكر‬ ‫فضاءات مغرسية‪ -‬مجلة فكر‪ -‬مجلة املقاومة وجي‬
‫ونقد‪ -‬مجلة علوم التربية‪ -‬مجلة فاق‪ -‬مجلة إيقاظ‪ -‬مجلة الحياة املدرسية‪ -‬مجلة‬
‫الفرقان‪ -‬مجلة رهانات‪ -‬مجلة التذكرة‪ -‬مجلة نغم‪ -‬مجلة كتابات‪ -‬مجلة الحياة‬
‫الفنية‪-‬مجلة أدليس‪-‬مجلة نوافذ‪ -‬مجلة األزمنة الحديثة‪-‬مجلة التاريق العربي‪-‬مجلة‬
‫امللتق ‪ -‬مجلة طنجة األدبية‪ -‬مجلة شؤون إستراتيجية‪ -‬مجلة لكل النساء‪ -‬مجلة‬
‫مجلة دعوة الحق‪ -‬مجلة أمل‪ -‬مجلة رهانات‪ -‬مجلة مدارات –اهتمامات ترسوية‬
‫مجلة اإلدارة التربوية‪ -‬مجلة الذاكرة الوطنية‪ -‬ومجلة الغنية‪- ،‬التربية والتكوين‬
‫ومجلة الثقافة املغرسية‪.)...‬‬
‫‪430‬‬
‫‪ -‬نشر في الجالت العربية والخليجية‪ ،‬مثل‪ :‬مجلة الكويت (الكويت)‪ ،‬ومجلة عالم‬
‫الفكر(الكويت)‪ ،‬ومجلة الراوي(السعودية)‪ ،‬ومجلة الفيصل (السعودية) ‪ ،‬ومجلة‬
‫الشؤون التربوية (الكويت)‪ ،‬ومجلة األدب اإلسالمي ( السعودية) ‪ ،‬ومجلة جريدة‬
‫الفنون( الكويت) ‪،‬ومجلة عشتروت (سوريا)‪ ،‬ومجلة الكرمل( فلسطين) ‪ ،‬ومجلة‬
‫املجلة العرسية (السعودية)‪ ،‬ومجلة العربي (الكويت) ‪،‬ومجلة نزوى (عمان)‪،‬ومجلة‬
‫البيان (الكويت)‪ ،‬ومجلة الجوسة (السعودية)‪ ،‬ومجلة التسامح (سلطنة عمان)‪،‬‬
‫ومجلة الغدير(لبنان)‪ ،‬ومجلة الفرقان (األردن)‪ ،‬ومجلة اآلطام (السعودية)‪ ،‬ومجلة‬
‫شانؤ (كوردستان)‪ ،‬ومجلة (هةنار) كوردستان‪ ،‬ومجلة الدوحة (قطر)‪ ،‬ومجلة‬
‫حوليات التراث (الجزائر)‪ ،‬ومجلة أبعاد (السعودية)‪ ،‬ومجلة اإلشراق (العراق)‪،‬‬
‫ومجلة املنهاج (لبنان)‪ ،‬ومجلة املسرح العربي (اإلمارات العرسية املتحدة) ‪ ،‬ومجلة‬
‫إبداع (مصر)‪ ،‬ومجلة املعرفة(السعودية)‪ ،‬ومجلة الرافد (اإلمارات العرسية املتحدة)‪،‬‬
‫ومجلة دراسات الخليظ والجزيرة العرسية(الكويت)‪،‬ومجلة الحياة املسرحية(سوريا)‪،‬‬
‫الثقافية (األردن)‪ ،‬ومجلة‬ ‫ومجلة الفيصل األدبية (السعودية)‪ ،‬ومجلة جر‬
‫سيميائيات (الجزائر)‪ ،‬ومجلة قضايا إستراتيجية (تونس)‪ ،‬ومجلة املسرح (الشارقة)‪،‬‬
‫ومجلة العرسية والترجمة (لبنان)‪ ،‬ومجلة الجسرة (قطر)‪ ،‬ومجلة كتابات معاصرة‬
‫(لبنان)‪ ،‬ومجلة العرسية والترجمة (لبنان)‪ ،‬ومجلة عتبات الثقافية (مصر)‪ ،‬ومجلة‬
‫الصورة واالتصال(الجزائر)‪ ،‬ومجلة الكلمة (لبنان)‪،‬ومجلة لسان العرب (ليبيا)‪،‬‬
‫وسردم العربي(كردستان)‪ ،‬ومجلة قص (تونس)‪ ،‬ومجلة املستقبل العربي (لبنان)‪. ،‬‬
‫ومجلة اإلمارات الثقافية (اإلمارات)‪ ،‬والحياة الثقافية (تونس)‪،‬ومجلة اإلصالح‬
‫اإللكترونية (تونس)‪ ،‬ومجلة الرقيم(العراق)‪ ،‬ومجلة أيقونات (الجزائر)‪ ،‬ومجلة ر ية‬
‫سينمائية (اإلمارات العرسية املتحدة)‪ ،‬ومجلة (املوقف األدبي) السورية‪ ،‬ومجلة‬

‫‪431‬‬
‫(قص ) تونس‪ ،‬ومجلة الحرس الوطني(السعودية)‪ ،‬ومجلة العالم (السعودية)‪،‬‬
‫ومجلة فصول (مصر)‪ ،‬ومجلة سمات(البحرين)‪ ،‬ومجلة املنافذ الثقافية (لبنان)‪،)...‬‬
‫ومجلة الفكر العربي املعاصر(لبنان)‪،‬ومجلة جيل العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫(الجزائر)‪ ،‬ومجلة (األقالم) العراق‪،‬ومجلة شؤون عرسية (مصر)‪ ،‬ومجلة جر‬
‫الثقافية (األردن)‪ ،‬ومجلة أدب ونقد (مصر)‪ ،‬ومجلة االجتهاد املعاصر (لبنان)‪،‬‬
‫ومجلة أقالم عرسية(اليمن)‪ ،‬ومجلة أبحاث ودراسات ترسوية(لبنان)‪ ،‬ومجلة فرقد‬
‫اإلبداعية (السعودية)‪ ،‬ومجلة دراسات معاصرة(الجزائر)‪( ،‬مجلة الطفولة العرسية)‬
‫الكويت‪ ،‬ومجلة االستغراب(لبنان)‪ ،‬ومجلة شؤون األوس (لبنان)‪ ،‬واحيفة فنون‬
‫الخليظ (السعودية)‪ ،‬ومجلة الفيصل (السعودية)‪ ،‬ومجلة جيل الدراسات السياسية‬
‫والعالقات الدولية (لبنان)‪ ،‬ومجلة (املوقف األدبي) سورية‪ ،‬ومجلة دراسات‬
‫استشراقية (لبنان)‪ ،‬ومجلة (شرفات) (العراق)‪ ،‬ومجلة (أقالم عرسية) (اليمن)‪،‬‬
‫ومجلة (وفاف عرسية) العراق‪ ،‬ومجلة (أبحاث ودراسات ترسوية) لبنان‪ ،‬ومجلة‬
‫(جيل) لبنان‪...‬‬

‫‪ -‬نشر أيضا مقاالته في الجالت العالية ( مجلة العرب األسبوعي ( لندن)‪ ،‬ومجلة‬
‫الكلمة ( لندن)‪ ،‬صوت العروسة(الواليات املتحدة األمريكية)‪ ،‬ومجلة القلم األدبي‬
‫(لندن)‪ ،‬ومجلة صدى املهجر(الواليات املتحدة األمريكية)‪ ،‬ومجلة عالم الغد (ڤيينا‬
‫بالنمسا)‪ ،‬واحيفة العاملية (كاليفورنيا بالواليات املتحدة األمريكية)‪ ،)...،‬ومجلة‬
‫جامعة ابن رشد (هولندا)‪ ،‬ومجلة الزمان (لندن)‪...‬‬

‫‪ -‬نشر دراساته في الجرا د العربية واإلسالمية والدولية (جريدة املواطن العراقية‪،‬‬


‫والكلمة الحرة العراقية‪ ،‬واحيفة العدالة العراقية‪ ،‬وجريدة الجريدة العراقية‪،‬‬
‫وجريدة املنارة العراقية‪ ،‬وجريدة امليثاق البحرينية‪ ،‬وجريدة األيام البحرينية‪،‬‬
‫‪432‬‬
‫وجريدة العراق اليوم‪ ،‬وجريدة السيادة العراقية‪ ،‬وجريدة الوفاق اإليرانية‪ ،‬وجريدة‬
‫بغداد العراقية‪ ،‬وجريدة صوت العروسة الصادرة بالواليات املتحدة األمريكية‪،‬‬
‫والصحيفة البحرينية‪ ،‬وجريدة الثورة العراقية‪ ،‬وجريدة العدالة العراقية‪ ،‬وجريدة‬
‫املؤتمر العراقية‪ ،‬واحيفة الوقت البحرينية‪ ،‬وجريدة الثورة العراقية‪ ،‬وجريدة‬
‫الزمان العراقية اللندنية‪ ،‬وجريدة الدعوة العراقية‪ ،‬وجريدة البينة العراقية‪،‬‬
‫وجريدة االتحاد العراقية‪ ،‬وجريدة مسرحنا املصرية‪ ،‬وجريدة منلر الرأي( األردن)‪،‬‬
‫واملدينة (السعودية)‪ ،‬وجريدة املستشار(العراق)‪ ،‬وجريدة الثقافية(تونس)‪ ،‬وجريدة‬
‫أقالم الغد (املغرب)‪ ،‬الرأي (األردن)‪ ،‬وجريدة املشرق (العراق)‪ ،‬وجريدة بدر‬
‫(العراق)‪ ،‬وكالة النهار األخبارية (العراق)‪ ،‬والحياة الطيبة (لبنان)‪ ،‬وجريدة بدر‬
‫(العراق)‪ ،‬وجريدة االتحاد (كردستان)‪ ،‬واحيفة عكاظ (السعودية)‪ ،‬وجريدة‬
‫الوركاء‪،‬واحيفة وار( كردستان)‪ ،‬وجريدة التتخي (العراق) ‪ ،‬واحيفة منارة الشرق‬
‫للثقافة واإلعالم(العراق)‪،‬وجريدة الخليظ (اإلمارات العرسية املتحدة)‪)....،‬‬

‫طنجة األدبية ‪ -‬العلم ‪ --‬نشر مقاالته في الجرائد املغرسية الوطنية ( االتحاد االشتراكي‬
‫روافد ثقافية‪ -‬املنعطف الثقافي‪-‬الشمال‪ -‬رسالة األمة‪-‬أنغميس‪ -‬العالم األمازيغي‪- -‬‬
‫املنعطف‪ -‬أگراو‪ -‬يومية الناس‪ -‬جريدة مالمح ثقافية‪ -‬جريدة الرأي املغرسية‪ -‬جريدة‬
‫التجديد‪-‬الجريدة التربوية‪ -‬مرايا مغرسية‪ -‬جريدة الرأي الحر‪ -‬بيان اليوم‪-‬العدالة‬
‫والتنمية‪ -‬النهار املغرسية‪ -‬املنتدى األمازيغي‪ -‬عين على الفن‪ -‬الشروق املغرسية‪ -‬األيام‪-‬‬
‫جريدة العاصمة‪- -‬الف حة‪-‬القصة املغرسية‪ -‬الخلر‪-‬املساء‪ -‬أقالم املغرب‪ -‬اقالم الغد‬
‫األخبار‪.)......‬‬

‫‪ -‬نشر مقاالته في الصحف املحلية (البديل‪ ،‬وصوت الريف‪ ،‬والصدى‪ ،‬والساعة‪،‬‬


‫وأنوال اليوم‪ ،‬والريفي‪ ،‬والعبور الصحفي‪ ،‬وصوت الشمال‪ ،‬وأمنوس‪ ،‬وسين السطور‪،‬‬
‫‪433‬‬
‫وتيفراس‪ ،‬وأصداء الريف‪ ،‬وأنباء الريف‪ ،‬واألسبوعية الجهوية‪ ،‬وجريدة الريف‬
‫املغرسية‪ ،‬والصحيفة الشرقية‪ ،‬ونوميديا‪ ،‬وأصوات الريف‪ ،‬واملساء‪.)....‬‬

‫‪ -‬نشر مقاالت عدة في كثير من املواقع اإللكتورنية‪ ،‬مثل‪ :‬دروب‪ ،‬واملثقف‪ ،‬والوطن‪،‬‬
‫والحوار املتمدن‪،‬والندوة العرسية ‪ ،‬واملثقف‪ ،‬وملتق شعراء العرب‪ ،‬واملجلة العرسية‪،‬‬
‫والفوانيس‪ ،‬ومنلر دنيا الوطن‪ ،‬وصوت العروسة‪ ،‬والصحيفة‪ ،‬وديوان العرب‪ ،‬وأقالم‬
‫الثقافية‪ ،‬وأفق الثقافي‪ ،‬وفراديس‪ ،‬وفضاءات‪ ،‬وجدار‪ ،‬ومنتدى مسرحيون‪ ،‬ومسرح‬
‫الطائف‪ ،‬والتجديد العربي‪ ،‬والقصة العرسية‪ ،‬والقصة العراقية‪ ،‬ورجال األدب‪،‬‬
‫وعراق الكلمة‪ ،‬وشعراء العراق‪ ،‬وسوابة املغرب‪ ،‬واتحاد كتاب اإلنترنت العرب‪،‬‬
‫والفوانيس‪ ،‬واملناهل ‪.....‬‬

‫‪ -‬صاحب مقارسات نقدية جديدة وأصيلة ي‪ :‬املقارسة الشذرية‪ ،‬واملقارسة الوسائطية‬


‫أو امليديولوجية‪ ،‬واملقارسة القالبية‪ ،‬واملقارسة املقاصدية‪ ،‬واملقارسة امليكروسردية‪،‬‬
‫واملقارسة الطوسيقية‪ ،‬واملقارسة الفيزيائية في دراسة الحركة في األدب والفن‪ ،‬و املقارسة‬
‫الهايكية‪ ،‬و املقارسة البنيوية الدياكرونية‪ ،‬وسيميوطيقا التوتر‪ ،‬والبيداغوجيا‬
‫اإلبداعية‪ ،‬والتربية الناقدة‪ ،‬وترسية امللكات‪ ،‬والبالغة الرحبة‪ ،‬والبالغة الرقمية‪...‬‬

‫‪ -‬ومن أهم كتبه‪ :‬الجديد في الدرس البالغي‪ ،‬واالستغراب‪ ،‬واالستعراب اإلسباني في‬
‫خدمة األدب العربي‪ ،‬واالستشراق‪ ،‬وسوسيولوجيا األسلوب‪ ،‬ونحو املقارسة‬
‫الكوسمولوجية‪ ،‬ومن هم اللربر؟‪ ،‬والحكاية الشعبية األمازيغية‪ ،‬والسرد األمازيغي‬
‫بمنطقة الريف‪ ،‬ومدخل إلى اللسانيات األمازيغية‪ ،‬ولسانيات الن ‪ ،‬واألدب الرقمي‪،‬‬
‫والجهة في اللغة العرسية‪ ،‬واملقارسة امليديولوجية‪ ،‬و سيميوطيقا التوتر‪ ،‬وفقه‬
‫النوازل‪ ،‬ومفهوم الحقيقة في الفكر اإلسالمي‪ ،‬ومحطات العمل الديدكتيكي‪ ،‬وتدبير‬

‫‪434‬‬
‫الحياة املدرسية‪ ،‬وسيداغوجيا األخطاء‪ ،‬ونحو تقويم ترسوي جديد‪ ،‬والشذرات بين‬
‫النظرية والتطبيق‪ ،‬والقصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق‪ ،‬والرواية التاريخية‪،‬‬
‫تصورات ترسوية جديدة‪ ،‬واإلسالم بين الحداثة وما بعد الحداثة‪ ،‬ومجزءات التكوين‪،‬‬
‫ومن سيميوطيقا الذات إلى سيميوطيقا التوتر‪ ،‬والتربية الفنية‪ ،‬ومدخل إلى األدب‬
‫السعودي‪ ،‬واإلحصاء التربوي‪ ،‬ونظريات النقد األدبي في مرحلة مابعد الحداثة‪،‬‬
‫ومقومات القصة القصيرة جدا عند جمال الدين الخضيري‪ ،‬وأنواع املمثل في‬
‫التيارات املسرحية الغرسية والعرسية‪ ،‬وفي نظرية الرواية‪ :‬مقارسات جديدة‪،‬‬
‫وأنطولوجيا القصة القصيرة جدا باملغرب‪ ،‬والقصيدة الكونكريتية‪ ،‬ومن أجل تقنية‬
‫جديدة لنقد القصة القصيرة جدا ‪ ،‬والسيميولوجيا بين النظرية والتطبيق‪ ،‬واإلخراج‬
‫املسرحي‪ ،‬ومدخل إلى السينوغرافيا املسرحية‪ ،‬واملسرح األمازيغي‪ ،‬ومسرح الشباب‬
‫باملغرب‪ ،‬واملدخل إلى اإلخراج املسرحي‪ ،‬ومسرح الطفل بين التأليف واإلخراج‪،‬‬
‫ومسرح األطفال باملغرب‪ ،‬ونصوص مسرحية‪ ،‬ومدخل إلى السينما املغرسية‪ ،‬ومنا ا‬
‫النقد العربي‪ ،‬والجديد في التربية والتعليم‪ ،‬وسبليوغرافيا أدب األطفال باملغرب‪،‬‬
‫ومدخل إلى الشعر اإلسالمي‪ ،‬واملدارس العتيقة باملغرب‪ ،‬وأدب األطفال باملغرب‪،‬‬
‫والقصة القصيرة جدا باملغرب‪،‬والقصة القصيرة جدا عند السعودي علي حسن‬
‫البطران‪ ،‬وأعالم الثقافة األمازيغية‪...‬‬

‫‪ -‬من أعضاء الهي ة االستشارية العلمية في كثير من املجالت العرسية والدولية ‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫مجلة جر التابعة لجامعة األردن ابتداء من العدد‪ 23‬لسنة ‪2222‬م‪ ،‬ومجلة ابن‬
‫رشد بهولندة‪ ،‬ومجلة أطلنتيس‪ ،‬مجلة (عتاات) الثقافية املصرية‪ ،‬و (مجلة كتابات‬
‫معاصرة) الصادرة بلبنان ابتداء من العدد‪ 323‬سنة ‪2230‬م‪ ،‬ومجلة (العلوم‬
‫‪ ،‬و‬ ‫القانونية) املغرسية التي يشرف علوها نبيل بوحميدي وميمون خرا‬

‫‪435‬‬
‫(مجلةا داب واللغات والعلوم اإلنسانية) الصادرة عن كلية اآلداب واللغات‬
‫بجامعة الشاذلي بن جديد‪ ،‬الطارف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬و مجلة ابن رشد بهولندة ‪ ،‬ومجلة‬
‫الصورة واالتصال بالجزائر‪ ،‬ومجلة القلم األدبي بلندن‪ ،‬ومجلة أجراس الثقافية‬
‫باملغرب‪ ،‬ومجلة فضاءات مغرسية‪ ،‬ومجلة أدب الطفل بالجزائر‪...‬‬

‫‪ -‬مدير سابق ملوقع الريف الثقافي ‪www.rifculture.net‬‬

‫‪ -‬مدير سابق ملوقع (الثقافة للجميع)‪.www.jamilhamdaoui.net‬‬

‫‪ -‬مدير سابق ملوقع (األكادلمية الغربية للثقافة األماز غية) الرقمية‬


‫‪.www.jamilrifi.net‬‬

‫‪ -‬مسؤول سابق عن موقع (الريف الثقاالي)‬

‫‪www.rifculture.net‬‬

‫‪ -‬مدير املوقع ال خصاي للدكتور جميل حمداوي (‪)Hamdaoui.ma‬‬

‫‪ -‬رئيس موقع الثقافة لسجميع (‪)Hamdaoui.ma‬‬

‫‪ -‬رئيس مركز جسور للبحث في الثقافة والفنون بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختلر املسرح األمازيغي بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختلر القصة القصيرة جدا بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختلر الثقافة األمازيغية بمنطقة الريف‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختلر ابن خلدون للتربية والتعليم باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين‬
‫بالجهة الشرقية‪ ،‬فرع الناظور‪.‬‬
‫‪436‬‬
‫‪ -‬رئيس مختلر مسرح الشباب‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختلر الكتابة الشذرية بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬نائب رئيس مختلر املونودراما بالناظور‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختلر أدب األطفال في الناظور‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختلر أدب الشباب في مدينة الناظور‪.‬‬

‫‪ -‬رئيس مختلر الرواية في منطقة الريف‪.‬‬

‫‪ -‬مستشار مختلر الظواهر األدبية بالجهة الشرقية‪.‬‬

‫‪ -‬عضو فريق بيبليوغرافيا األدب املغربي الحديث‪.‬‬

‫‪ -‬عنوان الباحث‪ :‬جميل حمداوي‪ ،‬صندوق اللريد‪ ،3366‬الناظور‪ ،32222‬املغرب‪.‬‬

‫‪ -‬الهاتف النقال‪2332632660:‬‬

‫‪ -‬الهاتف املنزلي‪2363666200:‬‬

‫‪ -‬الواتساب‪2332632660:‬‬

‫‪ -‬اإليميل‪Hamdaouidocteur@gmail.com:‬‬

‫‪Jamilhamdaoui@yahoo.fr‬‬

‫‪437‬‬
‫الس رة الذاتية‪:‬‬

‫‪ ‬معلومات خصية‪:‬‬

‫‪ ‬االسم العائلي‪ :‬ادرحو‪ID RAHOU‬‬


‫‪HICHAM‬‬ ‫‪ ‬االسم ال خصاي‪ :‬هشام‬
‫‪ ‬تاريق ومكان االزدياد‪ 3630/26/ 22:‬الدار البيضاء‬
‫‪ ‬اإلطار والدرجة‪ :‬أستاذ التعليم الثانوي‪ ،‬الدرجة املمتازة‪.‬‬

‫‪438‬‬
‫‪ ‬مقر العمل‪ :‬املركز الجهوي ملهن التربية والتكوين لجهة الشرق – الفرع‬
‫اإلقليمي بالناظور‪.‬‬
‫‪ ‬مادة التدريس‪ :‬علوم التربية‬
‫‪ ‬الهاتف‪0640108080 :‬‬
‫‪ ‬اللريد االلكتروني‪idrahouhicham.crmfo@gmail.com:‬‬

‫‪ ‬الشهادات العلميةوالهنية الحصلعليها‪:‬‬

‫الشهادات األكادلمية والعلمية‪:‬‬

‫‪ ‬دبلوم الدراسات العليا املعمقة ‪ :DESA‬تخص علم االجتماع الديني ‪.2223‬‬


‫‪ ‬دبلوم املدرسة العليا لنساتذة‪ :‬تخص الفلسفة ‪2222‬‬
‫‪ ‬شهادة االجازة‪ :‬تخص علم االجتماع ‪.2222‬‬
‫‪ ‬شهادة البكالوريا‪ :‬تخص داب عصرية ‪.3660‬‬

‫الشهادات الهنية‪:‬‬

‫دبلوم املدرسة العليا لنساتذة‪ ،‬يونيو ‪.2222‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ ‬الخ راتالهنية‪:‬‬

‫التكوين بالركز‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪439‬‬
‫تدريس مجزوءة علوم التربية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تدريس مجزوءة الديداكتيك العامة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تدريس مجزوءة البحث التدخلي‬ ‫‪-‬‬
‫تدريس مجزوءة تحليل املمارسات املهنية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫التدر س بالجامعة (الدراسات العربية ‪)S2‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬تدريس مجزوءة‪ :‬الفلسفة والجماليات‬

‫التدر س بالثانوي التأهيكي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫تدر س مادة الفلسفة‬ ‫‪-‬‬

‫‪ ‬الشهادات والعضويات العلمية‪:‬‬

‫أستاذ مكون باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين لجهة الشرق‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أستاذ زائر بالكلية متعددة التخصصات بسلوان – الناظور‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عضو مشروع شراكة التعليم العالي‪-‬املغرب‪ ،‬بشراكة مع جامعة والية أريزونا‬ ‫‪-‬‬
‫بأمريكا‪ ،‬و‪ ،USAID‬عضو فريق علوم التربية‪( .‬املشروع في بداياته)‪.‬‬
‫عضو مشروع تكوين فرق إعداد املجزوءات وتكوين املكونين وتأطير الدورات‬ ‫‪-‬‬
‫التكوينية لفائدة األطر التربوية واإلدارية الذي تشرف عليه وزارة التربية‬
‫الوطنية‪.2222 ،‬‬
‫عضو فريق إعداد دليل عدة التناوب املدمظ‪ ،‬الوحدة املركزية لتكوين األطر‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الرسا ‪.2236 ،‬‬
‫عضو مشروع البحث العلمي في املجال التربوي املصادق عليه من قبل وزارة‬ ‫‪-‬‬
‫التربية الوطنية‪.2230،‬‬
‫‪440‬‬
‫نائب الكاتب العام ملركز فاق للعلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬الناظور‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫عضو هي ة تحرير مجلة راء للعلوم اإلنسانية واالجتماعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫عضو الهي ة العلمية واالستشارية ملجلة راء للعلوم اإلنسانية واالجتماعية‬ ‫‪-‬‬
‫(مجلة محكمة)‪.‬‬
‫محكم معتمد في مجلة راء التي تعنى بالدراسات اإلنسانية واالجتماعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫نائب الكاتب العام لسجمعية املغرسية ملدرهاي الفلسفة – فرع الناظور‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫نائب الكاتب العام لسجمعية املغرسية لتوجيه التلميذ والدعم واالنصات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫االجتماعية املغرسية – فرع بنمسيك الدار‬ ‫مندوب سابق لجمعية االورا‬ ‫‪-‬‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫أمين مال سابق للعصبة املغرسية األملانية – فرع الدار البيضاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫باحث في قضايا التربية والتكوين‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ ‬اإلنتاجات العلمية‪:‬‬

‫الؤلفات العلمية‪:‬‬

‫الدليل الديداكتيكي والبيداغوجي لبناء التعلمات في مادة الفلسفة‪2236.‬‬ ‫‪-‬‬


‫املخدرات بصيغة املؤنث – دراسة سوسيولوجية‪ ،‬الناشر مركز فاق للعلوم‬ ‫‪-‬‬
‫اإلنسانية واالجتماعية ‪2223. 2‬‬
‫اإلسالميات التطبيقية في املشروع األركوني‪ ،‬هشام إدرحو منشورات املركز‬ ‫‪-‬‬
‫املتوس للدراسات واألبحاث‪.2236 ،3 ، ،‬‬

‫‪441‬‬
‫تطبيقات املنا ا اللسانية واالنتروسولوجية على الن الديني – سورتي‬ ‫‪-‬‬
‫الفاتحة والتوسة نموذجا‪ -‬هشام إدرحو منشورات املركز املتوس للدراسات‬
‫واألبحاث‪.2236 ،3 ، ،‬‬

‫القاالت العلمية‪:‬‬

‫الريف التاريق واملجال واإلنسان‪ ،‬سلسلة دراسات أكاديمية محكمة دولية‬ ‫‪-‬‬
‫متعددة التخصصات‪ ،‬الناشر‪ :‬املركز املتوسطي للدراسات واألبحاث‪ ،‬الجزء‬
‫السادس‪ ،‬شتنلر ‪.2223‬‬
‫مقال‪ :‬السياقات الناظمة للمنهاج الدراهاي للسلك االبتدائي‪ ،‬مجلة مدارات‬ ‫‪-‬‬
‫املركز الجهوي ملهن التربية والتكوين لجهة الشرق‪2223،.‬‬
‫مقال‪ :‬األنثروسولوجيا االجتماعية بالريف املغربي قراءة في كتاب‪ :‬وراء باب‬ ‫‪-‬‬
‫الفناء‪ .‬الحياة اليومية للنساء الريفيات‪ ......‬ملؤلفته أورسوال كينغسميل هارت‪،‬‬
‫ِ‬
‫مجلة الذاكرة‪ ،‬العدد الخامس‪.2222 ،‬‬
‫مقال النسق الثقافي وإشكالية بناء القيم في الحياة املدرسية‪ ،‬مجلة أراء‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫العدد الثاني‪.2222 ،‬‬

‫‪442‬‬
‫وما يهمنا في هذا الكتاب هو التركيز على النسق أو التنظيم أو‬
‫النظام التعليمي املغربي وفق املقارسة السوسيولوجية من‬
‫م‬
‫خالل التوقف عند الدخالت التي نقصد بها الفاعلين في‬
‫الشأن التربوي‪ ،‬والعمليات التي تكمن في اآلليات والطرائق‬
‫م‬
‫التربوية والتعليمية‪ ،‬والخرجات التي تتمثل في التقويم‪،‬‬
‫واإلخفاق‪ ،‬والنجاح‪ ،‬واالصطفاء‪.‬‬

‫‪443‬‬

You might also like