Professional Documents
Culture Documents
سوسيولوجيا التربية
م م
(الدخالت ،والعمليات ،والخرجات)
1
بسم هللا الرحمن الرحيم
الطبعة :األولى
السنة2222:م
منشورات الركز التوسطي للدراسات واألبحاث ،سلسلة ملفات تربوية تكوينية ،رقم،9:
الناظور -طنجة /الغرب.
ISBN : 978-9920-9199-1-3
الهاتف2333366632/2332322363 /2332632660:
2
اإلهـ ــداء
3
الفهرس
اإلهداء
الفهرس4....................................................................................................................................
مقدمة5.....................................................................................................................................
خاتمة223.................................................................................................................................
ثبت الصادروالراجع220.......................................................................................................
4
مقدمة
يتناول هذا الكتاب علم االجتماع التربوي بالتحليل ،والتفسير ،والتقويم .ومن ثمُ ،يعنى
علم اجتماع التربية ( ،)La sociologie de l’éducationأو علم اجتماع املدرسة ( La
،)sociologie de l’écoleبدراسة قضايا التربية أو البحث في مشاكل املدرسة على حد
سواء ،على أساس أن املدرسة ظاهرة اجتماعية أو مؤسسة اجتماعية لها ثوابتها
ومتغيراتها.أي :تدرس سوسيولوجيا التربية كل الظواهر املتعلقة بمجال التربية والتعليم
واملؤسسة الدراسية في عالقة تامة باملجتمع .ويعني هذا أن املدرسة تعكس محيطها
االجتماعي بشكل مباشر أو غير مباشر .ومن ثم ،تركز هذه السوسيولوجيا على البحث في
املؤسسة التربوية من الداخل والخارج معا بدراسة مكوناتها وعناصرها ونسقها الوظيفي
الكلي ،ورصد مختلف األنشطة التي تقوم بها املؤسسة التعليمية سواء كانت أنشطة مادية
أم معنوية .ثم رصد مختلف العالقات التفاعلية التي تجريها املؤسسة مع املجتمع الخارجي
بالتوقف عند ثوابتها ومتغيراتها ،واستجالء خصائصها ووظائفها وأدوارها املجتمعية،
وتبيان مدى مساهمتها في توعية املجتمع وتنويره ،وقيادته تنمويا ،واقتصاديا ،واجتماعيا،
وسياسيا ،وثقافيا ،وحضاريا.
عالوة على ذلك ،تتوقف سوسيولوجيا التربية عند مكونات املدرسة وعناصرها الفاعلة
والوظيفية كالتوقف -مثال -عند التالميذ ،واملدرسين ،ورجال اإلدارة ،واألعوان
واملساعدين ،واملشرفين التربويين ،وجمعيات اآلباء واألمهات ،بالتحليل والدراسة والرصد
واستكشاف مهام هؤالء والوظائف املنوطة بهم.
وما يهمنا في هذا الكتاب هو التركيز على النسق أو التنظيم أو النظام التعليمي املغربي من
م
خالل التوقف عند الدخالت التي نقصد بها الفاعلين في الشأن التربوي ،والعمليات التي
5
م
تكمن في اآلليات والطرائق التربوية والتعليمية ،والخرجات التي تتمثل في التقويم،
واإلخفاق ،والنجاح ،واالصطفاء.
6
الفصل األول:
مفهوم علم االجتماع التربوي
7
ينبن ي ييي ه ي ييذا الفص ي ييل األول عل ي ييى تحدي ي ييد دالالت عل ي ييم االجتم ي يياع الترب ي ييوي ،وتبي ي ييان قيمت ي ييه،
واستكشاف منهجيته إن فهما وإن تفسيرا على النحو التالي:
" علييم يييدرس التييأثيرات االجتماعييية التييي تييؤثر فييي املسييتقبل الدراهيياي لنفيراد كمييا هييو الشييأن
بالنسبة لتنظيم املنظومة املدرسيية ،وميكانيزميات التوجييه ،واملسيتوى السوسييوثقافي ألسير
املتمدرس ييين ،وتوقع ييات املدرس ييين واآلب يياء ،وإدم يياج املع ييايير والق يييم االجتماعي يية م يين ط ييرف
التالميذ ،ومخرجات األنظمة التربوية...
ويمك يين تحدي ييد موو ييوع سوس يييولوجيا التربي يية ف ييي التس ييا ل العلم ييي ح ييول نوعي يية ال ييرواب
القائمة بين املؤسسات التربوية املختلفة وسين باقي البنييات واألطير االجتماعيية األخيرى :ميا ي
-1الصحيح في اللغة السوسيولوجيا ألنها كلمة أ‘جنبية ،ولكن يمكن استخدامها بالتاء املرسوطة
(سوسيولوجية) لكي تتناسب مع السياق العربي ليس إال.
-2أحمد أوزي :العجم الوسوعي لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى
سنة 2223م ،ص.333:
8
الوظيف يية الت ييي تق ييوم به ييا تل ييك املؤسس ييات داخ ييل مجتم ييع م ييا ومام ييدى مس يياهمتها ف ييي تنشي ي ة
األفراد ؟ وإلى أي حد تحدث تعديالت في الهرمية االجتماعية القائمة (الحركية االجتماعية)
ومام ي ي ي ي ييدى تأثيره ي ي ي ي ييا ف ي ي ي ي يي البني ي ي ي ي ييات الثقافي ي ي ي ي يية وماعالقته ي ي ي ي ييا بالبني ي ي ي ي ييات املهني ي ي ي ي يية والثقافي ي ي ي ي يية
املوجودة؟...إلخ.تلك أهم التسا الت التي تطمح سوسيولوجيا التربية لإلجابة عنهيا ،ميع األخيذ
بعين االعتبار االختالفات القائمة بين املجتمعات املتنوعة3".
بدراسـة اإلنسـاح حينمـا لـدخل الـي عالقـة مـع إنسـاح طخـرالـي إطــار " هيو العليم اليذي يخيت
ترب ـ ــوي يه ي ييدف إل ي ييى تك ي ييوين الخل ي ييرة ،أو املعرف ي يية ،أو الثقاف ي يية ،أو التعل ي يييم ،أو الت ي ييدريب".أي:
العالق ييات الت ييي ت ييتم ب ييين األفي يراد ف ييي اإلط ييار الترب ييوي (التعليم ييي التعلم ييي) ،س ييواء أكان ييت ه ييذه
العالقييات بييين تلميييذ و خير ،أو بييين تلميييذ ومعلييم ،ثييم بييين التالميييذ واملعلمييين ككييل ،وسييين كييل
م يين ف ييي املؤسس يية التربوي يية ،والنظ ييام الترب ييوي بش ييكل ع ييام ،وس ييين ك ييل م يين ف ييي اإلط ييار الترب ييوي
واملؤسسات االجتماعية األخرى في املجتمع الكبير.4".
ُ
وعليه ،فسوسيوسوجيا التربية ي التي تعنى بدراسة املدرسة فيي عالقتهيا بمحيطهيا املجتم يي،
ودراس ي يية مختل ي ييف التف ي يياعالت االجتماعي ي يية داخ ي ييل املؤسس ي يية التربوي ي يية نفس ي ييها ،واالهتم ي ييام
بمختلي ييف األنشي ييطة واألدوار التي ييي تقي ييوم بهي ييا املدرسي يية التربويي يية بي ييالتركيز علي ييى مجموعي يية مي يين
الظ ي ييواهر االجتماعي ي يية التربوي ي يية ،مث ي ييل :س ي ييلطة املدرس ي يية ،والنج ي يياح واإلخف ي يياق ،واالنتق ي يياء أو
االصطفاء التربوي ،ودور املدرسة في انتخاب النخبة ،والفوارق االجتماعيية والطبقيية داخيل
املؤسسة ،والهدر املدرهاي ،وديناميكيية الجماعيات ،ومشيروع املؤسسية ،والشيراكة التربويية،
والتوجي ييه الترب ييوي ،واملس ييالك املهني ية ،وديمقراطي يية التعل يييم ،وتف يياعالت املدرس يية الداخلي يية
-3عبد الكريم غريب :النهل التربوي ،الجزء الثاني ،منشورات عالم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى 2223م ،ص.032:
- 4علي الحوات :أسس علم االجتماع التربوي ،جامعة الفاتح ،طرابلس ،ليبيا ، ،طبعة 3636م ،ص.02:
9
والخارجي ي يية ،وقض ي ييية الالمس ي يياواة الطبقي ي يية ،واملدرس ي يية واإلع ي ييالم ،أو موق ي ييف املدرس ي يية م ي يين
التح ييديات اإلعالمي يية للتلفزي ييون واألنترني ييت ،والتفاع ييل الترب ييوي داخ ييل املؤسس يية أو الفص ييل
الدراهيياي ،وطبيعيية العالقيية بييين املدرسيية واألسييرة ،وقضييية االنتميياء االجتميياعي ،والتحصيييل
الدراهاي ،والنجاح املدرهاي.
ُ
وي ييرى محم ييد الش ييرقاوي أن سوس يييولوجيا التربي يية ييي الت ييي تعن ييى بدراس يية أنظم يية التعل يييم،
ودراس يية الظ ييواهر املدرس ييية بدراس يية مختل ييف العالق ييات الت ييي تك ييون ب ييين املدرس يية ومخل ييف
املؤسس ييات األخ ييرى ،مث ييل :األس ييرة ،والسياس يية ،واالقتص يياد .أي ":دراس يية اآللي ييات املدرس ييية
كامل ي ي ي ييدخالت و العمليي ي ي ي ييات واملخرج ي ي ي ييات .وتتمثي ي ي ي ييل امل ي ي ي ييدخالت في ي ي ي ييي التالميـ ـ ـ ـ ــذ والدرس ـ ـ ـ ـ ـ ح
فيزيولوجييية، واإلدارة.ويتمييز تالميييذ املدرسيية ،علييى أسيياس أنهييم سيياكنة املدرسيية ،بخصييائ
ونفس ييية ،واجتماعي يية ،ع ييالوة عل ييى الس ييمات التالي يية :الس يين ،والج يينس ،واملس ييتوى الثق ييافي،
واألصي ي ييل االجتماعي.أمي ي ييا املدرسي ي ييون واإلداريي ي ييون ،فيتميي ي ييزون بي ي يياملتغيرات املهنيي ي يية والحرفيي ي يية
والسياسييية والنقابييية ،مثييل :مسييتوى التكييوين ،وطريقيية التوظيييف ،والووييعية داخييل البنييية
املجتمعية ،والتوجهات السياسية والنقابية.
أمـ ــا الخرجـ ــات ،فتتمثي ييل في ييي النتي ييائظ التي ييي تترتي ييب عي يين توظيي ييف لي ي يات التطبيي ييع االجتمي يياعي
واالصطفاء.أي :توظيف مختلف املعارف واملهارات من أجل تحقيق النجاح الدراهاي ،ورصد
مختلف ثار التعلم في أساليب الحياة ،أوفي السلوك السياهاي أو القانون املجت ي النهائي.
وترتكز العمليات على نقل القيم األخالقية واملعارف ،ثم االهتمام بالبيداغوجيا ،ثم قواعد
التق ي ييويم .ويعن ي ييي ه ي ييذا أن وظيف ي يية املدرس ي يية ي ييي نق ي ييل املع ي ييارف والق ي يييم وف ي ييق قواع ي ييد ترسوي ي يية
وتدريسية معينة ،مع االهتمام بأنظمة التقويم.
ويتضيي ، ،ممييا سييبق ،أن مجييال علييم االجتميياع املدرهيياي هييو رصييد التحييول الييذي ينتيياب الفييرد،
وهي ي ييو ينتقي ي ييل مي ي يين يك ي ييائن بيولي ي ييوجي غريي ي ييزي إلي ي ييى يك ي ييائن بيولي ي ييوجي إنسي ي يياني وثقي ي ييافي .ومي ي يين ثي ي ييم،
10
فسوسيولوجيا التربية لديها الكثير مما تقوله .ومن ثم ،فعلم االجتماع التربوي مجال واسيع
ورحييب ،ومتعييدد املواويييع والقضييايا ،وأن املدرسيية مجتمييع مصييغر.وسالتالي ،تزخيير بكثييير ميين
الظواهر واملجتمعية التي تنقلها من املحي الذي يحوم بها.5
ويمكن لسوسيولوجيا التربية أن تتوسع وتتجاوز إطار املدرسة إلى أشكال ومنية أخرى مين
التعلم كأن تتوقف عند األسرة واملحي وغيرها من املواويع املرتبطة بالتعلم .
ومي يين هني ييا ،تهي ييتم سوسي يييولوجيا التربيي يية بالعالقي ييات االجتماعيي يية داخي ييل املؤسسي يية التربويي يية،
ودراسي يية املؤسس ي ييات الت ي ييي تق ي ييوم بوظيف ي يية التنش ي ي ة التربوي ي يية واالجتماعي ي يية ،ورس ي ي التك ي ييوين
بوظيفت ييه االجتماعي يية واإليديولوجي يية ،والتركي ييز عل ييى وظيف يية التنشي ي ة االجتماعي يية ووظيف يية
التمدرس.
وعل ييى العم ييوم ،ته ييتم سوس يييولوجيا التربي يية بدراس يية األنظم يية التربوي يية ف ييي عالقته ييا ب يياملجتمع،
وتبييان دورهييا فيي التغيييير االجتمياعي ،والسييما أن التربيية تسي ى إليى تحويييل كيائن غييير اجتميياعي
ليص ييبح اجتماعي ييا.6وم يين ث ييم ،يب ييدو أن سوس يييولوجيا التربي يية مفه ييوم ع ييام ي ييدرس مختل ييف
األنشطة اإلنسانية ،والسيما التربوية منها.
وإذا كانت سوسيولوجيا التربية تدرس الظواهر املدرسية ،فلها أيضا عالقة وثيقة باألسرة،
والسياس ــة ،واالقتص ــاد.ويعن ييي ه ييذا أنه ييا ت ييدرس م ييا يتعل ييق بالتربي يية م يين خ ييالل تن يياول ثالث يية
عناصيير رئيسيية ييي :مييداخل التربييية (املتمدرسييون ،و رجييال التعليييم ،و أطيير اإلدارة ،واآلبيياء،
واملق ي ي ي ييررون ،واملفتش ي ي ي ييون ،)...و لياته ي ي ي ييا البيداغوجي ي ي ي يية والديدكتيكي ي ي ي يية والسوس ي ي ي يييولوجية،
ومخارجها(التقويم ،والنجاح ،واالنتقاء ،واالصطفاء ،الفشل ،والبطالة ،واالرتقاء.)...
وهناك تعريف خر لهذا الحقيل املعرفيي مفياده أن عليم االجتمياع التربيوي يقيوم عليى " دراسية
أش ي ييكال األنش ي ييطة التربوي ي يية للمؤسس ي يات ،كأنش ي ييطة املدرس ي ييين والتالمي ي ييذ واإلداري ي ييين داخ ي ييل
املؤسسات املدرسية.كما يقوم بوصف طبيعية العالقيات واألنشيطة التيي تيتم بينهم.كميا يهيتم
5- Mohamed Cherkaoui:Sociologie de l'éducation, Que sais-je, PUF, 5 edition 1999, pp: 3-5.
6 -Mohamed Cherkaoui : Sociologie de l’éducation, PUF, Paris, France, 1 édition 1986, p : .6
11
عل ييم االجتم يياع الترب ييوي بدراس يية العالق ييات الت ييي ت ييتم ب ييين املدرس يية وس ييين مؤسس ييات أخ ييرى،
كاألسرة ،وامل جد ،والنادي.كما يهتم بالشرو االقتصادية والطبيعية التي تعي فوها هذه
املؤسسات ،وتؤثر في شرو وجودها وتعاملها"7.
وهنيياك ميين يعييرف سوسيييولوجيا التربييية بأنهييا بمثابيية علييم" يييدرس التييأثيرات االجتماعييية التييي
تييؤثر فييي املسييتقبل الدراهيياي لنف يراد كمييا هييو الشييأن بالنسييبة لتنظيييم املنظوميية املدرسييية،
وميكانيزم ييات التوجي ييه ،واملس ييتوى السوس يييوثقافي ألس يير املتمدرس ييين ،وتوقع ييات املدرس ييين
واآلباء ،وإدماج املعايير والقيم االجتماعية من قبل التالميذ ،ومخرجات األنظمة التربوية"8.
وسنيياء علييى مييا سييبق ،يقصييد بسوسيييولوجيا التربييية ذلييك الحقييل املعرفييي الييذي يسييتعين بعلييم
االجتميياع فييي دراسيية القضييايا التربويية فييي عالقيية بمختلييف املؤسسييات املجتمعييية األخييرى علييى
أس يياس أن املؤسس يية التعليمي يية مجتم ييع مص ييغر يعك ييس ،ف ييي ج ييوهره ،مختل ييف التناقض ييات
ُ
الجدليي يية التي ييي يتضي ييمنها املجتمي ييع األكلي يير .وأهي ييم مي ييا تعني ييى بي ييه سوسي يييولوجيا التربيي يية دراسي يية
املؤسسة التعليمية بتحديد دورها في بناء املجتميع سيواء أكيان ذليك علير التكيييف االنيدماجي
أم عل يير عملي ييات التغيي يير .أو ييف إل ييى ذل ييك أنه ييا ته ييتم بفه ييم املدرس يية باعتباره ييا بني يية ،ودالل يية،
ومقص ي ييدية.أي :ترص ي ييد دوره ي ييا ف ي ييي التغيي ي يير االجتم ي يياعي .كم ي ييا ته ي ييتم بتبي ي ييان مختل ي ييف وظائفه ي ييا
وأدواره ييا ،واستكش يياف عالق يية املدرس يية باألس ييرة والسياس يية واالقتص يياد ،ووص ييف مختل ييف
الص ي يراعات الطبقيي يية واالجتماعيي يية التي ييي تمي ييا بهي ييا املؤسسي يية التعليميي يية ،والتركيي ييز علي ييى أهي ييم
الفيياعلين فييي تحريييك هييذه املؤسسيية التربوييية ،و تفسييير دور املدرسيية فييي املجتمييع الليلرالييي ميين
حيث تحقيقها لفرص النجاح والفشل ،وعالقة ذلك باألصول الطبقية واالجتماعية.
وهك ييذا ،اس ييتفاد الت ييدريس كثي يرا م يين املقارس يية السوس يييولوجية ف ييي دراس يية الفش ييل الدراه يياي،
وافتح يياص املنظوم يية التربوي يية فييي مختلييف مس ييتوياتها وأبعادهييا بعييد أن ارتبط ييت ملييدة طويل يية
ُ
باملقارس ي يية الس ي يييكولوجية الت ي ييي كان ي ييت تعن ي ييى بدراس ي يية الظ ي ييواهر الفردي ي يية يك ي ييالنمو ،وال ي ييذكاء،
والذاكرة ،والتعلم...
13
التعل ي يييم مش ي ييروعا مجتمعي ي ييا كبي ي ييرا ف ي ييي مج ي ييال التن ي ييافس ب ي ييين األم ي ييم س ي يييما ف ي ييي زم ي يين العومل ي يية
واملعلومات الرقمية.
ثالثا ،عالقة علم االجتماع التربوي بعلم االجتماع العام:
يعييد علييم االجتميياع التربييوي فرعييا ميين فييروع علييم االجتميياع العييام ،وميييدانا ميين أهييم ميادينييه
امليكييرو مجتمعييية نظيرا لعالقيية املدرسيية بيياملجتمع والتنمييية والتخلييف علييى السييواء .وأكثيير ميين
ه ييذا فثم يية ت ييأثير وت ييأثر متب ييادل ب ييين ه ييذين العلم ييين إذ يش ييتغل عل ييم االجتم يياع الترب ييوي عل ييى
التصورات االجتماعية واملقارسات املنهجية والتطبيقية التي يرتكن إلوها عليم االجتمياع العيام.
وفيي الوقيت نفسيه ،يسيتفيد عليم االجتمياع العيام مين قضيايا عليم االجتمياع التربيوي ،ونتائجييه
املختلرية وامليدانية والتحليلية.
كم ي ييا يس ي ييتفيد عل ي ييم االجتم ي يياع الترب ي ييوي م ي يين معظ ي ييم النظري ي ييات واملقارس ي ييات الت ي ييي اعتم ي ييدتها
السوسيييولوجيا العاميية ،مثييل :املادييية التاريخييية (كييارل ميياركس) ،والبنيوييية (لييوي ألتوسييير)،
والبنيوية الوظيفية (بارسنز وميرتون) ،والنسقية (كومبس ،وسودون ،وفالو)...
ومي يين جهي يية أخي ييرى ،يسي ييتعمل هي ييذا العلي ييم األدوات واملفي يياهيم نفسي ييها التي ييي يسي ييتخدمها علي ييم
االجتم يياع الع ييام ،وين يياق املوو ييوعات والقض ييايا الت ييي يناقش ييها عل ييم االجتم يياع الع ييام ،مث ييل:
عالقيية النظييام التربييوي بيياملجتمع الكلييي .وميين ثييم ،التكتفييي سوسيييولوجيا املدرسيية باملقارسيية
امليكرو -مجتمعية على أساس أن املدرسة مجتمع مصغر بل تتعدى ذلك إليى التعاميل معهيا
و ي ييمن املقارسي ي يية املي ي يياكرو -سوس ي يييولوجيا بي ي ييالتوقف عني ي ييد عالق ي يية املؤسسي ي يية التربويي ي يية ببي ي يياقي
ُ
التنظيمييات املجتمعييية األخييرى .والتعنييى فق ي بدراسيية املدرسيية أو املؤسسيية التربوييية فق ي ،
بييل تهييتم كييذلك بدراسيية املمارسييات التربوييية ،واسييتجالء مختلييف العالقييات االجتماعييية التييي
تتحكم في تصرفات الفاعلين داخل املؤسسة التربوية.
14
ويب ييدو أن لع ييم االجتم يياع الترب ييوي عالق يية وثيق يية ب ييالعلوم األخ ييرى ك ييالعلوم االجتماعي يية ( عل ييم
اليينفس ،والتيياريق ،واالقتصيياد ،واألنتروسولوجيييا ،والسياسيية) ،والعلييوم اإلنسييانية (اللغييات،
والفلسي ييفة ،والفني ييون ،والي ييديانات) ،والعلي ييوم التطبيقيي يية (الرياوي يييات ،والفلي ييك والهندسي يية،
والطب ،والتربية).
ومي ي يين هني ي ييا ،تنصي ي ييب سوسي ي يييولوجيا التربيي ي يية أو املدرسي ي يية علي ي ييى دراسي ي يية العالقي ي ييات التربويي ي يية،
واستكشاف األدوار التربويية ،وتحدييد الجماعيات التربويية ،لييس فيي بليد معيين بيل فيي العيالم
15
كل ييه ،وف ييي مختل ييف املجتمع ييات القديم يية والحديث يية و ييمن ر ي يية علمي يية موو ييوعية .بي ييد أن
املدرس ي يية باعتباره ي ييا مؤسس ي يية ترسوي ي يية اليمك ي يين دراس ي ييتها دراس ي يية مس ي ييتقلة ،ب ي ييل له ي ييا عالق ي يية
باملؤسس ييات األخ ييرى كمؤسس يية األس ييرة ،ومؤسس يية االقتص يياد ،ومؤسس يية ال ييدين ،ومؤسس يية
اإلدارة ،ومؤسسة السياسة...
ُ
وعليييه ،تعنييى سوسيييولوجيا التربييية بوصييف النسييق التربييوي فييي عالقتييه بيياملجتمع ،وت ييخي
مختلييف األدواء التييي يعيياني منهييا هييذا النسييق بإيجيياد الحلييول املمكنيية لح يل مختلييف املشيياكل
التي تطرحها التربية أو املؤسسية التعليميية ،وتقيديم مقترحيات استشيرافية ملعالجية الظياهرة
التربوية في منظور املقترب السوسيولوجي.
16
ول ي ييم يقتص ي يير البح ي ييث املوو ي ييوعي عل ي ييى التجري ي ييب فقي ي ي ،ب ي ييل يتع ي ييدى ذل ي ييك إل ي ييى الوص ي ييف،
والت ي ييخي ،واملقارن ي يية .وق ي ييد ت ي ييم التركي ي ييز عل ي ييى العالق ي ييات التربوي ي يية ،والجماع ي ييات التربوي ي يية،
واألدوار التربوي ي يية ،ودراس ي يية املدرس ي يية ف ي ييي عالقته ي ييا ب ي يياملجتمع ،واألس ي ييرة ،وال ي ييدين ،واألخ ي ييالق،
والسياسي ي يية ،واالقتصي ي يياد ،واإلدارة ...مي ي يين خي ي ييالل التركيي ي ييز علي ي ييى البنيي ي يية (املدرسي ي يية البنيويي ي يية)
والوظيفيية (املدرسيية الوظيفييية) .وفييي املقابييل ،هنيياك دراسييات اعتمييدت علييى دراسيية الحاليية،
وتحليل املضمون ،واالستمارة ،واملقابلة ،واملعايشة ،واملالحظة...
َ
إذا ،يتييأرع ،علييم االجتميياع التربييوي بييين البعييد الييذاتي والبعييد العلمييي املووييوعي .ويسييتند -
منهجيا -إلى الفهم ،والت خي ،والتفسير ،واليتأويل.
وخالص ــة الق ــول ،تع ييد سوسيييولوجيا التربي يية ميين أه ييم الحقييول املعرفي يية التييي ته ييتم بالتربي يية
بصفة عامة ،واملدرسة بصفة خاصة .والسيما أن هيذا الحقيل املعرفيي -اليذي تيم اسيتحداثه
ف ييي ب ييدايات الق ييرن العش ييرين امل يييالدي -ي ييدرس مختل ييف الظ ييواهر التربوي يية ف ييي و ييوء املقارس يية
االجتماعية باستكشاف مختليف العواميل االجتماعيية والسياسيية واالقتصيادية والتاريخيية
واالقتص ييادية الت ييي ت ييؤثر ،بش ييكل م يين األش ييكال ،ف ييي التربي يية والتعل يييم مع ييا فهم ييا وتفس يييرا م يين
جهة ،أو نظرية وتطبيقا من جهة أخرى.
17
الفصل الثاني:
تط ــورعلم االجتماع التربوي
18
من املعلوم أن علم االجتماع التربوي ،أو سوسيولوجيا التربية ،أو سوسيولوجيا املدرسة،
فرع من فروع علم االجتماع العام .ويهتم هذا الفرع بدراسة عالقة املدرسة باملجتمع في
ووء مقترب سوسيولوجي علمي أو تفاعلي تفهمي .ويعني هذا أن هذه السوسيولوجيا تقارب
التربية بصفة عامة ،واملدرسة بصفة خاصة ،في سياقها الواق ي واالجتماعي ،ووفق ظروفها
السياسية ،واالقتصادية ،والتاريخية ،والدينية ،والثقافية ،والحضارية .فضال عن كونها
تهتم بدراسة املدرسة من الداخل باعتبارها نسقا بنيويا وظيفيا ،تقوم بأدوار عدة من أجل
الحفاظ على نظام املؤسسة ،وتحقيق توازنها املطلوب .ومن جهة أخرى ،تدرسها من
الخارج على أساس أن املدرسة قاطرة للتنمية املجتمعية املستدامة .
وما يهمنا في هذا املوووع هو التوقف عند تطور علم االجتماع التربوي ،أو سوسيولوجيا
التربية ،أو سوسيولوجيا املدرسة ،في العاملين :الغربي والعربي بالدراسة ،والتحليل،
والتوثيق.
19
عن ي ييدما ك ي ييان يحاو ي يير ف ي ييي جامع ي يية ب ي ييوردو و ي ييمن ال ي ييدروس البيداغوجي ي يية الت ي ييي ك ي ييان يق ي ييدمها
للمدرسييين.وقد اهييتم أيضييا بالتنشي ة االجتماعييية التييي تقييوم بهييا املدرسيية مين خييالل التسييا ل
عيين طريقيية تكييوين املجتمعييات لشييبابها ،وتبيييان دور املدرسيية فييي املجتمييع .بيييد أن محاو يراته
ُ
وكتاباته لم تجمع إال بعد موته.
ومي يين أهي ييم كتبي ييه ،في ييي هي ييذا املجي ييال ،كتي يياب (التربيـ ــة األخالقيـ ــة) 9الي ييذي نشي يير مي ييا بي ييين سي يينتي
3622و3626م حييث تنيياول فييه بعييض املواوييع املتعلقيية بالتربيية ،مثييل :علمانيية األخييالق،
وعناصيير األخييالق ،وروح االنضييبا ،واالرتبييا بالجماعييات املجتمعييية ،واسييتقاللية اإلرادة،
والتربي يية األخالقي يية عن ييد املتعلم ييين ،واالنض ييبا املدره يياي ،وس يييكولوجيا امل ييتعلم ،والعقوس يية
املدرس ييية ،والطف ييل والغير،وت ييأثيرات الوس ي الترب ييوي ،وت ييدريس العل ييوم والثقاف يية الجمالي يية
والتعليم التاريخي على حد سواء.
ثييم أعقبييه كتيياب خيير هييو (التربيــة وعلــم االجتمــاع ) ، 10وقييد نشيير سيينة 3622م حيييث أورد
تعريفييات للتربييية فييي وييوء املقتييرب السوسيييولوجي بالتشييديد علييى الطييابع االجتميياعي للتربييية،
وتبيييان دور الدوليية فييي مجييال التربييية ،والتركيييز علييى سييلطة التربييية ووسييائل العمييل ،واسييتجالء
طبيعيية البيييداغوجيا ومنهجيتهييا ،واملقارنيية بييين البيييداغوجيا والسوسيييولوجيا ،ورصييد تطييور
التعليم الثانوي في فرنسا ودوره.
وعلييه ،ييرى دوركيايم أن املدرسية تسييهم فيي التنشي ة االجتماعيية بنقييل قييم األجيداد إليى األبنيياء
واألحفاد .كما تعمل على إدمياج األفيراد داخيل املجتميع الكبير.ويعنيي هيذا أن املدرسية مجتميع
مصييغر تكيييف املتعلمييين ليتييأقلموا مييع املحييي املجتم ييي وقيمييه وعاداتييه وقوانينييه وأعرافييه
وتشييريعاته .وستعبييير خيير ،للمدرسيية وظيفيية التبي يية االجتماعييية ،وخلييق مييواطنيين صييالحين
قييادرين علييى التكيييف مييع املجتمييع الخييارجي .لييذا ،تقييوم التربييية األخالقييية بييدور مهيم فييي مجييال
وال نن يياى كتابييه اآلخيير (التطــورالايــدايوفي الــي فرنســا) 11الييذي صييدر سيينة 3660م ،ويهييتم
بالتطور التاريخي للممارسة البيداغوجية الفرنسية في عالقتها ببنيتها املجتمعية.
بي ي ييد أن عل ي ييي أس ي ييعد وطف ي يية وعل ي ييي جاس ي ييم الش ي ييهاب ي ي ييذهبان ،ف ي ييي كتابهم ي ييا (عل ـ ــم االجتم ـ ــاع
الدرس ـ ي) ،إلييى أن جييون ديييوي هييو رائييد علييم االجتميياع التربييوي بكتابييه (الدرس ــة والجتم ــع)
الذي نشره سنة 3066م 12حيث ركز فيه على املبادىء التالية:
" لقييد شييكلت أعمييال جييون ديييوي( (1859-1952))John Deweyاملنطلييق األساهيياي لييوالدة
عل ييم االجتم يياع املدره يياي الح ييديث ف ييي نهاي يية الق ييرن العش ييرين ،حي ييث تمك يين بعبقريت ييه التربوي يية
املعهييودة ،فييي نسييق ميين أعمالييه املتييواترة ،أن يؤسييس منهجييية علمييية رصييينة للبحييث فييي مجييال
املؤسسيية التربوييية.كان ديييوي أول ميين أسييس مدرسيية تجريبييية فييي عييام ،3063واسييتطاع عل ير
تجرسته هذه أن ينشر أعماال عظيمة فيي مجيال التربيية املدرسيية ،حييث نشير كتابيه (عقيـدتي
- 12جون ديوي :الدرسة والجتمع ،ترجمة :أحمد حسن الرحيم ،دار مكتبة الحياة للطباعة والنشر ،بغداد،
العراق ،الطبعة الثانية 3630م.
- 13جون ديوي :الدرسة والجتمع،ص.22:
21
التربوية) عام ،))My Pedagogic Creed(3063ثم نشر كتابه املشهور (الدرسة والجتمع)
ع يام ،)The School and Society( 3066ويش ييار ف ييي ه ييذا الص ييدد إل ييى كتاب ييه املع ييروف
(الدلمقراطية والتربية) عام 3633م ( Democracy and Education: an introduction to
14".)the philosophy of education
وبعييد هييذين الرائييدين ،ظهييرت كتييب أخييرى هنييا وهنيياك تهييتم باملدرسيية فييي أبعادهييا املجتمعييية،
مثييل :دراسيية ألفييرد بينيييه ( )A.Binetحييول البيييداغوجيا التجريبييية التييي تس ي ى إلييى ت ييخي
الفشيل الدراهيياي بووييع مقياييس الييذكاء .وقييد اهيتم ألفييرد بينيييه ،فيي كتابييه (األفكــارالعاصــرة
التجري ييي لإلخف يياق املدره يياي ،ودراس يية الدوس يييمولوجيا ف ييي ح ــول األطف ــال) ،15بالت ييخي
تقويم فعالية املقررات الدراسية...
ويمك يين الح ييديث أيض ييا ع يين مجموع يية م يين الدارس ييين والفالس ييفة والب يياحثين ال ييذين اهتم ييوا
بسوسيييولوجيا املدرسيية إمييا بشييكل صييريح ،وإمييا بشييكل وييمني ،أمثييال :كـ ـارل مــاركس( Karl
)marxالـ ــي كتاب ـ ـ (رأس املي ييال) ، 16ومـ ــاكس في ـ ــر( )Max Weberالـ ــي كتاب ـ ـ (االقتصي يياد
واملجتميع) ، 17وبـول اليـي(18)Paul Lapieالـي كتابـ (املدرسية واملجتميع) ،وثورسـتالن فيالـ ح
- 14علي أسعد وظفة وعلي جاسم الشهاب :علم االجتماع الدرس ي ،املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر
والتوزيع ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة 2222م ،ص.6-0:
15-A.Binet :Les idées modernes sur les enfants, Paris, Flammarion. Réédité en 1973 avec une préface
17- Max Weber: Economie et société, introduction de Hinnerk Bruhns, traduction par Catherine
وبعييد الحييرب العاملييية الثانييية ،تطييورت املؤسسيية التربوييية بتطييور النمييو الييديمغرافي وارتباطهييا
بالعوام ييل االقتص ييادية ،واالجتماعي يية ،والسياس ييية .وأض ييحت مش يياكل املؤسس يية التعليمي يية
متفاقم يية بتزاي ييد اإلقب ييال عل ييى املدرس يية ،والسي ي ي إل ييى تقوي يية ه ييذه املؤسس يية ،والبح ييث ع يين
اسييتقالليتها املادييية ،واملالييية ،واملعنوييية .وفييي الوقييت نفسييه ،تطييورت سوسيييولوجيا املدرسيية
ُ
بش ييكل الف ييت لالنتب يياه بفض ييل تع ييدد مراك ييز البح ييث واملختلي يرات العلمي يية الت ييي تعن ييى بدراس يية
املدرسة في عالقتها باملحي املجتم ي ،وقد نشرت الف من الكتب في هذا النطاق ،وخاصية
ما كتبه كارل مانهايم ( ،21)Karl Manheimمثل( :السوسيولوجيا سياسة للتربية)...
بيييد أن علييم االجتميياع التربييوي لييه تيياريق خيير فييي الواليييات املتحييدة األمريكييية ،فقييد اسييتخدم
مص ييطس ،سوس يييولوجيا التربي يية ( ")Educational Sociologyألول م ييرة ف ييي كلي يية املعلم ييين
بجامعة كولومبيا بمدينة نيويورك في الواليات املتحدة األمريكية عام 3632م ،باعتباره علما
ُييدرس فييي املعاهييد العليييا علييى يييد اللروفسييور هنييري سييوزالو ( ، )Henry Sozzalloواسييتخدم
هييذا املصييطس ،فيمييا بعييد هييذا التيياريق علمييا مسييتقال ،ومييا أن جيياء عييام 3632م وصييار هنيياك
حوالي ست عشرة جامعة أمريكية تدرس ميواد بعنيوان عليم االجتمياع التربيوي ،وفيي حيين كيان
هن يياك ح ييوالي س ييتين جامع يية ف ييي أمريك ييا ت ييدرس عل ييم االجتم يياع الع ييام وفروع ييه املختلف يية (غي يير
التربوي).
19- VEBLEN T. [1918] The Higher Learning in America. A Memorandum on the Conduct of
Universities by Business Men, Stanford, Academic Reprints.1954.
20- Waller W.: The Sociology of Teaching, New York, Russel & Russel, 1932.
21- Karl Mannheim,Sociology as Political Education. (Edited and translated, with Colin Loader).
New Brunswick: Transaction Publishers 2001.
23
ومييا أن جيياء عييام 3666م حتييى تييم تأسيييس وتنظيييم الجمعييية الوطنييية لدراسيية علييم االجتميياع
التربييوي ،وقامييت هييذه الجمعييية بنشيير ثالثيية كتييب سيينوية خييالل األعييوام 3663-3666م ،ثييم
توقفييت هييذه النشيرات عيين الصييدور ألن نشييرة أخييرى أسسييها اللروفسييور بييين ()E.G.Payne
عام 3620م ،أصبحت ي النشرة الرسمية لسجمعية بعد ذلك.
ومع مرور األيام ،صار علماء االجتماع املهتمون بالتربية يلتقون فيي اجتماعيات سينوية باسيم
فرع علم االجتماع التربوي لسجميعة األمريكية لعلم االجتماع.
و يك يان تييدريس علييم االجتميياع التربييوي يتييأرع ،بييين االزدهييار والتراجييع ،وذلييك السييتبدال بعييض
املؤسس ييات التربوي يية م يين كلي ييات التربي يية ومعاه ييد املعلم ييين ت ييدريس م ييواد اجتماعي يية بأس ييماء
أخرى بدال من اسم علم االجتماع التربوي.وعلى الرغم من ذلك استمر تدريس هذا العلم فيي
املعاهيد العلييا والجامعيات ،وصييارت تعطي بهيذا العليم الييدرجات العلميية العلييا فيي املاجسييتير
والدكتوراه ،واليزال عليم االجتمياع التربيوي ييدرس فيي الجامعيات األمريكيية واألوروسيية ،ولكين
دخوله لسجامعات العرسية جاء متأخرا22".
ويعن ييي ه ييذا كل ييه أن سوس يييولوجيا التربي يية ق ييد ظه ييرت -أوال -ف ييي الوالي ييات املتح ييدة األمريكي يية،
ففرنسا ثانيا ،ثم انتقلت إلى باقي البلدان األخرى.
- 22إبراهيم ناصر :علم االجتماع التربوي ،دار الجيل بيروت ،لبنان مكتبة الرائد العلمية عمان األردن ،،ب.ت،
ص.0-3:
23- Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron,Les héritiers : les étudiants et la culture, Paris, Les
Éditions de Minuit, coll. « Grands documents » (no 18), 1964, 183 p.
24
) ،24Claude Passeronورايمون بودون) ،25(Raymond Boudonوإستابليت(Roger 26
واللريطاني 27)Christian بودلو(Baudelot وكريستيان )،Establet
بيرنشتاين) 28(Bernsteinواألمريكيين :باولز ( ،29)Bowlesوجينتيس(...30)Gintis
ويمكيين القييول :إن بيييير بورديييو وكلييود باسييرون همييا اللييذان أعطيييا والدة ثانييية لسوسيييولوجيا
التربية ،وقد انطلقا من فروية سوسيولوجية أساسية ي:
اليملك املتعلمون الحظوظ نفسها في تحقيق النجاح املدرهاي .وقيد ترتيب عين هيذا االخيتالف
في الحظوظ تنوع طبقي ومجتم ي ،ووجود فوارق فردية داخل الفصل الدراهاي نفسيه .ومين
ثييم ،فقييد قييادت األبحيياث السوسيييولوجية واإلحصييائية التييي أجراهييا كييل ميين بورديييو وساسييرون
إلى اسيتنتاج أساهياي هيو أن الثقافية التيي يتلقاهيا امليتعلم ،فيي املدرسية الفرنسيية الرأسيمالية،
ليس ييت ثقاف يية موو ييوعية ومحاي ييدة ب ييل ييي تعبي يير ع يين الثقاف يية املهيمن يية أو ثقاف يية الطبق يية
الحاكميية .وليسييت التنش ي ة االجتماعييية تحري يرا للمييتعلم ،بييل إدماجييا لييه فييي املجتمييع فييي إطييار
ثقاف ي يية التواف ي ييق والتطبي ي ييع واالنض ي ييبا املجتم ي ييي.ومن ث ي ييم ،تعي ي ييد لن ي ييا املدرس ي يية الطبق ي ييات
24-Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron,Les héritiers : les étudiants et la culture, Paris, Les
Éditions de Minuit, coll. « Grands documents » (no 18), 1964, 183 p.
25-Raymond Boudon:L'inégalité des chances, Paris, Armand Colin, 1973 (publication poche :
27- Roger Establet et Christian Baudelot,L'école capitaliste en France, Paris, Maspero, 1971.
28- Bernstein B., Class, codes and control, London, Routledge & Kegan Paul, 3 vol., 1971-1975.
29- Bowles S., Gintis H., Schooling in Capitalist America, New York, Basic Books, 1976.
30- Bowles S., Gintis H., Schooling in Capitalist America, New York, Basic Books, 1976.
25
االجتماعيي يية نفسي ييها ع ي يين طري ي ييق االصي ييطفاء ،واالنتق ي يياء ،واالنتخاب.وسالتي ييالي ،فهي ييي مدرس ي يية
الالمساواة االجتماعية بامتياز.
ويعنييي هييذا كلييه أن سوسيييولوجيا التربييية النقدييية قييد عرفييت ُمنحنييى مهمييا فييي سيينوات السييتين
إلى غاية سنوات السبعين من القرن املاضاي ،واتخذت بعدا علمييا أكثير مميا هيو سياهياي بعيد
أن توس ييعت اله ييوة ب ييين النظري يية والتطبي ييق ،أو ب ييين املؤسس يية التربوي يية واملجتم ييع س يييما بع ييد
تحي ييول املدرسي يية الرأسي ييمالية إلي ييى فضي يياء للتطي يياحن والص ي يراعات االجتماعيي يية والطبقيي يية ،أو
تحولها إلى مؤسسة تنعدم فوهيا العدالية الطبقيية ،وتغييب فوهيا املسياواة عليى مسيتوى الفيرص
والحظييوظ حيييث الفشييل واإلخفيياق مييتل أبنيياء الطبقييات الشييعبية .فييي حييين ،يكييون النجيياح
حليييف أبنيياء الطبقييات الغنييية وأبنيياء الطبقيية الحكميية.أي :أصييبحت مدرسيية فارقييية بامتييياز ،
أو تحولت إلى مدرسة لالنتقاء واالصطفاء الطبقي والتمييز االجتماعي.
ويعن ي ييي ه ي ييذا أن الس ي ييؤال ال ي ييذي رك ي ييزت علي ي ييه سوس ي يييولوجيا التربي ي يية ،ف ي ييي س ي يينوات الس ي ييتين
والسييبعين ،هييو سييؤال الالمسيياواة املدرسييية التييي تعكييس الالمسيياواة الطبقييية واالجتماعييية.
وتعكييس مييدى اخييتالف أبن يياء الطبقييات العمالييية عيين أبن يياء الطبق ييات املحظوطيية ،واخ ييتالف
املسييتوى التعليمييي الطويييل الييذي يرتيياده أبنيياء الطبقييات املحظوظيية ،والتعليييم القصييير الييذي
يكييون ميين حييء أبنيياء الطبقييات الييدنيا سيييما أبنيياء الطبقييات العمالييية وأبنيياء املهيياجرين .لييذا،
يكيان التوجييه املارك يياي النقييدي الجديييد يغلييب علييى هييذه السوسيييولوجيا الص يراعية .والييدليل
علييى ذلييك الثييورة العارميية علييى املدرسيية الرأسييمالية التييي كانييت مدرسيية طبقييية بامتييياز ،كمييا
يتمث ييل ذل ييك بج ييالء ف ييي ث ييورة 3630م .وك ييان الب ييديل ه ييو دمقرط يية التعل يييم ،وتحقي ييق املس يياواة
االجتماعيي ي يية الشي ي يياملة ،والحي ي ييد مي ي يين الفي ي ييوارق البيداغوجيي ي يية ،والديدكتيكيي ي يية ،والثقافيي ي يية،
والطبقي يية ،واملجتمعي يية .ث ييم ،خل ييق مدرس يية موح ييدة تحق ييق النج يياح لجمي ييع املتعلم ييين ب ييدون
تمييز أو انتقاء أو اصطفاء.
26
نقييد للدراسييات الكالسيييكية، فييي الحقيقية، إن دراسييات بييير بورديييو ييي: يمكيين القييول،وعلييه
حيول سوسييولوجيا التربييية إذ اعتميدت عليى املقارسيية املاركسيية الجدييدة فييي دراسية املدرسيية
واملدرسي يية الرأسي ييمالية بصي ييفة عامي يية بغيي يية ال ي يدفاع عي يين مشي ييروع،الفرنسي ييية بصي ييفة خاصي يية
.التعليم الديموقراطي
وم يين أه ييم الب يياحثين السوس يييولوجيين املعاص ييرين ال ييذين ترك ييوا بص ييمات واض ييحة ف ييي مج ييال
) ف ييي كتابوهم يياPasseron()وكل ييود باس ييرونP.Bourdieu ( سوس يييولوجيا التربي يية ببي يير بوردي ييو
وكليود،33) ورايمون بودون فيي كتابيه (الحظـو الالمتسـاوية32) و(إعادة اإلنتاج،31)(الورثة
Basil ( واللريطاني بازيل بيرنشتاين،) ) في كتابه(نظام األشياءClaude Grignon34(ڭرينيون
ومحميد الشيرقاوي فيي مجموعية مين،35)) في كتابه (اللغة والطاقات االجتماعيـةBernstein
و(مفارقــات،37)و(تحــوالت النظــام التربــوي بفرنســا،36) (سوســيولوجيا التربيــة: مثييل،كتبييه
() فييي كتابوهيياViviane Isambert-Jamati( وفيفيييان إيزامبييير جميياتي38)النجــامل الدرس ـ ي
31 -Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron,Les héritiers : les étudiants et la culture, Paris, Les
Éditions de Minuit, coll. « Grands documents » (no 18), 1964, 183 p
32-Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron,La reproduction : Éléments d’une théorie du système
Pluriel, 1985).
34 -Claude Grignon :L’Ordre des choses,les fonctions sociales de l'enseignement technique,
Minuit, Paris, 1971
35 -Basil Bernstein, Langage et classes sociales – Codes socio-linguistiques et contrôle social,
Paris, Éditions de Minuit, 1975
36- Mohamed Cherkaoui: Sociologie de l'éducation, Que sais-je, PUF, 5 édition 1999.
37- Mohamed Cherkaoui :Les changements du système éducatif en France 1950-1980, PUF,
1982.
38- Mohamed Cherkaoui: Les paradoxes de la réussite scolaire, PUF, "L'éducateur", 1985 .
27
أزمات الجتمع وأزمـات التعلـيم) ،39و(اإلصـالمل التربـوي الفرنيـ ي الـي التعلـيم األساسـ ي)،40
وجان ميشييل بيرتيليو ( )Jean-Michel Berthelotفيي كتابيه (الدرسـة ،والتوجيـ ،والجتمـع)
،41وسودل ييو وإس ييتابليت( )Baudelot et Establetف ييي كتابهم ييا (الدرس ــة الرأس ــمالية ال ــي
)Anneف ي ييي كتابه ي ييا (الدرس ـ ــة ال ـ ــي مح ـ ـ Van فرس ـ ــا) ،42و ن ف ي ييان هايش ي ييت(Haecht
السوسيولوجيا أو سوسيولوجيا التربية وتطوراتها) ،43وماري دورو بيال وأنيس ڤان زانتيين
( )Marie Duru-Bellat, Agnès Van Zantenفي كتابهما (سوسيولوجيا الدرسة)...44
UNIVERSITE,2012.
28
وعلم النفس االجتماعي ،والتاريق ،ونظريات التنش ة االجتماعيية ،وكانيت البنيويية الوصيفية
مهيمني يية في ييي هي ييذه الدراسي ييات .وقي ييد ركي ييزت هي ييذه السوسي يييولوجيا علي ييى أبنيي يية األدوار ،ومصي ييير
املدرسة ،واملنا ا التربوية ،وتطور املؤسسة التعليمية...
وبعييد النظييرة السييوداوية املتشييائمة إلييى املدرسيية الرأسييمالية ،ظهييرت دراسييات ملجموعيية م ين
الب يياحثين متس ييمة بط ييابع التف ييا ل بع ييد النج يياح النس ي ي لننظم يية التربوي يية الغرسي يية ،ووو ييوح
املعايير والقوانين كما يبدو ذلك جليا في كتابيات كيل مين :محميد الشيرقاوي(،45)Cherkaoui
وروتيير ( ،46)Rutterوهال يياي( ،47)Halseyوكوملييان ( ،48)Colemanوشييوب ومييو ( Chubb et
...49)Moe
45 -Cherkaoui M., Les Paradoxes de la réussite scolaire, Sociologie comparée des systèmes
d’enseignement, Paris, PUF, 1979.
46- Rutter M.,Fifteen Thousand Hours, Secondary schools and their effects on children,
Cambridge, Harvard University Press, 1979.
47- Halsey A.H., Heath A.F., Ridge J.M., Origins and Destinations. Family, Class, and Education in
49- Chubb J.E. et Moe T.M.,Politics, Markets and America’s Schools, Washington D.C., The
Brookings Institution, 1990.
29
والعناية بالطرائق البيداغوجية من جهة ثانية ،والتركيز على املدرسين من جهة ثالثة .ويعني
العملي يية الديدكتيكي يية أو العملييية التعليمي يية-التعلمي يية بوص ييفها هييذا كل ييه و ييرورة ت ييخي
وتحليلها وتقويمها بتحديد سلبياتها وإيجابياتها بعييدا عين التصيورات الذاتيية ،و السياسيية،
واإليديولوجية.
وقي ييد عرفي ييت هي ييذه املرحلي يية مجموعي يية مي يين الكتابي ييات السوسي يييولوجية التي ييي ارتبط ي يت
بالتربيية واملدرسية عليى حيد سيواء ،منهيا كتابيات البياحثين السويسيريين فيلييب بيرنيود
وكليوسياترا مونتانيدون ( )Philippe Perrenoud et Cléopâtre Montandon,الليذين كتبيا
مجموع يية م يين الدراس ييات واألبح يياث ع يين ص ييعوسات التواص ييل ب ييين املدرس ييين واآلب يياء ،
والس يييما املنح ييدرين م يين أص ييول ش ييعبية كم ييا يتض يي ،ذل ييك جلي ييا ف ييي كتابهم ييا ( الح ــوار
السـ ــتحيل ب ـ ـ ح ا بـ ــاء والدرس ـ ـ ح) .50ث ييم ،ريجي ييين سي يييروتا ( )Régine Sirotaف ييي كتابهي ييا
(لوميــات الدرســة االبتدا يــة ) 51حيييث ركييزت الباحثيية علييى التصييرفات اليومييية للمييدرس فييي
عالقات ييه بتالمذت ييه (كث ييرة النظ يير ،واالبتس ييامات ،والته يياني ،واألسي ي لة) ،وعالق يية ذل ييك
بجذورهم االجتماعية.
أم ييا فرانسييوا دوبييي ( ،)François Dubetفق ييد اه يتم بحييياة تالميييذ التعل يييم الثييانوي ،ورص ييد
معانيياتهم داخييل املدرسيية كمييا يتبييين ذلييك جليييا فييي كتابييه (تالميــذ الثــانوي) الييذي ألفييه سيينة
3663م . 52ويص ييف الباح ييث ك ييذلك الحي يياة املدرس ييية الت ييي يعيش ييها املراه ييق داخ ييل املؤسس يية
التربوية ،وخاصية فيي كتابيه( إلـى الدرسـة :سوسـيولوجيا التجربـة الدرسـية) اليذي ألفيه ميع
30
دانيليو مارتيشيولي ( )Danilo Martuccelliسينة 3663م .53ويركيز الباحثيان معيا عليى الفجيوة
املوج ييودة ب ييين ذاتي يية املراه ييق ذي األص ييول الش ييعبية وعملي يية التطبي ييع االجتم يياعي ،ومس ييافة
التوتر التي توجد بين الحالتين .أي :بين الثقافة الشعبية للعائلة وثقافة املدرسة مما يخليق
نوعا من الفشل في االندماج وتحقيق النجاح.
وهن يياك ن ب ييارير ( )Anne Barrèreف ييي كتابه ييا (عم ــل تالمي ــذ الث ــانوي ) ال يذي نش ييرته س يينة
3663م ،وقد تحدث الكتاب عن العمل املدرهاي في ووء سوسيولوجيا الشغل .54
وثميية مجموعيية ميين البيياحثين الييذين عمقييوا إشييكال العمييل املدرهيياي ،أمثييال :إليزابيييت بييوتي،
وسرنيار شيارلو ،وجيان إييف رو(ياي ( (Elisabeth Bautier, Bernard Charlot et Jean-Yves
،)Rochexفي كتابهم (الدرسةو العرفة الي الضواحيوي رها) ،وقد نشر سنة3662م...55
53- François Dubet : À l'école. Sociologie de l'expérience scolaire avec Danilo Martuccelli, Seuil,
1996.
)54 - Anne Barrère, Les lycéens au travail, Paris, PUF, 1997 (262 pages
55-Charlot Bernard, Bautier Elisabeth, Rochex Jean-Yves :Ecole et savoir dans les banlieues... et
31
لالنييدماج فييي سييوق الشييغل بخلييق مجموعيية ميين الووييعيات املشييكالت إليجيياد حلييول مناسييبة
له ييا .ويعن ييي ه ييذا أن ال ييتعلم بالوو ييعيات ه ييو الش ياغل األس يياس للبي ييداغوجيا املعاص ييرة ،وق ييد
أص ي ييبح االهتم ي ييام منص ي ييبا عل ي ييى بي ي ييداغوجيا الكفاي ي ييات ،واألخ ي ييذ بالش ي ييهادات الكفائي ي يية ب ي ييدل
الشييهادات املعرفييية النظري ية .عييالوة علييى االهتمييام بييالتكوين امل ييي واالحترافييي .ويعنييي هييذا أن
وظيفيية املدرسيية الرئيسييية ييي وظيفيية التكييوين والتأهيييل والتمهييير ،وخلييق الكفيياءات املتمكنيية
القادرة على التأقلم مع الووعيات الحياتية املعقدة والصعبة.
وعل ييى " امت ييداد الق ييرن العش ييرين تفج ييرت ين ييابيع البح ييث السوس يييولوجي ف ييي مج ييال املدرس يية
واملؤسسي ييات األخي ييرى التربويي يية ،وجي يياء حصي يياد هي ييذه األعمي ييال بلي ييورة لعلي ييم االجتمي يياع املدرهي يياي
بوصي ي ييفه الني ي ييواة الحقيقيي ي يية لعلي ي ييم االجتمي ي يياع التربوي.لقي ي ييد تقي ي يياطرت الدراسي ي ييات واألبحي ي يياث
السوسيييولوجية فييي ميييدان املدرسيية واملؤسسييات املدرسييية وشييكلت نتائجهييا نظامييا متماسييكا
مي يين املق ي يوالت واملفي يياهيم والنظريي ييات السوسي يييولوجية ومني ييا ا البحي ييث التي ييي تؤسي ييس لعلي ييم
اجتمي يياع خي يياص هي ييو علي ييم االجتمي يياع املدرهي يياي .وهني يياك الف مؤلفي يية مي يين الكتي ييب والدراسي ييات
واألبحي يياث املكثفي يية التي ييي عالجي ييت جواني ييب الحيي يياة املدرسي ييية بتفاعالتهي ييا وأنظمتهي ييا الداخليي يية
وقضاياها التربوية واالجتماعية56".
من هذا كله إلى أن سوسييولوجيا التربيية ،أو سوسييولوجيا املدرسية ،قيد عرفيت،في ونخل
الغرب ،خمس مراحل كلرى ي:
مرحلة التأسيس من القرن التاسع عشر إلى سنوات الخمسين من القرن العشرين
-57أسعد وطفة وعبد ت شمت املجيدل :دراسات الي سوسيولوجيا التربية ،دار اإلعصار العلمي ،الطبعة األولى
سنة 2233م.
-58علي أسعد وطفة وعلي جاسم الشهاب :علم االجتماع الدرس ي ،املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر،
بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة2222م.
-59شبل بدران:التربية واإللدلولوجية ،النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة3663م.
- 60فايز مراد دند :علم اإلجتماع التربوي ب ح التأليف والتدر س،دار الوفاء لدنيا الطبع والنشر،
اإلسكندرية ،مصر ،الطبعة األولى سنة 2222م.
-61فادية عمر الجوالني:علم االجتماع التربوي ،مركز االسكندرية للكتاب .طبعة 3663م
-62حمدي علي أحمد :مقدمة الي علم اجتماع التربية ،دار املعرفة الجامعية ،اإلسكندرية .طبعة 3663م.
-63عبد السميع سيد أحمد :دراسات الي علم االجتماع التربوي ،دار املعرفة الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر ،طبعة
3666م.
-64علي السيد ال خي ي :علم اجتماع التربية العاصر ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،طبعة 2222م.
33
الببالوي في كتابه (اإلصـالمل التربـوي الـي العـالم الثالـث) ،66وعبيد ت رشيدان فيي كتابيه (علـم
اجتمــاع التربيــة) ،67وسييمية أحمييد السيييد فييي كتيياب (علــم اجتمــاع التربيــة) ،وفرحييان حسيين
بييريق فييي كتابييه (الدرســة والجتمــع) ،68ورنييده خليييل سييالم فييي كتابهييا(الدرســة والجتمــع)،69
وحسين أحميد الطعياني فيي كتابيه (مفـاهيم تربويــة :الدرسـة والجتمـع) ،70وإبيراهيم ناصير فييي
كتابه (علم االجتماع التربوي)...71إلخ
وم ي ي يين جه ي ي يية أخ ي ي ييرى ،يمك ي ي يين الح ي ي ييديث ع ي ي يين مجموع ي ي يية م ي ي يين الكت ي ي ييب والدراس ي ي ييات املتعلق ي ي يية
بسوسي يييولوجيا التربيي يية أنجزهي ييا بي يياحثون مغارسي يية أمثي ييال :محمي ييد عابي ييد الجي ييابري في ييي كتابيي ييه
مشـ ــكالتنا الفكريـ ــة (أضـ ــواء عكـ ــى مشـ ــكل التعلـ ــيم بـ ــالغرب( )72ورؤيـ ــة تقدميـ ــة لـ ــاع
والتربوية) ، 73وخالد املير وإدريس قاسمي و خرون في كتابهم( أهميـة سوسـيولوجيا التربيـة
،والدرسة ووظا فها) ،74والصديق الصادقي العماري في كتابه ( التربية والتنمية وتحدلات
-65عبد ت الرشدان :علم االجتماع التربوي ،دار عمان للتوزيع والنشر ،عمان ،األردن ،طبعة 3603م.
-66حسن حسين الببالوي :اإلصالمل التربوي الي العالم الثالث ،عالم الكتب ،القاهرة ،مصر ،طبعة 3600م.
-67عبد ت رشدان :الي علم اجتماع التربية ،دار الشروق للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى سنة 2220م.
-68فرحان حسن بريق :الدرسة والجتمع ،دار أسامة للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى سنة 2232م.
-69رنده خليل سالم :الدرسة والجتمع،مكتبة املجتمع العربي ،الطبعة األولى 2232م.
-70حسن أحمد الطعاني :مفاهيم تربوية :الدرسة والجتمع ،رؤية معاصرة ،دار الشروق للنشر والتوزيع،
الطبعة األولى سنة 2236م.
- 71إبراهيم ناصر :علم االجتماع التربوي ،دار الجيل بيروت ،لبنان ومكتبة الرائد العلمية ،عمان ،األردن ،د.ت.
-72محمد عابد الجابري :أضواء عكى مشكل التعليم بالغرب ،دار النشر املغرسية ،الدار البيضاء ،املغرب،
الطبعة األولى سنة 3636م.
مشكالتنا الفكرية والتربوية،دار النشر املغرسية ،الدار البيضاء، -73محمد عابد الجابري :رؤية تقدمية لاع
املغرب3633 ،م.
-74خالد املير وإدريس قاسمي و خرون :أهمية سوسيولوجيا التربية ،والدرسة ووظا فها ،سلسلة التكوين
التربوي ،العدد ،6مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة الثانية سنة 3663م.
34
الســتقال :مقاربــة سوســيولوجية) ،75وعبييد النييور إدريييس (سوســيولوجيا التمالز:ظــاهرة
اله ـ ـ ـ ــدرالدراسـ ـ ـ ـ ـ ي ب ـ ـ ـ ــالغرب)،76وعب ي ي ي ييد الك ي ي ي ييريم غري ي ي ي ييب ف ي ي ي ييي (سوس ـ ـ ـ ــيولوجيا التربي ـ ـ ـ ــة)
77و(سوسيولوجيا الدرسة) ،78ومحمد فاوسار في كتابه ( سوسيولوجيا التعليم بالوسـ
القروي) ،79ومصطف محسن في كتبه (اإلطارالسوسيولوفي العـام للنظـام التربـوي) 80و(
الــي الســألة التربويــة ،نحــو منظــورسوســيولوفي منفــت ) 81و( الخطــاب اإلصــاللي التربــوي
بـ ح أســئلة األزمــة وتحــدلات التحــول الحضــاري ،رؤيــة سوســيولوجية نقدلــة )82و(مدرسـة
السـ ــتقال) 83و(رهانـ ــات تنمويـ ــة -رؤى سوسـ ــيوتربوية وثقافيـ ــة ونقدلـ ــة) ، 84واملصي ييطف
وخالصــة القــول ،إذا كانييت سوسيييولوجيا التربييية ،فييي العييالم الغربييي ،قييد حظيييت بدراسييات
ومؤلفات وكتب ومقاالت كثيرة ،و استندت إلى منهجيات مختلفية ،وانيدرجت ويمن ميدارس
متنوعية ،فمازالييت سوسييولوجيا التربييية ،فيي وطننييا العربيي ،عالية علييى نظيرتهيا الغرسييية بتتبييع
خطواتهي ييا العلميي يية ،ودراسي يية املواوي يييع واملشي يياكل والقضي ييايا واملحي يياور نفسي ييها التي ييي ناقش ي يتها
سوس يييولوجيا التربي يية ف ييي الغ ييرب مي ين خ ييالل تمث ييل نظرياته ييا ومنا جه ييا وطرائقه ييا إم ييا بش ييكل
جزئي ،وإما بشكل كلي .
36
الفصل الثالث:
ممدخالت التربية
37
ته ييدف سوس يييولوجيا التربي يية إلي يى دراس يية النس ييق الترب ييوي والتعليم ييي ب ييالتركيز عل ييى اآللي ييات
ُ ُ
املدرسييية كامليدخالت ،و العمليييات ،واملخرجييات .وتتمثييل املييدخالت فييي التالميييذ ،واملدرسييين،
واملفتشييين ،واإلدارة ،وأولييياء التالميذيي ،وغيرهييا ميين الفرقيياء املتعيياونين مييع املدرسيية .وميين ثييم،
يتمي ييز تالمي ييذ املدرس يية عل ييى أس يياس أنه ييم س يياكنة املدرس يية بخص ييائ فيزيولوجي يية ونفس ييية
ُ
واجتماعية معينة ،ويتم قبولهم ونجاحهم وفق شرو محدة بشكل قانوني ورسيمي .وتراعيى
ف ييوهم مجموع يية م يين الس ييمات كالس يين ،والج يينس ،واملس ييتوى الثق ييافي ،واألص ييل االجتماعي.أم ييا
املدرس ييون واإلداري ييون واملفتش ييون ،فيتمي ييزون ب يياملتغيرات املهني يية ،والحرفي يية ،والسياس ييية،
والنقابييية ،مثييل :مسييتوى التكييوين ،وطريقيية التوظيييف ،والووييعية داخييل البنييية املجتمعييية،
والتوجهات السياسية والنقابية.
ُ
إذا ،يحت يياج النس ييق الترب ييوي والتعليم ييي املغرب ييي إل ييى ت ييدخل مجموع يية م يين الف يياعلين الترب ييويين
واالجتم يياعيين واالقتص يياديين م يين :متمدرس ييين ،ومدرس ييين ،وإداري ييين ،وم ييؤطرين ترس ييويين،
وجمي ييع ش ييركاء املؤسس يية س ييواء أ يك ييانوا ف يياعلين داخلي ييين ،كاألس ييرة ،وجمعي يية ب يياء وأولي يياء
التالمييذ وأمهياتهم ،أم فياعلين خيارجيين ،مثيل :الجماعية املحليية ،والشيركاء االقتصياديين أو
االجتماعيين ،وكل الفعاليات اإلبداعية في املجتمع املدني...
وعلى العموم ،يتضمن النسق التربوي املغربي مجموعة من الفاعلين الذين يسهمون في
إثراء الحياة املدرسية هم :املتعلمون ،واملدرسون ،ورجال اإلدارة ،واملشرفون التربويون،
وجمعية أولياء األمور ،واملستشارون في التوجيه املدرهاي ،واملسحقون التربويون.
أوال ،التعلموح:
إن املتمدرس ،أو املتعلم ،هو املحور األساس واملستهدف من كل عملية ترسوية أو تنظيمية
أو تنشيطية تشهدها الحياة املدرسية .يجب أن يشارك مشاركة فعالة في مختلف هذه
األنشطة الصفية أو املوازية.
38
ومن املعروف أن املتمدرس في التعليم االبتدائي أو في غيره من األسالك الدراسية -مثال -
يمر بمرحلة مهمة في حياته يحتاج إلى من يهتم به من الناحية السيكولوجية للتعرف إلى
أحواله النفسية ومساعدته ليتمكن من تجنب بعض االنحرافات السلوكية التي تحد من
فعاليته في الحياة املدرسية .ومن ثم ،ينبغي علينا أن نعده للمستقبل مستثمرين قدراته في
اإلنتاج النافع عن طريق انخراطه في مجالس املؤسسة وأنديتها الثقافية والتربوية حسب
رغباته وميوله ساعين دائما إلى زيادة قدراته" على العمل في شرو ميسرة المعسرة"87.
ومن ثم ،يرتب املتعلم بمجموعة من الحقوق والواجبات التي ينبغي على الحياة املدرسية
أن تصونها في إطار دولة حقوق اإلنسان.وفي الوقت نفسه ،تساعد املتعلم على أداء
واجباته تجاه مؤسسته التربوية ومجتمعه وأمته.
حقوق التعلم:
يتمتع املتعلم ،ومن قانون الحياة املدرسية ،بمجموعة من الحقوق الطبيعة واملكتسبة،
ويمكن حصرها فيما يلي:
" /3الحق في التعلم واكتساب القيم واملعارف واملهارات التي تؤهله لالندماج في الحياة
العملية كلما استوفى الشرو والكفايات املطلوسة
على ذلك /6تمتيعه بالحقوق املصرح بها للطفل واملرأة واإلنسان بوجه عام .كما تن
املعاهدات واالتفاقات واملواثيق الدولية املصادق علوها من لدن اململكة املغرسية
/2تمتيعه باملساواة وتكافؤ الفرص ذكرا كان أو أنثى طبقا ملا يكفله دستور اململكة
/3االهتمام بمصالحه ومعالجة قضاياه التربوية واملساهمة في إيجاد الحلول املمكنة لها
-87محمد مك اي :الحياة الدرسية وإشكالية الحداثة والتطرف ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء،املغرب ،الطبعة األولى 2226م ،ص.33:
39
/3إشراكه بصورة فعالة في تدبير شؤون مؤسسته علر ممثليه من التالميذ
/6ف ،املجال النخراطه في جمعيات وأندية املؤسسة ومجالسها كي يشارك ويساهم في
تفعيلها
ة والعنف املادي واملعنوي88". /32حمايته من كل أشكال االمتهان واملعاملة السي
ويعني هذا أن التلميذ اليمكن أن يستمتع بالحياة املدرسية التي ينتمي إلوها إال بضمان كل
حقوقه الطبيعية واملكتسبة.
واجاات التعلم:
إذا كان للمتعلم مجموعة من الحقوق ،فله أيضا مجموعة من الواجبات التي يمكن
حصرها في ما يلي:
/2إحضار جميع الكتب واألدوات واللوازم املدرسية التي تتطلبها الدروس دون استثناء أو
تمييز
- 88وزارة التربية الوطنية :دليل الحياة الدرسية ،الرسا ،املغرب ، ،غشت 2220م ،ص.00-03:
40
/3اإلسهام في التنشي الفردي والجماعي داخل الفصل وفي األنشطة املندمجية والداعمة
/3املساهمة الفعالة في تنشي املؤسسة وفي إشعاعها الثقافي والتعليمي والعمل على
حسن نظافتها حفاظا على رونقها ومظهرها
/0العمل على ترسيق روح التعاون البناء ،وإبعاد كل ما يعرقل صفو الدراسة وسيرها
الطبي ي
/32معالجة املشاكل والقضايا املطروحة باالحتكام إلى مبدإ الحوار البناء والتسامح،
وقبول االختالف ،وتبني املمارسة الديموقراطية ،واحترام حقوق االنسان ،وتدعيم كرامته
/11االمتثال للضواب اإلدارية والتربوية والقانونية املعمول بها ،واحترام جميع العاملين
باملؤسسة والوافدين علوها
/11إيالء عناية خاصة للهندام داخل املؤسسات التعليمية ،وااللتزام بزي مدرهاي مناسب
موحد بين التالميذ والتلميذات بناء على ما تقرره مجالس املؤسسة89".
وينبغي أن يلتزم التلميذ بمجموعة من الواجبات ،مثل :الت جيل في املؤسسة التربوية أو
إعادة الت جيل فوها مرة أخرى ،ثم االلتزام بأداء رسوم الت جيل وواجبات التأمين املدرهاي
والرياضاي ،واالنخرا في الجمعيات املدرسية في التواريق املحددة ،وإيداع جميع الوثائق
- 89وزارة التربية الوطنية :نفسه ،ص.06-00:
41
واملطبوعات واللوازم لدى إدارة املؤسسة بتسلم بطاقة التعريف املدرسية وإيصاالت األداء.
ثم ،تفادي الغياب سواء أكان ملررا أم غير ملرر ألن ذلك سيؤثر سلبا -بطبيعة الحال -في
مستوى تحصيله الدراهاي .ومن ثم ،تطبق عليه مسطرة تتبع الغيابات التي تتخذ عدة
مستويات ي :قبول العذر ،وتقديم النص ،،ثم االنتقال إلى مستويات متدرجة أخرى ،مثل:
التنبيه ،واالستفسار ،والتوسيق ،واإلنذار ،ومكاتبة األسرة أو أولياء أمره ،وتأديبه (املجلس
التأديب) ،ثم فصله نهائيا عن املدرسة إذا انقطع عنها أشهر عدة.
وفي الوقت نفسه ،إذا التزم املتعلم بواجباته ودروسه ،وأفس ،فوها بشكل إيجابي ،فإنه
يجازى بلوحة الشرف ،فالت جيع ،ثم التنويه ،ثم االستحسان ،ثم التميز.
ثمة مجموعة من املسؤوليات التي تنا باملتعلم وأولياء األمور تجاه املؤسسة التربوية ،
وتجاه املتعلم نفسه .وتنحصر هذه املسؤوليات فيما يلي:
/3إن اآلباء واألولياء ومراسلي التالميذ الداخليين ملزمون بتتبع مواظبة أبنائهم على
الدروس وانضباطهم ،ومراقبة أعمالهم وتصرفاتهم ،ويتحملون كامل املسؤوليات املترتبة
عن غيابهم أو سوء سلوكهم
/2يتعين على اآلباء أو األولياء أو املراسلين إشعار املؤسسة بكل تغيير قد يطرأ على
عناوينهم فور حدوثه
/6كل حدث يقع للتلميذ املغادر للمؤسسة قبل نهاية خر حصة م جلة في استعماله
الزمني يتحمل تبعات تصرفه .وال يترتب عن ذلك الحدث أية مسؤولية للمؤسسة
/2املؤسسة غير مسؤولة عما قد يضيع للتالميذ أو املوظفين من أشياء داخل املؤسسة أو
بجوارها مهما كانت قيمتها
/3إدارة املؤسسة مسؤولة عن التالميذ داخل املؤسسة خالل فترات االستراحة ،وخالل
تواجدهم بقاعة املداومة .كما أن مسؤوليتهم تقع على عاتق األستاذ في أثناء الحص
الدراسية
/0يجب أن تقضاى أوقات االستراحة امل جلة في جداول استعمال الزمن الخاصة بالتالميذ
داخل فضاء املؤسسة ،وعلى التالميذ احترام فتراتها طبقا لإليقاعات املدرسية
/6يفتح باب املؤسسة في وجه التالميذ الدارسين وفق جداول استعمالهم الزمني دون
غيرهم
/32يصطحب األستاذ تالميذه إلى قاعة الدرس انطالقا من مكان وقوفهم في هدوء ونظام،
ويخرجهم من القاعة إلى حيث يؤطرون من طرف الحراسة التربوية،على أن يكون األستاذ
أول من يسا قاعة الدرس و خر من يغادرها
/11عند وقوع حادثة مدرسية أو رياوية لتلميذ ما فإنه ينقل إلى قسم املستمجالت
باملستشفيات العمومية ،أو إلى أقرب مستوصف عمومي ،ويخلر ولي أمره بالحادثة ،وتتولى
إدارة املؤسسة القيام باإلجراءات اإلدارية الالزمة في املوووع90".
ويعني هذا أن اإلدارة التربوية قد ووعت مجموعة من القوانين التي تحمي املتعلم ،وتلرىء
املؤسسة التعليمية من عدة مسؤوليات قد تخرج عن اختصاصها .ومن جهة أخرى ،تحمل
اإلدارة كذلك املدرسين وأولياء األمور أخطاء أوالدهم أو متعلموهم في حالة تهاونهم،
وتقاعسهم ،وتجاوز القوانين االنضباطية.
/3يمنع الدخول أو البقاء بقاعات الدراسة أو املالعب الرياوية دون حضور األستاذ أو
املسؤول أو املنش املؤطر
/2يمنع التدخين داخل مرافق املؤسسة أو ترويظ املواد التي تشكل خطرا على الصحة
العمومية (كاملواد السامة أو ما شابهها)
/6يمنع استعمال الهاتف املحمول من قبل التالميذ داخل حرم املؤسسة ومرافقها
/3ال يسمح ألي أستاذ بحرمان أحد تالمذته من الدرس إال عند الضرورة القصوى(قيام
التلميذ بسلوك يؤدي إلى عرقلة السير الطبي ي للدرس…) ،حيث يحال التلميذ على إدارة
املؤسسة بعد إشعارها بذلك ،ويتعين على األستاذ إنجاز تقرير في املوووع وتسليمه إلى
إدارة املؤسسة
44
/0يمنع إدخال الحيوانات إلى املؤسسة
/6يمنع استغالل فضاءات املؤسسات التعليمية إلقامة حظائر لتربية الدواجن واملوا(اي
ما لم يكن ذلك مندمجا ومن برامظ ومشاريع ترسوية ،وبعد الحصول على إذن مسبق من
مصال ،النيابة "91.
يتض ،،مما سبق ذكره ،أن ثمة مجموعة من النوا ي واملحظورات التي تمنع املتعلم من
مخالفة القوانين.والتقتصر هذه املحظورات على املتعلم فق ،بل تتعداه إلى املدرسين
املكلفين بحماية املتعلمين وترسيتهم وتهذيبهم.
ثانيا ،الدرسوح:
املدرسون هم الذين يتولون مهمة التدريس والتكوين ،ويتكلفون بمهمة تدبير الفصل
الدراهاي وتسييره وتنظيمه ،وتقويم املتعلمين وتوجوههم ،وت جيل تأخراتهم وغياباتهم،
واالهتمام بهم معرفيا ونفسانيا واجتماعيا ،وت جيعهم على األنشطة الثقافية والفنية
واألدبية ،وتأهيلهم تأهيال جيدا لسحياة بتقويم سلوكهم وتعديله نحو األحسن .ويساعدهم
بالدعم ،والت جيع ،والتقوية ،واملعالجة الداخلية والخارجية.
ومن هنا ،يعد تدخل املدرسين ،في تفعيل الحياة املدرسية وتنشيطها وتدبيرها ،فعال رئيسا
وفق وظائف املدرسة الجديدة التي ال تقتصر فوها وظيفة املدرسين على حشو أذهان
املتمدرسين باملعلومات الجاهزة ،وإنما تتعداها إلى التكوين و التأطير والتربية على املواطنة
وحقوق اإلنسان وغيرها من القيم اإلنسانية النبيلة .ولهذا ،ينبغي أن تكون هي ة التدريس
هي ة متدخلة رئيسية في الحياة املدرسية قدوة ،ونموذجا ،وإشرافا ،وتوجوها.
ينبني التفاعل التعليمي على عناصر ثالثة ي :املدرس ،واملتعلم ،واملعرفة .ومن هنا ،فقد
كانت التربية التقليدية تركز على املدرس واملعرفة ،و تجعل املدرس مالكا للمعرفة املطلقة،
غيب املتعلم على مستوى التواصل التفاعلي ،وتجعله كائنا سلبيا يتلق املعلومات فق و ُت ّ
ُ
دون مناقشتها أو محاورة صاحبها .ويعني هذا أن املتعلم ذات متلقية تحشاى باملعلومات
واملعارف .في حين ،تتميز املقارسة بالكفايات بالتركيز على التفاعل اإليجابي بين أقطاب
ثالثة :املعلم ،واملتعلم ،واملعرفة.
أما املعلم ،أو املدرس ،أو املدبر ،فتتمثل مهمته التربوية في تحضير الووعيات التي تجعل
املتعلم يستضمر قدراته الذاتية ملواجهة هذه الووعيات املركبة واملعقدة .وعالوة على
ذلك ،فللمدرس أهداف ثالثة:
ويعني هذا أن دور املدرس توجيهي وإرشادي ومنهجي وكفائي وتحفيزي ليس إال .ومن هنا ،لم
تعد املعرفة ملكا للمدرس ،بل ي من مكتسبات املتعلم .أي :أضحت املعرفة مجموعة من
املوارد التي يمتلكها املتعلم .وتتكون هذه املعرفة من مهارات ،ومعارف ،ودراسات،ودرايات،
وتقنيات ،وتقنيات ،ومواقف ،وإنجازات ،وكفايات معرفية وثقافية ومنهجية .ومن ثم ،يبدو
أن الكفاية ي مجموعة من املعارف املختلفة التي يستضمرها املتعلم ويدمجها حين يواجه
موقفا أو ووعية سياقية جديدة.
أما املتعلم ،فهو البطل الحقيقي في سيرورة التعلم إذ يساعده املدرس على حل
الووعيات السياقية املتدرجة في البساطة والتعقيد بتوظيف قدر ممكن من مكتسباته
الكفائية واملنهجية ،واستعمال موارده بطريقة الئقة وهادفة .بمعنى أن كفاياته معرفية،
ووجدانية انفعالية ،وحسية حركية .ويعني هذا أن هذه املقارسة الجديدة تنمي الفكر
املهاري لدى املتعلم ،وتقوي إدراكاته املنهجية والتواصلية .في حين ،يهتم التدريس السلوكي
47
بتعليم شرطي لي محدود .ومن ثم ،فهو تعليم قياهاي وكمي .بينما تساعد املقارسة الكفائية
املتعلم على البحث املنهجي اعتمادا على الذات ،وحل املشاكل املستعصية ،ومواجهة
الظروف الصعبة واملعقدة ،والتأهب دائما لالعتماد على الذات لحل جميع املشاكل
املختلفة التي يواجهها في محيطه الخارجي .ويعني هذا أن هذه املقارسة طريقة دينامكية
هادفة تساعد على اكتساب الفكر املهاري والتعلم املنهجي للوصول إلى هدف ناجع.
يرتكز التعليم التقليدي املوسوعي على املدرس باعتباره صاحب سلطة معرفية مطلقة،
يقدمها للتلميذ جاهزة علر مجموعة من األس لة التي تستوجب الحفء ،والتقليد،
والتكرار .ومن ثم ،يصبح التلميذ مرتكنا إلى مدرسه ،ال يستطيع أن يواجه ما يتعر له من
املواقف املستجدة ،أو يل ي طلبات املقاوالت الحديثة ألنه ال يملك الكفاءات واملهارات
املهنية و املنهجية و التواصلية والذهنية واللغوية بل يقف مكتوف اليدين عاجزا عن
التأقلم والتكيف مع مستجدات الواقع االقتصادي الجديد ألن معارفه نظرية مجردة غير
وظيفية ،وتنقصه املمارسة والخلرات التجريبية.
وفي التعليم املوسوعي أيضا يكون االهتمام بالكم على حساب الكيف ،ويلتجئ املدرس إلى
التحفيز السلوكي امليكانيكي اعتمادا على ثنائية الحافز واالستجابة لتوجيه دفة القسم
مما ينتظ عنه ردود أفعال التالميذ السلبية ،ونفورهم من القسم لغياب األنشطة الذاتية
والخلرات الفردية .وسالتالي ،ينكمشون على أنفسهم انطواء أو خوفا أو خجال أو جهال بما
ُيعط لهم من دروس ومعارف كمية يصعب اإلحاطة بها في سنة كاملة.
أما املدرس الكفائي ،فهو مدرس متنور يستكشف القدرات الكفائية لدى املتعلم علر
أداءات وإنجازات طوال سيرورة التعلم ،وووعه في ووعيات معقدة أو أقل تعقيدا الختبار
أدائه السلوكي ،وتقويم كفاءاته وقدراته في التعامل مع مشاكل الواقع املحيطة به .وسالتالي،
48
يراعي هذا املدرس الكفائي الفوارق الفردية ،وينكب على ظاهرة الالتجانس من خالل
دراسة كل حالة فردية ،ودعم كل متعلم بمجموعة من املهارات الكفائية ،وتحفيزه على
إبراز قدراته وميوله واستعداداته سواء في حلقة واحدة أم في حلقات متعددة متواصلة ألن
املقياس -هنا -ليس هو الدرس الذي ينتهي داخل حصة زمنية محددة كما في التعليم
التقليدي املوسوعي ،بل الحلقة الديدكتيكية املتوالية التي تمتد علر حصتين فأكثر.
ويقدم املدرس الكفائي املقرر الدراهاي في شكل مجزوءات ووحدات دراسية وووعيات
مركبة ،تصغر ،بدورها ،في إطار مقاطع وحلقات وخلرات مؤشرة في كفايات نوعية أو
شاملة أو ممتدة قصد التدرج باملتعلم لتحقيق كفايات عليا كلية ونهائية .ويتم التركيز في
هذا النوع من التعليم على الكيف واملتعلم ألن املدرس مجرد وصاي أو مرشد ليس إال.
وتصبح الدروس خلرات وممارسة كيفية ،ومهارات وقدرات معرفية ،ووجدانية ،وحركية.
أي :إن املتعلم هو الذي يكون نفسه بنفسه ،ويتعلم كيف يبحث ويفكر ،وينظم ما يبحث
عنه منهجيا ووظيفيا.إن املدرس الكفائي -كما يقول محمد الدريظ:-
"يروم بناء الكفايات لدى التلميذ ،على اعتبار أن الكفايات ي قدرات شاملة ودينامية
(نشطة) التي اليمكن اختزالها في الئحة تحليلية من املحتويات ،إنها تشكيلة ( تركيبة) ذكية
من املعارف واملهارات واالتجاهات .فأن نكون أكفاء ال يعني أن نملك جملة من املعلومات
واملهارات ،فأن نكون أكفاء يعني أساسا أن نكون قادرين على تجنيد تلك املعلومات
واملهارات ،وتوظيفها في مواقف معينة ولحل مشكالت .أي :أن نكون فعالين ومنتجين في
ووعيات محددة.
لذلك ،يصير بناء الكفايات بهذا املعنى أمرا معقدا وأمرا ذاتيا وشخصيا .فيكون من أولويات
املدرسين مساعدة املتعلمين،لكن على املتعلمين مساعدة أنفسهم في التعلم نشا
49
والتكوين الذاتي .لذلك ،فإن التعليم باملجزوءات يستدعي املتعلم كمسؤول ،ويتعامل معه
كمدبر لتكوينه.93".
وهكذا ،تتأسس بيداغوجيا الكفايات على املتعلم ال على املدرس كما هو حال البيداغوجيا
الكالسيكية .بمعنى أن الدرس يتحول إلى مجموعة من الووعيات املعقدة واملشاكل
املركبة التي ينبغي على املتعلم مواجهتها من خالل املوارد التي يمتلكها حيث يوظفها بطريقة
مالئمة ومناسبة من أجل تحقيق الكفاية األساسية والهدف األنجع .ومن ثم ،فاملدرس ،في
هذا التصور البيداغوجي الجديد ،مرشد وموجه ليس إال ،ييهئ الووعيات الجديدة،
ويقترح املشاكل املعقدة واملركبة التي ينبغي أن يحلها املتعلم .ويعني هذا أن الدرس يتحول
إلى مجموعة من الووعيات املتدرجة من البساطة إلى التعقيد حيث تكون واضحة،
ودالة ،وهادفة ،وسناءة ،ومحفزة على العمل ،واالجتهاد ،والنجاح .وسالتالي ،ليس املدرس-
هنا -مالكا للمعرفة ،بل هو مجرد محضر لنس لة والووعيات املشكلة .
كفــالات الدرس:
يمكن الحديث عن ثالث كفايات أساسية ينبغي أن تتوفر في املدرس الراهن من أجل
تحقيق الجودة في درسه الديدكتيكي.وهذه الكفايات البارزة ي :كفاية التخطي ،وكفاية
التدبير ،وكفاية التقويم.
إذا كاني ييت فكي ييرة التخطي ييي ( )Planificationقي ييد ظهي ييرت في ييي املجتمع ييات القديمي يية كمي ييا لي ييدى
املص ييريين -م ييثال -م يين خ ييالل اإلش ييارات ال ييواردة ف ييي س ييورة يوس ييف علي ييه الس ييالم ف ييي الق يير ن
الكييريم .وقييد تبلييورت هييذه الفكييرة كييذلك فييي كتابييات الفالسييفة واملفكييرين وعلميياء االجتميياع
-93محمد الدريظ:الكفالات الي التعليم ،منشورات سلسلة املعرفة لسجميع ،الرسا ،املغرب ،شتنلر2222م،
ص.232:
50
(أفالط ييون ،وإنجل ييز ،وم يياركس ،واب يين خل ييدون ،وم ييوريس دوب ،)....ف ييإن التخط ييي الحقيق ييي
املبنييي علييى العلمييية والدراسيية اإلحصييائية التجريبييية لييم يظهيير إال فييي بييدايات القييرن العشييرين
(3622م) مع املخططات الخماسية التي كان ينهجها االتحياد السيوڤياتي .وبعيد ذليك ،أخيذت
ال ي ييدول الغرسي ي يية تس ي ييتفيد م ي يين ه ي ييذه املخطط ي ييات الش ي يياملة الت ي ييي ب ي ييدأت توظفه ي ييا ف ي ييي املج ي ييال
االقتصادي ،واإلداري ،والتربوي .بيد أن أغليب اليدول العرسيية ليم تأخيذ بسياسية املخططيات
والتخطي إال في الستينيات من القرن العشرين.
وقييد رافييق التخطييي ،فييي الحقيقيية ،ظهييور اإلدارة وقطيياع الخييدمات منييذ منتصييف القييرن
التاسييع عشيير فييي أورسييا الغرسييية والواليييات املتحييدة األمريكييية بانبثيياق املجتمعييات الرأسييمالية
الت ييي عقلن ييت إدارته ييا ومؤسس يياتها املالي يية بطريق يية علمي يية مقنن يية تعتم ييد عل ييى وو ييع الخطي ي
وتنفيذها ميدانيا.
واليمك ي يين فه ي ييم التخط ي ييي الترب ي ييوي أو الدي ي ييدكتيكي إال م ي يين خ ي ييالل تعري ي ييف التخط ي ييي لغ ي يية
واصطالحا:
يقييدم ابيين منظييور ،فييي( لس ــاح الع ــرب) ،مجموعيية ميين التعيياريف اللغوييية لكلميية التخطييي
املش ييتقة م يين فع ييل خ ي وخط ي ال ييذي يحي ييل عل ييى مجموع يية م يين ال ييدوال املمجمي يية ك ييالخ
ال ييذي ه ييو عب ييارة ع يين الطريق يية املس ييتطيلة ف ييي الش ييايء ،والجم ييع خط ييو .والخي ي :الطري ييق.
والخ ي :الكتابيية ونحوهييا ممييا يخ ي .والخ ي :وييرب ميين الكهانيية .وخ ي الشييايء يخطييه خطييا:
كتب ييه بقل ييم أو غي ييره .والتخط ييي :التس ييطير .والخط ييو م يين بق يير ال ييوح :الت ييي تخ ي األر
بأظالفه ييا .والخي ي :خي ي الزاج يير ،وه ييو أن يخي ي بإص ييبعه ف ييي الرم ييل ويزج يير .وث ييوب مخطي ي
وكسيياء مخطي :فيييه خطييو .وخي وجهييه واخييت :صييارت فيييه خطييو .واخييت الغييالم :أي
نب ييت ع ييذا ه .والخط يية ك ييالخ كأنه ييا اس ييم للطريق يية .واملخ ي بالكس يير :الع ييود ال ييذي يخ ي ب ييه
الحائييك الثييوب .واملخطييا :عود تسييوى عليييه الخطييو .والخ :وييرب ميين البضييع .والخ ي
والخطة :األر تنزل من غير أن ينزلها نازل قبل ذلك .وقد خطها لنفسه خطا واختطها :وهو
51
أن يعل ييم علوه ييا عالم يية ب ييالخ .والخط يية :األر .واألر الخطيط يية :الت ييي يمط يير ماحوله ييا وال
تمطيير ييي ،وجمعه ييا خط ييائ .وأر خ ي :ل ييم تمط يير وق ييد مطيير ماحوله ييا .والخط يية :بالض ييم:
ش ييبه القص يية واألم يير ،وقي ييل :املقص ييد .والخط يية :الح ييال واألم يير والخط ييب .واألخي ي :ال ييدقيق
املحاس ي يين ،ورج ي ييل مخط ي ي :جمي ي ييل .وخطة:اس ي ييم عن ي ييز .والخ ي ي :أر ينس ي ييب إلوه ي ييا الرم ي يياح
الخطي يية .والخط ييي :ال ييرمح املنس ييوب إل ييى الخ ي .والخط ييي :قري ييب م يين الغط ييي وه ييو ص ييوت
:مووع94. النائم .وحلس الخطا :اسم رجل زاجر .ومخط
ويتبييين لنييا ،ميين خييالل هييذه الييدالالت االشييتقاقية ،أن التخطييي عبييارة عيين خطيية مرسييومة
ومحددة بدقة وطريقة مسطرة كتابة وخطا.
أمييا كلميية( ) Planificationاألجنبي يية ،فت ييدل علييى التصييميم والتخط ييي .و ييي مش ييتقة م يين
كلمة( ) Planifierالتي تعني ،بدورها ،خط وصمم.
أمييا ميين حيييث االصييطالح ،فييالتخطي عبييارة عيين مجموعيية ميين الطرائييق والتصيياميم واملنييا ا
واألسيياليب والتييدابير التييي نلتجييئ إلوهييا ميين أجييل تحقيييق مجموعيية ميين األهييداف والغايييات علييى
املستوى البعيد ،واملتوس ،والقريب.
ولتنفي ييذ ه ييذه األه ييداف املس ييطرة املوج ييودة ف ييي م ييداخل نس ييق مع ييين الب ييد م يين االعتم يياد عل ييى
الوس ييائل املادي يية واملالي يية والبش ييرية واملعلوماتي يية ألج يرأة ه ييذه األه ييداف مي ييدانيا ف ييي مختل ييف
س ييياقاتها املتاح يية وظروفه ييا املمكن يية .واليمك يين التأك ييد م يين نجاع يية األه ييداف املس ييطرة داخ ييل
النس ييق البني ييوي أو ال ييوظيفي إال بع ييد االس ييتعانة بك ييل لي ييات التق ييويم واملراقب يية .وإذا أص يييبت
العملية بالتعثر والفشل ،فمن الضروري االستعانة كذلك بالفيدباك أو التغذية الراجعة.
- 94ابن منظور :لساح اللساح ،تهذلب لساح العرب ،الجزء األول ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،الطبعة
األولى سنة3666م ،ص.632:
52
ويمكي يين القي ييول :إن التخطي ييي إسي ييتراتيجية وطريقي يية تقني ي يية ناعح ي يية لل ي ييتحكم في ييي املعطيي ييات
املووي ي ييوعية إمي ي ييا بطريقي ي يية كميي ي يية إحصي ي ييائية تجريبيي ي يية ،وإمي ي ييا بطريقي ي يية اسي ي ييتقرائية وصي ي ييفية
استنتاجية.
وم يين هن ييا ،يب ييدو أن التخط ييي تص ييور نظ ييري وإجي يراء تفس يييري يعتم ييد عل ييى قي يراءة األس ييباب
الدافعة بتبيان العلل والحيثيات التفسيرية التي تكون وراء ظاهرة معينة .كميا أن التخطيي
تصييميم تنب ييي يييتحكم ف يي الظييواهر املسييتقبلية ويستشييرفها بإعييداد خطي وتييدابير لإلحاطيية
بالظاهرة أو تطويقها أو فهمها أو تفسيرها من أجل الشروع في بناء تصاميم توقعية ناجعة.
التخط ييي الدي ييدكتيكي ،فيقص ييد ب ييه ذل ييك املس ييار الهنده يياي ال ييذي يتتبع ييه أم ييا فيم ييا يخي ي
امل ييدرس الكف ييائي م يين أج ييل تحقي ييق ه ييدف مع ييين أو تجس يييد كفاي يية معين يية.أي :تل ييك الخط يية
املنهجي يية الت ييي توص ييل ذل ييك امل ييدرس إل ييى تحقي ييق ماق ييد رس ييمه م يين أه ييداف وكفاي ييات إجرائي يية
قياسييية ومعيارييية .وسييذلك ،يطييرح املييدرس أو املخط ي الديييدكتيكي أس ي لة ثالثيية علييى النحييو
التالي:
ماذا سأفعل؟
كيف سأفعل؟
ويعن ييي ه ييذا أن التخط ييي الدي ييدكتيكي يتس ييم بنظ ييرة اس ييتباقية توقعي يية ،ويق ييوم عل ييى ثالث يية
مرتكزات مترابطة:
مادأ الحتمية :رس اإلنجاز بالهدف أو الكفاية املخط لها رسطا حتميا.
53
ال رجم ـ ــة :وو ي ييع برمج ي يية مفص ي ييلة مل ي يياهو مخط ي ي ل ي ييه بتفص ي يييله وتجزي ي ييه ،والتركي ي ييز عل ي ييى
التعلم ييات ،وتحدي ييد الفض يياء الزمك يياني ،واإلش ييارة إل ييى الف ييات املس ييتهدفة ،وتبي ييان الوس ييائل
الديدكتيكية .
ُ
إذا ،يقي ي ييوم التخطي ي ييي الديي ي ييدكتيكي علي ي ييى املي ي ييدخالت (األهي ي ييداف والكفايي ي ييات) ،والعمليي ي ييات
(املحتويات ،والطرائق البيداغوجية ،والوسائل ) ،واملخرجات( تقويم األهداف والكفايات)،
والتغذية االرتجاعية (الفيدباك).
ومن هنا ،تهيتم كفايية التخطيي ليدى امليدرس الكفيائي بمراعياة املسيار العالئقيي اليذي يسيمح
ل ييه بمعرف يية جمي ييع العناص يير البيداغوجي يية والعلمي يية الض ييرورية م يين أج ييل تحقي ييق الكفاي يية
األساس ييية ،أو تحصي يييل الهي ييدف املنشي ييود .ويمك يين أن يكي ييون التخطي ييي الديي ييدكتيكي بمثابي يية
الئحة من املحتويات املنتظمة بطريقة تراتبية متعاقبية .وقيد يكيون موويوعات وتيميات .وقيد
يكييون عبييارة عيين أهييداف وكفايييات متعاقبيية ومتسلسييلة ،وقييد يكييون عبييارة عيين مييوارد ترسوييية،
ومؤسسيياتية ،وبشيرية ،ومالييية ،وفضييائية ،وزمنييية .وميين ثييم ،فييالتخطي هييو أول مرحليية ميين
مراح ييل الفع ييل البي ييداغوجي لتعقب ييه مرحل يية اإلنج يياز ،ومرحل يية التق ييويم ،ومرحل يية اإلدم يياج،
ومرحلة املعالجة.
ويمكن الحديث عن مجموعة من املقومات واملرتكزات األساسية التي ينبنيي علوهيا التخطيي
الديدكتيكي ،وتتمثل هذه املقومات في العناصر األربعة التالية:
تحدييد الكفاييات األساسيية أو الكفايييات املستعروية التيي يمكيين تطويرهيا أو إنما هيا لييدى
التلميذ أو الطالب داخل الفصل الدراهاي.
ت ي ييوفير جمي ي ييع امل ي ييوارد الت ي ييي يمك ي يين اس ي ييتثمارها ف ي ييي املراح ي ييل البيداغوجي ي يية ال ي ييثالث :مرحل ي يية
التحضير واإلعداد ،ومرحلة اإلنجاز والتحقيق ،ومرحلة اإلدماج).
54
اختيار نوع املقارسة التي يمكن االستعانة بها من أجل استثمار هذه الووعية التعلمية.
وعليى وجييه العمييوم ،ينبنييي التخطييي الديييدكتيكي علييى مجموعيية ميين املبيياد واملقومييات التييي
يمكن تحديدها في الالئحة التالية:
بن يياء التخط ييي الدي ييدكتيكي عل ييى مجموع يية م يين الكفاي ييات واأله ييداف اإلجرائي يية املح ييددة
بدقة.
ينبغ ي ييي أن يحق ي ييق التخط ي ييي الدي ي ييدكتيكي ك ي ييل الكفاي ي ييات واأله ي ييداف املس ي ييطرة بإنج ي يياز
املجزوءة املعطاة.
يسي ييتوجب التخطي ييي الديي ييدكتيكي سي ييواء أ يك ييان سي يينويا أم مرحليي ييا أم يوميي ييا أم إجرائيي ييا،
التركيييز علييى العناصيير الرئيسيية ميين عملييية التخطييي ،و ييي :املحتويييات فييي عالقتهييا بالكفايييات
واألهداف ،و مراعاة اإليقاعات الزمنية املفرووة.
ينبغي أن يحترم التخطيي السينوي ،أو التخطيي املرحليي ،منطيق املقيررات الدراسيية فيي
تعاقبها وتسلسلها وانتظامها وترابطها اتساقا وان جاما.
ينبغي ييي أثني يياء تخطي ييي الي ييدرس التركيي ييز علي ييى تعلمي ييات وأنشي ييطة التالميي ييذ ال علي ييى تعلمي ييات
املدرس وأنشطته التدريسية التعليمية.
ينبغي أن يهتم التخطي الديدكتيكي برصد مجمل املراحل التي يقطعها إنجاز التعلمات
بفعالية إيجابية بغية فهمها وتفسيرها.
ينبغي ييي التركيي ييز في ييي التخطي ييي الديي ييدكتيكي علي ييى تي ييوفير الظي ييرف الزمني ييي إلج ي يراء التقي ييويم
التكويني واألخذ بأنشطة املعالجة والدعم واالستدراك.
55
ويسييتلزم التخطييي الديييدكتيكي مجموعيية ميين الش ييرو الضييرورية التييي يمكيين حصييرها ف ييي
النق التالية:
أن يكون التخطي شامال يتضمن جميع املراحل التي تنبني علوها املجزوءة الدارسيية ،أو
متضمنا لكل مكونات العملية الديدكتيكية.
و للتخط ي ييي الدي ي ييدكتيكي أهمي ي يية كبي ي ييرة تتمث ي ييل ف ي ييي كون ي ييه يعقل ي يين العملي ي يية الديدكتيكي ي يية،
ويجسييدها ممارسيية ،وسييلوكا ،وتعليمييا ،وتعلمييا .كمييا ييينظم مضييامين الييتعلم املقييررة فييي شييكل
أهييداف تعليمييية .عييالوة علييى ذلييك ،يحييدد التخطييي مجموعيية ميين عمليييات اإلنجيياز بنيياء علييى
مجموعي يية مي يين األهي ييداف والكفايي ييات املنشي ييودة .ويعني ييي هي ييذا أن التخط ي ييي يعقلي يين العمليي يية
التربوية ويجعلهيا ذات هيدف ،ومعنيى ،وداللية ،ومقصيدية .وييرس امليوارد التعلميية بمجموعية
ميين الكفايييات والووييعيات السييياقية .ويسييعف التخطييي املييدرس الكفييائي فييي تييدبير الوقييت
والحف يياظ عل ييى اإليق يياع املدره يياي ،واالقتص يياد ف ييي الجه ييد .فض ييال ع يين ت ييوفير األم يين للم ييدرس
56
وامل ي ي ييتعلم عل ي ي ييى ح ي ي ييد س ي ي ييواء ،وتس ي ي ييهيل عملي ي ي يية التق ي ي ييويم ،وتنظ ي ي يييم العملي ي ي يية البيداغوجي ي ي يية
والديدكتيكية في أحسن صورة مشرفة.
وينبني التخطي الديدكتيكي على مجموعة من األهداف اآلنيية واملرحليية والبعييدة ،ويمكين
جمعها في األهداف التالية:
إح ييداث تغيي يير ن ييي ف ييي العملي يية الديدكتيكي يية أو إص ييالح ت ييدريجي ،أو األخ ييذ بمب ييدإ التط ييور
البطيء.
ويتخييذ التخطييي الديييدكتيكي مسييارا هندسيييا رساعيييا ،ففييي بداييية السيينة الدراسييية ،يعتمييد
املي ييدرس الكفي ييائي علي ييى التقي ييويم الت خيصي يياي القبلي ييي أو التمهيي ييدي الي ييذي يهي ييدف إلي ييى توجيي ييه
املييدرس توجوهييا ترسويييا اييحيحا لكييي يييتفهم ووييعيات الفصييل ،ويحييدد الفييوارق البيداغوجييية
املوجودة عنده بغية خلق نوع من التقارب بين التالميذ .بمعنيى أن التقيويم التمهييدي بمثابية
57
وصييفة اسييتباقية وتوقعييية توجييه املييدرس إلييى مييواطن الخلييل والقييوة ميين أج يل تييدارك الووييع
التربوي ،ومعالجته ديدكتيكيا ،أو في ووء معالجة داخلية أو خارجية.
وبعييد ذل ييك ،ت ييأتي فت ييرة التعلمييات التكوينييية ف ييي شييكل متتالي ييات أسييبوعية يقييوم فوهييا امل ييدرس
الكفائي بإرساء امليوارد ،واختييار املحتوييات والطرائيق البيداغوجيية والوسيائل الديدكتيكيية
املالئم يية .وتس ييتهدف ه ييذه املراح ييل التكويني يية نمي يياء الكفاي يية وتثبيته ييا وإرس ييائها .وتنقس ييم كي ييل
متوالي يية زمني يية تكويني يية إل ييى مق يياطع ووح ييدات دراس ييية مرتبط يية بكفاي ييات فرعي يية ،وأه ييداف
مح ييددة تخ ييدم الكفاي يية األساس ييية ،و ق ييد تتمث ييل ف ييي الس ييلك االبت ييدائي إم ييا ف ييي كفاي يية التعبي يير
الشفوي ،وإما في كفاية القراءة ،وإما في كفاية الكتابية ،وإميا فيي كفايية اسيتيعاب عليوم اللغية
واسيتثمارها وظيفييا وسيياقيا .وتتخلييل هيذه املراحيل التكوينيية مجييزوءات إدماجيية بينيية بعييد
ستة أسابيع من التكوين .وبهذا ،يكون اللرنامظ السينوي قائميا عليى أربيع مجيزوءات أسيبوعية
متسقة ومن جمة ومتطورة .وتتكون كل مجزوءة من ستة أسابيع يتبعها أسبوعان لإلدمياج
تعلما وإنجازا وتقويما ومعالجة على السواء .وبهذا ،يكون عدد أسابيع التعلم ثمانية وثالثون
أس ييبوعا يض يياف إلوهم ييا أس ييبوع التق ييويم الت خيص يياي وأس ييبوع التق ييويم اإلش ييهادي .وف ييي نهاي يية
ميدى السنة الدراسية ،يلتجئ املدرس الكفيائي إليى املجيزوءة اإلدماجيية النهائيية التيي ت يخ
تحقق الهدف اإلدماجي النهائي السنوي.
وم يين املعل ييوم أن الوح ييدة األساس ييية لت ييدبير ( )la gestionالتعلم ييات ييي املج ييزوءة ( le
)moduleالتييي تييؤمن ،بشييكل متسييق ومن ييجم ،مجموعيية ميين الكفايييات عليير ثييالث محطييات
رئيسة ي:
58
-6مرحلة التقويم أو املعالجة.95
ويمكيين الحييديث عيين أنييواع عييدة ميين الهندسييات التخطيطييية فييي مجييال الديييدكتيك أو التربييية
الخاصة .ويمكن حصرها في األنواع التالية:
أما املحطة الثانية ،فهي محطة األهداف التي واكبت فترة الثمانين من القرن العشرين .فقد
قس ييمت األه ييداف التربوي يية إل ييى أه ييداف وغاي ييات عام يية ،وأه ييداف وس ييط ،وأه ييداف إجرائي يية
خاصة ،في ووء املنظور اللساني السلوكي( واطسون ،وسافلوف ،وسكينر).
أما املحطة الثالثة ،فهي محطة الكفايات التي تبلورت في املغرب في سنوات العقد األول من
األلفيية الثالثيية لييرس التعلييم بواقييع الشييغل واملهننية .وقييد انبنييت هيذه النظرييية الجديييدة علييى
مجموع ي يية م ي يين التص ي ييورات اإلبس ي ييتمولوجية مث ي ييل :النظري ي يية املعرفي ي يية ،والنظري ي يية التوليدي ي يية
التحولي ي يية(نوام شومس ي ييكي) ،والنظري ي يية البنائي ي يية التكويني ي يية (ج ي ييان بي ي يياجي) ،وك ي ييل النظري ي ييات
السييياقية التييي تييرس الييذات بيياملحي أو السييياق الخييارجي .دون أن نن يياى النظريييات التربوييية
القائم ي يية عل ي ييى ال ي ييتعلم ال ي ييذاتي ومراع ي يياة الفوارق(البي ي ييداغوجيا الالتوجوهي ي يية ،والبي ي ييداغوجيا
املؤسساتية ،وديناميكية الجماعات ،وسيداغوجيا الفوارق ،وسيداغوجيا األخطاء)...
وعلي ييه ،يق ييوم التخط ييي الس يينوي بتج ييزيء املق ييررات التربوي يية ،أو تقس يييم املن ييا ا الدراس ييية
سنويا ،بتوزيعها إلى مجموعة من املراحل التكوينية ،أواملجزوءات الدراسية ،واختيار أنجيع
95 - Roegiers, X, la pédagogie de l’intégration en bref, Rabat, 2006 PP.9-10.
59
السبل من أجيل تقيويم إجميالي أونهيائي مناسيب للتأكيد مين مكتسيبات التالمييذ ،أو الثبيت مين
مدى تحقق الكفاية اإلدماجية النهائية لدى طلبة الفصل الدراهاي.
وهكي ييذا ،يتكي ييون التخطي ييي السي يينوي مي يين أربي ييع مراحي ييل كلي ييرى .وتتضي ييمن كي ييل مرحلي يية ثمانيي يية
أسابيع ،األسابيع الستة األولى إلرساء املوارد ،واألسبوعان الباقيان يخصصان لإلدماج .كما
األسييبوعان الثالييث والسييادس ألنشييطة التوليييف والتقييويم والييدعم .و تشييكل هييذه يخص ي
األسابيع الثمانية ما يسمى بياملجزوءة التيي تبيدأ بالكفايية ،وتنتهيي بيالتقويم اإلجميالي .ويالحيء
أن عدد املجزوءات أربع يسبقها أسبوع للتقويم الت خيصاي وأسبوع في خير السينة للتقيويم
اإلشهادي.
نعنييي بييالتخطي اليييومي ميياينجزه املييدرس الكفييائي ميين تعلمييات وكفايييات مستعرويية فييي يييوم
معييين ،وتييدبير مختلييف اإليقاعييات الزمنييية التييي علييى هييديها يييتم تقييديم الوحييدات املقطعي يية
واملضامين التعلمية في مختلف املواد التي سيقبل علوها املتعلم في يومه الدراهاي.
60
يس ي ى التخطييي اإلجرائييي ( )la planification opérationelleإلييى هندسيية خطيية الييدرس
بش ييكل عمل ييي وإجرائ ييي واض يي ،مفص ييل ف ييي جمي ييع خطوات ييه املتسلس ييلة واملتعاقب يية واملتداخل يية.
ويس ييمى ه ييذا التخط ييي ك ييذلك بج ييذاذة ال ييدرس ،أو خط يية ال ييدرس ،أو هندس يية ال ييدرس ،أو
تخطي الدرس ،أو مقطع الدرس .ويصف هذا التخطي جميع الخطوات املتبعية مين قبيل
املعلم واملتعلم على حد سواء.أي :تقسم التعلمات الديدكتيكية إلى أنشطة املدرس وأنشطة
املتعلم انطالقا من كفايات محددة بدقة ،واختيار املوارد والوسائل والطرائق البيداغوجيية
التي يمكن اتباعهيا باسيتعمال وسيائل التقيويم املالئمية ،واالنتقيال ،بعيد ذليك ،إليى الوويعيات
اإلدماجية ،لتعقبها مرحلة املعالجة واالستدراك والدعم.
وسنيياء علييى ماسييبق ،فييالتخطي اإلجرائييي يصييف مسييار التعلمييات بشييكل مفصييل ،فييي مرحليية
معينة من التدريس ،انطالقا من مرحلة تحديد الكفايات إلى مرحلية التقيويم ،ميرورا بمرحلية
اإلنجاز وإرساء املوارد.
/5التخطي اإلدمافي:
يتعل ييق التخط ييي اإلدم يياجي بت ييدبير ج ييذاذة دراس ييية ف ييي و ييوء بي ييداغوجيا اإلدم يياج بتس ييطير
ووي ي ييعية معيني ي يية مرتبطي ي يية بمواردهي ي ييا وسي ي ييندها وحاملهي ي ييا وتعليماتهي ي ييا ومعاييرهي ي ييا ومؤش ي ي يراتها
التقويمية .باإلوافة إلى شبكات التمرير ،والتحقق ،واملعالجة ،والدعم ،واالستدراك.
وتعييد جييذاذة الييدرس ميين أهييم الوثييائق الضييرورية التييي يسييتعين بهييا املييدرس وامليتعلم علييى حييد
سييواء إلنجيياز الييدرس فييي وييوء مجموعيية ميين الكفايييات العاميية والخاصيية بغييية أجرأتهييا عمليييا
إلنم يياء الكفاي يية وإرس ييائها وتثبيته ييا ودعمه ييا وتعزيزه ييا بغي يية تحقي ييق اله ييدف النه ييائي أو أجي يرأة
الكفاييية األساسييية .لييذا ،ينبغييي احت يرام مجموعيية ميين الخطييوات واملراحييل واملقيياطع التعلمييية
التييي ينبغييي املييرور منهييا للوصييول إلييى الهييدف النهييائي أو الكفاييية اإلجمالييية .وميين هنييا ،تتضييمن
خطة الجذاذة ثالثة مقاطع أساسية ي:
61
املحتوي ييات والطرائ ييق البيداغوجي يية والوسي ييائل مقط ييع التك ييوين الق ييائم عل ييى اس ييتعرا
الديدكتيكية ،وتحديد أنما الفضاء وطرائق التفاعل والتواصل داخل الصف الدراهاي
مقط ييع التق ييويم اإلجم ييالي الق ييائم عل ييى التطبيق ييات الش ييفوية والكتابي يية ،وتحض ييير ال ييدرس
القادم.
وعليه ،فاملدرس الكفء الحقيقي هو الذي يمتلك كفاية التخطي واالستشراف ،وتنظيم
الدرس في أحسن صورة ،والتخطي له على مستوى األمد القريب ،واألمد املتوس ،واألمد
البعيد .والهدف من ذلك كله هو تحقيق الكفايات األساسية والتكميلية واملستعروة.
يقصد بالتدبير الديدكتيكي بناء ووعيات ديدكتيكية تطبيقية في مدة معينة ،وتدبيرها في
مستوى دراهاي معين ،أو ومن مستويات دراسية مختلفة من مستويات املدرسة االبتدائية
إما داخل فصل دراهاي أحادي ،وإما داخل فصل دراهاي مشترك من خالل االعتماد على
مجموعة من الوثائق واللرامظ الرسمية باستعمال أشكال التنفيذ وفق مقارسة الكفايات
وسيداغوجيا اإلدماج .ويعني هذا أن التدبير الديدكتيكي هو بناء الدرس في شكل ووعيات
ديدكتيكية وإدماجية حسب مقاطع فضائية وزمانية معينة في ووء املقارسة بالكفايات
واإلدماج ،من خالل التركيز على مجموعة من األنشطة التي يقوم بها املعلم واملتعلم معا
بتوظيف طرائق بيداغوجية ووسائل ديدكتيكية معينة ،بتمثل معايير ومؤشرات معينة في
التقويم واملعالجة.
الواقع في ووء وتتمثل أهداف التدبير الديدكتيكي في أجرأة الكفايات واألهداف في أر
املقارسة بالكفايات واإلدماج بتنفيذها وفق ووعيات ديداكتيكية مجسدة في شكل
خطاطات مفصلة وجذاذات مقطعية قابلة للتنفيذ والتطبيق .كما يهدف التدبير
الديدكتيكي إلى بناء ووعيات تعلمية إجرائية وتطبيقية في شكل مقاطع تعليمية -تعلمية
62
تشمل مختلف أنشطة املعلم واملتعلم ،وأيضا أنواع التقويم واملعالجة في مكان محد وزمن
معين .بمعنى أن التدبير ينصب على تنظيم مختلف العمليات الديدكتيكية في ووعيات
إشكالية بسيطة ومعقدة سواء أكان ذلك في األقسام الصفية األحادية أم األقسام الصفية
والتنظيم وفق ووعيات املتعددة واملشتركة .وغالبا ،ما يتخذ التدبير طابع التخطي
إدماجية قابلة للتقويم واملعالجة والقياس واإلشهاد في شكل مقاطع دراسية محددة
ديدكتيكيا وإيقاعيا.
ويالحء أن لليتدبير الديدكتيكي أهمية كلرى .وتتمثل هذه األهمية اإلستراتيجية في عقلنة
بالتنفيذ والتطبيق والتقويم ،وتحويل التخطي العملية التعليمية -التعلمية ،ورس
التمثالت املجردة إلى مخططات عملية سلوكية ،وأجرأة الكفايات واألهداف املسطرة
تطبيقا وتنفيذا .كما يعد التدبير لية ورورية لتحقيق الجودة الكمية والكيفية.
ومن وظائف املدرس املدبر وظيفة التخطي ،ووظيفة التسيير ،ووظيفة التوجيه
والوصاية ،ووظيفة التنظيم ،ووظيفة التطبيق ،ووظيفة التنفيذ ،ووظيفة التحكم،
ووظيفة القيادة ،ووظيفة التنسيق ،ووظيفة املراقبة املرحلية أو املستمرة ،ووظيفة التوقع،
ووظيفة التقويم والتصحيح واملعالجة...
وينبني التدبير الديدكتيكي على مجموعة من املرتكزات املنهجية التي يمكن حصرها :في
أنشطة املعلم وأنشطة املتعلم علر مجموعة من املقاطع الدراسية (املقطع االستهاللي،
واملقطع التكويني ،واملقطع النهائي) ،واالنطالق من مجموعة من األهداف والكفايات
املسطرة ،وتحديد فضاء التدبير ،والتركيز على اإليقاع الزمني ت خيصا وتكوينا ومعالجة،
ورصد الووعيات الديدكتيكية واإلدماجية ،وتنظيمها في شكل جذاذة دراسية تخطيطا
وتطبيقا وتنفيذا ،واختيار أنواع الطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية التي تسعف
املدرس واملتعلم معا في التعامل مع الووعيات الكفائية وأنواع الووعيات املقدمة.
63
السنوي واملرحلي والديدكتيكي، ويعني هذا كله أن التدبير يأتي بعد مرحلة التخطي
وينصب اهتمامه على مجال التعلم ببلورة ووعيات التعلم ،وتبيان كيفيات إنجاز الدرس،
وتحديد طرائق تدبير القسم ،وذلك كله في عالقة جدلية بمجال التخطي من جهة،
ومجال التقويم والدعم من جهة أخرى.
و يتطلب التدبير الديدكتيكي أن يتعرف املدرس إلى مختلف منهجيات وحدة اللغة العرسية
والكتابة ،ومنهجية باملدرسة االبتدائية كأن يعرف منهجية القراءة ،ومنهجية الخ
التعبير ،ومنهجية النحو والصرف واإلمالء والشكل ،ومنهجية املحفوظات ،ومنهجية التربية
اإلسالمية ،ومنهجية الووعيات اإلدماجية والتقويمية...
الدراسية وغالفها الزمني ،ويعرف كذلك أنواع وأن يعرف أيضا كيف تتوزع الحص
ووعيات التعلم من أجل تحديد الطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية املالئمة
لتقديم املقطع الدراهاي ،أو مجموعة من املقاطع الديدكتيكية .ومن جهة أخرى ،يستلزم
التدبير الديدكتيكي التعرف إلى تقنيات التنشي والتواصل ،وإعداد معينات ديدكتيكية
مالئمة للمقطع (املورد) ،وتكييف مختلف التقنيات التنشيطية والتواصلية مع
خصوصيات القسم (قسم حضري ،وقسم مشترك ،وقسم مكتء )...بتنويع تقنيات
التواصل مع التمركز حول املتعلم ،واستثارة قدراته الكفائية واإلدماجية ،واالنطالق من
نظريات التعلم في أثناء التدبير.
ويستلزم التدبير الديدكتيكي تعب ة مجموعة من املوارد األساسية التي تساعد املعلم
واملتعلم على مواجهة الووعيات اإلدماجية ،وإيجاد الحلول املناسبة لها وفق املقارسة
بالكفايات واإلدماج .ومن بين هذه املوارد الضرورية التمكن من وواب اللغة العرسية
الفص ى ،وتمثل معاييرها الصوتية ،والصرفية ،والتركيبية ،والداللية ،والبالغية،
والتواصلية .فضال عن التعرف إلى منهجية مكونات وحدة اللغة العرسية بالسلكين :األساس
واملتوس ،واستيعاب تقنيات التنشي والتواصل بتدبير وظيفي بناء وفعال لكل املعينات
64
الديدكتيكية ،واعتماد مختلف الطرائق البيداغوجية املناسبة لتقديم الووعيات
الديدكتيكية واإلدماجية ومن أوسا سوسيوترسوية متعددة (أقسام مكتضة ،وأقسام
بالوس القروي ،وأقسام متعددة املستويات ،أو ما يسمى كذلك باألقسام املشتركة،)...
وتدبير الفوارق الفردية باعتماد البيداغوجيا الفارقية ،وتحديد الصيغ املالئمة لتدبير
أزمنة وفضاءات التعلم (عمل فردي ،وعمل جماعي ،واالشتغال في فرق ومجموعات،)...
والتمكن من مباد اإلدماج ،والتعرف إلى كيفية بناء الووعيات الديدكتيكية واإلدماجية
،وتبيان طرائق إنجازها وتنفيذها.
ومن جهة أخرى ،يتجسد التدبير الديدكتيكي في إعداد جذاذات نمطية ،أو بطاقات تقنية،
أو خطاطات هيكلية ،تعمل على تنظيم العملية التعليمية -التعلمية .ويستند التدبير
الديدكتيكي إلى إفراغ التعلمات واألنشطة في مجموعة من املراحل الرئيسية ،بعد أن
تتحدد الكفاية املستهدفة ،وتعين مجموعة من األهداف اإلجرائية.
وتضم الجذاذة التقنية أيضا ،إلى جانب العتبات واملعينات ال خصية ،ثالث مراحل أو
مقاطع أساسية ،و ي :
القطع التكويني ،ويرتكز على أنشطة املعلم واملتعلم في شكل أفعال كفائية وقدرات
مرصودة بتبيان الطرائق البيداغوجية واملوارد والوسائل الديدكتيكية مع تقويمها
65
ج ــذاذة نموذجية- -
.................................................................................................... الكفالة
الستهدفة
..................................................................................................
....................................................................................................
تقويم الطرا ق الوسا ل األنشطة الدلداكتيكية األهداف
الايدايوجية ودعم التعليمية اإلجرا ية
التعلم الدرس
تقويم القطع
قاكي التمهيدي
تقويم القطع
تكويني التكويني
تقويم القطع
إجمالي النهائي
66
،مما سبق ،إلى أن املدرس الحق هو الذي يمتلك كفاية التدبير ببناء ووعيات ونخل
تعليمية -تعلمية ،أو صياغة ووعيات إدماجية داخل فصل دراهاي معين سواء أكان ذلك
الفصل أحاديا أم مشتركا اعتمادا على الوثائق الرسمية .ويتمثل هدف املدرس في تحقيق
الكفايات األساس من جهة ،وتحقيق أهداف إجرائية معينة ،قد تكون معرفية ،أو وجدانية
انفعالية ،أو حسية حركية .بمعنى أن املدرس املدبر الكفء هو الذي يبني األنشطة
الديدكتيكية والتقويمية بشكل تطبيقي وإجرائي .وغالبا ،ما يتخذ هذا التدبير شكل
جذاذات ومخططات مقطعية تنطلق من املنا ا واللرامظ الرسمية ،و تراعي خصوصيات
املتعلمين ومن فضاء زمكاني معين ،باختيار طرائق ووسائل ديدكتيكية وسيداغوجية
معينة .عالوة على ذلك ،ينصب التدبير على تخطي األنشطة والتعلمات الخاصة بكل
مادة دراسية بشكل بنائي مفصل ووظيفي ،وقابل للتنفيذ واألجرأة بترقب كل الطوار
واملستجدات التي تلرز في أثناء التفاعل والتواصل داخل جماعة القسم.
من أهم الكفايات التي ينبغي للمدرس الجيد اإلملام بها التمكن من كفاية التقويم .ويعد
التقويم من أهم عناصر املنظومة البيداغوجية ،ومن املرتكزات األساسية في العملية
التعليمية -التعلمية ملا له من عالقة أساسية مع األهداف والكفايات املسطرة .عالوة على
مواطن القوة والضعف في نظامنا البيداغوجي .ويعد أيضا كونه املعيار الحقيقي لت خي
أداة فاعلة للتثبت من نجاعة التجارب اإلصالحية في مجال التربية والتعليم.
ومن األكيد أن التقييم والتقويم وجهان لعملة واحدة ،لكن التقويم أعم من التقييم
والقياس ألن التقويم هو الحكم على عمل ،أو شخ ،أو (ايء ،أو حدث ،أو مهمة منجزة
املرصود بعد بإصدار حكم قيمة .أي :إن التقويم هو تثمين وتقييم املنجز أو ال خ
إخضاعه لطرائق ومعايير دوسيمولوجية وقياسية ( األس لة ،واالختبارات ،والروائز،
والفرو ،.واالمتحانات .)...أما التقييم ،فيحيل على القيمة أو التقدير ،سواء العددي منه
67
أم املعنوي .ومن ثم ،يكون القياس أول خطوة يبدأ بها املقوم لسحكم على املنجز مادام
خاوعا للتأشير الكمي والكيفي .وإذا كان التقويم بمعنى التقدير العددي واملعنوي اعتمادا
على معايير قياسية محددة ،فإنه كذلك سيرورة نسقية تهدف إلى تحديد مدى تحقق
األهداف والكفايات لدى املتعلم علر العملية الديدكتيكية.
وينصب التقويم على مدى تحكم املتعلم في مهارة ما ،وتحديد درجة التحكم واإلتقان.
وليس املهم هو تقويم املعارف ،بل تقويم الكفايات والقدرات املستضمرة لدى املتعلم.
بمعنى التركيز على الكيف وليس الكم .أي :تقويم مدى تحكم املتعلم في مهارات اكتساب
املوارد وحسن توظيفها .ومن ثم ،فالهدف من بيداغوجيا الكفايات هو إعطاء معنى ما
للتعلمات بتحويل املضامين واملحتويات إلى ووعيات ومشاكل مستعصية ،ومعقدة ،
ومتنوعة ،ومركبة ،وجديدة.
وينبني التقويم على طرح مجموعة من األس لة الجوهرية ،مثل :ملاذا نقوم؟ وماذا نقوم؟
وملن نقوم؟ ومن يقوم؟ وماذا نقوم؟ ومتى نقوم؟ وأين نقوم؟
ويعني هذا أن هذه األس لة تحيل على املقوم (املدرس ،واملشرف ،والتلميذ ،واملكون،
واملتعلم ،والتكوين ،)...أو على العمل املقوم (إنجازات املتعلم الكتابية والشفوية،
واملعارف ،واملهارات ،والكفايات النوعية واملستعروة ،)...وتحديد الهدف من التقويم
(تحديد أهداف إجرائية أو كفايات نمائية ) ،والتأشير على طبيعة التقويم(تقويم ذاتي أو
تقويم موووعي ،فرو ،واختبارات ،وروائز ،)...وتبيان زمان التقويم ومكانه ،ثم تبيان ملن
يتم هذا التقويم (القطاع املسؤول عن التربية والتعليم ،مستقبل التلميذ ،التكوين،
املتعلم)...
68
الوظيفة االجتماعية التي تتمثل في معرفة مدى صالحية النظام التربوي ملسايرة
التطور االجتماعي ،ومدى قدرة املدرسة على تغيير املجتمع أو التكيف معه ،ومدى قدرتها
على إعداد املتعلم اجتماعيا وتأهيله نظريا وتطبيقيا لخدمة املجتمع ،والسير به نحو فاق
زاهرة.
الوظيفة الؤسسية التي تحيلنا على سلطة املدرس عندما يشهرها في وجه التلميذ ،أو
الخضوع للنظام املؤسسساتي الترات ي والطبقي .وفي هذا الصدد ،يقول بلبل( :)PELPEL
"إن هدف الوظيفة االجتماعية هو في األخير توزيع األفراد حسب أذواقهم وقدراتهم على
مجاالت مختلفة من الحياة االجتماعية واملهنية ،بينما نجد العكس في التقييم الايدايوفي
حيث إن الهدف هو خلق مجموعة متجانسة ،ألن املشروع البيداغوجي للمدرس اليمكن أن
يهدف إال إلى إنجاح الجميع ،أو على األقل األغلبية .أما بالنسبة للوظيفة الؤسسية والتي
تعتلر وسيطة بين الوظيفتين :االجتماعية والبيداغوجية فهدفها اليمكن أن يكون إال
متناقضا :إنه في الوقت نفسه االرتقاء والتصفية .فقرار التصفية واالرتقاء متعلقان بنوع
السنة الدراسية :في بعض األحيان تحدد مسبقا نسبة النجاح ملستوى معين .كما أن لنفس
69
القرارين عالقة باملؤسسات ،فبعضها أكثر تسامحا ،والبعض اآلخر أكثر تشددا .أي :إنه
أكثر تصفية"96.
وتكمن أهمية التقويم في كونه فعال طبيعيا وعقالنيا الختبار منا ا التعليم ،والتأكد من
األهداف التي تم تحقيقها و لم يتم تحقيقها عن طريق القياس والدوسيمولوجيا (
.)Docimologieكما أن التقويم واجب وطني من خالله نتأكد من مدى نجاعة نظامنا
التربوي الوطني ،ومدى قدرة املدرسة على املواكبة ،والتثبت من مدى نجاعتها في تأهيل
املتعلمين لسحاور واملستقبل معا .كما أنه واجب اجتماعي ملعرفة الدور الذي يقوم به هذا
النظام التربوي في تنمية املجتمع وتطويره .فضال عن كونه أداة في عملية اإلصالح والتأطير
والكمال لدى مواطن النق والتكوين .وسصفة عامة ،يساعد التقويم على ت خي
املدرسين واملتعلمين واإلداريين واملشرفين واملسؤولين عن املنظومة التربوية والتعليمية على
حد سواء قصد اتخاذ القرارات الصائبة من أجل اإلصالح وإيجاد الحلول املناسبة لكل
التعثرات .
وللتقويم كذلك أهداف ووظائف أخرى ،يمكن حصرها في الالئحة التالية من األغرا
واملقاصد:
يهدف التقويم إلى تحديد تقدم املستوى التعلمي لدى التلميذ أو الطالب
مواطن القوة والضعف في العملية التعليمية -التعلمية بصفة خاصة، ت خي
واملنظومة التربوية بصفة عامة
96 -P . PELPEL : Se former pour enseigner, Bordas, Paris, 1966, p :105.
70
انتقاء املتعلمين األكفاء املؤهلين ،وتمييزهم عن غير األكفاء
مساعدة املتعلم على التقويم الذاتي ،وتصحيح األخطاء املرتكبة بجردها وتصنيفها
وتصحيحها ومعالجتها
التقويم أداة مهمة في االنتقاء والتكوين وتنمية الكفاءات اإلنمائية األساسية علر
مجموعة من املجزوءات اإلجبارية والداعمة والتكميلية.
وتمر عملية التقويم التربوي والديدكتيكي -كما هو معروف -بثالث مراحل أساسية ،و ي:
/3تحض راالختاار :بتحديد هدفه ،وعر مضمونه ،واختيار نوع األس لة ،وتبيان معايير
التصحيح وسلم التنقي .
71
/2إجراء االختاار :ينجز املمتحن االختبار الذي قد يكون كتابيا أو شفويا في زمان ومكان
معينين .وبعد ذلك ،تصح ،اإلجابات في ووء مقاييس معيارية مضبوطة.
أما الجوانب التنظيمية لالمتحانات املعيارية ( ما يسمى بالتقويم الخارجي) ،فتعهد إلى لجان
مختصة إما وطنية وإما جهوية وإما إقليمية لتعد املوووعات الخاصة بكل امتحان .ويتم
إعداد االمتحان انطالقا من اقتراحات األساتذة باحترام التعليمات الواردة في املذكرة
الوزارية .وتجرى االمتحانات في املؤسسات التعليمية ،وتسهر علوها أطر ترسوية وإدارية
ومشرفون إلوفاء املصداقية على الشهادات والدبلومات بغية توفير تكافؤ الفرص بين
التالميذ.
وثمة عمليات مصاحبة إلجراء االختبارات داخل مركز التقويم أو االمتحان كتيهيء القاعات
بالعدد الكافي ،وووع لوائح املرشحين انطالقا من املحاور الجماعية ،وتوزيع املرشحين
على القاعات بالتنسيق مع األكاديمية،ووب الغياب ،وإعداد لوائح املراقبين والقاعات
املسندة إلوهم(مراقبان في كل قاعة -مثال ،)-وإعداد أوراق التحرير والتسويد بالنسبة لجميع
االمتحانات ،وفتح األظرفة الخاصة باملواويع أمام مرأى التالميذ واملراقبين واملشرفين،
والحرص على احترام مواقيت االمتحان .وتتم املراقبة داخل القاعة بالتأكد من هوية
التالميذ ،وتجريدهم من وثائقهم ،وإعطائهم أوراق االمتحان والتسويد ،والتثبت من توقيع
املرشحين بعد تسلم أوراق االمتحان ،ووب الغياب في أوراق صفراء مخصصة لذلك،
ووب حاالت الغ في محضر الغ ،وإرجاع األوراق إلى إدارة املؤسسة .وبعد ذلك ،ترجع
أوراق االمتحان إلى اإلدارة اإلقليمية والجهوية.
72
وتأسيسا على ما سبق ،يعتلر التصحيح إجراء ترسويا فاعال في عملية التقويم ،والتقييم،
والقياس .و يتم التصحيح من قبل األستاذ شفهيا أو كتابيا سواء أكان ذلك في مجموعة
كبيرة أم صغيرة .كما يتم من قبل املتعلم ذاتيا أو من قبل أقرانه.
ومن مواصفات التصحيح أن يكون واضحا ومنتظما متتبعا ألعمال التلميذ ،ومفردنا يحترم
شخصية التلميذ ،وإيجابيا يعترف بعمل التلميذ ومجهوده كيفما كان ناقصا .وينبغي أن
يكون ملررا تلريرا ترسويا كما وكيفا .وتتم عملية التصحيح بعد أن توزع األكاديمية أظرفة
االمتحانات على مختلف املؤسسات لترجعها في أوقات محددة.
وتجري عملية التصحيح داخل املؤسسة حيث يتم التأكد من عدد األوراق املوجودة في
الظرف قبل مباشرة عملية التصحيح وبعدها ،والتثبت من النقطة النهائية .وتستلزم كتابة
النقطة بالعدد والحروف ،وإرفاق ذلك بالتظهير أو التوقيع في أثناء الوقوع في الخطأ أو
السهو من خالل الحرص التام على تطابق النقطة املوجودة في الورقة مع النقطة املدونة في
املحضر الجماعي ،واملشاركة في عملية املداوالت .وبعد ذلك ،تستثمر نتائظ االمتحانات
املوحدة أو املعيارية في اتخاذ القرارات الالزمة على مستوى املؤسسة ،واملستوى اإلقليمي،
مواطن الضعف واملستوى الجهوي ،واملستوى الوطني.والهدف من ذلك كله هو ت خي
واإليجابيات ،وإبراز مواطن الجودة والخلل ،والقصد من ذلك والكمال ،وتحديد النواق
هو تحسين مردودية النظام التعليمي.
73
حسب التوظيف واالستعمال :امتحانات معيارية (امتحانات وطنية) وامتحانات غير
معيارية ( امتحانات مدرسية داخلية).
وهناك أيضا امتحانات التلريز ملعرفة مدى تحقق األهداف الكفائية لدى املتعلم أو
لتبيان الطالب ،وامتحانات االنتقاء الصطفاء متعلمين معينين ،وامتحانات الت خي
مواطن القوة والضعف ،وامتحانات استشرافية لتبيان مسار املتعلم في املستقبل من
حيث نجاحه وإخفاقه.
والغر من هذه االمتحانات كلها هو تقويم املتعلم إيجابا أو سلبا ،وتوفير معايير التوجيه
امل ي أو الدراهاي ،وتقديم شهادات صادقة لآلباء واملجتمع املدني حول مردودية النظام
التربوي من حيث التأهيل والكفاءات بمنح املتعلم شهادة أو دبلوما لينال بها مكانة
اجتماعية ،أو منصبا ،أو وظيفة ما.
وينقسم التقويم التربوي والديدكتيكي إلى ثالثة أقسام كلرى على النحو التالي:
يقصد بالتقويم القبلي ذلك التقويم الذي ينصب على املكتسبات القديمة في إطار
املراجعة ،واالستكشاف ،واالستثمار .كما أنه تقويم يحفز املتعلم على طرح املوووع
واستكشافه ،أو هو تقويم ت خيصاي يحاول معرفة مواطن القوة والضعف لدى املتعلم.
وسالتالي ،له وظيفة إرشادية ،وتوجوهية ،وت خيصية .وقد يكون التقويم القبلي أو التمهيدي
بمثابة ووعية استكشافية يراد بها إثارة انتباه املتعلم إلى موووع جديد قد يكون فعال
محور الدرس الكفائي.
وسناء على هذا التقويم ،تتحدد الكفايات والقدرات املستهدفة ،وتنتق الووعيات
واملحتويات واملعارف واملوارد .كما تحدد الطرائق البيداغوجية والوسائل الديدكتيكية
الوظيفية ،ويعين التقويم املناسب لقياس الكفاية واختبارها .وغالبا ،ما يكون التقويم
74
القبلي أو االستكشافي أو الت خيصاي في بداية السنة ،أو بداية الحصة الدراسية ،أو عند
تحضير املقطع األولي أو التمهيدي من الدرس.
يكون التقويم التكويني في وس الدرس ،أو في أثناء بناء العملية التعليمية -التعلمية ،أو في
أثناء التنسيق بين أنشطة املتعلم واملعلم .ويهدف هذا التقويم إلى التثبت من احة
الحلول التي يقترحها املتعلم ،وكيفية تعامله مع الووعيات .و من ثم ،يس ى هذا التقويم
إلى مساعدة املتعلم على التقويم الذاتي ملعرفة األخطاء املرتكبة .وينصب هذا التقويم على
عالقة املدرس باملتعلم من خالل أنشطة الووعيات .وغالبا ،ما يكون التقويم ذاتيا بالفعل.
ويستند التقويم التكويني الذي يتخلل العملية التعليمية-التعلمية ،بكل مراحلها ،إلى
التنظيم التربوي املنهجي ،والتعرف إلى املساعدات الضرورية.
وعليه ،تتمثل وظيفة التقويم التكويني في وظيفة تثبيت الكفاية وتعزيزها ،وسناء الدرس
كفائيا ،وترسيق الووعيات بشكل إيجابي ،وتكوين املتعلم تكوينا أدائيا وإنجازيا ،وتطوير
قدراته النمائية واملعرفية في أثناء مواجهته للووعية املستهدفة .وسطبيعة الحال ،تتزامن
هذه الوظيفة مع مرحلة الدرس الوسطي أو املقطع الرئيس.
/1التقويم اإلجمالــي:
يكون التقويم اإلجمالي أو النهائي في خر الحصة الدراسية بعد االنتهاء من املقطع الوسطي
الذي يتخلل الدرس .ويكون هذا التقويم في شكل خالصات عامة ،أو تطبيقات إدماجية
قصيرة أو طويلة ،أو تمارين فصلية و منزلية .ويرتب التقويم اإلجمالي بمدة معينة بعد
االنتهاء من فر أو تجرسة أو درس .ويهدف إلى قياس املعارف واملهارات ،والتثبت من مدى
تحقق الهدف أو الكفاية في خر الدرس.
75
ويستحسن أن تجمع كل التمارين التطبيقية والووعيات اإلدماجية في مرتب املتعلم الذي
يسمى بامللف التراكمي أو ( )Port-folioالذي يحدد مستوى املتعلم بتتبع إنجازاته علر
الفترة الدراسية .
ومن ثم ،ينبغي أن يركز التقويم اإلجمالي الهادف على كيفية اكتساب املوارد واملعارف
واملهارات في إطار ما يسمى بامليتامعرفي ،وقياس القدرات الكفائية ،واالبتعاد عن قياس
املعارف واملعلومات املخزنة في الذاكرة.
وخالصة القول ،اليمكن الحديث عن مدرس جيد إال إذا كان يمتلك ثالث كفايات رئيسة
مهمة ي :كفاية التخطي ،وكفاية التدبير ،وكفاية التقويم.
وإذا كانت كفاية التخطي قائمة على ووع خط هندسية استشرافية قريبة ومتوسطة
وبعيدة ،فإن كفاية التدبير قائمة على أجرأة هذه املخططات وتطبيقها وتنفيذها وتنزيلها
واقعيا وميدانيا.
وتستند كفاية التقويم إلى معايير كمية وكيفية لقياس تعلمات التلميذ وخلراته وقدراته
الكفائية عندما يووع أمام ووعيات معقدة ومركبة وجديدة لحل مشاكلها املستعصية.
ومن ثم ،يساعد التقويم املدرس الكفء على معرفة مستوى التالميذ ،وتحديد مواطن
القوة والضعف لديهم .كما يسعفه في اختيار املنا ا واللرامظ الصالحة لتحسين املنظومة
التربوية والديدكتيكية .ويفيده كذلك في معرفة مدى تحقق األهداف والكفايات املرجوة
البلوغ إلوها ،ويعطيه صورة واضحة عن مدى ما تحققه املدرسة من نتائظ ،ويساهم عددا
وتقديرا في التوجيه واإلرشاد املدرهاي .97
-97محمد الدريظ :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى سنة
،3600ص.03-03:
76
وهكذا ،نصل إلى أن املدرس الكفء والجيد هو الذي يتمثل الطرائق الجديدة في التدريس،
ويمتلك ثالث كفايات رئيسة وأساسية اليمكن الفصل بينها ي :كفاية التخطي ،وكفاية
التدبير ،وكفاية التقويم.
يتمتع املدرس بمجموعة من الحقوق والواجبات .ومن بين حقوقه ما يتعلق بالحريات
والحقوق الدستورية العامة كحرية التجول ،وحرية االستقرار بأنحاء املمكلة املغرسية،
وحرية الرأي ،وحرية التعبير بمختلف أشكاله ،وحرية االجتماع ،وحرية تأسيس الجمعيات
فوها ،و حرية االنتماء إلى النقابات واألحزاب السياسية ،واحترام سرية أو االنخرا
املمتلكات ،وحق امللكية ،وحرية املبادرة الخاصة ،وحق االنتخاب ،وحق الترش ،ملختلف
االنتخابات.
الحقوق اإلدارية واالجتماعية ،فله حق الترسيم ،وحق االنتقال ،وحق وفيما يخ
تقاضاي األجرة ،وحق التمتع بالرخ ،وحق الترقي ،والحق في طلب االستقالة ،وحق طلب
االستيداع املؤقت لغر خاص ،أو بسبب مسؤولية اجتماعية ،أو ظرف عائلي طار ،أو
من أجل متابعة الدراسات العليا .وله الحق أيضا في االنخرا في النقابات املهنية والحرفية
التي تدافع عن حقوق العمال واملوظفين على حد سواء من أجل تحسين أوواع املدرس
املادية ،واملعنوية ،واالجتماعية .ومن ثم ،فقد كان املدرس يتبوأ مكانته ومن الطبقة
املتوسطة داخل املجتمع ،تلك املكانة التي تتضعضع من حين آلخر حسب الظروف
االجتماعية والسياسية واالقتصادية للمجتمع املغربي ،وقد يتدن مستوى املدرس األجير
إلى درجة الفقر والفاقة ،فينزل من الطبقة املتوسطة إلى الطبقة الفقيرة سيما عندما
تتدن األجور وتبق ثابتة في مقابل تفشاي الغالء واالرتفاع الصاروخي ألثمان السلع
ُ
والبضائع واملنتجات .وأكثر من هذا تقتطع من أجرته املتواوعة نفقات التقاعد كلما وقع
إفالس ما في صندوق التقاعد.لذلك ،فقد تردت مكانة املدرس املغربي مجتمعيا بسبب
77
اإلفالس القيمي واالقتصادي والسياهاي حتى أصبح املدرس إنسانا هشا في املجتمع املغربي
مقارنة ببعض الطوائف والف ات االجتماعية األخرى كالقضاة ،واللرملانيين ،
والوزراء،ورجال األمن وجنيراالت العسكر.
عالوة على حق املوظف التربوي في االستفادة من ووعية اإللحاق لدى إدارة أخرى ،أو
جماعة محلية ،أو مؤسسة عامة ،أو شركة تابعة للدولة ،أو هي ة خصوصية ذات مصسحة
عامة ،أو جمعية ذات منفعة عامة ،أو دولة أجنبية ،أو منظمة جهوية أو دولية.
فضال عن حق االستفادة من نظام الووع رهن اإلشارة لدى إدارة أخرى ،أو من التفرغ
النقابي إذا كان املوظف منتميا إلى إحدى النقابات األكثر تمثيال.
عالوة على الحق في التعويض عن حوادث الشغل ،والحق في التأمين اإلجباري عن املر ،
وحق تقاضاي معاشات التقاعد والزمانة واألبوين وذوي الحقوق ،والحق في املنافع العينية
التي يتمتع بها بعض املوظفين حسب طبيعة املهمة املنوطة بهم (لباس ،وحقيبة ،وسكن،
وحذاء ،)...واالستفادة من الضمانات التأديبية التي تتمثل في الدفاع عن نفسه قبل توقيع
أي عقولة انضباطية عليه من قبل املجلس التأدي ي ،والطعن في القرارات اإلدارية ،والحق
في الحماية من التهديدات والتهجمات واإلهانات ،والحق في تحمل الدولة عن املوظف
التعويضات املدنية التي تتمثل في مختلف األورار التي قد يسحقها بالطرف اآلخر من جراء
ممارسة املوظف مسؤوليته العادية ،ويخرج من ذلك أخطا ه ال خصية التي ال يكن
الغر منها هو تحقيق مصسحة املرفق العام .
واجاات الوظف ،فتتمثل في قبول املنصب والتعيين على حد سواء، أما فيما يخ
واالستمرارية في العمل بشكله الرسمي ،وممارسة العمل شخصيا ،وامتالك الكفاءة املهنية
والعلمية ،والتحلي باملروءة واألخالق الحسنة ،واحترام سلطة الدولة ،والعمل على
احترامها ،وااللتزام بكتم السر امل ي ،واالمتناع عن الرشوة واستغالل النفوذ ،واملساهمة،
78
إن اقتضاى الحال ،في الدفاع عن الوطن ووحدة ترابه وصيانة مقدساته ،واملساهمة
التضامنية في التكاليف الناتجة عن الكوارث التي تصيب البالد ،وأداء الضرائب ،والوفاء
بااللتزامات التي يفروها النظام العام وحق املواطنة ،واحترام مقتضيات واملعاهدات
واملواثيق الدولية التي صادق علهيا املغرب ،خاصة فيما يتعلق بحقوق الطفل واملرأة
واملعاق ،وتحمل مختلف املسؤوليات الناجمة عن األخطاء الجسيمة التي يرتكبها مخالفا
بذلك التنظيمات اإلدارية الرسمية .ناهيك عن املسؤولية املدنية ،واملسؤولية الجنائية .وال
نن اى التقيد بميثاق حسن السلوك كتخليق الحياة اإلدارية ،وترسيق ثقافة املرفق العام،
واالنضبا بقواعد األخالق املهنية ،وتدعيم الشفافية ،وترسيق ثقافة املرفق العام والقيم
الوقائية لتدعيم البنيان التشري ي املتطابق مع روح املقتضيات القانونية الجاري بها
العمل.98
ً
تلكم ،إذا ،نظرة مختصرة إلى ووعية املدرس املغربي التي تتمثل في إنجاز عمله التدري اي-
التعلمي والتربوي وفق ثالث خطوات رئيسة ي :التخطي ،والتدبير ،والتقويم.
والتقتصر مهمته الرئيسة على أداء الوظائف واألدوار الديدكتيكية الثالثة فق ،بل يتمع
املدرس بمجموعة من الحقوق مقابل مجموعة من الواجبات التي ينبغي أن يؤديها املدرسن
باحترام ميثاق حسن األخالق.
-98خالد املير وإدريس قاسمي :التشر ع اإلداري والتسي ر التربوي ،دار صبح ،بيروت ،لبنان ،الطبعة 2233م،
ص.63-623:
79
نجاح العملية التعليمية-التعلمية ،والتثبت من مدى تنفيذ املدرس للمنهاج واللرنامظ
واملقرر الدراهاي الذي ووعته وزارة التربية الوطنية.
ومن هنا " ،يعتلر مفت التعليم من العناصر األساسية والفاعلة في بناء وتفعيل وتقييم
وتتبع ومراجعة إستراتجية التعليم بالبالد.كما يلعب دورا أساسيا على مستوى املمارسة
والتطوير لتحقيق جودة املنتوج التربوي والتنظيمي...ولقد أصبح املفت في مجال التربية
والتسيير التربوي واملالي والتخطي والتوجيه جزءا اليتجزأ من العملية التعليمية
التعلمية ،بل إن تحسين وتطوير الفعل التربوي رهين بمدى الفعالية التي يتخذها دور
املفت ،خاصة وأن هذا الدور لم يعد يقتصر ،كما كان سابقا ،على مراقبة واملحاسبة
بقدر ما أصبح اآلن يقوم على دور التأطير والتوجيه والتكوين والتجديد
والتنشي ..والتحفيز.
من هنا جاءت فكرة إحداث مركز تكوين مفتشاي التعليم الذي يتميز به نظام التعليم
املغربي ،بحيث يعتلر مؤسسة عليا ،ويتمتع بمواصفات التعليم الجام ي التخصصاي،
ويساهم في بلورة وتطوير الفعل التربوي"99.
بمعنى أن املفت يسهر على تنفيذ تعليمات الوزارة ،وتطبيق توصياتها ومذكراتها وقوانينها
التشريعية .ومن ثم ،يقوم املفت بزيارات صفية لتفقد املدرسين املتدرسين قصد توجوههم
الوجهة السليمة ،وتزويدهم باملعلومات واملعارف والتقنيات الكافية التي يستخدمونها في
التدريس.ويعني هذا أن املفت إطار ترسوي تأطيري وتوجيهي يقدم مجموعة من النصائح
واإلرشادات والتوصيات لصال ،املدرسين واإلداريين على حد سواء .وسالتالي ،يسهم في ترقية
املدرسين الرسميين وغير الرسميين وفق معايير الكفاءة ،واالنضبا ،واالهتمام بالبحث
العلمي ،وتحمل املسؤولية بشكل كامل ،وأداء الواجب بشكل جيد كما وكيفا.
كما يهتم املفت بكتابة التقارير بشكل مستمر حول الندوات والدروس وما تحقق إنجازه،
برفعها إلى األكاديمية أو السلطة املركزية التي تتولى النظر في تلك التقارير .ومن ثم ،يراقب
-99خالد املير وإدريس قاسمي :التشر ع اإلداري والتسي ر التربوي ،دار صبح ،بيروت ،لبنان ،الطبعة 2233م،
ص.663-662:
80
املفت وثائق املدرس ،ويسهم في التخطي ،واملراقبة ،والتنسيق ،والتقويم ،وتتبع أعمال
املدرسين .ويشارك في املؤتمرات والندوات واملجالس العلمية والتربوية.ويسهم أيضا في ووع
كتب املقررات الدراسيةُ ،ويستدعى إلى ووع اللرامظ الدراسية ،والتفكير في دعامات منهاج
التربية والتعليم ،واقتراح مختلف الحلول من أجل الرفع من مستوى املنظومة التربوية
والتعليمية .كما يشرف على االمتحانات وتصحيحها ،والحضور في املنتديات العلمية،
والتربوية ،والتنشيطية .كما ينتقي األساتذة املرشدين الذين يساعدونه في عملية التأطير ،
والتكوين ،واإلشراف .ومن هنا ،لم يعد املفت يقوم بتلك املهمة التي كان يقوم بها قديما
كتفتي املدرس ومراقبة وثائقه ومحاسبته بشكل سلطوي وقم ي .بمعنى أن املفت كان
يرادف سلطة الترهيب والقمع واملراقبة التي كان يمارسها على املدرس باسم القانون .واآلن،
تغيرت مهمته ليصبح مجرد مؤطر ترسوي حيث انحصرت وظيفته في مجال تكوين
املدرسين ،ومساعدتهم على أداء مهامهم بشكل موجب.
وهنا ،نتحدث عن أنواع من املفتشين ،فهناك املفت املتدرب ،واملفت الرسمي ،واملفت
الرئيس ،واملفت املمتاز ،واملفت املنسق ،واملفت الجهوي ،واملفت العام ،واملفت
املركزي.ويمكن أيضا الحديث عن املفت املجاز ،واملفت الحاصل على املاستر ،واملفت
الحاصل على درجة الدكتوراه.
التربوي على النحو ومن حيث أنواع التفتي ،فيمكن الحديث عن أنواع من التفتي
التالي:
/1التفتيش التقويمي الذي يقوم على تقويم املدرس ومراقبته بشكل مستمر إلى درجة
االستفزاز ،ومراقبة املدرس في كل صغيرة وكبيرة ،ومحاسبته كما وكيفا ،والتركيز على
الوثائق دون الس ي إلى تأطيره وسنائه ومساعدته على اإلبداع.
/2التفتيش التنفيذي ،وهدف هذا التفتي هو تنفيذ تعليمات الوزارة ،وتطبيقات
توصياتها املختلفة ،والتثبت من مدى تنفيذ املدرس ملاهو موجود في املنهاج الدراهاي من
جهة أولى ،واللرنامظ التعليمي من جهة ثانية ،واملقرر الدراهاي من جهة ثانية.
81
/1التفتيش التصحيحي ،وهدفه هو تصحيح املنظومة التربوية ،والتركيز على األخطاء
والتعثرات لدى املدرس وتصحيحها بالتوقف عند مظاهر قوتها ووعفها .أي :يتمثل
التفتي التصحي ي في تصحيح األغال التي يقع فوها املدرس والتلميذ على حد سواء،
بإتباع السبل الالئقة واألخالقيات الحميدة في النص ،واإلرشاد والدعم ،والسجوء إلى
التغذية الراجعة ،والعمل على أجرأة األهداف املسطرة.
/1التفتيش التوجيهي :ال يقتصر اإلرشاد على تصحيح األغال وإظهار مواطن الضعف
فق ،بل البد من تقديم مجموعة من التوجوهات السديدة والنصائح البناءة من أجل
تمثلها واالستفادة منها عمليا ومهنيا.
/5التفتيش الانائي الذي يكمن في مساهمة املفت في بناء املنظومة التربوية والتعليمية،
وتحفيز املدرسين على العطاء ،والبذل،واإلنتاجية .ومن هنا ،يكون املفت عنصرا بنائيا
داخل النسق التربوي ،يسهم في تفعيل ذلك النسق بشكل براجماتي إيجابي.
ً
إذا ،يجب أن يكون التفتي وظيفيا بامتياز ،يساعد على بناء املعارف النظرية والتطبيقية
من جديد عن طريق التغيير ،وتجاوز ما هو قديم من املنا ا والطرائق ،واستبدالها
بأحدث التقنيات وأنجع النظريات التي تحقق النجاعة والبساطة والكفاءة على املستوى
العملي وامليداني.
/6التفتيش الوقائي الذي يعنى بووع خط إجرائية وإستراتيجية لتفادي مجموعة من
الصعوسات والعوائق التي تعتر سبيل املدرسين في تنزيل املذكرات واملقررات الدراسية
وتنفيذها .ويعني هذا مساعدة املدرس على تجنب الوقوع في املشاكل التي يمكن حدو ها عن
طريق التنبؤ بمخاطرها ،ومحاولة توجوهه إلى السبل الناجعة لتفاديها وتجنبها بشكل تدريجي
أو نهائي.
/7التفتيش القيادي الذي يعني أن املفت يتحمل مسؤولية قيادة قاطرة التربية والعليم
حيث يبحث عن املقارسات واملنا ا والنظريات التربوية الصحيحة والسليمة للرفع من
مستوى املنظومة التربوية والتعليمية.
82
/8التفتيش اإلبداعي هو الذي يتجاوز التقليد إلى التجريب واإلبداع وممارسة البحث
العلمي ،ومساعدة املدرسين على االبتكار ،والخلق ،واالختراع ،واالستكشاف .ومن ثم ،ال
يمكن أن يتحقق النجاح واالزدهار والجودة الحقيقية كما وكيفا إال بتطبيق البيداغوجيا
اإلبداعية ،والبحث عن الجديد ،واإليمان باالبتكار واإلبداع والتجديد والتجريب
والتحديث والعصرنة .ويعني هذا أن التفتي اإلبداعي يقوم على " تحرير العقل ،واإلرادة،
وإطالق الطاقة عند املدرسين لالستفادة من قدراتهم ومواهبهم ،إلى أقصاى حد ممكن في
تحقيق األهداف التربوية .ووفق هذا املن ى ينبغي أن يعمل املشرف على تنمية روح االبتكار
لدى املدرسين ،وجعلهم قادرين على قيادة أنفسهم بأنفسهم"100.
/9التفتيش التأط ري والتكويني الذي يهدف إلى تأطير املدرسين بشكل مستمر أو دوري،
وتكوينهم في املجال التربوي والتعليمي.
/11التفتيش العالفي :يتمثل في مساعدة املدرس على كيفية عالج مشاكله بطريقة ناجعة
وهادفة ومثمرة ،ومواجهة الصعاب بالبحث عن الحلول القانونية املناسبة واملروية.
وعليه ،يعد املفت أهم إطار في املنظومة التربوية املغرسية حيث يسهم في تأطير املدرسين
والطلبة ورجال اإلدارة ،و تكوين هؤالء تكوينا معرفيا ومهنيا من أجل الرقي باملدرسة
الوطنية نظريا وتطبيقيا ،والسمو بها إلى أعالي املجد ،والعطاء ،والتقدم ،واالزدهار.
-100أحمد أوزي :املمجم املوسوعي لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء ،الطبعة األولى سنة
2223م ،ص 63:عبد الكريم غريب :املنهل التربوي ،منشورات عالم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة بالدار
البيضاء ،الطبعة األولى سنة ،2223الجزء األول ،ص 633:محمد الدريظ( :كفايات املشرف التربوي وأساليب
تطويرها) ،التدريس بالكفايات رهان على جودة التعلم ،مجلة علوم التربية،الطبعة األولى 2223م ،ص362:
إبراهيم الباعمراني :دليل التفتي التربوي بالتعليم األساهاي والثانوي ،منشورات صدى التضامن ،الدار
البيضاء ،الطبعة األولى سنة 3666م وأحمد فريد الدرفوفي :اإلشراف التربوي :مقوماته وتقنياته ،شركة بابل
للطباعة والنشر والتوزيع ،الرسا ،الطبعة األولى سنة 3663م وعبد الرحيم تمحري( :الجهة ودور اإلشراف
التربوي في اإلقالع البيداغوجي بها :إقليم جرادة نموذجا ،مادة الفلسفة مثاال) ،مجلة علوم التربية،املغرب ،العدد
الخامس عشر ،املجلد الثاني ،أكتوسر3660م ،ص.32-36:
83
وبهذا ،يسهم املفت في تنفيذ مهام التأطير ،واإلشراف ،واملراقبة ،والتكوين ،والتفقد.
ويشتغل املفت في إطار برنامظ العمل الذي يسطره بشكل دقيق مع بداية السنة
الدراسية ،ويضعه لخدمة مقاطعته التربوية.
وال فرق عندنا بين األستاذ املرشد واملرشد التربوي ماداما يمارسان معا مهمة التدريس،
ويقومان بعملية التأطير واملراقبة والتكوين والتوجيه بإشراف املفت .لكن هناك فرق
واض ،وجلي بين املفت واألستاذ املرشد ألن املفت هو الذي يوجه األستاذ املرشد ،
ويضع له خط العمل التي ينبغي االلتزام بها على مستوى التأطير والتكوين واإلشراف ،
ويقوم بعملية املراقبة والتفتي ،واتخاذ قرار الثواب والعقاب في حق املدرسين .بينما
األستاذ املرشد يهتم ،قبل كل (ايء ،باإلرشاد والتوجيه وتقديم الدعم واملساعدة للسادة
املدرسين ليس إال .ومن هنا ،فاألستاذ املرشد هو مساعد تنفيذي مؤقت يمكن أن يعود إلى
منصبه األصلي فور االنتهاء من مهمته التي كلف بأدائها .بينما املفت إطار رسمي قائم
بذاته له حقوق وواجبات أمام اإلدارة املسؤولة.
ومن هنا ،فاملفت التربوي هو الذي يقوم بتوجيه" املدرسين ومساعدتهم وتنشيطهم
وقيادتهم لنقد وتقويم ودراسة اتجاهاتهم وخلراتهم الفردية ،وأوجه نشاطهم وطرقهم
التربوية ،حتى يمكنهم بذل الجهد لتحقيق أهداف التعليم"101.
ويعني هذا أن املفت يقدم مجموعة من املساعدات للمدرسين في املجال التعليمي
والتربوي من أجل االرتقاء بالعملية التعليمية -التعلمية بتوجوههم لتنظيم إيقاعهم املدرهاي
على أسس علمية مضبوطة قائمة على التخطي ،والت خي ،وصياغة إستراتيجية
تعليمية هادفة ،وسناءة ،ومبدعة .ومن ثم ،يكون عمل املفت بمثابة عملية ترسوية تعاونية
توجوهية وإرشادية فنية .ويكون أيضا عبارة عن قيادة تشاورية ،وإنسانية ،وعلمية ،ومرنة،
وإبداعية ،وشاملة .والغر من هذا كله هو مساعدة املدرسين على االرتقاء بمهاراتهم
املعرفية واملهنية ،وتقويم العملية التعليمية -التعلمية ،وتطويرها أسسها النظرية واملهنية.
-101أحمد أوزي :العجم الوسوعي لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء ،الطبعة األولى سنة
2223م ،ص.63:
84
ومن جهة أخرى ،يعتمد املفت التربوي على مجموعة من املنا ا في تكوين املدرسين
إشرافا ،وتأطيرا ،وتقويما ،والسيما عند التعامل معهم ،واألخذ بيدهم من أجل تحقيق
النجاح ماديا ومعنويا .ومن هذه املنا ا يحق لنا التحدث عن املقارسات التالية:
/1القاربة التشاركية :تعتمد هذه املقارسة على إشراك جميع الفاعلين التربويين في اإليمان
بفلسفة العمل واالجتهاد واإلبداع والعطاء ،واالشتغال في فريق ترسوي متناسق.
/2القاربة اإلبداعية :تستند هذه املقارسة إلى دفع املدرسين األساتذة إلى التخييل،
واإلبداع ،واالبتكار ،والتجديد ،والتحديث ،والعصرنة.
/1القاربة الدلمقراطية :البد من اتباع الطريقة الديمقراطية في أثناء الحوار واملناقشة
وطرح القضايا التربوية واملعرفية ،والسماح لآلخرين بإبداء وجهات نظرهم بكل حرية،
واالبتعاد عن التعصب والتشنظ والتفرد باآلراء ال خصية على حساب الحقيقة
املوووعية.
/1القاربة النما ية :تهدف هذه املقارسة إلى إنماء القدرات والكفايات واملهارات لدى
املدرسين ،ومساعدتهم على أجرأتها ميدانيا ،واألخذ بيدهم من أجل تجاوز العراقيل،
وتفادي الصعوسات بت جيع مواهبهم وابتكاراتهم ،واإلنصات إلى حاجياتهم وميولهم.
/5القاربة الوقا ية :ويتحقق ذلك بمساعدة املدرسين على تفادي املشاكل الذاتية
واملوووعية ،وتجاوز الووعيات الصعبة في أثناء أداء مهمة التدريس ،وإسعافهم على
تخطي كل الصعوسات والعراقيل العويصة ألن الوقاية -كما يقال -خير من العالج.
/6القاربة العالجية :ينبغي للمفت أن يساعد املدرسين مساعدة شاملة ملواجهة
الووعيات املعقدة واملشاكل التي تواجههم بتقديم حلول عالجية مرنة وهادفة من أجل
تجاوز الصعوسات النفسية و االجتماعية ،وإيجاد الحلول لكل العوائق املستعصية في
املجال التعليمي والتربوي ،واالشتغال على دراسة كل حالة ترسوية على حدة.
في القيام بمجموعة من املهام واألدوار واألعمال ومن ناحية أخرى ،تتمثل أنشطة املفت
التربوية على الشكل التالي:
85
/1التوجي واإلرشاد التربوي :يتحقق ذلك بتنظيم لقاءات مع املدرسين في بداية األمر،
والتعرف إلى األساتذة الجدد والقدام لتدارس مشاكلهم ،وتحديد حاجياتهم ،واقتراح
خطة عمل تشاركية ،وووع مجموعة من برامظ التكوين والتدريب والدعم من أجل
مساعدة املدرسين على تحقيق الجودة والنجاح في عملهم التعليمي والتربوي.
/2الزيارات الصفية :ويكون الغر منها التعرف إلى مواطن الضعف في العملية
التعليمية -التعلمية قصد ت خي نق الضعف ،وإبراز السلبيات ،وتحديد الثغرات من
أجل تصحيحها من خالل التركيز على اإليجابيات لالستمرار فوها .ومن ثم ،تعطينا الزيارات
الصفية املتكررة للصف الدراهاي تصورا عاما عن أداء املدرس .كما تزودنا بمعرفة شاملة
وحقيقية عن مستوى التعليم داخل مؤسساتنا التعليمية.
/1الندوات العلمية والتربوية :ويكون الغر منها شرح املذكرات الوزارية ،وتوويح
املستجدات التربوية ،وإيجاد الحلول الناجعة ملجموعة من املشاكل التربوية والحاالت
التربوية املستعصية من أجل البحث عن حلول ناجعة علمية وترسوية قصد الرفع من
مستوى األساتذة ،وتعزيز قدراتهم العلمية النظرية ،والسمو بممارساتهم املهنية
والتطبيقية.
/1الدروس التجريبية :تكون الدروس التجريبية املحك العملي األساس للمدرس لتجريب
ما تم مالحظته حسيا ،وإدراكه نظريا وذهنيا ،وتطبيق ما تم استيعابه علر الندوات
واللقاءات التربوية .ومن ثم ،فالدروس التجريبية مفيدة ومثمرة للمدرس املبتد للتزود
باملعارف النظرية والتطبيقية.
/5التفتيش :يمكن أن يزاول املفت مهمة التفتي واملراقبة والتفقد ،ولكن ال يمكن
السجوء إلى هذه العملية إال بعد مجموعات من الزيارات التربوية والتداريب التكوينية
واللقاءات التأطيرية واإلشرافية .وسالتالي ،يكون الهدف من التفتي هو تقويم أداء
املدرس ،والتثبت من مدى استيعابه للمعارف النظرية والتطبيقية ،والتأكد من مدى
تحصيله ملجمل ما تم طرحه نظريا وتطبيقيا .ويكون الغر من ذلك أيضا هو مراقبة
86
املدرس على مستوى احترامه للقوانين واملباد التشريعية ،و كيفية تعامله مع الوثائق
املدرسية.
/6إع ــداد تقرير التفتيش :ينبغي للمفت أو املشرف التربوي أن يكون عارفا بتقنيات كتابة
التقارير التفتيشية كأن يبدأ بت جيل معلومات شخصية عن املدرس ،فيعين طبيعة
التقرير :زيارة صفية أم تقرير تفتيشاي؟! وبعد ذلك ،يحدد موووع الدرس الذي تم مراقبته
ورصده صفيا بتحديد تاريخه ،وتعيين مرجعه ومصدره.
وتعقب هذه املرحلة عملية الوصف ملراحل الدرس وخطوات اإلنجاز وطريقة األداء ،وذكر
مجمل الدرس .وبعد مرحلة الوصف والتوثيق ،تأتي مرحلة التقويم إيجابا وسلبا بتقديم
املالحظات وإبرازها للمدرس ملناقشتها علميا وموووعيا .ثم تتبعها مرحلة التوجيه
واإلرشاد ،وينبغي أن تنصب على املعارف النظرية ،والوثائق التربوية ،واألداء التربوي،
لتنتهي عملية املراقبة بالتقدير العام بإعطاء نقطة عددية مشفوعة بتعليل معنوي .ويوقع
التقرير من قبل املفت والنائب اإلقليمي ومن قبل املعني باألمر.
وإليكم مثاال توويحيا لتقرير تفتيشاي:
" قمت بزيارة األستاذ (محمد الصدوقي) الذي لدرس القسم السادس الي مدرسة اإلمام
الاخاري االبتدا ية بمدلنة الناظور ،لوم الخميس 12نوفم ر2111م ،عكى الساعة
التاسعة صااحا ،وكاح الدرس الذي للقي عكى تالمذت الي مادة النحو ،وعنوان
العري ( :التوابع).
استهل األستاذ درس بتحدلد األهداف ،وتسط ر الكفالة األساسية ،ومراجعة الدرس
السابق .وبعد ذل ،بدأ األستاذ الي استعراض درس الجدلد باستكشاف الوضوع،
و إثارة التالميذ ،وكتابة األمثلة عكى الساورة ،مع كتابة الشواهد بقلم مغالر .ومن ثم،
شرع الدرس الي شرمل الدرس ،بتنو ع األسئلة ،وتحف ز التعلم ح ،وتشجيعهم عكى
87
االستجابة ،باستكشاف القواعد التعلقة بالتوابع بشكل متدرج ،إلى أح حصل الدرس
التالميذ عكى الساورة من جهة ،ونقلوها عكى مجموعة من القواعد التي كتبها بع
بسرعة إلى دفاترهم من جهة أخرى .عالوة عكى ذل ،فقد قسم األستاذ الساورة إلى
عناصر عدة ،مستعمال الي ذل الطااش راللونة .وح ح االنتهاء من كتابة القواعد ،التجأ
الدرس إلى التطايق التقويمي ،مع مطالاة التالميذ بذكر األمثلة ،وكتابة فقرة إنشا ية
الي أربعة أسطر ،لوظفوح فيها مختلف التوابع .وكاح الدرس لنتقل داخل القسم بجدلة
ب ح الصفوف ،مر اقاا إنجازاتهم ،فيشجعهم تحف زا وتقدلرا .ويالحظ أح الدرس كاح
وفيا للمقرر الدراس ي ،لنوع األسئلة من فينة إلى أخرى ،و ستخدم الوسا ل التعليمية
الناساة ،وكاح لتأرجح الي شرح ب ح الحوار والتلق ح ،ويحترم طليات التقويم الختلفة
والتنوعة ،ويلتزم بالتغذلة الراجعة ،وبالضا حينما لحس بعجز التالميذ عكى فهم
الدرس ،أو يشعربعدم قدرتهم عكى استيعاب .
لالحظ أح الدرس قد نجح الي استدماج قدرات الكفا ية ،وتوظيف جميع خ رات
الايدايوجية والدلدكتيكية الي تقدلم درس .وقد توفق ألضا الي إشراك كل تالميذ
القسم لكي يسهموا الي بناء الدرس .وال نني ى أن كاح لنتقل من التلق ح إلى الحوار،
باستعمال طليات التنشي ،والتأرجح ب ح لغة تواصلية لفظية ولغة حركية.بيد أح ما
لؤخذ عكى هذا األستاذ أن توقف كث را عند الراجعة القالية ،كما تجاوز الفترة
الخصصة للحصة بعشر دقا ق .وفيما عدا ذل ،لظل األستاذ جدلرا بالثقة واالحترام،
عكى الريم من حداثة تجربت التربوية ،ذل أح تفتح ،واستعداده ،وكفاءت ،وشهادت
العليا ،كلها عوامل تبشربعطاء مثمر ،و إنتاج زاهر.
88
/7إعداد تقارير تفتيشية تربوية عامة :البد للمفت الذي يقوم بمهمة التأطير والتكوين
من كتابة تقارير قبلية وتكوينية ونهائية من أجل وصف عمليات التكوين واإلرشاد والتأطير
والدعم والتوجيه ،وتحديد السلبيات واإليجابيات ،واقتراح الحلول املناسبة لتفادي
املشاكل والعراقيل واملثبطات .وبعد ذلك ،تكتب تقارير تركيبية شهرية أو دورية أو
أسدسية ترفع إلى جهات إقليمية وجهوية ومركزية ملدارستها ومناقشتها.
/8إنجاز الاحوث العلمية والتربوية :ينبغي للمفت أن ينجز مجموعة من البحوث
النظرية والتطبيقية في مجال املعرفة العامة ،أو في مجال التخص ،أو في مجال التربوية
والتدريس .ولكن البد من احترام قواعد البحث العلمي األكاديمي ،واالستعانة بمقاييس
اإلحصاء الوصفي والتجري ي إلنجاز البحوث التربوية.
/9التكوين والتأطي ــر :يمكن للمفت أن يقوم بتكوين املدرسين نظريا وتطبيقيا لشرح
مستجدات التربية املعاصرة ،وتوويح املذكرات الوزارية.
/11دراسة الحاالت التربوية :يمكن للمفت أن يدرس مجموعة من الحاالت التربوية
واإلدارية والنفسية واالجتماعية من أجل إيجاد الحول للمشاكل املستعصية ،والبد من
اتباع املنا ا العلمية في ذلك للوصول إلى نتائظ علمية ملموسة وإجرائية.
/11الشاركة الي االمتحانات :من مهام املفت التربوي املشاركة في االمتحانات املهنية إذ
يحضر امتحانات الكفاءة قصد التعرف إلى الووعيات التقويمية ،ليقوم -بعد ذلك-
بتحليلها وت خيصها قصد إيجاد الحلول املناسبة.
وعلى العموم ،يؤدي املفت التربوي مجموعة من املهام واملسؤوليات واألدوار التي ينبغي
تحقيقها وتنفيذها ومن واجباته املهنية ،فقد تكون أدوارا مهمة أو خاصة .وتتمثل هذه
املسؤوليات الجسيمة التي ينبغي أن يقوم بها املفت في األدوار التالية:
-3مساعدة السادة األساتذة وخصوصا املبتدئين منهم في مجال البيداغوجيا
والديداكتيك
-2توجيه املدرسين وإرشادهم نمائيا ،وإبداعيا ،ووقائيا ،وعالجيا
89
-6تكوين املدرسين سيما الجدد منهم نظريا وتطبيقيا
-2عقد لقاءات خاصة مع املدرسين املتدرسين واملتمرنين من أجل الرفع من قدراتهم
األدائية نظرية وممارسة
-2تأطير السادة األساتذة وتكوينهم وتقويمهم علر الزيارات الصفية ترسويا وعمليا
-3املساهمة بالبحوث النظرية وامليدانية من أجل دعم املدرسين نظريا وتطبيقيا،
ومساعدتهم معرفيا ومهنيا
-3تكوين املدرسين الجدد في مجاالت التشريع والتربية الخاصة والعامة
-3إنشاء فرق ترسوية للبحث في قضايا ترسوية ومعرفية خاصة وعامة
-0ووع تصور عام أو إعداد مشروع للبحث والتكوين والتأطير
-6العمل على تكوين املدرسين املبتدئين أو املتدرسين أو املقبلين على امتحانات الكفاءة
املهنية ،واإلكثار من الزيارات الصفية
-32تعريف األساتذة واملدرسين بما استجد في الساحة التربوية من قضايا بيداغوجية
وديدكتيكية معاصرة
-33التنسيق بين األساتذة
-32توفير الشرو املادية والتنظيمية لعقد اللقاءات التربوية
-36ت جيع املدرسين الناعحين إشادة وتنويها ،ونص ،املقصرين منهم توجوها وإرشادا
-32القيام بعملية اإلخبار والتواصل والتفاو مع الشركاء والفرقاء الخارجيين
-36مساعدة املدرسين على تنظيم زمنهم املدرهاي ،ودفعهم إلى العناية بوثائقهم التربوية
-32تتبع مشاريع املؤسسة التربوية ،واملساهمة في إعدادها ،وتطبيقها ،وتقويمها
-33البحث عن مشاريع ترسوية جديدة ،ومساعدة املدرسين على تحقيقها بشكل فردي
أو جماعي
90
-33مساعدة املدرسين سيما الجدد منهم على تنفيذ واجباتهم اليومية ،ومساعدتهم على
تنظيم دروسهم بووع تصور واض ،حول املدخالت ،والسيرورات العملية ،واملخرجات،
والفيدباك
-33االستجابة الفورية لطلبات املدرسين من مساعدات ،ونصائح ،وتوجوهات،
وإرشادات استشارية
-30تقديم كل املساعدات للمدرسين الذين يتقدمون لالمتحانات املهنية أو امتحانات
الكفاءة
-36إعداد التقارير التربوية التوصيفية
-22العمل على تحديد حاجيات املدرسين ،وووع برنامظ للتكوين والتأطير ،واألخذ
باملراقبة التربوية الفاعلة.
ً
هذه ي -إذا -أهم األدوار العامة والخاصة التي يجب على املفت التربوي القيام بها في
أجواء مناسبة وظروف ترسوية وإدارية الئقة.
وهكذا ،يتبين لنا أن خلق إطار مفت التعليم كان من أجل تحقيق مدرسة الجودة
والنجاح ،والرفع من مستوى املدرسة املغرسية ،وتأهيل املدرسين معرفيا وترسويا سيما
الجدد منهم لكي يصبحوا أساتذة أكفاء ،يمتلكون املهارات والقدرات الكافية للتحكم في
مسار العملية الديدكتيكية والبيداغوجية عن جدارة واستحقاق .ولكن البد من التنبيه أن
املفت التربوي ال يمكن أن يحقق النجاح في عمله اليومي إال إذا تم تحفيزه وت جيعه ماديا
ومعنويا ،وتوفرت له الظروف املناسبة وأجواء العمل الالئقة به ،وتم اختياره من ذوي
الكفاءات الجادة الذين لهم الشهادات العليا .فال يعقل منطقيا وال عمليا أن يؤطر مفت
مجاز زميال له حاصال على درجة املاجستير أو الدكتوراه ألن ذلك سيسبب -بال ريب-
مشاكل كثيرة لنساتذة املدرسين .وسالتالي ،سيولد األحقاد والعداوة بينهم .وتفاديا لكل هذه
املشاكل العويصة ودرءا لها البد من اختيار من تتوفر فيه الكفاءة العلمية واملهنية حيث
يكون قادرا على التواصل والتنسيق بين املدرسين ،واثقا من نفسه ،وواثقا أيضا من قدراته
العلمية والعملية ،متأكدا من ملكاته املعرفية والبيداغوجية ،متمكنا كذلك أيما تمكن من
ليات التأطير والتكوين واملراقبة وإعداد العدد الديدكتيكية والبيداغوجية.
91
رابعا ،رجال اإلدارة:
إذا كان املتعلم هو املحور األساس في العملية التعليمية /التعلمية ،وفي كل عملية
تنشيطية ألنه هو املستهدف بالتكوين تكوينا سليما واحيحا قصد تهذيبه وجدانيا،
وتنميته معرفيا ،وتحفيزه حركيا ،والعمل على رعايته رعاية صالحة ،وتنشئته تنش ة
إسالمية قائمة على املواطنة ،والحفاظ على الهوية ،واالنفتاح على اإلنسانية وثقافة اآلخر
فإن أهمية اإلدارة املدرسية تكمن في التخطي املستمر ،وتنفيذ املقررات الرسمية،
والسهر على تدبير املنا ا واللرامظ واملقررات الدراسية ،وتقويم العملية التعليمية-
التعليمية.فضال عن التأطير التربوي ،والتنظيم الدراهاي ،والتنسيق اإلداري ،والتنشي
التربوي ،والعمل على تقوية التواصل بين مختلف املتدخلين في الحياة املدرسية .ومن ثم،
يتوقف نجاحها على مدى مساهمتها في تفعيل املنظومة التربوية ،واقتراح مشاريع ترسوية أو
مادية مدعمة من قبل هي ة التدريس سيما أعضاء مجلس التدبير.
وينبغي أن تكون هذه املشاريع مبنية على خطة تشاركية تنفتح املؤسسة من خاللها على
محيطها الذي يسمح لها باستثمار إمكانياتها املتوفرة .ولن يتأت ذلك إال إذا كانت اإلدارة
تؤمن بالديمقراطية ،والتواصل ،واالنفتاح ،والشراكة .ثم ،تعمل على تحقيق حرية أكلر في
إطار الالتركيز .وفي هذا الصدد ،يقول محمد الدريظ:
" يتطلب مشروع اإلصالح حرية أكلر للمؤسسات في إطار الالمركزية ،وتفتحها على محيطها
االقتصادي واالجتماعي والثقافي ،وإقامتها ملشاريع ترسوية وعالقات شراكة102".
ومن هنا ،فإن هي ة اإلدارة التي نتحدث عنها ي اإلدارة الفاعلة التي تتشكل من فريق
متكامل يقوده مدير ومدبر قائد ومبدع بامتياز ،يحترم املبادرة ،ويحفز املوارد البشرية
ماديا ومعنويا ،وي جع السلوكيات اإليجابية ،ويحث على الحوار .وسالتالي ،ينفتح على
املدرسين ،واآلباء ،وشركاء املؤسسة .وهذا ما يدعو إليه امليثاق الوطني للتربية والتكوين
بقوله:
-102محمد الدريظ :مشروع الؤسسة والتجدلد التربوي الي الدرسة الغربية ،الجزء األول ،منشورات رمسيس،
الرسا ،املغرب،الطبعة األولى سنة 3663م،ص.33:
92
" يتمتع املشرفون على تدبير املؤسسات التربوية واإلدارات املرتبطة بها بنفس الحقوق
املخولة للمدرسين ،وعلوهم الواجبات التربوية نفسها ،وساألخ :الحوار والتشاور مع
املدرسين واآلباء واألمهات وسائر األولياء وشركاء املؤسسة".103
ويقوم الحارس العام والناظر في هذا الفريق(الذي يقوده مدير مدبر ديمقراطي) بدور
حاسم ومركزي إذا توفرت لديهما اإلرادة والعزيمة ،وكانا يشتغالن في ظروف حسنة ،بحكم
موقعهما وقربهما من جميع املتدخلين في تفعيل الحياة املدرسية وتنشيطها.
ومن جهة أخرى ،يقوم املدير بعدة أدوار مهمة ،مثل :التخطي ،والقيادة ،واإلدارة،
وتنظيم العمل ،والتنسيق بين املدرسين ،وتوزيع املهام ،وتدبير العمل وتنفيذه ،والتواصل
مع املتعلمين واملدرسين وأعضاء اإلدارة والشركاء واملشرفين التربويين ،ثم تقويم املهمة،
والقيام باملراقبة والتتبع واملواكبة الدائمة.
-103انظر :امليثاق الوطني للتربية والتكوين الصادر عن وزارة التربية الوطنية املغرسية ،املادة ،30ص.32:
93
فردين أو أكثر ومن نسق مجتم ي معين .ويتخذ هذا التفاعل بين الذوات طابعا تبادليا
بامتياز.ومن ثم ،يبدو أن التفاعل االجتماعي قد يكون موووعا ،أو سيرورة ،أو وجهة نظر
ألننا نتحدث عن املنظور التفاعلي في علم االجتماع .وقد تكون التفاعالت لفظية أو غير
لفظية ،إيجابية أو سلبية أو مختلطة.
ً
إذا ،يقصد بالتفاعل االجتماعي تلك العالقات التي تقوم بين فرد و خر ،أو بين جماعة
وأخرى ،أو بين فرد وجماعة .ويستند هذا التفاعل إلى مجموعة من املواقف االجتماعية في
شكل مثيرات واستجابات ،وتكون مبنية على عالقات إيجابية أو سلبية أو مختلطة تجمع
بين ماهو سل ي وإيجابي .ويتخذ هذا التفاعل طابعا سيكواجتماعيا ألنه مبني على
مجموعة من العالقات االجتماعية الوجدانية املقبولة ،مثل :املحبة ،واملودة ،والصداقة،
والتفاهم ،والتعاي ،والتسامح ،.....أو العالقات املرفووة ،مثل :التنافر ،والكراهية،
والحقد ،والعدوان ،والرفض ،واإلقصاء ،والتغريب ...وستعبير خر ،التفاعل االجتماعي هو
فعل ورد فعل ،فالتحية وردها هو نوع من التفاعل أو التبادل االجتماعي.
ويعني هذا أن التفاعل االجتماعي من أهم املواويع التي يعنى بها علم النفس االجتماعي
الذي يدرس األفراد في حضن املجتمع في ووء أسس سيكولوجية شعورية أوالشعورية
بالتركيز على العالقات اإلنسانية الوجدانية والنفسية التي تجمع الذوات ببعضها البعض ،
ومن جماعات صغرى أو متوسطة أو كلرى .وفي هذا الصدد ،يقول خليل ميخائيل
معو ،في كتابه (علم النفس االجتماعي):
" علم النفس االجتماعي فرع من فروع علم النفس ،يتناول سلوك األفراد والجماعات
وتفاعلهم خالل املواقف االجتماعية املختلفة ،ودراسة العوامل التي تؤثر في هذا التفاعل
والعمليات النفسية التي تحدث أثناء هذا التفاعل.ومايترتب على هذا التفاعل من اكتساب
الفرد التجاهات وقيم وأساليب سلوكية معينة ترضاى عنها الجماعة ،وأثناء عمليات
94
التفاعل االجتماعي يتم تأثير متبادل بين األفراد بعضهم مع بعض ،وسين الجماعات بعضها
مع بعض ،وسين األفراد والجماعات.
ً
فعلم النفس االجتماعي -إذا -يتناول سلوك األفراد االجتماعي املعقد داخل الجماعات،
سلوك األفراد السل ي واإليجابي خالل املواقف االجتماعية ،وعلم النفس االجتماعي بذلك
يختلف عن علم االجتماع الذي يدرس الظواهر االجتماعية واملشكالت االجتماعية وطرق
حلها أو عالجها104".
ويعني هذا أن علم النفس االجتماعي يركز كثيرا على عملية التفاعل االجتماعي في مختلف
تجلياته التواصلية ،والسيكولوجية ،واالجتماعية.
وعلى أي حال ،فالتفاعل االجتماعي هو بمثابة تواصل سلوكي أو تبادل بين الذوات تحفيزا
واستجابة ومن مواقف اجتماعية معينة ،تنتظ عنها سلوكيات وقيم تواصلية معينة.
وستعبير خر ،هو فعل ورد فعل .وقد عظم دور التفاعل االجتماعي كثيرا بفعل العوملة،
وانتشار وسائل اإلعالم الفضائي والرقمي.
ويعني هذا أن التفاعل االجتماعي -حسب محمد ياسر الخواجة وحسين الدريني -هو ذلك"
السلوك في حضور اآلخر ،فيؤثر كال التبادل بين األشخاص ،بحيث يصدر كل شخ
منهما في اآلخر .بعبارة أخرى ،هو العملية التي تتم بواسطتها مالحظة الفرد لآلخرين تكون ي
نفسها بمثابة منبه لهم فيستجيبون له.أي :إن استجابة الفرد لآلخرين تكون ي نفسها
بمثابة منبه لهم فيستجيبون له استجابات تصبح بدورها منبها للفرد .فعندما يقوم املدرس
بشرح الدرس لتالميذه ،يعروهم لعديد من املثيرات واملنبهات االجتماعية (كحديثه-
إيماءاته -إشاراته -حركاته) ،فيستجيبون له ( بإظهار االهتمام والحماس أو بالكسل وعدم
-104خليل ميخائيل معو :علم النفس االجتماعي،دار النشر املغرسية ،الدرا البيضاء ،املغرسية ،الطبعة األولى
سنة 3602م ،ص.36:
95
االنتباه) ،تلك االستجابات تصبح مثيرا جديدا للمدرس ،فيزداد في التوويح واألمثلة
والحركة ،مثال ،أو ينتابه امللل ويختصر الحديث ،وهكذا يكون سلوك كال منهما منبها لآلخر
ومؤثرا فيه.
واليقتصر التفاعل االجتماعي على مايدور بين فرد و خر بل قد يكون بين جماعة وأخرى.
ففريق كرة القدم يمثل جماعة تتفاعل مع الفريق اآلخر أو الجماعة األخرى.كما بينت
الدراسات أنه إذا قامت جماعتان بأداء العمل نفسه بحيث تكون كل جماعة مستقلة عن
األخرى ،ولكنها تراها وتكون على علم بوجودها (جماعات العمل معا) ،فإن ذلكم يؤثر في
األداء واإلنتاجية105".
ومن هنا ،يكون التفاعل االجتماعي فرديا أو جماعيا أو مختلطا ،وقد يكون تفاعال لفظيا،
أو سلوكيا ،أو حركيا ،أو إشاريا ،أو سيميائيا بصفة عامة.
" التفاعل االجتماعي هو العملية التي نقوم بها بالفعل ورد الفعل تجاه من حولنا وكثير من
الجوانب التي تبدو في سلوكنا اليومي قليلة األهمية في ظاهرها تتكشف عند استقصائنا لها
عن نواح معقدة ومهمة من التفاعل االجتماعي.ففي أغلب التفاعالت يكون لقاء العين
بالعين عابرا وسريعا ،غير أن النظرة التي نمعن فوها في التحديق باآلخرين قد تكون إشارة
تدل على العداء في بعض املجاالت األساسية التي يركز علوها علم االجتماع ألنها تلقي
الضوء على كثير من الجوانب في الحياة االجتماعية"106.
-105محمد ياسر الخواجة وحسين الدريني :الوجز الي علم االجتماع ،مصر العرسية للنشر والتوزيع ،الطبعة
األولى سنة 22333م ،ص.02-06:
-106أنتوني غدنز :علم االجتماع ،ترجة :فايز الصياغ ،مركز دراسات الوحدة العرسية ،بيروت ،لبنان ،الطبعة
األولى سنة 2223م ،ص.302:
96
وعليه ،يتحقق التفاعل داخل املؤسسة التربوية إما بشكل إيجابي ،وإما بشكل سل ي .وقد
يتخذ هذا التفاعل اتجاها أفقيا أو اتجاها عموديا من جهة ،أو اتجاها داخليا أو اتجاها
خارجيا من جهة أخرى.
وقد يتحقق هذا التفاعل التواصلي على صعيد اإلدارة ،أو على صعيد املتعلمين ،أو على
صعيد املدرسين .بمعنى أن ثمة عالقات تجمع بين رجال اإلدارة بعضهم البعض ،وسينهم
وسين املدرسين واملتعلمين.ومن ثم ،يدخلون في عالقات إيجابية قائمة على املحبة ،واملودة،
والصداقة ،والتعاون ،والتفاهم ،والتواصل ،والتعاي ،واالنصهار الجماعي .وقد تكون
العالقات سلبية قائمة على الحقد ،والنفور ،والكراهية ،واإلقصاء ،والتغريب ،والنبذ...
ومن ثم ،البد للمدبر اإلداري ،أو املدبر التربوي ،أن يخلق أجواء دراسية مفعمة بالسعادة
والحبور واملرح قصد توفير حياة مدرسية هادئة وسعيدة ومريحة لسجميع.
وقد ،يتخذ التواصل ،في نطاق الحياة املدرسية ،مظهرا لفظيا وغير لفظي .كما يتخذ طابعا
اجتماعيا تفاعليا حيث ينصهر الكل في جماعات صغرى وكلرى داخل املؤسسة التربوية .
وتتكون كل جماعة (جماعة اإلدارة ،وجماعة املدرسين ،وجماعة املتعلمين) من مجموعة
من األفراد الذين يتأثرون ويفكرون ويحكمون ويرون األشياء بمنظار الجماعات التي
ينتمون إلوها ،والتي بدورها تتطور في حضن السياق االجتماعي الذي أفرزها .ويالحء أن هذا
النموذج التفاعلي والتواصلي ينتمي إلى علم االجتماع ،وخاصة علم النفس االجتماعي الذي
يرصد مختلف العالقات النفسية واالجتماعية بين املتواصلين داخل السياق االجتماعي.
وهذا ما يجعل هذا النظام يسهم في تأسيس علم تواصل الجماعة ( la communication de
.)groupeومن أهم مفاهيمه اإلجرائية :مفهوم السياق االجتماعي ،واالنتماء إلى الجماعة.
ويعني هذا أن اإلدارة التربوية الحقيقية ي التي تحتكم إلى مبدأين رئيسين هما :التواصل
مع املتعلمين واملدرسين والشركاء الداخليين والخارجيين وفق متطلبات التواصل اللفظي
وغير اللفظي ،والتفاعل مع هؤالء وفق علم النفس االجتماعي املبني على االحترام،
97
والتقدير ،والتفاهم ،والتعاي ،والتسامح ،والتعاون ،والتضامن من أجل تحقيق جودة
املنظومة التربوية باملغرب ،والرفع من مستواها كما وكيفا.
ومن جهة أخرى ،اليمكن الحديث عن تدبير إداري أو ترسوي جيد وناجع وفعال وهادف إال
إذا احتكم إلى سياسة إدارية خاوعة للعقلنة واملشروعية والعمل املنتظ بتنظيم العمل،
وتقسيم املسؤوليات ،وإشراك الفاعلين ،وتوجيه سياسة التدبير نحو تحقيق األهداف
اإليجابية ،والس ي من أجل تحقيق اإلنتاجية الكمية والنوعية باحترام معايير الجودة،
والتميز ،والتنافسية.ويعود هذا كله إلى قيادة ديمقراطية جادة ومدبرة حكيمة تحسن
واالستشراف ،وتؤمن بالتوجيه وتنظيم العمل ،وتكثر من املواكبة والتتبع التخطي
واملحاسبة والتقويم ،وتستشرف املستقبل األفضل.
واليمكن الحديث عن تنظيم للعمل وتقسيمه إال في إطار بيروقراطية علمية ،وعقالنية
مشروعة ،وتوزيع للمهام وفق الكفاءة واالستحقاق كما يبدو ذلك جليا في تصور ماكس
فيلر ( )Max Weberالذي يعد من مؤس اي علم اإلدارة الحديثة .وقد تحدث كثيرا عن
مجموعة من املفاهيم اإلدارية والتنظيمية ،مثل :السلطة ،والشرعية ،والبيروقراطية،
والهرمية اإلدارية ،ومبدإ الكفاءة...و قد أدلى بتصورات مهمة حول التنظيم واملنظمات.
وسذلك " ،قدم فيلر أول تفسير منهجي لنشأة املنظمات الحديثة .فهو يعتلرها سبيال لتنسيق
أنشطة البشر وما ينتجونه من سلع بأسلوب مستقر ومستمر علر الزمان واملكان.وأكد
فيلر أن نمو املنظمات يعتمد على السيطرة على املعلومات ،وشدد على األهمية املركزية
للكتابة في هذه العملية :فاملنظمة ،في رأيه ،تحتاج إلى تدوين القواعد والقوانين التي
تستهدي بها ألداء عملها ،مثلما تحتاج إلى ملفات تختزل فوها ذاكرتها.ورأى فيلر أن املنظمات
98
تتميز بطبيعتها بنظام ترات ي ومرات ي في الوقت نفسه مع تركز السلطة في مستوياته
العليا107".
ومن هنا ،البد من التوقف عند مفهوم إداري مهم ،بالشرح والتوويح والتحليل ،وهو
مفهوم البيروقراطية اإلدارية .وتعني هذه الكلمة املكتب أو املوظفين الجالسين إلى مكاتبهم
لتأدية خدمات عامة .ولقد ظهرت البيروقراطية ،في القرن السابع عشر ،لتدل على املكاتب
الحكومية .وقد استعمل املصطس ،من قبل الكاتب الفرن اي ديغورني سنة 3323م الذي
جمع بين مقطعين هما :بيرو الذي يعني املكتب ،وكراتيا الذي يعني الحكم .وبعد ذلك،
أطلقت البيروقراطية على كل مرافق الدولة من مدارس ،ومستشفيات ،وجامعات،
ومؤسسات رسمية...كما تدل كلمة البيروقراطية على القوة ،والسلطة ،والنفوذ ،والسيادة.
وقد ظهرت البيروقراطية لتنظيم العمل وتسهيله والتحكم فيه برمجة ،وتخطيطا ،وتدبيرا،
وتوجوها ،وقيادة ،وإشرافا ،وتقويما .وسالتالي ،فالبيروقراطية نتاج للرأسمالية والعقالنية
والحداثة الغرسية ،ونتاج لتقسيم العمل وتنظيمه إداريا.
موق ـ ــف س ـ ــل ي :مف ي يياده أن البيروقراطي ي يية تنظ ي يييم إداري روتين ي ييي ومعق ي ييد وسط ي يييء ف ي ييي أداء
الخ ييدمات العام يية مم ييا دف ييع بل يزاك إل ييى الق ييول ب ييأن البيروقراطي يية ييي" الس ييلطة الكل ييرى الت ييي
يمارسها األقزام"108
موقــف إلجــابي :ينظيير إلييى البيروقراطييية نظييرة متميييزة ،علييى أسيياس أنهييا طريقيية فييي تنظيييم
العمييل وتييدبيره وفييق خطيية عقالنييية هادفيية .وميين ثييم ،فهييي نمييوذج لسحييرص والدقيية والكفيياءة
- 107أنتوني غدنز :علم االجتماع ،ترجمة فايز الصياغ ،مركز دراسات الوحدة العرسية ،بيروت ،لبنان ،الطبعة
الرابعة2223 ،م ،ص.220:
- 108أنتوني غيدنز :علم االجتماع ،ص.226:
99
والفعالي يية اإلداري يية ،م ييادام هن يياك احتك ييام إل ييى التعليم ييات واألوام يير واإلجي يراءات التنظيمي يية
الصارمة109
موق ــف وسـ ـ واعت ــدال :ويمثل ييه م يياكس فيل يير ال ييذي داف ييع ع يين البيروقراطي يية بمختل ييف
إيجابياتهي ييا وسي ييلبياتها .ويتخي ييوف أن تحيي ييد البيروقراطيي يية عي يين أهي ييدافها الحقيقيي يية ،فتصي ييبح
أسلوسا ملمارسة القوة والتسل والرقابة.
و الي ييوم ،ينظ يير كثي يير م يين الن يياس إل ييى البيروقراطي يية نظ ييرة س ييلبية ألنه ييا تحي ييل عل ييى ال ييب ء
والروتين والفساد اإلداري ،وتعقيد اإلجراءات الشكلية واملساطر اإلدارية .فيي حيين ،يعتلرهيا
ميياكس فيليير أسيياس العقالنييية والتقييدم واالزدهييار الرأسييمالي الحييديث .ويعنييي هييذا أن ميياكس
فيل يير ي ييدافع ع يين البيروقراطي يية الت ييي تق ييوم عل ييى الش ييرعية ،والعقالني يية ،والحداث يية ،والكف يياءة
املهنية والحرفية والعلمية.
وقييد ووييع فيليير نموذجييا " يحييدد مفهومييا مثاليييا للبيرقراطييية يتفييق مييع التوجهييات التييي كانييت
سييائدة فييي عصييره ،وقييد أصييبح هييذا النظييام ميين أكثيير األنظميية اإلدارييية الشييائعة بعييد الثييورة
الصناعية ،فكان البد من وجود نظام إداري يستطيع التعاميل ميع التوسيع الهائيل فيي اإلنتياج
الصييناعي ،ومييا نجييم عنييه ميين تضييخيم فييي املؤسسييات االقتصييادية والصييناعية واالجتماعييية،
ومييارافق ذلييك ميين تعقيييد فييي الحييياة البشييرية ،وتبييين أنييه ميين الصييعوسة بمكييان أن يسييتطيع
واح ييد القي ييام بأعم ييال متع ييددة ومعق ييدة ف ييي ن واح ييد ،وه ييذا ك ييان م يين املل ييررات الت ييي ش ييخ
دفع ييت فيل يير إل ييى البح ييث ع يين تنظ يييم إداري ق ييادر عل ييى و ييب ومراقب يية املهم ييات الص ييناعية
ويمن نظيام هرميي ،بحييث املختلفة ،فقام بتحديد املهام واألدوار والصيالحيات لكيل شيخ
يكييون الفييرد وييمن هييذا التنظيييم تابعييا لييرئيس واحييد ،ويتبعييه فييي الوقييت نفسييه مجموعيية ميين
املر وس ييين ،وح ييدد فيل يير مه ييام وص ييالحيات وأدوار املر وس ييين بدق يية و ييمن ل ييوائح وإج يراءات
- 109نفسه ،ص.226:
100
وقواعيد مكتوسيية ،وسيذلك تييتحكم فييي سيلوك الجماعيية البيروقراطييية مجموعية وييواب مقننيية
جامدة110".
وم يين ث ييم ،تق ييوم البيروقراطي يية عل ييى العالق ييات الس ييلطوية ،واحت يرام مجموع يية م يين اإلج يراءات
والقواع ييد الرس ييمية والتنظيمي يية الت ييي ت ييتحكم ف ييي العم ييل ،ومراع يياة الس ييلم اإلداري ،واألخ ييذ
بالتراتبييية اإلدارييية الهرمييية (الهيرارشييية) ميين الييرئيس إلييى امليير وس ،أو ميين القميية إلييى القاعييدة
(البنييية الطويليية أو السييطحية) ،أو ميين املركييز إلييى غييير املركييز ،واالحتكييام إلييى الخلييرة والكفيياءة
واالس ي ييتحقاق دون السج ي ييوء إل ي ييى العالق ي ييات اإلنس ي ييانية وال خص ي ييية .أو ي ييف إل ي ييى ذل ي ييك األخ ي ييذ
باملسيتويات اإلدارييية (العليييا ،والوسيط ،والييدنيا) ،واحتيرام التسلسيل اإلداري ،وهييذا كلييه ميين
أجل خدمة املصسحة العامة ،وتجويد املنتظ ،وتحسين األداء وتنظيمه كما وكيفا .ويعني هذا
أن البيروقراطي يية وج ييدت م يين أج ييل" تس ييريع العم ييل ،وتقلي ييل األخط يياء ،والدق يية ف ييي اإلنج يياز،
واملحافظ ية علييى حقييوق املوظييف والصييال ،العييام ،وليسييت بييالعكس ،كمييا أصييبح يحييدث فييي
أكثيير األحيييان علييى أر الواقييع ،بحيييث إننييا نالحييء إفيرازات سييلبية ،إسيياءات للبيروقراطييية ،
واأله ييم م يين ذل ييك أنه ييا أث ييرت ف ييي الن يياس ف ييي و ييوء التعقي ييد ال ييذي يلقون ييه .وإن رسي ي التعقي ييد
بالقطيياع الحكييومي بشييكل أكليير ميين القطيياع الخيياص اييحيح ،هييذا واقييع ألن القطيياع الخيياص
يحييرص فيييه صيياحب املؤسسيية الخاصيية علييى عملييه ،ألنييه يحقييق هييدفا رسحيييا وأحيانييا سييريعا،
وهييو حييارس دائييم وقييائم علييى عملييه وموظفيييه بييالحوافز وسالحسييم إذا احتيياج لييذلك ،ولكيين
الحييارس اإلداري فييي القطيياع الحكييومي لديييه أولويييات تختلييف بعييض الشييايء ،والرقابيية كييذلك
تختلف بسبب اتساع القطاع الحكيومي وججميه ومقيياس اإلنتياج ورسطيه بيالحوافز ،وكميا أن
وواض ،شبه غائب في قطاعنا الحكومي111". التقويم بشكل مخط
- 110إبراهيم بن عبد العزيز الدعيسا :اإلدارة حقا ق تتجدد ،مكة املكرمة ،اململكة العرسية السعودية ،الطبعة
األولى سنة 2232م ،ص.02:
- 111إبراهيم بن عبد العزيز الدعيسا :اإلدارة حقا ق تتجدد،ص.03:
101
وعلي ي ييه ،يع ي ييد م ي يياكس فيل ي يير رائ ي ييد األس ي ييلوب البيروقراط ي ييي الح ي ييديث حي ي ييث رسط ي ييه بالس ي ييلطة
العقالنية الشيرعية املنظمية مين جهية ،و الهيرارشيية الهرميية مين القمية إليى القاعيدة مين جهية
أخي ييرى ملي ييا لهي ييا مي يين فوائي ييد عمليي يية في ييي رفي ييع اإلنتي يياج واملردوديي يية الكميي يية والكيفيي يية ،وتحقيي ييق
الفاعلي يية ،واحتي يرام اللي ييوائح القانوني يية والتنظيميي يية غيي يير الخاو ييعة مل ي يزاج الي ييرئيس أو املي ييدبر
اإلداري .عالوة على وحدة األمر ،ونطاق اإلشراف ،ومبدإ التدرج الهرمي...
واليعني هذا أن البيروقراطية مفهوم حديث العهد ،بل عرفته الشعوب القديمة كذلك .وفي
هذا الصدد ،يقول أنتوني جيدنز(:)A.Giddens
لم يكن ثمة مناص ،في نظر فيلر ،من انتشار البيروقراطية في املجتمعات الحديثة،
فالسلطة البيروقراطية ي األسلوب الوحيد للتعامل مع املتطلبات اإلدارية واألنساق
االجتماعية.ومع تزايد التعقد في املهمات والواجبات غدا من الضروري تطوير أنظمة
الضب والسيطرة واإلدارة ملعالجتها.من هنا ،فقد نشأت البيروقراطية باعتبارها االستجابة
102
األرشد واألكفأ لتلبية هذه االحتياجات.غير أن فيلر نبه إلى كثير من جوانب القصور
واإلعاقة التي يحملها التنظيم البيروقراطي".112
ولتحديد البيروقراطية بشكل دقيق ،التجأ ماكس فيلر إلى رسم نموذج مثالي مجرد ،يحدد
مواصفات البيروقراطية األساسية والجوهرية ،ويستجلي سماتها ومكوناتها الشكلية في
النق التالية:
توز ع السلطة الي شكل تراتبية هرمية ،ومراتب واضحة .ويعني هذا أن اإلدارة عبارة
عن شجرة بمجموعة من الفروع ،واملكاتب ،والرتب .وهناك سلطة عليا تقوم بمهمة إصدار
القرارات واألوامر من القمة العليا إلى القاعدة الدنيا .وتكون تلك األوامر عبارة عن مهام
وأداءات ينبغي تنفيذها من قبل الذين يوجدون في الرتب الدنيا أو املكاتب الفرعية .وستعبير
خر ،هناك سلطة مركزية تصدر األحكام والقرارات واألوامر والنوا ي ،وتوزع األعمال
واملهام على املر وسين لتنفيذها بشكل ترات ي وهرمي.
خضوع اإلدارة الا روقراطية للقوان ح الكتوبة والتعليمات عكى جميع الستويات
واألصعدة .بمعنى أن اإلدارة تلتزم وتتقيد بمجموعة من التشريعات والقوانين الداخلية أو
الخارجية على مستوى التدبير ،والتسيير ،والقيادة ،واإلشراف مما يجعل هذه اإلدارة
تشتغل برتابة وروتين وس ء .ويستلزم هذا نوعا من املرونة في التسيير ،والقيادة ،وإصدار
القرارات املناسبة.
يعمل الوظفوح الي إطار الا روقراطية بدوام كامل مع تقاض أجر وتعويضات عن
العمل .ويعني هذا أن املوظف مرتب بأوقات عمل محددة قانويا.ثم،يحصل على أجر
مقابل ذلك العمل .ويتحدد األجر أو التعويضات حسب األقدمية أو الكفاءة أواالستحقاق.
إح الوظف ح الي التنظيمات الا روقراطية اللملكوح الوارد الادلة والالية التاحة،
بل لجدونها عند الدولة أو عند مالكي وسا ل اإلنتاج.ويعني هذا أن" نمو البيرقراطية ،على
ما يرى فيلر ،تفصل بين العاملين من جهة والسيطرة على وسائل اإلنتاج .ففي املجتمعات
التقليدية ،يسيطر املزارعون والصناع ،في العادة ،على عمليات اإلنتاج ،ويمتلكون األدوات
التي يستخدمونها.أما في التنظيمات البيروقراطية ،فإن املواطنين اليمتلكون املكاتب التي
يعملون فوها والمايستخدمونه من معدات وتجهيزات113".
ومن هنا ،فالبيروقراطية أساس الحداثة املتقدمة ،وأساس الدولة املنظمة الراشدة التي
تؤمن بالعقالنية .وقد " كان فيلر يعتقد أن اقتراب املنظمة من النموذج املثال
للبيروقراطية يجعلها أكثر كفاءة في مساعوها للوصول إلى األهداف التي قامت من أجلها
أساسا.كما أنه كان يرى أن البيروقراطية تتفوق من الوجهة الفنية والتقنية على أشكال
التنظيم األخرى كافة .وكثيرا ما أشار إلى البيروقراطية بوصفها باملاكنة املتقدمة
فالبيروقراطية ي التي ترتقي باملهارات إلى حدودها القصوى ،وتشدد على الدقة والسرعة
في إنجاز املهمات املحددة114".
- 113نفسه ،ص.233-232:
- 114نفسه ،ص.233:
104
التشاركية ،وتحفيز املوظف ماديا ومعنويا ،ثم ترقيته على أساس املبادرة والقدرات
الكفائية ،ومراعاة العالقات اإلنسانية التي تتحكم في العمل اإلداري .ويمكن ،أن ينتظ عن
تعدد املكاتب والسجان اإلدارية تعقيد في املساطر اإلدارية وتباطؤ في تنفيذها .في حين،
تطالب اإلدارة باملرونة واليسر ملنافسة اإلدارات األخرى سيما اإلدارة ذات التوجه
الخصوصاي .وفي هذا الصدد ،يقول أنتوني غيدنز:
" إن فيلر ،في تحليله للبيروقراطية ،قد أولى اهتمامه الرئي اي للعالقات الرسمية التي
تحددها القواعد واألنظمة الداخلية في املؤسسة ،غير أنه لم يتحدث عن الرواب
ال خصية والعالقات التي تدور في نطاق ويق بين الجماعات في جميع املنظمات.وتبين لنا
من دراسات موسعة األساليب غير الرسمية ألنشطة املنظمات تتيح مجاال واسعا للمرونة ،
وتف ،الفرصة لتحقيق غايات املؤسسة بطرائق أخرى .وفي مقدمة الدراسات املرجعية
التي تناولت العالقات غير الرسمية تلك التي أجراها بيتر بلو ( )Blau1963في إحدى الدوائر
الحكومية املختصة بتقصاي املخالفات واالنتهاكات لقوانين وريبة الدخل .ففي هذه
الدائرة ،كان على املوظفين والعاملين أن يناقشوا مثل هذه املخالفات أو األمر مع ر سائهم
واملشرفين علوهم ويتجنبوا استشارة زمالئهم الذين يماثلونهم في املرتبة الوظيفية .غير أن
هؤالء كانوا يتحاشون الرجوع إلى ر سائهم في مثل هذه القضايا خشية أن يفسر ذلك
باعتباره دليال على عدم كفاءتهم ،ويقلل بالتالي من فرص ترقيتهم إلى مرتبة أعلى .ومن هنا،
فقد درجوا على التشاور بين بعضهم البعض ومخالفة التعليمات الرسمية بهذا الصدد.
ولم يقتصر تصرفهم هذا على تمكينهم من تقديم حلول عملية ملموسة ومباشرة لتلك
القضايا ،بل إنه خفف من املخاوف التي كانت تنتابهم من جراء العمل بصورة منفردة
وسمعزل عن اآلخرين.وكان من نتائظ ذلك أن نشأت وتعززت فيما بينهم منظومة متماسكة
من الوالءات على املستوى األولي لسجماعات البشرية العاملة في املرتبة الوظيفية نفسها،
ورسما كانت األساليب التي انتهجها هؤالء في معالجة القضايا واملشكالت التي واجهوها أكثر
105
كفاءة وأسرع إنجازا.فقد استطاعت املجموعة أن تنمي بين أعضائها سلسلة من اإلجراءات
غير الرسمية تتفوق على القواعد الرسمية للمنظمة في إذكاء روح املبادرة واإلحساس
باملسؤولية بين العاملين115".
ومن جهة أخرى ،يرى روسرت ميرتون( )Robert Mertonأن البيروقراطية أسلوب إداري
رتيب ومعيق للتطور واملنافسة والتقدم في العمل على أساس أن هذا األسلوب يسحق
الضرر باملؤسسة عاجال أو جال .وفي هذا ،يقول أنتوتي غيدنز:
" وووع عالم االجتماع األمريكي روسرت ميرتون ( 116)Robert Merton1957دراسة موسعة
عن النموذج املثال الذي طرحه فيلر عن املنظمة البيروقراطية .وسين هذا الباحث ،وهو من
كبار الباحثين في املدرسة الوظيفية ،أن البيروقراطية تنطوي على كثير من جوانب القصور
والعناصر التي قد تفضاي إلى إلحاق الضرر حتى في نشا املؤسسة نفسها.ومن متخذ
ميرتون على البيروقراطية أن موظفوها البيروقراطيين يدرسون على االلتزام املتشدد بالقواعد
واإلجراءات املكتوسة التي التترك لهم مجاال للمرونة في إصدار األحكام واتخاذ القرارات ،أو
الس ي إلى حلول وإجابات مبتكرة ملعالجة القضايا واملشكالت .وقد يؤدي ذلك إلى تصلب
ما يسمى الطقوس البيروقراطية التي تعلو فوها القواعد والقوانين على كل ماعداها من
األمور والحلول املحتملة .كما أن االلتزام املتزمت بهذه القواعد رسما يخفي أو يبدد األهداف
الفعلية للمنظمة ويصبح غاية بحد ذاته ،ويحجب عن البصر الصورة الكلية ألنشطة
املؤسسة .وتوقع روسرت ميرتون نشوء حالة من التوتر والتناقض بين املؤسسات
البيروقراطية ،والسيما الحكومية والعامة منها من جهة ،وجماهيرها العريضة من جهة
أخرى ،ألن انشغال املسؤوليسن البيروقراطيين بأداء مهماتهم وفق الروتين اليومي الذي
- 115نفسه ،ص.232-233:
116 -Robert Merton :The Sociology of Science ,Glencoe:free Press,1957.
106
درجوا عليه قد يخلق فجوة بينهم وسين مصال ،الناس واهتماماتهم واحتياجاتهم
الفعلية117".
ويرى مشيل فوكو ( )Michel Foucaultأن البيروقراطية تعني السيطرة على الزمان واملكان.
وسالتالي ،فهي أداة ملراقبة األجساد والتنصت علوها بمختلف الوسائل واألجهزة .واليتعلق
هذا بالدول املستبدة فحسب ،بل يتعدى ذلك إلى الدول الديمقراطية ككندا ،مثال .ويعد
فوكو اإلدارة رمزا للقوة والسلطة والتراتبية االجتماعية " فاملكاتب والرتب التي وصفها
فيلر بصورة مجردة تتخذ هنا أشكاال معمارية ،بل إن املباني التي تضم الشركات الكلرى
تنظم بصورة عامة تنظيما عموديا تكون فيه الطوابق العلوية مخصصة لذوي السلطة
والقوة األعلى في املنظمة .وكلما اقترب مكتب املوظف من قمة املبنى ،ازدادت دالئل اقترابه
من عملها ،والسيما في الحاالت التي يعتمد فوها النسق التنظيمي على العالقات غير
الرسمية .إن القرب الفيزيقي ييسر التفاعل والتواصل ين الجماعات األولية .بينما يؤدي
البعد املادي إلى استقطاب املجموعات ،وووع خطو فاصلة بين " هم" و" نحن" ،كما
يؤدي إلى التباعد بين دوائر املؤسسة وأقسامها .التستطيع املنظمات أن تعمل بكفاءة إذا
كانت أنشطة العاملين فوها متداخلة على نحو عشوائي .ففي الشركات التجارية ،كما أوض،
فيلر ،تتوقع من الناس أن يعملوا ساعات منتظمة ،كما ينبغي التنسيق بين األشطة ،من
الوجهتين الزمانية واملكانية ،وذلك ما يتحقق إلى حد بعيد عن طريق التقسيم املادي
ألماكن العمل من جهة ،وتنظيم الجداول الزمنية ألداء املهمات .ومن شأن ذلك ،كما يرى
فوكو ،توزيع األجسام أي الناس بطريقة تجتمع فوها الكفاءة والفعالية ،وبغير هذه
الترتيبات تدخل األنشطة اإلنسانية حالة من الفوضاى املطبقة .إن ترتيبات الغرف
وإذا كان األسلوب البيروقراطي يتسم باالستخدام السيئ ملعيار التخص ،واالستخدام
السيئ لإلجراءات الروتينية ،واالستخدام الخاطئ للتسلسل الرئاهاي ،واالستخدام الحرفي
لننظمة ،وااللتزام الجامد باللوائح والتعليمات فإن البيروقراطية الفيبيرية تتميز
بمجموعة من املواصفات واملقومات األساسية ،مثل :العقالنية ،والعمل الهادف،
والتخص ،والتراتبية ،والتسلسل اإلداري ،واملراقبة ،والكفاءة ،والتحفيز ،وتنظيم
العمل ،واتباع الرسميات ،واليتأثير القانوني ،ووحدة السلطة والقرار (وحدة األمر)،
والسلطة املركزية ،ونطاق اإلشراف ،ومبدأ التدرج الهرمي119..
وعليه ،يعد ماكس فيلر من أهم ممثلي املدرسة الكالسيكية في مجال التدبير ،وخاصة
ذلك االتجاه الذي ركز على السلطة في مجال اإلدارة واالقتصاد ،وتبيان أشكال تنظيمها،
إلى جانب ميشيل كروزيي) .(Michel Crozierبيد أن ماكس فيلر تميز بتقسيم السلطة إلى
أنواع ثالثة :السلطة الكاريزمية التي تعود إلى شخصية املسؤول اآلسرة التي تجعل اآلخرين
يلتزمون بأوامرها اقتناعا وإعجابا ،والسلطة التقليدية القائمة على األعراف والتقاليد
والوراثة ،والسلطة الوظيفية الرسمية (البيروقراطية).
وعلى العموم ،تتصف إدارة التميز بالجودة ،والفعالية ،والنجاعة ،والقدرة على
التنافسية ،واالشتغال في فريق ترسوي وإداري ،والعمل على تكوين متعلمين متفوقين
ومتميزين ومبدعين وقادرين على اإلنتاج واالبتكار .وتتسم هذه اإلدارة أيضا بالجودة كما
وكيفا ،والخضوع ملستلزمات الحكامة الجيدة على مستوى التخطي والتدبير والتقويم
املسؤولية باملحاسبة، وتسيير املؤسسة .ويعني هذا كله أن إدارة التميز ي التي ترس
- 118نفسه ،ص.233:
- 119إبراهيم بن عبد العزيز الدعيسا :نفسه ،ص.63-00:
108
واملواكبة ،واالفتحاص ،والتقييم .وتس ى جادة لخدمة الوطن واألمة بإرساء ثقافة حقوق
اإلنسان ،واالحتكام إلى الضمير األخالقي ،واألخذ بسياسة التشارك والشفافية
والديمقراطية في إسناد األدوار ،وتوزيع املهام واملسؤوليات .وسالتالي ،تحتكم إلى بروقراطية
فيبيرية عقالنية ،ومشروعة ،وهادفة ،ومثمرة.وتكون فاعلة مبدعة ومساهمة ومنافسة على
جميع األصعدة واملستويات.
ومن هنا ،يستوجب واقع التربية والتعليم أن تكون اإلدارة مبدعة بكل طاقمها التسييري،
فالبد أن تتمثل اإلدارة ليات التدبير والتخطي املعقلنين باعتماد املقارسة التشاركية،
والالمركزية النسبية ،واالستقاللية ،والتسيير الذاتي ،وتأهيل املوارد البشرية ،وتدبير
املوارد املالية ،واالنفتاح على محيطها املحلي ،والوطني ،والعاملي ،إلخ ....ويضاف إلى ذلك
ورورة تحديث اإلدارة شكال ومضمونا ،وعصرنتها باملعلوميات والحواسيب وأساليب
اإلدارة املعاصرة.
وترتكز املقارسة اإلبداعية في مجال التدبير وتسيير اإلدارة على اإلبداع واالبتكار واإلنتاج،
وتطوير التعليم وتجديده،وتحفيز التالميذ املتعلمين على العطاء واملردودية ،ومساعدتهم
على التخييل والتنفيذ واالختراع واالكتشاف ،وتنفيذ اإلنجازات املهمة التي ي في صال،
املؤسسة الثانوية اإلعدادية.
ومن سلبيات اإلدارة التربوية املغرسية اهتمامها املبالغ فيه بتنفيذ املذكرات الوزارية
الروتينية ،وعدم االهتمام بواقع التدريس من جهة ،أو العناية بالتنشي التربوي من جهة
أخرى .ويعني هذا أن اإلدارة التربوية التعنى بتفعيل الحياة املدرسية بكل مواصفاتها.
وسالتالي ،ال يحظ التنشي املدرهاي في مؤسسات التعليم باالهتمام الذي يستحقه .إذ
التشير التوجوهات اإلدارية الرسمية إليه إال في مناسبات االحتفال باألعياد واأليام الوطنية
والدولية ،وتبق هذه التوجوهات إلزامية نظريا دون أن تفعل إداريا وميدانيا بالشكل
109
املطلوب بسبب وعف املبادرة لدى الفاعلين التربويين ،من أساتذة ،وتالميذ ،ورجال
اإلدارة ،وغيرهم ...وانعدام املنشطين املتخصصين في هذا املجال.
وال يمكن لرجال اإلدارة -بحال من األحوال -ممارسة هذا الفعل التنشيطي بمفردهم
النعدام وقت الفراغ لديهم بسبب كثرة األعباء اإلدارية ،وانعدام املحفزات .حتى التالميذ
أنفسهم لم يعد لديهم الوقت الكافي ملمارسة هذه األنشطة الفنية والتثقيفية ،فما لديهم
ً
من أوقات الفراغ يقضونها في مراجعة الدروس .إذا ،فهم في صراع مستمر مع الزمن واملقرر
قصد الحصول على املعدل في االمتحانات الدورية ،أو اإلقليمية ،أو الجهوية ،أو الوطنية.
ويعني هذا أن النظام التعليمي الجديد عائق من عوائق التنشي املدرهاي إذ يجعل
التلميذ مجرد خزان للمعلومات ،وذاكرة لحشو األفكار وحفظها ونسيانها بعد االمتحان.
أوف إلى ذلك عائقا خر عندما تقف اإلدارة التربوية ججرة عثرة في وجه أي فعل تنشيطي
يريد أن يقوم به األستاذ أو التلميذ بدعوى أنه مضيعة للوقت ،وتهرب من الحص
الرسمية التي تخلو من التنشي .
ولهذا ،يجب على اإلدارة التربوية دعم النشا املدرهاي بت جيع املبادرات الفردية
والجماعية كيف ما كان مصدرها حتى نحارب رتابة الحياة املدرسية الحالية وكسادها،
ونحقق للمتعلم االندماج االجتماعي.
تنش هذه الجمعية في مجاالت متعددة ،تساعد التالميذ املعوزين ،وتل ي حاجياتهم
املادية ،وتقدم للتالميذ املتعثرين دراسيا حصصا في الدعم والتقوية ،وتنظم للمجتمع
110
املدرهاي محاورات وعرووا ،وتمنح للتالميذ املتفوقين جوائز ت جيعية .فضال عن قيامها
بأنشطة اجتماعية وترسوية وثقافية أخرى.
الجمعية الرياضية:
تنش هذه الجمعية في امليدان الرياضاي ،فتنظم املباريات واملسابقات بين األقسام أو
املؤسسات أو بين فرق األحياء ،ويمكن لها أن تقترح عدة أشكال من الشراكة مع الفعاليات
الرياوية املحلية أو الجهوية حتى الوطنية في مجال تبادل الخلرات الرياوية ،و اكتشاف
الالعبين املوهوسين.
وال نن اى املسحقين التربويين ،واملشرفين على االقتصاد واملراقبة املالية ،واملكلفين بالتوجيه
التربوي ملا لهم من دور كبير في بناء الحياة املدرسية ترسويا ،وإداريا ،ونفسيا ،واجتماعيا،
وماديا ،ومعنويا وما لهم أيضا من مساهمات جبارة في تفعيل الحياة املدرسية وتنشيطها ،
إن ي قامت بواجبها في مجال التنشي التربوي والثقافي أحسن قيام سواء على املستوى
التعليمي أم التوجيهي .
-120نفسه ،ص.23:
111
واجبه املساهمة في الرفع من قيمتها .وفي هذا الصدد ،يمكن تقسيم شركاء املؤسسة إلى
قسمين :شركاء داخليين ،مثل :األسرة ،وجمعية اآلباء وأولياء التالميذ وشركاء خارجيين
كالجماعة املحلية ،والفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين ،وغيرهم.
يرى دليل الحياة املدرسية أن األسرة تتدخل" بصفتها معنية بتتبع املسار الدراهاي ألوالدها،
ويتم ذلك بكيفية مباشرة ،وفي تكامل وان جام مع املدرسة ...أما جمعية باء وأولياء
التالميذ ،فتعتلر هي ة مساهمة في تنظيم الحياة املدرسية وتنشيطها121".
وقد أشارت املذكرة الوزارية رقم ، 20الصادرة بتاريق شعبان 3232املوافق ل ي 30فلراير
3662م إلى ورورة التعاون بين جمعية باء وأولياء التالميذ واملؤسسة التعليمية ألن هذا
التعاون وروري إلسعاد التلميذ ،وخدمة املؤسسة بتفعيلها ماديا ومعنويا ،وتحقيق
التكامل املنشود بين املؤسسة وهذه الجمعيات .ويتمثل التعاون في املشاركة الفعلية ألولياء
التالميذ في تدبير املؤسسة وصيانتها وتمويلها ،والحضور عن كثب لالطالع على ما يقوم به
فلذات أكبادهم من األنشطة التربوية التثقيفية .ويتطلب هذا التعاون كسر الحواجز
اإلدارية واالجتماعية والنفسية بين املؤسسة وجمعيات اآلباء...
والبد أن تشارك هذه الجمعيات -فعليا -في مجلس التدبير قصد مراقبة سلوكيات
املتعلمين ونتائجهم ،وإبداء املالحظات حول املنا ا واللرامظ ،وتتبع سير املؤسسة ،وتقديم
املساعدات للتالميذ املتعثرين في دراستهم ،وتتبع حالتهم الصحية وتغيباتهم .عالوة على
تمثيلهم مركزيا وال مركزيا ،والدفاع عن رغباتهم وطلباتهم املشروعة ،واملشاركة في بناء
مدرسة سعيدة قوامها األمل ،واملواطنة ،والديمقراطية ،واإلبداع ،والتجديد التربوي .والبد
من استحضار أولياء التالميذ ،وإشراكهم في اتخاذ القرارات الخاصة باملؤسسة سواء
التربوية منها أم املادية .وأي إقصاء أو تهمي لهم ،سينعكس سلبا على املردودية التربوية.
ويبق عمل املدرس غير كاف في القسم مادام لم يكمل في املنزل من قبل املتعلمين بمراقبة
أوليائهم لتحفيزهم وت جيعهم.
-121نفسه ،ص.23:
112
ويتبين لنا ،من خالل ما سبق ،أن دور األسرة وجمعية اآلباء دور مهم وفعال في تفعيل
الحياة املدرسية وتنشيطها.
على الجماعة املحلية أن تعطي األهمية للمؤسسة التعليمية املتواجدة في حدودها الترابية
باعتبارها مصدر تكوين رجال مستقبلها ألن املؤسسة تقوم بإعداد الشباب لسحياة العملية
املنتجة لفائدة الجماعة .وسناء على هذا الوعي ،تقوم الجماعة املحلية بواجبات الشراكة مع
املؤسسة ،واإلسهام في مجهود التربية والتكوين.
تعمل املدرسة الحديثة على إشراك مختلف الشركاء في تطوير لية اشتغالها ،وفي دعم
مشاريعها وأنشطتها املختلفة .ويقوم الفاعلون االقتصاديون واالجتماعيون بدور أساهاي في
رس املؤسسة بمحيطها ،وتمكين املتعلمين من االندماج في عالم الشغل مستقبال .فهم
يسهمون في الرفع من مردودية املؤسسة ،وتكوين أطرها البشرية ،وتقديم املساعدات
الالزمة املادية واملعنوية ،ويشاركون -إلى جانب املتدخلين اآلخرين في الحياة املدرسية -في
خلق مدرسة سعيدة مستقلة بإمكانياتها املادية والبشرية .ومن ثم ،تقتضاي الشراكة
عموما" التعاون بين األطراف املعنية ،وممارسة أنشطة مشتركة ،وتبادل املساعدات،
واالنفتاح على اآلخر ،مع احترام خصوصياته122".
وهكذا ،يبدو لنا ،باستعرا املتدخلين في تفعيل الحياة املدرسية وتنشيطها وتدبيرها ،أن
هناك تفاعال بين مكونات النسق التربوي الداخلي واملحي الخارجي علر مكون الشراكة
والتمويل والتنشي ،وأن الحياة املدرسية قوامها االنفتاح على املحي الذي يعد عنصرا
أساسيا في الجودة واإلصالح .فتنظيم األنشطة الثقافية أو الرياوية أو الفنية ،بالتعاون
مع مختلف الهي ات في ال ي أو في املدينة التي توجد فوها املدرسة ،ملن شأنه أن يساعد على
-122محمد الدريظ :مشروع الؤسسة والتجدلد التربوي الي الدرسة الغربية ،منشورات رمسيس ،املغرب ،الجزء
الثاني ،الطبعة األولى سنة ،3663ص.36:
113
إغناء التجرسة التربوية .وفي املقابل ،تقوم املؤسسة بتنظيم أنشطة لفائدة املواطنين في
ال ي أو املنطقة ،فتتحول املؤسسة بذلك إلى مركز ثقافي إشعاعي وترسوي يتسع ليشمل
الجهة بأسرها123.
أما مجالس املؤسسة ،فتحددها املادة 33من املرسوم الوزاري رقم 2.22.633بتاريق 33
يوليوز 2222م بعنوان (مجالس تدب رمؤسسات التربية والتعليم العمومي).
ونجد ،في دليل الحياة املدرسية ،عدة مهام موكولة لهذه املجالس ،نذكر منها -على سبيل
املثال -بعض مهام مجلس التدبير الذي يقوم" بدراسة برنامظ العمل السنوي الخاص
بأنشطة املؤسسة ،وتتبع مراحل إنجازه ،ويبدي رأيه بشأن مشاريع اتفاقيات الشراكة التي
تعتزم املؤسسة إبرامها125".
ويمثل مجلس التدبير السند والدعامة األساسية لهي ة اإلدارة في اتخاذ مبادرات شجاعة
تتعلق بمشاريع املؤسسة سعيا وراء االستقاللية ،وتحقيقا ملبدإ الالمركزية .كما تقوم
مجالس املؤسسة بدور كبير في تفعيل الحياة املدرسية وتنشيطها وتدبيرها ،إذا ما انتخبت
تتوفر املؤسسة على عدة مجالس يمكن أن تسهم في إثراء املؤسسة وتفعيلها على جميع
املستويات واألصعدة من خالل لم املتعلمين في بوتقة اجتماعية واحدة كالجالس
التعليمية والفرق التربوية التي تحتل مكانة بارزة في تنظيم الحياة املدرسية وتنشيطها
ودمقرطتها .وتتمثل في إبداء املالحظات واالقتراحات حول اللرامظ واملنا ا ،وسرمجة مختلف
األنشطة الثقافية واالجتماعية والرياوية ،وتحيين اإلمكانات والتدابير الالزمة لتنفيذها،
وغير ذلك من األعمال التنظيمية والتربوية ،وإن "اعتماد الفرق التربوية بمختلف
األسالك ،كتليات تنظيمية وترسوية ،ملن شأنه أن يقوي فرص نجاح التغييرات املرغوب فوها،
ولضمان فعالياتها ،وانتظام أنشطتها ،تحدد بشكل دوري مهام هذه الفرق ،وطبيعة
أعمالها ،ووظيفتها االستشارية في تنشي الحياة املدرسية.126"....
ومن أهم هذه املجالس املجلس التربوي ،و املجالس التعليمية ،ومجال األقسام ،ومجلس
التدبير.
- 126نفسه ،ص.22:
115
توجوهها إلى األكاديمية الجهوية للتربية والتكوين املعنية ،والتنسيق بين أساتذة مختلف
املواد املدرسة في املؤسسة املعنية .ثم ،تقديم اقتراحات هادفة وسناءة فيما يتعلق بتوزيع
التالميذ حسب الفصول والحجرات الدراسية ،وكيفية تدبير استعماالت الزمن .ثم ،إعداد
رزنامة لالمتحانات واالختبارات حسب إيقاعاتها الزمنية املناسبة ،وتبيان طرائق تدبيرها
وتقويمها ،ثم البت في طلبات املساعدة االجتماعية باقتراح أسماء املتعلمين الذين
سيستفيدون منها حسب معايير االستحقاق .ثم ،عروها على مجلس التدبير .فضال عن
التخطي املحكم ملختلف األنشطة الثقافية واألدبية والفنية والعلمية والتربوية حسب
دورتي السنة الدراسية ،وسرمجتها بشكل جيد.
أما في ما يتعلق باجتماع املجلس التربوي ،فينعقد مرتين في السنة حسب معيار الدورتين
الدراسيتين ،وأيضا كلما دعت الضرورة إلى ذلك باقتراح من املدير بصفته رئيسا للمؤسسة
املعنية.
املؤسسة االبتدائية ،من مدير ومن جهة أخرى ،يتألف املجلس التربوي ،فيما يخ
املؤسسة بصفته رئيسا ،وممثل واحد عن هي ة التدريس عن كل مستوى دراهاي من
مستويات املرحلة االبتدائية ،ورئيس جمعية باء وأولياء تالميذ املؤسسة.
أما فيما يتعلق بالسلك اإلعدادي ،فهناك مدير املؤسسة بصفته رئيسا ،والحراس العامون
الخارجيون ،وممثل واحد عن هي ة التدريس عن كل مادة دراسية ،ومستشار في التوجيه
التربوي ،ورئيس جمعية باء وأولياء تالميذ املؤسسة.
أما فيما يتعلق بالتعليم الثانوي اليتأهيلي ،فهناك مدير املؤسسة بصفته رئيسا ،ومدير
الدراسة في حالة وجود أقسام تحضيرية لولوج املعاهد واملدارس العليا أو أقسام لتحضير
شهادة التقني العالي ،وناظر املؤسسة ،والحراس العامون الخارجيون ،وممثل واحد عن
116
هي ة التدريس عن كل مادة دراسية ،ومستشار في التوجيه التربوي ،ورئيس جمعية باء
وأولياء تالميذ املؤسسة.
/2الجالس التعليمية:
تهتم املجالس التعليمية ( )Les conseils d’enseignementبدراسة ووعية املادة
الدراسية املعنية ،وتحديد الحاجيات التربوية ،ورصد الصعوسات واملعوقات والعراقيل التي
تحول دون تطبيق التوجوهات الرسمية أو املقررات التربوية بشكل فعال وناجع ،والتنسيق
عموديا وأفقيا بين مدرهاي املادة الواحدة .ويعني هذا أنه البد من تعيين منسق للمادة يمثل
جميع مدرهاي املادة يحاورهم في مختلف الحاجيات التربوية والديداكتيكية ،ويشاورهم في
كل ما يتعلق باملادة الدراسية التي تجمعهم ،ويكتب في هذا تقريرا وافيا.
واللرامظ التدبيرية لتقويم املادة بتقديم عالوة على ذلك ،تسطر مجموعة من الخط
اقتراحات وتوجوهات مناسبة لسحد من كل العوائق املثبطة للعزائم في مجال التدريس،
واختيار الكتب التربوية واملصادر واملراجع املالئمة ،واقتراحها على املجالس التربوية للنظر
أو البت فوها أو املصادقة علوها ،وتبيان ليات التكوين لفائدة األساتذة املدرسين باملؤسسة
املادة، املعنية .،ثم ،اقتراح مجموعة من األنشطة التربوية والثقافية بتنسيق مع مفت
وسرمجتها بشكل دوري ،وتقويم نتائظ املتعلمين في كل مادة دراسية ما ،و استثمارها بشكل
إيجابي .ثم ،إيجاد طرائق بيداغوجية بديلة لتجديد املمارسة الديدكتيكية بووع جداول
املناسبة لكل مدرس على حدة ،وكتابة تقرير واف حول النشا التربوي املتعلق الحص
بمادة دراسية ما .ثم ،إطالع املجلس التربوي واملفت على كل تفاصيله بشكل دقيق.
وغالبا ،ما تنعقد املجالس التعليمية مرتين في السنة حسب الدورتين الدراسيتين ،وكذلك
كلما استدعت الضرورة إلى ذلك بطلب من السيد مدير املؤسسة.
117
أما من حيث التركيبة والبنية املؤسساتية ،فالبنسبة للتعليمين االبتدائي واإلعدادي،
يحضر مدير املؤسسة بصفته رئيسا ،وجميع مدرهاي املادة الدراسية املعنية .أما فيما
يتعلق بالثانوي التأهيلي ،فيحضر مدير املؤسسة بصفته رئيسا ،ومدير الدراسة في حالة
وجود أقسام تحضيرية لولوج املعاهد واملدارس العليا أو أقسام لتحضير شهادة التقني
العالي ،وناظر املؤسسة ،وجميع مدرهاي املادة الدراسية املعنية.
ومن جهة أخرى ،تجتمع مجالس األقسام ،في نهاية كل دورة أو مرحلة أو أسدوس دراهاي،
بموجب النظام املدرهاي الجاري به العمل .وكذلك حينما تكون هناك عقوسة تأديبية لتلميذ
خالف قوانين املدرسة .وهنا ،البد من إحضار تلميذ يمثل باقي متعلمي املؤسسة التعليمية
لكي تكون التمثيلية ديمقراطية وشفافة .
عالوة على ذلك ،تتكون هذه املجالس حسب األسالك الدراسية املوجودة .فالبنسبة
للتعليم االبتدائي ،هناك مدير املؤسسة بصفته رئيسا ،وجميع مدرهاي القسم املعني ،
وممثل عن جمعية باء وأولياء تالميذ املؤسسة.
118
أما في يتعلق بالسلك اإلعدادي ،فهناك املدير بصفته رئيسا ،والحراس العامون لسخارجية،
ومستشار في التوجيه التربوي ،وجميع مدرهاي القسم املعني ،وممثل عن جمعية باء
وأولياء تالميذ املؤسسة.
التعليم الثانوي التأهيلي ،فهناك املدير بصفته رئيسا ،ومدير الدراسة في أما فيما يخ
حالة وجود أقسام تحضيرية لولوج املعاهد واملدارس العليا أو أقسام لتحضير شهادة
التقني العالي ،والحراس العامون لسخارجية ،وجميع مدرهاي القسم املعني ،وممثل عن
جمعية باء وأولياء تالميذ املؤسسة.
" يحدث على صعيد كل مؤسسة للتربية والتكوين مجلس للتدبير ،يمثل فيه املدرسون و باء
أو أولياء التالميذ وشركاء املدرسة في مجاالت الدعم املادي أوالتقني أو الثقافي كافة.
يمكن أن يضم مجلس تدبير املؤسسة ممثلين عن املتعلمين ،كلما توافرت الشرو التي
يضعها املجلس لذلك ،وتبعا للمقاييس التي يعتمدها في اختيار هؤالء املمثلين.
ترصد لكل مؤسسة ميزانية للتسيير العادي والصيانة ،ويقوم املدير بصرفها تحت مراقبة
مجلس التدبير .وتمنح تدريجيا للثانويات صفة " مصسحة للدولة تسير بطريقة
مستقلة"(نظام 127".)Segma
يتبين لنا ،من خالل هذه املادة القانونية ،أن مجلس التدبير يتكون قانونيا من املدرسين،
والتالميذ ،ورجال اإلدارة ،وجمعية اآلباء وأولياء األمور .عالوة على الشركاء الفاعلين
الداخليين والخارجيين.ومن ثم ،ملجلس التدبير مهام إدارية ،وتسييرية ،واقتصادية،
وتنشيطية ،واستشارية .فضال عن مهام املراقبة واإلشراف والتوجيه واإلرشاد ،وتقويم
الووعية التربوية باملؤسسة التعليمية.
وما يهمنا من مهام مجلس التدبير ذلك الدور التثقيفي والتنشيطي ،فالبد أن يتجاوز
مجلس التدبير أدواره الروتينية العادية والطبيعية التي تتمثل في مراقبة ماهو مادي ،ومالي،
وإداري ،إلى ما يتعلق ب خصية املتعلم .أي :االهتمام بأنشطة املتعلم التثقيفية والتعليمية
على املستويات املعرفية والوجدانية والحسية -الحركية ،وتيهيء برنامظ سنوي ملموس
مخط بشكل واض ،وعملي من قبل املشرفين على مجلس التدبير ،فتتنوع فيه األنشطة
تصنيفا وترتيبا .ثم ،توزع علر الدورتين الدراسيتين ،ويستحسن أن يكون هناك نشا في
كل شهر على األقل.
- 127وزارة التربية الوطنية :الدونة القانونية للتربية والتكوين ،سلسلة اإلدارة والقانون ،رقم ،3إشراف الدكتور
املهدي بنمير ،املطبعة والوراقة الوطنية ،مراك ،الطبعة األولى سنة 2222م.
120
ويستوجب تنفيذ هذه األنشطة التربوية وجود ميزانية مفصلة ،وتحديد مضبو لإلمكانات
من زمان والوسائل املادية واملالية والبشرية املتاحة بتبيان الظروف املواتية للنشا
ومكان ،دون أن نن اى الفاعلين واملستفيدين من النشا .
عملية املراقبة والتقويم بشكل متدرج قبليا وتكوينيا ونهائيا من ويستتبع فعل التنشي
أجل تحديد نسبة النجاح والفشل ،والبحث عن األسباب الذاتية واملوووعية التي كانت
وراء ذلك ،والسجوء إلى التغذية االرتجاعية أو الدعم التكويني لتصحيح مسار التنشي
بإيجاد الحلول املناسبة ،واقتراح التوصيات الناجعة التي ترقى بمستوى التنشي املدرهاي،
وتسهم بشكل إيجابي في تحقيق الحياة املدرسية ،وإرساء مفعول الجودة املطلوسة.
وترسل كل مؤسسة أنشطة مجلس تدبيرها ،بعد توقيعها بشكل موض ،ومفصل ،إلى
الجهات اإلدارية املسؤولة ليصادق علوها املفت ،والنائب اإلقليمي ،ومدير األكاديمية،
والسيد وزير التربية الوطنية .ومن األفضل أن يصاحب هذه املصادقة تقدير كمي وكيفي
ت جيعا للمؤسسة أو توسيخا لها.
121
أنشطة مجلس تدب رالؤسسة
التقويم الوسا ل مكان تاريخ أهداف الشرفوح عكى الستفيدوح نوع موضوع رقم الدورات
النشاط من النشاط النشاط النشاط النشاط النشاط
وكفالات
ثقاالي 1
رياض ي 1
خ ري 5
علمي 8
أدبي 9
مدني 11
122
توقيع مدير األكاديمية: توقيع املفت : توقيع مدير املؤسسة:
الدورة
األولى
الدورة
الثانية
وخالصة القول ،يتكون النسق التربوي بصفة عامة ،والنسق اإلداري بصفة خاصة ،من
مجموعة من العناصر والدعامات والبنيات الرئيسة التي تسهم في نجاح املنظومة التربوية
التعليمية من جهة ،والرفع من مستوى اإلدارة التربوية من جهة أخرى .وهذه العناصر
ي:املتعلمون ،واملدرسون ،واملفتشون ،ورجال اإلدارة ،والشركاء الداخليون والخارجيون،
123
واملشرفون عن املجالس التعليمية واإلدارية داخل املؤسسة التعليمية .ومن هنا ،يتميز
النسق التربوي واإلداري في الحقل التعليمي املغربي باالنفتاح على املجتمع ،والتفاعل مع
مختلف البنيات الفاعلة في النسق ،والتواصل مع اآلخرين واألغيار ،واالستعانة بمجموعة
من املفاهيم التدبيرية الجديدة كالشراكة ،والتعاون ،واالستثمار ،وخلق مشاريع
املؤسسات ،والحكامة الجيدة ،والس ي نحو التنافس ،والتميز ،وتحقيق الجودة الكمية
والكيفية.
124
الفصل الرابع:
عمليات التربية
(ا ليات التربوية والتدر سية)
125
ترتكي ييز العمليـ ــات التربويـ ــة علي ييى نقي ييل القي يييم األخالقيي يية واملعي ييارف .ثي ييم ،االهتمي ييام بالتربيي يية،
والتييدريس ،و التقييويم .ويعنييي هييذا أن وظيفيية املدرسيية ييي نقييل املعييارف والقيييم وفييق قواعييد
ترسوي يية وتدريس ييية معين يية ،والعناي يية بأنظم يية التق ييويم بص ييفة خاص يية.لذا ،تس ييتند العملي ييات
التربوية التي يقوم بها املدرس إلى أنواع ثالثة ي :عملية التخطي ،وعمليية التيدبير ،وعمليية
التقويم.
وينبني التخطي على مجموعة من األبعاد ،مثل :البعد الزمني (متى) ،والبعد الغرضاي(
تحقيق األهداف) ،والبعد ال خوصاي(من) ،والبعد الكيفي (الطريقة والوسيلة) ،والعراقيل
املمكنة (العوائق).
وقد عرف النظام التربوي املغربي ثالث محطات رئيسة على مستوى التخطي ،فقد كان
املدرس يخط وفق املضامين ،أو وفق األهداف ،أو وفق الكفايات.
لقد تمثل النظام التربوي املغربي منذ الستينيات من القرن املاضاي إلى غاية سنوات
الثمانين من القرن نفسه املقارسة املضمونية التي تركز على املحتويات ،واملعارف،
واملعلومات .بمعنى أن املقارسة باملضامين ي تقديم مجموعة من املعارف لحشو ر وس
املتعلمين بها من أجل حفظها بغية استرجاعها عند االمتحان.لذلك ،كان التعليم املغربي في
126
تلك الفترة كميا إلى حد كبير.بمعنى أنه يقيس املعلومات والقدرات املعرفية ،واليهتم
بالكيف ،والتقنيات ،والدرايات ،واملهارات .وسالتالي ،فاملدرس هو رمز السلطة.في حين ،يعد
التلميذ متلقيا سلبيا اليستطيع أن يشارك في بناء الدرس وتفعيله.وقد كانت العالقة
التفاعلية املوجودة بين املدرس واملتعلم عالقة عمودية بامتياز.
عرف قطاع التربية والتعليم في املغرب ،وسالضب في سنوات الثمانين من القرن العشرين،
ُ
مقارسة ترسوية جديدة تسمى بنظرية األهداف .والغر من هذه النظرية أو هذه املقارسة هو
عقلنة العملية التعليمية -التعلمية تخطيطا وتدبيرا وتسييرا وتقويما بأجرأة الفلسفة
من ذلك كله هو التربوية التعليمية الفضفاوة في شكل أهداف عامة وخاصة .والغر
تقويم املنظومة التربوية بصفة عامة ،والبحث عن مواطن الضعف والقوة بصفة خاصة.
فضال عن تحفيز املدرسين وت جيعهم على تقديم الدروس بطريقة علمية هادفة وواعية
ومركزة ومخططة في ووء تسطير مجموعة من األهداف اإلجرائية السلوكية الخاصة
بانتقاء املعايير الكفيلة بالتقويم ،واملالحظة ،والرصد ،والقياس ،واالختبار .ومن ثم ،العمل
على تقويم مدى تحقق النتيجة أو الهدف في خر الحصة الدراسية ألن ذلك هو الذي
يحكم على الدرس بالنجاح أو اإلخفاق.
وإذا تحقق الهدف املسطر في بداية الدرس ،فقد تحقق نجاح العملية التعليمية-
التعلمية .وإذا لم يتحقق ذلك ،فقد أخفق املدرس في عمليته التعليمية -التعلمية .وسالتالي،
فما عليه سوى أن يعيد الدرس من جديد بتمثل التغذية الراجعة منهجا وقائيا ،ومعيارا
الكائنة ،ودرء الشوائب غير املتوقعة ،والحد ت خيصيا ،ومؤشرا تقويميا لسد النواق
من أسباب التعثر الدراهاي بتصحيح كل األخطاء التي ارتكبها في أثناء تقديم مقاطع الدرس
في مختلف مراحلها الثالث :االستكشافية ،والتكوينية ،والنهائية.
127
وقد أخذت املؤسسات التربوية املغرسية بهذه املقارسة التربوية الجديدة مع بداية الثمانينيات
من القرن املاضاي .بيد أنها سرعان ما تخلت عنها دون روية أو تفكير أو عمق ليجد املدرسون
أنفسهم أمام مقارسات ترسوية مرتجلة أخرى ،مثل :تطبيق دليل الحياة املدرسية ،واألخذ
بفلسفة الشراكة واملشروع ،وتمثل ترسية الجودة ،واألخذ باملقارسة بالكفايات واإلدماج،
واالستفادة من مدرسة النجاح ،أو االستهداء بامليثاق الوطني للتربية والتكوين ...بمعنى أن
املغرب قد أصبح حقال للتجارب التربوية الغرسية بامتياز حيث عرف تقلبات بيداغوجية
كذلك الهتزازات ترسوية مجتمعية مرات ومرات بسبب تذبذب وزارة التربية عدة ،وتعر
الوطنية سياسة ،وتدبيرا ،وتخطيطا .ثم ،عجزها عن اختيار إستراتيجية ترسوية واضحة
ودقيقة وناجعة .رسما يكون هذا التقلب راجعا إلى عوامل ذاتية ومزاجية ،أو نتيجة لعوامل
سياسية ومجتمعية داخلية ،أو يكون ذلك نتاجا لعوامل خارجية تتمثل في وغو
املؤسسات الدولية سيما املؤسسات املالية والبنكية التي تفر على املغرب شروطا معينة
في تدبير قطاع التربية والتعليم مقابل االستفادة من املنح ،والقرو ،واالمتيازات.
إذا كانت املقارسة بالكفايات تعنى بتحديد الكفايات والقدرات األساسية والنوعية لدى
املتعلم في أثناء مواجهته ملختلف الووعيات -املشكالت في سياق ما ،فإن التربية باألهداف
ي مقارسة ترسوية تشتغل على املحتويات واملضامين في ووء مجموعة من األهداف
التعليمية -التعلمية ذات الطبيعة السلوكية سواء أكانت هذه األهداف عامة أم خاصة،
ويتم ذلك التعامل أيضا في عالقة مترابطة مع الغايات واملرامي البعيدة للدولة وقطاع
التربية والتعليم .وستعبير خر ،تهتم نظرية األهداف بالدرس الهادف تخطيطا ،وتدبيرا،
وتقويما ،ومعالجة.
128
من املعروف أن الهدف مصطس ،عسكري يعني الدقة والتحديد والتركيز في اإلصابة .ويعني
اصطالحا ووع خطة أو إستراتيجية معينة على أساس التخطي والتدبير والتسيير بغية
الوصول إلى نتيجة معينة .ومن ثم ،يخضع الهدف للتقويم ،والرصد ،والقياس ،واالختبار،
والتغذية الراجعة.
/1الغــالات:
" إن الغايات ي غايات ألهداف تعلر عن فلسفة املجتمع ،وتعكس تصوراته للوجود
والحياة ،أو تعكس النسق القيمي السائد لدى جماعة معينة وثقافية معينة ،مثل قولنا":
على التربية أن تنمي لدى األفراد الروح الديمقراطية" أو "على املدرسة أن تكون مواطنين
مسؤولين" أو " على املدرسة أن تمحو الفوارق االجتماعية..."...إلخ .فهذه أهداف عامة
تتمووع على املستوى السياهاي والفلسفي العام ،وتس ى إلى تطبيع الناش ة بما تراه
مناسبا لسحفاظ على قيم املجتمع ومقوماته الثقافية والحضارية"128.
-128محمد الدريظ :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى
سنة 3606م ،ص.63:
129
ومن ثم ،فالغايات ي أهداف ترسوية كلرى تختل بالسياسة العامة للدولة .وغالبا ،ما
تكون أهدافا عامة ،ومجردة ،وفضفاوة.
أو األهداف العامة توجهات التربية والتعليم.أي :تتعلق بأهداف قطاع يقصد باألغرا
التربية والتعليم في مجال التكوين ،والتأطير ،والتدريس .وللتعليم االبتدائي أهدافه العامة،
وللتعليم اإلعدادي والثانوي أهدافه العامة ،وللتعليم الجام ي أهدافه العامة ،وللتكوين
أقل عمومية من الغايات، امل ي كذلك أهدافه ومراميه وأغراوه .ويعني هذا أن األغرا
وترتب بفلسفة قطاع التربية والتعليم .في حين ،ترتب الغايات بسياسية الدولة العامة،
كأن نقول -مثال -يهدف التعليم امل ي إلى تكوين مهنيين محترفين في مجال التكنولوجيا
والصناعة.
/1األهداف الوسطى:
تتموقع األهداف الوسط بين األهداف العامة واألهداف الخاصة .بمعنى أنها أقل عمومية
وتجريدا من األهداف العامة ،وأقل إجرائية وتطبيقا من األهداف الخاصة .وسالتالي ،تبدو
الصنافات املعرفية واالنفعالية والحسية الحركية عبارة عن مجموعة من املراقي املتدرجة
في العمومية .بيد أنها تقترب من الخصوصية ،مثل :أن يعرف التلميذ أخوات كان،
ويستظهر القصيدة الشعرية ،و يتذوق الشعر ،ويقفز بالزانة...
/1األهداف الخاصة:
" يمكن أن نالحء بأن صياغة األهداف الخاصة تكون دائما صياغة واضحة ،وتكون
لكلماتها معاني واحدة غير قابلة للتأويل .إن صياغة الهدف الخاص يجب أن تتجنب
العبارات الضبابية التي توحي بعدد كبير من التأويالت التي قد يفروها تباين األشخاص،
واختالف املواقف مما قد يؤدي إلى تعطل التواصل بين املدرس والتالميذ وسينه وسين
زمالئه في الفصل.
ثم إن ما يميز األهداف الخاصة هو كونها تصف سلوكا قابال للمالحظة...ثم إن األهداف
ظهور السلوك129"... الخاصة تحدد شرو
تبلورت نظرية األهداف في الواليات املتحدة األمريكية في سنة 3620م ملناقشة أسباب
الفشل الدراهاي في املؤسسات التعليمية ،وقد انعقد االجتماع في بوسطن بمناسبة تنظيم
مؤتمر الجمعية األمريكية للسيكولوجيا ،وقد ترتب عن ذلك قرار باإلجماع لتوصيف
السلوك التربوي ،وتحديد استجابات املتعلمين في ووء سلوك إجرائي محدد بدقة لقياسه
إجرائيا .بمعنى أن املؤتمرين قد وصلوا إلى أن ترقية التعليم وتطويره ،والحد من ظاهرة
اإلخفاق سببه غياب األهداف اإلجرائية.أي :إن املدرس ال يسطر األهداف التي يريد
تحقيقها في الحصة الدراسية.
وقد ارتبطت نظرية األهداف بجماعة شيكاغو ،وقد كان رالف تيلر( )Ralph Tylerسباقا
إلى تحديد مجموعة من األهداف باعتبارها مداخل أساسية لتطوير التعليم ،والرفع من
مستواه .بمعنى أن رالف تايلر كان سباقا منذ سنة 3663م إلى عقلنة العملية اإلنتاجية
انطالقا من تحديد مجموعة من األهداف .وفي هذا اإلطار ،يقول محمد الدريظ:
" والحقيقة أن الفضل يعود في الدرجة األولى إلى رالف تايلر( ، )Ralph Tylerإذ كان من أبرز
الداعين إلى تعيين األهداف التي يجب أن يرمي إلوها التعليم ،وخاصة في كتيب له تحت
عنوان (أساسيات الناهج) ،والذي نقله إلى العرسية أحمد خيري كاظم وجابر عبد الحميد
جابر منذ سنة 3632م.
وقد انطلق تايلر من أن التحقق من احة أساليب التعليم وأساليب االمتحان ،ال يتم
بالرجوع إلى نصوص الكتب املدرسية واملنا ا املقررة ،إنما بالرجوع إلى األهداف التي وراء
هذه النصوص واملنا ا ألن النصوص واملنا ا في نظره ،يمكن أن تدرس بطرق متعددة،
ً
ولتحقيق غايات كثيرة ،فهي التصس ،إذا أن تكون املرجع للتحقق من احة التعليم
وسالمته أو صدق االمتحانات ،ولذلك فمن الضروري أن يكون وب األهداف سابقا
للنشا التعليمي.
132
وقد وجدت نظرية تايلر صدى كبيرا في األوسا التربوية والتعليمية ،وستظهر مصنفات
كثيرة في االتجاه نفسه ،ومتأثرة بترائه .ومن أهمها املصنف الذي سبقت اإلشارة إليه،
والذي نشرته لجنة القياس واالمتحانات(مجموعة شيكاغو) -وجل أعضائها من تالميذ
تايلر -والتي شددت على األهداف التعليمية كأساس لتنظيم التربية130".
وقد نتظ عن هذا املؤتمر -الذي سلف ذكره -مجموعة من الصنافات تعنى بتنمي
األهداف اإلجرائية في مجموعة من املراقي املتدرجة ،مثل :مصنف بلوم الذي
عنوانه(تصنيف األهداف التربوية ،الجال العقكي العرالي) ونشر سنة 3633م بإشراف
بنيامين بلوم ( ، )B.Bloomوأعقبه الجزء الثاني بعنوان (تصنيف األهداف التربوية،
الجال االنفعالي العاطفي) بإشراف كرا هول (.)D.Krathwohl
وقد انتشرت نظرية األهداف في أمريكا وأوروسا منذ الستينيات من القرن املاضاي ،وأصبحت
مووة ترسوية معاصرة أكثر انتشارا في سنوات السبعين .وقد أخذ املغرب بهذه املقارسة
الجديدة منذ سنوات الثمانين من القرن املاضاي بعد أن أرسلت بعثة من أساتذة كلية علوم
التربية بالرسا إلى بسجيكا للتكوين والتدريب على نظرية األهداف التربوية ،بما فوها :الباحث
محمد الدريظ صاحب كتاب(التدر س الهادف)131
نظرية األهداف التربوية بالنظرية السلوكية القائمة على ثنائية املثير وعليه ،ترتب
واالستجابة ألن بيداغوجيا األهداف تس ى إلى قياس السلوك التعليمي الخارجي ،ورصده
مالحظة ،وقياسا ،وتقويما.
أن تتضمن صياغة الهدف النتائظ التي سيحصل علوها التلميذ .بمعنى أن يحدد املدرس
سلوك املتعلم بدقة ووووح.
أن تتضمن الصياغة توصيفا للظروف السياقية للسلوك املنجز من قبل املتعلم.
أن تشتمل صياغة الهدف على تحديد دقيق للمستوى األدن للنجاح الذي يحيلنا على
تحقق قدر معين من الهدف.132
ومن جهة أخرى ،يذهل غانيي( )Gangnéإلى أن الهدف اإلجرائي الخاص يتميز بمجموعة
من السمات التالية ،مثل:
وتعدد االحتماالت والتأويالت .بمعنى أن يكون إن الهدف الغامض يسبب الغمو
الهدف واضحا بدقة ومحددا بالشكل الكافي.
أن يكون الهدف صادقا .بمعنى أن يفهمه اثنان باملعنى نفسه ،ويتفقان حوله.
أن يكون قابال للتحقق واإلنجاز ،فال يمكن تقويم هدف مرتب بسلوك مستحيل ،أو
صعب تحقيقه.
أن تكون األهداف متدرجة ومتنوعة على مستوى املراقي .بمعنى أن تكون األهداف
متدرجة في السهولة والصعوسة ،فنبدأ بالبسي لنتدرج حتى املركب واملعقد.
أن تكون األهداف املرجوة تعبيرا صادقا عن فلسفة التربية املعتمدة .بمعنى أن تكون
جزءا ال يتجزأ من فلسفة الدولة وغاياته البعيدة املحصلة من فعل التربية والتعليم.133
يبدو أن الهدف املعرفي هو الذي يهدف إلى نقل املعلومات واستقبالها ،ويركز على الجوانب
املعرفية ومراقوها .أو بتعبير خر ،إنه يركز على اإلنتاجية واملردودية .ويس ى هذا الهدف إلى
نقل الخلرات والتجارب إلى املتلقي ،وتعليمه طرائق التركيب ،والتطبيق ،والفهم ،والتحليل،
والتقويم .إنه يهدف إلى تزويد املتلقي باملعرفة واملعلومات الهادفة .ومن ثم ،يقوم هذا
الهدف على تبادل اآلراء ،ونقل املعارف وتجارب السلف إلى الخلف.
وثمة صنافات بيداغوجية في مجال التواصل املعرفي كصنافة بلوم( )Bloomالتي تم االنتهاء
منها سنة 3633م .وتتضمن ستة مراق ي :املعرفة ،والفهم ،والتطبيق ،والتحليل،
والتركيب ،والتقييم .وتتميز هذه املراقي الستة بالتدرج ،والتراب ،والتكامل الوظيفي .ويعني
هذا أن هذه املراقي تتجرد من البسي نحو املعقد ،وتتراب على مستوى العمليات الذهنية
من أبس فعل ذهني هو املعرفة إلى أعقد عملية تتمثل في التقييم ،والنقد ،واملناقشة.
يقصد بالهدف الوجداني في مجال التربية اكتساب امليول واالتجاهات والقيم ،وتقدير
جهود اآلخرين من خالل تفاعل املتعلم مع املادة املدروسة ،واكتسابه لسخلرات بأنواعها
للمجال الوجداني صنافات بيداغوجية ،ومن بين املباشرة وغير املباشرة .وقد خص
املهتمين بهذا املجال ( كراتهول )Krathwol/الذي خصصها بصنافة سنة 3632م ،تتكون
يمكن الحديث عن الهدف الح اي الحركي الذي يتناول ماهو غير معرفي ووجداني .ويظهر
هذا التواصل في مجال السلرينطيقا ،واآللية ،واملسرح امليمي ،والرياوة الحركية...
ويتضمن هذا الهدف في املجال التربوي مجموعة متسلسلة من األهداف املتدرجة التي
تعمل على تنمية املهارات الحركية والجسدية والتواصلية ،واستعمال العضالت والحركات
الجسمية ..ومن أهم صنافات هذا التواصل الحركي صنافة هارو( ) Harrowالتي ووعها
صاحبها سنة 3632م .وتتكون هذه الصنافة من ستة مراق أساسية ي :الحركات
االرتكاسية ،والحركات الطبيعية األساسية ،واالستعدادات اإلدراكية ،والصفات البدنية،
واملهارات الحركية لليد ،والتواصل غير اللفظي.
يخضع التدريس أو الدرس الهادف ملجموعة من املحطات اإلجرائية التي تتمثل في تحديد
املداخل األولي بتسطير مجموعة من األهداف العامة والخاصة املتعلقة بدرس معين حيث
نبدأ بتحديد الهدف العام .ثم ،نتبعه باألهداف السلوكية اإلجرائية حسب طبيعتها:
معرفية ،ووجدانية ،وحسية حركية ،كما يظهر ذلك جليا في األمثلة التالية التي تتعلق
بدرسنا االفتراضاي (املبتدأ والخلر).
الهدف العام:
136
أن يستوعب املتعلم درس املبتدأ والخلر.
أن يذكر التلميذ خمس جمل اسمية فوها مبتدأ وخلر في خر الحصة.
وهكذا ،يحدد املدرس ،بمعية املتعلم ،األهداف األولية املرتبطة باملقطع التعليمي
باألنشطة املكتسبة ،وعملية املراجعة واالستكشاف .ثم يحدد التمهيدي الذي يرتب
األهداف الوسيطة في أثناء مرحلة املقطع الوسطي أو التقويم التكويني .لينتهي الدرس
باألهداف النهائية مع اختتام الدرس .ويعني هذا أن الدرس عبارة عن مجموعة من املحطات
واألنشطة التعليمية -التعلمية سواء أتعلقت بأنشطة املدرس أم بأنشطة املتعلم التي
تتالءم مع أنواع ثالثة من األهداف :أهداف أولية ،وأهداف وسيطة ،وأهداف نهائية.134
من املعلوم أن للدرس الهادف مجموعة من النق اإليجابية واملزايا الحميدة ،نذكر منها:
-134انظر مادي لحسن :األهداف والتقييم الي التربية ،شركة بابل للطباعة والنشر ،الرسا ،املغرب ،الطبعة
األولى سنة 3662م ،ص.330-333:
137
األجرأة :تس ى األهداف الخاصة إلى تحويل األهداف العامة إلى أهداف سلوكية
إجرائية قابلة للمالحظة ،والقياس ،والتقويم بتفتيت املحتويات إلى أهداف صغرى وأكثر
تجزي ا.
ال رمجة :ويقصد بها خضوع العملية التعليمية لخطة ملرمجة لها مداخل ،وعمليات،
ومخارج .بمعنى أن تحقيق الهدف يمر علر عمليات وسط إلى أن تتحقق النتيجة النهائية
علر مؤشرات التقويم والقياس .وستعبير خر ،تعني اللرمجة تنظيم مختلف العمليات
التدريسية من أجل الوصول إلى هدف معين علر خطة مفصلة دقيقة وموووعية ومقننة.
ويرى محمد الدريظ ،في كتابه (تحليل العملية التعليمية) ،أن لنهداف اإلجرائية فوائد
كثيرة ،منها:
تشدد النظريات التربوية املعاصرة على ورورة تحديد األهداف املتعلقة بالتعليم
امللرمظ ،أو في تسطير اللرامظ واملنا ا واملقررات الدراسية.
إن تحديد املعايير واألهداف بوووح ودقة يسهم في تحصيل تقويم أفضل لعمل
املتعلم.
تمكن األهداف املدرس من تقويم درسه علر توظيف التغذية الراجعة أو الفيدباك
مواطن القوة والضعف. لسد النواق ،وت خي
تتسم نظرية األهداف بالنزعة السلوكية والنظرة التقنية على حساب النظرة الشمولية.
كما تخضع لثنائية املثير واالستجابة.
تعطي نظرية األهداف أهمية كلرى لتجزيء املحتويات وتفتيتها بشكل مبالغ فيه.
تعنى نظرية األهداف كثيرا باملحتوى ،وتغض الطرف عن الطرائق واملنا ا والوسائل
التعليمية.
إن كثيرا من املدرسين ذوي الخلرة قد نجحوا في دروسهم كل النجاح دون أن
يستندوا ،بحال من األحوال ،إلى نظرية األهداف.
وخالصة القول ،تعد بيداغوجيا األهداف نظرية ترسوية جديدة قائمة على العلم ،
والعقالنية ،والتخطي ،والقياس ،والتكنولوجيا ،والتحقق املوووعي .وقد انتشرت هذه
النظرية في املغرب في سنوات الثمانين من القرن العشرين ،فقد كانت -فعال -بديال للدرس
الهرسارتي التقليدي الذي كان يقوم على مجموعة من املراحل ،مثل :املراجعة ،والشرح،
وسناء القاعدة ،والرس ،واالستنتاج ،والتطبيق .وكان هذا الدرس يقدم في غياب أهداف
مسطرة ،فقد كان املدرس يلقي درسه بطريقة غير واعية وغير مخططة بدقة مما يوقعه
ذلك في صعوسات جمة على مستوى التقويم ،والتصحيح ،واملعالجة.
139
لذا ،جاءت بيداغوجيا األهداف لتنظيم العملية التدريسية وعقلنتها وعلمنتها تخطيطا
وتدبيرا وتسييرا وتقويما بل أصبحت هذه النظرية معيارا إجرائيا لقياس الحصيلة
مواطن قوة التعليمية -التعلمية لدى املتعلم واملدرس معا ،ومحكا موووعيا لت خي
املنظومة التربوية على مستوى املردودية ،واإلنتاجية ،واإلبداعية .ثم ،أضحت أداة ناجعة
لتبيان نق وعفها وفشلها وإخفاقها .وتعد كذلك لية فعالة في مجال التخطي والتقويم
وسناء الدرس الهادف.
من املعلوم أن الكفايات ي مقارسة ترسوية وتدريسية جديدة ومعاصرة تهدف إلى تسليح
املتعلم بمجموعة من الكفايات األساسية ملواجهة الووعيات الصعبة واملركبة التي
يصادفها املتعلم في واقعه الدراهاي أوال خصاي أواملوووعي .ومن ثم ،فالكفايات ي بمثابة
معارف ومهارات ومواقف وكفايات معرفية وتواصلية ومنهجية وثقافية يستضمرها املتعلم
لحل مجموعة من املشاكل أو الووعيات -املشكالت بغية التكيف أو التأقلم مع املحي ،
أو االستجابة ملتطلبات سوق الشغل ،أو قصد التميز الدراهاي والكفائي والحرفي وامل ي.
ومن ثم ،فاكتساب الكفايات هو السبيل الحقيقي لتحصيل النجاح .وهو أيضا أساس
االستقاللية ال خصية ،ومدخل وروري إلى تحمل املسؤولية ،واالعتماد على الذات في حل
جميع املشاكل التي تطرحها الووعيات أمام املتعلم في أثناء مجابهته لواقعه ال ي .ومن ثم،
تنصب بيداغوجيا الكفايات على املعط الكيفي ،وتركز على التعلم السياقي في عالقة
جدلية بالكفايات املستهدفة سواء أكانت أساسية أم نوعية.
/1مفهوم الكفالات:
140
وستعبير خر ،الكفاية ي تلك القدرة التي يستدمجها املتعلم عند وجوده أمام ووعيات
جديدة معقدة ومركبة .ومن ثم ،يتمثل الذكاء الفعلي في توظيف الكفايات والقدرات في حل
املشاكل املستعصية ترسويا ،وتدريسيا،وواقعيا .ويعني هذا كله أن الكفايات تشمل مجموعة
من املعارف واملوارد واملهارات واملواقف التي يستضمرها املتعلم ملواجهة الووعيات التي
يواجهها في محيطه .ويعني هذا أن املتعلم يستثمر موارده عند مواجهة املشاكل املعقدة
والووعيات الجديدة باختيار الحلول املناسبة ،أو التوليف بين مجموعة من االختيارات
لحل املشاكل التي يواجهها في حياته ال خصية والعملية.
وعليه ،تعرف الكفاية عند جيلي ( )GILLETبأنها " نظام من املعارف املفاهيمية (الذهنية)
واملهارية ( العملية) التي تنتظم في خطاطات إجرائية ،تمكن في إطار ف ة من الووعيات،
من التعرف على املهمة – اإلشكالية ،وحلها بنشا وفعالية".135
وتعرف الكفاية كذلك على أنها بمثابة " هدف -مرم ،متمركزة حول البلورة الذاتية لقدرة
التلميذ على الحل الجيد للمشاكل املرتبطة بمجموعة من الووعيات ،باعتماد معارف
مفاهيمية ومنهجية مندمجة ومالئمة".136
ويعرفها فيليب پيرنو ( )Perrenoudبأنها" القدرة على تعب ة مجموعة من املوارد املعرفية (
معارف ،و قدرات ،ومعلومات ،إلخ) ،بغية مواجهة جملة من الووعيات بشكل مالئم
وفعال".137
وعلى العموم ،فالكفاية ي مجموعة من القدرات واملهارات واملعارف يتسس ،بها التلميذ
ملواجهة مجموعة من الووعيات والعوائق واملشاكل التي تستوجب إيجاد الحلول الناجعة
لها بشكل مالئم وفعال.
ويظهر لنا ،من خالل مجموعة من التعاريف التي انصبت على تحديد مفهوم الكفاية ،أنها
تنبني على عناصر أساسية ،يمكن حصرها في:
القدرات واملهارات.
اإلنجاز أو األداء.
الووعية أو املشكل.
وهكذا ،يبدو لنا أن الكفاية مرتبطة أشد االرتبا بالووعية -اإلشكال.أي :إن الكفاية
قائمة على إنجاز املهمات الصعبة ،وإيجاد الحلول املناسبة للمشاكل املطروحة في الواقع
املوووعي .إذا ،فالعالقة املوجودة بين الكفاية والووعية ي عالقة جدلية وثيقة ومتينة،
وعالقة استلزام اختباري ،وتقييمي ،وتدري اي.
تنقسم الكفايات ،في مجال التربية والتعليم ،إلى أنواع عدة يمكن حصرها فيما يلي:
-138محمد الدريظ :الكفالات الي التعليم ،املعرفة لسجميع ،أكتوسر ،2222العدد ،33ص.33 :
142
الكفالات النوعية :تتحدد هذه الكفايات في مقابل الكفايات املمتدة أو املستعروة.
ويعني هذا أن الكفايات النوعية ي التي يكتسبها املتعلم في فترة مدرسية محددة .أي :إن
م ي معين .لذلك، هذه الكفايات مرتبطة بمادة دراسية معينة ،أو مجال نوعي ،أو تخص
فهي أقل شمولية وعمومية من الكفاية املستعروة .و ي السبيل إلى تحقيق الكفايات
املمتدة.
الكفالات المتدة أو الستعرضة :ي تلك الكفايات املشتركة التي تجمع بين
تخصصات متعددة .بمعنى أن الكفاية املوسعة ي التي تتوزع بين مجموعة من املواد
والتخصصات ،ويمكن امتالكها بعد فترة من التعلم والتحصيل الدراهاي ،مثل :اكتساب
منهجية التفكير العلمي ،و ي كفاية توجد في جميع املواد الدراسية .وتمتاز الكفايات
املوسعة بأنها كفايات عليا وقصوى وختامية ،تتطلب نوعا من اإلتقان ،واالنضبا ،
واملهارة ،واالحتراف .وتستوجب أيضا كثرة التعلم والتحصيل الدراهاي ألن هذه الكفاية ي
نتاج تفاعل مع تخصصات ومواد دراسية عدة.
الكفالات األساسية :ي كفايات قاعدية أو جوهرية أو دنيا .و ي كفايات ورورية في
مجال التربية والتعليم ،مثل :كفاية القراءة ،وكفاية الكتابة ،وكفاية الحساب ،بالنسبة
للتعليم االبتدائي .بمعنى أن الكفايات األساسية ي التي تنبني علوها العملية التعليمية-
التعلمية ،أو يبنى علوها النسق التربوي.
كفالة اإلتقاح :ي كفاية تكميلية ،وليست أساسية وورورية ،فعدم الغرق أثناء
السباحة ي كفاية أساسية .بيد أن الرشاقة ،والسرعة ،والسباحة في فريق ،واحترام
قواعد السباحة ،ي كلها كفايات تكميلية ،أو كفايات إتقان وجودة.
ومن جهة أخرى ،تصنف الكفايات كذلك إلى معارف ،ومواقف ،ومهارات ،وكفايات ثقافية،
وكفايات تواصلية ،وكفايات منهجية...
143
/1تعريــف الوضعي ــات:
إذا تصفحنا معاجم اللغة العرسية ،كلسان العرب واملمجم الوسي ،فإننا ال نجد كلمة
الووعية بهذه الصيغة بل نجد كلمة ووع مووعا ومواوع الدالة على اإلثبات في املكان.
أي :إن الووعية بمثابة إطار مكاني للذات والشايء .139ولكن في اللغات األجنبية ،نجد
حضورا لهذا املفهوم بشكل واض ،ومحدد .ففي ممجم أكسفورد اإلنجليزي ،تعني الووعية
" معظم الظروف واألشياء التي تقع في وقت خاص ،وفي مكان خاص".140
وتقترن الووعية بداللة أخرى ،و ي السياق الذي هو" عبارة عن ووعية يقع فوها (ايء،
وتساعدك -بالتالي -على فهمه".141
أما ممجم روسير( ، )Robertفيرى أن الووعية ي " أن تكون في مكان أو حالة حيث يوجد
الشايء أو يتموقع" . 142أي :إن الووعية ي التموقع املكاني أو الحالي في مكان أو ووع ما،
بينما يحدد السياق في هذا املمجم على أنه " مجموعة من الظروف التي تحي بالحدث".143
ويمكن أن نفهم ،من هذا كله ،أن الووعية ي مجموعة من الظروف املكانية والزمانية
بالحدث ،وتحدد سياقه .وقد تتداخل الووعية مع السياق، والحالية التي تحي
والظروف ،والعوائق ،واملواقف ،واملشكالت ،والصعوسات ،واالختبارات ،واملحكات ،والحالة
،والواقع ،واإلطار ،واإلشكال…إلخ.
-139ابن منظور :لساح اللساح ،الجزء الثاني ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة األولى ،3666 ،ص326:
واملمجم الوسي ألحمد حسن الزيات و خرين ،املكتبة اإلسالمية ،استانبول ،تركيا ،ص.3266 :
140- A.Regarder: Oxford advanced learner’s, Dictionary Oxford university press 2000; p: 1109.
144
وتعرف الووعية في مجال التربية والتدريس بأنها" ووعية ملموسة تصف ،في الوقت
نفسه ،اإلطار األكثر واقعية ،واملهمة التي يواجه التلميذ من أجل تشغيل املعارف
املفاهيمية واملنهجية الضرورية ،لبلورة الكفاية واللرهنة علوها".144
أي :إن الووعية واقعية ملموسة يواجهها التلميذ بقدراته ومهاراته وكفاءاته عن طريق
حلها .وليست الووعيات سوى التقاء عدد من العوائق واملشاكل في إطار شرو وظروف
معينة .وتطرح الووعية -حسب محمد الدريظ " -إشكاال عندما تجعل الفرد أمام مهمة
عليه أن ينجزها ،مهمة ال يتحكم في كل مكوناتها وخطواتها ،وهكذا يطرح التعلم كمهمة
تشكل تحديا معرفيا للمتعلم ،بحيث يشكل مجموع القدرات واملعارف الضرورية ملواجهة
الووعية وحل اإلشكال ،ما يعرف بالكفاية".145
ومن مواصفات الكفاية أنها مركبة تشتمل على مجموعة من املوارد واملواقف املختلفة .كما
أنها ذات هدف معين .و ي كذلك تفاعلية .بمعنى أن املتعلم يتسس ،بمجموعة من القدرات
املستضمرة للتفاعل مع املحي .وسالتالي ،فهي مفتوحة على مجموعة من الحلول الواقعية
واملمكنة واملحتملة .و ي محفزة على النجاح ،والتفوق ،والتميز .ومن جهة أخرى ،ينبغي أن
تكون الووعية مدعمة باألسناد والوثائق والتعليمات والنصوص ومعايير التقويم،
ومؤشرات التصحيح.
إن الووعيات ي مجموعة من األطر واملؤشرات والظروف السياقية التي تحدد املشكالت
والعوائق والصعوسات التي تواجه التلميذ الذي يتسس ،،بدوره ،بمجموعة من املعارف
والقدرات والكفايات الوظيفية قصد حل هذه الووعيات املعقدة واملركبة ،والحصول على
إجابات وافية واحيحة لللرهنة على صدق هذه الكفايات والقدرات املكتسبة علر
مجموعة من التعلمات واملوارد املدرسية املنجزة مسبقا .ويمكن أن نضع التلميذ أمام عدة
ووعيات تلرز طبيعة الكفاية لديه .وهذه ي التي ستحدد لنا أنما الووعيات -املشاكل
على مستوى مؤشرات األطر السياقية.
ويمكن أن نحدد أنواعا أخرى من الووعيات املوقفية قياسا على ما ذهب إليه إيريبان
( )IRIBANEفي تصنيفه للكفايات:146
146 -A regarder : A , IRRIBANE : La compétitivité, Défi Social, Enjeu éducatif, CNRS, Paris, 1989.
146
ترتكز على مهمات التقليد ،وإعادة املعارف واملهارات املكتسبة عن طريق التطبيق،
واملماثلة ،والحفء ،واإلعادة ( ووعيات االجترار).
وضعيات التحويل:
تنطلق من ووعية معينة من العمل لتطبيقها على ووعيات غير متوقعة .بيد أنها قريبة
بالتفكير باملثل ،واالستفادة من الووعيات السابقة لحل الصعوسات عن طريق تحويلها
إليجاد الحلول املناسبة (ووعيات االستفادة واالمتصاص).
وضعيات التجدلد:
تنطلق من مواجهة مشاكل وصعوسات وعراقيل جديدة ،وتقديم حلول مناسبة لها( .
ووعيات الحوار و اإلبداع).
وضعية أولية :يتم طرح مجموعة من الووعيات اإلشكالية للتلميذ في أثناء بداية
الدرس أو قبل الشروع فيه .وتتعلق هذه الووعيات بمراجعة الدرس السابق ،أو دفعه إلى
االستكشاف ،أو حثه وت جيعه على استعمال قدراته الذاتية واملهارية.
وضعية نها ية :يواجه التلميذ في نهاية الدرس ووعيات نهاية إجمالية أو نهائية ي التي
تحكم على التلميذ إن كان كف ا أم ال؟ وهل تحققت عنده الكفاية األساسية أو النوعية أم
ال؟ وهل أصبح قادرا على مواجهة الصعوسات والووعيات اإلشكالية واملواقف الواقعية
147
الصعبة أم ال؟ وهل تحقق الهدف املبتغى والغاية املنشودة من التكوين والتعلم الذاتي أم
ال؟
وينبغي لهذه الووعيات أن تتناسب تماثليا مع التقويم األولي والتكويني واإلجمالي في إطار
العملية التعليمية -التعلمية.
من املعلوم أن للووعيات أهمية كبيرة في اختبار املنا ا الدراسية ،وتقييم املدرسة
املعاصرة ،والتمييز بين التقليدية منها والجديدة ،ومعرفة املدرسة املنغلقة من املدرسة
الوظيفية واملنفتحة .وعليه ،فإن الووعيات ي محك الكفاءة واملردودية ،وإبراز للقدرات
واملهارات واملواهب املضمرة والظاهرة .إنها ترسية على حل املشاكل املستعصية ،واقتراح
الحلول املناسبة واملمكنة ،والتحفيز على التعلم الذاتي ،وتجاوز للطرائق التقليدية القائمة
على التلقين والحفء ،وتقديم املعرفة واملحتويات بواسطة املدرس إلى التلميذ السل ي.
ومن األكيد أن التربية بالووعيات ي التي تفرز الكفاءات والقدرات العقلية املتميزة .فهي
التي ترس املدرسة بالواقع وسوق الشغل ،وليس ذلك من خالل الشهادات والدبلومات
واملؤهالت بل من خالل الشهادات -الكفايات .بيد أن هذه الووعيات والكفايات ليست
عصا سحرية ملعالجة كل مشاكل وزارات التربية والتعليم ،مثل :معالجة اكتظاظ التالميذ
في تكوين املدرسين ،وإيجاد الحلول املناسبة للووعية في الفصول الدراسية ،ونق
االجتماعية للمدرسين ،وتوفير الوسائل واإلمكانيات املادية والبشرية بل إن طريقة التعليم
بالكفايات والووعيات طريقة ترسوية لعقلنة العملية التدريسية تخطيطا ،وتدبيرا،
148
وتسييرا ،وتقويما .ثم ،تفعيلها بطريقة علمية موووعية على أسس معيارية وظيفية ،ورس
املدرسة بالحياة ،وسوق العمل ،وتلبية حاجيات أرساب العمل ،وتحقيق الجودة
واملنافسة ،والسير وفق مقتضيات العوملة .ويتطلب هذا كله تغيير عقلية اإلدارة واملدرس
والتلميذ واآلباء واملجتمع كله .وال ينبغي أن تبق الووعيات والكفايات في إطارها الشكلي،
أو بمثابة مووة عابرة أو حبيسة مقدمات الكتب املدرسية ،أو رهينة لتوجوهات اللرامظ
الدراسية وفلسفتها البعيدة باعتبارها غايات ومواصفات مثالية نظرية دون تطبيق أو
ممارسة فعلية وميدانية .وهنا ،أستحضر قولة معلرة بكل وووح ملا نريد أن نقصده ملبلور
الكفايات فيليب پيرنو(:)Perrenoud
"إذا ظلت املقارسة بالكفايات على مستوى الخطاب لهثا وراء املووة ،فإنها ستغير النصوص
لتسق في النسيان… […] أما إذا كانت تطمح إلى تغيير املمارسات ،فستصبح إصالحا من
الثالث) ال يستغني عن مساءلة معنى املدرسة وغايتها" 147 (النم
وعليه ،فللووعيات أهمية كلرى في مجال التربية والتعليم ألنها تؤهل املتعلم ليكون
إنسانا كف ا ومواطنا مسؤوال يعتمد على نفسه في مواجهة املواقف الصعبة والووعيات
املستعصية.
/3سياق الوضعيات:
ال يمكن فهم الووعيات إال إذا ووعناها في سياقها االجتماعي والتاريخي .فقد استلزم
التطور العلمي والتكنولوجي املعاصر منذ منتصف القرن العشرين توفير أطر مدرسة
أحسن تدريب لتشغيل اآللة بكل أنماطها مما دفع باملجتمع الغربي إلى إعادة النظر في
املدرسة وطبيعتها ووظيفتها برسطها بالواقع والحياة وسوق الشغل قصد محارسة البطالة،
-147حسن بوتكالي (:مفهوم الكفايات وسنا ها عند فيليب پيرنو) ،الكفالات الي التدر س ب ح التنظ ر والمارسة،
مطبعة أكدال ،الرسا ،الطبعة األولى سنة ،2222ص.22:
149
والبحث عن أسباب الفشل املدرهاي ،وإيجاد حل للالمساواة االجتماعية .ويعني هذا رس
املدرسة باملقاولة ،والحياة املهنية ،والعوملة ،والقدرة التنافسية املحمومة .أي :ينبغي على
املدرسة أن تنفتح على الواقع واملجتمع معا لتغييرهما وإمدادهما باألكفاء واألطر املدرسة
املاهرة واملتميزة .فال قيمة للمعارف واملحتويات الدراسية إذا لم تقترن بما هو وظيفي،
وم ي ،وتقني ،وحرفي .وقد كانت هذه العوامل كلها وراء عقلنة املنا ا التربوية ،وجعلها
فعالة ناجعة ذات مردودية تأطيرية وإبداعية.
وقد حاولت دول العالم الثالث ،بما فوها الدول العرسية ( املغرب ،والجزائر ،و تونس،
وسلطنة عمان -مثال ،)...-أن تتمثل هذا النموذج التربوي القائم على املقارسة بالكفايات
والووعيات ملسايرة املستجدات العاملية ،واإلنصات إلى متطلبات السوق الليلرالية بغية
الحد من البطالة ،وتفادي الثورات االجتماعية ،والحد من ظاهرة الهجرة بكل أنواعها،
بتبي تها مع خصوصيات مدارسها لخلق الجودة والعقالنية ،وتحصيل املردودية الفعالة.
وسذلك ،أصبحت التربية تابعة للسياسة االقتصادية للدولة وظروفها االجتماعية
والتمويلية .وفي هذا الصدد ،يقول نيكو هيرت (:)Nico Hirtt
" ما هو إذا عالم اليوم هذا ؟ يتميز محيطنا االقتصادي بعنصرين اثنين :أوال تقلب بالغ ،
وثنائية اجتماعية قوية .ينجم عن احتدام الصراعات التنافسية ،وإعادة الهيكلة ،وإغالق
املصانع ،وترحيل وحدات اإلنتاج ،والسجوء املتسارع إلى اختراعات تكنولوجية زائلة أكثر
فأكثر( سواء في مجال اإلنتاج أم في مجال االستهالك) .وفي هذا السياق ،تتمثل إحدى أهم
مساعي أرساب العمل في املرونة .أي :مرونة سوق العمل ،ومرونة العامل املهنية واالجتماعية،
ومرونة أنظمة التربية والتكوين ،وقابلية تكيف املستهلك.
مازالت سوق العمل حاليا منظمة بشكل قوي على أسس املؤهالت .أي :على أساس
الشواهد .وتمثل الشهادة جملة معارف ومهارات معترف بها ،تخضع ملفاووات جماعية،
وتخول حقوقا بشأن األجور وشرو العمل أو الحماية االجتماعية .وإلتاحة دوران أكثر
150
ليونة لليد العاملة ،بات أرساب العمل يسعون لتدمير هذا الثنائي املتصلب :مؤهالت-
شواهد ،واستبداله بالثنائي كفايات -شواهد مبنية على وحدات تكوين( مصوغات أو
مجزوءات 148").Modulaire
وهكذا ،يتبين لنا أن سياق الووعيات يتمثل في االنفصال بين النظرية والتطبيق ،أو في
غرسة املدرسة عن الواقع و سوق الشغل.
التي يجب أن تتميز بها الووعية املشكلة -حسب أستوفلي ثمة مجموعة من الخصائ
( ،149)ASTOLFIنذكر منها:
على التلميذ صياغة فرويات أن تكون الووعية حقيقية ملموسة وواقعية تفر
وتخمينات.
تشبه هذه الووعية لغزا حقيقيا ينبغي حله ،و مواجهته بالقدرات املكتسبة.
تكون ذات خصوصية تحدد مجال فعل الكفاية.
تتطلب الووعية معارف وقدرات ومهارات تسهم في تكوين الكفاية في شتى مستوياتها
املعرفية ،والوجدانية ،والحركية .
-148نيكو هرت (:بصدد املقارسة علر الكفايات هل نحتاج إلى عمال أكفاء أم إلى مواطنين نقديين؟) ،الكفالات الي
التدر س ب ح النظرية والمارسة ،مطبعة أكدال،الرسا ،الطبعة األولى سنة 2222م ،ص.32 /26:
149 - Astolfi, j, p : ( Placer les élèves en situation – problème ? ). Dans Probio revue, 16, 4, Bruxelles :
ينبغي أن يكون املشكل الذي يعد للتلميذ مشكال حقيقيا ،ال يكون فيه الحل بديهيا.
ظهرت املقارسة بالكفايات بعد أزمة التشغيل التي كانت تعاني منها ومازالت تعاني منها دول
العالم الثالث ألن املدرسة لم تعد وظيفية تسهم في التنمية الشاملة ،وتحقق املستقبل
السعيد للمتعلمين وخريجي الجامعات الذين يتزايدون سنة بعد سنة .وقد ساهمت هذه
املدرسة غير الوظيفية في ازدياد أفواج العاطلين بشكل خطير .لذا ،فكرت الدول أن ترس
املدرسة باملحي وسوق الشغل بتأهيل املتعلمين تأهيال وظيفيا ،وتكوينهم تكوينا كفائيا
تحديات الواقع املوووعي .بمعنى خر ،تزويد املتعلمين أو الخريجين بكفايات ورورية
وأساسية يحتاجونها في أثناء مواجهتهم لووعيات جديدة أو صعبة أو مركبة أو معقدة أو
متنوعة بغية التكيف مع الواقع املوووعي سيما واقع الشغل أو العمل.
وفي هذا السياق بالذات ،ظهرت باملقارسة بالكفيات لتعيد النظر في وظيفة املدرسة التي
تركز كثيرا على املعارف الكمية على حساب الكفايات واملهارات والقدرات الوظيفية .ومن
ثم ،فقد ركزت هذه املقارسة الجديدة على ثالثة مكونات ورورية ي :الكفايات،
والووعيات ،والسياق الوظيفي .ومن ثم ،أضحت مقارسة إجرائية ناجعة في معالجة مشاكل
التربية والتعليم سيما مشكل التقويم الذي يعتمد على مفهوم جديد هو مفهوم اإلدماج
الذي يعني إدماج املتعلم ملوارده املكتسبة عند مواجهة الووعيات الصعبة .
152
وعلى العموم ،تس ى املقارسة بالكفايات إلى تأهيل رجال الغد ونسائه لتحمل مسؤولياتهم
بطريقة قائمة على اإلبداعية ،واملسؤولية ال خصية ،واالرتكان إلى التعلم الذاتي ،ومواجهة
املشاكل والووعيات الجديدة .ومن جهة أخرى ،تس ى إلى ت جيع املتعلم والطالب على
البحث واالستكشاف واالبتكار ،ومواجهة الظروف الصعبة .كما تساعده على التحلي بروح
العمل ،وتحقيق الجودة ،واملثابرة الجادة ،واملبادرة الحرة ،وتحمل املسؤولية .أي :تكوين
مواطن مسؤول وكفء .
ويضاف إلى ذلك أن هذه املقارسة التربوية الجديدة تهدف إلى تمهير املتعلم بمجموعة من
الكفايات األساسية واملستعروة التي تجعله يواجه مختلف الووعيات التي تواجهه في
الحياة العملية .لذا ،ارتبطت هذه املقارسة بسوق الشغل ،وكان الهدف منها هو تمهين
املتعلم لكي يواكب مختلف التطورات التي قد تصادفه في سوق العمل .عالوة على ذلك،
البد للتعليم أن يكون وظيفيا مرتبطا بسوق الشغل بغية القضاء على البطالة واألمية
الوظيفية .ومن ثم ،فاملدرسة -حسب نظرية الكفايات -ي لية من ليات اإلبداع،
واالبتكار ،واالختراع ،واإلنتاج ،والعمل ،والتطور الديناميكي.
150 -V. et G. Landsheere : Définir les objectifs de l’éducation, Liège et George Thoune 1975, p202.
153
فتعليم لغة ما -مثال -ال يمكن أن يكون ناجعا إال في سياق اللغة املرج ي ،واللغوي،
والتداولي.
ُ
كما أن هذه املقارسة الكفائية كيفية ومهارية تقوي ملكات العقل ،وتنمي املواقف
والكفايات املعرفية واملنهجية ،وتتحول فوها املحتويات إلى قدرات وكفايات وووعيات
مترابطة .ويعني هذا أن املقررات الدراسية تنتظم في شكل كفايات وووعيات متدرجة من
السهولة إلى الصعوسة فالتعقيد .ومن ثم ،تتميز هذه الووعيات بالتنوع وتعدد مسالكها
وتخصصاتها الدراسية.
154
واملركبة في الواقعين التربوي واملرج ي. -املقارسة السلوكية.
ينبني تخطي الدرس ،في ووء املقارسة بالكفايات ،على مجموعة من الخطوات الضرورية
التي تكمن في ما يلي:
-أن يكون التلميذ قادرا في خر الحصة على تركيب إنشاء في ستة أسطر يصف فيه م جد
ال ي موظفا في ذلك جملتين حاليتين وجملتين نعتيتين.
-أن يكون املتعلم قادرا في خر الحصة الدراسية على إنجاز جميع التطبيقات الكتابية في
ظرف ربع ساعة.
-أن يكون املتعلم قادرا على بناء قاعدة الدرس في أثناء املرحلة التكوينية.
وقد تكون الكفايات املسطرة معرفية ،أو وجدانية ،أو حسية حركية ،أو منهجية ،أو
ثقافية ،أو تواصلية...
155
تحويل الحتويات إلى أنشطة ووضعيات:
تكون محتويات الدرس عبارة عن أنشطة تعلمية وووعيات متنوعة ومتدرجة سواء أكانت
ووعيات معرفية أم وجدانية أم حسية حركية .وتتوزع هذه األنشطة بين ما يعود إلى
املدرس وما يعود إلى املتعلم .بمعنى أن هناك أنشطة املدرس وأنشطة املتعلم .ومن املعلوم
أن املدرس هو الذي يحضر الووعيات -املشكالت ليجيب عنها املتعلم .وقد ميز دوكتيل
من األنشطة التعلمية املرتبطة ببيداغوجيا اإلدماج، )DEبين خمسة أنما (KETELE
و ي:151
أنشطة الاناء.
أنشطة اإلدماج.
أنشطة التقويم.
واليمكن التمكن من هذه األنشطة الكفائية بشكل جيد ودقيق إال بتبيانها على النحو
التالي:
تقوم أنشطة االستكشاف على إثارة املتعلم ذهنيا ،ووجدانيا ،وحركيا.ثم ،جذبه إلى
الووعية الجديدة بغية إيجاد حلول مناسبة ملا تطرحها من مشاكل عويصة ،ودفعه إلى
التفكير فوها .ومن ثم ،تكون هذه األنشطة تمهيدية متزامنة مع التقويم التمهيدي أو القبلي
-151انظر :بيدايوجيا اإلدماج ،ترجمة :لحسن بوتكالي ،منشورات مجلة علوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة الثانية2226 ،م ،ص.30-33:
156
أو الت خيصاي ،وتتمحور حول التعلمات االعتيادية أو املكتسبة أو التعلمات السابقة.
والفرق بين االستكشاف في التعليم التقليدي والتعليم املعاصر إال من باب وجود السياق
ألن الووعيات ال تأخذ معناها ودالالتها الوظيفية إال في سياق تداولي ومرج ي ما .بيد أن ما
يالحء على مرحلة االستكشاف أن املتعلم هو الذي يقوم بهذا االستكشاف .في حين،
يحضر املدرس ووعيات االستكشاف الصعبة ليحلها املتعلم بطريقة منهجية فاعلة
وهادفة .ويعني هذا أن املتعلم ينطلق في استكشافه من ووعية املشكلة ،فيختار الحلول
املمكنة لحل هذه املشكلة املعقدة.
تعتمد أنشطة التعلم النسقي على بناء املعارف بطريقة تدريجية متناسقة بمراعاة التدرج
في عملية التراب واالتساق واالن جام بين املوارد األساسية التي ترتب بكفاية ما .وستعبير
خر ،فأنشطة التعلم النسقي ي" تلك األنشطة التي تتوخى تنظيم مختلف املعارف
والخلرات التي تمت معالجتها أثناء أنشطة االستكشاف :ترسيق املفاهيم ،وسنينة املكتسبات
وممارستها"152.
وتذكرنا هذه األنشطة بطريقة املربي األملاني هرسارت القائمة على التنسيق املنطقي بين
مجموعة من العمليات التدريسية ،مثل :املراجعة ،وقراءة األمثلة ،واستخراج القاعدة،
والتنسيق بين الفقرات ،والتطبيق.
تتمثل أنشطة البناء أو البنينة في الرس بين املكتسبات القديمة والجديدة ،أو الرس بين
املفاهيم املتقارسة ،أو املقارنة بين املفاهيم والقضايا املتباعدة أو املتكاملة .ويعني هذا أن
ثمة أنشطة ،مثل :التمارين التطبيقية التي تسعف املتعلم في عملية الرس والدمظ بين
وقد يتعلق األمر بإدخال بعض األفكار األساسية والتمثيلية التي تفسر للتلميذ جوهر
املعارف الجديدة املحتوى كله ،عن طريق األمثلة و /أو التمارين ،مما يمكنه من رس
بمعارفه السابقة وستجرسته153".
ويعني هذا أن أنشطة البناء تهدف إلى الرس بين التعلمات السابقة والتعلمات الجديدة.
يواجه املتعلم ووعية تتطلب حل مشكلة ما إما بشكل فردي ،وإما بشكل جماعي ،من
خالل التفكير في حيثيات املشكلة من خالل سياقها التداولي ،وتدبرها بشكل جيد .ثم،
اقتراح الحلول املناسبة واملمكنة ملعالجة هذه املشكلة .ومن ثم " ،يحقق التعلم بحل
االستكشاف ،في إيصال مفهوم دقيق ألنه يقترح املشكالت نتائظ أفضل من نشا
ووعية -مشكلة معقدة،تستلزم أن يقوم التلميذ بتعلمات متعددة ،متداخلة ومتمحورة
حول هذه الووعية في اآلن نفسه .و ي ليست نشاطا يستغرق دقائق أو ساعات معدودة،
وإنما يتطلب عدة أيام ،وأسابيع ،أو حتى عدة أشهر ...وتعتمد هذه املقارسة حاليا في التعليم
العالي بالخصوص154".
-153نفسه ،ص.63-62:
-154نفسه ،ص.03:
158
ويعني هذا أن البحث الذي يقوم به املتعلم يرتب بفروية أو مشكلة ما تستوجب البحث
والتنقيب معا ،وجمع املادة إليجاد حل لها.
يلتجئ املتعلم إلى أنشطة اإلدماج ،بعد اكتساب املوارد ،وبعد عمليات التوليف والتركيب
والدعم واملراجعة من أجل مواجهة ووعية أو مجموعة من الووعيات الصعبة بغية
تثبيت كفاية ما تمهيدا وتطبيقا .وستعبير خر ،يستدمظ املتعلم كل موارده املكتسبة
لتوظيفها لحل الووعية.أي :إن" نشا اإلدماج هو نشا ديدكتيكي يتوخى استدراج
ً
التلميذ لتحريك املكتسبات التي كانت موووع تعلمات منفصلة ،فهي -إذا -لحظات تعلمية
تقوم على إعطاء معنى لتلك املكتسبات.
ويمكن أن نسجأ إلى أنشطة اإلدماج في أية لحظة من التعلم ،السيما في نهاية بعض التعلمات
التي تشكل كال داال ،أي :عندما نريد ترسيق كفاية ،أو تحقيق الهدف النهائي لإلدماج.
وتتغير أنشطة اإلدماج هاته ،فأثناء التعلمات االعتيادية ،قد تكون أنشطة قصيرة (ال
تتجاوز دقائق معدودات) لووع مكتسبات عديدة ومن سياق .وفي نهاية التعلم ،تصير
املدة مهمة :قد تمتد من ساعة إلى عدة أيام155".
اإلدماج على فعالية املتعلم باعتباره بطال رئيسا في عملية بناء وعليه ،ينبني نشا
التعلمات ،وحل الووعيات املشكالت .كما يستلزم اإلدماج من املتعلم أن يع ئ كل موارده
املستضمرة لحل الووعية املطروحة عليه .كما أن نشا املتعلم نشا ذو معنى مرتب
بووعية جديدة ،وموجه نحو كفاية أو نحو هدف إدماج نهائي.
خاص بووعية حول حل املشكالت ،ونشا ومن أمثلة األنشطة اإلدماجية نشا
تواصل ،ومهمة معقدة تنجز في سياق معط ،وإنتاج حول موووع معين ،وزيارة ميدانية،
-155نفسه ،ص.62-63:
159
وأعمال تطبيقية ومختلرية ،وابتكار عمل فني ،وتدريب عملي ،وإنجاز مشروع ترسوي أو
مشروع القسم...
ويرتكز نشا اإلدماج على تحديد الكفاية املستهدفة ،وتحديد التعلمات التي نريد دمجها،
واختيار ووعية ما تكون دالة وجديدة تراعي مستوى املتعلم ،وتتيح فرصة إلدماج ما نريد
أن يتعلمه التلميذ ،وووع صيغ التطبيق ،مثل :ما يقوم به املتعلم ،وما يقوم به املدرس،
وإعداد الوسائل املتوفرة ،وتحديد املطلوب بدقة ،وتبيان أشكال العمل(فردي – جماعي-
املجموعات ،)...وتوويح مراحل العمل ،واإلشارة إلى بعض املزالق التي ينبغي تجنبها.
يرتب التقويم بعمليات اإلدماج .بمعنى أن التقويم في هذا املجال إدماجي يقيس كفايات
املتعلم وطريقة استدماجه للموارد ،وكيفية حله للووعية املشكلة .ويقوم التقويم على
أنشطة التقدير ،والقياس ،والتصحيح ،واملعالجة .ويعني هذا أن أنشطة التقويم ي بمثابة
ووعيات استدماجية تتطلب حال من قبل املتعلم اعتمادا على مجموعة من موارده
ومكتسباته السابقة بمراعاة السياق التداولي ،والنصاي ،واملرج ي ،وال خصاي.
البد من تمثل الطرائق التربوية التي تتالءم مع املقارسة بالكفايات واإلدماج باالنفتاح على
الوسائل اللفظية والبصرية والرقمية املتنوعة واملختلفة ،واستعمال النصوص والوثائق
ً
واملصادر واملراجع واألسناد واألس لة والتعليمات ومعايير التصحيح ومؤشرات التقويم .إذا،
من األجدى اختيار طريقة بيداغوجية تالئم نشاطا كفائيا ما ،و"ال يخف أن هناك طرائق
التلميذ مثل طريقة حل عديدة يمكن اتباعها ومنها الطرائق التي تركز على نشا
املشكالت ،أو الطرائق التي تنظم التعلمات حول مشروع معين(بيداغوجيا املشروع) ،أو
حول نشا وظيفي( دوكرولي -فريني) ،ومنها أيضا مجموع املمارسات البيداغوجية التي
160
تفردن األنشطة حسب مواصفات التالميذ واهتماماتهم .وهو إجراء مهم من منظور
اإلدماج ،بحيث إن املكتسبات املختلفة تترسخ بشكل فردي لدى التلميذ ،بما فوها األهداف
النوعية والقدرات والكفايات"156.
ويعني هذا كله أن املقارسة بالكفايات تستفيد من كل الطرائق التربوية والوسائل التعليمية
املمكنة التي تساعد املتعلم على حل جميع الووعيات التي يواجهها في واقعه ال ي.
/1التطايــق الكفائي:
من أجل تثبيت كفاية ما لدى املتعلم أو التأكد من تحقيقها البد من تقديم للمتعلم
مجموعة من التطبيقات واألنشطة التقويمية في شكل ووعيات قصيرة أو طويلة تتدرج في
البساطة والتعقيد .وتستلزم أن يوظف املتعلم كل مكتسباته السابقة وموارده القديمة
ملواجهة ووعية جديدة ،محددة في الزمان ،واملكان ،والسياق.
وثمة كتب وكراسات عبارة عن تطبيقات حول الووعيات الكفائية واالستدماجية .و ي
بمثابة أنشطة وووعيات متدرجة في البساطة والتعقيد ،وتكون التمارين املوجودة في
الكتب املدرسية والكراريس التطبيقية مرتبطة بكفاية ما .لذا ،تتنوع األنشطة على الرغم
من اشتراكها في خدمة كفاية معينة.
وللتمثيل :عندما نقول من الضروري أن نحمي البي ة ،فهذا هدف عام ال يمكن تقويمه
بشكل من األشكال.لكن عندما نضع هذا الهدف في شكل ووعية بالتركيز على األسباب
والحلول يمكن الحديث نذاك عن ووعية مشكلة هادفة وسناءة .وسالتالي ،اليمكن أن
معين ،وإذا تعدينا ذلك ،فسنلتجئ إلى التقطيع تتعدى الكفايات ثالثا في السنة في تخص
وتجزيء املحتويات أكثر فأكثر.
ويضاف إلى ذلك أنه البد أن يكون التقويم عبارة عن ووعيات معقدة ومركبة من أجل
التثبت من مدى تملك املتعلم للكفايات الحقيقية .والبد أن تووع تلك الووعيات في
سياقات واقعية حية بتقديم مجموعة من الصور واألسناد والبيانات ملعالجتها .ويترتب عن
ذلك صدق التقويم وثباته .وهذا ما يسمى باملقارسة بالكفايات أو املقارسة علر الكفايات
األساسية.
وسناء على ما سبق ،ننتظر من املتعلم إجابات أصيلة ومبدعة لحل ووعية ما ،والبد من
تقويم ما أنتجه املتعلم في ووء مجموعة من املعايير التي يسموها روجرز مؤشرات
التصحيح ( .)Critères de correctionومن ثم ،فمعيار التصحيح هو ذلك املؤشر الذي
ينبغي مراعاته في إنتاج التلميذ كاإلنتاج الواض ،الدقيق ،واإلنتاج املن جم ،واإلنتاج
157- ROEGIERS, X. Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck Université.2003.
162
ً
األصيل....إذا ،فاملؤشر هو وجهة نظر من خاللها نقوم عمال ما .وإذا أردنا أن نقوم العبا
رياويا ما ،فالبد من التركيز على األناقة ،وجودة اللعب ،وان جام الفريق ،واإلنتاجية.
ومن أهم مؤشرات التقويم الؤشر األدنى ( )Critère minimalومؤشر اإلتقان .فمؤشر
األدن هو الذي يحدد بعض الشرو لتحقيق كفاية ما كأن نقول بأن السباح الكفء هو
الذي ال يغرق .وسالتالي ،يحافء على توازنه .أما إذا أوفنا كفايات أخرى ،مثل :السرعة،
وشدة الحركة ،واألناقة ،واحترام القواعد ،فإننا ننتقل إلى مؤشر اإلتقاح( critère de
.)perfectionnement
والبد من التقليل من املؤشرات الدنيوية وإال كنا قساة مع املتعلمين عندما تتضخم هذه
املؤشرات التقويمية .ويعني هذا أن التقويم اليبنى على محك األخطاء ،بل يبنى على قياس
الكفايات املهارية فليس هناك من ال يخطئ ،وال يعقل أن يكون الخطأ هو املعيار الوحيد
للتقويم .
ويمكن االستعانة في أثناء التقويم اإلدماجي بقاعدة دوكيتيل ( )De Keteleالتي تسمى
بقاعدة . 6/2بمعنى أن نسبة النجاح الكفائي هو اإلجابة عن ووعيتين من ثالث
ووعيات . 158والبد من االحتكام أوال إلى املؤشر األدن بدل االحتكام إلى مؤشر اإلتقان
التكميلي.
والبد أن تكون معايير مؤشر األدن مستقلة عن بعضها البعض ،فال يعقل أن تكون األس لة
مترابطة ومتتابعة ومتناسلة ألننا سنكون قساة مع املتعلمين ،بل البد أن تكون األس لة
منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض لكي تكون هناك حظوظ متوفرة أمام املتعلم .عالوة
على وجود معيار االن جام الذي يستلزم تراب أجزاء املوووع منهجيا ومنطقيا ،ومعيار
158- DE KETELE, J.M. L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? Pourquoi ? Pour quoi ?, Revue
Tunisienne des Sciences de l'Éducation, 23,1996, p. 17-36.
163
املالءمة الذي يعني تال م أجوسة املتعلم مع تعليمات الووعية ومعطياتها ،ومعيار
االستعمال السليم لتقنيات التخص ،ومعيار االتساق الداخلي .وسطبيعة الحال ،هذا له
عالقة بالكفاية األساسية والكفاية النوعية.
أن تنصب الكفايات على قيم إيجابية كاملواطنة وحماية البي ة مثال.159
كما يبنى االختبار اإلدماجي علر مجموعة من املحطات على النحو التالي:
ووع معايير التقويم املستقلة بشكل واض ،ودقيق في ووء قاعدة .6 /2
كتابة األسناد والتعليمات لكي تكون املهمة التي ينبغي إنجازها من قبل املتعلم
واضحة.
تحديد مؤشرات التصحيح التي سيعتمد علوها املدرس حين تصحيح ورقة االختبار.
ومن األفضل واألجدى االكتفاء بووعية واحدة أو ووعيتين على األقل ،وعدم تقسيم
التعليمات إلى أس لة فرعية جزئية متعددة يجعل املتعلم أمام صعوسات معرفية ومنهجية
بسبب تعدد األس لة التي قد تكون متشابهة وتابعة للتعليمة األولى أو الثانية أو الثالثة.
159 -ROEGIERS, X. Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck Université.2003.
164
بمعنى بناء أس لة مستقلة هادفة وناجعة .والبد من تجذير الووعية داخل سياقها التداولي
وتكون ووعية جديدة ،ويكون اإلنتاج أصيال .كما يجب االبتعاد عن نصوص ووثائق
وأسناد معروفة ،فالبد أن تكون جديدة وموووعة ومن سياق جديد.
وتقوم املؤشرات بدور مهم في توفير تصحيح عادل ،فقد يكون مؤشرا كيفيا كأن نطالب
املتعلم بتوظيف أفعال أو صفات أو أحوال أو تشابيه أو استعارات في وصفه ،وقد يكون
مؤشرا كميا عندما نطالب املتعلم على مستوى التركيب بتوظيف ثلثي من الجمل احيحة
لكي ينال .6 / 2
وعليه ،فللتقويم الخاوع للمعايير واملؤشرات فوائد مهمة -حسب روجرز -ي:160
تكوح النق عادلة .بمعنى أن التقويم ينصب -هنا -على الكفايات .ومن ثم ،فكثير من
الراسبين في التربة التقليدية قد يكونوا ناعحين .وكم من ناع ،يستحق اإلخفاق في النظرية
الجديدة مادام الهدف هو التركيز على الكفايات والقدرات املهارية ،وليس على املعلومات
وكثرة املعارف.
تثم ح النق اإللجابية ،بتقويم العناصر األساسية ،وإظهار مواطن القوة والعناصر
اإليجابية في إنتاجات املتعلمين.
البد من تخفيض مؤشرات التقويم لتحقيق مدرسة النجاح واألمل .كلما زادت معايير
التقويم واع التلميذ بين هذه املؤشرات .وسالتالي ،ال يستطيع التحكم في األجوسة املتعددة.
لذا ،البد من االكتفاء بمؤشرين أو ثالثة .كما يمكن االكتفاء بكفايتين أو ثالث كفايات
أساسية .وكلما أكثرنا من مؤشرات التقويم ،وخاصة إذا كانت مؤشرات تابعة وغير
مستقلة ،فإننا نرتكب ظلما في حق املتعلم الذي نعاقبه مرات متعددة على الخطإ نفسه.
160- ROEGIERS, X :L'école et l'évaluation. Bruxelles: De Boeck Université.2004.
165
ومن األفضل كذلك أن يعرف املتعلم معايير التقويم لكي يستأنس بها فيعطي كل ما لديه .
و بالتالي ،يمكن أن يلتجئ إلى التقويم الذاتي.
وتأسيسا على ما سبق ،يعتمد التقويم اإلدماجي على تسطير ووعية معينة مرتبطة
بمواردها وسندها وحاملها وتعليماتها ومعاييرها ومؤشراتها التقويمية .باإلوافة إلى ووع
شبكات التمرير ،والتحقق ،واملعالجة ،والدعم ،واالستدراك .ومن املعروف أن املدرس
املدبر يقدم للمتعلم ثالثة أنواع من األنشطة الدراسية:
أنشطة تدر سية ،أو ما يسمى ألضا بالوارد أو التعلمات ،وترد في شكل معارف عقلية
وذهنية ،أو في شكل قيم ومواقف وجدانية ،أوفي شكل مهارات سلوكية حسية حركية
الوضعيات اإلدماجية التي توظف األسناد املكتوسة واملصورة لحمل املتعلم على تعب ة
املوارد التي اكتسبها في أثناء أسابيع تعلم املوارد.
وعليه ،تنقسم السنة الدراسية ،في التعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي ،إلى أربعة وثالثين
الفعلي يطابقها ججم حصصاي من 3222إلى 3222ساعة. أسبوعا كامال من النشا
وتنقسم السنة الدراسية إلى أربع مراحل أو درجات .وتتكون كل مرحلة من ثمانية أسابيع
األسبوع األول والثاني والرابع والخامس إلرساء موارد الكفاية .ويخص إذ يخص
والتوليف والدعم والتقويم أو ما يسمى كذلك األسبوع الثالث من كل مرحلة للرس
األسبوع السابع والثامن لإلدماج ،فالسابع إلنماء الكفاية، باإلدماج الجزئي .بينما يخص
األسبوع الثامن لتقويمها معالجة ،وتصحيحا ،ودعما. ويخص
166
ويستلزم تدبير الووعية اإلدماجية أن تقدم للتلميذ املتعلم مجموعة من املوارد في شكل
ووعيات مركبة متنوعة بغية استدماج كل مكتسباته املعرفية ومواقفه الوجدانية
ومهاراته الحسية الحركية من أجل إيجاد حلول مناسبة لتلك الووعيات املتدرجة في
السهولة والصعوسة .و ينتقل املتعلم إلى إنماء كفايته الشفوية أو الكتابية ،بإنجاز
مجموعة من الووعيات اإلدماجية تعلما وتطبيقا بعد مجموعة من أسابيع إرساء املوارد،
والرس بين التعلمات توليفا وتقويما.
وبعد االنتهاء من اإلدماج ،يلتجئ املدرس إلى تقويم الكفايات املستهدفة وتصحيحها في ووء
معايير الدعم املناسبة ومؤشرات التقويم اإلدماجي رغبة في إيجاد حلول عالجية داخلية
وخارجية.
وهكذا ،يعتمد املدرس في تدبير الووعية اإلدماجية على دفتر أو كراسة الووعيات
اإلدماجية التي تتضمن مجموعة من الووعيات واألسناد والصور األيقونية والوثائق
التدريسية املرفقة بمجموعة من التعليمات وسلم التنقي .ومن جهة أخرى ،هناك دليل
167
اإلدماج ،ويشتمل على بطاقات التمرير أو االستثمار ،وشبكات التحقق ،وكذلك شبكات
التصحيح.
وعليه ،يستوجب تدبير الووعية اإلدماجية أربعة مراحل متكاملة ومتتابعة ي:
إنجاز العمل املطلوب باحترام تعليمات الووعية ،وإنجاز العمل كما هو مطلوب
وموصوف ،واستثمار الصور والوثائق بشكل جيد لخدمة املوووع.
املعالجة الداخلية والخارجية تقويما وتصحيحا ودعما من أجل تطوير اإلنتاج .وهنا،
يعتمد التصحيح الذاتي وتحسين اإلنتاج.
وتعد املعالجة الطريقة التي تدفع املتعلم إلى تحقيق النجاح الدراهاي .ويلتجئ إلوها املدرس
أو االختبارات واالمتحانات والروائز بغية بعد االنتهاء من عملية تصحيح الفرو
مواطن الضعف والقوة بتمثل املعالجة الداخلية التربوية والتدريسية ،وتمثل ت خي
املعالجة الخارجية ذات الطابعين النف اي واالجتماعي .بمعنى أن املعالجة تهدف إلى
اكتشاف األخطاء وت خيصها ووصفها وتقديم معالجة إجرائية ناجعة .ومن ثم ،تستند
املعالجة التدريسية إلى أربع مراحل:
الكشف عن األخطاء.
وصف األخطاء.
ويعني هذا أن املصح ،أو املقوم يبدأ بتحديد األخطاء التي ارتكبها املتعلم في موووعه
حسب سياقها ومظانها .وبعد ذلك ،يصف األخطاء املرصودة في اإلنتاج ال خصاي،
فيصنفها إلى أنواع ،مثل :أخطاء صوتية ،وأخطاء إمالئية ،وأخطاء صرفية ،وأخطاء
داللية ،وأخطاء تركيبية ،وأخطاء تداولية...وسالتالي ،يحدد مواطن الضعف والقوة لدى
املتعلم بالبحث عن أسباب هذه األخطاء متسائال عن مصدرها :هل ترجع إلى مصدر داخلي
تدري اي وترسوي أم إلى مصدر خارجي نف اي واجتماعي؟! بمعنى البحث عن عوامل ذاتية
وموووعية.
والتعثرات وفي األخير ،يقترح مجموعة من اإلستراتيجيات لتجاوز هذه األخطاء والنواق
التي قد ترتب باملدرس أو املتعلم أو بالنظام التربوي العام .وال تتم املعالجة إال إذا تكرر
الخطأ مرات عدة.أما الذي يقوم باملعالجة ،فقد يكون املدرس نفسه ،أو املتعلم نفسه في
إطار التصحيح الذاتي ،أو تلميذ خر ،أو قد يكون أخصائيا نفسانيا أو أخصائيا اجتماعيا
أو مسحقا إداريا أو ترسويا ،وقد يلتجئ كذلك إلى وسائل اإلعالم وال جالت الذاتية واللرامظ
الرقمية ...
169
تمثل منهجيات تعلمية جديدة كمنهجية اإلدماج ،ومنهجية االستكشاف ،واالعتماد
على التعلم الذاتي ،وتمثل التعلم النسقي.
وخالصة القول ،يتبين لنا -مما سبق ذكره -أن املقارسة بالكفايات ي التي تنصب على
ُ
املتعلم ،وتعنى بتطوير الكفايات والقدرات لديه بووعه أمام الووعيات -املشكالت التي
تستوجب حال ناجعا انطالقا من سياق ما .بمعنى أن املقارسة بالكفايات ي مقارسة ترسوية
جديدة تعطي األولوية للمتعلم الذي يملك القدرة على اكتساب املعارف واملوارد التي ينبغي
توظيفها في أثناء مواجهته للووعيات الصعبة واملعقدة.
وعليه ،تهدف هذه املقارسة التربوية املعاصرة إلى تكوين متعلم كفء يعرف كيف يستثمر
املعرفة ويوظفها ،ويعرف كيف ينمي تفكيره بطريقة ميتامعرفية .ومن ثم ،ال تهتم هذه
املقارسة باملحتويات واملعارف كما هو حال املدرسة التقليدية بقدر ما تهتم بالكيف والوعي
بطريقة اكتساب املعارف واملهارات واملواقف والكفايات التواصلية والثقافية واملنهجية.
ويعني هذا أن املقارسة بالكفايات ترس الكفايات بالووعيات داخل سياق تداولي ما.
وأهم إيجابية تمتاز بها هذه املقارسة التربوية هو إعادة النظر في مقاييس التقويم واالختبار،
واالستعانة بالتقويم اإلدماجي الكفائي في الحكم على الكفاءات والقدرات التعلمية .ومن
مزايا هذه املقارسة كذلك أنها تتبع الحياة ال خصية للمتعلم طوال مساره الدراهاي ،فتقيم
بيد أنه اليمكن تطبيق هذه املقارسة في األقسام التعليمية املكتظة بالتالميذ .واليمكن أيضا
تمثلها في الفصول الدراسية العادية التي فوها تعدد في الفوارق الفردية الناتجة عن سياسة
الخريطة املدرسية .ويتعذر أيضا تطبيقها في األقسام املشتركة كما هو الشأن في املغرب.
كما تستوجب هذه املقارسة أن يحضر املدرس الكفائي مجموعة من الووعيات الصعبة
التي تتناسب مع مستوى املتعلم .ناهيك عن تعقد مساطير التقويم اإلدماجي بالنسبة
للمدرس .كما أن الحاجة ماسة إلى تكوين املدرس في إطار هذه البيداغوجيا تكوينا كفائيا
حقيقيا ومنتجا ومبدعا وهادفا حيث يصبح املدرس موجها ومرشدا ومحضرا للووعيات
اإلدماجية ،وليس معلما أو ملقنا أو مالكا للمعرفة املوسوعية التي يريد أن ي حن بها عقل
املتعلم كما ،وليس كيفا.
وسصفة عامة ،يعني التدبير مجمل التقنيات التي تعتمدها اإلدارة لتنفيذ أعمالها وتصريفها.
وغالبا ،ما يتخذ التدبير طابعا كميا باعتماده على املعايير الكمية القائمة على اإلحصاء
الرياضاي واملحاسباتي.
171
ومن جهة أخرى ،يعني التدبير مجموعة من القواعد التي تتعلق بقيادة املقاولة االقتصادية
وتنظيمها وتسيير دفتها .أي :إن مفهوم التدبير مفهوم اقتصادي بامتياز ،يرتب كل االرتبا
بتسيير الشركات واملقاوالت .وسالتالي ،فالتدبير بمثابة إدارة شاملة ملؤسسة أو مقاولة أو
منظمة ما تعمل جادة لتحقيق الجودة املطلوسة وفق مجموعة من املباد املتدرجة
واملتالحقة واملتكاملة التي تتمثل في :التخطي ،والتنظيم ،والتنسيق ،والقيادة ،واملراقبة.
ولم يقتصر التدبير على ماهو اقتصادي ومقاوالتي وإداري فق ،بل تجاوز ذلك إلى ماهو
ترسوي وتعليمي بالتركيز على املشاريع التربوية ،وتدبير عملية التكوين ،واالهتمام بمختلف
التعلمات في سيرورتها التدريسية القائمة على املدخالت (األهداف والكفايات ) ،والسيرورة
(املضامين ،والطرائق ،والوسائل) ،واملخرجات(التقويم ،والتغذية الراجعة ،واملعالجة،
والدعم).
وإذا كان التخطي تصورا نظريا استشرافيا ،فإن التدبير تنفيذ وإنجاز وتطبيق لهذه
الخطة النظرية التنبؤية .وفي هذا الصدد ،يقول محمد أمزيان:
" إن التدبير مرحلة التطبيق الفعلي لسخط واللرامظ ،ويتم خاللها تدبير ووعيات التعليم
والتعلم.كما يتم أيضا بناء الووعيات التي تسمح بنقل املعارف والخلرات والقيم
للمستفيدين وفق خطة محكمة.
ولسحكم على جودة هذه املرحلة ،يتم تقويم نوعية الووعيات املهنية املتبناة لنقل املعرفة،
وكذا طبيعة الوسائل أو الشرو املتوفرة ،ثم املوارد املوجودة ملتابعة نتائظ عملية التكوين
أو إعادة التكوين ورصدها162".
-162محمد أمزيان :تدب ر جودة التعليم ،مطبعة أفريقيا الشرق ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة
2223م ،ص.326:
172
وهكذا ،فالتدبير هو التخطي املعقلن ،وترصد العواقب قبل اإلقدام على فعل (ايء ما،
والتفكير في األمور بجدية وعقالنية .وقد ورد التدبير في القر ن الكريم بمعنى تدبر املعنى
فهما وتفسيرا وتأويال كما ذهب إلى ذلك ابن كثير في كتابه ( تفس رالقرطح العظيم) .وفي هذا
الصدد ،يقول ابن كثير في تفسير هذه الكلمة:
" قد قال تعالى ﴿:أفال يتدبرون القر ن ولو كان من عند غير ت لوجدوا فيه اختالفا كثيرا"،
عنه ،وعن تفهم معانيه يقول تعالى مرا لهم بتدبر القر ن ،وناهيا لهم عن اإلعرا
املحكمة وألفاظه البليغة163﴾...
وعليه ،فالتدبير ،في مدلوله اللغوي ،بمعنى إعمال النظر والفكر ،وتوقع العواقب قبل
اإلقدام علوها حذرا واحترازا واجتنابا.164
أما التدبير من حيث االصطالح ،فهو عبارة عن مجموعة من العمليات والتقنيات واآلليات
والخط اإلجرائية التي يعتمد علوها املدبر لتنفيذ األنشطة والتعلمات واملشاريع في إطار
زمكاني معين انطالقا من كفايات وأهداف محددة ،واعتمادا كذلك على مجموعة من
املوارد والطرائق والوسائل سواء أكانت مادية أم معنوية.
-163ابن كثير :تفس رالقرطح العظيم ،الجزء الثاني ،دار طيبة ،طبعة 3666م ،ص .623-623:
-164خالد الصمدي :مصطلحات تعليمية من التراث اإلسالمي ،منشورات املنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم
والثقافة -إيسيسكو ،الطبعة األولى سنة 2220م ،ص.303:
173
وينبني التدبير التربوي على مجالين مهمين هما :تدبير املشاريع التربوية ،وتدبير التكوين.
ويقصد باملشروع مجموعة من املهام التي لها أهداف معينة .بمعنى أن املشروع ينصب على
إنجاز مهمة أو نشا أو عمل ترسوي وفق مجموعة من األهداف املسطرة .عالوة على توفر
ُ
مجموعة من اإلمكانات البشرية ،واملادية ،واملالية ،واملعنوية .وتنجز هذه املهام بطريقة
مرنة ،في فضاء معين ،وفي زمان محدد ،وسوسائل مناسبة .وغالبا ،ما تكون املشاريع التربوية
مشاريع ثقافية ،وتعليمية ،واجتماعية ،وسيئية ،وفنية ،وإعالمية ،...يستفيد منها املتعلم
واملعلم على حد سواء .وتخضع هذه املشاريع لخطة مقننة ،وتحوي األهداف والكفايات،
والعمليات ،واملخرجات التقويمية.
وعليه ،يعرف املشروع التربوي مجموعة من املراحل ،مثل :تدبير املدخالت ،وتدبير
العمليات ،وتدبير املخرجات ،وتدبير املخاطر ،وهذا كله من أجل تحقيق الجودة الحقيقية
والفعالة165.
أما تدبير التكوين ،فيقصد به ووع خطة متقنة وجيدة لتأهيل املتدرسين واملوارد البشرية
في ووء مجزوءات إجبارية وتكميلية وداعمة لتمهيرهم بكفاءات مهنية وقدرات حرفية كأن
نزود هؤالء بمهارات وقدرات معرفية في مجال التربية العامة والخاصة ،أو نمكنهم بتليات
البحث التربوي وطرائق التدريس ،أو نقدم لهم معلومات تشريعية تتعلق بالوظيفة
العمومية...ويعني هذا كله أن التدبير التربوي يهتم باملوارد البشرية من حيث التخطي ،
والتوظيف ،والتعيين ،بعد عمليات االستقطاب ،واالختيار ،واالنتقاء .عالوة على تحليل
العمل وتوزيعه وتخصيصه ،وتوصيف الوظيفة بكل مكوناتها ،وترتيبها ترتيبا هرميا في شكل
ساللم ودرجات ورتب ،وتدريب املوظفين وتكوينهم وفق معايير الجودة ،وتأهيلهم تأهيال
كفائيا ،وتقويم أدائهم تقويما قبليا ،وتكوينيا ،وإجماليا ،وإدماجيا ،وإشهاديا ،وتنمية
مسارهم الوظيفي بشكل مستمر.
وهكذا ،فالتدبير التربوي الناجع هو الذي ينصب على تدبير التكوين ،وتدبير املشاريع .وأكثر
من هذا فالتدبير التربوي هو مجموعة من التقنيات التي يلتجئ إلوها املكون في عملية
التكوين لتحقيق أهدافه ،وتنمية الكفايات املكتسبة...
وأكثر من هذا يهتم التدبير التربوي بتكوين األطر ،وإيجاد املنا ا والتقنيات املناسبة
والكفيلة لحل املشاكل املعقدة ،ومواجهة الووعيات اإلدماجية املستعصية ،وتدبير
الفضاء الزمكاني لتوفير حياة مدرسية سعيدة بالتركيز على عمليات التخطي ،والتنظيم،
والتنسيق ،واملراقبة ،والتقويم ،وتدبير الندوات والدروس واملشاريع املشتركة .فضال عن
تدبير األقسام املشتركة ،وتدبير التعليم األولي ،وتدبير املعوقين أو ذوي الحاجيات الخاصة.
ومن ناحية أخرىُ ،يعنى التدبير التربوي بالتعليم املصغر ،وتدبير البحوث التربوية ،وتدبير
التعلمات ،وتدبير العمل الجماعي في ووء معطيات علم النفس االجتماعي ،أو ديناميكية
الجماعات ،وتدبير التنشي وفق الطرائق البيداغوجية الحديثة أو الفعالة.
وفيما يتعلق بتدبير العملية التعليمية -التعلمية ،فهو يهتم ببناء ووعيات تعليمية-
تعلمية تطبيقية في مدة معينة ،وتدبيرها في مستوى دراهاي معين ،أو ومن مستويات
دراسية مختلفة من مستويات املدرسة االبتدائية أو اإلعدادية أو التأهيلية إما داخل فصل
دراهاي أحادي ،وإما داخل فصل دراهاي مشترك ،اعتمادا على مجموعة من الوثائق
واللرامظ الرسمية باستعمال أشكال التنفيذ وفق مقارسات متنوعة ومختلفة ،مثل :املقارسة
اإلبداعية ،واملقارسة باملضامين ،واملقارسة باألهداف ،واملقارسة بالذكاءات املتعددة ،واملقارسة
بامللكات ،واملقارسة بالكفايات و اإلدماج...
175
ويعني هذا أن التدبير التدري اي هو بناء الدرس في شكل ووعيات تعلمية وإدماجية حسب
مقاطع فضائية وزمانية معينة بالتركيز على مجموعة من األنشطة التي يقوم بها املعلم
واملتعلم معا وفق طرائق بيداغوجية ووسائل ديدكتيكية معينة بتمثل معايير ومؤشرات
محددة في التقويم واملعالجة.
وعليه ،ينصب التدبير التدري اي على تدبير الفصل الدراهاي ،وتدبير التعلمات وفق
مقارسات مختلفة .لذا ،يبدو أن َمهمة تدبير الفصل الدراهاي مهمة مركبة تتطلب من
املدرس قدرات متعددة سواء تعلق األمر بتنظيم ووعيات التعلم ،أم بتدبير التعلمات ،أم
بتحفيز املتعلمين ،أم بضب القسم .وسالتالي ،يشكل تدبير التعلمات جانبا من جوانب
تدبير الفصل الدراهاي.
ومن هنا ،يهتم التدبير الديدكتيكي بالووعيات التعليمية -التعلمية وفق مقاطعها املتنوعة
واملختلفة كأن يكون مقطعا دراسيا ابتدائيا ،أو وسطيا ،أو نهائيا .كما ينبني هذا التدبير على
فلسفة األهداف والكفايات اإلدماجي سواء أكانت نمائية أم مستعروة من خالل االنفتاح
على تقنيات التربية الخاصة وعلوم التربية تخطيطا ،وتنظيما ،وتنسيقا ،وقيادة ،وتقويما.
يتضمن املحتوى التدري اي ما يقدم للمتعلم من مضامين وقيم وخلرات وتجارب ومعارف
ومعلومات مهمة تنفعه في حياته اليومية أو املهنية أو املستقبلية .وإذا كانت املدرسة
التقليدية مدرسة مضامين بامتياز حيث كانت تركز كثيرا على املعرفة والكم املعلوماتي،
فإن املدرسة الحديثة مدرسة أهداف ،ومهارات ،وكفايات منهجية وتواصلية وثقافية.
بمعنى أن املعرفة لم تعد الشاغل األساس بالنسبة للمتعلم ،فهناك ما هو أهم منها
كاملهارات والقدرات الكفائية ألن املعارف واملعلومات تتغير ،في عاملنا اليوم ،بسرعة مذهلة.
176
وتتجسد املضامين في مجموعة من املرجعيات التربوية ،مثل :املنهاج الذي يعلر عن فلسفة
الدولة في التعليم والتربية .وهو عبارة عن أهداف وغايات عامة تهدف إلى تكوين مواطن
صال ،متعلم وقادر على مواجهة الووعيات الصعبة واملعقدة في حياته الدراسية
والواقعية .بمعنى أن املنهاج املدرهاي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية والتعليم.
وتتأثر فلسفة املنهاج بالظروف املحلية والدولية على الصعيد السياهاي ،واالجتماعي،
واالقتصادي ،والثقافي ،والديني ...في حين ،يعد اللرنامظ أقل عمومية من املنهاج ،وأكثر
تجريدا من املقرر التعليمي .بمعنى أن اللرنامظ يتضمن محتويات وقيما وعناوين ومضامين
عامة غير مفصلة بشكل إجرائي ،وتستمد خلراتها من فلسفة املنهاج .وبعد ذلك ،تتحول
مضامين هذا اللرنامظ إلى مقررات دراسية خاصة بكل مادة معينة ،وتكون هذه املقررات
مفصلة ،وأكثر خصوصية وإجرائية.
عالوة على ذلك ،ترتب املحتويات واملضامين باألهداف العامة والخاصة .كما تنطلق أيضا
من املقارسة بالكفايات واإلدماج بعد أن كانت املدرسة التقليدية تلقن معارفها للمتعلمين
دون أن يكون لها منطلق فلسفي أو أهداف معينة ،أو تصدر عن مقصدية كفائية واعية.
ومن ثم ،فاملحتويات -حسب محمد الدريظ " -ي كل الحقائق واألفكار التي تشكل الثقافة
السائدة في مجتمع معين وفي حقبة معينة.إنها مختلف املكتسبات العلمية واألدبية
والفلسفية والدينية والتقنية وغيرها مما تتألف منه الحضارة اإلنسانية ،ومما تزخر به
الثقافات الشعبية املحلية في كل البقاع ،والتي تصنف في النظام الدراهاي إلى مواد مثل:
اللغة والحساب والتاريق والجغرافيا...إلخ .على أن اختيار مادة دون غيرها أو قسطا منها
دون سواه يتم بناء على الغايات واألهداف املتوخاة .في حين ،يبق تنظيم املحتوى رهينا
177
بمتطلبات العملية التعليمية ذاتها وسأشكال العمل الديداكتيكي .أي :ما يصطس ،على
تسميته بطرق التدريس".166
ومن هنا ،تخضع املحتويات واملضامين الدراسية ملجموعة من املقاييس ،مثل :مقياس
االختيار ،ومقياس التنظيم ،ومقياس التصنيف ،ومقياس الوحدة أو الفروع ،ومقياس
التدرج ،ومقياس التنويع ،ومقياس املدخالت ،ومقياس املستويات ،ومقياس الثقافة،
ومقياس علم النفس العقلي والنمائي ،ومقياس التقويم ،واملقياس املنهجي ،واملقياس الكمي
والكيفي ،ومقياس التوزيع ،ومقياس التخطي ،ومقياس التدبير...
وإذا كانت املدرسة التقليدية تختار املحتويات على أساس معرفي كمي ومضموني ،وتعد
املعارف ي األساس في العملية التعليمية فإن املدرسة الحديثة تنطلق من األهداف
والكفايات واملهارات وعلم النفس النمائي في ووع املحتويات وتقديمها للمتعلم.وفي هذا
الصدد ،يقول محمد الدريظ:
" إننا بدأنا نشاهد في السنوات األخيرة محاوالت الختيار املواد الدراسية ،وتنظيمها بناء على
مقاييس أخرى أكثر ان جاما ،متمشيا مع ما لت إليه املجتمعات املعاصرة ،ومع وتيرة
التقدم العلمي .من هذه املقاييس مقياس اختيار مادة التعليم وفق األهداف املرسومة،
وفي ان جام تام مع الغايات املحددة.
ومن مقاييس اختيار املواد وتنظيم محتوياتها وتوزيعها على املستويات ،هناك االختيار الذي
يرتكز على حقائق علم النفس ،وخاصة علم النفس النمائي ونظريات التعلم وغيرها من
املقررات من معطيات ثمينة عن شخصية الفروع ،التي تمكن واوع اللرامظ ومخط
التالميذ وقدراتهم العقلية وميوالتهم النفسية ومراحل النمو التي يخضعون لها...وهكذا،
-166محمد الدريظ :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،طبعة 3600م،
ص.36:
178
يتم مراعاة الفترة املناسبة من مراحل نمو ال خصية لتقديم مجموعة من املعارف
واملهارات .كما قد يتم تحديد املواد ومحتوياتها بناء على الثقافة السائدة في املجتمع،
ي ومتطلبات التنمية167"... وانطالقا من حاجياته وحاجيات التكوين امل
ُ
وعليه ،تبنى املقررات واملضامين واملحتويات الدراسية في املدرسة الحديثة واملعاصرة على
أساس علمي موووعي قائم على مكتسبات علم النفس العقلي واالرتقائي ،ويبنى كذلك
على أساس األهداف والكفايات اإلدماجية.
النهاج التربوي:
إذا تصفحنا املعاجم والقواميس اللغوية للبحث عن مدلول املنهاج أو املنها ،فسنجد
شبكة من الدالالت اللغوية التي تحيل على الخطة ،والنها ،واملسلك ،والتصميم،
والطريقة ،والهدف البين ،والسير الواض ،،والصرا املستقيم .وفي هذا ،يقول ابن منظور
في(لساح العرب):
" نها :طريق نها :بين واض ،وهو النها ،والجمع نهجات ونها ونهوج ...وطرق نهجة وسبيل
منها :كنها .ومنها الطريق :وضحه .واملنهاج :كاملنها .وفي التنزيل:لكل جعلنا منكم شرعة
.وأنها الطريق :وض ،واستبان وصار نهجا واضحا بينا... ومنهاجا
أي تعين وتقوي .واملنهاج :الطريق الواض .،واستنها الطريق :صار نهجا .وفي حديث
العباس:لم يمت رسول ت -صلى ت عليه وسلم -حتى ترككم على طريق نا جة ،أي
واضحة بينة .ونهجت الطريق :أبنته وأوضحته .يقال :اعمل على ما نهجته لك .ونهجت
ويعني هذا أن املنهاج عبارة عن مسلك أو تصميم أو طريقة واضحة املدخالت واملخرجات.
وهو أيضا عبارة عن خطة واضحة الخطوات واملراقي ،تنطلق من البداية نحو النهاية علر
العمليات اإلجرائية التطبيقية .ويعني هذا أن املنها ينطلق من مجموعة من الفرويات
واألهداف والغايات ،ويمر علر سيرورة من الخطوات العملية واإلجرائية قصد الوصول إلى
نتائظ ملموسة ومحددة بدقة مضبوطة.
ويقصد باملنهاج ،في مجال التربية والتعليم ،ذلك املخط العام الذي يعلر عن فلسفة
الدولة في التعليم والتربية .وهو عبارة عن فلسفة سياسية وغايات عامة تهدف إلى تكوين
مواطن صال ،متعلم وقادر على مواجهة الووعيات الصعبة واملعقدة في حياته الدراسية
والواقعية .بمعنى أن املنهاج املدرهاي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية والتعليم.
وتتأثر هذه الفلسفة بالظروف املحلية والدولية على الصعيد السياهاي ،واالجتماعي،
واالقتصادي ،والثقافي ،والديني...
وعليه ،فاملنهاج هو خطة العمل في املجال التربوي والتعليمي ،ويشمل أنواع الخلرات
والدراسات والتجارب واملهارات واملواقف التي توصلها املدرسة إلى التالميذ واملتعلمين.
بمعنى أن املنهاج هو تصور مستقبلي استشرافي في مجال التربية والتعليم ،هدفه هو تنظيم
املدرسة من جهة ،وتوجيه العملية التعليمية-التعليمية من جهة أخرى ،أو هو بمثابة نوع
والتشريع والقوانين التي تنظم التربية بصفة عامة ،والعملية التدريسية من التخطي
بصفة خاصة.
- 168ابن منظور :لساح العرب ،حرف النون ،مادة نها ،الجزء الرابع عشر ،دار صادر ،بيروت ،لبنان ،الطبعة
األولى 2226م.
180
ومن هنا ،يستند املنهاج التربوي التعليمي إلى مجموعة من الغايات الكلرى واألهداف
البعيدة التي تريدها الدولة من العامة ،أو مجموعة من التوجهات واملرامي واألغرا
التربية .بتعبير خر ،الغايات ي فلسفة الدولة في مجال التربية والتعليم ،وتتجسد في
املنهاج ،كأن نقول " :أن يكون املتعلم مواطنا صالحا" .ومن ثم ،فاملنهاج عبارة عن الغايات
واملرامي الفلسفية والطموحات املستقبلية البعيدة التي تتسم بالغمو ،والتجريد،
والعمومية .ويعرف محمد الدريظ غايات املنهاج بقوله:
" إن الغايات ي غايات ألهداف تعلر عن فلسفة املجتمع ،وتعكس تصوراته للوجود
والحياة ،أو تعكس النسق القيمي السائد لدى جماعة معينة وثقافية معينة ،مثل قولنا":
على التربية أن تنمي لدى األفراد الروح الديمقراطية" ،أو "على املدرسة أن تكون مواطنين
مسؤولين" ،أو " على املدرسة أن تمحو الفوارق االجتماعية..."...إلخ .فهذه أهداف عامة
تتمووع على املستوى السياهاي والفلسفي العام ،وتس ى إلى تطبيع الناش ة بما تراه
مناسبا لسحفاظ على قيم املجتمع ومقوماته الثقافية والحضارية"169.
ويهدف منهاج التعليم االبتدائي إلى تكوين متعلم صال ،قادر على حل الووعيات واملشاكل
التي تجابهه في الحياة ،بعد أن يكون قد اكتسب مجموعة من القدرات واملهارات واملواقف
التي تؤهله للتكيف مع الواقع وتغييره بصورة أفضل ،والحفاظ على قيم املجتمع وثوابته
وعاداته وأعرافه وقوانينه.
ً
إذا " ،ينبغي أن يعمل املنهاج على تحقيق أهداف نوع معين من التعليم ،ما دمنا بصدد
الحديث عن املدرسة االبتدائية ،فيجب أن تعمل املنا ا على تحقيق أهداف هذه املدرسة
.وتعتلر املدرسة االبتدائية مرحلة قائمة بذاتها .بمعنى أنها ليست إعدادا للمرحلة الثانوية،
ولكنها الحد األدن من التعليم الذي يجب أن يحصل عليه كل مواطن حتى يستحق صفة
-169محمد الدريظ :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى
سنة 3606م ،ص.63:
181
املواطنة ،فمنهاج املدرسة االبتدائية على هذا األساس يجب أن يعمل على تكوين املواطن
الصال ،الذي يعرف حقوقه وواجباته ،ويستطيع املحافظة على احته ،وحل مشاكله
بنفسه ،واستغالل وقت فراغه استغالال مفيدا ،وممارسة حقوقه كمواطن ،والشعور
بالوالء نحو الدولة ،واحترام القانون170"...
ويرتب املنهاج بالغايات واملرامي الكلرى حيث تعد الغايات أهدافا ترسوية كلرى تختل
بالسياسة العامة للدولة.وغالبا ،ما تكون أهدافا عامة ،ومجردة ،وفضفاوة.ومن ثم،
الذي يرمي إليه التعليم ،وما يعكس املنهاج فلسفة الدولة وغاياتها وطموحاتها والغر
يصبو إليه املجتمع من مال ومتل .و"لكل مجتمع فلسفة خاصة و أهداف معينة يعمل على
تحقيقها عن طريق التربية والتعليم ،فاملجتمع اإلسلرطي القديم كان يهدف إلى تكوين
الجنود الذين يستطيعون الدفاع عن إسلرطة ،وتحقيق النصر على أعدائها ،ولهذا اتجهت
في التربية اتجاها عسكريا صرفا .بينما نرى أن مدينة يونانية معاصرة لها و ي أثينا كانت
تقوم منا جها التعليمية على تكوين الواطن الدلموقراطي الحر الذي يستطيع أن يمارس
حقوقه املدنية ،وقد قامت السياسة التعليمية في أملانيا النازية على أساس فلسفة
عنصرية قوامها تفوق العنصر األملاني ،أما في املغرب ،فيجب أن تعمل منا ا الدراسة
على خلق الواطن الدلموقراطي الذي يستطيع أن يساهم في بناء بالده ،وتسيير شؤونها،
واستغالل ثرواتها بحيث يكون عضوا فعاال في بلد ذات شخصية متميزة 171"...
ويقصد باملنهاج ،في مجال التربية والتعليم ،ذلك املخط العام الذي يعلر عن فلسفة
الدولة في التعليم والتربية .وهو عبارة عن أهداف وغايات عامة تهدف إلى تكوين مواطن
صال ،متعلم وقادر على مواجهة الووعيات الصعبة واملعقدة في حياته الدراسية
والواقعية .بمعنى أن املنهاج املدرهاي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية والتعليم.
-170أمينة اللوه و خرون :الوجزالي التربية وعلم النفس ،دار الكتب العرسية ،الرسا ،املغرب،د.ت ،ص.30:
-171أمينة اللوه و خرون :الوجزالي التربية وعلم النفس ،ص.36:
182
ومن ثم ،تتأثر فلسفة املنهاج بالظروف املحلية والدولية على الصعيد السياهاي،
واالجتماعي ،واالقتصادي ،والثقافي ،والديني...
ً
إذا ،يعلر املنهاج عن فلسفة الدولة في التعليم والتربية .وهو عبارة عن أهداف وغايات
عامة ،تهدف إلى تكوين مواطن صال ،متعلم وقادر على مواجهة الووعيات الحياتية،
واملهنية ،والتربوية .بمعنى أن املنهاج املدرهاي هو بمثابة فلسفة الدولة في ميدان التربية
والتعليم .ومن ثم ،تتأثر فلسفة املنهاج بالظروف املحلية والدولية...في حين ،يعد اللرنامظ
أقل عمومية من املنهاج ،وأكثر تجريدا من املقرر التعليمي .بمعنى أن اللرنامظ يتضمن
محتويات وقيما وعناوين ومضامين عامة غير مفصلة بشكل إجرائي ،وتستمد خلراتها من
فلسفة املنهاج .وبعد ذلك ،تتحول مضامين هذا اللرنامظ إلى مقررات دراسية خاصة بكل
مادة معينة ،وتكون هذه املقررات مفصلة وأكثر خصوصية وإجرائية.
183
مخط عام لسارالنسق التعليمي
مستوى القرار الوظيفة مستوى الهدف الستوى
املقررون
واملشرعون يتضمن
مستويات األهداف
صفات صيغت مصدره مضمون مستوى
الهدف
تتميز... على صيغة أو شكل فإنه يعلر عن ...صادر من لدن... إذا كان
الهدف
وقيم عليا بشكلها املثير رجال السياسة مباد فلسفة التربية يالة
والجذاب وكذلك ورغبات وتطلعات والجماعات وتوجهات
القابل للتأويل من الضاغطة السياسة
أحزاب ... التعليمية
إداريين ومؤطرين أهداف اللرامظ واملواد بارتباطها املباشر نوايا املؤسسة مرمى
باملواد والوسائل ومفتشين ومسيري وأسالك التعليم التربوية ونظامها
واملنا ا التعليم التعليمي
مؤطرين ومدرسين قدرات ومهارات وتغيرات تمركزها حول أنما شخصية عاما
نريد إحدا ها أو التلميذ وقدراته التلميذ العقلية
اكتسابها من طرف ومكتسباته والوجدانية
التلميذ والحس حركية
مدرسين أو تالميذ فعل سيقوم به التلميذ تصريحها بما محتوى درس خاصا
185
به مرتب بمحتوى درس سيقوم معين سينجز في
التلميذ في الدرس حصة أو أكثر
سلوكات ينجزها مدرسين أو تالميذ فعل اإلنجاز وشروطه تصريحها بأدوات إجرا يا
التقييم وأشكاله ومعايير اإلتقان التلميذ ليلرهن
بلوغه عن
الهدف
186
النهاج التقليدي والنهاج الحدلث:
يمكن الحديث عن نوعين من املنهاج :املنهاج التقليدي واملنهاج الحديث على النحو التالي:
/1النهاج التقليدي:
ينبني املنهاج التقليدي على فعل التدريس املحض ،وليس بناء التعلمات بطريقة تكوينية.
ناهيك عن االهتمام باملعرفة الكمية ،و العناية باملدرس على حساب املتعلم ،وتغييب
اللعب على أساس أنه مضعية للوقت.ومن ثم ،يصبح املتعلم متلقيا سلبيا اليحاور وال
يبدي خياراته واقتناعاته وأس لته التي تحيره .ومن ثم ،ينبني املنهاج التقليدي على فلسفة
العقاب ،وعدم األخذ بالتصميم والتخطي وفلسفة التدبير ،وعدم االستهداء بعلم النفس
وعلم االجتماع ،وعدم رس التعليم بالحياة واألنشطة والحرية .وكان الهدف الرئيس من
هذا التدريس هو شحن عقول املتعلمين باملعرفة واستظهارها وحفظها ،وتقويم املتعلمين
في مدى تمكنهم من تلك املعارف املوسوعية.
ً
إذا ،فاملنهاج التقليدي هو ذلك املنها الذي يركز على املضامين ،واملحتويات ،واملعلومات.
وهو الذي ينطلق من مقارسة املضامين في شكل مقررات دراسية ويقة النطاق دون احترام
املتعلمين النمائية ،والبيولوجية ،والفيزيولوجية ،والنفسية ،واالجتماعية، خصائ
ومتطلبات الحياة العملية اليدوية واملهنية.
ومن هنا ،يبدو أن املنهاج ،بمفهومه التقليدي ،حسب حلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين
املفتي " ،عبارة عن مجموعة من املعلومات والحقائق واملفاهيم التي تعمل املدرسة على
إكسابها للتالميذ بهدف إعدادهم لسحياة وتنمية قدراتهم عن طريق اإلملام بخلرات اآلخرين
واالستفادة منها ،وقد كانت هذه املعلومات والحقائق واملفاهيم تمثل املعرفة بجوانبها
املختلفة ،أي :إنها كانت تتضمن معلومات علمية ورياوية ولغوية وجغرافية وتاريخية
وفلسفية ودينية وفنية...إلخ.
187
وحيث إن هذه املعلومات كانت تقدم في صورة مواد دراسية مختلفة موزعة على مراحل
الدراسة وسنواتها فمعنى ذلك أن املنهاج بمفهومه التقليدي هو مجموعة املواد الدراسية
التي يتولى املتخصصون إعدادها ويقوم التالميذ بدراستها ،ومن هنا أصبحت كلمة منهاج
مرادفة لكلمة مقرر دراهاي وسمرور الوقت أصبح استخدام كلمة منهاج أعم وأشمل من
استخدام كلمة مقرر حتى أصبحنا نسمع بمنهاج الجغرافيا ومنهاج التاريق ومنهاج
العلوم...إلخ .وكان املدرسون أكثر الف ات استخداما لكلمة منهاج باملعنى الذي أشرنا إليه
والدليل على ذلك أنهم كانوا يكتبون في أول صفحة من دفتر تحضير دروس املادة "توزيع
املنهاج على أشهر وأسابيع العام الدراهاي" .واملقصود باملنهاج هنا هو املقرر الدراهاي للمادة.
وسكل أسف فإن هذا املفهوم التقليدي للمنهاج مازال مستخدما حتى اآلن لدى عامة
الشعب بل ولدى الكثير من القائمين بالعملية التعليمية بالرغم من أن هذا املفهوم قد
تغير تغييرا جوهريا كما سنرى فيما بعد"172.
ومن هنا ،يالحء أن هناك غمووا في تبيان املصطسحات التالية :املنهاج ،واللرنامظ ،واملقرر،
والكتاب املدرهاي ،كما يتبين ذلك في كتاب (أسس بناء الناهج وتنظيماتها) لحلمي أحمد
الوكيل ومحمد أمين املفتي وغيرهما من الباحثين التربويين .فاملنهاج مفهوم أكثر عمومية،
وتجريدا ،واتساعا .فهو يتضمن فلسفة الدولة في مجال التربية والتعليم ،في شكل غايات
ومرام بعيدة املدى .في حين ،يتعلق اللرنامظ بتصميم مستوى دراهاي ،أو مادة دراسية
معينة كلرنامظ مادة العلوم في السلك االبتدائي ،وسرنامظ اللغة العرسية في السلك
اإلعدادي ،ومادة الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي .كما يتضمن اللرنامظ أهداف املادة
وأغراوها وكفاياتها ،ومواصفات املتعلم ،والطرائق البيداغوجية ،وتفصيل اللرنامظ في
شكل وحدات دراسية وعناوين عامة .في حين ،يتميز املقرر الدراهاي بالطابع الح اي
-172الوكيل حلمي أحمد ،املفتي محمد أمين ،أسس بناء الناهج وتنظيماتها ،دار املسيرة للنشر والتوزيع ،عمان،
طبعة 2223م ،ص.3:
188
الت خيصاي في شكل عناوين مفصلة ومنوعة في إطار وحدات ومحاور دراسية .أما الكتاب
املدرهاي ،فهو وسيلة إجرائية يستعين بها املدرس في بناء دروسه.
وهكذا ،يتبين لنا أن هناك من الباحثين والدارسين من يخل بين املنهاج واللرنامظ واملقرر
والكتاب املدرهاي ،أو يرادف بين هذه املصطسحات ،أو يميز بين هذه املفاهيم بشكل واض،
ودقيق.
إذا ،يقوم املنهاج التقليدي على النظرة الكمية ،وحشو ر وس املتعلمين بمعارف ومعلومات
كثيرة دون االستهداء بعلم النفس ومبادئه وقوانينه .عالوة على اإلشادة بسلطة املعلم
باعتباره مصدر املعلومة .أما املتعلم ،فهو يتلق املعلومات فق دون محاولة بنائها أو
تكوينها ذاتيا ،أو املشاركة في مناقشة املدرس والحوار معه عموديا ،أو الحوار مع زمالئه
أفقيا.
ومن ثم ،يبدو أن املنهاج التقليدي سل ي من بعض الجوانب .فهو يعنى أكثر بالحفء
والتكرار واالجترار فق ،وال يعنى بنمو الطفل من النواحي الذهنية والعقلية والوجدانية
والحسية الحركية ،وال يعطي أهمية للعب أو مستجدات علم النفس والسوسيولوجيا ،وال
189
يأخذ بالطرائق الحديثة و املعاصرة في التدريس ،ويهمل حاجات املتعلم وميوله واتجاهاته
ومشاكله الذاتية واملوووعية ،ويغفل عن توجيه سلوكه نحو األفضل .ويركز كثيرا على
الكم على حساب الكيف ،وال يراعي الفوارق الفردية .كما يعد األخطاء التعلمية عيبا
ومهانة وجريرة التغتفر ،وال ينظر إلوها على أنها طريقة مهمة ومفيدة في التعلم .ويهمل أيضا
تكوين العادات واالتجاهات اإليجابية لدى التالميذ.ناهيك عن تضخم املقررات الدراسية،
وعدم تراب املواد .ويهمل كذلك الجانب العملي و األنشطة الصفية الفردية والجماعية،
وال يهتم بالتعلم الذاتي ،وتوجيه املتعلم توجوها احيحا.
/2النهاج الحدلث:
ينطلق املنهاج الحديث من فلسفة التربية املعاصرة ،وعلم النفس التربوي ،وعلم االجتماع
التربوي ،وتمثل الطرائق البيداغوجية املعاصرة ،وتجاوز طرائق التلقين ،واالرتكان إلى
فلسفة األهداف والكفايات ،واالعتماد على الوسائل الديدكتيكية والتدريسية الكفيلة
التعلم الذاتي لدى املتعلم ،وتحقيق أنجع السبل لتحقيق التواصل الفعال بتنشي
الهادف والبناء واملثمر .عالوة على اعتماد الطرائق الجديدة في عملية التقويم ،واالنطالق
من مباد الدوسيمولوجيا املعاصرة في بناء أس لة االمتحانات املوووعية وتقويمها.
ومن هنا ،ترتب املحتويات واملضامين باألهداف العامة والخاصة .كما تنطلق أيضا من
بيداغوجيا الكفايات واإلدماج ،بعد أن كانت املدرسة التقليدية تلقن معارفها للمتعلمين
دون أن يكون لها منطلق فلسفي أو أهداف معينة ،أو تصدر عن مقصدية كفائية واعية.
ومن ثم ،فاملحتويات -حسب محمد الدريظ " -ي كل الحقائق واألفكار التي تشكل الثقافة
السائدة في مجتمع معين وفي حقبة معينة.إنها مختلف املكتسبات العلمية واألدبية
والفلسفية والدينية والتقنية وغيرها مما تتألف منه الحضارة اإلنسانية ،ومما تزخر به
الثقافات الشعبية املحلية في كل البقاع ،والتي تصنف في النظام الدراهاي إلى مواد مثل:
190
اللغة والحساب والتاريق والجغرافيا...إلخ .على أن اختيار مادة دون غيرها أو قسطا منها
دون سواه يتم بناء على الغايات واألهداف املتوخاة .في حين ،يبق تنظيم املحتوى رهينا
بمتطلبات العملية التعليمية ذاتها وسأشكال العمل الديدكتيكي .أي :ما يصطس ،على
تسميته بطرق التدريس".173
ومن ثم ،تخضع املحتويات واملضامين الدراسية ،ومن املنهاج التربوي املعاصر ،ملجموعة
من املقاييس ،مثل :مقياس االختيار ،ومقياس التنظيم ،ومقياس التصنيف ،ومقياس
الوحدة أو الفروع ،ومقياس التدرج ،ومقياس التنويع ،ومقياس املدخالت واملخرجات،
ومقياس املستويات ،ومقياس الثقافة ،ومقياس علم النفس العقلي والنمائي ،ومقياس
التقويم ،واملقياس املنهجي ،واملقياس الكمي والكيفي ،ومقياس التوزيع ،ومقياس
التخطي ،ومقياس التدبير...
وإذا كانت املدرسة التقليدية تختار املحتويات على أساس معرفي كمي ومضموني ،وتعد
املعارف ي األساس في العملية التعليمية ،فإن املنهاج الحديث ينطلق من األهداف
والكفايات واملهارات وعلم النفس النمائي في ووع املحتويات ،وتقديمها للمتعلم.وفي هذا
الصدد ،يقول محمد الدريظ:
" إننا بدأنا نشاهد في السنوات األخيرة محاوالت الختيار املواد الدراسية ،وتنظيمها بناء على
مقاييس أخرى أكثر ان جاما ،متمشيا مع ما لت إليه املجتمعات املعاصرة ،ومع وتيرة
التقدم العلمي .من هذه املقاييس مقياس اختيار مادة التعليم وفق األهداف املرسومة،
وفي ان جام تام مع الغايات املحددة.
-173محمد الدريظ :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،طبعة 3600م،
ص.36:
191
ومن مقاييس اختيار املواد وتنظيم محتوياتها وتوزيعها على املستويات ،هناك االختيار الذي
يرتكز على حقائق علم النفس ،وخاصة علم النفس النمائي ونظريات التعلم وغيرها من
املقررات من معطيات ثمينة عن شخصية الفروع التي تمكن واوع اللرامظ ومخط
التالميذ وقدراتهم العقلية وميولهم النفسية ومراحل النمو التي يخضعون لها...وهكذا ،يتم
مراعاة الفترة املناسبة من مراحل نمو ال خصية لتقديم مجموعة من املعارف واملهارات.
كما قد يتم تحديد املواد ومحتوياتها بناء على الثقافة السائدة في املجتمع ،وانطالقا من
ي ومتطلبات التنمية174"... حاجياته وحاجيات التكوين امل
وعليه ،تبنى املقررات واملضامين واملحتويات الدراسية ،في املنهاج التربوي الحديث واملعاصر
،على أساس علمي موووعي قائم على مكتسبات علم النفس العقلي واالرتقائي ،ويبنى
كذلك على أساس األهداف والكفايات اإلدماجية.
محطة الضام ح والحتويات :يعتمد املنهاج على موووعات أو تيمات أو محاور أو
وحدات أو مفاهيم معينة ،مثل :الدراسة ،والطفولة ،والهجرة ،والعمل ،والسفر ،ووسائل
النقل ،واملدينة ،والبادية....
محطة األهداف التي واكبت فترة الثمانين من القرن العشرين ،فقد قسمت األهداف
التربوية إلى أهداف وغايات عامة ،وأهداف وسط ،وأهداف إجرائية خاصة ،في ووء
منظور السيكولوجيا السلوكية ( واطسون ،وسافلوف ،وسكينر).
وعليه ،يقوم التخطي السنوي بتجزيء املقررات التربوية أو تقسيم املنا ا الدراسية
سنويا بتوزيعها إلى مجموعة من املراحل التكوينية أواملجزوءات الدراسية ،واختيار أنجع
السبل من أجل تقويم إجمالي أو نهائي مناسب بغية التثبت من مكتسبات التالميذ ،أو
التأكد من مدى تحقق الكفاية اإلدماجية النهائية لدى طلبة الفصل الدراهاي.
وهكذا ،يتكون التخطي السنوي من أربع مراحل كلرى ،وتتضمن كل مرحلة ثمانية
ُ
أسابيع ،تخص األسابيع الستة األولى إلرساء املواردُ ،ويخص األسبوعان الباقيان
لإلدماج .كما ُيخص األسبوعان الثالث والسادس ألنشطة التوليف والتقويم والدعم.
ُ
وتشكل هذه األسابيع الثمانية ما يسمى باملجزوءة التي تبدأ بالكفاية ،وتنتهي بالتقويم
اإلجمالي .ويالحء أن عدد املجزوءات أربع ،يسبقها أسبوع للتقويم الت خيصاي ،وأسبوع في
خر السنة للتقويم اإلشهادي.
193
أنواع الناهج:
يمكن الحديث عن أنواع عدة من املنا ا الدراسية والتربوية على النحو التالي:
منهاج الواد النفصلة :يقصد به ذلك املنهاج الذي يقوم على تدريس املواد التعليمية
بطريقة منفصلة ،والعناية بكل مادة دراسية مجزأة على حدة " ،بتنظيم املعلومات
واملهارات املطلوب إمداد التالميذ بها في صورة مواد دراسية مستقلة " تاريق.
جغرافية.لغة.رياوة "...وقد يكون طابع هذا املنهاج املغاالة في الفصل بين هذه املواد ،وقد
يالحء فيه (ايء من الرس بينها.
ومن خواص هذا املنهاج أن كل مادة تعتلر مستقلة استقالال تاما أو نسبيا عن غيرها من
املواد الدراسية ،وأن لكل مادة منهجا معينا ،ووقتا محددا ،وكتابا خاصا ،وأن لكل مادة-
كذلك -أهدافا ووسائل.
ومما يؤخذ على هذا املنهاج أنه يغفل ميول التالميذ ألنهم قد يدرسون أشياء التميل إلوها
نفوسهم ،ومن عيوسه أيضا أن فيه تفريقا وتنافرا بين املعلومات في أذهان التالميذ ،فتصبح
194
هذه املعلومات غير وظيفية ،أي عاجزة عن حل املشكالت الحيوية ،كما أن املغاالة في األخذ
بهذا املنها قد تدعو إلى إهمال األحداث الجارية والحياة املعاصرة ،وقد يطغى اهتمام
املدرس باملادة على حق التلميذ من املشاركة اإليجابية"175.
وعليه ،يدرس هذا املنهاج الخلرات التعليمية في شكل مجزوءات ووحدات ومواد منفصلة،
على الرغم من انصهارها ومن الكل.والهدف من ذلك هو تبسي املعلومات واملعارف
واملحتويات ،وتسهيلها على مستوى األداء واإلنجاز والتبليغ ،والتمييز بين مختلف املكونات
املستقلة.
ً
إذا ،فمنهاج املواد املنفصلة هو" املنهاج التقليدي املعروف املكون من مواد دراسية منفصلة
موزعة على سنوات الدراسة املختلفة والتاريق والجغرافيا والعلوم والحساب والهندسة
والرسم واألشغال ،وفي هذا املنهاج ال توجد أية رابطة بين مادة دراسية وسين باقي املواد ،
فالخلرة فيه مفككة واملواد حسب منطق الكبار واملتخصصين في املواد املختلفة ،و البعد
عن سيكولوجية األطفال ،كما أن املواد املختلفة املستوى التالميذ بل إنها في العادة فوق
مستواهم وذلك يرجع الى نظرية اللكات التي كانت مسيطرة على فلسفة التربية والتي ترى
أن العقل مقسم إلى ملكات ،وأن كل مادة من مواد الدراسة تدرب إحدى هذه امللكات،
فالشعر يدرب ملكة الخيال ،والحساب يدرب ملكة التفكير الى غير ذلك ،وكلما زادت املواد
الدراسية في الصعوسة كليا أدى ذلك إلى تدريب أقوی وأعمق أثرا مللكات العقل .كما أن هذا
النوع من املنا ا يعتلر بعيدا كل البعد عن مواقف الحياة العادية بسبب التقسيم
املصطنع مما يؤدي إلى عدم اهتمام التالميذ به ،والی اتباع طريقة التلقين والتقرير في
توصيله إلى أذهانهم176".
-175عبد العليم إبراهيم :الوج الفني لدرس ي اللغة العربية ،دار املعارف ،القاهرة ،مصر ،الطبعة السابعة،
3636م ،ص.63:
-176أمينة اللوه :نفسه ،ص.33-33 :
195
ويشبه هذا املنهاج ما يسمى بنظرية الفروع التي يقصد بها تدريس اللغة العرسية أو اللغات
األجنبية بطريقة فرعية مستقلة .بمعنى أن املدرس يدرس مواد مختلفة من اللغة العرسية -
مثال -على أنها فروع مستقلة في منهاجها وسنياتها التدريسية والتربوية .وفي هذا السياق ،يرى
عبد العليم إبراهيم أن املراد بها في تعليم اللغة" أننا نقسم اللغة فروعا ،لكل فرع منهجه
وكتبه وحصصه ،مثل :املطالعة ،واملحفوظات ،والتعبير ،والقواعد ،واإلمالء ،واألدب،
والبالغة.
ولتطبيق هذه النظرية يعالا كل فرع من هذه الفروع على أساس منهجه املرسوم في
حصصه املقررة في الجدول الدراهاي177".
وقد تبنى املغرب هذه الطريقة إبان سنوات السبعين من القرن العشرين في االبتدائي
واإلعدادي والثانوي ،فقد كان هناك كتاب للقواعد ،وكتاب للقراءة ،وكتاب للمحفوظات،
وكتاب للتاريق ،وكتاب لسجغرافيا ،وكتاب للتربية الوطنية ،وكتاب للتربية اإلسالمية .وكانت
لكل مادة طريقتها في التدريس ،والتقويم ،والتوجيه...
منهاج املواد املترابطة :يشبه منهاج املواد املنفصلة في املنهاج التقليدي ،ولكن هناك
تراب شكلي طفيف بين بعض املواد دون األخرى كدراسة تاريق املغرب ،وجغرافيا املغرب،
وأدب املغرب ،دون أن يمتد التراب إلى باقي املواد األخرى .ومن ثم ،مازالت فكرة االنفصال
باقية ،ولم يحقق التراب دوره اإليجابي في توحيد املواد الدراسية كلها.
منهاج الواد التشابهة أو التسعة :يعتمد هذا املنهاج على تدريس املواد املتشابهة أو
املتسعة كما في التعليم االبتدائي املغربي:
وهكذا " ،يعتلر هذا النوع محاولة أخرى إلدماج املواد الدراسية بعضها في بعض وهو أقرب
إلى التكامل من منهاج املواد املرتبطة ،وفيه تدمظ كل مجموعة من املواد ذات عالقة
ببعضها في مادة واحدة ،فال تكون هناك مادة للتاريق ،وأخرى لسجغرافيا ،وثالثة للتربية
الوطنية أو األخالق ،وإنما وال منها مادة واحدة ي العلوم االجتماعية وكذلك في املواد
العلمية والرياوية والفنية".178
ويعني هذا خلق توأمة بين الدروس واملواد املتشابهة كتقسيمها إلى مواد العلوم االجتماعية
(التاريق ،والجغرافيا ،والتربية الوطنية) ،والعلوم اإلنسانية(األدب ،والفلسفة ،)...واملواد
العلمية (الرياويات ،والفيزياء ،والكيمياء ،والعلوم الطبيعية.)...
ومن هنا ،يعد املنهاج املحوري " خطوة موفقة نحو تراب الخلرة وتكاملها ،ونظام املنهاج
املحوري باتخاذ إحدى املواد الدراسية نواة أو محورا تدور حوله باقي املواد الدراسية
األخرى ،وقد اتخذ التاريق كنواة في بداية األمر بحيث يكون أساسا لدراسة الجغرافيا
ويشبه هذا املنهاج ما يسمى بنظرية الوحدة التي تعني تدريس مادة ما ،كأن تكون اللغة
العرسية أو اللغة الفرنسية ،على أنها وحدة مترابطة ومتكاملة مراعاة لنسس التربوية،
القراءة -مثال -في التعبير ،والتذوق ،واإلنشاء، والنفسية ،واللغوية كأن نستثمر ن
والشكل ،والنحو .بمعنى أن نظرية الوحدة أو املنهاج املحوري -حسب عبد العليم إبراهيم -
ي" أن ننظر إلى اللغة على أنها وحدة مترابطة متماسكة ،وليست فروعا متفرقة مختلفة،
محورا تدور حوله جميع ولتطبيق هذه النظرية في تعليم اللغة يتخذ املوووع أو الن
الدراسات اللغوية ،فيكون هو موووع القراءة ،والتعبير ،والتذوق ،والحفء ،واإلمالء،
والتدريب اللغوي ...وهكذا ،وقد كانت هذه الطريقة ي السائدة في العهود األولى تدريسا
وتأليفا ،وكتاب (الكامل) للملرد يعد مثاال للتأليف على هذه الطريقة ففيه يعر الن ،
ويعالا من الناحية اللغوية والنحوية والصرفية وغيرها .وطبي ي أن نظرية الوحدة التعترف
معينة لنوع من أنواع الدراسات اللغوية".181 حص بتخصي
ويضاف إلى ذلك أن املدارس العتيقة واألصيلة باملغرب ،كجامع القرويين ،تتخذ هذا املنهاج
أو الكتاب املنطلق ليكون وثيقة للدراسة في التعليم والتدريس حيث يستثمر الن
الشاملة والكلية.
ومن هنا ،فاملنهاج املحوري هو الذي يركز على تداخل املعارف وتشابهها وتكاملها ومن
نسق ترسوي منفتح ومتعدد.
منهاج النشاط القا م عكى ميول التالميذ :يراعي هذا املنهاج ميول الطفل ،ويهتم
بسيكولوجيته ،ويقوم على فلسفة التنشي الذاتي من خالل التركيز على املواقف الذاتية
من جهة ،واملشاريع الفردية الخاصة من جهة أخرى .و يعد" هذا النوع من املنا ا ثورة على
املنا ا التقليدية حيث إنه أهمل العناية باملواد الدراسية ،واهتم بميول التالميذ
وحاجاتهم ،وأصبحت املنا ا تدور حول مشاكل تهم التالميذ ويختارونها بأنفسهم ،وأثناء
قيامهم بحل هذه املشاكل يكتسبون خلرات متنوعة .ويمتاز هذا املنهاج بتكامل الخلرة
ومراعاة سيكولوجية التعلم واالهتمام البالغ بميول التالميذ ،ولكنه ال يوجه عنايته إلى
الوظيفة االجتماعية لعملية التعلم ومن أمثلة ذلك طريقة املشروعات املعروفة" .183
182عبد اللطيف الفارابي و خران :ال رامج والناهج ،دار الخطابي للطباعة والنشر ،الطبعة األولى سنة 3662م،
ص.66:
-183أمينة اللوه و خرون :نفسه ،ص.33:
199
وهكذا ،يتبين لنا أن منهاج النشا قد يكون فرديا من جهة ،ومجتمعيا من جهة أخرى .ومن
ثم ،يشكل هذا املنهاج قوام التربية الحديثة التي تعنى باللعب والحرية واألنشطة الصفية
واملوازية التي تتالءم مع ميول املتعلم بصفة خاصة.
منهاج النشاط القا م عكى مو اقف الحياة االجتماعية :اليكتفي هذا املنهاج بما هو
فردي ،بل ينفتح على ما هو اجتماعي بحل املشاكل التي تواجه املتعلم في املجتمع .ومن هنا،
" يعالا هذا املنهاج عيوب املنها السابق .أي :املنهاج القائم على ميول التالميذ ،فهو بالرغم
من عنايته بميول األطفال إال أنه ال يهمل الجانب االجتماعی ،ففي هذا النوع تختار مشاكل
تهم التالميذ ،و لكنها ذات صفة اجتماعية ،أو ذات قيمة بالنسبة لحل مشاكل املجتمع.
ا184" . أي :إن مشاكل املجتمع ي املحور الذي تدور حوله هذه املنا
ومن ثم ،فهذا املنهاج أكثر انفتاحا من املنهاج السابق الذي يبق منحصرا فيما هو ذاتي،
وفردي ،وأنوي.
القارب ــة التربوي ــة التمرك ــزة ح ــول تالي ـ العرف ــة :ته ييتم ه ييذه املقارس يية الت ييي تطبقه ييا
املدرسي ي يية التقليديي ي يية بتقي ي ييديم املعي ي ييارف املوسي ي ييوعية ،والتركيي ي ييز علي ي ييى املي ي ييدرس دون املي ي ييتعلم،
واالهتم ييام ب ييالكم عل ييى حس يياب الكي ييف ،والعناي يية ب ييالتعليم دون ال ييتعلم ،وتق ييديس املعرف يية
-184نفسه ،ص.30:
200
واملييدرس علييى حسيياب املييتعلم .ويكييون الهييدف ميين هييذه املقارسيية املضييمونية هييو تكييوين مييتعلم
يحييافء علييى قيييم املجتمييع وعاداتييه وأعرافييه وتقاليده،وينصييهر فييي املجتمييع كبيياقي املييواطنين
اآلخييرين .وميين هنييا ،يتبييين لنييا أن هييذه املقارسيية عبييارة عيين نسييق ترسييوي ذي بعييد معييارفي ،تييولي
أهمييية كلييرى ملركزييية املييدرس ،ومركزييية املعرفيية ،ومركزييية الحفييء واالسييتظهار ،والرغبيية فييي
القاربــة التربويــة التمركــزة حــول تعــدلل الس ــلوك :تتميييز هييذه املقارسيية بالتييدريس
الهادف أو التدريس التقني الذي يرمي إلى تغيير السلوك وفق املقارسية باألهيداف علير تسيطير
مجموعيية ميين األهييداف اإلجرائييية املعرفييية والوجدانييية والحسييية الحركييية ميين جهيية ،وقييياس
وتسيتند هييذه املقارسيية إلييى السيييكولوجيا السيلوكية القائميية علييى ثنائييية املثييير واالسييتجابة.ومن
هن ييا ،تفت ييت ه ييذه املقارس يية املعرف يية التربوي يية والتدريس ييية إل ييى مجموع يية م يين األه ييداف العام يية
والوس ييط والخاص يية وف ييق املق يياطع التمهيدي يية والوس ييطية والنهائي يية ،ووف ييق التق ييويم القبل ييي
والتكييويني واإلجمييالي ميين أجييل التحقييق ميين نجاعيية األهييداف اإلجرائييية املسييطرة عليير املسييار
التدري يياي القييائم علييى تحديييد األهييداف الخاصيية ،وتقييديم املحتويييات ،واالسييتعانة بالوسييائل
201
الزمنييية ،وتحقيييق التواصييل اللفظييي وغييير اللفظييي .وبعييد ذلييك ،السجييوء إلييى معييايير التقييويم
والفيييدباك (التغذييية الراجعيية) لقييياس مييدى تغييير السييلوك لييدى املييتعلم إيجابييا أو سييلبا .وميين
هن ييا ،يتس ييم ه ييذا املنه يياج بالط ييابع التقن ييي النس ييقي ذي البع ييد التكنول ييوجي ،ويخل ييق لن ييا إنس ييان
القاربـ ــة الايدايوجيـ ــة التمركـ ــزة حـ ــول خصـ ــية الـ ــتعلم :تعني ييى هي ييذه املقارسي يية
بيياملتعلم علييى أسيياس أنييه محييور العملييية التعليمييية -التعلمييية.في حييين ،يعييد املييدرس موجهييا
ومرشييدا ليييس إال .وبهييذا ،يتميييز هييذا النسييق بطابعييه اإلنسيياني ،مييادام يركييز علييى شخصييية
امل ي ييتعلم النمائي ي يية ،والفيزيولوجي ي يية ،والبيولوجي ي يية ،والنفس ي ييية ،والوجداني ي يية ،واالجتماعي ي يية،
والوجوديية.أي :تهييدف هييذه املقارسية إلييى خلييق إنسيان وجييودي متميييز ،يعتميد علييى نفسييه وذاتييه
وتعد الالتوجوهية ( )le non-directivismeمن أهم الطرائق التربوية التي تمثل هذا التوجه ،
وقد جاءت رد فعل على التيار اإللزامي و الفوووي .ومن أهم ممثلوها :الفرن اي جان جاك
185- Frédéric Worms, Rousseau, Émile ou de l'éducation, Livre IV, Paris, Ellipses, 2001.
186 - O.Reboul : La philosophie de l'éducation (première édition 1971) - 9e éd. - Paris : PUF, 2001 -
و إذا كانت املذاهب التجريبية تربي الولد من أجل املجتمع ،فإن أنصار الطبيعة يرسون
الولد من أجل الولد .ومن ثم ،ينزع االتجاه األول إلى إلزام الولد وإجباره ترسويا .أما اإلتجاه
الثاني ،فيرى أن التنش ة السلطوية إنما ي تشويه لطبيعة الولد .ومن ثم ،فإخضاعه
لقواعد خارج عن طاعته ،و هو اإلنسان الخير اللريء ،إنما هو إعدام لحريته و تقييد
ملواهبه .وعليه ،يرفض أوليفيه ريبول التربية اإلجبارية التي ال تهدف إال إلى امتثالية
اجتماعية ت حق الفرد وتقهره وتخرس لسانه ،و ي أشبه بالتربية الفوووية التي تحجر
الولد في الطفولة .ومن هنا ،ينادي ريبول بتربية إنسانية تخول له أن يكمل طبيعته في ثقافة
إنسانية.
وقد استوحى كارل روجرز مباد نظريته الالتوجوهية من روسو و الالتوجوهيين اآلخرين .ومن
ثم ،يرفض روجرز ما ذهب إليه فرويد على أساس أن جوهر اإلنسان ينطوي على غرائز
"عندما نبلغ أعماق ما في الفرد ،فإن ذلك األعمق هو بالذات ما نجزم جميعا بأنه سيكون
بنائيا ،و سيميل إما إلى املجموعة ،و إما إلى النمو األفضل صلة بين األشخاص"188.
203
وعليه ،ترتكز الالتوجوهية عند روجرز على التلميذ ،و تلغي سلطة املدرس ال منفعته ألن
اإلجبار ،باعتباره خطابا معياريا تقريريا ،يخلق أناسا امتثاليين أو متمردين وغير مبدعين .و
بالتالي ،ينبغي على التعليم أن يهتم باملتعلم بصفة خاصة ،بتحريره من وغو االمتحانات
و اللرامظ ،وسنائه وجدانيا في إطار دينامية الجماعة .ومن هنا ،فدور األستاذ بمثابة منش
وموجه ومرشد ليس إال .أي :هو ذلك الحاور/الغائب الذي ال يتدخل إال في حالة عجز
التالميذ التام عن متابعة النشا و التفكير الذاتيين ،أو في حالة استعصاء مشكلة ما
بإعطاء توجوهات و إرشادات تساعد املتعلم على حلها اعتمادا على قدراته الذاتية .و يكتفي
الفكري ،وتوفير الشرو املوووعية املدرس بت جيع التالميذ على ممارسة النشا
والظروف املالئمة و الوسائل املادية واملعنوية داخل القسم .ويشبه هذا الدور ما نجده
لدى أنصار التربية املؤسساتية حيث اليعتلي املدرس عندهم املنصة ،وال يلقي دروسا
وإنما هو متعاون مثل باقي التالميذ ،إال أنه يمتاز بكونه املتعاون األكثر علما ،واألكثر
تجرسة ،واألعلم بدينامية املجموعة ،و األكثر تمثيال للقانون والسلطة املدرسية .فهو
يحافء على مؤسسة القسم ،ويعمل على توفير الوسائل املادية واملعنوية ،وال يتدخل في
188 -A regarder Jean-Claude Filloux, « Carl Rogers, le non-directivisme et les relations
humaines », Bulletin de psychologie, t. 16, no 214, 1963, p. 321-325.
204
وتستند الالتوجوهية إلى الحوار األصيل ،أو الحوار الحر ،أو املناقشة الحرة ،ونعني به ذلك
النوع الذي يشترك فيه املدرس مع التالميذ في إطار حوار متبادل وسناء بوصفه طرفا من
أطراف القسم .فهو يشارك متعلميه مشاركة الند للند ،وينحصر دوره في إدارة النقا .
وتتضاءل قيمة املدرس عند روجرز ألنه يرفض سلطته ،ويرحب بتوجوهه وإرشاده
ومنفعته.أي :إنه مجرد مرشد ومنش و مستشار تقني للمتعلمين .ويعني هذا أن التربية ،
حسب أوليفيي ريبول ،ال تبدأ إال حين تتوقف السلطة ،وأن اإلجبار التربوي الوحيد هو
اإلجبار الذاتي.
ً
إذا ،تنطلق هذه املقارسة من " مبدأ مركزي في النظر إلى ال خصية اإلنسانية ،إذ يعتلرها
شخصية متحررة في جوهرها من أية وغو خارجية ،قادرة على تحقيق ذاتها بذاتها ،وعلى
وتقوم الالتوجوهية على إيجابية شخصية املتعلم ،وتأكيد طابعها اإلنساني ،وأنها ليست
خاوعة لسخوف والقلق .وسالتالي ،فهي قادرة على التعلم الذاتي ،واإلبداع ،واالبتكار،
والتحرر .ومن ثم ،فاملتعلم ذات متفردة التقبل تدخل اآلخر أو ذات أخرى مقابلة تعوقها
- 189عبد اللطيف الفارابي و خران:ال رامج والناهج ،سلسلة علوم التربية ،دار الخطابي للطباعة والنشر،
الطبعة األولى يوليوز 3662م ،ص.323:
205
وعلى العموم ،تقوم املقارسة الالتوجوهية على التعلم الذاتي والتسيير ال خصاي ،واعتماد
املتعلم على نفسه في إنجاز واجباته ،وأداء أعماله ،ويتحول املدرس -هنا -إلى مشرف
مرشد ،وال يتدخل إال إذا طلب منه املتعلم ذلك .وتعتمد الالتوجوهية على الحرية والعفوية
والتلقائية ،وسناء املعرفة عن طريق التدريظ املنطقي وال خصاي ،واالبتعاد عن طرائق
ومن ثم ،تزرع هذه الطريقة الالتوجوهية الحديثة الثقة في املتعلم ،وتعوده على املثابرة
ال خصية والتعلم الذاتي وحب املغامرة ،واالستعانة بكفاءاته وقدراته الذاتية لحل
املشاكل والووعيات ،وتطويع الصعوسات التي تواجهه في املدرسة والحياة على حد سواء.
القارب ــة التربوي ــة التمرك ــزة ح ــول نش ــاط الجماع ــة :ترتك ييز ه ييذه املقارس يية عل ييى دور
الجماع يية العض ييوية ف ييي بن يياء التعلم ييات و ييمن فري ييق ترس ييوي ،أو و ييمن س ييياق اجتم يياعي ،أو
بمراعيياة مثييرات البي يية.ومن ثييم ،يتميييز الطييابع التعلمييي بخاصيييته الجماعييية .وقييد تييأثرت هييذه
املقارس يية ب ييالفكر املارك يياي وعل ييم ال يينفس االجتم يياعي كم ييا عن ييد مورين ييو( ، )L.Morenoوواي ييت
( ،)P.H.Whiteوك ييورت ل ييوين ( ،)K.Lewinوالبنائي يية االجتماعي يية ذات البع ييد االجتم يياعي كم ييا
فض ييال ع يين البي ييداغوجيا املؤسس يياتية الت ييي يك ييان يتزعمه ييا ك ييل م يين الباس يياد(، )G.Lapassade
206
وعليه ،تعد البيداغوجيا املؤسساتية ( )Pédagogie Institutionnelleنموذجا للمقارسة
املتمركزة حول نشا الجماعة .ومفاد هذه املقارسة العضوية أن جميع املرسين ،دون
استثناء ،يرفضون تحويل املؤسسة التربوية إلى مؤسسة الثكنة أو فضاء بيروقراطي
يكرس التمييز العنصري ،ويؤعا الصراع الطبقي ،أو يتم إصالحها خارجيا بل ينبغي أن
الايدايوجيا الؤسساتية PIDAGOGIE يكون اإلصالح داخليا قائما على مباد
INSTITUTIONNELLEالتي نظر لها كل من أوري( ،) OURYولوسرو( ، ) LOBROT
والپاساد( ...) LAPASSADE
وتعد املدرسة املؤسساتية اتجاها ترسويا حديثا في فرنسا ،ويرى هذا االتجاه أن اإلصالح "
يجب أن يمر علر املؤسسة ،باإلوافة إلى البنيات االقتصادية واالجتماعية ،ومن ثمة يجب
االهتمام بمفهوم اإلدارة الذاتية والتسيير الذاتي من أجل تحقيق االستقالل الذاتي
للمتربين في إطار مؤس اي مفتوح".190
ً
إذا ،ترفض هذه البيداغوجيا الجديدة املدرسة الثكنة التي تخنق التلميذ بنظامها
االنضباطي البيروقراطي الذي يحد من حرية التلميذ ،فتتحول املدرسة إلى صندوق أسود،
أو إلى ثكنة عسكرية التؤمن إال بالنظام واالنضبا على حساب حرية التلميذ ولعبه
وأنشطته الثقافية ،والفنية ،والرياوية ،والعلمية.
لهذا ،تقترح البيداغوجيا املؤسساتية مدرسة مرنة ومنفتحة تنبع قوانينها من التفاعل
الداخلي ألفرادها قصد االنتقال باملدرسة من مؤسسة التلقين والتوجيه واالنضبا
الوحشاي نحو مؤسسة إبداعية فاعلة وفعالة مبدعة ومبتكرة ،تس ى إلى تحقيق التقدم
واالزدهار.
ومن خالل العمل داخل فريق ،يمكن تحقيق ديمقراطية التعلم وديمقراطية التعليم،
وأجرأة التربية الديمقراطية بحل املشكالت التي تواجه املتعلم في عامله املوووعي بسهولة
من خالل إنجاز األعمال املطلوسة منه بشكل فعال ،و عالج الكثير من اآلفات النفسية
الفردية الشعورية والالشعورية كاألنانية والنبذ والكراهية والنفور ،واستبدالها بمشاعر
أكثر نبال كاالن جام والتوافق والتشارك والتعاون واالبتكار الجماعي واإلبداع الهادف.
وإلزالة القيم السلبية ،والحد من املشاعر الفردية السي ة ،البد من دفع املتعلم إلى
االنصهار داخل الجماعة ليكتسب سلوكيات جماعية ،ويتعود على الفكر االشتراكي العملي
بتدريب طاقته الجسدية والعقلية على تحقيق املردودية واإلنتاجية كما يقول أنطون
مكارينكو( ، ) A. Makarenkoوتعويد تالميذ الفصل على العمل الحر داخل جماعات
متجانسة من حيث السن واملستوى الدراهاي كما يقول كوزينيه( ،)Cousinetوخلق فرص
للعمل الجماعي من أجل بناء مجتمع ديمقراطي مبدع ومزدهر.
القاربة التربوية التمركزة حول الكفاءة واإلدماج :تستند هذه املقارسة على
القدرات والكفايات الرئيسة واملمتدة والنوعية بغية تأهيل املتعلم على مواجهة الووعيات
الصعبة واملعقدة واملركبة من أجل اكتساب الذكاء املعرفي والعملي .ومن هنا ،فالكفاية ي
208
بمثابة قدرات وموارد ومهارات ومواقف يستضمرها املتعلم ملواجهة مختلف الووعيات
الحياتية واملهنية والتدريسية التي تصادفها .وتمتح الكفايات أسسها النظرية والعملية من
اللسانيات التوليدية التحويلية لنوام شومسكي من جهة أولى ،ومن علم النفس املعرفي
الورا ي من جهة ثانية ،ومن بيداغوجيا اإلدماج من جهة ثالثة .وبهذا ،تهدف هذه املقارسة إلى
تكوين إنسان عقالني كفء ومؤهل قادر على مواجهة العوائق كافة سواء أكانت تدريسية
أم حياتية أم طبيعية...وتس ى هذه املقارسة إلى تكوين إنسان قادر على التحدي ومواجهة
الواقع ومن سياق إدماجي .
وقد ترتب عن هذه املقارسة ظهور املقارسة اإلدماجية التي تتخذ بعدا تطبيقيا .وإذا كان
التقويم يقصد به قياس قدرات املتعلم وخلراته وتعلماته ودراياته ومهاراته وإتقاناته،
مواطن القوة والضعف لديه فإن اإلدماج ( )Intégrationهو توظيف بت خي
املكتسبات السابقة واستثمارها في معالجة الووعيات اإلدماجية املعقدة والصعبة .بمعنى
أن املتعلم يستدمظ كل تعلماته وموارده الدراسية وأبحاثه ومعلوماته املخزنة واملستضمرة
في حل ووعية إدماجية ما بغية التثبت من مدى تحقق الكفاية املستهدفة أو تحقق
الكفاية األساسية املطلوسة .ويساعدنا اإلدماج أيضا على حسن استعمال معارفنا ومهاراتنا
في التعامل مع الووعيات اإلدماجية سواء أكانت بسيطة أم مركبة ،ومعالجتها وفق معايير
ومؤشرات كمية وكيفية بغية الحكم على املتعلم بالكفاءة والتأهيل أو عدم استحقاقه
ذلك .والهدف من ذلك كله هو إعداد املتعلم لسحياة الواقعية أوالحرفية أو املهنية لكي
يتكيف مع سوق الشغل ،ويتأقلم مع صعوسات الحياة ومشاكلها وعوائقها .أي :تسعف
عملية اإلدماج املتعلم في امتالك الذكاء الكفائي النظري والتطبيقي على حد سواء ،وخلق
متعلم كفء ومحترف ومؤهل مهنيا.
ومن هنا ،ينبني اإلدماج على التعلم الذاتي ،واملوارد واملكتسبات ،والووعيات اإلدماجية،
والحلول الناجعة ،والتقويم ،والتصحيح ،واملعالجة .ويشكل هذا كله ما يسمى باملقارسة
209
إدماجي، اإلدماجية ( .)Approche intégratriceومن ثم ،يمكن الحديث عن تخطي
وتدبير إدماجي ،وتقويم إدماجي191.
-191عبد الكريم غريب :بيدايوجيا اإلدماج ،منشورات عالم التربية ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة
2233م ،ص .363-303:
192- ROEGIERS, X.,Avec la collaboration de DE KETELE, J.-M. Une pédagogie de l'intégration,
210
اإلنسان املحترف النسق ذو البعد امل ي
وخالصــة القــول ،لقييد تمثييل املنهيياج التربييوي املغربييي خمييس مقارسييات للمنهيياج الدراهيياي منهييا
املقارسيية املضييامينية التييي تعنييى بيياملقررات املوجهيية باملعرفيية ،واملقارسيية النسييقية التييي تقييوم علييى
املخططييات املوجهيية باألهييداف ،واملقارسيية الالتوجوهييية التييي تييؤمن باملنهيياج املبنييي علييى مراعيياة
حاجي ي ييات امل ي ييتعلم وميول ي ييه واتجاهات ي ييه ،واملقارس ي يية البيداغوجي ي يية املؤسس ي يياتية القائم ي يية عل ي ييى
التسي ي يييير الجمي ي يياعي والفكي ي يير التعي ي يياوني ،واملقارسي ي يية املتمركي ي ييزة علي ي ييى الكفايي ي ييات والووي ي ييعيات
اإلدماجييية القائم يية عل ييى النس ييق امل ييي م يين جه يية ،وتك ييوين اإلنسييان املحت ييرف عملي ييا م يين جه يية
أخرى.
مرجعيات النهاج:
اليمكيين فهييم املنهيياج إال إذا فهمنييا أهدافييه وغاياتييه ومرجعياتييه وأسسييه وفلسييفته ومقاصييده
القريب يية والبعي ييدة .وم يين هن ييا ،تش ييتق" أه ييداف املن ييا ا م يين أه ييداف التربي يية الت ييي تحيلن ييا عل ييى
211
ما ي الغايات و األهداف والنتائظ املنتظرة في التربية؟
من أين يستمد نظام تعليمي معين فلسفته التربوية واختياراته التعليمية؟
ما عالقة املنا ا بالخصوصيات الحضارية للمجتمع علر تاريخه وسأوواعه االقتصادية
واالجتماعية الراهنة وسحاجاته وتطلعاته املستقبلية؟
ما عالقتها بحاجات املتعلمين وخصائصهم النهائية ومتطلباتها وسبل تعلمهم وطبيعة
اإلسهام املنتظر منهم؟
ما عالقتها بما وصلت اإلنسانية من خلرة حضارية ونتائظ علمية في املجاالت املختلفة بما
في ذلك نتائظ الدراسات ذات الصلة بالتربية والتعليم؟
فاملنهاج التعليمي ال يتحرك في فراغ ،وليس نسقا مغلقا ومنفصال عن املشروع الحضاري
املجتم ي للمنظومة الحضارية بكل أبعادها "193.
ومن ثم ،ينبني املنهاج التربوي املغربي على مجموعة من املرجعيات اإلحالية التي تتمثل في
املرجعيات املرتبطة بفلسفة التربية ،واملرجعيات السياسية ،واملرجعيات القانونية
والتشريعية ،واملرجعيات القيمية واألخالقية ،واملرجعيات التربوية ،واملرجعيات الثقافية.
وإذا كانت " املنا ا تستمد توجهاتها من الوس التربوي ،فهي تتفاعل كذلك بكيفية غير
مباشرة مع املحي الخارجي من خالل السياسية التربوية ،وقد أكدنا في السابق أن هذا
يتشكل من مجموع التفاعالت بين األنساق املتفاعلة فيما بينها والتي تشكل املحي
-193ميلود أحبادو ( :مقومات املنهاج التعليمي) ،مجلة التدر س ،الرسا ،املغرب ،العدد السابع ،ص.32 :
212
السياسة التربوية.ومن العوامل التي تؤثر في املنهاج من خالل تأثيرها في السياسة التربوية
نذكر:
وخالصة القول ،يتبين لنا ،مما سلف ذكره ،أن املنهاج التربوي عبارة عن خطة استشرافية
توقعية تتعلق بغايات التربية والتعليم وفق املقارسة السياسية .ومن ثم ،يتميز املنهاج
الحديث واملعاصر عن املنهاج التربوي التقليدي باالعتماد على الحرية ،وتعلم الحياة علر
الحياة ،والتركيز على التعلم الذاتي ،واالهتمام باللعب ،وتطبيق الطرائق التربوية الفعالة،
واالسترشاد بعلم النفس وعلم االجتماع ،واالنطالق من األهداف والكفايات األساسية
والنوعية.
ومن هنا ،يمكن الحديث عن أنواع عدة من املنا ا التربوية ،فهناك منهاج املواد املنفصلة،
ومنهاج املواد املترابطة ،ومنهاج املواد املتشابهة ،ومنهاج النشا الفردي والجماعي ،ومنهاج
امليول...
ويستند املنهاج التربوي املغربي إلى ثالثة محددات رئيسة ي :االعتماد على مبدإ االختيار،
واألخذ بتربية القيم ،وتطبيق املقارسة بالكفايات واإلدماج .ومن جهة أخرى ،ينفتح املنهاج
التربوي املغربي على خمس مقارسات متنوعة كاملقارسة املضمونية ،واملقارسة املتمركزة على
يستند الفعل التربوي والديدكتيكي إلى مجموعة من الوثائق واملفاهيم الرئيسة التي ينبغي
اإلملام بها في بناء الدروس والتعلمات والوحدات والحلقات الدراسية .ومن الصعب بمكان
استيعاب علم الديدكتيك ،أو التربية الخاصة ،دون التوقف عند بعض املصطسحات
الرئيسة كاملنهاج ،واللرنامظ ،واملقرر ،والكتاب املدرهاي ،واملجزوءة ،والوحدة التعلمية...
وما يهمنا في هذا املقام هو التوقف عند مفهوم اللرنامظ بالتحليل ،والفح ،والدرس،
والتقويم.
" كلمة برنامظ في معناها العام تطلق على التخطي املهيإ مسبقا ،والذي تحدد فيه األشغال
أو الساعات التي ستنجز فوها مجموعة من األنشطة.مثل برنامظ حفل،أو برنامظ سفر
سياحي ،أو دراهاي ،أو برنامظ حكومي ملجموعة من املشاريع التي تتطلع إلى إنجازها في
املستقبل.
214
أما في مجال التربية والتعليم ،فإن كلمة برنامظ غالبا ما تطلق على الوثيقة أو الوثائق التي
تحدد مختلف مراحل التمدرس ،واملواد التي ينبغي تدريسها ،واملعارف املطلوسة في
االمتحانات.وفي هذا املعنى يقال برنامظ التعليم اإلعدادي أو الثانوي أو برنامظ العلوم في
السنة األولى من التعليم الثانوي...إلخ"195.
"اللرنامظ هو تحديد للمواد املراد تعليمها ،وتكوين جدول لكل مادة يحدد عدد ساعات
تدريسها وقائمة املحتويات التي ينبغي اكتسابها أي املعارف املفرووة".196
وإذا كان مسيرو التعليم ومقرروه السياسيون هم الذين يخططون املنهاج في شكل غايات ،
وإذا كان املدرسون هم الذين يحددون األهداف اإلجرائية السلوكية التي تنحصر في تنفيذ
املقرر والكتاب املدرهاي ،فإن وزارة التربية الوطنية ولجانها ي التي تسهر على ووع اللرامظ
الدراسية وفق املرامي.197
ً
إذا ،فاللرنامظ الدراهاي هو بمثابة نها أو خطة تعليمية /تعلمية موجهة إلى متعلم فرد ،أو
صف دراهاي ،أو مستوى تعليمي معين ،أو مسلك دراهاي ،أو ملؤسسة تعليمية ،أو لعدد من
املؤسسات التعليمية .وقد ينفذ هذا اللرنامظ ومن يوم دراهاي واحد ،أو أسبوع ،أو مرحلة
معينة ،أو فترة دراسية ،أو فصل معين ،أو دورة محددة ،أو سنة كاملة.
/2محتويات ال رنامج:
-195أحمد أوزي :العجم الوسوعي لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى
سنة 2223م ،ص.32-26 :
-196نقال عن أحمد أوزي :العجم الوسوعي لعلوم التربية،ص.32 :
-197عبد اللطيف الفاربي و خران :ال رامج والناهج ،دار الخطابي للنشر ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 3662م،
ص.33:
215
يحوي اللرنامظ خطة املنهاج الدراهاي من حيث األهداف والكفايات ،ويضم مجموعة من
منا ا التدريس ،واملحتويات واملضامين الدراسية ،واألنشطة التعليمية املراد إنجازها،
وكذا الطرائق البيداغوجية ،والوسائل الديدكتكية ،واإليقاعات الزمنية واملكانية ،وأنظمة
التواصل ،ووسائل التقويم واملعالجة واملراجعة والدعم والتغذية .ومن هنا ،يمكن الحديث
عن برنامظ اللغة العرسية ،وسرنامظ التربية اإلسالمية ،وسرنامظ العلوم ،وسرنامظ الرياويات،
إلخ...
ويرتب اللرنامظ الدراهاي بلرمجة النظام التربوي وتدبيره في سلك دراهاي معين ،أو بمادة
دراسية معينة ،ومن نسق إيقاعي زمني ومكاني .ويستند إلى األهداف العامة من التربية.أي:
توجهات التربية والتعليم .ومن هنا ،يتعلق اللرنامظ بأهداف قطاع التربية والتعليم في مجال
التربية والتكوين والتأطير والتدريس .فللتعليم االبتدائي أهدافه العامة ،وللتعليم اإلعدادي
والثانوي أهدافه العامة ،وللتعليم الجام ي أهدافه العامة ،وللتكوين امل ي كذلك أهدافه
ومراميه وأغراوه .ويعني هذا أن مرامي اللرنامظ أقل عمومية من الغايات ،وترتب بفلسفة
قطاع التربية والتعليم .في حين ،ترتب الغايات بسياسة الدولة العامة ،أو املنهاج العام
للتربية ،كأن نقول -مثال -يهدف التعليم امل ي إلى تكوين مهنيين محترفين في مجال
التكنولوجيا والصناعة.
ومن جهة أخرى ،يرتب اللرنامظ بمستوى دراهاي معين ،ومادة معينة ،كأن نقول برنامظ
مادة اللغة العرسية في السلك االبتدائي ،وسرنامظ الرياويات في السلك اإلعدادي ،وسرنامظ
الفلسفة في التعليم الثانوي .ومن ثم ،يتضمن اللرنامظ أهداف املواد الدراسية وكفاياتها
املتنوعة ،ومواصفات متعلمي السلك الدراهاي ،ورصد عناوين املواد مع أهدافها
ومقاصدها ،وتبيان طرائق التدريس ،وتبيان ليات التقويم.
ويعني هذا كله أن اللرنامظ جزء من املنهاج التربوي ،يسهر عليه مسيرو التعليم ومؤطروه،
واألهداف الخاصة املتعلقة بقطاع التربية والتعليم في سلك وهو مجموعة من األغرا
216
دراهاي معين ،وفي مادة معينة.ومن ثم ،يتضمن اللرنامظ الدراهاي مجموعة من املحتويات
والخلرات والتجارب مقدمة بطريقة مستسلسلة ،بتحديد مجموعة من املدخالت في شكل
أهداف وكفايات ،وتبيان الطرائق والوسائل الديدكتيكية والبيداغوجية الكفيلة بتحقيق
هذه املدخالت ،مع تنظيم اإليقاعات الزمنية واملكانية والصفية ،وتحديد ليات التواصل
اللفظي وغير اللفظي .كما يشتمل اللرنامظ على ليات التقويم املختلفة من امتحانات
واختبارات ومقاييس وطرائق الدعم واملعالجة والتقييم والتغذية الراجعة .كما يحوي
اللرنامظ مواصفات املتعلمين من النواحي النمائية ،والنفسية ،واالجتماعية ،والتربوية .ومن
ثم ،يتميز اللرنامظ باملالءمة ،والتماسك ،والفعالية ،والقابلية للتطبيق.
عالوة على ذلك ،قد يتضمن اللرنامظ املقرر الدراهاي والتوزيع السنوي إلى جانب املخط
الدراهاي والوحدات الدراسية ومجاالتها ومختلف املكونات املدرسة.عالوة على مواصفات
املتعلم ،ورصد ملختلف األهداف والكفايات األساسية والنوعية ،وتبيان الطرائق املنهجية
في عملية التدريس الخاصة بكل مكون على حدة .وغالبا ،ما يسمى اللرنامظ بالدليل ( Le
،)guideأو كتاب األستاذ كما في التعليم االبتدائي ،أو دليل تنفيذ املنهاج ملادة معينة في
التعليم اإلعدادي والثانوي التأهيلي .وقد يكون اللرنامظ عبارة عن مذكرات وزارية تفصل
املقرر واللرنامظ الدراهاي بشكل واض ،وجلي.
217
وخالصة القول ،يتبين لنا ،مما سبق ذكره ،أن اللرنامظ عبارة عن دليل أو خطة واضحة
املعالم واملالمح ،تسعف املدرس في تحضير دروسه وتعلماته وفق مجموعة من املواصفات
واألهداف والكفايات على مستوى املدخالت.
وفيما يتعلق باملخرجات ،يرتكز اللرنامظ على التقويم والتغذية الراجعة واملعالجة والدعم
على حد سواء.
/1القررالدراس ي:
ثمة مجموعة من املصطسحات التربوية التي ينبغي أن يتوقف عندها الباحث أو الدارس أو
املكون أو طالب التربية بالبحث والتحليل واملناقشة وفق املقارسة االصطالحية ،قبل
218
الخو في مجال التربية الخاصة ،والتعمق في علوم التربية .ومن أهم املفاهيم التربوية التي
تثير االوطراب واللبس والخل مفهوم املقرر الدراهاي في عالقته باملنهاج واللرنامظ من
جهة ،والكتاب املدرهاي من جهة أخرى.
ً
إذا ،ما مفهوم املقرر الدراهاي؟ وما أسسه ومرتكزاته؟ وما وظيفته ومن النسق التربوي؟
وما عالقته باللرنامظ والكتاب املدرهاي؟
ويرتب املقرر باألهداف العامة والكفايات النوعية من جهة ،وسواو ي املقررات الدراسية
من جهة أخرى .وهو عبارة عن وحدات ومواد دراسية مرتبطة بمكوناتها ومجاالتها
الرئيسة.والهدف الرئيس من املقرر هو التنظيم والهيكلة وترتيب املحتويات والعناوين
حسب املكونات والوحدات واملجاالت واإليقاعات الزمنية واملكانية.
219
ويرى الحسن السحية أن املقرر الدراهاي " هو مرادف املواد أو الدروس ،وهو نفسه بالنسبة
لجميع التالميذ .يحدد املقرر ما ينبغي أن يتعلمه التالميذ في كل سنة دراسية وفي كل مادة
من املواد املدرسة في السنة"198.
ً
إذا ،فاملقرر الدراهاي عبارة عن الئحة أو فهرس من املواد واملحتويات الواجب تعلمها
وتدريسها .ويمكن القول :إن املقرر الدراهاي هو تفصيل للدروس واألنشطة املصحوسة
بالتوزيع السنوي.199
- 198الحسن السحية :االمتحانات الهنية (علوم التربية) ،منشورات املعارف ،الرسا ،املغرب ،الطبعة األولى سنة
2233م ،ص.222:
199الحسن السحية :نفسه ،ص.222:
220
بعيدة عن خاصيتي التجريد والفلسفة اللتين يتسم بهما املنهاج التربوي العام .ومن ثم،
فاملقرر الدراهاي عبارة عن مواد دراسية ووحدات تعليمية تعلمية ،تختارها لجن ترسوية
مشرفة تتكون من مفتشين وخلراء ومدرسين بشكل دقيق ،ثم تدرس هذه املقررات في
املدارس العمومية والخصوصية ،يقبل علوها املتعلمون بإشراف املدرس.
ً ُ َ ٌ
ستخدم مجموعة ِمن العناوين مكتوسة ت
ٍ خطة
ٍ عن ة ومن هنا ،فاملقرر الدراهاي " هو عبار
ُ ّ
الدراسية التي تعتمد على املراجع واملنا ا املعتمدة خالل الفصل الدراهاي الواحد ،ومن
التفاعل بين املعلم والطالب ومحتوى تعريفات املقرر :هو املحتوى الذي ُيساعد في تحقيق ّ
ً
عتمدا على الكتب ّ املادة ّ
الدراسية ،أم املراجع اإللكترونية من خالل سواء أكان ُم
الدراسية ً
جهاز الحاسوب ،أم ّ
الزيارات امليدانية.
النتائظ باالعتماد على دور الطالب في فهم املادة ّ
الدراسية َيهدف املقرر إلى تحقيق أفضل ّ
ِ
ُ
مناسبة داخل الغرفة
ٍ تعليمية
ٍ منظومة
ٍ بمساعدة املعلمِ ،لذلك ُيساهم املقرر في تطبيق
ِ
ٌ ُ الصفية ،وتتوزع على مجموعة من الوحدات ّ
وحدة منها هدف ُم ٍ
حدد يجب ٍ الدراسية ،ولك ِل ٍ
ُ ُ ْأن ُ
بأسلوب
ٍ راملقر تعليم تطبيق في ساعد ت بها خاصة تعليمية ومصادر الطالب، حققه ي
ومناسب مع الطالب".200
ٍ سهل
ٍ
وعلى العموم ،إذا كان اللرنامظ مفصال ومسهبا في مقتضياته وسنوده وتعليماته وتوصياته،
ح اي ،في شكل فإن املقرر عبارة عن عناوين عامة تحتاج إلى تنزيل وتفصيل وت خي
نصوص ودروس ووحدات وحلقات ومقاطع ديدكتيكية ،وهذا ما يقوم به الكتاب املدرهاي.
ومن هنا " ،يتناقض مفهوم املقرر الدراهاي مع املنهاج الدراهاي ،فاملقرر ،بشكل عام ،هو
الئحة املواد الواجب تدريسها مصحوسة بتعليمات منهجية تلررها وتقدم مؤشرات حول
وعليه ،يتميز املقرر الدراهاي عن املنهاج واللرنامظ بخاصية الفهرسة من جهة ،وسالئحته
العنوانية العريضة التي تضم مجموعة من املحتويات واملواد والدروس املنفصلة املنعزلة
عن سياقها الداللي واملرج ي والتربوي والديدكتيكي من جهة أخرى.
223
ومن ثم ،يستند الكتاب املدرهاي إلى مبدإ االختيار والتنوع وااللتزام بتوجوهات املنهاج،
واالنطالق من مباد اللرنامظ ،وتفصيل عناوين املقرر ومواده ومحاوره ووحداته.
ومن هنا ،يتوجه الكتاب املدرهاي إلى التلميذ املتعلم أو املتمدرس بالخصوص ملساعدته
على استيعاب دروسه ،وإنجاز األنشطة الدراسية داخل املدرسة وخارجها ،والتثبت من
قدراته النمائية والكفائية .ومن ثم ،فهو عبارة عن مجموعة من الدروس املبثوثة بين دفتي
الكتاب ،في شكل نصوص ،وخلرات ،وتجارب ،وأنشطة تعلمية تطبيقية ،وكفايات
وووعيات ،أو أهداف إجرائية .
وعليه ،فقد جاء في ممجم (مصطلحات التربية والتعليم) أن الكتاب املدرهاي " هو الكتاب
الذي يقدم للمتعلم كل ما يحتاجه من معلومات وحقائق بأسلوب يتناسب ومستواه
الفكري .فهو وسيلة تعليمية أساسية في عملية التعليم والتعلم ،نظم بحسب املنها
التربوي املقرر من وزارة التربية الوطنية ،وفي ووء القدرات املتاحة للمتعلمين لكي
يستعينوا به لتنمية معارفهم ،وفهم املعطيات العلمية املطلوسة منهم .لهذا اعتلر الكتاب
املدرهاي مرجعا يعود إليه املتعلم ،سواء كان ذلك داخل الصف أو خارجه فهو يستعين به
لتنفيذ ما هو مطلوب منه ،وسخاصة التمارين التطبيقية املتعلقة بكل درس من
الدروس".202
وأكثر من هذا " يمثل الكتاب املدرهاي املصدر األساهاي لتزويد التالميذ بهذه املعلومات ،ثم
يتولى املدرس شرحها وتبسيطها وتحليلها والتعليق علوها ،ويقوم التلميذ بفهمها أو حفظها
أو استيعابها ،وتعمل االمتحانات على قياسها"203.
- 202جرجس ميشال جرجس :معجم مصطلحات التربية والتعليم ،دار النهضة العرسية للطبع والنشر والتوزيع،
الطبعة األولى 2223م ،ص.233 :
-203الوكيل حلمي أحمد ،املفتي محمد أمين ،أسس بناء الناهج وتنظيماتها ،دار املسيرة للنشر والتوزيع ،عمان،
طبعة 2223م ،ص.3:
224
ويعرف عبد الكريم غريب الكتاب املدرهاي بقوله:
" هو املرجع األساهاي الذي يستقي منه التالميذ معلوماتهم أكثر من غيره من املصادر،
فضال عن أنه ،أي الكتاب ،هو األساس الذي يستند إليه املدرس في إعداد دروسه قبل أن
يواجه تالميذه في ججرة الدراسة"204.
فوها أنها األداة ،أو ويعرفه كذلك بأنه" الوعاء الذي يحتوي املادة التعلمية التي يفتر
إحدى األدوات على األقل التي تستطيع أن تجعل التالميذ قادرين على بلوغ أهداف املنها
املحددة سلفا"205.
ويعد الكتاب املدرهاي كذلك «دعامة حقيقية ،رائدة في تفعيل وإعمال مقتضيات املباد
علوها امليثاق الوطني للتربية والتكوين ،والتي والقيم واالختيارات التربوية العامة التي ن
تؤكدها وثيقة االختيارات والتوجوهات التربوية العامة».206
وسناء على ما سبق ،فالكتاب املدرهاي هو الذي يتضمن مجموعة من األهداف الخاصة
والكفايات النوعية ،ويشتمل على مجموعة من املوارد واملهارات واملواقف واملحتويات
واملضامين التعلمية املوجهة إلى متعلم معين ،وسمواصفات خاصة من خالل االستعانة
بمجموعة من الطرائق والوسائل الديدكتيكية ،في إطار زمكاني محدد ،وومن ووعية
تواصلية لفظية وغير لفظية ،باستخدام ليات التقويم واملعالجة والدعم املختلفة.
ومن هنا ،فالكتاب املدرهاي هو الذي يشتمل على مجموعة من الدروس والنصوص
واملحتويات واملضامين والتجارب وفق أهداف نوعية خاصة بغية تأهيل املتعلم وإكسابه
- 204عبد الكريم غريب :النهل التربوي ،ج ،2مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة
2223م ،ص.333
- 205عبد الكريم غريب :النهل التربوي ،ج ،2ص.333
- 206وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين األطر والبحث العلمي ،الكتاب الدرس ي مسار إصالمل ،مديرية
املنا ا ،قطاع التربية الوطنية ،الرسا ،املغرب ،الطبعة األولى سنة ، 2223ص.23
225
مجموعة من القدرات واملهارات ملواجهة الووعيات-املشكالت بغية إيجاد الحلول املناسبة
لها.
وعليه ،يعد الكتاب املدرهاي وسيلة لتنفيذ فلسفة املنهاج ،وتطبيق توجوهات اللرنامظ،
وإنزال املقرر املدرهاي إلى حيز الوجود .ويعني هذا أن الكتاب املدرهاي وثيقة ووعاء ح اي
ملموس ملجموعة من الدروس املتراكمة اتساقا وان جاما ،وفق تسلسل منطقي ،ووفق
وحدات ،ومجزوءات ،واتجاهات ،وتيمات ،ووفق معايير داللية ،وزمانية ،ومكانية ،وفنية،
وجمالية ،وتجنيسية...
و يستند الكتاب املدرهاي إلى مبدإ االختيار والتنوع وااللتزام بتوجوهات املنهاج ،واالنطالق
من مباد اللرنامظ ،وتفصيل لعناوين املقرر ومواده .
ومن هنا ،فالكتاب املدرهاي عبارة عن مجموعة من الدروس املبثوثة بين دفتي الكتاب ،في
شكل نصوص ،وخلرات ،وتجارب ،وأنشطة تعلمية تطبيقية ،وكفايات وووعيات ،أو
أهداف إجرائية .
226
بينما هناك من يرفض الكتاب املدرهاي ،ويثبت أن الطبيعة واالكتساب من املجتمع أفضل
من التعلم في الكتاب املدرهاي ،كما يبدو ذلك عند جان جاك روسو في كتابه (إميل
.)Emile/
وهكذا" ،اختلفت اآلراء ،وتعددت بصدد موووع الكتاب املدرهاي ،وذلك باختالف
الفلسفات التربوية ،وتعدد وجهات النظر ،ففي التربية التقليدية حيث تعتلر مادة
الدراسات ي مركز االهتمام وتحصيل التراث العلمي هو مووع العناية اكتسب الكتاب
املدرهاي أهمية كلرى وصارت وظيفة املعلم ي مساعدة التالميذ على تحصيل ما تضمنته
الكتب املدرسية من مادة علمية تقيسها االمتحانات التقليدية املعروفة ،بينما نرى أن
الفلسفة الطبيعية في التربية ال تهتم بالكتب ،وإنما توجه عنايتها إلى الخلرة املباشرة التي
يكتسبها التالميذ نتيجة لتفاعل قواهم الطبيعية مع مؤثرات البي ة ،ونرى أن رائدا كبيرا
من رواد الحركة الطبيعية وهو الفيلسوف الفرن اي جان جاك روسو يقترح في كتابه
(إميل) أن تكون ترسية الطفل سلبية من سن الخامسة إلى سن الثانية عشر ،وأال يقرأ إميل
أي كتاب إال كتابا واحدا هو كتاب الطبيعة ،كما تكون التربية االجتماعية عن طريق
املمارسة الفعلية لحقوق الفرد املدنية بصفته عضوا في مجتمع ،أما الفلسفة اللراجماتية
أو العملية ،فهي ترى أن املعلومات أو الكتب ليست غايات في ذاتها ،وإنما ي مجرد وسائل
يستعين بها األفراد في حل مشاكل حياتهم ،وهو اتجاه عملي نف ي يتفق مع السمات
املميزة لهذه الفلسفة207". والخصائ
ويتبين لنا ،مما سبق ذكره ،أن للكتاب املدرهاي مؤيدين ومعاروين .بيد أن الكتاب املدرهاي
وثيقة ورورية لتوجيه املتعلمين ومساعدتهم على التدريس ،وعدم تشتيت جهدهم في
البحث عن النصوص واملحاور واملواويع .كما تمنع املدرس من تبليغ إيديولوجيات وأهواء
واقتناعات شخصية التمت بصلة إلى العلم واملعرفة املوووعية .وفي الوقت نفسه ،يمكن
-207أمينة اللوه و خرون :الوجزالي التربية وعلم النفس ،دار الكتب العرسية ،الرسا ،املغرب ،د.ت ،ص.20-23 :
227
للمدرس تغيير النصوص شر االلتزام بمحاور املقرر وعناوينه الكلرى ،واحترام منهاج
الدولة وسرنامجه العام.
وأكثر من هذا يقبل الطفل املتعلم كثيرا على الكتب واملجالت والوسائل البصرية التي
تستخدم الصورة ،فينساق مع جمالياتها الفنية ،ويتأثر بأشكالها البصرية ،وينده
أللوانها الزاهية املثيرة ،ويتيه مع عواملها التخيليية ،سواء أكانت واقعية أم احتمالية أم
مستحيلة .كما يتلذذ بظاللها الجذابة ،ويتمثل رسائلها الهادفة .ومن ثم ،يرتاح الطفل
املتعلم إلى الصورة املرئية أكثر مما يرتاح إلى درس جاف مقرف ،يستخدم فيه املدرس اللغة
البيانية من بداية الحصة حتى نهايتها .ومن هنا ،فالصورة وسيلة مهمة في املجال التربوي
والتعليمي نظرا لفوائدها الكثيرة وأدوارها الهامة.
228
ولقد عرف الكتاب املدرهاي املغربي أربع مراحل على مستوى تطور الصورة التربوية أو
الديدكتيكية ،وهذه املراحل ي:
هذه املرحلة بظهور املدارس العتيقة والكتاتيب مرحلة يياب الصــورة :ترتب
والجوامع القر نية في املغرب ،وفي هذه املرحلة لم تكن الكتب املدرسية أو املقررات
التعليمية توظف الصور التربوية أو التعليمية ،بل كان التركيز على اللغة والبيان واإللقاء.
فقد كان املدرس يشرح الكتب التراثية الصفراء تفسيرا وتأويال وتعليقا وتحشية .ويعني هذا
أن الكتاب املدرهاي لم يكن سوى كتابة خطية أفقية وعمودية ،ترسم فوق صفحة صفراء
أو بيضاء .وأكثر من هذا لم تتطور املطبعة بعد ،في تلك الفترة ،تقنيا وفنيا وجماليا
لتستفيد من التقنيات الحديثة على مستوى الرقن أو الطبع أو الكتابة ،كما هو حال
الكتب األجنبية في مجال القراءة والكتابة والرياويات والعلوم .وقد استمر هذا الووع
حتى مرحلة الحماية األجنبية على املغرب ،وظلت الكتب املدرسية املغرسية غفال من الصور،
باستثناء الكتب املدرسية اللبنانية واملصرية التي كانت تدرس باملغرب ،وكانت تحوي صورا
مختلفة...
مرحلــة الصورة الســوداء :بعد االستقالل ،قررت وزارة التربية الوطنية املغرسية
مجموعة من الكتب التعليمية املتنوعة واملختلفة حسب املواد الدراسية ،كانت تتضمن
صورا سوداء غير ملونة حسب طبيعة املطبعة السائدة نذاك ،كما يظهر ذلك جليا في
كتب النصوص األدبية ،والسيما كتاب النصوص األدبية للسنة الرابعة من التعليم الثانوي
في سنوات السبعين من القرن املاضاي .فقد كانت صور الشعراء والكتاب في هذا الكتاب
مرسومة باللون األسود في كل أبعادها ومالمحها التخييلية ،وهذا يذكرنا بصور كتاب
(تاريخ األدب العربي) للباحث اللبناني حنا الفاخوري.
مرحلــة الصورة اللونــة :لقد استخدم الكتاب املدرهاي الصورة امللونة بكثرة مع سنوات
الثمانين من القرن الفائت ،وإن كان أحمد بوكماخ سباقا إلى توظيف الصورة امللونة في
229
سلسلة كتبه الدراسية املعنونة بي(اقرأ) ،منذ الستينيات من القرن العشرين (3632م) ،وقد
كان هذا الكتاب نموذجيا من حيث كثرة الصور الزاهية واملثيرة التي تنمي قدرات التخييل
لدى املتلقي .وما تزال كتبه -إلى حد اآلن -تعتمد من قبل األفراد وبعض املؤسسات التربوية
والتعليمية املغرسية .والسبب في ذلك أنه كان كتابا ترسويا متميزا بصوره الرائعة .وسالتالي ،ال
يمكن مجاراته إبداعيا وترسويا ،أو مضاهاته على مستوى توظيف الصور في سياقاتها
القرائية والتداولية وأجوائها األدبية والفنية واإلبداعية .ومن ثم ،فلقد " انفرد أحمد
بوكماخ في تأليف (اقرأ) بتوظيف الرسوم بكل أشكالها وأجناسها وأنواعها ،إذ شكلت هذه
املنهجية سبقا .ويرى أحمد الفتوح ،الناقد السينمائي ورئيس املنتدى الثقافي بطنجة ،أنه
باستثناء الصور الفوتوغرافية التي تزين غالف األعداد ،وظف أحمد بوكماخ الرسوم
كدعامة للنصوص ،ومكملة لها ،أو باعتبارها مواويع مستقلة.
هذا ،وقد استفاد بوكماخ من وظائف الصورة في تجميل الن ،لتحفيز فضول الطفل،
وإثارة انتباهه لتحقيق متعة بصرية ،وت جيعه على القراءة ،إوافة إلى توظيف الرسوم
لذاتها من خالل أس لة حول موووع الرسومات وشكلها ،ثم لكونها منطلقا للتعبير الشفوي
والكتابي .وهنا ،تكمن الوظيفة التعبيرية واللغوية...
230
وتعتلر رسوم مجموعة (اقرأ) مجاال خصبا للدراسة والتحليل بالنسبة للمتخصصين في
سيميائيات الصورة ،إذ تتجاوز عدد صفحات الكتاب الواحد ثالث مرات ،تختلف فوها
تقنيات وأساليب إنجاز وابتكار هذه الرسوم.
لقد اشتغل أحمد بوكماخ مع الفنان التشكيلي محمد شبعة ،والفنان املسرحي
والكاريكاتوري املرحوم أحمد الشنتوف .وكان هذا التعاون بين الكاتب والرسام أساسا
لتأليف السلسلة وتنسيقها وإخراجها شكال ومضمونا ،إوافة إلى تعاون بوكماخ مع
الشاعر أحمد الحرشني الذي كان يتقن عدة لغات أجنبية ،وعمل على مساعدة بوكماخ في
ترجمة مجموعة من نصوص (اقرأ) من لغتها األصلية إلى العرسية".208
وهكذا ،يتبين لنا أن أحمد بوكماخ كان سباقا إلى توظيف الصور امللونة في الكتاب املدرهاي
املغربي ،بعد أن كانت هذه الصور مقتصرة على الكتب املصرية واللبنانية.
مرحلــة الصــورة الرقميـة :لم تتبلور الصورة الرقمية في الكتاب املدرهاي إال مع سنوات
األلفية الثالثة ،بعد انتشار الحاسوب وتعميمه تجاريا وإعالميا ،وتطور الثورة الرقمية
والتكنولوجية ،وتكاثر الصور في مواقع الشبكات العنقودية في مختلف أنواعها وتشكيالتها.
وسالتالي ،أصبح عصرنا هذا عصر الثورة الرقمية بامتياز .لذلك ،ساير الكتاب املدرهاي
املغربي هذه الثورة بتطعيم نصوصه ومضامينه التعليمية -التعلمية بمجموعة من الصور
الرقمية لكي يحتك بها املتعلم على مستوى التلقي واالستثمار والتطبيق من جهة ،ويوظفها
املدرس في بناء درسه الديدكتيكي علر مختلف مقاطعه التدبيرية والتخطيطية من جهة
أخرى.
- 208زهور باقي( :أحمد بوكماخ من املسرح والسياسية إلى تأليف سلسلة “اقرأ") ،موقع هس ريس ،املغرب ،االثنين
32غشت 2236م.
http://hespress.com/portraits/86476.htm
231
وهكذا ،يتبين لنا أن الصورة املرئية ي تمثيل محسوس للذات والعالم معا ،باستخدام
العالمة البصرية التي يتحد فوها الدال واملدلول معا مع املرجع الح اي لتشكيل الداللة
الكلية .ومن ثم ،فالصورة البيداغوجية أو الديدكتيكية ي تلك الصورة التي تتعلق باملجال
التربوي والتعليمي ،وتؤدي وظائف تعليمية -تعلمية جمة .وسالتالي ،فلقد عرف الكتاب
املدرهاي املغربي أربع مراحل على مستوى تطور الصورة :مرحلة غياب الصورة ،ومرحلة
الصورة السوداء ،ومرحلة الصورة امللونة ،ومرحلة الصورة الرقمية.
ويتضمن هذا الكتاب املدرهاي مجموعة من الصور املرئية ،منها :الصورة التربوية ،والصورة
الديدكتيكية ،والصورة التحسيسية ،والصورة األيقونية ،والصورة اإلشهارية ،والصورة
السينمائية ،والصورة الفوتوغرافية ،والصورة التشكيلية ،والصورة املسرحية ،والصورة
الرقمية.
ومن املعلوم أن للصورة في الكتاب املدرهاي مجموعة من الوظائف ،مثل :الوظيفة التربوية
والديدكتيكية ،والوظيفة التعبيرية ،والوظيفة األداتية ،والوظيفة التأثيرية ،والوظيفة
الجمالية ،والوظيفة املرجعية ،والوظيفة األيقونية ،والوظيفة الحفاظية ،والوظيفة
الثقافية ،والوظيفة السيميائية...
الكتاب اإللكتروني:
يمكن أن يستفيد املدرس واملتعلم على حد سواء من ثمرات الكتب اإللكترونية والرقمية
بغية التخفيف من عبء املحفظة التي تثقل كاهل املتعلم بمجموعة من الكتب والكراريس
واألدوات املدرسية ،وتعويضها بكتاب رقمي وإلكتروني واحد ،في شكل لوحة ()tablette
تشمل جميع املواد الدراسية .وسالتالي ،يسهل حملها من مكان إلى خر.
ومن إيجابيات هذا الكتاب أنه يسهم في الحفاظ على البي ة ،بحماية األشجار من عملية
التقطيع لكيال تتحول الجذوع واألغصان والفروع إلى أوراق وملفوفات لصناعة الكتب
232
املدرسية .بيد أن هذا الكتاب ،لو عممناه على التالميذ كافة ،سيكلف الدولة ميزانية
ضخمة التستطيع تحمل نفقاتها .فضال عن كون هذا الكتاب اآللي يعوق فعل القراءة
املثالية ،ويسبب مشاكل الحصر لها كإإلدمان وإرهاق الدماغ والبصر.
ونرى أنه من الالزم تغيير املقررات الدراسية مع تغير األوواع االجتماعية واالقتصادية
والثقافية قصد مواكبة املستجدات املوجودة في الساحة العلمية والفنية واألدبية والتقنية.
ويالحء كذلك أنه من األفضل أن تتغير املؤلفات األدبية والفنية في التعليم الثانوي التأهيلي
كل أربع سنوات من أجل تفادي امللل والتكرار والروتين ،والسيما في شعبتي اللغة العرسية
والفرنسية.والبد أن تتأسس الكتب املدرسية على معايير الحداثة واملعاصرة ،وجودة
املحتويات والشكل واإلخراج املطب ي امللون ،مراعين ،في ذلك ،شرو التلقي والتقبل،
وسيكولوجية القراءة ،والبعد االجتماعي ،وسيميولوجيا التواصل.
ومن الحضاري كذلك أن يكون هناك تنوع في الكتب املدرسية والكتب املوازية ،بشر أن
تستجيب لشرو دفتر التحمالت التي تفروها وزارة التربية والتعليم ،وتكون مصححة
ومنقحة ،و تدقق في مفاهيمها ومصطسحاتها العلمية املتفق علوها دوليا ،ووطنيا ،وعلميا،
ومؤسساتيا ،ولسانيا .وهنا ،البد كذلك من توحيد السجان التي تضع الكتب املدرسية لكي ال
يقع نشاز بينها ،أوعدم التكامل والتنسيق مخافة من التناقض املنهجي أو املعرفي أو
الديدكتيكي.ومن املفيد مرجعيا وعلميا أن نسترشد بكتب محلية وجهوية تطبيقا لشعار
الوزارة :الجودة/الجهوية/القرب.
235
ومن ناحية أخرى ،لن تعطي العملية التربوية ثمارها إال إذا ألزمنا تالمذتنا بإحضار الكتب
املدرسية ،وخاصة مع ندرة الوسائل الديدكتيكية .والبد أن ننبه إلى أمر مهم يتمثل في ترك
الحرية لنستاذ الختيار كتاب املقرر املناسب ،مراعيا مستوى الف ة املدرسية املستهدفة.
عالوة على ورورة تنويع املصادر في تيهيء املادة املعرفية لنجاح العملية الديدكتيكية داخل
الفصل الدراهاي.
وما ينبغي أن نشير إليه أيضا أن تكون هذه الكتب املدرسية ذات محتويات حيوية
فيه التلميذ ،ومواكبة للمستجدات في ميدان وديناميكية مرتبطة بالفضاء الذي يعي
اإلعالم والتواصل واإلحصاء ،كما هو الشأن في املواد االجتماعية .ومن ثم ،تراعي هذه
الكتب واملقررات ميول التلميذ وأهوائه وقيمه الوطنية والدينية والحضارية ،وتبتعد -قدر
اإلمكان -عن تكريس إيديولوجيات معينة ،بل علوها أن تكون ذات محتويات إنسانية عادلة،
وذات أبعاد اجتماعية ديموقراطية .فضال عن ذلك ،تكون متماثلة مع أهداف املنهاج
وفلسفة الكفايات ،و تكون محتويات هذه الكتب عبارة عن ووعيات وسياقات ترسوية قابلة
للتقويم واالختبار.
وخالصة القول ،يعد الكتاب املدرهاي وثيقة ترسوية وديدكتيكية مهمة تساعد املدرس
واملتعلم على حد سواء في بناء الدروس والتعلمات .ويعد أيضا وعاء يجمع مجموعة من
املجزوءات واملكونات والوحدات واملجاالت الدراسية التي ينبغي للمتعلم االطالع علوها قصد
تحضير دروسه وتهييئها وإعدادها بغية تحقيق األهداف املرجوة من العملية التعليمية-
التعلمية .ومن هنا ،يمكن الحديث عن كتاب مدرهاي ورقي من جهة ،وكتاب إلكتروني من
جهة أخرى ،ولكل كتاب إيجابيات وسلبيات .واليمكن الحديث عن كتاب مدرهاي حقيقي
إال إذا روعيت فيه مواصفات الجودة ،والتميز ،واالختيار ،والتنويع ،والتجديد ،والتطوير...
236
يعد التعليم باملجزوءات أو املجز ت) )Approche Modulaireمن أهم مظاهر التحديث
التربوي املعاصر بغية إيجاد الحلول الناجعة للفشل الدراهاي والالتجانس الفصلي والهدر
املدرهاي ،ومعالجة ظاهرة العزوف عن الدراسة والبطالة املتفشية في معظم الدول العالم
الثالث.
ومن ثم ،فلقد جرب املغرب عدة نظريات ترسوية مستن خة عن الغرب قصد استنباتها في
الواقع التربوي املغربي ،مثل :نظرية فريديريك هرسارت ،ونظرية جان بياجي ،والنظريات
اللسانية ،ونظرية مشروع املؤسسة ،ونظرية الشراكة البيداغوجية ،ونظرية الجودة
التربوية ،ونظرية األهداف ،ونظرية الكفايات واملجزوءات...
ً
إذا ،ما املجزوءات لغة واصطالحا؟ وما الفرق بين التعليم املوسوعي والتعليم باملجزوءات؟
وما سياق نظرية املجزوءات؟ وما مرجعياتها النظرية والتطبيقية؟ وما مرتكزات هذا التعليم
الجديد وأهدافه؟ وما هيكلة املجزوءة وأنواعها؟ وكيف يمكن إعداد الدروس واللرامظ
واملنا ا في ووء املجزوءات؟ وما أهم االنتقادات املوجهة إلى التعليم باملجزوءات؟
237
وسنتعامل مع كلمة املجزوءة الشائعة ،على الرغم من عدم احتها الصرفية ،مادامت
وزارة التربية الوطنية قد أقرت هذا املصطس ،في امليثاق الوطني للتربية والتكوين ،ووظفته
أيضا في الكتاب األبيض ،كما استعمل في الكثير من األدبيات التربوية والدراسات
البيداغوجية. 211
أما املجزوءة اصطالحا ،فهي مجموعة من املواد املن جمة ،أو مجموع الوحدات التعليمية
في مجاالت متكاملة .وتعرفها فيفيان دوالندشير ( ) Viviane De Land Sheereبأنها"وحدة
معيارية أو شبه معيارية تدخل في تأليف كل متكامل (منهاج) ،قابلة لإلدراك والتعديل
والتكييف ،فهي كفيلة ببناء برنامظ دراهاي على القياس املطلوب". 212
ويعرفها روجيه فرانسوا غوتييه ()Roger François Gautierبأنها "تنظيم خاص لجزء من
التدريس بالتعليم الثانوي". 213
ويعرفها كذلك املجلس الوطني لللرامظ بفرنسا )) )CNPبأنها" وحدة تعليمية نوعية أو
مستعروة ،تختار موووعاتها من طرف األساتذة ،انطالقا من معايير يحددونها بعد
التنسيق والتشاور فيما بينهم داخل فريق ترسوي "214.
وعليه ،فإن املجزوءة عبارة عن وحدات دراسية فصلية ،يتم تقطيعها إلى مواد ومجزوءات
صغرى ،بينها عالقات تكامل واندماج وتراب عضوي ،سواء داخل مسلك أم سلك دراهاي،
من أجل تنظيم الحياة املدرسية ،وخلق القدرات الكفائية لدى املتعلم من أجل مواجهة كل
الووعيات املحتملة التي يصادفها في الواقع الذي يعي فيه املتمدرس.
-211ميلود التوري :تدب ر الجزوءات لاناء الكفالات،مطبعة سوماڰرام ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى سنة
.2223
212 - Viviane De Land Sheere: L' éducation et la formation. P.U.F, 1987, p: 167.
-213عبد الكريم غريب والبشير اليعكوبي :الجزوءات،منشورات عالم التربية،الطبعة األولى 2226 ،م،ص.33:
214 - Françoise Clairc: Enseigner en Modules, Hachette, 1992, P.10.
238
التعليم الوسوعي والتعليم الجزوئي:
يرتكز التعليم املوسوعي على املدرس ،باعتباره صاحب سلطة معرفية يقدمها للتلميذ
جاهزة بواسطة مجموعة من األس لة التي تستوجب الحفء والتقليد والتكرار .ومن ثم،
يصبح التلميذ مرتكنا إلى مدرسه ،اليستطيع أن يواجه ما يتعروه من املواقف املستجدة،
أو يل ي طلبات املقاوالت الحديثة ألنه اليملك الكفاءات واملهارات املهنية و املنهجية و
التواصلية والذهنية واللغوية ،بل يقف مكتوف اليدين ،عاجزا عن التأقلم والتكيف مع
مستجدات الواقع االقتصادي الجديد .تبق معارفه نظرية مجردة غير وظيفية ،تنقصها
املمارسة والخلرات التجريبية .ويكون االهتمام ،في التعليم املوسوعي ،بالكم على حساب
الكيف ،ويلتجئ املدرس إلى التحفيز السلوكي امليكانيكي ،باالسترشاد بثنائية الحافز
واالستجابة لتوجيه دفة القسم مما ينتظ عنه ردود أفعال التالميذ السلبية ،ونفورهم من
القسم النعدام األنشطة الذاتية والخلرات الفردية .ومن ثم ،ينكمشون على أنفسهم خوفا
أو خجال أو جهال بما يعط لهم من دروس ومعارف كمية ،يصعب اإلحاطة بها في سنة كاملة.
أما التعليم املجزوئي ،فهو تعليم قائم على بيداغوجيا الكفايات التي تستهدف البحث عن
من القدرات الكفائية لدى املتعلم ،بووعه في ووعيات معقدة أو أقل تعقيدا .والغر
ذلك هو اختبار أدائه السلوكي ،وتقويم كفاءاته وقدراته في التعامل مع مشاكل الواقع
املحيطة به .و يراعي هذا التعليم الفوارق الفردية ،وينكب على ظاهرة الالتجانس بدراسة
كل حالة فردية ،ودعم كل متعلم ،وتحفيزه على إبراز قدراته وميوله واستعداداته ،سواء في
حلقة واحدة أم في حلقات متعددة متواصلة ألن املقياس -هنا -ليس هو الدرس الذي
ينتهي داخل حصة زمنية محددة كما في التعليم املوسوعي ،بل الحلقة الديدكتيكية
املتوالية التي تمتد علر حصتين فأكثر .
239
ويقدم التعليم املجزوئي املقرر الدراهاي في شكل مجزوءات ووحدات دراسية ،تصغر بدورها
في إطار مقاطع وحلقات وخلرات مرتبطة بكفايات نوعية أو شاملة أو ممتدة قصد التدرج
باملتعلم لتحقيق كفايات عليا كلية ونهائية .ويتم التركيز ،في هذا النوع من التعليم ،على
الكيف واملتعلم ألن املدرس مجرد وصاي أو مرشد ليس إال .ومن ثم ،تصبح الدروس خلرات
وممارسة كيفية ومهارات وقدرات معرفية ووجدانية وحركية .أي :إن املتعلم هو الذي يكون
نفسه بنفسه ،ويتعلم كيف يبحث ويفكر وينظم ما يبحث عنه منهجيا ووظيفيا.إن التعليم
باملجزوءات -كما يقول الباحث املغربي محمد الدريظ"-يروم بناء الكفايات لدى التلميذ،
على اعتبار أن الكفايات ي قدرات شاملة ودينامية(نشطة) ،والتي اليمكن اختزالها في الئحة
تحليلية من املحتويات ،إنها تشكيلة( تركيبة) ذكية من املعارف واملهارات واالتجاهات .فأن
نكون أكفاء ال يعني أن نملك جملة من املعلومات واملهارات ،فأن نكون أكفاء يعني أساسا أن
نكون قادرين على تجنيد تلك املعلومات واملهارات ،وتوظيفها في مواقف معينة ولحل
مشكالت ،أي أن نكون فعالين ومنتجين في ووعيات محددة.
لذلك ،يصير بناء الكفايات بهذا املعنى أمرا معقدا وأمرا ذاتيا وشخصيا .فيكون من أولويات
نشا املدرسين مساعدة املتعلمين،لكن على املتعلمين مساعدة أنفسهم في التعلم والتكوين
الذاتي .لذلك ،فإن التعليم باملجزوءات يستدعي املتعلم كمسؤول ويتعامل معه كمدبر
لتكوينه .215".
ارتباطا وثيقا ببيداغوجيا الكفايات ويعني هذا كله أن التعليم باملجزوءات قد ارتب
واإلدماج.
-215محمد الدريظ:الكفالات الي التعليم ،منشورات سلسلة املعرفة لسجميع ،شتنلر ،2222ص.232:
240
يستند التعليم املجزوئي إلى مجموعة من املقومات األساسية التي يمكن حصرها في
العناصر التالية:
يركز على املتعلم ،وي جعه على إظهار قدراته ومهاراته وكفاءاته املضمرة وغير املضمرة
قصد إعداده ملواجهة ووعيات الواقع املعقدة.
يوزع املقررات الدراسية إلى مجزوءات فصلية أو دورية في شكل وحدات ديدكتيكية
وسيداغوجية ،ويقطعها إلى حلقات دراسية نوعية أو عامة ،بطريقة متكاملة ومندمجة في
بؤرة منصهرة ووحدة ترسوية عضوية.
يقوم على التعلم الذاتي ،والتكوين املستمر ،ومد الجسور بين املراحل التعليمية.
ينظم الدروس والحلقات والوحدات الدراسية في شكل كفايات مستهدفة ،وقدرات،
ومهارات ،وخلرات معرفية ومنهجية وتواصلية وتقنية وثقافية( يعني أنه يأخذ بمدخل
الكفايات في التدريس).
يحول الدروس واللرامظ واملقررات إلى ووعيات إشكالية وأس لة للبحث والتنشي ،
تتدرج من البسي إلى املعقد ،مع تنويع هذه الووعيات في شكل أنشطة وأعمال وأبحاث،
واستقراء للوسائل البصرية والسمعية واملراجع املدرسية.
241
يقسم متعلمو الفصل إلى مجموعات من التالميذ كفريق ترسوي جماعي تعاوني ،أو
يتعامل مع التالميذ كأفراد ،بتحفيزهم على ترجمة قدراتهم ومهاراتهم الدفينة املضمرة إلى
أفعال وأداءات إنجازية مرصودة بالتقويم واملالحظة والقياس.
يهدف إلى تمهير املتعلم ذهنيا ووجدانيا وحركيا بقدرات كفائية ملواجهة الواقع وووعياته
اإلشكالية.
-11يعتمد على مرونة التعلم ،واملنهاج املندمظ ،والتكامل بين األسالك واملسالك واألقطاب
الدراسية ،في إطار شمولي نوعي وعام وممتد.
-12يهدف إلى خلق مدرسة إبداعية ،قوامها التمكن من ليات التقدم والتكنولوجيا ،بعيدا
املحافظة. القيم وتكريس اإلنتاج، إعادة وقوانين التقليد عن
سي ــاق التعلي ــم الجزوئي
ظهرت تجرسة املجزوءات ألول مرة ،باعتبارها ممارسة بيداغوجية ،في كندا بغية مواجهة
ظاهرة الالتجانس الفصلي واملتعدد الرتب والدرجات ،أوما يسمى بالقسم املشترك الذي
ينتشر كثيرا في القرى ،والسيما في أفريقيا ،وأمريكا ،وأوروسا .وكان الحل هو التفكير في
التدريس باملجزوءات الكفائية قصد الخروج من هذا اإلشكال الذي يثيره تعدد املستويات
مقارنة بالقسم "املفردن" .وقد انتقلت التجرسة إلى فرنسا في التسعينيات لحل مشكلة
الفشل الدراهاي في الثانويات الفرنسية ،بعد أن استقطبت هذه املؤسسات التعليمية
متعلمين من جذور وأصول عرقية واجتماعية وثقافية مختلفة .وفي سنة3662م ،ارتأت
وزارة التربية الوطنية الفرنسية العمل باملجزوءات ) (MODULESبغية مواجهة األزمات التي
فوها التعليم الفرن اي ،بعد أن أمضاى سنين طويلة في تطبيق البيداغوجيا بدأ يتخب
الفردية والفارقية .ويشكل الالتجانس بين التالميذ والفشل الدراهاي من األسباب الرئيسية
التي دفعت وزير التربية الفرن اي ليونيل جويسبان( ) Lynonnele Juspinلينادي إلى تنويع
242
مسالك التكوين بين العام والتقني وامل ي ،واإلفادة في ذلك من التعليم املجزوئي .وفي هذا
الصدد ،يقول في إحدى ندواته الصحفية سنة3663م ":إن مساعدة املتعلمين بالنسبة لنا
ي أول جواب مستمجل عن سؤال الالتجانس ،وهو جواب قابل للتطبيق الفوري في النظام
التربوي الحالي .والذي يتحمل مسؤولية هذه املساعدة هم املدرسون دون غيرهم إن أردنا أن
نضمن جودة التعليم ،فالدروس الخصوصية التي يتكفل بها الراغبون والقادرون من اآلباء
لن تلعب وحدها هذا الدور .وللوصول إلى هذا املبتغى البد من تطوير البنيات البيداغوجية
للتعليم الثانوي ،فباملجزوءة نكون قد قدمنا إطارا بيداغوجيا أكثر مرونة وفضاء جديدا
لحرية تصرف املدرسين ".216
ولقد انتقلت التجرسة إلى املغرب الذي أكد ،بدوره ،ورورة االعتماد على بيداغوجيا
املجزوءات في امليثاق الوطني للتربية والتكوين ،حينما ن ،إبان حديثه عن اللرامظ
واملنا ا ،على مراعاة املرونة الالزمة للسيرورة التربوية ،وقدرتها على التكيف ،بتجزيء
املقررات السنوية إلى وحدات تعليمية ،يمكن التحكم فوها على مدى فصل بدل السنة
الدراسية الكاملة إال عند االستحالة ،والحفاظ على التمفصل واالن جام اإلجمالي لكل
برنامظ ،مع مراعاة األهداف املميزة لكل مرحلة من مراحل التعليم والتعلم التي يعنوها .كما
امليثاق الوطني على ووع برامظ تعتمد نظام الوحدات املجزوءة انطالقا من التعليم ن
الثانوي ،لتنويع االختيارات املتاحة ،وتمكين كل متعلم من ترصيد املجزوءات التي اكتسبها،
وتوزيع مجمل الدروس ووحدات التكوين واملجزوءات من التعليم األولي إلى التعليم الثانوي
على ثالثة أقسام متكاملة:
قسم إلزامي على الصعيد الوطني في حدود 32في املائة من مدة التكوين بكل سلك
243
قسم تحدده السلطات التربوية الجهوية ،بإشراك املدرسين في حدود 33في املائة من
تلك املدة،وتتضمن بالضرورة تكوينا في الشأن املحلي وإطار الحياة الجهوية
عدد من االختيارات تعروها املدرسة على اآلباء واملتعلمين الراشدين في حدود حوالي33
إما لساعات الدعم البيداغوجي لفائدة املتعلمين املحتاجين لذلك ،وإما في املائة ،وتخص
ألنشطة مدرسية موازية وأنشطة للتفتح بالنسبة للمتعلمين غير املحتاجين للدعم. 217
وقد ساير الكتاب األبيض ماذهب إليه امليثاق الوطني للتربية والتكوين حينما دعا إلى
استبدال السنة الدراسية ،في التعليم الثانوي ،بدورات فصلية قائمة على تدريس
املجزوءات .ويضم التعليم الثانوي التأهيلي ست دورات تدرس فوها مجزوءات
إجبارية(االمتحان الوطني) ومجزوءات اختيارية(االمتحان الجهوي)،مع العلم أن كل
مجزوءة تتكون من ثالثين ساعة .أما السنة الدراسية ،فتضم أربعة وثالثين أسبوعا و3222
إلى 3222ساعة دراسية .كما يضم اإلعدادي ست دورات دراسية على غرار التعليم الثانوي.
وقد أشار الكتاب األبيض أيضا إلى عدة أقطاب وشعب ومسالك ،مثل :قطب التعليم
األصيل ،وقطب اآلداب والعلوم اإلنسانية ،وقطب الفنون والرياوة ،وقطب العلوم،
وقطب التكنولوجيات .
وقد بدأ املغرب في تنفيذ نظام الوحدات واملصوغات في السلك الثانوي التأهيلي ،فووع
اللرامظ واملنا ا الدراسية ،وقد فعل بيداغوجيا املجزوءات انطالقا من املوسم الدراهاي
، 2222/2226بتغيير الكتب املدرسية ،وتجديد هيكلتها وطرائق عروها.
-217وزارة التربية الوطنية :اليثاق الوطني للتربية والتكوين ،الرسا ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2222م،
ص.20-23:
244
مرجعيات التعليم الجزوئي:
للتعليم املجزوئي مرجعيات وإحاالت مختلفة ومتنوعة ،يمكن اختزالها في املؤثرات التالية:
بيداغوجيا الكفايات ،والبيداغوجيا الفارقية ،والالتجانس والفشل الدراهاي ،و اللسانيات
التوليدية التحويلية التي تتبنى املقارسة اإلدراكية الفطرية التي تعترف بالقدرات الوراثية
للمتكلم املستمع التي تسمح بتوليد جمل المتناهية العدد ،بتحويل الكفاءة للبنى العميقة
إلى بنى سطحية ،و الفلسفة الدكارتية التي تؤكد أهمية البنى الذهنية الرياوية واملنطقية في
معرفة الحقيقة ،وأن ماهو عقلي فطري ورا ي سابق على ماهو تجري ي خارجي،
والسيكولوجيا املعرفية واإلدراك ،و فكر املقاولة الذي كان دائما ومازال يستوجب تمهير
املتعلمين باملهارات ،وتسليحهم بالقدرات والكفاءات النوعية واملمتدة واملتخصصة .فضال
عن ظاهرة العوملة ،ثم االقتصاد التناف اي الذي يستلزم الطاقات البشرية املؤهلة ذات
الكفاءات العالية ،وذات املهارات املتنوعة والقدرات الفائقة.
الهيك ــل :يقسم املقرر إلى مجزوءات دراسية .وبعد ذلك ،تجزأ إلى وحدات ديدكتيكية
ومتواليات ،أو حلقات تعلمية ،تساعد املتعلم على التعلم الذاتي والتكوين املستمر في شكل
فردي أو جماعي.
245
الخرجات :هنا ،نتحقق من نجاعة القدرات والكفاءات التي أنجزها املتعلم وأداها في
أثناء سيرورة التعلم .وهذا التقويم ت خيصاي ومرحلي ونهائي.
ويمكن أن تكون املجزوءة ،في إطار سيرورتها اإلنجازية ،مجزوءة نوعية ،أو مجزوءة
مستعروة ممتدة.
بالخلرة ،وما يتم تعلمه ذاتيا ويمكن تصنيفها أيضا إلى مجزوءات تنظيمية ترتب
ومجزوءات والتكميلية، واالختيارية اإلجبارية كاملجزوءات
ديدكتيكية ترتب بمحتويات املرجع الدراهاي ،مثل :الكتاب املدرهاي ،والوثائق السمعية
والبصرية.
وخالصة القول ،على الرغم من أهمية بيداغوجيا املجزوءات ،فما زالت نظريتها غامضة
ومبهمة وغير محددة بدقة .لذلك ،تبق املمارسة متعثرة في نظامنا التربوي املغربي الذي
دائما يترقب ما يستجد في الساحة التربوية الغرسية ،والسيما التجرستين الفرنسية والكندية
منها .وهكذا ،نجد أنفسنا ننتقل من نظرية ترسوية إلى أخرى دون استيعابها بشكل جيد
لتطبيقها في مدارسنا بشكل ناجع وفعال.
247
التصورات املنهجية والر ى الفكرية .ومن ثم ،يعد مفهوم الوحدة من أعقد املصطسحات
التربوية واألدبية والنقدية والفلسفية غمووا وإشكاال ،حتى إن الباحثين املحدثين قد
استخدموها بتسميات عدة ،نشأ عنها نوع من فوضاى االصطالح والتسمية .فهناك مفهوم
الوحدة ،والتصميم ،والوحدة العضوية ،والوحدة املوووعية ،ووحدة العنوان ،والوحدة
النفسية ،ووحدة االنطباع ،والوحدة العاطفية ،والوحدة الوجدانية ،والوحدة املعنوية،
والوحدة املنطقية ،ووحدة الصورة ،والوحدة في التنوع ،ووحدة الغر ،والوحدة
املوسيقية ،ووحدة املقطع ،ووحدة العمل ،والوحدة التعلمية ،والوحدات الثالث التي
و ي :وحدة الحدث ،ووحدة الشعر)218 تحدث عنها أرسطو ( )Aristoteفي كتابه (فن
الزمان ،وووحدة املكان .
إال أن ما يهمنا من هذه الدوال االصطالحية التربوية واألدبية والنقدية واللسانية مصطس،
الوحدة التعلمية أو الدراسية.
والتماسك وعليه ،تحيل الوحدة ،من حيث الداللة اللغوية ،على مفاهيم الرس
واالن جام واالتساق والتكامل واالن جام...ومن ثم ،فهي ود االنفصال والبعثرة والتفكك
والتجزيء ووياع تسلسل الحلقات...
وتعني الوحدة -اصطالحا -أن مادة دراسية ما تنقسم إلى وحدات تعلمية ودراسية متكاملة،
تتكون من مواد مترابطة ومتكاملة ومتشابكة ،تندرج في مجال من املجاالت كمجال القيم،
- 218أرسطو :فن الشعر ،ترجمة:عبد الرحمن بدوي ،مكتبة النهضة املصرية ،طبعة 3636م.
248
ومجال البي ة ،ومجال العلم واملعرفة ،ومجال التقنية ،ومجال الفنون ،ومجال الصحة
اإلنسانية...
وقد تعني الوحدة التعلمية مجموعة من األنشطة والخلرات والتعلمات واملوارد التي تدور
حول موووع محوري معين ،أو تنصب حول هدف محدد ،أو تعالا مشكلة معينة يتفق
حولها املدرس مع تالمذته إليجاد حل لها .ومن هنا ،تخضع الوحدة التعلمية لعمليات
التخطي ،والتدبير ،والتقويم .وللوحدة عالقة وثيقة باملنهاج ،واللرنامظ ،واملقرر ،والكتاب
املدرهاي.وتقوم الوحدة بوظيفة الهيكلة والتنظيم وفق أهداف عامة وخاصة ،أو وفق
كفايات رئيسة ونوعية .ومن هنا ،فالوحدة التعلمية وظيفية ،مادامت تقوم بدور التنظيم
والهيكلة .كما أنها وحدة إجرائية وإنجازية مرتبطة بوظيفة التقويم.
وتتضمن الوحدة الدراسية -حسب أحمد أوزي " -مدخال ومتنا وخاتمة .في املدخل يحدد
املحتوى وأهدافه ،مع إجراء تقييم قبلي للطالب الذين تتوجه إلوهم الوحدة
الدراسية.ويتضمن املتن مختلف املواد التعليمية النظرية أو التطبيقية أو هما معا.أما
الخاتمة فتتضمن تقييما بعديا219".
وتتسم الدراسة بالوحدات " باإلحاطة والشمول ،وفي سبيل ذلك قد تتخط الحواجز
الفاصلة بين فروع املادة الواحدة أو بين ميادين املعرفة وذلك تبعا لنوع الوحدة220".
ويذهب عبد الكريم غريب في كتابه (النهل التربوي) إلى أن الوحدة التعلمية "سلسلة ذات
معنى من الخلرات وأنواع النشا التعلمي ،تدور حول موووع دراهاي أو مشكلة يهتم بها
املتعلمون ويخططون لها بالتعاون فيما بينهم تحت إشراف املدرس وتوجوهه.وهذا املفهوم
- 219أحمد أوزي:العجم الوسوعي لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة
األولى سنة 2223م ،ص.232:
-220الدمردا سرحان ومنير كامل :الناهج،دار العلوم للطباعة ،القاهرة ،مصر ،الطبعة الثالثة سنة 3632م،
ص.232:
249
ملعنى الوحدة يشير إلى أنها نوعان :النوع األول هو وحدة املادة الدراسية ،والنوع الثاني هو
وحدة الخلرة .ومحور النوع األول هو املادة الدراسية ،بمعنى أن تقسم هذه املادة إلى محاور
علمية ذات أهمية خاصة لدى التالميذ ،بحيث يضم كل محور املعارف والحقائق املتصلة
به دون التزام بالحدود التي تفصل بين املواد املتعددة ،أو بين فروع املادة الواحدة ،ودون
رعاية كذلك للتنظيم املنطقي في أي مادة .أما محور النوع الثاني ،فهو حاجة املتعلم
فوها .وهذا النوع أيضا اليعرف الفواصل بين ومشكالته التي يواجهها في البي ة التي يعي
املواد الدراسية أو املعارف اإلنسانية ،بل ينتفع بها جميعا في إشباع الحاجة أو حل مشكلة
موووع الوحدة221".
وسناء على ما سبق ،تعني الوحدة التعلمية أن املعرفة اإلنسانية واحدة ومترابطة ومتكاملة
الوحدات التعلمية املدرسة بالحياة ،كأن نرس وغير منفصلة .لذا ،البد من رس
الوحدات باألنشطة، بالووعيات الحياتية ومشكالت البي ة الطبيعية .عالوة على رس
وليس باملعلومات واملعارف كما في املنهاج التربوي التقليدي .ويعني هذا كله تحقيق مبدأ
شمول الخلرة التعلمية ،ومراعاة األسس السليمة في تقويم نمو املتعلم .ومن هنا ،تعني
الوحدة الدراسية أن يقدم املدرس للمتعلم املقرر الدراهاي ومكوناته في شكل وحدات
مترابطة بنيويا ونسقيا ،ووفق نظام مجالي متراب ومتماسك وموحد.
- 221عبد الكريم غريب :النهل التربوي ،الجزء الثاني ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة
األولى سنة 2223م ،ص.630 :
- 222نهاد املوهاى :األساليب مناهج ونماذج الي تعليم اللغة العربية ،دار الشروق ،طبعة 2226م ،ص33:
ومابعدها.
250
فني وجمالي يتخذ طابعا لغويا في شكل بنى صوتية ،وصرفية ،وتركيبية ،وداللية ،وسالغية،
وتداولية .ومن ثم ،يتخذ ملفوظ الوحدة طابعا تلفظيا وصوتيا من جهة ،وطابعا كتابيا من
جهة أخرى.
وأكثر من هذا تن جم الوحدة الدراسية نفسيا مع ميول املتعلم وحاجياته واتجاهاته ،
وتبعث فيه العمل والحياة ،وتبعد عنه امللل والروتين والنفور .كما تسهم الوحدة التعلمية
في خلق نوع من التوازن التربوي بتوحيد املواد الدراسية والتعلمية في بوتقة داللية ومجالية
ومحورية واحدة .ويعني هذا أن هناك نوعا من التنوع والتواتر والتوازن على مستوى تقسيم
املجاالت التعلمية .كما تساعد الوحدة الدراسية الوظيفية املتعلم على فهم املواد الدراسية
ومن إدراك كلي نسقي غير منفصل وغير مفكك.
ومن أسس الوحدة التعلمية كذلك توكيد وحدة املعرفة ،ورس الدراسة بالحياة ،وإقامة
الدراسة على أساس النشا ،وتحقيق مبدأ شمول الخلرة ،ومراعاة األسس السليمة في
تقويم نمو التلميذ.223
عالوة على ذلك ،تستند الوحدة الدراسية والتعلمية إلى مجموعة من املبادىء التربوية
والنفسية كمبدإ االنتقاء ،ومبدإ التقسيم ،ومبدإ االختيار ،ومبدإ الترتيب ،ومبدإ التدرج،
ومبدإ التخطي ،ومبدإ التدبير ،ومبدإ التقويم ،ومبدإ التكامل ،ومبدإ التوازن ،ومبدإ
التخفيف ،ومبدإ التنوع ،ومبدإ التواتر ،و مبدإ التراب ،ومبدإ الوحدة ،ومبدإ التنظيم،
ومبدإ رس الوحدة بالحياة...،
أنواع الوحدات:
يمكن تقسيم الوحدات التعلمية إلى نوعين رئيسين من الوحدات على النحو التالي:
تدور الدراسة حول محور رئيس ،أو تنصب على مجال داللي معين ،في شكل تيمات
ومواويع ومحاور ومفاهيم معينة .ومن ثم ،تشتمل الوحدة التعلمية على مجموعة من
املكونات والدروس والحلقات املترابطة .كما التؤمن الوحدة التعلمية باملواد املنفصلة أو
الفروع الدراسية ،بل تدمظ كل الدروس في بوتقة مجالية واحدة .وقد يكون محور الوحدة
موووعا من موووعات املادة الدراسية (املاء في حياة اإلنسان) ،أو مفهوما من املفاهيم
(التسامح) ،أو مشكلة ما ( كيف يؤثر البترول في حياة سكان الشرق األوس ؟) ،أو قاعدة
معممة (تكاثر السكان يتطلب البحث عن موارد جديدة) ،وقد تكون الوحدة م حية (
الحضارة اليونانية)...
تعتمد الوحدة التعلمية على الخلرة والنشا والحاجيات الفردية والجماعية .ويعني هذا أن
الوحدة التكتفي بما هو دراهاي ومعرفي فق ،بل تنفتح الوحدة على األنشطة والخلرات
الفردية والجماعية.وإذا كان موووع الوحدة هو (كيف أفهم نف اي؟) ،فالبد ،في هذا
الصدد ،من استحضار مجموعة من الدراسات في وحدة تعلمية واحدة كالنف اي،
واالجتماعي ،والبيولوجي ،والفيزيولوجي...
ومن هنا ،فالخلرة في الحياة الواقعية " خلرة متكاملة غير مقسمة الى مواد دراسية ،ولكن
أوجه النشا اإلنساني تتراب فوها بطريقة طبيعية ،ولهذا فان املواد املنفصلة تكون
بعيدة الصلة بالحياة الخارجية مما يؤدي الى عدم اهتمام التالميذ بهذه املواد نظرا لعدم
صلتها بمشكالت حياتهم224".
- 224أمينة اللوه :الوجزالي التربية وعلم النفس ،دار الكتب العرسية ،الرسا ،املغرب ،د.ت ،ص.33:
252
أيضا الوحدات الدراسية باملنهاج التربوي الحديث واملعاصر ،وترتب ومن هنا ،ترتب
ببيداغوجيا الكفايات واإلدماج ،مادامت لها صلة وثيقة باملجزوءات واملحاور واملوارد
الرئيسة .
سياق ظهورالوحدات:
لم يظهر نموذج الوحدات في ميدان التدريس ،وووع املنا ا التربوية ،إال رد فعل على
املنهاج التقليدي الذي كان يدرس املواد الدراسية بطريقة منفصلة ،دون توفرها على وحدة
معرفية شمولية ،ودون مراعاة األسس النفسية واالجتماعية والديدكتيكية والتربوية .ومن
هنا ،فلقد " اتسم املنها التقليدي بكثير من العيوب ،وفي مقدمتها أنه كان يلتزم بالحدود
الفلصلة بين املواد بين موووعات املادة الواحدة.وقد أدى ذلك إلى تفكك الدراسة ووياع
وحدتها.
كما أن االهتمام بجانب املعلومات دون غيرها من بقية أهداف التربية قد أدى بكثير من
املدرسين في ظل املنا ا التقليدية إلى إهمال رس الدراسة بالحياة ،واالعتماد في تقديم
الحقائق إلى التالميذ على التلقين مما أدى بدوره إلى إهمال النشا وسلبية التلميذ.
ومما يؤخذ على املنا ا التقليدية كذلك عدم وووح األهداف سواء بالنسبة للمدرس أو
التلميذ وقد أدى ذلك إلى سيادة هدف واحد في ظل الدراسة التقليدية أال وهو تحصيل
الادة واالستعداد لالمتحاح وعاودلة الكتاب الدرس ي.
الدراسة التقليدية وطرقها وما أدت إليه من ثار بالغة وملحاولة عالج كثير من نقائ
املدى في حياة التالميذ ،ظهر التفكير في ورورة تنظيم النشا التعليمي للتلميذ في صورة
وحدات دراسية.وقد استهدفت الوحدات في أول أمرها معالجة تفكك املنها والعمل على
إبراز وحدته ،ثم تطورت الوحدات فأكدت أيضا أهمية رس الدراسة بالحياة ،وإيجابية
253
التالميذ ونشاطهم ،وعملت على مساعدة املدرس على تحقيق األهداف التربوية بصورة أعم
وأشمل225".
ويعني هذا كله أن املواد الدراسية ،في املنا ا التربوية التقليدية ،كانت منفصلة عن بعضها
ومواد تعلمية مستقلة " ،اليكاد التلميذ يدرك العالقة بين فروع البعض ،في شكل حص
اللغة ،أو يستغل في التعبير ما تعلمه في حصة القراءة ،أو مادرسه في حصة القواعد.
ولم يقف األمر عند هذا الحد ،بل تعداه إلى تحاجز بين موووعات الفرع الواحد .ففي علم
النبات مثال ،يدرس التلميذ شكل الورقة في باب ،وتركيبها في الداخلي في باب خر ،ووظائفها
في باب ثالث .ويترتب على ذلك أن يدرس املوووع الواحد بصورة مجزأة في أوقات
أن التلميذ قادر على تجميع معلوماته حول املوووع الواحد من متباعدة.وكأنما يفتر
هذه الدراسات املبعثرة التي تعط تحت ظروف مختلفة ،وهو مالم يقم على احته دليل.
فلو أنك سألت تلميذا درس بالطريقة التقليدية عن املالءمة الوظيفية لورقة النبات،
لمجز عن أن يرس بين شكل الورقة وتركيبها ووظائفها.
وتماسك226". والوحدة الدراسية محاولة إلبراز ما بين فروع املعرفة اإلنسانية من تراب
وهكذا ،يتبين لنا أن نظام الوحدات التعلمية هو جزء من املنهاج التربوي الحديث املتكامل
واملندمظ الذي يقوم على األهداف ،والكفايات ،والنشا ،والطرائق الفعالة في التدريس،
وتعلم الحياة علر الحياة...
ومن هنا ،تعتمد الوحدة الدراسية التعلمية على املوووع ،واملجاالت ،واملفاهيم ،واملكونات
الدراسية ،والتقويم اإلجمالي .وقد تختل الوحدة باملجزوءة ،أو تتميز عنها وفق التعاريف
التي تعط للمجزوءة أو للوحدة الدراسية.
ولقد اعتمد التدريس بالتعليم االبتدائي املغربي في السنوات األخيرة على مبدإ الوحدات.
وهكذا ،نجد كتاب اللغة العرسية بالقسم الرابع يتكون من مجموعة من الوحدات التعلمية
على النحو التالي:
255
وتتكون كل وحدة من عدة مكونات ،وتشتمل على عدد من الدروس ،وهذه املكونات ي :
القراءة ،والتراكيب والصرف والتحويل ،واإلمالء ،والشكل ،واإلنشاء .وهناك أنواع ثالثة
من النصوص القرائية و ي :النصوص القرائية الوظيفية ،والنصوص القرائية املسترسلة،
والنصوص القرائية الشعرية.
ومن هنا ،يمكن الحديث عن مجموعة من املرتكزات التي تعتمد علوها وحدة الدرس ،ويمكن
تحديدها فيما يلي:
أساليب الدعم واملعالجة والتغذية الراجعة املتعلقة بكل وحدة دراسية على حدة.
وتعتمد الوحدة الدراسية على مجموعة من الخطوات البارزة التي يمكن حصرها فيما يلي:
أن يكون املدرس ملما بجميع جوانب املوووع الذي يدرسه تالميذه .
256
أن يكون املدرس متحكما في طرائق التدريس ،و يختار املالئم منها لتبليغ موووعات
الوحدة ،وتحقيق أهدافها اإلجرائية الخاصة.
أن ينوع املدرس األنشطة التعلمية قبل الشروع في التدريس ،أو في أثنائه ،أو بعد ذلك.
أن يحدد املدرس املصادر و املراجع العلمية والتربوية التي تخدم تدريس موووعات
الوحدة الدراسية.
تقويم الوحدة الدراسية ،البد من السجوء إلى أنواع التقويم التالية: وفيما يخ
التقـ ــويم القاكـ ــي :ويك ييون اله ييدف من ييه التثب ييت م يين املعرف يية الخلفي يية عن ييد امل ييتعلم قب ييل
الشروع في تقديم الوحدة الدراسية.
التق ــويم التك ــويني :يلتجييىء إليييه املييدرس فييي وس ي الحصيية الدراسييية ،وفييي أثنيياء تقييديم
الوحيدة وشييرحها وسنياء تعلماتهييا ،وخييالل تيدريس الوحييدة التعلمييية ،مسترشيدا بمجموعيية ميين
األس ي لة والوو ييعيات واألنش ييطة والتم ييارين الص ييفية للتثب ييت م يين تحق ييق األه ييداف املس ييطرة
بغية السجوء إلى التغذية الراجعة (الفيدباك) لتصحيح مسار العملية التعليمية -التعلمية.
التق ــويم الخت ــامي :يس ي ى إل ييى قي يياس م ييدى نج يياح األه ييداف املس ييطرة ف ييي بداي يية الوح ييدة
الدراسييية ،وت ييخي مييواطن القييوة والضييعف فييي هييذه الوحييدة التعلمييية ،وتبيييان صييعوسات
املتعلم.
وعلي ييى العمي ييوم ،يخضي ييع تي ييدبير الوحي ييدة التعلميي يية للعمليي ييات الي ييثالث :التخطي ييي ،والتي ييدبير،
والتقويم .ويمكن توويح ذلك بالشكل التالي:
تنظيييم املحتوي ييات واملض ييامين والخل يرات واألنش ييطة الفردي يية والجماعي يية ،وتبي ييان طرائ ييق
تجميعها في وحدات ومجاالت دراسية.
تق ييويم الوح ييدات التعلمي يية وف ييق التق ييويم الت خيص يياي ،والقبل ييي ،والتك ييويني ،واإلجم ييالي،
واإلشهادي...
تقييديم االمتحانييات فييي شييكل خليرات وأنشييطة ومشيياكل ومشيياريع وووييعيات وفييق وحييدات
معينة.
االس ي ييتعانة ف ي ييي تق ي ييويم الوح ي ييدة التعلمي ي يية بالتغذي ي يية الراجع ي يية ،أو م ي ييا يس ي ييمى بالفي ي ييدباك
(.)feedback
معالجية األخطياء داخلييا وخارجييا ،أو معالجتهيا وفيق املقارسيات النفسيية ،واالجتماعيية،
والديدكتيكية.
258
دعم املتعلمين املتعثرين وفق البيداغوجيا الفارقية.
وال ينبغي أن تقتصر الوحدة على الدروس والحلقات واملجاالت املوووعاتية فحسب ،بل
البد من تحويل الوحدات إلى ووعيات -مشكالت ،واالنتقال من التدريس إلى التعلم ،ومن
الخلرات واملواد الدراسية واألنشطة إلى ووعيات معقدة ومركبة لكي يوظف املتعلم موارده
املستضمرة إليجاد الحلول املناسبة لهذه الووعية بغية خلق متعلم قادر وكفء ومؤهل .
ويبق السؤال الرئيس هل تستطيع الوحدات التعلمية أن تحقق نتائظ أفضل مقارنة
بالدروس التقليدية أو بيداغوجيا الكفايات واإلدماج؟ !!
وخالصة القول ،وهكذا يتبين لنا ،مما سلف ذكره ،أن الوحدة الوظيفية حلقة تبدأ
بالهدف املعلر عنه بصيغة إجرائية ،وعلى أساسه تنجز أفعال وأنشطة ،وتنتهي عندما
يؤشر تقويم هذا اإلنجاز على بلوغ الهدف املنشود .إن وحدة الدرس -حسب هذا التعريف-
بنية صغرى تتكون من العناصر التالية :الهدف اإلجرائي املعلر عنه بصيغة ظاهرة واضحة،
والنشا املنجز لتحقيق الهدف ،والتقويم الذي يقيس مدى تحقق الهدف ،ومن خالله
يصح ،الفعل أو النشا .227
ً
إذا ،فالوحدة التعلمية نم من التعلم ،يقوم على الرس بين مختلف الدروس ومن
حلقة دراسية واحدة ،أو ومن وحدة مجالية معينة .وقد جاءت نظرية الوحدة رد فعل
- 227ميلود التوري :من درس األهداف إلى درس الكفالات ،مطبعة أنفوسرانت ،فاس ،املغرب ،الطبعة األولى سنة
2222م ،ص.30:
259
على املنا ا التربوية التقليدية التي كانت تؤمن باملواد املنفصلة واملنقسمة إلى فروع الصلة
والراب بينها على املستوى املنهجي.
260
وخالصة القول ،من أجل تحقيق الجودة املتميزة في مجال التربية والتعليم ،والوصول إلى
األهداف املرجوة من العملية الديدكتيكية الهادفة والبناءة ،البد من االهتمام باملنا ا
واللرامظ واملقررات والكتب املدرسية ،وإعادة النظر فوها.
والبد من ووع مجموعة من املعايير واملقاييس واملواصفات الضرورية ،عند ووع املنا ا
واللرامظ الدراسية ،قصد تأهيل تعليمنا لكي يلتحق بركب التنمية والتطور واالزدهار .ومن
أهم هذه املعايير :األصالة واملعاصرة ،واالستجابة لحاجيات املجتمع ومؤسساته
االقتصادية ،واالنفتاح على مستجدات العلوم والفنون واآلداب والتكنولوجيا ،مثل:
الدول املتقدمة أو السائرة في طريق النمو ،كما هو حال دول جنوب سيا (الص ح ،وهون
كون ،وتالواح ،وسانغفورة ،وكوريا الجنوبية).
ومن األفضل أن تقوم هذه املنا ا على فلسفة الكفايات استجابة ملتطلبات السوق
والعوملة ،ومراعاة متطلبات املقاولة املغرسية أو املستثمرة داخل املغرب.
إوافة إلى ذلك ،البد أن تنطلق هذه املنا ا من فلسفة ميثاق التربية والتكوين ،و تعمل
على تشرب مرتكزاته ودعاماته ومبادئه لتخطي كل العقبات واألزمات التي يعانوها التعليم
املغربي ،علما أن امليثاق غني بكثير من البنود واملقررات التي يمكن أن تسهم في إثراء
منظومتنا التربوية والتعليمية .كما ينبغي أن تتطور هذه املنا ا بتطور الطرائق
البيداغوجية الحديثة بغية مواكبة التطور العاملي في مجال التواصل واإلعالميات والتطور
التقني.
ومع توقيع املغرب على اتفاقية الكاط ،واتفاقيات التبادل الحر الثنائية أو الجماعية ،نرى
أنه من الضروري أن يتحقق االنفتاح ،ومسايرة متطلبات العوملة على مستوى اللرامظ
واملنا ا الدراسية.وال يعني هذا إهمال املوروث املحلي الخصوصاي والقيم الوطنية ،فال بد
من تجزيء املنا ا واللرامظ لتراعي ثالثة جوانب أساسية ي:
261
الثقافة العاملية ذات البعد اإلنساني
الثقافة الوطنية
الثقافة املحلية.
وال نن اى كذلك ورورة مواكبة هذه اللرامظ واملنا ا ملعايير التقويم والدوسيمولوجيا
الحديثة لكي تكون املحتويات والخلرات الديدكتيكية أكثر إجرائية وتطبيقا ،وأكثر قابلية
للمراجعة والنقد الذاتي والفيدباك.
وال يمكن أن يتحقق إصالح املنا ا واللرامظ إال بتوفير الوسائل املادية واملعنوية والبشرية،
وإال سيبق هذا اإلصالح الذي تتطلع إليه وزارة التربية والتعليم إصالحا طوساويا دونكيشوتيا
خياليا ،ال يعتمد على مرتكزات حقيقية وواقعية وميدانية .وال ينبغي أن تكون هذه اللرامظ
واملنا ا إمالءات من دول أجنبية أو من قبل دول املركز ،نخضع لها باعتبارنا دوال محيطة
متروسوليا أو اقتصاديا أو سياسيا(مثل التبعية الفرنكوفونية) ،وأال تكون نتاجا للضغو
الدولية ،وشرو األبناك املانحة ،كالبنك الدولي ،وصندوق النقد العاملي .أي :أال يكون
اإلصالح خارجيا .وال يعني هذا أال نستفيد من خلرات الدول األجنبية ،بل علينا أن نلم
بتجارب الدول املتقدمة،كألانيا ،والواللات التحدة األمريكية ،وبريطانيا ،والياباح،
وخلرات التنينات األربعة.
ومن األحسن أن نراعي ،في ووع هذه اللرامظ ،نظام الوحدات واملجزوءات(،) les modules
وتحقيق التناغم والتكامل بين وحدات املقرر واملواد املدرسة بغية خلق االتساق واالن جام
البيداغوجي ،تطابقا مع فلسفة الكفايات والووعيات .كما ينبغي أن تكون هذه اللرامظ
واملنا ا واضحة ودقيقة وقابلة لنجرأة والتطبيق.
ومن أولى األوليات أن يستشير مسؤولو الوزارة املركزية -الذين تنا بهم مهمة ووع اللرامظ
واملنا ا -مختلف الفاعلين التربويين كاألساتذة ،واملفتشين ،واملتمدرسين ،وأولياء التالميذ،
262
وكذلك األطر اإلدارية والشركاء الذين تستوجبهم مدرسة الحياة( ،)la vie scolaireوأال
يكون تنزيل اللرامظ واملنا ا بشكل عمودي.
ومن األفضل كذلك أن ترتكز هذه اللرامظ واملنا ا التربوية على ثوابت األمة كالدين والعرسية
واألمازيغية .أي :أن تستجيب ملكونات الدولة املغرسية دون إيديولوجية أو عرقية شوفينية
ومزايدات سياسوية أو نقابوية أو إسالموية ،ودون االنفصال عن املنظور اإلسالمي والعربي
والقومي.
وعندما نصدر أي إصالح ترسوي جديد أو أي تغيير،فالبد من تأهيل األساتذة الستيعاب هذا
اإلصالح ،عن طريق التكوين والتأطير والشرح والتفسير واإلعالم ،وتمكينهم بكل املذكرات
والقرارات الوزارية والجهوية ليتمكنوا من تطبيق مقترحات الوزارة ،وأجرأة قراراتها ومذكراتها
في أحسن الظروف.
وفي األخير ،البد أن نشير إلى ما تم اإلشارة إليه سالفا ،وهو أن تتضمن هذه اللرامظ واملنا ا
فلسفة وطنية قائمة على التواصل والتسامح واألخوة ،و تكون نابعة من التربة املحلية ومن
الذات املغرسية.
/7العينات التعليمية:
تستعمل للشرح والتوويح ليست الوسائل الديداكتيكية وسائل تكميلية ومساعدة فق
والبيان ،بل ي وسائل ورورية ،و ي جزء من العملية التعليمية -التعلمية الكلية.لذا ،من
األفضل تسميتها بالوسائل الديدكتيكية .وفي هذا الصدد ،يقول محمد الدريظ:
" ليست الوسائل التعليمية ،كما قد يتوهم البعض ،مساعدة على الشرح فحسب .إنها
جزء اليتجزأ من عملية التعليم.لذا ،فمن الخطإ تسميتها"وسائل اإليضاح" ،كما هو شائع
في بعض األوسا التعليمية.ومن شأن الوسائل التعليمية ،باإلوافة إلى املساهمة في
الحقائق ،أن تضيف إلى محتويات املواد الدراسية حيوية، توويح املفاهيم وت خي
263
وتجعلها ذات قيمة عملية وأكثر فعالية وأقرب إلى التطبيق.لذا ،فإن املدرس الذي يسجأ إلى
توظيفها على الوجه األنسب ،يجعل من تعليمه تعليما مشوقا وأكثر جاذبية ،يعين التالميذ
على فهم املادة وتحليلها .كما أنها تساعد املتعلم على ترسيق املعلومات في ذاكرته ورسطها في
مخيلته بأشكال وألوان وأصوات وغيرها ،فتبق عالقة بالذهن سهلة عند محاولة
استرجاعها.وهذا ما يعرف " بالتصور العقلي" وهو فن له قيمته ،يسجأ صاحبه إلى
وذكر الحوادث الواقعية وورب األمثال والسجوء إلى أدوات وصور االستشهاد بالقص
أثناء الدرس أو أثناء إلقاء خطاب وما إلى ذلك.املهم هو االنتقال باملتعلم أو املستمع من
املجردات إلى مجال املحسوسات ،فيكت اي عالم املعقوالت حلة جديدة ،تجعله مفهوما
مقبوال وجذابا لدى التالميذ"228.
أوال ،الوسا ل اللغوية اللفظية ،مثل :الشرح -األمثلة -السرد -الوصف -القياس -األمثال-
التشبيه -التوويح -التفسير-البيان -االستشهاد...
/8الطرا ق التربوية:
يقصد بالطرائق التربوية تلك األنشطة واألشكال واألعمال التي يقوم بها املدرس من أجل
توصيل املحتويات واملعارف واملهارات إلى املتعلم بغية تحقيق مجموعة من األهداف
-228محمد الدريظ :نفسه ،ص.03:
264
العامة أو الخاصة .وستعبير خر ،إنها عبارة عن منا ا تدريسية يستعملها املدرس أو
املتعلم لتحصيل هدف ما أو تحقيق كفاية ما .ويعني هذا أن الطرائق ي وسائ لفظية أو
بصرية أو رقمية أو بحثية لنقل املعارف بغية تحقيق مجموعة من األهداف والكفايات
والغايات األساسية.
وإذا كانت املدرسة التقليدية مدرسة تلقينية بامتياز ،تعتمد على سلطة املدرس املطلقة،
وطرائق الحفء واالستذكار والتدوين والتحشية فإن املدرسة الحديثة قد تمثلت مجموعة
من الطرائق القائمة على الحوار والبحث والعمل في املجموعات .ومن ثم ،تعد الطرائق
الفعالة من أهم التقنيات واآلليات اإلجرائية لتحقيق الديمقراطية الحقيقية سيما أنها من
مقومات التربية الحديثة واملعاصرة في الغرب كما قال السيد بلوخ ، Blochعندما أثبت أن
-229انظر :بيدايوجيا اإلدماج ،ترجمة :لحسن بوتكالي ،منشورات مجلة علوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة الثانية2226 ،م ،ص.02:
265
نجاح املدرسة الفعالة " :الزب من أجل بزوغ مجتمع ديمقراطي اليمكن أن يكون كذلك إال
عن طريق منطوق مؤسساته".230
وقد ظهرت هذه الطرائق الفعالة في أورسا في أواخر القرن التاسع عشر وسداية القرن
العشرين مع ماريا مونتيسوري ، Maria Montessoriوجون ديوي ،Deweyوكالباريد
،Claparideوكرشنشتاير ،Kerschensteinerوفرينيه ،Freinetوكارل روجرز ،Rogers
ومكارنكو ،Makarenkoوريبول ،Reboulوفيريير ،Ferrièreوجان بياجيه ...،J.Piaget
وتعتمد هذه الطرائق الفعالة الحديثة على عدة مباد أساسية ي :اللعب ،وتعلم الحياة
عن طريق الحياة ،والتعلم الذاتي،والحرية ،واملنفعة العملية ،وتفتح ال خصية ،واالعتماد
على السيكولوجيا الحديثة ،واالستهداء بالفكر التعاوني ،واألخذ بالتسيير الذاتي ،وتطبيق
الالتوجوهية ،ودمقرطة التربية والتعليم...
ويؤكد أاحاب الطرائق الفعالة الحديثة ،بلغة تكاد تكون واحدة ،رفضهم القاطع للنزعة
التسلطية والتلقينية بضرورة" تدعيم والدة مجتمع ديمقراطي ،مادامت املدرسة التقليدية
التكون الكيان ال خصاي كما التحقق الدمظ االجتماعي ،بل تؤدي على العكس في ن واحد
إلى تمييع املجتمع ،وإلى قيام النزعة الفردية األنانية .ويضيف أولهم -ونعني كالباريد -أن
األمر ترسية مدنية غريبة عن أي عالج مثل هذه النقيصة اليكون بأن ندخل على هام
ترسية من هذا الطراز التقليدي .وجميعهم يشيد بالقيادة الذاتية لسبب وحيد هو أنهم
يريدون أن يحلوا محل النظم الزجرية التي ييسر الترويض ذيوعها وانتشارها ،بأخرى
جديدة تشتمل على املشاركة واملسؤولية ،وسالتالي ،على ما ييسر انطالق الشعور الغيري.
- 230غي فانزيني :الجمود والتجدلد الي التربية الدرسية ،ترجمة :الدكتور عبد ت عبد الدائم ،دار العلم
للماليين ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة 3603م ،ص.202:
266
وأخيرا ،إنهم يخشون ،في حال غياب التدريب املناسب ،أن تنحدر الديمقراطية ،فتغدو
حكم التفاهة والضعة231".
إذا ،فالطرائق الفعالة والنشيطة التي أفرزتها التربية الحديثة من أهم مقومات التدبير
الديدكتيكي على مستوى التعلمات.
ويعد الفكر التعاوني من أهم اآلليات لتحقيق الديمقراطية التربوية الحقيقية ألن
االشتغال في فريق ترسوي داخل جماعة معينة يساعد التلميذ على التفتح والنمو واكتساب
املعارف والتجارب لدى الغير كما يبعده عن كثير من التصرفات الشائنة ،ويجنبه أيضا
الصفات السلبية كاالنكما ،واالنعزالية ،واالنطواء ،واإلحساس بالخوف والنق
من األنانية وحب الذات .واليمكن للدول أن تحقق والدونية ،ويساعده على التخل
التقدم واالزدهار إال إذا اشتغلت في إطار فريق جماعي كما في الغرب والواليات املتحدة
األمريكية حيث يترب العلماء والباحثون على الفكر التعاوني ،والبحث في فريق جماعي،
لتحقيق األهداف التي انطلقوا منها في مشاريعهم العملية ،والعلمية ،والثقافية.
ومن هنا ،يبدو أن بيداغوجية الفكر التعاوني من أسس تحقيق التعليم الديمقراطي،
وتحديث التعليم ،ودمقرطة التربية واملجتمع على حد سواء ألنها تزيل الفوارق
االجتماعية ،وتذيب كل التمايزات اللونية واللغوية والطبقية.
ومن أهم الذين دعوا إلى الفكر التعاوني لدمقرطة املدارس اللروليتارية املربي الفرن اي
سلستان فرينيه Célestin Freinetالذي استعمل مجموعة من الوسائل التنشيطية لزرع
الفكر التعاوني بين الناش ة التربوية .وتتمثل هذه الوسائل في استخدام املطبعة ،والتراسل،
والنصوص الحرة ،والتحقيقات الخارجية ،واالستهداء بالعمل الجماعي ،وتأسيس
التعاونيات املدرسية ،واستعمال الجذاذات ،والسهر على إنشاء جريدة األطفال ،واالعتماد
ومن خالل العمل داخل فريق ،يمكن تحقيق ديمقراطية التعلم وديمقراطية التعليم،
وأجرأة التربية الديمقراطية علر حل املشكالت التي تواجه املتعلم في عامله املوووعي
بسهولة بواسطة إنجاز األعمال املطلوسة منه بشكل فعال ،وعالج الكثير من اآلفات
النفسية الفردية الشعورية والالشعورية كاألنانية والنبذ والكراهية والنفور ،واستبدالها
بمشاعر أكثر نبال كاالن جام ،والتوافق ،والتشارك ،والتعاون ،واالبتكار الجماعي،
واإلبداع الهادف.
وإلزالة القيم السلبية ،والحد من املشاعر الفردية السي ة ،البد من دفع املتعلم إلى
االنصهار داخل الجماعة ليكتسب سلوكيات جماعية ،ويتعود على الفكر االشتراكي
العملي ،بتدريب طاقته الجسدية والعقلية على تحقيق املردودية واإلنتاجية كما يقول
أنطون مكارينكو ، A. Makarenkoوتعويد تالميذ الفصل على العمل الحر داخل جماعات
متجانسة من حيث السن واملستوى الدراهاي كما يقول كوزينيه ،Cousinetوخلق فرص
للعمل الجماعي من أجل بناء مجتمع ديمقراطي مبدع ومزدهر.
268
ومن املعروف أن املدرسة املؤسساتية اتجاه قد ظهر في فرنسا يعتلر أن اإلصالح" يجب أن
يمر علر املؤسسة ،باإلوافة إلى البنيات االقتصادية واالجتماعية ،ومن ثمة يجب
االهتمام بمفهوم اإلدارة الذاتية والتسيير الذاتي من أجل تحقيق االستقالل الذاتي
اي مفتوح"1. للمتربين في إطار مؤس
ً
إذا ،ترفض هذه البيداغوجيا الجديدة املدرسة الثكنة التي تخنق التلميذ بنظامها
االنضباطي البيروقراطي الذي يحد من حرية التلميذ ،فتتحول املدرسة إلى صندوق أسود
أو إلى ثكنة عسكرية التؤمن إال بالنظام واالنضبا على حساب حرية التلميذ ولعبه
وأنشطته الثقافية ،والفنية ،والرياوية ،والعلمية.
لهذا ،تقترح البيداغوجيا املؤسساتية مدرسة مرنة ومنفتحة تنبع قوانينها من التفاعل
الداخلي ألفرادها قصد االنتقال باملدرسة من مؤسسة التلقين والتوجيه واالنضبا
الوحشاي نحو مؤسسة إبداعية فاعلة وفعالة مبدعة ومبتكرة ،تس ى إلى تحقيق التقدم
واالزدهار.
وال نن اى كذلك أهمية الشراكة التربوية وخلق مشار ع الؤسسة لتنمية املؤسسة
التربوية ،وإزالة تناقضاتها االقتصادية واالجتماعية الصارخة ألن املدرسة جزء من
املجتمع ،ومر ة صادقة تعكس سلبياته وتفاوتاته الطبقية الصارخة التي يجسدها
املتعلمون داخل الساحة املدرسية أو داخل الصف الدراهاي.
أما البيداغوجيا الالتوجوهية ،فهي تنبني على التعلم الذاتي والتسيير ال خصاي ،واعتماد
املتعلم على نفسه في إنجاز واجباته ،وأداء أعماله ،ويتحول املدرس – هنا -إلى مشرف
مرشد ،وال يتدخل إال إذا طلب منه املتعلم ذلك .وتعتمد الالتوجوهية على الحرية والعفوية
والتلقائية ،وسناء املعرفة عن طريق التدريظ املنطقي وال خصاي ،واالبتعاد عن طرائق
التدريس التلقينية القائمة على اإلكراه والتلقين والحفء .
269
ومن ثم ،تزرع هذه الطريقة الالتوجوهية الحديثة الثقة في املتعلم ،وتعوده على املثابرة
ال خصية والتعلم الذاتي وحب املغامرة ،واالستعانة بكفاءاته وقدراته الذاتية لحل
املشاكل والووعيات ،وتطويع الصعوسات التي تواجهه في املدرسة والحياة على حد سواء.
ومن أهم املنظرين للبيداغوجيا الالتوجوهية جان جاك روسو ،Rousseauوأوليفييه ريبول
،Olivier Reboulوكارل روجرز .C.Rogers
/9الوسا ل التعليمية:
/11اإللقاعات الزمنية:
يعد تنظيم الزمن والتحكم فيه من ليات تدبير الفصل الدراهاي ديدكتيكيا بضب الزمن
سنويا في شكل توزيع سنوي ،أو وبطه مرحليا في شكل توزيع مرحلي ،أو وبطه شهريا في
شكل توزيع شهري ،أو وبطه يوميا في شكل مذكرة يومية ،ويتحقق هذا كله بتوزيع الدروس
واالختبارات بين شهور السنة الدراسية بشكل محكم ودقيق يراعي واألنشطة والفرو
270
العطل وأيام العطل واألعياد والغالف الزمني الدراهاي الفعلي لكل شهر .ويمكن توزيع املقرر
اعتمادا على املقياس الزمني ،كدروس 23دقيقة ،ودروس 62دقيقة ،ودروس 23دقيقة -
مثال...-
ومن هنا ،البيد للميدرس أن ييتحكم جييدا فيي اإليقاعيات الزمنيية املتعلقية بكيل مسيتوى دراهياي
لك ييل قس ييم ظرف ييا زمني ييا مناس ييبا يؤه ييل امل ييتعلم للي ييتأقلم م ييع املح ييي مع ييين حي ييث يخصي ي
الترب ييوي وال ييواق ي .وهن ييا ،يمك يين الح ييديث ع يين التكيي ييف الزمن ييي أو اإليق يياعي أو البي ييي ال ييذي
يراعي بي ية امليتعلم كاالسيتراحة فيي أييام األسيواق األسيبوعية بيدل األييام الرسيمية ألن امليتعلم
يصيياحب أب يياه إل ييى الس ييوق وينييوب عن ييه ف ييي ذل ييك .بعب ييارة أخييرى ،يراع ييي امل ييدرس ك ييل الحص ي
واملدة الزمنية املخصصة لكل وحدة دراسية دون أن يكون ذلك لصال ،مستوى على حساب
مسييتوى خ يير.أي :يراع ييي مقيياييس االنض ييبا ،وال ييتحكم ،واالن ييجام ،واالس ييتيفاء ،ب يياحترام
إيقاع كل قسم على حدة.
يعنييى بكييل مايقييدم ميين التعلمييات والخليرات للقسييم املشييترك بغييية تحقيييق نييوع ميين االن ييجام
التق ي ييويم الت خيص ي يياي املش ي ييترك، داخ ي ييل الفص ي ييل الدراه ي يياي .ويتعل ي ييق ه ي ييذا ال ي ييزمن بحص ي ي
التطبيي ييق أوالتقي ييويم اإلنجي يياز املشي ييترك ،وحص ي ي التقي ييديم املشي ييترك ،وحص ي ي وحص ي ي
التقيديم املشيترك، االستقبال املشترك ،وحص املشترك ،...أو يمكن الحديث عن حص
البحث املشترك... التفكير املشترك ،وحص العمل املشترك ،وحص وحص
271
استعمال الزمن الخاص بالورشات:
ويمك يين الح ييديث ع يين مجموع يية م يين الورش ييات ،مث ييل :الورش ييات املوجه يية م يين قب ييل امل ييدرس،
والورشات املسيتقلة التيي تعتميد عليى مبيادرات امليتعلم وقدراتيه الذاتيية فيي اليتعلم ،والورشيات
ش ييبه املوجه يية أو املرفق يية بعري ييف أو قائ ييد م ييتمكن وك ييفء ،وورش ييات املش يياريع الح ييرة ،مث ييل:
الورشات الثقافية والفنية ،والورشات األدبية ،والورشات العلمية...
امل ييدرس زمن ييا للتفري ييد بتتب ييع امل ييتعلم بطريق يية فردي يية م يين خ ييالل مراقب يية إنجازات ييه يخصي ي
وأعمالييه وتطبيقاتييه وأداءاتييه ،ومراقب يية واجباتييه املنزلييية بتقييديم ال ييدعم الكييافي واملناسييب فييي
حاليية تعثييره ،أو عييدم قدرتييه علييى مواكبيية مختلييف الووييعيات املقدميية لييه .والبييد ميين تحديييد
ه ي ييذا ال ي ييزمن داخ ي ييل مخطط ي ييه اإليقي ي ياعي الع ي ييام ،ويخت ي يياره بدق ي يية وعناي ي يية و ي ييمن م ي ييا يس ي ييمى
بالبيداغوجيا الفارقية.
يمكيين الحييديث عيين الييزمن الديييدكتيكي املتعلييق بالفصييل الدراهيياي ميين جهيية ،والييزمن املييوازي
ال ييذي ي ييرتب بفت ييرة االس ييتراحة أو بوق ييت الف يراغ م يين جه يية أخ ييرى .وهن ييا ،يمك يين للم ييدرس أن
يسييتثمر هييذا الوقييت لخلييق الحييياة السييعيدة املثلييى ،وتأهيييل املييتعلم وتييأطيره وتكوينييه بشييكل
272
جي ييد ،وخل ييق مختل ييف األنش ييطة لتحفي ييز امل ييتعلم عل ييى اإلب ييداع والخل ييق واالبتك ييار والتخيي ييل
واإلنشاء ،وإظهار قدراته ،وكفاءاته ،وميوله .
ي ي ييرتب اإليق ي يياع الزمن ي ييي املدره ي يياي بمجموع ي يية م ي يين األح ي ييداث والعط ي ييل واملناس ي ييبات الوطني ي يية
والعاملية.لي ييذا ،البي ييد للمي ييدرس مي يين خلي ييق أنشي ييطة تتي ييواءم وتتناسي ييب مي ييع فت ي يرات تلي ييك األعيي يياد
واملناسبات كأن تكون أنشيطة ثقافيية وطنيية ،أو أنشيطة إعالميية ،أو أنشيطة اجتماعيية ،أو
أنش ييطة بيئي يية ،أو أنش ييطة اقتص ييادية ،أو أنش ييطة أدبي ية وفني يية وعلمي يية وتقني يية ،أو أنش ييطة
دينية ،أو أنشطة حقوقية ،أو أنشطة سياسية ،أو أنشطة احية...إلخ.
273
التاريخ األلام الـمحتفى بها
274
التاريخ األلام الـمحتفى بها
275
التاريخ األلام الـمحتفى بها
276
التاريخ األلام الـمحتفى بها
277
التاريخ األلام الـمحتفى بها
املدرس زمنا لالشتغال في فرق ومجموعات ،ويترأس كل فرقة قائيد كيفء أو عرييف يخص
مييتمكن ميين ليييات القيراءة والكتابيية والحسيياب والتواصييل الكتييابي والشييفوي .ويختييار املييدرس
الفريييق أو الجماعيية وفييق مقيياييس ديناميكييية الجماعيية أو مقييياس السوسيييوميترية .وتشييتغل
هذه الفرق على مواويع وأدوار متشابهة ،أو متقارسة ،أو مختلفة.
ويتييأرع ،اإليقيياع الزمنييي لسحصيية الدراسييية بييين عشييرين دقيقيية وسييتين دقيقيية.أي :ثميية مييواد
تسييتلزم خم ييس وعشييرين دقيقيية (الق يراءة بالفرنسييية) ،أو ثالث ييين دقيقيية( الق يراءة بالعرسييية،
278
والصييرف والتحويييل ، )...أو خمييس وأربعييين دقيقيية( الرياويييات ،والنشييا العلمييي ،والتربييية
الفنية) ،أو ستين دقيقة (التربية البدنية)...ويختلف هذا من مستوى دراهاي إلى خر.
املييدرس ربييع سيياعة وتييوزع الحصيية الزمنيية كييذلك بييين مقيياطع الييدرس املختلفيية يكيأن يخصي
للمراجعيية والتقييديم ،فييي حصيية زمنييية تقييدر بسيياعة كامليية ،ونصييف سيياعة لتقييديم الييدرس،
وربي ييع سي يياعة للتطبيي ييق والتقي ييويم اإلجمي ييالي .ويمكي يين أن يقسي ييم املي ييدرس املي ييادة الدراسي ييية إلي ييى
حص ي ييتين زمنيت ي ييين ،كس ي يياعة لحص ي يية التق ي ييديم والفه ي ييم ،وس ي يياعة أخ ي ييرى للتحلي ي ييل والتركي ي ييب
والتقويم ،كما يبدو ذلك جليا في حصة النصوص األدبية ،في التعليم الثانوي التأهيلي
الدراسية حسب اإليقاعات الزمنية زيادة ونقصانا، وتأسيسا على ماسبق ،توزع الحص
أو حسب معيار املتجانس واملختلف كما في األقسام املشتركة من التعليم االبتدائي .بمعنى
حصصا دراسية للمواد املتجانسة كالنحو والصرف أن املدرس يمكن أن يخص
حصصا أخرى للمواد املتباينة ،مثل :الرياويات والقراءة واإلمالء(صنف ألف) ،ويخص
والتشكيل (صنف باء)...
وعليه ،ال يمكن للفصل الدراهاي أن يحقق نتائجه اإليجابية إال بالتحكم في اإليقاعات
الزمانية ،وهذا ما يسمى بالتدبير الزمني .ويشمل املواقيت ،واستعماالت الزمان،
واإليقاعات ،والعطل املدرسية .
وإذا كان اإليقاع الزمني في املدرسة التقليدية غير منظم وفق مقاييس ترسوية ونفسية
واجتماعية دقيقة وواعية ومقننة ،إذ كان األطفال محرومين من اللعب واالستراحة
ً
والعطل ألن ذلك يعد -حسب تصورها -تضييعا للوقت وهدرا للطاقة .فكان املهم -إذا -هو
حشو ر وس املتعلمين باملعارف الكثيرة ،وإن كان ذلك يتم على حساب الكيف.
بيد أن املدرسة الحديثة قد نظمت إيقاعاتها الزمنية بشكل جيد وفق أسس التربية
الحديثة من خالل مراعاة متطلبات علم النفس وعلم االجتماع .لذا ،فهناك أوقات متنوعة
279
والتثقيف، ومختلفة :وقت للدراسة ،ووقت للعب ،ووقت لالستراحة ،ووقت للتنشي
ووقت للتجريب واالختبار ،ووقت للعطلة واالستجمام ،ووقت لالحتفال باألعياد الوطنية
والدينية ،ووقت للتفرغ املنزلي...
امليثاق الوطني للتربية والتكوين على أهمية تنظيم اإليقاعات الزمنية وقد ن
البيداغوجية والديدكتيكية بشكل يراعي الجوانب النفسية ،واالجتماعية ،والجغرافية...
فقد قسم السنة الدراسية في املستويات التعليمية االبتدائية واإلعدادية والثانوية إلى أربع
280
مراحل ،وكل مرحلة تتكون من ثمانية أسابيع ،واملجموع أربعة وثالثون أسبوعا كامال
بالنشا الفعلي .ويحوي هذا الغالف الزمني مابين 3222و 3222حصة زمنية .وتوزع هذه
الجغرافي واملحلي ،ويمكن للسلطة التربوية أن تغير الدراسية حسب املحي الحص
اإليقاعات الزمنية حسب الظروف الطارئة ،مثل :الكوارث الطبيعية ،بشر أن يستوفي
املتعلمون الغالف الزمني املقرر رسميا .أما على مستوى الجامعات ،فيمكن لرئاسة الجامعة
أن تختار اإليقاع الزمني الذي يتناسب مع التكوين الجام ي ،ويمكن أن تأخذ بالدورة
الصيفية إذا كانت هناك حاجة إلى ذلك .ولها الصالحية الكاملة في تثبيت إيقاع زمني معين
أو تغييره أو تعديله جزئيا أو كليا.
وغالبا ،ما تبدأ الدراسة بالتعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي في شهر شتنلر من كل سنة،
وسالضب في األربعاء من األسبوع الثاني من الشهر نفسه .في حين ،يلتحق تالميذ البكالوريا
في اليوم الخامس عشر من الشهر نفسه .في حين ،تنتهي السنة الدراسية في شهر يونيو،
وقد تمتد االمتحانات ( البكالوريا مثال) حتى شهر يوليوز .ومن ثم ،فهناك سداسيان:
السداهاي األول الذي يبتد من شهر شتنلر ،وينتهي في شهر فلراير .والسداهاي الثاني الذي
يبتد من الشهر نفسه حتى شهر يوليوز.
و إذا كان تدبير الفصل الدراهاي في املدرسة التقليدية منصبا على املتعلم ومعرفته املطلقة،
فإن تدبير الفصل في املدرسة الحديثة واملعاصرة يقوم على املتعلم ومعرفته الكفائية في
حل الووعيات املعقدةُ .ويضاف إلى هذا أن تدبير الفصل خاوع لعملية التخطي املحكم
في مختلف مراحله ،كما يخضع لعملية التنظيم مكانيا وزمانيا باألخذ بقيادة مرنة
ديمقراطية بعيدا عن القيادة املتصلبة أو املتسيبة ألن القيادة املرنة تساعد على ومان
جو الحرية واملشاركة والتعلم الذاتي ،وتوفير فرص الخلق ،واإلبداع ،واالبتكار .
وضع استعماالت زمنية خاصة بالحياة الدرسية :يمكن التمييز -هنا -بين اإليقاعات
املدرسية العادية التي ترتكز على تكييف الغالف الزمني مع املحتويات املدرسة و الحجرات
281
الدراسية ،وإيقاعات الحياة املدرسية التي تتخط ماهو كمي إلى ماهو كيفي ،وتعنى بنمو
أوقات مناسبة وفضاءات خاصة شخصية املتعلم ذهنيا ووجدانيا وحركيا ،بتخصي
املدرهاي ،وتيهيء املشاريع التربوية ،وعقد شراكات داخلية وخارجية ،والقيام للتنشي
برحالت وألعاب رياوية ،وتنظيم ندوات وحفالت وأنشطة ديداكتيكية أو موازية لخلق
أجواء سعيدة داخل املؤسسة التربوية.
حصة الصباح لتقديم الدروس األساسية .أما في حصة وللتمثيل فق ،يمكن أن نخص
املساء ،فيمكن تخصيصها لننشطة التربوية ،والثقافية ،والفنية ،والترفوهية،
واالجتماعية ،واألدبية ،والدينية...بمعنى أن ننظم الزمن املدرهاي ليتالءم مع الدروس من
جهة ،ويراعي أنشطة املتعلم من جهة أخرى.
لسحييياة املدرسييية حصيية تخص ــيص س ــاعات خاص ــة للحي ــاة الدرس ــية :ينبغييي أن تخص ي
زمنية كافية لتأهييل امليتعلم ،وخاصية فيي اإلعيدادي والثيانوي ،وأال تقيل عين عشير سياعات فيي
السينة تييدمظ وييمن اسييتعماالت الييزمن الرسييمية .وهييذا كلييه ميين أجييل تأهيييل املييتعلم للمجتمييع
امل ييدني ،وترسيت ييه عل ييى الحري يية ،واملش يياركة ف ييي خدم يية وطن ييه وأمت ييه ،والتحل ييي ب يياألخالق والق يييم
الفاو ييلة ،واالش ييتغال ف ييي فري ييق ،وممارس يية األنش ييطة املتنوع يية ،وتأهيل ييه لتحم ييل املس ييؤولية
ال خص ييية ،وحثي ييه عل ييى األخي ييوة واملسي يياوة والعدال يية بدفع ييه إلي ييى نب ييذ اإلقصي يياء ،والع ييدوان،
والعنف ،والشغب ،والتمييز العرقي أو العنصري أو اللغوي.
اليمكن للعملية الديدكتيكية ،أو للعملية التعليمية-التعلميية ،أن تحقيق نجاحهيا املرجيو إال
بت ييدبير الفض يياء الدراه يياي بش ييكل محك ييم وجي ييد ب ييالتحكم ف ييي أمكنت ييه وأركان ييه وجدران ييه وأثاث ييه
ومقاعده وصفوفه ،وتقسيمه تقسيما جيدا يراعي املستويات الدراسية ،ويتوافق ميع أسيس
السيكولوجيا النمائية والوجدانية والحسية-الحركية.
282
ولإلشارة فقد كان الفضاء الدراهاي ،في املدرسة التقليدية ،فضاء عدوانيا مغلقا رتيبا
يتحكم فيه املدرس ب خصيته الكاريزمية املتسلطة واملهيبة حيث يمتلك معرفة مطلقة
ينبغي أن يستفيد منها املتعلم مهما كانت طريقة التدريس شائنة .وقد كان املتعلم مجرد
متلق سل ي ال يشارك في بناء الدرس ،بل يكتفي بالسمع ،والتدوين ،والحفء ،والتحشية .
وكان الفضاء الدراهاي غير منظم وال مرتب ،بل كان فضاء ويقا فارغا أو مؤثثا بالحصائر
أو الزرابي املعدودة يجلس علوها املتعلمون في ووعيات غير مناسبة وغير صالحة للتعلم
والدراسة .وكان هذا الفضاء موسوءا بالعنف والقهر والصرامة تختفي فيه الحوارية
واملبادرة والنقد والنقا ،وتغيب فيه الحياة السعيدة والروح الديمقراطية.
وإذا انتقلنا أيضا إلى املدرسة الغرسية الكالسيكية ،فقد كان الفصل الدراهاي بمثابة مقاعد
أو كراس دراسية مصطفة تتوجه نحو السبورة املعلقة في وس الجدار األمامي .لكن هذا
الفضاء الدراهاي ،بدوره ،كان فضاء رتيبا عمودي الطابع .بمعنى أن املدرس كان مالك
املعرفة املطلقة يوزعها على التالميذ في اتجاه عمودي من األعلى نحو األسفل .وقد كان
الفضاء الدراهاي الكالسيكي فضاء صفيا عموديا تصطف فيه املقاعد إما بشكل فردي،
وإما بشكل ثنائي ،وإما بشكل متعدد.
لكن املدرسة الحديثة التي أخذت بالطرائق البيداغوجية الفعالة قد كسرت هذا الفضاء
العمودي الرتيب املغلق ،فانفتحت على أفضية حميمة كفضاء الساحة ،وفضاء الحديقة،
وفضاء اللعب ،وفضاء الرو ،وفضاء التعاونيات ،وفضاء البستنة ،وفضاء الرحلة،
وفضاء املنزل ،وفضاء الطبع والنشر ،والفضاء املفتوح ،والفضاء الالمدرهاي...كما تغير
نظام املقاعد ليتخذ بعدا عموديا ،وأفقيا ،ودائريا ،ونصف دائري ،وشكل حذوة
الحصان...
283
وعلي ي ييه ،يس ي ييتلزم الفص ي ييل الدراه ي يياي ،كم ي ييا ف ي ييي مدارس ي يينا الحالي ي يية ،مجموع ي يية م ي يين األفض ي ييية
الضييرورية ،مثييل :فضيياء املكتييب ،وفضيياء العمييل ،وفضيياء السييبورة ،وفضيياء الخزانيية ،وفضيياء
املطالعة ،وفضاء املتحف أو األنشطة اليدوية والفنية...
أو يمكن الحديث عن مجموعة من األركان كركن األعمال الجماعية ،وركن الورشات ،وركن
املطالع ي يية والتثقي ي ييف...أو رك ي يين الرياو ي يييات(ألعاب وتم ي ييارين ،والع ي ييد ،والقي ي يياس الهنده ي يياي،
والي ييوزن ،والحجي ييم ،والطي ييول ،)...وركي يين العرسيي يية أو الفرنسي ييية( تمي ييارين ،وسحي ييث في ييي املعي يياجم
والقي ييواميس ،ومطالعي يية القص ي ي ،)...وركي يين التربيي يية الفنية(رسي ييم ،وتلي ييوين ،ومتحي ييف فني ييي،
ومرسي ي ي ي ي ييم ،)...وركي ي ي ي ي يين االجتماعيات(وثي ي ي ي ي ييائق ،ونصي ي ي ي ي ييوص ،وخ ي ي ي ي ي يرائ ،)...وركي ي ي ي ي يين التربيي ي ي ي ي يية
اإلس ي ييالمية(الوثائق -وص ي ييور الوو ي ييوء والص ي ييالة ،وحف ي ييء الق ي يير ن الك ي ييريم والس ي يينة النبوي ي يية
الشييريفة ،)...ورك يين النشييا العلم ييي(تسخي ،ودراس يية وثييائق ،وص يينع أشييياء ،والتحق ييق م يين
التجارب)232...
ً
إذا ،يتميييز الفضيياء الدراهيياي بتنييوع الحيييز الديييدكتيكي ،واخييتالف أشييكاله ،وتعييدد تصيياميمه
الهندسية حسب طبيعة األنشطة الديدكتيكية والدروس املقدمة للمتعلمين.
- 232ميلود التوري :القسم الشترك نحو مقاربة فارقية ،أنفوسرانت ،فاس ،املغرب ،الطبعة األولى سنة
2222م.ص.63:
284
كم ييا يق ييرب ه ييذا الش ييكل الفض ييائي ب ييين املس ييتويات الدراس ييية ،ويس ييهم ف ييي تحقي ييق التفاع ييل
املثم يير ،والتع يياون البن يياء واله ييادف .وتك ييون الس ييبورة األمامي يية ب ييارزة وواض ييحة لك ييل املتعلم ييين
الييذين يتتبعييون درس املعلييم .وغالبييا ،مييا ينفييع هييذا التنظيييم فييي أثنيياء مناقشيية مواويييع عاميية
التي تثير النقا والجدال واالختالف في املواقف واآلراء واألفكار .وتعيد هيذه الطريقية عمليية
ناعح يية ف ييي حال يية ك ييان ع ييدد التالمي ييذ قل يييال ،وف ييي ممارس يية بع ييض األنش ييطة املوازي يية ،وتس ييمح
لنسييتاذ بالسيييطرة املحكميية علييى دواليييب القسييم .بيييد أن هييذا الشييكل يعرقييل تحييرك املييدرس
والتالميذ معا بشكل سريع ومرن.
285
فضاء منتصف الدا رة:
يش ييبه ه ييذا الفض يياء ال ييذي يتخ ييذ نص ييف ال ييدائرة م ييا يس ييمى بفض يياء الح ييذوة حي ييث يتجم ييع
املتعلم ييون بش ييكل منتص ييف ال ييدائرة عل ييى امل ييدرس ال ييذي يق ييوم بمهم يية التوجي ييه ،واإلرش يياد،
نفسها التي يتميز بها فضاء حذوة الحصان. واإلشراف .ويتميز بالخصائ
ينقسم الفصل الدراهاي إلى مجموعات صغيرة أو فرق مستقلة يوجههيا قائيد ميا ،وقيد تحيوم
تلييك الجماعييات أو الفييرق حييول طيياوالت دائرييية أو مقاعييد مسييتطيلة أو مربعيية أو بييأي شييكل
خر .بيد أن هذا التقسيم الفضائي يؤثر في العمل الجماعي املشترك.
287
الفض ــاء العمودي:
يتميييز الفضيياء العمييودي بكونييه فضيياء سيييميتريا متوازيييا يعتمييد علييى مقاعييد مصييطفة بشييكل
مي يينظم حيي ييث تتجي ييه ر وس التالميي ييذ عموديي ييا نحي ييو السي ييبورة.وهذه الطريقي يية كالسي يييكية في ييي
املدرسيية املغرسييية ،ويكييون فوهييا الحييوار عموديييا ميين املييدرس نحييو املييتعلم ،وميين املييتعلم نحييو
املدرس.
ويعني هذا أن الفضاء العمودي أو الفضاء الصفي التقلييدي املسيتقيم هيو الشيكل املسييطر
و املوجييود بكثييرة فييي العملييية التعليمييية التعلمييية حيييث إن معظييم األقسييام تؤثييث علييى هييذه
الشيياكلة .فهييو يسييتوعب االكتظيياظ املفتيير للتالميييذ ،ويسييهل عملييية التلقييين حيييث يقييف
األستاذ بجانيب السيبورة يعليو التالمييذ بخطيوة .وهيو تكيريس للتراتبيية املعرفيية أوال وأساسيا،
ويمكيين أن يلغ ييي األس ييتاذ ه ييذه التراتبي يية بالحرك يية املس ييتمرة م ييا ب ييين الص ييفوف واالنخ يرا م ييع
التالميذ.
288
تنظيم الفصل الدراس ي وتأثيث :
أما من حيث تنظيم الفضاء الدراهاي ،فينبغي للمدرس أن يقسم الفصل الدراهاي حسب
نظام الصفوف أو تغييره شكليا وهندسيا كأن يستخدم الدائرة أو شبه الدائرة أو الحذوة
أو املربع أو املستطيل ،أو اتباع الشكل الصفي العمودي .كما تقسم ججرة الدرس إلى أركان
عدة :ركن خاص بمكتب املعلم ،وركن خاص باملطالعة ،وركن خاص بخزانة الكتب
والدفاتر املدرسية ،وركن خاص بالوسائل الديدكتيكية وإنجازات املتعلمين ...
289
وعلي ييه ،ينبغ ييي أن يك ييون ت ييدبير الفض يياء الدراه يياي متميي يزا ومتنوع ييا حس ييب امل ييواد والتعلم ييات
املدرسة بغية تحقيق فضاء تشاركي وتعاوني وجماعي ومن يجم ومتسيق .كميا ينبغيي أن يكيون
فضيياء سييعيدا تتحقييق فيييه حييياة النشييا والحبييور واملييرح .وميين ثييم ،ينبغييي أن يكييون فضيياء
حميما الفضاء عدوانيا .كما ينبغي أن يتأرع ،بيين االنغيالق واالنفتياح حسيب ظيروف اليدرس
وسياقاته التربوية ،والديدكتيكية ،والنفسية ،واالجتماعية.
ويمكن الحيديث عين فضياءات أخيرى ييرتب بهيا امليتعلم خيارج الفصيل الدراهياي ،مثيل :سياحة
املدرس يية ،واملراف ييق الرياو ييية ،واملراف ييق اإلداري يية .ويعن ييي ه ييذا أن ييه الب ييد أن تك ييون للمؤسس يية
التربوية ساحة واسعة تتضمن أنواعا عدة من النباتات ،واألشجار ،والورود ،واألزهار.عالوة
علييى الكراهيياي الثابتيية الجيييدة التييي يجلييس علوهييا املتعلمييون ،وتييوفير قمامييات األزسييال ميين صيينع
جيد ،وإيجاد سقيفة واسيعة تحميي املتعلميين مين حير الشيمس ،وشيدة الليرد ،واملطير الغزيير.
أوييف إلييى ذلييك البييد ميين تكليييف بسييتاني يهييتم بتلييك االشييجار والنباتييات ،واالعتنيياء بهييا يوميييا
بمنع بناء األقسام داخل هيذه السياحة الخضيراء مهميا كانيت اليدواعي والظيروف .ثيم ،تكلييف
حارس ليلي يقيوم بحراسية املؤسسية التربويية ،وحيارس فيي النهيار يحيرس بياب املؤسسية بصيفة
خاصة ،واملؤسسة التربوية بصفة عامة.
فض يياء الرياو يية ،فالب ييد أن تك ييون هن يياك مالع ييب متنوع يية للرياو يية واس ييعة أم ييا فيم ييا يخي ي
األطيراف ،وتكييون مسيييجة لكييي تفصييل عيين األقسييام الدراسييية .ويسييتلزم هييذا الفضيياء كييذلك
بناء قاعة لتغيير املالبس خاصة باملدرسين ،وقاعة خاصة بالذكور ،وقاعة خاصة باإلنياث،
تتي ييوفر علي ييى جميي ييع اللي ييوازم مي يين م ي يراحيض ،وأنابيي ييب امليي يياه ،وص ي يينابير الي يير ،وغيرهي ييا مي يين
التجهي ي يزات األساسي ييية .والبي ييد مي يين قاعي يية تحي ييوي جميي ييع األدوات واللي ييوازم الرياوي ييية الالزمي يية
ملمارسة التربية البدنية.
مرافييق اإلدارة ،فالبييد ميين مكتييب املييدير ،ومكتييب النيياظر ،ومكاتييب الح يراس أمييا فيمييا يخ ي
العييامين ،ومكتييب مسيياعد املييدير ،ومكتييب السييكرتارية ،ومكتييب املقتصييد ،وقاعيية لنسيياتذة
290
تتض ييمن خزان يية تح ييوي مس ييتلزمات ك ييل م ييدرس ،ومكتب يية واس ييعة وع ييامرة ،وقاع يية للمطالع يية
وإلق يياء املحاو يرات والن ييدوات وعق ييد االجتماع ييات .وينبغ ييي أن تك ييون تل ييك املكات ييب والقاع ييات
مفتوحي يية ومنفتحي يية علي ييى املتعلمي ييين ،وجمعيي ييات اآلبي يياء ،والسي يياهرين علي ييى الحقي ييل التربي ييوي،
والفاعلين الداخليين والخارجيين والشركاء ومن سياسية التواصل والحكامة الجيدة.
وهنيياك مرافييق أخييرى داخييل املؤسسيية التربوييية ،مثييل :امل يراحيض الخاصيية بالييذكور واإلنيياث
واملدرس ييين ورج ييال اإلدارة ،ومرف ييق الص ييحة املدرس ييية ،وأقس ييام دراس ييية ،ومحترف ييات أدبي يية
وفني ي ي ي يية وثقافيي ي ي ي ية ،وأندي ي ي ي يية مختلف ي ي ي يية ،ومختل ي ي ي يرات علمي ي ي ي يية وتقني ي ي ي يية ،وورش ي ي ي ييات متع ي ي ي ييددة
االختصاصات.ومن جهية أخيرى ،يمكين الحيديث عين م يجد ،وداخليية ،ومقصيف ،ومطعيم،
وقاعات التوثيق واإلعالم واألرشفة وتخزين امللفات والحفاظ علوها.
يذهب كثير من الدارسين إلى أن الدوال تدل وتتواصل بطريقة مباشرة وغير مباشرة ،ومنها:
اللغة ،والعالمات ،والخطابات ،واألنساق ،واإلنسان ،وسائر الكائنات املوجودة في
الطبيعة .ويعني هذا أن كل (ايء في عاملنا يحمل داللة ووظيفة .وهذه الوظيفة قد تكون
ذات مقصدية أو دون مقصدية ،ذات ميزة فردية أو جماعية ،طبيعتها مادية أو معنوية.
وقد تكون هذه الدوال التواصلية لفظية أو غير لفظية تعلر عن وعي أو عن غير وعي.
واليوم ،أصبح التواصل عبارة عن تقنية إجرائية وأساسية في فهم التفاعالت البشرية،
وتفسير النصوص والخلرات اإلعالمية ،والتحكم في كل طرائق اإلرسال والتبادل.
وتعد اللغة من أهم ليات التواصل ،و من أهم تقنيات التبليغ ونقل الخلرات واملعارف
والتعلمات من األنا إلى الغير أو من املرسل إلى املخاطب .ويالحء أن هذه اللغة ،على
مستوى التخاطب والتواصل ،ذات مستويين سلوكيين :لفظي وغير لفظي.
291
إذا ،ما مفهوم التواصل؟ وما أنواعه؟ وما نماذجه؟ وما شروطه؟ وما املقصود من التواصل
اللفظي وغير اللفظي؟ وما أهم اآلليات اإلجرائية التي يستند إلوها التواصل اللفظي وغير
اللفظي في املجال التربوي؟ وما جهود رومان جاكبسون في مجال لسانيات التواصل؟ وكيف
يمكن دراسة األدب في املنظور التواصلي؟
/1التــواصل لغ ــة:
يرى ابن منظور ،في كتابه ( لساح العرب) ،أن االتصال من فعل وصل وصال ووصوال
واتصاال:
" وصل :وصلت الشايء وصال وصلة ،والوصل ود الهجران .ابن سيده :الوصل خالف
الفصل .وصل الشايء بالشايء يصله وصال وصلة وصلة األخيرة عن ابن جني ،قال :ال
أدري أمطرد هو أم غير مطرد ؟ قال :وأظنه مطردا ،كأنهم يجعلون الضمة مشعرة بأن
املحذوف إنما ي الفاء التي ي الواو ،وقال أبو علي الضمة في الصلة ومة الواو املحذوفة
من الوصلة ،والحذف والنقل في الضمة شاذ كشذوذ حذف الواو في يجد ،ووصله كالهما :
من ألمه .وفي التنزيل العزيز :ولقد وصلنا لهم القول ،أي وصلنا ذكر األنبياء وأقاصي
مضاى بعضها ببعض ،لعلهم يعتلرون .واتصل الشايء بالشايء :لم ينقطع وقوله أنشده
ابن جني :
إنما أراد اتصلت ،فأبدل من التاء األولى ياء كراهة للتشديد وقوله أنشده ابن األعرابي :
292
سحيرا وأعناق املطي كأنها مدافع غبان أور بها الوصل
معناه :أور بها فقدان الوصل ،وذلك أن ينقطع الثغب فال يجري وال يتصل ،والثغب :
مسيل دقيق ،شبه اإلبل في مدها أعناقها إذا جهدها السير بالثغب الذي يخده السيل في
الوادي .ووصل الشايء إلى الشايء وصوال وتوصل إليه :انتهى إليه وسلغه قال أبو ذ يب :
ووصله إليه وأوصله :أنهاه إليه وأبلغه إياه .وفي حديث النعمان بن مقرن :أنه ملا حمل على
العدو ما وصلنا كتفيه حتى ورب في القوم أي لم نتصل به ولم نقرب منه حتى حمل علوهم
أي موصوال ،فاعل من السرعة .وفي الحديث :رأيت سببا واصال من السماء إلى األر
بمعنى مفعول كماء دافق قال ابن األثير :كذا شرح ،قال :ولو جعل على بابه لم يبعد .
وفي حديث علي -عليه السالم : -صلوا السيوف بالخط والرماح بالنبل قال ابن األثير :
أي إذا قصرت السيوف عن الضريبة فتقدموا تسحقوا وإذا لم تسحقهم الرماح فارموهم
بالنبل قال :ومن أحسن وأبلغ ما قيل في هذا املعنى قول زهير :
وفي الحديث :كان اسم نبله -عليه السالم -املوتصلة ،سميت بها تفا ال بوصولها إلى العدو
.واملوتصلة لغة قري فإنها ال تدغم هذه الواو وأشباهها في التاء .فيقول موتصل وموتفق
وموتعد ونحو ذلك .وغيرهم يدغم فيقول متصل ومتفق ومتعد .وأوصله غيره ووصل :
بمعنى اتصل أي دعا دعوى الجاهلية ،وهو أن يقول :يال فالن ! وفي التنزيل العزيز :إال
الذين يصلون إلى قوم بينكم وسينهم ميثاق أي يتصلون املعنى اقتلوهم وال تتخذوا منهم
أولياء ،إال من اتصل بقوم بينكم وسينهم ميثاق واعتزوا إلوهم .واتصل الرجل :انتسب ،وهو
من ذلك قال األعشاى :
293
إذا اتصلت قالت لبكر بن وائل وسكر سبتها واألنوف رواغم
أي ينتسبون"233 أي إذا انتسبت .وقال ابن األعرابي في قوله :إال الذين يصلون إلى قوم
يتبين لنا ،من خالل هذه املادة اللغوية ،أن التواصل من الفعل املثال املعتل (وصل)،
ويدل على الوصل ،واالقتران ،واالقتراب ،واالنتساب ،واالجتماع ،والتضام ،والوصول،
والبلوغ ،واالنتهاء .ويعد الفراق واالنقطاع واالبتعاد والبين والهجران من أوداد التواصل.
وعلى العموم ،يفيد التواصل ،في اللغة العرسية ،االقتران ،واالتصال ،والصلة ،والتراب ،
وااللت ام ،والجمع ،واإلبالغ ،واالنتهاء ،واإلعالم.
/2التواصل اصــطالحا:
يدل التواصل ،في االصطالح ،على عملية نقل األفكار والتجارب ،وتبادل املعارف واملشاعر
بين الذوات واألفراد والجماعات .وقد يكون هذا التواصل ذاتيا شخصيا أو تواصال غيريا.
وقد ينبني على املوافقة أو على املعاروة واالختالف .ويفتر التواصل أيضا -باعتباره نقال
وإعالما -مرسال ،ورسالة ،ومتقبال ،و سياقا مرجعيا ،ومقصدية الرسالة ،و شفرة يتفق
على تسنينها وتشفيرها كل من املتكلم واملستقبل (املستمع).
-233ابن منظور :لساح العرب ،الجزء الخامس عشر ،حرف الوار ،مادة وصل ،دار صادر ،بيروت ،لبنان ،طبعة
2226م.
294
ويعرف شارل كولي( ) Charles Cooleyالتواصل قائال:
" التواصل هو امليكانيزم الذي بواسطته توجد العالقات اإلنسانية وتتطور .إنه يتضمن كل
رموز الذهن ،مع وسائل تبليغها علر املجال ،وتعزيزها في الزمان .ويتضمن أيضا تعابير
الوجه ،وهي ات الجسم ،والحركات ،ونلرة الصوت ،والكلمات ،والكتابات ،واملطبوعات،
والقطارات ،والتلغراف ،والتلفون ،وكل ما يشمله خر ما تم في االكتشافات في املكان
والزمان"234
وهكذا ،يتبين لنا ،علر هيذا التعريف ،أن التواصل هو جوهر العالقات اإلنسانية ومحقق
تطورها .لذا ،فالتواصل له وظيفتان من خالل هذا التعريف:
وظيفة معرفية :تتمثل في نقل الرموز الذهنية ،وتبليغها في الزمان واملكان بوسائل
لغوية وغير لغوية
وظيفة تأث رلة وجدانية :تقوم على تمتين العالقات اإلنسانية وتفعيلها على مستوى
اللفظي وغير اللفظي.
التبادلEchange:
التبليغTransfert:
التأثيرImpact :
ويعرف التواصل أيضا بأنه " تبادل املعلومات والرسائل اللغوية وغير اللغوية ،سواء أكان
هذا التبادل قصديا أم غير قصدي ،بين األفراد والجماعات". 236
و ال يقتصر التواصل على ماهو ذهني ومعرفي فحسب ،بل يتعداه إلى ماهو وجداني وماهو
ح اي حركي و لي .أي :ليس التواصل" مجرد تبليغ املعلومات بطريقة خطية أحادية االتجاه،
ولكنه تبادل لنفكار واألحاسيس والرسائل التي قد تفهم ،وقد التفهم بالطريقة نفسها من
طرف كل األفراد املتواجدين في ووعية تواصلية"237.
ومن هنا ،فالتواصل عبارة عن تفاعل بين مجموعة من األفراد والجماعات بتبادل املعارف
الذهنية واملشاعر الوجدانية بطريقة لفظية أو غير لفظية.
-235طلعت منصور (:سيكولوجية االتصال ) ،عالم الفكر ،الكويت ،املجلد ،33السنة ،3602ص.323:
236 - Françoise Raynal and Alain Rieunier: Pédagogie: Dictionnaire des concepts clés, 1977, ESF
الغا ية :الهدف من التواصل ومقصديته البارزة( البعد املعرفي أو الوجداني أو
الحركي).
وهكذا ،يمكن القول :إن االتصال أو التواصل عبارة عن عملية نقل واستقبال للمعلومات
بين طرفين أو أكثر .ويستند هذا التواصل ،في سياقاته املتنوعة ،إلى التغذلة الراجعة(
،أو ) Feed Backعند حدوث سوء االستقبال ،أو سوء االستيعاب ،أو التشوي
االنحراف االنزياحي.
" إن وظيفة االتصال تتسع لتشمل فاقا أبعد .فكثير من الباحثين يتناولون االتصال،
كوظيفة للثقافة ،وكوظيفة للتعليم والتعلم ،وكوظيفة لسجماعات االجتماعية ،وكوظيفة
للعالقات بين املجتمعات ،بل ويعتلرون االتصال كوظيفة لنضا شخصية الفرد ،وغير
ذلك من جوانب توظيف االتصال238".
ويرتب التواصل بعدة علوم ومعارف يمكن حصرها في :علم التدبير والتسيير ،والعالقات
العامة ،والبيداغوجيا والديدكتيك ،وعلم التسويق( ،)Marketingوعلوم اإلعالم
واالتصال ،والفلسفة ،والسيميولوجيا...
/1التواصل من النظوراللساني:
يذهب مجموعة من اللسانيين إلى أن اللغة وظيفتها التواصل كفردلناند دو سوس ر ( F.De
)Saussureالذي يرى ،في كتابه ( محاضرات الي اللسانيات العامة) ( ، )3633أن اللغة
نسق من العالمات واإلشارات والدوال هدفها التواصل والتبليغ في أثناء اتحاد الدال مع
املدلول بنيويا ،أو في أثناء تقاطع الصورة السمعية مع املفهوم الذهني .وهو املفهوم نفسه
الذي كان يرمي إليه تقريبا ابن جني في كتابه(الخصا ص) ،عندما عرف اللغة بأنها "
أصوات يعلر بها قوم عن أغراوهم".239
ويذهب روماح جاكبسوح ( )Roman Jakobsonإلى أن اللغة ذات بعد وظيفي ،وأن لها ستة
عناصر ،وست وظائف :املرسل ووظيفته انفعالية ،واملرسل إليه ووظيفته تأثيرية ،والرسالة
ووظيفتها جمالية ،واملرجع ووظيفته مرجعية ،والقناة ووظيفتها تواصلية ،واللغة ووظيفتها
وصفية .وهناك من يضيف الوظيفة السابعة ،و ي الوظيفة األيقونية.
وإذا كان الوظيفيون يرون أن اللغة واضحة تؤدي وظيفة التواصل الشفاف بين املتكلم
واملستمع،فإن أزوالد دوكرو( ) Ducrotيرى خالف ذلك أن اللغة ليست دائما لغة تواصل
واض ،وشفاف ،بل ي لغة إومار ،وغمو ،وإخفاء .ويعني هذا أن الفرد قد يوظف
اللغة في سياق اجتماعي معين للتمويه والتخفية وإومار النوايا واملقاصد .ويكون هذا
299
اإلومار اللغوي ناتجا عن أسباب دينية ،ونفسية ،واجتماعية ،وسياسية ،وأخالقية.
فمهرب املخدرات ال يستعمل اسم مهرساته بطريقة مباشرة ،بل يستعمل الرموز لإلخفاء
كأن يقول لصديقه :هل وصلت الحناء إلى هولندا؟ كما أن أسلوب األمر في الشريعة
اإلسالمية يستعمل للوجوب والدعاء والندب على حد سواء ،وهذا يعني أن اللغة فوها أوجه
داللية عدة مما يزيد من غمووها ،ويؤكد عدم شفافيتها التواصلية.
ومن جهة أخرى ،يذهب روالح بارت( ) Roland Barthesبعيدا في تأويالته للغة اإلنسانية
حيث يعدها بعيدة عن التواصل ،و يجعلها لغة السلطة ،ومصدرها السلطة .ويعني هذا أن
اإلنسان عبد للغة وحر في الوقت نفسه .فعندما يريد املتكلم أن يتحدث لغة أجنبية ،فهو
خاوع لقواعدها وتراكيبها ،ومقيد بمنظومتها الثقافية .ولكنه في الوقت نفسه ،يوظف هذه
اللغة كيفما يشاء ،ويطوعها جماليا وفنيا .فقد استبدت اللغة الفرنسية كثيرا بالشعب
الجزائري ملدة طويلة ،فأخضعته لقواعدها وسننها اللساني.وعلى الرغم من ذلك ،نجد
بعض األدباء الجزائريين ،بقدر ما هم خاوعون لهذه اللغة األجنبية ،يتخذونها سالحا لهم
بكل حرية للتنديد باالستعمار الفرن اي ونقده وتعريته والهجوم عليه بتطويع تلك اللغة
وتعرسوها أو جزأرتها .240كما تفر السلطة الحاكمة اللغة التي تناسبها على املجتمع لفر
اللغة بالقوة السياسية واالقتصادية سيطرتها السياسية واإليديولوجية .أي :تفر
والثقافية .وفي الوقت نفسه ،تمنح اللغة الف ة الحاكمة قوة الحكم والسلطة السياسية .
وهكذا ،نستنتظ أن اللغة قد تكون أداة للتواصل الشفاف من جهة أولى ،وتكون أداة
لإلومار والتمويه واإلخفاء من جهة ثانية ،و تكون أداة للسلطة من جهة ثالثة.
/2التواصل من النظورالفلسفي:
يذهب الفيلسوف األملاني هيجل إلى أن العالقة بين األنا والغير ي عالقة سلبية قائمة على
الصراع الجدلي كما توض ،ذلك نظريته املسماة بجدلية السيد والعبد .أما الفيلسوف
الفرن اي جاح بول سارتر ،فيرى أن الغير ممر ووسي وروري لننا إال أن الغير عحيم ال
يطاق ألنه يشايء الذات أو األنا .لهذا ،يدعو سارتر إلى التعامل مع الغير بحذر وترقب
وعدوان .ومن ثم ،يستحيل التعاي بين األنا والغير أو التواصل بينهما مادام الغير يستلب
حرية األنا ،ويجمد إرادته .لذلك ،قال قولته املشهورة " :أنا ،واآلخرون إلى الجحيم".
لكن م رلوبونتي لرفض نظرية سارتر التجزيئية العقالنية ،وينطلق من أن العالقة بين األنا
والغير إيجابية قائمة على االحترام والتكامل والتعاون والتواصل ،وأساس هذا التواصل
هواللغة.
أما الفيلسوف األملاني ماكس شيلر ،فيرى أن العالقة بين األنا والغير قائمة على التعاطف
الوجداني ،واملشاركة العاطفية الكلية مع الغير ،وال تقوم على التنافر أو البغض
والكراهية .في حين ،يرى جيل دولوز أن العالقة التواصلية بين األنا والغير ،في املجال
املعرفي البنيوي ،قائمة على التكامل اإلدراكي.
ويعد هابرماس من أهم الفالسفة األملان الذين اهتموا بالجانب التواصلي والتفاعل
االجتماعي .ويعد أيضا ،عند توم بوتومور ،املفكر األكلر ملا بعد مدرسة فرانكفورت أو
النظرية النقدية الجديدة .و"على الرغم من قرسه من املاركسية ،فإنه يختلف مع ماركس في
أمر أساهاي :فهو يرى أن ماركس قد أخطأ في إعطائه لإلنتاج املادي املركز األول في تعريفه
لإلنسان في ر يته التاريخية ،باعتباره تطورا لنشكال واألنما االجتماعية .
301
ولهذا ،يرى هابرماس أن التفاعل االجتماعي هو أيضا بعد أساهاي من أبعاد املمارسة
اإلنسانية ،وليس اإلنتاج وحده ،وهو ما يوض ،فلسفته التي تقوم على مفهوم االتصال أو
التواصل ،وعلى أسبقية اللغة ،وأولويتها على العمل.
والعقل االتصالي عند هابرماس هو فاعلية تتجاوز العقل املتمركز حول الذات ،والعقل
الشمولي املنغلق الذي يدعي أنه يتضمن كل (ايء ،والعقل األداتي الوو ي الذي يفتت
الواقع ويجزئه ،ويحول كل (ايء إلى موووع جزئي حتى العقل نفسه241".
وقد وجه هابرماس انتقادات صارمة للماركسية ،فأعاد بناءها على أسس جديدة ،وتسمى
هذه املرحلة من مراحل مدرسة فرانكفورت بمرحلة مابعد املاركسية .وقد بدأ مقاالته التي
كتبها في الستينيات من القرن املاضاي بتقويم الووعية العلمية واملنطقية على غرار أسالفه
من مفكري معهد فرانكفورت .وقد ميز بين ثالثة أنواع من املعرفة انطالقا من منظور
املصسحة التي تحققها لسجنس البشري ،في كتابه(العرفة والصالح البشرية) (3632م)،
وقد حصرها في مصسحة تقنية ،ومصسحة عملية ،ومصسحة تحررية.
وقد اعتلر هابرماس النموذج النف اي الفرويدي أداة صالحة للنظرية النقدية لتحقيق
الثورة التحررية اإلنسانية واملجتمعية .وقد أكد هابرماس أسبقية اللغة على العمل ،وأكد
أيضا تراب اللغة والعمل االجتماعي ،فمن الصعب فصل عنصر على خر ،وخالف بذلك
رأي ماركس الذي كان يعتلر العمل هو الذي يخلق اإلنسان .ويعتلر هابرماس اللغة ي التي
تحقق االستقالل الذاتي واملسؤولية .وبهذا ،يكون هابرماس قد انتقل من نظرية املصال،
املعرفية إلى نظرية اللغة واالتصال.
- 241توم بوتومور :مدرسة فرانكفورت ،ترجمة :سعد جرس ،دار أويا،دار الكتب الوطنية ،ليبيا ،الطبعة
الثانية سنة 2222م ،ص.332:
302
ويالحء أن هناك ارتباطا في فكر هابرماس بين التحليل الفلسفي ونظرية املجتمع ،وإن
تغيرت طبيعة هذا االرتبا بالتدريظ .ففي كتابه( العرفة والصلحة البشرية) ،كان هناك
تماثل بين األنواع الثالثة من املعرفة مع قسمات رئيسة لسحياة االجتماعية ،و ي :العمل،
والتفاعل ،والتسل .
وانتقل في املرحلة الثانية إلى تقديم نظرية في الحق التضرب بجذورها في املجتمع ،وإنما في
اللغة بوصفها ميزة عامة لسجنس البشري ،وتستمر هذه الفكرة في أعمال هابرماس ،وإن
كان يشدد في األخير على إعادة بناء النظرية في املجتمع .و" بالفعل ،فإن هذا التطور ي جل
ابتعادا أكثر عن نظرة مدرسة فرانكفورت في مرحلتها األخيرة ،وأصبح هذا التباعد أكثر
صراحة بإعالن هابرماس أنه يتناول النظرية االجتماعية بوصفه ":منظرا ماركسيا مهتما
بمواصلة التعاليم املاركسية في ظل ظروف تاريخية متغيرة على نحو كبير" .وهكذا ،قدم
هابرماس عناصر النظرية املاركسية املعاد بنا ها في عملين مهمين خالل السبعينيات ،دار
أولهما حول مشكالت الشرعية في املجتمعات الرأسمالية إبان مراحل تطورها األخيرة،
والثاني حول املادية التاريخية242".
وقد مال هابرماس إلى البنيوية التكوينية بديال لفلسفة التاريق التي تبنتها مدرسة
فرانفكورت إبان بدايتها متأثرا في ذلك بجان بياجيه ،ولوسيان كولدمان.وبعد ذلك ،شرع في
التمييز بين الرأسمالية املنظمة واالشتراكية البيروقراطية بوصفهما الشكلين الرئيسين
للترشيد العقالني للمجتمعات الحديثة .وسني هابرماس نظريته النقدية في علم االجتماع
على مرتكزين وروريين هما :الفلسفة والعلم .بيد أن نظرية هابرماس غير تاريخية ،
والتعتني باالقتصاد كما هو حال النظرية املاركسية األولى .و" نرى أن السمة األكثر تميزا
لنظرية ماركس ،وإسهامها األكثر أهمية في إقامة علم واق ي عن املجتمع ،ي أنها ال تتعامل
مع التفاعل االجتماعي على وجه العموم ،وإنما تتناول عالقة البشر بالطبيعة ،والتفاعل
إن هذا هو املفهوم الذي منح املاركسية قوتها التفسيرية ،و اليزال يمنحها هذه القوة حتى
اليوم.ألنه مهما تكن الحاجة إلى إعادة بناء للنظرية املاركسية من أجل فهم املراحل
املستجدة من تطور املجتمعات الحديثة بشكل مالئم ،والسيما دورالدولة وطبيعة
الصراعات الطبقية ،فإنه اليزال وروريا البدء من تحليل تنظيم اإلنتاج وتسييره ،سواء
كان ذلك على شكل تسل رأس املال املتركز في شركات وطنية أو متعددة الجنسية ،أم
اإلدارة البيروقراطية للصناعة املؤممة243". تسل
وعليه ،مر فكر هابرماس -حسب سامي خشبة -بمرحلتين رئيستين :مرحلة نقد العقل
الوو ي الذي ساد الغرب مع نضا الرأسمالية وتطور العلوم اإلنسانية والتجريبية.
واملرحلة الثانية التي انشغل فوها هابرماس ببناء نظرية اجتماعية قائمة على حركة تنويرية
جديدة أو استئناف القديمة ،وصياغة عقالنية تسترشد باملنجزات العصرية لعلوم
الطبيعة والعلوم االجتماعية ،وخاصة علم االجتماع ،وعلوم اللغة واالتصال ،وعلم النفس
التربوي التطوري244.
ويمكن أن نحدد ،بدورنا ،مراحل أخرى لفكر هابرماس ،ففي املرحلة األولى ،انتقد
الووعية العلمية واملنطقية .وبعد ذلك ،انتقل إلى الحداثة ليعتلرها دليال على العقل
التنويري مقابل النزعات الالعقالنية التقويضية والتفكيكية ،وقد اعتلر الحداثة نموذجا
للتحرر من كل أنواع السيطرة إذ تتطابق النظرية والتطبيق ،واملعرفة واملصسحة ...و ركز
أيضا على االتصال بأنواعه باعتباره وسيلة لبناء املعرفة ،وليس مجرد تبادلها كما أشار إلى
ذلك في كتابه( االتصال ونشوء الجتمع)( .)3633وقد أعاد للقيم واملعايير االجتماعية
- 243نفسه ،ص.323:
- 244نفسه ،ص.333-332:
304
أهميتها ،وتبنى الكفاءة األخالقية مضمونا لالتصال االجتماعي في كتابه( نظرية الفعل
االتصالي)(3603م) .لكن هابرماس ينتقد (مابعد الحداثة) التاريخية ابتداء من عام
3603م حيث يرجع فشلها إلى اختالل التوازن بين القيمة املعنوية والقيمة املادية مما
حول عقالنية التنوير إلى حالة مروية ،وتلك ي الحال التي يصف بها تصور فرانسوا
ليوتار وجان بودريار ملا بعد الحداثة.245
/1التواصل من النظورالسيميائي:
يمثل هذا االتجاه كل من برييطو( ،) Prietoومونان( ،)Mouninوسويسنس( Buyssens
)،وكرايس( ،)Griceوأوستين( ،)Austinوفتجنشتاين( ،) Wittgensteinوأندري
مارتينيه( .)Martinetويرى هذا االتجاه في الدليل على أنه أداة تواصلية .أي :مقصدية
إبالغية .ويعني هذا أن العالمة تتكون من ثالثة عناصر :الدال ،واملدلول ،والوظيفة أو
القصد .وهؤالء اللسانيون واملناطقة اليهمهم من الدوال والعالمات السيميائية غير اإلبالغ
والوظيفة االتصالية أو التواصلية .وهذه الوظيفة التؤديها األنساق اللسانية فحسب ،بل
هناك أنظمة سننية غير لغوية ذات وظيفة سيميوطيقية تواصلية .إن السيميولوجيا -
حسب بويسنس -ي دراسة لطرائق التواصل والوسائل املستعملة للتأثير في الغير قصد
إقناعه أو حثه أو إبعاده .أي :إن موووع السيميولوجيا هو التواصل املقصود سيما
التواصل اللساني والسيميوطيقي.
وقد طالب" بعض السيميائيين (بويسنس ،وسرييطو ،ومونان) تالفيا لتفكك موووع
السيميائية ،بالعودة إلى الفكرة السوسيرية بشأن الطبيعة االجتماعية للعالمات ،لقد
حصروا السيميائية بمعناها الدقيق ،في دراسة أنساق العالمات ذات الوظيفة
التواصلية.وهكذا ،يذهب مونان إلى القول بأنه ينبغي من أجل تعيين الوقائع التي تدرسها
- 245نفسه،ص.336-332:
305
السيميائية تطبيق املقياس األساهاي القاضاي بأن هناك سيميوطيقا أو سيميولوجيا إذا
حصل التواصل246".
وثمة أمارات متنوعة كاألمارات العفوية ،واألمارات العفوية املغلوطة ،واألمارات القصدية.
ومن هنا ،تركز السيميولوجيا على الدالئل القائمة على القصدية التواصلية .ويرى برييطو
" أنه من املمكن اعتبار سيميولوجيا التواصل فرعا من سيميولوجيا تدرس البنيات
السيميوطيقية مهما كانت وظيفتها .إال أن سيميولوجيا من هذا النوع ستلتبس بعلوم
اإلنسان ،منظورا إلوها في مجموعها .إذ يبدو أن موووع علوم اإلنسان جميعا هو البنيات
السيميوطيقية التي ال تتميز فيما بينها إال بالوظيفة التي تميز ،على التوالي ،هذه
البنيات".248
ولسيماء التواصل محوران اثنان هما :العالمة والتواصل .ويتشعب كل محور من هذين
املحورين إلى أقسام .وهكذا ،يمكن أن ينقسم التواصل السيميائي إلى إبالغ لساني من جهة،
وإبالغ غير لساني من جهة أخرى .ومن ثم ،يتم التواصل اللساني علر الفعل الكالمي ،فعند
دوسوسير البد من متكلم وسامع .باإلوافة إلى تبادل الحوار علر الصورة الصوتية والصورة
السمعية.بينما التواصل لدى شينون وويفر يتحقق علر الرسالة من قبل املتكلم إلى
- 246عواد علي :معرفة ا خر ،مدخل إلى الناهج النقدلة الحدلثة ،املركز الثقافي العربي ،الدار البيضاء ،الطبعة
األولى سنة ،3662ص.03:
- 247عواد علي :نفسه ،ص.03:
- 248حنون مبارك :دروس الي السيميا يات ،دار توسقال للنشر ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة
3603م ،ص.32:
306
املستقبل ،وهذه الرسالة تشفر وترسل علر القناة ،ويشتر فوها الوووح وسهولة
املقصدية لنجاح هذه الرسالة قصد أداء وظيفتها .وبعد التسليم ،يقوم املرسل إليه
بتفكيك الشفرة وتأويلها.
أما التواصل غير اللفظي أو غير اللساني ،فيعتمد على أنظمة سننية غير أنساق اللغة .و ي
حسب بويسنس مصنفة حسب معايير ثالثة:
-3معيار اإلشارية النسقية :حيث تكون العالمات ثابتة ودائمة ،ومن أمثلة ذلك :الدوائر،
واملثلثات ،واملستطيالت ،وعالمات السير.
-2معيار اإلشارية الالنسقية :عندما تكون العالمات غير ثابتة وغير دائمة على عكس
املعيار األول نحو :امللصقات الدعائية.
-6معيار اإلشارية :حيث العالقة جوهرية بين معنى املؤشر وشكله كالشعارات الصغيرة
التي ترسم علوها مثال :قبعة ،أو مظلة .ثم ،تعلن على واجهات املتاجر دليال على ما يوجد فوها
من البضائع249.
ويمكن الحديث ومن هذا املعيار األخير عن معيار خر لإلشارية ذات العالقة االعتباطية
أو الظاهرية " كالصليب األخضر الذي يشير إلى الصيدلية ،ويتفرع عنه أيضا معيار
لإلشارية يقيم عالقة بين معنى الرسالة والعالمات التي تنتقل هذه الرسالة بواسطتها .كما
التواصل مع الذات الذي يكون عن طريق وعي الذات بوجودها وكينونتها ،وتحقيق
إنيتها األنطولوجية ووعوها الداخلي بالعالم
التواصل ب ح الفرد وا خرين؛ ألن إدراك اآلخر يساعد الفرد على إدراك ذاته
ومن األنما التواصلية األخرى ،نذكر :التواصل البشري ،والتواصل الحيواني ،والتواصل
اآللي ( السيلرينطيقا) ،والتواصل اإلعالمي (تكنولوجيا االتصال بصفة عامة).
السياق()contexte
309
الفيدباك أو التغذية الراجعة ،بتصحيح التواصل ،وتقويته ،وتدعيمه،
وإنهائه( )feedback
/1النموذج السلوكي:
ووع هذا النموذج املحلل النف اي األمريكي الزويل( ) D . Harold Lasswellسنة 3620
م .ويتضمن هذا النموذج مايلي:
من؟ ( املرسل) ،يقول ماذا؟( الرسالة) ،بأية وسيلة؟ ( وسي ) ،ملن؟ (املتلقي) ،وألي تأثير(
أثر).
310
ويرتكز هذا النموذج على خمسة عناصر ي:الرسل ،و الرسالة ،والقناة ،والتلقي ،و
األثر.
ويمكن إدراج هذا النموذج ومن املنظور السلوكي الذي انتشر كثيرا في الواليات املتحدة
األمريكية ،ويقوم على ثنائية املثير واالستجابة .ويظهر هذا املنظور بجالء عندما يركز
الزويل على الوظيفة التأثيرية .أي :التأثير في املرسل إليه من أجل تغيير سلوكه إيجابا وسلبا.
ومن سلبيات هذا النظام أنه يجعل املتقبل سلبيا في استهالكه ،ويمتاز منظوره بتملكه
للسلطة في استعمال وسائل التأثير اإلشهاري في جذب املتلقي والتأثير فيه لصال ،املرسل.
311
ويهدف هذا النموذج إلى فهم اإلرسال التلغرافي بغية فهم عملية اإلرسال من نقطة Aإلى B
مبدأ بوووح دقيق دون إحداث أي انقطاع أو خلل في اإلرسال بسبب التشوي .ويتسخ
هذا النظام بكل بساطة فيمايلي:
ومن غرات هذا النظام الخطي أنه ال يطبق في كل ووعيات التواصل ،خاصة إذا تعدد
املستقبلون ،وانعدم الفهم االجتماعي والسيكولوجي في أثناء التفاعل التواصلي بين الذوات
املفكرة .كما يبق املتقبل سلبيا في تسلمه للرسائل املشفرة.
/1النموذج االجتماعي:
هو نموذج ريكي وريكي( ) Riley &Rileyالذي يعتمد على فهم طريقة انتماء األفراد إلى
الجماعات .فاملرسل هو املعتمد ،واملستقبل هم الذين يودعون في جماعات أولية
اجتماعية ،مثل :العائالت ،والتجمعات ،والجماعات الصغيرة...
وهؤالء األفراد يتأثرون ،ويفكرون ،ويحكمون ،ويرون األشياء بمنظار الجماعات التي
ينتمون إلوها ،والتي بدورها تتطور في حضن السياق االجتماعي الذي أفرزها .ويالحء أن هذا
النموذج ينتمي إلى علم االجتماع ،وخاصة علم النفس االجتماعي حيث يرصد مختلف
العالقات النفسية واالجتماعية بين املتواصلين داخل السياق االجتماعي .وهذا ما يجعل
هذا النظام يسهم في تأسيس علم تواصل الجماعة (.)la communication de groupe
ومن املفاهيم التواصلية املهمة داخل هذا النظام مفهوم السياق االجتماعي واالنتماء إلى
الجماعة.
312
/1النموذج اللساني:
يتبنى هذا النموذج اللساني الوظيفي روماح جاكبسوح( )Roman Jackobsonفي سنة
3632م عندما انطلق من مسلمة جوهرية أال و ي أن التواصل هو الوظيفة األساسية
للغة ،وارتأى أن اللغة تتضمن ستة عناصر ي :الرسل ،والرسالة ،والرسل إلي ،
والقناة ،والرجع ،واللغة .ولكل عنصر وظيفة خاصة :فاملرسل وظيفته انفعالية تعبيرية،
والرسالة وظيفتها جمالية من خالل إسقا محور االستبدال على محور التركيب ،واملرسل
إليه وظيفته تأثيرية وانتباهية ،والقناة وظيفتها تواصلية وحفاظية ،واملرجع وظيفته
مرجعية أو موووعية ،واللغة أو السنن وظيفتها(ه) لغوية أو وصفية.
وهناك من يزيد الوظيفة السابعة إلى الخطاب اللساني و ي الوظيفة األيقونية بعد ظهور
كتابات جاك دريدا( ،)J . Derridaوانبثاق السيميوطيقا التواصلية.
313
/5النموذج اإلعالمي:
يقوم هذا النموذج اإلعالمي على توظيف التقنيات اإلعالمية الجديدة كالحاسوب،
واإلنترنت ،والذاكرة املنطقية املركزية في الحاسوب .ومن مرتكزات هذا النموذج :خطوة
االتصال وخلق العالقة الترابطية( ،)phase de mise en contact/ connexionو خطوة
إرسال الرسائل ،وخطوة اإلغالق( .)phase de clôture/déconnexionأي :يستند هذا
النموذج اإلعالمي إلى ثالث مراحل أساسية :الشروع في االتصال ،والتشغيل ،وإيقاف
التشغيل.
/6النموذج التربوي:
يتكئ التواصل التربوي على املرسل ( املدرس) ،والرسالة ( املادة الدراسية) ،واملتلقي (
التلميذ) ،والقناة( التفاعالت اللفظية وغير اللفظية) ،والوسائل الديدكتيكية ( املقرر
واملنهاج ووسائل اإليضاح والوسائل السمعية البصرية ،)...واملدخالت(الكفايات
واألهداف) ،والسياق(املكان والزمان واملجزوءات) ،واملخرجات(تقويم املدخالت)،
والفيدباك (تصحيح التواصل ،وإزالة عمليات التشوي وسوء الفهم).
هذه نظرة مختصرة إلى مفهوم التواصل ،وعناصره ،وأنواعه ،ومكوناته ،ونظرياته .ويبدو
أن التواصل عبارة عن عملية تبادل للرسائل بين املرسل واملتلقي في سياق ما بقصد التأثير،
والتبليغ ،واإلقناع ،واالقتناع .ومن ثم ،فالتواصل أنواع عدة ،ومن أهمها :التواصل
اللساني ،والتواصل السيميائي ،والتواصل التربوي .ويترتب عن هذا التواصل مجموعة من
املنظورات والنماذج ،مثل :النموذج اإلعالمي ،والنمودج الرياضاي ،والنمودج االجتماعي،
والنموذج التربوي ،والنموذج اللساني ،والنموذج اللساني.
314
يشغل التواصل اللغوي -الذي يتحقق بين الذوات املتكلمة -وحدات فونيمية ،ومقطعية،
ومورفيمية ،وممجمية ،وتركيبية .أي :يعتمد التواصل اللغوي على أصوات ،ومقاطع،
وكلمات ،وجمل.
ويتجسد التواصل اللغوي علر القناة الصوتية السمعية .أي :يتكئ أساسا على اللغة
اإلنسانية ،ويتحقق سمعيا وصوتيا .فاللغة املنطوقة لها مستوى لغوي ،وهو عبارة عن
نظام من العالمات الدالة ( عالقة الدال باملدلول باملفهوم السوسيري) التي ي بمثابة نسق
من الوحدات نسموها :وحدات الخطاب.
وتتفق البنيوية والتداولية على اعتبار اللغة وسيلة للتواصل على عكس التوليدية
التحويلية بزعامة نوام شومسكي التي ترى أن اللغة ذات وظيفة تعبيرية .و من ثم ،تقر بأن
التواصل ما هو إال وظيفة إلى جانب وظائف أخرى قد تؤديها اللغة.
وترى املدرسة الوظيفية األورسية ،بشقوها الشرقي والغربي ،أن اللغة اإلنسانية وظيفتها
التواصل .فأندري مارتيني يعرف اللغة -كما قلنا سابقا -على أنها تلفء مزدوج وظيفتها
األساسية ي التواصل .ويعني بالتلفظين :املونيمات والفونيمات .وتذهب سيميولوجية
التواصل إلى تبني وظيفة املقصدية ،ويمثل هذا االتجاه :جورج موناح ،وبرييطو،
وبو سنس ،والدرسة الوظيفية بصفة عامة.
فالذي يريد أن يدرس اللغة أداة للتواصل ينبغي له أن يستند إلى علوم لسانية كعلم
الداللة ،والسيميوطيقا ،والسيميولوجيا .ويقول نادرمحمد سراج:
" يتواصل متكلمو لغة إنسانية معينة فيما بينهم بسهولة ويسر ،وذلك مرده إلى أن كال منهم
يمتلك ويستخدم في البي ة اللغوية عينها ،نسق القواعد نفسه ،األمر الذي يتيح له سهولة
استقبال ،وإرسال ،وتحليل املرسالت اللغوية كافة ،هذا ما يحدث مبدئيا علر ما نسميه
315
شكل التواصل الكالمي( )Communication verbalوهو الشكل األكثر انتشارا
واستعماال".251
وكانت الوظيفة التواصلية في اللغة معروفة عند النحاة وعلماء اللغة العرسية القدام ،
فابن جني يقول في باب ":القول عكى اللغة وما هي:
أما علماء اللغة ،فقد طرقوا ،بدورهم ،موووع وظيفة اللغة ،فاتفق أغلبهم على أن وظيفتها
ي التعبير والتواصل والتفاهم ،ويلرز في هذا املجال األلسني الفرني ي أندري مارتيني الذي
يؤكد -بدوره ومن خالل كالمه عن اللغة اإلنسانية باعتبارها مؤسسة من املؤسسات
اإلنسانية -أن هذه األخيرة " إنما تنتظ عن الحياة في املجتمع ،وهذا هو تماما حال اللغة
اإلنسانية التي تدرك بشكل أساهاي كأداة للتواصل"253.
ويسير في هذا االتجاه لسانيو التيار اللراجماتي أو الذرائ ي أو التداولي كڤان ديك،
وهاليداي.
-251محمد نادر سراج ( :التواصل غير الكالمي بين الخطاب العربي القديم والنظر الراهن) ،الفكر العربي
العاصر ،لبنان ،العددان ،03/02 :السنة 3662م ،ص.02:
-252ابن جني :الخصا ص ،ص.66:
253 - André Martinet: Eléments de linguistique générale. Armand Colin. Paris 1970.p:9.
316
مجموع الوسائل االتصالية املوجودة لدى األشخاص األحياء ،والتي ال تستعمل اللغة
اإلنسانية أو مشتقاتها غير السمعية ( الكتابة ،لغة الصم والبكم)"254
وتستعمل لفظة التواصل غير اللفظي للداللة على " الحركات وهي ات وتوجهات الجسم
وعلى خصوصيات جسدية طبيعية واصطناعية ،بل على كيفية تنظيم األشياء والتي
بفضلها تبلغ معلومات"255.
وهكذا ،فإن مالحظة عادية ملا يجري داخل الفصل الدراهاي من سلوكيات غير لفظية بين
املدرس والتالميذ تشكل كنزا من املعلومات واملؤشرات على جوانب انفعالية ووجدانية .كما
أنها تكشف عن املخفي واملستتر في كل عالقة إنسانية .وفي هذا الصدد ،يقول فرويد:
" من له عينان يرى بهما يعلم أن البشر اليمكن أن يخفوا أي سر ،فالذي تصمت شفتاه
يتكلم بأطراف أصابعه ،إن كل هذه السموم تفضحه".256
تحديد املؤشرات الدالة على االنفعاالت والعالقات الوجدانية بين املرسل واملتلقي
تعزيز الخطاب اللغوي وإغناء الرسالة بتدعيمها بالحركات لضمان استمرارية التواصل
بين املرسل واملتلقي
يؤشر التواصل غير اللفظي على الهوية الثقافية للمتواصلين من خالل نظام الحركات
واإلشارات الجسدية.
وقد حدد هار سوح( ) Harrissonبعض العناصر التي تتصل بالتواصل غير اللفظي،
وحصرها في:
- 254بيير جيرو :السيمياء ،ترجمة :أنطون أبي زيد ،منشورات عويدات ،بيروت ،لبنان ،3602 ،3 ،ص.336 :
-255بيير جيرو :نفسه ،ص.322:
256 - Edward .T.Hall: la dimension cachée.Ed Seuil.Coll. Point, n° 89.1971, P:13 .
317
كل التعابير املنجزة بواسطة الجسد( حركات ،مالمح ،)...وتنتمي إلى شفرة اإلنجاز
العالمة :و ي في اللغة العالقة بين الدال ( صورة صوتية) واملدلول(مفهوم ذهني) ،فكل
خطاب منطوق أو مكتوب هو نسق من العالقات اللغوية .أما العالمات غير اللغوية ،فهي
نظام اإلشارات غير املنطوقة كعالمات املرور ،و املؤشرات ،والرموز املرئية،وامللصقات،
واإلشهار ،والصورة ،وغيرها.
األلقونة :و ي تمثيل محسوس لشايء قصد تبيان خصائصه وسماته ،مثل :صورة
أو خريطة بلد. شخ
الؤشر( :) Indiceوهو ما يخلر عن (ايء مستتر كالدخان .فهو مؤشر على النار ،إذا لم
تكن مرئية ،وعالمات الوجه قد تكون مؤشرا على فرح أو غضب أو حزن.
الرمز( :)Symboleوهو كل عالمة تشير إلى هوية (ايء ،مثل :الحمامة رمز للسالم ،و
امليزان رمز للعدالة.
- Hall.E.T: (Proxemics: the study of man's spatial relations and bounderies), in: Man's image in
257
ً
إذا ،فالتواصل غير اللفظي هو تواصل بدون استخدام للغة اإلنسانية .أي :بدون تحقق
سم ي وصوتي .ومن ثم ،شهدت الحقبة املعاصرة" توسع مفهوم التواصل املتعدد القنوات
من خالل أعمال وتأمالت علماء العادات وعلماء اإلنسان وعلماء االجتماع ،إوافة إلى
العقلية ،وكان قد سبق لبعض علماء اإلنسان أن أكدوا علماء النفس وأطباء األمرا
تعدد قنوات االتصال في بداية القرن"259
وعليه ،فإن التواصل غير اللفظي مهم في تمتين العالقات اإلنسانية والبشرية حيث يسهم
في كشف روا األفراد وانفعاالتهم داخل جماعات معينة ،واستخالص مميزاتهم الثقافية
والحضارية ،وتبيان مقوماتهم السلوكية والحركية في التعامل مع األشياء واملواقف داخل
سياقات معينة .بيد أن الخطاب اإلشاري أو الحركي غير كاف لتأدية كل الرسائل بوووح
وشفافية ،فالبد أن يعزز بالتفاعالت اللفظية التي تزيل كل إبهام وتشوي عن كل إرسالية
غير لفظية في مجال التواصل .ومن ثم ،فاملعرفة الضمنية" بالدالالت االجتماعية كنسق
إشاري ما ورورية وأساسية لنجاح أية عملية تواصل إنساني ،وسالرغم من ذلك ،فإن
التواصل اإلشاري يبق عروة لسوء التفسير أو اللبس ،وصوال إلى سوء التقدير ،حتى
أيضا ،ألفراد البي ة اللغوية الواحدة ،وما يمكن استخالصه كمالحظة أولية في هذا املجال
258 - A regarder Hall: La demension cachée. Paris, Seuil, 1966.
259 - Hall: (Proxemics), In: Current Anthropology, 1968, p: 108.
319
هو أنه ال يمكن للتواصل اإلشاري أن يعتمد كقناة وحيدة وأساسية للتخاطب ،بل يجب أن
تكون األولوية للغة املنطوقة التي تؤدي في أغلب الحاالت والظروف إلى اتصال أوض ،،وأكثر
دقة وأسرع داللة ،ومن ثم ،إلى تفاهم أفضل"260
وقد ركز الباحثون كثيرا ،في دراساتهم وأبحا هم ،على التواصل اللفظي سيما اللسانيين
مهملين السلوكات غير اللفظية وشبه اللغوية:
" وإذا كان التواصل اللفظي وغير الكالمي يشكالن إحدى سمات السلوك البشري .فمن
باب أولى أن نعيد إلى األذهان أن الباحثين ركزوا جهودهم سابقا على االعتناء بشكل أساهاي
بالجوانب الكالمية لهذا التواصل متجاهلين ،وحسب التقليد ،الرموز غير الكالمية التي
كانوا ينسبونها عادة للتنوع الصوتي( كيفية صوتية ،تنغيم ،وقفة) أو لغير الصوتي( نظرة،
تعبير وجهي ،إشارات ،وصفة الجسم وحركته) ،بالرغم من تزايد االهتمام املوجه إلى
التحليل التحاد ي( )Indicativesإما للقواعد االجتماعية ،وإما لسحاالت النفسية
للمرسل"261
ومن هنا ،فإن املقارسة الوظيفية لدور هذه الرموز غير الكالمية في التفاعل االجتماعي هو "
ما ينبغي التركيز عليه والس ي إلبرازه في أية دراسة مستقبلية من هذا النوع ،وإذا كان الكالم
يشكل النشا املركزي لنم التفاعل اإلنساني الذي نسميه عادة بالتحادث ،فإن األهمية
تكمن في اعتبار هذا التحادث ور يته كظاهرة لالتصال املتعدد القنوات الذي يشتمل على
عالئق متبنية جدا للرموز كالمية كانت أم غير كالمية.
إليه في هذه املقارسة التي سعينا من خاللها أن أية دراسة للرموز غير إن ما يجب أن نخل
الكالمية يجب أن ال يتم بشكل منعزل ،كعزل القناة البصرية عن القناة السمعية ،بل
ويمكن للتواصل أن يتحقق" أيضا بواسطة أشكال تخاطبية ليست بالضرورة كالمية تحل
أحيانا محل التواصل الكالمي ،ال بل وتصاحبه أحيانا كثيرة .وهذه األشكال األخيرة التي
تعرف بالتواصل غير الكالمي أو باسم اللغة الالمنطوقة أو غير اللفظية ليست حكرا على
اإلنسان ،بل ي معروفة أيضا لدى الفصائل الحيوانية التي يتصل بعضها ببعض عن
طريق األصوات والحركات واإلشارات".263
ويسمح التواصل غير اللفظي بفهم التحفيزات والتفاعالت اإلنسانية .وقد كان هذا
التواصل غير السلوكي وراء عدة بحوث مهمة تعتمد على تقنيات الفيديو،
وماكينوطوسكوب ،والحاسوب في مختلف التخصصات ،مثل :علم النفس ،وعلم النفس
االجتماعي ،واللسانيات ،والسميوطيقا ،واألنتروسولوجيا ،واإلثنولوجيا (علم العادات).
وقد وقع تقدم مسحوظ ومعتلر في هذه املجاالت على عكس علوم التربية التي ي بعيدة عن
هذا املجال ،ولم تخض غمار هذا البحث إال مؤخرا.
وقد قدم علماء اإلثنولوجيا أبحاثا مهمة في هذا الصدد ،فحضور التواصل غير اللفظي
والنحت على والرسم والنق يتجلى ،بشكل واض ، ،في املسرح وامليم واملووة والرق
السواء ،غير أن السلوكيات غير اللفظية لم تثر انتباه املفكرين والباحثين قديما وحديثا
على الرغم من استعمالهم لها.
وإذا كانت األنساق الداللية تنقسم إلى قسمين كبيرين :أنساق داللية طبيعية وأنساق
داللية اجتماعية ،فإن األنساق الداللية االجتماعية تنقسم إلى أنساق داللية اجتماعية
321
لفظية ،وأنساق داللية اجتماعية غير لفظية .فاألنساق الداللية الطبيعية ي تلك
األنساق التي توجد في حضن الطبيعة .ومن سمات هذه األنساق أنها غير مؤسسية،
فاإلنسان هو الذي وظفها داخل مجال الدالئل ،وأسند إلوها دالالت معينة .أما األنساق
الداللية االجتماعية ،فهي" في اآلن نفسه األنسنة وكل ما نتظ عنها .أي :إنها ما قبل التاريق
اإلنساني والتاريق اإلنساني منظورا إليه من زاوية السيميوطيقا العامة"264
أما األنساق الداللية االجتماعية ،فهي تلك األنساق التي تتميز بكونها مؤسسية ،وأنها أيضا
من نتاج عمل اإلنسان .و ي تتفرع إلى أنساق لفظية وغير لفظية .فاللفظية ي" تلك
األنساق التي لها لغات ولها خصوصياتها املتنوعة وإعدادات ،مثل :األنواع السننية .وتقوم
ها اإلنسان في مادة الصوت"265 هذه األنواع السننية على التمايزات التي يحد
ومن الواض ،أن روس ي الندي" يقصاي من هذا النوع من األنساق اللغة الشعرية واللغات
التقنية واللغة الطقوسية واللغات اإليديولوجية املختلفة ولغة الرياويات .وعالوة على
ذلك ،فإن مفهوم األنساق اللفظية عنده ال يأخذ بعين االعتبار تمايز بين ماهو منطوق
وماهو مكتوب ،فهذا املفهوم يشملهما معا".266
أما األنساق الداللية االجتماعية غير اللفظية ،فهي تلك التي " ال تستعمل أنواعا سننية
قائمة على أصوات بها ،ولكنها تستعمل أنواعا سننية قائمة على أنما أخرى من األشياء،
هاته األشياء األخرى التي يسموها باألجسام ي إما أشياء توجد قبليا في الطبيعة ،وإما أن
اإلنسان أنتجها لغايات أخرى ،وإما أنها أنتجت لغر أن تستعمل بوصفها دالئل ،أو أنها
استعملت باعتبارها دالئل في الفعل نفسه الذي نتجت فيه"267
القسم األول :عبارة عن أنساق داللية عضوية تحيل على جسم اإلنسان .أي :العضوية
اإلنسانية ( حركات األجسام ،واملووعية ،والحواس الخمس) .أما القسم الثاني ،فيحتوي
على أنساق داللية أداتية .أي :إن اإلنسان يقوم بسلوك بواسطة (ايء ،وهذه األشياء
خارجة عن العضوية اإلنسانية.
وفي املقابل ،يقسم السيميوطيقي اإليطالي أوم رطو إلكو ( ) Umberto Ecoاألنساق
الداللية إلى ثمانية عشر نسقا .وينطلق في هذا التصنيف من األنساق التواصلية التي تبدو
في الظاهر أكثر طبيعية وعفوية .أي :أقل من خاصيتها الثقافية وصوال إلى العمليات
الثقافية األكثر تعقيدا .وهذه األنساق ي:
-268نفسه ،ص.26:
323
-3سيميوطيقا الحيواح :ويخ األمر بالسلوكيات املتصلة بالتواصل داخل
الجماعات غير اإلنسانية .ومن ثم ،الجماعات غير الثقافية
-2العالقات الشمية :كالعطور مثال
-6التواصل اللمي ي :كالقبلة والصفعة
-2سنح الذوق :ويتعلق األمر بممارسة الطبق
-3العالمات الصاحاة لا هو لساني( :)Paralinguistiqueكأنما األصوات في
ارتباطها مع الجنس والسن والحالة الصحية ...ومثل العالمات املصاحبة للغة كالكيفيات
الصوتية ( علو الصوت ،ومراقبة العملية النطقية ،)...وكالصوتيات ( األمزجة الصوتية:
الضحك ،والبكاء ،والتنهدات)
-3السيميوطيقا الطاية :و ي تبين لنا عالقة األعرا باملر
-3حركات األجسام واإلشارات الدالة عكى القرب :ويتعلق األمر باللغات اإلشارية
الحركية( )Gestuels
-0األنواع السننية الوسيقية
-6اللغات الرمزية أو الشكلنة( ،)Formalisésمثل :الجلر ،والكيمياء ،وسنن
الشفرة()Morse
-11اللغات الكتوبة واألبجدلات الجهولة واألنواع السننية السرية؛
-33اللغات الطايعية :مثل :اللغة العرسية ،والفرنسية ،واإلنجليزية ،واإلسبانية
-32التواصل الرئي :مثل :األنساق الخطية ،واللباس ،واإلشهار
-36نسق األشياء :مثل املعمار وعامة األشياء
-32بنيات الحكي والسرد
-33األنواع السننية الثقافية :مثل :داب السلوك ،والتراتبات ،واألساطير ،واملعتقدات
الدينية القديمة
-33األنواع السننية والرسا ل الجمالية :مثل علم النفس ،واإلبداع الفني ،والعالقات
بين األشكال الفنية واألشكال الطبيعية
-33التواصل الجماه ري :مثل :علم النفس ،وعلم االجتماع ،والبيداغوجيا ،ومفعول
الرواية البوليسية ،واألغنية
324
الخطابة 269.La rhéthorique -30
ً
تلكم – إذا -أهم اآلليات التواصلية التي تتعلق بلسانيات التواصل اللفظي وغير اللفظي .
و ي أساسية في تفكيك الخطابات كيفما كانت وتركيبها من جديد.
ومن هنا ،فالسيميائيات في حاجة ماسة إلى معرفة األنظمة التواصلية ،وتحديد شفراتها
السننية ،وإرساء مصطسحاتها اإلجرائية والتطبيقية لفهم نظام التواصل وتفسيره ،وتبيان
طرائق اإلرسال والتلقي ،ورصد الوسائل واملدخالت واملخرجات التي يرتكن إلوها التواصل
اللفظي وغير اللفظي على حد سواء.
وإذا كانت اللسانيات مؤهلة لدراسة التواصل اللفظي كما يثبت ذلك فرديناند دوسوسير في
كتابه( محاضرات الي اللسانيات العامة) ،فإن السيميولوجيا أو السيميوطيقا مؤهلة أيضا
لدراسة األنظمة التواصلية غير اللفظية .في حين ،يرى روالن بارت ،في كتابه( عناصر
السيميولوجيا) ،أن اللسانيات ي التي تملك القدرة وحدها على رصد التواصل اللفظي
وغير اللفظي.
-269نفسه ،ص.22:
325
وترتب عملية التواصل ،داخل الفصل الدراهاي املغلق ،بين مرسل وهو املدرس ،ومتلق
وهو التلميذ املتعلم ،فيقوم املدرس بتقديم املادة الدراسية وفق أهداف وكفايات محددة
بدقة ،وقد تكون هذه األهداف والكفايات عامة أو نوعية أو خاصة أو إجرائية .ويقسم
املدرس املادة الدراسية التي تعتلر في النموذج التواصلي عبارة عن رسالة ترسوية إلى مراحل
ووحدات دراسية وأنشطة ترسوية باحترام وحدة التمهيد ،ووحدة العر ،ووحدة الخاتمة.
ويكون تقطيع املادة في ان جام كلي مع التقويم القبلي ،والتقويم التكويني ،والتقويم
الت خيصاي.
ويوجه املدرس املادة الدراسية التي تكون جزءا من املقرر الدراهاي أو املنهاج التعليمي إلى
متعلم قد يكون صفحة بيضاء ،أو قد يكون وارثا ملجموعة من التمثالت والقدرات الفطرية
الذهنية التي تؤهله للتعلم واالكتساب باستخدام مجموعة من الوسائل التعليمية املادية
السمعية البصرية ،والشروح واملعنوية ،مثل :توظيف الكتب ،والوثائق ،والوسائ
املستفيضة ،واملذكرات الوزارية ،إلخ.
ُ
والتقويم والتغذية الراجعة( Feed وال ينج ،الدرس الديدكتيكي إال إذا أخضع للت خي
) Backمن أجل دعم العملية التعليمية -التعلمية ،وتصحيح األخطاء املنهجية بملء
الفراغات التي أثرت سلبا في خطوات العملية الدراسية.
ومن ثم ،يستهدف التواصل التربوي والتعليمي فهم ليات نقل الخلرات والتعلمات والقيم
واألنشطة الحركية من املدرس إلى املتعلم ،والعمل على إدراكها وتفسيرها ،ووب طرائق
التفاعل والتبادل والحوار .ويتخذ التواصل التربوي أنواعا ثالثة:
/1التواصل العرالي:
يهدف التواصل املعرفي إلى نقل املعلومات واستقبالها .وهو تواصل يركز على الجوانب
املعرفية ومراقوها .أو بتعبير خر ،إنه يركز على اإلنتاجية واملردودية .ويهدف هذا التواصل
326
إلى نقل الخلرات والتجارب إلى املتلقي وتعليمه طرائق التركيب والتطبيق والفهم والتحليل
والتقويم بصفة عامة .إنه يهدف إلى تزويد املتلقي باملعرفة واملعلومات الهادفة .ومن ثم،
يقوم هذا التواصل على تبادل اآلراء ،ونقل املعارف وتجارب السلف إلى الخلف.
ويسهم السلوك اللفظي وغير اللفظي في التواصل املعرفي إذا احترم شرو السيكولوجيا
التي تحي باملتلقي أو يعيشها .فالرفع من اإلنتاجية املعرفية اليتم إال بسلوكيات لفظية
ديمقراطية تعتمد على روح املشاركة ،والطريقة التربوية الالتوجوهية ،وتمثل مبدإ التسيير
الذاتي ،واألخذ بالتفاعل الديناميكي البناء ،وكذلك علر سلوكات لفظية وغير لفظية ،مثل:
حركات التنظيم ،والحركات الديدكتيكية ،وحركات التقويم والتمجيد .وهكذا ،اليمكن
عزل التواصل املعرفي عن التواصل الوجداني إال من باب املنهجية ليس إال.
وثمة صنافات بيداغوجية في مجال التواصل املعرفي كصنافة بلوم( ) Bloomالتي تتمثل
في املراقي التالية :املعرفة ،والفهم ،والتطبيق ،والتحليل ،والتركيب ،والتقويم.
327
/2التواصل الوجداني:
إن من بين أهم وظائف التواصل التأثير في املتلقي سلبا أو إيجابا ".فهناك تواصل كلما
جهاز حي أن يؤثر في جهاز خر بتغيير فعله انطالقا من تبليغ أمكن لجهاز معين وساألخ
إرسالية".270
وبهذا املفهوم ،يقصد بالتواصل كل التأثيرات التي يمارسها نظام في خر ،مثل :تلك العالقة
التي تنبني على تطبيق أوامر وتعليمات أو ترديد إحداث تغيير في سلوك اآلخر .وتعتلر
السلوكية من أهم التيارات السيكو -لسانية التي ركزت على الوظيفة التأثيرية ألن
التواصل -حسب املنظور السلوكي -يرتكز على مفهومي املثير واالستجابة .لذلك ،يترك
السلوك اللفظي أو غير اللفظي في وجدان املتلقي تأثيرات شعورية ،تكون لها انعكاسات
270- Gilles Amado/ André Guillet: la dynamique des communications des groupes.ED. Armand
Colin.P:3.
328
إيجابية ،مثل :التعاون ،والتماثل ،واالندماج وانعكاسات سلبية مثل :التعار ،والصراع،
والتنافس .ومن ثم ،فالعمليات اإليجابية" أقوى أثرا وأبق من العمليات السلبية ،وإال ملا
بقيت املجتمعات اإلنسانية أو تقدمت نحو الرقي والنهو ،فالصراع والعمليات السالبة
عموما مجالها محدود ،وكذلك أسلوبها ذلك ألن الحياة تضطر األفراد بمختلف مصالحهم
أو مواقفهم إلى أن يوافقوا أنفسهم باآلخرين ،و يتخلصوا من الصراع إلى االندماج أو
التكيف مع البي ة".271
ً
إذا ،يقصد بالتواصل الوجداني ،في مجال علم التربية ،اكتساب امليول واالتجاهات والقيم،
وتقدير جهود اآلخرين بتفاعل املتعلم مع املادة املدروسة ،واكتسابه الخلرات بأنواعها
املباشرة وغير املباشرة.
ُ
للمجال الوجداني صنافات بيداغوجية ،ومن بين املهتمين بهذا املجال وقد خص
صنافة تتكون من خمسة مستويات ذات صلة وثيقة كراتهول( )Krathwolالذي خص
باملواقف والقيم واالهتمامات واالنفعاالت واألحاسيس والتوافق واملعتقدات واالتجاهات
فكرية كانت أم خلقية .وهذه املستويات ي:
التقبل.
االستجابة.
الحكم القيمي.
التنظيم.
-271جميلة العسال :دروس الي التربية وعلم النفس ،املركز التربوي الجهوي بفاس ،مطبوع جام ي ،السنة
الدراسية ،3603-3602:ص.323:
329
/1الجانب الحي ي – الحركي:
يمكن الحديث عن التواصل الحركي والح اي الذي يتناول ماهو غير معرفي ووجداني.
ويظهر هذا التواصل جليا في مجاالت تستدعي الحركة ،مثل :السيبيرنيطيقا ،واآللية،
واملسرح امليمي ،والرياوة البدنية...
ويتضمن هذا التواصل ،في املجال التربوي "،مجموعة متسلسلة من األهداف تعمل على
تنمية املهارات الحركية ،واستعمال العضالت والحركات الجسمية".272
ومن أهم صنافات هذا التواصل الحركي نجد صنافة هارو( ) Harrowالتي ووعها
صاحبها سنة 3632م .وتتكون هذه الصنافة من ستة مراق أساسية ي:
الحركات االرتكاسية.
االستعدادات اإلدراكية.
الصفات البدنية.
-272مادي لحسن :األهداف والتقييم الي التربية ،شركة بابل للطباعة والنشر ،الرسا ،املغرب ،الطبعة األولى
سنة 3662م ،ص.33:
330
التواصل غير اللفظي.
وعليه ،ينبني املنهاج الدراهاي على تجميع مجموعة من الوحدات الداللية والخلرات
التعلمية في شكل معارف ذهنية وعقلية ،وميول وجدانية ،وتداريب حركية ،وأنشطة
تطبيقية ،وأس لة تكوينية في شكل ووعيات كفائية ينبغي أن يترجمها املدرس ميدانيا
داخل قاعة الدرس بواسطة حوارات ترد في شكل أس لة وأجوسة ،أوفي شكل تفاعالت
لفظية كالمية مندمجة في وحدات صوتية ومقطعية وكلمات وجمل تتسم باالتساق
واالن جام الداللي والتركي ي.
331
وقد يكون التواصل ،في املدرسة التقليدية ،تواصال خطيا أحدادي الجانب يتجه من
املدرس نحو املتلقي على أساس أن املدرس يملك املعلومات الجاهزة ،وأن التلميذ صفحة
بيضاء ،يجب أن تنق ذاكرته باملعلومات التي يزود بها املدرس التلميذ .وهنا ،يكون التلميذ
مستمعا سلبيا اليحق له الحوار والنقا والنقد والتفاعل مع املدرس ،بل عليه أن يحفء
للعقاب والرسوب. ويجتر املعلومات املخزنة في الذاكرة .وكل متعلم أخل بواجبه يتعر
ومن ثم ،يبدو هذا املدرس الذي يستخدم هذه الطريقة التقليدية مدرسا مستبدا يحتكر
سلطة الكالم والعقاب والتأنيب ،وقتل كل فرص الحوار والتفاعل التشاركي.
وفي املقابل ،يمكن الحديث عن التواصل الفعال الذي يكون إما تواصال عموديا ،وإما
تواصال أفقيا ،وإما تواصال دائريا ،وإما تواصال شبه دائري .ويتكئ هذا التواصل
الديمقراطي على الحوار بين التالميذ فيما بينهم في إطار بيداغوجيا الالتوجوهية ،أو
البيداغوجيا املؤسساتية ،أو البيداغوجيا الفارقية ،أو بيداغوجيا الكفايات واملجزوءات،
أو البيداغوجيا اإلبداعية ،أو بيداغوجيا امللكات...
ويتخلى املدرس ،في هذا التواصل الفعال ،عن سلطة التلقين والتعليم واحتكار الكالم
ليأخذ صفة املرشد واملوجه إذ يعتمد التالميذ على أنفسهم في إعداد الدروس في إطار
التعلم الذاتي من أجل إيجاد الحلول الناجعة لإلجابة عن كل الووعيات السياقية التي
يواجهونها في الواقع أو في سوق الشغل .
332
ويقوم التواصل ،في الطرائق الفعالة ،على التعلم الذاتي ،و اللعب ،والحرية ،وتعلم الحياة
علر الحياة .فضال عن مبدإ االن جام ،ومبدإ التبادل املستمر ،ومبدإ اإلدراك الشامل.273
ومن هنا ،فالتواصل البيداغوجي الفعال هو الذي بتسم بالحرية ،والتعبير ،والتبادل،
والفعالية.274
ومن جهة أخرى ،لن يكون التواصل اللفظي فعاال وناعحا على مستوى الكالم والكتابة إال
باعتماد أسلوب واض ،ومتين ومتسق ،واستعمال أسلوب حي مشوق ومثير يستفز املتعلم
بشكل مثير ،ويحركه ذهنيا ووجدانيا وحركيا من أجل اإلجابة عن األس لة املطروحة داخل
الفصل الدراهاي .عالوة على احترام البناء املنطقي في التواصل بتقسيم املادة الدراسية
بشكل متسلسل ومتراب زمنيا وسببيا من خالل اختيار القناة املناسبة لتوصيل املعارف
والقيم ،وتنمية األفكار عن طريق احترام مجموعة من املتواليات والخطوات املتعاقبة
واملتسلسلة في شكل وحدات وأنشطة متراكبة متسقة ومن جمة.
333
احيحة يستغل بواسطتها سذاجة التالميذ وعفويتهم اللري ة باعتباره شخصا اليخط ء.
ناهيك عن مجموعة من األخطاء التي يرتكبها املدرس ،مثل :السحن ،والتلعثم ،وارتكاب
األخطاء النحوية والصرفية ،واملساهمة في خلق وعف الثقة في النفس لدى املتمدرسين
بسبب تسلطنه املتمجرف ،واستبداده داخل الفصل ،ومنعه لسحوار واملناقشات النقدية
البناءة.275
وإذا كان التواصل البيداغوجي يعتمد على ثالثة مرتكزات :املدرس ،واملقرر ،واملتعلم ،فال
ينبغي للمدرس أن يركز على نفسه كثيرا على حساب املقرر والتلميذ ،أو يركز على املقرر
على حساب التلميذ واملدرس ،أو يركز على التلميذ مع التضحية باملقرر ،وسوجوده املهم
داخل العملية الديدكتيكية.
ومن الذين اهتموا كثيرا بالتواصل التربوي اللفظي بازل برنشتاين ،والبوف ،وپيير بورديو،
وپاسرون ،وصوفي مواران ،وأوليفيي روسول ،وكوكوال ،وساير ،وطي ...
وعلى العموم ،يستدعي التواصل التربوي اللفظي " قيام عالقة ثنائية أو جماعية .والتعلم
الناع ،هو املبني على التفاعل والتبادل .ولذلك ،اليمكن أن نتصور عملية تعليمية -تعلمية
ناعحة ليس فوها تواصل وتفاعل .كما يمكن القول بأن التواصل التربوي داخل فصولنا
الدراسية ،يكون إما نازال خطيا أحادي االتجاه ،يقوم على نقل املعلومات واملعارف من
األستاذ إلى التالميذ الشايء الذي يتنافى مع التفاعل والتشارك والحوار وإما تشاركيا يقوم
على حوارات أفقية وعمودية بين األستاذ والتالميذ ،وسين التالميذ أنفسهم .وقد تأثر
أاحاب التواصل األحادي ،بمنظري اإلعالم وبعض النماذج الديداكتيكية التي ترى أن
عقل التلميذ عبارة عن صفحة بيضاء تنطبع باإلحساس والتجرسة ....أما أاحاب التواصل
وعلى أي حال ،البد أن تستند البيداغوجيا اإلبداعية إلى الحوار املتكافئ ،والتواصل املتعدد
االتجاهات من أجل خلق روح التعاون والشراكة والتشاركية ،واالندماج داخل فريق
والتسامح .واليمكن أن ترسوي ،وتعويد التلميذ على تقبل اآلخر في إطار فلسفة التعاي
نخلق مجتمعا سويا يؤمن بالتعارف واالنفتاح وورورة التواصل إال إذا طبقنا أسلوب
الحوار في مدارسنا التربوية وفصولنا الدراسية.
التواصل ي راللفظي:
لقد حظي السلوك اللفظي باهتمام الباحثين العرب بصفة عامة ،واملغارسة بصفة خاصة،
في املجال التربوي والديدكتيكي ،وأهملوا السلوكات غير اللفظية .و ن األوان إلعادة النظر
في السلوكات غير اللفظية في علوم التربية لفهم التواصل في إطار العملية الديدكتيكية من
جميع جوانبها سيما الجانب السيكواجتماعي .أي :اآلثار املعرفية والوجدانية التي تحد هما
السلوكيات غير اللفظية في التالميذ باملدرسة العرسية بصفة عامة ،واملدرسة املغرسية
بصفة خاصة.
لذا على املؤطرين واملفتشين واألساتذة أن يعيروا انتباههم لسحركات الوظيفية والسلوكيات
غير اللفظية نظرا ألهميتها التربوية والتكميلية والتوويحية للسلوكيات اللفظية ألن
الحركات املعلرة لم تعد قاصرة على تعويض اللغة الطبيعية فق ،بل ي تكمل مهمتها
والتجسيد .وقد تستقل بنفسها في كثير من األحيان ،ولكن وتوضحها عن طريق الت خي
من األفضل ينبغي أن ينظر إلى هذه السلوكيات غير اللفظية بمنظار بنيوي كلي .أي :على
أساس أنه نسق متفاعل مع جميع السلوكات األخرى.
-276نفسه ،ص.23-22:
335
وعليه ،يستخدم كثير من املدرسين سلوكيات غير لفظية بطريقة قصدية أو غير قصدية
دون إعارة أي اعتبار لها ،على الرغم من أهميتها ووظيفتها الكلرى في أداء الخطاب التعليمي.
ويبدو أن للسلوكيات غير اللفظية تأثيرات سلبية وإيجابية في مستوى التواصل املعرفي
والوجداني .وملعرفة هذه السلوكيات البد للمدرس من االطالع على أحدث النظريات في علم
التواصل ،واللسانيات ،والسيميوطيقا ،وعلم النفس ،وعلم االجتماع ،وكذلك ورورة
االستمرار في التكوين وإعادة التكوين بتجريب اآلليات الحديثة في املالحظة ومشاهدة
السلوكات غير اللفظية كاستخدامه للڤيديو ،والحاسوب ،واملاكينوطوسكوب ،إلخ...
و يالحء أن املدرس يوظف في قسمه أنواعا من الحركات ،وكل حركة لها داللتها ،ولها
تأثيرها في عملية التواصل ،وكذلك التأثير في املتلقي معرفيا ،ووجدانيا ،وحركيا.
ونستحضر من بين هذه الحركات الحركات التعبيرية ،و الحركات اإلشارية ،والحركات
العالئقية املتمثلة في حركات التقويم ،وحركات التلويح باليدين ،واستخدام خطاب العيون
تنظيم القسم دون أن في التأديب أو التعبير أو الت خي .عالوة على الحركات التي تخ
نغفل الحركات التي تتعلق بتنقالت املدرس داخل الفصل الدراهاي ،وكذلك الحركات
الجانبية الزائدة وغير الوظيفية كالنظر إلى ثيابه ،وملس لحيته ،واللعب بشوارسه.
ويبدو أن املدرس الناع ،هو الذي يلقي درسه مستعينا بالسلوكات اللفظية وغير اللفظية
بشكل متكامل دون فصلها عن بعضها البعض .ويشتر أن تكون هذه السلوكيات وظيفية
جدا ليكون لها تأثير فعال وإيجابي في املتعلمين إن على املستوى املعرفي ( اإلنتاجية
واملردودية) ،وإن على املستوى الوجداني ( تمثل السلوكيات اإليجابية :كالسلوك الهاد ،
واإلحساس بالروا واالرتياح أو بالفرح والسرور).
وعلى هذا األساس ،البد أن يكون للسلوكيات غير اللفظية دور معتلر جدا في املجال التربوي
خاصة داخل الفصل الدراهاي .وينبغي للمتخصصين في علوم التربية أن يولوها أهمية كلرى
336
لنخذ بها والعمل بها تمثال وتطبيقا واسترشادا نظرا لجوانبها املهمة ،وفعاليتها الكبيرة في
تحقيق األهداف اإلجرائية املسطرة ،وتفعيل الكفايات البيداغوجية املرسومة في بداية
السنة الدراسية ،أو في بداية كل حصة أو مجزوءة دراسية .وعلوهم أيضا أن يخصصوا لهذا
التواصل املعرفي والوجداني املؤدى بواسطة السلوك غير اللفظي حلقات وأبحاثا وندوات
جادة ملدارسة هذا املوووع ،والخروج بتوصيات وحلول موووعية قد تخدم املدرس
والتلميذ على حد سواء.
وسناء على ماسبق ،فإن البحث في التواصل غير اللفظي يثير االنتباه -على حد قول هنري
ديوزيد( - ) Henri Dieuzeidإلى األثر الذي تمارسه الوسائل السمعية البصرية في مجال
اليتأثير ،والتي التس ى فق إلى تطوير االستقبالية لدى التالميذ ،بل تس ى أيضا إلى إيجاد
ووعيات إدراكية جديدة".277
337
%62 -مما يراه
%32 -مما يراه ويسمعه
%22 -مما يقوله وهو يفعل شي ا.278
وسناء على هذه املعطيات ،تفر كل النسب املائوية على الباحث واملهتم إعادة النظر في
العملية الديدكتيكية بمدارسنا العرسية بصفة عامة ،واملدارس املغرسية بصفة خاصة ،بعد
تطور علوم التربية واستعانتها بمنا ا العلوم األخرى .فضال عن تطور اللسانيات
والسيميائيات اللتين اهتمتا بالعالمات البصرية والحركية من جهة ،والتواصل الذي
يستند إلى الشفرة الحركية الجسدية كانت أم بصرية من جهة أخرى .وهذا ما يحتم علينا
أن ندرج التواصل غير اللفظي في شبكاتنا ملراقبة دروس التأطير والتكوين .وكذا االستعانة
به لتكملة نجاعة التواصل اللفظي إلغناء العملية التربوية داخل املؤسسات التعليمية،
وإثارة انتباه األساتذة واملشرفين على التسيير التربوي ومراقبته إلى أهمية السلوكيات غير
اللفظية في املؤسسات التربوية التعليمية ،ومعرفة أثرها وجدانيا ومعرفيا في نجاح العملية
ُ
الديدكتيكية ،بعدما أن أشبع السلوك اللفظي درسا وتمحيصا من قبل كثير من الباحثين،
أمثال :فالندرس ( ،)Flandersوليپيت( ،) Lippitووايت( ،) Whiteإلخ...
وقد أجريت عدة تجارب في الغرب من أجل معرفة ثار التواصل غير اللفظي ،واألدوار التي
يقوم بها ،والوسائل التي يمكن أن تقننه ،وكانت هذه التجارب تجري خارج امليدان
البيداغوجي .أي :في البيولوجيا ،واإلثنولوجيا ،وعلم النفس ،وعلم االجتماع .وأخيرا ،تم
نقله إلى البيداغوجيا من أجل دراسة التفاعالت اإلنسانية داخل القسم .ومن أهم
الباحثين الذين خصصوا للتواصل غير اللفظي مكانة مهمة في أبحا هم جيلبير دوالندشير(
)Gilbert de Landsheereوأندري ديلشاملر( ( André Del Chambreاملدرسين بجامعة
278 - IBID.P:60.
338
لييظ ببسجيكا ،في كتابهما القيم( السلوكات ي ر اللفظية للمدرسLes comportements /
.279)non verbaux de l'enseignant
ويتجلى التواصل غير اللفظي ،داخل الفصل الدراهاي ،في توظيف الحركات املعلرة ،وتحويل
فيه األستاذ املادة الدراسية ،ويشاركه في ذلك التلميذ القسم إلى محترف مسرحي ي خ
من أجل إثراء العملية الديدكتيكية.
ويزاوج املدرس ،داخل الفصل الدراهاي ،بين التواصل اللفظي والتواصل غير اللفظي
بتشغيل حركات تعبيرية ،وحركات إيقاعية ،وحركات عالئقية ( حركات التنظيم ،وحركات
التقويم ،وحركات الجسم العامة) ،والحركات الزائدة ،والحركات الخارجية(التنقالت) ،
املادة، والحركات الديدكتيكية .ويستعين املدرس أيضا بامليم والبانتوميم في ت خي
وتمثيل املواقف الدرامية .
279 - Gilbert de Landsheere, André Del chambre: les comportements non verbaux de
l'enseignent. 2. Fernand Nathan, ed. Labor. Bruxelles, 1974.
339
وساإلوافة إلى الحركات ،يستغل املدرس املكان والزمان في عملية التدريس .أي :يشغل
التمووعية( ) Proxémicفي كل إمكاناتها العالئقية ،ويتحكم في املسافة التواصلية بينه
وسين التلميذ قرسا وبعدا .وقد تكون هذه املسافة التواصلية مسافة ود وحب وتقريب ،أو
مسافة نفور وإقصاء وتغريب .عالوة على ذلك ،ينبغي للمدرس أن يستغل جيدا حركات
النظر والجسد أو ما يسمى باللغة الكينيسية ألداء درسه أحسن أداء ترسوي وديدكتيكي
الكوريغرافي الجسدي. من خالل الجمع بين التلفء اللغوي والت خي
- 280انظر :بيير جيرو :علم اإلشارة /السيميولوجيا ،ترجمة :د .منذر عيا(اي ،طالس للدراسات والترجمة والنشر،
دمشق ،سوريا ،طبعة سنة 3662م ،ص.323-323:
340
وعيف (من 32إلى 62سنتم)
وتتحدد املسافة املكانية انطالقا من خاصية السمع .ومن ثم ،فاملسافة اصطالحية
واعتباطية ألنها تتغير من شعب إلى خر ،ومن ثقافة إلى أخرى" .فاألنكلوسكسونيون
يحافظون على مسافة معينة بين املتحدثين .وعلى العكس من ذلك ،يميل الالتينيون إلى
التقليل منها .وينتظ عن هذا أن األنكلوسكسون يشعرون بضيق وانزعاج من الالتينيين،
بينما يراهم هؤالء باردين ومتحفظين .وهذا ماذكره هال":إن املسافة في أمريكا الالتينية
أصغر منها في الواليات املتحدة .وإن الناس ،في الواقع ،ال يستطيعون الكالم براحة إال علر
مسافة قريبة جدا ،الشايء الذي يثير في أمريكا الشمالية مشاعر جنسية أو عدائية.
والنتيجة أنهم كلما اقتربوا ابتعدنا .وسناء على هذا فإنهم يظنون أننا متمجرفون ،وساردون،
341
ومحافظون ،وغير وديين .بينما نتهمهم نحن دائما بأنهم ينفخون في وجوهنا ،ويحاصروننا،
ويرشون من لعابهم على وجوهنا أثناء حديثهم.
إن األمريكيين الذين عاشوا بعضا من الوقت في أمريكا الالتينية دون أن يدركوا معنى هذه
املسافات يستخدمون حيال أخرى .إنهم يتحصنون خلف مكاتبهم ،ويستعملون الكراهاي
والطاوالت لكي يبقوا األمريكي الالتيني واقفا على مسافة يعتلرونها مريحة.
والنتيجة ،فإن األمريكي الالتيني يستطيع أن يذهب إلى حد يصعد فيه الحاجز ليصل إلى
مسافة حيث يتحدث براحة"281.
وإذا كان التواصل اللغوي اللفظي هو املهيمن داخل مؤسساتنا التعليمية سيما في املنا ا
التربوية التلقينية التي تتمركز حول املدرس باعتباره صاحب السلطة واملعرفة في الحقل
الديدكتيكي ،فقد أصبح للتواصل غير اللفظي أهمية كلرى في الطرائق التربوية الفعالة،
وفي البيداغوجيا اإلبداعية ،بعد تطور العلوم اللسانية والسيميائية والنفسية واالجتماعية
واإلثنولوجية.
وقد صار الخطاب البيداغوجي املعاصر يهتم بالسلوكات غير اللفظية لكونها ذات أهمية
كلرى اليمكن االنتقاص من قيمتها في املسار التواصلي معرفيا ووجدانيا ،و ي تساعد
السلوكيات اللفظية على أداء أدوارها كاملة ،وتوويح إرسالياتها الشفوية حيث تخدمها
مباشرة بتجسيدها وتفسيرها وتنغيمها والتركيز علوها .لذا ،يساعد أثرها ،في كثير من
األحيان ،على فهم جيد في إطار العملية الديدكتيكية .ويختلف هذا األثر حسب
املعرفية والوجدانية لنفراد .وفي كثير من األحيان ،نجد السلوكيات غير الخصائ
اللفظية دواال مستقلة ،وخصوصا أنها تمثل ،بطريقة مباشرة أو علر اصطالح ثقافي،
والحاالت. األشكال والحركات واألفعال والخصائ
وفي األخير ،ينبغي أن تكون السلوكيات غير اللفظية أفعاال بيداغوجية وظيفية تخدم
العملية الديدكتيكية بمدارسنا التربوية معرفيا ووجدانيا ،مثل :حركات التنظيم ،وحركات
التحفيز ،وحركات التجسيد ،والحركات الديدكتيكية املصاحبة للشرح والتفسير.
-282أعدنا الحديث عن التقويم مرة أخرى ،وساألسلوب نفسه ،ألسباب منهجية ليس إال ،ونحن نتفهم جيدا هذا
التكرار.
343
يعد التقويم خر عملية في مسار الدرس الديدكتيكي ،ويشمل القياس،
والفيدباك(التغذية الراجعة) ،واملعالجة ،والدعم .ومن ثم ،فالتقويم والتقييم وجهان
لعملة واحدة ،لكن التقويم أعم من التقييم والقياس ألن التقويم هو الحكم على عمل أو
أو (ايء أو حدث أو مهمة منجزة بإصدار حكم قيمة .أي :إن التقويم هو تثمين شخ
املرصود بعد إخضاعه لطرائق ومعايير دوسيمولوجية وقياسية وتقييم املنجز أو ال خ
( األس لة ،واالختبارات ،والروائز ،والفرو ،.واالمتحانات .)...أما التقييم ،فيحيل على
القيمة أو التقدير سواء العددي منه أم املعنوي .ومن ثم ،يكون القياس أول خطوة يبدأ بها
املقوم لسحكم على املنجز مادام خاوعا للتأشير الكمي والكيفي .وإذا كان التقويم بمعنى
التقدير العددي واملعنوي اعتمادا على معايير قياسية محددة ،فإنه كذلك سيرورة نسقية
تهدف إلى تحديد مدى تحقق األهداف والكفايات لدى املتعلم علر العملية الديدكتيكية.
وينصب التقويم على مدى تحكم املتعلم في مهارة ما ،وتحديد درجة التحكم واإلتقان.
وليس املهم هو تقويم املعارف ،بل تقويم الكفايات والقدرات املستضمرة لدى املتعلم.
بمعنى التركيز على الكيف وليس الكم .أي :تقويم مدى تحكم املتعلم في مهارات اكتساب
املوارد ،وحسن توظيفها .ومن ثم ،فالهدف من بيداغوجيا الكفايات هو إعطاء معنى ما
للتعلمات بتحويل املضامين واملحتويات إلى ووعيات ومشاكل مستعصية ،ومعقدة،
ومتنوعة ،ومركبة ،وجديدة.
ينبني التقويم على طرح مجموعة من األس لة الجوهرية ،مثل :ملاذا نقوم؟ وماذا نقوم؟ وملن
نقوم؟ ومن يقوم؟ وماذا نقوم؟ ومتى نقوم؟ وأين نقوم؟
ويعني هذا أن هذه األس لة تحيل على املقوم (املدرس ،واملشرف ،والتلميذ ،واملكون،
واملتعلم ،والتكوين ،)...أو على العمل املقوم (إنجازات املتعلم الكتابية والشفوية،
344
واملعارف ،واملهارات ،والكفايات النوعية واملستعروة ،)...وتحديد الهدف من التقويم
(تحديد أهداف إجرائية أو كفايات نمائية ) ،ورصد طبيعة التقويم(تقويم ذاتي أو تقويم
موووعي ،فرو ،واختبارات ،وروائز ،)...وتحديد زمان التقويم ومكانه ،ثم تبيان ملن يتم
هذا التقويم (القطاع املسؤول عن التربية والتعليم ،مستقبل التلميذ ،التكوين ،املتعلم)...
من املعروف أن للتقويم عدة وظائف أساسية ،منها :الوظيفة االجتماعية التي تتمثل في
معرفة مدى صالحية النظام التربوي ملسايرة التطور االجتماعي ،ومدى قدرة املدرسة على
تغيير املجتمع أو التكيف معه ،ومدى استعدادها إلعداد املتعلم اجتماعيا ،وتأهيله نظريا
وتطبيقيا لخدمة املجتمع ،والسير به نحو فاق زاهرة.
وهناك أيضا الوظيفة الؤسساتية التي تحيلنا على سلطة املدرس حين يشهرها في وجه
التلميذ ،أو الخضوع للنظام املؤسسساتي الترات ي والطبقي .وفي هذا الصدد ،يقول بلال(
:)PELPEL
"إن هدف الوظيفة االجتماعية هو في األخير توزيع األفراد حسب أذواقهم وقدراتهم على
مجاالت مختلفة من الحياة االجتماعية واملهنية ،بينما نجد العكس في التقييم الايدايوفي
حيث إن الهدف هو خلق مجموعة متجانسة ،ألن املشروع البيداغوجي للمدرس اليمكن أن
345
يهدف إال إلى إنجاح الجميع ،أو على األقل األغلبية .أما بالنسبة للوظيفة الؤسسية والتي
تعتلر وسيطة بين الوظيفتين :االجتماعية والبيداغوجية فهدفها اليمكن أن يكون إال
متناقضا :إنه في الوقت نفسه االرتقاء والتصفية .فقرار التصفية واالرتقاء متعلقان بنوع
السنة الدراسية :في بعض األحيان تحدد مسبقا نسبة النجاح ملستوى معين .كما أن لنفس
القرارين عالقة باملؤسسات ،فبعضها أكثر تسامحا ،والبعض اآلخر أكثر تشددا .أي :إنه
أكثر تصفية"283.
وتكمن أهمية التقويم في كونه فعال طبيعيا وعقالنيا الختبار منا ا التعليم ،والتأكد من
األهداف التي تم تحقيقها و لم يتم تحقيقها عن طريق القياس والدوسيمولوجيا (
.)Docimologieكما أن التقويم واجب وطني من خالله نتأكد من مدى نجاعة نظامنا
التربوي الوطني ،ومدى قدرة املدرسة على املواكبة ،ونجاعتها في تأهيل املتعلمين لسحاور
واملستقبل معا .كما أنه واجب اجتماعي ملعرفة الدور الذي يقوم به هذا النظام التربوي في
تنمية املجتمع وتطويره .فضال عن كونه أداة في عملية اإلصالح والتأطير والتكوين .وسصفة
والكمال لدى املدرسين واملتعلمين مواطن النق عامة ،يساعد التقويم على ت خي
واإلداريين واملشرفين واملسؤولين عن املنظومة التربوية والتعليمية على حد سواء قصد
اتخاذ القرارات الصائبة من أجل اإلصالح ،وإيجاد الحلول املناسبة لكل التعثرات .كما
يهدف التقويم إلى اصطفاء النخبة املجتمعية وانتقائها ،والتمييز بين الناعحين والفاشلين
اجتماعيا.
وللتقويم كذلك أهداف ووظائف أخرى ،يمكن حصرها في الالئحة التالية من األغرا
واملقاصد:
يهدف التقويم إلى تحديد تقدم املستوى التعلمي لدى التلميذ أو الطالب.
283 -P . PELPEL : se former pour enseigner, Bordas, Paris, 1966, p : 105.
346
مواطن القوة والضعف في العملية التعليمية -التعلمية بصفة خاصة، ت خي
واملنظومة التربوية بصفة عامة.
مساعدة املتعلم على التقويم الذاتي ،وتصحيح األخطاء املرتكبة بجردها وتصنيفها
وتصحيحها ومعالجتها.
التقويم أداة مهمة في االنتقاء والتكوين وتنمية الكفاءات اإلنمائية األساسية علر
مجموعة من املجزوءات اإلجبارية ،والداعمة ،والتكميلية.
وعلى العموم ،للتقويم أربع وظائف أساسية كلرى ي :الوظيفة الت خيصية (تبيان مواطن
القوة والضعف) ،والوظيفة التحكيمية (إصدار أحكم تقديرية) ،والوظيفة االستشرافية
(تحديد مستقبل املتعلم وطبيعة التوجيه) ،والوظيفة اإلشهادية (الشهادة والدبلوم)..
347
تمر عملية التقويم التربوي والديداكتيكي – كما هو معروف -علر ثالث مراحل أساسية ي:
مضمونه ،واختيار نوع األس لة، تحض ر االختاار :عن طريق تحديد هدفه ،وعر
وتبيان معايير التصحيح وسلم التنقي .
إجراء االختاار :ينجز املمتحن االختبار الذي قد يكون كتابيا أو شفويا في زمان
ومكان معينين .وبعد ذلك ،تصح ،اإلجابات في ووء مقاييس معيارية مضبوطة.
أما الجوانب التنظيمية لالمتحانات املعيارية ( ما يسمى بالتقويم الخارجي) ،فتعهد إلى لجان
مختصة إما وطنية وإما جهوية وإما إقليمية لتعد املوووعات الخاصة بكل امتحان .ويتم
إعداد االمتحان انطالقا من اقتراحات األساتذة باحترام التعليمات الواردة في املذكرة
ُ
الوزارية .وتجرى االمتحانات في املؤسسات التعليمية ،وتسهر علوها أطر ترسوية وإدارية
ومشرفون إلوفاء املصداقية على الشهادات والدبلومات بغية توفير تكافؤ الفرص بين
التالميذ.
وثمة عمليات مصاحبة إلجراء االختبارات داخل مركز التقويم أو االمتحان كتيهيء القاعات
بالعدد الكافي ،وووع لوائح املترشحين انطالقا من املحاور الجماعية ،وتوزيع املترشحين
على القاعات بالتنسيق مع األكاديمية،ووب الغياب ،وإعداد لوائح املراقبين والقاعات
املسندة إلوهم( مراقبان في كل قاعة -مثال ،)-وإعداد أوراق التحرير والتسويد بالنسبة
لجميع االمتحانات ،وفتح األظرفة الخاصة باملواويع أمام مرأى التالميذ واملراقبين
واملشرفين ،والحرص على احترام مواقيت االمتحان .وتتم املراقبة داخل القاعة من خالل
التأكد من هوية التالميذ ،وتجريدهم من وثائقهم ،وإعطائهم أوراق االمتحان والتسويد،
والتثبت من توقيع املترشحين بعد تسلم أوراق االمتحان ،ووب الغياب في أوراق صفراء
348
في محضر الغ ،وإرجاع األوراق إلى إدارة حاالت الغ مخصصة لذلك ،ووب
ُ
املؤسسة .وبعد ذلك ،ترجع إلى اإلدارة اإلقليمية والجهوية.
وتأسيسا على ما سبق ،يعتلر التصحيح إجراء ترسويا فاعال في عملية التقويم والتقييم
والقياس على السواء .وقد يتم التصحيح من قبل األستاذ شفهيا أو كتابيا سواء أكان ذلك
في مجموعة كبيرة أم صغيرة .كما يتم من قبل املتعلم ذاتيا أو من قبل أقرانه.
ومن مواصفات التصحيح أن يكون واضحا ومنتظما متتبعا ألعمال التلميذ ،ومفردنا يحترم
شخصية التلميذ ،وإيجابيا يعترف بعمل التلميذ ومجهوده كيفما كان ناقصا ،وينبغي أن
يكون ملررا تلريرا ترسويا كما وكيفا .وتتم عملية التصحيح بعد أن توزع األكاديمية أظرفة
االمتحانات على مختلف املؤسسات لترجعها في أوقات محددة .وتجري عملية التصحيح
داخل املؤسسة حيث يتم التأكد من عدد األوراق املوجودة في الظرف قبل عملية
التصحيح وبعدها ،والتأكد من النقطة النهائية .وتستلزم كتابة النقطة بالعدد والحروف
مع التوقيع في أثناء الوقوع في الخطأ أو السهو ،مع الحرص التام على تطابق النقطة على
الورقة مع النقطة املدونة في املحضر الجماعي ،واملشاركة في عملية املداوالت .وبعد ذلك،
ُتستثمر نتائظ االمتحانات املوحدة أو املعيارية في اتخاذ القرارات الالزمة على مستوى
املؤسسة ،واملستوى اإلقليمي ،واملستوى الجهوي ،واملستوى الوطني ،قصد ت خي
واإليجابيات ،وإبراز مواطن الجودة والخلل ، مواطن الضعف والكمال ،وتحديد النواق
والقصد من ذلك هو تحسين مردودية النظام التعليمي.
أنواع االمتحانات:
349
حسب التصحيح :امتحانات ذاتية وامتحانات موووعية.
وهناك أيضا امتحانات التلريز ملعرفة مدى تحقق األهداف الكفائية لدى املتعلم أو
لتبيان الطالب ،وامتحانات االنتقاء الصطفاء متعلمين معينين ،وامتحانات الت خي
مواطن القوة والضعف ،وامتحانات استشرافية لتبيان مسار املتعلم في املستقبل من
حيث نجاحه وإخفاقه.
من هذه االمتحانات هو تقويم املتعلم إيجابا أو سلبا ،وتوفير للموجه معايير والغر
التوجيه امل ي أو الدراهاي ،وتقديم شهادات صادقة لآلباء واملجتمع املدني حول مردودية
النظام التربوي من حيث التأهيل والكفاءات بمنح املتعلم شهادة أو دبلوما لينال بها مكانة
اجتماعية أو منصبا أو وظيفة ما.
ينقسم التقويم التربوي والديدكتيكي إلى أقسام عدة ،منها :التقويم القبلي أو الت خيصاي،
والتقويم التكويني ،والتقويم اإلجمالي ،والتقويم اإلشهادي ،والتقويم الكفائي واإلدماجي،
والتقويم الذاتي ،والتقويم اإلعالمي ،والتقويم علر املعالجة ،والتقويم الدوسيمولوجي،
وذلك كله على النحو التالي:
يقصد بالتقويم القبلي ذلك التقويم الذي ينصب على املكتسبات القديمة في إطار
املراجعة ،واالستكشاف ،واالستثمار .كما أنه تقويم يحفز املتعلم على طرح املوووع
واستكشافه ،أو هو تقويم ت خيصاي يحاول معرفة مواطن القوة والضعف لدى املتعلم.
350
وسالتالي ،له وظيفة إرشادية ،وتوجوهية ،وت خيصية .وقد يكون التقويم القبلي أو التمهيدي
بمثابة ووعية استكشافية ،يراد بها إثارة انتباه املتعلم إلى موووع جديد قد يكون فعال
محور الدرس الكفائي.
ُ
وسناء على هذا التقويم ،تتحدد الكفايات والقدرات املستهدفة ،وتنتق الووعيات
واملحتويات واملعارف واملوارد .كما تحدد الطرائق البيداغوجية ،والوسائل الديدكتيكية
الوظيفية ،والتقويم املناسب لقياس الكفاية واختبارها .وغالبا ،ما يكون التقويم القبلي أو
االستكشافي أو الت خيصاي في بداية السنة أو بداية الحصة الدراسية ،أو حين تحضير
املقطع األولي أو التمهيدي من الدرس.
يكون التقويم التكويني في وس الدرس ،أو في أثناء بناء العملية التعليمية -التعلمية ،أو في
أثناء التنسيق بين أنشطة املتعلم واملعلم ،ويهدف هذا التقويم إلى التثبت من احة
الحلول التي يقترحها املتعلم ،و كيفية تعامله مع الووعيات .و من ثم ،يس ى هذا التقويم
إلى مساعدة املتعلم على التقويم الذاتي ملعرفة األخطاء املرتكبة .وينصب هذا التقويم على
عالقة املدرس باملتعلم من خالل أنشطة الووعيات .وغالبا ،ما يكون التقويم ذاتيا بالفعل.
ويستند التقويم التكويني -الذي يتخلل العملية التعليمية-التعلمية بكل مراحلها -إلى
التنظيم التربوي املنهجي ،والتعرف إلى املساعدات الضرورية.
وعليه ،تتمثل وظيفة التقويم التكويني في وظيفة تثبيت الكفاية وتعزيزها ،وسناء الدرس
كفائيا ،وترسيق الووعيات بشكل إيجابي ،وتكوين املتعلم تكوينا أدائيا وإنجازيا ،وتطوير
قدراته النمائية واملعرفية في أثناء مواجهته للووعية املستهدفة .وسطبيعة الحال ،تتزامن
هذه الوظيفة مع مرحلة الدرس الوسطي أو املقطع الرئيس.
التقويم اإلجمالــي:
351
يكون التقويم اإلجمالي أو النهائي في خر الحصة الدراسية بعد االنتهاء من املقطع الوسطي
الذي يتخلل الدرس ،ويكون هذا التقويم في شكل خالصات عامة أو تطبيقات إدماجية
قصيرة أو طويلة ،أو تمارين فصلية و منزلية .ويعني هذا أن التقويم اإلجمالي يرتب بمدة
أو تجرسة أو درس .ويهدف إلى قياس املعارف واملهارات ، معينة بعد االنتهاء من فر
.والتثبت من مدى تحقق الهدف أو الكفاية في خر الدرس.
ومن ثم ،ينبغي أن يركز التقويم اإلجمالي الهادف على كيفية اكتساب املوارد واملعارف
واملهارات في إطار ما يسمى بامليتامعرفي ،وقياس القدرات الكفائية ،واالبتعاد عن قياس
املعارف واملعلومات املخزنة في الذاكرة.
التقويم الستمر:
هو تقويم مستمر ومتواصل هدفه قياس تعلمات املتعلم وخلراته علر مختلف مراحل
واألنشطة الكتابية والشفوية، الدرس أو التعلم .ويتم التقويم املستمر علر الفرو
واألنشطة املوازية ،واألعمال املنجزة ،واملشاريع البيداغوجية املتنوعة...
وعليه ،فالتقويم املستمر هو تقويم للمتعلم معرفيا ووجدانيا وحركيا ،وتتبعه في كل
مراحل التعلم والتكوين التي تؤدي إلى نقطة نهائية ،تتمظهر ،بكل جالء ،في طابعها
العددي( النقطة) والكيفي ( التقدير القيمي) .ويدخل في هذا التقويم نتائظ الفرو
الكتابية والشفوية ،واألنشطة املنجزة في القسم أو األنشطة املنزلية ،ومشاركة التلميذ
داخل القسم ،والروائز القياسية ،وكذا األحكام الذاتية لنستاذ .وتسهم هذه املراقبة
352
املستمرة في مراقبة األستاذ لتلميذه ،وتتبع تعلماته ،وتقييم خلراته ،وتصحيح العمليات
الديدكتيكية التي ينجزها داخل الفصل الدراهاي مع املتعلمين.
مادأ االنتظام واالستمرارية :الهدف من هذا املبدإ إجراء وقفات تقييمية بعد فترة
معينة من التدريس والتحصيل ملعرفة مدى تحقق األهداف املسطرة في بداية املنهاج.
مادأ الشمولية :أن تشمل جميع وحدات املقرر ،و تتناول جميع مراقي الصنافات
املعرفية ،والوجدانية ،والحركية.
مادأ التنو ع :أن تكون املراقبة املستمرة متنوعة في أساليب التقويم و ليات القياس
واالختبار( امتحانات كتابية -فرو منزلية -أس لة مقالية -أس لة ذات أجوسة قصيرة).
مادأ التكوين :تهدف هذه املراقبة التقويمية إلى تكوين املتعلم ،وتتبع تحصيله
الدراهاي ،ومدى استيعابه لخلرات املقرر.
مادأ تكافؤ الفرص :البد أن توفر املراقبة املستمرة الحظوظ نفسها للمتعلمين في
استعمال الروائز واالمتحانات والفرو نفسها....
وإذا أردنا كيفية احتساب املعدل -حسب الدبلومات -علر األسالك التعليمية في التعليم
املغربي -مثال ،-فإن امتحاح نيل شهادة الدروس االبتدا ية للمترشحين الرسميين يتخذ
ثالثة مستويات:
الر اقاة الستمرة بنساة (٪51جميع املواد املمتحن فوها لها معامل واحد).
353
االمتحاح الوحد عكى صعيد الؤسسة بنساة ( ٪25جميع املواد املمتحن فوها لها
معامل واحد ،وعددها خمس).
أما بالنسبة المتحان شهادة السل اإلعدادي بالنسبة للمترشحين الرسميين ،فالر اقاة
الستمرة بنساة (٪11جميع املواد لها معامل واحد) ،واالمتحاح الوحد عكى صعيد
الؤسسة بنساة (٪11املواد ذات معامل واحد) ،واالمتحاح الوحد عكى الصعيد الجهوي
بنساة (٪11أربع مواد لها معامل 6كاللغة العرسية ،والفرنسية ،والرياويات ،والتربية
اإلسالمية أما االجتماعيات ،فمعاملها .)3
أما شهادة الاكالوريا األدبية ،فيأخذ االمتحاح الجهوي في السنة األولى من سلك البكالوريا
نساة ٪25إذ يمتحن التلميذ في أربع مواد( التربية اإلسالمية معملها، 2واللغة الفرنسية
معاملها ،6والعلوم الطبيعية معاملها ،3والرياويات معاملها ،)3بينما تكون الر اقاة
الستمرة في السنة الختامية بنساة ٪25في جميع املواد حسب معامالتها الرسمية ،ويكون
االمتحاح الوطني الوحد بنساة ٪51في أربع مواد أساسية ،و ي :اللغة العرسية ،والفلسفة،
واإلنجليزية ،واالجتماعيات ،وكل مادة لها معامل(.)6وما يقال عن الشعبة األدبية ،يقال
كذلك عن شعبة العلوم التجريبية ،لكن بمواد مختلفة .ففي االمتحاح الجهوي ،يمتحن
التلميذ في خمس مواد ،و ي :اللغة العرسية ،والتربية اإلسالمية ،واالجتماعيات ،والترجمة،
بمعامل 2لكل مادة ،والفرنسية بمعامل .3وفي السنة الختامية ،يكون االمتحاح الوطني في
خمس مواد ي :الرياويات ،والفيزياء ،والطبيعيات ،بمعامل 3لكل مادة على حدة،
والفلسفة واإلنجليزية لكل منهما معامل.2
354
ويتبين لنا ،من هذا كله ،أن االنتقال من قسم إلى خر داخل سلك دراهاي معين يتم علر
املراقبة املستمرة ،وبعد مداولة مجلس القسم وأيضا من سلك إلى خر بواسطة الدبلوم.
االمتحانات بالنسبة للمتعلمين في خر سلك من األسالك التعليمية إلى أربع وقد تم تقلي
مواد أو خمس .ويتخذ االمتحان كذلك تدرجا هرميا ،فيكون على صعيد القسم
واملؤسسة ،ثم اإلقليم .وبعد ذلك ،على املستوى الوطني .كما تتغير نسب املراقبة املستمرة
من نهاية سلك إلى خر من ٪32بالنسبة لشهادة االبتدائي إلى ٪62لشهادة السلك
اإلعدادي إلى ٪23لشهادة البكالوريا .كما تعد نقطة الصفر موجبة للرسوب في االمتحان
الوطني املوحد ،وفي نيل الشهادة االبتدائية واإلعدادية.
يهدف التقويم الكفائي إلى قياس القدرات الكفائية ملتعلم ما وفق ووعيات معقدة ومركبة
محددة .وتعمل على تقويم أو تقدير مختلف القدرات لدى املتعلم في أثناء استدماجه
ملوارده التعلمية بغية حل الووعيات -املشكالت .لذا ،يسمى هذا التقويم أيضا بالتقويم
355
اإلدماجي .ويهدف هذا التقويم إلى تطوير الكفايات النمائية ،وقياس قدرات املتعلمين في
أثناء حلهم للووعيات-املشكالت.
ويستند هذا التقويم إلى مجموعة من املعايير ،مثل :معيار املالءمة (مالءمة الحل للمشكل
املوووع) ،ومعيار التصحيح( يعني احة األجوسة املقترحة في عالقتها مع الووعية –
املشكلة .أي :أن تكون املوارد املوظفة من جمة مع الووعية-املشكلة ،ويكون التصحيح
واضحا ودقيقا ،فيه نوع من العدالة واملصداقية) ،معيار اإلتقان أو الكمال .بمعنى أن
يكون حل الووعية مكتمال وشامال لجميع عناصر الووعية -املشكلة .فضال عن معيار
األصالة الذي يتمثل في اقتراح أفكار شخصية جديدة لحل الووعية-املشكلة.
الووعيات بالسياق ، أما عن املباد األساسية لتقويم الكفايات ،فتتمثل في تراب
وتوظيف جميع املعارف واملوارد املستعروة لحل الووعية املشكلة ،و االعتماد على
ووعيات مشكالت أو ووعيات معقدة ،ومركبة ،وجديدة.
وقد يتطلب حل ووعية ما مشاركة ثنائية تجمع املتعلم وزميله في الفصل الدراهاي أو
متعددة يشارك فوها بعض املتعلمين .ويستند التصحيح إلى إستراتيجيات معرفية
وميتامعرفية لرصد األخطاء ومعالجتها.
284-ROEGIERS, X. (2003). Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck
Université.
356
االهتمام بالكفايات .ومن ثم ،تساعد هذه الطريقة على النجاح من خالل تمهير املتعلم
بمجموعة من الكفايات اإلدماجية التي تسعفه في حل مشاكل الواقع.
وللتمثيل :حينما نقول من الضروري أن نحمي البي ة ،فهذا هدف عام ،ال يمكن تقويمه
بشكل من األشكال.لكن حينما نضع هذا الهدف في شكل ووعية بالتركيز على األسباب
والحلول ،يمكن الحديث نذاك عن ووعية مشكلة هادفة وسناءة .وسالتالي ،اليمكن أن
معين ،وإذا تعدينا ذلك ،فسنلتجئ إلى التقطيع تتعدى الكفايات ثالثا في السنة في تخص
وتجزيء املحتويات أكثر فأكثر.
ويضاف إلى ذلك أنه البد أن يكون التقويم عبارة عن ووعيات معقدة ومركبة من أجل
التثبت من مدى تملك املتعلم للكفايات الحقيقية ،والبد أن تووع تلك الووعيات في
سياقات واقعية حية بتقديم مجموعة من الصور واألسناد والبيانات ملعالجتها .ويترتب عن
ذلك صدق التقويم وثباته .وهذا ما يسمى ببيداغوجيا اإلدماج أو املقارسة علر الكفايات
األساسية.
وسناء على ما سبق ،ننتظر من املتعلم إجابات أصيلة ومبدعة لحل ووعية ما ،والبد من
تقويم ما أنتجه املتعلم في ووء مجموعة من املعايير التي يسموها روجرز مؤشرات
التصحيح ( .)Critères de correctionومن ثم ،فمعيار التصحيح هو ذلك املؤشر الذي
ينبغي مراعاته في إنتاج التلميذ ،مثل :اإلنتاج الواض ،الدقيق ،واإلنتاج املن جم ،واإلنتاج
ً
األصيل....إذا ،فاملؤشر هو وجهة نظر من خاللها نقوم عمال ما .فإذا أردنا أن نقوم العبا
رياويا ما ،فقد نركز على األناقة ،وجودة اللعب ،وان جام الفريق ،واإلنتاجية.
ومن أهم مؤشرات التقويم الؤشر األدنى ( )Critère minimalومؤشر اإلتقان .فمؤشر
األدن هو الذي يحدد بعض الشرو لتحقيق كفاية ما ،كأن نقول بأن السباح الكفء هو
الذي ال يغرق .وسالتالي ،يحافء على توازنه .أما إذا أوفنا كفايات أخرى ،مثل :السرعة،
357
وشدة الحركة ،واألناقة ،واحترام القواعد ،فإننا ننتقل إلى مؤشر اإلتقاح( critère de
.)perfectionnement
والبد من التقليل من املؤشرات الدنيوية ،وإال سنكون قساة مع املتعلمين حينما تتضخم
هذه املؤشرات التقويمية .ويعني هذا أن التقويم اليبنى على محك األخطاء ،بل يبنى على
قياس الكفايات املهارية ،فليس هناك من ال يخطئ ،وال يعقل أن يكون الخطأ هو املعيار
الوحيد للتقويم .
ويمكن االستعانة عند التقويم اإلدماجي بقاعدة دوكيتيل ( )De Keteleالتي تسمى بقاعدة
. 6/2بمعنى أن نسبة النجاح الكفائي هو اإلجابة عن ووعيتين من ثالث ووعيات 285.والبد
من االحتكام أوال إلى املؤشر األدن بدال من االحتكام إلى مؤشر اإلتقان التكميلي.
والبد أن تكون معايير مؤشر األدن مستقلة عن بعضها البعض ،فال يعقل أن تكون األس لة
مترابطة ومتتابعة ومتناسلة ألننا سنكون قساة مع املتعلمين بل البد أن تكون األس لة
منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض لكي تكون هناك حظوظ متوفرة أمام املتعلم .عالوة
على وجود معيار االن جام الذي يستلزم تراب أجزاء املوووع منهجيا ومنطقيا ،ومعيار
املالءمة الذي يعني تال م أجوسة املتعلم مع تعليمات الووعية ومعطياتها ،ومعيار
االستعمال السليم لتقنيات التخص ،ومعيار االتساق الداخلي .وسطبيعة الحال ،هذا له
عالقة بالكفاية األساسية والكفاية النوعية.
285 - DE KETELE, J.M. (1996). L'évaluation des acquis scolaires : quoi ? pourquoi ? pour quoi ?, Revue
كما يبنى االختبار اإلدماجي علر مجموعة من املحطات على النحو التالي:
ووع معايير التقويم املستقلة بشكل واض ،ودقيق في ووء قاعدة .6 /2
كتابة األسناد والتعليمات لكي تكون املهمة التي ينبغي إنجازها من قبل املتعلم واضحة.
تحديد مؤشرات التصحيح التي سيعتمد علوها املدرس حين تصحيح ورقة االختبار.
وعليه ،فمن األفضل واألجدى االكتفاء بووعية واحدة أو ووعيتين على األقل ،وعدم
تقسيم التعليمات إلى أس لة فرعية جزئية متعددة ،يجعل املتعلم أمام صعوسات معرفية
ومنهجية بسبب تعدد األس لة التي قد تكون متشابهة وتابعة للتعليمة األولى أو الثانية أو
الثالثة .بمعنى بناء أس لة مستقلة هادفة وناجعة .والبد من تجذير الووعية داخل سياقها
التداولي ،وتكون ووعية جديدة ،ويكون اإلنتاج أصيال .كما يجب االبتعاد عن نصوص
ووثائق وأسناد معروفة ،فالبد أن تكون جديدة وموووعة ومن سياق جديد.
ومن ثم ،تقوم املؤشرات بدور مهم في توفير تصحيح عادل ،فقد يكون مؤشرا كيفيا كأن
نطالب املتعلم بتوظيف أفعال أو صفات أو أحوال أو تشابيه أو استعارات في وصفه ،وقد
يكون مؤشرا كميا حينما نطالب املتعلم على مستوى التركيب بتوظيف ثلثي من الجمل
احيحة لكي ينال .6 / 2
286 -ROEGIERS, X. (2003). Des situations pour intégrer les acquis. Bruxelles : De Boeck
Université.
359
وعليه ،فللتقويم الخاوع للمعايير واملؤشرات فوائد مهمة -حسب روجرز -ي:287
عادلة .بمعنى أن التقويم ينصب – هنا -على الكفايات .وكثير من تكوح النق
الراسبين في التربة التقليدية قد يكونوا ناعحين ،وكم من ناع ،يستحق اإلخفاق في النظرية
الجديدة مادام الهدف هو التركيز على الكفايات والقدرات املهارية ،وليس على املعلومات
وكثرة املعارف.
تثم ح النق اإللجابية ،بتقويم العناصر األساسية ،وإظهار مواطن القوة والعناصر
اإليجابية في إنتاجات املتعلمين.
وعليه ،البد من تخفيض مؤشرات التقويم لتحقيق مدرسة النجاح واألمل .وكلما زادت
معايير التقويم واع التلميذ بين هذه املؤشرات .وسالتالي ،ال يستطيع التحكم في األجوسة
املتعددة .لذا ،فالبد من االكتفاء بمؤشرين أو ثالثة .كما يمكن االكتفاء بكفايتين أو ثالث
كفايات أساسية .وكلما أكثرنا من مؤشرات التقويم ،خاصة إذا كانت مؤشرات تابعة وغير
مستقلة ،فإننا نرتكب ظلما في حق املتعلم الذي نعاقبه مرات متعددة على الخطإ نفسه.
ومن األفضل كذلك أن يعرف املتعلم معايير التقويم لكي يستأنس بها ،فيعطي كل ما لديه .
و بالتالي ،يمكن أن يلتجئ إلى التقويم الذاتي.
وتأسيسا على ما سبق ،يعتمد التقويم اإلدماجي على تسطير ووعية معينة مرتبطة
بمواردها وسندها وحاملها وتعليماتها ومعاييرها ومؤشراتها التقويمية .باإلوافة إلى ووع
شبكات التمرير ،والتحقق ،واملعالجة ،والدعم ،واالستدراك .ومن املعروف أن املدرس
املدبر يقدم للمتعلم ثالثة أنواع من األنشطة الدراسية :أنشطة دلدكتيكية أو ما يسمى
ألضا بالوارد أو التعلمات ،وترد في شكل معارف عقلية وذهنية ،أو في شكل قيم ومواقف
360
وجدانية ،أوفي شكل مهارات سلوكية حسية حركية .وهناك أيضا أنشطة موازية تكميلية
تهدف إلى خدمة املتعلم تسلية وإفادة .وهناك كذلك الوضعيات اإلدماجية التي توظف
األسناد املكتوسة واملصورة لحمل املتعلم على تعب ة املوارد التي اكتسبها في أثناء أسابيع تعلم
املوارد.
وعليه ،تنقسم السنة الدراسية في التعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي إلى أربعة وثالثين
الفعلي يطابقها ججم حصصاي من 3222إلى 3222ساعة. أسبوعا كامال من النشا
وتنقسم السنة الدراسية إلى أربع مراحل أو درجات ،وتتكون كل مرحلة من ثمانية أسابيع
األسبوع األول والثاني والرابع والخامس إلرساء موارد الكفاية ،ويخص إذ يخص
والتوليف والدعم والتقويم أو ما يسمى كذلك األسبوع الثالث من كل مرحلة للرس
األسبوع السابع والثامن لإلدماج ،فالسابع إلنماء الكفاية، باإلدماج الجزئي .بينما يخص
األسبوع الثامن لتقويمها معالجة وتصحيحا ودعما. ويخص
ومن جانب خر ،يستلزم تدبير الووعية اإلدماجية أن تقدم للتلميذ املتعلم مجموعة من
املوارد في شكل ووعيات مركبة متنوعة بغية أن يستدمظ كل مكتسباته املعرفية ومواقفه
361
الوجدانية ومهاراته الحسية الحركية من أجل إيجاد حلول مناسبة لتلك الووعيات
املتدرجة في السهولة والصعوسة .و بالتالي ،ينتقل املتعلم إلى إنماء كفايته الشفوية أو
الكتابية بإنجاز مجموعة من الووعيات اإلدماجية تعلما وتطبيقا بعد مجموعة من
أسابيع إرساء املوارد ،والرس بين التعلمات توليفا وتقويما.
وبعد االنتهاء من اإلدماج ،يلتجئ املدرس إلى تقويم الكفايات املستهدفة وتصحيحها في ووء
معايير الدعم املناسبة ومؤشرات التقويم اإلدماجي رغبة في إيجاد حلول عالجية داخلية
وخارجية.
وهكذا ،يعتمد املدرس في تدبير الووعية اإلدماجية على دفتر أو كراسة الووعيات
اإلدماجية التي تتضمن مجموعة من الووعيات واألسناد والصور األيقونية والوثائق
الديدكتيكية املرفقة بمجموعة من التعليمات وسلم التنقي .ومن جهة أخرى ،هناك
دليل اإلدماج ،ويشتمل على بطاقات التمرير أو االستثمار ،وشبكات التحقق ،وكذلك
شبكات التصحيح.
وعليه ،يستوجب تدبير الووعية اإلدماجية أربعة مراحل متكاملة ومتتابعة ي:
إنجاز العمل املطلوب من خالل احترام تعليمات الووعية ،وإنجاز العمل كما هو
مطلوب وموصوف ،واستثمار الصور والوثائق بشكل جيد لخدمة املوووع.
التحقق من جودة اإلنتاج ،عن طريق التحقق من مراعاة املواصفات ،ومقارنة قيمة
اإلنتاج باإلنتاج املنتظر.
362
املعالجة الداخلية والخارجية تقويما وتصحيحا ودعما من أجل تطوير اإلنتاج .وهنا،
يعتمد التصحيح الذاتي وتحسين اإلنتاج.
التقويــم اإلشهادي:
نعني بالتقويم اإلشهادي ذلك التقويم املرتب بشهادة أو دبلوم ما يسمح للمتعلم باالنتقال
من مرحلة دراسية إلى أخرى ،أو بإجراء مباراة ما لسحصول على وظيفة ما أو تولية منصب
معين.
وعليه ،ينتهي كل سلك دراهاي بمنح شهادة أو دبلوم ،فهناك شهادة الدروس االبتدا ية إثر
اجتياز السنة السادسة ،وشهادة السل اإلعدادي بعد النجاح في السنة الثالثة إعدادي،
وشهادة الاكالوريا بعد اجتياز السنة الثانية من سلك البكالوريا.
وغالبا ،ما يكون التقويم اإلشهادي في نهاية التكوين أو التعلمُ ،ويتوج بامتحان يتسلم بعده
املتعلم شهادة أو دبلوما معينا ،يخول له أن ينال وظيفة ما أو يسا تعليما دراسيا أعلى .
من هذا التقويم هو التثبت من احة ما اكتسبه املتعلم من موارد ومعارف والغر
ومهارات ،والتأكد من مدى تحقق األهداف املسطرة من عملية التكوين والتعلم.
و يعتمد التقويم اإلشهادي على االمتحان ملعرفة القدرات الكفائية لدى املتعلم ،ورس
ذلك بعملية النجاح واإلخفاق .و من جهة أخرى ،يعتمد على املباراة النتقاء األكفاء
واملؤهلين جيدا لتولية وظائف الدولة ،أو الولوج إلى بعض املؤسسات التعليمية االنتقائية،
أو تعيين في وظيفة ما سواء أكانت عامة أم خاصة أم شبه عامة.
363
نعني بالتقويم الذاتي ( )Autoévaluationأن يصح ،املتعلم أخطاءه بنفسه اعتمادا على
مجموعة من املؤشرات ومعايير وأدوات التصحيح الواضحة والدقيقة والبسيطة .و يساعد
هذا التقويم املتعلم على تنظيم التعلمات وفق بيداغوجيا كفائية إدماجية.
وغالبا ،ما يستعين التقويم الذاتي بووع شبكة التصحيح الذاتي( Une grille de
)correctionفي ووء مجموعة من املؤشرات الديدكتيكية والبيداغوجية .والهدف من
ذلك هو معيرة التصحيح ،ودفع املتعلم إلى التصحيح الذاتي في ووء مجموعة من
التعليمات واملعايير واملؤشرات التقويمية التي ترتب بالووعية والكفاية املقومة .ومن ثم،
يحقق هذا التقويم نوعا من املوووعية .وقد يدخل هذا النوع من التقويم أيضا ومن ما
يسمى بالتصحيح الذاتي ( " )Autocorrectionإما بمنح التلميذ دليل التصحيح ،وإما
بمنحه أدوات ليصح ،أخطاءه بنفسه ومن هذه األدوات :املعايير ،والطريقة،
واملراجع(القاموس ،واملوسوعة ،والكتاب املدرهاي ، )...أو الجواب (وعليه في هذه الحالة
تحديد الطريقة املوصلة إليه) ،إلخ.
وهناك معالجة أخرى عن طريق املقابلة واملقارنة بين تصحيح ذاتي وتصحيح
خارجي(تصحيح املدرس ،وتصحيح التالميذ اآلخرين) من أجل االستفادة من زوايا الصراع
السوسيومعرفي(التقايم)"288
ومن األجدى أن يعتمد التقويم الذاتي على شبكة التصحيح لكي يقوم املتعلم بنفسه أو
بمساعدة مدرسه على تبيان أخطائه وجردها وتصنيفها وتقييمها وتقديرها وتقييمها .أي":
يجب معالجة إنتاجات التالميذ ،إلى جانب تثمينها والتصديق علوها في اآلن نفسه ،سواء
كان املدرس هو من يختارها ،أم تالميذ خرون ،بمساعدة شبكة تصحيح (تقدم الجواب
الصحيح) ،أو شبكة تقويم ،حتى لو تضمنت أحكاما سلبية أكثر من اإليجابية (يلزم
-288انظر :بيدايوجيا اإلدماج ،ترجمة :لحسن بوتكالي ،منشورات مجلة علوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة الثانية2226 ،م ،ص.326:
364
الحرص ،دائما ،على البدء بإبراز الجوانب اإليجابية) .ويسري هذا األمر على كل أنشطة
املتعلم ،والسيما إنتاجات التالميذ في إطار أنشطة اإلدماج .فإلقاء النظرة التحليلية علوها،
بمنح التالميذ تغذية راجعة دقيقة محددة ليتمكنوا من تحديد الجوانب التي ينبغي
تحسينها .كما تفيدهم هذه النظرة التحليلية في التموقع بالنسبة إلى املستوى املنتظر في
التقويم الجزائي289".
وعليه ،فالتقويم الذاتي هو الذي يقوم به املتعلم بنفسه عندما يصح ،أخطاءه وفق
مجموعة من املعايير واملؤشرات اعتمادا على شبكات التصحيح والتحقق واالستثمار على
السواء.
تعد املعالجة الطريقة التي تدفع املتعلم إلى تحقيق النجاح الدراهاي .ويلتجئ إلوها املدرس
أو االختبارات واالمتحانات والروائز بغية بعد االنتهاء من عملية تصحيح الفرو
مواطن الضعف والقوة بتمثل املعالجة الداخلية التربوية والديدكتيكية ،واألخذ ت خي
باملعالجة الخارجية ذات الطابعين النف اي واالجتماعي .بمعنى أن املعالجة تهدف إلى
اكتشاف األخطاء وت خيصها ووصفها وتقديم معالجة إجرائية ناجعة .ومن ثم ،تستند
املعالجة الديدكتيكية إلى أربع مراحل:
الكشف عن األخطاء.
وصف األخطاء.
والتعثرات وفي األخير ،يقترح مجموعة من اإلستراتيجيات لتجاوز هذه األخطاء والنواق
التي قد ترتب باملدرس أو املتعلم أو بالنظام التربوي العام .وال تتم املعالجة إال إذا تكرر
الخطأ مرات عدة.أما الذي يقوم باملعالجة ،فقد يكون املدرس نفسه ،أو املتعلم نفسه في
إطار التصحيح الذاتي ،أو تلميذ خر ،أو قد يكون أخصائيا نفسانيا أو أخصائيا اجتماعيا
أو مسحقا إداريا أو ترسويا ،وقد يلتجئ كذلك إلى وسائل اإلعالم وال جالت الذاتية واللرامظ
الرقمية ...
وخالصة القول ،يتبين لنا – مما سلف ذكره -أن التقويم أعم من التقييم ،واآلتي أنه عبارة
عن معايير كمية وكيفية لقياس تعلمات التلميذ وخلراته وقدراته الكفائية حين يووع أمام
ووعيات معقدة ومركبة وجديدة لحل مشاكلها املستعصية .ومن ثم ،يساعدنا التقويم
وفي األخير ،الينبغي أن يقتصر التقويم على الوظيفة الكمية والعددية فحسب ،بل ينبغي
أن يتجاوز ذلك إلى الوظيفة الكيفية ليصبح أداة إجرائية فعالة ملراقبة املنظومة التربوية في
مختلف لياتها التخطيطية والتدبيرية من خالل تتبع مسارها بإحكام وإتقان علر الجمع بين
املدخالت ،والعمليات ،واملخرجات.
-291محمد الدريظ :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى سنة
،3600ص.03-03:
368
الفصل الخامس:
مخرجات التربية
369
توطئة البد منها:
ُ
م ي يين املعل ي ييوم أن سوس ي يييوسوجيا التربي ي يية ي ييي الت ي ييي تعن ي ييى بدراس ي يية املدرس ي يية ف ي ييي عالقته ي ييا
بمحيطها املجتم ي ،ودراسية مختليف التفياعالت االجتماعيية داخيل املؤسسية التربويية
نفسيها ،واالهتمييام بمختلييف األنشييطة واألدوار التييي تقييوم بهييا املدرسيية التربوييية بييالتركيز
عل ييى مجموعي يية مي يين الظ ييواهر االجتماعيي يية التربويي يية ،مث ييل :سي ييلطة املدرسي يية ،والنجي يياح
واإلخفاق ،واالنتقاء أو االصطفاء التربوي ،ودور املدرسة في انتخاب النخبة ،والفوارق
االجتماعيي يية والطبقيي يية داخي ييل املؤسسي يية ،والهي ييدر املدرهي يياي ،وديناميكيي يية الجماعي ييات،
ومشي ي ييروع املؤسس ي ي يية ،والش ي ي يراكة التربوي ي ي يية ،والتوجي ي ي ييه التربي ي ييوي ،واملس ي ي ييالك املهني ي ي يية،
وديمقراطي يية التعل يييم ،وتف يياعالت املدرس يية الداخلي يية والخارجي يية ،وقض ييية الالمس يياواة
الطبقييية ،واملدرسيية واإلعييالم ،أو موقييف املدرسيية ميين التحييديات اإلعالمييية للتلفزيييون
واألنترنيييت ،والتفاعييل التربييوي داخييل املؤسسيية أو الفصييل الدراهيياي ،وطبيعيية العالقيية
ب ييين املدرس يية واألس ييرة ،وقض ييية االنتم يياء االجتم يياعي ،والتحص يييل الدراه يياي ،والنج يياح
املدرهاي.
ومي يين هني ييا ،تهي ييتم سوسي يييولوجيا التربيي يية بدراسي يية أنظمي يية التعلي يييم ،ودراسي يية الظي ييواهر
التعليمي يية بدراس يية مختل ييف العالق ييات الت ييي تك ييون ب ييين املدرس يية ومخل ييف املؤسس ييات
األخ ي ي ييرى ،مث ي ي ييل :األسي ي ي يرة ،والسياس ي ي يية ،واالقتص ي ي يياد .أي":دراس ي ي يية اآللي ي ي ييات املدرس ي ي ييية
كامل ييدخالت ،و العملي ييات ،واملخرج ييات .وتتمث ييل امل ييدخالت ف ييي التالميـ ــذ ،والدرس ـ ـ ح،
واإلدارة.ويتمي ي ييز تالمي ي ييذ املدرس ي يية ،عل ي ييى أس ي يياس أنه ي ييم س ي يياكنة املدرس ي يية ،بخص ي ييائ
فيزيولوجي يية ،ونفس ييية ،واجتماعي يية .ع ييالوة عل ييى الس ييمات التالي يية :الس يين ،والج يينس،
واملسيتوى الثقيافي ،واألصييل االجتماعي.أميا املدرسيون واإلداريييون ،فيتمييزون بيياملتغيرات
370
املهني ي ي يية ،والحرفي ي ي يية ،والسياس ي ي ييية ،والنقابي ي ي يية ،مث ي ي ييل :مس ي ي ييتوى التك ي ي ييوين ،وطريق ي ي يية
التوظيف ،والووعية داخل البنية املجتمعية ،والتوجهات السياسية والنقابية.
أمــا الخرجــات ،فتتمثييل فييي النتييائظ التييي تترتييب عيين توظيييف ليييات التطبيييع االجتميياعي
واالصطفاء.أي :توظيف مختلف املعارف واملهارات من أجيل تحقييق النجياح الدراهياي،
ورص ييد مختل ييف ث ييار ال ييتعلم ف ييي أس يياليب الحي يياة أوف ييي الس ييلوك السياه يياي أو الق ييانون
املجتم ي النهائي.
وترتك ييز العملي ــات عل ييى نق ييل الق يييم األخالقي يية واملع ييارف .ث ييم ،االهتم ييام بالبي ييداغوجيا
وقواعييد التقييويم .ويعنييي هييذا أن وظيفيية املدرسيية ييي نقييل املعييارف والقيييم وفييق قواعييد
ترسوية وتدريسية معينة من خالل االهتمام بأنظمة التقويم.
وإذا كان ييت سوسيييولوجيا التربييية تييدرس الظ ييواهر املدرسييية ،فلهييا أيضييا عالقيية وثيق يية
باألســرة ،والسياســة ،واالقتصــاد.ويعنييي هييذا أنهييا تييدرس مييا يتعلييق بالتربييية ميين خييالل
تنياول ثالثيية عناصيير رئيسية ييي :مييداخل التربييية (املتمدرسيون ،و رجييال التعليييم ،و أطيير
اإلدارة ،واآلبي ي يياء ،واملقي ي ييررون ،واملفتشي ي ييون ،)...و لياتهي ي ييا البيداغوجيي ي يية والديدكتيكيي ي يية
371
والسوسي يييولوجية ،ومخارجهي ييا(التقويم ،والنجي يياح ،واالنتقي يياء ،واالصي ييطفاء ،الفشي ييل،
والبطالة ،واالرتقاء.)...
م
وما يهمنا في هذا املوووع هو التركيز على الخرجات التي تتمثل في التقويم،
واإلخفاق ،والنجاح ،واالصطفاء...
372
ويتعلم ييون قواعي ييد الحي يياة الجماعيي يية .وم يين ثي ييم ،يب ييدو أن ر يي يية دور يك ييايم إيديولوجيي يية
بامتياز حيث يكرس األوواع نفسها التي توجد في املجتمعات الغرسية العلمانية.
و" ق ي ييد يك ي ييان م ي يين الطبي ي ييي أن يس ي ييير دور يك ي ييايم ف ي ييي ر يك ي يياب األس ي ييتاذ ال ي ييذي أنش ي ييأ ع ي ييالم
االجتماع(أوجست كونت) ،و يتأثر بوجهية نظيره فيي كثيير مين املوويوعات التيي عالجهيا
فقييد كييان دوركييايم يسييلم تسييليما تامييا بمبييدأ التــوازح الــي الجتمــع ،وأن الص يراع مجييرد
حال يية طارئ يية ومؤقت يية ،ب ييل ق ييد يمك يين اعتب يياره حال يية مرو ييية التلب ييث أن ت ييزول وتختف ييي
ويسترد املجتمع توازنه األصلي القديم292".
وعليييه ،يجعييل دور يكيايم املدرسيية فضيياء لإلنييدماج الكلييي ،ومجيياال لتلقييين قواعييد الحييياة
االجتماعية بياحترام امليتعلم ثوابيت املجتميع ،وتمثيل معياييره املقننية ،وااللتيزام بأخالقيه
وقيمي ييه وعاداتي ييه وتقاليي ييده ،فإني ييه يريي ييد بي ييذلك وي ييرورة الحفي يياظ علي ييى تي ييوازن املجتمي ييع
واستمرار سيرورته بذلك الشكل املتصل .وسالتالي ،تهدف املدرسة إلى إدماج املتعلم فيي
املجتم ييع ،ث ييم ،إعطائ ييه ثقاف يية كوني يية عقالني يية ،وإنس ييانية ،وذكائي يية .ث ييم ،تك ييوين ذوات
مستقلة داخل مجتمع عضوي .ثم ،تلبية حاجيات املجتمع .ويحقق هذا كليه نوعيا مين
التقيدم واالزدهيار للمجتميعُ ،ويكسيب امليتعلم هويية وطنيية وقوميية حقيقيية .ومين هنييا،
يكتسييب املييتعلم هويتييه الحقيقييية عليير دروس التيياريق ،والجغرافيييا ،والييدين ،واألخييالق،
ويحتكم إلى العقل واملنطق .وليست مدرسة دوركايم مدرسة املساواة في الحظوظ ،بل
ي ييي مدرسي يية النخي ييب العقالنيي يية والشي ييرعية ،وقي ييد اسي ييتمر هي ييذا املفهي ييوم حتي ييى سي يينوات
الخمسي ييين مي يين القي ييرن املاضي يياي .وقي ييد ني ييتظ عي يين ذلي ييك خلي ييق مدرسي يية ليلراليي يية وعلمانيي يية
ديمقراطية ،ولكنها ليست مدرسة شعبية.
- 292وسيلة خزار :اإللدولوجيا وعلم االجتماع ،جدلية االنفصال واالتصال ،منتدى املعارف ،بيروت،
لبنان ،الطبعة األولى سنة 2236م ،ص.322 :
373
أما السوسييولوجي الفرن ياي بييير بوردييو ،فييرى أن األفيراد املجتمعييين اليذين يوجيدون
ف ييي املدرس يية ه ييم نت يياج التنش ي ة اإلدماجي يية واملعياري يية ،ونت يياج الوو ييعيات االجتماعي يية
املوجييودة بييالقوة والجلرييية امللزميية .وهييم أيضييا نتيياج إعييادة اإلنتيياج وووييعيات التوريييث
بغية اكتساب الهوية املجتمعية.
وهن ي ي يياك ب ي ي يياحثون خ ي ي ييرون يقول ي ي ييون بالتنش ي ي ي ة االجتماعي ي ي يية أو ب ي ي ييالتطبيع واالن ي ي ييدماج
، االجتماعي ،مثل :املفكر األملاني جورج زيمل ()GEORG SIMMEL
والتقتصيير املدرسيية علييى نقييل القيييم األخالقييية فحسييب ،بييل تس ي ى جاهييدة إلييى تأهيييل
امل ييتعلم معرفي ييا ،وذهني ييا ،ووج ييدانيا ،وحس يييا -حركي ييا .كم يا تس ييهم ف ييي توعيت ييه وتن ييويره
ثقافيي ييا ،وأخالقيي ييا ،وترسويي ييا ،وعلميي ييا ،وأدبيي ييا ،وفنيي ييا ،وتقنيي ييا .ثي ييم ،توعيتي ييه وطنيي ييا أو
قوميا.
وتعد املدرسة كذلك فضاء للتأهيل والتعليم والتكوين والتربية ،ومؤسسة ديمقراطية
للتنافس بين املتعلمين قصد الفوز والنجياح ،والحصيول عليى شيهادات ودبلوميات التيي
تس ييمح له ييم بت ييولي منص ييب أو مس ييؤولية م ييا.عالوة عل ييى ذل ييك ،ينبغ ييي عل ييى املدرس يية أن
تصقل عقول األفراد بالتكوين املناسب ،وتهذيبها باملعارف والقيم والحقائق العلمية.
وسالتالي ،اليكون اإلنسان إنسانا إال بالتعلم داخل الفضاء الدراهاي الذي يزود
اإلنسان بكثير من الخلرات والتجارب واملعلومات واملعارف من جهةُ ،ويكسبه
مؤهالت كفائية متنوعة من جهة أخرى .ومن هنا ،فالذي لم يتعلم بعد ،فهو كائن
خام ومتوح .لذا ،تدافع فلسفة األنوار عن التربية والتعليم ألثرهما التنويري،
واإلشعاعي ،والعلمي ،والتأهيلي .وتدعو إلى تأسيس مدارس تجريبية قبل أن تصبح
عامة .ومن هنا ،تهدف املدرسة إلى تحرير املتعلم وسناء شخصيته الخاصة295.
وعليه ،تعد املدرسة أداة للنجاح والترقي والتطور وتحقيق التنمية الذاتية
واملجتمعية.
375
بورديو ( )P. Bourdieuوكلود باسرون ( )C.Passeronفي كتابهما (الورثة) .296ومن
هنا ،يرى بورديو أن املدرسة فضاء للفوارق االجتماعية والطبقية ،وأنها تعيد إنتاج
َ
الطبقات االجتماعية نفسها :الطبقة املست ِغلة (بكسر الغين) والطبقة املستغلة بفتح
(الغين).ومن ثم ،فهي فضاء النعدام الحظوظ االجتماعية ،وفضاء للفشل الدراهاي،
وغياب املساواة االجتماعية الحقيقية.
وأكثر من هذا فأبناء الطبقة السائدة الينجحون بسبب قدراتهم الذاتية والكفائية،
بل يعود ذلك إلى ما يملكون من رساميل موروثة ،مثل :الرأسمال الثقافي (الرصيد
الثقافي واألدبي والفني ،وسمو الذوق ورهافته) ،والرأسمال اللغوي( النشأة في بي ة
لسانية غنية باملفردات) ،والرأسمال االقتصادي (وجود موارد مادية ومالية)،
والرأسمال االجتماعي( وجود عالقات اجتماعية متنوعة).
وقد بلور لوي التوسير( )Louis Althusserسنة 3632نظرية حول الدولة ،و ذهب إلى
أن الدولة تمارس القمع والعنف والقهر على مواطنوها بمجموعة من األجهزة
اإليديولوجية التي تتمثل في :املدرسة ،واألسرة ،ورجال الدين ،واإلعالم ،عالوة على
مؤسسات قمعية أخرى ،مثل :الشرطة ،والجي ،والحكومة ،واإلدارة ،واملحاكم،
جون ،واألجهزة السياسية والنقابية والثقافية297. وال
376
وهنك كتاب خرون يرون أن املدرسة تحرم الطفل من رغباته أو تكبتها وتقمعها كما
،ومانوني ( G. 299)R. عند بوجدرة ( ،298 )R. Boujedraوشيرير (Scherer
، 300)Mannoniوسيالم (...301)Celam
أما إيفان إليت ( ،)Yvan Illichفيدعو إلى إلغاء املدرسة ألنها من نتاج املجتمعات
الرأسمالية االستهالكية ،ومرتبطة باالستعمار الغربي.لذا ،البد من التحرر منها كما
بين ذلك في كتابه(مجتمع بالمدرسة).302
ومي يين جه ي يية أخي ييرى ،تع ي ييد املدرسي يية ،ف ي ييي منظي ييور ل ي ييوي ألتوسي ييير ) ،(L.Althusserجه ي ييازا
إيي ييديولوجيا قمعيي ييا .بمعني ييى أن املدرسي يية مؤسسي يية عامي يية تعلي يير عي يين توجهي ييات الدولي يية،
وتطلعاتهييا السياسييية ،وأهييدافها اإليديولوجييية بواسييطة منا جهييا وسرامجهييا ومقرراتهييا
ومحتوياتها الدراسية.ومن ثم ،فهي تعلر عن مصال ،الطبقة الحاكمة ،وتكرس ثوابتها
وأفكارهييا وطموحاتهييا .أي :يييرى ألتوسييير" ،بخصييوص التقنيييات واملعييارف ،أنييه يجييري فييي
املدرسة تعلم قواعد تحكم اليرواب االجتماعيية بموجيب التقسييم االجتمياعي والتقنيي
للعمل.
كمييا يقييول بييأن النظييام املدرهيياي وهييو أحييد أجهييزة الدوليية اإليديولوجييية هييو الييذي يييؤمن
بنجاع يية استنس يياخ رواب ي اإلنت يياج ع يين طري ييق وج ييود مس ييتويات م يين التأهي ييل الدراه يياي
تتجيياوب مييع تقسيييم العمييل ،وعيين طريييق ممارسيية اإلخضيياع لإليييديولوجيا السييائدة.إن
298- R. Boujedra, La répudiation, Paris: Seuil, 1969.
299- R. Scherer, Emile perverti ou Des rapports entre l’éducation et la sexualité, Paris,
Laffont, 1974. Réédition Désordres-Laurence Viallet, 2006.
300- G. Mannoni, Éducation impossible, Paris: Seuil, 1973.
302-Ivan Illich, Une société sans école, 1971, trad., Seuil, 1972.
377
املسييالك املوجييودة املدرسيية ييي انعكيياس لتقسيييم املجتمييع إلييى طبقييات ،وغايتهييا اإلبقيياء
الطبقية303". على الرواب
وي ييدل ه ييذا كل ييه عل ييى أن املدرس يية تم ييارس عنف ييا رمزي ييا كم ييا يق ييول بوردي ييو ،وتس ييهم ف ييي
تكريس التفاوت الطبقي ،وخليق الطبقيات االجتماعيية نفسيها سيواء أكانيت مهيمنية أم
خاوعة.
وعلي ييه ،فالوظيف يية اإليديولوجي يية له ييا عالق يية وثيق يية بوظيف يية التطبي ييع والحف يياظ عل ييى
ثوابت األجداد ،ورس املاضاي بالحاور .وفي هذا ،يقول مبارك رسيع:
" يمكي يين اعتبي ييار هي ييذه الوظيفي يية اإليديولوجيي يية وجهي ييا مي يين وجي ييوه الوظيفي يية التطبيعيي يية
العاميية ،وذلييك علييى األقييل ألن الوظيفيية اإليديولوجييية ،تعتمييد فيمييا تعتمييد عليييه ،علييى
املنظوميية املعرفييية ،إال أنهييا تعتمييد علوهييا الميين حيييث ييي معرفيية بالعييالم أو الكييون ،بييل
باعتبييار هييذه املعرفيية بمضييمونها خصوصييا ،تعمييل علييى تكييوين اتجيياه فكييري خيياص فييي
الطفل ،يميل إلى تركيز التحامه بمجتمعه .ومين هنيا ،تجيد القييم السياسيية واملذهبيية
والدينية..الخاصة باملجتمع طريقها لتلوين املنظومة املعرفية ،ونزع طابع الحياد عنهيا،
فمفهييوم الييوطن والدوليية ونوعييية النظييام السياهيياي فييي املجتمييع...رغم أنهييا تييأتي أحيانييا
مصاغة في مواد محيددة كالتربيية الوطنيية أو الدينيية أو األخالقيية ،فإنهيا ميع ذليك تجيد
طريقه ييا أيض ييا و ييمن امل ييواد العلمي يية ذات الط ييابع املحاي ييد أيض ييا.فالتاريق أو الجغرافي ييا
رغم الطابع املوووعي ،تكون فرصة لتثبيت االعتزاز بالذات الوطنية واألمة وغيرها.
- 303مارسيل بوستيك :العالقة التربوية ،ترجمة :محمد البشير النحاس ،املنظمة العرسية للتربية والثقافة
والعلوم ،تونس3603 ،م ،ص .22-23:
378
..إن الدعوات القائمة على انتقاد الوظيفة اإليديولوجيية للمدرسية ،منطلقية مين مبيدإ
االلتي ي يزام بقض ي ييايا الطبق ي ييات االجتماعي ي يية املتواو ي ييعة وامل ي ييحوقة ،وسقض ي ييايا التح ي ييرر
االجتمي يياعي ،بمي ييا فوهي ييا حقي ييوق الطفي ييل وامل ي يرأة ،و ي ييي بي ييذلك تسي ييتحق التنويي ييه ،ويمكي يين
االستفادة منها ،بما يطور الوظيفة اإليديولوجية للمدرسة دون أن يلغوها...
وإذا اعتلرنييا الظييروف الخاصيية ببلييدان العييالم الثالييث حيييث التيزال مجتمعاتهييا فييي كثييير
م يين الح يياالت بعي ييدة ع يين كي ييان الدول يية بمعناه ييا الحقيق ييي ،وم يياتزال بالت ييالي ،قائم يية ف ييي
تنظيمه ييا عل ييى القبيل يية والعش يييرة ،فإنني ييا ن ييدرك أن الوظيف يية اإليديولوجي يية للمدرسي يية
باعتبارهيا عامييل توحيييد وتنظييم ميياتزال مرغوسييا فوهيا ميين هييذه الناحيية ،كمييا أنهييا ميياتزال
مرغوسا فوها من ناحية املنظومة املعرفية ،نظرا ملستوى التخلف وتفشاي األمية304".
وهكذا ،ندرك أن للمدرسة وظيفة خطيرة تتمثل في الوظيفة اإليديولوجيية التيي تسيهم
في تكريس التفاوت الطبقي واالجتماعي والسياهاي نفسه.
- 304مبارك رسيع :مخاوف األطفال ،الهالل العرسية للطباعة والنشر ،طبعة 3663م ،ص .226-222:
379
نوع من العنف املخفف .ومن ثم ،تسهم البيروقراطية في تكريس العنف وترسيخه في
مؤسسات الدولة أو أجهزة السلطة مادامت اإلدارة مبنية على ثناية األمر والطاعة،
واحترام املر وس لرئيسه.
وغالبا ،ما تتحول السلطة إلى تسل ،وقهر ،وقمع ،وعنف حيث يسهم األمر
السلطوي في تأجيظ العنف ،وإثارة الصراعات بين أبناء املجتمع الواحد .وقد تسجأ
السلطة إلى استعمال العنف في خر لحظة يفشل فوها الحوار ملواجهة املجرمين أو
املتمردين أو األفراد املنعزلين الذين قد يرفضون أن يخضعوا لسيطرة توافق
األغلبية أو االكثرية .305ومن هنا ،فالعنف هو وسيلة ممارسة السلطة ليس إال .وقد
تدل السلطة على السيطرة على اآلخر بواسطة العنف أو سيطرة اإلنسان على
اإلنسان اآلخر بواسطة العنف.وفي هذا ،تقول حنا أرندت:
" إن إحالل العنف محل السلطة قد يحقق النصر ،لكن الثمن يكون مرتفعا جدا.
ألن من يدفعه اليكون املهزوم وحده ،يل يدفعه كذلك الطرف املنتصر ،وعلى حساب
سلطته الخاصة .وينطبق هذا الكالم بشكل خاص حين يكون املنتصر من تلك الدول
التي تحكم ،في الداخل ،من قبل حكومة دستورية .ويبدو لنا هنري ستيل كومانجر
على حق تماما حين يقول ":إذا ما قلبنا نظام العالم ،وحطمنا السلم العاملي ،سيكون
علينا ،حتما ،أن نقلب ونحطم بالتالي مؤسساتنا السياسية نفسها قبل ذلك306".
-305حنا أرندت :الي العنف ،ترجمة :إبراهيم العريس ،دار الساقي ،بيروت ،لبنان ،الطبعة الثانية 2233م،
ص.23:
-306نفسه ،ص.20:
380
والعنف يظهر حين تكون السلطة مهددة ،لكنه إن ترك على سجيته سينتهي األمر
باختفاء السلطة .ويترتب على هذا أنه من غير الصحيح التفكير بالالعنف بوصفه
نقيض العنف والحديث عن سلطة العنيفة هراء المعنى له .إن بإمكان العنف أن
يدمر السلطة...لكنه بالضرورة عاجز عن خلقها"307.
وعليه ،تسهم السياسة في بروز العنف ،وانتشار الثورات واملظاهرات واالوطرابات
واالنقالبات السياسية والعسكرية .ومن ثم ،يوجد العنف عندما توجد السياسة.
ومي يين جهي يية أخي ييرى ،يي ييدرس فوكي ييو ،في ييي كتابي ييه (الر اقاـ ــةوالعقاب)،308نظي ييام السي ييلطة
باعتبارهييا مؤسسيية مهيكليية ومنظميية ،وجهييازا للضييب والتأديييب والعقيياب .و ييي كييذلك
تعبييير عيين املجتمييع الليلرالييي ،وقييد تييأثر فوكييو فييي ذلييك بأعمييال بنتهييام ( .)Benthamوقييد
بين فوكو في هذا الكتاب أننا قد انطلقنا تاريخيا من مرحلة مراقبة األجساد إلى مرحلة
مراقبة العقول والسلوكيات .ويعني هذا أن الدولة التي تتبج ،باملركزيية الغرسيية مبنيية
على قوة السلطة والتأديب واالنضبا ،ومراقبة األفراد أجسادا ،وعقوال،وسلوكيات.
وميين هنييا ،فييإن ال ييجن -مييثال -نمييوذج لقييوة السييلطة الليلرالييية وقييوة الدوليية وهيبتهييا.
ويعني هذا أن فوكيو ييدعو إليى تحريير اإلنسيان مين السيلطة ،وتخليصيه مين قيوة الدولية
املؤسساتية.
وميين ناحييية أخييرى ،يييدين مشيييل فوكييو املدرسيية واملؤسسيية التربوييية فييي كتابييه(الر اقاــة
والعقــاب)(3633م) علييى أسيياس أن املدرسيية فضيياء مغلييق يعنييى بالتأديييب ،والعقيياب،
واالنضبا .ويعنيي هيذا أن املدرسية تعبيير عين نظيام السيلطة.كما أنهيا مؤسسية مهيكلية
-307نفسه ،ص.32:
328 p.
381
ومنظم ي يية ،وجه ي ييازا للض ي ييب ،والتأدي ي ييب ،والعق ي يياب .و ي ييي ك ي ييذلك تعبي ي يير ع ي يين املجتم ي ييع
الليلرال ييي .وعليي ييه ،يي ييرتب فوكي ييو بفلسي ييفة الس ييلطة ارتباطي ييا وثيقي ييا ،ويي ييدافع عي يين حريي يية
الي ييذات ،ويبي ييين أن كي ييل عصي يير يني ييتظ خطابي ييه املي يينظم واملهي يييمن .ومي يين ثي ييم ،يعلي يين نظي ييام
الخطاب حقيقة العالم ،ويجسد معاييره اليقينية الثابتة.309
382
ويبق ي ي مشي ييكل الالمسي يياواة أقي ييدم املشي يياكل التي ييي تناولتهي ييا سوسي يييولوجيا املدرسي يية ألن
املدرسيية ييي فضيياء للتفيياوت االجتميياعي ،ومؤسسيية مجتمعييية للص يراع الطبقييي .ويعنييي
هذا أن املدرسة مجتمع مصغر يعكيس مختليف التناقضيات املوجيودة فيي املجتميع عليى
املس ييتوى السياه يياي ،واالقتص ييادي ،واالجتم يياعي ،والثق ييافي ،واللغ ييوي ..و يتمثي يل ه ييذا
التفيياوت فييي الفييوارق الفردييية املوجييودة بييين املتعلمييين علييى صييعيد التحصيييل الدراهيياي،
واخييتالف الرصيييد اللغييوي ميين مييتعلم إلييى خيير حسييب طبيعيية الطبقيية االجتماعييية التييي
ينتمي ي ييي إلوهي ي ييا .إوي ي ييافة إلي ي ييى الفي ي ييوارق السي ي يييكولوجية ،واالجتماعيي ي يية ،والديدكتيكيي ي يية،
والثقافية...
والنن اى مشاكل أخرى تعاني منها املدرسة الرأسمالية سواء أكان ذلك في الغيرب أم فيي
دول الجنييوب ،مثييل :مشييكل االكتظييا ،و مشييكل الجييودة الكمييية والكيفييية ،ومشييكل
التحصيييل الدراهيياي ،وتفييوق البنييات علييى الييذكور ،ومشييكل تكييوين املدرسييين واإلداريييين
واملتعلم ي ييين ،ومش ي ييكل ال ي ييدبلومات والش ي ييهادات املدرس ي ييية ،ومش ي ييكل التوجي ي ييه امل ي ييي،
ومشييكل الهيرارشييية املدرسييية ،ومشييكل العالقييات املدرسييية ،ومشييكل اإلطعييام وامليينح
املدرسييية ،ومشييكل التييوتر املدرهيياي ،ومشييكل أزميية املدرسيية وسييبل اإلصييالح ،ومشييكل
التفاوت بين املؤسسات ،والشعب ،واملسالك ،والتخصصات...
وعليييه ،تتجم ييع هييذه املش يياكل كلهييا فييي ثنائي ية النجيياح واإلخفيياق ،فالنج يياح ميين نصيييب
أبناء الطبقة الراقية ،واإلخفياق مين نصييب الطبقية العماليية أو املهنيية .ويعنيي هيذا أن
املدرسي يية ي ييي فضي يياء إلنتي يياج الطبقي ييات االجتماعيي يية نفسي ييها ،أو ي ييي مؤسسي يية لتوريي ييث
املتعلميين مهيين أبائهم.وهيذا مييا جعيل البيياحثين ييدعون إلييى مدرسية ديمقراطييية حقيقييية
تتكاف يأ فوهييا الفييرص والحظييوظ ،أو يييدعون إلييى مدرسيية عادليية ومنصييفة بييدال ميين هييذه
383
املدرسيية الرأسييمالية القائميية علييى االنتقيياء والتمييييز واالصييطفاء الطبقييي ،والتييي تحييتكم
إلى الحسب ،والنسب ،واألصول االجتماعية والطبقية.
ويعنييي هييذا -حس ييب بيييير بورديييو وكل ييود باسييرون -أن املدرسيية الرأس ييمالية غي يير عادل يية
وغيرمنصييفة .وسالتييالي ،فهييي مدرسيية إيديولوجييية تييتحكم فوهييا الطبقيية الحاكميية بقيمهييا
ُ
وامتيازاتهييا ،وأنهييا تعييد لنييا الورثيية ألن أبنيياء الطبقييات الشييعبية يمتهنييون مهيين بييائهم.في
حي ييين ،يسي ييتفيد أبني يياء الطبقي ييات الغنيي يية أو الحاكمي يية باالمتيي ييازات املهنيي يية آلبي ييائهم .أي:
التوفر املدرسة فرصا متعادلة أو متكاف ة لسجميع ،فهناك المساواة ظاهرة .ومن هنا،
تمييارس املدرسيية الغرسييية الديمقراطييية عنفييا رمزيييا وييد املتعلمييين الييذين ينحييدرون ميين
الطبقييات الشييعبية أو العمالييية .وأكثيير ميين هييذا يتعروييون لإلخفيياق املدرهيياي ،ويك ييون
مستواهم ضحال ،ويفتقرون إلى املمجم اللغوي والثقافي الراقي مقارنية بأبنياء الطبقيات
الغني يية أو الحاكم يية ال ييذين يس ييتفيدون م يين النج يياح وال ييدبلومات الرفيع يية الت ييي ت ييؤهلم
لتي ييولي املناصي ييب السي ييامية ،والحصي ييول علي ييى الوظي ييائف املتميي ييزة في ييي الدولي يية .ومي يين هني ييا،
فاملدرس يية ييي نت يياج الثقاف يية املهيمن يية ،وتعبي يير ع يين مص ييال ،الطبق يية الحاكم يية وأهوائه ييا
وامتيازاتها الطبقية.
ولك يين اليعن ييي ه ييذا أن املدرس يية االش ييتراكية مدرس يية عادل يية ومنص ييفة ،ب ييل ييي مدرس يية
جماعي ي يية التعن ي ييى ب ي ييالفرد بش ي ييكل أس ي يياس .وسالت ي ييالي ،تعط ي ييي األولوي ي يية للنخب ي يية العلمي ي يية
والتقنييية الراقييية ،والتييوفر الحرييية الكامليية ألي تلميييذ بشييكل متسيياو مادامييت مدرسيية
إيديولوجية وقمعية وسروليتاريية ،تيؤمن برعحيان كفية العميال عليى كفية رجيال األعميال
البورجوازيين املالكين لدواليب االقتصاد .بمعنيى أن حظيوظ املسياواة غائبية ،بيدورها ،
في املدرسة االشتراكية ذات الطابع اإليديولوجي والقم ي.
384
خامسا ،الدرسة أساس الصراع الطاقي والفشل الدراس ي:
تنبني املقارسة الصراعية على مفهوم الصراع واالختالف حول السلطة والقوة .ومن
ثم ،فاملجتمع غير خاوع ملبدإ النظام والتوازن واالن جام كما يقول الوظيفيون
(دوركايم ،وسارسونز ،وميرتون) ،بل قائم على الصراع واالختالف والتوتر .وفي هذا،
يقول أنتوني غيدنز ،في كتابه(علم االجتماع):
" يميل علماء االجتماع الذين يطبقون نظريات الصراع إلى التأكيد على أهمية البنى
في املجتمع مثلما يفعل الوظيفيون كما أنهم يطرحون نموذجا نظريا شامال لتفسير
عمل املجتمع.غير أن أاحاب النظريات الصراعية يرفضون تأكيد الوظيفيين على
اإلجماع ،ويلرزون بدال من ذلك أهمية الخالف والنزاع داخل املجتمع ،ويركزون بذلك
على قضايا السلطة والتفاوت والنضال.ويميل هؤالء إلى أن املجتمع يتألف من
مجموعات متميزة تس ى إلى تحقيق أهدافها الخاصة .ووجود هذه املصال ،املنفصلة
يعني أن احتمال قيام الصراع بين هذه الجماعات يظل قائما على الدوام ،وأن بعضها
قد ينتفع أكثر من غيره من استمرار الخالف .ويميل امللتزمون بنظريات الصراع إلى
دراسة مواطن التوتر بين املجموعات املسيطرة واملستضعفة في املجتمع ،ويسعون
إلى فهم الكيفية التي تنشأ بها عالقات السيطرة وتدوم .ويعزو كثير من منظري
الصراع راءهم إلى ماركس الذي أكد في مؤلفاته على الصراع الطبقي ،إال أن بعضهم
ينوهون باألثر الذي تركه فيلر على توجهاتهم.ومن أبرز ممثلي هذا االتجاه عالم
االجتماع األملاني رالف دارندورف ،ففي واحد من أبرز مؤلفاته(الطاقة والصراع
الطاقي الي الجتمع الصناعي ( ، ))3636يرى دارندورف أن املفكرين الوظيفيين
يقصرون دراستهم على جانب واحد من املجتمع -أي نواحي الحياة االجتماعية التي
يتجلى فوها االن جام والتوافق .وما يعادل أهمية تلك الجوانب ،أو يفرق أهمية ،هو
385
النواحي األخرى التي يميزها الصراع واالختالف.وينتظ الصراع ،كما يقول دارندورف،
بين مصال ،األفراد والجماعات على بشكل أساهاي عن االختالف والتعار
السواء.وقد اعتقد ماركس أن اختالف الصالح وقف عكى الطاقات ،غير أن
دارندورف يعزوه بصورة أوسع إلى االختالف عكى السلطة والقوة.وفي جميع
املجتمعات ينشأ الخالف والنزاع بين من يملكون السلطة من جهة ،ومن يتم
هم عنها من جهة أخرى .أي :بين الحكام واملحكومين310". إقصا
وسناء على ما سبق ،ترتكز املقارسة الصراعية على التوجه املارك اي الجديد على أساس
أن املدرسة ي فضاء للصراعات الطبقية واالجتماعية واللغوية والرمزية ،أو ي
فضاء للصراع حول السلطة والقوة كما يقول دارندورف .وتتبنى هذه املقارسة
التصورات النقدية في ووء مقترب مارك اي جديد .وخير من يمثل هذه املقارية كل
من بيير بورديو ( ، )Pierre Bourdieuوسودلو( ،)Baudelotوإستابليت(،)Establet
وسرنار الهير( ،)Bernard Lahireو كوالنز ( ،)Collinsو بازل برنشتاين ( Basil
...)Bernstein
وتنطلق هذه املقارسة من أن العالقات االجتماعية ي التي تتحكم في التوجيه
املدرهاي .و ي التي تسهم في تحقيق النجاح أو تكون وراء اإلخفاق الدراهاي .ومن ثم،
فاألصل االجتماعي عنصر مهم في التحليل السوسيولوجي ،لكنه اليعتلر العنصر
الوحيد في فهم الظاهرة التربوية وتفسيرها اجتماعيا .ومن ثم ،فاملدرسة في منظور
هذه النظرية مثل لة إلعادة إنتاج الالمساواة الطبقية واالجتماعية.
- 310أنتوني غيدنز :علم االجتماع ،ترجمة :فايز الصياغ ،منشورات املنظمة العرسية للترجمة ،بيروت،
لبنان ،الطبعة األولى سنة 2223م ،ص.33:
386
وقد طرحت السوسيولوجيا التربوية ،في سنوات الستين من القرن املاضاي ،سؤال
الالمساواة ،وكان سؤاال جوهريا ،وأسال كثيرا من الحلر إلى يومنا هذا .أما قبل ذلك،
فكان سؤال التنشئة االجتماعية وإدماج الفرد في حضن املجتع مع إميل دوركايم.
ومن ثم ،يعد سؤال الالمساواة املدرسية نتاج لالمساواة الطبقية واالجتماعية .ومعنى
هذا أن املدرسة تعبير عن الفوارق الفردية ،والطبقية ،واالجتماعية ،واللغوية،
والثقافية.فأبناء األغنياء والطبقات املرموقة يحصلون على معدالت مرتفعة،
ويستفيدون من التعليم الجام ي .في حين ،يحصل أبناء الطبقات الدنيا على معدالت
وعيفة ،ويعانون من فوارق التحصيل والذكاء.ثم ،اليستطيعون متابعة دراساتهم
الجامعية ،فيكتفون بالتوجيه امل ي أو التقني .وهذا إن دل على (ايء ،فإنما يدل على
أن املدرسة الرأسمالية الطبقية تعيد لنا إنتاج الورثة بامتيازاتهم الطبقية
واالجتماعية .بينما يفتقر أبناء الطبقة العمالية إلى الرأسمال الثقافي الذي يمتلكه
أبناء الطبقة البورجوازية .ومن ثم ،تمارس املدرسة الرأسمالية عنفا رمزيا ود أبناء
الطبقات الكادحة أو امل حوقة اجتماعيا .ومن ثم ،يبدو أن وظيفة املدرسة -حسب
بيير بوردو وكلود باسرون -ي تحقيق الالمساواة الطبقية واالجتماعية.وليست
املدرسة محايدة أو موووعية أو عادلة أو كونية ،بل تخدم مصال ،الطبقة السائدة
أو قيم الف ة املهيمنة على الحكم ليس إال.
وتييرى هييذه املقارسيية أن املدرسيية ال تنتقييي ميين هييو أكثيير ذ يكياء وقييدرة وإنتاجييا وإبييداعا ،بييل
ميين هييو أكثيير مطابقيية ومسييايرة لتمييثالت الف يية الحاكميية.أي :تختييار ميين ينفييذ تعليمييات
الطبقة املالكة للسلطة ،ويعيد إنتاج قيمها.
وقيد تنياول بيييير بوردييو مفهيوم إعييادة اإلنتياج بالتحلييل والدراسيية والتقيويم عنيدما ركييز
اهتمام ي ييه السوس ي يييولوجي عل ي ييى النظ ي ييام الترب ي ييوي الفرن ي يياي م ي ييع ص ي ييديقه ج ي ييان كل ي ييود
387
باسييرون( ، )Jean-Claude Passeronفييي كتابهمييا (إعــاة اإلنتــاج) منييذ سيينوات السييتين
إذ كانييت هييذه الفتييرة مرحليية التطييور واالزدهييار العلمييي واملنهجييي م يين الق يرن املاض يياي311
لسوسيولوجيا التربية.
ويمكي ي يين القي ي ييول :إن بييي ي يير بورديي ي ييو وكلي ي ييود باسي ي ييرون همي ي ييا اللي ي ييذان أعطيي ي ييا والدة ثانيي ي يية
لسوسيولوجيا التربية .وقد انطلقا من فروية سوسييولوجية أساسيية،تتمثل فيي كيون
املتعلمين اليملكون الحظوظ نفسها في تحقيق النجاح املدرهياي .ويرجيع هيذا االخيتالف
إل ييى التراتبي يية االجتماعي يية ،والتف يياوت الطبق ييي ،ووج ييود ف ييوارق فردي يية داخ ييل الفصي ييل
الدراهاي نفسه.
وق ي ييد ق ي ييادت األبح ي يياث السوس ي يييولوجية واإلحص ي ييائية بوردي ي ييو وساس ي ييرون إل ي ييى اس ي ييتنتاج
أساهيياي هييو أن الثقافيية التييي يتلقاهييا املييتعلم فييي املدرسيية الفرنسييية الرأسييمالية ليسييت
ثقافيية مووييوعية أو نزيهيية أومحايييدة ،بييل ييي ثقافيية مؤدلجيية تعليير عيين ثقافيية الهيمنيية
وثقافة الطبقة الحاكمة .وليست التنش ة االجتماعية تحرييرا للميتعلم ،بيل إدماجيا ليه
فييي املجتمييع فييي إطييار ثقافيية التوافييق ،والتطبييع ،واالنضييبا املجتم ي.وسالتييالي ،تعيييد لنييا
املدرسي ي يية إنتي ي يياج الطبقي ي ييات االجتماعيي ي يية نفسي ي ييها عي ي يين طريي ي ييق االصي ي ييطفاء ،واالنتقي ي يياء،
واالنتخاب .ومن ثم ،فهي مدرسة الالمساواة االجتماعية بامتياز.
ويعن ييي ه ييذا كل ييه أن سوس يييولوجيا التربي يية النقدي يية ق ييد عرف ييت من ييى مهم ييا ف ييي س يينوات
السييتين إلييى غاييية سينوات السييبعين ميين القييرن العشييرين .وقييد اتخييذت بعييدا علميييا أكثيير
ممي ييا هي ييو سياهي يياي بعي ييد أن توسي ييعت الهي ييوة بي ييين النظريي يية والتطبيي ييق ،أو بي ييين املؤسسي يية
التربويي يية واملجتمي ييع ،والسي يييما بعي ييد تحي ييول املدرسي يية الرأسي ييمالية إلي ييى فضي يياء للمنافسي يية
311 -Pierre Bourdieu et Jean-Claude Passeron, Les héritiers : les étudiants et la culture,
Paris, Les Éditions de Minuit, coll. « Grands documents » (no 18), 1964, 183 p.
388
والتطي ي يياحن والص ي ي يراعات االجتماعيي ي يية والطبقيي ي يية ،أو تحولهي ي ييا إلي ي ييى مؤسسي ي يية تفاوتيي ي يية
هيرارشي ييية ،أو مدرسي يية تراتبيي يية طبقيي يية تنعي ييدم فوهي ييا العدالي يية االجتماعيي يية الحقيقيي يية،
وتغيييب فوهييا املسيياواة علييى مسييتوى الفييرص والحظييوظ حيييث يكييون الفشييل واإلخفيياق
مييتل أبنيياء الطبقييات الشييعبية .فييي حييين ،يكييون النجيياح حليييف أبنيياء الطبقييات الغنييية،
وأبني يياء الطبقي يية الحاكمي يية.أي :أصي ييبحت مدرسي يية فارقيي يية بامتيي يياز ،أو مدرسي يية لالنتقي يياء
واالصطفاء الطبقي والتميز االجتماعي.
وللتوويح أكثر ينطلق بورديو وساسرون من فكرة أساسية ي" أن املدرسة تعمل وفق
تقسيييم املجتمييع إلييى طبقييات .و ييي بييذلك تكييرس إعييادة اإلنتيياج واملحافظيية علييى الووييع
القييائم الييذي أنتجها.وتبعييا لهيذا ،فييإن األطفييال ،ومنييذ البداييية -قبييل ولييوجهم املدرسيية-
غي يير متس يياوين أم ييام املدرس يية والثقاف يية .أي :غي يير متس يياوين ف ييي الرأس ييمال الثق ييافي (أي
امييتالك املهييارات اللغوييية املالئميية التييي تسييهل عملييية التواصييل التربييوي).ولكي تحييافء
املدرسيية علييى وظيفتهييا -إعييادة اإلنتيياج -فهييي تفيير معيييارا ثقافيييا ولغويييا معينييا ،وهييو
أق ييرب إل ييى اللغ يية والثقاف يية الس يياريتين ف ييي األس يير البورجوازي يية من ييه ف ييي األس يير والطبق ييات
الشييعبية.إن ه ييذا اإليتييوس(. )Ethosأي :النظ ييام القيم ييي املس ييتبطن بعمييق ،والييذي ه ييو
لصال ،الطبقات املسيطرة يؤدي إلى خلق نوع من االستعداد أو األبيتوس لدى األفيراد
عن طريق العميل التربيوي اليذي يسي ى أساسيا لتشيريب التعسيف الثقيافي املفيرو مين
قبل الجماعة املسيطرة.
وه ييذا يعن ييي أن طف ييل الف يية البورجوازي يية يع ييي اس ييتمرارية وتك ييامال ب ييين ثقاف يية ف ت ييه
وثقافيية مدرسييته ،ممييا يسييهل عليييه عملييية التوافييق ،إن لييم يكيين مسييبقا متوافقييا .وميين
ثمة ،يصبح وريثا للنظام املدرهاي.
389
أم ييا طف ييل الطبق يية ال ييدنيا ،فه ييو يع ييي قطيع يية ب ييين ثقاف يية ف ت ييه وثقاف يية مدرس ييته.مما
من يجعل هذه األخيرة غريبة وبعيدة عنه.ولكي يتوافق دراسيا معها ،عليه أن يتخل
رواس ييب ثقافت ييه ،و ي ييتعلم طرائ ييق جدي ييدة ف ييي التفكي يير واللغ يية والس ييلوك.أي :أن يم يير،
حسييب تعبييير بيرنييو ( ،)Perrnoudأوال بعملييية االنحييالل ميين الثقافيية ،ثييم ثانيييا بعملييية
املثاقفة.
وعليى العمييوم ،فيإن أطروحيية بورديييو وساسيرون توضيي ،أن األهيداف الضييمنية للمدرسيية
تخ ييدم التكام ييل بينه ييا وس ييين الطبق يية املس يييطرة ،مم ييا يجع ييل أبن يياء ه ييذه األخي ييرة أطف يياال
ني يياعحين دراسي يييا .في ييي حي ييين ،إن انعي ييدام التكامي ييل بي ييين املدرسي يية والطبقي يية الي ييدنيا ،تبعي ييا
لنهداف نفسها ،يجعل الفشل الدراهاي يحصد ضحاياه ومن أبنائها312".
ويعني هذا أن السؤال الذي ركزت عليه سوسيولوجيا التربية ،في سنوات الستين ،هيو
ســؤال الالمســاواة الدرســية التييي تعكييس الالمسيياواة الطبقييية واالجتماعييية .وتعكييس
م ييدى اخي ييتالف أبني يياء الطبقي ييات العماليي يية عي يين أبني يياء الطبقي ييات املحظوطي يية ،واخي ييتالف
املسييتوى التعليمييي الطويييل الييذي يرتيياده أبنيياء الطبقييات املحظوظيية ،والتعليييم القصييير
الييذي يكييون ميين حييء أبنيياء الطبقييات الييدنيا ،والسيييما أبنيياء الطبقييات العمالييية وأبنيياء
املهاجرين على حد سواء .لذا ،يغلب النقد املارك اي الجديد عليى هيذه السوسييولوجيا
الستينية .والدليل على ذلك الثورة العارمية التيي اشيتعل أوارهيا فيي سينة 3630م بسيبب
املدرسي يية الرأسي ييمالية التي ييي كاني ييت -فعي ييال -مدرسي يية طبقيي يية بامتيي يياز .ويتمثي ييل الحي ييل في ييي
دمقرطة التعليم ،وتحقيق املساواة االجتماعية الشاملة ،والحد من الفوارق الطبقيية
- 312خالد امليير و خيرون :أهميـة سوسـيولوجيا التربيـة ،سلسيلة التكيوين التربيوي ،العيدد ،6مطبعية النجياح
الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة الثانية سنة 3663م ،ص.33-33:
390
واملجتمعي يية ،ومن ييع ممارس يية العن ييف الرم ييزي و ييد املتعلم ييين ،وخل ييق مدرس يية موح ييدة
تحقق النجاح لجميع املتعلمين دون تمييز ،أو انتقاء ،أو اصطفاء.
وعليه ،يمكن اعتبار دراسات بورديو نقدا للدراسات الكالسيكية حيول سوسييولوجيا
التربي يية إذ اعتم ييدت عل ييى املقارس يية املاركس ييية الجدي ييدة ف ييي دراس يية املدرس يية الفرنس ييية
بص ييفة خاص يية ،واملدرس يية الرأس ييمالية بص ييفة عام يية ،عل ييى أس يياس أن املدرس يية فض يياء
للتنافس والهيمنة والصراع الطبقي واملجتم ي.
ولييم تقتصيير نظرييية إعييادة اإلنتيياج عنييد بيييير بورديييو علييى ميياهو ترسييوي فق ي ،بييل اهييتم
كييذلك بدراسيية إعييادة إنتيياج الهيمنيية الذكورييية فييي املجتمييع القبييائلي التقليييدي بييالجزائر
في كتابه القيم (الهيمنة الذكورية.313)La Domination masculine/
313 - Pierre Bourdieu, La Domination masculine, Paris, Le Seuil, 1998, coll. Liber, 134 p.
391
جميع األنظمة.غير أنيه ،وعليى اليرغم مين هيذا القصيور ،فقيد اسيتطاعت أن تبيين وجهيا
من وجوه مفارقات العالقة بين التطور التربوي ومثيله االجتماعي".315
ويعني هذا أن كوالنز يثبت أن األصل االجتماعي والطبقي له دور مهم فيي تحدييد مصيير
الفرد.عالوة على انتماءاتهم الحزسية ،والسياسية ،واإليديولوجية.
وتتمثل أطروحية بودليو وإسيتابلي فيي كيون املدرسية الرأسيمالية تنقسيم إليى قنياتين :قنياة
التعلي يييم االبتي ييدائي ذات التوجي ييه امل ي ييي ،وقني يياة التعلي يييم الثي ييانوي والعي ييالي ذات التوجي ييه
االحترافي.ويترت ي ييب ع ي يين القن ي يياتين أن أبن ي يياء الطبق ي يية العامل ي يية يكتف ي ييون ب ي ييالتعليم امل ي ييي
القصير.في حين ،يهتم أبناء البورجوازية بالتعليم العالي الطوييل .وينيتظ عين هيذا وجيود
صراع طبقي واجتماعي داخل املدرسة.
" وهكييذا ،يتضيي ،أن أطروحيية بودلييو وإسييتابلي تتميييز بالنقييد العنيييف واملتجييذر للنظييام
التعليمييي الرأسييمالي( الفرن يياي) ،غييير أن هييذا النقييد ،كمييا يجمييع جييل البيياحثين ،يغلييب
علي ييه الط ييابع السياه يياي واإلي ييديولوجي ال ييذي طب ييع فت ييرة الس ييتينيات والس ييبعينيات م يين
الق ييرن املاض يياي ،كم ييا أن ييه ت ييأثر ب يينم التنظي يير ال ييوظيفي ،ش ييأنه ف ييي ذل ييك ش ييأن الثن ييائي
بورديو وساسرون ،ذلك أن أطروحتهميا حيول إعيادة اإلنتياج ،وأطروحية القنياتين لبودليو
وإستابلي ،ركزتا على وظيفة املدرسة من حيث ي وظيفة اصطفائية ،تعطي الشرعية
للتفاوت االجتماعي ،وتكرس الصراع بين الف ات االجتماعيية.إنها وظيفية مرتبطية عنيد
األولى بالجانب االجتماعي-الثقافي ،وعند الثانية بالجانب السياهاي-اإليديولوجي316".
وهكيذا ،ييرتب بودليو وإسيتابلي بأطروحية القنياتين أو أطروحية التعلييم امل يي فيي مقابيل
التعليييم الجييام ي العييام .فأبنيياء الطبقييات امل ييحوقة اجتماعيييا يختييارون التعليييم امل ييي
-315خالد املير وإدريس قاسمي و خرون :أهمية سوسيولوجيا التربية ،والدرسة ووظا فها ،سلسلة
التكوين التربوي ،العدد ،6مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة الثانية سنة
3663م ،.ص.32-36:
-316نفسه ،ص.33-33:
392
ذي األم ي ييد القص ي ييير ،وأبن ي يياء الطبق ي يية الحاك ي يية يخت ي ييارون التعل ي يييم الج ي ييام ي ذي األم ي ييد
الطويل.
سابعا ،الدرسة والصراع اللغوي:
يتح ييدث بيي يير بوردي ييو ع يين الرأس ييمال اللغ ييوي م يين جه يية ،والس ييوق األلس يينية م يين جه يية
أخرى ،ومن ما يسمى باللسانيات االجتماعية.
وإذا كييان اللس يياني األمريك ييي نييوام شومس ييكي يتح ييدث ع يين الكفيياءة واإلنج يياز ،ف ييإن بيي يير
بورديو يتحدث عن الكفاءة والسوق األلسنية على أساس أن هذه السيوق الرأسيمالية
ييي التييي تييثمن لغيية مييا ،وتحي ميين االسييتثمارية واإلنتاجييية الخاوييعة للطلييب والعيير
لغ ييات أخ ييرى .ويعن ييي ه ييذا أن اللغ يية القيم يية له ييا ف ييي الس ييوق األلس يينية إال إذا كن ييت تل ييك
اللغة تملك سلطة وهيمنة ورأسماال ماديا ،وثقافيا ،ومعنويا.
وللتمثيل ،تحتل اللغة اإلنجليزية -عامليا -مكانة كلرى في السوق األلسنية مقارنة بباقي
اللغات األخرى ألنها مرتبطة بهيمنة الواليات املتحدة األمريكية على العالم اقتصادا،
وثقافة ،وتسليحا ،وهيمنة .بمعنى أن لغة الواليات املتحدة تتمتع بالسلطة والهيمنة
اللغوية ،كما يتمتع الدوالر بتلك القيمة نفسها.
ومن جهة أخرى ،تتمتع اللغة الفص ى املعيارية بمكانة كلرى مؤسساتيا وترسويا
ومجتمعيا مقارنة باللغة الشعبية .ومن اليمتلك هذا اللسان الفصيح اليستطيع أن
يحظ بمكانة داخل املجتمع.
والطلب، وفي املغرب ،ثمة سوق ألسنية متنوعة ومختلفة قائمة على العر
تتضمن الفص ى ،واللغة الفرنسية ،واألمازيغية ،والحسانية ،والدارجة...لكن
393
االمتياز األكلر للغة الفرنسية ومن يتقنها .فهي لغة الترقي والتميز والحصول على
املناصب العليا في الدولة.
وأكثر من هذا تجد املثقفين املغارسة يقبلون على الصحف والكتب التي تستعمل
اللغة الفرنسية ألنها لغة العلم ،والحظوة ،والهيمنة ،واالصطفاء .والشايء نفسه
بالنسبة للهجات األمازيغية في املغرب ،فاللهجة السوسية تحظ بهيمنة كلرى مقارنة
بسبب الهيمنة السياسية واالقتصادية باللهجة الريفية ولهجة األطلس املتوس
والثقافية ألهل سوس وطنيا ،ومحليا ،وجهويا...
فمثال ،من يمتلك اللغة الفرنسية من جهة ،أو اللغة اإلنجليزية من جهة أخرى ،في
بلدنا املغرب ،فقد ومن الفوز والترقي والحصول على الوظائف واملناصب العليا
الكفء أو املؤهل. بسبب الرأسمال اللغوي أو اللساني الذي يملكه ذلك ال خ
لغة معينة ،وترعحها على كفة لغة أخرى لذلك ،فالسوق اللسانية ي التي تفر
حسب معيار الطلب والعر ،ومعيار التثمين ،والتمييز ،والتقويم.
394
" إدراج السوق مرة أخرى هو التذكير أن ال قيمة ألهلية ما طاملا ال تحظ بسوق ما.
وعليه ،فالناس الذين يريدون اليوم أن يدافعوا عن قيمتهم بصفتهم يملكون رأس
مال التينيا ( الذين يتقنون الالتينية) مرغمون على أن يدافعوا عن وجود سوق للغة
إعادة إنتاج مستهلكين للغة الالتينية في النظام املدرهاي. الالتينية ،أي باألخ
ثمة نزعة تقليدية معينة مروية أحيانا ،في النظام املدرهاي التفهم إال من خالل هذا
القانون البسي أال وهو أن تخصصا من دون سوق يصبح من دون قيمة أو على
نحو أدق ،يكف عن أن يكون رأسمال لغويا ليصبح تخصصا فحسب في مفهوم
األلسنيين .
ً
إذا ،اليعرف رأس مال ما وال يحمل منفعة بصفته هذه إال في سوق معينة.اآلن ،يتعين
أن نحدد قليال مفهوم السوق هذا ونحاول أن نصف العالقات املوووعية التي تمنح
البنية لهذه السوق.ما ي السوق؟ ثمة منتجون فرديون يعروون منتجهم ومن ثم
يقيمه اآلخرون وينبثق بناء على ذلك سعر السوق .هذه النظرة الليلرالية للسوق
خاط ة في ما يتصل بالسوق اللغوية والسوق االقتصادية على حد سواء .كما يوجد
في السوق االقتصادية احتكارات وعالقات قوى موووعية التضع املنتجين وال جميع
السوق اللغوية فثمة املنتجات في مستوى واحد في البدء ،كذلك األمر في ما يخ
عالقات قوى.
ً
إذا ،للسوق اللغوية قوانين تكوين أسعار بحيث إن جميع منتجي النتاجات اللسانية
والكالمية غير متساوين .إن عالقات القوى التي تهيمن على هذه السوق والتي تؤدي في
395
أن السوق الحال إلى منح امتيازات إلى بعض املنتجين وبعض النتاجات ،تفتر
األلسنية موحدة نسبيا317".
" تمارس في السوق اللغوية أشكال من االوطهاد لها منطق خاص ،وكما هو الحال
في كل سوق للثروات الرمزية ،ثمة أشكال للهيمنة املتخصصة التقتصر إطالقا على
الهيمنة االقتصادية البحتة ،ال في أسلوب ممارستها وال في املنافع التي تمنحها318".
ً
إذا ،يتميز الحقل الثقافي بهيمنة مجموعة من الرساميل الرمزية ،والسيما الرأسمال
الثقافي ،والرأسمالي اللساني.319
ومن جهة أخرى ،انتشرت اللسانيات االجتماعية في الواليات املتحدة األمركية بشكل
الفت لالنتباه بسبب تواجد الكثير من الجاليات األجنبية .ومن ثم ،ارتبطت بمجال
التربية والتعليم ارتباطا وثيقا كما عند بازيل برنشتاين ( )Basil Bernsteinالذي
تحدث عن شفرتين لغوييتن اجتماعيين متقابلتين :لغة ويقة ومفككة ووعيفة عند
أبناء الفقراء ،ولغة غنية وموسعة عند أبناء األغنياء.وفي هذا الصدد ،يقول عبد
الكريم بوفرة:
- 317بيير بورديو :الرمز والسلطة ،ترجمة :عبد السالم بنعبد العالي ،دار توسقال للنشر ،الدار البيضاء،
املغرب ،الطبعة األولى سنة 3603م ،ص.222-223:
- 318بيير بورديو :مسا ل الي علم االجتماع ،ترجمة :هناء صب ي ،هي ة أبوظ ي للسياحة والثقافة( ،مشروع
كلمة)،اإلمارات العرسية املتحدة ،الطبعة األولى سنة 2232م ،ص .223:بيير بورديو :الرمز والسلطة،
ترجمة :عبد السالم بنعبد العالي ،دار توسقال للنشر ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 3603م.
319 -Pierre Bourdieu, Ce que parler veut dire : l'économie des échanges linguistiques,
وملعرفة ججم الفرق بين النظامين أعاله تم إخضاع تالميذ املستويين االجتماعيين
املختلفين لتجرسة مثيرة لالهتمام .فقد طلب منهم التعليق كتابة على مجموعة من
الرسوم املتحركة الصامتة .فماذا كانت النتيجة؟
كان جواب الف ة األولى (تالميذ الطبقة االجتماعية املتواوعة) على الشكل التالي:
بينما كان تعليق الف ة الثانية (تالميذ الطبقة الغنية) بهذا األسلوب:
" كان األطفال يلعبون بالكرة ،قذف واحد منهم الكرة ،ومرت علر النافذة ،وكسرت
الزجاج"...
ويكمن الفرق بين النظامين في شكل التعبير من الناحية اللغوية ،أي من حيث قواعد
النحو والتركيب أوال .ففي الحالة األولى ،نجد جمال قصيرة ،تفتقر إلى ومائر الرس
مع ممجم محدود جدا.لذا ،يجد أول ك التالميذ صعوسة كلرى في التعبير .فهم
عاجزون عن التعلم ،وعن ر ية العالم.
397
ة االجتماعية تنشأ في األسرة ،وليس في املدرسة320". وهذا يعني أن التعلم والتنش
ذات طابع لغوي ولساني.بمعنى أن 321 وعليه ،يبدو أن أطروحة بازل برنشتاين
املدرسة فضاء للصراع اللغوي واللساني .فلغة أبناء الطبقة الوسط والعليا تتسم
املنطقي والحجاجي .وتميل أيضا إلى بالخصوسة واالسترسال واملرونة والتراب
التجريد ،والترميز ،والصورنة املنطقية .عالوة على استعمالها لسجمل الطويلة التي
تما بالنعوت واألوصاف واملصادر املؤولة وأدوات الوصل والفصل.في حين ،تتسم
لغة أبناء الطبقة الدنيا باستعمال شفرة لغوية ويقة ومحدودة وم خصة
حسيا.كما أنها لغة مفككة ومهلهلة غير خاوعة لعمليات التحليل والتأليف املنطقي
استقراء واستنتاجا.بيد أن هذه النظرية اليمكن تعميمها بشكل علمي ومنطقي.فثمة
أبناء من الطبقة الفقيرة يستعملون اللغة بشكل حيوي ،ويحققون درجات من
النجاح والتقدم في مستواهم الدراهاي ،على الرغم من فقر بي تهم االجتماعية.
وليست املدرسة دائما مكانا للصراع الطبقي واالجتماعي والسياهاي واللغوي
واإليديولوجي ،بل يمكن أن تكون املدرسة فضاء للتعاي والتواصل واالستقرار على
حد سواء.
-320عبد الكريم بوفرة :علم اللغة االجتماعي ،مقدمة نظرية ،مطبوع جام ي ،جامعة محمد األول ،كلية
اآلداب والعلوم اإلنسانية ،وجدة ،املغرب ،املوسم الجام ي2232-2233م ،ص.23-22:
321 -Bernestein.B : Langage et classes sociales. Ed. De minuit, Paris, 1975.
398
الطبقات االجتماعية نفسها ،وأنها فضاء للصراع بين الطبقة املهيمنة والطبقة
الخاوعة.
ينفي رايمون بودون أن تكون هناك رواب قوية بين الالمساواة التعليمية والالمساواة
االجتماعية .بمعنيى أن املجتميع لييس هيو السيبب فيي هيذه الالمسياواة التربويية ،بيل يعيود
ذلك إلى اختيارات األفراد أنفسهم ،ورغبياتهم الذاتيية ،وقيراراتهم ال خصيية ،بنياء عليى
حس ييابات األس يير الخاو ييعة ملنط ييق ال ييرسح والخس ييارة ،وطموحاته ييا الواقعي يية ،ورغباته ييا
املستقبلية.
فبع ي ييد أن كان ي ييت الحاص ي ييلون عل ي ييى ال ي ييدبلومات والش ي ييهادات يحص ي ييلون عل ي ييى الوظ ي ييائف
واملناص ي ييب املناس ي ييبة له ي ييم ،ازداد املتعلم ي ييون بكث ي ييرة ،وكث ي ييرت الش ي ييهادات وال ي ييدبلومات،
وانحص يير س ييوق الش ييغل.لذا ،أص ييبحت املدرس يية الت ييوفر لسجمي ييع الف ييرص نفس ييها م يين
الحظييوظ واالمتيييازات .وليييس هييذا عائييدا إلييى أسييباب خارجييية ،مثييل :الص يراع الطبقييي
واالجتم يياعي والثق ييافي ،واله ييابيتوس الع ييائلي كم ييا يق ييول أنص ييار املقارس يية الص يراعية ب ييل
يعي ي ي ييود ذلي ي ي ييك إلي ي ي ييى اختيي ي ي ييارات األسي ي ي ييرة ومنظورهي ي ي ييا إلي ي ي ييى املدرسي ي ي يية مي ي ي يين حيي ي ي ييث الي ي ي ييرسح
والخس ييارة.فهناك م يين األبن يياء م يين يرغ ييب ف ييي وو ييع اجتم يياعي يش ييبه وو ييع ب ييائهم امل ييي،
واليج ييدون حرج ييا ف ييي ذل ييك أو ظلم ييا .وهك ييذا ،تش ييكل البكالوري ييا بالنس ييبة ألبن يياء الطبق يية
العمالي يية فرص يية التع ييو م يين أجي يل تحقي ييق أرس يياح اقتص ييادية ،ولك يين بالنس ييبة ألبن يياء
األطر العليا التعني تلك الفرصة رسحا حقيقيا لهم إال إذا استمروا فيي التعلييم الجيام ي
الطويييل .ويعنييي هييذا اخييتالف رغبييات األف يراد ومنظييوراتهم إلييى الشييهادة أو الييدبلوم.فأن
تكون معلما بالنسبة البن عمالي رسح كبير وفرصة التعو .ولكن بالنسيبة ألبنياء األطير
العليا،ف ييإن ذل ييك الي يينفعهم ف ييي ( ييايء .ويع ييود ه ييذا كل ييه إل ييى م ييدى الرغب يية ف ييي املدرس يية و
اإلقبييال علوهييا .ويعنييي هييذا أن الالمسيياواة املدرسييية راجعيية إلييى الرغبييات الفردييية ،وليييس
إل ييى اخ ييتالف الرأس ييمال الثق ييافي ،أو إل ييى طبيع يية الطبق يية املهيمن يية ،أو إل ييى قاع ييدة إنت يياج
الطبقات نفسها.وإذا كانت املساواة مغيبة إلى حيد ميا فيي املجتميع الليلراليي ،فإنيه يتمييز
بالحرية .أما في املجتمعات االشتراكية،فهناك مساواة دون حرية.
399
" وعلييى خ ييالف النظرييية الحدسييية هييذه تبييين النظرييية العقالنييية أن االصييطفاء الييذاتي
ي ييتم عل ييى أس يياس محك ييات عقلي يية بالغ يية الدق يية والخصوص ييية .ويع ييد املفك يير الفرن يياي
رايم ي ي ييون ب ي ي ييودون م ي ي يين أش ي ي ييهر ممثل ي ي ييي ه ي ي ييذا االتج ي ي يياه ف ي ي ييي مج ي ي ييال تحلي ي ي ييل االص ي ي ييطفاء
املدرهيياي.فالتلميذ يقييرر هنييا بصييورة واعييية مييا يترتييب عليييه فييي الشييأن املدرهيياي.ومن ثييم،
ي ييدرس الظ ييروف والعوام ييل واملتغي يرات املختلف يية ،ويق ييدر إمكاني يية املتابع يية أو أفض ييلية
الترك والتخلي عن الدراسة.وهو في كل األحوال اليتخذ قراره بناء على فروية الحدس
واالستبطان أو العفوية الحيرة فيي اتخياذ القرار.وهنيا ،يبيدو أن اتخياذ القيرار بيالتخلي أو
الت ي ييرك يعتم ي ييد عل ي ييى موازن ي يية دقيق ي يية تأخ ي ييذ بع ي ييين االعتب ي ييار املخ ي يياطر وح ي ييدود النفق ي ييات
والعائدات ،ويتحدد مثل هذا القرار وفقا لعوامل ومتغيرات"323.
ويعني ييي ه ي ييذا إذا كي ييان أنص ي ييار املقارس ي يية الص ي يراعية ق ي ييد أخي ييذوا بالحتمي ي يية املجتمعي ي يية أو
الواقعي يية ف ييي تحدي ييد مص ييير الف ييرد ،ف ييإن رايم ييون ب ييودون ق ييد أخ ييذ بنظري يية الفع ييل عل ييى
أساس أن الفرد حر في أفعاليه واختياراتيه .ويعنيي هيذا أن نظريية الفعيل االجتمياعي تيرى
أن " األف يراد ق ييادرون عل ييى ص ييناعة مص يييرهم املدره يياي وامل ييي تأسيس ييا عل ييى مب ييادراتهم
وفعالياتهم االجتماعية.
وم يين أه ييم االتجاه ييات األساس ييية له ييذه النظري ييات يمك يين اإلش ييارة إل ييى مدرس يية املفك يير
الفرن اي بودون الذي لطاملا يركز فيي دراسياته وأبحاثيه عليى أهميية العواميل املسيتقبلية
ف ييي تحدي ييد مص ييير الف ييرد ومس ييتقبله.فإذا ك ييان املاض يياي عن ييد الحتمي ييين ه ييو ال ييذي يح ييدد
مالمح املستقبل ،فإن املستقبل عينه هو الذي يرسم املصير عند األفراد وفقا ألنصار
النظريي ي يية الفرديي ي يية.ومن هي ي ييذا املنطلي ي ييق يوجي ي ييه الفردانيي ي ييون انتقي ي يياداتهم الشي ي ييديدة إلي ي ييى
الثق ييافويين ال ييذين يعتق ييدون أن ه ييدف االص ييطفاء ه ييو إع ييادة إنت يياج البن ييى االجتماعي يية
القائمة ،وسأن املدرسة قادرة على فر قوانوها على األفراد324".
- 323علي أسعد وطفة وعلي جاسم الشهاب :علم االجتماع الدرس ي ،املؤسسة الجامعية للدراسات
والنشر والتوزيع ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة 2222م ،ص.362:
- 324نفسه ،ص.363-363:
400
وهكييذا ،يييرى رايمييون بييودون أن الالمسيياواة التربوييية التييرتب بالالمسيياواة االجتماعييية
والطبقييية والثقافييية ،بييل تعييود إلييى االختيييارات الحييرة لنف يراد وق يراراتهم ال خصييية ،
واقتناعي يياتهم الذاتيي يية ،وحس ي ياباتهم الخاصي يية التي ييي يضي ييعونها جيي ييدا حي ييين التعامي ييل مي ييع
املدرسة.
تاسعا ،نظرية موت الدرسة:
يمثل هذه النظرية إيفان إليت ( ) Ivan Ilitchالذي ثار على املدرسة الليلرالية
الطبقية واالستعمارية التي تكرس سياسة التخلف واالستعمار ،وتسهم في توريث
الفقر والبؤس االجتماعي.لذا ،نادى إيفان إليت إلى إلغاء هذه املدرسة الطبقية غير
الديمقراطية في كتابه( مجتمع بدوح مدرسة).325
فنظرية موت املدرسة -حسب كوي أفانزيني -ي في الحقيقة نظرية قد "تأثرت تأثرا
كبيرا بالعوامل الجغرافية التي أحاطت بها والتي قد تجعل منها نظرية صالحة لبلدان
أمريكا الالتينية ،غريبة كل الغرابة عن املنطق التربوي للغرب .السيما أننا نجد فوها
بعض التسا الت التي تؤيد مثل هذا التفسير الذي يقصرها على بلدان بعينها ،ذلك
أن السيد إيلي ينزع أحيانا إلى القول بأن املدرسة مالئمة للعصر الصناعي ،وأنها من
إرث هو مخلفاته ،وينبغي أن ت جب فق في البلدان املتخلفة حيث التستطيع أن
توفر االنطالقة الالزمة لها ،وحيث يكون حذفها شرطا الزما لحذف االستعمار
والقضاء عليه ،على أنه في أحيان أخرى يطلق أحكاما تنادي بالقضاء علوها قضاء
كانت"326. جذريا ،ويرى فوها مؤسسة بالية أن
- 326غي أفانزيني :الجمود والتجدلد الي التربية الدرسية ،ترجمة :عبد ت عبد الدائم ،بيروت ،لبنان ،دار
العلم للماليين ،الطبعة األولى سنة 3603م ،ص .233-233:
401
ً
من املدرسة الرأسمالية االستعمارية إذا ،تهدف نظرية موت املدرسة إلى التخل
التي تعمق الفوارق االجتماعية واللغوية والطبقية والثقافية .ومن هنا " ،يشكك
بسالمة التعليم اإللزامي الشامل املطلق اليوم في أكثر أنحاء العالم.كما أنه إليت
يؤكد على التراب بين تطور التربية من جهة واملتطلبات االقتصادية التي تدعو إلى
أن مدارس االنضبا وااللتزام بالتراتبية االجتماعية من جهة أخرى .ويعتقد إليت
اليوم تؤدي أربعة واجبات أساسية ي :تقديم الرعاية التأديبية وتوزيع الناس وفق
أدوار مهنية محددة وتعليم القيم املهنية واكتساب املهارات واملعارف املقبولة
اجتماعيا.وأكثر ما يجري تعلمه في املدارس العالقة له بمضمون الدروس .فاملدارس
تتوخى تلقين الطفل االستهالك السل ي.أي :القبول الطوعي الخانع بالنظام االجتماعي
القائم .واليجري تعليم هذه الدروس بصورة واعية ومعلنة ،بل بصورة ومنية من
خالل تنظيم املدرسة وإجراءاتها.إن املنها الدراهاي الخ يء يعلم األطفال أن دورهم في
الحياة ينحصر في أن يعرفوا مكانهم ويلزموه ،و يمكثوا فيه قانعين مستكينين.ويدعو
إلى مجتمع بدون مدرسة.فالتعليم اإللزامي اكتشاف حديث ،وليس ثمة ما إليت
يدعو إلى اعتباره أمرا حتميا المناص منه .وحيث إن املدارس الت جع على إقامة
املساواة ،والتحفز طاقات الفرد اإلبداعية ،فإن من املمكن االستغناء عنها بالشكل
الحالي.واليقصد إليت بذلك إزالة النظم التعليمية بأشكالها كافة.بل إن ما يرمي إليه
هو ورورة تزويد املتعلمين بما يحتاجون إليه من موارد طيلة حياتهم الخالل مرحلتي
الطفولة واملراهقة في حياتهم ،وعلى نحو تقتصر فيه املعرفة على ف ة من
االختصاصيين.وينبغي في هذه الحالة أن يكون للمتعلمين مجال الختيار ما يريدون
دراسته.كما يتوجب تطوير عدة أطر ترسوية تتوافر فوها املعرفة في املكتبات
واملختلرات وسنوك املعلومات ،مع إقامة شبكات لالتصال عن املهارات التي يتمتع بها
402
مختلف األفراد.كما يستلزم ذلك توزيع كوسونات مجانية يتمكن بواسطتها الطالب من
االنتفاع من الخدمات التعليمية حيثما يشا ون.
إن املقترحات التي يرطحها إيفان إليت تدخل ،كما يرى كثير من املحللين ،في نطاق
اليوتوسيا املثالية الخيالية في املدى املنظور.غير أن عددا من االفتراوات التي طرحها
في السبعينيات من القرن املاضاي قد عادت إلى الظهور مرة أخرى في إليت
التسعينيات ،مع بروز تقانات املعلومات واالتصاالت الحديثة.ووجدت بعض هذه
اآلراء عن شيوع املعرفة اإلنسانية سندا لها في عدد من النظريات الحديثة التي ترى
أن الحواسب واإلنترنت سيحدثان ثورة تخفف جوانب الالمساواة والتفاوت في التربية
والتعليم في حياتنا املعاصرة327".
وهكذا ،تتميز نظرية إفان إليت بكونها نظرية خيالية التن جم مع متطلبات الواقع
امليداني والتساير منطق العقل .ومن ثم ،اليمكن إطالقا بناء املجتمع اإلنساني بال
مدرسة ،مهما كانت طبيعتها السياسية ،واإليديولوجية ،والدينية.
تركيب واستنتاج:
وخالصة القول ،تلكم نظرة عامة ومختصرة إلى أهم املقارسات والنظريات واملدارس
السوسيولوجية التي تناولت الفشل املدرهاي فهما ،وتفسيرا ،وتأويال .بيد أن مشاكل
املدرسة تزداد اتساعا وصعوسة وخطورة كلما اتسعت القاعدة الهرمية للمتعلمين
واملرسين واملدرسين .وتستفحل هذه املشاكل أكثر باختالف األجيال واألجناس
واملنظورات القيمية واإليديولوجية.وكلما ظهرت مستجدات في مجال العلوم،
واآلداب ،والفنون ،والتقنيات ،واإلعالميات ،وتكنولوجيا االتصال.
وإذا كانت املقارسات السابقة قد اعتلرت املدرسة فضاء للصراع االجتماعي والسياهاي
والطبقي واالقتصادي ،فإن ثمة مقارسات أخرى تحلل طبيعة املدرسة في ووء
404
مقارسات تفسيرية متعددة اعتمادا على املعطيات الرياوية واإلحصائية واملنطقية
بغية معرفة عالقة املدرسة بالحراك االجتماعي .وقد بينت هذه املقارسات أن العالقة
ليست قوية وال وعيفة ،بل ثمة عوامل أخرى تتحكم في ذلك .ومن هنا ،يمكن
الحديث عن النموذج اإلحصائي لجينكس( ،)Jencksوالنموذج النسقي
لسوروكون( ،)Sorikinوالنموذج النسقي التركي ي لبودون( ...)Boudonوهكذا ،يرى
بودون أن عدم تكافؤ الفرص اليرجع إلى عامل واحد ،بل ثمة عوامل عدة ومختلفة
تشكل نسقا كليا.328
وتأسيسا على ما سبق ،يعد الفشل الدراهاي من أهم املواويع واألس لة التي تطرقت
إلوها السوسيولوجيا التربوية في سنوات الستين والسبعين من القرن املاضاي ،ومازال
هذا املوووع يؤرق السوسيولوجيين املعاصرين إلى يومنا هذا ومن محاور علم
االجتماع التربوي.ومن هنا ،برزت مجموعة من النظريات واالتجاهات في علم
إشكال الفشل أو اإلخفاق الدراهاي من وجهات منهجية االجتماع التربوي تناق
مختلفة تتأرع ،بين الفهم ،والتفسير ،والتأويل .وهناك من يعد املدرسة الرأسمالية
سببا في الفشل واإلخفاق الدراهاي .وهناك من يعدها وسيلة للترقي والنجاح
والحصول على الوظيفة والعمل.وهناك من يعدها فضاء للقمع واإليديولوجي .وثمة
من ينظر إلوها على أساس أنها فضاء للسلطة والتسل ،أو فضاء للصراع اللغوي
واللساني .في حين ،هناك من يدعو إلى موت املدرسة الرأسمالية بصفة جذرية لكونها
مدرسة استعمارية إملريالية .وهناك من يعد املدرسة فضاء للتعاي واملحبة واألخوة
والتسامح على حد سواء.
328 - Boudon .R : Inégalité des chances, la mobilité sociale dans les sociétés industrielles,
406
وخاصي يية النسي ييقية منهي ييا ،واملقارسي يية اإلثنوغرافيي يية ،واملقارسي يية اإلثنومنهجيي يية ،واملقارسي يية
الثقافية ،ومقارسة الجنوسة ،وغيرها من النظريات واملقارسات السوسيولوجية...
وتأسيسا على ما سبق ،يهتم علم االجتماع التربوي بدراسة األنظمة التربوية في عالقتها
باملجتمع ،وتبيان دورها في التغيير االجتماعي ،والسيما أن التربية تس ى إلى تحويل
كائن غير اجتماعي ليصبح اجتماعيا .ومن ثم ،يبدو أن سوسيولوجيا التربية مفهوم
عام يدرس مختلف األنشطة اإلنسانية سيما التربوية منها .وإذا كانت سوسيولوجيا
التربية تدرس الظواهر املدرسية ،فلها أيضا عالقة وثيقة باألسرة والسياسة
واالقتصاد عكى السواء.ويعني هذا أنها تدرس ما يتعلق بالتربية والتعليم من خالل
التركيز على ثالثة عناصر رئيسة ي :مداخل التربية (املتمدرسون ،و رجال التعليم،
وأطر اإلدارة ،واآلباء ،واملقررون ،واملفتشون ،)...و لياتها التربوية والتعليمية
والسوسيولوجية ،ومخارجها(التقويم ،واالنتقاء ،واالصطفاء.)...
407
ثبت الصادروالراجع
العاجم اللغوية:
-3ابن منظور :لساح اللساح ،تهذلب لساح العرب ،الجزء األول ،دار الكتب
العلمية ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة3666م
408
-0إبراهيم بن عبد العزيز الدعيسا :اإلدارة حقا ق تتجدد ،مكة املكرمة ،اململكة
العرسية السعودية ،الطبعة األولى سنة 2232م.
-6إبراهيم ناصر :علم االجتماع التربوي ،دار الجيل بيروت ،لبنان مكتبة الرائد
العلمية عمان األردن ،،ب.ت.
-32أحمد فريد الدرفوفي :اإلشراف التربوي :مقوماته وتقنياته ،شركة بابل للطباعة
والنشر والتوزيع ،الرسا ،الطبعة األولى سنة 3663م.
-33أرسطو :فن الشعر ،ترجمة:عبد الرحمن بدوي ،مكتبة النهضة املصرية ،طبعة
3636م.
-32أسعد وطفة وعبد ت شمت املجيدل :دراسات الي سوسيولوجيا التربية ،دار
اإلعصار العلمي ،الطبعة األولى سنة 2233م.
-36أمينة اللوه و خرون :الوجز الي التربية وعلم النفس ،دار الكتب العرسية،
الرسا ،املغرب،د.ت.
-32أنتوني غدنز :علم االجتماع ،ترجة :فايز الصياغ ،مركز دراسات الوحدة
العرسية ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة 2223م.
-33بيدايوجيا اإلدماج ،ترجمة :لحسن بوتكالي ،منشورات مجلة علوم التربية،
مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة الثانية2226 ،م.
-16بيير بورديو :الرمز والسلطة ،ترجمة :عبد السالم بنعبد العالي ،دار توسقال
للنشر ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 3603م.
33بيير بورديو :مسا ل الي علم االجتماع ،ترجمة :هناء صب ي ،هي ة أبوظ ي
للسياحة والثقافة( ،مشروع كلمة)،اإلمارات العرسية املتحدة ،الطبعة األولى سنة
2232م.
-30بيير جيرو :علم اإلشارة /السيميولوجيا ،ترجمة :منذر عيا(اي ،طالس
للدراسات والترجمة والنشر ،دمشق ،سوريا ،طبعة سنة 3662م.
409
-36بيير ديشاي :تخطي الدرس لتنمية الكفالات ،ترجمة :عبد الكريم غريب،
منشورات عالم التربية ،مطبعة دار النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى،
.2226
-22بيير بورديو :الرمز والسلطة ،ترجمة :عبد السالم بنعبد العالي ،دار توسقال
للنشر ،الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 3603م.
-23جميل حمداوي :دروس الي لسانيات التواصل (التواصل التربوي أنموذجا)،
مطبعة املقدم ،الناظور ،الطبعة األولى سنة 2223م.30-32 ،
-22جميل حمداوي :سوسيولوجيا التربية،مطبعة الخليظ العربي ،تطوان ،الطبعة
األولى سنة 2230م.
-26جون ديوي :الدرسة والجتمع ،ترجمة :أحمد حسن الرحيم ،دار مكتبة الحياة
للطباعة والنشر ،بغداد ،العراق ،الطبعة الثانية 3630م.
-22حسن أحمد الطعاني :مفاهيم تربوية :الدرسة والجتمع ،رؤية معاصرة ،دار
الشروق للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى سنة 2236م.
-23الحسن السحية :االمتحانات الهنية (علوم التربية) ،منشورات املعارف ،الرسا ،
املغرب ،الطبعة األولى سنة 2233م.
-23حسن حسين الببالوي :اإلصالمل التربوي الي العالم الثالث ،عالم الكتب،
القاهرة ،مصر ،طبعة 3600م.
-23حمدي علي أحمد :مقدمة الي علم اجتماع التربية ،دار املعرفة الجامعية،
اإلسكندرية .طبعة 3663م.
-20حنا أرندت :الي العنف ،ترجمة :إبراهيم العريس ،دار الساقي ،بيروت ،لبنان،
الطبعة الثانية 2233م.
-26خال ييد املي يير و خ ييرون :أهمي ــة سوس ــيولوجيا التربي ــة ،سلس ييلة التك ييوين الترب ييوي،
الع ييدد ،6مطبع يية النج يياح الجديي يدة ،ال ييدار البيض يياء ،املغ ييرب ،الطبع يية الثاني يية س يينة
3663م.
410
-62خالد املير وإدريس قاسمي :التشر ع اإلداري والتسي ر التربوي ،دار صبح،
بيروت ،لبنان ،الطبعة 2233م.
-63خليل ميخائيل معو :علم النفس االجتماعي،دار النشر املغرسية ،الدرا
البيضاء ،املغرسية ،الطبعة األولى سنة 3602م.
-62الدمردا سرحان ومنير كامل :الناهج،دار العلوم للطباعة ،القاهرة ،مصر،
الطبعة الثالثة سنة 3632م.
-66رنده خليل سالم :الدرسة والجتمع،مكتبة املجتمع العربي ،الطبعة األولى
2232م.
-62شبل بدران:التربية واإللدلولوجية ،النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،املغرب،
الطبعة األولى سنة3663م.
-63الصديق الصادقي العماري:التربية والتنمية وتحدلات الستقال :مقاربة
سوسيولوجية،مطبعة بلفقيه ،الرشيدية ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2236م.
-63عبد السميع سيد أحمد :دراسات الي علم االجتماع التربوي ،دار املعرفة
الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر ،طبعة 3666م.
-63عبد العليم إبراهيم :الوج الفني لدرس ي اللغة العربية ،دار املعارف ،القاهرة،
مصر ،الطبعة السابعة3636 ،م.
-60عبد الكريم غريب والبشير اليعكوبي :الجزوءات،منشورات عالم التربية،الطبعة
األولى 2226 ،م.
-66عبد الكريم غريب :بيدايوجيا اإلدماج ،منشورات عالم التربية ،الدار البيضاء،
املغرب ،الطبعة األولى سنة 2233م.
-22عبد الكريم غريب :سوسيولوجيا التربية ،مطبعة دار النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2222م.
-23عبد اللطيف الفارابي و خران :ال رامج والناهج ،دار الخطابي للطباعة والنشر،
الطبعة األولى سنة 3662م.
411
-22عبد ت الرشدان :علم االجتماع التربوي ،دار عمان للتوزيع والنشر ،عمان،
األردن ،طبعة 3603م.
-26عبد ت رشدان :الي علم اجتماع التربية ،دار الشروق للنشر والتوزيع ،الطبعة
األولى سنة 2220م.
-22عبد النور إدريس :سوسيولوجيا التمالز:ظاهرة الهدر الدراس ي بالغرب ،دار
دفاتر االختالف ،مكناس ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 2220م.
-23العربي أسليماني ورشيد الخديمي :قضالا تربوية ،منشورات عالم التربية،مطبعة
النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى سنة 2223م.
-23علي أسعد وطفة وعلي جاسم الشهاب :علم االجتماع الدرس ي ،املؤسسة
الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة 2222م.
-23علي الحوات :أسس علم االجتماع التربوي ،جامعة الفاتح ،طرابلس ،ليبيا، ،
طبعة 3636م.
-20علي السيد ال خي ي :علم اجتماع التربية العاصر ،دار الفكر العربي ،القاهرة،
طبعة 2222م.
-26غي فانزيني :الجمود والتجدلد الي التربية الدرسية ،ترجمة :الدكتور عبد ت
عبد الدائم ،دار العلم للماليين ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة 3603م.
-32فادية عمر الجوالني:علم االجتماع التربوي ،مركز االسكندرية للكتاب .طبعة
3663م
-33فايز مراد دند :علم اإلجتماع التربوي ب ح التأليف والتدر س،دار الوفاء
لدنيا الطبع والنشر ،اإلسكندرية ،مصر ،الطبعة األولى سنة 2222م.
-32فرحان حسن بريق :الدرسة والجتمع ،دار أسامة للنشر والتوزيع ،الطبعة
األولى سنة 2232م.
-36مادي لحسن :األهداف والتقييم الي التربية ،شركة بابل للطباعة والنشر،
الرسا ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 3662م ،ص.330-333:
412
-32مارسيل بوستيك :العالقة التربوية ،ترجمة :محمد البشير النحاس ،املنظمة
العرسية للتربية والثقافة والعلوم ،تونس3603 ،م.
-33مبارك رسيع :مخاوف األطفال ،الهالل العرسية للطباعة والنشر ،طبعة 3663م.
-33محمد الدريظ :التدر س الهادف ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
املغرب ،الطبعة األولى سنة 3662م.
-33محمد الدريظ :الكفالات الي التعليم ،املعرفة لسجميع ،أكتوسر ،2222العدد.33
-30محمد الدريظ :تحليل العملية التعليمية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،الطبعة األولى سنة .3600
-36محمد الدريظ :مشروع الؤسسة والتجدلد التربوي الي الدرسة الغربية ،الجزء
األول ،منشورات رمسيس ،الرسا ،املغرب،الطبعة األولى سنة 3663م.
-32محمد الدريظ :مشروع الؤسسة والتجدلد التربوي الي الدرسة الغربية،
منشورات رمسيس ،املغرب ،الجزء الثاني ،الطبعة األولى سنة .3663
-33محمد الدريظ:الكفالات الي التعليم ،منشورات سلسلة املعرفة لسجميع ،الرسا ،
املغرب ،شتنلر2222م.
-32محمد أمزيان :تدب ر جودة التعليم ،مطبعة أفريقيا الشرق ،الدار البيضاء،
املغرب ،الطبعة األولى سنة 2223م.
-36محمد عابد الجابري :أضواء عكى مشكل التعليم بالغرب ،دار النشر املغرسية،
الدار البيضاء ،املغرب ،الطبعة األولى سنة 3636م.
414
منتدى، جدلية االنفصال واالتصال، اإللدولوجيا وعلم االجتماع: وسيلة خزار-33
.م2236 الطبعة األولى سنة، لبنان، بيروت،املعارف
دار، أسس بناء الناهج وتنظيماتها، املفتي محمد أمين، الوكيل حلمي أحمد-30
.م2223 طبعة، عمان،املسيرة للنشر والتوزيع
:الراجع األجنبية
79- A , IRRIBANE : La compétitivité, Défi Social, Enjeu éducatif, CNRS,
Paris, 1989.
80- A.Binet :Les idées modernes sur les enfants, Paris, Flammarion.
Réédité en 1973 avec une préface de Jean Piaget. 1919.
81- Anne Barrère, Les lycéens au travail, Paris, PUF, 1997 .
82- Anne Van Haecht:L'école à l'épreuve de la sociologie,Collection :
Ouvertures sociologiques ,De Boeck Supérieur,Bruxelles, 2006.
83- Astolfi, j, p : ( Placer les élèves en situation – problème ? ). Dans
Probio revue, 16, 4, Bruxelles : Association des professeurs de biologie
(ASBL) ,1993.
84- Basil Bernstein, Langage et classes sociales – Codes socio-
linguistiques et contrôle social, Paris, Éditions de Minuit, 1975
415
88- Bernstein B., Class, codes and control, London, Routledge & Kegan
Paul, 3 vol., 1971-1975.
416
97- Claude Grignon :L’Ordre des choses,les fonctions sociales de
l'enseignement technique, Minuit, Paris, 1971
98- Coleman J.S.,Equality and Achievement in Education, San
Francisco,Westview Press, 1990.
418
122- Karl Mannheim,Sociology as Political Education. (Edited and
translated, with Colin Loader). New Brunswick: Transaction Publishers
2001.
421
158- VEBLEN T. [1918] The Higher Learning in America. A
Memorandum on the Conduct of Universities by Business Men, Stanford,
Academic Reprints.1954.
159- Viviane De Land Sheere: L' éducation et la formation. P.U.F, 1987.
160- Viviane Isambert-Jamati: La Réforme de l'enseignement du
français à l'école élémentaire,Éditions du CNRS, coll. « Actions
thématiques programmées : sciences humaines », Paris, 1977.
161- Viviane Isambert-Jamati:Crises de la société, crises de
l'enseignement : sociologie de l'enseignement secondaire français,
Presses universitaires de France, coll. « Bibliothèque de sociologie
contemporaine », Paris, 1970
162- Waller W.: The Sociology of Teaching, New York, Russel & Russel,
1932.
:القاالت
،) مقابلة مع فليب پيرنو:( بناء الكفايات: باوال جونتيل وروسيرتا بنتشيني-336
محمد العمارتي والبشير: تعريب،الكفالات الي التدر س ب ح التنظ ر والمارسة
.م2222 الطبعة األولى سنة، الرسا، مطبعة أكدال،اليعكوبي
الكفالات الي،)( مفهوم الكفايات وسنا ها عند فيليب پيرنو: حسن بوتكالي-332
.2222 الطبعة األولى سنة، الرسا، مطبعة أكدال،التدر س ب ح التنظ ر والمارسة
422
-166عبد الرحيم تمحري( :الجهة ودور اإلشراف التربوي في اإلقالع البيداغوجي بها:
إقليم جرادة نموذجا ،مادة الفلسفة مثاال) ،مجلة علوم التربية،املغرب ،العدد
الخامس عشر ،املجلد الثاني ،أكتوسر3660م.
-336نيكو هرت (:بصدد املقارسة علر الكفايات هل نحتاج إلى عمال أكفاء أم إلى
مواطنين نقديين؟) ،الكفالات الي التدر س ب ح النظرية والمارسة ،مطبعة
أكدال،الرسا ،الطبعة األولى سنة 2222م.
الطاوعات:
-332جميلة العسال :دروس الي التربية وعلم النفس ،املركز التربوي الجهوي بفاس،
مطبوع جام ي ،السنة الدراسية.3603-3602:
-333عبد الكريم بوفرة :علم اللغة االجتماعي ،مقدمة نظرية ،مطبوع جام ي،
جامعة محمد األول ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،وجدة ،املغرب ،املوسم
الجام ي2232-2233م.
الدال ل الوزارية:
-332وزارة التربية الوطنية :اليثاق الوطني للتربية والتكوين ،الرسا ،املغرب،
الطبعة األولى سنة 2222م.
423
-336وزارة التربية الوطنية :الدونة القانونية للتربية والتكوين ،سلسلة اإلدارة
والقانون ،رقم ،3إشراف الدكتور املهدي بنمير ،املطبعة والوراقة الوطنية ،مراك ،
الطبعة األولى سنة 2222م.
-332وزارة التربية الوطنية :مراجعة الناهج التربوية الكتاب األبي ،مشروع منقح
ومزيد ،نونلر 2222م.
-333وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين األطر والبحث العلمي ،الكتاب
الدرس ي مسار إصالمل ،مديرية املنا ا ،قطاع التربية الوطنية ،الرسا ،املغرب،
الطبعة األولى سنة . 2223
-333وزارة التربية الوطنية :دليل الحياة الدرسية ،الرسا ،املغرب ، ،غشت
2220م.
الرواب اإللكترونية:
-333جميل حمداوي :التواصل اللساني والسيميائي والتربوي ،موقع األلوكة،
السعودية ،الطبعة األولى.
-178زهور باقي( :أحمد بوكماخ من املسرح والسياسية إلى تأليف سلسلة “اقرأ")،
موقع هس ريس ،املغرب ،االثنين 32غشت 2236م.
http://hespress.com/portraits/86476.htm
-179مجد خضر( :الفرق بين املنها واملقرر)
http://mawdoo3.com/
424
س رة جميل حمداوي:
-حاصل على دبلوم الدراسات العليا سنة 3663م في موووع (العنواح الي الشعر
العربي الحدلث والعاصرنحو مقاربة سيميا ية) بميزة حسن جدا.
-حاصل على دكتوراه الدولة سنة 2223م في الرواية ،وكان موووع األطروحة (
مقاربة النص الوازي الي روالات بنسالم حميش) بميزة حسن جدا.
-حاصل على إجازتين :األولى في األدب العربي ،والثانية في الشريعة والقانون .كما تابع
دراساته الجامعية في الفلسفة وعلم النفس وعلم االجتماع بكليتي اآلداب بفاس
وتطوان.
425
-أستاذ التربية الخاصة والعامة ،وأستاذ علم التدريس في اللغة العرسية ،وعلوم
التربية باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين بالجهة الشرقية (وجدة/املغرب).
-كان سابقا أستاذ األدب الرقمي ومنا ا النقد األدبي بماستر الكتابة النسائية بكلية
اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان.
-كان سابقا أستاذ الرواية ومنا ا مابعد الحداثة وعلم التحقيق بماستر النثر العربي
القديم بكلية اآلداب تطوان.
-كان سابقا أستاذ الصحافة بماستر الترجمة والتواصل والصحافة بمدرسة فهد
العليا بطنجة (املغرب).
بالكلية املتعددة -كان سابقا أستاذ مادة حضارات البحر األبيض املتوس
التخصصات بالناظور.
-يدرس -اآلن -علم النفس التربوي ،وعلوم التربية ،ومنا ا البحث التربوي ،وطرائق
التدريس ،واإلحصاء التربوي ،ومنا ا البحث التربوي.
ّ
-شاعر ،وناقد ،وساحث ،وسيناريستُ ،ومحكم ،وكاتب مسرحي ،وخبير ترسوي،
ومؤطر ومحاور ثقافي وفني ،ومكون ترسوي ،ومستشار في كثير من املجالت العرسية
والدولية املحكمة وغير املحكمة.
-مخرج مسرحي.
426
-باحث فني وناقد سينمائي وتشكيلي وموسيقي.
-يعد من املنظرين العرب األوائل للقصة القصيرة جدا ،والكتابة الشذرية ،والبالغة
الرحبة ،والصورة السردية... ،
-كتب حوالي 3232كتاب ورقي وإلكتروني.وبهذا ،يكون أكثر إنتاجا في الثقافة العرسية
اإلسالمية.
-نشر أكثر من 3622مقال علمي محكم وغير محكم في الصحف األجنبية والعرسية
واملغرسية ،دون أن نن اى ما نشرناه من مقاالت في مواقع إلكترونية ،فهي كثيرة جدا.
-له موقع إلكتروني مجاني يضم كتبا عديدة موجهة للباحثين والطلبة للتحميل
بعنوان( موقع الثقافة للجميع)
Hamdaoui.ma
429
-ترجمت مقاالته ودراساته إلى اللغة الفرنسية ،واللغة الفارسية ،واللغة الكردية،
والبنغالية ،واألندونيسية...
ُ -منح جميل حمداوي لقب شخصية العام من أفضل مائة شخصية مؤثرة في العالم
لعام 2223م من قبل الجامعة الدولية لإلبداع والعلوم اإلنسانية والسالم بين
الشعوب.
-نشر الباحث مقاالته في الجالت الغربية ( مجلة وفاف -مجلة املجرة -مجلة
التحرير املغربي -مجلة فكر فضاءات مغرسية -مجلة فكر -مجلة املقاومة وجي
ونقد -مجلة علوم التربية -مجلة فاق -مجلة إيقاظ -مجلة الحياة املدرسية -مجلة
الفرقان -مجلة رهانات -مجلة التذكرة -مجلة نغم -مجلة كتابات -مجلة الحياة
الفنية-مجلة أدليس-مجلة نوافذ -مجلة األزمنة الحديثة-مجلة التاريق العربي-مجلة
امللتق -مجلة طنجة األدبية -مجلة شؤون إستراتيجية -مجلة لكل النساء -مجلة
مجلة دعوة الحق -مجلة أمل -مجلة رهانات -مجلة مدارات –اهتمامات ترسوية
مجلة اإلدارة التربوية -مجلة الذاكرة الوطنية -ومجلة الغنية- ،التربية والتكوين
ومجلة الثقافة املغرسية.)...
430
-نشر في الجالت العربية والخليجية ،مثل :مجلة الكويت (الكويت) ،ومجلة عالم
الفكر(الكويت) ،ومجلة الراوي(السعودية) ،ومجلة الفيصل (السعودية) ،ومجلة
الشؤون التربوية (الكويت) ،ومجلة األدب اإلسالمي ( السعودية) ،ومجلة جريدة
الفنون( الكويت) ،ومجلة عشتروت (سوريا) ،ومجلة الكرمل( فلسطين) ،ومجلة
املجلة العرسية (السعودية) ،ومجلة العربي (الكويت) ،ومجلة نزوى (عمان)،ومجلة
البيان (الكويت) ،ومجلة الجوسة (السعودية) ،ومجلة التسامح (سلطنة عمان)،
ومجلة الغدير(لبنان) ،ومجلة الفرقان (األردن) ،ومجلة اآلطام (السعودية) ،ومجلة
شانؤ (كوردستان) ،ومجلة (هةنار) كوردستان ،ومجلة الدوحة (قطر) ،ومجلة
حوليات التراث (الجزائر) ،ومجلة أبعاد (السعودية) ،ومجلة اإلشراق (العراق)،
ومجلة املنهاج (لبنان) ،ومجلة املسرح العربي (اإلمارات العرسية املتحدة) ،ومجلة
إبداع (مصر) ،ومجلة املعرفة(السعودية) ،ومجلة الرافد (اإلمارات العرسية املتحدة)،
ومجلة دراسات الخليظ والجزيرة العرسية(الكويت)،ومجلة الحياة املسرحية(سوريا)،
الثقافية (األردن) ،ومجلة ومجلة الفيصل األدبية (السعودية) ،ومجلة جر
سيميائيات (الجزائر) ،ومجلة قضايا إستراتيجية (تونس) ،ومجلة املسرح (الشارقة)،
ومجلة العرسية والترجمة (لبنان) ،ومجلة الجسرة (قطر) ،ومجلة كتابات معاصرة
(لبنان) ،ومجلة العرسية والترجمة (لبنان) ،ومجلة عتبات الثقافية (مصر) ،ومجلة
الصورة واالتصال(الجزائر) ،ومجلة الكلمة (لبنان)،ومجلة لسان العرب (ليبيا)،
وسردم العربي(كردستان) ،ومجلة قص (تونس) ،ومجلة املستقبل العربي (لبنان). ،
ومجلة اإلمارات الثقافية (اإلمارات) ،والحياة الثقافية (تونس)،ومجلة اإلصالح
اإللكترونية (تونس) ،ومجلة الرقيم(العراق) ،ومجلة أيقونات (الجزائر) ،ومجلة ر ية
سينمائية (اإلمارات العرسية املتحدة) ،ومجلة (املوقف األدبي) السورية ،ومجلة
431
(قص ) تونس ،ومجلة الحرس الوطني(السعودية) ،ومجلة العالم (السعودية)،
ومجلة فصول (مصر) ،ومجلة سمات(البحرين) ،ومجلة املنافذ الثقافية (لبنان)،)...
ومجلة الفكر العربي املعاصر(لبنان)،ومجلة جيل العلوم اإلنسانية واالجتماعية
(الجزائر) ،ومجلة (األقالم) العراق،ومجلة شؤون عرسية (مصر) ،ومجلة جر
الثقافية (األردن) ،ومجلة أدب ونقد (مصر) ،ومجلة االجتهاد املعاصر (لبنان)،
ومجلة أقالم عرسية(اليمن) ،ومجلة أبحاث ودراسات ترسوية(لبنان) ،ومجلة فرقد
اإلبداعية (السعودية) ،ومجلة دراسات معاصرة(الجزائر)( ،مجلة الطفولة العرسية)
الكويت ،ومجلة االستغراب(لبنان) ،ومجلة شؤون األوس (لبنان) ،واحيفة فنون
الخليظ (السعودية) ،ومجلة الفيصل (السعودية) ،ومجلة جيل الدراسات السياسية
والعالقات الدولية (لبنان) ،ومجلة (املوقف األدبي) سورية ،ومجلة دراسات
استشراقية (لبنان) ،ومجلة (شرفات) (العراق) ،ومجلة (أقالم عرسية) (اليمن)،
ومجلة (وفاف عرسية) العراق ،ومجلة (أبحاث ودراسات ترسوية) لبنان ،ومجلة
(جيل) لبنان...
-نشر أيضا مقاالته في الجالت العالية ( مجلة العرب األسبوعي ( لندن) ،ومجلة
الكلمة ( لندن) ،صوت العروسة(الواليات املتحدة األمريكية) ،ومجلة القلم األدبي
(لندن) ،ومجلة صدى املهجر(الواليات املتحدة األمريكية) ،ومجلة عالم الغد (ڤيينا
بالنمسا) ،واحيفة العاملية (كاليفورنيا بالواليات املتحدة األمريكية) ،)...،ومجلة
جامعة ابن رشد (هولندا) ،ومجلة الزمان (لندن)...
طنجة األدبية -العلم --نشر مقاالته في الجرائد املغرسية الوطنية ( االتحاد االشتراكي
روافد ثقافية -املنعطف الثقافي-الشمال -رسالة األمة-أنغميس -العالم األمازيغي- -
املنعطف -أگراو -يومية الناس -جريدة مالمح ثقافية -جريدة الرأي املغرسية -جريدة
التجديد-الجريدة التربوية -مرايا مغرسية -جريدة الرأي الحر -بيان اليوم-العدالة
والتنمية -النهار املغرسية -املنتدى األمازيغي -عين على الفن -الشروق املغرسية -األيام-
جريدة العاصمة- -الف حة-القصة املغرسية -الخلر-املساء -أقالم املغرب -اقالم الغد
األخبار.)......
-نشر مقاالت عدة في كثير من املواقع اإللكتورنية ،مثل :دروب ،واملثقف ،والوطن،
والحوار املتمدن،والندوة العرسية ،واملثقف ،وملتق شعراء العرب ،واملجلة العرسية،
والفوانيس ،ومنلر دنيا الوطن ،وصوت العروسة ،والصحيفة ،وديوان العرب ،وأقالم
الثقافية ،وأفق الثقافي ،وفراديس ،وفضاءات ،وجدار ،ومنتدى مسرحيون ،ومسرح
الطائف ،والتجديد العربي ،والقصة العرسية ،والقصة العراقية ،ورجال األدب،
وعراق الكلمة ،وشعراء العراق ،وسوابة املغرب ،واتحاد كتاب اإلنترنت العرب،
والفوانيس ،واملناهل .....
-ومن أهم كتبه :الجديد في الدرس البالغي ،واالستغراب ،واالستعراب اإلسباني في
خدمة األدب العربي ،واالستشراق ،وسوسيولوجيا األسلوب ،ونحو املقارسة
الكوسمولوجية ،ومن هم اللربر؟ ،والحكاية الشعبية األمازيغية ،والسرد األمازيغي
بمنطقة الريف ،ومدخل إلى اللسانيات األمازيغية ،ولسانيات الن ،واألدب الرقمي،
والجهة في اللغة العرسية ،واملقارسة امليديولوجية ،و سيميوطيقا التوتر ،وفقه
النوازل ،ومفهوم الحقيقة في الفكر اإلسالمي ،ومحطات العمل الديدكتيكي ،وتدبير
434
الحياة املدرسية ،وسيداغوجيا األخطاء ،ونحو تقويم ترسوي جديد ،والشذرات بين
النظرية والتطبيق ،والقصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق ،والرواية التاريخية،
تصورات ترسوية جديدة ،واإلسالم بين الحداثة وما بعد الحداثة ،ومجزءات التكوين،
ومن سيميوطيقا الذات إلى سيميوطيقا التوتر ،والتربية الفنية ،ومدخل إلى األدب
السعودي ،واإلحصاء التربوي ،ونظريات النقد األدبي في مرحلة مابعد الحداثة،
ومقومات القصة القصيرة جدا عند جمال الدين الخضيري ،وأنواع املمثل في
التيارات املسرحية الغرسية والعرسية ،وفي نظرية الرواية :مقارسات جديدة،
وأنطولوجيا القصة القصيرة جدا باملغرب ،والقصيدة الكونكريتية ،ومن أجل تقنية
جديدة لنقد القصة القصيرة جدا ،والسيميولوجيا بين النظرية والتطبيق ،واإلخراج
املسرحي ،ومدخل إلى السينوغرافيا املسرحية ،واملسرح األمازيغي ،ومسرح الشباب
باملغرب ،واملدخل إلى اإلخراج املسرحي ،ومسرح الطفل بين التأليف واإلخراج،
ومسرح األطفال باملغرب ،ونصوص مسرحية ،ومدخل إلى السينما املغرسية ،ومنا ا
النقد العربي ،والجديد في التربية والتعليم ،وسبليوغرافيا أدب األطفال باملغرب،
ومدخل إلى الشعر اإلسالمي ،واملدارس العتيقة باملغرب ،وأدب األطفال باملغرب،
والقصة القصيرة جدا باملغرب،والقصة القصيرة جدا عند السعودي علي حسن
البطران ،وأعالم الثقافة األمازيغية...
-من أعضاء الهي ة االستشارية العلمية في كثير من املجالت العرسية والدولية ،مثل:
مجلة جر التابعة لجامعة األردن ابتداء من العدد 23لسنة 2222م ،ومجلة ابن
رشد بهولندة ،ومجلة أطلنتيس ،مجلة (عتاات) الثقافية املصرية ،و (مجلة كتابات
معاصرة) الصادرة بلبنان ابتداء من العدد 323سنة 2230م ،ومجلة (العلوم
،و القانونية) املغرسية التي يشرف علوها نبيل بوحميدي وميمون خرا
435
(مجلةا داب واللغات والعلوم اإلنسانية) الصادرة عن كلية اآلداب واللغات
بجامعة الشاذلي بن جديد ،الطارف ،الجزائر ،و مجلة ابن رشد بهولندة ،ومجلة
الصورة واالتصال بالجزائر ،ومجلة القلم األدبي بلندن ،ومجلة أجراس الثقافية
باملغرب ،ومجلة فضاءات مغرسية ،ومجلة أدب الطفل بالجزائر...
www.rifculture.net
-رئيس مختلر ابن خلدون للتربية والتعليم باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين
بالجهة الشرقية ،فرع الناظور.
436
-رئيس مختلر مسرح الشباب.
-الهاتف النقال2332632660:
-الهاتف املنزلي2363666200:
-الواتساب2332632660:
-اإليميلHamdaouidocteur@gmail.com:
Jamilhamdaoui@yahoo.fr
437
الس رة الذاتية:
معلومات خصية:
438
مقر العمل :املركز الجهوي ملهن التربية والتكوين لجهة الشرق – الفرع
اإلقليمي بالناظور.
مادة التدريس :علوم التربية
الهاتف0640108080 :
اللريد االلكترونيidrahouhicham.crmfo@gmail.com:
الشهادات الهنية:
الخ راتالهنية:
أستاذ مكون باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين لجهة الشرق. -
أستاذ زائر بالكلية متعددة التخصصات بسلوان – الناظور. -
عضو مشروع شراكة التعليم العالي-املغرب ،بشراكة مع جامعة والية أريزونا -
بأمريكا ،و ،USAIDعضو فريق علوم التربية( .املشروع في بداياته).
عضو مشروع تكوين فرق إعداد املجزوءات وتكوين املكونين وتأطير الدورات -
التكوينية لفائدة األطر التربوية واإلدارية الذي تشرف عليه وزارة التربية
الوطنية.2222 ،
عضو فريق إعداد دليل عدة التناوب املدمظ ،الوحدة املركزية لتكوين األطر، -
الرسا .2236 ،
عضو مشروع البحث العلمي في املجال التربوي املصادق عليه من قبل وزارة -
التربية الوطنية.2230،
440
نائب الكاتب العام ملركز فاق للعلوم اإلنسانية واالجتماعية ،الناظور. -
عضو الهي ة العلمية واالستشارية ملجلة راء للعلوم اإلنسانية واالجتماعية -
(مجلة محكمة).
محكم معتمد في مجلة راء التي تعنى بالدراسات اإلنسانية واالجتماعية. -
نائب الكاتب العام لسجمعية املغرسية ملدرهاي الفلسفة – فرع الناظور. -
نائب الكاتب العام لسجمعية املغرسية لتوجيه التلميذ والدعم واالنصات. -
االجتماعية املغرسية – فرع بنمسيك الدار مندوب سابق لجمعية االورا -
البيضاء.
أمين مال سابق للعصبة املغرسية األملانية – فرع الدار البيضاء. -
اإلنتاجات العلمية:
الؤلفات العلمية:
441
تطبيقات املنا ا اللسانية واالنتروسولوجية على الن الديني – سورتي -
الفاتحة والتوسة نموذجا -هشام إدرحو منشورات املركز املتوس للدراسات
واألبحاث.2236 ،3 ، ،
القاالت العلمية:
الريف التاريق واملجال واإلنسان ،سلسلة دراسات أكاديمية محكمة دولية -
متعددة التخصصات ،الناشر :املركز املتوسطي للدراسات واألبحاث ،الجزء
السادس ،شتنلر .2223
مقال :السياقات الناظمة للمنهاج الدراهاي للسلك االبتدائي ،مجلة مدارات -
املركز الجهوي ملهن التربية والتكوين لجهة الشرق2223،.
مقال :األنثروسولوجيا االجتماعية بالريف املغربي قراءة في كتاب :وراء باب -
الفناء .الحياة اليومية للنساء الريفيات ......ملؤلفته أورسوال كينغسميل هارت،
ِ
مجلة الذاكرة ،العدد الخامس.2222 ،
مقال النسق الثقافي وإشكالية بناء القيم في الحياة املدرسية ،مجلة أراء، -
العدد الثاني.2222 ،
442
وما يهمنا في هذا الكتاب هو التركيز على النسق أو التنظيم أو
النظام التعليمي املغربي وفق املقارسة السوسيولوجية من
م
خالل التوقف عند الدخالت التي نقصد بها الفاعلين في
الشأن التربوي ،والعمليات التي تكمن في اآلليات والطرائق
م
التربوية والتعليمية ،والخرجات التي تتمثل في التقويم،
واإلخفاق ،والنجاح ،واالصطفاء.
443