You are on page 1of 11

‫المحاضرة األولى‪ :‬مفهوم التربية‪.

‬‬

‫‪ -1‬التربية لغة‪:‬‬

‫أن كلمة " التربية " لغة تعود إلى ثالثة أصول هي‪:‬‬
‫نجد في معاجم اللّغة العربية َ‬
‫‪ -‬األص &&ل األول‪ :‬رب &&ا‪ ،‬يرب &&و‪ :‬بمع &&نى زاد ونم &&ا‪ .‬ق &&ال اهلل تع &&الى‪ ﴿ :‬وت &&رى األرض هام &&دة‪ ،‬ف &&إذا‬
‫أنزلن & &&ا عليه & &&ا الم & &&اء اه & &&تزت وربت وأنبتت من ك & &&ل زوج بهيج ﴾‪(.‬الحج‪ .)5 :‬وق & &&ال اهلل تع & &&الى‬
‫أيضا‪ ﴿:‬يمحق اهلل الربا ويربي الصدقات ﴾‪.‬‬

‫‪ -‬األصل الثاني‪ :‬ربى‪ ،‬يربى‪ ،‬على وزن خفى يخفى‪ ،‬ومعناه&&ا نش&&أ وترع&&رع‪ .‬ولق&&د وردت كلم&&ة‬
‫رب ارحمهم&&ا كم&&ا‬
‫تربي&&ة به&&ذا المع&&نى في موض&&عين من الق&&رآن الك&&ريم هم&&ا‪ :‬قول&&ه تع&&الى‪ ﴿:‬وق&&ل َ‬
‫نربك فينا وليدا و لبثت فينا من عم&&رك‬‫ربياني صغيرا ﴾(اإلسراء‪ ،)24: ‬وقال تعالى‪ ﴿ :‬قال ألم َ‬ ‫َ‬
‫بمك&&ة م&&نزلي‬ ‫س&&نين ﴾‪( .‬الش&&عراء‪ .)18: ‬وق&&ال ابن األع&&رابي‪ :‬فمن ي&&ك س&ائال ع&&ني ف&&إني‬
‫&رب‪ ،‬على وزن م& َ&د يم& َ&د بمع&&نى أص&&لحه وت&&ولّى أم&&ره‪ ،‬وساس&&ه‬
‫&اللثالث‪:‬رب ي& َ‬
‫َ‬ ‫وبه&&ا ربيت‪ -.‬األص&‬
‫وقام عليه ورعاه‪.‬‬

‫أن التربي&&ة عن&&د الع&&رب تفي&&د‪ :‬التّنمي&&ة والقي&&ادة والسياس&&ة‪ .‬وك&&ان فالس&&فة الع&&رب‬
‫وص&&فوة الق&&ول َ‬
‫يس &&مون ه &&ذا الفن سياس &&ة كم &&ا ه &&و مع &&روف عن ابن س &&ينا مثال في رس &&الته " سياس &&ة الرج &&ل أهل &&ه‬
‫&ؤدب" و"المه& & َذب" و"الم &&ربي"‬
‫وول &&ده‪ ".‬وك &&ان الع &&رب يقول &&ون عن ال &&ذي ينش &&ئ الول &&د ويرع &&اه "الم & َ‬
‫ألنها تفيد الرياضة والت&دريب والسياس&&ة‪ ،‬وت&دل على العلم‬ ‫"المؤدب" أشيع ّ‬
‫َ‬ ‫أن لفظة‬‫و"المعلم"‪ ،‬غير َ‬
‫واألخالق معا‪.‬‬

‫ونجد في اللّغة اإلنجليزية كلمة "‪"Education‬مأخوذة من الالتينية بمعنى القيادة‪ E- ducère‬أي‬


‫يقود خارجا‪ .‬ومنه جاء يقود الولد أي يرشده ويه َذبه‪.‬‬

‫أم&&ا في اللّغ&&ة الفرنس&&ية فنج&&د كلم&&تين‪ ،‬األولى "التربي&&ة"( ‪ ،)éducation‬والثاني&&ة "بي&&داغوجيا" (‬


‫ّ‬
‫‪ )pédagogie‬ويقصد بها توجيه األطفال وقيادتهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -2‬التربية اصطالحا‪:‬‬

‫للتربي& &&ة تعريف& &&ات تف& &&وق الحص& &&ر والتّحدي& &&د‪ ،‬فهن& &&اك تعريف& &&ات متع& & ّ&ددة للتّربي& &&ة من حيث المع& &&نى‬
‫االص &&طالحي‪ ،‬ويرج &&ع ذل &&ك إلى اختالف األش &&خاص الق &&ائمين على التّعري &&ف‪ ،‬واختالف نظ &&رتهم‬
‫النفس البش&&رية في ح& َ&د‬
‫إلى اإلنس&&ان وفلس&&فتهم في الحي&&اة‪ ،‬ولتعقَ&&د العملي&&ة التربوي&&ة ولتعقّ&&د طبيع&&ة ّ‬
‫ذاتها‪.‬‬

‫فعن &&د المثاليينتأخ &&ذ التربي &&ة ص &&يغة جه &&د إنس &&اني يه &&دف إلى هزيم &&ة الش &&ر وكم &&ال العق &&ل‪.‬فس &&قراط‪:‬‬
‫النفس اإلنس & &&انية وطبعه & &&ا على الخ & &&ير والش & &&ر‪".‬أم & &&ا أفالط & &&ون‪:‬‬
‫بأنه & &&ا‪ ":‬ص & &&ياغة َ‬
‫يع & & َ&رف التربي & &&ة َ‬
‫والنفس ك &&ل جم &&ال وكم &&ال ممكن لهم &&ا‪ ".‬ويع & ّ&رف‬ ‫&ول‪":‬إن التربي &&ة هي أن تض &&في على الجس &&م َ‬ ‫َ‬ ‫فيق &‬
‫تعد األرض للنب&&ات وال&&زرع‪ ".‬وي&&رى المف َك&&ر‬
‫بأنها‪ ":‬إعداد العقل لكسب العلم‪ ،‬كما َ‬ ‫أرسطو التربية َ‬
‫أن التربي&&ة هي الفع&&ل ال&&ذي ينقي عق&&ل الم&&تربي و أخالق&&ه من‬
‫اإلسالمي العربي أبو حام&&د الغ&&زالي َ‬
‫األفكار الضارة ويغرس مكانها الخلق واألدب‪.‬‬

‫فالتربي& &&ة في ص& &&يغتها المثالي& &&ة هي الفع& &&ل ال& &&ذي يم ّكن األطف& &&ال من الوص& &&ول إلى أعلى درج& &&ات‬
‫نضجهم‪ ،‬وهي تسعى إلى أن تحقّق للطفل ما يجب عليه أن يكون في المستقبل‪.‬‬

‫وأنه &&ا س &&عي مس &&تمر لتفج &&ير الطاق &&ات‬


‫&أن التربي &&ة هي الحي &&اة‪َ ،‬‬
‫النزع &&ة الطبيعي &&ة ب & َ‬
‫وي &&رى أنص &&ار َ‬
‫ويعب&&ر عن ه&&ذه الرؤي&&ة "ج&&ان ج&&اك روس&&و" بقول&&ه المش&&هور "دع&&وا الطفول&&ة تنض&&ج في‬ ‫الطبيعي&&ة‪َ .‬‬
‫&ول‪":‬إن واجب التربي&&ة أن تعم&&ل على تهيئ&&ة الف&&رص اإلنس&&انية كي ينم&&و الطف&&ل على‬‫ّ‬ ‫األطف&&ال‪".‬ويق&‬
‫طبيعت&&ه‪ ،‬انطالق&&ا من ميول&&ه واهتمامات&&ه‪ ".‬وبن&&اءعلى ه&&ذا التص& ّ&ور يطل&&ق "روس&&و" مفه&&وم "التربي&&ة‬
‫بأن&&ه يجب‬
‫الس&&لبية"‪ ،‬ال&&تي تع&&ني الس&&ماح لق&&درات الف&&رد وميول&&ه ب&&االنطالق‪ .‬وفي ه&&ذا يعلن "روس&&و" ّ‬
‫تدخل اإلنسان‪.‬‬
‫يتحمل النتائج الطبيعية ألعماله دون ّ‬ ‫أن ندفع الطفل إلى أن ّ‬
‫أن التربي&&ة باعتباره&&ا عملي&&ة‬
‫أم&&ا الواقعي&&ة كم&&ا توج&&د عن&&د "برتراندرس&&ل" و"ج&&ون ل&&وك"‪ ،‬ف&&ترى ّ‬
‫ّ‬
‫توافق بين الفرد وبيئته المادية واالجتماعية وإ عداد الفرد للحياة المهنية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أن التربي&&ة‬
‫النزعة البراجماتية التي يمثّلها كل من "وليم جيمس" و"جون ديوي" ّ‬ ‫ويرى أصحاب ّ‬
‫هي الحي &&اة ذاته &&ا‪ .‬وعلي &&ه عم &&دت إلى التّأكي &&د على أهمي &&ة التفاع &&ل بين الطف &&ل والمجتم &&ع‪ ،‬وغايته &&ا‬
‫والتكيف مع الحياة االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التربية من أجل العمل‬

‫بأنه&&ا تنظيم مس&&تمر للخ&&برة‪ ،‬هدف&&ه توس&&يع محتواه&&ا االجتم&&اعي‬ ‫ويع& ّ&رف "ج&&ون دي&&وي" التربي&&ة ّ‬
‫المتغي&&رة‬
‫ّ‬ ‫بأنه &&ا‪":‬ال &&تي تع &&د الطف &&ل للحي &&اة‬
‫وتعميق &&ه‪ ".‬وبص &&ورة عام &&ة يع & ّ&رف البراجم &&اتيون التربي &&ة ّ‬
‫المتكاملة‪".‬‬

‫بأنه &&ا‪ ":‬علم إع &&داد اإلنس &&ان المس &&لم لحي &&اتي ال &&دنيا‬
‫أم&&ا التربي &&ة في المفه &&وم اإلس &&المي فتع &&رف ّ‬
‫ّ‬
‫الناحي&&ة الص&&حية والعقلي&&ة والعلمي&&ة واالعتقادي&&ة والروحي&&ة واألخالقي&&ة‬ ‫واآلخ&&رة إع&&دادا ك&&امال من ّ‬
‫واالجتماعي&&ة واإلرادي&&ة في جمي&&ع مراح&&ل نم&&وه في ض&&وء المب&&ادئ والقيم ال&&تي ج&&اء به&&ا اإلس&&الم‪،‬‬
‫وفي ضوء أساليب وطرق التربية بينها‪.‬‬

‫التكي&&ف والتّفاع&&ل بين المتعلَم‬


‫أم&&ا أح&&دث التّع&&اريف للتربي&&ة فه&&و التّعري&&ف ال&&ذي ي&&دور ح&&ول عملي&&ة َ‬
‫ّ‬
‫وبيئته التي يعيش فيها‪.‬‬

‫وج&&اء في تعري&&ف اليونيس&&كو في مؤتمره&&ا بب&&اريس لكلم&&ة التربي&&ة‪ ":‬أنه&&ا مجم&&وع عملي&&ات الحي&&اة‬
‫االجتماعي & &&ة ال & &&تي عن طريقه & &&ا يتعلَم األف & &&راد والجماع & &&ات داخ & &&ل مجتمع & &&اتهم الوطني & &&ة والدولي & &&ة‬
‫ولص &&الحها أن تنم &&و ب &&وعي منهم كاف &&ة ق &&دراتهم الشخص &&ية واتَجاه &&اتهم واس &&تعداداتهم ومع &&ارفهم‪.‬‬
‫وهذه العملية ال تقتصر على أنشطة بعينها‪".‬‬

‫النفس&ية والعقلي&ة والعاطفي&ة‬


‫فالتربي&ة عموم&ا تعت&بر عملي&ة ش&املة تتن&اول اإلنس&ان من جمي&ع جوانب&ه َ‬
‫والشخص&&ية والس&&لوكية وطريق&&ة تفك&&يره وأس&&لوبه في الحي&&اة‪ ،‬وتعامل&&ه م&&ع اآلخ&&رين‪ ،‬ك&&ذلك تتناول&&ه‬
‫في البيت والمدرسة وفي كل مكان يكون فيه‪.‬‬

‫المحاضرة الثانية‪:‬مصطلحات تدل على معنى التربية‪:‬‬

‫‪ -‬التربية والتعليم‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫يقص&&د ب&&التّعليم نق&&ل المعلوم&&ات من المعلم إلى المتعلم‪ .‬ف&&التّعليم عالق&&ة منتظم&&ة بين شخص&&ين‪ ،‬يتم‬
‫من خاللهم &&ا تحوي &&ل المعلوم &&ات من ش &&خص إلى آخ &&ر‪ .‬والتربي &&ة ب &&المعنى الع &&ام تق &&ع على جمي &&ع‬
‫ن &&واحي اإلنس &&ان الجس &&مية والعقلي &&ة والخلقي &&ة واالجتماعي &&ة‪ .‬والتّعليم يقص &&د ب &&ه أوال وبال &&ذات نق &&ل‬
‫بالنسبة للتربية وعامل جزئي‪.‬‬ ‫المعرفة إلى الفرد كوسيلة لتربية‪ .‬فهو بهذا المعنى محدود جدا ّ‬

‫ومن هنا يتّضح أن التربية أعم وأشمل من التّعليم‪ .‬فالتّعليم جزء من التربية يختص بحالة تربوية‬
‫معينة‪ ،‬تتم بشكل مقصود ويتم فيها التّركيز على الجوانب المعرفية‪.‬‬‫َ‬
‫‪ -‬التربية والتنشئة االجتماعية‪:‬‬

‫يتحول من خاللها الف&رد من طف&ل يعتم&د على غ&يره‪ ،‬متمرك&ز‬ ‫التنشئة االجتماعية هي عملية نمو‪َ ،‬‬
‫ح &&ول ذات &&ه‪ ،‬ال يه &&دف في حيات &&ه إالَ إلى إش &&باع حاجات &&ه العض &&وية‪ ،‬إلى ف &&رد ناض &&ج ي &&درك مع &&نى‬
‫وتحملها‪ ،‬ومعنى الفردية واالستقالل‪ ،‬قادرعلى ضبط انفعاالته والتح ّكم في‬
‫ّ‬ ‫المسؤولية االجتماعية‬
‫إشباع حاجاته بما يتَفق والمعايير االجتماعية‪.‬‬

‫ولكنه&&ا عم&&ل جي&&ل من الراش&&دين‪ ،‬ينتق&&ل من خالل‬


‫أم&&ا التربي&&ة فليس&&ت من ص&&نع ف&&رد من األف&&راد‪ّ ،‬‬
‫الناش&&ئين‪.‬فك&&ل جي&&ل ينق&&ل عن طري&&ق التربي&&ة‬
‫ال&&تراث الحض&&اري واالجتم&&اعي إلى جي&&ل آخ&&ر من ّ‬
‫ثروة من األفكار والمعطيات والمعارف إلى الجيل الذي يليه‪.‬‬

‫أن التنشئة االجتماعية تبدأ مع والدة اإلنس&ان وتنتهي بوفات&ه‪ .‬أم&ا التربي&ة فتب&دأ م&ع ب&دء الحي&اة‬
‫كما َ‬
‫ألنها اجتماعية تخص المجتمع‪ ،‬كما تخص كل ف&&رد‬ ‫بل قبلها‪ ،‬وال تنتهي رغم نهاية حياة األفراد‪َ ،‬‬
‫فيه‪.‬‬

‫أن هناك عالقة وطيدة بينهم&&ا‪،‬‬ ‫يتَضح من خالل مناقشة مفهوم التنشئة االجتماعية ومفهوم التربية َ‬
‫حيث تعدعملي &&ة التنش &&ئة االجتماعي &&ة ج &&زءا من عملي &&ة التربي &&ة‪ .‬فالتربي &&ة تتض &&من عملي &&ة التنش &&ئة‬
‫االجتماعي&&ة والت&&دريب الفك&&ري واألخالقي وتط&&وير الق&&وى العقلي&&ة واألخالقي&&ة‪ .‬فهي بالت&&الي أش&&مل‬
‫من عملية التنشئة االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬التربية والبيداغوجيا‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫ق &&د يش &&ار إلى التربي&&&ة بالبي &&داغوجيا (‪ ،)pédagogie‬وبي &&داغوجيا هي كلم &&ة يوناني &&ة مركب &&ة من‬
‫أن ‪ pédagogie‬تع& & & &&ني القي& & & &&ادة‬
‫مقطعين هم& & & &&ا‪=ped :‬الطف& & & &&ل‪= Agogé ،‬الموج& & & &&ه القائ& & & &&د‪ .‬أي ّ‬
‫والتّوجيه(‪.)Action de conduire‬‬

‫النظ&ام ال&ذي يتّب&ع في تك&وين الف&رد‪ ،‬ول&ذا فهي تتض ّ&من إلى ج&انب‬
‫فالبيداغوجي&ة هي الس&لوك أو ّ‬
‫العلم بالطفل المعرفة بالتّقنيات التربوية والمهارة في استعمالها‪.‬‬

‫أن البيداغوجيا جزء من التربية‪ ،‬فهذه األخيرة أهم وأشمل‪ ،‬إذ تتّجه إلى‬
‫ومن هنا يمكننا القول ّ‬
‫تكوين الشخصية اإلنسانية من شتّى جوانبها‪.‬‬

‫‪ -‬التكوين‪:‬‬

‫يعب&&ر عن &&الجهود المتوازن&&ة والمتكامل &&ة من جمي &&ع األط &&راف أو المعن &&يين ب&&التّكوين‪ ،‬قص &&د مس&&اعدة‬
‫َ‬
‫المتخصص &&ة وال &&تي له &&ا‬
‫ّ‬ ‫التّلمي &&ذ على معرف &&ة المحي &&ط ال &&ذي يعيش في &&ه عن طري &&ق دراس &&ة العل &&وم‬
‫عالقة بميدان طموحاته ومساعدته على معرفة نفسه عن طريق دراسة العلوم اإلنس&&انية ومختل&&ف‬
‫العلوم األخرى‪.‬‬

‫‪-‬وللتربية مفاهيم فردية واجتماعية ومثالية‪.‬‬

‫تعده لمواجهة الطبيعة‪،‬‬


‫‪ -‬التربية بالمعنى الفردي‪ :‬هي إعداد الفرد لحياته المستقبلية‪ ،‬وبذلك فهي ّ‬
‫كما تكشف بذلك عن مواهب الطفل واستعداداته الفطرية وتعمل على تنميتها وتفتّحها وتغذيتها‪.‬‬

‫أم&&ا التربي &&ة ب &&المعنى االجتم &&اعي‪ :‬فهي تعلّم الف &&رد كي &&ف يتعام &&ل م &&ع مجتمع &&ه وتعلّم &&ه خ &&برات‬
‫‪ّ -‬‬
‫ألن التراث هو أس&&اس بق&&اء المجتمع&&ات‪ ،‬ف&&المجتمع ال&&ذي ال‬ ‫السابقة‪ ،‬والحفاظ على تراثه‪ّ ،‬‬ ‫مجتمعه ّ‬
‫يح &&رص على بق &&اء تراث &&ه‪ ،‬مص &&يره ال &&زوال‪ .‬وب &&ذلك فالتربي &&ة ب &&المعنى االجتم &&اعي تح &&رص على‬
‫تمكين المجتمع من التقدم وتدفعه نحو التطور واالزدهار‪.‬‬

‫‪ -‬وب & &&المعنى المث & &&الي‪ :‬فهي تع & &&ني الحف & &&اظ على المث & &&ل العلي & &&ا للمجتم & &&ع‪ ،‬األخالقي & &&ة واالقتص & &&ادية‬
‫واإلنس&&انية النابع&&ة من ت&&اريخ األم&&ة ومن حض&&ارتها وثقافته&&ا ومن خبراته&&ا الماض&&ية ومن دينه&&ا‪،‬‬
‫وعن طريق تعاملها وعالقتها باألمم األخرى‪ ،‬وعالقات األفراد فيها وغيرها‪.‬‬

‫المحاضرة الثالثة‪ :‬خصائص عملية التربية عامة‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -‬التربيةعملية& معقدة‪:‬‬

‫فهي معقدة من حيث كونها عملية نمو للشخصية اإلنسانية كامل&ة‪ ،‬بوص&&فها كال ال يتج& ّ&زأ بوص&&فها‬
‫جس&&دا ونفس&&ا وعقال وعمال بوص&&فها مواق&&ف وتص& ّ&رفات ومش&&اعر ونواي&&ا ومف&&اهيم وأعم&&ال‪ .‬وبه&&ذا‬
‫المع&&نى ال&&دقيق تك&&ون العملي&&ة التربوي&&ة كم&&ا يق&&ول "ج&&ون دي&&وي" هي الحي&&اة بمعناه&&ا الغ&&ني المتع& ّ&دد‬
‫الجوانب‪.‬‬

‫‪ -‬التربية عملية نمو فردي واجتماعي‪:‬‬

‫فهي ته &&دف إلى خل &&ق ت &&وازن بين ك &&ل من مص &&لحة الف &&رد ومص &&لحة الجماع &&ة‪ ،‬أمال في اس &&تقرار‬
‫الواقع االجتماعي المعاش‪ .‬فالتربية في ك&&ل أحواله&&ا ال تهتم ب&الفرد منع&&زال عن المجتم&ع‪ ،‬ب&&ل تهتم‬
‫ب&&الفرد والمجتم&&ع مع&&ا‪ ،‬وفي وقت واح&&د وم&&تزامن من خالل اتّص&&ال الف&&رد بمجتمع&&ه وتفاعل&&ه مع&&ه‬
‫سلبا وإ يجابا‪.‬‬

‫‪ -‬التربية عملية تفاعلية‪:‬‬

‫تقبل ط&&رف من األط&&راف م&&ا يلقى علي&&ه وي&&ؤمر ب&&ه دون فهم ورض&&ا‬ ‫مجرد التّلقين أو ّ‬ ‫ال ينفع فيها ّ‬
‫أن التربي &&ة ال &&تي ال تق &&وم على أس &&اس من أخ &&ذ وعط &&اء قناع &&ة ووعي‪ّ ،‬إنم &&ا هي‬
‫وقناع &&ة‪ .‬والواق &&ع ّ‬
‫عملية إلى التّرويض أقرب‪ ،‬وال تنتج لنا شخص&&يات إنس&&انية ذكي&&ة‪ ،‬واعي&&ة ومتكامل&&ة‪ .‬والم&&تربي ال‬
‫يتفاعل فقط مع مربيه‪ ،‬وإ ّنما أيضا مع بيئته وما فيها‪.‬‬

‫‪ -‬التربية عملية مستمرة‪:‬‬

‫إن العملي &&ة التربوي &&ة عملي &&ة مس &&تمرة‪ ،‬تب &&دأ ببداي &&ة الحي &&اة وتنتهي بنهايته &&ا‪ ،‬وهي مس &&تمرة ب &&المعنى‬
‫ّ‬
‫االجتماعي‪ ،‬وبمعنى انتقالها من جيل إلى جيل في المجتمع‪ ،‬ومن جماعة إلى جماعة في ال&&وطن‪،‬‬
‫ومن أم &&ة إلى أم &&ة في اإلنس &&انية‪ .‬واله &&دف دوم &&ا ه &&و األفض &&ل واألمث &&ل‪ ،‬مادي &&ا ومعنوي &&ا وأخالقي &&ا‬
‫وتحرره‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تقدم اإلنسان‬
‫واجتماعيا‪ .‬باختصار‪ّ ،‬‬

‫‪ -‬التربية عملية إنسانية‪:‬‬

‫مي&&زه اهلل تع&&الى بالعق&&ل وال&&ذكاء والق&&درة على‬


‫تختص باإلنس&&ان وح&&ده دون س&&ائر المخلوق&&ات‪ ،‬لم&&ا ّ‬
‫إدراك العالق &&ات واس &&تخالص النت &&ائج وتأويله &&ا‪ .‬ف &&الفرد يمكن &&ه أن يتعلّم وينق &&ل ويض &&يف ويح &&ذف‬

‫‪6‬‬
‫أن اإلنس &&ان ال‬
‫يمي &&ز اإلنس &&ان عن الحي &&وان‪ّ ،‬‬
‫"إن م &&ا ّ‬
‫ويص &&حح فيم &&ا يتعلم &&ه‪ .‬يق &&ول "إيمانوياكان &&ط"‪ّ :‬‬
‫يستطيع أن يكون إنسانا إال بالتربية‪ ".‬فمهمة التربية ّأنها تنقل اإلنس&&ان من طبيعت&ه البيولوجي&&ة إلى‬
‫طبيعته المجتمعية‪.‬‬

‫‪ -‬التربية عملية تكاملية‪:‬‬

‫فالتربية عموما تعتبر عملية شاملة‪ ،‬تتن&&اول اإلنس&&ان من جمي&&ع جوانب&&ه النفس&&ية والعقلي&&ة والعاطفي&&ة‬
‫والشخصية والسلوكية وطريقة تفكيره وأسلوبه في الحياة وتعامله مع اآلخ&&رين‪ ،‬ك&&ذلك تتناول&&ه في‬
‫البيت والمدرسة وفي كل مكان يكون فيه‪.‬‬

‫المحاضرة الرابعة‪:‬خصائص التربية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪-‬الربانية‪:‬‬

‫أن مصدرها األول واألساسي هو رب العالمين‪ ،‬وكذلك غايتها ووس&&ائلها كله&&ا مس&تمدة من‬ ‫معناه ّ‬
‫المنهج اإلس&&المي الرب&&اني‪ ،‬ووجهته&&ا حس&&ن الص&&لة باهلل س&&بحانه وتع&&الى‪.‬وك&&ون التربي&&ة اإلس&&المية‬
‫وأنه&&ا من عن&د اهلل تع&الى‪ ،‬فهي س&المة قطع&ا‬
‫ترتكز على مصدر إلهي‪ ،‬فهذا يس&تلزم ثب&ات أص&&ولها ّ‬
‫والنقص‪.‬‬
‫من التّناقض ّ‬

‫‪-‬اإلنسانية‪:‬‬

‫يمت &&از اإلس&&&الم بنزعت&&&ه اإلنس&&&انية الواض&&&حة الثابت&&&ة األص &&يلة في معتقدات &&ه وعبادت &&ه وتش &&ريعاته‬
‫وتوجيهاته‪.‬‬

‫النظرة لإلنسان‪:‬‬
‫‪-‬شمولية ّ‬

‫التربية اإلسالمية ال تقتص&رعلى& ج&انب واح&&د مح&دد من ج&وانب شخص&&ية اإلنس&ان‪ ،‬وهي ت&&رفض‬
‫النظ &&رة الثنائي&&&ة إلى الطبيع&&&ة البش&&&رية ال&&&تي تق&&&وم على التّمي &&يز بين العق &&ل والجس &&م‪ ،‬ألنه &&ا تنظ &&ر‬
‫ّ‬
‫لإلنسان نظرة شمولية مترابطة ومتوازنة ‪.‬‬

‫‪-‬الوسطية والتوازن‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫حيث تعامل الفك&&ر اإلس&&المي م&ع الواق&&ع‪ ،‬فه&و فك&&ر وس&طي معت&&دل‪ ،‬ال يقب&&ل التط&رف‪ ،‬فه&و ي&&وازن‬
‫بين الجسم والعقل والروح‪.‬‬

‫‪-‬الوضوح‪:‬‬

‫ونع&&ني ب&&ه وض&&وح األص&&ول االعتيادي&&ة من إيم&&ان‪ ،‬وتوحي&&د‪ ،‬وش&&عائر عب&&ادة‪ ،‬ووض&&وح المص&&ادر‬
‫والمنابع من قرآن وسنة‪ ،‬ووضوح األهداف والغايات‪.‬‬

‫‪-‬الثبات‪:‬‬

‫حيث يمت&&از الفك&&ر اإلس&&المي بأن&&ه ذو حق&&ائق يقيني&&ة ذات مف&&اهيم ثابت&&ة ال تقب&&ل البطالن وال تتغ&&ير‬
‫قواعده بتغير األحوال واألهواء واألزمان‪ .‬كونها صادرة عن الخالق فهذا يستلزم ثبات أصولها‪.‬‬

‫‪-‬التكامل‪:‬‬

‫ويع &&ني أن الفك &&ر اإلس &&المي لم ي &&ترك أم &&را من أم &&ور ال &&دنيا واآلخ &&رة‪ ،‬وال من أفع &&ال اإلنس &&ان أو‬
‫تصرفاته إال وقد أعطاه حكمه الشرعي‪ ،‬ووضعه في ميزانه الحقيقي‪.‬‬

‫‪ -‬امتزاج العلم بالعقيدة والعمل‪:‬‬

‫حين نتأمل طبيعة التربية العربية اإلسالمية نجد أن الدعوة لإليم&&ان مقرون&&ة بال&&دعوة الى العم&&ل‪،‬‬
‫وال &&دعوة الى الفك&&&ر والـتأمل مقرون&&&ة بال&&&دعوة الى تنمي&&&ة ال &&روح والوج &&دان‪ ،‬وال &&دعوة دائم& &اً الى‬
‫امتزاج العلم بالعقيدة‪.‬‬

‫‪ -‬االستمرارية والتّجدد‪:‬‬

‫التربية اإلسالمية ال تنتهي بحقبة زمنية‪ ،‬وال بمرحلة دراسية محددة‪ ،‬وإ ّنم&&ا تمت&&د على ط&&ول حي&&اة‬
‫متجددة غير منغلقة‪ ،‬تنمي شخصية اإلنسان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلنسان كلها‪ ،‬وهي تربية‬

‫‪ -‬المسـاواة‪:‬‬

‫التربي &&ة اإلس &&الميةتربية بعي &&دة عن التّعص &&ب أو التّمي &&يز الطبقي أو االجتم &&اعي أو الع &&رقي‪ ،‬وهي‬
‫تربية يتساوى فيها الجميع والتّفاضل بينهم يكون على أساس التّقوى واإليمان‪.‬‬

‫المحاضرة الخامسة‪ :‬عالقة التربية بالعلوم األخرى‪:‬‬


‫‪8‬‬
‫‪ -‬عالقة التربية بالفلسفة‪:‬‬

‫ومم&&ا يؤك&&د العالق&&ة الوثيق&&ة بين الفلس&&فة والتربي&&ة‪ ،‬ذل&&ك‬ ‫ومتميزة وقديم&&ة بينهم&&ا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫هناك عالقة وثيقة‬
‫التراب &&ط بين الغاي &&ة من التربي &&ة والغاي &&ة من الحي &&اة‪ .‬فالفلس &&فة تح & ّ&دد غاي &&ة الحي &&اة‪ ،‬والتربي &&ة تق &&ترح‬
‫إن الفلس &&فة والتربي &&ة مظه &&ران‬
‫الوس &&ائل الكفيل &&ة بتحقي &&ق ه &&ذه الغاي &&ة‪ .‬ولق &&د ك &&ان "س &&قراط" يق &&ول‪َ ":‬‬
‫مختلفان لشيء واحد‪ ،‬يمثَل أحدهما فلسفة الحياة‪ ،‬ويمثَ&ل اآلخ&ر طريق&ة تنفي&ذ ه&ذه الفلس&فة‪ ".‬وي&رى‬
‫وأن الواق&&ع ال&&تربوي ه&&و مج&&ال تطبيقه&&ا‪".‬‬‫النظري&&ة العام&&ة للتربي&&ة‪َ ،‬‬
‫أن الفلس&&فة هي ّ‬ ‫"ج&&ون دي&&وي" َ‬
‫فدراس &&ة التربي &&ة الص &&ينية تقتض &&ي التع &&رف على فلس &&فة "كونفوش &&يوس"‪ .‬ودراس &&ة التربي &&ة اليوناني &&ة‬
‫تقتض &&ي التّع &&رف على فلس &&فة "س &&قراط" و"أرس &&طو"‪ .‬وال نس &&تطيع التّع &&رف على التربي &&ة اإلس &&المية‬
‫والتعرف عليهما‪.‬‬
‫ّ‬ ‫دون التّعرض إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة‬

‫فالتربية تستمد مفاهيمها وموضوعاتها من الفلسفة‪ .‬ولقد كانت التربية أحد العلوم الداخلة تحت‬
‫جن&&اح الفلس&&فة‪ ،‬فالفلس&&فة هي ال&&تي ترس&&م للتربي&&ة طريقه&&ا‪ ،‬والتربي&&ة ال يمكن له&&ا أن تنم&&و وتكتم&&ل‬
‫وتتالءم في ميدان التّطور ما لم تستند إلى فكر فلسفي يغديها‪.‬‬

‫‪ -‬العالقة بين التربية وعلم النفس‪:‬‬

‫النفس عالق&&ة ج َ&د وثيق&&ة‪ ،‬حيث ظه&&ر ف&&رع من ف&&روع علم‬ ‫تعد العالقة التي تربط بين التربية وعلم ّ‬
‫النفس ال& &&تربوي ال& &&ذي يهتم بالمش& &&كالت التربوي& &&ة ال& &&تي تظه& &&ر داخ& &&ل المؤسس& &&ات‬
‫النفس ه& &&و علم ّ‬
‫ّ‬
‫أن التربي&&ة ق&&ديما لم تكن تعت&&ني كث&&يرا بج&&انب الف&&روق الفردي&&ة بين األف&&راد‪،‬‬ ‫التربوي&&ة‪ .‬م&&ع العلم َ‬
‫حيث ك & & & &&ان المعلم مثال ينظ & & & &&ر إلى تالمذت & & & &&ه على ّأنهم متس & & & &&اوون في اإلمكاني & & & &&ات والق & & & &&درات‬
‫أن‬
‫التّحص&&يلية‪ ،‬وب&&ذلك س&&يطرت عملي&&ة الحف&&ظ ب&&التّلقين والتك&&رار& على س&&ير العملي&&ة التعليمي&&ة‪ .‬إال َ‬
‫زود علم &&اء التربي &&ة ببعض المف &&اهيم والدراس &&ات‬
‫النفس الع &&ام وال &&تربوي ق &&د َ‬
‫تط & َ&ور نظري &&ات علم ّ‬
‫المختلف&&ة وبخاص&&ة ح&&ول الف&&روق الفردي&&ة‪،‬ومش&&كالت التخل&&ف العقلي والعوام&&ل الوجداني&&ة وتأثيره&&ا‬
‫على التّحصيل ومعرفة الدوافع التي تس&&تثير الطالب‪ .‬واالختب&&ارات واالس&&تعدادات والق&&درات‪ ،‬إلى‬
‫ج&&انب االهتم&&ام ب&&المتفوقين والمع&&اقين‪ ،‬وغ&&يرهم من الدراس&&ات ال&&تي جعلت علم&&اء التربي&&ة يعي&&دون‬
‫تغي & &&ر دور المعلم من مج & & ّ&رد مص & &&در‬ ‫النظ & &&ر في ص & &&ياغة أه & &&دافها وتعاريفه & &&ا المختلف & &&ة‪ .‬وب & &&ذلك َ‬
‫ّ‬
‫&دخل في تحدي & & &&د مع & & &&الم‬
‫وموج& & &&ه وص & & &&ديق يس & & &&اعد الطالب دون أن يت & & & ّ‬
‫ّ‬ ‫للمعلوم & & &&ات إلى مرش & & &&د‬
‫شخصياتهم‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫النفس &&ية وم &&ا تطلب &&ه من دواف &&ع مختلف &&ة لكي تتبل &&ور بش &&كل س &&لوك‪،‬‬
‫النفس ه &&و دراس &&ة الخ &&برة ّ‬
‫فعلم ّ‬
‫أن التربي&&ة هي األخ&رى تح&اول أن تع&&نى باإلنس&ان من حيث ه&و ذو‬ ‫نزوع‪ ،‬فعادة‪ ،‬فشخصية‪ .‬كما َ‬
‫التكي& & & &&ف األفض& & & &&ل م& & & &&ع المحي& & & &&ط‬
‫إمكاني& & & &&ات فطري& & & &&ة‪ ،‬نفس& & & &&ية‪ ،‬جس& & & &&مية وغيره& & & &&ا‪ ،‬ليمكن ل& & & &&ه َ‬
‫الطبيعي‪،‬االجتماعي‪...‬الخ‪ .‬والمربي ال يستطيع أن يعرف حاجات المربي إالَ بمعرفته‪.‬‬

‫‪-‬عالقة التربية بعلم االجتماع‪:‬‬

‫هن& &&اك عالق& &&ة وطي& &&دة ترب& &&ط عل& &&وم التربي& &&ة بعلم االجتم& &&اع‪ ،‬باعتب& &&ار ّأن& &&ه يوج& &&د ف& &&رع في العل& &&وم‬
‫النظ & &&ر للتربي & &&ة‬
‫فع& &&ال في ّ‬
‫االجتماعي & &&ة يطل & &&ق علي & &&ه علم االجتم & &&اع ال & &&تربوي‪ ،‬ال & &&ذي أس & &&هم ب & &&دور ّ‬
‫باعتباره&&ا عملي&&ة اجتماعي&&ة وثقافي&&ة‪ .‬فعلم االجتم&&اع ال&&تربوي يه&&دف للكش&&ف عن العالق&&ات م&&ا بين‬
‫فإن علوم التربي&&ة تعتم&&د بص&&ورة أساس&&ية على‬ ‫العمليات االجتماعية والعمليات التربوية‪ .‬وبالمقابل ّ‬
‫فهم علم االجتم&&اع لمظ&&اهر التّفاع&&ل االجتم&&اعي في المجتم&&ع وأبع&&اده‪ ،‬والعوام&&ل ال&&تي ت&&ؤثّر علي&&ه‬
‫توج& &&ه س & &&لوك األف & &&راد في المجتم & &&ع‪ ،‬وذل & &&ك لتحدي & &&د مقتض & &&يات ص & &&ياغة‬
‫والقيم والمع & &&ايير ال & &&تي ّ‬
‫الشخصية من خالل العملية التربوية وما تتطلّبه عملية الصيانة من خبرات ومهارات‪.‬‬

‫‪-‬عالقة التربية بعلم اإلنسان ( األنثروبولوجيا)‪.‬‬

‫أن األنثروبولوجي &&اتر ّكز& على دراس &&ة‬ ‫إن العالق &&ة بين التربي &&ة واألنثروبولوجي &&ا وثيق &&ة من حيث ّ‬ ‫ّ‬
‫الناحي &&ة الثقافي &&ة والجس &&مية وتهتم بس &&لوك ه &&ذا اإلنس &&ان ض &&من إط &&ار اجتم &&اعي ثق &&افي‬
‫اإلنس &&ان من ّ‬
‫م&&تراكم ع&&بر العص&&ور‪ .‬وتفي&&د األنثروبولوجي&&ا علم التربي&&ة في ّأنه&&ا تم&&ده بأش&&كال وأص&&ول الص&&ور‬
‫الثقافي &&ة للنظم التربوي &&ة في المجتمع &&ات‪ ،‬ومظ &&اهر تطوره &&ا في األش &&كال البس &&يطة في المجتمع &&ات‬
‫النظم‬
‫البدائية إلى األش&كال المعقّ&دة في المجتمع&ات الحديث&ة‪ ،‬إض&افة إلى العوام&ل ال&تي تحكم تش&ابه ّ‬
‫ص &ل إلي &&ه علم األنثروبولوجي &&ا من‬
‫إن م &&ا يتو ّ‬
‫النم &&اذج االجتماعي &&ة المتع & ّ&ددة‪ّ .‬‬
‫التربوي &&ة وتباينه &&ا في ّ‬
‫مهمبالنسبة للتربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وتطور اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫تفسير األنماط الثقافية‬

‫أن التربية تحافظ على ه&ذا الم&يراث وتنقّح&&ه وتع ّ&ززه وتب ّس&طه وتنقل&&ه لألجي&ال الالحق&&ة‪ ،‬وتعلّم‬ ‫كما ّ‬
‫&ؤمن للف &&رد الق &&درة‬
‫التكي &&ف م &&ع الثقاف &&ة‪ .‬فالتربي &&ة م &&ا هي إال العملي &&ة ال &&تي ت & ّ‬
‫األجي &&ال أيض &&ا كيفي &&ة ّ‬
‫والتالؤم بين دوافعه الداخلية وظروفه الخارجية النابعة من بيئة ثقافية واجتماعية معينة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪-‬عالقة التربية بعلم التاريخ‪:‬‬

‫لم يعد التاريخ مجرد سرد لألحداث والوقائع الماضية‪ ،‬بل تعدى تلك المرحلة إلى مرحلة التّفسير‬
‫والتّحليل واستقراء النتائج واستنباط الحق&ائق‪ .‬وإ ذا ك&&ان اإلنس&ان يع&د مح&&ور دراس&ة الت&&اريخ لكون&&ه‬
‫فإن التربية تتّخ&ذ اإلنس&ان مح&&ورا له&ا‪ .‬وب&&ذلك تش&ترك التربي&ة م&ع الت&اريخ في أن‬
‫صانع األحداث‪َ ،‬‬
‫أن وج&ود البع&د الت&اريخي يس&اعد العملي&ة التربوي&ة على فهم م&ا ورث&ه‬‫محورهم&ا ه&و اإلنس&ان‪ .‬كم&ا َ‬
‫أعدت &&ه للحاض&&ر‪ ،‬وكي &&ف تخط&&ط لالنطالق إلى المس&&تقبل‪ .‬كم&&ا يس&&اعد على فهم‬
‫من الماض&&ي وم&&ا َ‬
‫مرت على البشرية في مراحل تطورها واالبتعاد عما هو غير ص&&الح لتجنب&&ه إلى‬ ‫المشكالت التي َ‬
‫ما هو مفيد‪.‬‬

‫تكون ما يسمى بت&&اريخ التربي&&ة ال&&ذي ي&&درس حرك&&ة المجتمع&&ات‬


‫إن التربية في عالقتها مع التاريخ َ‬
‫ّ‬
‫البشرية وتفاعالتها وتأثيرها على التربية‪.‬‬

‫‪-‬عالقة التربية بعلم البيولوجيا ( علم األحياء )‪.‬‬

‫تعتبر البيولوجيا ذل&ك العلم ال&ذي يبحث في دراس&ة الكائن&ات الحي&ة من الناحي&ة العض&وية وتالؤمه&ا‬
‫مع الوسط الذي يعيش فيه‪ ،‬ويبحث في قوانين النمو المتعلقة باإلنسان‪ .‬والتربية تبحث في معرفة‬
‫والتكي& & &&ف‪ ،‬وهي وثيق & &&ة االتّص& & &&ال م & &&ع م& & &&ا يدرس& & &&ه علم األحي & &&اء‬
‫ّ‬ ‫والنم& & &&و‬
‫ق & &&وانين الحي & &&اة العام & &&ة ّ‬
‫(البيولوجيا)‪.‬‬

‫وق &&د َأدت نهض &&ة العل &&وم البيولوجي &&ة إلى ظه &&ور االتج &&اه ال &&بيولوجيفي التربي &&ة ال &&ذي وج &&ه اهتم &&ام‬
‫أن‬
‫بالتكيف والمالءمة بين الدوافع الداخلية للفرد وظروف&ه الخارجي&ة وأوض&ح ّ‬ ‫َ‬ ‫المربين إلى العناية‬
‫التكيف عملية مستمرة باستمرار الحياة‪.‬‬
‫َ‬

‫‪11‬‬

You might also like