Professional Documents
Culture Documents
-1التربية لغة:
أن كلمة " التربية " لغة تعود إلى ثالثة أصول هي:
نجد في معاجم اللّغة العربية َ
-األص &&ل األول :رب &&ا ،يرب &&و :بمع &&نى زاد ونم &&ا .ق &&ال اهلل تع &&الى ﴿ :وت &&رى األرض هام &&دة ،ف &&إذا
أنزلن & &&ا عليه & &&ا الم & &&اء اه & &&تزت وربت وأنبتت من ك & &&ل زوج بهيج ﴾(.الحج .)5 :وق & &&ال اهلل تع & &&الى
أيضا ﴿:يمحق اهلل الربا ويربي الصدقات ﴾.
-األصل الثاني :ربى ،يربى ،على وزن خفى يخفى ،ومعناه&&ا نش&&أ وترع&&رع .ولق&&د وردت كلم&&ة
رب ارحمهم&&ا كم&&ا
تربي&&ة به&&ذا المع&&نى في موض&&عين من الق&&رآن الك&&ريم هم&&ا :قول&&ه تع&&الى ﴿:وق&&ل َ
نربك فينا وليدا و لبثت فينا من عم&&ركربياني صغيرا ﴾(اإلسراء ،)24: وقال تعالى ﴿ :قال ألم َ َ
بمك&&ة م&&نزلي س&&نين ﴾( .الش&&عراء .)18: وق&&ال ابن األع&&رابي :فمن ي&&ك س&ائال ع&&ني ف&&إني
&رب ،على وزن م& َ&د يم& َ&د بمع&&نى أص&&لحه وت&&ولّى أم&&ره ،وساس&&ه
&اللثالث:رب ي& َ
َ وبه&&ا ربيت -.األص&
وقام عليه ورعاه.
أن التربي&&ة عن&&د الع&&رب تفي&&د :التّنمي&&ة والقي&&ادة والسياس&&ة .وك&&ان فالس&&فة الع&&رب
وص&&فوة الق&&ول َ
يس &&مون ه &&ذا الفن سياس &&ة كم &&ا ه &&و مع &&روف عن ابن س &&ينا مثال في رس &&الته " سياس &&ة الرج &&ل أهل &&ه
&ؤدب" و"المه& & َذب" و"الم &&ربي"
وول &&ده ".وك &&ان الع &&رب يقول &&ون عن ال &&ذي ينش &&ئ الول &&د ويرع &&اه "الم & َ
ألنها تفيد الرياضة والت&دريب والسياس&&ة ،وت&دل على العلم "المؤدب" أشيع ّ
َ أن لفظةو"المعلم" ،غير َ
واألخالق معا.
1
-2التربية اصطالحا:
للتربي& &&ة تعريف& &&ات تف& &&وق الحص& &&ر والتّحدي& &&د ،فهن& &&اك تعريف& &&ات متع& & ّ&ددة للتّربي& &&ة من حيث المع& &&نى
االص &&طالحي ،ويرج &&ع ذل &&ك إلى اختالف األش &&خاص الق &&ائمين على التّعري &&ف ،واختالف نظ &&رتهم
النفس البش&&رية في ح& َ&د
إلى اإلنس&&ان وفلس&&فتهم في الحي&&اة ،ولتعقَ&&د العملي&&ة التربوي&&ة ولتعقّ&&د طبيع&&ة ّ
ذاتها.
فعن &&د المثاليينتأخ &&ذ التربي &&ة ص &&يغة جه &&د إنس &&اني يه &&دف إلى هزيم &&ة الش &&ر وكم &&ال العق &&ل.فس &&قراط:
النفس اإلنس & &&انية وطبعه & &&ا على الخ & &&ير والش & &&ر".أم & &&ا أفالط & &&ون:
بأنه & &&ا ":ص & &&ياغة َ
يع & & َ&رف التربي & &&ة َ
والنفس ك &&ل جم &&ال وكم &&ال ممكن لهم &&ا ".ويع & ّ&رف &ول":إن التربي &&ة هي أن تض &&في على الجس &&م َ َ فيق &
تعد األرض للنب&&ات وال&&زرع ".وي&&رى المف َك&&ر
بأنها ":إعداد العقل لكسب العلم ،كما َ أرسطو التربية َ
أن التربي&&ة هي الفع&&ل ال&&ذي ينقي عق&&ل الم&&تربي و أخالق&&ه من
اإلسالمي العربي أبو حام&&د الغ&&زالي َ
األفكار الضارة ويغرس مكانها الخلق واألدب.
فالتربي& &&ة في ص& &&يغتها المثالي& &&ة هي الفع& &&ل ال& &&ذي يم ّكن األطف& &&ال من الوص& &&ول إلى أعلى درج& &&ات
نضجهم ،وهي تسعى إلى أن تحقّق للطفل ما يجب عليه أن يكون في المستقبل.
2
أن التربي&&ة
النزعة البراجماتية التي يمثّلها كل من "وليم جيمس" و"جون ديوي" ّ ويرى أصحاب ّ
هي الحي &&اة ذاته &&ا .وعلي &&ه عم &&دت إلى التّأكي &&د على أهمي &&ة التفاع &&ل بين الطف &&ل والمجتم &&ع ،وغايته &&ا
والتكيف مع الحياة االجتماعية.
ّ التربية من أجل العمل
بأنه&&ا تنظيم مس&&تمر للخ&&برة ،هدف&&ه توس&&يع محتواه&&ا االجتم&&اعي ويع& ّ&رف "ج&&ون دي&&وي" التربي&&ة ّ
المتغي&&رة
ّ بأنه &&ا":ال &&تي تع &&د الطف &&ل للحي &&اة
وتعميق &&ه ".وبص &&ورة عام &&ة يع & ّ&رف البراجم &&اتيون التربي &&ة ّ
المتكاملة".
بأنه &&ا ":علم إع &&داد اإلنس &&ان المس &&لم لحي &&اتي ال &&دنيا
أم&&ا التربي &&ة في المفه &&وم اإلس &&المي فتع &&رف ّ
ّ
الناحي&&ة الص&&حية والعقلي&&ة والعلمي&&ة واالعتقادي&&ة والروحي&&ة واألخالقي&&ة واآلخ&&رة إع&&دادا ك&&امال من ّ
واالجتماعي&&ة واإلرادي&&ة في جمي&&ع مراح&&ل نم&&وه في ض&&وء المب&&ادئ والقيم ال&&تي ج&&اء به&&ا اإلس&&الم،
وفي ضوء أساليب وطرق التربية بينها.
وج&&اء في تعري&&ف اليونيس&&كو في مؤتمره&&ا بب&&اريس لكلم&&ة التربي&&ة ":أنه&&ا مجم&&وع عملي&&ات الحي&&اة
االجتماعي & &&ة ال & &&تي عن طريقه & &&ا يتعلَم األف & &&راد والجماع & &&ات داخ & &&ل مجتمع & &&اتهم الوطني & &&ة والدولي & &&ة
ولص &&الحها أن تنم &&و ب &&وعي منهم كاف &&ة ق &&دراتهم الشخص &&ية واتَجاه &&اتهم واس &&تعداداتهم ومع &&ارفهم.
وهذه العملية ال تقتصر على أنشطة بعينها".
-التربية والتعليم:
3
يقص&&د ب&&التّعليم نق&&ل المعلوم&&ات من المعلم إلى المتعلم .ف&&التّعليم عالق&&ة منتظم&&ة بين شخص&&ين ،يتم
من خاللهم &&ا تحوي &&ل المعلوم &&ات من ش &&خص إلى آخ &&ر .والتربي &&ة ب &&المعنى الع &&ام تق &&ع على جمي &&ع
ن &&واحي اإلنس &&ان الجس &&مية والعقلي &&ة والخلقي &&ة واالجتماعي &&ة .والتّعليم يقص &&د ب &&ه أوال وبال &&ذات نق &&ل
بالنسبة للتربية وعامل جزئي. المعرفة إلى الفرد كوسيلة لتربية .فهو بهذا المعنى محدود جدا ّ
ومن هنا يتّضح أن التربية أعم وأشمل من التّعليم .فالتّعليم جزء من التربية يختص بحالة تربوية
معينة ،تتم بشكل مقصود ويتم فيها التّركيز على الجوانب المعرفية.َ
-التربية والتنشئة االجتماعية:
يتحول من خاللها الف&رد من طف&ل يعتم&د على غ&يره ،متمرك&ز التنشئة االجتماعية هي عملية نموَ ،
ح &&ول ذات &&ه ،ال يه &&دف في حيات &&ه إالَ إلى إش &&باع حاجات &&ه العض &&وية ،إلى ف &&رد ناض &&ج ي &&درك مع &&نى
وتحملها ،ومعنى الفردية واالستقالل ،قادرعلى ضبط انفعاالته والتح ّكم في
ّ المسؤولية االجتماعية
إشباع حاجاته بما يتَفق والمعايير االجتماعية.
أن التنشئة االجتماعية تبدأ مع والدة اإلنس&ان وتنتهي بوفات&ه .أم&ا التربي&ة فتب&دأ م&ع ب&دء الحي&اة
كما َ
ألنها اجتماعية تخص المجتمع ،كما تخص كل ف&&رد بل قبلها ،وال تنتهي رغم نهاية حياة األفرادَ ،
فيه.
أن هناك عالقة وطيدة بينهم&&ا، يتَضح من خالل مناقشة مفهوم التنشئة االجتماعية ومفهوم التربية َ
حيث تعدعملي &&ة التنش &&ئة االجتماعي &&ة ج &&زءا من عملي &&ة التربي &&ة .فالتربي &&ة تتض &&من عملي &&ة التنش &&ئة
االجتماعي&&ة والت&&دريب الفك&&ري واألخالقي وتط&&وير الق&&وى العقلي&&ة واألخالقي&&ة .فهي بالت&&الي أش&&مل
من عملية التنشئة االجتماعية.
-التربية والبيداغوجيا:
4
ق &&د يش &&ار إلى التربي&&&ة بالبي &&داغوجيا ( ،)pédagogieوبي &&داغوجيا هي كلم &&ة يوناني &&ة مركب &&ة من
أن pédagogieتع& & & &&ني القي& & & &&ادة
مقطعين هم& & & &&ا=ped :الطف& & & &&ل= Agogé ،الموج& & & &&ه القائ& & & &&د .أي ّ
والتّوجيه(.)Action de conduire
النظ&ام ال&ذي يتّب&ع في تك&وين الف&رد ،ول&ذا فهي تتض ّ&من إلى ج&انب
فالبيداغوجي&ة هي الس&لوك أو ّ
العلم بالطفل المعرفة بالتّقنيات التربوية والمهارة في استعمالها.
أن البيداغوجيا جزء من التربية ،فهذه األخيرة أهم وأشمل ،إذ تتّجه إلى
ومن هنا يمكننا القول ّ
تكوين الشخصية اإلنسانية من شتّى جوانبها.
-التكوين:
يعب&&ر عن &&الجهود المتوازن&&ة والمتكامل &&ة من جمي &&ع األط &&راف أو المعن &&يين ب&&التّكوين ،قص &&د مس&&اعدة
َ
المتخصص &&ة وال &&تي له &&ا
ّ التّلمي &&ذ على معرف &&ة المحي &&ط ال &&ذي يعيش في &&ه عن طري &&ق دراس &&ة العل &&وم
عالقة بميدان طموحاته ومساعدته على معرفة نفسه عن طريق دراسة العلوم اإلنس&&انية ومختل&&ف
العلوم األخرى.
أم&&ا التربي &&ة ب &&المعنى االجتم &&اعي :فهي تعلّم الف &&رد كي &&ف يتعام &&ل م &&ع مجتمع &&ه وتعلّم &&ه خ &&برات
ّ -
ألن التراث هو أس&&اس بق&&اء المجتمع&&ات ،ف&&المجتمع ال&&ذي ال السابقة ،والحفاظ على تراثهّ ، مجتمعه ّ
يح &&رص على بق &&اء تراث &&ه ،مص &&يره ال &&زوال .وب &&ذلك فالتربي &&ة ب &&المعنى االجتم &&اعي تح &&رص على
تمكين المجتمع من التقدم وتدفعه نحو التطور واالزدهار.
-وب & &&المعنى المث & &&الي :فهي تع & &&ني الحف & &&اظ على المث & &&ل العلي & &&ا للمجتم & &&ع ،األخالقي & &&ة واالقتص & &&ادية
واإلنس&&انية النابع&&ة من ت&&اريخ األم&&ة ومن حض&&ارتها وثقافته&&ا ومن خبراته&&ا الماض&&ية ومن دينه&&ا،
وعن طريق تعاملها وعالقتها باألمم األخرى ،وعالقات األفراد فيها وغيرها.
5
-التربيةعملية& معقدة:
فهي معقدة من حيث كونها عملية نمو للشخصية اإلنسانية كامل&ة ،بوص&&فها كال ال يتج& ّ&زأ بوص&&فها
جس&&دا ونفس&&ا وعقال وعمال بوص&&فها مواق&&ف وتص& ّ&رفات ومش&&اعر ونواي&&ا ومف&&اهيم وأعم&&ال .وبه&&ذا
المع&&نى ال&&دقيق تك&&ون العملي&&ة التربوي&&ة كم&&ا يق&&ول "ج&&ون دي&&وي" هي الحي&&اة بمعناه&&ا الغ&&ني المتع& ّ&دد
الجوانب.
فهي ته &&دف إلى خل &&ق ت &&وازن بين ك &&ل من مص &&لحة الف &&رد ومص &&لحة الجماع &&ة ،أمال في اس &&تقرار
الواقع االجتماعي المعاش .فالتربية في ك&&ل أحواله&&ا ال تهتم ب&الفرد منع&&زال عن المجتم&ع ،ب&&ل تهتم
ب&&الفرد والمجتم&&ع مع&&ا ،وفي وقت واح&&د وم&&تزامن من خالل اتّص&&ال الف&&رد بمجتمع&&ه وتفاعل&&ه مع&&ه
سلبا وإ يجابا.
تقبل ط&&رف من األط&&راف م&&ا يلقى علي&&ه وي&&ؤمر ب&&ه دون فهم ورض&&ا مجرد التّلقين أو ّ ال ينفع فيها ّ
أن التربي &&ة ال &&تي ال تق &&وم على أس &&اس من أخ &&ذ وعط &&اء قناع &&ة ووعيّ ،إنم &&ا هي
وقناع &&ة .والواق &&ع ّ
عملية إلى التّرويض أقرب ،وال تنتج لنا شخص&&يات إنس&&انية ذكي&&ة ،واعي&&ة ومتكامل&&ة .والم&&تربي ال
يتفاعل فقط مع مربيه ،وإ ّنما أيضا مع بيئته وما فيها.
إن العملي &&ة التربوي &&ة عملي &&ة مس &&تمرة ،تب &&دأ ببداي &&ة الحي &&اة وتنتهي بنهايته &&ا ،وهي مس &&تمرة ب &&المعنى
ّ
االجتماعي ،وبمعنى انتقالها من جيل إلى جيل في المجتمع ،ومن جماعة إلى جماعة في ال&&وطن،
ومن أم &&ة إلى أم &&ة في اإلنس &&انية .واله &&دف دوم &&ا ه &&و األفض &&ل واألمث &&ل ،مادي &&ا ومعنوي &&ا وأخالقي &&ا
وتحرره.
ّ تقدم اإلنسان
واجتماعيا .باختصارّ ،
6
أن اإلنس &&ان ال
يمي &&ز اإلنس &&ان عن الحي &&وانّ ،
"إن م &&ا ّ
ويص &&حح فيم &&ا يتعلم &&ه .يق &&ول "إيمانوياكان &&ط"ّ :
يستطيع أن يكون إنسانا إال بالتربية ".فمهمة التربية ّأنها تنقل اإلنس&&ان من طبيعت&ه البيولوجي&&ة إلى
طبيعته المجتمعية.
فالتربية عموما تعتبر عملية شاملة ،تتن&&اول اإلنس&&ان من جمي&&ع جوانب&&ه النفس&&ية والعقلي&&ة والعاطفي&&ة
والشخصية والسلوكية وطريقة تفكيره وأسلوبه في الحياة وتعامله مع اآلخ&&رين ،ك&&ذلك تتناول&&ه في
البيت والمدرسة وفي كل مكان يكون فيه.
-الربانية:
أن مصدرها األول واألساسي هو رب العالمين ،وكذلك غايتها ووس&&ائلها كله&&ا مس&تمدة من معناه ّ
المنهج اإلس&&المي الرب&&اني ،ووجهته&&ا حس&&ن الص&&لة باهلل س&&بحانه وتع&&الى.وك&&ون التربي&&ة اإلس&&المية
وأنه&&ا من عن&د اهلل تع&الى ،فهي س&المة قطع&ا
ترتكز على مصدر إلهي ،فهذا يس&تلزم ثب&ات أص&&ولها ّ
والنقص.
من التّناقض ّ
-اإلنسانية:
يمت &&از اإلس&&&الم بنزعت&&&ه اإلنس&&&انية الواض&&&حة الثابت&&&ة األص &&يلة في معتقدات &&ه وعبادت &&ه وتش &&ريعاته
وتوجيهاته.
النظرة لإلنسان:
-شمولية ّ
التربية اإلسالمية ال تقتص&رعلى& ج&انب واح&&د مح&دد من ج&وانب شخص&&ية اإلنس&ان ،وهي ت&&رفض
النظ &&رة الثنائي&&&ة إلى الطبيع&&&ة البش&&&رية ال&&&تي تق&&&وم على التّمي &&يز بين العق &&ل والجس &&م ،ألنه &&ا تنظ &&ر
ّ
لإلنسان نظرة شمولية مترابطة ومتوازنة .
-الوسطية والتوازن:
7
حيث تعامل الفك&&ر اإلس&&المي م&ع الواق&&ع ،فه&و فك&&ر وس&طي معت&&دل ،ال يقب&&ل التط&رف ،فه&و ي&&وازن
بين الجسم والعقل والروح.
-الوضوح:
ونع&&ني ب&&ه وض&&وح األص&&ول االعتيادي&&ة من إيم&&ان ،وتوحي&&د ،وش&&عائر عب&&ادة ،ووض&&وح المص&&ادر
والمنابع من قرآن وسنة ،ووضوح األهداف والغايات.
-الثبات:
حيث يمت&&از الفك&&ر اإلس&&المي بأن&&ه ذو حق&&ائق يقيني&&ة ذات مف&&اهيم ثابت&&ة ال تقب&&ل البطالن وال تتغ&&ير
قواعده بتغير األحوال واألهواء واألزمان .كونها صادرة عن الخالق فهذا يستلزم ثبات أصولها.
-التكامل:
ويع &&ني أن الفك &&ر اإلس &&المي لم ي &&ترك أم &&را من أم &&ور ال &&دنيا واآلخ &&رة ،وال من أفع &&ال اإلنس &&ان أو
تصرفاته إال وقد أعطاه حكمه الشرعي ،ووضعه في ميزانه الحقيقي.
حين نتأمل طبيعة التربية العربية اإلسالمية نجد أن الدعوة لإليم&&ان مقرون&&ة بال&&دعوة الى العم&&ل،
وال &&دعوة الى الفك&&&ر والـتأمل مقرون&&&ة بال&&&دعوة الى تنمي&&&ة ال &&روح والوج &&دان ،وال &&دعوة دائم& &اً الى
امتزاج العلم بالعقيدة.
-االستمرارية والتّجدد:
التربية اإلسالمية ال تنتهي بحقبة زمنية ،وال بمرحلة دراسية محددة ،وإ ّنم&&ا تمت&&د على ط&&ول حي&&اة
متجددة غير منغلقة ،تنمي شخصية اإلنسان.
ّ اإلنسان كلها ،وهي تربية
-المسـاواة:
التربي &&ة اإلس &&الميةتربية بعي &&دة عن التّعص &&ب أو التّمي &&يز الطبقي أو االجتم &&اعي أو الع &&رقي ،وهي
تربية يتساوى فيها الجميع والتّفاضل بينهم يكون على أساس التّقوى واإليمان.
ومم&&ا يؤك&&د العالق&&ة الوثيق&&ة بين الفلس&&فة والتربي&&ة ،ذل&&ك ومتميزة وقديم&&ة بينهم&&اّ ،
ّ هناك عالقة وثيقة
التراب &&ط بين الغاي &&ة من التربي &&ة والغاي &&ة من الحي &&اة .فالفلس &&فة تح & ّ&دد غاي &&ة الحي &&اة ،والتربي &&ة تق &&ترح
إن الفلس &&فة والتربي &&ة مظه &&ران
الوس &&ائل الكفيل &&ة بتحقي &&ق ه &&ذه الغاي &&ة .ولق &&د ك &&ان "س &&قراط" يق &&ولَ ":
مختلفان لشيء واحد ،يمثَل أحدهما فلسفة الحياة ،ويمثَ&ل اآلخ&ر طريق&ة تنفي&ذ ه&ذه الفلس&فة ".وي&رى
وأن الواق&&ع ال&&تربوي ه&&و مج&&ال تطبيقه&&ا".النظري&&ة العام&&ة للتربي&&ةَ ،
أن الفلس&&فة هي ّ "ج&&ون دي&&وي" َ
فدراس &&ة التربي &&ة الص &&ينية تقتض &&ي التع &&رف على فلس &&فة "كونفوش &&يوس" .ودراس &&ة التربي &&ة اليوناني &&ة
تقتض &&ي التّع &&رف على فلس &&فة "س &&قراط" و"أرس &&طو" .وال نس &&تطيع التّع &&رف على التربي &&ة اإلس &&المية
والتعرف عليهما.
ّ دون التّعرض إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة
فالتربية تستمد مفاهيمها وموضوعاتها من الفلسفة .ولقد كانت التربية أحد العلوم الداخلة تحت
جن&&اح الفلس&&فة ،فالفلس&&فة هي ال&&تي ترس&&م للتربي&&ة طريقه&&ا ،والتربي&&ة ال يمكن له&&ا أن تنم&&و وتكتم&&ل
وتتالءم في ميدان التّطور ما لم تستند إلى فكر فلسفي يغديها.
النفس عالق&&ة ج َ&د وثيق&&ة ،حيث ظه&&ر ف&&رع من ف&&روع علم تعد العالقة التي تربط بين التربية وعلم ّ
النفس ال& &&تربوي ال& &&ذي يهتم بالمش& &&كالت التربوي& &&ة ال& &&تي تظه& &&ر داخ& &&ل المؤسس& &&ات
النفس ه& &&و علم ّ
ّ
أن التربي&&ة ق&&ديما لم تكن تعت&&ني كث&&يرا بج&&انب الف&&روق الفردي&&ة بين األف&&راد، التربوي&&ة .م&&ع العلم َ
حيث ك & & & &&ان المعلم مثال ينظ & & & &&ر إلى تالمذت & & & &&ه على ّأنهم متس & & & &&اوون في اإلمكاني & & & &&ات والق & & & &&درات
أن
التّحص&&يلية ،وب&&ذلك س&&يطرت عملي&&ة الحف&&ظ ب&&التّلقين والتك&&رار& على س&&ير العملي&&ة التعليمي&&ة .إال َ
زود علم &&اء التربي &&ة ببعض المف &&اهيم والدراس &&ات
النفس الع &&ام وال &&تربوي ق &&د َ
تط & َ&ور نظري &&ات علم ّ
المختلف&&ة وبخاص&&ة ح&&ول الف&&روق الفردي&&ة،ومش&&كالت التخل&&ف العقلي والعوام&&ل الوجداني&&ة وتأثيره&&ا
على التّحصيل ومعرفة الدوافع التي تس&&تثير الطالب .واالختب&&ارات واالس&&تعدادات والق&&درات ،إلى
ج&&انب االهتم&&ام ب&&المتفوقين والمع&&اقين ،وغ&&يرهم من الدراس&&ات ال&&تي جعلت علم&&اء التربي&&ة يعي&&دون
تغي & &&ر دور المعلم من مج & & ّ&رد مص & &&در النظ & &&ر في ص & &&ياغة أه & &&دافها وتعاريفه & &&ا المختلف & &&ة .وب & &&ذلك َ
ّ
&دخل في تحدي & & &&د مع & & &&الم
وموج& & &&ه وص & & &&ديق يس & & &&اعد الطالب دون أن يت & & & ّ
ّ للمعلوم & & &&ات إلى مرش & & &&د
شخصياتهم.
9
النفس &&ية وم &&ا تطلب &&ه من دواف &&ع مختلف &&ة لكي تتبل &&ور بش &&كل س &&لوك،
النفس ه &&و دراس &&ة الخ &&برة ّ
فعلم ّ
أن التربي&&ة هي األخ&رى تح&اول أن تع&&نى باإلنس&ان من حيث ه&و ذو نزوع ،فعادة ،فشخصية .كما َ
التكي& & & &&ف األفض& & & &&ل م& & & &&ع المحي& & & &&ط
إمكاني& & & &&ات فطري& & & &&ة ،نفس& & & &&ية ،جس& & & &&مية وغيره& & & &&ا ،ليمكن ل& & & &&ه َ
الطبيعي،االجتماعي...الخ .والمربي ال يستطيع أن يعرف حاجات المربي إالَ بمعرفته.
هن& &&اك عالق& &&ة وطي& &&دة ترب& &&ط عل& &&وم التربي& &&ة بعلم االجتم& &&اع ،باعتب& &&ار ّأن& &&ه يوج& &&د ف& &&رع في العل& &&وم
النظ & &&ر للتربي & &&ة
فع& &&ال في ّ
االجتماعي & &&ة يطل & &&ق علي & &&ه علم االجتم & &&اع ال & &&تربوي ،ال & &&ذي أس & &&هم ب & &&دور ّ
باعتباره&&ا عملي&&ة اجتماعي&&ة وثقافي&&ة .فعلم االجتم&&اع ال&&تربوي يه&&دف للكش&&ف عن العالق&&ات م&&ا بين
فإن علوم التربي&&ة تعتم&&د بص&&ورة أساس&&ية على العمليات االجتماعية والعمليات التربوية .وبالمقابل ّ
فهم علم االجتم&&اع لمظ&&اهر التّفاع&&ل االجتم&&اعي في المجتم&&ع وأبع&&اده ،والعوام&&ل ال&&تي ت&&ؤثّر علي&&ه
توج& &&ه س & &&لوك األف & &&راد في المجتم & &&ع ،وذل & &&ك لتحدي & &&د مقتض & &&يات ص & &&ياغة
والقيم والمع & &&ايير ال & &&تي ّ
الشخصية من خالل العملية التربوية وما تتطلّبه عملية الصيانة من خبرات ومهارات.
أن األنثروبولوجي &&اتر ّكز& على دراس &&ة إن العالق &&ة بين التربي &&ة واألنثروبولوجي &&ا وثيق &&ة من حيث ّ ّ
الناحي &&ة الثقافي &&ة والجس &&مية وتهتم بس &&لوك ه &&ذا اإلنس &&ان ض &&من إط &&ار اجتم &&اعي ثق &&افي
اإلنس &&ان من ّ
م&&تراكم ع&&بر العص&&ور .وتفي&&د األنثروبولوجي&&ا علم التربي&&ة في ّأنه&&ا تم&&ده بأش&&كال وأص&&ول الص&&ور
الثقافي &&ة للنظم التربوي &&ة في المجتمع &&ات ،ومظ &&اهر تطوره &&ا في األش &&كال البس &&يطة في المجتمع &&ات
النظم
البدائية إلى األش&كال المعقّ&دة في المجتمع&ات الحديث&ة ،إض&افة إلى العوام&ل ال&تي تحكم تش&ابه ّ
ص &ل إلي &&ه علم األنثروبولوجي &&ا من
إن م &&ا يتو ّ
النم &&اذج االجتماعي &&ة المتع & ّ&ددةّ .
التربوي &&ة وتباينه &&ا في ّ
مهمبالنسبة للتربية.
ّ وتطور اإلنسان
ّ تفسير األنماط الثقافية
أن التربية تحافظ على ه&ذا الم&يراث وتنقّح&&ه وتع ّ&ززه وتب ّس&طه وتنقل&&ه لألجي&ال الالحق&&ة ،وتعلّم كما ّ
&ؤمن للف &&رد الق &&درة
التكي &&ف م &&ع الثقاف &&ة .فالتربي &&ة م &&ا هي إال العملي &&ة ال &&تي ت & ّ
األجي &&ال أيض &&ا كيفي &&ة ّ
والتالؤم بين دوافعه الداخلية وظروفه الخارجية النابعة من بيئة ثقافية واجتماعية معينة.
10
-عالقة التربية بعلم التاريخ:
لم يعد التاريخ مجرد سرد لألحداث والوقائع الماضية ،بل تعدى تلك المرحلة إلى مرحلة التّفسير
والتّحليل واستقراء النتائج واستنباط الحق&ائق .وإ ذا ك&&ان اإلنس&ان يع&د مح&&ور دراس&ة الت&&اريخ لكون&&ه
فإن التربية تتّخ&ذ اإلنس&ان مح&&ورا له&ا .وب&&ذلك تش&ترك التربي&ة م&ع الت&اريخ في أن
صانع األحداثَ ،
أن وج&ود البع&د الت&اريخي يس&اعد العملي&ة التربوي&ة على فهم م&ا ورث&همحورهم&ا ه&و اإلنس&ان .كم&ا َ
أعدت &&ه للحاض&&ر ،وكي &&ف تخط&&ط لالنطالق إلى المس&&تقبل .كم&&ا يس&&اعد على فهم
من الماض&&ي وم&&ا َ
مرت على البشرية في مراحل تطورها واالبتعاد عما هو غير ص&&الح لتجنب&&ه إلى المشكالت التي َ
ما هو مفيد.
تعتبر البيولوجيا ذل&ك العلم ال&ذي يبحث في دراس&ة الكائن&ات الحي&ة من الناحي&ة العض&وية وتالؤمه&ا
مع الوسط الذي يعيش فيه ،ويبحث في قوانين النمو المتعلقة باإلنسان .والتربية تبحث في معرفة
والتكي& & &&ف ،وهي وثيق & &&ة االتّص& & &&ال م & &&ع م& & &&ا يدرس& & &&ه علم األحي & &&اء
ّ والنم& & &&و
ق & &&وانين الحي & &&اة العام & &&ة ّ
(البيولوجيا).
وق &&د َأدت نهض &&ة العل &&وم البيولوجي &&ة إلى ظه &&ور االتج &&اه ال &&بيولوجيفي التربي &&ة ال &&ذي وج &&ه اهتم &&ام
أن
بالتكيف والمالءمة بين الدوافع الداخلية للفرد وظروف&ه الخارجي&ة وأوض&ح ّ َ المربين إلى العناية
التكيف عملية مستمرة باستمرار الحياة.
َ
11