You are on page 1of 12

‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬املجلد ‪ 3‬العدد ‪82-71A )2020( 1‬‬ ‫حسن حماني‬

‫مسالك التربية والتكوين‬


‫)‪ISSN : 2550-5165 (Print‬‬

‫أزمة القيم وسؤال اإلصالح التربوي بالمغرب‬


‫‪The crisis of values and the question of educational reform in‬‬
‫‪Morocco‬‬
‫حسن حماني‬
‫جامعة المولى إسماعيل‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬مكناس‪ ،‬المغرب‬
‫‪Hammani-h@hotmail.com‬‬

‫االستالم‪ :‬نونبر ‪2019‬م‪ ،‬القبول‪ :‬يناير‪2020‬م‬

‫الملخص‬
‫شكلت المناهج والبرامج التربوية دعامة أساسا يستند عليها النظام التعليمي في نقل مجموعة من العلوم والمعارف‬
‫والخبرات والمهارات وتداولها‪ ،‬والتي يتم من خاللها نقل منظومة من القيم‪ ،‬بما تحتويه من تصورات ومواقف‪ ،‬وسلوكات‪ ،‬وردود‬
‫أفعال‪ ،‬ورموز ومعايير إلى المتعلمين‪ .‬وتتطلب عملية تجديد هذه المناهج والبرامج‪ ،‬في نظرنا‪ ،‬مراعاة طموحات وحاجات األفراد‬
‫الفكرية والنفسية واالجتماعية والروحية والقيمية‪ ،‬خصوصا في ظرفية سوسيوـ تاريخية مضطربة‪ ،‬وذلك بالنظر في مجموعة من‬
‫القيم اإليجابية التي تشكل لبنة من لبنات التربية والتعليم‪ ،‬وميثاقا دقيقا بين المدرسين والمتعلمين‪.‬‬
‫وإذا كانت القيم هي الخلفية الروحية التي تسم مجتمعنا عن باقي المجتمعات‪ ،‬فإن تجسيدها الفعلي يتم أساسا في مؤسسات‬
‫التنشئة االجتماعية؛ سواء في شكلها المؤسساتي‪( :‬األسرة‪ ،‬المدارس‪ ،‬الجمعيات‪ ،‬النوادي‪ ،‬المراكز‪ ،‬الجامعات)‪ ،‬أو في شكلها‬
‫الالمؤسساتي‪( :‬الثقافة السائدة في المجتمع‪ ،‬والتقاليد‪ ،‬والعادات)‪.‬‬
‫كلمات مفاتيح‪ :‬أزمة القيم‪ ،‬اإلصالح التربوي‪ ،‬المناهج‪ ،‬البرامج التربوية‪ ،‬النظام التعليمي‪ ،‬القيم اإليجابية‪.‬‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪The educational curricula and programs have formed an essential basis on which the instructional‬‬
‫‪system transfers sciences, knowledge, expertise and skills. This transfer enhances a wide range of‬‬
‫‪values that contain situations, reactions, codes, and norms to the learners.‬‬
‫‪We believe that the renewal of the methods and programs requires taking into consideration the‬‬
‫‪ambitions, the intellectual, the psychosocial, and the spiritual needs of individuals, especially in a‬‬
‫‪troubled socio-historical circumstance, and with regard to the group of positive values. They‬‬
‫‪essentially form a solid basis of education and an accurate covenant between teachers and learners.‬‬
‫‪If values were the spiritual background that make us distinct from other societies, So its effective‬‬
‫‪embodiment should be enacted in the establishments of social development, whether in its Institutional‬‬
‫‪form: (the family, the schools, the associations, the clubs, the centers, and universities), or in the Non-‬‬
‫‪institutional: (the prevailing culture in society, the traditions and customs).‬‬
‫‪Keys Words : Value crisis, educational reform, methods, the educational curricula, the instructional‬‬
‫‪system, the positive values.‬‬
‫مقدمة‬
‫يعد االهتمام بالقيم اإلنسانية معيا ار رئيسا من بين المعايير التي يقوم عليها المجتمع‪ ،‬وركيزة أساسا من بين‬
‫الركائز المشكلة له‪ ،‬وهي من أولى األولويات فيه‪ ،‬كما تشكل قوة دافعة ودعامة أساسا لتكوين شخصية الفرد‪،‬‬
‫ومرآة عاكسة ألحاسيسه وأفكاره وتصوراته‪ ،‬فيقبل ما يوافقها ويلغي ما يعارضها‪ ،‬وهي ضرورة تربوية حضارية‪،‬‬

‫‪71‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬املجلد ‪ 3‬العدد ‪82-71A )2020( 1‬‬ ‫حسن حماني‬

‫ودينية أخالقية‪ ،‬وارادة بشرية‪ ،‬وشرط إجباري للمواطنة الحقيقية الصالحة‪ ،‬ودافع مهم للتنمية داخل المجتمع‪ ،‬ذلك‬
‫أنها تقوم على توحيد المجتمع وتحقيق التوازن بين أفراده‪ ،‬والتماسك بينهم‪.‬‬
‫من هنا‪ ،‬فكلمة "قيم" ومشتقاتها تستعمل استعماال يشوبه الخلط واالرتباك‪ ،‬كما هو جلي في الثقافة المعاصرة‪،‬‬
‫ليس في علم االقتصاد والفلسفة فحسب‪ ،‬وانما‪ ،‬وبشكل خاص‪ ،‬في العلوم اإلنسانية واالجتماعية األخرى‪ ،‬الشيء‬
‫الذي جعل معناها نسبيا واستعمالها محصو ار في حقول محددة‪ .‬ومن ثم يمكن صياغة العديد من اإلشكاالت من‬
‫بينها ما يلي‪:‬‬
‫ـ أين تتجلى مظاهر أزمة القيم في المجال التربوي عموما وفي المغرب على وجه الخصوص؟‬
‫ـ وبأي منهج نتعامل مع القيم؟ وهل للقيم منهجها الخاص أم أن لها مناهج متعددة؟‬
‫ـ والى أي حد يمكن الحديث عن اإلصالح التربوي بالمغرب؟‬
‫ـ وما هي مساهمة القيم اإليجابية في العملية اإلصالحية التربوية؟‬

‫المحور األول‪ :‬مفاهيم وتعاريف‬

‫تعتبر المقاربة التربوية لمفهوم القيم المقصد األسمى من هذه المحاولة‪ ،‬ألنها بمثابة وعاء الحتواء وتكوين‬
‫وتنمية القيم؛ وال يمكن ألي مجال من مجاالت التربية‪ ،‬وال ألي علم من علومها أن يتطور دون تنمية وتطور القيم‬
‫وصقلها‪ .‬لذا فالحديث عنها حديث بحاجة ماسة إلى عناية خاصة‪ ،‬من هنا أجد أن التربويين قد عرفوا القيم‬
‫بتعاريف متنوعة‪ ،‬ومن بينها ما يلي‪:‬‬
‫يقول عبد الكريم غريب وآخرون‪" :‬القيم مجموعة المبادئ والقواعد والمثل العليا‪ ،‬التي يؤمن بها الناس ويتفقون‬
‫عليها فيما بينهم‪ ،‬ويتخذون منها ميزانا يزنون به أعمالهم ويحكمون بها على تصرفاتهم المادية والمعنوية"(‪ .)1‬كما‬
‫"تعبر القيم عن المفاهيم والمعاني التي يولد اإلنسان عليها والدة ربانية"(‪ .)2‬وأشار عبد الهادي مفتاح مفندا رأي‬
‫عبد الكريم غريب إلى أن المتأمل في "الخطابات الفكرية المعاصرة‪ ،‬قد يالحظ المكانة المركزية التي أضحت‬
‫تحتلها القيم‪ ،‬باعتبارها األلغوريتم المتحكم في مختلف التصرفات الفردية واالجتماعية"(‪ .)3‬وفي االتجاه المعاكس‬
‫نرى أن محمد بلفقيه يتخذ مسا ار مخالفا لسابقيه في تعريفه للقيمة‪ ،‬معتب ار إياها "أحد المفاهيم التي تتباين في‬
‫معانيها اآلراء‪ ،‬وتتعدد في مباحثها االجتهادات (‪ .)...‬والتباين في النظر إلى المفهوم معنى‪ ،‬ومبنى‪ ،‬وخصائص‪،‬‬
‫وتصنيفا يزكيه اختالف المداخل المنهاجية التي جعلته ـ أو تجعله ـ في القلب من اهتماماتها المعرفية‪ ،‬والمدخل‬
‫الديني‪ ،‬والمدخل الفلسفي‪ ،‬والمدخل االجتماعي‪ ،‬والمدخل النفسي‪ ،‬والمدخل الواقعي‪ ،‬ليست سوى بعض هذه‬
‫المداخل‪ . )4("...‬من ثم "ال تبدو القيم االجتماعية كقيم موضوعية‪ ،‬بل كقيم ذاتية عامة‪ ،‬أو لنقل كقيم ذاتية‬
‫مشتركة‪ .‬وباختصار فإن القيمة تتحرك بتحرك السياق الذي تظهر فيه(‪.)5‬‬

‫‪ 1‬عبد الكريم غريب وآخرون‪" ،‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين قراءة تحليلية"‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪ ،2006 ،‬ص‪.309:‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪ 3‬عبد الهادي مفتاح‪" ،‬إصالح التعليم وأزمة القيم"‪ ،‬مجلة عالم التربية‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬ع‪ ،2010 ،19‬ص‪.216:‬‬
‫‪ 4‬محمد بلفقيه‪" ،‬العلوم االجتماعية ومشكلة القيم تأصيل الصلة"‪ ،‬منشورات المعارف‪ ،‬ط‪ ،1‬الرباط‪ ،2007 ،‬ص‪.32:‬‬
‫‪ 5‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.57:‬‬
‫‪72‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬املجلد ‪ 3‬العدد ‪82-71A )2020( 1‬‬ ‫حسن حماني‬

‫وبناء على ذلك يمكن القول إن القيم مجموعة من القواعد واآلليات النسبية التي تتعدد بتعدد المجاالت والحقول‬
‫المعرفية المتحكمة فيها‪ ،‬والضابطة لخصوصياتها‪ .‬وتحكم السلوك البشري‪ ،‬وتوجه رغباته وعواطفه وميوله‪ .‬وتهدف‬
‫إلى إحساس الفرد بالمسؤولية‪ ،‬واالستقرار والتوازن في الحياة االجتماعية‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬القيمة والمعرفة العلمية‬

‫جدير بالذكر أن هناك صلة وطيدة بين مفهوم القيمة والمعرفة العلمية‪ ،‬ذلك أن القيمة تشكل أسلوب وجود‬
‫اإلنسان وطابع حياته‪ ،‬فك ار وتصورا‪ ،‬وسلوكا‪ ،‬على الرغم من اختالف فحوى خبراته العلمية والخلقية والجمالية‪.‬‬
‫حيث إن المعرفة ا لعلمية تعالج إشكالين اثنين‪ :‬أولهما يرتبط بوجودية القيمة والحكم عليها‪ ،‬واآلخر يتعلق بتجرد‬
‫الذات العارفة عن الموضوع‪ .‬لذلك تتسلل القيمة إلى العلم على مستويات كثيرة‪ .‬فثمة قيم تحث على االشتغال‬
‫بالعلم وتدفعه للتطور أو التدهور‪ ،‬وقيم تحايث االشتغال به‪ ،‬وتعين مقاييس البحث وااللتزام بمنهجه‪ ،‬وأخرى‬
‫يفضي إليها العلم وتحدد نفوذه وتأثيره على المجتمع واإلنسانية)‪ ."(6‬وبذلك تتضح قيمة القيم العلمية باعتبارها‬
‫موجهة للسلوك العلمي للباحثين والدارسين والطلبة داخل مؤسسة تعليمية معينة‪ .‬وعلى الرغم من هذه األهمية فإن‬
‫النظام التعليمي لم يعكسها في تشييد التصورات وبناء المناهج‪ ،‬مما أدى في أحايين كثيرة إلى قطيعة‬
‫ابيستيمولوجيا بين القيم والسلوك البشري‪ ،‬وهو ما جعلها تأثر سلبا على هذا السلوك‪.‬‬
‫ويالحظ أن هذه القيم تبدو‪ ،‬وكأنها جزء ال يتج أز من التراث المعرفي الذي تقوم به المدرسة مثل‪ :‬تقدير العمل‬
‫اليدوي والذكاء العملي‪ .)7("...،‬وأضاف محمد بلفقيه قائال‪" :‬لما كان اإلنسان موجودا مفك ار كان ال بد أن يكون‬
‫نشاطه فعال أخالقيا‪ ،‬مقرونا بمعرفة خاصة من جهة أي متصال بمقوالت علم األخالق‪ .‬بخالف السلوك‪ ،‬الذي‬
‫يشمل مجموع تصرفات اإلنسان‪ ،‬يقتصر النشاط األخالقي على التصرفات التي ُيتَوخى من ورائها أهدافا أخالقية‬
‫معينة)‪ ."(8‬والمقصود من هذا "أن القيم التي تندرج في اإليديولوجيا‪ ،‬وفي األخالق‪ ،‬وفي الدين هي التي تؤسس‬
‫للعلوم االجتماعية‪ ،‬كما وضح ذلك ماكس فيبر الذي جعل من القيم بداية االنتهاج العلمي‪ .‬والطرح الذي أتبناه‬
‫يتلخص في نقط ثالث‪ :‬فالقيم هي التي تفرض اختيار موضوع مخصوص "نظ ار ألهميته" وهي التي ترسم المنهج‪،‬‬
‫وتحدد أسلوب المعالجة)‪ ."(9‬وحري بنا القول "إن القيمة بمضامينها الكثيرة ال تستنفد في عالقتها بالعلوم‬
‫االجتماعية "دالالتها في محتوى دون آخر‪ ،‬ألنها إطار أشمل وأعم‪ ،‬ينصرف إلى ما ينبغي أن يكون من غايات‬
‫بالنسبة للفرد والجماعة أو البشرية بأسرها‪ ،‬ويتضمن االختيار بين مراتب متفاضلة‪ ،‬ويحدد العالقة بين الوسائل‬
‫والغايات‪ .‬فهذا اإلطار الصوري للقيمة الذي يسمح باحتواء كل ضروب الفاعلية اإلنسانية"(‪ .)10‬ذلك أننا حينما‬
‫نربط القيم بالعلوم االجتماعية نرى أن الباحثين "يتحدثون عن (القيم االجتماعية)‪ .‬وهم يعنون بها (الصفات التي‬
‫يفضلها أو يرغب فيها الناس في ثقافة معينة‪ ،‬وتتخذ صفة العمومية بالنسبة لجميع األفراد‪ ،‬كما تصبح من‬

‫‪ 6‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.32:‬‬


‫‪ 7‬محمد السوالي‪" ،‬السياسات التربوية األسس والتدبير"‪ ،‬دار األمان‪ ،‬ط‪ ،1‬الرباط‪ ،2012 ،‬ص‪.54:‬‬
‫‪ 8‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.55:‬‬
‫‪ 9‬محمد بلفقيه‪" ،‬العلوم االجتماعية ومشكلة القيم تأصيل الصلة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.54:‬‬
‫‪ 10‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬املجلد ‪ 3‬العدد ‪82-71A )2020( 1‬‬ ‫حسن حماني‬

‫موجهات السلوك أو تعتبر أهدافا له)‪ .‬و(وبالمعنى األضيق يقصد في بعض األحيان بالقيم االجتماعية القيم‬
‫األخالقية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والدينية التي تيسر االندماج االجتماعي وتنمي روابط التعاون)‪."(11‬‬
‫يتضح أن هناك ترابطا وثيقا بين القيم ومجال المعرفة‪ ،‬حيث إن جميع القيم ال بد لها من عناصر معرفية (وان‬
‫كانت بعض التعاريف ال تشير إليها)‪ ،‬وهي تعمل على انتقاء معايير للفعل واصدار الحكم والتفضيل واالختيار؛ إذ‬
‫إن الوصف الشمولي للقيم ال يتحقق إال بتراكم المعارف‪ .‬والتي غالبا ما تعطي للقيم األخالقية دو ار أساسا في‬
‫عمليات بناء المؤسسات ومراقبة المجتمع والتحكم فيه‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬القيمة والمنهج‬

‫إن النهوض بالثقافة العالمية وتطويرها‪ ،‬والغاء بعضها ينبني على القيم‪ ،‬فالقيم هي األسس التي بواسطتها‬
‫يحكم األفراد وجودهم االجتماعي‪ .‬ذلك أن مركز أي منهاج تعليمي هو القيم التي تعطي معنى لألنشطة الخاصة‬
‫باألفراد‪ .‬كما أنها تعمل على توجيه أهداف المدرسة‪ ،‬وتعتبر جزءا من المحتوى الثقافي للمنهج‪ .‬وعلى مخططيه‬
‫أن يقرروا القيم المطلوب تعلمها في المدرسة‪ ،‬كونها تعد إحدى العوامل المهمة في المحافظة على األوضاع‬
‫االجتماعية لألفراد‪ ،‬لكونها تشكل نقطة أولى في عملية اتخاذ القرار واختيار األهداف‪ .‬ويشكل المنهاج الدراسي‬
‫آلية من آليات التربية الناجحة‪ ،‬وأساسا اجتماعيا معرفيا لمنظومة من القيم‪ ،‬وهذه المنظومة هي انعكاس لواقع‬
‫اجتماعي له بعدان اثنان‪ :‬بعد قيمي وآخر معرفي‪ .‬فأولهما يبرز باعتباره نسقا قيميا مبنياعلى أسس يفترضها‬
‫المجتمع للربط بين عناصره‪ ،‬واآلخر يمثل منظومة معرفية متضمنة لحقائق وقوانين ومعايير واجراءات لتحقيق‬
‫البعد القيمي‪.‬‬
‫ويالحظ أن هناك صلة وصل بين القيم والمنهج‪ ،‬فال يمكن أن نتصور باحثا فذا بدون موضوعية‪ ،‬وضبط‬
‫منهجي‪ ،‬وعقلية ناقدة‪ ،‬وانفتاح فكري‪ ،‬ورقي معرفي‪ .‬لكن موضوع القيم كما يقول أنصار ما بعد الحداثة ال يتالءم‬
‫مع مقتضيات المنهج العلمي الذي لم تجن منه العلوم االجتماعية شيئا يذكر‪ .‬ذلك أن المخرج من هذه الورطة‬
‫المنهجية لن يتهيأ لنا إال بتصور آخر لفكرة المنهج في العلوم االجتماعية‪ .‬وهو ما أسميه االنتهاج المقاصدي‬
‫المستند إلى اإلسالم بصفته منهجا ينظم حياة اإلنسان على جميع األصعدة‪ ،‬يربط بين الفكرة والحركة في آن واحد‬
‫بغية تحقيق أهداف معينة أو الوصول إلى مقاصد محددة"(‪" .)12‬فاالنتهاج المقاصدي‪ ،‬تأسيسا على هذه المقدمة‪،‬‬
‫أسلوب علمي يضع القيم في نصابها عند دراسة المسائل االجت ماعية‪ .‬وبهذا يكون منهجا أكمل‪ ،‬يستفيد من‬
‫مكتسبات المنهج التجريبي (‪ ،)...‬ومن قدرات المنهج األصولي (‪ .)...‬حيث إن موضوع العلوم االجتماعية‪،‬‬
‫(‪ ،)...‬يدخل معظمه في دائرة المشكالت التي هي من صميم الدراسات الفقهية")‪ . (13‬وبناء على ذلك يمكن القول‬
‫إن المنهج التعلمي يعمل على ترسيخ التكامل المعرفي بين المعرفة والقيم في مختلف المجاالت المعرفية‪.‬‬
‫ولإلشارة أن كل منهج "يحمل قطعا حول المجتمع واألمة والفكر والثقافة‪ ،‬واالقتصاد والسياسة واإلنسان‬
‫والطبيعة والمكان والزمان والقيم واألخالق‪ .‬والعالم‪ ،‬كأي إنسان آخر‪ ،‬ال يرى الواقع كما هو‪ ،‬بل يدركه وفق‬

‫‪ 11‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.57:‬‬


‫‪ 12‬محمد بلفقيه‪" ،‬العلوم االجتماعية ومشكلة القيم تأصيل الصلة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.354:‬‬
‫‪ 13‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.354:‬‬
‫‪74‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬املجلد ‪ 3‬العدد ‪82-71A )2020( 1‬‬ ‫حسن حماني‬

‫تصوراته وأفكاره الذاتية ومعتقداته الشخصية وانتماءاته الفكرية والعلمية‪ .‬وسواء كان هذا العالم على وعي تام بهذا‬
‫أم ال‪ .‬فال مناص له من مرجعية أفكار وقيم"(‪ .)14‬وقد عرفه غرماس بكونه "سلسلة مبرمجة من اإلجراءات قصد‬
‫الحصول على نتيجة تتماشى مع مقتضيات المطلب النظري"(‪ .)15‬في حين أن ديكارت قد وصفه باعتباره "قواعد‬
‫وثيقة سهلة تمنع مراعاتها الدقيقة من أن يؤخذ الباطل على أنه حق‪ ،‬وتبلغ بالنفس إلى المعرفة الصحيحة بكل‬
‫األشياء التي تستطيع إدراكها دون أن تضيع في جهود غير نافعة‪ ،‬بل هي تزويد في ما للنفس من علم‬
‫بالتدريج)‪ ."(16‬في حين أرى أن المنهج يتشكل من آليات مختلفة تساعد الدارس على دراسة الظاهرة أو القضية‪،‬‬
‫والوقوف عند حيثياتها‪ ،‬من أجل ربطها بمحيطها الخارجي‪ .‬وهو خالصة لتجربة الباحث على المستوى الفكري‬
‫والجمالي والسلوكي‪.‬‬
‫واضح أن المنهج نسق مفردات تنطوي على عدد من العناصر‪ ،‬يتوسل بها الباحث لتحقيق هدف علمي‪ ،‬أو‬
‫غاية علمية‪ ،‬أو مقصد إنساني‪ .‬وعلى اإلجمال فإن تلك المفردات هي‪ :‬الميتافيزيقا‪ ،‬أي الفلسفة المؤسسة‪ ،‬وهي‬
‫مرجعية الباحث بمخزونها الثقافي ومصادرها المعرفية (التجربة‪ ،‬العقل الحدس‪ ،‬الوحي‪)...‬؛ ووسائل المعرفة‬
‫الفكرية (مثل النظريات) والمادية (مثل المراجع العلمية والمستندات والوثائق)‪ .‬ثم مشكلة البحث واشكاليته‪ .‬ثم‬
‫النظرية التي تنبني على مفاهيم تتشكل وتتبلور عبر منظومة القيم الفكرية والمذهبية‪ ،‬والفروض التي تستخلص من‬
‫جدلية االستقراء واالستنباط(‪" . )17‬فالباحث ال يمكنه االنسالخ من ثقافته وهو ينتقي مصادر معرفته‪ ،‬وهو حينما‬
‫يحدد مشكلة بحثه يتطلع حتما إلى حلها وفق ما يراه صوابا‪ ،‬وان اتكأ على الواقع‪ .‬وعندما يبني نظريته فهو ال‬
‫يستمدها من فراغ‪ ،‬بل يختار لها المفاهيم "المناسبة" والفروض "األقوى"‪ ،‬وهو ينتقي أيضا في مرحلة مقايسة‬
‫التجربة‪ .‬وهكذا يأتي التفسير أو التأويل‪ ،‬تتويجا لعملية تقويمية)‪ ."(18‬نستنتج أن قضية المنهج وتطبيق مقتضياته‬
‫وخصوصياته على أي عمل تربوي‪ ،‬تحكمها منظومة من القيم‪ ،‬ويديرها عقل خالق نموذجي‪ ،‬يشكل أساسا من‬
‫أسس المنهج العلمي‪ ،‬وعمودا من أعمدته‪ .‬تهدف إلى بناء معارف الباحث وتسلسلها‪ ،‬تسلسال يحافظ على‬
‫خصوصياتها ومقوماتها وكينونتها داخل الوجود اإلنساني‪.‬‬

‫المحور الرابع‪ :‬أزمة القيم واصالح التربية‬

‫المطلب األول‪ :‬تجليات أزمة القيم‬

‫يتسم مجال التربية في المغرب بالهشاشة‪ ،‬ويعيش على إيقاع أزمات القيم في جميع المجاالت‪ ،‬وهي أزمات‬
‫بنيوية أصبحت تشكل مرضا عضاال ومزمنا‪ ،‬وهو ما يبرر قدم الداء‪ ،‬وغياب الدواء‪ ،‬وأزلية األسباب‪ .‬وخاصة أن‬
‫التربية المجتمعية الراهنة تربية فاسدة‪ ،‬والمقصود بالتعليم والتربية الفاسدة في هذا المقام‪ ،‬ليس هو غياب األطر‪،‬‬
‫والكفاءات العلمية والمهنية في هذا المجال ‪ ،‬بل تفشي قيم سلبية انتهازية مغرقة في األنانية والعدمية‪ ،‬والنفعية‪،‬‬
‫حتى أصبحت القيم الراهنة هي قيم المصلحة ال غير‪ .‬ذلك أن السبب األول ألزمة التربية والتعليم‪" ،‬هو سوء‬

‫‪ 14‬محمد بلفقيه‪" ،‬العلوم االجتماعية ومشكلة القيم تأصيل الصلة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.357:‬‬
‫‪15‬‬
‫‪A.J.Greimas. Dictionnaire raisonné de la théorie du langage, Ed Hachette université. Paris 1979, p227.‬‬
‫‪ 16‬رونيه ديكارت‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمود محمد الخضيري‪" ،‬مقال عن المنهج"‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ ،1968 ،‬ص‪.95:‬‬
‫‪ 17‬محمد بلفقيه‪" ،‬العلوم االجتماعية ومشكلة القيم تأصيل الصلة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.361-362:‬‬
‫‪ 18‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.362:‬‬
‫‪75‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬املجلد ‪ 3‬العدد ‪82-71A )2020( 1‬‬ ‫حسن حماني‬

‫التدبير اإلداري‪ ،‬فقبل تفشي األزمة في التعليم كانت قد وصلت إلى درجة من الفساد وسوء التدبير‪ ،‬بحيث لم يعد‬
‫من الممكن أن تحافظ قطاعات أخرى على سالمتها ألن اإلدارة كل ال يتج أز ‪ .‬حيث كان التعليم في قلب األحداث‬
‫التي عرفها مغرب ما بعد االستقالل‪ .‬وظل مشروع النهضة واالستقال يضع التعليم على رأس أولوياته‪ ...‬لكن‬
‫الذي حدث أن الدولة لم تتبن قضية التعليم كاستراتيجية بعيدة المدى وكقضية وطنية ال تنتهي صالحيتها‪ ،‬وال‬
‫ترتبط بظرفيات تاريخية أو اقتصادية‪ ،‬من قبيل كلفة التعليم وثقله على خزينة الدولة)‪ ."(19‬وبهذا فالباحثون في‬
‫واقعنا الراهن ما انفكوا يجتهدون لإلحاطة بمشكلة القيم من حيث جملتها‪ ،‬وقد انصرفوا إلى دراستها باعتبار‬
‫عالقتها بالحاجات اإلنسانية‪ ،‬وبالميول والرغبات‪ ،‬واألمنيات البشرية كافة‪ ،‬سواء اتصلت كلها بمجال الحياة‬
‫االقتصادية‪ ،‬أو العاطفية‪ ،‬أو العقلية‪ ،‬أو األخالقية‪ ،‬أو الروحية‪ ،‬أو السياسية‪ ،‬أو الفنية‪ ،‬أو التربوية‪.‬‬
‫ويتجلى السبب الثاني في تقلص سوق الشغل‪ ،‬وشيوع المحسوبية والزبونية والقبلية وعالقات القرابة‪ ،‬وهذه قيم‬
‫سلبية ال تمس اإلسالم بصلة‪ ،‬وال تعبر على المواطنة الحقيقة الصادقة‪ ،‬وهي قيم حلت محل القيم الحقيقية مثل‬
‫الجدية والكفاءة وروح المسؤولية وتحقيق المصالح العليا للبالد‪ .‬وقد ساهمت القيم السلبية إلى حد كبير في ترسيخ‬
‫سلوك التواكل والعدمية والعبثية‪ ،‬وفقدان الرغبة في التربية والتكوين والتحصيل المعرفي)‪ .(20‬وتمثل السبب الثالث‬
‫في هشاشة االقتصاد وريعه وبنيته التقليدية‪ ،‬واعتماده على االستيراد وتصدير المواد الخام واستثمار رؤوس األموال‬
‫في الصناعات االستهالكية الخفيفة ذات التقنيات البسيطة والتكلفة المنخفضة والربح السريع‪ ،‬الشيء الذي أفقد‬
‫البحث العلمي أهميته وجعله شبه منعدم)‪ .(21‬ويعزى السبب الرابع في االهتمام المفرط من قبل الو ازرة الوصية‬
‫بالخريطة المدرسية؛ بحيث إن الهاجس المتحكم في هذه العملية‪ ،‬هو التمكن من توزيع فئة المتمدرسين على‬
‫المستويات والمؤسسات والمواقع‪ ،‬الستقبال أفواج جديدة أو سد للخصاص في المستويات والمؤسسات األخرى‪،‬‬
‫دون اعتبار لمستوى التحصيل واالستحقاق في النجاح)‪ .(22‬ويرتبط السبب الخامس بتمفصل أسالك التكوين‬
‫المهني بأسالك التربية والتكوين‪ ،‬مع ضعف التوجيه التربوي للتالميذ والطلبة لمتابعة مسارهم الدراسي‪ ،‬وهو ما‬
‫يؤدي إلى نتائج وخيمة )‪ .(23‬ويتعلق السبب السادس بعدم إنشاء شبكات التربية والتكوين‪ ،‬وضعف إدماج المدرسة‬
‫في المحيط‪ ،‬واختالل توزيع المدرسين في بعض المناطق الجغرافية‪ ،‬وسيادة مناخ مهني يتسم بالالتحفيز وغياب‬
‫العديد من األطر عن العمل‪ ،‬وتأخر إرساء مشروع التكوين المستمر للمدرسين الممارسين لمهنتهم‪ ،‬وكذلك عدم‬
‫ربط مؤسسسات تكوين األطر بالجامعات‪ ،‬وضعف مشاركة التعليم الخصوصي في تعميم التمدرس‪ ،‬واالرتقاء‬
‫بجودة التعليم؛ وكذلك تأخر عمليات التأطير والتوجيه وتكوين أطر التدريس في هذا التعليم)‪.(24‬‬
‫نستنتج من خالل ما سبق أن أزمة القيم التي شهدها مجال التربية والتعليم‪ ،‬جعلته لم يحقق ذلك االنفتاح‬
‫الضروري للمدرسة على محيطها؛ حيث اقتصر دور التعليم ووظيفة المدرسة في واقعنا الراهن على محو األمية‪،‬‬
‫ذلك أن ما أصبح مطلوبا أساسا من التعليم‪ ،‬ليس هو الرؤية البعيدة المدى والتكوين الجيد والنفس الطويل من أجل‬

‫‪ 19‬عبد الهادي مفتاح‪" ،‬إصالح التعليم وأزمة القيم"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 219:‬‬
‫‪ 20‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.220:‬‬
‫‪ 21‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪ 22‬عبد الهادي مفتاح‪" ،‬إصالح التعليم وأزمة القيم"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220:‬‬
‫‪ 23‬عبد الكريم غريب وآخرون‪" ،‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين قراءة تحليلية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.388:‬‬
‫‪ 24‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬املجلد ‪ 3‬العدد ‪82-71A )2020( 1‬‬ ‫حسن حماني‬

‫القيام بمهام كبرى ووظائف معقدة تتطلب تكوينا عاليا ومهارات وكفايات بالغة الدقة؛ بل الحصول على الحد‬
‫األدنى من الكفايات الضرورية واألساسية للتواصل مع المحيط‪ .‬من هنا فإن اإلصالح التربوي‪ ،‬ال يتحقق كمشروع‬
‫مجتمعي بدون إصالح سياسي واجتماعي واقتصادي‪ ،‬هدفه األسمى هو تحقيق المساواة ومشاركة الفئات‬
‫االجتماعية حسب قدرات كل منها في مجهود التنمية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم اإلصالح التربوي‬

‫إذا كان اإلصالح التعليمي قضية تاريخية وسياسية واجتماعية‪ ،‬وليست "تقنية كما يوحي بذلك تقرير يونيو‬
‫‪2005‬؛ فإن تفعيل مسلسل اإلصالح‪ ،‬رهين بمراعاة حاجات المجتمع‪ ،‬ودمقرطة التعليم‪ .‬فالصراع التربوي‬
‫واالجتماعي حول التعليم‪ ،‬هو المحرك الرئيسي لإلصالح؛ وبالتالي‪ ،‬فإن االنخراط في اإلصالح مرتبط بحصول‬
‫المستفيدين على تكوينات جيدة‪ ،‬فالقسم الدراسي هو المجال التربوي المصغر‪ ،‬الذي ينبغي أن يتحقق فيه التغيير‬
‫)‪(25‬‬
‫‪ .‬وأشار لكحل لخضر في‬ ‫سواء على مستوى التعلمات أو على مستوى االرتقاء بالمسار الدراسي للتلميذ"‬
‫تعريفه لإلصالح التربوي بأنه "محاولة فكرية أو عملية إلدخال تحسينات على الوضع الراهن للنظام التعليمي‪،‬‬
‫سواء كان ذلك متعلقا بالبنية المدرسية أو التنظيم واإلدارة أو البرنامج التعليمي أو طرائق التدريس أو الكتب‬
‫الدراسية"‪ ،‬وقد يتخذ اإلصالح نسبا معينة فقد يكون‪ :‬عاما أو خاصا‪ ،‬شامال أو جزئيا‪ ،‬دائما أو مؤقتا‪ ،‬طويل‬
‫األجل أو قصير األجل)‪ ."(26‬وكذلك أنه "جهود تبذل بغرض إحداث تغييرات جوهرية في السياسات التربوية تشمل‬
‫أكثر من جانب في العملية التربوية‪ ،‬وغالبا ما تتجاوز نتائجه النظام التعليمي‪ ،‬وتخطط اإلصالحات على المستوى‬
‫المركزي‪ ،‬وان كان التنفيذ يتم على المستويين المركزي والمحلي من حيث إنه يتجاوز النظام التعليمي والتربوي‬
‫نحو البنية االجتماعية ككل‪ ،‬بما يستوجب من المخطط أن يأخذ في االعتبار العوامل والمتغيرات الخارجة على‬
‫النظام التعليمي‪ ،‬كالمتغيرات االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪...‬وكأن هذا اإلصالح ينصرف في النهاية إلى‬
‫تحقيق الكفاية الداخلية والخارجية للنظام التعليمي والتربوي ككل)‪."(27‬‬
‫وجدير بالذكر أن عملية اإلصالح‪ ،‬في منظور الجميع‪ ،‬ليست مسألة بسيطة‪ ،‬يمكن اختزالها في بعض‬
‫المقترحات غالبا ما تصاغ على شكل مطالب فضفاضة أو شعارات رنانة صعبة التنفيذ‪ ،‬لكنها كذلك ليست‬
‫بمستحيلة‪ ،‬بل ممكنة كلما كانت المنطلقات واضحة(‪ .)28‬فالرؤية الواضحة المترجمة في غايات وأهداف واضحة‬
‫قابلة للتنفيذ‪ ،‬وغير قابلة للتأويل مع التحديد الواضح لمقتضيات التفعيل‪ ،‬هي الكفيلة بضمان إصالح فعال‬
‫لمنظومة التربية والتكوين ببالدنا على المدى القريب والمتوسط والبعيد في سياق الجهوية الموسعة)‪ .(29‬ولإلشارة أن‬

‫‪ 25‬عبد الكريم غريب وآخرون‪" ،‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين قراءة تحليلية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.390-391:‬‬
‫‪ 26‬لكحل لخضر‪" ،‬اإلصالح التربوي في ظل العولمة"‪ ،‬مقال ضمن مجلة عالم التربية‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬ع‪ ،19‬ص‪.191:‬‬
‫‪ 27‬لكحل لخضر‪" ،‬اإلصالح التربوي في ظل العولمة"‪ ،‬مقال ضمن مجلة عالم التربية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.192:‬‬
‫‪ 28‬لحسن مادي‪" ،‬منظومة التربية والتكوين بالمغرب في أفق الجهوية الموسعة"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪ ،‬ص‪.138:‬‬
‫نعني هنا بالمنطلقات‪:‬‬
‫ـ وضوح الغايات المتوخاة من اإلصالح؛‬
‫ـ تحديد النتائج المنتظرة من تفعيل هذه الغايات؛‬
‫ـ توزيع المسؤوليات؛‬
‫ـ استحضار آليات التتبع والتقويم في مختلف مراحل التنفيذ‪.‬‬
‫‪ 29‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬املجلد ‪ 3‬العدد ‪82-71A )2020( 1‬‬ ‫حسن حماني‬

‫اإلصالح التعليمي "مشروع تغيير وتطوير النظام التربوي في إطار عملية االبتكار‪ ...‬ويتطور كل نظام من‬
‫مستوى أدنى من الع القة بين مكوناته إلى مستوى االندماج ثم االتساق‪ .‬وبعد ذلك االندماج الدينامي ‪ ...‬فاالتساق‬
‫الدينامي‪ ...‬ويتم مشروع اإلصالح باستثمار المحيط وأخذ إمدادات عنه وتدبيرها‪ ...‬أما نتائجه فتحدد بالمردود‬
‫الذي يحققه)‪ ."(30‬واذا كان اإلصالح التربوي يشكل "عملية علمية ومتأنية لمختلف المشاكل الطارئة والكامنة‬
‫والمؤثرة على صيرورة النظام التربوي‪ ،‬وهو بهذا ال يكتفي بالمعالجة السطحية للمشاكل التربوية‪ ،‬بل ينبغي كلما‬
‫استدعى األمر ذلك‪ ،‬أن يغوص في أعماق التكوين الخاص بالمجتمع ليكتشف عوامل أخرى قد ال تؤخذ في‬
‫الحسبان ولكنها مع ذلك تؤثر تأثي ار بليغا في تحقيق األهداف المرجوة"(‪ ،)31‬فإن ما ينبغي مراعاته في هذا المقام‬
‫هو "مدى استجابة أي مشروع تربوي لمقومات األمة ومتطلبات حاضرها وتطلعات مستقبلها‪ .‬وبهذا فإن اإلصالح‬
‫ال بد أن يكون ممتدا في التاريخ لتفادي التفاعل السلبي‪ ،‬مستجيبا لمتطلبات الحاضر ليعبر عن انشغاالت حالية‪،‬‬
‫متطلعا ومخططا لمستقبل زاهر حتى ال يكون ارتجاليا‪ ،‬متفتحا على مختلف التجارب العالمية حتى ال يكون منغلقا‬
‫على ذاته)‪."(32‬‬
‫لقد اختلفت التعاريف واالصطالحات التي منحها التربويون لإلصالح التربوي‪ ،‬حيث هناك من تناوله من خالل‬
‫البعد االجتماعي‪ ،‬وهناك من نظر إليه نظرة ضيقة‪ ،‬كما نجد آخرين قد تحدثوا عن معناه من حيث بعده‬
‫الموسوعي‪ ،‬ومهما تنوعت التعريفات فإنها تكاد تتوحد في نقطة أساس مفادها أن اإلصالح له دور نموذجي يتجلى‬
‫في مواكبة التغير والتقدم التربوي الذي يشهده المجتمع‪ ،‬ومدى استجابته لتطلعات العنصر البشري‪ ،‬وكما يمكن‬
‫آخر ي رى أن اإلصالح التربوي يهتم بتقويم االعوجاجات واالختالالت التي يشهدها المجال‬
‫للتغير أن يتخذ منحى ا‬
‫التعليمي‪ .‬ومن هنا يمكننا تحديد اإلصالح التربوي باعتباره بحثا ودراسة علمية دقيقة لمختلف المشاكل‬
‫واإلشكاليات الكبرى التي يعرفها النظام التعليمي ومنظومة القيم‪ ،‬وهو جهود جادة مبذولة ومتواصلة قصد تنمية‬
‫المجتمع وتغييره بشكل عام‪ ،‬والمجال التربوي على وجه الخصوص‪ ،‬وهو تغيير مرتبط بتغيير األهداف التعليمية‬
‫وبرامجها وأجهزتها‪ ،‬قصد تجاوز سلبياتها وتدعيمها بحلول جديدة بغرض تكييفها مع مختلف التغيرات الواقعة في‬
‫الساحة الداخلية والعالمية في مختلف المجاالت‪.‬‬

‫المحور الخامس‪ :‬بوادر اإلصالح‬

‫ال شك أن الوعي بأبعاد األزمة وبمخاطرها‪ ،‬والتي عرفها نظام التربية والتعليم ببالدنا‪ ،‬وخاصة "أنها أزمة‬
‫بنيوية تعم جميع قطاعات المجتمع وهياكله وبنيته الذهنية والعقلية‪ ،‬وبالدور الذي يلعبه التعليم في حياة األمة‬
‫ونهضة الوطن وحمايته باعتباره القاطرة التي تقود جميع القطاعات األخرى‪ ،‬وتصون هوية الوطن وتضمن مكانته‬
‫المتميزة بين األمم والشعوب‪ ،‬هو الذي حدا بالدولة بشكل عام وبو ازرة التربية الوطنية بشكل خاص‪ ،‬إلى إعادة‬
‫النظر في أزمة التعليم بشكل جذري)‪ ."(33‬ومن ثم ُخصص للتعليم مجلس أعلى ولجان‪" ،‬قامت بمراجعة البرامج‬

‫‪30‬‬
‫لكحل لخضر‪" ،‬اإلصالح التربوي في ظل العولمة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.193:‬‬
‫‪31‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.194:‬‬
‫‪ 32‬لكحل لخضر‪" ،‬اإلصالح التربوي في ظل العولمة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.194:‬‬
‫‪ 33‬عبد الهادي مفتاح‪" ،‬إصالح التعليم وأزمة القيم"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.222:‬‬
‫‪78‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬املجلد ‪ 3‬العدد ‪82-71A )2020( 1‬‬ ‫حسن حماني‬

‫والخطط والمقررات‪ ،‬وأردفت ذلك كله بمخطط استعجالي إلصالح حاله واإلقالع به‪ ،‬ويبدو أن أزمة القيم هذه التي‬
‫رأينا أنها السبب الجوهري في انحطاط التعليم‪ ،‬قد أصبحت في قلب االهتمام به ومراجعته ووضع البرامج‬
‫اإلصالحية له‪ ،‬بدليل الشعارات التي باتت ترفع في السنوات األخيرة من قبيل تخليق الحياة العامة‪ ،‬ترسيخ السلوك‬
‫المدني وقيم المواطنة والتنمية البشرية"(‪ .)34‬والدعوة إلى ضرورة خلق تعبئة شاملة حول المدرسة أو الكلية‪ ،‬بهدف‬
‫إصالحها بشكل جذري‪ ،‬وانتهاز الفرصة التاريخية التي تشكلت بفعل التراضي السياسي واالجتماعي الحاصل‬
‫حول غايات ومبادئ اإلصالح‪ ،‬وتفعيل منهجية التعاقد‪.‬‬
‫يتضح أن عملية اإلصالح التربوي تقتضي منا التركيز على مجموعة من األولويات‪ ،‬من بينها ما يلي)‪:(35‬‬
‫ـ ورش تعميم التعليم األولي الجيد؛‬
‫ـ ورش الجودة في التعليم؛‬
‫ـ ورش تعميق ال مركزية النظام التعليمي وتأهيل قدراته التدبيرية؛‬
‫ـ ورش البحث العلمي واالندماج في اقتصاديات المعرفة؛‬
‫ـ ورش تمويل التعليم ومسألة الشراكة؛‬
‫ـ ورش التربية غير النظامية واالستمرار في محاربة األمية‪.‬‬
‫إن تحقق هذه األوراش يقتضي منا أن نبسط لها أرضية مناسبة‪ ،‬وامكانيات لوجستيكية مختلفة‪ ،‬ومؤهالت‬
‫وموارد في مستوى عال‪ ،‬قصد "تجاوز الحالة الراهنة المتسمة بالحيرة والبطء وضعف مردودية منظومتنا التربوية‬
‫التعليمية‪ ،‬في أفق جعل المدرسة محركا للتنمية البشرية المستدامة‪ ،‬قادرة على رفع تحديات األلفية الثالثة المتسمة‬
‫بالتنافسية القوية والتحكم في التكنولوجية الحديثة لالتصال‪ ،‬وبالجودة في المردودية وبتكافؤ الفرص بين جميع‬
‫المغاربة ذكو ار واناثا‪ ،‬في الحواضر والقرى كيفما كانت انتماءاتهم االجتماعية"(‪ .)36‬كما يفرض اإلصالح التربوي‬
‫)‪(37‬‬
‫‪:‬‬ ‫من الناحية العلمية توفير مجموعة من المداخل‪ ،‬من بينها‬
‫ـ أوال‪ :‬اإليمان بأن اإلصالح ممكن وليس شيئا مستحيال‪ .‬وهذا يقتضي منا التواصل الشفاف مع مختلف شرائح‬
‫المجتمع من أجل الوعي بأبعاد التغييرات التي يمكن أن تترتب عن مختلف اإلجراءات‪.‬‬
‫ـ ثانيا‪ :‬استحضار التقسيم الجهوي في اإلصالح المرتقب‪ ،‬باعتباره معطى جديدا في تدبير الشأن الجهوي‬
‫والمحلي؛‬
‫ـ ثالثا‪ :‬االستثمار الجيد للجوانب الناجحة في اإلصالحات التي عرفها المغرب إلى حد اآلن؛‬
‫ـ رابعا‪ :‬نقل مختلف السلط التربوية المتمركزة في و ازرة التربية الوطنية إلى المؤسسات التربوية الجهوية‬
‫(األكاديميات‪ ،‬المديريات‪ ،‬المؤسسات التعليمية‪ )... ،‬وفق ما يقتضيه تفعيل مبدأ الجهوية الموسعة؛‬
‫ـ خامسا‪ :‬التحديد الدقيق للمهام الجديدة لو ازرة التربية الوطنية في إطار التنزيل الجديد للدستور خاصة فيما تضمنه‬
‫من تصور للجهوية وما تقتضيه الالمركزية والالتمركز؛‬

‫‪ 34‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬


‫‪ 35‬عبد الكريم غريب وآخرون‪" ،‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين قراءة تحليلية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.390:‬‬
‫‪ 36‬لحسن مادي‪" ،‬منظومة التربية والتكوين بالمغرب في أفق الجهوية الموسعة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫‪ 37‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬املجلد ‪ 3‬العدد ‪82-71A )2020( 1‬‬ ‫حسن حماني‬

‫ـ سادسا‪ :‬األصالة في اقتراح الحلول الممكنة لتجاوز الوضعية الحالية للمدرسة المغربية واالبتعاد عن اجترار‬
‫مقترحات تكرر تداولها في إصالحات سابقة؛‬
‫ـ سابعا‪ :‬تحديد وتوفير اإلمكانات المادية والبشرية الكفيلة بتنفيذ اإلصالح؛‬
‫ـ ثامنا‪ :‬االلتزام بتطبيق البرنامج اإلصالحي برمته في مدة زمنية محددة باعتباره مشروعا متكامال يبتغي تطوير‬
‫المدرسة المغربية بعيدا عن أسلوب االنتقائية واعتماد الحلول السهلة‪.‬‬
‫ـ تاسعا‪ :‬ابتكار طرائق للتعليم والتربية‪ ،‬والعمل‪ ،‬ذلك أن هذا هو الشرط الحتمي لإلصالح والتنمية والتقدم على‬
‫)‪(38‬‬
‫‪:‬‬ ‫مستوى الممارسة‪ ،‬لكن شريطة توفير مجموعة من المداخل‪ ،‬من بينها‬
‫تفادي كل نزعة علموية من دون إقصاء طابع الخصوصية؛‬
‫عدم تجاهل الدور الحاسم للعالقة ما بين المدرس والتلميذ‪ ،‬من دون االنسياق وراء انزالق ما يفوق‬
‫الوصف واالستسالم للتجريبية أو االرتجال؛‬
‫التنبه لتفرد كل تلميذ وتفريق السلوكات الديداكتيكية‪ ،‬من دون العدول عن كل نمط من أنماط شكلنة‬
‫طرائق قابلة للنمذجة والتعرف عليها؛‬
‫المحافظة على دقة التعليم ودفء المناخ‪.‬‬

‫المحور السادس‪ :‬القيم اإليجابية ودورها في اإلصالح التربوي‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن المحافظة على المجال التعليمي والتربوي والنهوض به سواء تعلق األمر بالمدارس أو‬
‫الكليات‪ ،‬يفرض علينا إعطاء تصور جديد للمؤسسات التعليمية شكال ومضمونا‪ ،‬ألنه مجال ال زال يعاني من‬
‫مشاكل عويصة‪ ،‬وأزمات عميقة‪ .‬لذلك يمكننا اقتراح مجموعة من القيم اإليجابية والتصورات المنطقية والعقلية التي‬
‫من الممكن أن تساعدنا على إيجاد حلول‪ ،‬ولو جزئية في أفق الحل الجذري والشامل‪ ،‬لكافة المشاكل واألزمات‬
‫التي يعرفها القطاع‪ ،‬ومنها مايلي‪:‬‬
‫ـ اعتبار المؤسسة التربوية ذلك الفضاء النموذجي الذي ينبني على تحمل المسؤولية والمشاركة الفعالة في العملية‬
‫اإلصالحية التربوية‪ ،‬وتوفير الفضاء المالئم لممارسة األنشطة التعليمية التعلمية؛‬
‫ـ إعادة النظر في معايير انتقاء رؤساء المؤسسات التعليمية؛ معايير تستجيب لحاجيات التالميذ والطلبة؛‬
‫ـ إعادة االعتبار للتدبير اإلداري‪ ،‬وذلك من خالل توفير اآلليات الضرورة للتسيير والتدبير؛‬
‫ـ احترام القانون األساس للمؤسسات التعليمية‪ ،‬إضافة إلى قيم وهوية الفاعلين التربويين؛‬
‫ـ وضع لجان محكمة‪ ،‬تكون لها كفاءات عالية لتتبع ميزانيات المؤسسات التعليمية؛‬
‫ـ وضع برامج وآليات محكمة لتكوين التالميذ والطلبة وتنمية قدراتهم في المنظومة التربوية؛‬
‫ـ التدبير المعقلن للمهام داخل المنظومة التربوية؛‬
‫ـ لجوء المدرسين إلى التقنيات واآلليات المعلوماتية‪ ،‬ألنها تتوفر على ضمان جيد لسيرورة العملية التربوية؛‬
‫ـ النظرة الشمولية إلشكالية العالقة بين تكوين المدرسين واتجاهاتهم‪ ،‬وسلوكاتهم التربوية؛‬

‫‪ 38‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬


‫‪80‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬املجلد ‪ 3‬العدد ‪82-71A )2020( 1‬‬ ‫حسن حماني‬

‫ـ االعتراف بهوية المدرسين المهنية وبكفاءاتهم العالية؛‬


‫ـ الرهان على تحقيق رغبة كل فرد في تحقيق المشاريع التي تهمه‪ ،‬فهو يساعد الطالب على جعل رغبته طاقة‬
‫محركة؛‬
‫ـ الربط بين البحث العلمي والتكوين وتفعيل القوانين المنظمة لنشاط الباحثين؛‬
‫ـ االهتمام بالتكوين المستمر للتالميذ والطلبة‪ ،‬ألنه يشكل ركيزة أساس من ركائز قطاع التربية والتعليم؛‬
‫ـ إعطاء األولوية للتكوين على حساب التدريس‪ ،‬واالبتكار عوض إعادة إنتاج المعارف؛‬
‫ـ اعتبار التالميذ أو الطلبة أساس العملية التعليمية والتعلمية‪ ،‬حيث ال يتحقق ذلك إال من خالل القيم اإليجابية‬
‫لإلدارة‪ ،‬والمتمثلة في شخص رئيسها‪ ،‬وكذلك قيم المدرسين؛‬
‫ـ العناية بتشجيع التالميذ والطلبة من خالل القيام باستكشافات شخصية انطالقا من اهتماماتهم وحوافزهم مع توفير‬
‫الظروف المناسبة لتبسيط هذه العملية؛‬
‫ـ االهتمام بنظام الرعاية واإلرشاد والتوجيه والتقويم؛‬
‫ـ إعادة النظر في أسس ومنطلقات وتقنيات عملية التخطيط التربوي؛‬
‫ـ يتحقق التعلم الصحيح عندما يدرك المتعلم وجود تالؤم بين المعارف التي يجب اكتسابها وموضوع العلم؛‬
‫ـ تحديث المناهج والسبل التربوية التي توصل إلى نتائج إيجابية؛‬
‫ـ العمل على محاربة األمية وتعميم التمدرس وتكوين أجيال متعلمة تساهم في عمليات البناءالتربوي للجهة؛‬
‫ـ تحول مؤسسات التكوين إلى مؤسسات إلنتاج الخبرة والكفاءة التي تلبي حاجة القطاع االقتصادي؛‬
‫ـ إذا كان تكوين المكونين يرتبط بتغيير تنظيم المؤسسات التربوية فإن تكوين التالميذ والطلبة يرتبط بنشر مبادئ‬
‫وقيم حقوق اإلنسان والتربية على المواطنة الحقة؛‬
‫ـ التربية على احترام حقوق اإلنسان وحريته وتنمية ثقافة التعايش مع الغير وفق قوانين عمومية تحفظ هوية الفرد‬
‫داخل المجتمع؛‬
‫ـ المساهمة في بناء جماعة ديمقراطية‪ ،‬منتجة للجودة ولعالقات إنسانية إيجابية ‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫إن القيم اإلنسانية قيم متعالية سامية تتطلب المسؤولية والديمقراطية وروح المواطنة الصادقة‪ ،‬وليست مجرد قيم‬
‫وطنية‪ ،‬أي ذلك النمط من التفتح الفكري السياسي واالجتماعي‪ ،‬الذي يسمح بالتعايش مع المحيط والبيئة الوطنية‬
‫والعالمية‪ ،‬شريطة مراعاة ما يفيد الوطن‪ ،‬وال يتنافى مع ما فيه من قيم الخير والصدق واالحترام المتبادل‪،‬‬
‫والتعاون‪ ،‬ذلك أن الفكر الديمقراطي والمواطني يبنى وينشأ من المدرسة وفيها بالمشاركة الحقيقية لإلداريين‬
‫والمدرسين والمتعلمين في كل شأن من شؤون المؤسسة من مواد ومضمون التعلم والتعليم‪ ،‬إلى التسيير والتحكيم‬
‫فيما يعرض للمؤسسة من قضايا ومشاكل‪ .‬ومن هنا توصلنا إلى مجموعة النتائج والتوصيات‪ ،‬من بينها ما يلي‪:‬‬
‫ـ إن القيم تعبير عن المعاني التي يولد عليها اإلنسان والدة روحانية ربانية؛‬
‫ـ إن القيم تبدو‪ ،‬وكأنها جزء ال يتج أز من التراث المعرفي الذي تلعبه المدرسة؛‬
‫ـ إن القيم التي تندرج في اإليديولوجيا واألخالق والدين‪ ،‬هي التي تؤسس للعلوم االجتماعية؛‬

‫‪81‬‬
‫مسالك التربية و التكوين‪ ،‬املجلد ‪ 3‬العدد ‪82-71A )2020( 1‬‬ ‫حسن حماني‬

‫ـ إن المسؤولين عن مجال التربية والتعليم يفرض عليهم تقديم أهمية خاصة لتطوير المناهج والبرامج التعليمية‬
‫وباقي األدوات المادية والتربوية؛‬
‫ـ إن للمدرسة أو المركز أو الجامعة أهمية كبيرة في مساعدة التلميذ أو الطالب على تحقيق ذاته جسميا وعقليا‪،‬‬
‫ووجدانيا؛‬
‫ـ إن االرتقاء بالجودة وتحسين الخدمات يؤدي إلى جودة التمدرس؛‬
‫ـإن معرفة كيفية تحديد الحاجيات البشرية والمادية تبنى على معطيات الخريطة التربوية‪.‬‬
‫المراجع العربية‬
‫عبد الكريم غريب وآخرون‪" ،‬الميثاق الوطني للتربية والتكوين قراءة تحليلية"‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار‬ ‫‪1.‬‬
‫البيضاء‪.2006 ،‬‬
‫عبد الكريم غريب‪" ،‬البيداغوجيا الفارقة سيرورات وطرائق لتغيير المدرسة"‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار‬ ‫‪2.‬‬
‫البيضاء‪.2011 ،‬‬
‫عبد الهادي مفتاح‪" ،‬إصالح التعليم وأزمة القيم"‪ ،‬مجلة عالم التربية‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬ع‪.2010 ،19‬‬ ‫‪3.‬‬
‫لحسن مادي‪" ،‬منظومة التربية والتكوين بالمغرب في أفق الجهوية الموسعة"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار‬ ‫‪4.‬‬
‫البيضاء‪.2014 .‬‬
‫لكحل لخضر‪" ،‬اإلصالح التربوي في ظل العولمة"‪ ،‬مقال ضمن مجلة عالم التربية‪ ،‬منشورات عالم التربية‪،‬‬ ‫‪5.‬‬
‫ع‪.19‬‬
‫محمد السوالي‪" ،‬السياسات التربوية األسس والتدبير"‪ ،‬دار األمان‪ ،‬ط‪ ،1‬الرباط‪. 2012 ،‬‬ ‫‪6.‬‬
‫محمد بلفقيه‪" ،‬العلوم االجتماعية ومشكلة القيم تأصيل الصلة"‪ ،‬منشورات المعارف‪ ،‬ط‪ ،1‬الرباط‪.2007 ،‬‬ ‫‪7.‬‬
‫المراجع الفرنسية‬
‫‪- A.J.Greimas. Dictionnaire raisonné de la théorie du langage, Ed Hachette université.‬‬
‫‪Paris 1979.‬‬

‫‪82‬‬

You might also like