You are on page 1of 23

‫النظرية التربوية‬

‫‪ :‬إشراف‬
‫‪-‬‬ ‫عمر بكاري‬

‫‪2022/2023‬‬
‫اإلسالمية‬
‫‪:‬إعداد‬
‫رشيدة أفقير ‪-‬‬
‫عبد المغيث ايت علي ‪-‬‬
‫أشرواو ‪ -‬أحمد‬
‫محاور العرض‬
‫>‬ ‫‪02.‬‬ ‫‪01.‬‬ ‫<‬

‫المصادر‬ ‫تعاريف‬

‫>‬
‫‪03.‬‬
‫الخصائص‬
‫‪01‬‬
‫‪ :‬تعاريف‬
‫النظرية ؛التربية ؛التربية‬
‫اإلسالمية ؛ النظرية التربوية ؛‬
‫‪.‬النظرية التربوية اإلسالمية‬
‫مفهوم النظرية‪1.1-‬‬

‫أ) من الناحية اللغوية‪:‬النظرية مشتقة من النظر الذي يعني التفكر والتأمل واالستدالل العقلي‬
‫‪.‬الذي يوصل صاحبه إلى فهم الظواهر المدروسة ومعرفة األسباب الحقيقية لحدوثها‬

‫ب) من الناحية االصطالحية ‪:‬النظرية نسق فكري استنباطي متسق حول ظاهرة أو مجموعة من‬
‫الظاهرات المتجانسة ‪ ،‬يتضمن أي النسق إطارا تصوريا ومفهومات وقضايا نظرية توضح‬
‫العالقات بين الوقائع وتنظمها بطريقة دالة وذات معنى ‪ ،‬كما أنها ذات بعد إمبريقي ‪ ،‬بمعنى‬
‫اعتمادها على الواقع ومعطياته‪ ،‬وذات توجيه تنبئي يساعد على تفهم مستقبل الظاهرة‪ ،‬ولو من‬
‫خالل تعميمات احتمالية‬
‫‪:‬مفهوم التربية ‪.1-2-‬‬
‫أ) من الناحية اللغوية التربية تعني الزيادة والنشأة والتغذية والرعاية والمحافظة ‪ ،‬وهي من ربا الشيء‬
‫‪.‬ربوا ورياء ‪ ،‬أي زاد ونما (ابن منظور‪ ،‬كلمة التربية ‪ ، 1996 ،‬ص ‪)234‬‬

‫ب) من الناحية االصطالحية ‪ :‬فالتربية من الكلمات الحديثة التي ظهرت في السنوات األخيرة مرتبطة‬
‫بحركة التجديد التربوي في البالد العربية في الربع الثاني من القرن العشرين ‪ ،‬ولذلك ال نجد لها‬
‫استخداما في المصادر العربية القديمة‪ ،‬حيث كانت تستخدم كلمات مثل ‪ :‬التعليم ‪ ،‬التأديب ‪ ،‬التهذيب ‪،‬‬
‫‪.‬وهي كلمات مرتبطة بالتربية كما نفهمها اليوم أوثق ارتباط (محمد منير مرسي ‪ ، 1982 ،‬ص‪)52‬‬

‫يعرف القاضي البيضاوي التربية بأنها تبليغ الشيء إلى كماله شيئا شيئا (ناصر الدين الشيرازي‪ ،‬ج ‪، 1‬‬
‫ص ‪)3‬‬
‫‪:‬مفهوم التربية اإلسالمية ‪.1-3-‬‬

‫التربية اإلسالمية تربية شاملة وهادفة ومقصودة‪ ،‬الغرض منها تكوين‬


‫اإلنسان المسلم واألمة المسلمة المكلفة بحمل رسالة رب العالمين‪.‬‬
‫ال بد أن تستمد التربية اإلسالمية كل توجيهاتها وفلسفتها وأهدافها من‬
‫الشريعة اإلسالمية (القرآن الكريم والسنة النبوية)‬
‫مفهوم النظرية التربوية ‪1-4-‬‬
‫النظرية التربوية في مجال الدراسات التربوية تختلف من نظرية إلى أخرى ‪ ،‬ومن تربية إلى أخرى‪ ،‬ومن‬
‫مجتمع آلخر‪ ،‬ألن فلسفات التربية مختلفة ‪ ،‬والعلوم التربوية تتطور باستمرار من حيث المحتوى ومن‬
‫حيث األهداف أيضا‪ .‬فقد كان مفهوم النظرية التربوية عند اليونان مثال بأنه التصورالذي يحدد صورة‬
‫المواطن الصالح وعالقته بالدولة واألساليب التي تستعمل لتنشئة الفرد على ذلك‪.‬وفي العصور الوسطى‬
‫المسيحية كان مفهوم النظرية التربوية ينصب على غرس فكرة الخالص التي توفر لإلنسان النجاة من‬
‫شرور الدنيا وتهيئته للسعادة األخروية‪.‬أما في عصر النهضة األوربية ‪ ،‬فأصبح مفهوم النظرية التربوية‬
‫يركز على إعداد الفرد لالستمتاع بالحياة ‪ ،‬واستغالل البيئة المحيطة ‪ ،‬واالهتمام بالتربية الجمالية والبدنية‬
‫والسلوك (ماجد عرسان الكيالني ‪ ، 1987 ،‬ص ‪.)19‬وفي العصور الحديثة استمدت النظرية التربوية‬
‫محتواها عند الغرب من السعي لرفع مستوى المعيشة ونشر األفكار اإلنسانية ‪ ،‬والنظر إلى التربية‬
‫كاستثمار اقتصادي ودعامة من دعائم التطورالتكنولوجي والعلمي والصناعي‬
‫‪:‬مفهوم النظرية التربوية اإلسالمية ‪.1-5-‬‬

‫يعرفها محمود السيد محمد سلطان بأنها انعكاس للنظرية اإلسالمية‪ ..‬هي الترجمة التربوية النظرية‬
‫والتطبيقية لإلسالم‪ ....‬كل اإلسالم فكرا وروحا وتطبيقا في مجاالت الحياة المختلفة السياسية‬
‫‪.‬واالقتصادية واالجتماعية واإلنسانية والخلفية (محمود السيد محمد سلطان ‪ ،1983 ،‬ص ‪)13‬‬

‫ويعرفها بشير حاج توم بأنها مجموعة التصورات والمفاهيم والمبادئ التربوية المستمدة من القرآن‬
‫الكريم والسنة المطهرة والموجهة للدراسات التربوية االجتماعية والنفسية والفلسفية والتاريخية‬
‫(بشيرحاج توم ‪ ، 1991 ،‬ص ‪)344‬‬
‫أ ما مقداد يالجن فيرى بأن النظرية التربوية اإلسالمية ليست مجموعة من فرضيات ثبتت صحتها عن طريق التجربة‬
‫والمشاهدة‪ ،‬كما يقول أصحاب النظرية التربوية التفسيرية ‪ ،‬وليست مجرد مجموعة من قواعد ومبادئ ومفاهيم‬
‫تربوية وضعها البشر ليهتدوا بها‪ ،‬كما يقول أصحاب النظرية التربوية العملية ‪ ،‬ولكنها مجموعة مترابطة من‬
‫المبادئ والقواعد والمفاهيم التربوية المستمدة من الكتاب والسنة النبوية المطهرة ‪ ،‬والتي هي بمثابة األساس الذي‬
‫يقوم عليه البناء التربوي الصالح (مقداد) بالجن ‪، 1991 ،‬‬

‫ويرى عبد الرحمن صالح أن النظرية التربوية مجموعة من المبادئ المترابطة المستمدة من الكتاب والسنة ‪،‬‬
‫والمدعمة بالحقائق المتعلقة باآليات المبثوثة في النفس اإلنسانية والكون والتاريخ ‪ ،‬والشاملة لميادين العملية‬
‫التربوية كافة ‪ ،‬والهادفة إلى توجيه السلوك اإلنساني ‪ ،‬في ضوء قيم اإلسالم وتعاليمه الخالدة" (عبد الرحمن صالح‬
‫‪.‬عبد هللا ‪ ، 1991 ،‬ص ‪)505‬‬
‫النظرية التربوية اإلسالمية‪ :‬مجموعة التصورات‬
‫والمفاهيم واألفكار واألهداف واألحكام والقيم ذات الحد‬
‫األقصى من التجريد والعمومية المرتبطة بإعداد‬
‫اإلنسان المسلم حسب األصول اإلسالمية ‪ ،‬وفي ضوئها‬
‫يمكن تفسير العمليات التربوية اإلسالمية وتبريرها‬
‫وتقويمها اعتبارا من أسسها ومنهجها وأساليب‬
‫ووسائل تحقيقها وتنفيذها" (محمود قمبر(‪-399‬‬
‫‪1985.‬‬
‫مصادر النظرية‬
‫‪02‬‬ ‫‪:‬التربوية اإلسالمية‬
‫‪.‬القران الكريم ‪-‬‬
‫‪.‬السنة النبوية الشريفة ‪-‬‬
‫التراث التربوي والثقافي ‪-‬‬
‫‪.‬اإلسالمي‬
‫‪.‬الجهود التربوية العالمية ‪-‬‬
‫‪.‬المصالح اإلنسانية ‪-‬‬
‫للتربية اإلسالمية مصادر تقوم عليها والتعرف على هذه المصادر من شأنه أن يقرب من التعرف على كيفية‬
‫‪:‬بناء نظرية التربية اإلسالمية‪ ،‬وأهم هذه المصادر وأبرزها‬

‫‪ :‬القران الكريم ‪-1-1-‬‬


‫إن القرآن الكريم نزل لهداية الناس جميعا إلى ما ينفعهم ويصلح أحوالهم ‪ ،‬قال تعالى‪ ( :‬وما أنزلنا عليك الكتاب إال لتبين لهم الذي ‪-‬‬
‫‪.‬اختلفوا فيه وهدى لقوم يؤمنون ) (سورة النحل ‪ ،‬اآلية؛ ‪)64‬‬
‫وقال تعالى‪ ( :‬كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا األلباب) (سورة ص ‪ ،‬اآلية؛‪)29‬‬

‫كما نزل لهداية اإلنسان ولتعليمه ‪ ،‬وتنظيم حياته ‪ ،‬إنه كتاب نزل أساسا لإلنسان ‪ ،‬ويهدف أساسا إلصالحه ‪ ،‬ولذلك فإننا نجد ‪-‬‬
‫فيه وصفا ألحوال النفس اإلنسانية ‪ ،‬وألسباب انحرافها ومرضها‪ ،‬ولطرق تربيتها وتهذيبها وعالجها ‪ ،‬وكثيرا من الحقائق عن‬
‫‪. .‬اإلنسان ‪ ،‬وحياته النفسية (محمد عثمان نجاتي)‬
‫وليربى السلوك على االعتدال واالستقامة واالهتداء بشريعة هللا ‪ ،‬قال تعالى ‪ ( :‬قد جاءكم من هللا نور وكتاب مبين ‪ ،‬يهدي به هللا‬
‫من اتبع رضوانه سبل السالم ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) (سورة المائدة ‪ ،‬اآلية‪ 15 :‬و ‪،)16‬‬
‫وتربية القلوب والمشاعر واالنفعاالت والميول والعواطف والسمو بها ‪ ،‬قال تعالى ‪ ( :‬هللا نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني‬
‫تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر هللا) (سورة الزمر ‪ ،‬اآلية‪ .)23 :‬وفى القرآن أعظم مبدأ تربوي‬
‫يدعو إلى تزكية النفس اإلنسانية وتربيتها على الخير ‪ ،‬ألنها قابلة للخير والشر بحسب ما تتربى عليه ‪ ،‬قال تعالى ‪ ( :‬ونفس وما‬
‫‪ .‬سواها ‪ ،‬فألهمها فجورها وتقواها‪ ،‬قد أفلح من زكاها‪ ،‬وقد خاب من دساها ) (سورة الشمس ‪ ،‬اآليات‪)7-10 :‬‬

‫ونجد في القرآن أساليب تربوية تناسب كل إنسان منها التربية بالحوار والتربية بالقصة ‪ ،‬والتربية بالترغيب والترهيب ‪ ،‬والتربية‬
‫باالمتثال وغيرها (عبد الرحمن نحالوي ‪ ، 1985 ،‬ص‪ .) 26‬وهكذا فإنه من المنطقي أن يتجه علماء التربية المسلمون إلى‬
‫القرآن الكريم يستلهمونه في بناء نظرية تربوية لبناء إنسان راسخ العقيدة ‪ ،‬مستقيم الخلق ‪ ،‬متطلع إلى المعرفة ‪ ،‬يواجه التحديات‬
‫بما تزود به من تقوى ‪ ،‬فيغالبها ‪ ،‬مؤكدا على تلك المهمة التي كلفه خالقه عز وجل بأن يكون له خليفة على األرض (آمال حمزة‬
‫المرزوقي ‪ ، 1999 ،‬ص ‪ ، ) 248‬إنسان قوي صاحب مناعة ‪ ،‬متحصن وقادر على مواجهة التحديات التي تواجهه في زمن‬
‫‪.‬العولمة‪ ..‬بل إنه قادر على أن يفيد بما لديه غيره ممن هم بحاجة اليه‬
‫‪-‬‬ ‫‪ :‬السنة النبوية الشريفة ‪1-2-‬‬
‫‪:‬يجب أن نذكر في البداية أن للسنة النبوية في المجال التربوي فائدتان عظيمتان هما‬
‫‪.‬أـ إيضاح المنهج التربوي اإلسالمي المتكامل الوارد في القرآن الكريم ‪ ،‬وبيان التفاصيل التي لم ترد فيه‬
‫‪ .‬ب‪ -‬استنباط أسلوب تربوي من حياة الرسول صلى هللا عليه وسلم مع أصحابه ‪ ،‬ومعاملته لألوالد ‪ ،‬وغرسه اإليمان في النفوس‬

‫من هذا المنطلق فإن السنة النبوية الشريفة تعتبر من مصادر النظرية التربوية لما تقدمه من شرح لكتاب هللا‪ ،‬وتصوير للحياة النبوية‬
‫وللتجربة التربوية األولى التي أخرجت لنا جيال من المربين العمالقة أمثال أبى بكر وعمر وعثمان وعلى وغيرهم من الصحابة رضوان هللا‬
‫عليهم قال تعالى‪ ( :‬يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رساالته ) (سورة المائدة ‪ ،‬اآلية‪ ، )68 :‬فكان رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم مربيا عظيما ‪ ،‬ذا أسلوب تربوي فذ‪ ،‬يراعى حاجات الطفولة وطبيعتها ‪ ،‬ويأمر بمخاطبة الناس على قدر عقولهم‪ ،‬أي‬
‫يراعى الفروق الفردية بينهم ‪ ،‬كما يراعى ‪ .‬نعهم ومواهبهم واستعداداتهم ‪ ،‬ويلتمس دوافعهم الغريزية ليشبعها وليصعدها ‪ ،‬فيجود بالمال‬
‫لمن يحب المال حتى يتألف قلبه ‪ ،‬ويقرب إليه من يحب المكانة والجاه ‪ ،‬وهو في ذلك كله يدعوهم إلى هللا وتطبيق شريعته لتكميل فطرتهم ‪،‬‬
‫وتهذيب نفوسهم ‪ ،‬وتوحيد نوازعهم وقلوبهم ‪ ،‬وتوجيه طاقاتهم وحسن استغاللها للخير والسمو (عبد الرحمن نحالوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬‬
‫‪.‬ص‪.‬ص ‪ .) 25-27‬إذن فحياته صلى هللا عليه وسلم مصدرا مهما وغنيا من مصادر النظرية التربوية اإلسالمية‬
‫لهذا من الواجب التنبيه بأننا مطالبون ‪ ،‬باستخراج هذه الدرر المتعلقة بالقيم التربوية والحضارية في السنة النبوية ‪ ،‬انطالقا من تراثنا‬
‫المفعم بالمفاهيم والقيم الحضارية والمدنية‪ ،‬وذلك تعريفا للمسلمين‪ ،‬وإرشادا لهم ‪ ،‬لهذه الكنوز الثمينة ‪ ،‬والمنابع الصافية ‪ ،‬التي تتضمن‬
‫‪ .‬المبادئ العامة‪ ،‬والمنطلقات األساسية لبناء نظرية تربوية إسالمية تنهض باألمة ‪ ،‬وترقى بها لمدارج الكمال البشري المنشود‬
‫من هذا المنطلق يمكن اعتبار القرآن الكريم والسنة النبوية مصدرين أساسيين للفكر التربوي اإلسالمي بصفة عامة‪ ،‬والنظرية التربوية‬
‫‪ :‬اإلسالمية بصفة خاصة على أساس‬
‫أن القرآن الكريم أتى بالمبادئ العامة وفصلتها السنة الشريفة التي استطاعت ترجمة الوحي إلى واقع حي ملموس ومشاهد ‪ ،‬بمعنى أنها ‪-‬‬
‫‪.‬حولت النص إلى واقع‬
‫أن المبادئ واألسس التي جاءت في القرآن والسنة إنما تعبران تعبيرا صريحا وواضحا عن مدى صالحيتها للتطبيق في كل زمان ‪- -‬‬
‫ومكان ‪ ،‬وذلك بفضل إعمال الفكر لتحويل هذه المبادئ واألسس إلي واقع تربوي ‪ ،‬إذ أنها لم تأت لتنفصل أو تنعزل عن الحياة ‪ ،‬بل‬
‫‪ .‬لتكون لها الفعالية االجتماعية والتربوية الالزمة ولتطبق في الواقع على اإلنسان (علي خليل أبو العينين ‪ ،‬د ت ‪ ،‬ص ‪)96‬‬

‫‪ :‬التراث التربوي والثقافي اإلسالمي ‪-1-3-‬‬


‫القي القرآن والسنة وما حوياه من مبادئ أساسية عن الطبيعة اإلنسانية وما فتحاه من مجاالت للفكر اإلنساني األسس التي استمد منها الفكر‬
‫التربوي أسسه ومنطلقاته ‪ ،‬بحيث أنتج الفكر التربوي فكرا متميزا ‪ ،‬يخدم قضية إعداد الفرد المسلم للحياة اإلسالمية الصحيحة ‪ ،‬وكانت‬
‫اجتهادات مختلفة وغنية ومتنوعة ال يمكن إغفالها أو تجاهلها أو التنكر لها ‪ ،‬ألنها تشكل جذور األمة ومكونات شخصيتها ومسارها الحيوي عبر‬
‫الزمان والمكان ‪ ،‬وقد شكلت تراثا هو القاعدة والمنطلق وحجر الزاوية ‪ ..‬وهو قدر األمة ونسيج وجودها الذي ال يمكن إلنسان أن ينكره إال على‬
‫‪ .‬مستوى الجدل النظري الذي ال رصيد له في عالم التجربة الحية والواقع المعاش (عماد الدين خليل ‪ ، 1977 ،‬ص‪)35‬‬
‫وأول من أفاد النظرية التربوية اإلسالمية في تاريخ تجربتنا اإلسالمية ‪ ،‬هم الصحابة رضوان هللا عليهم ‪ ،‬من خالل حفظ النصوص التربوية ‪،‬‬
‫وشرحها ‪ ،‬وبيان معانيها للناس ‪ ،‬ولهم فضل تداولها في عمود الزمن جيال بعد جيل ‪ ،‬وقد أعطى جهدهم مكانة عظيمة للسنة ‪ ،‬بخاصة أن بعض‬
‫هؤالء الصحابة ممن رافق الدعوة ‪ ،‬وتكوين الدولة اإلسالمية منذ بدايتها ‪ ،‬فاكتسب من صاحب الرسالة صلى هللا عليه وسلم نسقا شبه متكامل‬
‫عن أفكار اإلسالم وتعاليمه ‪ ،‬وتقمص بعضهم دور الرسول كمعلم ‪ ،‬ودمج نفسه في مواقف تعليمية أغنت بال شك النظرية التربوية اإلسالمية ‪،‬‬
‫‪ .‬ونقلتها من إطارها النظري إلى واقع إجرائي ‪ ،‬نشأت في أحضانه تجربة تربوية واسعة المدى بين المسلمين (يوسف مدن ‪ ، 2006‬ص‪)34‬‬
‫إن تراث أمتنا زاخر ورصيدها المعرفي غنى يمكن أن نستفيد منه في بناء نظرية تربوية قادرة على الوقوف أمام مواجهة تحديات التربية‬
‫‪.‬الحديثة‬
‫ولكنه في الوقت نفسه ال يكفى وحده لبناء نظرية تربوية تنهض بتقدم التربية في بالدنا ‪ ،‬بل ال بد لهذه النظرية من أن تقوم على أساس من‬
‫أصولنا الثقافية وفهم عميق لتراثنا العربي اإلسالمي وأفكاره التربوية ‪ ،‬واإلفادة من تجربة الحاضر والواقع التربوي المعاصر‪ ،‬إنها بذلك‬
‫‪ .‬تستشرف المستقبل و ال تنس تجربتنا التربوية الماضية‬

‫‪ :‬الجهود التربوية العالمية ‪-1-4-‬‬


‫إن اإلسالم ال يحجب العملية التربوية من إثرائها وتطورها وتعمقها ‪ ،‬مع أنه ربطها باألصول إال أنه ترك لها حرية التحرك واإلثراء والتجديد‬
‫تبعا لمتغيرات المجتمع والظروف زمانا ومكانا من حيث األساليب والوسائل والطرق ‪ ،‬وهذا التغير في هذا اإلطار محمود مرغوب ما دام‬
‫‪ .‬مرتبطا بأصوله الثابتة (عجيل جاسم النشمي‪ ، 2005 ،‬ص ‪)5‬‬

‫إن أكذوبة األكاذيب أن يشيع بيننا الرأي القائل بأننا نستطيع بناء نظرية تربوية فاعلة من خالل التراث والماضي فقط‪ ،‬فهذا فضال عن‬
‫استحالته هو أقصر الطرق للذبول والضمور والموت‪ ،‬لقد انفجرت على ساحة التربية المعاصرة أفكار تربوية ‪ ،‬لم تكن تعرفها تربيتنا‬
‫الماضية ‪ ،‬ولم تتناولها أقالم أسالفنا دراسة وتحليال ‪ ،‬ويجب أن نتفاعل معها ‪ ،‬وهى أفكار غيرت مفاهيم تربوية تغيرات ال حدود ألعماقها‪،‬‬
‫ولم يكن لعلمائنا قديما مشاركة في هذه األفكار الجديدة ‪ ،‬نظرا للتقدم الهائل الذي شمل مناهج البحث التي قرأ بها العلماء كتاب الكون وحياة‬
‫اإلنسان قراءة جديدة ‪ ،‬استخرجوا بها القوانين من ظواهر الكون وظواهر الحياة ‪ ،‬ونظرا كذلك للتقدم العلمي والتكنولوجي العظيم اللذين‬
‫‪ .‬تشهدهما العصور الحديثة ‪ ،‬واللذين نتجا عن استخدام المناهج البحثية الجديدة‬
‫وهكذا يصبح تفاعل النظرية التربوية المنشودة مع حصاد التجارب التربوية العالمية ضرورة‪ ،‬كما يصبح األخذ عنها واإلفادة من الحقائق‬
‫التربوية التي أسفرت عنها تلك التجارب أمرا واجبا‪ ،‬إذا أدركنا أن في أصولنا الثقافية ‪ ،‬وفى آيات تراثنا دعوة صريحة إلى تحري الحقيقة‬
‫وتناولها من أي مصدر كان‪ ،‬وقديما قال الكندي الفيلسوف‪ " :‬ينبغي لنا آال نستحي من استحسان الحق‪ ،‬واقتناء الحق من أين أتى‪ ،‬وإن أتى من‬
‫األجناس القاصية عنا واألمم المتباينة لنا‪ ،‬فإنه ال شيء أولى بطلب الحق من الحق ‪ ،‬وال يبخس الحق وال يصغر بقائله وال باآلتي به "‬
‫‪(.‬الكندي يعقوب ابن إسحاق ‪ ، 1948 ،‬ص‪)81‬‬
‫إننا ال نغمط حق اآلخرين ‪ ،‬وال ننكر جهودهم التربوية والحضارية كما يفعل كثير من المستشرقين تجاه تجربتنا التربوية ‪ ،‬ولكننا نحن‬
‫نقدر العمل ما قارب الحقيقة ‪ ،‬ونستفيد منه في بناء نظرية تربوية إسالمية ‪ ،‬وهذا األمر يتطلب دراية جيدة بالنظريات التربوية قديمها‬
‫‪.‬وحديثها‬
‫‪-1-5-‬‬ ‫‪ :‬المصالح اإلنسانية‬
‫الغاية من شريعتنا اإلسالمية في جملتها وتفصيلها منع المفاسد في دنيا الناس وجلب المصالح وسياسة الدنيا بالحق والعدل والخير (عبد‬
‫هللا بن سعد اليحي ‪ ،2000 ،‬ص ‪ .) 173‬وتوضيح معالم الطريق أمام العقل البشري حتى ال يضل وال يزل ‪ ،‬فاهلل سبحانه وتعالى غنى‬
‫عن العالمين ال تنفعه طاعة وال تضره معصية ‪ ،‬وإنما النفع أو الضرر يعود على العباد أفرادا وجماعات بحسب سلوكهم إن خيرا‬
‫فخيرا ‪ ،‬وان شرا فشرا (محمد نبيل نوفل ‪ ، 1981 ،‬ص‪ ، ) 97‬قال تعالى‪ ( :‬من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظالم‬
‫‪.‬للعبيد ) (سورة فصلت ‪ ،‬اآلية‪)45 :‬‬
‫ويعلل القرآن الكريم كثيرا من األحكام فيبين ما تهدف إليه من منع المفاسد والمضار وتحقيق المصالح والمنافع (زكريا‬
‫البري ‪ ، 1971 ،‬ص ‪ .) 104‬وذلك حتى يبين مقاصد الشريعة واتساع دائرتها لتشمل الجميع ‪ ،‬بحيث يعود الخير على‬
‫الغني والفقير ‪ ،‬الكبير والصغير ‪ ،‬القوي والضعيف ‪ ،‬المسلم وغير المسلم ‪ ،‬قال تعالى‪ ( :‬وما أرسلناك إال رحمة للعالمين )‬
‫(سورة األنبياء ‪ ،‬اآلية‪ .) 107:‬والحق أن اعتبار المصالح اإلنسانية مصدرا للنظرية التربوية مما يتفق وحكمة اإلسالم ‪،‬‬
‫‪ .‬ذلك أنه ما جاء إال لتحقيق مصالح الناس ودفع المفاسد والمضار عنهم‬
‫خصائص النظرية‬
‫التربوية االسالمية‬
‫الخاصية األولى‪ :‬الشمولية والتوازن‬
‫الخاصية الثانية‪ :‬اإلنسجام وعدم التناقض‬
‫الخاصية الثالثة‪ :‬اإلنسانية والعالمية‬
‫الخاصية الرابعة‪ :‬الثالية والواقعية‬
‫الخاصية الخامسة‪ :‬القابلية للتطبيق‬
‫الخاصية األولى‪ :‬الشمولية والتوازن‬
‫إننا نجد خاصية الشمولية والتكامل واضحة في النظرية التربوية في اإلسالم ‪ ،‬فحينما تتناول اإلنسان بالتربية والتنشئة وبالتعليم ‪ ،‬تتناوله ككل جسميا وعقليا‬
‫ونفسيا وروحيا ‪ ،‬فتهيئه كشخصية متكاملة بواسطة منهج تربوي متكامل الخبرات ‪ ،‬كل خبرة فيه شاملة للعناصر المربية كلها ‪ ،‬شاملة لعناصر بواسطة منهج‬
‫تربوي متكامل الخبرات ‪ ،‬كل خبرة فيه شاملة للعناصر المربية كلها ‪ ،‬شاملة لعناصر روحية ‪ ،‬ولعناصر جسمية ‪ ،‬ولعناصر عقلية ‪ ،‬ولعناصر نفسية (محمود‬
‫السيد سلطان ‪ ، 1983 ،‬ص‪.)26‬‬
‫إن أول ما تتصف به النظرية التربوية اإلسالمية الشمولية في النواحي التالية‪:‬‬
‫الشمول لجميع قضايا الحياة وما بعد الحياة‪- .‬‬
‫الشمول لجميع مبادئ وقيم اإلنسان وقيم الحياة في الجماعة البشرية‪-.‬‬
‫الشمول والتكامل في النظرة إلى طبيعة اإلنسان وطبيعة الجماعة ‪ ،‬وطبيعة الثقافة‪-.‬‬
‫الشمول والتكامل في النظرة إلى طبيعة المعرفة وإلى مصادرها وأهدافها‪-.‬‬
‫الشمول والتكامل في معالجة قضايا التربية والتعليم في مراحل العمر المختلفة ‪ ،‬وفي تربية‪-‬‬
‫‪.‬اإلنسان المتكامل‬

‫الخاصية الثانية‪ :‬اإلنسجام وعدم التناقض‬


‫تبدو خاصية االنسجام وعدم التناقض كخاصية أساسية في الفكر التربوي اإلسالمي عامة والنظرية التربوية اإلسالمية خاصة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬معالجة القضايا الكبرى وفي معالجة قضايا القيم والمبادئ اإلنسانية األساسية بدون تناقض بين جزئياتها أو تناقض بين كلياتها ‪ ،‬أو تناقض بين كلياتها‬
‫وجزئياتها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التناقض بين التشريعات اإلسالمية وبين القيم والمبادئ األساسية ‪ ،‬وال بينها وبين إجاباته عن القضايا الكبرى‪ .‬بل إن التشريعات والفرائض والتكاليف قد‬
‫‪.‬جسدت المبادئ والقيم واإلجابات الكبرى عن القضايا الكبرى التي شكلت الجانب العقائدي في اإلسالم‬
‫عدم التناقض بين األساس النظري للنظرية التربوية وتطبيقاتها‪ ،‬وال بين النظرية االجتماعية والنظرية التربوية‪ .‬والدليل على ذلك كتاب هللا الذي ‪-‬‬
‫‪.‬ناقش هذه القضايا كلها ‪ ،‬وهو بذلك كتاب ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه (المرجع السابق‪ ،‬ص‪)27‬‬

‫الخاصية الثالثة‪ :‬اإلنسانية والعالمية‬


‫وتظهر هذه الخاصية واضحة في أن النظرية التربوية اإلسالمية‪:‬‬
‫‪ -‬قائمة على أساس فطرة اإلنسان ‪ ،‬وعلى أساس قيم اإلنسان ‪ ،‬وعلى أساس المبادئ اإلنسانية في تكوين اإلنسان ‪ ،‬وعلى أساس مطالبه الضرورية منها ‪،‬‬
‫وعلى أساس اإلجابات المختلفة لجميع قضايا الحياة الكبرى ‪ ،‬وهي كلها أمور ثابتة ال تتغير بتغير الزمان وال بتغير المكان‪.‬‬
‫‪ -.‬ومن ثم فإن النظرية التربوية في اإلسالم جاءت تراعي هذه الفطرة في كل زمان وفي كل مكان ‪،‬ومن ثم فهي أيضا صالحة لكل زمان ولكل مكان‬

‫الخاصية الرابعة‪ :‬الثالية والواقعية‬


‫اإلسالم يجيب على القضايا الكبرى في حياة اإلنسان ‪ ،‬ويحدد له المثل العليا والقيم الرفيعة ‪ ،‬ويؤكد على المبادئ األساسية في حياة البشر‪ ،‬ويحدد بتشريعاته‬
‫المختلفة كل نظم الحياة االجتماعيةواالقتصادية والسياسية واألمنية والقانونية والترفيهية ‪ ،‬وتستبطن تشريعاته هذه جميع القيم السامية ‪.‬‬
‫وتتمثل كل المبادئ األساسية في حياة اإلنسان والجماعة‪.‬‬
‫وهو إذ يجيب عن كل القضايا ‪ ،‬ويحدد جميع القيم والمبادئ ‪ ،‬ويتمثل ويستبطن هذه المبادئ والقيم ويشد اإلنسان إلى أسمى درجة ‪ ،‬فإنما يحدد بتصوراته‬
‫ومحدداته الواضحة والواقعية تجسيداتها في واقع الحياة البشرية ‪ ،‬في السياسة وفي الحكم واالقتصاد واالجتماع ‪ ،‬في القوانين واألخالق ‪ ،‬في التربية‬
‫‪.‬والتنشئة االجتماعية والتعليم‬
‫الخاصية الخامسة‪ :‬القابلية للتطبيق‬
‫إن النظرية التربوية بقدر خلو مناهجها من التناقض والغموض ‪ ،‬والصراع بين أفكارها وقيمها‪ ،‬بقدرما تكون قادرة على ترجمتها فكريا وتطبيقيا‪ ...‬وبقدر ما‬
‫تكون النظرية التربوية قادرة على تمثل هذهالصفات والخصاص في معالجة القضايا التربوية ‪ ،‬بقدر ما تكون إجرائية وعملية‪.‬‬
‫لقد أثبتت التجربة التاريخية لألمة العربية واإلسالمية ‪ ،‬نجاح التربية اإلسالمية ومن خاللها النظرية التربوية اإلسالمية ‪ ،‬في بناء نموذج تربوي فريد من‬
‫نوعه في تاريخ اإلنسانية‪ .‬ويخطئ من يعتقد أن تلك التجربة لن تتكرر مرة أخرى ‪ ،‬إذ أننا كمسلمين نؤمن بما جاء في القرآن وسنة الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬ومن ثم فال يساورنا أي شك في أن تلك التجربة التربوية ‪ ،‬قد تتكرر في دنيا الناس‪ .‬وسهولة قابليتها للتطبيق نابعة من سببين اثنين هما‪:‬‬
‫أنها ربانية المصدر‪ :‬وربانية المصدر تقتضي أن مبادئها من المولى العالم باإلنسان ‪ ،‬وقدراته ‪ ،‬وإمكاناته ‪ ،‬وطاقاته ‪ ،‬ومن ثم فهو لم يأمره إال بما يقدر عليه‬
‫‪ ،‬قال تعالى‪ ( :‬ال يكلف هللا نفسا إال ما آتاها ) ‪( ،‬سورة الطالق ‪ ،‬اآلية‪ )65 :‬وقال‪ ( :‬ال يكلف هللا نفسا إال وسعها ) ‪( ،‬سورة البقرة ‪ ،‬اآلية‪286‬‬
‫(‬
‫أن هذه النظرية التربوية طبقت وجربت في فترة سابقة ‪ ،‬فكانت تلك التجربة التربوية فريدة من نوعها على مر العصور والقرون ‪ ،‬ومن ثم فخصائصها تبين‬
‫‪.‬قدرتها على الثبات والبقاء ‪ ،‬وعلى إعادة التجديد إذا انحرف أو ضعف المجتمع الذي تطبق فيه‬

‫وما دامت هذه التجربة التربوية قد نجحت ‪ ،‬ومصادرها ومبادئها ما زالت صافية نقية ‪ ،‬فإن إمكانية وقابلية تطبيقها مرة أخرى ال شك فيها ‪ ،‬ومن ثم فإن من‬
‫‪.‬أهم خصائص النظرية التربوية اإلسالمية القابلية للتطبيق ‪ ،‬وإعادة التطبيق‬
‫شكرا على حسن‬
‫انتباهكم‬

You might also like