You are on page 1of 91

‫الدكتور‪ :‬صالح الرقب‪ -‬الجامعة السلمية‬

‫الطبعة الولى‪1423:‬هـ‪2003-‬‬
‫َ‬
‫ن الَّر ِ‬
‫حيمِ‬ ‫م ِ‬ ‫سم ِ الل ّهِ الَّر ْ‬
‫ح َ‬ ‫بِ ْ‬

‫إن الحممد ل‪ ،‬نحمده ونسمتعينه ونسمتغفره‪ ،‬ونعوذ بال ممن شرور أنفسمنا وممن‬
‫سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهدّه ال فل مضلّ له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ .‬وأشهد أ نّ ل إله إل‬
‫ال‪ ،‬وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله‪.‬‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫لققد ك ثر الحد يث عن العول مة في ال سنوات الع شر الخيرة من القرن العشر ين‬
‫بعد سقوط التحاد السوفيتي‪ ،‬فتناولتها بالحديث الوساط الجامعية والعلمية والتيارات‬
‫الفكرية والسياسية المختلفة‪ ،‬وأصبحت حديث الجتماعيين والفلسفة الوربيين وعلماء‬
‫البيئة والطبيعمة وكثرت أعداد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات التمي تحممل عناوينهما‬
‫"العولمة "‬
‫أو النظام العالمي الجديد أو المتغيرات الدولية الجديدة أو الكونية‪.‬‬
‫وأوّل ممن تبنمى فكرة مفهوم العولممة بعمد عالم السمسيولوجيا الكندي "مارشال ماك"‬
‫من جام عة تورن تو‪" -‬زبيغن يو بريجين سكي" م ستشار الرئ يس المري كي كار تر (‪-1977‬‬
‫‪1980‬م) الذي أكدّ على ضرورة أنّ تقدّم أمريكا‪ -‬التي تمتلك ‪ %65‬من المادة العلمية‬
‫على مستوى العالم‪ -‬نموذجا كونيا للحداثة‪ ،‬يحمل القيم المريكية التي يذيعونها دوما في‬
‫الحرية وحقوق النسان‪)1(.‬‬
‫ول قد صدرت كث ير من المؤلفات باللغات الورب ية والعرب ية ال تي تتناول هذه الظاهرة‪،‬‬
‫لدر جة أن المرء يكاد يحار في كيف ية درا سة هذه الظاهرة واللمام بموضوع ها‪ ،‬خا صة‬
‫أن كمل كاتمب أو متحدث يتناولهما بالدراسمة والتحليمل ممن جانمب معيمن مثمل الجانمب‬
‫القتصادي أو الثقافي أو السياسي أو العلمي‪.‬‬

‫‪ - 1‬ما هي العولمة ‪ -‬ورقة بحث‪ -‬صادق جلل العظم ‪ ،‬مقدمة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم( ‪1996‬م) ‪ ،‬تونس ‪.‬‬
‫ومع ظم الفكار والطروحات الغرب ية ال تي تتناول درا سة ظاهرة العول مة تقوم على ما‬
‫طر حه الكا تب المري كي اليابا ني ال صل "فران سيس فوكايا ما" في كتا به (نها ية التار يخ‬
‫والنسان الخير)‪ )2(،‬والتي يزعم فيه أننا وصلنا إلى نقطة حاسمة في التاريخ البشري‬
‫تتحدد بانتصمار النظام الرأسممالي الليمبرالي والديمقراطيمة الغربيمة على سمائر النظمم‬
‫ن العالم قد أدرك بعد فترة حماقة طويلة أن الرأسمالية هي أفضل أنواع‬
‫المنافسة لهما وأ ّ‬
‫النظم القتصادية‪ ،‬وأن الليبرالية الغربية هي أسلوب الحياة الوحيد الصالح للبشرية‪ ،‬وأن‬
‫الوليات المتحدة المريكيمة وامتدادهما القتصمادي القيممي (النظام الرأسممالي المادي)‬
‫أوربا يمثلن الدورة النهائية للتاريخ وأنّ النسان الغربي هو النسان الكامل الخير‪)3(.‬‬
‫ومن هنا وجدت الفلسفة العلمية الغربية في أفكار وأطروحات (فوكوياما) مادة‬
‫تسوّغ بها سياسات الغرب الرعناء تجاه العالم المعاصر(‪.)4‬‬
‫والعول مة ترت بط في أذهان الكث ير من الناس بالتقدم والر قي والنفتاح القت صادي‪ ،‬و مع‬
‫أن مفهوم العولممة ل يقتصمر على الجانمب القتصمادي بمل يشممل الجوانمب الجتماعيمة‬
‫ن الجانب القتصادي هو أبرز مظاهر العولمة‪.‬‬
‫والبيئية‪ ،‬والثقافية‪،‬والسياسية‪،‬إلّ أ ّ‬
‫تعريف العولمة‪-:‬‬
‫ولكنم مما تصمفه ليمس‬
‫ّ‬ ‫أنم الكلممة جديدة‬
‫المهتمون بقضيمة العولممة متفقون تقريبا على ّ‬
‫بجديد‪ ،‬بل يرى بعضهم أنّ السير نحوها بدأ منذ مئات السنين‪.‬‬
‫ولقمد أصمبح مصمطلح العولممة متداولً منمذ بدايمة التسمعينات‪،‬وأصمبح علما على‬
‫الفترة الجديدة التمي بدأت بتدميمر جدار برليمن عام ‪1989‬م وسمقوط التحاد السموفييتي‬

‫‪ -2‬صمدر هذا الكتاب بعمد انهيار الشيوعيمة وسمقوط التحاد السموفيتي ‪ ،‬وقمد صمدر مترجماً إلى اللغمة العربيمة عمن مركمز النماء القوممي ‪ ،‬بيروت‬
‫‪1993‬م بإشراف مطاوع صفدي ‪.‬‬
‫‪ - 3‬انظمر العولممة ‪ ،‬د‪ .‬جلل أميمن ‪ -‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة ‪1998‬م ‪ -‬سملسلة اقرأ ص ‪، 5‬السملم والغرب والديمقراطيمة ‪ -‬جودت سمعيد وعبمد‬
‫الوهاب علوانمي ‪ -‬دار الفكمر المعاصمر ‪ -‬لبنان ‪ ،‬دار الفكمر ‪ -‬دمشمق ‪ -‬الطبعمة ‪1417‬همم ‪1997 -‬م ‪ ،‬ص ‪ . 186‬فمخ العولممة هانمس بيترمارتيمن ‪،‬‬
‫هارالد شومان ترجمممة د‪ .‬عدنان عباس علي ‪ ،‬مراجعممة وتقديممم أ‪.‬د‪ .‬رمزي زكممي ‪ -‬عالم المعرفممة ‪ -‬المجلس الوطنممي للثقافممة والفنون والداب ‪-‬‬
‫الكويت ‪ ،‬ص ‪. 8-7‬‬
‫‪ - 4‬انظر السلم والغرب والديمقراطية ‪-‬مصدر سابق‪ -‬ص ‪. 185‬‬

‫‪3‬‬
‫وتفككه‪ ،‬وانتهت بتغلّب النظام الرأسمالي الغربي على النظام الشيوعي‪ ،‬وانفراد الوليات‬
‫المتحدة المريكية بقيادة العالم المعاصر‪.‬‬
‫العولمة لغة‪-:‬‬
‫العولمة ثلثي مزيد‪ ،‬يقال‪ :‬عولمة على وزن قولبة‪،‬وكلمة "العولمة " نسبة إلى‬
‫العَالم ‪-‬بفتح العين‪ -‬أي الكون‪ ،‬وليس إلى العِلم ‪-‬بكسر العين‪ -‬والعالم جمع ل مفرد له‬
‫كالجيش والنفر‪ ،‬وهو مشتق من العلمة على ما قيل‪ ،‬وقيل‪ :‬مشتق من العِلم‪ ،‬وذلك على‬
‫تفصيل مذكور في كتب اللغة‪ .‬فالعولمة كالرباعي في الشكل فهو يشبه (دحرجة)‬
‫المصدر‪ ،‬لكن (دحرجة) رباعي منقول‪ ،‬أمّا (عولمة) فرباعي مخترع إن صح التعبير‬
‫وهذه الكلمة بهذه الصيغة الصرفية لم ترد في كلم العرب‪،‬والحاجة المعاصرة قد تفرض‬
‫استعمالها‪ ،‬وهي تدل على تحويل الشيء إلى وضعية أخرى ومعناها‪ :‬وضع الشيء على‬
‫مستوى العالم وأصبحت الكلمة دارجة على ألسنة الكتاب والمفكرين في أنحاء الوطن‬
‫العربي‪ )5(.‬ويرى الدكتور أحمد صدقي الدجاني أن العولمة مشتقة من الفعل عولم على‬
‫صيغة فوعل واستخدام هذا الشتقاق يفيد أن الفعل يحتاج لوجود فاعل يفعل‪ ،‬أي أنّ‬
‫العولمة تحتاج لمن يعممها على العالم‪)6(.‬‬
‫وننّبمه إلى أن ّمجممع اللغمة العربيمة بالقاهرة قرّر إجازة اسمتعمال العولممة بمعنمى جعمل‬
‫الشيمء عالميا‪ )7(.‬والعولممة ترجممة لكلممة ‪ Mondialisation‬الفرنسمية‪ ،‬بمعنمى جعمل‬
‫الشيمء على مسمتوى عالممي‪ ،‬والكلممة الفرنسمية المذكورة إنّمما همي ترجممة“‬
‫ل في الوليات المتحدة المريك ية‪ ،‬بمع نى‬
‫‪ ”Globalisation‬النجليز ية ال تي ظهرت أو ً‬
‫تعم يم الش يء وتو سيع دائر ته ليش مل ال كل‪ .‬ف هي إذا م صطلح يع ني ج عل العالم عالمًا‬
‫واحدًا‪ ،‬موجه ًا توجيه ًا واحدًا فمي إطار حضارة واحدة‪ ،‬ولذلك قمد تسممى الكونيمة أو‬

‫‪ -5‬العرب والعولمة‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت ‪1998‬م من بحث للدكتور محمد عابد الجابري ‪ ،‬ص ‪. 135‬‬
‫‪ -6‬مفهوم العولمة وقراءة تاريخية للظاهرة‪ :‬أحمد صدقي الدجاني‪ ،‬جريدة القدس‪1998/ 6/2،‬م‪ .‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -7‬د‪ .‬محمود فهمي حجازي‪ ،‬مجلة الهلل‪ ،‬عدد مارس ‪ ،2001‬القاهرة ص ‪.87‬‬

‫‪4‬‬
‫الكوكبة‪ )8(.‬ومن خلل المعنى اللغوي يمكننا أن نقول بأنّ العولمة إذا صدرت من بلد أو‬
‫جماعة فإنها تعني‪ :‬تعميم نمط من النماط التي تخص ذلك البلد أو تلك الجماعة‪ ،‬وجعله‬
‫يشمل الجميع أي العالم كله(‪ .)9‬جاء في المعجم العالم الجديد ويبستر“ ‪” WEBSTER‬‬
‫ن العولمة “‪ ”Globalisation‬هي‪ :‬إكسابُ الشيء طاب َع العالمية‪،‬وبخاصة جعل نطاق‬
‫أّ‬
‫الشيء‪ ،‬أو تطبيقه‪،‬عالميا‪)10(.‬‬
‫العول مة إذا من ح يث الل غة كل مة غري بة على الل غة العرب ية ويق صد من ها ع ند‬
‫الستعمال‪ -‬اليوم‪ -‬تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن تعبير "العولمة" في التداول السياسي قد طرح من قبل كتاب‬
‫أمريكان فمي السمبعينات وبالتحديمد ممن كتاب "ماك لولهان وكينتيمن فيور‪":‬حول "الحرب‬
‫والسلم في القرية الكونية"‪ ،‬وكتاب "بريجسكي‪" :‬بين عصرين‪ -‬دور أمريكا في العصر‬
‫اللكتروني"(‪)11‬‬
‫ا صطلحاً‪ :‬إن كل مة العول مة جديدة‪ ،‬و هي م صطلح حد يث لم يد خل ب عد في القوام يس‬
‫السياسية والقتصادية‪ .‬وفي الواقع يعبر مصطلح العولمة عن تطورين هامين هما‪-1:‬‬
‫التحديث (‪ -Modernity( ، 2‬العتماد المتبادل(‪ ،)Inter-dependence‬ويرتكز مفهوم‬
‫العولمة على التقدم الهائل في التكنولوج يا والمعلوماتية‪ ،‬بالضافة إلى الروا بط المتزايدة‬
‫على كافة الصعدة على الساحة الدولية المعاصرة‪.‬‬
‫لقد ظهرت العولمة أولً كمصطلح في مجال التجارة والمال والقتصاد‪ ،‬ثم أخذ يجري‬
‫الحديممث عنهمما بوصممفها نظاما أو نسممقُا أو حالة ذات أبعاد متعددة‪ ،‬تتجاوز دائرة‬

‫‪ -8‬مقاربتان عربيتان للعوامة‪ ،‬ياسر عبد الجواد‪ ،‬المستقبل العربي عدد ‪ 252‬شباط ‪2000‬م ص ‪.2‬‬
‫‪ - 9‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 137-136‬‬
‫‪ WEBSTER - 10‬ص ‪.S NEW COLLEGIATE DICTIONARY, 1991, P 521‬‬
‫‪- 11‬مم حقوق النسمان ممن العالميمة النسمانية والعولممة السمياسية ‪ ،‬مجلة الموقمف الثقافمي‪ :‬باسميل يوسمف‪ ،‬العدد ‪10،1997‬م‪ ،‬دار الشؤون الثقافيمة‪،‬‬
‫بغداد‪ ،‬ص ‪17‬‬

‫‪5‬‬
‫القتصمماد‪ ،‬فتشمممل إلى جانمب ذلك المبادلت والتصمال والسمياسة والفكمر والتربيمة‬
‫والجتماع واليديولوجيا‪)12(.‬‬
‫وقد أطلق على العولمة بعض الكتاب والمفكرين "النظام العالمي الجديد"‪New World -‬‬
‫‪ -Order‬وهذا الم صطلح ا ستخدمه الرئ يس المري كي جورج بوش‪-‬الب‪ -‬في خطاب‬
‫وج هه لل مة المريك ية بمنا سبة إر ساله القوات المريك ية إلى الخل يج (ب عد أ سبوع وا حد‬
‫من نشوب الزمة في أغسطس ‪1990‬م) وفي معرض حديثه عن هذا القرار‪ ,‬تحدّث عن‬
‫فكرة ‪:‬عصر جديد‪ ،‬وحقبة للحرية‪ ،‬وزمن للسلم لكل الشعوب‪ .‬وبعد ذلك بأقل من شهر‬
‫أشار إلى إقا مة (نظام عال مي جد يد) يكون متحررا من الرهاب‪ ,‬واك ثر أم نا في طلب‬
‫السلم‪ ,‬عصر تستطيع فيه كل أمم العالم أن تنعم بالرخاء وتعيش في تناغم‪)13(.‬‬
‫وربّ ما يو حي هذا الطلق‪ -‬النظام العال مي الجد يد‪ -‬بأن اللف ظة ذات مضام ين سياسية‬
‫بحتمة‪ ،‬ولكمن فمي الحقيقمة تشممل مضاميمن سمياسية واقتصمادية وثقافيمة واجتماعيمة‬
‫وتربويمة‪ )14(،‬بمعنمى آخمر تشممل مضاميمن تتعلق بكمل جوانمب الحياة النسمانية‪ .‬ولقمد‬
‫فرضمت العولممة نفسمها على الحياة المعاصمرة‪ ،‬على العديمد ممن المسمتويات‪ ،‬سمياسيا‬
‫واقتصماديا‪ ،‬فكريا وعلميا‪ ،‬ثقافيا وإعلميا‪ ،‬تربويا وتعليميا‪ )15(.‬يقول الرئيمس المريكمي‬
‫السابق كلينتون‪" :‬ليست العولمة مجرد قضية اقتصادية بل يجب النظر إلى أهمية مسائل‬
‫البيئة والتربية والصحة"‪)16(.‬‬
‫والنظام العالمي الجديد هو في حقيقة أمره وطبيعة أهدافه‪ ،‬نظا مٌ صاغته قُوى الهيمنة‬
‫وال سيطرة لحداث ن مط سياسي واقت صادي واجتما عي وثقا في وإعل مي وا حد وفر ضه‬
‫على المجتمعات النسانية كافة‪ ،‬وإلزام الحكومات بالتقيّد به وتطبيقه‪)17(.‬‬
‫‪ - 12‬المصدر السابق ص ‪. 138‬‬
‫‪ - 13‬مخاطر العولمة على المجتمعات العربية ‪ :‬أ‪.‬د مصطفى رجب‪ ،‬مجلة البيان ‪.13/10/2000‬‬
‫‪ - 14‬انظر العولمة محمد سعيد أبو زعرور‪ ،‬دار البيارق‪ -‬عمان ‪ ،‬الردن‪ ،‬الطبعة الولى ‪1418‬هم ‪1998 -‬م‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪15‬‬
‫‪ -‬انظمر العولممة والحياة الثقافيمة فمي العالم السملمي‪ :‬الدكتور عبمد العزيمز بمن عثمان التويجري‪ ،‬المنظممة السملمية للتربيمة والعلوم والثقافمة‪-‬‬
‫أيسيسكو‪ -‬الرياض‪ .‬وهو موجود على موقع أيسيسكو‪-‬شبكة المعلومات الدولية‪.‬‬
‫‪ - 16‬من خطاب ألقاه في المنتدى القتصادي بدافوس في يناير ‪2000‬م ‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ -‬انظر العولمة والحياة الثقافية في العالم السلمي‪ :‬مصدر سابق‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ولقمد كثرت التعاريمف التمي توضمح معنمى العولممة‪ ،‬نذكمر هنما بعضا منهما‪ ،‬ثمم اذكمر‬
‫التعريف الذي أرى أنّه يعبر عن المعنى الحقيقي لظاهرة العولمة‪.‬‬
‫ومن هذه التعريفات‪-:‬‬
‫* يقول جيمس روزانو أحد علماء السياسة المريكيين عن العولممة‪" :‬إنّها العلقة بين‬
‫مسمتويات متعددة لتحليمل القتصماد والسمياسة والثقافمة واليديولوجيما‪ ،‬وتشممل‪ :‬إعادة‬
‫النتاج‪ ،‬وتداخمل الصمناعات عمبر الحدود وانتشار أسمواق التمويمل‪ ،‬وتماثمل السملع‬
‫المسمتهلكة لمختلف الدول نتيجمة الصمراع بيمن المجموعات المهاجرة والمجموعات‬
‫(‪)18‬‬
‫المقيمة"‪.‬‬
‫* الكا تب المري كي الشه ير م ول يم جريدر م في كتا به ال صادر عام ‪1977‬م بعنوان(‬
‫عالم واحمد‪..‬مسمتعدون أم ل)‪ ,‬وصمف العولممة "بأنهما آلة عجيبمة نتجمت عمن الثورة‬
‫الصمناعية والتجاريمة العالميمة‪ ,‬وأنّهما قادرة علي الحصماد وعلي التدميمر‪ ,‬وأنّهما تنطلق‬
‫متجاهلة الحدود الدوليمة المعروفمة‪ ,‬وبقدر مما همي منعشمة‪ ،‬فهمي مخيفمة‪ .‬فل يوجمد ممن‬
‫يمسك بدفة قيادتها‪ ،‬ومن ثمّ ل يمكن التحكم في سرعتها ول في اتجاهاتها "‪.‬‬
‫* " نظام عالميي جدييد يقوم على العقمل اللكترونمي‪ ،‬والثورة المعلوماتيمة القائممة على‬
‫المعلومات والبداع التقنمي غيمر المحدود‪ ،‬دون اعتبار للنظممة والحضارات والثقافات‬
‫والقيم‪ ،‬والحدود الجغرافية والسياسية القائمة في العالم" (‪.)19‬‬
‫* "إن ها حر ية حر كة ال سلع والخدمات واليدي العاملة ورأس المال والمعلومات عبر‬
‫الحدود الوطنية والقليمية"(‪.)20‬‬

‫‪ -18‬العولممة بين النظم التكنولوجية الحديثة – نعيمة شومان‪ ،‬ط ‪ ،1‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬بيروت ‪1418‬هم‪1998 -‬م ص ‪.40‬‬
‫‪ - 19‬محمد سعيد أبو زعرور ‪-‬مصدر سابق‪ -‬ص ‪. 14‬‬
‫‪ -20‬مصطفى حمدي‪ :‬العولمة آثار ومتطلباتها نقلً عن المصدر السابق ص ‪.15-14‬‬

‫‪7‬‬
‫*ويعرفهما الدكتور مصيطفى محمود فيقول‪ " :‬العولمممة مصمطلح بدأ لينتهمي بتفريمغ‬
‫الوطن من وطني ته وقوميته وانتمائه الدي ني والجتما عي وال سياسي‪ ،‬بح يث ل يب قى م نه‬
‫إلّ خادم للقوى الكبرى"‪)21(.‬‬
‫* العولمة هي‪ " :‬العملية التي يتم بمقتضاها إلغاء الحواجز بين الدول والشعوب‪ ،‬والتي‬
‫تنت قل في ها المجتمعات من حالة الفر قة والتجزئة إلى حالة القتراب والتو حد‪ ،‬و من حالة‬
‫الصراع إلى حالة التوافق‪ ،‬ومن حالة التباين والتمايز إلى حالة التجانس والتماثل‪ ،‬وهنا‬
‫يتشكل وعي عالمي وقيم موحدة تقوم على مواثيق إنسانية عامة"(‪.)22‬‬
‫والمواث يق الن سانية الواردة في هذا التعر يف هي المواث يق ال تي ي صنعها الغرب‬
‫الكا فر وأساسها نظرة علمانية مادية للوجود لتحقيق مصالحه الخاصة‪ ،‬ثم تصدر للعالم‬
‫على أنها مواثيق إنسانية لصالح البشرية‪ ،‬ول بأس أن تصدر بها القرارات الدولية من‬
‫هيئة المم المتحدة باعتبارها مؤسسة حامية للحقوق النسانية‪.‬‬
‫* "همي تعاظيم شيوع نميط الحياة السيتهلكي الغربيي‪ ،‬وتعاظمم آليات فرضمه سمياسيا‬
‫واقت صاديا وإعلميا وع سكريا‪ ،‬ب عد التداعيات العالم ية ال تي نج مت عن انهيار التحاد‬
‫ال سوفيتي و سقوط المع سكر الشر قي" أو هي "محاولة لفرض الفل سفة البراجمات ية النفع ية‬
‫المادية العلمانية‪ ،‬وما يتصل بها من قيم وقوان ين ومبادئ وتصورات على سكان العالم‬
‫أجمع"‪)23( .‬‬
‫هي" الع مل على تعم يم ن مط حضاري ي خص بلدا بعي نه هو الوليات المتحدة المريك ية‬
‫بالذات على بلدان العالم أجممع" وهمي أيضا أيديولوجيا تعمبر بصمورة مباشرة عمن إرادة‬
‫الهيم نة على العالم وأمرك ته"‪ )24(.‬أي محاولة الوليات المتحدة إعادة تشك يل العالم و فق‬

‫‪ -21‬إعلم العولمممة وتأثيره فمي المسمتهلك‪ ،‬أحممد مصمطفى عممر‪ ،‬المسمتقبل العربمي ص ‪ ،72‬نقلً عمن مجلة (السملم وطمن)‪ ،‬عدد ‪ ،138‬حزيران‪،‬‬
‫‪ ،1998‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -22‬د‪ .‬أحممد مجدي حجازي ‪ :‬العولممة وآليات التهميمش فمي الثقافمة العربيمة‪،‬ص ‪،3‬وهمو بحمث ألقمي فمي المؤتممر العلممي الرابمع (الثقافمة العربيمة فمي‬
‫القرن القادم بين العولمة والخصوصية) المنعقد بجامعة فيلدلفيا في الردن في مايو ‪1998‬م ‪.‬‬
‫‪ -23‬السلم والعولمة‪ ،‬محمد إبراهيم المبروك وآخرون‪ ،‬الدار القومية العربية‪ ،‬القاهرة ‪1999‬م‪ ،‬ص ‪. 101، 99‬‬
‫‪ -24‬انظر العرب والعولمة‪ ،‬محمد عابد الجابري‪ ،‬ص ‪. 137‬‬

‫‪8‬‬
‫م صالحها القت صادية وال سياسية‪ ،‬ويتر كز أ ساسا على عملي تي تحل يل وترك يب للكيانات‬
‫ال سياسية العالم ية‪ ،‬وإعادة صياغتها سياسيا واقت صاديا وثقاف يا وبشر يا‪ ،‬وبالطري قة ال تي‬
‫تستجيب للمصالح الستراتيجية للوليات المتحدة المريكية‪.‬‬
‫* العول مة ‪ :‬منظومةً مين المبادئ السيياسية والقتصيادية‪ ،‬و من المفاه يم الجتماع ية‬
‫والثقافية‪ ،‬ومن النظمة العلمية والمعلوماتية‪ ،‬ومن أنماط السلوك ومناهج الحياة‪ ،‬يُراد‬
‫بها إكراه العالم كلّه على الندماج فيها‪ ،‬وتبنّيها‪ ،‬والعمل بها‪ ،‬والعيش في إطارها‪)25(.‬‬
‫وبعمد دراسمة متأنيمة لظاهرة العولممة وأهدافهما ووسمائلها وتأثيراتهما فمي واقمع‬
‫المجتمعات والشعوب يمكن أن تعرف العولمة بما يلي‪-:‬‬
‫" العولمة هي الحالة التي تتم فيها عملية تغيير النماط والنظم القتصادية والثقافية‬
‫والجتماعيية ومجموعية القييم والعادات السيائدة وإزالة الفوارق الدينيية والقوميية‬
‫والوطن ية في إطار تدو يل النظام الرأ سمالي الحد يث و فق الرؤ ية المريك ية المهيم نة‪،‬‬
‫والتي تزعم أنها سيدة الكون وحامية النظام العالمي الجديد "‪.‬‬
‫ن العول مة كظاهرة اقت صادية و سياسية‬
‫والش يء الذي ل بد من الوقوف عنده كثيرا هو أ ّ‬
‫واجتماعية وثقافية ترتبط أساسا بالمفهوم القتصادي الرأسمالي‪ -‬وفق الرؤية المريكية‪-‬‬
‫فمي مراحله المتطورة‪،‬إن لم يكمن فمي أعلى حالت تطوره‪ ،‬أو لنقمل سميطرته على‬
‫القتصاد العالمي وبالتالي السيطرة على كافة أشكال ومظاهر التطور النساني‪.‬‬
‫نشأتها ‪- :‬‬
‫اختلف الباحثون في التأريخ لنشأة العولمة على قولين‪-:‬‬
‫الول‪ :‬يرى هؤلء الباحثون أن ظاهرة العولممة قديممة‪ ،‬عمرهما خمسمة قرون‪ ،‬أي‬
‫تر جع إلى القرن الخا مس ع شر‪ -‬ز من النه ضة الورب ية الحدي ثة‪ .-‬ح يث التقدم العل مي‬
‫في مجال الت صال والتجارة‪ ،‬ويدل على ذلك‪ :‬أن العنا صر ال ساسية في فكرة العول مة‬
‫وهي‪ :‬ازدياد العلقات المتبادلة بين المم‪ ،‬سواء المتمثلة في تبادل السلع والخدمات‪ ،‬أو‬
‫‪ - 25‬العولمة والحياة الثقافية في العالم السلمي‪ :‬مصدر سابق‪..‬‬

‫‪9‬‬
‫فمي انتقال رؤوس الموال‪ ،‬أو فمي انتشار المعلومات والفكار‪،‬أو فمي تأثمر أممة بقيمم‬
‫وعادات غيرها من المم يعرفها العالم من ذلك التاريخ ‪.‬‬
‫ولكين يقال‪ :‬ثم ّة أمور مهمية جديدة طرأت على ظاهرة العولمية فيي السينوات‬
‫الثلثين الخيرة منها‪:‬‬
‫‪ -‬اكتساح تيار العولمة مناطق مهمة في العالم كانت معزولة‪ ،‬ومن هذه المناطق الدول‬
‫الوربية الشرقية والصين‪.‬‬
‫‪ -‬الزيادة ال كبيرة في تنوع ال سلع والخدمات ال تي يجري تبادل ها ب ين ال مم والشعوب‪،‬‬
‫وتنوع مجالت الستثمار التي تتجه إليها رؤوس الموال‪.‬‬
‫‪ -‬سيطرة تبادل المعلومات والفكار على العلقات الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬ارتفاع نسبة السكان ‪-‬في دخل كل دولة‪ -‬التي تتفاعل مع العالم الخارجي‪.‬‬
‫‪ -‬النشاط المتزايمد والفعال للشركات المتعددة الجنسميات فمي مجال تبادل السملع وانتقال‬
‫رأس المال والمعلومات والفكار‪ ،‬واتخاذهما العالم كله مسمرحا لعملياتهما فمي النتاج‬
‫والتسويق‪،‬وما تبع ذلك من هدم الحواجز الجمركية وإلغاء نظام التخطيط وإعادة توزيع‬
‫الد خل‪ ،‬والن ظر في د عم ال سملع والخدمات الضرور ية لل سكان‪ ،‬وتخف يض النفاق على‬
‫الجيوش والجانب العسكري‪)26(.‬‬
‫الثا ني‪ :‬يرى فر يق آ خر أ نً العول مة ظاهرة جديدة‪ ،‬ف ما هي إل امتداد للنظام الرأ سمالي‬
‫الغر بي بل هي المرحلة الخيرة من تطور النظام الرأ سمالي العلما ني المادي النف عي‪،‬‬
‫و قد برزت في المنت صف الثا ني من القرن العشر ين نتي جة أحداث سياسية واقت صادية‬
‫معينة منها‪ :‬انتهاء الحرب الباردة بين التحاد السوفيتي والوليات المتحدة المريكية عام‬
‫‪1961‬م ثم سقوط التحاد السوفيتي سياسيا واقتصاديا عام ‪1991‬م‪ ،‬وما أعقبه من انفراد‬
‫الوليات المتحدة المريك ية بالتر بع على عرش ال صدارة في العالم المعا صر وانفراد ها‬
‫بقيادته السياسية والقتصادية والعسكرية ومنها‪ :‬بروز القوة القتصادية الفاعلة من قبل‬
‫‪ -26‬انظر العولمة‪ :‬د‪ .‬جلل أمين ص ‪ ، 26‬العرب والعولمة ‪ -‬مصدر سابق ‪ -‬ص ‪. 139‬‬

‫‪10‬‬
‫المجموعات الماليمة والصمناعية الحرة عمبرة شركات ومؤسمسات اقتصمادية متعددة‬
‫الجنسيات مدعومة بصورة قوية وملحوظة من دولها‪)27(.‬‬
‫يرى توماس فيردمان الصمحافي اليهودي المريكمي الذي يكتمب فمي (نيويورك‬
‫تاي مز) ‪" :‬إن العول مة الحال ية هي مجرد جولة جديدة ب عد الجولة الولى ال تي بدأت في‬
‫النصمف الثانمي ممن القرن التاسمع عشمر بحكمم التوسمع الهائل فمي الرحلت البحريمة‬
‫باسمتخدام طاقمة البخار والتمي أدت إلى اتسماع حجمم التجارة الدوليمة بشكمل لم يسمبق له‬
‫مثيل"(‪ .)28‬ويرجع صاحبا كتاب فخ العولممة البداية الحقيقية للعولمة إلى عام ‪1995‬م‪،‬‬
‫حيث وجّه الرئ يس ال سوفيتي ال سابق غور با تشوف الدعوة إلى خم سمائة من قادة العالم‬
‫في مجال ال سياسة والمال والقت صاد في فندق فيرمو نت المشهور في سان فران سيسكو‬
‫لكمي يبنوا معالم الطريمق إلى القرن الحادي والعشريمن‪ .‬وقمد اشترك فمي هذا المؤتممر‬
‫المغلق أقطاب العولمممة فمي عالم الحاسموب والمال وكذلك كهنمة القتصماد الكبار‪،‬‬
‫وأسماتذة القتصماد فمي جامعات سمتانفورد‪ ،‬وهارفرد وأكسمفورد‪ .‬واشترك فيهما ممن‬
‫السمياسيين‪ ،‬الرئيمس الميركمي جورج بوش الب‪ ،‬ووزيمر خارجيتمه شولتمز‪ ،‬ورئيسمة‬
‫الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر‪ ،‬ورئيس وزراء مقاطعة سكسونيا وغيرهم‪)29(.‬‬
‫"إنم معظمم الكتاب يجمعون على أن هناك أربعمة عناصمر أسماسية يعتقدون أنهما‬
‫ّ‬
‫أدت إلى بروز تيار العولمة‪ ،‬وهي‪-:‬‬
‫‪)1‬تحرير التجارة الدولية‪:‬ويقصدون به تكامل القتصاديات المتقدمة والنامية في سوق‬
‫عالميمة واحدة‪ ،‬مفتوحمة لكافمة القوى القتصمادية فمي العالم وخاضعمة لمبدأ التنافمس‬
‫الحر‪.‬‬
‫‪)2‬تدفق الستثمارات الجنبية المباشرة‪ :‬حدثت تطورات هامة خلل السنوات الخيرة‬
‫تمثلت فمي ظهور أدوات ومنتجات ماليمة مسمتحدثة ومتعددة ‪ ،‬إضافمة إلى أنظممة‬
‫‪ -27‬العولمة ‪ :‬محمد سعيد أبو زعرور ص ‪. 18‬‬
‫‪ -28‬الوطنية في عالم بل هوية ‪ -‬تحديات العولمة ‪ -‬د‪ .‬حسين كامل بهاء الدين ‪ -‬دار المعارف ‪ ،‬مصر ‪ ،‬ص ‪. 63-62‬‬
‫‪ - 29‬فخ العولممة – مرجع سابق‪ -‬ص ‪.23 -22‬‬

‫‪11‬‬
‫الحا سب اللي وو سائل الت صال وال تي كفلت سرعة انتشار هذه المنتجات‪،‬وتحوّلت‬
‫أنشطمة البنوك التقليديمة إلى بنوك شاملة‪ ،‬تعتممد إلى حمد كمبير على إيراداتهما ممن‬
‫العمولت المكتسبة من الصفقات الستثمارية من خارج موازنتها العمومية ويرجع‬
‫ذلك إلى سببين رئيسيين هما‪-:‬‬
‫* تحرير أسواق النقد العالمية من القيود ‪.‬‬
‫* الثورة العالمية في التصالت الناجمة عن الوسائل والدوات التكنولوجية الجديدة‪.‬‬
‫‪ )3‬الثورة المعرف ية‪:‬وتتمثًل في التقدم العل مي والتكنولو جي‪،‬و هو ميزة بارزة للع صر‬
‫الرا هن‪،‬وهذا التقدم العل مي ج عل العالم أك ثر اندماجا‪ ،‬ك ما سهّل حر كة الموال وال سلع‬
‫والخدمات‪،‬وإلى حد ما حر كة الفراد‪ ،‬و من ث مّ برزت ظاهرة العول مة‪ ،‬والجد ير بالذ كر‬
‫أ نّ صناعة تقنية المعلومات تترّكز في عدد محدود ‪ ،‬ومن الدول المتقدمة أو ال صناعية‬
‫دون غيرها‪.‬‬
‫‪ )4‬تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات‪ :‬هذا العصر بأنّه عصر العولمة فمن الصح‬
‫مم لهذه‬
‫مل الهم‬
‫ما العامم‬
‫ميات باعتبارهم‬
‫مر الشركات متعددة الجنسم‬
‫مه عصم‬
‫مفه بأنم‬
‫وصم‬
‫العولممة‪.‬ويرجمع تأثيمر هذه الشركات كقوة كمبرى مؤثرة وراء التحولت فمي النشاط‬
‫القتصادي العالمي إلى السباب التالية‪-:‬‬
‫أ‪ -‬تحكّم هذه الشركات في نشاط اقتصادي في أكثر من قطر وإشاعتها ثقافة استهلكية‬
‫موحدة‪.‬‬
‫ب‪ -‬قدرتها على استغلل الفوارق بين الدول في هبات الموارد‪.‬‬
‫ج‪ -‬مرونتها الجغرافية"‪)30(.‬‬
‫أقول‪:‬وإن كانمت هممذه العولممة تسممتهدف هيمنمة دولة واحدة‪-‬وهمي الوليات‬
‫المتحدة المريك ية‪-‬على دول العالم أج مع فإن هذه ال صورة من العول مة لم ت كن لتظ هر‬

‫‪ -30‬العولمة والعالم السلمي‪:‬أرقام وحقائق‪،‬عبد سعيد عبد إسماعيل‪ ،‬دار الندلس الخضرا‪ ،‬الطبعة الولى ‪2001‬م‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫فجأة دون بدايات أو مقدمات مهدت لها بصورة فاعلة ومخطط لها من القوى الرأسمالية‬
‫ذات النزعة الستعمارية‪ .‬ومن ذلك إنشاء منظمة المم المتحدة‪،‬وما تبعها من مؤسسات‬
‫مال ية دول ية‪ :‬الب نك الدولي للنشاء والتعم ير‪ ،‬و صندوق الن قد الدولي‪،‬ث مّ اتفاق ية "الجات"‬
‫(التفاقيمة العاممة على الرسموم الجمركيمة والتجارة) التمي تعود فمي تاريخهما إلى سمنة‬
‫‪1947‬م حيمث اجتمعمت ثلث وعشرون دولة صمناعية فمي جنيمف للنظمر فمي تحريمر‬
‫التجارة وفتمح البواب بيمن هذه الدول ‪ ،‬وبدأت سمريان هذه التفاقيمة منمذ أول ينايمر‬
‫‪1948‬م‪ ،‬وبلغ عدد الدول الموقعة عليها سنة ‪1993‬م مائة وسبع عشرة دولة‪.‬‬
‫ث مّ معاهدة "ماستريخت" التي ضمت خمسة عشر بلدا صناعيا وظهور المناطق التجارية‬
‫الحرة‪ ،‬والتحادات الجمرك ية‪ ،‬ثم الحداث ال سياسية ال تي تتم ثل بانتهاء الحرب الباردة‪،‬‬
‫ثم قيام الرئ يس ال سوفيتي ال سبق‪-‬ميخائ يل غورباتشوف‪-‬وبد عم أمري كي ملحوظ‪-‬عام‬
‫ما‬
‫ممي وقتهم‬
‫مي الذي سم‬
‫مادي الشيوعم‬
‫ملح النظام القتصم‬
‫من إصم‬
‫‪1985‬م بالعلن عم‬
‫"البيروستويكا" وقد كان هذا العلن بمثابة العلن عن سقوط الشيوعية وانهيار التحاد‬
‫السموفيتي سمياسيا واقتصماديا‪،‬ومما تله ممن سمقوط حائط برليمن عام ‪1989‬م‪،‬واتحاد‬
‫اللمانيتيمن‪،‬ثمم حرب الخليمج الثانيمة عام ‪1991‬ومما أسمفرت عنمه ممن تثمبيت القواعمد‬
‫المريك ية الع سكرية في منط قة الخل يج العر بي‪ .‬كل هذه الحداث ساهمت إلى حد بع يد‬
‫في تر بع الوليات المتحدة المريك ية على عرش النفوذ العال مي‪ ،‬وبالتالي برز م صطلح‬
‫"النظام العالمي الجديد" و"الحادية القطبية والعولمة"‪.‬‬
‫وظهر أوّل نظام تجاري دولي ملزم للقطار المنضوية تحت لوائه في شهر نيسان‬
‫سنة ‪1995‬م‪ ،‬ح يث أعلن عن إنشاء المنظ مة العالم ية للتجارة (‪ )w.t.o‬بمدي نة مرا كش‬
‫المغربية‪ ،‬وهي امتداد لتفاقية الجات‪ .‬وهذه المنظمة تمثل أحد أركان النظام القتصادي‬
‫العالمي الجديد‪،‬وتختص بأعمال إدارة ومراقبة وتصحيح أداء العلقات التجارية‪،‬وستكون‬
‫عاممل مسماعد للبنمك الدولي وصمندوق النقمد الدولي لتنفيمذ وإقرار النظام القتصمادي‬

‫‪13‬‬
‫العال مي الجد يد‪ .‬وأخيرا تم دعم صرح العول مة بالتوق يع‪ -‬في شباط عام ‪1997‬م بمدي نة‬
‫جنيممف بسممويسرا‪-‬على أول اتفاق دولي يتعلق بتحريممر المبادلت الخدماتيممة‬
‫المتطورة‪،‬وخاصة فيما عرف "بالتكنولوجيا المعلوماتية" أو ثورة التصالت‪)31(.‬‬
‫وممّا ساعد على سرعة انتشار ظاهرة العولمة انضمام كثير من دول شرق أوربا‬
‫إلى الحلف الطلسمي‪ ،‬وانفتاح دول أخرى على الحلف نفسمه‪،‬وانضمام كثيمر ممن الدول‬
‫مم‬
‫مة الدول تتفاوض للنضمام‪ -‬ثم‬
‫مة للتجارة‪-)32(،‬وبقيم‬
‫مة العالميم‬
‫مة إلى المنظمم‬
‫العربيم‬
‫المؤتمرات القتصمادية المتلحقمة التمي تنظمر لهذه العولممة كأممر حتممي ل مفمر منمه‪،‬‬
‫وإظهار مزاياهما القتصمادية والتنمويمة وممن أشهرهما "منتدى دافوس القتصمادي" ثمم‬
‫المشروعات القتصمادية السمرائيلية التمي تسمتهدف عولممة الشرق الوسمط لصمالح‬
‫المشروع الصهيوني الذي يتمثل في دولة إسرائيل الكبرى‪ ،‬التي تسعى لتحقيقه اقتصاديا‬
‫وثقافيا عبر بوابات اتفاقيات ال سلم ال تي تعقد ها منفردة مع الدول العرب ية‪ ،‬والتفاقيات‬
‫القتصمادية الثنائيمة ممع دول المنطقمة وعمبر بوابات التطمبيع‪ ،‬التمي تهيمأ لهما بكمل قوة‬
‫الوليات المتحدة المريكيمة وحلفاؤهما فمي المنطقمة العربيمة‪ ،‬وقمد أضفمى ذلك كله بعدا‬
‫استراتيجيا جديدا على دعم الدور المريكي ‪-‬ومن ورائه القوى الصهيونية المتحكمة في‬
‫السياسة والقيادة المريكية‪ -‬لقيادة النظام العالمي الجديد‪.‬‬
‫"ومؤخرا‪ ،‬ساهمت ثلثة عوامل في الهتمام بمفهوم العولمة في الفكر والنظرية‪،‬وفي‬
‫الخطاب السياسي الدولي‪-:‬‬
‫‪ -1‬عولمة رأس المال أي تزايد الترابط والتصال بين السواق المختلفة حتى وصلت‬
‫إلى حالة أقرب إلى السوق العالمي الكبير‪ ،‬خاصة مع نمو البورصات العالمية‪.‬‬

‫‪ -31‬انظر العولمة ‪ ،‬محمد سعيد أبو زعرور ‪ ،‬ص ‪. 19‬‬


‫‪ -32‬تضم هذه المنظمة حتى ديسمبر ‪1999‬م مائة وخمسة وثلثين (‪ )135‬دولة وتشارك بنحو ‪ %95‬من حجم التجارة الدولية ‪ .‬لمعرفة المزيد عن‬
‫دور هذه المنظمة وآثارها اليجابية لمريكا وآثارها السلبية على الدول السلمية ‪ :‬النظام القتصادي العالمي واتفاقية الجات‪ :‬د‪ .‬حسين شحاته ‪،‬‬
‫دار البشير‪ ،‬طنطا ‪ ،‬الطبعة الولى ‪1418‬هم‪1998 -‬م ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -2‬التطور الهائل في تكنولوجيا التصال والنتقال والذي قلّل‪ -‬إلى حد كبير‪ -‬من أثر‬
‫المسمافة‪ ،‬وانتشار أدوات جديدة للتواصمل بيمن أعداد أكمبر ممن النّاس كمما فمي شبكمة‬
‫النترنت‪.‬‬
‫‪ -3‬عولمة الثقافة وتزايد الصلت غير الحكومية والتنسيق بين المصالح المختلفة للفراد‬
‫والجماعات‪ ،‬فيمما يسممى الشبكات الدوليمة ‪ Networking‬حيمث برز التعاون اسمتنادًا‬
‫للمصالح المشتركة بين الجماعات عبر القومية مما أفرز تحالفات بين القوى الجتماعية‬
‫على المسمتوى الدولي‪ ،‬خاصمة فمي المجالت النافعمة مثمل‪ :‬الحفاظ على البيئة‪ ،‬أو فمي‬
‫المجالت غير القانونية كتنظيف الموال والمافيا الدولية للسلح"‪)33(.‬‬
‫* ممّا سبق يتضح أنّ العولمة تتكون من العناصر الرئيسية التالية‪-:‬‬
‫‪ -1‬تعميم الرأسمالية‪ :‬إن تغلّب الرأسمالية على الشيوعية جعلها تعمم مبادئها على كل‬
‫المجتمعات الخرى‪ ،‬فأصمبحت قيمم السموق‪ ،‬والتجارة الحرة‪ ،‬والنفتاح القتصمادي‪،‬‬
‫مممملع ورؤوس الموال‪ ،‬وتقنيات النتاج والشخاص‪،‬‬
‫والتبادل التجاري‪ ،‬وانتقال السم‬
‫والمعلومات‪ ،‬همي القيمم الرائجمة‪ ،‬وتقود ذلك أمريكما وتفرضهما عمن طريمق المؤسمسات‬
‫العالم ية التاب عة لل مم المتحدة‪ ،‬وخا صة مؤ سسة الب نك الدولي ‪ ،‬ومؤ سسة الن قد الدولي‪،‬‬
‫وعمن طريمق التفاقات العالميمة التمي تقرهما تلك المؤسمسات كاتفاقيمة الجات والمنظممة‬
‫العالمية للتجارة وغيرها ‪.‬‬
‫‪ -2‬الق طب الوا حد‪ :‬تفردت أمري كا بقيادة العالم ب عد سقوط التحاد ال سوفييتي‪ ،‬وتفك يك‬
‫منظومته الدولية المسمى (حلف وارسو)‪ ،‬إنه لم تبلغ دولة عظمى في التاريخ قوّة أمريكا‬
‫الع سكرية والقت صادية‪ ،‬م ما يج عل هذا التفرد خطيرا على الخر ين في كل المجالت‬
‫القتصادية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والجتماعية‪.‬‬
‫‪ -3‬ثورة التقنيات والمعلومات‪ :‬مرّت البشريمة بعدّة ثورات علميمة منهما ثورة البخار‬
‫مي مجال‬
‫مة فم‬
‫مة وخاصم‬
‫مة والتكنولوجيم‬
‫ما الثورة العلميم‬
‫والكهرباء والذرّة‪ ،‬وكان آخرهم‬
‫‪ - 33‬مقال‪ :‬مفهوم العولمة‪ :‬عمرو عبد الكريم‪(:‬باحث في العلوم السياسية)‪ ،‬موقع السلم على الطريق‪ ،‬شبكة المعلومات الدولية ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫التطورات ال سريعة والمده شة في عالم الحا سوب اللي (الك مبيوتر)‪ ،‬وتوصل الحا سوب‬
‫اللي الحالي إلى إجراء أكثر من مليارين عملية مختلفة في الثانية الواحدة‪ ،‬وهو المر‬
‫الذي كان ي ستغرق ألف عام لجرائه في ال سابق‪ ،‬أ ما المجال ال خر من هذه الثورة ف هو‬
‫التطورات المثيرة فمي تكنولوجيما المعلومات والتصمالت‪ ،‬والتمي تتيمح للفراد والدول‬
‫والمجتمعات للرتباط بعدد ل يحصممى مممن الوسممائل التممي تتراوح بيممن الكبلت‬
‫الضوئ ية‪،‬والفاك سات ومحطات الذا عة‪ ،‬والقنوات التلفزيون ية الرض ية والفضائ ية‪ ،‬ال تي‬
‫تبمث برامجهما المختلفمة عمبر حوالي ‪ 2000‬مركبمة فضائيمة‪،‬بالضافمة إلى أجهزة‬
‫الكممبيوتر‪،‬والبريمد اللكترونمي‪،‬وشبكمة المعلومات الدوليمة‪،‬التمي تربمط العالم بتكاليمف‬
‫أقل‪،‬وبوضوح أكثر على مدار الساعة‪ ،‬لقد تحولت تكنولوجيا المعلومات إلى أهم مصدر‬
‫من م صادر الثروة‪،‬أو قوة من القوى الجتماع ية وال سياسية والثقاف ية الكا سحة في عالم‬
‫اليوم‪)34(.‬‬

‫بين العولمة وعالمية السلم ‪-:‬‬


‫إنم السملم ديمن يتميمز بالعالميمة‪ .‬والعالميمة تعنمي‪:‬عالميمة الهدف والغايمة والوسميلة‪،‬‬
‫ّ‬
‫ويرتكمز الخطاب القرآنمي على توجيمه رسمالة عالميمة للناس جميعًا‪ ،‬قال تعالى‪( :‬وَمَا‬
‫ّاسم‬
‫ْسملْنَاكَ إِلّ كَافّةً لِلن ِ‬
‫ك إِلّ َرحْ َمةً ِللْعَالَمِينمَ) النمبياء ‪ 107‬وقال تعالى‪( :‬وَمَا أَر َ‬
‫ْسملْنَا َ‬
‫أَر َ‬
‫َبشِيرا وَنَذِيرا َولَكِنّ أَكْثَ َر النّا سِ ل يَ ْعلَمُو نَ) سمبأ‪ ،28:‬وو صف الخالق عز و جل نف سه‬
‫بأنه "رب العالمين" وذكر ال تعالى الرسول صلى ال عليه وسلم مقترنًا بالناس والبشر‬
‫ن قَ ْبلِكُ مْ لَ َعلّكُ مْ تَ ّتقُو نَ)‬
‫خَلقَكُ مْ وَالّذِي نَ ِم ْ‬
‫جميعا قال تعالى‪( :‬يَا أَيّهَا النّا سُ اعْ ُبدُوا َربّكُ ُم الّذِي َ‬
‫علَيْكُ مْ‬
‫ن الرّ سُولُ َ‬
‫علَى النّا سِ وَيَكُو َ‬
‫البقرة‪( ،21:‬وَكَ َذلِ كَ جَ َعلْنَاكُ ْم أُمّةً وَ سَطا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ َ‬
‫س قَ ْد جَاءَكُ ُم الرّ سُولُ بِا ْلحَقّ مِ نْ رَبّكُ ْم فَآمِنُوا خَيْرا لَكُ مْ‬
‫شَهِيدا) البقرة‪( ،143:‬يَا أَيّهَا النّا ُ‬

‫‪ - 34‬العولمة الحقيقة والبعاد‪ :‬من ورقة قدمت إلى مؤتمر كلية الشريعة في جامعة الكويت المنعقد عام ‪2000‬م حول العولمة‪ ،‬موقع المة‪ .‬شبكة‬
‫المعلومات الدولية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫علِيما حَكِيما) النساء‪( ،170:‬قُلْ‬
‫ن اللّهُ َ‬
‫َوِإنْ تَ ْكفُرُوا َفإِنّ ِللّهِ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَا ْلأَرْضِ َوكَا َ‬
‫ض ل ِإلَ َه ِإلّا هُوَ‬
‫ل اللّ ِه ِإلَيْكُ مْ جَمِيعا الّذِي لَ هُ ُملْ كُ ال سّمَاوَاتِ وَا ْلأَرْ ِ‬
‫س إِنّي َر سُو ُ‬
‫يَا أَيّهَا النّا ُ‬
‫ت فَآمِنُوا بِاللّ هِ وَرَ سُولِ ِه النّبِيّ ا ْلأُمّيّ الّذِي يُؤْمِ نُ بِاللّ هِ وَ َكلِمَاتِ هِ وَاتّبِعُو هُ لَ َعلّكُ مْ‬
‫ُيحْيِي وَيُمِي ُ‬
‫تَهْ َتدُونَ)العراف‪.158:‬‬
‫ن الحضارة ال سلمية قا مت على القا سم المشترك ب ين حضارات العالم‪ ،‬فقبلت‬
‫إ ً‬
‫ن حضارة ال سلم تعاملت مع الختلف ب ين‬
‫ال خر‪ ،‬وتفاعلت م عه أخذأً وعطاءً‪ ،‬بل إ ّ‬
‫البشمر باعتباره ممن سمنن الكون‪ ،‬لذلك دعما الخطاب القرآنمي إلى اعتبار الختلف فمي‬
‫الجنمس والد ين واللغمة من عوا مل التعارف ب ين البشمر‪ .‬اتسماقًا مع نفمس المبادئ‪ ،‬إ نّ‬
‫ال سلم يوحّد ب ين الب شر جميعا رجالً ون ساءً‪ ،‬في قضا يا محددة‪ :‬أ صل الخلق والنشأة‪،‬‬
‫والكراممة النسمانية والحقوق النسمانية العاممة‪،‬ووحدانيمة الله‪،‬وحريمة الختيار وعدم‬
‫الكراه‪ ،‬ووحدة القيم والمثل النسانية العليا‪.‬‬
‫ومن هنا تظهر الختلفات جلية بين مفهوم عالمية السلم ومفهوم "العولمة" فبينما تقوم‬
‫الولى على رد العالميممة لعالميممة الجنممس البشري والقيممم المطلقممة‪ ،‬وتحترم‬
‫خصوصيته‪،‬وتفرد الشعوب والثقافات المحلية‪ ،‬ترتكز الثانية‪:‬على عملية نفي أو استبعاد‬
‫لثقافات الممم والشعوب ومحاولة فرض ثقافمة واحدة لدول تمتلك القوة الماديمة وتهدف‬
‫عبر العولمة لتحقيق مكاسب السوق ل منافع البشر‪)35(.‬‬
‫يؤكّد الدكتور مح سن ع بد الحم يد‪ -‬أ ستاذ الترب ية بجام عة بغداد‪ -‬وجود فرق كبير‬
‫ب ين الم صطلحين (العالم ية والعول مة) فيقول‪ :‬إ نّ أبناء هذا العالم بمختلف قبائله وشعو به‬
‫ولغاتمه وملله ونحله يعيشون على هذه الرض‪ ،‬ولذا فل بمد أن يتفاهموا فيمما بينهمم‪،‬‬
‫تمهيدا للتعاون الدائم على خ ير الجم يع‪ ،‬ول ما نع من أن يأ خذ بعض هم من ب عض‪ .‬ول‬
‫يجوز أن يفرض وبالكراه بعضهمم على بعمض لغتمه أو دينمه أو مبادئه أو موازينمه‪.‬‬
‫فالختلف في هذا الطار طبيعي جدا والتعاون ضروري أبدا‪ ،‬لم نع ال صدام والحروب‬
‫‪ - 35‬مفهوم العولمة‪ :‬عمرو عبد الكريم– باحث في العلوم السياسية‪ ،‬موقع السلم على الطريق‪ ،‬شبكة المعلومات الدولية ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ن تار يخ البشر ية عا مة وتار يخ ال سلم خا صة‪ ،‬لم يرد ف يه دل يل‬
‫والعدوان‪ .‬ويض يف‪ :‬إ ّ‬
‫أنم المسملمين خطوا للبشريمة طريقًا واحدًا‪ ،‬ووجهمة واحدة وحكمًا واحدًا ونظامًا‬
‫على ّ‬
‫واحدًا‪ ،‬وعالما واحدًا بقيادة واحدة‪ ،‬ليمس بالجبار والكراه‪.‬بمل اعترفوا بواقمع الديان‬
‫واللغات والقوميات عاملوهما معاملة كريممة‪ ،‬بل خداع ول سمفه ول طعمن ممن الخلف‪،‬‬
‫ولذلك عاش فمي المجتممع السملمي ممن أهمل الملل الخرى ممن اليهود والنصمارى‬
‫والصابئة والمجوس‪ ،‬وغيرهم بأمان واطمئنان‪ ،‬وأما المم التي كانت تعيش خارج العالم‬
‫السملمي‪ ،‬فقمد عقدت الدولة السملمية معهما مواثيمق ومعاهدات فمي قضايما الحياة‬
‫المتنو عة‪ .‬والتوج يه ال ساس في بناء العلقات الدول ية في ال سلم قوله تعالى‪ (:‬يا أي ها‬
‫خ َلقْنَاكُ مْ مِ نْ ذَ َكرٍ وَأُنثَى َوجَ َعلْنَاكُ مْ شُعُوبًا وَقَبَا ِئلَ لِ َتعَارَفُوا ِإنّ أَكْرَ َمكُ ْم عِنْدَ اللّ هِ‬
‫النّا سُ إِنّا َ‬
‫أَ ْتقَاكُم)ْ الحجرات‪ .11.:‬وأمما العولممة التمي همي الترجممة العربيمة للكلممة النجليزيمة(‬
‫‪ )GLOBALIZATION‬فهي مصطلح يعني جعل العالم عالمًا واحدًا‪ ،‬موجهًا توجيهًا‬
‫واحدًا في إطار حضارة واحدة‪ ،‬ولذلك قد تسمى الكونية أو الكوكبة‪)36(.‬‬
‫وثممة فرق بيمن عالميمة السملم والعولممة‪ ،‬فالسملم يقوم على العدل وإنصماف‬
‫المظلوم‪ ،‬ويرفمض العتداء‪ ،‬ويعترف بحمق الخمر فمي الديمن والرأي المخالف‪ ،‬أمما‬
‫العولممة فتقوم على الظلم‪ ،‬وتفتقمد للعدل‪ ،‬وتهدف لصمالح السمتكبار الغربمي‪ ،‬وضمد‬
‫م صالح الشعوب الفقيرة الخرى‪ ،‬وف قا ل سياسة التبع ية ال تي تف سر العل قة ب ين الغرب‬
‫المتقدم‪ ،‬وبين العالم الثالث المتأخر‪.‬‬
‫يقول أحد الكتاب الفرنسيين عن النظام الرأسمالي المريكي‪ :‬كلما ازداد هذا النظام‬
‫الرأسممالي الجشمع إمعانًما وانتشارًا بالعولممة‪ ،‬ازدادت النتفاضات والحروب العرقيمة‬
‫والقبل ية والعن صرية والدين ية للتفت يش عن الهو ية القوم ية في الم ستقبل‪ .‬وكل ما َتفَ شت‬
‫المعلوماتيمة والجهزة التلفزيونيمة والسملكية واللسملكية‪ ،‬تكبّلت اليدي بقيود العبوديمة‪،‬‬
‫وازدادت مظاهمر الوحدة والنعزال والخوف والهلع دون عائلة ول قمبيلة ول وطمن‪.‬‬
‫‪ - 36‬العولمة من منظور إسلمي‪ ،‬انظر موقع السلم على الطريق‪ ،‬شبكة المعلومات الدولية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وكلما ازداد معدل الحياة سوف تزداد وسائل القتل‪ ،‬وكلما ازدادت وسائل الرفاهية سوف‬
‫تزداد أكثر فأكثر جرائم البربرية والعبودية‪)37(.‬‬
‫ن السلم يدعو إلى طلب العلم النافع الذي يفيد النسان‪ ،‬ويحقق والخير‪،‬ويحق‬
‫ث ّم إ ّ‬
‫ل ما جاءت به المدنية الحديثة من علوم ومخترعات وابتكارات‪ ،‬مما فيها نفع‬
‫الحق‪ ،‬وك ّ‬
‫للناس‪ ،‬ويحارب كل علم ضار ف يه ف ساد الن سان أو هل كه‪،‬أو إشا عة ال شر في حيا ته‪،‬‬
‫بينما العولمة بخلف ذلك‪ ،‬فرغم ما أنتجته من المخترعات والبتكارات إل أنها ابتدعت‬
‫علوما ضارةً أو ابتكرت ابتكارات مخربة للخلق والقيم‪ ،‬ومفسدة بل ومهلكة للنسان‪.‬‬
‫وأيضا فغزو المسملمين للعالم كان بدافمع حضاري فريمد‪ ،‬لقمد كانوا ي ُعدّون أنفسمهم‬
‫أ صحاب ر سالة عالم ية موج هة للناس كا فة‪ ،‬كلّفوا هم بتبليغ ها إلي هم بالو سائل ال سّلميّة‪،‬‬
‫والذيمن كانوا ممن المسملمين يهاجرون إلى البلد الخرى إنمما هاجروا طلبا للرزق‪،‬‬
‫وكا نت مه مة الشهادة على الناس وتبليغ هم ال سلم ماثل ًة أمام هم‪ ،‬فأثّروا في البلد ال تي‬
‫هاجروا إلي ها تأثيرا كبيرا‪ ،‬ونقلوا إلي ها دين هم وأخلق هم وقيم هم ولغت هم‪ ،‬ولم يتأثروا ب هم‬
‫إل في أمور ل تتعارض مع دينهم‪ ،‬بل قد يكون بعضها من مقتضيات الدعوة إليه‪ ،‬أما‬
‫غزو الغرب للعالم فقمد كان فمي أسماسه لسمباب اسمتعمارية ولمصمالح اقتصمادية‪ ،‬وقائم‬
‫أنم لهمم رسمالة أخرى وهمي أن‬
‫على التعصمب العنصمري‪ ،‬كان الغربيون أيضا يرون ّ‬
‫يجعلوا العالم نصرانيا‪،‬يكفر بالدين الحق الذي اختاره ال تعالى للبشرية‪.‬‬
‫أهداف العولمة وآثارها‪-:‬‬
‫ل قد روّج دعاة العول مة في الغرب وعملؤ هم في المنط قة العرب ية مجمو عة من‬
‫ن العول مة تب شر بالزدهار القت صادي والتنم ية‬
‫المقولت ل صالح العول مة‪،‬و من ذلك‪ :‬أ ّ‬
‫والرفاهيمة لكمل الممم والعيمش الرغيمد للناس كلهمم‪ ،‬والنتعاش‪،‬ونشمر التقنيمة الحديثمة‪،‬‬
‫وتسمهيل الحصمول على المعلومات والفكار عمبر السمتفادة ممن الثورة المعلوماتيمة‬

‫‪ - 37‬العولمة وعالمية السلم‪ ،‬جريدة البيان الماراتية‪،‬الخميس ‪ 2‬رمضان ‪1423‬هم‪ 7 -‬نوفمبر ‪2002‬م‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الحدي ثة‪ ،‬وإيجاد فرص للنطلق لل سواق الخارج ية‪ ،‬وتد فق ال ستثمارات الجنب ية ال تي‬
‫تتمتع بكفاءة عالية‪ ،‬وبالتالي ينتعش القتصاد الوطني والقومي‪.‬‬
‫ولكمن سمرعان مما اكتشمف الباحثون والمفكرون أن تلك المقولت مما همي إل‬
‫شعارات اسمتهلكية جوفاء‪.‬يقول أ‪.‬د محممد حسمن رسممي(عميمد كليمة الحاسمبات‬
‫والمعلومات‪-‬جامعة القاهرة) ‪":‬إ نّ العولمة طوفان كاسح لن يقف في طريقها رافض أن‬
‫يتفهمم فكرهما وفلسمفتها وآلياتهما‪ ،‬إذا كان يملك سمدا منيعا يهزم ويلتهما ويسمخر لنفسمه‪,‬‬
‫ونظام العولمة في حد ذاته يدعم القوياء‪ ،‬ويطحن الضعفاء‪،‬ويضحك الصحاب‪،‬ويبكي‬
‫الضعفاء‪،‬بل يمكن صنّاعها من التحكم والسيطرة‪ ،‬وامتلك مقدرات ومستقبل المتفرجين‬
‫المذهولين الصامتين المنتظرين لمعجزات السماء"‪)38(.‬‬
‫ول قد أدر كت الدول الفقيرة والنام ية أن طغيان العول مة واحتكارات الشركات الدول ية إن ما‬
‫يزيد ها فقرا‪،‬وخضوعا لل سياسات الرأ سمالية الغرب ية فأخذت ت ستنفر جهود ها للدفاع عن‬
‫حقوق ها في مواج هة هذه العول مة‪ ،‬فل قد حذّر مهات ير مح مد رئ يس وزراء ماليز يا من‬
‫العولممة فمي المجال القتصمادي‪،‬وقال‪" :‬إن منظممة التجارة العالميمة تسممح للدول الغنيمة‬
‫بابتلع الدول الفقيرة "‪)39(.‬‬
‫ومن القوال التي تؤكد المخاطر الجدية للعولمة على مقدرات الحكومات والشعوب‪ ،‬ما‬
‫جاء في كل مة للرئ يس الفرن سي جاك شيراك ألقا ها بمنا سبة اليوم الوط ني الفرن سي (‪14‬‬
‫يوليو ‪2000‬م)‪ ،‬حيث قال ‪" :‬إ نّ العولمة بحاجة إلى ضبط‪ ،‬لنّها تنتج شروخا اجتماعيةً‬
‫كبيرةً وإن كانت عاملَ تقدّ ٍم فهي تثير أيضا مخاطر جدّية ينبغي التفكير فيها جيدا ومن‬
‫هذه المخاطمر ثلثمة‪ :‬أولهما أنهما تزيمد ظاهرة القصماء الِجتماعمي وثانيهما‪:‬أنهما تنممي‬
‫الجريممة العالميمة‪،‬وثالثهما‪:‬أنهما تهدد أنظمتنما القتصمادية"‪ )40(.‬وأيضا مما ذكره الكاتمب‬

‫‪ - 38‬مع العولمة‪ ،‬صحيفة الهرام ‪2001‬م‪.09/16/‬‬


‫‪ - 39‬جاء ذلك في كلمة ألقاها أمام مؤتمر لوزراء خارجية دول منظمة المؤتمر السلمي الذي انعقد في كوالمبور في السابع والعشرين من يونيو‬
‫‪2000‬م ‪.‬‬
‫‪ -40‬محاضرة‪ :‬مستقبل الصحافة العربية في ظل العولمة‪ ،‬محمد السمّاك‪ ،‬مجلة (الحوادث)‪ ،‬عدد ‪ ،2001/3/9 ،2310‬لندن ص ‪.63‬‬

‫‪20‬‬
‫المريكي الشه ير ول يم جريدر في كتابه ال صادر عام ‪1977‬م‪" :‬عالم وا حد م ستعدون أم‬
‫ل"‪-OneWorldReadyOrNo‬حيمث ببّن صمفات العولممة‪ ،‬وكشمف خطورة آثارهما‪،‬‬
‫فوصف العولمة‪ ,‬بأنها آلة عجيبة نتجت عن الثورة الصناعية والتجارية العالمية‪ ,‬وإنّها‬
‫قادرة علي الحصاد وعلي التدمير‪ ,‬وإنها تنطلق متجاهلة الحدود الدولية المعروفة‪ ,‬وبقدر‬
‫ما هي منعشة فهي مخيفة‪ ،‬فل يوجد من يمسك بدفة قيادتها‪ ،‬ومن ثم ل يمكن التحكم في‬
‫ن تلك الثورة الماد ية ال تي حررت رأس المال‬
‫سرعتها ول في اتجاهات ها‪ ،‬و هو يري إ ّ‬
‫وجعلت المادة تسمبق الفكمر‪،‬وتتخطمي جمود السمياسات‪ ,‬كانمت نتيجتهما ظهور تحولت‬
‫عظممي فمي العالم أجممع‪ ,‬وبقدر مما بعثمت وأنعشمت الطموح والرغبمة فمي تكديمس‬
‫الثروات‪,‬خل فت وراء ها عدم ال ستقرار وعدم المان وبقدر ما أتا حت من تكنولوجيات‬
‫حديثة‪ ,‬فإنها بعثت البربرية من جديد‪.‬‬
‫وعندما نعود إلى مفهوم العولمة كما يطرحه الغرب فإ نّ أول ما يستوقفنا هو‪:‬أ نّ‬
‫الذيمن يطرحونمه ينظرون إلى التفاعمل البشري على أنّه تفاعمل بيمن طرف ذكمي قوي‬
‫وطرف غبي ضع يف‪.‬طرف يمتلك‪ ،‬وطرف ي جب أن يكون فاقدا للتملك‪.‬وإذا نظر نا إلى‬
‫آلية هذه العولمة يبرز لنا على الفور مفهوم إلغاء الخر‪ .‬وليس بالضرورة أن يكون هذا‬
‫اللغاء همو الفناء التام للوجود‪ .‬إنمما تدل الليمة الغربيمة على أن العولممة همي الفرز‬
‫الحقيقي بين سيد وعبد‪ ،‬بين منتج ومستهلك‪ ،‬بين من يصنع التكنولوجيا ويؤسس لتقدم‬
‫علممي سمريع وبيمن ممن يُراد له أن ينسملخ عمن ماضيمه الحضاري تماما‪،‬وعمن عقيدتمه‬
‫وينبهر بمعالم التقدم العلمي الغربي السريع‪)41(.‬‬
‫والهداف الحقيقية للعولمة يمكن تلخيصها فيما يلي‪-:‬‬
‫أولً‪ :‬الهداف والثار القتصادية‪:‬‬
‫ترتبط عملية العولمة بتدويل النظام القتصادي الرأسمالي‪ ،‬حيث ت مّ توحيد الكثير‬
‫من أ سواق النتاج وال ستهلك‪ ،‬وت ّم التد خل المري كي في الوضاع القت صادية للدول‪،‬‬
‫‪ - 41‬مقال‪:‬العالمية والعولمة بين المفهوم القرآني والفلسفة الوضعية‪ :‬حسن الباش‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫وخاصة دول العالم الثالث‪ ،‬عبر المؤسسات المالية الدولية‪ :‬كصندوق النقد الدولي‪،‬والبنك‬
‫الدولي‪،‬التمي تمارس الملءات القتصمادية المغايرة لمصمالح الشعوب‪ ،‬وبالتالي تحقمق‬
‫العولمة لصحابها عدة أهدف كبيرة في المجال القتصادي هي‪-:‬‬
‫أولً‪ :‬ال سيطرة على رؤوس المال العرب ية‪،‬وا ستثماراتها في الغرب فالعالم العر بي الذي‬
‫تتفاقمم ديونمه بمقدار (‪ )50‬ألف دولر فمي الدقيقمة الواحدة همو نفسمه الذي تبلغ حجمم‬
‫ا ستثماراته في أورو با وحد ها (‪ )465‬مليار دولر عام ‪1995‬م‪ ،‬ب عد أن كا نت (‪)670‬‬
‫مليارا عام ‪1986‬م فنتيجة عدم الستقرار السياسي والقتصادي والتبعية النفسية للغرب‬
‫تصب هذه الموال هناك لتدار حسب المنظومة الغربية‪)42(.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الهيمنة المريكية على اقتصاديات العالم من خلل القضاء على سلطة وقوة الدولة‬
‫الوطنية في المجال القتصادي‪ ،‬بحيث تصبح الدولة تحت رحمة صندوق النقد الدولي‪،‬‬
‫مبر بوابممة القروض ذات الشروط‬
‫حيممن تسممتجدي منممه المعونممة والمسمماعدة عم‬
‫المجحفمة‪،‬وخاضعمة لسميطرة الحتكارات والشركات المريكيمة الكمبرى على اقتصماد‬
‫الدول(‪ ،)43‬ولعل تركيا والمكسيك وماليزيا من النماذج الواضحة للدول التي عصف بها‬
‫تيار العولممة لصمالح المسمتثمرين المريكييمن(‪.)44‬يقول رئيمس وزراء ماليزيما‪ :‬مهاتيير‬
‫محميد الذي عانمت بلده من آثار العولممة في ال سنوات الخيرة‪" :‬إنّم العالم المعولم لن‬
‫يكون أكثمر عدلً ومسماواة‪ .‬وإنمما سميخضع للدول القويمة المهيمنمة‪ .‬وكمما أدى انهيار‬
‫ن العول مة يم كن أن تف عل الش يء‬
‫الحرب الباردة إلى موت وتدم ير كث ير من الناس‪ ،‬فإ ّ‬
‫نف سه‪ ،‬ربّ ما أك ثر من ذلك في عالم معولم سيصبح بإمكان الدول الغن ية المهيم نة فرض‬
‫إرادتها على الباقين الذين لن تكون حالهم أفضل مما كانت عليه عندما كانوا مستعمرين‬
‫من قبل أولئك الغنياء"‪)45(.‬‬
‫‪ - 42‬العولمة حلقة في تطور آليات السيطرة‪ :‬خالد أبو الفتوح‪ ،‬البيان ‪.136‬‬
‫‪ - 43‬العولمة ‪ ،‬محمد سعيد أبو زعرور ص ‪ ، 36‬السلم والعولمة ص ‪. 136‬‬
‫‪ - 44‬فخ العولمة ص ‪. 258-254‬‬
‫‪ -4345‬ممن محاضرة ألقاهما فمي كوال لمبور‪ ،‬فمي ‪ 24‬يوليمو ‪ ،1996‬نقلً عمن (الديمن والعولممة) للدكتور أحممد بمن عثمان التمو يجري‪ ،‬ص ‪ ،19‬ممن مجلة السملم‬
‫اليوم‪ ،‬من عدد ‪ ،17 ،16‬السنة ‪1421 17‬هم‪2000/‬م‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ن العولمة تجعل العالم كله قرية صغيرة تتحكم فيها‬
‫ويقول الدكتور عماد الدّين خليل‪ ":‬إ ّ‬
‫الزعامة المريكية وبطانتها اليهودية بمصائر المم والدول والشعوب‪ ،‬وتضع مقدراتها‬
‫المالية والقتصادية ‪-‬في نهاية المر‪ -‬تحت قبضتها‪ ،‬تفعل بها ما تشاء من أجل تحقيق‬
‫أهداف نفعيمة (براغماتيمة) صمرفة لصمالح مراكمز الهيمنمة الغربيمة على حسماب الممم‬
‫والدول والشعوب"‪)46(.‬‬
‫إ نّ الدول العربية م كإحدى المناطق المستهدفة بالعولمةم بلغت ديونها الخارجية‬
‫عام ‪1995‬م‪ )250( :‬مليار دولر‪ ،‬وتتفاقمم ديونهما بمما مقداره (‪ )50‬ألف دولر فمي‬
‫الدقي قة الواحدة‪ ،‬ول شك أنّه كل ما ارتف عت وتيرة الديون كل ما تر سّخت التبع ية ووُجدت‬
‫الذري عة للتد خل‪ ،‬وب سبب هذه الديون مالتي بدأت بتشج يع من الغرب عن طر يق الب نك‬
‫الدولي وصمندوق النقمد الدولي اللذيمن يعملن على إغراق الدول المسمتهدفة بالديون مم‬
‫أصبح اقتصاد مع ظم هذه الدول متخبطا‪ ،‬ي ستطيع وبصعوبة بال غة ملحقة خدمة الديون‬
‫وفوائدها المتراكمة‪ ،‬فهي في الحقيقة وسيلة لبسط النفوذ على البلد تماما كما كانت في‬
‫الما ضي‪ )47(.‬وللعلم ف قد أ كد التقر ير القت صادي ال صادر عن مجلس الوحدة القتصادي‬
‫العربمي أن الجزائر مثلً سمتخسر سمنويا مما بيمن ‪ 1.5‬إلى ‪ 2‬مليار دولر بانضمامهما‬
‫وتطبيقها لقرارات اتفاقية التعريفة الجمركية "الجات"‪)48(.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تحق يق م صالح المجموعات الغنيّة في الدول الغرب ية والقوى المتحال فة مع ها في‬
‫الدول الخ مرى عل مى ح سماب ش معوب العال مم‪ ،‬وممّا يدل على ذلك ف شل تجر بة‬
‫"النمور السميوية"‪:‬ومنهما إندونيسميا وماليممزيا‪،‬حيمث لم تسممتطع تحقيممق المصمالح‬
‫القتصممادية المطلمموبمة لشممعوبها‪ ،‬إذ عملت الشركات المتعددة الجنسميات على‬
‫إحداث هذا الفشمل‪ ،‬وقام أحمد المسمتثمرين الجانمب‪-‬أحمد رموز العولممة‪ -‬المليارديمر‬
‫"جورج سمورش" باللعمب فمي البورصمة ممما أدى إلى ضرب التجممارة التنمويممة‬
‫‪ - 46‬تحديات النظام العالمي الجديد – شبكة المعلومات الدولية‪ -‬موقع السلم على الطريق‪.‬‬
‫‪ -47‬العولمة حلقة في تطور آليات السيطرة‪ :‬خالد أبو الفتوح‪ ،‬البيان ‪.136‬‬
‫‪ - 48‬العولمة‪ ..‬ورموز السيادة الوطنية‪ :‬مقال مجلة المجتمع‪1412 -‬هم ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وإحباطهمما‪ )49(.‬ولقمد أدلى جورج سموروش نفسمه بشهادة لذعمة أمام الكونغرس‬
‫المير كي فقال في ها‪:‬بدل من أن تت صرف أ سواق المال م ثل البندول فإن ها ت صرفت م ثل‬
‫ن ا ستخلصنا الخ ير‬
‫كرة التهد يم المعدن ية‪،‬ورا حت تقوض دولة تلو الخرى‪ ،‬وعل يه فإ ّ‬
‫بأن أ سواق المال سوف توا صل تقر يب العالم بع ضه إلى ب عض هو ا ستخلص مث ير‬
‫للجدل والخلف‪)50(.‬‬
‫ن هذه الشركات تعد الرض كلها سوقًا كبيرا لها‪ ،‬بما فيها ومن فيها بحيث تتنافس في‬
‫إّ‬
‫اقتسمام هذه الراضمي دون أي اعتبار لقيمم أو أخلق‪ ،‬وهمي نادرا مما تدخمل فمي شكمل‬
‫استثمارات مباشرة طويلة المد وإنما تدخل بما يعرف بالموال الطائرة‪ ،‬في استثمارات‬
‫ق صيرة ال جل و سريعة الفوائد وال تي تح قق ل ها عوائد هائلة‪ ،‬دون أن يكون لذلك مردود‬
‫على التنميمة المحليمة‪ .‬وإن حدث وقدممت اسمتثمارات مباشرة‪ ،‬فإنّهما قبمل ذلك تأخمذ مما‬
‫يكفيهما ممن التسمهيلت والضمانات السمياسية والقتصمادية التمي ل تحظمى بهما رؤوس‬
‫الموال المحل ية‪،‬و هو ما يعر قل القت صاد المحلي‪،‬زيادة على ذلك‪ ،‬فإن مع ظم أنشطت ها‬
‫تقتصر على السلع الستهلكية ذات العائد السرع نتيجة للنمط الستهلكي السائد‪)51(.‬‬
‫"إنم الشركات المتعددة الجنسميات أدى تطورهما وتضخمهما‬
‫يقول الدكتور مجدي قرقمر‪ّ :‬‬
‫إلى تعميمق العولممة اقتصماديا‪ ،‬وتعدد أنشطتهما فمي كمل المجالت‪ :‬السمتثمار والنتاج‬
‫والنقل والتوزيع والمضاربة‪ ،‬ووصل المر إلى أنّها قد صارت تؤثر في القرار السياسي‬
‫والبعد الثقافي والمعرفي‪ ،‬وفي ظل العولمة استطاعت هذه الشركات الستفادة من فروق‬
‫السعار‪ ،‬من نسبة الضرائب‪ ،‬من م ستوى الجور لترك يز النتاج في المكان الر خص‬
‫وب عد ذلك ين قل النتاج إلى المكان الذي يكون ف يه م ستوى ال سعار أعلى وي تم ت سويقه‬
‫هناك"‪)52(.‬‬

‫‪ -49‬السلم والعولمة ص ‪ ، 126-125‬الوطنية في عالم بل هوية ‪ -‬تحديات العولمة‪ -‬ص ‪.81‬‬


‫‪ - 50‬المستقبل التام‪..‬أساسيات العولمة‪ :‬المؤلفان‪ :‬جون ميكل ثوايت‪ ،‬وأدريان وولدريج‪.‬‬
‫‪ - 51‬نهاية الجغرافية‪ ،‬ص ‪ ،103‬وأنظر أيضاً‪ :‬طوفان العولممة واقتصادياتنا المسلمة‪ ،‬البيان‪ ،‬عدد ‪ ،151‬ص ‪.72‬‬
‫‪ - 52‬السلم والعولمة ‪ ،‬ص ‪. 70‬‬

‫‪24‬‬
‫في يوم ‪19/6/2000‬م عقد في القاهرة مؤتمر ض مّ الدول الخمسة عشر‪-‬أفريقية‬
‫ن القتصاد العالمي الجديد هو لصالح‬
‫وآسيوية‪-‬من الدول النامية‪ -‬أكدّ المتحدثون فيه أ ّ‬
‫فئة قليلة تزيد ها غ نى فوق غنا ها‪ ،‬على ح ساب الدول الكثيرة الفقيرة‪ ،‬و هو يد فع الدول‬
‫النامية إلى مقبرة الفقر‪.‬‬
‫وترتّب على هذا الهدف ما يلي‪ :‬لقد كانت نتيجة العولممة خطيرة في حياتنا القتصادية‪،‬‬
‫فضلً عن الجوانب الخرى‪ ،‬وقد حصرها بعض القتصاديين العرب بالنقاط التية‪-:‬‬
‫‪-1‬إنهاء دور القطاع العام وإبعاد الدولة عن إدارة القتصاد الوطني‪.‬‬
‫‪ -2‬عولممة الوحدات القتصادية وإلحاقها بالسوق الدولية لدارتها مركزيا من الخارج‪.‬‬
‫‪ -3‬العمل على اختراق السوق العربية من قبل السوق الجنبي‪.‬‬
‫‪ -4‬إدارة القتصاديات الوطنية وفق اعتبارات السوق العالمية بعيدا عن متطلبات التنمية‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫‪-5‬العمل على إعادة هيكلة المنطقة العربية في ضوء التكتلت الدولية‪)53(.‬‬
‫ويمكن أن يضاف إلى ذلك‪-:‬‬
‫‪ " -6‬الغواء القتصيادي‪ :‬ويعنمي إغواء الدول المتواضعمة تقنيّام وعلميّام واقتصماديّا‬
‫بمشاركة العمالقة في مشاريع عابرة القارات‪ ،‬وهذه المشاريع كل مكوناتها من الخارج‪،‬‬
‫وربما فتحوا لهم بعض السواق‪ ،‬وبعد أن يكون البلد الفقير قد دفع دم الشعب‪ ،‬وضحى‬
‫بحاضره ومستقبله في مثل هذه المشاريع تتم عملية السيطرة أو الجهاض‪ ،‬إ نّ شيئًا من‬
‫هذا قد تم في ماليزيا وإندونيسيا‪.‬‬
‫‪ -7‬ال سيطرة القت صادية ذات المظا هر المتعددة‪ ،‬من ها‪ :‬شراء موارد الدول الم ستضعفة‬
‫وموادهما الخام بأقمل السمعار‪ ،‬وإعادة تصمنيعها ثمّم بيعهما لهما فمي صمورة جديدة بأغلى‬

‫‪ - 53‬القتصماد العربمي فمي مواجهمة تحديات النصمف الثانمي ممن عقمد التسمعينيات – مجلة آفاق عربيمة ‪ ،‬فمي ‪1/2/1995‬م ص ‪ ،2‬والسموق الشرق‬
‫أوسطية – آفاق عربية‪ ،‬عدد ‪ ،1995 ،11/12‬ص ‪.4‬‬

‫‪25‬‬
‫السعار‪ ،‬وفي حالة البترول يضيفون إليه ضريبة يسمونها ضريبة الكربون‪ ،‬وهي تعني‬
‫ضريبة تلوث أجوائهم نتيجة الشطط التصنيعي"‪)54(.‬‬
‫ومن أخطار هذه العولمة أيضا‪:‬‬
‫أ‪ -‬ترك يز الثروة المال ية في يد قلة من الناس أو قلة من الدول‪ ،‬ف م ‪ 358‬مليارد ير في‬
‫العالم يمتلكون ثروة تضا هي ما يمل كه أك ثر من ن صف سكان العالم‪ .‬و ‪ %20‬من دول‬
‫العالم تسمتحوذ على ‪ %85‬ممن الناتمج العالممي الجمالي‪ ،‬وعلى ‪ %84‬ممن التجارة‬
‫إنم ‪ %5،19‬ممن‬
‫العالميمة‪ ،‬ويمتلك سمكانها ‪ %85‬ممن المدخرات العالميمة‪.‬إذا نكتشمف ّ‬
‫الستثمار المباشر و ‪ %08‬من التجارة الدولية تنحصر في منطقة من العالم يعيش فيها‬
‫‪ %82‬فقط من سكان العالم‪.‬‬
‫ن خ مس دول ‪-‬الوليات‬
‫ب‪ -‬سيطرة الشركات العملقة عمليا على القتصاد العالمي‪ ،‬إ ّ‬
‫المتحدة المريكية واليابان وفرنسا وألمانيا وبريطانيا‪ -‬تتوزع فيما بينها ‪ 172‬شركة من‬
‫أصل مائتي شركة من الشركات العالمية العملقة‪ )55(.‬ويمكن هنا أن نعرض إحصائية‬
‫أوليمة لقوة تلك الشركات المتعددة الجنسميات‪ .‬فهناك ‪ 350‬شركمة كمبرى لتلك الدول‬
‫ت ستأثر ب ما ن سبته ‪ %40‬من التجارة الدول ية‪ .‬و قد بل غت الح صة المئو ية ل كبر ع شر‬
‫شركات في قطاع التصالت السلكية واللسلكية ‪ %86‬من السوق العالمي‪ ،‬وبلغت هذه‬
‫النسبة ‪ %85‬من قطاع المبيدات‪ ،‬وما يقرب من ‪ %70‬من قطاع الحاسبات و ‪ %60‬في‬
‫قطاع الدويمة البيطريمة‪ ،‬و ‪ %35‬ممن قطاع الدويمة الصميدلنية‪ ،‬و ‪ %34‬فمي قطاع‬
‫البذور التجارية‪)56(.‬‬
‫ج‪ -‬تعم يق التفاوت في توز يع الد خل والثروة ب ين الناس بل ب ين المواطن ين في الدولة‬
‫مة‬
‫مة الحياة البراجماتيم‬
‫مع لماكينم‬
‫مة دفم‬
‫الواحدة‪ ،‬واختزال طاقات شعوب العالم إلى طاقم‬

‫‪ - 54‬العولمة وقضايا العصر‪ :‬سيد دسوقي حسن‪ ،‬موقع إسلم على الطريق‪ -‬شبكة المعلومات الدولية‪.7/11/2000 -‬‬
‫‪ - 55‬انظر فخ العولمة ص ‪ ، 13 -11‬العرب والعولمة ‪ ،‬ص ‪. 140‬‬
‫‪ - 56‬مقال نهاية الجغرافية‪،‬مجلة البيان‪ ،‬ص ‪.102‬‬

‫‪26‬‬
‫السمتهلكية للقوى الرأسممالية والسمياسة الغربيمة المسميطرة‪ )57(.‬لقمد كان المدافعون‪-‬‬
‫بحسمن نيمة عمن العولممة‪ -‬يراهنون على أن العولممة سمتؤدي إلى ارتفاع مسمتوى دخمل‬
‫الفرد على المستوى العالمي‪ ،‬وبالتالي تخف ظاهرة الفقر التي تعاني منها كثير من دول‬
‫العالم‪ ,‬لكمن الحقائق والرقام‪ ،‬تكشمف عمن واقمع مؤلم مختلف‪ ,‬ففمي الوقمت الذي ازداد‬
‫معدل دخل الفرد‪ ،‬فإنّه صاحب هذه الزيادة اتساع في الهوة الشاسعة بين مستوى الدخل‬
‫في الدول الغنية والدول الفقيرة‪ ،‬فمازال دخل أكثر من مليارين إنسان ل يزيد على ‪60‬‬
‫دولرا في الشهر‪ ،‬ما يعني أن خطر الفقر مازال يطل برأسه القبيح على دول كثيرة في‬
‫العالم‪.‬‬
‫و قد أر جع تروس سيكوت ال ستاذ الجام عي في إدارة العمال – في بح ثه عن‬
‫أ سباب التفاوت ب ين النظر ية والوا قع في مفهوم العول مة‪ -‬إلى سببين‪ ,‬ال سبب الول‪ :‬أن‬
‫الدول الغنية مازالت تصرّ على وضع العوائق في وجه هجرة العمالة من الدول الفقيرة‬
‫إليها‪ ،‬ففي العام ‪1997‬م سمحت الوليات المتحدة الميركية بهجرة ‪ 737‬ألف وافد فقط‪،‬‬
‫في حين لم تسمح الدول الوروبية إل بهجرة ‪ 665‬ألفا‪ ،‬ومجموع العددين ل يمثل سوى‬
‫‪ 4‬في المائة من العمالة المهاجرة المتوقعة‪ ،‬إلى جانب ذلك ترفض الدول الغنية استيراد‬
‫المنتجات الزراعيمة ممن الدول الفقمر‪ ,‬أمما السمبب الثانمي‪ :‬فيعود إلى أن الدول الفقيرة‬
‫فشلت نتيجة لسوء حكوماتها في اجتذاب رؤوس الموال من الخارج‪)58(.‬‬
‫د‪ -‬اسيتئثار قلة ممن سمكان الدولة الواحدة بالقسمم الكمبر ممن الدخمل الوطنمي والثروة‬
‫المحليمة‪ ،‬فمي الوقمت الذي يعيمش أغلبيمة السمكان حياة القلة والشقاء ويوضمح ذلك أن‬
‫عشريمن بالمائة ممن الفرنسميين يتصمرفون فيمما يقرب ممن سمبعين بالمائة ممن الثروة‬
‫الوطن ية‪ ،‬وعشر ين بالمائة من الفرن سيين ل ينالون من الد خل الوط ني سوى ن سبة ستة‬
‫بالمائة‪)59(.‬‬
‫‪ - 57‬السلم والعولمة ص ‪ ، 107‬فخ العولمة ص ‪. 36 ، 28-26 ، 8-7‬‬
‫‪ - 58‬العولمة لمصلحة الغنياء ‪ :‬صلح الفضلي‪ ،‬صحيفة الرأي العام الكويتية‪.‬‬
‫‪ - 59‬العرب والعولمة ص ‪ ، 141‬فخ العولمة ‪ ،‬ص ‪. 11‬‬

‫‪27‬‬
‫همم‪ -‬النميو المطرد للبطالة‪ ،‬وانخفاض الجور ومما يرتبمط بهما ممن تقليمص فمي قدرة‬
‫الم ستهلكين وات ساع دائرة المحروم ين‪ ،‬و قد دلت الح صائيات على حقائق خطيرة‪ ،‬ف في‬
‫العالم (‪ )800‬مليون شخمص يعانون ممن البطالة وهذا الرقمم فمي ازدياد‪ ،‬وفمي السمنوات‬
‫العشرة الخيرة عملت ‪ 500‬شركمة ممن أكمبر الشركات العالميمة على تسمريح أربعمائة‬
‫ألف عاممل ‪-‬فمي المتوسمط‪ -‬كمل سمنة‪ ،‬على الرغمم ممن ارتفاع أرباح هذه الشركات‬
‫بصمورة هائلة‪ ،‬فإحدى هذه الشركات منحمت للمسماهمين فيهما مبلغ خمسمة مليون دولر‬
‫لكل منهم(‪)60‬والشركات المريكية تسرّح مليونين من العمال‪)61(.‬‬
‫ونتيجممة لذلك ظهرت عدائيممة كثيممر مممن منظمات المجتمممع المدنممي‬
‫الغرب ية‪،‬وخا صة في الوليات المتحدة للعول مة‪ ،‬وخا صة المنظمات العمال ية‪ ،‬واتحادات‬
‫الشغل التي تراقب أثر عولمة القتصاد على معدلت أجور العمال‪ ،‬وعلى نسبة البطالة‬
‫في الغرب‪)62(.‬‬
‫ن الفقر الناتج عن البطالة حتما يقود إلى اتساع دائرة الجريمة فالعولمة تسمح وبيسر‬
‫وإ ّ‬
‫ن تشكل شبكة دولية عبر (النترنت) وتمكن المتهربين من دفع الضرائب‬
‫للعصابات بأ ّ‬
‫من نقل أموالهم إلكترونيا إلى أمكنة أخرى‪ ،‬فمن روسيا وحدها وصل إلى العالم الغربي‬
‫م نذ عام ‪1990‬م خم سون مليار دولر بطري قة غ ير شرع ية‪ ،‬ويقدر خبراء ال من أن‬
‫ثروة منظمات المافيا في النمسا وحدها تتجاوز تسعة عشر مليار دولر‪ ،‬كل هذا يجري‬
‫على ح ساب الدولة ال تي بدأت تئن ت حت ضائ قة الف قر لتقلص الضرائب وهروب ها‪ ،‬وهذا‬
‫يع ني ض عف الخدمات الجتماع ية والتعليم ية وال صحية ال تي تقدم ها الدولة‪ ،‬وتتضا عف‬
‫فإنم شرعيمة هذه الدولة واسمتقرارها‬
‫حدة مشكلة الفقمر‪،‬وتصمبح أشدّ خطورة‪،‬وبالنتيجمة ّ‬
‫يصبحان مهددان‪)63(.‬‬

‫‪ - 60‬العرب والعولمة ‪ ،‬ص ‪. 141‬‬


‫‪ - 61‬السلم والعولمة ‪ ،‬ص ‪. 61‬‬
‫‪ - 62‬توالد العولمة‪ -‬التحولت والممانعة ‪ -‬خدمة كامبردج بوك ريفيو‪.27/3/2001،‬‬
‫‪ - 63‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫و‪ -‬فرض ال سياسات القت صادية والزراع ية على دول العالم ‪-‬وخا صة النام ية‪ -‬بهدف‬
‫تعط يل التنم ية القت صادية‪ ،‬وإبقائ ها سوقا ا ستهلكية رائ جة للمنتجات الغرب ية‪ ،‬وت سليم‬
‫إرادت ها ال سياسية للقوى الحاك مة في أمري كا‪ .‬ف في ب عض الدول انخف ضت معدلت الن مو‬
‫عام ‪98‬م بأكثمر ممن ‪ %100‬وارتفعمت معدلت البطالة بنسمبة خطيرة أدت إلى حدوث‬
‫مشكلت اجتماعيمة عديدة ممن أهمهما زيادة نسمبة الفقمر والميمة(‪ .)64‬يقول سياكيكو‬
‫فوكيربار‪" :‬مما دام القتصماد ومفاهيمم السموق ممن العناصمر السماسية فمي العولممة فإن‬
‫التنمية البشرية لن تأخذ حظها الذي تستحق من هذه العولمة"‪)65(.‬‬
‫ز‪ -‬إضعاف قوة موارد الثروة الماليية العربيمة المتمثلة فمي النفمط حيمث تمم إضعاف‬
‫أهمي ته ك سلعة حين ما تم ا ستثناؤه من ال سلع ال تي تخ ضع لحر ية التجارة الدول ية ‪-‬أ سوة‬
‫بتجارة المعلومات‪ -‬من تخفيض الضرائب والقيود الجمركية المفروضة عليه من الدول‬
‫المستهلكة‪ ،‬فما زالت هذه الدول وعلى رأسها الوليات المتحدة المريكية ترفض اعتبار‬
‫النفمط والمشتقات البتروكيماويمة ممن السملع التمي يجمب تحريرهما ممن القيود الجمركيمة‬
‫والضرائب الباهضمة التمي تفرضهما الدول المسمتهلكة‪ ،‬وبذلك تجنمي هذه الدول الرباح‬
‫الهائلة ممن وراء ذلك‪ ،‬وهمي تعادل ثلثمة أمثال العائدات إلى الدول المنتجمة فمي الوقمت‬
‫الحاضر‪ ،‬بل أصدر الكونجرس المريكي تشريعا يقضي بفرض العقوبات على دول في‬
‫منظمة أوبيك إذا شاركت في رفع أسعار النفط أو تثبيتها‪)66(.‬‬
‫ح‪ -‬ارتفاع أسيعار المواد الغذائيية فمي الدول السملمية‪ ،‬نتيجمة إلغاء هذه الدول الدعمم‬
‫المالي الذي كا نت تقد مه لل سلع الغذائ ية‪ ،‬وب سبب الحتكار والمناف سة غ ير المتكافئة من‬
‫الدول الكبرى‪ ،‬وبسبب قيود الجودة وشروط المواصفات العالمية التي تفرضها التفاقيات‬
‫التجار ية وال صناعية الدول ية‪ ،‬و هي شروط ل تقدر الدول ال سلمية النام ية على الوفاء‬

‫‪ - 64‬انظر جريدة الرسالة ‪ -‬قطاع غزة ‪ -‬عدد ‪ ، 141‬تاريخ ‪ 28‬شوال ‪1420‬هم ص ‪.21‬‬
‫‪ - 65‬انظر المصدر السابق ‪.‬‬
‫‪ - 66‬انظر المصدر السابق ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ب ها(‪ .)67‬ويتر تب على ذلك ابتعاد الحكومات عن التد خل في النشاط القت صادي وق صر‬
‫دورها في حراسة النظام‪.‬وأن تبقى السواق السلمية سوقا مفتوحا رائجا أمام المنتجات‬
‫والبضائع الورب ية والمريك ية‪ ،‬وأن تقّوض الم صانع والمؤ سسات الوطن ية والقت صاد‬
‫الوطني‪)68(.‬‬
‫ط‪ -‬عمل ية الغراق ‪:‬و من مخا طر العول مة ظهور عمل ية الغراق ال تي ترت بط بال سعر‪,‬‬
‫وذلك بأن تطرح في ال سواق سلع م ستوردة بأ سعار ت قل كثيرا عن سعر المث يل في‬
‫ال سوق المحلي‪ ,‬أو عن سعر المثيل في سوق الدولة المنت جة لهذه ال سلعة وتصدرها‪ ,‬أو‬
‫انخفاض سعر الب يع عن سعر تكل فة النتاج ‪ ,‬وي تم تداول ها لفترة زمن ية‪ ,‬بهدف ا سترداد‬
‫نفقاتها وتحقيق الربح‪ ,‬تلك هي الحالت الثلث التي تعتبر فيها السلع المستوردة بمثابة‬
‫مة‬
‫مة وإلغاء التعرفم‬
‫مع دخول العولمم‬
‫ملع أو واردات إغراق‪ .‬وهذه المشكلة ظهرت مم‬
‫سم‬
‫الجمركيمة‪ ,‬أو الحمد منهما على بعمض السملع‪ ,‬حيمث كان قديما ل يمكمن حدوث ذلك لن‬
‫الدول كا نت تتح كم في سعر ال سلعة بزيادة سعر الجمارك‪ ,‬م ما يؤدي إلى زيادة سعر‬
‫المن تج الم ستورد عن المن تج المحلي أو على ال قل ي ساويه في الث من‪ ,‬ول كن مع ف تح‬
‫السمواق أمام التجارة العالميمة‪ ,‬فإننما سمنشهد حالت إغراق كثيرة‪ ،‬وكذلك تجاوزات ل‬
‫نضمن إلى أي مدى ستصل عواقبها"‪)69(.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الهداف والثار السياسية‪-:‬‬
‫‪ -1‬فرض السييطرة السيياسية الغربيية على النظممة الحاكممة والشعوب التابعمة لهما‪،‬‬
‫والتحكم في مركز القرار ال سياسي و صناعته في دول العالم لخدمة الم صالح المريكية‬
‫والقوى الصهيونية المتحكمة في السياسة المريكية نفسها‪،‬على حساب مصالح الشعوب‬
‫وثرواتهما الوطنيمة والقوميمة وثقافتهما ومعتقداتهما الدينيمة‪ )70(.‬يقول جون بوتنيغ رئيمس‬
‫‪ - 67‬انظمر آثار التفاقيات القتصمادية والصمناعية والزراعيمة‪ -‬على العالم السملمي‪ -‬النظام القتصمادي العالممي واتفاقيمة الجات تأليمف د‪ .‬حسمين‬
‫شحاته‪ ،‬دار البشير للثقافة والعلوم ‪ ،‬طنطا الطبعة الولى ‪1418‬هم ‪1998 ،‬م ‪ ،‬ص ‪. 25 -20‬‬
‫‪ - 68‬انظر السلم والعولمة ص ‪. 148‬‬
‫‪ - 69‬مخاطر العولمة على المجتمعات العربية ‪ :‬أ‪.‬د مصطفى رجب‪ ،‬مجلة البيان ‪.13/10/2000‬‬
‫‪ - 70‬العولمة ‪ ،‬محمد سعيد أبو زعرور ص ‪. 36‬‬

‫‪30‬‬
‫المدراء التنفيذي ين ال سابق في ب نك بن سلفانيا " في العول مة ن حن نقرر من الذي سيعيش‬
‫ونحن نقرر من الذي سيموت"‪)71(.‬‬
‫إنّ العولمة المريكية الصهيونية تخطط للتدخل العسكري وإعلن الحرب في أية‬
‫بق عة من العالم‪ ،‬تف كر بالخروج على سيطرتها وتحكم ها لن العالم يراد له أن ي قع ت حت‬
‫براثمن السمتبداد المريكمي والقانون المريكمي والقوة العسمكرية المريكيمة‪ .‬وهمو أممر‬
‫يكشفمه تقريران خطيران كانما سمريين للغايمة‪،‬ثمم نُشرا بعمد ذلك‪،‬وهمما تقريرا "جريميما‬
‫أنم نصميب العالم السملمي‪ -‬فمي أفغانسمتان‪،‬وفلسمطين‬
‫وولفوفتيمز"(‪ .)72‬ول شمك فمي ّ‬
‫والعراق‪ -‬قمد كان كمبيرا فمي ضوء تلك السمياسة المريكيمة الظالممة‪ .‬يقول صيموئيل‬
‫هنتنغتون(‪ )73‬في درا سته الم سماة "الم صالح المريك ية ومتغيرات ال من"‪ ،‬ال تي نُشرت ها‬
‫"مجلة الشؤون الخارجية" في حزيران ‪1993‬م‪ ":-‬إنّ الغرب بعد سقوط التحاد السوفيتي‬
‫بحاجة ما سّة إلى عدو جديد يوحد دوله وشعوبه‪ ،‬وأن الحرب لن تتوقف‪ ،‬حتى لو سكت‬
‫السلح وأُبرمت المعاهدات‪ ،‬ذلك أن حربا حضاريةً قادم ًة ستستمر بين المعسكر الغربي‬
‫الذي تتزعمه أمريكا وطرف آخر‪ ،‬قد يكون عالم السلم أو الصين"‪)74(.‬‬
‫‪ -2‬إضعاف فاعليية المنظمات والتجمعات السيياسية القليميمة والدوليمة والعممل على‬
‫تغييبهما الكاممل كقوى مؤثرة فمي السماحة العالميمة والقليميمة وممن ذلك‪ :‬منظممة الدول‬
‫المريكيممة‪،‬ومنظمممة الوحدة الفريقيممة‪،‬والجامعممة العربيممة‪،‬ومنظمممة المؤتمممر‬
‫السلمي‪،‬والمتابع لنشاطات هذه المنظمات يلحظ أنها ل تستطيع اتخاذ أي موقف تجاه‬
‫القضايما السمياسية المعاصمرة وتجاه الحداث الجاريمة مثمل قضايما‪:‬فلسمطين‪،‬والبوسمنة‬
‫والهرسك‪ ،‬وكشمير وألبان كوسوفو‪ ،‬والشيشان‪ ،‬والعراق‪)75(.‬‬

‫‪ - 71‬دراسة حول البعد التاريخي والمعاصر لمفهوم العولمة ‪ ،‬غازي الصوراني‪ ،‬إصدار منتدى الفكر الديمقراطي الفلسطيني ‪2000 ،‬م ‪ ،‬ص ‪80‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -72‬النظام العالمي الجديد‪ ،‬منير شفيق‪ ،‬ص ‪ ،16‬الناشر للطباعة والنشر والتوزيع والعلن‪ ،‬ط ‪1420 ،1‬هم ‪1992 -‬م ص ‪.22-18‬‬
‫‪ -73‬أستاذ العلوم السياسية ومدير مؤسسة (جون أولين) للدراسات الستراتيجية بجامعة هاردفارد‪.‬‬
‫‪ - 74‬تحديات النظام العالمي الجديد – د‪.‬عماد الدين خليل‪ ،‬موقع السلم على الطريق‪ -‬شبكة المعلومات الدولية‪.‬‬
‫‪ - 75‬انظر مقال ‪":‬نظام عالمي أم سيطرة استعمارية جديدة" لجمال قنان في مجلة المستقبل العربي العدد ‪ ، 180‬فبراير ‪1994‬م ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫جاء فمي خطاب الرئييس المريكيي جورج بوش‪ -‬البمن‪ -‬عمن حال التحاد‬
‫اليهودي الم سيحي في ‪ 29‬ينا ير عام ‪2002‬م م‪" :‬نع تبر جم يع المنظمات الدول ية ال تي‬
‫أيم هدف يتعلق بالمصملحة الوطنيمة المريكيمة السمرائيلية (غيمر ذي صملة)‬
‫تعارض ّ‬
‫ويشمل هذا منظمات‪ :‬كالمم المتحدة‪،‬والتحاد الفريقي‪،‬والجامعة العربية‪،‬التي يجب في‬
‫اعتقادي أن يتم حلها فورا‪،‬واللجنة الدولية للصليب الحمر‪،‬والفاتيكان‪،‬وجميع المنظمات‬
‫السلمية"‪)76(.‬‬
‫‪ -3‬إبقاء الدول السيلمية ‪-‬خا صة‪ -‬منقو صة ال سيادة‪ ،‬ح تى تب قى هذه الدول ضعي فة‬
‫وتابعة للهيمنة السياسية الغربية‪.‬‬
‫‪ -4‬إضعاف سلطة الدولة الوطنية‪ ،‬أو إلغاء دورها وتقليل فاعليتها‪ ،‬وقتل روح النتماء‬
‫فمي نفوس أبنائهما‪ ،‬فالعولممة نظام يقفمز على الدولة والوطمن والممة‪ ،‬واسمتبدال ذلك‬
‫بالنسممانية‪ ،‬إنّهمما نظام يفتممح الحدود أمام الشبكات العلميممة‪ ،‬والشركات المتعددة‬
‫الجن سيات(‪ )77‬ويز يل الحوا جز ال تي ت قف حائلً دون الثقا فة الرأ سمالية الماد ية والغزو‬
‫الفكري‪ ،‬الذي يسمتهدف تفتيمت وحدة الممة‪ ،‬وإثارة النعرات الطائفيمة‪،‬وإثارة الحروب‬
‫والف تن دا خل الدولة الواحدة ك ما في ال سودان‪ .‬يقول ريتشارد كاردز الم ستشار ال سابق‬
‫ن تجاوز ال سيادة الوطنية للدول قطعة قطعة يوصلنا إلى‬
‫لوزارة الخارجية المريكية‪" :‬إ ّ‬
‫النظام العالمي بصورة أسرع من الهجوم التقليدي"‪(78).‬‬
‫‪ -5‬إضعاف دور الحزاب ال سياسية في التأث ير في الحياة ال سياسية في كث ير من دول‬
‫العالم ‪-‬خا صة الدول ال سلمية‪ -‬في الو قت ال تي بدأت ف يه المنظمات غ ير الحكوم ية‬
‫والجمعيات الهلية تمارس دورا متزايدا في الحياة السياسية(‪.)79‬‬

‫‪ - 76‬انظر الملحق آخر الكتاب‪.‬‬


‫‪ - 77‬العرب والعولمة ‪ ،‬ص ‪ ، 148-147 ، 145‬الوطنية في عالم بل هوية ‪ ،‬ص ‪. 158-157‬‬
‫‪ - 78‬تحديات النظام العالمي الجديد – د‪.‬عماد الدين خليل‪ -‬موقع السلم على الطريق‪ ،‬شبكة المعلومات الدولية‪.‬‬
‫‪ - 79‬الوطنية في عالم بل هوية ‪ -‬مرجع سابق ‪ -‬ص ‪. 80-79‬‬

‫‪32‬‬
‫إنم العولممة ل تكتفمي بواقمع التجزئة العربيمة والسملمية الن‪ ،‬بمل تحاول إحداث‬
‫‪ّ -6‬‬
‫تجزئة داخلية في كل بلد عربي أو إسلمي‪،‬حتى ينشغلوا بأنفسهم وينسوا تماما أنهم أمة‬
‫عربيمة واحدة‪ ،‬ينتمون إلى جامعمة إسملمية واحدة‪.‬وهذا معناه بعثرة الشعوب المسملمة‬
‫مغ المنظمات‬
‫ملمي‪ ،‬وتفريم‬
‫من السم‬
‫ما‪ ،‬والقضاء على مقومات الوحدة والتضامم‬
‫وتفرقهم‬
‫والتجمعات السلمية من مضامينها الحقيقية حتى تبقى عاجزة عن تحقيق آمال وأماني‬
‫المسلمين ولتصبح أداة طيعة في خدمة المخططات الستعمارية الغربية‪.‬‬
‫إذا المشروع ال سياسي للنظام العال مي الجد يد الذي انت هت إل يه العول مة هو‪ :‬تفت يت‬
‫الوحدات والتكوينات السممياسية‪ -‬الدول ‪ -‬إلى تجمعات ودويلت صممغرى ضعيفممة‬
‫ومهزوزة‪ ،‬ومبتلة بالكوارث والمجاعات وال صراعات الداخل ية‪،‬والف تن‪ )80(.‬و في يول يو‬
‫‪2002‬م طرح بعض الساسة المريكان فكرة تقسيم السعودية إلى عدة دول صغيرة ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الهداف والثار الثقافية‪-:‬‬
‫تقوم العولممة فمي الجانمب الثقافمي علي انتشار المعلومات‪ ،‬وسمهولة حركتهما‪ ،‬وزيادة‬
‫معدلت التشا به ب ين الجماعات والمجتمعات‪ ،‬أي تقوم علي إيجاد ثقا فة عالم ية‪ ،‬وعول مة‬
‫الت صالت‪ ،‬عن طر يق ال بث التليفزيو ني عبر القمار ال صناعية‪ ،‬وب صورة أك ثر عم قا‬
‫خلل شبكة النترنت التي تربط البشر بكل أنحاء المعمورة‪ .‬كما تعني العولمة الثقافية‬
‫توح يد الق يم وخا صة حول المرأة وال سرة‪ ،‬باخت صار تر كز العول مة الثقاف ية علي مفهوم‬
‫الشمولية ثقافة بل حدود‪ ،‬وآلة ذلك العلن والتقنيات‪)81(.‬‬
‫ل من أخ طر أهداف العول مة ما يعرف بالعول مة الثقاف ية ف هي تتجاوز الحدود ال تي‬
‫ولع ّ‬
‫أقامت ها الشعوب لتح مي كيان وجود ها‪ ،‬و ما له من خ صائص تاريخ ية وقوم ية و سياسية‬
‫ودينية‪ ،‬ولتحمي ثرواتها الطبيعية والبشرية وتراثها الفكري الثقافي‪ ،‬حتى تضمن لنفسها‬
‫البقاء وال ستمرار والقدرة على التنم ية و من ث ّم الح صول على دور مؤ ثر في المجت مع‬

‫‪ - 80‬العولممة الجديدة والمجال الحيوي للشرق الوسط – مفاهيم عصر قادم‪ : -‬سيار الجميل‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬بيروت‪ ،1997 ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ - 81‬الثقافة العربية في عصر العولمة ‪ :‬د عبد الفتاح أحمد الفاوي ‪ ،‬صحيفة الهرام ‪22/02/2001‬م‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫الدولي‪ .‬فالعولمة الثقافية تقوم على تسييد الثقافة الرأسمالية لتصبح الثقافة العليا‪ ،‬كما أنها‬
‫ترسمم حدودا أخرى مختلفمة عمن الحدود الوطنيمة مسمتخدمة فمي ذلك شبكات الهيمنمة‬
‫العالميمة على القتصماد والذواق والثقافمة‪.‬هذه الحدود همي‪" :‬حدود الفضاء (السمبرنيتي)‬
‫والذي هو ب حق و طن جد يد ل ينتمي ل إلى الجغراف يا ول إلى التار يخ‪ ،‬هو وطن بدون‬
‫حدود‪ ،‬بدون ذاكرة‪ ،‬إنّه وطن تبنيه شبكات التصال المعلوماتية اللكترونية "‪)82(.‬‬
‫ن الثقافة‬
‫ن العولمة ل تكتفي بتسييد ثقافة ما‪ ،‬بل تنفي الثقافة من حيث المبدأ‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫إّ‬
‫ال تي يجري ت سييدها ت عبر عن عداء شد يد لي صورة من صور التم يز‪ ،‬إ نّ الثقا فة‬
‫الغربيمة تريمد ممن العالم أجممع أن يعتممد المعاييمر الماديمة النفعيةالغربيمة‪،‬كأسماس‬
‫ن ما تبقى يجب أن يسقط‪ ،‬وما تبقى هنا هو"‬
‫لتطوره‪،‬وكقيمة اجتماعية وأخلقية وبهذا فإ ّ‬
‫ليسمت خصموصية قوميمة بمل مفهوم الخصموصية نفسمه‪ ،‬وليمس تاريخما بعينمه بمل فكرة‬
‫التاريخ‪ ،‬وليس هوية بعينها وإنما كل الهويات‪،‬وليس منظومة قيمية بل فكرة القيمة وليس‬
‫نوعا بشريا‪ ،‬وإنّما فكرة النسان المطلق نفسه "‪)83(.‬‬
‫ن العولمة الثقافية ليست سوى نقلة‬
‫يقول العالم المريكي المعروف ناعوم تشومسكي‪" :‬إ ّ‬
‫نوعيمة فمي تاريمخ العلم‪ ،‬تعزز سميطرة المركمز المريكمي على الطراف‪ ،‬أي على‬
‫العالم كله"‪ )84(.‬يقول بلقيزر‪" :‬العول مة ك ما يد عي رواد ها هي انتقال من مرحلة الثقا فة‬
‫الوطنية إلى ثقافة عليا جديدة "عالمية"‪ ،‬وهي في حقيقتها اغتصاب ثقافي وعدوان رمزي‬
‫على سمائر الثقافات الخرى‪،‬وهمي اختراق تقنمي ي ستخدم وسمائل النقمل والتصمال لهدر‬
‫سيادة الثقافات الخرى للشعوب‪ ،‬وفرض الثقافة الغربية"‪)85(.‬‬

‫‪ -82‬قضايا في الفكر المعاصر‪ :‬محمد عابد الجابري‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ :‬بيروت‪1997 ،‬م‪،‬ص ‪.148 -147‬‬
‫‪ - 83‬العولممة والهويمة الثقافيمة والمجتممع التكنولوجمي الحديمث‪ :‬جلل أميمن‪ ،‬مجلة المسمتقبل العربمي‪ ،‬العدد ‪ ،60‬ص ‪ .67‬نهايمة التاريمخ وصمراع‬
‫الحضارات‪ ،‬عبممد الوهاب المسمميري‪ ،‬ضمممن مجموعممة كتاب‪ .‬صممراع حضارات أم حوار ثقافات‪ .‬منشورات منظمممة تضامممن الشعوب الفريقيممة‬
‫السيوية‪ :‬القاهرة‪1997 ،‬م‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪ - 84‬العولممة بين منظورين‪ -‬مصدر سابق‪ -‬البيان‪ ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪ - 85‬انظر مجلة المجمع العربي للمحاسبين القانونيين ‪ ،‬عدد ‪1999 ، 11‬م ‪ ،‬ص ‪.38‬‬

‫‪34‬‬
‫ويقول د‪.‬عبيد الفتاح أحميد الفاوي‪ ":‬ليسمت العولممة انتقالً ممن ظاهرة الثقافمة‬
‫الوطنية والقومية إلي ثقافة عليا جديدة هي الثقافة العالمية بل إنّها فعل اغتصاب ثقافي‬
‫وعدوانممي رمزي علي سممائر الثقافات خاصممة ثقافتناالعربيةوالسمملمية"‪)86(.‬‬
‫ودعا دافايد روشكويف (أستاذ العلقات الدولية بجامعة كولومبيا والمسئول السابق‬
‫فمي حكوممة الرئيمس المريكمي السمبق كلينتون) الوليات المتحدة إلى اسمتغلل الثورة‬
‫المعلومات ية الكون ية للترو يج للثقافةوالق يم المريك ية على ح ساب الثقافات الخرى‪ ،‬ل نّ‬
‫ل وتسامحا وهم النموذج الفضل للمستقبل‪ ،‬والقدر على قيادة‬
‫المريكان أكثر المم عد ً‬
‫العالم‪)87(.‬‬
‫ن المهمة الساسية لمريكا توحيد الكرة‬
‫ويقول شتراوس هوب في كتابه(توازن الغد)‪":‬إ ّ‬
‫الرض ية ت حت قيادت ها‪ ،‬وا ستمرار هيم نة الثقا فة الغرب ية‪ ،‬وهذه المه مة ال تي ل بد من‬
‫م قوى أخرى ل تنتممي للحضارة‬
‫إنجازهما بسمرعة فمي مواجهمة نمور آسميا وأي ّ‬
‫الغربية"‪ )88(.‬إذا من الهداف الثقافية للعولمة‪ :‬الترويج لفلسفة النظام الغربي الرأسمالي‬
‫النفعي البرجماتي‪ ،‬وفرض الثقافة الغربية الوافدة وجعلها في محل الصدارة والهيمنة في‬
‫العالم وقهمر الهويمة الثقافيمة للممم والشعوب الخرى‪ ،‬على أن تظمل الثقافات الخرى‬
‫محدود ًة في نطاق السلوك الفردي ل تتعداه‪ ،‬فالدساتير والنظم والقوانين والقيم الخلقية‬
‫يجمب أن تسمتمد ممن الفلسمفة الماديمة النفعيمة‪ ،‬وممن ثقافمة الرجمل البيمض العلمانيمة‪،‬‬
‫المناهضة للعقائد والشرائع السماوية‪)89(.‬‬
‫يقول المف كر ال سلمي اللما ني الدكتور مراد هوفمان ‪:‬العول مة تتب نى الو سائل المري بة‬
‫الزاح فة لتمز يق ال مة ال سلمية‪،‬والطغيان على قيم ها ال سامية بالع مل على شيوع الق يم‬
‫المتدنيمة التمي تصماحب بالغزو الفكري‪ ،‬والسمتهلكي مثمل‪:‬طغيان السمتهلك والنهمم‬

‫‪ -86‬الثقافة العربية في عصر العولمة ‪ ،‬الهرام ‪22/02/2001‬‬


‫‪ - 87‬السلم والعولمة ‪ ،‬ص ‪. 14-13‬‬
‫‪ - 88‬نقلً عن دراسة حول البعد التاريخي المعاصر لمفهوم العولمة ‪-‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪.5‬‬
‫‪ - 89‬السلم والعولمة‪ ،‬ص ‪ ،96-95‬العولمة وآليات التهميش في الثقافة الغربية ص ‪.11-10‬‬

‫‪35‬‬
‫المادي‪،‬وشيوع العنمف والجنمس‪،‬والماديمة‪،‬والفرديمة‪،‬والفتتان بالثروة والسمعي إليهما بأي‬
‫سبيل والتخلي عن القيم‪.‬‬
‫ويقول البا حث د‪ .‬مح مد أمخرون‪" :‬و من المؤ كد أن الم ستهدف بهذا الغزو الثقا في هم‬
‫المسلمون‪ .‬وذلك لما يلي‪-:‬‬
‫أ – ما تملكه بلدهم من مواد أولية هائلة يأتي على رأسها النفط والغاز وثروات طبيعية‬
‫أخرى‪.‬‬
‫ن هذه ال مة‬
‫ب – ما ث بت ل هم عبر مراكز هم وبحوث هم وجامعات هم وم ستشرقيهم من أ ّ‬
‫م ستعصية على الهزي مة‪ ،‬إذا حاف ظت على هويت ها ال سلمية و من ثم فالطر يق الوح يد‬
‫لخضاع ها يتم ثل في القضاء على تفرد شخ صيتها وإلغاء دين ها الذي يب عث في ها الثورة‬
‫والرفض لكل أشكال الحتلل والسيطرة "‪)90(.‬‬
‫جم – الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني في قلب العالم السلمي‪ ،‬وهو من أهم أهداف‬
‫العولممة في بلد العرب والمسلمين‪.‬‬
‫د – الحضارة السملمية بعقيدتهما وشريعتهما ونظام أخلقهما وإنجازاتهما التاريخيمة همي‬
‫النقيض الوحيد الشامل لفلسفة العولممة ودينها وأنظمتها وقيمها الهابطة في هذه الدنيا‬
‫التي نعيش فيها‪.‬‬
‫وترجع قوة تأثير الثقافة المريكية إلى مجموعة من السباب منها‪-:‬‬
‫"*هيمنمة شركات العلم المريكيمة على التسمويق العالممي‪ ،‬واعتماد اقتصماديات دول‬
‫ممناعة‬
‫ممم مواد وتجهيزات الصم‬
‫ممي‪.‬فمعظم‬
‫مماد المريكم‬
‫أخرى كثيرة على القتصم‬
‫التقليدية‪،‬والعلم الورق‪ ،‬الحبر‪،‬آلت الطباعة‪ ،‬آلت التصوير بيد الدول المصنعة‪،‬وعلى‬
‫رأسها الوليات المتحدة المريكية‪.‬‬
‫* جميع مواد وتجهيزات التصال الحديثة بيد المجموعة نفسها ويتحكم فيها كليا مركز‬
‫واحد للهيمنة‪،‬وجميع وسائل تجهيزات المعلومات والحاسوب‪ ،‬وغزو الفضاء‪.‬‬
‫‪ - 90‬العولممة بين منظورين‪ ،‬البيان‪ ،‬السنة ‪ ،14‬العدد ‪ ،145‬رمضان ‪1420‬ه‪ ،‬كانون ‪1/1999‬م ص ‪.127-126‬‬

‫‪36‬‬
‫* التفوق المري كي في صناعة الفلم والمو سيقى‪،‬وتمتع ها ب سوق خارج ية ضخ مة في‬
‫ظل انتشار التلفزيون‪ ،‬والقمار ال صناعة‪،‬وقنوات الفضاء ال تي أدخلت ال بث التلفزيو ني‬
‫إلى كل بيت في العالم‪.‬‬
‫تش ير إح صاءات منظ مة اليون سكو عن الو طن العر بي إلي أ نّ شبكات التليفزيون‬
‫العربية تستورد ما بين ثلث إجمالي البث كما في سوريا ونصف هذا الجمالي كما في‬
‫تونمس والجزائر‪ ،‬أمما فمي لبنان فإن البراممج الجنبيمة تزيمد علي نصمف إجمالي المواد‬
‫المبثوثمة إذ تبلغ ‪ %58,5‬وتبلغ البراممج الجنبيمة فمي لبنان ‪ %69‬ممن مجموع البراممج‬
‫الثقاف ية‪ ،‬ول تكت في بذلك‪ ،‬بل وغالب هذه البرا مج ي بث من غ ير ترج مة‪ ،‬وثل ثا برا مج‬
‫الطفال تبث بلغة أجنبية من غير ترجمة في معظمها‪)91(.‬‬
‫* القابل ية الت سويقية ال تي تتم تع ب ها المنتجات الثقاف ية المريك ية الهاب طة والمكو نة من‬
‫مزيج ثقافات وافدة من أنحاء العالم‪ ،‬وليست لها هوية ذات جذور محددة‪.‬‬
‫* قيام أمريكا بتطوير صناعة ثقافية موجهة لشريحة الشباب داخل وخارج أمريكا‪ ،‬وهم‬
‫الشريحة الوسع على مستوى العالم‪ ،‬وهم رجال المستقبل الذين سيشغلون في مجتمعاتهم‬
‫مواقع التأثير والنفوذ‪.‬ولقد فتحت أمريكا معاهدها وجامعاتها أمام الطلبة من أنحاء العالم‪،‬‬
‫وهؤلء يشكلون الن خب في بلدان هم ب عد عودت هم إلي ها ب ما يحملون من النماط الثقاف ية‬
‫وطرق التفكير المقتبسة من أمريكا "‪)92(.‬‬
‫إنم عملء الغرب فمي العالم السملمي الذيمن يروجون العولممة يحاولون جاديمن‬
‫ّ‬
‫تعميم الفلسفة المادية والفكر الغربي العلماني ليصبح العالم السلمي جزءا من المنظومة‬
‫العلمانيمة العالميمة التمي تتميّز بخصمائص معينمة وتظهمر بثقافمة واحدة‪ ،‬تتجاوز الفكمر‬
‫ال سلمي ب كل أبعاده الثقاف ية وال سياسية والجتماع ية والقت صادية والخلق ية‪" .‬وإذا كان‬
‫العالم السملمي يوجمد تحمت تأثيمر ظاهرة العولممة الثقافيمة‪ ،‬بالنظمر إلى أوضاعمه‬

‫‪ - 91‬انظر الثقافة العربية في عصر العولمة د عبد الفتاح أحمد الفاوي ‪،‬الهرام ‪22/02/2001‬م‪.‬‬
‫‪ - 92‬تحديات النظام العالمي الجديد – مصدر سابق‪. -‬‬

‫‪37‬‬
‫القتصادية‪ ،‬والجتماعية‪،‬والتعليمية والثقافية والعلمية‪،‬والعلمية التي هي دون ما نطمح‬
‫إليمه‪ ،‬فكيمف يتسمنى له أن يواجمه مخاطمر هذه العولممة ويقاوم تأثيراتهما ويتغلب على‬
‫ضغوطها؟‪.‬‬
‫إ نّ الوا قع الذي تعي شه بلدان العالم ال سلمي يوفّر الفرص الموات ية أمام تغل غل‬
‫التأثيرات السملبية للعولممة الثقافيمة‪ ،‬لن مقوّمات المناعمة ضمد سملبيات العولممة‪ ،‬ليسمت‬
‫ي من الفات المهل كة ال تي تت سبّب في ها هذه‬
‫بالدر جة الكاف ية ال تي ت قي الج س َم ال سلم ّ‬
‫الظاهرة العالمية المكتسحة للمواقع والمحطّمة للحواجز"‪)93(.‬‬
‫ومن آثار العولمة في الهوية الثقافية‪-:‬‬
‫ن العولمة تمجّد ثقافة الستهلك‪ -‬التي استخدمت كأداة‬
‫* شيوع الثقافة الستهلكية ‪-‬ل ّ‬
‫قويمة فاعلة فمي إطلق شهوات السمتهلك إلى أقصمى عنان وممن ثمّ تشويمه التقاليمد‬
‫والعراف السائدة في العالم السلمي‪.‬‬
‫* تغرييب النسيان المسيلم وعزله عين قضاياه وهموممه السملمية‪،‬وإدخال الضعمف‬
‫لديه‪،‬والتشكيك في جميع قناعته الدينية‪،‬وهويته الثقافية‪)94(.‬‬
‫* إشاعة ما يسمى بأدب الجنس وثقافة العنف التي من شأنها تنشئة أجيال كاملة تؤمن‬
‫بالع نف كأ سلوب للحياة وكظاهرة عاد ية وطبيع ية‪ )95(.‬و ما يترتّب على ذلك من انتشار‬
‫الرذيلة والجري مة والع نف في المجتمعات ال سلمية‪ ،‬وق تل أوقات الشباب بتضييع ها في‬
‫توافمه المور وبمما يعود عليمه بالضرر البالغ فمي دينمه وأخلقمه وسملوكه وحركتمه فمي‬
‫الحياة‪ ،‬وتسماهم فمي هذا الجانمب شبكات التصمال الحديثمة والقنوات الفضائيمة وبراممج‬
‫العلنات والدعايات للسلع الغربية وهي مصحوبة بالثقافة الجنسية الغربية التي تخدش‬
‫الحياء والمروءة والكراممة النسمانية ولقمد أثبتمت الدراسمات الحديثمة خطورة القنوات‬

‫‪ - 93‬العولمة والحياة الثقافية في العالم السلمي‪ -‬مصدر سابق‪. -‬‬


‫‪ - 94‬الوطنية في عالم بل هوية ص ‪.150‬‬
‫‪ - 95‬انظر مبحث الثقافة العربية في مواجهة المتغيرات الدولية الراهنة – مجلة الفكر العربي المعاصر العدد ‪ 101- 100‬بيروت ‪1993‬م‪ ،‬مسعود‬
‫ظاهر ‪ ،‬الوطنية في عالم بل هوية ص ‪ ،150 ،85-84‬ص ‪.36‬‬

‫‪38‬‬
‫الفضائ ية‪-‬ب ما تب ثه من أفلم وم سلسلت جن سية فاض حة‪-‬على النظام التعلي مي والحياة‬
‫الثقافية والعلقات الجتماعية ونمط الحياة القتصادية في العالم السلمي‪)96(.‬‬
‫و في درا سة أعد ها مر كز درا سات المرأة والط فل بالقاهرة على ‪ :1472‬فتاه‪،‬‬
‫ن الفلم ال تي يشاهدنها‪ %85:‬أفلما ج نس‪ %75 ،‬بها مشا هد‬
‫وسيدة مصرية‪ ..‬تبين أ ّ‬
‫جنسمية‪ %85 ،‬أفلم عنمف وحروب‪ %23،‬أفلم فضاء‪ %68 ،‬أفلما عاطفيمة قديممة‬
‫وحديثة‪ %21 ،‬أفلما أخرى‪ %6،‬فقط من عينة البحث يشاهدن نشرات الخبار وبرامج‬
‫ن الفلم العلمية‪ ،‬لنها لم تنل منهن أي اهتمام يذكر‪)97(.‬‬
‫ثقافية وترفيهية‪،‬ولم يذكر ّ‬
‫كمما أثبتمت الدراسمات الحديثمة أن شبكمة المعلومات الدوليمة (النترنمت) أكمبر قوة‬
‫دافعمة للعولممة المدويمة لصمناعة الجنمس‪.‬ويرى معهمد فوريسمتر للبحاث (كيممبردج‬
‫ما ساشوسيتس)أ نّ صناعة البور نو على شب كة المعلومات الدول ية تبلغ ن حو مليار دولر‬
‫سنويا من ح يث القي مة‪،‬وإنّ ها مرش حة للتعا ظم‪ .‬فشب كة المعلومات الدول ية تز يل بضر بة‬
‫واحدة‪ ،‬أكبر عقبتين تعترضان بيع الصور والخدمات الجنسية‪ :‬الخجل والجهل‪.‬فالمر ل‬
‫يحتاج أكثمر ممن أن يلقمي نظرة على "دليمل الجنمس فمي العالم"‪،‬وهمو موقمع على شبكمة‬
‫معلومات الدوليمة‪،‬ليجمد عروضا مفصمّلة عمن المواخيمر‪،‬ووكالت تأجيمر المرافقات‬
‫والنوادي الليلية في مئات المدن الكبرى حول العالم‪ .‬وتتيح شبكة معلومات الدولية أيضا‬
‫للناس تجاوز الرقا بة المحل ية والح صول على صور يرغبون ها من أي مكان في أرجاء‬
‫المعمورة‪)98(.‬‬
‫* ومن آثار عولمة الثقافة انتشار نوعية مميزة من الثقافة المادية والمعنوية المريكية‬
‫ح يث سيطرت الثقا فة المريك ية الشعب ية على أذواق الب شر فأ صبحت مو سيقى وغناء‬
‫مايكمل جاكسمون‪،‬وتليفزيون رامبمو‪ ،‬وسمينما دالس همي الليات والنماذج السمائدة فمي‬

‫‪ - 96‬العولمة ‪ ،‬د‪ .‬جلل أمين ص ‪. 128-126‬‬


‫‪ - 97‬صحيفة أكتوبر المصرية‪،‬عدد ‪16/2/1997‬م‪.‬‬
‫‪ - 98‬كتاب السلم والمة السلمية ‪ ،‬د‪ .‬مهاتير محمد عرض ومناقشة ‪ :‬د‪ .‬جمال المجايدة‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫مختلف أنحاء العالم وأصمبحت اللغمة النجليزيمة ذات اللكنمة المريكيمة همي اللغمة‬
‫السائدة‪)99(.‬‬
‫*ومن آثار العولمة في طمس الهوية الثقافية للمة السلمية انتشار الزياء والمنتجات‬
‫المريكية في كثير من الدول السلمية‪ ،‬ل نّ هذه السلع تحمل في طياتها ثقافة مغايرة‬
‫تسمحق ثقافات الممم المسمتوردة لهما وظهور اللغمة النجليزيمة على واجهات المحلت‬
‫والشركات‪ ،‬وعلى اللعب والهدايا وعلى ملبس الطفال والشباب‪.‬‬

‫ول قد أثب تت الح صائيات ال صادرة لعام ‪1995‬م أ نّ الن ساء في ال سعودية‪ :‬ا ستهلكن‪:‬‬
‫‪ 538‬طنا من أحمر الشفاه‪ 43،‬طنا من طلء الظافر ‪ 41‬من مزيلت الطلء‪ 232 ،‬طنا‬
‫ممن مسمحوق تجميمل العيون ‪ 445‬طنا ممن مواد صمبغة الشعمر‪ ،‬إنفاق ‪1500-1200‬‬
‫ماريفهن خلل‬
‫مة آلف وأربعمائة امرأة مصم‬
‫معودي على العطور‪ .‬وأربعم‬
‫مليون ر سم‬
‫الصيف فقط‪ 110:‬مليين ر فساتين الحفلت‪ ،‬و ‪ 8‬آلف ر متوسط كلفة الف ستان وما‬
‫تنفقه المرأة الواحدة على كل زينتها خلل الحفلة ‪ 25‬ألف ر‪.‬‬
‫وح سب إح صائيات ‪1997‬م على ن ساء الخل يج‪ 799 :‬مليون دولر أنف قت على‬
‫العطور‪ 4،‬مليون دولر على صبغات الش عر‪،‬وا ستهلكن ‪ 600‬طن من أح مر الشفاه‪ ،‬و‬
‫‪ 50‬طنا من طلء أظا فر‪ ،‬و ‪ 1,5‬مليار دولر تنفق ها المرأة الخليج ية على م ستحضرات‬
‫التجميل‪)100(.‬‬
‫وا ستهلكن‪ 298:‬ألف كيلو جرام وزن م ستحضرات تجم يل العيون ‪ 96‬ألف كيلو‬
‫جرام لتلم يع الظا فر‪ 334 ،‬ألف كيلو جرام لطلء الو جه ‪ 599‬ألف كيلو م ستحضرات‬
‫وقايمة الجلد ممن الشممس‪ 4 ،‬ألف كيلو جرام مسمتحضرات تطريمة الجلد‪ 401،‬ألف كيلو‬

‫‪ -99‬انظمر مجلة المسمتقبل العربمي مركمز دراسمات الوحدة العربيمة‪ -‬بيروت‪ -‬العدد ‪ ،229‬مارس ‪1998‬م‪ .‬انظمر الثقافمة العربيمة فمي عصمر العولممة د‬
‫عبد الفتاح أحمد الفاوي ‪،‬الهرام ‪22/02/2001‬‬
‫‪ - 100‬انظر مجلة السرة‪ ،‬عدد صفر ‪1420‬هم‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫جرام م ستحضرات تجع يد الش عر أو تنعي مه‪ 784 ،‬ألف كيلو جرام م ستحضرات صبغ‬
‫الشعر‪)101(.‬‬
‫قمد ينمبري بعمض السمذج ممن الناس فيقول‪ :‬وأي خطمر حقيقمي يمكمن أن يهدّد‬
‫الم سلمين إذا شا عت هذه المطا عم والزياء والتقال يد والمنتجات الورب ية والمريك ية؟!‬
‫والجواب‪ :‬همو المثمل الفرنسمي المشهور الذي يقول‪( :‬أَخمبرْني ماذا تأكمل أُخمبرْك م َن‬
‫أ نت!)؛ فالزياء‪,‬والمطا عم‪،‬والمأكولت والمشروبات‪ ،‬وغير ها من المنتجات تجلب مع ها‬
‫مفاهيم بلد المنشأ‪ ،‬وقيمه وعاداته ولغته‪ ،‬وذلك يوضح الصلة الوثيقة بين هذه المنتجات‬
‫وبيممن انفراط السممرة‪،‬وضعممف التديممن‪،‬وانتشار الكحول والمخدّرات‪،‬والجريمممة‬
‫المنظممة‪.‬وأيضما فإنّ أي مطعمم أو متجمر ممن (الماركات) الغربيمة المشهورة يقام فمي‬
‫بلد نا‪ -‬ينهار أما مه عشرات المؤ سسات الوطن ية الوليدة‪،‬ال تي ل تملك أ سباب المناف سة‪،‬‬
‫ممّا يزيد من معدلت الفقر والبطالة‪)102(.‬‬
‫م الزياء الوربيمة والمريكيمة قمد كتبمت عليهما عبارات باللغمة‬
‫ولقمد ثبمت أن ّ‬
‫النجليزيمة(‪ )103‬تحتوي على ألفاظ وجممل جنسمية مثيرة للشهوات ومحركمة للغرائز‬
‫الجن سية‪ ،‬وأيضا ل دين ية ت مس المشا عر والمقد سات والخلق ال سلمية وتروج للثقا فة‬
‫الغربيمة التمي تقوم على الباحيمة والحريمة الفوضويمة فمي مجال العلقات بيمن الرجمل‬
‫والمرأة‪)104(.‬‬
‫ولقد أدركت بعض الدول خطورة الثار الثقافية للعولمة في بلدانها ومن هذه الدول‬
‫فرنسا‪ ،‬فهذا وزير العدل الفرنسي جاك كوبون يقول‪" :‬إن النترنت بالوضع الحالي شكل‬
‫جديمد ممن أشكال السمتعمار‪،‬وإذا لم نتحرك فأسملوب حياتنما فمي خطمر‪ ،‬وهناك إجماع‬
‫فرن سي على اتخاذ كل الجراءات الكفيلة لحما ية الل غة الفرن سية والثقا فة الفرن سية من‬

‫‪ - 101‬المجلة القتصادية عدد ‪17/12/1421‬هم‪.‬‬


‫‪ -102‬مقال ‪:‬الشباب المسلم والعولمة‪ :‬كامل الشريف‪ /‬موقع المنار‪ ،‬شبكة المعلومات الدولية‪،‬وانظر مجلة المنار الجديد‪.‬‬
‫‪ -103‬ومن تلك الكلمات والعبارات المكتوبة على ملبس الطفال والشباب ‪ : kiss me:‬قبلن ‪: take me‬خذني ‪ : Sow -‬خنزير‪I’m Jewish -‬‬
‫‪ :‬أنا يهودي ‪ : prostitute -‬عاهر ‪ : Adultery -‬ابن الزنا ‪ : Zion -‬صهيوني‬
‫‪ - 104‬السلم والعولمة ص ‪. 137-136‬‬

‫‪41‬‬
‫التأثيمر المريكمي"‪ )105(.‬بمل إن الرئيمس الفرنسمي جاك شيراك عارض قيام مطعمم‬
‫"ماكدونالدز(‪ )106‬الذي يقدم الوجبات المريكيمة‪ ،‬مسموغًا ذلك أن يبقمى برج أيفمل منفردًا‬
‫بنمط الع يش الفرن سي‪ )107(.‬ك ما قام وز ير الثقا فة الفرن سي بهجوم قوي على أمري كا في‬
‫اجتماع اليون سكو بالمك سيك‪ ،‬وقال‪" :‬إ ني أ ستغرب أن تكون الدول ال تي علّ مت الشعوب‬
‫قدرا كمبيرا ممن الحريمة‪ ،‬ودعمت إلى الثورة على الطغيان‪ ،‬همي التمي تحاول أن تفرض‬
‫ثقافمة شموليمة وحيدة على العالم أجممع‪...‬إن هذا شكمل ممن أشكال المبرياليمة الماليمة‬
‫والفكرية‪ ،‬ل يحتل الراضي‪ ،‬ولكن يصادر الضمائر‪ ،‬ومناهج التفكير‪ ،‬واختلف أنماط‬
‫العيش"‪)108(.‬‬
‫رابعا‪ :‬الهداف والثار الدينية‪:‬‬
‫العولمة آتية من الغرب الصليبي الكافر الذي يعتمد النظمة والمفاهيمم العلمانية‬
‫اللدينية‪.‬ولقد حذرنا ال تعالى من اليهود والنصارى فقال عز وجل‪َ ( :‬ولَ نْ تَ ْرضَى عَنْ كَ‬
‫ت أَهْوَاءَهُ مْ‬
‫ن اتّبَعْ َ‬
‫ل إِنّ هُدَى اللّ ِه ُهوَ الْهُدَى َولَ ِئ ِ‬
‫الْيَهُودُ وَل النّ صَارَى حَتّ ى تَتّبِ عَ ِملّتَهُ ْم ُق ْ‬
‫ن اللّ هِ ِم نْ َولِيّ وَل نَ صِيرٍ) البقرة‪ 120:‬وقال‪(:‬وَل‬
‫ن الْ ِعلْ مِ مَا لَ كَ مِ َ‬
‫بَ ْعدَ الّذِي جَاءَ كَ مِ َ‬
‫ع نْ دِينِ ِه فَيَمُ تْ‬
‫ستَطَاعُوا وَمَ نْ يَرْ َتدِدْ مِنْكُ مْ َ‬
‫نا ْ‬
‫يَزَالُو نَ ُيقَا ِتلُونَكُ ْم حَتّى يَرُدّوكُ ْم عَ نْ دِينِكُ ْم إِ ِ‬
‫ب النّا ِر هُ ْم فِيهَا )‬
‫صحَا ُ‬
‫ت أَعْمَالُهُ مْ فِي الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ َوأُولَئِ كَ أَ ْ‬
‫وَ ُهوَ كَافِرٌ َفأُولَئِ كَ حَبِطَ ْ‬
‫البقرة‪.217:‬وقال‪( :‬يَا أَيّهَا الّذِي نَ آمَنُوا ل تَ ّتخِذُوا الْيَهُودَ وَالنّ صَارَى أَ ْولِيَاءَ بَ ْعضُهُ ْم أَ ْولِيَاءُ‬
‫ن اللّهَ ل يَ ْهدِي الْقَوْ َم الظّالِمِينَ) المائدة‪.51:‬‬
‫بَ ْعضٍ وَمَنْ يَتَ َولّهُمْ مِ ْنكُ ْم َفإِنّهُ مِنْهُ ْم إِ ّ‬

‫‪ - 105‬مستقبل العولممة بين منظورين‪،‬مجلة المستقبل العربي‪ -‬مصدر سابق‪ -‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 106‬هناك جامعة هامبرجر؛ لها قاعات محاضرات‪ ،‬وحاسبات جديدة‪ ،‬ومترجمون مستعدون لترجمة الدروس إلى ‪ 26‬لغة‪ ،‬هذه الجامعة خرجت‬
‫حتمى الن ‪ 65‬ألف حاممل بكالوريما فمي الهممبرجرولوجي؛ تخرج سمنوياً سمبعة آلف طالب‪ .‬ولديهما ‪ 25‬بروفيسمور‪ ،‬وتحتمل هذه الجامعمة القلب ممن‬
‫شبكمة هائلة ممن خمسمة فروع لهما فمي مما وراء البحار‪ ،‬إضافمة إلى أكثمر ممن مائة مركمز تدريمب‪ ،‬وعلقات تربطهما بكمل مطعمم هاممبرجر‪ .‬ومما أن‬
‫ينضمم أي شخمص إلى شركمة ماكدونالدز حتمى يتلقمى تدريبما مما ذكرا كان أم أنثمى‪ .‬وحيمن يصمل مديرو المطاعمم إلى الجامعمة المركزيمة فمي أوك‬
‫ن معظم الدروس في جامعة الهامبرجريدور حول أمور عملية يومية بل مبتذلة‪ ،‬ول تنس المقليات‬ ‫بروكس فإن عليهم تلقي ‪ 2000‬ساعة تدريب‪،‬إ ّ‬
‫والكوكاكول؛ وركزت جامعة الهامبرجر تاريخيا على التوجيه ل التعليم‪ ،‬علماً أن التوجيهات كلها تأتي من الوليات المتحدة‪.‬‬
‫‪ - 107‬العولممة أمام عالمية الشريعة السلمية‪ ،‬د‪ .‬عمر الحاجي‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار المكتبي‪ -‬دمشق‪1420 -‬هم‪1999 /‬م ص ‪.51‬‬
‫‪ - 108‬المصدر السابق ص ‪.50‬‬

‫‪42‬‬
‫يقول الدكتور جلل أمين‪" :‬وهناك من يكره العولمة ل لسبب اقتصادي‪ ،‬بل لسبب‬
‫ديني‪ .‬فالعولمة آتية من مراكز دينها غير ديننا‪ ،‬بل هي قد تنكرت للديان كلها‪ ،‬وآمنت‬
‫بالعلمان ية ال تي ل تختلف كثيرا في ن ظر هؤلء عن الك فر‪ ،‬و من ثمّ فف تح البواب أمام‬
‫العول مة هو ف تح البواب أمام الك فر‪ ،‬والغزو ه نا في ال ساس ل يس غزوا اقت صاديا‪ ،‬بل‬
‫غزو من جانب فلسفة للحياة معادية للدين‪ ،‬والهوية الثقافية المهددة هنا هي في الساس‬
‫دين المة وعقيدتها‪ ،‬وحماية الهوية معناها في الساس الدفاع عن الدين"‪)109(.‬‬
‫فمن أهداف العولمة الدينية‪-:‬‬
‫‪ -1‬التشكيك في المعتقدات الدينية وطمس المقدسات لدى الشعوب المسلمة لصالح الفكر‬
‫المادي اللديني الغربي‪ ،‬أو إحلل الفلسفة المادية الغربية محل العقيدة السلمية‪.‬‬
‫‪ -2‬اسيتبعاد السيلم وإقصماؤه عمن الحكمم والتشريمع‪،‬وعمن التربيمة والخلق وإفسماح‬
‫المجال للنظمم والقوانيمن والقيمم الغربيمة المسمتمدة ممن الفلسمفة الماديمة والعلمانيمة‬
‫البرجماتية‪)110(.‬‬
‫‪ -3‬تحويل المناسبات الدينية إلى مناسبات استهلكية‪ ،‬وذلك بتفريغها من القيم والغايات‬
‫اليمان ية إلى ق يم ال سوق ال ستهلكية‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ :‬ا ستطاع التقدم العل مي والتق ني‬
‫الحد يث أن يحوّل ش هر رمضان(ش هر ال صوم والعبادة والقرآن)وع يد الف طر خا صة من‬
‫مناسبة دينية إلى مناسبة استهلكية‪)111(.‬‬
‫ومين آثار العولمية فيي هذا الجانيب‪ :‬التحدي الخطيمر الذي تواجهمه الشريعمة‬
‫السلمية من القوى المحلية العلمانية التي تتلقى الحماية الدولية المعنوية والمادية باسم‬
‫الحريمة والديمقراطيمة وحقوق النسمان‪،‬ولقمد انتشرت الجمعيات الهليمة المدعوممة‬
‫غربيا‪،‬ال تي تقوم بمحار بة الهو ية الثقاف ية ال سلمية‪ ،‬وإثارة الش به والشكوك حول الن ظم‬
‫والتشريعات ال سلمية‪،‬وخا صة في ما يتعلق بالعل قة ب ين المرأة والر جل وقضا يا المرأة‬
‫‪ - 109‬العولمة ‪ ،‬د‪.‬جلل أمين‪ -‬مصدر سابق‪ -‬ص ‪. 46‬‬
‫‪ - 110‬السلم والعولمة‪ -‬مصدر سابق‪ -‬ص ‪. 96‬‬
‫‪ -111‬إن من ينظر إلى أسواق المسلمين في رمضان ل يملك إل أن يقر بأن المخططات المعادية قد نجحت في تحقيق ذلك ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫المسملمة‪،‬وتطالب بعضهما جهارا نهارا الحكومات والمجالس البرلمانيمة إصمدار القوانيمن‬
‫وفمق مواثيمق الممم المتحدة المتعلقمة بحقوق النسمان بعيدا عمن النظمم والتشريعات‬
‫السلمية‪ .‬ولكن أخطر ما في العولمة نسبية الحقيقة التي تقوم عليها‪،‬وهي التي تتصادم‬
‫تصادما مباشرا مع ثوابت الدين السلمي المستمدة من النص‪:‬القطعي الثبوت القطعي‬
‫الدللة‪ ،‬لذلك نجمد أن قوى العولممة تدعمم كمل ممن يروج لنسمبية الحقيقمة‪ ،‬فقمد امتدح‬
‫"بللترو"وكيمل وزارة الخارجيمة المريكيمة السمبق ثلثمة ممن الكتّاب العرب ودعما إلى‬
‫ترو يج كتابات هم واعتماد ها‪ ،‬و هم‪ -:‬مح مد شحرور من سورية ومح مد سعيد العشماوي‬
‫ن ما يج مع هؤلء الثل ثة هو إيمان هم بن سبية‬
‫من م صر‪ ،‬ومح مد أركون من الجزائر‪،‬وإ ّ‬
‫الحقيقمة‪ ،‬وتفسميرهم النمص القطعمي الثبوت القطعمي الدللة الذي يتناول ثوابمت الديمن‬
‫مه‬
‫مرةكالزواج‪،‬والطلق‪..‬على أنم‬
‫ملمي‪:‬العقائد والحدود‪،‬والميراث‪،‬وتشريعات السم‬
‫السم‬
‫انعكاس لبيئة العرب الجاهليمة‪ ،‬وربطهمم بينمه وبيمن الواقمع الجاهلي‪ ،‬ولذلك فنحمن لسمنا‬
‫ملزم ين به‪،‬وعلي نا أن نف سّر هذه الن صوص على ضوء واقع نا الجد يد ونعطي ها مضمونا‬
‫وبعدا جديدا‪ -‬أي حسب أهوائهم‪ -‬أي بمعنى ثبوت النص وتغيّر المعنى‪ ،‬وبالضافة إلى‬
‫ذلك فإن كثيرا من المعارك الثقاف ية ال تي دارت أخيرا هي تج سيد لل صراع ب ين ن سبية‬
‫الحقيقة التي تقوم عليها العولمة وبين ثوابت ديننا السلمي‪ ،‬ومن أبرز هذه المعارك ما‬
‫ذكره د‪ .‬نصر حامد أبو زيد عن النصوص القطعية الثبوت والدللة التي تتناول قضايا‬
‫عقائديمة‪:‬كالكرسمي‪،‬والعرش‪ ،‬والميزان‪ ،‬والصمراط والملئكمة‪،‬والجمن والشياطيمن‪،‬‬
‫والسحر‪،‬والحسد…فقد اعتبرها ألفاظا مرتبطة بواقع ثقافي معين‪ ،‬ويجب أن نفهمها على‬
‫ضوء واقع ها الثقا في‪ ،‬واع تبر أ نّ وجود ها الذه ني ال سابق ل يع ني وجود ها العي ني‪،‬و قد‬
‫أ صبحت ذات دللت تاريخ ية‪ ،‬والدكتور ن صر حا مد أ بو ز يد في كل أحكا مه ال سابقة‬
‫ينطلق من أن النصوص الدينية نصوص لغوية تنتمي إلى بنية ثقافية محدودة‪ ،‬ت ّم إنتاجها‬
‫طبقا لنواميس تلك الثقافة التي تعد اللغة نظامها الدللي المركزي وهو يعتمد على نظرية‬

‫‪44‬‬
‫عالم اللغمة "دي سموسير" فمي كمل مما يروّج له وينتهمي الدكتور أبمو زيمد إلى ضرورة‬
‫إخضاع النصوص الدينية إلى المناهج اللغوية المشار إليها سابقا؟(‪)112‬‬

‫خامسا‪ :‬الهداف والثار الجتماعية والخلقية‪-:‬‬


‫من مخاطر العولمة في الجانب الجتماعي‪ :‬أنها تركز على حرية النسان الفردية إلى‬
‫أن تصمل للمدى الذي يتحرر فيمه ممن كمل قيود الخلق والديمن والعراف المرعيمة‪،‬‬
‫والوصول به إلى مرحلة العدمية‪ ,‬وفي النهاية يصبح النسان أسيرا لكل ما يعرض عليه‬
‫من الشركات العالمية الكبرى التي تستغله أسوأ استغلل‪ ،‬وتلحقه به بما تنتجه وتروج‬
‫له من سلع ا ستهلكية أو ترفيه ية‪ ،‬ل تدع للفرد مجال للتفك ير في ش يء آ خر وت صيبه‬
‫بالخوف‪)113(.‬‬
‫وأيضا تكريمس النزعمة النانيمة لدى الفرد‪ ،‬وتعميمق مفهوم الحريمة الشخصمية فمي‬
‫العلقمة الجتماعيمة‪ ،‬وفمي علقمة الرجمل بالمرأة‪ ،‬وهذا بدوره يؤدي إلى التسماهل ممع‬
‫الميول والرغبات الجن سمية‪ ،‬وتمرد الن سان على الن ظم والحكام الشرع ية ال تي تن ظم‬
‫وتض بط عل قة الر جل بالمرأة‪ .‬وهذا بدوره يؤدي إلى انتشار الباح ية والرذائل والتحلل‬
‫الخلقي وخدش الحياء والكرامة والفطرة النسانية‪.‬‬
‫ن ثقافة العولمة ثقافة مادية بحتة ل مجال فيها للروحانيات أو العواطف النبيلة‪،‬‬
‫إ ّ‬
‫أو المشا عر الن سانية‪ ،‬إن ها ته مل العلقات الجتماع ية القائ مة على التعا طف والتكا فل‬
‫والهتمام بمصمالح وحقوق الخريمن ومشاعرهمم‪ .‬فهمي تشكمل عالما يجعمل ممن الشمح‬
‫والبخل فضيلة‪ ،‬ويشجع على الجشع والنتهازية والوصول إلى الهداف بأي وسيلة دون‬
‫أد نى التفات إلى الق يم الشري فة ال سائدة في المجت مع‪ )114(.‬إ نّ و سائل العول مة في مجال‬
‫العلم والتصالت‪-‬و خاصة القمار الصناعية‪ -‬التي تلف حول العالم في كل لحظة‪،‬‬

‫‪ - 112‬العولمة الحقيقة والبعاد‪ -‬مصدر سابق‪.-‬‬


‫‪ -113‬مخاطر العولمة على المجتمعات العربية‪،‬أ‪.‬د مصطفى رجب‪ ،‬مجلة البيان‪-‬عدد‪200013/10 -‬م‪.‬‬
‫‪ - 114‬الوطنية في عالم بل هوية ‪ ،‬ص ‪ ، 151-150‬تحديات العولمة ‪ -‬د‪ .‬حسين كامل بهاء الدين‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫وتتسملل إلى البيوت على وجمه الرض كلهما‪ ،‬دون اسمتئذان‪،‬وتلعمب بشخصمية الفراد‬
‫والمم جميعا تثير في برامجها وأنشطتها الشهوات الجنسية‪ ،‬وتزين عبادة الجسد‪ ،‬وتشيع‬
‫أنواع الشذوذ‪ ،‬وتحطم قيم الفطرة النسانية الرفيعة‪ ،‬فتتناقض بذلك مع النظام السلمي‬
‫الجتماعمي والخلقمي الذي أراد السملم فمي ظله أن يبنمي مجتمعا نظيفا‪،‬مؤمنًا فاضلً‬
‫عفيفا‪ .‬جاء في خطاب الرئيس بوش‪-‬البن‪-‬عن حال التحاد اليهودي المسيحي في ‪29‬‬
‫يناير عام ‪2002‬مم ‪" :‬ومن الن فصاعدا يحق للعالم‪ :‬تناول الخمر والتدخين‪ ،‬وممارسة‬
‫الجنمس السموي أو الشذوذ الجنسمي‪ ،‬بمما فمي ذلك سمفاح القربمى واللواط‪ ،‬والخيانمة‬
‫الزوج ية‪،‬وال سلب‪،‬والق تل‪،‬وقيادة ال سيارات ب سرعة جنون ية‪ ،‬ومشاهدة الفلم والشر طة‬
‫الخلعية داخل فنادقهم أو غرف نومهم"‪)115(.‬‬
‫ولتنف يذ مخططات هم في هدم كيان المجت مع ال سلمي من خلل المرأة‪ -‬لهم ية‬
‫دورهيا فيي بناء كيان السيرة والمجتميع‪ -‬سياروا فيي ثلثية مسيارات فيي آن واحيد‪،‬‬
‫وهي‪-:‬‬
‫أ‪ -‬التمويممل المريكممي والوربممي للجمعيات والمنظمات الهليممة النسممائية‬
‫العلمانية‪،‬والتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق النسان‪،‬والمؤتمرات العالمية للتعليم والمرأة‬
‫من أ جل تنف يذ مخططات إخراج المرأة الم سلمة من الخلق ال سلمية‪ ،‬وتمرد ها على‬
‫أحكام الشريعة الربانية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التفاقيات الدول ية الخا صة بحما ية حقوق الن سان‪ ،‬وإزالة آثار كا فة أشكال التمي يز‬
‫ضد المرأة ‪ ،‬وإلزام الدول ال سلمية بالتوق يع علي ها‪ ،‬مقا بل إعفائ ها من ب عض الديون‬
‫المترتبة عليها‪.‬وهنالك محاولت لتضليل الرأي العام وإيهام المرأة المسلمة أ نّ الظلم كله‬
‫ن المم المتحدة ستحررها‬
‫واقع عليها‪ ،‬وأن هذه التفاقية سترفع عنها الجور والظلم‪ ،‬وأ ّ‬
‫من سطوة مجتمعها‪ ،‬مع أنّها في حقيقة المر تريد هلكها وهلك مجتمعها‪.‬‬

‫‪ - 115‬انظر الملحق آخر الكتاب‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫ج‪ -‬المؤتمرات النسائية والتي يقصد بها هدم المجتمعات البشرية‪ ،‬ول سيما المجتمعات‬
‫السلمية‪ .‬وبمراجعة البحوث التي ألقيت في المؤتمرات النسائية التي عقدت في بعض‬
‫البلد السملمية‪ ،‬نجدهما جميعهما تريمد إخراج المرأة المسملمة ممن النظام الجتماعمي‬
‫السلمي الذي ينظر إلى المرأة من خلل فطرتها واستعداداتها وكرامتها‪)116(.‬‬
‫يقول الباحث الدكتور عماد الدين خليل‪" :‬وفي الجانب الجتماعي تسعى العولمة‬
‫إلى تعميم السياسات المتعلقة بالطفل والمرأة والسرة وكفالة حقوقهم في الظاهر‪ ،‬إل أ نّ‬
‫ماد المرأة والمتاجرة‬
‫مم‪ ،‬وإفسم‬
‫مك الفراد واختراق وعيهم‬
‫ماد وتفكيم‬
‫مو إفسم‬
‫مع هم‬
‫الواقم‬
‫بهما‪،‬واسمتغللها فمي الثارة والشباع الجنسمي‪ ،‬وبالتالي إشاعمة الفاحشمة فمي المجتممع‪،‬‬
‫وبالمقابمل تعميمم فكرة تحديمد النسمل‪ ،‬وتعقيمم النسماء‪ ،‬وتأميمن هذه السمياسات وتقنينهما‬
‫بواسطة المؤتمرات ذات العلقة‪(:‬مؤتمر حقوق الطفل)‪(،‬مؤتمر المرأة في بكين)‪(,‬مؤتمر‬
‫السمكان)‪،‬ومما تخرج بمه هذه المؤتمرات ممن قرارات وتوصميات واتفاقيات تأخمذ صمفة‬
‫الدول ية‪،‬و من ث ّم اللزام ية في التنف يذ والت طبيق‪...‬و ما تل بث آثار ذلك أن تبدو واض حة‬
‫للعيان فمي الواقمع الجتماعمي اسمتسلمًا وسملبية فرديمة‪ ،‬وتفكك ًا أسمريًا واجتماعي ًا‪،‬‬
‫وإحباطات عاممة‪ ،‬وشلل تام لدور المجتممع الذي تحول إلى قطيمع مسمير ومنقاد لشهوتمه‬
‫وغرائزه‪ ،‬ل يعرف معروفًا ول ينكر منكرا‪ ،‬متحلل من أي التزامات أسرية واجتماعية‪،‬‬
‫إل في إطار ما يلبي رغباته وشهواته وغرائزه "‪)117(.‬‬
‫إنّ العولمة تجيز الشذوذ الجنسي والعلقات الجنسية الثمة بين الرجل والمرأة‪ ،‬بل‬
‫بيمن الرجمل والرجمل‪ .‬ولبيان هذا الجانمب الخطيمر المدممر للحياة الجتماعيمة فمي العالم‬
‫السلمي‪،‬ويظهر ذلك عند مراجعة وثيقة مؤتمر المم المتحدة المسمى المؤتمر الدولي‬

‫‪ - 116‬انظر‪:‬المرأة المسلمة ومواجهة تحديات العولممة‪ ،‬سهيلة زين العابدين حماد‪ ،‬المنهل شوال‪،‬ذو القعدة‪ 1420 ،‬يناير‪ ،‬فبراير ‪2000‬م ص ‪-84‬‬
‫‪ ،87‬والمجتمع الكويتية‪ ،‬عدد ‪ 1404‬و ‪ ،1406‬يونيو ‪2000‬م‪.‬المجتمع الكويتية‪ ،‬عدد ‪ ،1406‬في ‪ 25‬ربيع الول‪1421 ،‬هم‪.‬‬
‫‪ - 117‬تحديات النظام العالمي الجديد ‪ ،‬د‪.‬عماد الدين خليل‪ -‬شبكة المعلومات الدولية‪ -‬موقع السلم على الطريق‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫للسكان والتنمية الذي عقد في القاهرة من ‪ 13-5‬سبتمبر عام ‪1994‬م وأذكر هنا بعض‬
‫المور التي ركزت عليها هذه الوثيقة ‪-:‬‬
‫* الفرد هو السماس‪،‬ومصالحمه ورغباتمه همي المعيمار‪ ،‬ل الديمن ول المة‪،‬ول‬
‫العائلة‪،‬ول التقاليد‪،‬ول العرف‪ .‬ومن حق الفرد التخلص من القيود التي تفرض من جانب‬
‫تلك الجهات‪.‬‬
‫* تتحدث عن ممار سة الج نس دون أن تفترض وجود زواج‪،‬و عن ممار سة الج نس ب ين‬
‫المراهقين دون أن تستهجنه‪ ،‬والمهم في نظر الوثيقة أل تؤدي هذه الممارسة إلى الوقوع‬
‫في المراض‪ ،‬والواجب توعية المراهقين وتقديم النصائح المتعلقة بممارسة الجنس ومنع‬
‫الح مل‪ ،‬وتوف ير منت هى ال سرية ل هم‪ ،‬واحترام حق هم في الحتفاظ بنشاط هم الجن سي سرا‬
‫عن الجميع‪.‬‬
‫* تستهجن الوثيقة الزواج المبكر لنه يؤدي ‪-‬في نظرها‪ -‬إلى زيادة معدل المواليد‪.‬‬
‫* الجهاض‪ :‬ل تديمن الوثيقمة الجهاض حتمى ولو لم يكمن ثممة خطمر على صمحة‬
‫م الجهاض الذي تدعمو إليمه‬
‫الم‪،‬المهمم أن يكون الجهاض آمنا ل يهدد حياة الم‪".‬إن ّ‬
‫منظ مة ال مم المتحدة من خلل مؤتمر ها هذا‪ ،‬صلته وثي قة بالباح ية للج نس‪ ،‬الم سقطة‬
‫ن الحديث عن‬
‫للقيود واللتزامات‪ ،‬دونما شرع أو قواعد آمرة ضابطة‪ ،‬وعلينا الوعي بأ ّ‬
‫الجهاض فمي هذا المؤتممر لم يكمن حديثا عمن كونمه حكما‪ ،‬أو فتوى لحالة أو حالت‬
‫معينة وإنّما كان الحديث عنه بحسبانه سياسة عامة‪ ،‬مما يعني أنّ الجهاض بهذا المعنى‬
‫إسناد للباحية"‪)118(.‬‬
‫* ا ستهجنت الوثي قة المو مة المبكرة ‪-‬دون أن تم يز ب ين ما إذا كا نت هذه المو مة قد‬
‫حدثت في نطاق الزواج الشرعي أم خارجه‪ -‬لنها في نظرها تزيد من معدلت النمو ‪،‬‬
‫وتقيد المرأة من العمل والمساهمة في النتاج‪.‬‬

‫‪ - 118‬وثيقة مؤتمر السكان والتنمية‪ ،‬رؤية شرعية‪ ،‬د‪.‬الحسيني سلمان جاد‪ ،‬كتاب المة عدد ‪،53‬السنة السادسة‪ -‬جمادى الولى ‪1417‬هم‪ -‬ص‬
‫‪.72‬‬

‫‪48‬‬
‫ل من زوج ين‪ ،‬فل فظ قرين ين أك ثر حيادا‪ ،‬لنّه ل‬
‫* ا ستخدمت الوثي قة ل فظ "قرين ين" بد ً‬
‫يفترض وجود رباط قانونمي معيمن‪ .‬وهذا الحياد يجعمل الشذوذ الجنسمي(‪ )119‬والعلقات‬
‫الجنسية دون زواج أمرا جائزا ومقبولً‪.‬‬
‫* المساواة بين المرأة والرجل‪ :‬تدعو الوثيقة إلى المساواة التامة بين الطرفين‪ ،‬وحثت‬
‫المرأة على إلغاء الفوارق الطبيع ية بين ها وبيمن الرجمل‪ ،‬و من ذلك‪ :‬اشتراك الرجمل في‬
‫العمال المنزليمة ورعايمة الطفال أسموة بالنسماء‪ ،‬دون النظمر إلى اختلف الظروف‬
‫القتصادية والجتماعية والثقافية بين الرجال والنساء(‪.)120‬‬
‫* استخدم مشروع برنامج عمل المؤتمر في فقرات عديدة مصطلحات كثيرة‪ ،‬منها على‬
‫سبيل المثال‪1:‬م الصحة الجنسية ‪.Sexual Health‬‬
‫‪ 2‬م صحة التكاثممر ‪Reproductive Health‬‬
‫‪ 3‬م حقوق التكاثر ‪Reproductive Rights‬‬
‫وذلك دون بيان مراده من حقي قة هذه الم صطلحات‪ ،‬أو بيان ماهيت ها بيانًا جامعًا مانعًا‪،‬‬
‫كمما يقول أهمل الصمول عندنما‪ ،‬أو حتمى الشارة إلى طبيعتهما أو محتوياتهما‪ ،‬أو مدى‬
‫حدودهما‪ ،‬وإنمما ربمط هذا الخطاب الغربمي للعالم‪ ،‬هذه المصمطلحات العجيبمة بممارسمة‬
‫الجنس‪ ،‬على مستوى الفراد‪،‬وليس داخل نطاق السرة فقط‪)121(.‬‬
‫"إنم قارئ الوثيقمة السماسية محمل التعليمق‪ ،‬والمكونمة ممن أكثمر ممن مائة وإحدى‬
‫* ّ‬
‫وعشريمن صمفحة‪ ،‬ممن القطمع الكمبير‪ ،‬يلحمظ أنمه ورد بهما مكررًا‪،‬بمل مئات‬
‫المرات‪،‬عبارات مثممل الخدمات الصممحية التناسمملية‪ ،‬والجنسممية النشاط الجنسممي‬
‫للفراد‪،‬اعتبار ممار سة الج نس والنجاب حر ية شخ صية‪ ،‬ولي ست م سؤولية جماع ية‪...‬‬

‫‪ - 119‬وقد وجدت أخيراً جماعات الشواذ جنسيًا في كثير من البلدان العربية‪ ،‬وقد دافع عنهم الرئيس الفرنسي شيراك‪ ،‬كما دافعت عنهم بعض‬
‫المنظمات الدولية‪ ،‬لنّ الحكومة المصرية تريد محاكمتهم على جرائمهم‪.‬‬
‫‪ - 120‬انظمر العولممة‪ ،‬د‪ .‬جلل أميمن ص ‪ ، 138-133‬السملم والعولممة ص ‪ ،12-121‬وثيقمة مؤتممر السمكان والتنميمة‪ ،‬رؤيمة شرعيمة‪ ،‬د‪.‬الحسميني‬
‫سلمان جاد ص ‪.70-55‬‬
‫‪ - 121‬انظر‪ :‬وثيقة مؤتمر السكان والتنمية‪ ،‬رؤية شرعية‪ ،‬د‪.‬الحسيني سلمان جاد‪ ،‬ص ‪.70 -69‬‬

‫‪49‬‬
‫إلخ‪،‬هذا الذي يفوح خبثًا‪ ،‬وكأن المؤتمر يُعنى بصورة أساسية بأمور الجنس‪ ،‬والتناسل‪،‬‬
‫وليس بالسكان والتنمية"‪.‬‬
‫وقد أفصح المفكر الفرنسي المسلم رجاء جارودي عن نوايا مقررات مؤتمر القاهرة في‬
‫الرسمالة التمي وجههما للمؤتممر ونشرتهما صمحيفة الشعمب فمي القاهرة بعددهما‬
‫‪16/9/1994‬م‪ )122(.‬و من المد هش أ نّ رئي سة جمع ية "المهات ال صغيرات في أمري كا"‬
‫حذرّت المسملمين فمي مؤتممر القاهرة ممن خطورة المركمة‪،‬فقالت‪ ":‬لقمد دمّروا المجتممع‬
‫المري كي وجاءوا الن بأفكار هم للمجتمعات ال سلمية‪ ،‬ح تى يدمرو ها‪،‬ويدمروا المرأة‬
‫المسلمة ودورها فيها"‪)123(.‬‬
‫و من آثار العول مة في الجا نب الجتما عي زيادة معدلت ن سبة الجري مة ل يس في‬
‫الدول الناميمة وحدهما‪ ،‬بمل فمي كمل الدول الوربيمة الغنيمة وقمد أكّد هذا الممر الكاتبان‬
‫اللمانيان (هانسبيتر مارتين‪ ،‬وهارالدشومان) حيث قال‪" :‬ينتفع مرتكبو الجرائم متعدية‬
‫الجن سيات أيضا من إلغاء القيود القانون ية المفرو ضة على القت صاد‪ ،‬فعلى م ستوى كل‬
‫البلدان الصمناعية تتحدث دوائر الشرطمة والقضاء عمن طفرة بينمة فمي نممو الجريممة‬
‫المنظمة وكان أحد موظ في الشر طة الدولية قد أشار إلى هذه الحقي قة بع ين العقل حينما‬
‫راح يقول‪" :‬إنّم مما همو فمي مصملحة التجارة الحرة‪ ،‬همو فمي مصملحة مرتكمبي الجرائم‬
‫ن النتائج المترت بة تث ير الر عب بل شك‪ ،‬ف في منظور ال خبراء‬
‫أيضا"‪ )124(.‬ويضيفان‪" :‬إ ّ‬
‫أضحمت اليوم الجريممة المنظممة عالميا‪ ،‬أكثمر القطاعات القتصمادية نموا‪ ،‬إنمه يحقمق‬
‫أرباحاَ تبلغ خمسمائة مليار دولر في العام"‪)125(.‬‬
‫ويمكمن أن نمث ّل بالوليات المتحدة المريكيمة أبرز قلع الرأسممالية‪ ،‬فالجريممة‬
‫اتخذت هناك أبعادا بح يث صمارت وبا ًء وا سع النتشار‪ .‬ف في ول ية كاليفورن يا ‪ -‬ال تي‬
‫‪ - 122‬انظر المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ - 123‬سقوط الحضارة الغربية‪ -‬رؤية من الداخل‪ -‬أحمد منصور‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الولى ‪1418‬هم‪1998 /‬م‪.‬‬
‫‪ - 124‬فخ العولمة ص ‪. 367‬‬
‫‪ -125‬المصمدر نفسمه ص ‪ ،370‬فممن المثلة ‪:‬ارتفاع حجمم الممبيعات فمي السموق العالميمة للهيرويمن فمي عام ‪1990‬م إلى عشريمن ضعفًا ممن خلل‬
‫العشرين سنة الماضية‪ ،‬وارتفعت المتاجرة بالكوكايين إلى خمسين ضعفًا ‪ .‬انظر المصدر السابق ص ‪.368-367‬‬

‫‪50‬‬
‫تح تل بمفرد ها المرت بة ال سابعة في قائ مة القوى القت صادية العالم ية – فاق النفاق على‬
‫السجون المجموع الكلي لميزانية التعليم‪ .‬وهناك ‪ 28‬مليون مواطن أمريكي‪،‬أي ما يزيد‬
‫على عشر السكان قد ح صّنوا أنفسهم في أبنية وأحياء سكنية محروسة‪ .‬ومن هنا فليس‬
‫بالمر الغريب أن ينفق المواطنون المريكيون على حراسهم المسلّحين ضعف ما تنفق‬
‫الدولة على الشر طة‪ .)126(.‬في سنة ‪1965‬م وق عت خم سة ملي ين جري مة‪ ،‬ثم ازدادت‬
‫الجرائم الخطيرة أسمرع أربمع عشرة مرة ممن الزيادة السمكانية (‪ % 187‬مقابمل ‪13‬‬
‫‪.)%‬وفي أمريكا‪ :‬تحدث جريمة كل ‪ 12‬ثانية‪،‬وجريمة قتل كل ساعة‪ ،‬وجريمة اغتصاب‬
‫للعرض كل ‪ 25‬دقيقة ‪-‬مع أن الجنس مباح‪ -‬وجريمة سرقة كل خمس دقائق‪ ،‬و سرقة‬
‫سيارة كل دقي قة‪ )127(.‬واتّهَ مَ الرئ يس نك سون (هوليود) بتدم ير المجت مع المري كي‪ ،‬من‬
‫خلل ما تنت جه من مادة إعلم ية تد عو للباح ية الجن سية‪.‬واجت مع الرئ يس كلينتون مع‬
‫‪ 400‬سينمائي من هوليود والت مس من هم الرح مة بالمجت مع المري كي‪ ،‬عن طر يق ال كف‬
‫عن إنتاج الفلم الجنسية الباحية‪)128(.‬‬
‫وممن آثار العولممة فمي الجانمب الجتماعمي أيضا زيادة معدلت الفقمر والبطالة‪)129(،‬‬
‫وتوهين العلقات الجتماعية بين الفراد‪ ،‬والظلم الجتماعي الذي يصيب السر الفقيرة‬
‫نتي جة تقل يص الدولة للد عم الجتما عي لهذه ال سر‪ ،‬ستؤدي العول مة إلى تشغ يل خ مس‬
‫المجتممع وسمتستغني عمن الربمع الخماس الخريمن نتيجمة التقنيات الجديدة المرتبطمة‬
‫بالك مبيوتر‪ ،‬فخ مس قوة الع مل كاف ية لنتاج جم يع ال سلع‪ ،‬و سيدفع ذلك بأرب عة أخماس‬
‫المجتمع إلى حافة الفقر والجوع ‪ ،‬ومن مخاطر العولمة أيضا قضاؤها على حلم مجتمع‬
‫الرفاه‪ ،‬وقضاؤها على الطبقة الوسطى التي هي الصل في إحداث الستقرار الجتماعي‬

‫‪ - 126‬العولمة ‪:‬الحقيقة والبعاد‪ -‬مصدر سابق‪. -‬‬


‫‪ - 127‬انظممر السمملم بيممن الشرق والغرب د‪ .‬علي عزت بيجوفيتممش‪ ،‬مؤسممسة بافاريمما للنشممر والعلم والخدمات‪ ،‬ومجلة النور الكويتيممة‪ ،‬الطبعممة‬
‫الولى ‪1414‬هم‪1994-‬م‪ .‬ص ‪.122 ،120 ،117‬‬
‫‪ - 128‬انظر‪ :‬وثيقة مؤتمر السكان والتنمية‪ ،‬رؤية شرعية‪ ،‬د‪.‬الحسيني سلمان جاد ص ‪.71‬‬
‫‪ - 129‬لقمد بدأت ظاهرة البطالة تتفشمى على الصمعيد العالممي نتيجمة دخول الكممبيوترات المتقدممة لتحمل محمل العقول البشريمة وإحلل النسمان اللي‬
‫محل القوى العاملة‪ ،‬وهذه المشكلة تعتبر مشكلة خطيرة تهدد الفراد العاملين أسرهم‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫وفي إحداث النهضة والتطور الجتماعي‪ )130(.‬ولقد أصدرت المم المتحدة أخيرا تقريرا‬
‫ن قوى العول مة ر غم إتاحت ها فرص لم يحلم ب ها لمنف عة ب عض الشعوب وب عض‬
‫يف يد بأ ّ‬
‫الدول إل أنها قد أسهمت في الوقت نفسه في كثير من دول العالم في رفع معدلت الفقر‬
‫والظلم‪،‬والقلق على فرص العممل‪ ،‬وإضعاف المؤسمسات التمي تقدم الدعمم الجتماعمي‬
‫للفقراء كما أسهمت في تفتت القيم والعادات السائدة منذ زمن بعيد‪)131(.‬‬
‫بعض النتائج الخطيرة التي بدأت تظهر في العالم أجمع بفعل العولمة‪-:‬‬
‫أجممع الباحثون على ظهور نتائج خطيرة بفعمل تيّار العولممة الذي اكتسمح العالم‬
‫المعاصر‪ ،‬ومن هذه النتائج‪-:‬‬
‫* حوار الشمال والجنوب قضمى نحبمه‪ ،‬كمما قضمى نحبمه صمراع الشرق والغرب‪ .‬فقمد‬
‫أسملمت فكرة التطور القتصمادي الروح‪ ،‬فلم تعمد هنالك لغمة مشتركمة‪،‬بمل لم يعمد هناك‬
‫قاموس مشترك لتسممية المشكلت‪ .‬فالمصمطلحات ممن قبيمل الجنوب والشمال‪ ،‬والعالم‬
‫الثالث‪،‬والتحرر لم يبق لها معنى‪)132(.‬‬
‫* ممن وجهمة مُنظري العولمممة‪ :‬إن المجتمعات العاجزة عمن إنتاج غذائهما أو شرائهما‬
‫بعائد صمادراتها الصمناعية مثلً‪ ،‬ل تسمتحق البقاء‪ ،‬وهمي عبمء على البشريمة‪ ،‬أو على‬
‫القتصماد العالممي‪ ،‬ويمكمن أن يعرقمل نموهما الذي يحكممه قانون البقاء للصملح‪ .‬ولذلك‬
‫يجب إسقاطها من الحساب‪.‬ول ضرورة بالتالي لوقوف حروبها الهلية أو مساعدتها أو‬
‫نجدتها‪)133(.‬‬
‫* عاد السمتعمار القتصمادي والسمياسي والثقافمي والجتماعمي ممن جديمد فمي صمورة‬
‫العولمممة بالقتصماد الخ‪ ،‬واتفاقيمة الجات‪ ،‬والمنافسمة‪ ،‬والربمح‪ ،‬والعالم قريمة واحدة‪،‬‬

‫‪ - 130‬العولمة ‪ :‬الحقيقة والبعاد‪ -‬مصدر سابق‪.-‬‬


‫‪ - 131‬انظر مجلة المشاهد السياسي عدد ‪ 11 ، 108‬نيسان ‪1998‬م‪ ،‬ص ‪. 36‬‬
‫‪ - 132‬فخ العولممة‪ -‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪.61‬‬
‫‪ - 133‬الصناعة العربية في مواجهة العولممة‪ ،‬د‪.‬زكي حنوش‪ ،‬عدد ‪ ،99‬جمادى الولى ‪1420‬هم ص ‪.13‬‬

‫‪52‬‬
‫والتبعية السياسية‪ ،‬وتجاوز الدولة القومية‪ ،‬ونشر القيم الستهلكية‪ ،‬مع الجنس والعنف‬
‫(‪)134‬‬
‫والجريمة المنظمة‪.‬‬
‫* لقد غدا العالم الذي خضع للعولمة‪ ،‬بدون دولة‪ ،‬بدون أمة‪ ،‬بدون وطن لنه حوّل هذا‬
‫العالم إلى عالم المؤسمسات والشبكات‪ ،‬وعالم الفاعليمن والمسميرين‪،‬وعالم آخمر‪،‬همم‬
‫المسمممممممممممممممممممممتهلكون للمأكولت والمعلبات والمشروبات‬
‫والصمور‪،‬والمعلومات‪،‬والحركات‪،‬والسمكنات التمي تفرض عليهمم‪.‬أمما وطنهمم فهمو‬
‫السميبرسبيس‪ :‬أي (الواقمع الفتراضمي الذي نشمأ فمي رحاب شبكمة المعلومات الدوليمة‬
‫وسائر وسائل التصال‪ ،‬ويحتوي القتصاد والسياسة والثقافة)‪)135(.‬‬
‫يقول أحمد الكتاب الفرنسميين عمن النظام الرأسممالي المريكمي‪" :‬فكلمما ازداد هذا النظام‬
‫الرأسمالي الجشع إمعانا وانتشارا للعولمة ازدادت النتفاضات والحروب العرقية والقبلية‬
‫والعنصرية والدينية للتفتيش عن الهوية القومية في المستقبل‪ .‬وكلما َت َفشّت المعلوماتية‬
‫والجهزة التلفزيونيمة والسملكية واللسملكية‪ ،‬تكبّلت اليدي بقيود العبوديمة‪ ،‬وازدادت‬
‫مظاهمر الوحدة والنعزال والخوف والهلع دون عائلة ول قمبيلة ول وطمن‪ .‬وكلمما ازداد‬
‫معدل الحياة سوف تزداد وسائل القتل‪،‬وكلما ازدادت وسائل الرفاهية سوف تزداد أكثر‬
‫فأكثر جرائم البربرية‪ ،‬العبودية"‪)136(.‬‬
‫وسائل العولمة‪-:‬‬
‫لجأت القوى الرأسممالية الغربيمة وعلى رأسمها الوليات المتحدة المريكيمة إلى الوسمائل‬
‫التالية من أجل تحقيق الهداف المنشودة من وراء العولمة‪.‬‬
‫‪ -1‬إنشاء التكتلت والمنظمات القت صادية والتجار ية ال تي تمرّر من خلل ها ال سياسات‬
‫والملءات ل صالح العول مة‪ ،‬و من ذلك اتفاق ية الجات" (التفاق ية العا مة للتجارة والتعر فة‬
‫الجمركيمة) "أعضاؤهما ‪ 117‬دولة‪،‬وتكتمل "النافتما" المكون من كندا وأمريكما والمكسميك‪،‬‬
‫‪ - 134‬ما العولممة ‪ :‬محمد جلل العظم – حسن حنفي ص ‪.17‬‬
‫‪ - 135‬قضايا في الفكر العربي المعاصر‪ :‬د‪.‬محمد عابد الجابري‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪1997،‬م‪،‬ص ‪.148‬‬
‫‪ - 136‬ما العولممة ‪ :‬محمد جلل العظم – حسن حنفي‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪53‬‬
‫والسموق الوربيمة المشتركمة و"إيباك" المكون ممن دول "النافتما" واسمتراليا ونيوزلندة‬
‫واليابان وإندوني سيا وماليز يا‪،‬ومنظ مة التجارة العالم ية ال تي تنت مي إلي ها كث ير من دول‬
‫العالم‪)137(.‬‬
‫‪-2‬ا ستخدام الشرع ية الدول ية الزائ فة و عبر ا ستغلل ال مم المتحدة‪" .‬و من أبرز و سائل‬
‫العولممة المريكيمة‪:‬إنشاء منظممة الممم المتحدة‪ ،‬وأجهزتهما السمياسية والماليمة والثقافيمة‬
‫كالبنك الدولي‪،‬ومنظمة اليونسكو ومنظمة حقوق النسان‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وكلها تخضع للتوجيه‬
‫ن من أهداف إنشاء ال مم المتحدة هو‬
‫المري كي الوا ضح أو الم ستتر‪ ،‬و قد و ضح الن أ ّ‬
‫منع قيام المحاور الجديدة‪ ،‬بدعوى الحفاظ على السلم والستقرار الدولييْن‪ ،‬أما الغرض‬
‫الحقي قي ف هو تنف يذ ال سياسة المريك ية‪ ،‬وكان أول البراه ين على ذلك‪ :‬ول ما يم ضِ على‬
‫إنشاء المنظمة سوى بضع سنين ‪ -‬إصدار قرار تقسيم (فِلسطين) بإنشاء الدولة العبرية‬
‫خلفا لمن طق العدالة والتار يخ ‪1947‬م‪ ،‬ث مّ الهجوم المري كي على كور يا الشمال ية ت حت‬
‫أعلم الممم المتحدة (‪ )1950‬ول تزال الممم المتحدة‪-‬حتمى اليوم‪ -‬تقوم بدور الغطاء‬
‫الدولي لسياسات الوليات المتحدة في مهاجمة الدول الصغيرة‪ ،‬أو فرض الحصار عليها‬
‫لتفه السباب وحين تحاول الكتل الدولية أو القليمية أن تعيد منظمة المم المتحدة إلى‬
‫الدور الذي حدده ميثاقها المعلَن تبادر الوليات المتحدة إلى استخدام حق النقض‪ ،‬وإبطال‬
‫أي قرار ل تر ضى ع نه‪ ،‬وخ صوصا في ما يتعلق بإ سرائيل‪ ،‬وي ساعدها على ذلك وجود‬
‫مقر المنظمة الدولية وأكثر المؤسسات المعاوِنة على الراضي المريكية‪ ،‬وقد أشهرت‬
‫الوليات المتحدة سملح التهديمد عنمد أول مبادرة اسمتقللية ممن جانمب الممم المتحدة ؛‬
‫فقلّصت اشتراكاتها المالية لسنوات طويلة‪ ،‬أما اليونسكو فقد حرصت علي أن تغطي هذه‬
‫المؤسسة الجانب الثقافي من المخطط المريكي وحين حاول مديرها العام السنغالي أحمد‬
‫مختار أمبو أن يسلك طريقا محايدا في مسألة (إسرائيل) والقدس أوقفت دفع اشتراكاتها‬

‫‪ - 137‬لقد فصل الحديمث عن المنظمات والتكتلت القتصادية العالمية د‪ .‬حسين شحاته في كتابه "النظام القتصادي العالمي واتفاقية الجات" دار‬
‫البشير للثقافة والعلوم ‪ ،‬طنطا ‪1998‬م ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫ثمم عملت على إخراجمه ممن المنظممة"‪،‬وممن مؤسمسات‬
‫السمنوية لحراج المديمر العام‪ّ ،‬‬
‫الماليمة‪ :‬منظممة الممم المتحدة صمندوق النقمد الدولي والبنمك الدولي للنشاء والتعميمر‪،‬‬
‫ومهمته ما فرض وتنف يذ الملءات والقرارات ال سياسية والقت صادية ال تي ت ضر بالدول‬
‫والشعوب وتحقق المصالح العليا لمريكا وحلفائها‪)138(.‬فالمؤسسات الدولية مثل صندوق‬
‫النقد الدولي والبنك الدولي تضغط جاهدة على دول العالم الثالث لكي تلغي الحواجز في‬
‫وجه التجارة الدولية‪ ،‬والتركيز على الستيراد بدل من النتاج المحلي‪)139(.‬‬
‫‪ -3‬تقديمم الدعمم القتصمادي والمعنوي للنظممة والحكومات المعاديمة للسملم‪ ،‬فرض‬
‫سياسة الحصار والتجويع على النظمة المتمردة على الرادة المريكية‪،‬أو النظمة التي‬
‫ت سعى إلى اتخاذ ال سلم منهجا وشريعةً للحياة‪ .‬ا ستخدم العقوبات الدول ية ال تي تفرض ها‬
‫أمريكا‪ -‬من خلل المم المتحدة‪ -‬طبقا لمعاييرها الخاصة التي تحقق أهداف العولمة‪.‬‬
‫‪ -4‬تقييد الحكومات في العالم السلمي بالتفاقيات المجحفة الظالمة كاتفاقية منع انتشار‬
‫السلحة النووية والكيماوية في الوقت الذي يسمح فيه لليهود ومن على شاكلتهم بامتلك‬
‫تلك السلحة وتطويرها‪.‬‬
‫‪ -5‬تسخير القوى العلمانية الداخلية من الكتاب ورجال العلم والتربية لصالح العولمة‬
‫والستفادة من جهود المستشرقين وقادة الغزو الفكري‪.‬‬
‫‪ -6‬ك تم ال صوت ال سلمي الم عبر عن آمال ال مة وتطلعات ها في الحر ية وال ستقلل‬
‫وعدم التبعية للسيطرة الغربية‪.‬‬
‫‪ -7‬الكثار ممن المنظمات والجمعيات والمؤسمسات الخدماتيمة الهليمة ذات الهداف‬
‫اللدينية ودعمها ماليا ومعنويا‪.‬‬

‫‪ - 138‬انظمر السملم والعولممة ‪ ،‬ص ‪ ، 150‬العولممة ‪ ،‬محممد سمعيد أبمو زعرور ‪ ،‬ص ‪ ، 42‬ممن الملحمظ أن العولممة ترتكمز اقتصمادياً على ثلث‬
‫ركائز هي‪-:‬مم‬
‫(‪ )1‬النظام النقدي العالمي ويشرف عليه صندوق النقد الدولي ‪.‬‬
‫(‪ )2‬النظام الستثماري العالمي بإشراف البنك الدولي ‪.‬‬
‫(‪ )3‬النظام التجاري العالمي بإشراف وإدارة منظمة التجارة العالمية والتي تعمل بالتنسيق مع الشركات الكبرى العابرة للقوميات ‪.‬‬
‫‪ -139‬الشباب المسلم والعولمة‪ :‬كامل الشريف‪ -‬مصدر سابق‪. -‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -8‬إحلل الثقافممة الغربيممة مممن خلل نشممر اللغممة النجليزيممة‪ ،‬مممن خلل‬
‫الزياء‪،‬والمأكولت‪،‬والمنتجات الغرب ية‪ ،‬وإقا مة المطا عم المريك ية (ماكدونالدز) وإقا مة‬
‫شركات إنتاج المواد الغذائيمة المريكيمة وممن أمثلتهما شركمة (كوكما كول) للمشروبات‬
‫الغازية‪.‬‬
‫‪ -9‬اسمتخدام وسمائل الدعايمة والعلم وشبكات التصمال الحديثمة‪ :‬كالقمار الصمناعية‪،‬‬
‫والقنوات الفضائية‪ ،‬وشاشات الحاسوب ‪،‬لحداث التغيرات المطلوبة لعولمة العالم‪)140( .‬‬
‫يقول العالم المريكي المعروف ناعوم تشومسكي‪" :‬إ نّ العولمة الثقافية ليست سوى نقلة‬
‫نوعيمة فمي تاريمخ العلم‪ ،‬تعزز سميطرة المركمز المريكمي على الطراف‪ ،‬أي على‬
‫أنم ‪ %65‬ممن مجممل المواد والمنتجات‬
‫إنم هيمنمة أمريكما ناتجمة ممن ّ‬
‫العالم كله"‪ّ )141(.‬‬
‫العلمية والعلنية والثقافية والترفيهية تحت سيطرتها‪ ،‬ومن إنتاجها‪ .‬هذا المر الذي‬
‫أدّى إلى تو جس ب عض الدول الغرب ية وخوف ها على أجيال ها‪ .‬إ نّ طغيان العلم والثقا فة‬
‫المريكيت ين في القنوات الفضائ ية د فع وز ير العدل الفرن سي جاك كوبون أن يقول‪" :‬إ نّ‬
‫شبكمة المعلومات الدوليمة بالوضمع الحالي شكمل جديمد ممن أشكال السمتعمار‪ ،‬وإذا لم‬
‫نتحرك فأسملوب حياتنما فمي خطمر‪ ،‬وهناك إجماع فرنسمي على اتخاذ كمل الجراءات‬
‫الكفيلة لحما ية الل غة الفرن سية والثقا فة الفرن سية من التأث ير المري كي"(‪.)142‬ك ما ها جم‬
‫وز ير الثقا فة الفرن سي هجوما قويا أمري كا في اجتماع اليون سكو بالمك سيك وقال‪ ":‬إنّي‬
‫أستغرب أن تكون الدول ال تي علّمت الشعوب قدرا كبيرا من الحرية ودعت إلى الثورة‬
‫على الطغيان هي التي تحاول أن تفرض ثقافة شمولية وحيدة على العالم أجمع‪ .‬ث ّم قال‪:‬‬
‫إ نّ هذا ش كل من أشكال المبريال ية المال ية والفكر ية‪،‬ل يح تل الرا ضي‪ ،‬ول كن ت صادر‬
‫الضمائر‪ ،‬ومناهج التفكير واختلف أنماط العيش"‪ )143(.‬وتبعا لهذه السياسة قررت فرنسا‬

‫‪ - 140‬السلم والعولمة ‪ ،‬ص ‪ ، 98-97‬العولمة ‪ ،‬محمد سعيد أبو زعرور ‪ ،‬ص ‪. 42‬‬
‫‪ - 141‬العولممة بين منظورين‪ ،‬البيان‪ -‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪.125‬‬
‫‪ - 142‬مستقبل العولممة بين منظورين‪ :‬المستقبل العربي‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 143‬المصدر‪ -‬نفسه‪ -‬ص‪50.‬‬

‫‪56‬‬
‫أن تكون نسمبة الفلم الفرنسمية المعروضمة باللغمة الفرنسمية فمي التلفاز الفرنسمي ‪6‬‬
‫‪ )144(.%0‬وفمي المقاطعات الكنديمة بلغمت الهيمنمة المريكيمة فمي مجال تدفمق البراممج‬
‫العلمية والتلفاز إلى حد دعا مجموعة من الخبراء إلى التنبيه إلى أن الطفال الكنديين‪،‬‬
‫أصبحوا ل يدركون أنّهم كنديون لكثرة ما يشاهدون من برامج أمريكية‪)145(.‬‬
‫‪ -10‬التوسمع فمي قبول الطلب الجانمب فمي الجامعات والمعاهمد الغربيمة ففمي أمريكما‬
‫وحدها أك ثر من عشر ين ألف جام عة ومع هد مهمتها القيام بالبرا مج الثقاف ية ال تي تر سخ‬
‫لديهم الثقافة الغربية‪،‬وتستخدمهم وسائل للعولمة‪.‬‬
‫‪ -11‬اسمتخدام مما يسممى بالديمقراطيمة وحقوق النسمان واعتبارات الحياة المعاصمرة‬
‫ومواث يق ال مم المتح مدة في محار بة منظو مة الق يم والخلق والتشريعات ال سائدة في‬
‫المجتمعات السلمية‪.‬‬
‫‪ -12‬المؤتمرات القتصمادية‪ ،‬ومؤتمرات التنميمة والسمكان‪ ،‬التمي تعقمد فمي كافمة دول‬
‫العالم‪ ،‬واستخدامها للترويج لثقافة وفكرة العولمة‪.‬‬
‫‪ -13‬تنظ يم المهرجانات الفن ية الغنائ ية والمو سيقية واللقاءات الشباب ية ال تي تشترك في ها‬
‫فرق ووفود من كل أنحاء العالم‪.‬‬
‫‪ -14‬اسمتغلل المرأة عمبر دعوات لتحقيمق المسماواة بينهما وبيمن الرجمل وسمن قوانيمن‬
‫عالمية بحجة حماية حقوق المرأة‪.‬‬
‫‪ -15‬سمياسة السموق وفتمح المجال أمام الشركات المريكيمة والشركات الكمبرى متعددة‬
‫الجنسميات للقيام بالسمتثمار غيمر المباشمر فمي دول العالم والعتماد على خوصمصة‬
‫الشركات والمؤسسات القتصادية والخدماتية الوطنية والحكومية‪ ،‬أي نزع ملكية الوطن‬
‫والممة والدولة لهما‪ ،‬ونقلهما للخواص ممن الداخمل والخارج‪ ،‬لضعاف سملطة الدولة‬
‫والتخفيف من حضورها لصالح ظاهرة العولمة‪ ،‬ومن ث ّم إحداث هزات مالية في أسواق‬

‫‪ - 144‬العولمة والهوية‪ :‬نجيب غزاوي‪ ،‬ص ‪ ،46‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ - 145‬مستقبل العولممة بين منظورين‪ :‬المستقبل العربي‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪57‬‬
‫العالم‪ ،‬وفتمح السمواق المحليمة أمام السملع ورؤوس الموال والمعلومات الوافدة‪ ،‬وهدم‬
‫ال سوار الجمرك ية والقيود أمام التجارة الدول ية‪،‬وعدم إعطاء الد عم لب عض ال سلع بح جة‬
‫أن ذلك ي ضر التنم ية‪ ،‬وت سريح الجيوش أو ال حد من أعداد ها وخو صصة القطاع العام‪،‬‬
‫وتخلي الدولة عمن دورهما فمي إدارة اقتصمادها وحمايتمه وفمق رؤيتهما ومصمالحها‬
‫الخاصة‪)146(.‬‬

‫من وراء العولمة؟؟‬


‫هناك تساؤل كبير يحتاج إلى إجابة قاطعة وهو‪ :‬من وراء العولمة؟؟‬
‫وللجابة على هذا السؤال يمكن أن يقال هناك جوابان ‪:‬‬
‫الول‪ :‬يقول الدكتور مصطفى رجب (‪ " :)147‬إنّه على الرغم من أن هذا السؤال يشيرم‬
‫بصمورة غيمر مباشرة ‪ -‬إلى طرف خفمي همو الوليات المتحدة المريكيمة باعتبارهما‬
‫تحتل‪ -‬في هذه المرحلة التاريخية من مراحل تطور النظام العالم‪-‬مركز الصدارة‪ .‬كما‬
‫أنها تمثل الدولة العظمى الوحيدة التي تنفرد بالتفوق العسكري والذي يسمح لها بالتدخل‬
‫في مختلف أرجاء المعمورة‪,‬إل أنها ليست الدولة التي تقود العولمة‪.‬والصح إ نّ العولمة‬
‫تدار من خلل ال سياسات القت صاديةوالتفاعلت المال ية‪،‬والضغوط ال سياسية لمجمو عة‬
‫ل وشركات ومؤ سسات دول ية‪ .‬أمّا‬
‫متنو عة من الفاعل ين‪.‬وهؤلء الفاعلون يضمون دو ً‬
‫الدول ف هي الدول المتقد مة ال تي و صل في ها التطور التكنولو جي إلى ذراه‪،‬و في مقدمت ها‬

‫‪ - 146‬العولمة ‪ ،‬د‪ .‬جلل أمين ص ‪ ، 28-27‬العولمة ‪ ،‬محمد سعيد أبو زعرور ص ‪ 49 ،45-44‬الوطنية في عالم بل هوية ‪ -‬تحديات العولمة ‪-‬‬
‫مرجع سابق ‪ -‬ص ‪ ، 74‬العولمة وآليات التهميش في الثقافة العربية ‪ -‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪14‬‬
‫‪ - 147‬مخاطر العولمة على المجتمعات العربية ‪ :‬أ‪.‬د مصطفى رجب‪ ،‬مجلة البيان‪2000 /13/10 ،‬م‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫بطبيعمة الحال الوليات المتحدة المريكيمة واليابان وألمانيما والتحاد الوروبمي باعتباره‬
‫كتلة واحدة‪ ,‬أمّا الشركات فهمي الشركات دوليمة النشاط التمي برزت قوتهما القتصمادية‬
‫الكاسمحة حوالي السمتينيات‪ ،‬ووصملت الن إلى السميطرة على نسمبة عاليمة ممن الدخمل‬
‫القومي العالمي‪.‬‬
‫وهناك أخيرا المؤسيسات الدوليية الكيبرى أبرزهيا البنيك الدولي وصيندوق النقيد‬
‫الدولي‪,‬وأخيرا أحدث هذه المؤ سسات‪:‬وهيمنظ مة التجارة الدول ية‪ ,‬ويم كن القول إ نّ هذه‬
‫المنظممة الخيرة التمي تأسمست حديثما وكانمت نتاج تطور محادثات اتفاقيمة الجات التمي‬
‫استمرت عقودا ستلعب الدور الحاسم في مجال العولمة القتصادية في المستقبل القريب‪,‬‬
‫بح كم سياساتها المعل نة و هي حر ية التجارة‪ ,‬و في ضوء الليات القانون ية الملز مة للدول‬
‫التمي وقعمت على معاهدتهما‪ ,‬والتمي تتضممن جزاءات اقتصمادية رادعمة لممن يخالف‬
‫قواعدها"‪.‬‬
‫الثاني‪:‬يرى أ نّ الصهيونية العالمية مؤسسة الماسونية هي وراء العولمة والدلة التي‬
‫يسوقونها هي‪:‬‬
‫‪ -1‬ل قد لع بت ال صهيونية دور ها في الوليات المتحدة المريك ية‪ ،‬وا ستطاع اليهود في‬
‫مطلع القرن العشر ين ‪-‬ول يزالون‪ -‬أن ي سيطروا على القرار ال سياسي في تلك الدولة‪،‬‬
‫وأصمبح الزعماء السمياسيون يخشون سملطان الصمهيونية التمي تسمتطيع إسمقاطهم عمن‬
‫كراسميهم لقدرتهما على نشمر الفضائح والشاعات عمبر دور الدعايمة والعلن ووسمائل‬
‫العلم التي يسيطر عليها اليهود ولذا فإن كل من يفكر في الوصول إلى البيت البيض‬
‫يجب عليه أن يسترضي اليهود ويخضع لبتزازاتهم‪ ،‬وينحني صاغرا أمام الصهيونية‪،‬‬
‫وإذا كانت مؤسسات المم المتحدة من أهم الوسائل التي تستخدمها الوليات المتحدة في‬
‫العولمة‪ ،‬فأنا نجد اليهود قد استطاعوا السيطرة على المم المتحدة منذ إنشائها‪ ،‬وتغلغلوا‬
‫إلى معظمم مؤسمساتها ودوائرهما ومكاتبهما المختلفمة‪ ،‬يقول الكاتمب المريكمي دوجلس‬

‫‪59‬‬
‫ويد‪(:‬إ نّ رؤساء أمريكا ومن يعملون معهم ينحنون أمام الصهيونية كما لو كانوا ينحنون‬
‫أمام ضر يح له قدا سته)‪ )148(،‬بل تمكّن ب عض اليهود من الو صول إلى رئا سة الوليات‬
‫المتحدة المريكية‪)149(.‬‬
‫ل قد ا ستطاع اليهود أن ي سيطروا على مع ظم المؤ سسات القت صادية ف من شركات‬
‫البترول إلى الشركات الصمناعية والبنوك والبورصمة وسميطروا على العلم ووسمائله‬
‫المختلفة وأسسوا دور السينما وصناعة الفلم وتولوا أماكن الصدارة في مجلس الشيوخ‬
‫والنواب‪ ،‬وعملوا كمستشارين للرؤساء المريكيين في الشؤون المالية والسياسية والمنية‬
‫ول قد م كن ل هم ب عض الرؤ ساء المريكان اليهود أ صلً أمثال‪ -‬روزفلت ‪ -‬من ال سيطرة‬
‫على اقتصماديات البلد ومواردهما‪ ،‬والوصمول إلى الوظائف العاممة فمي وزارات الدفاع‬
‫والخارجية والقتصاد والمخابرات‪.‬‬
‫وفي عهد الرئيس كلنتون سيطر اليهود على القرار السياسي والقتصادي والمالي‬
‫والشؤون المنيمة فمي الوليات المتحدة المريكيمة وكمما همو معلوم فإن سمبعة أعضاء‬
‫تبوءوا أعلى مراكمز الصمدارة فمي البيمت البيمض‪ ،‬وكانوا يرسممون السمياسة الداخليمة‬
‫والخارج ية لمري كا‪ ،‬خم سة من هم من اليهود‪ ،‬و من هؤلء ال سيدة مادل ين أولبرا يت في‬
‫وزارة الخارجيمة‪ ،‬ووليمم كوهيمن فمي وزارة الدفاع‪ ،‬وسماندي بيرغمر مسمتشار الرئيمس‬
‫كلنتون لشئون المن القومي‪.‬‬
‫‪ -2‬ل قد ا ستطاع اليهود أن يتغلغلوا في عقل ية الش عب المري كي وأن يغزوه في عقيد ته‬
‫الدينيمة‪ ،‬حيمت اسمتغلوا المجاممع الكنسمية والمؤتمرات الدينيمة ووضعوا التفسميرات‬
‫والشروحات الدينية للعهد القديم‪ ،‬وتمكنوا من أن يجعلوا الرأي العام المريكي ينطلق من‬
‫المرتكزات الصهيونية في السياسة والفكر والدين‪.‬‬

‫‪ - 148‬وثيقة الصهيونية ‪ ،‬جو رجي كنعان ‪ ،‬دار اقرأ ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1985‬م ‪ ،‬ص ‪. 142‬‬
‫‪ - 149‬أمثال روزفلت وترومان وآيزنهاور ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ -3‬إن اليهوديمة العالميمة لهما نفوذ واضمح فمي كثيمر ممن الدول الوربيمة خاصمة فمي‬
‫بريطانيما وفرنسما وألمانيما‪ ،‬فهمم يسميطرون فمي هذه الدول على كثيمر ممن المؤسمسات‬
‫القت صادية كالبنوك والشركات ال صناعية والتجار ية والمنا جم وأ سهم شركات البترول‪،‬‬
‫وامتلكوا كثيرا من الصحف الكبرى التي تسير الرأي العام بل وتصنعه لصالح السياسة‬
‫الصهيونية العامة في الشرق الوسط‪.‬‬
‫‪ -4‬ولمّا أنشئت هيئة الممم المتحدة تغلغمل اليهود والماسمونيون إلى دوائرهما ومكاتبهما‬
‫المختلفة وبالتالي استغللها لتحقيق أهدافهم الشريرة في السيطرة على العالم‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫مك تب ال سكرتارية لهيئة ال مم المتحدة الذي هو أ هم شع بة في ها‪ ،‬ومرا كز ال ستعلمات‪،‬‬
‫وشع بة الق سام الداخل ية ومؤ سسة التغذ ية والزرا عة‪ ،‬ومؤ سسة التعل يم والثقا فة وال فن‬
‫"اليونسمكو" وبنمك العمار الدولي‪ ،‬وصمندوق النقمد الدولي‪ ،‬ومؤسمسة الصمحة العالميمة‬
‫ومؤسسة اللجئين الدولية‪ ،‬ومؤسسة التجارة الدولية‪)150(.‬‬
‫‪ -5‬ومن خلل درا سة الوثائق اليهودية يتبين للقارئ دور اليهودية العالم ية في صناعة‬
‫الحداث أو في استغللها لصالح مخططاتهم التي تستهدف السيطرة على العالم كله من‬
‫ن من أهداف الحر كة الما سونية ‪-‬ال تي‬
‫خلل تأ سيس جمهور ية ديمقراط ية عالم ية‪ .‬إذ أ ّ‬
‫أسسها ويديرها اليهود‪ -‬إقامة دولة عالمية ل دينية‪ ،‬وقد نص على ذلك الهدف المؤتمر‬
‫الماسوني العالمي المنعقد في باريس سنة ‪1900‬م‪)151( .‬‬
‫م اليهود وضعوا مخططاتهمم للسميطرة على العالم فيمما يسممى‬
‫‪ -6‬وممن المعلوم أن ّ‬
‫(بروتوكولت حكماء صهيون)‪ ،‬و من يدرس هذه البروتوكولت ي ستطيع أن يع قد وب كل‬
‫سهولة مقار نة دقي قة ب ين ما تضمن ته هذه البروتوكولت‪ ،‬و ما ي سود العالم من أوضاع‬
‫سمياسية واقتصمادية الن‪ ،‬فكمل وسمائل العولممة التمي سمبق ذكرهما قمد نصمت عليهما‬
‫البروتوكولت الربع والعشرون‪.‬وأكثر وسيلة ركزت عليها في الوصول إلى حكم العالم‬
‫‪ - 150‬أسرار الماسونية الجنرال جواد رفعت أتلخان ‪ ،‬الزهراء للعلم العربي ‪ -‬الطبعة الولى ‪1410‬هم ‪1990 -‬م ‪ ،‬ص ‪ ، 71-61‬وذكر في هذا‬
‫الكتاب أسماء اليهود ووظائفهم داخل مؤسسات هيئة المم المتحدة ‪.‬‬
‫‪ - 151‬أسرار الماسونية ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. 43‬‬

‫‪61‬‬
‫وجعله خاضعا لحكو مة واحدة‪ :‬النشاط القت صادي والتح كم في حر كة التجارة العالم ية‪،‬‬
‫وإيجاد أزمات اقت صادية عالم ية‪ ،‬وال سيطرة على مقدرات ال مم وموارد ها المال ية‪)152(.‬‬
‫وتحدثمت بروتوكولت حكماء صمهيون عمن المخطمط اليهودي لحكمم العالم ممن خلل‬
‫الحكو مة اليهود ية العالم ية وللو صول لهذا الهدف ل بد من ا ستغلل النشاط القت صادي‬
‫والصناعي والتجاري‪،‬وإتاحة الحرية لرأس المال لكي يصل إلى مرحلة سيادة الحتكار‬
‫في كل مجالت التجارة والصناعة‪،‬وتخريب القتصاد للحكومات والشعوب الخرى عن‬
‫طريق المضاربة والقروض وزيادة السعار للسلع الساسية الضرورية ولصناعة الرأي‬
‫العام لصالح اليهود ل بد من السيطرة على وسائل العلم‪.‬‬
‫‪ -7‬و من الوثائق اليهود ية القدي مة ال تي تك شف عن حقي قة مشروع العول مة وأنّه ض من‬
‫خ طة يهود ية هدف ها الهيم نة على العالم‪ ،‬ما نشر ته جمع ية "القباله" اليهود ية‪ .‬جاء في ها‪:‬‬
‫"وبفضل قرية السلم العامة التي جعلناها بمنزلة الصلة اليومية للنسانية جمعاء لكثرة‬
‫ما تحد ثت عن ها إذاعت نا سوف نح طم أع صاب البشر ية برمت ها‪ ،‬و سنركز جهد نا على‬
‫تذكير الناس بالهوال المرتقبة من الحروب لنرهبهم‪ ،‬ونجعلهم يلتمسون تجنبها مهما كان‬
‫الث من‪ ،‬عند ها سنخرج علي هم بفكرة الدولة العالم ية الواحدة‪ ،‬بح جة أن ها الو سيلة الفريدة‬
‫للحيلولة دون قيام الحرب‪ ،‬بينمما سميكون هدفنما الحقيقمي منهما التمهيمد لزالة الفوارق‬
‫العن صرية والدين ية لتن صرف الشعوب المعاد ية ل نا عن مراقبت نا‪ ،‬والتحري عن خفا يا‬
‫مناهجنا‪ ،‬ومن ثم إضعاف النزعات القومية والوطنية بين أفرادها‪ ،‬وليهامها بنبل مقاصد‬
‫دعوتنا سنروج لفكرة التعاون القتصادي بين الدول بحجة السعي لرفع مستوى الشعوب‬
‫المختل فة‪ ،‬و سنشجع الدول الرأ سمالية الخاض عة ل نا على م نح القروض للدول الخرى‪،‬‬
‫ولغفالهما عن مراقبت نا سنبادر إلى ال سهام بق سم من هذه القروض‪ ،‬و من المؤ كد أن‬
‫الدول ال كبرى ستلبي دعوت نا لتظ هر بمظ هر المح بة للخ ير والن سانية و من ج هة ثان ية‬

‫‪ - 152‬انظمر البروتوكولت ‪ :‬الرابمع ‪ -‬العشرون ‪ -‬الحادي والعشرون ‪ -‬الثانمي والعشرون مممن كتاب بروتوكولت حكماء صمهيون ترجممة محمممد‬
‫خليفة التونسي أو ترجمة أحمد عبد الغفور العطار أو ترجمة علي الجوهري ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫ح زعمها هذا فتكون‬
‫لتسيطر ‪-‬بزعمها‪ -‬على الدول التي ستتلقى منها القروض وإن ص ّ‬
‫في الوا قع قد أخض عت تلك الدول لمشيئت نا ب صورة غ ير مباشرة‪ ،‬باعتبار ها هي نف سها‬
‫خاض عة ل نا‪ ،‬وبهذه الطري قة سنوزع ما تب قى من الثروات في حوزة الشعوب الخرى‪،‬‬
‫ي أمل في تحقيق الغاية القتصادية المرجوّة من هذا التوزيع على العالم"‪.)153(.‬‬
‫دون أ ّ‬
‫إسرائيل والعولمة‪-:‬‬
‫"ول قد وجدت الدولة ال صهيونية في العول مة فر صتها‪ ،‬ف هي تحاول أن ت ستثني نف سها من‬
‫هذه الميزة فهمي تبدي السمياسات العكسمية تماما‪ .‬فالدولة الصمهيونية طرحمت تصمورها‬
‫الخاص للعولمة‪ ،‬وتحاول فرضه على الدول المحيطة بها‪،‬وهو تصور "الشرق أوسطية"‬
‫فهذا المشروع الذي روج له الكيان الصهيوني هو عولمة مصغر"‪)154(.‬‬
‫لم تن صاع إ سرائيل إلى تيار العول مة الذي اكت سح دول العالم ال سلمي‪،‬ف ما زالت‬
‫إ سرائيل كدولة تتد خل في القت صاد والمجت مع وتتم سك بقوت ها الع سكرية وتع مل على‬
‫تنميت ها‪ ،‬وزيادت ها عددا وعتادا وتر فض بشدة و قف أي نشاط وتقدم في عمل ية الت سلح‪،‬‬
‫وتر فض بشدة التوق يع على اتفاقيات م نع ال سلح النووي وال سلحة الكيماو ية‪ ،‬و هي ل‬
‫تتل قى التوجيهات من صندوق الن قد الدولي و من الب نك الدولي للنشاء والتعم ير‪ ،‬كشأن‬
‫كثير من دول العالم‪ ،‬ويخضع القطاع الخاص في مجالي القتصاد والصناعة ونحوهما‬
‫باستمرار للعتبارات التي تمليها مصالح الدولة العليا ول تسمح بتجاوزها‪.‬‬
‫وتطرح إسييرائيل تصممورها الخاص للعولمممة فيممما يعرف بمشروع الشرق‬
‫أو سطية(‪ )155‬وتروج له‪ )156(،‬وتحاول فر ضه على دول الشرق الو سط المحي طة ب ها‪.‬‬
‫وإذا كا نت هذه العول مة تع ني انتهاء ع صر اليديولوج يا (الد ين والعقيدة) والنفتاح على‬

‫‪ - 153‬مكائد يهودية ‪ ،‬عبد الرحمن حسن الميداني ‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬بيروت ‪ -‬دمشق ص ‪. 447-437‬‬
‫‪ - 154‬سيار الجميل‪" ،‬العولمة الجديدة والمجال الحيوي للشرق الوسط‪ ،‬بيروت‪ ،1997،‬ص ‪.94‬‬
‫‪ - 155‬المفهوم المريكي للشرق الوسط فقد حدده وزير خارجيتها بالمنطقة الواقعة بين ليبيريا غربا وباكستان شرقا وتركيا شمال وشبه الجزيرة‬
‫العربية جنوبا أما المفهوم السرائيلي فيشمل إسرائيل والردن وسوريا ومصر والعراق وتركيا وإيران وباكستان بالضافة إلى دول الخليج‪.‬‬
‫‪ -156‬الشرق أوسمطية‪:‬صمهيونية المنشمأ‪ ،‬إسمرائيلية التخطيمط والتنظيمم‪ ،‬ولمصملحة إسمرائيل ويهود العالم بالدرجمة الولى والدول الغربيمة بالدرجمة‬
‫الثانية‪ ،‬وعلى حساب الوطن والمواطن العربي‪ .‬تبنتها الوليات المتحدة المريكية وسوقتها للدول الوروبية وحملت العديد من الدول العربية على‬
‫الموافقة عليها ‪.‬انظر الدكتور غازي حسين‪،‬الشرق أوسطية‪ -‬إسرائيل عظمى‪ -‬طبعة ‪1995‬م ص ‪.3‬‬

‫‪63‬‬
‫الخر وعدم التمسك بالولء للوطن أو المة‪ ،‬فإن إسرائيل تتمسك بأيديولوجيتها وترفض‬
‫النفتاح على ال خر والتفا عل م عه‪ ،‬بل تر يد من ال خر النفتاح علي ها لتع مل هي على‬
‫التأثير فيه وفق مصالحها ومخططاتها الستراتيجية المستقبلية‪ .‬وتتمسك بالولء التقليدي‬
‫للو طن (إ سرائيل)‪،‬وال مة(اليهود ش عب ال المختار) وتمارس الحروب با ستمرار لثبات‬
‫سمطوتها وفرض هيمنتهما فمي المنطقمة وتتلقمى الدعمم المادي والسمياسي ممن القوى‬
‫الستعمارية الغربية‪)157(.‬‬
‫إني إسيرائيل تسمعى جادة لعولممة الشرق الوسمط لحسمابها الخاص ولقمد طرح‬
‫ّ‬
‫شمعون بيرز رئ يس الوزراء ال سرائيلي ال سابق مشروع الشرق الو سطية‪ ،‬وفكرة هذا‬
‫المشروع قديممة إذ طرحهما المريكان كمما يذهمب جورج المصمري‪-‬الباحمث بالمركمز‬
‫العربي للبحاث الستراتيجية بمصر‪ -‬حيث وضّح ذلك فقال ‪":‬ويتضح ملمح المشروع‬
‫الشرق أوسمطي ممن الوثيقمة التمي أعدتهما وكالة التنميمة المريكيمة فمي الثمانينات تحمت‬
‫عنوان (دور التعاون القليمي في الشرق الوسط)وقدمتها إلى الكونجرس وشاركت في‬
‫إعدادها ثماني وزارات‪ ،‬وعشرة مراكز أبحاث‪ ،‬في مقدمتها الكاديمية المريكية للعلوم‪،‬‬
‫وأكدّت الوثيقمة على أهميمة العممل لبناء تعاون إقليممي فمي الشرق الوسمط يقوم على‬
‫مرتكز ين جغرا في واقت صادي‪،‬كبد يل عن التعاون القلي مي المب ني على أ ساس قو مي‬
‫سياسي(القوم ية العرب ية)‪،‬ويش مل ما سبق اعتراف العرب بإ سرائيل ودمج ها في النظام‬
‫القلي مي للمنط قة‪ .‬و من ناح ية الب عد الجغرا في تت جه الوثي قة إلى التأك يد على قيام بن ية‬
‫إقليمية‪ ،‬تضم دول المشرق العربي بجانب إسرائيل وتركيا"‪ )158(.‬ومشروع بيرز للعولمة‬
‫ن النسان العربي إنسان اقتصادي مستهلك وأيدي عاملة‪ ،‬وأ نّ النسان‬
‫يستند إلى فكرة أ ّ‬
‫ال سرائيلي إن سان اقت صادي مف كر ومن تج‪ .‬ول قد صرح شمعون بيرز بأفكاره في عول مة‬
‫المنطقة لحساب إسرائيل في كثير من الندوات واللقاءات القليمية والدولية‪ ،‬ففي لقائه مع‬

‫‪ - 157‬العولمة ‪ ،‬د‪ .‬جلل أمين ص ‪ ، 30-29‬العولمة ‪ ،‬محمد سعيد أبو زعرور ص ‪. 51-50‬‬
‫‪ - 158‬مقالة في مجلة التعاون الصادرة عن الشئون العلمية بالمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي‪،‬العدد الثالث والربعون ‪1996‬م ص ‪.167‬‬

‫‪64‬‬
‫المثقفين المصريين قال بيرز‪" :‬إ نّ الشعب اليهودي يريد فقط أن يشتري ويبيع ويستهلك‬
‫وين تج‪ ،‬وعظمة إ سرائيل تك من في عظ مة أ سواقها"‪ .‬فال سوق في ن ظر بيرز هو المعيار‬
‫الساسي وهو المكان الذي نتبادل فيه السلع والفكار‪ )159(،‬ولما كان معلوما أن إسرائيل‬
‫تتفوق على جيرانها في استخدام التقنية الجدية في النتاج فمعنى ذلك أ نّ بيرز يريد من‬
‫السواق العربية أن تصبح أسواقا استهلكية للسلع والمنتوجات السرائيلية وما يصاحبها‬
‫من ثقا فة وف كر صهيوني‪ ،‬ير يد أن يت سلل من خلل ها إلى ح صون وقلع الم سلمين في‬
‫عقر دارهم‪.‬‬
‫وأفكار عولممة الشرق الوسمط ليسمت وليدة أفكار جديدة لشمعون بيرز‪ ،‬وليسمت‬
‫نشأت ها مرتب طة بع قد اتفاقيات ال سلم مع إ سرائيل ال تي بدأت بمعاهدة كا مب ديف يد مع‬
‫م صر سنة ‪1979‬م‪ ،‬ث مّ باتفاق ية أو سلو مع منظ مة التحر ير واتفاق ية وادي عر بة مع‬
‫الردن‪ ،‬بمل تخيمل هرتزل فمي يومياتمه قيام كومنولث شرق أوسمطي يكون لدولة اليهود‬
‫فيمه شان قيادي فاعمل ودور اقتصمادي قائد‪ .‬ووضمع الصمهاينة فمي مطلع الربعينات‬
‫مذكرات ودرا سات حول الشرق أو سطية وأنجزوا في عا مي ‪1942 -1941‬م مشرو عا‬
‫صهيونيا يد مج فل سطين بأ سرها في نظام إقلي مي شرق أو سطي يح قق لليهود ال سيطرة‬
‫على فلسطين وبقية بلدان المشرق العربي‪)160(.‬‬
‫وظهرت الشرق أوسيطية كفكرة إسمرائيلية فمي وثيقمة أصمدرها اتحاد اليهود بتاريمخ‬
‫‪ 28/3/1948‬وتضمنمت التصماق فلسمطين فمي اتحاد شرق أوسمطي واسمع"‪ )161(.‬وأيضا‬
‫نشأت أفكار العولمة السرائيلية منذ أكثر من ثلثين سنة من خلل دراسات علمية جادة‬
‫قام بها الخبراء السرائيليون في المجالت العسكرية والقتصادية والعلمية ومن أهمها‪:‬‬
‫‪-‬أولً‪:‬الدراسات المستقبلية‪-:‬‬

‫‪ - 159‬السلم والعولمة ‪ ،‬محمد المبروك ص ‪. 88‬‬


‫‪ - 160‬الشرق أوسطية‪ -‬إسرائيل عظمى‪ -‬الدكتور غازي حسين‪ :‬طبعة ‪1995‬م ص ‪ .3‬الدكتور‪ :‬يوميات هرتزل‪ :‬أنيس صايغ ‪،‬طبعة ‪1968‬م ص‬
‫‪.209‬‬
‫‪ - 161‬المصدر السابق ص ‪. 9 -8‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ -1‬دراسية الشرق الوسيط عام ‪2000‬م‪ :‬أصمدرتها رابطمة السملم فمي تمل أبيمب سمنة‬
‫‪1970‬م‪ ،‬وتتض من ت صور مجمو عة من الكاديمي ين والمفكر ين ال سرائيليين للحياة في‬
‫منطقة الشرق الوسط في نهاية القرن‪ ،‬انطلقا من فرضية إحلل السلم القتصادي في‬
‫المنطقة‪ ،‬ويترتب على ذلك‪ :‬إزالة العوائق والحدود بين إسرائيل والدول العربية‪،‬وحرية‬
‫انتقال السلع والخدمات وعناصر النتاج سواء من خلل سوق مشتركة للشرق الوسط‪،‬‬
‫أم سوق مشتر كة لدول الب حر المتو سط ت ضم إ سرائيل والدول العرب ية والدول الورب ية‬
‫المطلة على البحر المتوسط‪،‬على أن تستحوذ إسرائيل على النصيب الكبر في إدارة هذه‬
‫السموق‪ ،‬وأن تكون قلب المنطقمة ومركمز إدارتهما وأسماس تطورهما القتصمادي‬
‫والتكنولوجي‪،‬وفي مجال البحوث العلمية‪ ،‬واقترحت الدراسة إقامة المجمّعات الصناعية‬
‫بين إسرائيل ودول الجوار العربي‪.‬‬
‫‪ -2‬دراسية لمعهيد "هورفينمز للسملم" نشرت عام ‪1972‬م تناولت الوضاع القتصمادية‬
‫في إ سرائيل والعالم العر بي في ال سبعينات‪ ،‬وذكرت فرضيات لقوة إ سرائيل القت صادية‬
‫المستقبلية‪.‬‬
‫‪1978‬م بعنوان عندمما "يأتمي‬ ‫‪ -3‬دراسمة أعدهما معهمد "فان ليمر" فمي القدس عام‬
‫السلم‪..‬الحتمالت والمخاطر" شارك في إعدادها مجموعة مختارة من الباحثين والكتاب‬
‫فمي إسمرائيل ممن أصمحاب الخمبرات فمي مجال الدراسمات السمتراتيجية والسمياسية‬
‫والقتصادية والثقافية والعلمية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الدراسات التخطيطية‪:‬‬
‫مع تزايمد احتمالت السملم في المنطقمة وبخاصمة م نذ زيارة الرئيمس المصمري‬
‫الراحل أنور السادات انشغلت مراكز البحاث السرائيلية في الوزارات بإعداد عشرات‬
‫الدراسات التخطيطية حول علقة إسرائيل بالوطن العربي‪ .‬منها‪-:‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ -1‬دراسة أعدتها وزارة المالية وهي تطوير لبحوث "افرايم ديبرت" المستشار للوزارة‬
‫التي كان أعدها سنة ‪1970‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬دراسة من بنك إسرائيل بتطوير أبحاث "عيزر سيفر" التي أعدها من قبل‪.‬‬
‫‪ -3‬مشروعات ودراسمات أعدتهما وزارات الصمناعة والسمياحة والتجارة والطاقمة‬
‫والزراعة‪.‬‬
‫‪ -4‬مشروعات الجامعات ومراكز البحاث العلمية ومن أشهرها مشروع بحث التعاون‬
‫القتصادي في الشرق الوسط الذي أعدته جامعة تل أبيب‪.‬‬
‫وأهم المشروعات التي نالت أهمية خاصة‪-:‬‬
‫‪ -1‬مشروع مركز الرصاد التكنولوجي المتفرع عن دائرة القتصاد بجامعة تل أبيب‬
‫الذي بدأ العمل به في عام ‪1981‬م وهو يتناول مجالت الطاقة والمواصلت والصناعة‬
‫والمياه بالشرق الوسط‪.‬‬
‫‪ -2‬مشروع التعاون القتصمادي فمي الشرق الوسمط الذي يعرف بمم "مشروع مارشال‬
‫الخاص بشمعون بيرز"(‪ .)162‬و قد بدأت فكرة المشروع تظ هر للوجود ب عد اتفاق ية كا مب‬
‫ديفيد من قبل سياسيين ورجال أعمال وأصحاب رؤوس أموال ‪ ،‬وجرى تبادلها في عدد‬
‫من الجتماعات في أمريكا وفرنسا وإسرائيل‪)163(.‬‬
‫المواقف العربية من مشروع الشرق أوسطي ‪-:‬‬
‫اختلف العرب فمي اتخاذ موقمف موحمد ممن هذا المشروع‪ ،‬وانقسمموا إلى ثلثمة فرق‬
‫مختلفة‪:‬‬

‫‪ - 162‬اقترح شمعون بيرز خلل زيارتمممه للمارات المتحدة فمممي أبريمممل ‪1986‬م اعتماد مشروع مارشال للشرف الوسممممط على غرار مشروع‬
‫مارشال لوربما الغربيمة بعمد الحرب العالميمة الثانيمة ‪ ،‬وفمي سمنة ‪1992‬م طرح بيرز تصموراته حول الشرق الوسمط أمام المعهمد القوممي لدراسممات‬
‫الشرق الوسط في القاهرة ثم نشر أفكاره سنة ‪1993‬م في كتاب له بعنوان (الشرق الوسط الجديد) ‪ ،‬انظر لمشروع الشرق أوسطي ص ‪، 8، 7‬‬
‫‪. 11‬‬
‫‪ -163‬انظرهذه الدراسمات والمشروعات فمي كتاب "السمتراتيجية السمرائيلية لتطمبيع العلقات ممع البلد العربيمة ‪ :‬محسمن عوض ‪ ،‬مركمز دراسمات‬
‫الوحدة العربية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة الولى ‪1988‬م ‪ ،‬ص ‪. 42-29‬‬

‫‪67‬‬
‫* الفريق الول‪ :‬يطالب بإيجاد بديل عربي قومي للمشروع‪ ،‬بحيث يكون النظام العربي‬
‫هو البديل عن النظام القليمي‪ ،‬والسوق العربية المشتركة هي البديل عن السوق الشرق‬
‫أوسطية ‪.‬‬
‫* الفريق الثاني‪ :‬يطالب بإقامة نظام عربي جديد‪ ،‬ينطلق من إعلن دمشق والعودة إلى‬
‫التضامن والتنسيق والتعاون العربي‪ ،‬مع ضرورة مراعاة ما تمخض عنه الواقع الجديد‬
‫بعد حرب الخليج ‪.‬‬
‫* الفريق الثالث‪ :‬يوافق على المشروع الشرق أوسطي‪ ،‬بل ويتحمّس له وكرّس بعضهم‬
‫موافقتهم عليه في اتفاقيات هزيلة مع العدو الصهيوني أوسلو ووادي عربة‪)164(.‬‬

‫أهداف العولمة السرائيلية‪-:‬‬


‫ل قد ف صّلت إ سرائيل وبرعا ية أورب ية أمريك ية خا صة مشروع الشرق أو سطي الجد يد‬
‫لخدمة الهداف السرائيلية ولتحقيق الطماع اليهودية في المنطقة حيث يحقق المشروع‬
‫ال سرائيلي فر صة الهيم نة على اقت صاديات دول الشرق الو سط‪،‬والتح كم في موارد ها‬
‫النفط ية والمال ية والمائ ية‪ ،‬وإلغاء فكرة التكا مل القت صادي العر بي‪،‬وغزو المنط قة ثقافيا‬
‫والقضاءعلى مقوماته ما العقائدي مة والخلق ية والجتماع ية‪ )165(.‬ويقوم هذا المشروع‬
‫على دعامتين اثنتين‪-:‬‬
‫الولى‪ :‬النفتاح القت صادي الكا مل على العالم عا مة وعلى دول منط قة الشرق الو سط‬
‫خا صة شاملة الدول العرب ية وغ ير العرب ية وإ سرائيل ض من العول مة القائ مة على نظام‬
‫سوق التجارة الدولية الحرة والمتعددة الطراف‪.‬‬
‫الثانيي‪ :‬التعاون القليممي المتعدد الطراف‪ ،‬الذي يسمتند إلى النفتاح الكاممل بيمن دول‬
‫المنطقة تجاريا‪ ،‬ويستهدف إسرائيليا وأمريكيا إقامة تجمع إقليمي شرق أوسطي بديل من‬

‫‪- 164‬نقلً عن كتاب السوق الشرق أوسطية‪،‬وانظر الشرق أوسطية‪ -‬إسرائيل العظمى‪ -‬غازي حسين‪.،‬بيروت‪ ،‬المركز العربي الجديد‪1995،‬م ص‬
‫‪59. – 58‬‬
‫‪ -165‬انظر المشروع الشرق أوسطي ص ‪. 46‬‬

‫‪68‬‬
‫تجممع إقليممي عربمي‪ ،‬تشغمل فيمه إسمرائيل مركزا متفوقا ومتميزا اقتصماديا وسمياسيا‬
‫وعسكريا‪ ،‬وتقوم فيه بدور القوة القليمية المهيمنة والعظمى‪)166(.‬‬
‫لقد نشر شمعون بيرز رئيس وزراء إسرائيل السبق مخطط الشرق أوسطي في‬
‫كتابه الذي أصدره عام ‪1993‬م تحت عنوان "الشرق الوسطي الجديد" وأهم أفكار بيرز‬
‫هي‪-:‬‬
‫‪ -1‬استخدام القتصاد في غزو دول الشرق الوسط بدل الدبابة "الخبز مقابل الدبابة"‪.‬‬
‫وتقوم نظر ية بيرس على مقولة‪ :‬إن القت صاد هو مفتاح ال سياسة‪ ،‬وأن من ي سيطر على‬
‫مشاريع القتصاد في بلد ما يستطيع في النهاية إملء السياسة التي يراها مناسبة‪.‬‬
‫إنم إسمرائيل سمتقوم بدور المركمز والقائد والقوة السماسية لتحويمل النظام القليممي‬
‫‪ّ -2‬‬
‫الجديمد إلى قوة عظممى على غرار التحاد الوروبمي وبالتعاون والتنسميق معمه‪.‬وبهذا‬
‫تكون قيادة إسيرائيل للمنطقية‪،‬وكقوة عظميى مدعو مة أمريكييا‪،‬وتتم تع بتفوق ع سكري‬
‫يمكن ها من فرض هيمنت ها أمن يا و سياسيا واقت صاديا على كا مل المنط قة‪ ،‬مع التركيزعلى‬
‫جعل إسرائيل بوابة العبور للشركات المريكية والوربية من والى الدول العربية‪)167(.‬‬
‫‪ -3‬التعاون السرائيلي العربي‪ :‬فالعرب يملكون المال والنفط واليدي العاملة وإسرائيل‬
‫تملك العلم والع قل‪.‬وهذا بدوره يؤدي إلى تر سيخ تخلف الهي كل القت صادي العر بي‪ ،‬مع‬
‫حرص إ سرائيل على التخ صص في أعلى ال صناعات رب حا وإنتاج ية‪،‬وترك الم ستويات‬
‫الصناعية المتدنية للعرب‪ )168(،‬وتحويل أموال النفط العربية للسواق السرائيلية‪.‬‬
‫وهذا كلّه يحقّق ل سرائيل أن ت صبح القوة القت صادية الولى في المنط قة‪،‬وبالتالي‬
‫تحقمق حلمهما بأن تكون الدولة العظممى اقتصماديا بدل إسمرائيل الكمبرى جغرافيا‪،‬ولقمد‬
‫قال‪":‬إنم إسمرائيل تواجمه خيارا حادا أن‬
‫ّ‬ ‫صمرّح بهذا الهدف شيمون بيرز حرفيا عندمما‬
‫تكون إسرائيل الكبرى اعتمادا على عدد الفلسطينيين الذين تحكمهم أو أن تكون إسرائيل‬
‫‪ -166‬انظر المصدر السابق ص ‪. 13-12‬‬
‫‪ -167‬الشرق أوسطية‪ -‬إسرائيل العظمى‪ -‬مصدر سابق‪ -‬ص ‪.6 – 5‬‬
‫‪ -168‬مشروع السوق الشرق أوسطية والنهضة العربية‪ ،‬جلل أمين‪ ،‬مجلة آفاق السلم‪1994،‬م ص ‪13‬‬

‫‪69‬‬
‫ال كبرى اعتمادا على ح جم ال سوق ال تي ت حت ت صرفها"‪ .‬ويع تبر بيرز أن الشرق أو سط‬
‫الجديد هو الذي يحل مشاكل المنطقة ويقضي عليها‪ ،‬يقول‪":‬أنا أقول أنّه لن يكون هناك‬
‫أي حل دائم إذا لم يصبح هناك شرق أوسط جديد"‪)169(.‬‬

‫وأيضا من أهداف العولمة السرائيلية‪:‬‬


‫* تكريمس الغزو الفكري والثقافمي والحضاري للمنطقمة‪ )170(.‬وتهديمد الهويمة الثقافيمة‬
‫العربية والسلمية والعمل على إذابتها‪)171(.‬‬
‫* إيجاد دور قيادي مركزي ل سرائيل " في تحد يد صياغات وترتيبات ال من القلي مي‪،‬‬
‫و في أداء دور أم نى بارز في الدفاع عن منا بع الن فط في الخل يج العر بي‪ ،‬عن طر يق‬
‫اشتراك إ سرائيل في توج يه أر صدة الن فط‪ ،‬و من ا جل تنم ية مشتر كة تقلل من تفاوت‬
‫الثروة بين عرب اليسر وعرب العسر"‪)172(.‬‬
‫* ت صفية التراث الدي ني (التاري خي وال سياسي والثقا في) القائم على ر فض الف كر الدي ني‬
‫للصمهيونية‪،‬وتغييمر نممط التحالفات فمي المنطقمة‪،‬وبروز التحالفات الثنائيمة بيمن إسمرائيل‬
‫والعرب‪)173(.‬‬
‫وسائل العولمة السرائيلية ‪-:‬‬
‫‪ -1‬التعاون الم ني‪ ،‬ونزع ال سلح المؤ ثر وفرض منا طق أمن ية وإقا مة أجهزة النذار‬
‫المبكمر داخمل الدول العربيمة وخاصمة الدول المجاورة‪،‬وتقييمد تطويمر القدرات الدفاعيمة‬
‫العربية‪ ،‬وتقليل النفقات العسكرية‪ ،‬وإحباط أي جهود لتنمية القدرات النووية‪.‬‬
‫‪ -2‬تطبيع العلقات الدبلوماسية والسياسية بين إسرائيل والدول العربية‪.‬‬

‫‪ -169‬انظر المشروع الشرق أوسطي‪،‬م فتحي شهاب الدين‪ ،‬دار البشير‪،‬القاهرة ‪1418‬هم‪1998 -‬م‪.‬‬
‫‪ - 170‬انظر الشرق أوسطية‪ -‬إسرائيل العظمى‪ -‬مصدر سابق‪ -‬ص ‪.57 – 52‬‬
‫‪ - 171‬انظر مشروع السوق الشرق أوسطية والنهضة العربية‪ ،‬جلل أمين‪ ،‬مجلة آفاق السلم ‪1994‬م ص ‪.30‬‬
‫‪ - 172‬مشروع النظام الشرق أوسطي المخاطر والتحديات‪،‬أحمد ثابت ‪ ،‬مجلة مستقبل العالم السلمي‪،‬عدد ‪1995 14‬م ص ‪، 43 - 7‬‬
‫‪ -173‬انظر الشرق أوسطية ‪ :‬إسرائيل العظمى – مصدر سابق‪ -‬ص ‪.6‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ -3‬التفاقيات القتصمادية الثنائيمة‪ ،‬وفتمح السمواق للمنتجات السمرائيلية ذات الجودة‬
‫والمواصفات القياسية العالمية‪.‬‬
‫‪ -4‬إقامة المشاريع القليمية المشتركة في المجالين الصناعي والتجاري والطرق البرية‬
‫والموانئ البحرية والمطارات‪.‬‬
‫‪ -5‬ا ستثمار مز يد من الموال ال سرائيلية في دول المنط قة من خلل إقا مة الم صانع‬
‫والمؤ سسات القت صادية وشراء العقارات وأ سهم شركات القطاع الخاص الناج حة‪ ،‬و من‬
‫ذلك قيام مر كز بيرس لل سلم بشراء أ سهم في شر كة الت صالت الفل سطينية و هي من‬
‫كبرى شركات القطاع الخاص الفلسطيني على الطلق‪)174(.‬‬
‫‪ -6‬تغيير المناهج الثقافية في الدول العربية لتحقيق الهدفين التاليين‪-:‬‬
‫أ‪ -‬طمس روح العداء والكراهية تجاه اليهود‪ .‬ومودة اليهود ومحبتهم وموالتهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬القرار بوجود اليهود وحقهمم التاريخمي فمي أرض فلسمطين‪ ،‬والقبول بالسماس‬
‫العقائدي الصهيوني لدولة إسرائيل‪.‬‬
‫‪ -7‬إقامية اللقاءات الشبابيية بيمن الشباب اليهودي وغيرهمم ممن الشباب العربمي‪ ،‬يقول‬
‫ن أكثر من سبعين في المائة‬
‫نحميا ستراسلر‪ -‬أحد أبرز المعلقين القتصاديين اليهود‪ -‬إ ّ‬
‫من الموال ال تي يجمع ها مر كز بيرس لل سلم من الدول المان حة واليابان ‪( -‬ا ستطاع‬
‫بيرس أن يج مع ثلثمائة مليون دولر من هذه الدول) ‪ -‬ل صالح مشار يع في الرا ضي‬
‫الفلسمطينية ممن أجمل تعزيمز فرص السملم بيمن الشعمبين اليهودي والفلسمطيني وإنعاش‬
‫القتصماد الفلسمطيني تصمرف على براممج اللقاءات الشبابيمة وآليات التطمبيع الثقافمي‬
‫والسمياسي والجتماعمي‪ ،‬وممن ذلك إقاممة المخيمات الصميفية فمي المنتجعات الوربيمة‬
‫والمريكية‪)175(.‬‬

‫‪ - 174‬انظر جريدة الرسالة ‪ -‬الفلسطينية ‪ -‬عدد ‪ 27 ، 162‬ربيع الول ‪1421‬هم‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪ - 175‬انظر المصدر السابق ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ -8‬السيماح بتدفيق الفكار والدبيات السمرائيلية داخمل العالم العربمي وإيجاد علقات‬
‫إنسانية وطبيعية وتلقائية بين اليهود وشعوب المنطقة‪.‬‬
‫‪ -9‬ع قد المؤتمرات القت صادية الدول ية في المنط قة العرب ية بمشار كة إ سرائيل‪ ،‬وكل ها‬
‫تروج لفكار إسرائيل في عولمة الشرق الوسط اقتصاديا ومن ذلك‪-:‬‬
‫أ‪-‬القمة القتصادية الولى في المغرب من ‪1/11/1994-30/10/94‬م‪)176(.‬‬
‫ب‪ -‬القمة القتصادية الثانية في عمان من ‪31/10/1995 -29/10/95‬م‪.‬‬
‫ج‪ -‬القمة القتصادية الثالثة في القاهرة من ‪14/11/1996-12/11/96‬م‪.‬‬
‫د‪ -‬القمة القتصادية الرابعة في الدوحة بقطر من ‪18/11/1997-16/11/97‬م‪.‬‬
‫و قد عر ضت في هذه المؤتمرات عشرات المشار يع القت صادية وال صناعية ال تي‬
‫تصب في مصلحة إسرائيل بالدرجة الولى‪.‬‬
‫‪ -10‬ا ستخدام المعونات المريك ية بربط ها بتنم ية اتجاهات موال ية لل سياسة المريك ية‬
‫الداعمة للمشروع السرائيلي وتعزيز أهدافها لدى الجهات المتلقية للمعونة‪.‬‬
‫‪ -11‬إيجاد مجال للتواصيل ممع بعمض التيارات السمياسية والفكريمة‪ ،‬وتجلى ذلك فمي‬
‫حركات السملم الفل سطينية والمصمرية‪ ،‬الزيارات المتبادلة التمي يقوم بهما رجال العلم‬
‫والصمحافة‪ ،‬وإقاممة المعارض الفنيمة بالتبادل‪ .‬وزيارة البرلمانييمن بالتبادل‪ ،‬ومشاركمة‬
‫المؤسسات العلمية والدبية والعلماء اليهود في المؤتمرات العلمية وزيارتهم للمؤسسات‬
‫التربوية والكاديمية‪.‬‬
‫‪ -12‬التحالف مع القليات الدينية والعرقية في المنطقة‪ ،‬كالعلقة المميزة لسرائيل مع‬
‫موار نة لبنان وكالتحالف الوث يق مع الن صارى في جنوب ال سودان وم ساعدتهم ع سكريا‬
‫في حربهم ضد الحكومة السودانية‪.‬‬

‫‪ - 176‬إنّ الذي نظم هذا المؤتمر مجلس العلقات الخارجية المريكي في نيويورك والمنتدى القتصادي الدولي في دافوس بسويسرا‪ ،‬ومن المعلوم‬
‫أن المخابرات المريكيممة هممي تقممف وراء مجلس العلقات الخارجيممة المريكممي وهممي التممي أنشأت المنتدى الدولي فممي دافوس سممنة ‪1950‬م ‪،‬‬
‫واشممتركت فمي العممداد للمؤتمممر مجموعممة ممن المؤسممسات السممرائيلية والوربيمة والمريكيمة‪ .‬انظمر المشروع الشرق أوسمطي أ‪ .‬فتحمي شهاب‬
‫الدين ص ‪. 33-32‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ -13‬محاربة الحركات والجماعات السلمية المجاهدة وتجفيف منابع ومصادر الصحوة‬
‫السلمية التي تحمل روح العداء لسرائيل عبر مشاريع عدة منها‪-:‬‬
‫أ‪ -‬إقامة علقات جوار ولقاءات متعددة مع جامعة الزهر‪.‬‬
‫ب‪ -‬إجراء حوار دينمي وثقافمي على المسمتوى الشعمبي‪ ،‬عمبر لقاءات مؤتمرات لتباع‬
‫الديان الثلثة‪.‬‬
‫ج‪ -‬إقامة اللقاءات الثقافية والترويحية بين الشباب‪ ،‬لجراء عمليات غسيل دماغ لصالح‬
‫الوجود اليهودي وإثارة العداء ضد أعدائها وتشويه الفكر السلمي الرافض لوجود دولة‬
‫لليهود في قلب العالم السلمي‪.‬‬
‫د‪ -‬التخو يف الم ستمر من الجماعات ال سلمية والتأك يد على دور ها في عرقلة ال سلم‬
‫والتطبيع والتنمية القتصادية‪.‬‬
‫هم‪ -‬المواجهة المباشرة لهذه الحركات بالقتل والعتقال والمطاردة والمحاكمات الظالمة‬
‫والق مع المنه جي المن ظم الم ستمر لبنائ ها‪ ،‬وإ سكات ال صوت ال سلمي في الجامعات‬
‫والنقابات والتحادات المهنية والطلبية‪.‬‬
‫و‪ -‬تشويمه الجهاد السملمي‪ ،‬واعتباره إرهابا وتخريبا وأعمال عنمف‪ ،‬والتقليمل ممن‬
‫فاعليته في المواجهة‪.‬‬
‫ز‪ -‬السمتفادة ممن التعاون المنمي المشترك لمحاصمرة الجهاد السملمي وتطويقمه‬
‫ومنعه‪)177(.‬‬

‫‪ -177‬انظر كتاب‪ :‬الستراتيجية السرائيلية لتطبيع العلقات مع البلد العربية ‪-‬مرجع سابق‪ -‬صفحات متعددة‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫المسلمون ومواجهة أخطار العولمة المريكية واليهودية‪-:‬‬
‫ن العول ممة ت ستند ا ستنادا مباشرا إلى الحضارة الغرب ية المعا صرة ال تي‬
‫ات ضح مع نا أ ّ‬
‫توجهها المبادئ اللدينية الوضعية التي ل تؤمن بال تعالى‪ ،‬ول اليمان بالنبوات‪ ،‬ومنها‬
‫نبوة محمد صلى ال عليه وسلم ول باليوم الخر‪ ،‬ول بالغيبيات الدينية الثابتة في الكتاب‬
‫والسنة‪.‬ومن هنا تشيع الحياة المادية واللحادية عبر شبكاتها وأجهزتها العالمية بأساليب‬
‫وو سائل‪ -‬تقوم على الغراء والخداع‪ -‬في غاية التأث ير في الن فس الن سانية‪ ،‬إنً ها تؤ ثر‬
‫فمي مئات الملييمن ممن المسملمين مباشرة أو بصمورة غيمر مباشرة‪ ،‬فتؤدي إلى النكار‬
‫والتشكيك‪ ،‬إنها تفقد النسان المسلم كيانه وشخصيته‪ ،‬تفقده عقله وقلبه وروحه‪ ،‬وتفرغه‬
‫ممن أصمول اليمان والخلق الحميدة‪ .‬إن ّه ليسمت هنالك حضارة أو أم ّة على وجمه‬
‫الرض سمتتأثر بالعولممة كمما سميتأثر بهما المسملمون والحضارة السملمية‪ .‬ودراسمة‬
‫العولممة بكمل بأبعادهما دراسمة واعيمة متفحصمة تثبمت ول شمك أن المسملمين جميعا همم‬
‫الهدف الهم للعولمة الصهيونية المريكية الرأسمالية‪.‬‬
‫إنّنا ندعو إلى احتفاظ المسلمين بهويتهم السلمية وشخصيتهم المستقلة المتميزة‬
‫حسب القرآن والسنة‪ ،‬والمحافظة على الفكر السلمي في منابعه الصيلة‪،‬وإعادة تماسك‬
‫الجما عة ال سلمية‪ ،‬مع الفادة من خ ير ما أنجز ته المدن ية الغرب ية والعلم الغر بي‪ ،‬مع‬
‫عدم الخمذ ممن الثقافمة نفسمها إل مما كان منهما ل يتعارض ممع هويمة الممة السملمية‬
‫وشخصيتها وثقافتها الصيلة‪.‬‬
‫ونرى أيضا ضرورة مواجهة العولمة‪ ،‬وتحدّياتها بشجاعة وإيمان‪ ،‬ومعاملتها كمادة خام‬
‫ي ستفاد من ها للخ ير أو لل شر‪ ،‬أي ل بد من الف حص والتمح يص والن قد والختيار‪ ،‬فالم سلم‬

‫‪74‬‬
‫صاحب عقيدة‪ ،‬ورسالة عالمية‪ ،‬وثقافة أصيلة‪ ،‬ومنهج شامل في الحياة‪ ،‬وعليه أن يحمل‬
‫ر سالته الربان ية للناس جميعا‪ ،‬وعل يه أن يج مع ب ين ح سنات ما عنده وح سنات ما ع ند‬
‫الخرين‪ ،‬فالنافع والصالح يبحث عنه ويأخذ به‪ ،‬مع المحافظة على الصول السلمية‪،‬‬
‫ممع ضرورة نقمد قوي جريمء للعولممة واتجاهاتهما وثقافتهما الماديمة‪ ،‬ومواجهتهما وجها‬
‫لوجه‪.‬‬
‫يقول وز ير الوقاف الرد ني ال سابق ال ستاذ كا مل الشر يف‪" :‬ل كي ي ستطيع الم سلم أن‬
‫يحدد دوره إزاء العول مة‪-‬النظام العال مي الجد يد‪-‬ل بد أن يعرف أولً مو قف ال سلم‪-‬‬
‫كعقيدة‪-‬من هذه التبدّلت فمن المفروض أن النسان المسلم يبني مواقفه كلها على أساس‬
‫الف هم ال صحيح لل سلم واللتزام بتعالي مه ومبادئه‪ ،‬وأول آثار اللتزام أ نه يم نح صاحبه‬
‫مقيا سا ثابتا يزن به المور‪ ،‬ويحدد الجوا نب ال تي تت فق مع نظرة ال سلم الكل ية للحياة‬
‫والناس‪ ،‬ك ما يحدد الم صلحة ال سلمية أيضا و في قض ية شديدة التعق يد كثيرة المدا خل‬
‫والشبهات (كالعولمة) تزداد الحاجة لهذا الميزان العقائدي الثابت"‪)178(.‬‬
‫يقول المفكمر الفرنسمي المسملم رجاء جارودي عمن هممذه العولممة المريكيمة‬
‫الصمهيونية‪" :‬همممذه الوحدة التمي أسمسها الحكام المريكان واللوبمي الصمهيوني "الي‬
‫باك"‪ -AIPAC-‬وسماسة دولة إسمرائيل‪ ،‬تقوم اليوم‪ -‬أكثمر ممن أي وقمت مضمى‪ -‬على‬
‫وحدة الهدف الذي هو محاربة السلم‪،‬وآسيا اللذين يعدان أهم عقبتين في وجه الهيمنة‬
‫العالمية المريكية والصهيونية"‪ )179(.‬ويقول جارودي عن العولمة‪ :‬نظام يُمكّن القوياء‬
‫ممن فرض الدكتاتوريات اللإنسمانية التمي تسممح بافتراس المسمتضعفين بذريعمة التبادل‬
‫الحر وحرية السوق‪)180(.‬‬
‫ن الم ستهدف بهذا الغزو الثقا في هم الم سلمون‪.‬‬
‫ويقول با حث آ خر‪" :‬و من المؤكّد أ ّ‬
‫وذلك لعاملين‪-:‬‬
‫‪ - 178‬من مقال له بعنوان الشباب المسلم والعولمة‪ -‬مصدر سابق‪. -‬‬
‫‪ -159 179‬العولممة والمستقبل– استراتيجية تفكير– سيار الجميل– الهلية للنشر والتوزيع‪ ،‬ط ‪ 1‬عمان‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 180‬العولمة وعالمية السلم‪ -‬مصدر سابق‪.-‬‬

‫‪75‬‬
‫أ – ما تملكه بلدهم من مواد أولية هائلة يأتي على رأسها النفط والغاز وثروات طبيعية‬
‫أخرى‪.‬‬
‫ب – مما ثبمت لهمم عمبر مراكزهمم وبحوثهمم وجامعاتهمم ومسمتشرقيهم إن هذه الممة‬
‫م ستعصية على الهزي مة‪،‬إذا حاف ظت على هويت ها ال سلمية‪،‬و من ث ّم فالطر يق الوح يد‬
‫لخضاع ها يتم ثل في القضاء على تفرد شخ صيتها‪،‬وإلغاء دين ها الذي يب عث في ها الثورة‬
‫والرفض لكل أشكال الحتلل والسيطرة‪)181(.‬‬
‫والمّة العربيمة والسملمية بالرغمم ممن أنهما تعيمش حالة تجزئة سمياسية وحالة تخلف‬
‫اقتصادي وتقني إل أنها تمتلك إمكانيات متعددة اقتصادية وثقافية وغيرها‪ ،‬إذ ما أحسن‬
‫توظيفهما وإعادة ترتيبهما وتنسميقها يمكمن أن تشكمل حالة مؤثرة وفاعلة‪ ،‬وبالتالي تشكمل‬
‫ن المقوّمات الثقافية والقيم الحضارية التي تشكّل‬
‫حالة أمان قوي في مواجهة العولمة‪".‬وإ ّ‬
‫ر صيدنا التاريخمي‪ ،‬لن تُغ ني ولن تن فع بالقدر المطلوب والمؤ ثر والفا عل في مواجهمة‬
‫العولمة الثقافية‪ ،‬مادامت أوضاع العالم السلمي على ما هي عليه‪ ،‬في المستوى الذي‬
‫ل يسمتجيب لطموح ال مة‪ .‬ول يح سُن بنما أن ن ستنكف من ذ كر هذه الحقي قة‪ ،‬لن في‬
‫إخفائها والتستّر عليها‪ ،‬من الخطر على حاضر العالم السلمي ومستقبله‪ ،‬ما يزيد من‬
‫تفاقمم الزممة المركبمة التمي تعيشهما معظمم البلدان السملمية على المسمتويات السمياسية‬
‫والِقتصادية والِجتماعية والثقافية والعلمية "‪)182(.‬‬
‫إ نّ المشروع السلمي العالمي هو الذي نستطيع به مواجهة خطر العولمة‪ .‬لنّه وحده‬
‫الذي يملك مواصمفات عقائديمة‪ ،‬وتشريعيمة وثقافيمة وأخلقيمة سمليمة وصمحيحة وقويمة‪،‬‬
‫ولنّ ها وحد ها ال تي تن سجم مع ال سنن الربان ية في الكون‪ ،‬وتت فق مع الفطرة ال صحيحة‬
‫والعقل الصريح ويملك بالضافة إلى ذلك تجربة تاريخية غنية صاغت حضارة عالمية‬
‫ن هناك أمّة عربية إسلمية‬
‫متميزة‪،‬ما زالت آثارها ماثلة في كل مكان‪ .‬والهمّ من ذلك أ ّ‬
‫‪ - 181‬العولممممممممة بيممممممن منظوريممممممن‪ :‬د‪ .‬محمممممممد امخرون‪ ،‬البيان‪ ،‬السممممممنة ‪ ،14‬العدد ‪ ،145‬رمضان ‪،1420‬كانون ‪1/1999‬م ص ‪-126‬‬
‫‪،127‬وأيضاً‪:‬العولممة في العلم‪،‬د‪.‬مالك بن إبراهيم بن أحمد‪ ،‬البيان ذو الحجة ‪ /1420‬آذار ‪2000‬م‪ ،‬العدد ‪ 114‬ص ‪.114‬‬
‫‪ -182‬العولمة والحياة الثقافية في العالم السلمي‪ -‬مصدر سابق‪. -‬‬

‫‪76‬‬
‫ممما زالت قائمممة موجودة – رغممم كممل محاولت الفسمماد والتضليممل‪،‬والتشرذم‬
‫والتقطيع‪،‬والتجهيل‪،‬والفقار الذي مارسه العداء نحوها‪ -‬يجمعها دين واحد‪،‬وقبلة واحدة‬
‫وكتاب وا حد‪،‬ول غة واحدة‪،‬وتار يخ وا حد‪ ،‬وعادات وتقال يد واحدة‪ ،‬ولدي ها إمكانات ماد ية‬
‫واقت صادية هائلة‪ .‬إ نّ هذه ال مة العرب ية ال سلمية ال تي تم تد على م ساحة وا سعة من‬
‫الرض فمي آسميا وأفريقيما ذات النسميج الجتماعمي المتقارب والبنيمة الثقافيمة الواحدة‪،‬‬
‫تشكّل زادا قيّما لمواج هة أخطار العول مة‪،‬و هو ما يفتقده الخرون‪ .‬وأورو با خ ير مثال‬
‫على هذا‪ ،‬ف هي مؤل فة من أ مم مختل فة ولغات متعددة‪ ،‬وشعوب متنافرة‪،‬وتار يخ متشا بك‪،‬‬
‫ومع ذلك فهي تسعى إلى إيجاد أوروبا واحدة‪.‬‬
‫ويم كن للعالم ال سلمي أن يوا جه خ طر العول مة من خلل حملة إ سلمية شاملة‬
‫متكاملة‪ ،‬عبر مخطط حضاري معاصر‪،‬تشترك فيها جميع الدول السلمية‪،‬ومؤسساتها‬
‫الرسممية‪،‬والشعبيمة والجمعيات والحزاب جميعا‪ .‬لن مواجهمة العولمممة ممن الخطورة‬
‫بح يث ي جب أن نتعا مل مع ها من مرا كز قو ية تدلل على وحدة ال مة‪ ،‬وقوت ها وتكامل ها‬
‫وأهدافها النبيلة لخيرها وخير البشرية جميعًا‪.‬‬

‫ويمكن للمسلمين مواجهة خطر العولمة بتحقيق ما يلي‪-:‬‬


‫* التم سك بالشري عة ال سلمية ال تي ارتضا ها ال تعالى ل نا‪،‬فوفق ها نن ظم حيات نا‪ ،‬ونر بي‬
‫أجيالنا‪ ،‬ونتبصر بحقائق الحياة‪ .‬إن مجرد كوننا مسلمين جغرافيين ل يكفى لنجاز وعد‬
‫ن ال سبحانه وتعالى يقول‪( :‬إِ نْ تَن صُرُوا‬
‫ال لنا بالنصر في مواجهة أخطار العولمة‪ ،‬ل ّ‬
‫اللّ هَ يَن صُرْكُ ْم وَيُثَبّ تْ أَ ْقدَامَكُ مْ) سورة محمد‪ ،7:‬فهل نحن نصرنا ال تعالى فيما أمر به‬
‫ونهى عنه؟‬
‫* تبنمي المنهمج الشمولي فمي فهمم السملم الذي يجممع بيمن العقيدة والشريعمة والسملوك‬
‫والحركة والبناء الحضاري‪ ،‬وفق منهج واع‪،‬أصولي سليم يعتمد فقط على العلم والعقل‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫وهذا يتطلب تغيير حياتنا منطلقين من قوله تعالى‪ِ ):‬إنّ اللّهَ لَ يُغَيّ ُر مَا ِب َقوْ ٍم حَتّى يُغَيّرُوا‬
‫سهِمْ(الرعد‪)183(.11:‬‬
‫مَا ِبأَن ُف ِ‬
‫* تغي ير طبي عة النظام ال سياسي ال سائد في العالم ال سلم‪ ،‬من ال ستبداد إلى الشورى‪،‬‬
‫و من م صادرة الرأي إلى الحر ية في الرأي والمعار ضة و من م صالح الفراد وال سر‬
‫الحاكممة إلى مصمالح ال مة‪ ،‬من حيمث همي كمل ل يتجزأ‪ ،‬و من حكمم الحكام إلى حكمم‬
‫المؤسسات الدستورية‪.‬‬
‫* تحقيق الوحدة الشاملة في العالم العربي والسلمي‪.‬أي وحدة المّة التي تتحقق بوحدة‬
‫العقول‪ ،‬والقلوب والعواطف اليمانية‪ ،‬والمصالح والهداف‪ ،‬والتضامن الكامل في إطار‬
‫جامعمة إسملمية واحدة أو فمي إطار المؤتممر السملمي الحالي‪ ،‬والذي تتولد منمه قوة‬
‫سياسة ومعنوية واحدة على أساس وحدة المة الواحدة‪ ،‬والمصير المشترك‪.‬‬
‫* وفي المجال القتصادي يمكن للعالم السلمي أن يواجه خطر العولمة بتحقيق السوق‬
‫ال سلمية المشتر كة‪.‬وتقو ية المؤ سسات العرب ية المنبث قة عن الجام عة العرب ية‪،‬ومؤت مر‬
‫الق مة ال سلمي‪ ،‬لنّه يمتلك مخزونا جبارا من رؤوس الموال و من الثروات الحيو ية‬
‫والمعدنية‪ ،‬بالضافة إلى التلحم الجغرافي‪ ،‬والتكامل في الموارد‪ ،‬ولهذا لو قامت تجارة‬
‫فعليمة بيمن العالم السملمي لمكننما السمتغناء عمن العالم الخارجمي‪-‬على القمل‪ -‬فمي‬
‫الحتياجات ال ستراتيجية‪ ،‬هذا على الم ستوى الخار جي‪.‬أ ما على الم ستوى الداخلي ل كل‬
‫دولة فيمكمن أن تواجمه خطمر العولممة بزيادة التكافمل الجتماعمي الذي ترعاه الدولة‪،‬‬
‫وزيادة الرعايمة الجتماعيمة‪ ،‬والتأمينات الجتماعيمة‪ ،‬وتقويمة المجتممع المدنمي‪،‬وتعزيمز‬
‫المشا عر والحا سيس الدين ية‪.‬وتقو ية الجوا نب الفكر ية والقت صادية والفن ية والجتماع ية‬
‫وفق الثوابت الدينية(العقائدية والتشريعية)‪ )184(.‬ولقد حذّر الرئيس حسني مبارك في هذا‬
‫الصدد من أن العولمة تفرض علينا أن نسارع في إقامة تجمّعنا القتصادي العربي‪ ،‬وإلّ‬

‫‪ - 183‬العولمة من منظور إسلمي‪ -‬مصدر سابق‪. -‬‬


‫‪ - 184‬العولمة من منظور إسلمي‪ ،‬انظر موقع ‪ -‬السلم على الطريق‪ -‬شبكة المعلومات الدولية‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫ضاعمت مصمالح الدول العربيمة فرادى وأغلقمت مصمانعها‪ ،‬وفقمد الناس فرص العممل‬
‫المتاحة لهم‪.‬‬
‫*وفمي المجال القتصمادي أيضا ل بمد ممن وجود التكافمل الجتماعمي فمي المجتممع‬
‫ال سلمي‪ ،‬لنّه هو الذي ينت هي إلى التوازن‪.‬ولب ّد من تكا فؤ الفرص أمام الجم يع‪،‬وعدم‬
‫تعطيمل الطاقات النسمانية‪..‬وتغليمب التجاه الجماعمي فمي القتصماد السملمي‪،‬لتغليمب‬
‫م صالح الكثر ية الفقيرة الكاد حة‪ .‬والتأك يد على حر مة ك نز الموال وح بس الثروات‪،‬إذ‬
‫لبد من توظيفها لداء وظيفتها الجتماعية‪.‬كما أنّ الدولة لها الحق في التدخل في الحياة‬
‫أنم العممل همو‬
‫القتصمادية‪ ،‬كلّمما رأت الضرورة فمي تحقيمق مصمالح العباد‪ .‬واعتبار ّ‬
‫المعيار السماسي‪ ،‬وهمو نابمع ممن فكرة السمتخلف‪،‬ويلتزم المجتممع بإيجاد عممل لكمل‬
‫قادر‪.‬ولبمد ممن المحافظمة على رأس المال وإنمائه‪ ،‬وعدم إضاعتمه‪ .‬يقول القتصمادي‬
‫الفرن سي جاك أو ستروي‪" :‬إ نّ طر يق النماء القت صادي ل يس مق صورا على المذ هبين‬
‫المعروفين الرأسمالي والشتراكي‪ ،‬بل هنالك مذهب اقتصادي ثالث راجح‪ ،‬هو المذهب‬
‫ن هذا المذهب سيسود عالم المستقبل‪ ،‬لنّه أسلوب كامل‬
‫القتصادي السلمي‪ ،‬ويقول‪" :‬إ ّ‬
‫‪)185(.‬‬
‫للحياة "‬
‫يقول أسمتاذ القتصماد السملمي فمي الجامعات المصمرية الدكتور عبمد الحميمد‬
‫الغزالي‪":‬بعمد سمقوط الشتراكيمة‪،‬وتبنمي جوربما تشوف‪ -‬الرئيمس السموفيتي السمابق‪-‬‬
‫البيري سترويكا‪ ،‬ال تي أراد من خلل ها أن يب حث عن طر يق غ ير الرأ سمالية‪ ،‬لنّه أعلم‬
‫بمشاكل ها‪ -‬أر سل وفدا ليدرس النظام ال سلمي لل ستفادة م نه‪ ،‬وشكّلت لجان في مر كز‬
‫القت صاد ال سلمي التا بع لجام عة الز هر من المتخ صصين‪ ،‬وعك فت هذه اللجان على‬
‫صمياغة برناممج متكاممل للنظام السملمي فمي شكمل بنود وفقرات‪ ،‬قدّمنما فيمه نظاما‬
‫اقتصممماديا تشغيليا‪ ،‬يبدأ بفلسمممفة النظام‪،‬والعممممل‪،‬والجور‪،‬ونظام الملكيمممة‬

‫‪ - 185‬النظام القتصادي السلمي– مبادؤه وأهدافه‪ ،‬لحمد محمد العسال وفتحي عبد الكريم‪ ،‬ط ‪ ،2‬مطبعة الستقامة – القاهرة‪1977 -‬م ص ‪-13‬‬
‫‪.14‬‬

‫‪79‬‬
‫المتعددة‪،‬والسممتهلك‪ ،‬والسممتثمار‪ ،‬والدخار‪ ،‬والشركات‪،‬وصمميغ السممتثمار‬
‫والسياسة النقدية‪،‬والسياسة المالية‪....‬إلى آخر مكونات النظام القتصادي الفاعل‪ .‬وعندما‬
‫قدّمنا هذا النظام للوفد‪،‬تساءل رئيسه الوزير "بافلوف"‪" :‬لديكم مثل هذا النظام‪ ،‬وأنتم على‬
‫هذه الم سألة من التخلف؟ وأ سندت أما نة المؤت مر الردّ إل يّ‪ ،‬فكان ردّي‪ ":‬لن نا بعيدون‬
‫تماما عن هذا النظام"‪)186(.‬‬
‫* الستفادة من رصيد المة العربية السلمية في ولوج عصر العولمة‪ ،‬وهذا يقتضي‬
‫أن تسعى الشعوب المسلمة‪ ،‬وقياداتها العلمية والدعوية إلى ترجمة حقيقة المة المسلمة‬
‫الواحدة على أرض الواقع‪ ،‬وذلك بتحصين الثوابت العقائدية التي قامت عليها هذه المة‪.‬‬
‫* الجتهاد فمي تلفمي المراض والسملبيات‪ ،‬والبناء على اليجابيات‪.‬ل شمك أن هناك‬
‫بعض المراض والسلبيات التي تعاني منها هذه المة‪ ،‬لذلك فالمطلوب من مفكري المة‬
‫وعلمائ ها‪ ،‬وقادت ها‪ :‬معر فة ودرا سة أمراض ها وح صر سلبياتها‪،‬وو ضع الدواء الشا في‬
‫لعلجها ومعافاتها‪.‬‬
‫* دراسة ال سّنن الكونية دراسة علمية موضوعية‪،‬وتسخير هذه ال سّنن في الكون والحياة‬
‫‪ -‬للدخول إلى العصر الحضاري السلمي الجديد‪-‬وفق الفهم الصحيح لكتاب ال تعالى‬
‫وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ .‬والستفادة منها في تسخير إمكانات العالم السلمي‬
‫المادية والمعنوية وثرواته المتنوعة الهائلة‪ ،‬كي نحدث تنمية حضارية واجتماعية شاملة‬
‫تحفظ علينا شخصيتنا المعنوية المتميزة وكياننا المادي المستقل‪.‬‬
‫*محاربمة مظاهمر البدع والخرافات‪ ،‬والتبعيمة‪ ،‬والتواكليمة‪ ،‬التمي أخرّت تقدّم المّمة‬
‫ونهضتها عبر العصور الخيرة‪.‬‬
‫* الر ّد على الغزو الثقافي للعولمة المريكية الصهيونية من خلل الفكر السلمي‪ ،‬وفق‬
‫المنهج العلمي السليم‪ ،‬بجميع الوسائل التي يعتمد عليها من خلل كافة الجوانب الفكرية‬

‫‪ - 186‬العولمة من منظور إسلمي‪ -‬مصدر سابق‪. -‬‬

‫‪80‬‬
‫والفن ية والدب ية ال تي يعرضون ها من خلل أفكار هم المناق ضة لل سلم(‪.)187‬ونقترح في‬
‫هذا المجال إيجاد أكثر من قناة فضائية تبث برامجها المخصصة لمواجهة تيار العولمة‪،‬‬
‫بمختلف لغات المسلمين‪.‬‬
‫* الهتمام بتربية السرة المسلمة وتثقيف أفرادها وتوعيتهم‪ ،‬وتوجيههم من خلل أجهزة‬
‫الدولة المختلفة‪.‬ومن خلل الوسائل والبرامج التي تشترك جميعا في تكوين أجيال تشعر‬
‫بانتمائها السلمي‪،‬وانتسابها الحضاري للمة العربية والسلمية‪.‬إنّها التربية السلمية‬
‫ال تي تهدف إلى صياغة الفرد صياغة إ سلمية حضار ية‪ ،‬وإعداد شخصيته إعدادا كاملً‬
‫من ح يث العقيدة‪،‬والخلق والق يم‪،‬والمشا عر والذوق‪،‬والف كر‪،‬والمادة ح تى تتكوّن المّة‬
‫الواحدة المتحضرة التي ل تبقى فيها ثغرة تتسلل منها إغراءات العولمة اللدينية الجنسية‬
‫الباحية‪)188(.‬‬
‫من العودة إلى‬
‫مبيرا عم‬
‫مي جاءت تعم‬
‫ملمية‪ -‬التم‬
‫محوة السم‬
‫مه الصم‬
‫مد وتوجيم‬
‫* ترشيم‬
‫السلم‪،‬ورفض التغريب– والستفادة منها في مواجهة أخطار العولمة‪ .‬وتهيئة صفوف‬
‫المة للبناء‪ ،‬والتعمير‪ ،‬والجهاد‪ ،‬والحركة والتغيير‪.‬‬
‫* "إن المنظمات السملمية الشعبيمة ‪ -‬التمي تتميمز بأنهما تضمم أعدادا كمبيرة ممن القادة‬
‫الناضجين الواعين الذين صقلتهم التجربة‪ ،‬ولهم حضورهم المؤثر ونفوذهم الواسع في‬
‫بلدهم ‪ ،‬وتمنحهم صلتهم المباشرة بقطاعات واسعة من الشعب المسلم‪ -‬هذه المنظمات‬
‫ت ستطيع أن تمارس ضغوطا مؤثرة على موا قف الحكومات‪ ،‬شري طة أن تن سّق خطوات ها‬
‫ضمن برامج مدروسة تضمن الستمرار والمتابعة‪،‬ومواكبة ظروف الحركة وتطوّراتها‬
‫الكثيرة المعقدة‪.‬‬
‫إنّ بعض السلحة المعاوِنة للعولمة‪ -‬بقصد أو غير قصد‪ -‬هي تشجيع الفساد والنحلل‬
‫والستغراق في الشهوات‪ ،‬وتبذير المال القليل على مسايرة المظاهر وحُمّى الستهلك‪،‬‬

‫‪ - 187‬العولمة من منظور إسلمي‪ -‬مصدر سابق‪. -‬‬


‫‪ - 188‬العولممة والمستقبل– استراتيجية تفكير – مرجع سابق ص ‪.99‬‬

‫‪81‬‬
‫ويُحسمن الشباب المسملم صمُنعا إذا تعاون على مكافحمة هذه الوبئة ممن خلل المسماجد‪،‬‬
‫والمراكمز الثقافيمة ووسمائل النشمر المتاحمة‪ .‬وواجمب الشباب المسملم أن يُقبِل بشجاعمة‬
‫وحماس على العلم النافمع‪ ،‬واكتسماب المعارف والمهارات‪ ،‬ول سميما اسمتخدام التقنيمة‬
‫الحديثة التي باتت تفتح آفاقا واسعة لنسان الغد"‪)189(.‬‬
‫* إعادة النظمر فمي مشكلتنما الجتماعيمة فمي ضوء أحكام الشريعمة السملمية العاممة‪،‬‬
‫ومقاصمدها وغاياتهما الحكيممة‪ ،‬فمي الحياة لتحديمد أولً مسمؤولية السمرة‪ ,‬والمدرسمة‬
‫والجامعمة ومعاهمد التعليمم‪ ،‬ومؤسمسات المجتممع المدنمي فمي القيام بواجباتهما فمي هذا‬
‫الجانب‪.‬‬
‫* إقامة المجتمعات السلمية على القاعدة اليمانية التي تجمع بين المسلمين جميعا دون‬
‫اللتفات إلى اختلف الل غة أو اللون أو العرق‪ .‬ومعاملة أ هل الديان جميعا و فق القاعدة‬
‫التالية‪ (:‬لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ) أي تحقيق العدالة المطلقة للجميع‪،‬‬
‫ص القضايا التشريعية الخاصة بكل أهل دين‪ ،‬فالبشر جميعا كرامتهم مصانة‬
‫ل فيما يخ ّ‬
‫إّ‬
‫في إطار المجتمع النساني‪.‬‬
‫* رفض المخططات الصهيونية اليهودية والمريكية‪،‬وعدم العتراف بأية تسوية سياسية‬
‫مع الكيان الصهيوني على حساب أرض فلسطين المقدسة والعمل الجاد على إعداد المّة‬
‫للجهاد‪ ،‬مع اليمان الكامل بأ نّ ما أُخذ بالقوة الع سكري‪ -‬في فلسطين بالذات‪ -‬ل يمكن‬
‫أنم‬
‫ل بالقوة نفسمها ولو طال الممر عشرات أخرى ممن السمنين‪ ،‬باعتبار ّ‬
‫أن يسمترد إ ّ‬
‫القضية الفلسطينية هي قضية المسلمين الولى‪)190(.‬‬
‫ربم‬
‫ّ‬ ‫وصملّى ال تعالى وسملّم على سميدنا محممد‪...‬وآخمر دعوانما إن الحممد ل‬
‫العالمين‪،‬وال تعالى نسأل السداد والتوفيق لجميع إخواننا المسلمين‪.‬‬

‫‪ - 189‬من مقال الستاذ كامل الشريف‪ ،‬مصدر سابق‪.‬‬


‫‪ -190‬العولمة من منظور إسلمي‪ :‬د‪ .‬محسن عبد الحميد‪ -‬مصدر سابق‪-‬‬

‫‪82‬‬
‫ملحق يكشف بعض نوايا أعمال أمريكا في العالم السلمي‬
‫خطاب بوش عين حال التحاد اليهودي المسييحي فيي ‪ 29‬ينايير عام ‪2002‬‬
‫مي(‪)191‬‬
‫السميد الرئيمس‪ ،‬أعضاء الكونجرس‪ ،‬المواطنون المريكيون‪ :‬أود بكمل اعتزاز‬
‫عم يق و من دون تحا مل أن أقول ل كم الليلة أن حال التحاد اليهودي الم سيحي الب يض‬
‫والثري قويمة تماما‪ ،‬ولم يحدث أبدا فمي تاريخنما أن كانمت القوة المريكيمة والهيمنمة‬
‫المريكيمة والقيمم المريكيمة‪ ،‬قوة ومهابمة ومحترممة ومقبولة فمي العالم كمما همي اليوم‬
‫فاليوم‪ ،‬يوجد العلم المريكي والقوات المسلحة المريكية ووكالة الستخبارات المركزية‬
‫المريكيمة (سمي‪.‬أي إيمه) ومكتمب التحقيقات الفيدرالي فمي أكثمر ممن ‪ 100‬دولة لضمان‬
‫السلم والذعان والتحرر من الخوف والرهاب‪ ،‬وينبغي أن يكون المريكيون فخورين‬
‫بي وبحكومتهم وبرجال القوات المسلحة ونسائها الذين يضحون بمباهج الحياة من أجل‬
‫ضمان أسلوب حياتنا المريكية‪.‬‬
‫الخوة المواطنون المريكيون‪:‬‬
‫إن ني فخور بأن أبلغ كم أن طالبان قد اندحرت‪ ،‬وأن كابول تحررت‪ ،‬وأن أ سامة‬
‫بن لدن والمل ع مر إمّا أن يكون قد قتل‪ ،‬أو أنّه ما يحتضران‪ ،‬أو يختفيان ول كن ل يس‬
‫لو قت طو يل‪ ،‬إذ إننّي م صمّم على تقديمه ما للعدالة (حي ين أو ميت ين)‪ ،‬وأن أبلغ كم بأن‬
‫‪ - 191‬ألبوك يرك‪ ،‬نيومكسيكو‪ ....‬مجلة واشنطن بوست ‪ 31‬مايو عام ‪2000‬م‪..‬ترجمة‪ :‬أحمد بشير بابكر‪ ،‬نقلً عن موقع السلم على الطريق على‬
‫شبكة المعلومات الدولية‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫النسماء الفغانيات تخليمن عمن براقعهمن إلى البمد‪ ،‬وأن الفتيات الفغانيات رجعمن إلى‬
‫المدارس ليطال عن ك يف ظفر نا بالغرب المري كي‪ ،‬وأ نّ ر مز الحضارة الغرب ية الثقا في‬
‫الك ثر أهم ية‪ ،‬و هو التليفزيون عاد للحياة الفغان ية‪ ،‬والفغان سعداء الن‪ ،‬وأحرار في‬
‫التنقل في أنحاء بلدهم لزرا عة الفيون‪ ،‬ويجب على المريكيين‪ ،‬والطفال المريكيين‬
‫على نحمو خاص‪ ،‬الشعور بالفخمر بكرمهمم المتمثمل فمي إرسمالهم المال والطعام إلى‬
‫أفغانسمتان‪ ،‬وممما يثلج صمدري أن أرى الطفال الفغان وهمم يسمتمتعون بأطعمتنما‬
‫المفضلة‪،‬و هى‪ :‬زبدة الفول ال سوداني والجلي والب سكويت العقدي‪ ،‬وعلى الر غم من أ نّ‬
‫الحرب في أفغانستان توشك على نهايتها‪ ،‬فإنّ أمامنا طريقا طويلً ينبغي أن نسيره في‬
‫العدييد مين الدول العربيية والسيلمية‪ ،‬ولن نتوقيف إلى أن يصيبح كلّ عربيي ومسيلم‬
‫مجردا من السلح‪ ،‬وحليق الوجه‪ ،‬وغير متدين‪ ،‬ومسالما‪ ،‬ومحبا لمريكا‪ ،‬ول يغطى‬
‫وجه امرأته نقاب‪ ،‬وأنّني مصمم على استخدام جميع مواردنا لتحقيق ذلك قبل انتخابي‬
‫لفترة رئاسيية ثانيية‪.‬وتقول رؤيتنما الجديدة للحكمم‪ ،‬أن الحكوممة ينبغمي أن تكون فعالة‬
‫ولكنهما يجمب أن تكون محدودة‪ ،‬وينبغمي أن تتولى جميمع المهام ممن دون أن تكون‬
‫متغطرسة‪ ،‬والتعليم ل يمثل الولوية الكثر أهمية بالنسبة إل يّ‪ ،‬وبتأييدكم لهذه الموازنة‬
‫سميجعلون منمه أولويتكمم الكثمر أهمي ًة أيضا‪ ،‬ونحمن نواجمه مشكلة خطيرة فمي الطاقمة‬
‫تتطلب سياسة قوم ية في مجال الطا قة‪ ،‬ولدى أمريكيا فر صة لتوسييع سيلمنا الحالي‪،‬‬
‫وتأمي نه عن طر يق الترو يج لدول ية أمريك ية متميزة‪ ،‬و سنعمل مع حلفائ نا وأ صدقائنا‬
‫لنكون قوة للخ ير ومنا صرين للحر ية‪،‬و سنعمل من أ جل ال سواق الحرة والتجارة الحرة‬
‫والتحرر من الق مع‪،‬والشعوب ال تي تح قق تقدما ن حو الحر ية‪ ،‬ستجد في أمري كا صديقة‬
‫لهما‪،‬وسمنعزز قيمنما والسملم‪،‬ونحمن بحاجمة لقوات مسملحة قويمة للمحافظمة على السملم‬
‫وعموما‪ ،‬لم يكن في مقدور أحد التنبؤ بقدوم ابن لدن‪ ،‬وبالتأثير الذي سيحدثه في أمتنا‬
‫وسمياستها الداخليمة والخارجيمة وعلى أيمة حال‪ ،‬وعلى الرغمم ممن مرتكمبي الفعال‬

‫‪84‬‬
‫الشريرة‪،‬حاف ظت على وعودي ال تي قطعت ها للش عب المري كي‪ ،‬با ستثناء أ مر وا حد‪ ،‬ف قد‬
‫أرغمتني حربنا ضد الرهاب‪ ،‬على توسيع موازنة حكومتنا بدرجة كبيرة في ما يتعلق‬
‫بالممن الداخلي ووزارة الدفاع (البنتاجون)‪،‬وكان يتعيّن علينما توسميع دورنما فمي مجال‬
‫المن والستخبارات ومراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة (س أي إيه) للمريكيين‬
‫المسملمين الذيمن تمم اعتقال اللف منهمم واحتجازهمم ممن دون أممر قضائي‪ ،‬وقمد قيّدنما‬
‫الحقوق والحريات المدنيمة تقييدا شديدا‪ ،‬وفرضنما قيودا على وسمائل العلم وحريمة‬
‫التعبير هنا‪ ،‬وفي قناة تلفزيون الجزيرة‪ -‬التي تبث من دولة قطر‪ -‬وجعلنا مهمّة الكشف‬
‫على المسمافرين وأمتعتهمم فمي المطارات شأنا فيدراليا‪،‬والمريكيون يؤيدوننمي فمي هذه‬
‫الجراءات المنيمة المهممة‪ ،‬ويمثمل وجود غيمر البيمض وغيمر اليهود والمسميحيين فمي‬
‫بلدنما‪ ،‬سمواء كان ذلك الوجود شرعيا أو غيمر شرعمي‪ ،‬خطرا على شعبنما‪ ،‬وبصمفتي‬
‫رئيسا لكم فإنّني مسؤول عن ضمان سلمتكم وستتغير سياستنا الخاصة بالهجرة‪ ،‬لتعكس‬
‫اهتمامات نا المن ية‪ ،‬و في الو قت المنا سب‪ ،‬ستصبح مدي نة نيويورك‪ ،‬ال تي عا نت كثيرا‪،‬‬
‫مدينمة بيضاء متجانسمة مرة أخرى‪ .‬وبمسماعدة وزيمر الدفاع دونالد رامسمفيل (الفحمل)‬
‫(ض حك وت صفيق) والدكتورة را يس‪ ،‬وبول فولفوي تز‪ ،‬وريتشارد بيرل‪،‬وو فد الكونجرس‬
‫اليهودي واللج نة المريك ية ال سرائيلية للشؤون العا مة (إيباك) طوّر نا سياسة خارج ية‬
‫دولية أمريكية فريدة‪ ،‬ولن تكون أمريكا بعد الن طرفا في معاهدة دولية تعرض أهدافنا‬
‫القتصمادية أو العسمكرية للخطمر‪ ،‬واسمتخدم هنما عبارة صمديقي شارون (ذلك غيمر ذي‬
‫صلة)‪ ،‬نع تبر جم يع المنظمات الدول ية ال تي تعارض أي هدف يتعلق بالم صلحة الوطن ية‬
‫المريكيمة السمرائيلية (غيمر ذي صملة) ويشممل هذا منظمات كالممم المتحدة والتحاد‬
‫والجام عة العرب ية ال تي ي جب في اعتقادي أن ي تم حل ها فورا‪ ،‬واللج نة الدول ية لل صليب‬
‫الح مر والفاتيكان وجم يع المنظمات ال سلمية‪ ،‬وعلى الر غم من أن محار بة مرت كبي‬
‫العمال الشريرة اسمتهلك معظمم الفائض‪ ،‬إل أننمي أقترح إنفاق ‪ 5‬مليارات دولر وهمو‬

‫‪85‬‬
‫مبلغ ي قل ع ما ندف عه سنويا إلى إ سرائيل لم ساعدة مواطني نا المتقدم ين في ال سن بتوف ير‬
‫تكاليمف الدواء لهمم‪ ،‬وبالنسمبة لي مبالغ أكثمر ممن ذلك فيجمب أن تأتمي ممن برناممج‬
‫مساعداتنا الخارجية الخاصة إلى إسرائيل‪ .‬وسنبدأ على الفور بالحفر في أرجاء أراضينا‬
‫للتنقيب عن النفط‪ ،‬وسنبدأ العمل في مشروع طموح لبناء خط أنابيب مباشر تحت الماء‬
‫ممن المملكمة العربيمة السمعودية والخليمج والعراق وإيران إلى نيويورك وعلى نفقتهمم‬
‫لضمان إمدادات نفط ية غ ير منقط عة ك ما قلت لهذه الهيئة في ‪ 20‬سبتمبر‪/‬أيلول ‪2001‬‬
‫وسمواء قدمنما أعداءنما للعدالة‪ ،‬أو طبقنما العدالة على أعدائنما‪ ،‬فسموف تتحقمق العدالة‬
‫وعموما فالنعطاف لعبمة عادلة‪ ،‬وقمد حان دورنما كمما قال رئيمس الوزراء البريطانمي‬
‫طوني بلير دعونا نعيد تشكيل العالم ليصبح على صورتنا وهكذا‪ ،‬وبفضل إلهنا سنقوم‬
‫نحن‪ ،‬شعوب العالم من الج نس البيض المتحضر‪ ،‬بفرض معتقداتنا الرزي نة والودودة‬
‫والتحريريية على عالم جائع لموالنيا ورسيالتنا‪ ،‬ولن يخضيع الرجال بعيد الن لشرط‬
‫إطلق اللحيى‪ ،‬ولن تخضيع النسياء لشرط تغطيية وجوههين وأجسيادهن‪ ،‬ومين الن‬
‫فصياعدا يحيق للعالم تناول الخمير والتدخيين وممارسية الجنيس السيوي أو الشذوذ‬
‫الجن سي‪ ،‬ب ما في ذلك سفاح القر بى واللواط والخيا نة الزوج ية وال سلب والق تل وقيادة‬
‫السيارات بسرعة جنونية‪ ،‬ومشاهدة الفلم والشرطة الخلعية داخل فنادقهم أو غرف‬
‫نومهم‪،‬وبالنسبة لشركاتنا التي تنتج مثل هذه المنتجات فسيحق لها الوصول من دون أي‬
‫عقبات للدول المتخلفمة التمي منعمت تلك الحريات عمن شعوبهما‪ ،‬والرهابيون المسملمون‬
‫خونة لعقيدتهم‪ ،‬وهم يحاولون في الواقع خطف السلم ذاته‪ ،‬ولهذا السبب نفصل نحن‬
‫في العالم اليهودي المسيحي سياستنا عن عقيدتنا‪،‬ونفصل حروبنا وإرهابنا عن العقيدة‪،‬‬
‫ولهذا السبب ل ترون في وسائل العلم تغطية للرهاب اليهودي أو الكاثوليكي‪ ،‬فعندما‬
‫نقتل‪ ،‬ل يتم هذا باسم اليمان‪ ،‬وإنما يتم للدفاع عن حريتنا وحضارتنا‪ ،‬فلماذا يكرهوننا؟‬
‫إنهمم يكرهون مما أراه ماثلً هنما فمي هذا المجلس‪ ،‬الرجال والنسماء الذيمن تمم انتخابهمم‬

‫‪86‬‬
‫ديموقراطيا بوسماطة أموال ممن شركمة أنرون وشركات النفمط والتصمالت اللسملكية‬
‫والتأم ين ومكا تب المحام ين‪ ،‬وأك ثر ما يكرهو نه هو أن مواطني نا من اليهود المريكي ين‬
‫ينفقون الملييمن للحصمول على تأييدكمم البدي لحليفتنما الوحيدة فمي العالم إلى جانمب‬
‫إنجلترا‪،‬وهمى إسمرائيل والختلف ممع بعضنما بعضا‪،‬وهمم يريدون الطاحمة بحكومات‬
‫قائممة فمي العديمد ممن الدول السملمية ولن نسممح بحدوث ذلك‪ ،‬ويريمد أعداؤنما طرد‬
‫إسمرائيل ممن الشرق الوسمط‪ ،‬وإرسمال اليهود إلى وليتنما اليهوديمة‪ ،‬نيويورك‪ ،‬وهمم‬
‫يريدون طرد الم سيحيين واليهود من غ ير الب يض من منا طق وا سعة في آ سيا وإفريق يا‬
‫وإر سالهم إلى ه نا‪ ،‬ول كن هذا لن ي تم إل على جث تي وحرب نا ضد الرهاب ل ت ستخدم‬
‫و سائل قابلة لن تخا طب الع قل البا طن‪ ،‬وهذه الحملة لم تتض من ق تل الفغان ف قط‪ ،‬بل‬
‫حرمان الرهابيين من الموال عن طريق إغلق كل الهيئات الخيرية والبنوك ومكاتب‬
‫الصرافة غير اليهودية م المسيحية هنا وحول العالم‪ ،‬ولن يتم بعد الن تصديق وتحمل‬
‫أعذارهمم عمن إطعام الطفال الجياع‪ ،‬وقمد لحقنما كمل دولة فمي نصمف الكرة الجنوبمي‬
‫للقضاء على‪ ،‬وتدميمر أي معارضمة ضمد حكومتنما الراهنمة‪ ،‬ويتعيمن على كمل دولة أن‬
‫تختار بيمن أن تكون أو ممع الرهابييمن‪ ،‬وإننمي سمعيد بإبلغكمم أن كمل واحدة ممن هذه‬
‫الدول ان صاعت لطلبنا‪ ،‬وأن الحكومات في كل تلك الدول اتخذت إجراءات حاسمة ضد‬
‫أعدائهما الداخلييمن الذيمن يعارضون ولء تلك الحكومات لمتنما إن أمريكما لم تكسمب‬
‫الحرب الباردة ف قط بقيادة (دادي) (بوش الب) ول كن لدي نا الن فر صة لتشك يل تحالفات‬
‫قو ية ودائ مة مع أعدائ نا ال سابقين‪ ،‬و من رو سيا وال صين وح تى اله ند‪ ،‬أقا مت أمري كا‬
‫شراكة ذات مدى عالمي لستئصال أي وجه شبه وأمل لنفصاليين (إسلميين) أو توق‬
‫لتحقيق الستقلل في هذه الدول وهذه الدول التي تضم نصف سكان العالم تقريبا‪ ،‬تحظى‬
‫الن بدعمنا الكامل لما تقوم به بجميع السبل لقمع واستئصال (الصولية السلمية) في‬
‫الشيشان وكشم ير وأويجورز في مقاط عة شينجيا نج ال صينية‪ ،‬ول كن‪ ،‬وق بل كل ش يء‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫أريد أن أعلن للعالم أن خضوعنا الكامل وتحالفنا مع إسرائيل) قوي كالحديد‪ ،‬وإنني أؤيد‬
‫بقوة وعلى نحمو كلي (الحرب ضمد الرهاب) التمي يشنهما شارون وتدميره للسملطة‬
‫ن الوليات المتحدة ستوقف جميع اتصالتها مع‬
‫الفلسطينية وعرفات‪ ،‬وإنّني أعلن اليوم أ ّ‬
‫عرفات وأتباعه من (مرتكبي العمال الشريرة) الذين يقتلون ويفجرون إخواننا وأخواتنا‬
‫ممن اليهود ولن نؤيمد بعمد اليوم قرار مجلس الممن رقمم ‪ 242‬الذي صموتت أمريكما‬
‫بالموافقمة عليمه فمي عام ‪ 1967‬كأسماس لعمليمة سملم‪ ،‬وقمد أوضمح لي شارون أننما ل‬
‫ن ستطيع أن نك يل بمكيال ين بخوض نا حربا ضد الرهاب ال سلمي بزعا مة ا بن لدن‪،‬‬
‫ومعارضة الحرب المماثلة التي تخوضها إسرائيل‪،‬وقد عانت إسرائيل لمدة ‪ 53‬عاما من‬
‫تهديد الجيوش العربية والحتلل الفلسطيني لرضها‪ ،‬وإنني أعرف أن وزارة الخارجية‬
‫في ع هد وزير ها الجنرال الحالي عمدت في ب عض الحيان على ن حو غ ير صحيح إلى‬
‫انتقاد إسرائيل كلما استخدمت طائرات (أف م ‪ )16‬التي نزودها بها لقصف مدرسة أو‬
‫كنيسمة فمي بيمت لحمم‪ ،‬ولكننمي أسمتطيع القول بكمل ثقمة أننمي والجنرال ندرس هذا معا‪،‬‬
‫ولذلك ف سوف يم ضي بق ية فتر ته في الوزارة لضمان سلم إ سرائيل وأمن ها‪ ،‬و سندفع‬
‫لسرائيل مبلغ ملياري دولر لمساعدتها على تعويض خسائرها القتصادية الناتجة عن‬
‫هجمات ‪11‬سمبتمبر(أيلول) ونحمن ل نسمتطيع أن ندع الجهات الرهابيمة والدول المارقمة‬
‫تعادي هذه الدولة أو حلفاءنا وقد توصلت أمريكا أخيرا لمصيرها الواضح‪ ،‬ولن نتعامل‬
‫بعمد الن بردود الفعال‪ ،‬ولن نسممح بجرنما إلى صمراعات‪ ،‬ولن نكون بعمد الن الدولة‬
‫التمي يأتمي إليهما العالم لتصمنع السملم وتبنمي الدول‪ ،‬فمصمير أمريكما الن واضمح أمام‬
‫العالم‪ ،‬فنحن سنكون من يشن الحروب على كل من نختاره هدفا لنا‪ ،‬ونحن الذين سندمر‬
‫ق بل أن نع يد البناء‪،‬ولن ن قف ب عد الن مكتو في اليدي والعالم يغرق في دمائه فأمري كا‬
‫تع مل من أ جل ال سلم‪ ،‬ولكن نا إذا رأي نا هناك حا جة لرا قة الدماء ف سنقوم بذلك بأنف سنا‪،‬‬
‫ومن الن فصاعدا ستقرر أمريكا متى وأين وكيف ولماذا تشن الحرب أو تحقق السلم‪،‬‬

‫‪88‬‬
‫و قد انتقلت دولت نا ب كل ف خر من (غ ضب الشوارع) إلى (الغ ضب الخار جي)‪ ،‬و قد ن جح‬
‫هذا في حالة (إسرائيل) وهو ناجح الن بالنسبة لنا ولحليفاتنا روسيا والصين والهند‪.‬‬
‫والدي‪ :‬وك ما قال (دادى) في خطا به عن حال التحاد في ‪ 29‬ينا ير كانون الثا ني عام‬
‫‪1991‬م أج يء إلى مجلس الش عب هذا لتحدث إلي كم ولجم يع المريكي ين وأ نا على ث قة‬
‫من أننا نقف عند لحظة حاسمة‪ ،‬ففي بقاع مختلفة من العالم‪ ،‬نخوض كفاحا عظيما في‬
‫الفضاء والبحار وعلى الرمال‪ ،‬ون حن نعلم لماذا ن حن هناك‪ ،‬فن حن أمريكيون وجزء من‬
‫ش يء أ كبر م نا بكث ير ولمدة قرن ين أنجز نا الع مل الشاق الخاص بالحر ية‪ ،‬والليلة‪ ،‬ن حن‬
‫نقود العالم في مواجهة خطر يهدد الصول والبشرية‪ ،‬وفي ما عدا استثناءات قليلة‪ ،‬فإن‬
‫العالم يقف كوحدة واحدة‪.‬‬
‫يما (دادى)‪ :‬إننيي آميل أن أكون قيد حافظيت على إرث آل بوش حيا بمحاربية‬
‫العرب والمسلمين كل عشر سنوات‪ ،‬لضمان استمرار الفوضى في بلدهم‪ ،‬ولن يجبرنا‬
‫ملك أو أمير عربي نفطي على تحسين كفاية وقود سياراتنا المتطورة‪ ،‬وهذا ما لن يحدث‬
‫وأنما رئيمس للوليات المتحدة وعلى العكمس‪ ،‬سميضطرون لزيادة النتاج وتخفيمض‬
‫السعار‪ .‬وينبغي أن تتاح الفرصة لجميع المريكيين ليكسبوا المال خلل انتقامنا من ابن‬
‫لدن وأعوا نه من مرت كبي أعمال ال شر الم سلمين وهذا هو أ قل ما يم كن أن نقوم به‬
‫لتكر يم أبطال نا الذ ين سقطوا في ‪ 11‬سبتمبر(أيلول)‪ .‬هذا عالم تفوق ضبابي ته كثيرا ع ما‬
‫كان في الما ضي‪ ،‬ل قد ك نا وقتذاك على ث قة من أن نا في مواج هة مع الروس‪ ،‬ولن نا ك نا‬
‫على ثقة فقد كانت لدينا ترسانات أسلحة نووية هائلة موجهة إلى بعضنا بعضا من أجل‬
‫المحافظة على السلم‪ ،‬وكان ذلك هو ما كنا متأكدين منه ‪ ..‬وكما ترون‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫من أ نه عالم ضبا بي‪ ،‬فإن نا ك نا على ث قة بشأن ب عض المور‪ ،‬وك نا متأكد ين أ نه على‬
‫الر غم من أن (إمبراطور ية ال شر) رب ما ل تزال‪ ،‬إل أن ال شر ل يزال موجودا‪ ،‬ون حن‬
‫على ثقة من وجود أناس ل يستطيعون تحمل ما ترمز إليه أمريكا ‪ ..‬ونحن متأكدون من‬

‫‪89‬‬
‫وجود رجال مجانين في هذا العالم‪ ،‬ومن وجود إرهاب‪ ،‬وهناك صواريخ وإنني على ثقة‬
‫من هذا أيضا‪ ،‬وإنني متأكد من قدرتي على المحافظة على السلم والفضل بالنسبة لنا‬
‫أن تكون لدينما قوات مسملحة تتمتمع بروح معنويمة عاليمة وإننمي واثمق ممن أن الروح‬
‫المعنوية في ظل هذه الدارة‪ ،‬متدنية بصورة خطيرة‪ .‬شكرا لكم وليبارك ال أمريكا‪...‬‬

‫‪90‬‬
‫فهرست الموضوعات‬
‫‪..........................................................................................................................................................2‬المقدمة‪:‬‬
‫انظر العولمة والحياة الثقافية في العالم السلمي‪ :‬الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري‪ ،‬المنظمة السلمية للتربية والعلوم ‪-‬‬
‫‪........................................................6‬والثقافة‪ -‬أيسيسكو‪ -‬الرياض‪ .‬وهو موجود على موقع أيسيسكو‪-‬شبكة المعلومات الدولية‪.‬‬
‫‪...................................................................................6‬انظر العولمة والحياة الثقافية في العالم السلمي‪ :‬مصدر سابق‪- .‬‬

‫‪91‬‬

You might also like