Professional Documents
Culture Documents
السداسي الثاني
أعزائي الطلبة ،أضع في متناولكم هذه المحاضرات من أجل الحفاظ على الجانب األكاديمي والسير
الحسن للدروس وعدم انقطاعها تجاوزا للظروف وهذا الوضع الذي تمر به بالدنا وسائر العالم إثر هذه
.الوضعية الوبائية عفانا هللا وإياكم منها ورفع عنا هذا الداء في أقرب اآلجال فهو نعم المولى ونعم القدير
سيتم نشر هذه الدروس بصفة متقاطعة وذلك وفقا للمستجدات التي تطلعنا بها الوزارة الوصية وكذا
الدولة الجزائرية ،وفي انتظار انقشاع هذه األزمة سنقوم بالتعامل مع طلبتنا األعزاء بوضع الدعائم
.البيداغوجية عبر الخط وفي انتظار ذلك تمنياتي لكم بمراجعة ذكية ومثمرة
يتناول المقياس النظريات السوسيولوجية الحديثة ،ولفهم النظريات التي سنتناولها وإدراك ما يميز بعضها
البعض ،يتعين توضيح ثالث مسائل رئيسية :ما معنى النظرية في علم االجتماع ،وما المقصود
بالنظريات السوسيولوجية الحديثة وماهو تصنيف هذه النظريات؟
علم االجتماع هو في آن واحد علم بمعنى العلم في العلوم الطبيعية وبمعنى العلم في علم اإلنسان ،أي أنه
يدرس الظواهر االجتماعية باعتبارها تخص اإلنسان في مجتمعه وبتطبيق نماذج تفسيرية مستعارة من
علوم الطبيعة والبيولوجيا .ولهذا فإن معنى النظرية في علم االجتماع قريب من معناها في هذه العلوم
.ومختلف عنه
ولتوضيح الفكرة لنبدأ بتعريف مفهوم النظرية ونقول أن هنالك استخدامان لهذه الكلمة ،استخدام عام
واستخدام علمي ،وهناك فرق شاسع بينهما .في االستخدام العام تعني نظرية رأي مبني على امتالك
قدرات ذهنية إلعطاء داللة منطقية للعالقات بين األشياء لتفسير أسبابها ونتائجها .فالنظرية بهذا المعنى
هي رأي مبني على تصور منطقي للبديهيات والتصورات والمالحظات لتفسير الظروف التي تحكم
حدوث الظواهر في المجتمع .أما في المجال العلمي تشير النظرية إلى نموذج مقترح لشرح ظاهرة أو
ظواهر معينة بإمكانها التنبؤ بأحداث مستقبلية ويمكن نقدها .ينتج من ذلك أنه في المجال العلمي النظرية
والحقيقة ليسا شيئين متضادين .مثال الحقيقة هي أن األجسام تسقط إلى مركز الكرة األرضية والنظرية
التي تشرح سبب هذا السقوط هي الجاذبية مثال على ذلك خطأ نظرية أرسطو (مركزية األرض) بأن
األرض هي مركز الكون وأن الكواكب والنجوم تدور حول األرض وثبوت صحة نظرية "فيالكوس
كوبرنيكوس" بأن الشمس هي المركز (مركزية الشمس) .وتنطلق النظرية من مسلمات أو مبادئ متفق
.عليها وتكون أساسا لبناء النظرية وما يترتب عليها من نتائج
وهكذا أصبحت كلمة النظرية تستعمل في الوقت الحاضر للتعبير عن نسق منطقي يتكون من المالحظات
والمبادئ الفكرية والمسلمات وتكون وظيفة هذا النسق هي تمكين المتحدث من تحديد الشروط التي تسمح
بتحقيق جملة معينة من اإلعتبارات الفكرية ،أي كيفية التعبير عن المالحظات المسجلة حول واقع معين
.في أفكار قابلة للتحقق تجريبيا ،أي في واقع جديد
أما معنى النظرية العلمية فيقترب من التعريف المعاصر حيث تعرف هذه النظرية بأنها عرض لنسق
.مجرد يقوم على الجمع بين الفرضيات والبرهنة
وعليه يمكن القول أن النظرية العلمية تقوم أساسا على المالحظات أو اإلفتراضات التي تم التحقق منها
من طرف العلماء في تخصص معين أو في عدة تخصصات علمية في مدلولها التجريبي .ولالنتقال من
المالحظات واألفكار المسجلة من القيام بهذه المالحظات يتعين توفر شرطين :ظروف تتميز بعدم وجود
براهين التحقق من الوقائع التي تحدث فيها واستعمال الفرضيات التي هي افتراضات وشروح حول
ميدان تكون فيها قابلة للتحقق وتمكين المالحظ (الباحث) من إدراكها والتعبير عنها في نسق مجرد
.بالمعنى الذي أشرنا إليه
إذن هناك اتفاقا على أن النظرية بالمعنى العلمي هي تفسير لظاهرة معينة من خالل نسق استنباطي
يتضمن مجموعة مفاهيم وقضايا نظرية توضح العالقة بين الوقائع وتنظمها بشكل له معنى ،إضافة إلى
أنها ذات بعد إمبريقي يستند إلى الواقع ومعطياته قابل لالختبار ،كما أنها تنبؤية تساعد على تفهم مستقبل
الظواهر .أي أن النظرية تزداد صحة عندما تقدم تنبؤات بشأن ظواهر غير مثبتة بعد ،ثم تأتي األرصاد
والتجارب بإثباتها .العامة مثال تنبأت بانحرافات دقيقة في مدار الكوكب عطارد لم تكن مرصودة بعد،
.وتم التحقق من ذلك بعد ظهور النظرية مما أعطاها مصداقية أكبر
:ويستلزم البناء النظري وفق هذه التعريفات السابقة توفر المقومات اآلتية
وجود إطار تصوري أو مجموعة من المفاهيم تتناول مفهوم النظرية ونقسم إلى مفاهيم وصفية وأخرى -
.علمية
.مجموعة من القضايا تبين كل قضية عالقة معينة بين مجموعة من المتغيرات -
.ترتيب القضايا تبين كل قضية عالقة معينة بين مجموعة من المتغيرات -
ترتيب القضايا التي تتناولها النظرية في نسق استنباطي يبدأ بالمقدمات وينتهي بالتوصل إلى النتائج -
.وفي اتساق منطقي
أن تكون مكونات النظرية واضحة ودقيقة ،محددة األلفاظ والمعاني والمضامين .تبين غرض النظرية -
.عموما وأهداف كل مكون من مكوناتها تخصصا
.أن تعبر النظرية على ما تدل عليه بإيجاز يبين محتواها وأغراضها وأهداف كل جزء من أجزائها -
.أن تشتمل النظرية على معظم الجوانب التي تكون تلك النظرية وتحللها وتفسرها قدر اإلمكان -
أن تكون النظرية ذات موضوع وإطار تفسيري خاص بها بحيث ال تتداخل مع نظرية أخرى تتناول -
وتفسر نفس الموضوع والقضايا .أن تكون منفردة في موضوعها ومشروعها ذلك ألن وجود نظرية
أخرى تدرس الموضوع وتفسره بنفس العوامل والطرق بضعف النظرية ويجعلها تكرارا ال مبرر له
.يتنافى مع قاعدة االقتصاد العلمي
أن تستمد النظرية إطارها المرجعي والتفسيري من حقائق ومالحظات واقعية يمكن اختبارها علميا -
بشكل يثريها ويمنحها الخاصية العلمية .أي أن تكون للنظرية أرضية واقعية تعتمد على مالحظات
دراسات واقعية من ناحية ،وأن تكون قابلة لالختبار العلمي .فالنظرية التي تأتي بقضايا تستعصي على
.االختبار ال تعد نظرية علمية
:وظائف النظرية
وضع اإلطار التصوري ألبعاد وعالقات الموضوع المدروس ،وتحديد المعطيات وكيفية تنظيمها ومن -
.ثم تصنيفها والعالقات والظاهرة مستقبال ،الترابطات والتداخالت فيما بينها
.التنبؤ أي االنتقال من المعلوم من الحاالت والوقائع إلى الحاالت المشابهة أو المجهولة -
يعرف "تالكوت بارسونز" والذي يعتبر من المنظرين الرئيسيين في علم االجتماع ،النظرية بأنها نسق
للقوانين وهو تعريف يندرج أكثر في إطار المعنى المتداول في علوم الطبيعة .ويعرف "روبرت مرتن"
النظرية بأنها كتصورات منطقية مترابطة فيما بينها وتتميز بأنها ال تكتسي بعدا كليا محدودا وأنها بكونها
كذلك تسمح للمالحظة المنظمة لمعاينة أكبر عدد ممكن من السمات المتكررة والمميز للسلوك
االجتماعي .ومن جهة يميز "ريمون بودون" بين معنيين أو مدلولين لكلمة النظرية في علم االجتماع،
معنى ضيق ويقصد به نسق افتراضي استقرائي لجملة من االعتبارات أو المقترحات المفسرة للواقع
المالحظ ،ومعنى عام أو واسع يشمل إلى جانب المعنى الضيق ،ثالثة أنواع من النماذج التحليلية وهي
النماذج التحليلية النظرية أو المماثلة والنماذج التحليلية الشكلية أو الصورية وأخيرا النماذج التحليلية
المفاهمية .ويمكن أن نضيف إلى هذه التعاريف الثالثة تعاريف أخرى إال أننا نكتفي بها ألنها على الرغم
:من اختالفها تتضمن عناصر تسمح بتعريف توافقي للنظرية في علم االجتماع على النحو التالي
تعني النظرية في علم االجتماع هي كيفية لتصور ورؤية الوقائع وتنظيم تمثلها .أي أنها اإلطار الفكري"
الذي يسمح بتعريف ووصف وفهم وشرح وإدراك وتوقع ظاهرة معينة أو جملة من العالقات الخاصة
بهذه الظاهرة وهذا بالتحقق من الفرضيات التي يقوم عليها هذا اإلطار الفكري .فالنظرية تسمح بتنظيم
النظر وإدراك الوقائع وتنظيم تمثلها في الفكر ،فهي إذن تساعد على شرح وإنتاج أو بناء مفاهيم لتفسير
جملة من المالحظات المنتظمة والمتعلقة بظواهر وسلوكات معقدة .فالمفاهيم والتعليالت هي عناصر
أساسية في النظرية السوسيولوجية فهي تسمح باكتشاف ماهو مخفي .وعليه يمكن اعتبارها بناء فكري
".أخذ طابعا منظما انطالقا من مالحظات منتظمة لعدد من جوانب الحياة االجتماعية
يعتبر علم االجتماع علما فتيا فهو إذن علم حديث مقارنة بالعلوم االجتماعية واإلنسانية األخرى مما يدفع
إلى االعتماد على أن كل النظريات التي ظهرت في علم االجتماع هي نظريات حديثة ،إال أن تتبع تطور
علم االجتماع منذ ظهوره إلى يومنا هذا قد يدفعنا إلى تغير الرأي أو على األقل إلى افتراض أن المقصود
بصفة الحديثة هو اإلشارة إلى مرحلة معينة من تطور علم االجتماع منذ دخول اإلنسانية في المرحلة
.الحديثة .وحتى يمكن اكتشاف هذه المرحلة يتعين تتبع مراحل تطور علم االجتماع
إن علم االجتماع تخصص حديث النشأة وهو ما يزال في طور البناء ،ولهذا فمن الصعب التمييز ما بين
علم اجتماع قديم وعلم اجتماع معاصر وقد يبلغ األمر حد عدم االتفاق على مراحل محددة لتاريخه وهو
ما يمكن التحقق منه خالل مالحظة أن المؤرخين لتطور علم االجتماع ال يعتمدون نفس التصنيف بل أن
.كل منهم يختار التصنيف الزمني لهذه المراحل انطالقا من موقفه االبستمولوجي إزاء علم االجتماع
ال يهمنا هنا مناقشة مختلف التصنيفات لمراحل تطور علم االجتماع لتفضيل تصنيف معين بل أننا نسعى
في تناولنا لنشأة علم االجتماع لنبين أن علم االجتماع ليس مجرد نشاط فكري منعزل عن الحياة
االجتماعية وليس مجرد تسجيل لهذه الحياة ومن ثمة ال يمكن اعتبار تاريخ تطوره مجرد تدوين لمختلف
مراحل تطور نسق فكري أو لمختلف األحداث التي شهدتها المجتمعات اإلنسانية .من خالل تناول تطور
علم االجتماع منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا نريد أن نبين أن هذا التطور هو
انتقال من وضعية معينة لقراءة الواقع االجتماعي إلى أخرى تبعا لمجموعة من الظروف الفكرية
واالجتماعية والمؤسساتية وهذا ما يقودنا إلى اعتبار تاريخ علم االجتماع هو تطور لمشروع وممارسة
علمية تحددت مراحلها الكبرى تبعا لظروف تطور األفكار واألحداث على المستوى العلمي ومراحلها
.القطرية أو الجهوية تبعا لظروف تطور هذه الممارسة في كل مجتمع
وانطالقا من هذا الموقف نميز ما بين المراحل التالية لتطور علم االجتماع من مشروع فكري وعلمي
.إلى ممارسة علمية
علم االجتماع علم حديث النشأة ومتأخر ولم يكن هناك علم االجتماع بل كان ها يسمى بالفيزياء
االجتماعية ،فلقد تكون هذا العلم في نهاية القرن 19وأواخر القرن .20وعلم االجتماع هو علم حديث
أي لم يصل بعد إلى مستوى من النضج أو التكامل التي تمتاز به العلوم االجتماعية األخرى سواء في
مقياس الموضوع وإذا درسنا كل العلماء االجتماعيين حول موضوع علم االجتماع ،ال نجد إتفاق حول
موضوع علم االجتماع .فهناك من يقول أنه يدرس المجتمع وهناك من يقول بأنه يدرس الفعل االجتماعي
وهناك آخرون قولون أنه يدرس العالقات االجتماعية .لكن في الحقيقة أو في الواقع إذا بحثنا في علم
االجتماع وتساءل في موضوعه نجد أن لديه حقل معرفي ثابت وهو حقل التصورات االجتماعية أو حقل
الوعي االجتماعي لكن ألسباب شتى ومنها النضج الكامل لم ينتقل علم االجتماع من مستوى الحقل إلى
مستوى الموضوع .كذلك هناك اختالف بين علماء االجتماع فيما يخص أصل علم االجتماع وهو
المقياس الثاني والمتمثل في إرجاع األصل في ظهور علم االجتماع إذ وجد عدم اتفاق فيمن كان له
الفضل في ظهور علم االجتماع ،فهناك علماء يرجعون األصل إلى مونتسكيو وهناك من يرجعونه إلى
سان سيمون وهناك من يرجعه إلى دوركايم ،إلى ابن خلدون وأخيرا إلى ماركس وفي بعض األحيان
.نجد أنه نفس الفرد له أطروحات مختلفة
أما المقياس الثالث فيتمثل في :هل لعلم االجتماع قوانين؟ ففيما يخص القوانين فيمكن أن نتفحص كل
البحوث االجتماعية فال نجد أي قانون لهذا العلم أي قانون سوسيولوجي ،لكن هذا اإلختالف ال نجده عند
علماء االجتماع فقط بل نجده حتى عند عالم اجتماعي واحد مثل دوركايم الذي يقول أن مصدر القانون
يرجع إلى كونت وسان سيمون .وعلم أن العلم يمتاز بإنتاج قوانين ثابتة ،ولكن في علم االجتماع ال نجد
سوى عالقات إحصائية ثابتة سواء إذا نظرنا إلى علم االجتماع من الناحية النظرية والتطبيقية فال نجد
هناك قوانين بل نجد هذه العالقة اإلحصائية تتكرر أو عالقة بين الظواهر المختلفة لكن ال نجد قوانين
.بمعنى الكلمة
أما فيما يخص مقياس المفاهيم ،فإن كل علم عبارة عن نسق من المفاهيم المنظمة المنسقة حول
موضوع معين ،فإذا بحثنا في المفاهيم األساسية في علم االجتماع نجد أنه لم يتفق عليها علماء االجتماع
وليس لهم مفهوم واحد .مثال مفهوم االجتماعي Le socialال نجد له مفهوم واحد عندهم بل نجد فرق
كبير بين تحديد كل عالم اجتماع ،والشيء نفسه بالنسبة لتحديد مفهوم المجتمع Sociétéحيث نجد أن لكل
.عالم اجتماع تحديده الخاص لهذا المفهوم والذي يختلف من دوركايم إلى بورديو مثال
ومن خالل هذا كله نالحظ عدم استقرار كبير ألن علم االجتماع علم غير ناضج وعامل عدم االستقرار
.هذا لعلم االجتماع يجعلنا نفهم أهمية النقاش اإلبستمولوجي الذي يأخذ مكانا في علم االجتماع
وفيما يلي سنقوم وبإيجاز إلى الكشف عن تطور علم االجتماع عبر مراحل تاريخية كبيرة والتي نوجزها
:كاآلتي
المرحلة األولى ( :)1860 -1790مرحلة االنتقال من الفيزياء االجتماعية إلى علم االجتماع ،اكتشاف
موضوع جديد للمعرفة العلمية
ال يمكن اعتبار ميالد علم االجتماع وليد الصدفة بل هو نتيجة الجتماع عدد من الظروف الفكرية
واالجتماعية والسياسية واالقتصادية ،أي أن ميالده هو حصيلة لتحول في عدد من العلوم امتد عدة
سنوات ووجد في الظروف االجتماعية واالقتصادية والسياسية للمجتمعات األوروبية في القرن التاسع
عشر مناخا مناسبا إلنتاج ممارسة علمية جديدة .وتعتبر أعمال ابن خلدون مساهمة أساسية في التحوالت
الفكرية التي مهدت لميالد هذا العلم .ولتبسيط تداخل مختلف هذه الظروف واألحداث العلمية والفكرية في
:ميالد علم االجتماع ،يبدو من األجدر اإلشارة إلى ما يلي
إن علم االجتماع يحمل آثار مختلف تطور وضعية العلوم االجتماعية 2-
إال أن ميالد علم االجتماع ليس نتيجة تأثير الثورات الثالث وحدها بل أن ميالده يحمل أيضا آثار
التحوالت التي شهدها حقل العلوم االجتماعية .ففي فرنسا سجل تطور الوضعية على يد أوغست كونت
وفي بريطانيا (الجناح اإلنجليزي) شهدت العلوم االجتماعية تطورا تحت تأثير هربرت سبنسر (-1820
) 1903لبناء سوسيولوجية وضعية عضوية تحت ما يعرف باإلتجاه الوظيفي (والذي سنتطرق إليه
.الحقا مع النظرية الوظيفية)
وأغلبية منظري هذا العلم الجديد هم من العلوم الطبيعية وحاولوا بناء مناهج دقيقة تشبه المناهج
المستعملة في العلوم الطبيعية وكل هذا من أجل نقد األفكار السائدة في المجتمع آنذاك وهكذا تطرقوا
ألعمال نستطيع تسميتها إبستمولوجية .والكثير من العلماء يعتبرون أنهم المؤسسين للعلوم اإلنسانية ألنهم
وضعوا خطاب علمي ولهذا فتحوا الباب لمبتكري الفيزيولوجية اإلجتماعية وأشهرهم "سان سيمون"
والذي انطلق من فكرة بناء مجتمع جديد ألنه كان يعتبر أزمة المجتمع األوروبي في أن النظام القديم لم
يزول كليا وأن الثورة لم تنتهي والمجتمع الجديد بواسطة النقد العلمي للنظام السائد ومحاولة اقتراح
النظام الجديد أو مشروع إجتماعي جديد ،ويعتبر أول من أعطى تحديد للمجتمع وألول مرة في كتاب له
ويقول" :المجتمع ليس مجرد جمع من األفراد فاآللة منظمة كل جزء منها يشارك في سير الكل وتجمع
األفراد يمكن من تسيير الكل االجتماعي" .وقد طور أوغست كونت أفكار سان سيمون إلى درجة تكون
نسق نظري منسجم وهذا النسق سيصبح معروف تحت اسم الوضعية ،وهو تركيب من العبارة المعروفة
Politique positiveوالتي استعملها ألول مرة سنة .1824وبالوضعية يعني كونت هذا النسق النظري
.الذي ال يعترف إال باإلقتراح العلمي الذي يعبر عن األحداث التي تخضع إلى التجربة
وتحت تأثير تطور الوضعية والعضوية ظهرت نزعة أخرى والتي ستساهم في نشأة العلوم االجتماعية
وهي ظهور ممارسات علمية مختلفة مثل اإلحصاء األخالقي والقضائي أو القانوني في الثالثينات من
خالل إدخال التكميم والقياس في المادة التي يهتمون بها أي القانون األخالقي ،إلى جانب ظهور
الرياضيات االجتماعية من جهة أخرى .هذا يعني أن كل العناصر الضرورية لتطور علم االجتماع
.كانت متوفرة سواء كانت ظواهر موضوعية أو ذاتية
إن ميالد علم االجتماع يحمل آثار تطور الفكر السياسي 3-
وإلى جانب هذه التحوالت المشار إليها أعاله ،تأثر علم االجتماع بالتطور الذي شهده الفكر السياسي
األوروبي تحت تأثير أفكار إليكسيس دو طوكفيل ( )1859 -1805وأفكار االشتراكية الطوباوية التي
تمثلها أطروحات بيار جوزيف برودون ( )1865 -1809والماركسية التي وضع أسسها كارل ماركس
)1883 -1818(.
وهذه المرحلة سميت بمرحلة الفردانية االجتماعية ،أي اعتبار المجتمع هو عدد من الذرات الفردية ،هذه
المرحلة كان لها صدى على اتجاه معين وتسمى بمدرسة اإلديولوجيين ،هؤالء هم جماعة من المفكرين
كانوا يفهمون من اإليديولوجية هو محاولة بناء علم جديد وهو "علم األفكار" أي أن كل األفكار في
المجتمع يسمونها إيديولوجية وذلك بدال من الميتافيزيقا التي كانت سائدة وعلم النفس الناشئ ،ألن هذين
العلمين في رأيهم ال يكفيان وهكذا اقترحوا موضوع جديد هو "علم األفكار" وهدفهم من ذلك هو معرفة
الواقع للتأثير على الواقع (المجتمع السياسي) وكانوا يريدون بث أفكار جديدة وهذا من أجل ممارسة
.وإعادة التفكير السياسي (هدف) من خالل معرفة األفكار
ويمكننا إدراك العالقة بين ميالد علم االجتماع من جهة وتأثير الثورات الثالث وتطور العلوم االجتماعية
والفكر السياسي األوروبي من خالل فهم اإلنتقال من استعمال مصطلح الفزيولوجيا االجتماعية إلى
.الفيزياء االجتماعية إلى علم االجتماع
أوغست كونت ( ،)1857 -1798شارل فوريه ( ،)1837 -1772كارل ماركس (،)1883 -1818
أدولف كيتليه ( ،)1874 -1796كلود هنري سان سيمون ( ،)1825 -1760هربرت سبنسر (
،)1903 -1820إليكسيس دو طوكفيل ( ،)1859 -1805طوماس مالتوس ( ،)1834 -1766لويس
.دو بونالد ()1840 -1754
المرحلة الثانية ( :)1890 -1860علم االجتماع يبحث عن هويته
ابتداء من 1860دخل علم االجتماع مرحلة البحث عن هويته وهذا في ظل التعثر الذي شهده الفكر
االجتماعي بعد وفاة أوغست كونت وإيليكسيس دو طوكفيل وتقلص فكر كل من هربرت سبنسر
وماركس واالتجاه لدى أصحاب القرار اإلداري والسياسي إلى تفضيل اإلصالحات االجتماعية
واالقتصادية بدل مواصلة التفكير االجتماعي الشامل .فبعد زوال تأثير كل من كونت وتوكفيل على الفكر
االجتماعي أما ماركس فقد اهتم بعمل ضخم والذي ظهر فيما بعد خاصة في كتابه "أسمال" واهتم أيضا
بالممارسة السياسية خاصة بما يسمى بالعالمية الشيوعية فهي أيضا مرحلة تغيير سياسي في أوروبا
.خاصة في فرنسا مع ظهور اإلمبراطورية
وقد تجلى هذا البحث لعلم االجتماع عن هويته من خالل تسجيل المالحظات التي ميزت تطور الممارسة
:العلمية في الجامعات والحقول العلمية كما هو مبين فيما يلي
االتجاه إلى تفضيل العمل الميداني المباشر ظهر جليا في فرنسا على ممارسة السياسة وفي العمل 1-
االجتماعي بعدا كبيرا في فرنسا وهذه المرحلة على مستوى السياسة تتميز بالتدخل الكثير للدولة في
الشؤون االقتصادية واالجتماعية ،وكنتيجة هذا التدخل ظهر العديد من الدراسات والتي كانت نتيجة طلب
تأتى من الدولة .ففي فرنسا مثال في ذلك الوقت مع ظهور اإلمبراطورية كان هدف السلطة هو مراقبة
الحركة العمالية ،معناها مراقبة سياسة حول األوساط االجتماعية ولهذا كانت معرفة هذا الوسط
ضروري أي الدولة تحتاج إلى معرفة دقيقة لهذه الفئة االجتماعية لتحتاج خطة لمراقبتها .وهنا ظهر
اتجاه آخر وهو اإلتجاه اإلمبريقي أو التجريبي ،وهذا االتجاه ينطلق من الفرضية التالية :يفترض أن
معرفة المجتمع غير ممكنة إال بواسطة معرفة الوحدات االجتماعية المكونة لهذا المجتمع ويعتبر أن
العائلة هي الخلية األساسية للمجتمع .هذا البرنامج الجديد لفريدريك لوبلي انتقل إلى الدراسات العمالية
وقام بدراسة واسعة في منوغرافيات العائلية وهذا البحث ظهر على شكل كتاب سنة 1855تحت عنوان
"العامل األوروبي" وألول مرة أصبح هناك أنوغرافية واسعة ارتكزت على تقنية المالحظة المباشرة أو
التنقراطية وعلى التحليل المقارن بين العائالت وهذا هو قياس الحياة االجتماعية من أجل بناء
استيراتيجية لتسيير مراقبة هذه الحياة االجتماعية معناه أن عمل لوبلي كان مرتبطا ببرنامج سياسي من
طرف نابليون الثالث لمحاولة تدجين الحركة العمالية .وكل هذا انعكس على الممارسة العلمية في
الجامعات حيث كبر شأن أتباع فريديريك لوبلي ( )1882 -1806وبرز دور المدرسة المستقلة للعلوم
.السياسية
تنوعت النماذج التي أصبح علم االجتماع يرتكز عليها إذ أنه إلى جانب البيولوجية أصبح لكل من 2-
.العضوية والتعاقدية والفلسفة األلمانية المعادية للوضعية شأنا في تصور بناء وممارسة علم االجتماع
افتقار علم االجتماع لمؤسسات علمية قوية إلجراء البحوث ونشر نتائجها وتشكيل قوة اقتراح وخبرة 3-
.مؤثرة في اتخاذ القرار والتفكير حول القضايا االجتماعية الكبرى والجزئية
وتسمى هذه المرحلة أيضا بالمرحلة الكالسيكية للعلوم االجتماعية والتي بدأت في نصف القرن 19
وامتدت غلى غاية القسم األول من القرن .20وتميزت هذه المرحلة باشتداد التنافس ما بين المدرسة
الفرنسية والمدرسة األلمانية حول تصور وقيادة علم االجتماع وهذا في سياق بعد بروز مالمح تحول علم
االجتماع إلى علم خاص بالجوانب االجتماعية .فقد صدرت عدة مؤلفات ونشريات ومجالت في علم
االجتماع .كما تأسست عدة جمعيات وفتحت بعض كراسي األساتذية في عدد من الجامعات مما أعطى
لممارسة علم االجتماع مؤسساتها األولى وساهم في خلق نقاش علمي وتشكل مجال للممارسة كان لعلماء
االجتماع الفرنسيين واأللمان دورا كبيرا في تنشيطه في محاولة منهم لبسط نفوذ مدارسهم .وفي سياق
:هذا الحوار الفرنسي األلماني حول علم االجتماع نسجل
(-1832تطور النقاش حول علوم الفكر في ألمانيا بفضل أعمال كل من ويلهلم مالكسيان وندت 1-
) Wilhelm Maximilien Wundt 1920حول علم النفس العلمي وفرديناند تونيز )1833-1820(1حول
1
اهتم فرديناند تونيز بفكر هوبز نشر كتابه الشهير "مجتمع العشيرة" وبقي هذا الكتاب من أهم الكتب في علم االجتماع-.
وفي هذا الكتاب يميز فرديناند بين نوعين من اإلرادة :إرادة مرتبطة بالمادة العضوية أو إرادة عضوية أو إرادة عضوية
فقرية أي مرتبطة بالغريزة ،والنوع الثاني هي إرادة حرة والتي ترتكز على التفكير والعقل أي ترتكز على قاعدة
سيكولوجية .التمييز بين هذين النوعين من اإلرادة أدى فرديناند إلى التمييز الثاني أو بين نمطين اجتماعيين :اإلرادة
الطبيعية العضوية هي مصدر العشيرة والوحدة األساسية للعشيرة هي الروح العائلي أو العصبية العائلية ،وتمتاز العشيرة
بخضوعها إلى التقاليد وتعيش في مجال ريفي .أما ممارسة اإلرادة الحرة هو مصدر المجتمع أي مرحلة العمران
الحضري وتطور العالقات االجتماعية المجردة (ال ترتبط بعالقة الدم أو القرابة)
تطور النقاش حول علم االجتماع كعلم الكائنات االجتماعية تحت تأثير أبحاث كل من جورج زيمل2- 2
حول علم االجتماع الشكل وماكس فيبر حول علم االجتماع الفهمي وهذا في الوقت الذي ازداد االهتمام
.في ألمانيا بمستقبل علم االجتماع في محاولة لتخليصه من هيمنة العلوم االجتماعية األخرى
يحتوي مشروع ماكس فيبر ُش عب مختلفة ،نجد عند نظريته للعلم دراسات تاريخية ،اقتصادية ألنه قام
ببحوث عديدة حول الزراعة في ألمانيا .وفي دراسات له في علم االجتماع الديني نجد أيضا نظرية
السلطة والسيطرة السياسية .أعماله مشهورة ومعروفة ومتشعبة ،تحتوي على تخصصات عديدة إنطالقا
من ابستمولوجية ويحاول فيها أن يظهر لنا ماهي المميزات لهذا االتجاه الديني وخلق ظروف مالئمة.
وفي كتاب له تحت عنوان: l’étique protestante et capitalisme économie et société :ص ،4كتب يقول
"نسمي السوسيولوجيا علما عندما نحاول فهم "التفسير" ،وموضوع علم االجتماع عند فيبر هو النشاط
االجتماعي ،والهدف هو الفهم بواسطة التفسير "ونسمي نشاط كل عمل بشري عندما يعطي له الفاعل
معنى للذاتية" .أما الميزة الثانية لهذا الكتاب على المستوى المنهجي ،هو أن فيبر يوظف ميدانا للمنهج
أو التطرق النمطي ،معناه أنه في هذه الدراسة يبني ما يسمى عند فيبر األنماط المثالية وهذه األهمية
.أساسية تركت هذا الكتاب يكتسي ثقال
:أما الكتاب الثاني عند فيبر le savant et le politiqueتطرق فيبر فيه إلى قضية الموضوعية التي ينبغي
للعلماء التميز بها أي العالقة بين الموضوعية العلمية واإللتزام أو اإلهتمام السياسي ويتطرق فيبر إلى
.مميزات النمط العلمي
أما الكتاب الثالث وهو أساسي Economie et société :وهو كتاب يمكن اعتباره عمل في علم االجتماع
.العام والذي تطرق فيه إلى موضوع علم االجتماع ،المفاهيم األساسية لعلم االجتماع
وإذا أخذنا كل هذه الفروع التي أخذها فيبر فيمكننا القول أن النواة أو األطروحة المركزية عند فيبر هي
نظريات الفعل االجتماعي .ويميز فيبر بين 4أنماط من الفعل االجتماعي :الفعل العقالني بالنسبة لهدف -
.الفعل العقالني بالنسبة لقيمة – الفعل العاطفي أو اإلنفعالي – الفعل التقليدي
2
هو مثقف لكنه كان مهمشا ألنه يهودي وذلك بسبب التمييز العنصري الذي كان سائدا في ألمانيا .فكرته هي أن -
المحتوى ال يهم أي هناك ظواهر لكن الذي يهم هو العالم االجتماعي واألشكال التي يكتسبها للظواهر ،وهذه األشكال ال
يدرسها أي علم آخر ما عدا علم االجتماع .ويرى أن الحياة االجتماعية لها طابع مأساوي ويحدد هذا الطابع التناقض بين
كثافة الحاجة عند االنسان وتحديد االمكانيات ،وحسب علم االجتماع هو وصف دقيق لهذه المأساة االجتماعية ولهذا
مطلوب من عالم االجتماع الوصول وتصنيف وتحليل أشكال التفاعل االجتماعي .المحتوى ال يهم سواء عالقة اقتصادية أو
اجتماعية لكن المهم الشكل الذي يكتسبه هذا التفاعل .إذن العالم االجتماعي عليه البحث عن مشاكله ليس ضمن محتوى
المادة االجتماعية وإنما في أشكالها ووجود أشكال في التفاعل االجتماعي هي التي تعطي الطابع االجتماعي .وتأثيره
.سيكون في الواليات المتحدة فيما بعد
وانطالقا من هذا التقسيم يقول فيبر بما أن علم االجتماع يهدف إلى فهم الفعل االجتماعي ،فعملية الفهم
تتطلب إدراك المعنى التي يعطيها الممثل االجتماعي إلى سلوكه وبالطبع من أين تأتي هذه العملية سواء
بالنسبة لهدف ،لقيمة أو عن طريق انفعال أو نتيجة فعل تقليدي ،وحسب فيبر فإن هذه األخيرة (محاولة
إدراك المعنى) هي الميزة األساسية التي تفصل أو تميز بين العلوم االجتماعية أو التاريخية والعلوم
".الطبيعية ..ويمكن القول أن نظرية ماكس فيبر هي "نظرية الممثل االجتماعي
وتعتبر المدرسة األلمانية من أقوى المدارس ولها أكثر ثقل وأكثر عمق منهجي أو نظري إذا قورنت مع
.نظيرتها أي المدرسة الفرنسية
تطور االهتمام بعلم االجتماع كعلم ،علم لالجتماعي بفضل أعمال دوركايم التي نشرها بنفسه وتلك 3-
التي نشرت بعد وفاته .ففي الواقع عندما نتفحص عمل دوركايم ونبحث وراء ركائز الخطاب نجد اتجاه
بدا يتطور في ألمانيا بما يسمى "الفردانية الجديدة" ،ولب عمل دوركايم انه انطلق من سؤال أساسي
حول العالقة بين الفرد والمجتمع أي بين األخالق والحرية ،بين اإلرادة والجبرية ،ويلقى الجواب عند
كانط ،وحتى على المستوى المعرفي واإلبستمولوجي لم يأتي دوركايم بشيء جديد .ويختلف دوركايم عن
فيبر بالرغم أنمها لديهما نفس اإلشكالية المعرفية إال أنهما ليسا في بيئة واحدة ،ففيبر في ألمانيا ودوركايم
في فرنسا .فألمانيا تمتاز بالفاشية وكان التساؤل السوسيولوجي يرتبط بتساؤل مختلف بين فيبر ودوركايم.
ويعتبران قطبان متناقضان ألن ماكس فيبر اتجاهه فهمي ،واتجاه دوركايم وضعي يستمد منهجه من نمط
.العلوم الطبيعية
فيعتقد فيبر أن الظواهر االجتماعي هي نتيجة أفعال البشر وأعمال األفراد وهذه األعمال تجري حسب
دوافع ولهم أيضا دالالت يمكن أن نقول أن األفراد هم أسياد المعاني هذا حسب فيبر .أما دوركايم فيعتقد
أن الظواهر االجتماعية في ديناميكية داخلية واألفراد ال تشارك في سير وتطور الظواهر االجتماعية لهذا
يقول "يجب تفسير االجتماعي باالجتماعي" بما أنه يعتبر الظواهر كأشياء ،فإنه يبين أن الظواهر
االجتماعية موضوعية كاألشياء الملموسة لها وجود خارج ومستقل عن وعي وإرادة األفراد ،أي أن
األحداث االجتماعية ضاغطة واألفراد ال يشاركون في سير الظواهر االجتماعية .وإذا كانت حقيقة
الظواهر موضوعية كالظواهر الطبيعية فبالتالي فإن الظواهر االجتماعية تخضع لنفس أنماط المعرفة
التي تخضع إليها الظواهر الطبيعية وعلى العالم االجتماعي أن يتغذى من العلوم الطبيعية .لهذا فإن علم
االجتماع عند دوركايم يهدف لدراسة البنية أما عند فيبر فإن األفراد ينتجون المجتمع لكن عند دوركايم
فالفرد منتوج المجتمع .ولهذا يمكن أن نقول أن مسعى دوركايم مسعى سببي ،وفيبر يضيف للمسعى
السبب المسعى الفهمي أي أنه ال يريد تفسير الظاهرة وإنما فهم الظاهرة ،أي البحث على معنى األحداث
أو األفعال االجتماعية .أي أن فيبر ال ينفي المسعى السببي وإنما يضيف التطرق الفهمي ألنه يقول أن
المسعى السببي ال يكفي حيث يقول في كتابه المنهجية Essai sur la sociologieوهو كتاب أساسي في
واإلبستمولوجية ما يلي" :على الباحث أن يثبت التطرق الفهمي بالنمط السببي ،فالسبب ليس في الظواهر
وإنما السبب في فهم الباحث" ،إذ يعتقد أن المعرفة موجودة في مستوى الموضوع والعقل ليس هو الذي
يخضع للموضوع ،فالعقل يدخل في الموضوع نظام عالقات ،أسباب ...أي أن األسباب ليست كظاهرة
موضوعية ويعطيه صورة منظمة للموضوع .ففيبر ينتمي إلى المدرسة الكانطية (كانط) لذلك ال يقول
أسباب وإنما إضافة أسباب وهي نتيجة تقييم انطالقا من وجهة نظر معينة (الباحث) ،لكن أوجه النظر
مختلفة ومتعددة ولها عالقة معينة للقيم ،وهذه القيم تختلف من مرحلة إلى أخرى ,لذلك يمكن القول أن
المعرفة اإلبستيمولوجية عند فيبر هي ابستمولوجية نسبية .ولهذا فإن فيبر يعترف عندما يتكلم عن التفسير
السببي يعني إضافة السبب لكنها بما أنها مرتبطة بقيم وهي نسبية فعلى الباحث أن يدخل مسعى آخر وهو
المسعى الفهمي (لذلك سمي اتجاهه بعلم االجتماع الفهمي) .فالفهم كما يقول "فروند" أن الفهم ماهو إال
وسيلة إضافية يسمح بقراءة المعاني والدالالت ألن العلماء اآلخرين يقولون أن الفهم أساسي .فأحسن
تحديد للفهم هو الذي يعطيه فروند أن "الفهم هدفه أساسي وهو حصر الداللة التي يعطيها األفراد إلى
ممارساتهم ولكن ليس معناها أن هذه الداللة هي في األشياء وإنما هي في الغاية التي يعطيها األفراد إلى
أنفسهم" .فالمسعى الفهمي عند فيبر مرتبط بالمنهج النمطي أو المثالي هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن
الفهم ليس معناه الفهم في محتواه األخالقي لكنه الوسيلة األكثر موضوعية تكمن في المعاني وهناك
.قواعد
مجهودات تنظيم ممارسة علم االجتماع في فرنسا في الجامعات وفي المؤسسات الخاصة وضمن 4-
.المدرسة الدوركايمية التي نشرت أول مجلة متخصصة في علم االجتماع وهي الحولية السوسيولوجية
غياب التنسيق في المجهودات المبذولة لمؤسسة ممارسة علم االجتماع وهذا على الرغم من أن 5-
ممارسة علم االجتماع قد حققت خالل هذه المرحلة تقدما محسوسا إال أن المساعي المبذولة لمنح ممارسة
هذا التخصص طابعا مؤسساتيا قد ميزها عدم التنسيق وانعزال المشاريع ليس فقط على المستوى
.الجهوي بل حتى على مستوى البلد الواحد
وفيما يتعلق باإلنتاج العلمي ،شهدت مختلف البلدان األوروبية صدور العديد من الكتب الرئيسية .ففي
فرنسا مثال نشر قابرييل تارد كتابه حول المنطق االجتماعي وقوستاف لوبون مؤلفه حول علم النفس
التجمهر وإيميل دوركايم كتابه حول قواعد المنهج في علم االجتماع هذا في الوقت الذي نالت فيه مؤلفات
كل من جورج زيمل وتوينز رواجا كبيرا في ألمانيا .وقد حدث هذا التطور المحسوس للنشاط في تأليف
الكتب المؤسسة لعلم االجتماع موازاة مع تطور االتجاه في الجامعات وصدور مجالت متخصصة في
.التعريف بعمل علم االجتماع
تحت تأثير الظروف االجتماعية واالقتصادية والسياسية التي عاشها العالم خالل فترة ما بين الحربين
العالميتين مثل األزمة االقتصادية لسنة 1929وبروز المعسكر الشرقي ونتائج الحروب وظهور النازية
في ألمانيا والفاشية في إيطاليا ،مر علم االجتماع بوضعيات متباينة من قطر إلى آخر في مجال ممارسته
.على مستوى التدريس والبحث
ال تشكل وفاة دوركايم مجرد اختفاء لرائد علم االجتماع في فرنسا ،بل بداية مراجعة ممارسة هذا
التخصص وتميز ذلك بتراجع هيمنة الدوركايمية حيث انقسم أتباع دوركايم إلى فئتين ،فئة تفضل البحث
الميداني عن التدريس إلرساء قواعد علم االجتماع وفئة تولي أهمية للتدريس والتفكير حول القوانين
العامة لتطور وسير المجتمعات .وفي هذا السياق المعلن لتراجع األفكار الدوركايمية تمكن المدارس غير
الدوركايمية من التموقع في الحقل الفكري الفرنسي حيث وجد أتباع كل من فريديريك لوبلي وروني
ورمس وقابلاير طارد من مواصلة انجاز مشاريع أساتذتهم وهذا بعد أن عجزوا عن تحقيق ذلك عندما
.كان دوركايم حيا ونفوذه قويا
وهذا ألن النازية أحدثت انشقاقا ما بين علماء االجتماع المؤيدين لها والرافضين ألطروحاتها ووجد
بعضهم نفسه مرغما على الهجرة إلى أمريكا وإلى بريطانيا مما لم يسمح باإلنتقال من االعتماد على
النظريات الكبرى القائمة على المقاربة التاريخية والثقافية إلى النماذج الجزئية لدراسة المشاكل
االجتماعية الجديدة التي تعيشها ألمانيا ،إال أن هذه الوضعية لم تحول دون ظهور عدة حقول للبحث
السوسيولوجي مما سمح بتطوير تخصصات معرفية في علم االجتماع مثل علم اجتماع الثقافة بفضل
أبحاث كل من ماكس شيللر والفريد فيبر والياس نوربرت ،وعلم اجتماع المعرفة بفضل أبحاث كارل
مانهايم وعلم االجتماع السياسي بفضل أبحاث ميشلز وعلم االجتماع النقدي بفضل أبحاث رواد مدرسة
.فرانكفورت
بعد الدخول في مرحلة الشك واالنشقاق بعد اختفاء عدد من المؤسسين وتقلص نفوذ الذين بقوا على قيد
الحياة وبعد أن انكمشت مجاالت تطور علم االجتماع في أوروبا نتيجة هيمنة األنظمة الفاشية والنازية،
انتقلت نشأة علم االجتماع من موطنها األصلي وهي أوروبا إلى الواليات المتحدة األمريكية لتجد في هذا
البلد مناخا اجتماعيا جديدا تميز بتمحور الطلب لمعرفة المسائل واإلشكاليات االجتماعية مثل العالقات
بين الجماعات واإلنحراف والجريمة والعمران وبوجود إرادة لدى الحاكمين إليجاد حلول عملية لها ،بدل
القضايا المجتمعية الكبرى .وقد اعتبرت هذه الهجرة إلى الواليات المتحدة األمريكية ليست مجرد نقل
.لمجال نشأة علم االجتماع من أوروبا إلى أمريكا ،بل كتحول أدى إلى ميالد جديد لعلم االجتماع
هذه المرحلة لها ميزة جوهرية وهو انتقال مركز الهيمنة من أوروبا إلى الواليات المتحدة األمريكية ،من
هنا دخلت أوروبا في مرحلة تعقد أو ركود فيما يخص علم االجتماع ،وأصبح أهم ما ينتج في علم
االجتماع هو في الواليات المتحدة .وأصبح ما يهمن في اإلتجاهات يهيمن في الواليات المتحدة .وانتقال
مستوى الهيمنة ليس فقط على مستوى علم االجتماع ،حتى على المستوى االقتصادي والسياسي وفي
.جميع المجاالت ،وهذه العالقة ليست عالقة آلية أو ميكانيكية
بدأ هذا الميالد لعلم االجتماع باإلهتمام بدراسة موضوع التغير االجتماعي وما يحدثه من آثار على سير
المجتمع والجماعات وهذا يهدف إيجاد حلول عملية وعالج سريع للمشاكل االجتماعية مما أعطى
للتكوين والبحث في علم االجتماع طابعا عمليا تطلب االهتمام أكثر بتدريس في الجماعات وتطبيق في
البحث ما يمكن تسميته بالتكنولوجيات االجتماعية واالبتعاد عن األنساق التفسيرية الكبرى والشمولية التي
كانت رائجة في أوروبا .ولتبسيط ما أفرزه هذا الميالد الجديد لعلم االجتماع ،لعله من األجدر االكتفاء
:باإلشارة إلى ما يلي
:ظهور ثالث جامعات منشطة للتكوين والبحث في علم االجتماع وهي 1-
جامعة شيكاغو :المعروفة بمدرسة شيكاغو المعروفة بمناهجها الكيفية انطالقا من علم النفس االجتماعي
واألنثروبولوجيا وبإسهامها الكبير في تطوير علم االجتماع في الواليات المتحدة األمريكية في إطار
.تقاليد علم االجتماع الحضري
.جامعة كولومبيا :المعروفة بإنتاج مناهج كمية متطورة اعتمادا على الرياضيات واإلحصاء
جامعة هارفارد :المعروفة بإسهامها المتميز في توجيه نشأة علم االجتماع في الواليات المتحدة األمريكية
.حول دراسة التنظيم والمؤسسة
أفرزت الظروف الفكرية واالجتماعية التي ميزت ميالد علم االجتماع في الواليات المتحدة األمريكية
اعتماد التكوين والبحث السوسيولوجي على االمبيريقية التي تقوم على رفض لالعتماد على مسعى
افتراضي واستداللي انطالقا من مجموعة من المسلمات وتفضل بدل ذلك دراسة كل ظاهرة اجتماعية
معينة في إطار اإلشكاليات يتم بناؤها ضمن عقالنيات خاصة وهذا ما يستدعي تطبيق صيغ بحث مناسبة
.لخصائص الظاهرة المدروسة
يمكن تصنيف مختلف البحوث والدراسات التي ميزت ميالد علم االجتماع في الواليات المتحدة األمريكية
:ضمن ثالثة تقاليد أساسية
تندرج البحوث والدراسات التي قام بها علماء اجتماع جامعة شيكاغو ضمن اتجاه يقوم على اعتبار
المدينة كمخبر اجتماعي ،أي اعتبار المدينة كمجال لدراسة مختلف الظواهر والمشاكل االجتماعية التي
أفرزها تطور المجتمع األمريكي مثل اإلنحراف والجريمة واألمراض العقلية والصراعات بين
الجماعات وتكمن أهمية المقاربة الحضرية لفهم هذه المشاكل االجتماعية أن هذه األخيرة تطرح إشكاليات
تشابك امتالك المجاالت وممارسة الهوية الثقافية والبحث عن المكانات االجتماعية مما يطرح إشكالية
المحافظة على النظام بتهديم النظام .وتعتمد مختلف البحوث والدراسات التي أنجزت في إطار التقليد
على الدراسات المنوغرافية والمالحظة بالمشاركة والسير الحياتية( .مثل دراسات الفالح البولوني عند
وليام ازاك توماس و فلوريان ولتورد زنانيكي)
في الوقت الذي تعاظم فيه شأن اإلمبريقية ظهرت محاوالت في جامعة هارفارد لبناء نظريات ونماذج
نظرية قصد تطبيقها في دراسة سير المجتمع األمريكي وهذا بفضل أعمال مؤسسي مدرسة علم االجتماع
.الصناعي والتقاليد البنائية الوظيفية
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية دخلت ممارسة علم االجتماع في عهد الطموح إلى التحسين وبلوغ
وضعية أحسن وأرقى وهذا ألن إعادة تعمير البلدان األوروبية وتطور الواليات المتحدة األمريكية
وتحول المعسكر الشيوعي إلى قوة فاعلة على الصعيد الدولي وما عقب ذلك من تحوالت اجتماعية وفر
.لعلم االجتماع أفاق جديدة للتطور تدريسيا وبحثا ومؤسساتيا
وهناك عدة مؤشرات لدخول ممارسة علم االجتماع في الواليات المتحدة األمريكية عصرا ذهبيا خالل
الفترة الممتدة من 1945إلى 1968
وهذا بفضل النجاح الكبير الذي حققته البحوث التي قام بها عدد من الباحثين ولعل من أبرزهم بول
الزارسفيلد و صاموييل ستوفر اللذان يعتبران من رواد هذا اإلتجاه (التجريبي التكميمي) فأما األول برز
في مجال االتصال والرأي العام واالنتخابات حيث كان يسير مخبر البحث السوسيولوجي لجامعة
كولومبيا وكان رئيسا لهذا المخبر وخاصة بعد سنة 1941وقام أيضا بدراسات تجريبية ميدانية أوال في
سنة 1944ثم 1948حول وسائل اإلتصال الجماهيري ،ومن سنة 1954 ،1948 ،1943قام
بدراسة حول اإلختيار اإلنتخابي .أما صاموييل ستوفر قام بتسيير مخبر دراسات المرتبط بالجيش
األمريكي خالل الحرب العالمية الثانية وكان مديرا لهذا المخبر ،وقام بأكبر الدراسات في علم االجتماع
وال يمكن اآلن الحصول على تلك الوسائل ،ودامت سنوات حول سلوك الجندي األمريكي وهذا لتحديد
قدرتها على المقاومة وهذا كان يطرح مشكل في قيادة الجيش األمريكي .وكل هذه األبحاث هي مشاريع
اعتمد في انجازها على المسعى اإلجرائي التكميمي المحض بتطبيق االستبيانات وساللم المواقف
واختبارات القياس .وهذه الحقول أصبحت ممكنة ألنها مطلب اجتماعي ،لكن الميزة األساسية لهذا اإلتجاه
هو أنه أعطى نَف س جديد لإلتجاه الفرداني ألن هذا االتجاه أراد أن يبين أن العلوم االجتماعية كالعلوم
الطبيعية تستطيع الوصول إلى درجة عالية من الدقة مثل القياس والتكميم ،وبالطبع عندما نبحث عن
القياس والتكميم والدقة نصطدم بالميدان ،والعالقة بينه وبين الميدان هو الفرد والمشاكل المطروحة هو
مشكل العدد التمثيلي ألن علم االجتماع كان يرتكز على استعمال اإلحصاء وهذا اإلتجاه التجريبي أو
اإلمبريقي هو الذي أعطى نفس ما يسمى اليوم ب"صبر اآلراء" وهناك كتاب أساسي في هذا المجال
:يحمل عنوان
: Qu’est ce que la sociologieوكتاب ثاني مع بودون تحت عنوان Le vocabulaire des sciences sociales
هيمنة الوظيفية (االتجاه الوظائفي) (وسنقوم بشرح مفصل حول النظرية الوظيفية الحقا)
ساد االتجاه الثاني والمتمثل في االتجاه الوظائفي في الواليات المتحدة األمريكية وبالخصوص ابتداء من
الخمسينات وبفضل البحوث التي قلم بها كل من روبرت مرتن و تالكوت بارسونز ،أصبحت الوظيفية
اتجاها نظريا مهيمنا على علم االجتماع األمريكي وساعد على ذلك ظهور مقاومة للمسعى اإلجرائي
المحض والمطالبة باهتمام بالتنظير لبناء علم االجتماع .وكان الوظيفيون يعتقدون أن الصراع هو الخلل
عكس نظرية ماركس الذي يعتبر أن الصراع هو الشيء الطبيعي للظواهر االجتماعية .والفكرة األساسية
الثانية التي تميز هذا االتجاه هو مبدأ الوظائفية العامة ومعناه أن أي ظاهرة في المجتمع تلبي بالضرورة
:وظيفة لضمان التوازن .معنى هذا أنه
أما المبدأ الثاني للوظيفية هو مبدأ اإلندماج أو السير الذاتي ،ومعناه أن كل كائن اجتماعي يخضع إلى
عملية داخلية ال تخضع إلى ظواهر خارج الكائن .فمثال تتصرف مؤسسة ما في قوانينها الخاصة.
فالوظائفية تنفي مبدأ الصراع ألنها تتبنى مبدأ التوازن الشامل وال تعترف بمبدأ بالصراع الطبقي .وثانيا
فهي تنفي الطابع التاريخي للظاهرة االجتماعية مثل :المدرسة لها نفس الوظائف تسير في نفس القوانين
.وفي نفس السير مهما كان التاريخ والمجتمع والزمان ،وهذا الذي يدعى بالوظائفية المطلقة
وشيئا فشيئا ظهر أن التطرق الوظائفي كان عاجزا عن تفسير الظواهر االجتماعية في المجتمع األمريكي
ألن في هذا المجتمع كانت هناك صراعات طبقية كاألزمات الكبيرة للعمال ،العمل الكثيف الذي قامت به
المؤسسات النقابية ،حيث تبين أنه ال يمكن اعتبار بأن الصراع مجرد خلل ألن المجتمع األمريكي كله
يرتكز على العنف وهو المنطق الذي يعتمد عليه هذا المجتمع أي ان العنف شيء طبيعي وأن تطور
الصناعة األمريكية ترتكز على العبودية أي أن العنف موجود حتى في الحياة اليومية لذلك أصبح ال
يمكن اإلكتفاء باعتبار العنف كجهاز وإنما جوهر هذا الجهاز لهذا أصبحت هناك محاوالت لتطبيع
الوظائفية وإدخال بعض اإلصالحات فيها لكي تعترف به كظاهرة ،وهذا العمل قام به في كولومبيا مع
"البنيوية الوظيفية" مع مرتن والذي أدخل عنصرين جديدين في الوظيفية وهما :الوظيفة الظاهرة
والوظيفة الباطنية (المخفية) وهي عكس الوظيفة المطلقة التي أشرنا إليها أعاله والتي تعتبر أن الظاهرة
لها وظيفة واحدة فقط مثل المدرسة لها وظيفة واحدة وهي التربية وتكوين النشء ،لكن المدرسة حسب
.المنظور الجديد تعتبرها أنها لها وظيفة أخرى وهي أنها تبني عالقات التمييز الطبقي
أما على المستوى المنهجي ،فإن هدف الوظائفية هو بناء نسق نظري عام بإمكانه تفسير المجتمع ككل،
فالوظيفية ظهرت كمحاولة رد ضد الماركسية ،حتى أن الوظائفية المطلقة أدت وظيفة إيديولوجية ولهذا
أدخل مرتن تعديل تحت اسم النظريات المتوسطة المدى حيث يقول :أن علم االجتماع في هذه المرحلة
علم شاب لم ينضج بعد وليس له القدرة على إنتاج نظرية شاملة وإذا حاول فإنه يسقط في اتجاهات
فلسفية ،كنظريات الدولة ،ولهذه النظريات المتوسطة المدى نقوم بدراسات ميدانية ،وبعد مرحلة من
.التراكم يصبح من الممكن القيام بعملية التوحيد بين النظريات إلنتاج نظرية موحدة
وقد سادت الوظائفية في أوروبا وفي الواليات المتحدة األمريكية حتى نهاية الستينات وجاءت الثورة
الفيتنامية والتي قضت على الوظائفية .وقد جاءت هذه المعارضة من رواد االتجاه النقدي الذي تزعمه
شارل رايت ميلز وكذلك أتباع بيتريم سوروكين لترفض في آن واحد االعتماد على الوظيفية وعلى
اإلمبريقية لبناء علم االجتماع وتقترح االعتماد على النقد االجتماعي وعلى خيال الباحث لفهم الظواهر
.االجتماعية
شهد علم االجتماع الفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية انجاز عدة مشاريع ساهمت في مباشرة سيرورة
إعادة بنائه لتجاوز مرحلة العقم والتقهقر التي شهدها بعد وفاة إيميل دوركايم وعدم تمكن أتباعه
ومعارضه من مواصلة المشوار وهناك عدة مؤشرات لعملية إعادة البناء .حيث انهارت المدرسة
الدوركايمية ومنعت كتب دوركايم وذلك بسبب النظام الفاشي وتغير القيادة إلى انجلترا وهذه االيديولوجية
الفاشية كانت ال تعترف بالعقالنية العلمية .إلى جانب أيضا سبب آخر والذي أدى إلى انهيار علم
االجتماع الدوركايمي هو أنه لم يتنبأ بظهور هذا المجتمع الجديد والمتمثل في النازية والفاشية ولم يستطع
تفسير هذه الظواهر وبالتالي أدى ذلك إلى التخلي عنه واإلبتعاد عن هذه المدرسة شيئا فشيئا .وانتقلت في
فرنسا شيء من الوعي االجتماعي إلى إشكالية الوجود سواء الوجود المادي أو الوجود المعاش كالفلسفة
الوجودية (لجون بول سارتر) ثم انتقلت من إشكالية الحدث إلى إشكالية المعنى ،أي ال تهتم بالحوادث
.التاريخية وإنما بمعنى هذه الحوادث
بعد عودة عدد من الجامعيين من أمريكا ،بدأت بوادر تحول في االتجاهات النظرية لعلم االجتماع
الفرنسي وتمثل ذلك في االعتماد على البحث اإلمبريقي وعلى المسعى اإلجرائي وراح علم االجتماع
الفرنسي يأخذ من التطورات المنهجية للسوسيولوجية التجريبية السائدة في الواليات المتحدة األمريكية،
بدأت تبرز سوسيولوجية جديدة تتغذى من علم االجتماع األمريكي من جهة ومن السوسيولوجية
األمريكية .إال أن العمل بهذا التقليد لم يكن شامال وكليا وكما هو معمول به في الواليات المتحدة
األمريكية وتميز بكونه ناتج عن ظروف خاصة بالطلب الظرفي للخبرة السوسيولوجية وبكون االعتماد
على المسعى اإلجرائي الكمي موجه لمعالجة إشكاليات منهجية مرتبطة بأهداف البحث مما أعطى لشبكة
.المتغيرات والمؤشرات الكمية المعمول بها محدودية
لعب جورج قورفيتش دورا كبيرا في إعادة بناء علم االجتماع الفرنسي سواء على مستوى التدريس
ووضع المؤسسات وكذلك فيما يخص التوفيق ما بين التنظير والتطوير المنهجي .وتظهر مساهمته
واضحة في تكوين جيل من الباحثين الكبار أمثال ميشال كروزيه وفرانسوا بوريكو وأالن تورين
وجورج فريدمان .كما تظهر مساهمته في تدعيم التكوين بعدد من المؤلفات التي أصبحت مصادر
Traité de sociologie كالسيكية في علم االجتماع مثل
أما في البلدان األوروبية األخرى فقد شهد علم االجتماع سيرورة إعادة بناء في عدد منها مثل ألمانيا
وبريطانيا وبناء في عدد آخر مثل بلجيكا واسبانيا وإيطاليا .قامت عملية إعادة البناء في كل من ألمانيا
وبريطانيا على التوفيق ما بين الوفاء للمرجعية الفلسفية والتنظيرية وضرورة إدخال التطوير المنهجي
والعمل بتأثير االتجاهات القادمة من الواليات المتحدة األمريكية .أما في اسبانيا وبلجيكا وإلى حد أقل في
إيطاليا فإن عملية البناء قد انطلقت من وجود مناخ اجتماعي وسياسي مناسب لتطور البحث في علم
االجتماع وهذا ما استدعى إعادة النظر في الموروث العلمي وتوظيف مرجعيات من البلدان األوروبية
.وأمريكا
بظهور علم االجتماع في االتحاد السوفيتي (سابقا) وفي عدد من بلدان المعسكر الشرقي وتكون ممارسة
سوسيولوجية متميزة في بلدان أمريكا الالتينية ،خرجت ممارسة علم االجتماع من النطاقين األوروبي
واألمريكي وبدأت تظهر تقاليد جديدة لها مثل التقليد الذي ظهر في أمريكا الالتينية والقائم على البحث
.من أجل التنمية أو الحث النضالي
مع نهاية الستينات دخلت المجتمعات الغربية في أزمة وبدأت تظهر تحوالت في المجتمعات االشتراكية
وظهرت مجتمعات مستقلة في إفريقيا في حين دخلت مجتمعات أمريكا الالتينية في عهد التغيرات مما
يوحي أن العالم مقبل على عهد جديد .وقد انعكست هذه التحوالت على ممارسة علم االجتماع في مختلف
البلدان حيث ظهر اتجاه قوي إلى انفجار النماذج التحليلية وتقهقر النظريات التي تشكلت في السنوات
:السابقة .ومن أبرز النماذج التي ظهرت نذكر ما يلي
األشكال الجديدة للتفاعلية الرمزية (سنقدم شرحا مفصال لنظرية التفاعلية الرمزية الحقا)
1
بفضل أعمال رواد مدرسة شيكاغو الثانية تطورت التفاعلية الرمزية حيث ظهرت نظرية الملصقات
لهووارد صامويل بيكر بمساعدة كل من أدوين لومرت وادفيد مازا .كما أنتج أرفين قوفمن نموذجا
مسرحيا لدراسة التفاعالت االجتماعية 2واقترح هارولد قارفنكل نموذج االتنوميتودولوجيا لدراسة
التفاعالت من خالل تحليل المحادثة بين األفراد باعتبارها الوسيلة التي تسمح بدراسة المناهج التي
يستعملها األفراد في عالقاتهم االجتماعية .وقد حاول أرون سيكورل تطبيق مقاربة قائمة على تحليل
عمليات اإلدراك لمحتوى المحادثة بين األفراد لدراسة تشكل العالقات االجتماعية .أما أتباع ألفرد شوتز
فقد بنوا نموذج دراسة بناء العالقات االجتماعية من طرف األفراد في وضعياتهم االجتماعية وعرف هذا
.النموذج بالمقاربة الفينومولوجية أو الظاهرتية (سنقوم بشرح هذه النظرية والنظريات األخرى الحقا)
إلى جانب المقاربات التفاعلية ظهرت نماذج تقوم على فهم العالقات االجتماعية بين األفراد باالعتماد
على مفاهيم علم االقتصاد أي اعتبار إقامة هذه العالقات كصفقات تبرم بين األفراد عند شعورهم بتحقيق
مستوى مقبول من اإلشباع وهذا ما نجده في نظرية التبادل االجتماعي أو اعتبار إقامة العالقات
االجتماعية كنتيجة لتطبيق عقالنيات نفعية من طرف األفراد باعتبارهم يملكون عقالنية تحقيق أكبر
.قدر من المنفعة بأقل التكاليف وهذا ما نجده في مختلف نظريات االختيار العقالني
بعد انهيار الوظيفية البارسونزية وتقلص االتجاه البنيوي ،بدأت مالمح توظيف الماركسية الجديدة
وإرث علم االجتماع النقدي في بلورة االتجاه التاريخي في الدراسات السوسيولوجية وظهر ذلك في
1
تطلق تسمية نظرية الملصقات على مجموعة من التحاليل الفردية من تحاليل هوارد بيكر وهي تسمية تشكلت باستعمال -
المصطلحات التي استعملها هذا الباحث في دراسته حول المدمنين على المخدرات .ويمكن تلخيص هذه النظرية بالقول أن
هذه النظرية تعتبر االنحراف هو إنتاج اجتماعي وليس صفة خاصة بالفرد الذي أطلقت عليه صفة المنحرف نتيجة قيامه
بسلوك مخالف لما هو مهتاد عليه اجتماعيا .يقول هوارد بيكر حول هذه النقطة بالذات كما يلي" :من هذا المنظور ،فإن
االنحراف ليس خاصية للفعل المرتكب من طرف الفرد بل هو نتيجة لتطبيق األفراد اآلخرين لمعايير العقاب لهذا الفرد
الذي قام بهذا الفعل .المنحرف هو الفرد الذي نجح األفراد اآلخرون في وضع ملصقة على فعله والسلوك المنحرف هو
".السلوك الذي يصنف تحت هذه الملصقة
2
سنعود إليها الحقا عند شرحنا لنظرية التفاعلية الرمزية في الجزء الثاني من الدروس -
الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا وخاصة في أبحاث كل من دافيد وف وتيلي وكليفورد قيرتز
.وروبرت بالح
وأما هذا االنفجار لنماذج جديدة لم تنهار اإلمبريقية كلية بل شهدت تطورا محسوسا في اتجاه تحسين
.األدوات اإلحصائية لتكييفها مع دراسة المشاكل االجتماعية
في سياق هذا التحول الذي شهدته ممارسة علم االجتماع تميز تطور علم االجتماع الفرنسي بظهور
أربعة اتجاهات وهي البنيوية التوليدية التي وضعها بيار بورديو والفعلوية التي صاغها أالن تورين
والتحليل االستراتيجي الذي بناه ميشال كروزيه وهو باحث في علم االجتماع التنظيمات وأخيرا
الفردانية المنهجية التي طبقها ريمون بودون .وتتميز هذه االتجاهات األربعة أنها تشكل توظيفا تجديديا
لالتجاهات االنجلوساكسونية وقراءة متجددة للنظريات الموروثة عن المؤسسين الرئيسين لعلم االجتماع
.الفرنسي بشكل خاص وعلم االجتماع في أوروبا بشكل عام
تميز وضع علم االجتماع في كل من بريطانيا وايطاليا وبلجيكا وألمانيا بمحاولة تجاوز أزمة الستينات
بالسعي للتوفيق ما بين النماذج االنجلوساكسونية والنظريات الموروثة عن المؤسسين لعلم االجتماع وهذا
ما أدى إلى تعايش بين االتجاهات النظرية واالتجاهات اإلمبريقية كما يبدو ذلك واضحا في كل من
.بريطانيا وإلى حد أقل في ألمانيا
أما في بلدان أوروبا الشرقية فقد انهار فيها لعلم االجتماع الموروث عن العهد االشتراكي بعد سقوط
االتحاد السوفيتي واألنظمة االشتراكية في بلدان المعسكر الشيوعي .ولم يستطيع علم االجتماع في بلدان
.أمريكا الالتينية تجاوز انتهاء عهد التنمية والتخلص من االمبريالية
ألكسندر جيفري ،هوارد بيكر ،برجر بيتر ،طومس لوكمن ،هربرت بلومر ،بتر بلو ،أرون سيكورل،
هارولد قارفنكلن ارفن قوفمن ،ألفن قولدنر ،البرت هيرشمن ،ارفن هوروفتز ،جورج هومنس ،هوجس
فريرت ،ستروس انسلم ،لويس التوسير ،لوك بولتنسكي ،مانويل كلستلس ،فرانسوا دوبي ،ميشال
.مافيزولي ،رونو سانسوليون يوغن هابرمس ،أولصن مانكور ،انطوني قيدنس
األحداث التي يشهدها العالم منذ نهاية التسعينات إلى يومنا هذا أدت إلى العودة إلى المسعى الشمولي لبناء
نظريات جديدة لفهم ما يجري في كل بلد خاضع للعولمة باإلعتماد على المسعى
،أي اعتبار الظاهرة إنتاج لألفراد في سياق محدد من تبادل التأثير بين النسق البنائي
وهذا ما دفع إلى اللجوء إلى نظريات األنساق والبيولوجيا المعاصرة constructivismeومحيطه
والرياضيات والسبرنيطيقا كما حدث في المقاربات الوظيفية الجديدة في علم االجتماع وفي العلوم
.السياسية
وفيما يلي سنكتشف سويا متى تبدأ المرحلة الحديثة في علم االجتماع وذلك من خالل التطرق إلى
.تصنيف النظريات السوسيولوجية
يتبين من خالل العرض السابق على الرغم من كونه مقتضبا وبسيطا أن تطور علم االجتماع تميز بتنوع
النماذج التحليلية التي ظهرت وتطورت عبر مختلف المراحل التي أشرنا إليها ،إال أنه يمكن النظر إليها
اعتمادا على تصنيف تناول الواقع االجتماعي من منظورين رئيسيين :منظور مقاربة هذا الواقع انطالقا
من الكل االجتماعي للوصول إلى األفراد ومنظور مقاربة نفس الواقع انطالقا من الفرد للوصول إلى
الكل االجتماعي ،وهذا ما أطلق عليه بعض علماء االجتماع ومن بينهم فيليب كوركوف في كتابه المعنون
,les nouvelles sociologiesباإلشكالية البنائية . problématique constructivisteوهي اإلشكالية التي
تسعى لتجاوز المقابالت الكالسيكية بين المجتمع والفرد ،النسق والفاعل .إال أنه توخيا للتبسيط ،نقترح
تناول هذه االتجاهات إلى فئتين :االتجاهات الكليانية courants holistesواالتجاهات الفردانية courants
.Individualistes
ولتوضيح هذا الموقف ،من الضروري إعطاء تعريفين بسيطين :تعريف لالتجاهات الكليانية وتعريف
لالتجاهات الفردانية مع التأكيد أن هذا التصنيف ال يعني إقامة تعارض بل يشير إلى موقفين لتنظيم
.الصيغ النظرية لدراسة الواقع االجتماعي
تقوم االتجاهات التي تصنف ضمن االتجاهات الشمولية أو الكليانية على مبدأ أساسي وهو اعتبار
المجتمع مركز التحليل السوسيولوجي وأن الكل االجتماعي يختلف عن حصيلة جمع األفراد وهذا ما
يعني أنه لفهم سلوك األفراد ودراسة الوقائع االجتماعية يتعين دراسة الكل االجتماعي من خالل معرفة
النظام L’ordreالذي يحكم سيره .وتستعمل هذه النظريات مفاهيم مثل :النسق Systèmeوالبنية
وتعتبر أطروحات إيميل دوركايم المصدر الرئيسي لنشأة وتطور االتجاهات المصنفة ضمن الموقف
:الكلياني ومن أبرز هذه االتجاهات نذكر
الثقافوية Le culturalismeومن أبرز رواده في االنثروبولوجيا روث بينيدكت (1887- Ruth Benedict
ومرغريت ميد ( )1978 -1901ورالف لينتون ( )1953 -1893وفي علم االجتماع روبرت )1948
.ليند و هيلن ليند و ليود وارنر و روبرت هوقارت
الوظيفيات Les fonctionnalismesومن أبرز روادها في علم االجتماع روبرت مرتن وتلكوت بارسونز
البنيويات .Les structuralismesومن أبرز روادها في علم االجتماع بيار بورديو وأنطوني جيدنس
االتجاهات المقارنة Les courants comparatistesومن أبرز روادها في علم االجتماع سيمور مرتن
الماركسية الجديدة - Le néo marxismeومن أبرز روادها في علم االجتماع رالف داهرندورف (1929
االتجاهات الفردانية
انطالقا من أطروحات ماكس فيبر ظهرت عدة اتجاهات سوسيولوجية تقوم على مبدأ أساسي يتمثل في
تصور المجتمع على أساس اعتبار الفرد هو القيمة المركزية وهذا يستدعي إعطاء األهمية للفرد في
التحليل واعتبار الظواهر أو الوقائع االجتماعية بإرجاعها إلى األفراد أي هي نتيجة إلقامة عالقات بين
األفراد انطالقا من دوافعهم ونواياهم أو األهداف التي يسعون إلى بلوغها وتبعا لظروف حدوث هذه
العالقات أو هذه الظواهر .وهذا ألن هذه الظواهر ليست نتيجة محدد مسبقا ولكن هي ممارسات يومية
.وملموسة تحدث في ظرف اجتماعي محدد في المجتمع
وهناك عدة اتجاهات يمكن تصنيفها ضمن االتجاهات الفردانية ويمكن أن نذكر من بينها االتجاهات
:التالية
التفاعلية الرمزية ومن أبرز روادها هربرت جورج بلومر و هوارد صول بيكر و بيتر برجر و طومس
.لوكمن و هارولد قارفنكل و ارفين قوفمن
نظريات االختيار العقالني ومن أبرز روادها نخبة من الباحثين في االقتصاد وعلم االجتماع الذين
.يشتركون في بناء نماذجهم التحليلية انطالقا من توظيف مفهوم العقالنية
وكنتيجة للتحوالت التي شهدها الحقل السوسيولوجي في كل من أوروبا وأمريكا وبروز تقاليد أخرى في
أمريكا الالتينية وبلدان المعسكر االشتراكي في ظرف تميز بالحركة الفكرية ،ظهر اتجاه إلى الجمع ما
بين الموقفين وهذا ألن فهم الظواهر االجتماعية يمكن أن ينطلق من المجتمع ليصل إلى األفراد الذين هم
وراء هذه الظواهر ،كما يمكن اإلنطالق من األفراد الذين ينشجون أو يعيدون إنتاج هذه الظواهر
للوصول إلى المجتمع .وقد تطلب ذلك إعادة النظر في المفاهيم األساسية للموقفين .ومن هذه المفاهيم:
النسق ،البنية ،العون االجتماعي ،الفاعل االجتماعي ،الفعل االجتماعي .ومن بين المحاوالت التي هي
.اآلن في طور التكون المقاربة المعروفة بالمقاربة البنيوية L’approche constructiviste
هذه أهم األفكار التي يمكن للطالب في بداياته األولى في حقل علم االجتماع معرفتها واإلطالع عليها
وبالخصوص إعطاء نظرة شاملة على أهم النظريات وتصنيفها ومراحل تطور هذا العلم عبر مراحل
تاريخية وتقديم حوصلة عن أهم المفكرين في علم االجتماع إلى أن نصل إلى تقديم نبذة وجيزة عن أهم
النظريات السوسيولوجية وبالخصوص المعتمدة أكثر عند علماء االجتماع وذلك في الدروس القادمة،
وفي انتظار ذلك يسعدني أن أوجهكم نحو اإلطالع أكثر إلى بعض المراجع حول النظريات لمزيد من
الفهم وينبغي لكم تسجيل بعض المالحظات وأهم األفكار أو النقاط الغامضة والتي يسرني تقديم المساعدة
.لكم وسنلتقي في الدروس الموالية لتقديم أهم النظريات السوسيولوجية في علم االجتماع
.وفي انتظار ذلك أتمنى لكم التوفيق وقراءة مثمرة وطيبة إلى أمل أن نلقاكم في الدروس المقبلة بحول هللا