You are on page 1of 5

‫المقدمة‪:‬‬

‫يعتبر موضوع الذاتية والموضوعية من الموضوعات الشائكة التي أثارت جدل كبير في أواسط العلماء والفالسفة‬
‫ومن أهم المواضيع التي طرحت على ساحة البحث العلمي‬
‫ولقد قمنا من خالل بحثنا المتواضع باإلجابة عن هذه التساؤالت ومناقشتها وتحليلها‬

‫المبحث األول‪:‬أوجه التشابه بين الذاتية والموضوعية‪.‬‬


‫إن مثل هذه المواضيع ال يمكن مناقشتها مناقشة عادية ‪,‬وإنما يتم ذلك عن طريق التعرض إلى نقاط أساسية والتي‬
‫تتمثل في ‪:‬‬
‫*أوجه التشابه *أوجه االختالف *أوجه التداخل‪.‬‬
‫وذلك من أجل اإللمام بجميع جوانب الموضوع وإن مثل هذه المواضيع هي مواضيع مقارنة ويجب التطرق إليها من‬
‫خالل هذه الطريقة ‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬من حيث األدوات المستخدمة‬


‫لقد خصصنا في هذا المطلب تبيين أوجه التشابه بين الذاتية والموضوعية من خالل األدوات المستخدمة ولذلك‬
‫نذكر ‪:‬‬
‫‪ 1‬المالحظة‪:‬ونعني بها مشاهدة الوقائع كما هي في الطبيعة ‪,‬وتعتبر المالحظة من األدوات التي تستخدمها كل من‬
‫الذاتية والموضوعية في إنجاز البحوث‬
‫‪-‬فالذاتية تعتمد على المالحظة بمشاهدة الظواهر وتأملها في الطبيعة أنها هي الدافع أو الوسيلة التي تؤدي باإلنسان‬
‫إلى تكوين ذاتيته‬
‫‪-‬أما عن الموضوعية فإن الباحث أيضا يعتمد على المالحظة والتي تصاغ بعدها على شكل فرضيات وثم تخضع‬
‫للتجريب‬
‫‪ 2‬الفرضيات ‪:‬وهي عبارة عن استنتاج ذكي يصل إليه الباحث من أجل اإلجابة على اإلشكاليات وتستخدم الفرضية‬
‫في كل من الذاتية والموضوعية‬
‫‪ -‬ففي الذاتية تستخدم الفرضية ليتأكد الباحث من مشاهدته الظواهر‬
‫‪ -‬أما الموضوعية فتستخدم الفرضية إلسقاط ما تمي التوصل إليه على أرض الواقع وعرضها على التجربة فيما بعد‬

‫المطلب الثاني‪:‬من حيث النتائج ‪.‬‬


‫بما أن كل من الذاتية والموضوعية يخضعان إلى البحوث العلمية فإن الشيء الحتمي والضروري هو الوصول إلى‬
‫نتائج أو بعبارة أخرى الوصول إلى صياغة نتيجة حتمية في األخير‬
‫فأذا كانت الموضوعية تصل إلى نتيجة حتمية من خالل اللجوء إلى التجربة فآن الذاتية كذلك تصل إلى نتائج في‬
‫األخير لزوما على ما تمي مشاهدته‬

‫المطلب الثالث‪:‬من حيث تأثرها بتطور اإلنسان‬


‫في مطلع القرن العشرين ومن خالل أحدث نظريتين أحدثا ثورة علمية حقيقية في عالم الفيزياء ‪,‬كما حدث تغيير‬
‫جذري في معنى الموضوعية فرضه التطور العلمي الجديد لعالقات اإلنسان بالطبيعة لذلك وجب التمييز بين داللتين‬
‫مختلفتين للموضوعية والذاتية وكل منهما تعبر عن صورة العلم في زمن بعينه التقليدي لهما والذي يستبعد اإلنسان‬
‫من معادلة الطبيعة ‪,‬فهو المعنى الذي ذاع خالل الفيزياء النيوترونية اآللية ‪,‬أي الفيزياء التي تصورت الطبيعة وكأنها‬
‫آلة كبيرة تحرثها الظواهر وكل ظاهرة هي السبب الضروري في حدوث الظاهرة التالية عليها ‪,‬دون أن يكون ذلك‬
‫هدف أو غاية وكان شعارها آنذاك هو* المعرفة بدون التدخل اإلنساني *وبصرف النظر عن ذلك فقد كانت هذه‬
‫الموضوعية المزعومة تعبر عن الخوف الشديد من العودة إلى التدخل الميتافيزيقي في شؤون العلم حينما كانت‬
‫الفروض والتغيرات العلمية تستمد من الكتب المقدسة وتفرض على العلم فرضا األمر الذي أدى إلى التخلف العلمي‬
‫لقرون طويلة ومع ذلك فلم يوضح أصحاب هذا الرأي دفاعهم عن العلم ‪,‬ماذا يقصدون باإلنسان أهو معتقداته و‬
‫ميوال ته أم جسمه أما إذا كان المقصود هو التميز الشخصي فإن التجربة قادرة على تصفية تلك الشوائب الذاتية‬
‫فاليوم أصبح تدخل اإلنسان الباحث في المعرفة الطبيعية هو التعبير األكمل واالدق للموضوعية والذاتية ليست‬
‫معتقدات أو ميول بل مكون أساسي من مكونات الطبيعة ‪.‬وبذلك فإن دخول اإلإبسان في معادلة الطبيعة أدى إلى تأثر‬
‫الذاتية والموضوعية بتطوره عبر الزمن‬

‫*المبحث الثاني‪:‬أوجه االختالف‪:‬‬


‫وفي هذا المبحث نبين أوجه االختالف بين الذاتية والموضوعية من خالل العديد من النقاط التي صنفناها في مطالب‬
‫*المطلب األول ‪:‬من حيث التعاريف‪:‬‬
‫مفهوم الذاتية ‪:‬هي مختلف الميوالت والراغبات واألهواء واالنفعاالت ومختلف االعتقادات و المعتقدات واآلراء‬
‫الشخصية التي يميل لها اإلنسان‬
‫مفهوم الموضوعية ‪ :‬لغة هي صفة مشتقة من اسم موضوع أي ما يوضع أمام النهي إلدارته‬
‫اصطالحا هي يوجه العالم عقله و حواسه إلى الموضوع الذي يبحث فيه أو ينص إليه‬
‫من خالل التعارف السابقة يمكن أن نستخلص اوجه االختالف المتمثلة في *تعتمد الموضعية على العقل بينما تعتمد‬
‫الذاتية على األهواء *يمكن للباحث أن يستغني عن الموضوعية بينما ال يمكنه أن يستغني عن ذاته‬
‫الحقيقة الموضوعية حقيقة عامة بينما الحقيقة الذاتية حقيقة شخصية‬
‫*مثال‪:‬اذا عرض مجموعة من العلماء لدراسة موضوع واحد انتهوا على نفس النتيجة‪،‬وفي حالة اختل الفهم يكون‬
‫اإلحكام على التجربة‪،‬أما في حالة الفن فان االختالف بين الفنانين تذوق وتصوير المنضر الواحد فنالحظ ان لكل‬
‫منهم فنهم الذاتي‬
‫‪---‬الموضوعية تعمل على نقل الضواهر كما هي في الواقع دون زيادة أو نقصان بينما الذاتية تعمل عكس ذلك‬

‫*المطلب الثاني‪:‬من حيث النتائج‪:‬‬


‫لقد بينا في المبحث السابق أن كل من الذاتية والموضوعية يصالن إلى نتائج في األخير ولكن في هذا البحث سنبين‬
‫اوجه االختالف في هذه النتائج المتوصل إليها‬
‫‪--‬أن النتائج المتوصل إليها في الموضوعية هي نتائج يقينية وواضحة وال مجال إلى الشك فيها‪،‬مثل أن نقول‪=1+1:‬‬
‫‪2‬‬
‫فهذه النتيجة ال تستدعي التشكيك فيها‪،‬والشيء الذي جعل نتائج الموضوعية يقينية هو إخضاعها للتجربة التي تلعب‬
‫دور كبير حيث أنها النقطة الحاسمة في البحوث العلمية‬
‫بينما النتائج المتوصل أليها في الذاتية هي نتائج نسبية وليست صحيحة‪ % ّ100‬ذلك الن بدخول الذاتية في البحث‬
‫العلمي تدخل عواطف وأحاسيس الباحث وهذا هوالشيىء الذي يجعل هذه النتائج نسبية‬
‫*مثال‪:‬عندما يقوم كاتب جزائري بالتحدث والكتابة بالتحدث والكتابة على الثورة الجزائرية فال أن تدخل ذاتية في‬
‫الموضوع ومن غير الممكن سرد الوقائع كما هي حدثت‪ ،‬بينما إذا كتب الثورة الجزائرية رجل آخر من دولة أخرى‬
‫مثال‬
‫إرتريا أو الهند أوستراليا نجد في كتاباته تدخل الذاتية ألن األمر يتعلق ببلده وهذا الشيء الذي جعل اآلن الدولة‬
‫الجزائرية تأمر بإعادة كتابة تاريخ الجزائر من جديد وذلك بتخلص ذاتية الكاتب ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪:‬من حيث إخضاعها للعلوم األخرى‬
‫من خالل ما سبق ذكره في المطلب السابق على النتائج المتوصل إليها لكل من الذاتية والموضوعية وبعد تأكد مدى‬
‫حدود النتائج المتوصل إليها في الموضوعية كان من الضروري اعتماد شتى العلوم وفي شتى المجاالت على‬
‫الموضوعية التي تضمن نتيجة يقينية لمختلف البحوث العلمية ونجد هذا في مجال العلوم والبحوث التي تميل إلي‬
‫الموضوعية لكن نجد بعض ذلك في الديانات وبخصوص الدين المسيحي الذي يميل إلي الذاتية <<لقد قدس‬
‫المسيحيون‬
‫على الوجود المسيحي >>(‪)1‬‬

‫المبحث الثالث ‪:‬أوجه التداخل‬


‫بعد بينا أوجه االختالف والتشابه للموضوعية والذاتية من خالل المبحثين السابقين حان الوقت إلظهار أوجه التداخل‬
‫من خالل هذا المبحث ‪.‬‬

‫المطلب ألول ‪:‬العالقة بين الذاتية والموضوعية‬


‫*األسس الذاتية للموضوعية *‬
‫هناك العديد من األخالق وصفات الروح العلمية التي يتحلى بها العالم والباحث حيت يكون درسا ومثال في‬
‫الموضوعية وأهم هذه الخصائص والصفات التي تعتبر أساس الباحث العلمي حتى يلتزم بالموضوعية نجد ‪.‬‬
‫الروح العلمية‪ :‬هي مجموعة الفضائل والقيم األخالقية والنفسية والعقلية التي ينبغي أن يتحلى بها العالم الحق حتى‬
‫يتحلى بالموضوعية وأبرز هذه القيم نجد ‪:‬‬
‫‪/ 1‬النزاهة العلمية‪:‬فالباحث العلمي يتطلب من صاحبه إنكار الذات بمعنى أال يكون كسب المال أو تحقيق أمجاد‬
‫شخصية أو الجري وراء بريق الشهرة هو الهدف من البحث العلمي ‪.‬فالباحث إذا مثل القاضي العادل الذي يقاوم‬
‫نزاعاته ويستمع بصبر لكل الحجج ثم يوازن بينها بحياده تامة جاعال لها قيمتها الحقيقية وأهميتها الفعلية دون أي‬
‫إضافة من عنده عندئذ يأتي الحكم معبرا عن هذه القيمة‪.‬‬
‫‪-4‬األمانة العلمية ‪:‬‬
‫فعلى الباحث أال يزيف في بحثه و أن ينسب لنفسه ما ليس له لكي يحقق نتائج دقيقة‪.‬‬
‫‪-5‬التواضع العلمي ‪:‬‬
‫وهو الذي يجعل العالم ال يقلل من شأن أي بحث أو باحث أيا كان جنسه أو دينه‪.‬‬
‫العالقة السلبية بين الذاتية والموضوعية‪:‬‬
‫كثيرا ما تدخلت الذاتية و األهواء الشخصية في البحث العلمي االجتماعي أو الطبيعي ‪ ,‬سواء أكان ذلك على غفلة أو‬
‫بال وعي من الباحث و أو كان فعال عمديا يقصده الباحث بارادته ‪ .‬ليؤكد به فرضا يعتقد بصدقه مسبقا وبطريقة‬
‫جازت ومن األمثال التي تضرب على هذه الالموضوعية القصدية و االرادية و التي تخرج صاحبها من دائرة‬
‫العلماء قصد العالم األلماني ارنست هيكل الذي زور صور لجنين الحيوان حتى تبدو قريبة من جنين االنسان ‪.‬‬
‫فبرهان على صدق اعتقاده بنظرية التطور التدريجي لالنسان ‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬الموضوعية والذاتية في الدين المسيحي واالسالمي‬


‫المطلب األول ‪ :‬الموضوعية و الذاتية في بعض الديانات‬
‫الفرع األول ‪ :‬الموضوعية و الذاتية عند المسيحي ‪ /‬كيار كجارد‬
‫لقد قدس المسيحيون الذات تقديسا ال مثيل له ‪ ,‬خاصة كيار كجارد الذي يقول في ذلك ‪ <:‬لقد حاولت الفلسفات‬
‫الحديثة أن تنكر الذات وتهاجمها وتفصلها عن العالم لكن الذات االنسانية ال يمكن انكارها ‪ ,‬الذات االنسانية ال يمكن‬
‫الهرب منها أو تجنبها أو اغفالها ‪ ,‬ألنها حقيقتنا و أصلنا وعندما يحاول الفكر الحديث تجنب االتية ‪ ,‬فانما يتجنب فعل‬
‫الوجود ذاته ‪ .‬وهذا ليس باألمر الهين أو اليسير ‪ ,‬فان ذلك يكون بعيدا عن الصواب‪ , >...‬ثم يضيف كيار كجارد‬
‫قائال ‪ < :‬ان طريقة التفكير الموضوعي تحيل الذات الى شيء عارض ‪ .‬ومن ثم تحول الوجود الى شيء غير‬
‫هام ‪ ...‬وهي في الغالب تقذف بنا بعيدا عن الذات التي اما أن توجد أو ال توجد‪ >...‬والواقع أننا حينما نتجاهل الذاتية‬
‫‪ .‬فان هذا يعني تجاهلنا للوجود االنساني ‪ ,‬فهذا الوجود الحي ال يمكن أن نضمه الى ركن خاص في اطار موضوعي‬
‫رحب لذا يجب علينا أن ننفذ الى الذات ‪ ,‬و أن نكتشف ما هي وكيف تكون على الحقيقة ‪ ,‬وأن نعيد النظر في كل‬
‫األفكار السابقة في سبيل الوصول الى الكشف عن حقيقة الذات ‪ .‬ولقد قدس كيا كجارد الذات الى درجة القول ‪ <:‬ان‬
‫المهم أن تكون لديك عاطفة متدفقة وحية ‪ ,‬حتى و ان كانت تلك العاطفة المتدفقة مؤدية بك الى الشيطان بدال من‬
‫هللا ‪ ,‬فالعاطفة أفضل من العقل بتصوراته الوضعية وتفكيره الموضوعي > ‪ .‬ثم يضيف قائال ‪ <<:‬ان سيطرة العقل‬
‫على االنسان الحضاري المثقف واالتجاه نحو الموضوعية بيان باستمرار مقاومة عنيفة ضد أن يصبح االنسان‬
‫مسيحيا وتلك المقاومة تمثل خطيئة العقل >> ‪ .‬لذا فالموضوعية تكاد تقضي على الوجود المسيحي ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الموضوعية و الذاتية عند فقهاء الدين االسالمي‪:‬‬


‫االسالم ال ينفي و ال ينكر أن يكون لالنسان ميوالت ورغبات و أهواء وانفعاالت ذاته و أن يكون له آراء‬
‫الشخصية ‪ ,‬فقد وصف القرآن بصفات كلها تدل على أنه يتأثر لميوالته ورغباته و أهوائه ‪ ,‬قال هللا تعالى ‪( :‬وخلق‬
‫االنسان ضعيفا ) فهو لضعفه قد تحدث له انفعاالت ويتأثر بما حوله ويحكم على األمور بذاتيته وقال سبحانه‬
‫وتعالى ‪ ( :‬انه كان ظلوما جهوال ) فهو لوجود هاتين الصقتين اال من عصمة هللا منهما – صفة الظلم وصفه الجهل‬
‫وعدم العلم بعواقب األمور قد يميل مع ذاتيته ويترك الموضوعية ‪ .‬وهذه الذاتية في االنسان موجودة فيه قدرا –‬
‫خلقها هللا فيه – لكنه مأمور شرعا في الدين االسالمي بأن ال يستجيب وال يطيع هذه الذاتية اال اذا كانت موفقة للحق‬
‫والعدل قال تعالى ‪( :‬أفرأيت من اتخذ الهه هواه ‪ ,‬وأضله هللا على علم وحتم على سمعه وقلبه وجعل على بصره‬
‫غشاوة و فمن يهديه من بعد هللا أفال تذكرون ) فهذا الذي اتبع ذاتيته المنحرفة وهواه الضال عن الحق والحقيقة عطل‬
‫كل أدواته الموضوعية التي خلقها هللا فيه ‪ .‬وهي القلب أو العقل الذي به التفكير والسمع والبصر اللذان بهما البحث‬
‫في المحسوسات‪ .‬أما ما ذكره كيار كجارد من رفض الموضوعية و الدعوة الى الذاتية فهم اتجاه متطرف نحو الغاء‬
‫العقل والميل الى العاطفة كما قال ‪ .‬أما في االسالم دعا القرآن الكريم الى النظر العقلي والبصري الى األشياء‬
‫المحسوسة والحقائق الموجودة بموضوعية واعمال البراهين واألدلة كما قال هللا تعالى ‪ ( :‬هاتوا برهانكم ان كنتم‬
‫صادقين ) وحتى في القضاء والحكم بين الناس دعا الى الموضوعية و العمل بما قام الدليل على صحته كما قال‬
‫صلى هللا عليه وسلم " البينة على المتدعي " أي على من ادعى شيئا _ مال أو حقا _ له عند انسان آخر عليه تدعيم‬
‫الدعوى بالبينة وهي كل ما يبين الحق ويوضحه كالشهود و الوثائق أو غيرها‪ ...‬رغم أنه على االنسان أن ال يتطرف‬
‫في موضوعيته حتى تصل به الى تقديس العقل حتى ال يؤمن اال باألشياء المادية التي يلمسها بحواسه الظاهرة ‪.‬‬
‫فهناك أشياء يمكن أن يدركها العقل وهي تحت نظرة وتفكيره وهناك أمور ليس للعقل فيها مجال ألنها ليست تحت‬
‫قدرته غير أنه يؤمن بها كحقائق موضوعية تبعا لغيرها مثل ذلك انه قد دلت األدلة العقلية والموضوعية على أن هللا‬
‫على كل شيء قدير فاذا قال هللا أن هناك عذابا في القبر لبعض الناس ثم االنسان قد يفتح قبرا من هذه القبور وال‬
‫يرى فيه شيئا ‪ ,‬بل يرى الميت كما هو ‪ .‬فليس من الموضوعية أن ينفي هذا األمر ألن حواسه ال تدركه ‪ .‬بل‬
‫الموضوعية تقتضي أن يؤمن له تبعا القتناعه األول الذي قامت عليه األدلة وهو أن هللا على كل شيء قديرا‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬هل الموضوعية واحدة في جميع البحوث ؟‬


‫الفرع األول ‪ :‬الموضوعية في دراسة الظواهر االنسانية‬
‫تتوفر الموضوعية في العلوم االنسانية ولكن ليس بالطريقة التي توجد بها في العلوم الطبيعية ‪ ,‬وهذا العيب أو العائق‬
‫يتعلق بذات الباحث وصلتها بالموضوع البحث ‪ ,‬فاذا كان البحث العلمي يقوم على أساس استقالل الذات عن‬
‫الموضوع ‪ ,‬فان هذا المبدأ ال يمكن تحقيق بنفس الكيفية التي تحقق بها في العلوم الطبيعية ‪ ,‬وذلك ألن الباحث في‬
‫هذه العلوم ال يستطيع أن يتجرد من ميوله ورغباته الخاصة أثناء عملية البحث ‪ ,‬أو هو موضوع البحث في الوقت‬
‫الذي يكون فيه باحث أي دارس ومدروس ‪ ,‬وهكذا تتسرب عناصر الذاتية الى ساحة بحوثه وتتداخل معارفه السابقة‬
‫مع المعارف العلمية التي يتوصل في ذلك بآرائه الخاصة ‪ ,‬بل ان بعض مناهج العلوم االنسانية التي يدرسها دون أن‬
‫يتأثر في ذلك بآرائه الخاصة بل ان بعض مناهج العلوم النسانية التي يدرسها دون أن يتأثر في ذلك بآرائه الخاصة ‪.‬‬
‫بل ان بعض مناهج العلوم االنسانية ذاتية مثل منهج االستبطان في علم النفس فعلم النفس في هذا المنهج يدرس‬
‫ذاته ‪,‬وبالتالي يستحيل علينا ان نميز في هذا المنهج بين ماهو ذاتي وماهو موضوعي فيصعب على الباحث تحري‬
‫الموضوعية على اكمل وجه ‪.‬ويتجلى اختالف الموضوعية في العلوم االنسانية عن الموضوعية في العلوم االخرى‬
‫من خالل الدور الحيوي الذي يلعبه المؤرخ في بناء الوقائع التاريخية وتفسيرها ‪,‬فهو الذي يبينها ويحددها ‪,‬وهذا‬
‫يعني ان الحقائق التاريخية قد تعكس وجهة نظر المؤرخ الخاصة ‪,‬وتعبر عن ميوله او معتقداته ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪*:‬الموضوعية في دراسة الظواهر الطبيعية *‪:‬‬
‫اما الموضوعية في العلوم الطبيعية تختلف عن الموضوعية في العلوم االنسانية ‪ ,‬وذلك ألن الطبيعيات تكاد تخلو من‬
‫التعقيدات التي نجدها في العلوم االنسانية ‪ ,‬وتداخلها ال يمنع من عزل بعضها عن بعض مثل عزل األوساخ و‬
‫األمالح عن الماء ‪ .‬بل في مقدورنا أن نحلل الماء ونعزل عنصري الهيدروجين عن عنصر األوكسجين ألن عليها‬
‫ظاهرة تتميز بالثبات واالستمرار ‪ .‬والدليل على ذلك أن أي سنتمتر مكعب هو كأي سنتمير مكعب من المادة نفسها‬
‫بحيث نستطيع الحكم على الهيدروجين في جميع الظروف و األحوال ‪ .‬بينما األمر على العكس في الظواهر‬
‫االنسانية ألن ما نحكم به على موقف في النشاط االنساني يصعب علينا أن نحكم به على موقف آخر لكثرة التفاصيل‬
‫التي ينطوي عليها كل موقف‪.‬‬
‫‪-‬من هذا نستنتج أن عالم الطبيعة متجانس وقوانينه واحدة في كل الظروف و األحوال ‪ ,‬وهذا ما يساعد على توفر‬
‫الموضوعية أمام االنسان فهو متنوع وقوانينه متعددة‪.‬‬

‫‪-‬الخاتمة ‪:‬‬
‫تعتبر اشكالية ‪ //‬الموشوعية والذاتية ‪ //‬من أهم االشكاليات التي طرحت في ساحة البحث العلمي ‪ ,‬ومن أكثر‬
‫المواضيع التي تناولتها الفلسفة ‪ .‬لذا فاننا ال نستطيع أن نضع حدا فاصال لهذا االشكال‪.‬‬
‫مراجع البحث‬
‫‪ /1‬د‪ .‬بروي عبد لفتاح ‪ /‬فلسفة العلوم ‪ /‬دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ط ‪2001-2000 :‬‬
‫‪ / 2‬األستاذ الدكتور ‪ :‬ماهر عبد القادر محمد برنسي قسم الفلسفة ‪ //‬فلسفة العلوم والمشكالت المعرفية ‪ ,‬دار المعرفة‬
‫الجامعية ‪.2000‬‬
‫‪ /3‬األستاذ الدكتور محمد ثابت الفندي ‪ ,‬مناهج العلوم ‪ ,‬دار المعرفة الجامعية ط ‪.2002‬‬
‫منقول‬

You might also like