Professional Documents
Culture Documents
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يرج ع التقلي د النق دي في بح وث اإلعالم واالتص ال إلى الثالثين ات من الق رن الماض ي من
خالل التولي ف بين االقتص اد السياس ي لوس ائل اإلعالم والتحلي ل الثق افي للنص وص ودراس ات
تلقي الجمهور للتأثيرات االجتماعية واإليديولوجية للثقافة الجماهيرية واالتصال .ودأب منظرو
هذه المدرس ة على تحلي ل منتجات الثقاف ة الجماهيري ة في سياق اإلنت اج الصناعي ،حيث كانت
سلع الصناعات الثقافية تظهر نفس خصائص المنتجات األخرى لإلنتاج الجماهيري :التسليع
والمعياري ة والجمه رة .وك ان لمنتج ات الص ناعات الثقافي ة وظيف ة مح ددة تتمث ل في إعط اء
الشرعية اإليديولوجية للمجتمعات الرأسمالية القائمة وإ دماج األفراد في إطار المجتمع والثقافة
الجماهيريين.
ومن أب رز أعم ال النق ديين في إط ار دراس ة وس ائل اإلعالم واالتص ال ومحتوياتهم ا :
تحليالت أدورن و للموس يقى الش عبية ،ودراس ات لوفنت ال لألدب الش عبي والمجالت ،ودراس ات
هرزوغ حول األوبرا الصابونية اإلذاعية ،ودراسات أدورنو مع هوركايمر للثقافة الجماهيرية
في مؤلفهما "الصناعات الثقافية" ،وهربرت ماركيوز بمساهمته النقدية في كتابه "اإلنسان ذور
البعد الواحد" حول مساهمة وسائل اإلعالم في تشكل هذا "اإلنسان".
وكان التركيز باألساس من النظرية النقدية على منتجات وسائل اإلعالم وانتقادها.
مجمل القول أن النظرية النقدية اهتمت بالسياق االجتماعي واالقتصادي والسياسي للبلد الذي
تجري فيه العملية االتصالية واألسئلة المحورية التي كانت تشغل بال النقديين هي :
تعرف النظرية النقدية بأنها نظرية اجتماعية باألساس (انطلقت من معد البحث االجتماعي
بفرانكفورت) ،بيد أن كل أفكارها كانت تعطي اهتماما خاصا لدور وسائل اإلعالم واالتصال
في ص ناعة الواق ع في المجتمع ات الص ناعية الرأس مالية .له ذا يمكن مالحظ ة أن ك ل األفك ار
النق ديين ال تي تطرقن ا إليه ا في المحاض رة الس ابقة ،تتن اول ض منيا وس ائل اإلعالم واالتص ال
كفاعل أساسي فيها.
ويمكن الربط بين تلك األفكار ووسائل اإلعالم كما يلي :
وس ــائل اإلعالم والعقالني ــة األداتي ــة :يعت بر النق ديون أن تقني ات اإلعالم س اهمت في أ.
الس يطرة على الطبيع ة وح تى على اإلنس ان لتفرغ ه من محت واه الجم الي .فهابرم اس
يرى أن العقالنية األداتية يجب أن تكون تواصلية والتي تعني ذلك التفاعل الذي يحدد
طبيع ة العالق ات االجتماعي ة أو اإلنس انية في حقب ة تاريخي ة م ا بواس طة الرم وز وال تي
تخضع للمعايير التي تحدد تطلعات أفراد المجتمع وتصوغ فهم هؤالء لذواتهم ،ويتحدد
ذلك في المج االت األخالقية والجمالي ة والسياس ية ،قصد تحقيق التف اهم واالتفاق .لهذا
يتم اس تبعاد اإلك راه والعن ف والس يطرة ألن الفع ل التواص لي عن ده يرتك ز على مقارب ة
تهدف إلى تحقيق اتفاق مبني على قناعات متداول بين أفراد المجتمع.
وس ــائل اإلعالم والتش ـ ّـيؤ :ت رفض النظري ة النقدي ة فك رة تش ّيؤ المعرف ة اإلنس انية، ب.
كالثقاف ة واألدب ،لتص بح س لعة تفق د قيمته ا التبادلي ة .وق د تح دث تي ودور أدورن و عن
مفهوم تسليع الثقافة الذي يرى بأنه مع ظهور المجتمعات الرأسمالية ،أصبحت منتج ات
الصناعة الثقافية "كلها سلعة والربح هو كل شيء" ،وهذا ما يشير إلى مفهوم الترابط
التشيؤ في ما
ّ بين الثقافة الجماهيرية وصناعة الثقافة ،وهو ما يعبر عن فرض لمفهوم
يتعلق بتعطيل العقل وإ نعاش الجوانب الغريزية في اإلنسان (من خالل وسائل اإلعالم
واالتصال).
وس ــائل اإلعالم واالغ ــتراب :رك زت النظري ة النقدي ة على فك رة االغ تراب الثق افي ت.
بخالف النظري ة الماركس ية ال تي رك زت على االغ تراب االقتص ادي .ف االغتراب س مة
المجتمع المعاصر ،والنظائم القائم يلجأ إلى آليات عديدة منها خلق ما يسمى بالحاجات
الكاذب ة أ ,الزائف ة ل دى البش ر ،وهي حاج ات تص نعها وس ائل اإلعالم واالتص ال
الجم اهيري .واإلنس ان ال ذي يح رص على إش باع حاجات ه األساس ية ،سيش كل من نفس ه
إنسانا ذا بعد واحد "يستغيض بالحرية وهم الحرية".
الثقافة الجماهيرية :وهي جملة قيم الثقافة التي تروج عبر وسائل اإلعالم من صحافة ث.
وتلفزيون وإ ذاعة وسينما ،بين الفئات العريضة من السكان .وتقترن الثقافة الجماهيرية
ع ادة بس يكولوجية المس تهلك وتك ون ح افزا إض افيا له ا ،وتنش ر مع ايير بس يطة وقيم ا
نمطية وارتباطات رمزية غير مباشرة .هذه الثقافة الجماهيرية تنتقص من قيمة الثقافة
وتفرغه ا من مض موناها الحقيقي ،وتفككه ا لتجعله ا مج رد ن وع من التس لية الخالص ة
واالستهالك المتعي ،بل وتهبط بها أحيانا إلى مستوى إلهاب الغرائز واستثارة نزعات
العن ف والجنس ،ومن ثم ة تخل ق إنس انا نمطي ا .وهي به ذه الكيفي ة تش كل أداة للت أثير
اإليديولوجي والنفسي على الجماهير العريضة بغرض غرس النزعة االستهالكية.
وســـائل اإلعالم وصـــناعة اإلنســـان ذو البعـــد الواحـــد :ي رى هرب رت م اركيوز في ج.
كتابه ":اإلنسان ذو البعد الواحد" ( )1964أن وسائل اإلعالم واالتصال تزيف الوعي
في المجتمع الصناعي المتقدم وتعاظم خطرها وذلك بفعل التكنولوجيا حيث تلعب اآللة
دورا أساس يا وب ارزا في ه ذه المجتمع ات .وهن ا تلعب ثقاف ة المجتم ع التكنول وجي دورا
هام ا في أحادي ة تفك ير اإلنس ان .فمن خالل الق درات الكب يرة لتكنولوجي ا االتص ال
الجم اهيري ،أص بحت ل ديها الق درة على التخفي ف من ح دوث التن اقض بين ال واقعين
الثق افي واالجتم اعي من خالل دمج قيم األول بالث اني وإ ع ادة توزيعه ا على نط اق
تجاري واسع.
الفضــاء العمــومي :ي رى هابرم اس أن الفض اء الع ام تح ول إلى ص ناعة رأي ع ام، ح.
وانتقلن ا ب ذلك من الفض اء الع ام إلى ص ناعة رأي ع ام مهيمن علي ه .الفض اء الع ام ه و
مج ال للعق ل والتفك ير الح ر وتوس يع النق اش بحري ة وعقالني ة والق ائم على الحجج
وال براهين الموض وعية ب دون ت دخل أي س لطة ،بحيث يجع ل المجتم ع موجه ا حس ب
قناعاته ،هذا الفضاء هو مساحة متوسطة بين الدولة والمجتم ع .غير أن هذا الفضاء
أصبح تحت سلطة رجال السياس ة واإلعالم واالتصال ،وانتقل الح يز العام من الثقافة
التقليدية إلى مجتمع اإلعالم واالتصال الجماهيري واالستهالك .واشار هابرماس إلى
الدور المتزايد لالتصال واإلعالم في السياسة والحياة اليومية .فبعد أن كانت المقاهي
والن وادي فض اءات لاللتق اء بين األدب اء والمثقفين ويس ودها النق اش العقالني الح ر عن
األوضاع ،انتقل الرأي العام من اإلجماع العقالني النابع من المجادلة والنقاش والتأمل
إلى ح يز مص نع من قب ل اس تطالعات ال رأي وخ براء اإلعالم .وي رى هابرم اس أن
التراب ط ال داخلي بين مج ال المن اظرة العام ة والمش اركات الفردي ة ق د انكس رت بس بب
وس ائل اإلعالم واالتص ال وتح ول إلى مج ال للتحكم السياس ي واالس تعراض ،بحيث
يس تقبل الف رد الفاع ل المس تهلك ويمتص بص ورة س لبية م واد التس لية والمعلوم ات ل ذا
تحول المواطن الفاعل إلى مشاهد لبرامج وخطابات وسائل اإلعالم .يقول هابرماس :
"طالما أن وسائل اإلعالم تتحكم اليوم في المعلومات وتستخدمها كأشكال قابلة للتسويق
للخدمات العامة المقدمة من ثقافة للمستهلكين ،فإن المعنى األصلي قد انقلب رأسا على
عقب".
وســائل اإلعالم كــأداة لتكــريس الهيمنــة :رك زت النظري ة النقدي ة على مفه وم الهيمن ة. خ.
فوس ائل اإلعالم تعم ل على من خالل الص ناعة الثقافي ة على ترس يخ األفك ار الخاص ة
بسيطرة الطبقة المالكة أو المهيمنة على المجتمع الرأسمالي.
مراجع المحور الرابع :
إبراهيم قاسمي ،وسائل اإلعالم واالتصال الجماهيرية من منظور مدرسة فرانكفورت، -
مجلة العلوم االجتمعية لجامعة األغواط ،المجلد ،08العدد ،01جانفي .2014
الس عيد بومع يزة ،أث ر وس ائل اإلعالم على القيم والس لوكيات ل دى الش باب – دراس ة -
اس تطالعية بمنطق ة البلي دة ،أطروح ة مقدم ة لني ل دكت وراه دول ة في عل وم اإلعالم
واالتصال ،جامعة الجزائر.2006 ،
آلن ه او ،النظري ة النقدي ة :مدرس ة فرانكف ورت ،ترجم ة ث ائر ديب ،منش ورات وزارة -
الثقافة السورية ،دمشق.2005 ،
دبلة عبد العالي :مدخل إلى التحليل السوسيولوجي ،دار الخلدونية ،الجزائر.2011 ، -