You are on page 1of 4

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫الجامعة اإلفريقية – احمد دراية – والية ادرار‬

‫كلية العلوم االنسانية واالجتماعية واالسالمية‬


‫قسم العلوم االنسانية‬
‫السنة أولى جذع مشترك‬
‫مقياس‪ :‬المذاهب الفلسفية الكبرى‪.‬‬

‫األستاذ‪ :‬بن عبد الكبير محمد السالم‬


‫أستاذ مشارك محاضر بالجامعة األفريقية احمد دراية ادرار‪.‬‬
‫عضو في مختبر األبعاد القيمية للتحوالت الفكرية والسياسية بالجزائر‪.‬‬

‫تابع‪ :‬المذهب العقالني‪.‬‬


‫عناصر المحاضرة ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬في مفهوم العقالنية‪:‬‬
‫ا‪ /‬في مفهوم العقل‪.‬‬
‫ب‪ /‬من العقل إلى العقالنية‪.‬‬

‫بعد الثورة المعرفية والمذهبية التي أعلنتها المذاهب الكالسيكية‪ ،‬على نحو ما أعلنته‬
‫المدرسة الشكية بزعامة (( بيرون ‪ 275‬ق‪.‬م)) وأتباعه على نحو " تيموت " و "‬
‫آركسيالس" و سيكستوس أومبريكوس" وغيرهم؛ والمدرسة الطبيعية وما توالد عنها من‬
‫تفسيرات للوجود والمعرفة‪ ،‬وكان ذلك على يد الطبيعيون من أمثال " أنكسيمونس " و "‬
‫أنكسيموندريس " و " طاليس " و " هيراقليدس " ‪...‬الخ؛ والمدرسة المثالية التي حمل لواءها‬
‫صور سابقة عبى‬ ‫" أفالطون " والتي من خاللها أسس مذهبا ً على القول َّ‬
‫بأن األفكار وال ّ‬
‫الرغم من هذه النظرة المجردة والمتعالية‪ ،‬إالَّ‬
‫المحسوسات والنسح الواقعية ‪ ...‬ولكن على َّ‬
‫أنها مهدت لظهور عديد النظريات والنزعات والمذاهب الجديدة مثل المذهب الحسي الذي‬
‫تبنَّاه المعلم األول " أريسطو"‪ ،‬والمذهب العقلي عند " ديكارت "‪ ،‬والمذهب النقدي عند "‬
‫‪1‬‬
‫كانط "‪ ،‬والمذهب الوجودي عند " سيرين كيركجارد " و " مارتن هيدجر " و " جون بول‬
‫سارتر" ‪...‬الخ؛ والفينومولوجي عند " إيدموند هوسرل " و " ميرلوبونتي "‪ ،‬والبارغماتي‬
‫عند " بيرس" و " ويليام جيمس " ‪...‬الخ‪ ،‬وغيرها من المذاهب سواء كانت مذاهب كبرى‪،‬‬
‫أم مذاهب صغرى؛ ولعل محاضرتنا هذه نعالج من خاللها المذهب العقلي والتي سنقف فيها‬
‫على أهم المفاهيم والرواد واألسس التي ينبني عليها المذهب العقلي وحدوده في المعرفة‪،‬‬
‫وأهم تجلياته في الفكر الفلسفي على العموم والفكر الفلسفي الحديث على وجه الخصوص‪،‬‬
‫محاولين من خالل ذلك وضعه في ميزان الدراسات اإلبيستيمولوجية والمعرفية لتبيان أهم‬
‫العيوب والمؤاخذات التي أسس عليها العقالنييون مذهبهم هذا‪.‬‬
‫أوال في مفهوم العقل‪:‬‬
‫العقالنية كمذهب تعود في أصلها إلى مادة " عقل "‪ ،‬والعقل في اللُّغة " الحجر والنهى "‪،‬‬
‫وقد سمي بذلك تشبيها بعقل النَّاقة‪ ،‬ألَنه يمنع صاحبه من العدول على سواء السبيل كما يمنع‬
‫العُقال النَّاقة من الشرود‪ ،‬ويطلق على ثالثة أوجه وهي‪:‬‬
‫األول‪ :‬وقار اإلنسان وهيئته‪ ،‬ويكون حدّه أ َّنه هيئة محمودة لإلنسان في كالمه واختياره‬
‫وحركاته وسكناته " (‪ .)1‬فهو جوهره وكنهه الذي يعبر عنه تعبيراً شامالً كامالً‪ ،‬فال يشترك‬
‫فيه مع غيره ‪.‬‬
‫معان‬
‫ٍ‬ ‫والثاني‪ " :‬يراد به ما يكتسبه اإلنسان بالتجارب من األحكام الكليّة‪ ،‬فيكون حده أنَّه‬
‫مجتمعة في الذهن تكون مقدمات تستنبط بها األغراض والمصالح "(‪ .)2‬وليس المراد هنا‬
‫التجارب القائمة في الحس المادي الذي يؤول إلى الزلل والشطط على حد زعم العقالنيون‪،‬‬
‫بل المراد به مجموع األفكار والتصورات الحاصلة في الذهن بحركته – الذهن ‪ ،-‬فالعقل‬
‫الفعَّال هو " اإلبداع األول والخلق األكمل‪ ،‬وأنه فعل هللا يذاته وأوجده بكلمته وقدرته" (‪. )3‬‬
‫وأ ّما الثالث يراد به‪ " :‬صحة الفطرة األولى في اإلنسان فيكون حده أنّه قوة تدرك صفات‬
‫اإلشياء من حسنها وقبحها وكمالها ونقصانها" (‪.)4‬وهنا يكون العقل بمعناه‪ ،‬الوسيلة أو المنهج‬
‫الذي يكشف عن جواهر األشياء وحقائقها؛ فهو الشعور الواعي عي الفرد والباطني الذي ال‬
‫ينفصل عن النَّفس في عديد المفاهيم التي يطرحها الفالسفة والمفكرين أحياناً‪.‬‬
‫ويتحدث الدكتور ابراهيم مصطفى ابراهيم في كتابه " مفهوم العقل في الفكر الفلسفي "‪،‬‬
‫معان متعددة‪ ،‬ولع َّل منها‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫أن هذه الكلمة " عقل " تحمل‬

‫‪ 1‬جميل صليبا‪ ،‬المعجم الفلسفي باأللفاظ العربية والفرنسية واألنكليزية والالتينية‪ ،‬ج‪ ،2‬دار الكتاب‬
‫اللبناني ‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،1982 ،‬ص‪.84‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسة‪ ،‬ص نفسها ‪.‬‬
‫‪ 3‬اخوان الصفاء‪ ،‬رسائل إخوان الصفاء وخالن الوفاء‪ ،‬ج‪ ،5‬تقديم‪ /‬عليوش عبود‪ ،‬وزارة الثقافة‬
‫الجزائرية‪ ،2007 ،‬ص‪.92‬‬
‫‪ 4‬جميل صليبا‪ ،‬نفسه‪ ،‬ص‪.84‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -1‬أنَّه شئ يعمل كأساس وحافز أو سبب كل بحسب األحوال‪.‬‬
‫‪ -2‬تعبير يستخدم للتكيف أو البرهان أو التفسير‪.‬‬
‫‪ -3‬ملكة التفكير منطقياً‪ ،‬والوصول إلى النتائج أو القيام باالستدالالت‪.‬‬
‫‪ -4‬صحة عقلية " ‪ ،" Sanity‬والعكس إذا ما أصيب اإلنسان بصدمة تفقده العقل‪.‬‬
‫ويعرف بمعنى أن يفكر تفكيراً منطقيا ً " ‪ ،" To stand To reasorf‬أي يستند على‬ ‫َّ‬ ‫‪-5‬‬
‫العقل والمنطق(‪.)1‬وعليه فالعقل هو طريقة للبرهان واالستدالل يطلب للوصول إلى‬
‫النتائج والمقاصد‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس نجد أن مفهوم العقل هو مفهوم متحرك‪ ،‬أي أنَّه يصدق على مجموعة‬
‫من اآلليات والفعاليات‪ ،‬إالَّ أنَّها تلتقي كلها – التعريفات – في توصيفاتها َّ‬
‫بأن العقل هو ذلك‬
‫القوة‬ ‫الجوهر البسيط الذي يدرك األشياء بحقائقها الثابتة‪ ،‬كما أنَّه الجوهر الثابت وا ِ‬
‫لخلقة‪ ،‬و ّ‬
‫العاقلة‪ ،‬التي يشير بها كل واحد لألنا العاقلة الباطنية التي يحصل فيها وبها تصور المعاني‪،‬‬
‫وتتألف فيها القضايا كأفكار وتصورات ذهنية صرفة‪.‬‬
‫والعقالنية )‪ :(Ratoinnalism‬هي القول بأولوية العقل وتطلق على عدة معان ‪:‬‬
‫األول‪ :‬هي القول أن كل موجود له علَّة في وجوده‪ ،‬بحيث ال يحدث في العالم شئ إالَّ وله‬
‫مرجع معقول‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬هو القول أن المعرفة تنشأ من المبادئ العقلية الفعلية والضرورية‪ ،‬ال عن التجارب‬
‫الحسيّة‪ ،‬ألن هذه التجارب ال تفيداً علما ً كلياً‪.‬‬
‫أن وجود العقل شرط في إمكان التجربة‪ ،‬فال تكون التجربة ممكنة إالَّ إذا‬ ‫الثالث‪ :‬هو القول َّ‬
‫كانت هناك مبادئ عقلية تنظم معطيات الحس؛ مثال‪ :‬أن المثل عند أفالطون‪ ،‬والمعاني عند‬
‫ديكارت‪ ،‬والصور العقلية عند ايمانويل كانط‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬هو اإليمان بالعقل وبقدرته على إدراك الحقيقة وسبب ذلك عند العقالنيين‪ ،‬هو أن‬
‫قوانين العقل مطابقة لقوانين األشياء الخارجية (‪.)2‬‬
‫والمعرفة العقلية‪ ،‬هي مجموع األفكار والمبادئوالمذاهب واالراء الصادرة بفعل العقل‪،‬‬
‫والمعتمد في إصدارها على سلطان العقل‪ ،‬دون اإلستناد إلى إي ملكة أخرى غيره‪.‬‬
‫ومنه نستنتج أن المذهب العقلي هو مذهب يقول بسلطان العقل ويرد األشياء واالفكار‬
‫والموضوعات إلى أسباب معقولة‪ ،‬ويطبق في العلم والفلسفة واألخالق والسياسة ‪...‬الخ؛ كما‬
‫أنَّه نظرية تفسر المعرفة في ضوء مبادئ أولية وضرورية وترى أنَّه ال سبيل إلى معرفة‬

‫‪ 1‬إبراهيم مصطفى ابراهيم‪ ،‬مفهوم العقل في الفكر الفلسفي‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‬
‫لبنان‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،1993 ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ 2‬محمد السالم بن عبد الكبير‪ ،‬نقد المثل األفالطونية من منظور اريسطو‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة وهران‬
‫‪2‬محمد بن احمد‪ ،‬ماي ‪ .2015‬ص ‪.9‬‬
‫‪3‬‬
‫ال بمعلومات غامضة ومؤقتة‪ ،‬ويقابل المذهب‬ ‫ألن الحواس ال تستطيع أن تزودنا إ َّ‬
‫بدونها‪َّ ،‬‬
‫وأن كل حقبقة أو معرفة‬ ‫التجريبي‪ ،‬فالعقل هو وحده الكفيل بالوصول إلى المعرفة الصحيحة‪ّ ،‬‬
‫ال يُ ِقر بها العقل فهي مرفوضة؛ كما تطلق العقالنية على على مجموعة المذاهب المختلفة‬
‫يجمعها اإليمان بقدرة العقل وإعطاء العقل األولوية في المعرفة‪ ،‬ورفض كل ما يبدو مخالفا ً‬
‫معان خارج التأويالت العقلية البرهانية (‪.)1‬‬
‫ٍ‬ ‫للعقل أو ما يعجز العقل عن تفسيره أو إعطاءه‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪ -1‬ابراهيم مصطفى ابراهيم‪ ،‬مفهوم العقل في الفكر الفلسفي‪ ،‬دار النهضة العربية‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬د‪.‬ط‪.1993 ،‬‬
‫‪ -2‬اخوان الصفاء‪ ،‬رسائل إخوان الصفاء وخالن الوفاء‪ ،‬ج‪ ،5‬تقديم‪ /‬عليوش عبود‪،‬‬
‫وزارة الثقافة الجزائرية‪.2007 ،‬‬
‫‪ -3‬جميل صليبا‪ ،‬المعجم الفلسفي باأللفاظ العربية والفرنسية واألنكليزية والالتينية‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫دار الكتاب اللبناني ‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬د‪.‬ط‪.1982 ،‬‬
‫‪ -4‬محمد السالم بن عبد الكبير‪ ،‬نقد المثل األفالطونية من منظور اريسطو‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة وهران‪ 2‬محمد بن احمد‪ ،‬ماي ‪.2015‬‬

‫انظر محمد السالم بن عبد الكبير‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.8،9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪4‬‬

You might also like