Professional Documents
Culture Documents
مقدمة:
خاتمة:
التغي ير س نة كوني ة واجتماعي ة ونفس ية ,وت اريخ اإلنس انية ي وحي لن ا ب أن الحاج ة إلى
التغيير قضية ملحة وذات أهمية الستمرار الحياة .
والتغيير فعل اجتماعي تقوم به الجماهير ,والسيما الطبقات التي تعاني الظلم والحرمان
,من أجل تبديل ظروفها حياتها السياسية واالجتماعية واالقتصادية نحو األفضل ,وألن
من أب رز ص فات اإلنس ان أن ه ك ائن متغ ير ,وه ذه الص فة ربم ا هي ال تي جعلت ه يختل ف
عن سائر الكائنات ,مما انعكس على المجتمع الذي يشكل اإلنسان مكونه األساسي ،كما
تتع دد الدراس ات ال تي تن اولت موض وع التغ ير االجتم اعي ولع ل من بينه ا فخ ر الع رب
والمس لمين مقدم ة ابن خل دون ال تي الزالت تحظى بدراس ات مس تجدة ومستفيض ة إلى
يومن ا ه ذا ،لم ا تتض منه من آراء هام ة ونظري ات عميق ة لمفه وم السياس ة والت اريخ
واالجتم اع مع ا ،كم ا أن المقدم ة م ازالت تعت بر من أهم من ابع الدراس ات الفكري ة في
التاريخ السسيولوجي.
ونحن اليوم بصدد التطرق لفكر ابن خلدون حول التغير االجتماعي وكيف يفسره.
أوال :نبذة عن حياة ابن خلدون
ك انت عائل ة ابن خل دون ق د انتقلت من ت ونس إلى اش بيلية عن دما ب دأ اإلس الم بال دخول
إليها ،وعندما شارفت على السقوط عادت إلى تونس حيث ولد ابن خلدون ،وكان والده
كباقي أجداده ذو جاه ومكانة علمية وثقافية ،فكان هو أول معلميه .ولكن توفي ووالدته
البن خل دون إب ان انش ار وب اء الط اعون س نة 1348باإلض افة إلى ثل ة من ش يوخه
ومعلميه الذين فقدهم لذات السبب.
حفظ ابن خلدون القرآن الكريم منذ صغره ،ودرس علوم اللغة العربية من نحو وصرف
وعلم الكالم واللسان على يد كبار المعلمين في تلك الفترة والزم مجالسهم إلى أن أصبح
ذو علم ودراي ة بلغ ة قوم ه .ك ذلك درس العل وم الش رعية على ي د مجموع ة من الش يوخ
1
والفقهاء في عصره وتعلم الفقه والحديث والمنطق.
وتولى ابن خلدون منذ شبابه العديد من الوظائف وتنقل بين عدد من المناصب ،فشغل
وظيفة كاتب لدى أمير تونس ابي إسحاق الحفصي ،وأمين سر لدى سلطان مراكش أبي
عنان المريني ،ثم اتهم الحًقا بالخيانة للدولة وأودع السجن.
بعد خروجه من السجن بمساعدة أحد الوزراء أصبح أمين سر للدولة لدى السلطان أبي
س الم ،ثم انتق ل الحًق ا إلى غرناط ة وعم ل في البالط إلى أن أص بح رئيس لل وزراء في
بجاي ة ،ولكن تعرض ت الدول ة للغ زو وتغ ير الحكم فق ام ابن خل دون بمفاوض ة الغ ازي
لتسليم المدينة بمقابل البقاء في الوزارة ونجح في ذلك ،إلى أن هرب في وقت الحق من
البالد عندما لمس تغير الحاكم عليه.
ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن األكبر ،عبد الرحمن بن محمد بن خلدون ،الجزء األول 1
ص ،5تدقيق خليل شحاتة ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت ،2001ص 32
انتق ل بع د ذل ك بين العدي د من المن اطق والقبائ ل في ش مال أفريقي ا ثم ع اد إلى األن دلس،
ومن ثم ع ودة إلى مص ر حيث عم ل كم درس للفق ه الم الكي في األزه ر ،وعم ل ك ذلك
كقاض ي هن اك ل ذات الم ذهب ،وع زل الحًق ا بس بب تش دده .وك ذلك ش ارك في الحمل ة
1
المصرية ضد تيمور لنك في بالد الشام سنة .1400
البن خل دون العدي د من الكتب والمؤلف ات ال تي م ا زال تأثيره ا حاض ًر ا إلى الي وم لع ل
أشهرها مقدمة ابن خلدون والتي يصنف ابن خلدون بناء على ما جاء فيها بأنه مؤسس
علم االجتم اع ،باإلض افة إلى مؤلف ات أخ رى في مج االت ع دة مث ل الت اريخ والحس اب
والمنطق والحكمة .لعل أبرز وأشهر مؤلفات ابن خلدون التالي
كتاب “العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من
ذوي السلطان األكبر” وهو الكتاب األشهر من بين كل مؤلفات ابن خلدون كونه يحتوي
على مقدمته الشهيرة “مقدمة ابن خلدون” ،إذ يقع الكتاب في سبعة مجلدات ،المقدمة في
2
المجلد األول وهي القسم األكبر في الكتاب.
كت اب “لب اب المحص ل في أص ول ال دين” وه و م وجز ألفك ار علم اء وفقه اء س ابقين
ومتأخرين لعصر ابن خلدون.
كت اب “ش فاء الس ائل لته ذيب المس ائل” وه و كت اب في التص وف أص له ومدلوالت ه
وأقسامه.
كتاب “مزيل المالم عن حكام األنام” وهو رسالة ابن خلدون للقضاة.
يوسف ابو الحجاج ،الفيلسوف الثائر ابن خلدون ،مصر :الدار الذهبية للنشر والتوزيع ،2007 ،ص 78 2
كل هذه المؤلفات وغيرها ما زالت موجودة ويتم تداولها إلى اليوم ،وذلك بفضل ما جاء
فيه ا من نظري ات مهم ة في مج االت ع دة لع ل أهمه ا في مج ال علم االجتم اع والت اريخ
1
وخاصة في مقدمته الشهيرة.
مما ال شك فيه أن ابن خلدون من أشهر المفكرين الذين يؤمنون بحركة تغيير المجتمع,
من نم ط إلى آخ ر ,والتغي ير كم ا ي راه س نة من س نن الحي اة وأم ر حتمي ال مف ر من ه ,
يظهر ذلك من سياق وصفه لحتمية التغيير ونهاية الدولة (( وإ ذا كان الهرم طبيعيا في
الدول ة ك ان حدوث ه بمثاب ة ح دوث األم ور الطبيعي ة كم ا يح دث اله رم في الم زاج
الحي واني ,واله رم من األم راض المزمن ة ال تي ال يمكن دواؤه ا وال ارتفاعه ا لم ا أن ه
طبيعي واألمور الطبيعية ال تتبدل ).
والتغي ير ش يء حتمي يتس م باالس تمرارية والفاعلي ة ,والمجتم ع البش ري س ائر إلى
التغيير ال محال ,ش أنه في ذلك ش أن الفرد ال ذي يمر بمراحل حياته منذ والدته حتى
وفاته ,ولتأكيد ذلك فق د أفرد فص ًال خاص ًا في كت اب المقدمة( )iبعن وان (( في أن الدولة
لها أعمار طبيعية كما لألشخاص )) .
وألن دراسة ابن خلدون لظاهرة التغيير في المجتمع ُ ,تظهر لنا أن أحوال المجتمع ات
ال تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر إنما هي في حالة صيرورة وتغ ير وانتق ال من
حال إلى حال ,وأن ذلك خاضٌع للحتمية التاريخية ,كما يتبين من قوله ((:إن ننظر في
االجتماع البشري الذي هو العمران ,ونميز ما يلحقه من األحوال لذاته وبمقتضى طبعه
2
,وما يكون عارضًا ال يعتد به ,وما ال يمكن أن يعرض له )) .
ابن خلدون عبد الرحمان ،التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا ،تحقيق محمد بن تاويت الطنجي ،مطبعة لجنة التأليف والترجمة 1
ومن هن ا يمكن التس ليم ببديهي ة ت رى أن اإلنس ان وبم ا أوتي من ملك ة التفك ير ,ق ادر
على اشتقاق القوانين والنظم التي تحكم الظواهر االجتماعية من ذاتها ,وذلك بانتزاعها
ع بر التجري د بع د المعاين ة ,وه ذه األنظم ة والق وانين تتش ابه ,إلى ح د م ا ,م ع الق وانين
ال تي تس ير عليه ا الطبيع ة ,ألن العم ران البش ري واالجتم اع اإلنس اني ل ه عوارض ه
الذاتية الخاصة به .
والحتمي ة في التغي ير ,عن د ابن خل دون ,تتس م باالس تمرارية والفاعلي ة ,والمجتم ع
اإلنس اني س ائر إلى التغي ير ال محال ة ,ألن التغي ير ,حس ب الرؤي ة الخلدوني ة ,أم ر
طبيعي ,البد من حدوثه ,وال سبيل إلى منعه ,ألنه يتحرك في نظام ال مرد له ,وأن
ه ذا التغي ير يب دأ في حرك ة دائري ة ,كم ا يظه ر من س ياق كالم ه ((:ف إذا اس تولت على
األولين األيام ,وأباد غضراءهم الهرم ,فطبختهم الدولة ,وأكل الدهر عليهم وشرب ,
بم ا أره ف النعيم من ح دهم ,واس تقت غري زة ال ترف من م ائهم ,وبلغ وا غ ايتهم من
طبيعة التمدن اإلنساني والتغلب السياسي )).
ولكن التغيير في المجتمعات له أسبابه ومحدداته ونتائجه وأشكاله ,فقد يكون بطيئا في
ظهوره ,وربما يكون عنيف ًا ,وهذا ما ظهر ,حق ًا ,في الربيع العربي ,وابن خلدون
حين تح دث عن تب دل األح وال في المجتم ع ,أف رد ل ه مص طلحات ت دل في معناه ا على
التغي ير ,مث ل ( انقالب ,ث ورة ,تقلب ,تب دل ) كقول ه ((:فتب دلت تل ك األح وال وانقلبت
1
بها العوائد إلى ما يجانسها أو يشابهها وإ لى ما يباينها أو يباعدها )).
برويل ,فرنان ،علم اجتماع المعرفة بين الفكر الخلدوني والفكر الغربي ,منشورات جوس بيرس ،دون سنة ،ص .172 1
لق د بين ابن خل دون أن الظ اهرة االجتماعي ة يجب أن ت درس كم ا ت درس العل وم األخ رى
للوق وف على طبيعته ا وم ا يحكمه ا من ق وانين ,وق د ع بر عن ه ذه الظ واهر بمص طلح
( علم العمران أو االجتماع اإلنساني ) وهو العلم الذي يسمى بالسيوسولوجيا.
والتغي ير عن د ابن خل دون ,كم ا ي رى أح د الب احثين ,أم ر حتمي ,ليس في خطوط ه
الرئيسية ولكن في مدته أيض ًا ,وعلى هذا المنوال ,فإن فكر ابن خلدون يحمل الطابع
الث وري ,والس يما في الج انب السوس يولوجي ,وه ذا ش يء مهم في الم وروث الع ربي
لثقافة التغيير.
لقد توصل ابن خلدون إلى أن ظاهرة التغيير التي تمر بها الدول والمجتمعات ليست
أمرًا عرضيًا إنما هو أمر حتمي ,وعلى هذا فإن الروح االختبارية في فكر ابن خلدون
ومنظ وره السوس يولوجي ,ت دفعنا إلى الق ول إن األح داث التاريخي ة ليس ت عش وائية وال
هي تعسفية مطلقة إنما هي تسير وفق قوانين تكاد تشبه القوانين الطبيعية ,وهذه القوانين
والضوابط تمثل منطق انتظامها في الوجود.
والظ واهر االجتماعي ة ومنه ا ظ اهرة التغي ير تخض ع لق وانين ثابت ة حس ب المنظ ور
الخلدوني حتى وان توالى عليها الكثير من التداخل والتشابك ,إال إنها تخضع لعناصر
الثبات والتجديد (( وذلك أن أحوال العالم واألمم وعوائدهم ونحلهم ال تدوم على وتيرة
واحدة ومنهاج مستقر ,إنما هو اختالف على األيام واألزمنة وانتقال من حال إلى حال
)) ,وه ذا م ا يجع ل فهم ودراس ة تل ك الظ واهر وض بط مجرياته ا ,والتنب ؤ باتجاهاته ا ,
1
أمورًا ممكنة في الغالب للدارسين والسياسيين على حد سواء .
اس تخدمت الحتمي ة في الفك ر االجتم اعي فأص بحت تع ني عن الس بب الوحي د كم ا أنه ا
توص ف بأنه ا اختزالي ة حيث تخ تزل ك ل العوام ل في عام ل واح د ،ال ذي تعت بره ك افي
وحده لحدوث التغير االجتماعي.
و جاءت النظريات الحتمية في معظمها متأثرة بعلوم أخرى ،فأنصار الحتمية الجغرافية
و معظمهم ك انوا من الجغراف يين و ال ذين ناص روا الحتمي ة البيولوجي ة ت أثروا بعلم
البيولوجيا و بنظرية التطور البيولوجي و كان بعضهم من البيولوجيين ...إلخ .و هذه
2
بعض نظريات الحتمية.
من أش هر ه ذه النظري ة الجغ رافي األم ريكي (هنتنجت ون) ( 1965 )Huntingtonال ذي
استخدم مفهوم الحتمية الجغرافية في تفسير المجتمعات.
عبد الواحد ,علي ،فقه السياسة في فكر ابن خلدون ,بحث منشور في كتاب مهرجان ابن خلدون ،القاهرة ،1962 ،ص .68 – 67 1
محمد عمر الطنوبي ،التغير اإلجتماعي ،منشأة المعارف باإلسـكندرية جـالل حـزي وشـركاه ،جامعـة اإلسـكندرية ج .م .ع ،جامعة عمر 2
و تبلورت في الحضارة اليونانية و آخرين ولدوا كرعية و تطورت هذه الفكرة لتعمم
على الف روق بين المجتمع ات ،كم ا تفس ر التغ يرات االجتماعي ة ال تي تظه ر ل دى ه ذه
الش عوب ،س واء التغ يرات الس لبية (المرتبط ة ب التخلف) أو التغ يرات اإليجابي ة (التف وق)
1
باختالف قدرتها البيولوجية و العرقية.
ترجع هذه النظرية إلى إسهامات (كارل ماركس) ( 1818- 1883 )Karl Marxتنظر
الماركس ية إلى الحي اة االجتماعي ة على أنه ا دائب ة الحرك ة ،و تحم ل في داخله ا دواف ع
التغيير.
حسب هذه النظرية يتأسس المجتمع على أساس اقتصادي ينحصر في عالقات اإلنتاج و
أنماط اإلنتاج السائدة في المرحلة التاريخية أي أن االقتصاد هو الركيزة األساسية التي
2
يرتكز عليها المجتمع.
فإنه يشكل كل عناصر البناء االجتماعي األخرى و التي أطلق عليها المجتمع عناصر
البناء الفوقي كالقانون و الدولة و األسرة و الثقافة.
محمد الدقس ،التغير اإلجتماعي بين النظرية والتطبيق ،دار المجدالوي للنشر والتوزيع ،عمان، 1987 ،ص.28 2
يح دث التغ ير االجتم اعي في المجتم ع كانعك اس للتغي ير ال ذي يط رأ على المجتم ع
االقتص ادي ،ففي مرحل ة من مراح ل تط ور المجتم ع ت دخل الق وى اإلنتاجي ة في تن اقض
مع عالقات اإلنتاج السائدة ،أي أن عالقات اإلنتاج تصبح غير مالئمة للتطورات التي
تح دث في ق وى اإلنت اج و ل ذلك فالب د أن تتغ ير عالق ات اإلنت اج و تتم يز معه ا ك ل
عناصر البناء الفوقي لتدعيم هذا التغيير الجديد و تحميه ،و هنا تحدث الثورة التي تنقل
المجتمع من طبقتين متعارضتين ،واحدة تملك قوى اإلنتاج و األخرى تشغل هذه القوى
و تول د فائض ا يع ود على الطبق ة المالك ة ،و ي ؤدي التح ول من مرحل ة إلى أخ رى و
ظهور تغير في التركيب المالكة أو المهيمنة في المرحلة الجديدة.
و لقد ميز ماركس في تاريخ المجتمعات ،و مرحلة اإلنتاج األسيوي ،المرحلة اإلقطاع
و المرحل ة الش يوعية حيث يف ترض م اركس خلوهم ا من الطبق ات و الملكي ة الخاص ة و
ينظ ر م اركس إلى الص راع الطبقي أن ه حال ة طبيعي ة في المجتم ع ب ل أن ه المح رك
السياس ي للت اريخ ،ف إذا ك ان التن اقض االجتم اعي بين ق وى اإلنت اج و عالق ات األساس ي
للت اريخ ،ف إذا ك ان التن اقض االجتم اعي بين ق وى اإلنت اج و عالق ات اإلنت اج ه و ال ذي
1
يحرك البناء نحو التغيير ،فإن الصراع الطبقي ينجز هذه المهمة.
و من أش هر الممثلين لالتج اه التط وري في علم االجتم اع الع الم االنجل يزي (هرب رت
سبنسر) 1903 – 1820
فالكائن العضوي يتكون من أجزاء قليلة ،التباين و لكن نموه يكبر حجما و تتكاثر مع
ذل ك أج زاؤه و تتب اين و ك ذلك األم ر يح دث في المجتم ع ففي البداي ة يك ون التب اين بين
أفراده غير واضح سواء في الكم أم في الكيف و لكن عندما يزداد عدد السكان تصبح
االنقسامات و تزداد درجة التعقيد و االختالف في األعم ال ،أي أن التخصص قد زاد و
1
تعقد من أجل كمال مسيرة المجتمعات.
يلعب النظ ام الرم زي خاص ة اللغ ة دورا هام ا في عملي ة التفاع ل و االتص ال تتض من
استخدام رموز دالة تأول معانيها في إطار خبرات الجماعة.
فاكتساب الفرد للنظام الرمزي أساس قدرته على التفاعل و أساس تشكل ذاته و عقله و
نموها و كنتيجة أساس تشكل ما هو اجتماعي و ثقافي.
محمد عاطف غيث ،التغير اإلجتماعي والتخطيط ،دار المعارفـ ط 2القاهرة، 1966 ،ص .25 1
ينظــر جــون ديــوي :إلى العق ل كعملي ة فكري ة متج ددة و دينامي ة .و أن ال ذات و العق ل
عمليات تتشكل و تنمو و تتطور من خالل التفاعل االجتماعي و الرمزي.
ش ارلز ك ولي ( :)charless Cooleyجع ل ك ولي تص ورات اإلنس ان لذات ه ذوات
اآلخرين و تصوراته لما هو اجتماعي ،الحقائق األساسية لحقيقة المجتمع ،فالمجتمع
هو نتاج عملية تفاعل بين الذوات و العقول.
كما أن هناك جماعات وسيطة تربط الفرد بالمجتمع من أهمها حسب (كولي) كما أن
هناك الجماعات األولية حيث تنمو في أطرها المثل االجتماعية لدى الفرد و تحقق
طبيعته اإلنسانية .كما ينمو لديه اعتبار اآلخرين .و يرى كولي أن العقل و الذات
ال يول دان م ع اإلنس ان و إنم ا يتم تش كلها و نموه ا من خالل عملي ة التفاع ل م ع
اآلخرين .كما يبدأ تصور الذات منذ الطفولة و يتطلب هذا معرفة بالنظام الرمزي
للجماعة .حيث يصبح كل إنسان مرآة لآلخرين .و اعتبر اللغة أهم النظم االجتماعية
يليها األسرة ثم حقائق المجتمع .و يركز كولي على مفهوم الذات و نموها و العقل
كال ذات يتش كل من خالل تفاع ل األف راد و تع اونهم و به ذا يرتب ط العق ل الف ردي
1
بالجماعي.
ويرى أن الثقافة ألي مجتمع تمر في دائرة تبدأ بالميالد وتسير نحو النضج والكمال ثم
تتجه نحو الشيخوخة ولتعود مرة أخرى إلى التقدم والرقي ،وقد حاول ابن خلدون أن
يتتبع المجتمع بالدراسة والتحليل من نشأته حتى فساده.
ويرى أن التاريخ البشري يسير وفق خطة معينة فحوادثه مرتبطة ببعضها البعض وأن
المجتم ع البش ري ش أنه ش أن الف رد ال ذي يم ر بمراح ل من ذ والدت ه وح تى وفات ه وك ذلك
وي رى ابن خل دون أن النظم والظ واهر العمراني ة تتغ ير في أثن اء تطوره ا ل ذلك أولى
الناحية التطورية للمجتمع عناية كبيرة وتعرف على العوامل التي تؤثر فيه ،وقد توصل
من خالل دراسته للمجتمع إلى (قانون األطوار الثالثة) وهي:
وحدد عمر كل طور من هذه األطوار الثالثة بحوالي ( 40سنة ) فيكون عمر الدولة (
120سنة ) وبعد فناء مجتمع يقوم مجتمع جديد على أنقاضه .
ومن خالل هذه األجيال الثالثة يمر المجتمع بخمس مراحل هي:
مرحلة البداوة ،مرحلة الملك ،مرحلة الترف والتنعيم ،مرحلة الضعف واالستكانة،
مرحلة الفناء .
ودرس خص ائص ك ل مرحل ة ف رأى أن العص بية تك ون دعام ة المجتم ع القبلي ودرس
العوامل التي تكون عامًال في تطور المجتمع القبلي وهي:
بينم ا وج د أن المجتم ع المتحض ر يص ل إلى درج ة النض ج من حيث التنظيم االجتم اعي
والسياسي وانفراد السلطان بالمجد والسلطة.
معن خليل العمر ،التغير اإلجتماعي ،دار الشروق للنشر والتوزيع ،ط، 1عمان األردن ، 2004 ،ص .109 2
وتعرض إلى عوامل فساد المجتمع وهي االنهيار االقتصادي والضعف الديني وتوصل
إلى قانون ( أن الهرم إذا نزل بدولة ال يرتفع ) وتعرض إلى عوامل تساعد على سرعة
التق دم وهي عوام ل بيئي ة وكثاف ة الس كان ثم عدال ة الدول ة .وأش ار ابن خل دون أن
الحض ارة تح دث جانب ًا س لبيًا ألنه ا ت دعوا إلى االس ترخاء والخم ول ،وأك د أن الحض ارة
هي نهاية العمران البشري .وهكذا يضح أن ابن خلدون صاحب نظرية أص يلة في علم
االجتماع ،مع وجود بعض المآخذ على نظريته .1
عبد العزيز جابر محمد ،عوامل التغيير االجتماعي في المنظور اإلسالمي .الدار العالمية للنشر والتوزيع .الجيزة .الطبعة األولى. 1
،2011ص 23
خاتمة:
في خت ام بحثن ا ص ل إلى أن التغ ير االجتم اعي عن د ابن خل دون " مب ني على نظري ة
التن ازع والغلب ة أو ه و م ا يس مى " بص راع العص بيات " حيث يعت بر ابن خل دون من
األوائ ل ال ذين فهم وا التغ ير االجتم اعي بش كله ال دائري ،ومن األوائ ل ال ذين عرف وا
النظرية في هذا الخصوص وذلك في القرن الرابع عشر ميالدي .
وتق وم ه ذه النظري ة عن د ابن خل دون على اف تراض وج ود مراح ل للتط ّو ر َتم ُّر فيه ا
المجتمع ات البش رّية من مرحل ة إلى أخ رى نتيج ة عوام ل معين ة ُتغّي ر في طبيع ة
المجتمعات بالتدريج .وَت رقى هذه العمليات إلى مستوى القوانين الحتمّي ة في غالبّي ة هذه
النظرّيات.
قائمة المصادر و المراجع:
ابن خلدون عبد الرحمان ،التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا ،تحقيق محمد بن تاويت .1
الطنجي ،مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ،القاهرة1951 ،
ب دوي ,فاطم ة ،اإلس الم والحداث ة واالجتم اع السياس ي ,ط ،1مرك ز دراس ات الوح دة العربي ة , .2
بيروت2004 ،
بروي ل ,فرن ان ،علم اجتم اع المعرف ة بين الفك ر الخل دوني والفك ر الغ ربي ,منش ورات ج وس .3
بيرس ،دون سنة
دي وان المبت دأ والخ بر في ت اريخ الع رب وال بربر ومن عاص رهم من ذوي الش أن األك بر ،عب د .4
ال رحمن بن محم د بن خل دون ،الج زء األول ص ،5ت دقيق خلي ل ش حاتة ،دار الفك ر للطباع ة
والنشر والتوزيع ،بيروت 2001
عبد العزيز جابر محمد ،عوامل التغيير االجتماعي في المنظور اإلسالمي .الدار العالمية للنشر .5
والتوزيع .الجيزة .الطبعة األولى2011 .
عب د الواح د ,علي ،فق ه السياس ة في فك ر ابن خل دون ,بحث منش ور في كت اب مهرج ان ابن .6
خلدون ،القاهرة1962 ،
محمد الدقس ،التغير اإلجتماعي بين النظرية والتطبيق ،دار المجدالوي للنشر والتوزيع ،عمان، .7
1987
محمد عاطف غيث ،التغير اإلجتماعي والتخطيط ،دار المعارفـ ط 2القاهرة، 1966 ،ص .25 .8
محم د عم ر الطن وبي ،التغ ير اإلجتم اعي ،منش أة المع ارف باإلسـكندرية جـالل حـزي وشـركاه، .9
جامعـة اإلسـكندرية ج .م .ع ،جامعة عمر المختار ليبيا، 1996 ،ص.52
معن خليل العمر ،التغير اإلجتماعي ،دار الشروق للنشر والتوزيع ،ط، 1عمان األردن2004 ، .10
يوسف ابو الحجاج ،الفيلسوف الثائر ابن خلدون ،مصر :الدار الذهبية للنشر والتوزيع2007 ، .11
i