Professional Documents
Culture Documents
يعتبر التغير االجتماعي أحد أىـ المكاضيع إثارة في ميداف العمكـ االجتماعية كاإلنسانية
بصفو عامة ،فمنذ ظير الفكر الفمسفي كالفكر السكسيكلكجي كاف االىتماـ بفيـ كتحميؿ
كتفسير مختمؼ القضايا المرتبطة بالتغير االجتماعي ،كاف لـ يكف بالمفيكـ الحديث
المتداكؿ بو اآلف يشغؿ معظـ المفكريف آف ذاؾ.
كاف كاف الفكر العربي يزخر بمفكريف كفالسفتو طرحكا العديد مف القضايا كمسائؿ
اجتماعية ،كنفسية ،كدينة ،كاقتصادية ،كسمككية ...الخ المتعمقة بالتغير االجتماعي ،أمثاؿ
بف خمدكف الذم نصت مقدمتو عمى أىـ عكامؿ كمخمفات كآليات التغير االجتماعي في
الكطف العربي؛ ككذا عبد الرحمف الككاكبي ...كأمثاليـ مف المفكريف العرب كالمسمميف أثناء
العصكر الكسطى ،كأياـ الدكلة العثمانية ،ككذا بداية الحقبة االستعمارية الغربية لمبمداف
العربية كاالسالمية ،كما ألحقتو تمؾ األحداث التاريخية مف تغيرات اجتماعية كثقافية بشكؿ
عاـ؛ لكف يبقى ىذا المصطمح كمفيكـ سكسيكلكجي مقترف بالنظريات الغربية بشكؿ خاص؛
نظ ار لإلسيامات كالتراكمات العممية التي أفرزىا مفكرك الغرب حكؿ التغير االجتماعي
كنظرياتو كعممياتو كآلياتو....إلخ.
كقد ازداد االىتماـ بالدراسات المتعمقة بالتغير االجتماعي كاالىتماـ بو كعممية أك
ظاىرة إنسانية اجتماعية منذ التحكالت االقتصادية ،كالسياسية ،كاالجتماعية ،كالثقافية ،التي
عرفتيا أكركبا خاصة بعد الثكرة الصناعية.
فمنذ ذلؾ الحيف اعتبر التغير االجتماعي مفيكـ سكسيكلكجي ميـ كمثير ،تداكلتو العديد
مف النظريات بمداخؿ فكرية كتحميمية كتفسيرية مختمفة؛ لكف المسألة المتفؽ عمييا حكؿ
التغير االجتماعي أنو عممية اجتماعية تمر بيا مختمؼ المجتمعات ميما كانت درجة تقدميا
أك تخمفيا.
1
كليذا يعتبر التغير االجتماعي مادة ميمة جدا بالنسبة لتخصص العمكـ االجتماعية
خاصة في ظؿ التحكالت كالتغيرات السريعة التي يشيدىا العالـ اليكـ في مختمؼ المجاالت،
كما نتج عنيا مف تحكالت كتغيرات اجتماعية كثقافية كسياسية ...لمختمؼ بمداف كمجتمعات
العالـ.
كال يسعنا إال أف نعتبر ىذه المادة مف المكاد التي يحاكؿ كؿ سكسيكلكجي أف يبحث في
مضامينيا ،يحمميا كيحاكؿ تفسيرىا انطالقا مف المخمفات النظرية العربية كالغربية ككذا
النتاجات التي يفرزىا الكاقع العالمي بكؿ ما يتضمنو مف تفاعالت كعمميات كثقافات ...الخ،
ألنيا تتعمؽ بمعظـ الممارسات االجتماعية كالثقافية كاالقتصادية كالسياسية كالقانكنية كالدينية
التي ينشط فييا الفاعؿ االجتماعي باستمرار.
كتتضمف ىذه المطبكعة البيداغكجية لطمبة السنة الثانية عمـ االجتماع مادة التغير
االجتماعي لمسداسييف األكؿ كالثاني مجمكعة المحاكر التالية:
(التطكر المحكر األكؿ :مفيكـ التغير االجتماعي كالمفاىيـ المشابية لمتغير االجتماعي
االجتماعي ،التحكؿ االجتماعي ،التنمية ،النمك ،النمك االجتماعي ،التحديث ،التغير الثقافي،
التقدـ ،التحديث) حتى يتمكف الطالب مف معرفة استخداـ المصطمحات تمؾ في كضعيا المناسب
كاألىـ مف ذلؾ تمكيف الطالب مف معرفة الفركؽ المفيكمية ليذه المصطمحات.
كما يضمف ىذا المحكر أيضا أىـ خصائص كأنكاع التغير االجتماعي حسب رأم المختصيف
كالدارسيف في ىذا المجاؿ.
المحكر الثاني :كجاء فيو عكامؿ التغير االجتماعي كقد خصصنا في ىذا المحكر أىـ العكامؿ
التي يتفؽ عمييا فكر السكسيكلكجي كمسببات لمتغير االجتماعي كىي ( :العكامؿ الخاصة البيئة
العامؿ السكاني ،العكامؿ االقتصادية ،التكنكلكحيا كالتقدـ التقني ،االتصاؿ الثقافي، الفيزيقية،
العامؿ السياسي كظيكر الشخصيات القيادية القكية ،العامؿ االيديكلكجي ،العامؿ الديني )
المحكر الثالث :كخصص لالتجاىات النظرية المفسرة لمتغير االجتماعي كقسمنيا كالتمي( :النظرية
الحتمية ،النظرية التطكرية بما فييا نظرية التطكر الكالسيكية ،كالنظرية التطكرية المحدثة،
2
النظريات الدائرية ،النظرية الكظيفية كالتغير االجتماعي "نظرية بارسكنز لمتغير االجتماعي" ،نظرية
الصراع بما فييا نظرية الصراع الكالسيكية (كارؿ ماركس) ،كنظرية التبعية ،ثـ نظرية التفاعؿ
الثقافي)
المحكر الرابع :كتناكنا فيو معكقات التغير االجتماعي كتضمنت :العكائؽ االجتماعية ،العكائؽ
االقتصادية ،العكائؽ االيككلكجية ،العكائؽ السياسية ،العكائؽ الثقافية ،العكائؽ السيككلكجية.
كعميو تعتبر محاكر السداسي األكؿ محاكر نظرية مفاىيمية كنظرية تعريفية ،تعطي
لمطالب أىـ المعالـ الفكرية التي تقكده لمعرفة التحميؿ النظرم لمتغير االجتماعي بشكمو
العاـ.
أما محاكر السداسي الثاني فجاءت لتكمؿ الفكر النظرم الذم جاء في السداسي األكؿ
لكف يمكف كربطو بالمجاؿ االجتماعي الكاقعي أك الميداني كاف كاف في شكؿ نظرم،
لمطالب في محاكر السداسي الثاني أف يطبؽ الفكر السكسيكلكجي عمى ما يحدث في كاقعو
االجتماعي العاـ ،خاصة أف محاكر التالية جاءت لتنمي النضج االجتماعي لمطالب
الجامعي ،كيحاكؿ مف خالليا تحميؿ الكاقع المعاش بشكؿ جدم.
3
أما المحكر الثالث خصص نمكذج عف الثكرات العربية ،كلـ نتطرؽ فيو لمثكرات العربية المناىضة
لالستعمار الغربي ،بؿ تناكلنا الثكرات العربية االجتماعية التي كانت في مطمع األلفية الثالثة
كخصصنا بالذكر ثكرة تكنس كمصر.
المحكر الرابع :كتضمف فيو العكلمة كالتغير االجتماعي كجاء فيو مفيكـ لمعكلمة ،كما أنتجتو مف
تغيرات في مختمؼ المجاالت كالتي بدكرىا أحدثت تغيرات اجتماعية كثقافية كاضحة بشكؿ كبير
لمعظـ دكؿ العالـ.
4
المحاضرات الخاصة بالسداسي األكؿ
5
المحكر األكؿ :مفيكـ التغير االجتماعي كالمفاىيـ المشابية لمتغير االجتماعي
-1المفيكـ المغكم :تدؿ كممة التغير في المغة العربية عمى معنى التحكؿ كالتبدؿ ،فتغير الشيء
ىك تحكؿ كتبدؿ ذلؾ الشيء بغيره ،كتدؿ كممة التغير في المغة االنجميزية changeعمى معنى
االختالؼ في أم شيء يمكف مالحظتو خالؿ فترة زمنية محددة.1
-2المفيكـ االصطالحي:
إف ما يميز مجتمعات العالـ قديميا كحديثيا ،نامييا كمتقدميا ،أنيا مجتمعات متغيرة ىذه
حقيقة فال يكجد مجتمع ثابت ،كال يكجد مجتمع إال كنممس تغي ار في اقتصادياتو كسياساتو كتنظيمو
كبنيانو كحجمو كقيمو ،فالتغير االجتماعي ظاىرة أساسية تتميز بيا الحياة االجتماعية في سبيؿ
بقائيا كنمكىا كنيايتيا إلى التكازف مع الكاقع كاالستقرار االجتماعي.2
التغير أحد أبرز الخصائص الجكىرية لممجتمع ،فالحياة االجتماعية تتألؼ مف تغيرات مستمرة
ال تتكقؼ ،كعميو فإنو عندما تتكقؼ ىذه التغيرات فإف الحياة نفسيا تنتيي.
ف إذا افترضنا إلى جانب معظـ المنظريف المعاصريف ،بأف المككنات الرئيسية ألم مجتمع ىي
أفعاؿ كأنشطة أفراد ،فحينيا اليسعنا إال أف نرل ىذا المجتمع كيانا ديناميكيا ،ألف ىذه األفعاؿ
كاألنشطة تتضمف بعض التغير ،كفي حيف يتسـ التغيير بأنو كاحد في كؿ المجتمعات ،إال أف
سرعة كنطاؽ كعمؽ كايقاع التغيرات تختمؼ مف مجتمع آلخر ،فيك تغي ار شامال ،كسريعا ،ك بار از
في المجتمعات المتقدمة عمى األخص.3
:1المنجد في المغة كاألدب كالعمكـ ،بيركت ،المطبعة الكاثكليكية ،بيركت ،0891 ،ص ،6نقال عف طاىر محمد بكشمكش،
التحكالت االجتماعية كاالقتصادية كآثارىا عمى القيـ في المجتمع الجزائرم ،1999-1967دار بف مرابط لمنشر
كالطباعة ،الجزائر ،8119،ص .44
:2يكسؼ اسالـ عمى مطر ،التغير االجتماعي دراسة تحميمية مف منظكر التربية االسالمية ،الطبعة الثانية ،دار الكفاء
لمطباعة كالنشر كالتكزيع ،المنصكرة ،مصر0418 ،ق0899 ،ـ ،ص .9-8
:3جكف سككت ،عمـ االجتماع المفاىيـ األساسية ،ترجمة محمد عثماف ،الشبكة العربية لألبحاث كالنشر ،بيركت،8118،
ص .86
6
-تعريؼ أكجبيرف :Ogburnالتغير االجتماعي يعني أساسا تمؾ التحكالت التي تحدث في
التنظيـ االجتماعي ،أم التي تحدث في بناء المجتمع ،كيشير التغير االجتماعي غالبا إلى التغير
في السمكؾ اإلنساني ،بينما التغير الثقافي يتعمؽ بإبداع االنساف.
-تعريؼ ليبيت Lippittالتغير أك التبدؿ مخطط أك غير مخطط في الكضع الراىف لمكقؼ أك
لعممية أك لكائف حي ،كيقصد بالتغير المخطط أم تغير مقصكد أك غرضي أك محاكلة عمدية
بكاسطة فرد أك منظمة أك جماعة أك نظاـ اجتماعي لكي يؤثر مباشرة في الكضع الراىف.
-أما زلتماف كدنكاف Zaltman et Duncanفقد عرفا التغيير االجتماعي عمى أنو عمى مستكل
الفرد كعمى مستكل النظاـ ،عمى أنو عممية التبدؿ في الطريقة التي يسمؾ بيا الفرد أك مجمكعة
أفراد في تعريفيـ لممكقؼ.1
-كيعرؼ معجـ العمكـ االجتماعية :التغير االجتماعي عمى أنو كؿ تحكؿ يقع في التنظيـ
االجتماعي سكاء في بنائو أك كظائفو ،خالؿ فترة زمنية معينة ،كيشمؿ ذلؾ كؿ تغير يقع في
التركيب السكاني لممجتمع أك بنائو الطبقي أك نظمو االجتماعية كفي أنماط العالقات االجتماعية
أك في القيـ كالمعايير التي تؤثر في سمكؾ األفراد كالتي تحدد مكانيـ كأدكارىـ ،في مختمؼ
التنظيمات االجتماعية التي ينتمكف الييا.2
-كما يعني التغير االجتماعي نكع مف التبايف كاالختالؼ الذم يحدث عمى مككنات البناء
االجتماعي كالنظـ كالظكاىر االجتماعية ،كالذم يؤدم إلى حدكث تغيير في أنساؽ التفاعؿ
كالعالقات كأنماط السمكؾ كالنشاط اإلنساني ،كيعد السمة المميزة لمنشاط االنساني في الحياة
الحديثة.3
7
بدراستيا كخاصة عمماء التربية كاالجتماع كالفمسفة كذلؾ لككف التغير ضركرة حياتية لممجتمعات
البشرية فيك سبيؿ بقائيا كنمكىا كبالتغيير يتييأ ليا التكيؼ مع كاقعيا كبالتغير يتحقؽ التكازف
كاالستقرار في أبنيتيا كأنشطتيا كعف طريؽ التغير يحاكؿ اإلنساف أف يسد نقصو ،كيضيؼ الفجكة
بيف المجتمعات المتقدمة كالمتخمفة.
-1التطكر االجتماعي:
بغض النظر عف فكرة التطكر التي لطالما اقترنت بالنظرية الداركينية التي استعارت فكرة التطكر
االجتماعي مف نظرية التطكر البيكلكجي ،إال أف الكتاب المحدثيف كضعكا مفيكما يكاد يككف مغاي ار
عف التطكر االجتماعي :فالتطكر االجتماعي يعتبر مفيكما أكثر تعقيدا إذ يشير إلى عممية
اجتماعية ليا ثالث خصائص مجتمعية :فيك اتجاىي كداخمي كيحدث عمى مراحؿ يمكف تميزىا،
كبالتالي فيك يحمؿ لنا تصك ار بالحالة النيائية لممجاؿ االجتماعي التي تتحرؾ العممية نحك تحقيقيا.
فيك عممية حتمية كجبرية ،كذلؾ عندما ينظر إليو ضركريا كغير قابؿ لمتغيير ،كتبع سبيال
شامال كأحاديا ،كمحددا مسبقا ،كذلؾ نحك ىدؼ محتكـ ،مما يفرغ العممية مف أم دكر لمخيارات أك
التفضيالت اإلنسانية.
كمف بيف ىذ األمثمة المجتمع االيجابي لككنت ،المجتمع الصناعي عمى نحك ما تصكره سبنسر،
كالمجتمع الشيكعي لكارؿ ماركس ،كدكلة التضامف العضكم لدكركايـ.1
-كما يعرؼ التطكر عمى أنو التحكؿ المنظـ مف األشكاؿ البسيطة إلى األشكاؿ األكثر تعقيدان،
كىك،النمك البطيء المتدرج الذم يؤدم إلى تحكالت منتظمة كمتالحقة تمر بـ ا رحؿ مختمفة ترتبط
كؿ مرحمة بالمرحمة التي تسبقيا ،كيتضمف معنى مفيكـ التطكر أف التغيرات خارجة عف رادة
اإلنساف ،بؿ قد يعتبر تدخؿ اإلنساف أك تنظيماتو عامالن معكق نا لممسيرة الطبيعية لألشياء.2
-3التحكؿ االجتماعي:
نظ ار لمعيكب التي ميزت التطكر في الفكر االجتماعي الكالسيكي ،كاق ار ار لتمؾ العيكب باتت
النظرية االجتماعي المعاصرة تميؿ إلى ىجر مفيكـ التطكر كاستبدالو بفكرة التحكؿ االجتماعي:
كالذم ينظر فييا إلى حالة المجاؿ االجتماعي باعتباره المحصمة أك االنجاز الفريد لمفاعميف
اإلنسانييف ،سكاء جاء الفعؿ ىنا فرديا أك جماعيا ،كالذم جاء معتمدا عمى خياراتيـ كق اررتيـ
كبرامجيـ كسياساتيـ ،أم أنو ليس عممية جبرية بؿ نابع مف ابتكارىـ الذاتي.1
فالتغير الثقافي يشير إلى التحكالت التي تط أر عمى ما ينتجو مف أشياء مادية أك غير مادية
كالقكانيف كالفنكف ،كبمعنى آخر ىك التغيير الذم يحدث في محتكل الثقافة التي يتفاعؿ معيا أبناء
المجتمع ،كبالتالي يصبح التغير الثقافي أكسع في مضمكنو كأشمؿ في مجالو مف التغير
االجتماعي.2
-5مفيكـ التنمية :أغمب الميتميف بدراسات التنمية في المجاؿ االجتماعي كاالقتصادم يتفقكف
في نقاط عدة لعؿ أىميا التي سنتطرؽ إلييا في جممة التعريفات التالية.
-كيشير مفيكـ التنمية بمعناه العاـ إلى محاكلة اإلنساف تغيير الكاقع كظركفو لتحقيؽ كضع
مستقبمي تـ تصكره سمفا ،فعممية التغير ىنا قصدية أساسيا اإلرادة اإلنسانية كما يرتبط بيذه مف
كعي كدراية كقدرات كتخطيط كأساليب مختارة كتنظيمات ،فالتنمية عممية مدركسة منظمة يكجييا
اإلنساف كلك نسبيا بما يحقؽ غاياتو.2
-تعريؼ األمـ المتحدة لمتنمية يرل أف التنمية :مجمكعة الكسائؿ كالطرؽ التي تستخدـ بقصد
تكحيد جيكد األىالي مع السمطات العامة ،مف أجؿ تحسيف مستكل الحياة مف الناحية االقتصادية
كاالجتماعية كالثقافية في المجتمعات القكمية كالمحمية ،كاخراج ىذه المجتمعات مف عزلتيا لتشارؾ
إيجابيان في الحياة القكمية ،كما تساىـ في تقدـ البالد.
-يرل الدكتكر عبد اليادم :أف التنمية تعني التركيز عمى العمؿ الكاعي مف أجؿ احراز تغيير
كاسع النطاؽ نحك االتجاىات المرغكبة ،كالطمكح في التغيير كايجاد الكسائؿ التنظيمية إلح ارزه
يعتبر مسألة محكرية لمتصكر الحديث لمتنمية.
-كيرل د .محمكد الكركم :أف التنمية ىدؼ عاـ كشامؿ لعممية ديناميكية تحدث في المجتمع
كتتجمى مظاىرىا في تمؾ السمسمة مف التغييرات البنائية كالكظيفية التي تصيب مككنات المجتمع؛
كتعتمد ىذه العممية عمى التحكـ في حجـ كنكعية المكارد المادية كالبشرية المتاحة لمكصكؿ بيا إلى
أقصى استغالؿ ممكف ،في أقصر فترة مستطاعو كذلؾ بيدؼ تحقيؽ الرفاىية االقتصادية
كاالجتماعية المنشكدة لمغالبية العظمى مف أفراد المجتمع.3
:1عبد الباسط حسف ،التغير االجتماعي في المجتمع االشتراكي ،القاىرة الحديثة ،0894 ،ص.22
:2عبد الباسط حسف ،مرجع سبؽ ذكره ،ص.22
:3طمعت مصطفي السركجي ،التنمية االجتماعية المثاؿ كالكاقع ،مركز نشر كتكزيع الكتاب الجامعي ،جامعة حمكاف،
مصر ،8110،ص.06
10
-الجانب األكؿ :يتصؿ بالتخطيط كالبرمجة كتطبيؽ األساليب العممية أك التقنية في مختمؼ
القطاعات االقتصادية كاالجتماعية ...إلخ.
-الجانب الثاني :عقائدم أك ايديكلكجي أك قيمي أك أخالقي يتصؿ بمنضمات التنمية كأىدافيا
كتكظيؼ نتائجيا كصكرة المجتمع التي تسعى برامج التنمية تحقيقو كتصكر اإلنساف مف حيث قيمو
كدكره في المجتمع ،كضكابط التي يجب االلتزاـ بيا خالؿ مسيرة التنفيذ كالتنمية...إلخ.1
-2مفيكـ النمك:
تعني كممة النمك بشكؿ عاـ عممية النضج التدريجي كالمستمر لمكائف كزيادة حجمو الكمي أك
أجزائو في سمسمة مف المراحؿ الطبيعية ،كما تشير إلى نكع معيف مف التغير كىك التغير الكمي،
حيث يرتبط النمك بالتغير االجتماعي خاصة بالجكانب الكمية منو التي يمكف أف تقاس مثال مف
خالؿ معدالت النمك السكاني الذم يعتبر مف المؤشرات اليامة لمتغير االجتماعي.
-كيعرؼ النمك في مجاؿ التنمية عمى أنو :ىك نكع مف التحكؿ التدريجي الكمي دكف أف يككف
شامال ،أم أنو تمؾ الزيادة الكمية االقتصادية التي تحدث في جانب معيف مف جكانب الحياة ،إنيا
تراكـ رأس الماؿ أك زيادة في الدخؿ ،كبمنطمؽ آخر النمك ىك مجرد تنمية اقتصادية بحتة ،بناءا
عمى مؤشرات كمية احصائية ،كالتركيز عمى عنصر رأس الماؿ كالزيادة في معدؿ االستثمار الذم
يرفع الطاقة االنتاجية.
كيرل العالـ األمريكي "ككزينش" :النمك االقتصادم باعتباره عممية تؤمف زيادة مستمرة في إنتاج
الثركات المادية.2
-النمك االجتماعي :التغير في حجـ السكاف أك تركيبيـ ،كالتغير في حجـ الناتج القكمي يمكف أف
تعد مؤشرات لمتغير االجتماعي ،غير أف التغير االجتماعي يتعدل ذلؾ إلى بيانات أكثر تفصيال
ي
حكؿ التغيرات الكيفية في العالقات االجتماعية كالثقافية كالقيـ.
كمف ثـ تعددت النظرة إلى النمك االجتماعي في مجاؿ الدراسات االجتماعية ألف النمك
االجتماعي أكثر تعقيدا مف النمك العضكم أك المادم ،فال يمكف ألف نرجع أم ظاىرة اجتماعية
:1دالؿ الممحس استيتية ،التغير االجتماعي كالثقافي ،دار كائؿ ،عماف األردف ،ط ،8101 ، 2ص .41-29
: :2طمعت مصطفي السركجي ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .26
: :3المرجع نفسو ،ص.29
12
-7مفيكـ التحديث:
يشير التحديث إلى تحكؿ المجتمعات مف نمط بسيط كتقميدم إلى نمط آخر يتصؼ بالتعقيد
كالتصنيع ،حيث أف التغيرات االقتصادية ىي األكثر كضكحا.
كالتحديث كعممية ىك تمؾ القدرة العالية عمى استغالؿ كافة المكارد البشرية كالطبيعية في
تحقيؽ مزيد مف التكامؿ كالتماسؾ االجتماعي ،كتطكر أساليب أكثر كفاءة في مجاالت السياسية
كالضبط االجتماعي ،كالنيكض المستمر بمستكل االنتاج كالثركة ،ككذلؾ المظاىر األخرل التي
صاحبت ىذه العممية في المجتمعات األكركبية ،مثؿ ذيكع االنتاج العقمي ،كاالعتماد عمى العمـ
الحديث القائـ عمى المالحظة الكاقعية ،كاالستفادة مف النظرية في االستخدامات العممية ،كتدعيـ
مقكمات التنظيـ كاإلدارة الرشيدة.1
كيرل بعض مفكرم عمـ االجتماع أف التحديث عممية مستمرة كمتصمة نالحظيا منذ الطكر
األكؿ لمحداثة ،كاتصالو بالطكر االنتقالي التالي ،كالذم يقضي بدكره الطكر الحديث الذم نعيشو
في الكقت الراىف ،كىذا الطكر األخير يحمؿ لنا مؤشرات عمى شكؿ نبضات مضيئة كمتفرقة لحالة
المجتمعات في المستقبؿ ،كالتي تعرؼ بمجتمعات ما بعد الحداثة.
كالمجاالت الرئيسية لمتحديث ىي االجتماعي كاالقتصادم كالسياسي...إذ تؤثر عممية التحديث في
مختمؼ جكانب المجتمع االقتصادية كاالجتماعية كالسياسية.2
:1عمي غربي كآخريف ،تنمية المجتمع مف التحديث إلى العكلمة ،دار الفجر لمنشر كالتكزيع ،سنة ،8112ص .28
:2المرجع نفسو ،ص.28
13
ثالثا -خصائص كأنكاع التغير االجتماعي التغير االجتماعي
-أما النمط الثاني مف التغير االجتماعي الذم يعبر عنو بأنو عممية اجتماعية حمقية كفيو يعكد
المجاؿ االجتماعي لحاالتو االبتدائية نفسيا بيف الحيف كاآلخر ،مثال ما يحدث مف التقمبات السعرية
في السكؽ.2
البيئة ىي كؿ ما يؤثر عمى االنساف منذ خركجو مف بيئة الرحـ المحدكدة كال شؾ اف كجكد
بعض المكارد الطبيعية في مجتمع ما يؤثر في عممية التغير كيعتبر عامال ىاما مف عكامؿ التغير
االجتماعي ،فاستغالؿ االنساف لبيئتو الطبيعية كاستغاللو لقدراتو كطاقاتو في تسخير تمؾ البيئة
كتكجيييا نسبيا لصالح التغيير يترتب عميو تغيير في البيئة يتبعو تغير في الطرؽ التي تتبع في
التكيؼ معيا كالمالئمة بينيا كبيف أساليب الحياة األفراد كالجماعات كتغير في أنماط معيشتيـ
كعالقاتيـ كفيما يستخدمكنو في حياتيـ مف كسائؿ كأدكات.
كتمعب العكامؿ المادية مف كالتي منيا المناخ كالمكارد كالزالزؿ...دك ار ميما في التغير في
الحدكد التي تسمح بيا الطبيعة ،كيمكف القكؿ اف ما يحيط بالمجتمع مف ظركؼ طبيعية كالمناخ
كالمكقع الجغرافي أك الثركات يمكف أف يككف ليا أث ار كبي ار في التغير كلعؿ أىـ مثاؿ عمى ذلؾ ما
حدث في دكؿ الخميج مف تغيرات عمى مختمؼ األصعدة نتيجة اكتشاؼ كاستغالؿ لمداخيؿ
البتركؿ.1
كيرتبط أ يضا بذلؾ نسبة الكفيات كنسبة المكاليد ،كنسبة المنتجيف مف أفراد المجتمع إلى
نسبة المستيمكيف ،كيتعمؽ بذلؾ عامؿ اليجرة حيث أف ىجرة األيدم العاممة كالخبرة في مجاؿ
كتمعب تمؾ العكامؿ دك ار ىاما في إحداث ظاىرة التغير االجتماعي؛ فعندما يتغير نظاـ الممكية
في المجتمعات فإف ذلؾ يصاحبو تأثيرات عميقة ككاضحة في األنساؽ االجتماعية األخرل داخؿ
البناء االجتماعي ،كما يحدث التصنيع تغيي ار ىائال داخؿ المجتمعات ليس فقط في الثركة كالدخؿ
كانما أيضا في عقمية االنساف مف حيث قيمة الكقت كالثقة بالنفس.
فكارؿ ماركس يطرح نظرية أف عالقات االنتاج تتحكـ في الحياة االجتماعية كالسياسية كالفكرية.2
كتقدـ العمكـ يؤدم إلى استكشافات جديدة مما يترتب عميو آثار متنكعة في النكاحي
االجتماعية كاالقتصادية بؿ كفي البناء االجتماعي كمو ،كالعمـ يعتبر اتجاىا عقميا عاما كاألخذ بو
كبأسبابو ضركرة ألم تغيير مخطط ،فاالختراعات كاالكتشافات العممية ليا أثر كبير عمى التغير
االجتماعي ككذا التقدـ كسائؿ النقؿ ككسائؿ االعالـ كاستخداـ العقؿ االلكتركني كغزك الفضاء
ككصكؿ االنساف إلى القمر كؿ ىذا كغيره لو أثر عمى أساليب التفكير كالعالقات االجتماعية
كتنظيـ المجتمع كتغير السمكؾ البشرم.
18
كما يتبعو تغير في شكؿ الحياة كتعقيدىا كظيكر طبقات جديدة كخدمات كقد يؤدم تغيير كثير مف
القيـ كالعالقات بظيكر قيـ جيدة.1
فاالحتكاؾ كاالتصاؿ يترتب عميو تغير في أساليب الحياة كتغير في االتجاىات كتنمية لبعض
العادات كتغير فيما يرمي اليو اإلنساف مف أىداؼ كارتفاع في مستكل طمكحات األفراد ،كتغير في
النمك العقمي كفي طريقة التفكير مما ال يمكف أف يغفؿ أثره كخاصة في المجتمعات الحديثة التي
تتميز بالتقدـ السريع في كسائؿ االتصاؿ.2
كظيكر بعض الشخصيات القيادية القكية سكاء كاف في ميداف السياسة أك في أم ميداف مف
مياديف الحياة المختمفة يؤثر في المجتمع.
كالقادة ىـ مجمكعة خاصة مف األفراد يككف ليا تأثيرات عديدة عمى اتجاىات األفراد اآلخريف
كيمكنيـ مف تسييؿ عممية التغير أك عرقمتيا إذا ما كانت غير مالئمة ألفكارىـ كسمكؾ القائد في
مجمكعة يمكف أف تندرج مف الضبط كالتحكـ في عممية اتخاذ القرار إلى التحكـ الكامؿ في كؿ
كيقكـ النظاـ السياسي في أم مجتمع في المجتمعات بتنظيـ العالقات الخارجية ،كما يقكـ
بكضع استراتيجية عامة تستيدؼ تحقيقي الرفاىية االقتصادية كاالجتماعية كتحقيؽ االستقرار
كاألمف.
كما حقؽ النظاـ السياسي درجة مف القكة كالتي غالبا ما تقاؿ بشرعية النظاـ في إطار
المشاركة السياسية كدرجة فاعمية السياسات التي يضعيا ،كمخرجات ىذه السياسات بالنسبة
لمسكاف ،فكمما حقؽ النظاـ السياسي درجة مف القكة يككف فاعال في احداث التغيرات الداخمية
كدفعيا.
كيمعب النظاـ السياسي في الدكؿ النامية دك ار أساسيا في عممية التغيير االجتماعي ،كال يقتصر
دكره عمى رسـ السياسات ،أك التدخؿ في الجكانب االقتصادية لتنظيميا كضبط مسارىا .أك
االشراؼ عمى الخدمات األساسية مف صحة كتعميـ كتأميف...إلخ .بؿ أف دكره يمتد لتطكير البناء
السياسي نفسو.
ىذا كيمكف أف يمعب النظاـ السياسي دك ار سمبيا في احداث عممية التغير كأف يككف النظاـ
السياسي تابعا لنظاـ أخر يطبؽ سياساتو دكف مراعات لممصالح الداخمية لممكاطنيف ،أم أف ىذا
النظاـ يككف نظاما عميال متكاطئا ضد شعبو.
أك أف يككف النظاـ السياسي نظاما عدكانيا يمارس التيديد العسكرم لمدكؿ األخرل ،أك أف يبدد
ثركات الشعب في حركب ال طائؿ مف كرائيا.2
سابعا -العامؿ االيديكلكجي :كيقصد بو التغيرات التي تحدث في ايدلكجية الجماعة معتقداتيا،
مذىبيا الفكرم ،فمسفتيا كأخالقيا كقيميا ،فكؿ جديد في ىذا الجانب يتحدل كاقع الجماعة ككؿ
تغيير في األصكؿ الفكرية كالمذىبية يؤدم إلى تغيير بعيد األثر في النظـ كاألكضاع.
:1اسالـ يكسؼ عمي مطر ،مرجع سبؽ ذكره ،ص ص .09 -09
:2دالؿ ممحس استيتية ،التغير االجتماعي كالثقافي ،دار كائؿ عماف ،األردف ،الطبعة الثالثة ،8101 ،ص .26-22
20
كيرل ماكس فيبر أف لمعكامؿ الفكرية أثر كبير في التغير االجتماعي ،فالتغيرات
االقتصادية كما ينجـ عنيا مف تغيرات اجتماعية كانما تنجـ عف تغيرات ثقافية كالفكرية ،فظيكر
النظاـ الرأسمالي ناجـ عف اتباع المذىب البركتستانتي الذيف عرفكا بالمثابرة كاالجتياد كالسعي
لكسب الرزؽ كالتكسع في التجارة ،كاالقتصاد في االنفاؽ.
فحسب "إسالـ يكسؼ عمي مطر" أف االيديكلكجيا تقكـ بإثارة الحركات االجتماعية كبعث
الفكضى في النظاـ لقائـ كتجعؿ األفراد غير كاثقيف كغير قابميف لألحداث التي تجرم حكليـ
فيعممكف عمى تغييرىا.
كالتاريخ حافؿ بحركات فكرية كثيرة أحدثت تغيرات عميقة في النظـ االجتماعية كاالنسانية ،
فحركة النيضة كاالصالح الديني ،كالثكرات السياسية كالثكرة االنجميزية ،كالمريكية كالفرنسية
كالتركية كالمصرية كغيرىا مف الثكرات احدثت تغي ار كبي ار في مختمؼ الظكاىر كالنظـ كاألنساؽ
1
االجتماعية.
21
المحكر الثالث -االتجاىات النظرية المفسرة لمتغير االجتماعي
فأنصار الحتمية الجغرافية تأثركا بالجغرافيا ،بؿ أف بعضيـ كاف مف الجغرافييف ،كالحتمية
البيكلكجية تأثركا بالبيكلكجيا بؿ أف بعظيـ كانكا بيكلكجييف ،لكف يجدر الذكر أف معظـ النظريات
الحتمية تالشت في ظؿ النظريات الحديثة في عمـ االجتماع ،كمف ثـ فإنيا تمثؿ النظريات األكلى
في تفسير التغير االجتماعي.
-1الحتمية الجغرافية:
يرل بعض المفكريف القدماء أف ىناؾ عالقة بيف طبيعة الطقس الذم يعيش فيو اإلنساف باردا
أـ حا ار أـ معتدال ،كبيف طابعو االجتماعي (مزاجو ،اريحيتو ،انبساطو أك انطكاءه كغير ذلؾ مف
سيمات الطابع االجتماعي) كىناؾ مف المفكركف االجتماعيكف مف تأثر بيذا االعتقاد ،كحاكلكا مف
خاللو أف يميزكا أكجو التشابو كاالختالؼ بيف البشر ككانت النتيجة نظرية شاممة في الحتمية
الجغرافية.
كمف أشير ىؤالء الجغرافي األمريكي "ىنتنجتكف " Huntingtonفقد ذىب إلى قكؿ أنو إذا
كانت الظركؼ الجغرافية ىي التي تحدد صمات الناس كسككيـ ،فإف ىذه الصفات كذلؾ السمكؾ
لف يتغير إال إذا تغيرت الظركؼ الجغرافية ،كفي ضكء ىذه الفرضية فسر ىنتنجتكف ظيكر
الحضارات كسقكطيا ،فقد ازدىرت حضارة كاد النيؿ نظ ار لتكفر الظركؼ الجغرافية خاصة بمالئمة
الطقس كالتربة كنكعية المحاصيؿ ،كانقرضت ىذه الحضارة بفعؿ تغيرات جغرافية أيضا بعد ارتفاع
درجة الح اررة في كاد النيؿ كما ترتب عمييا مف جفاؼ التربة األمر الذم خمؽ ظركفا التي ال يمكف
أف تحافظ عمى ثمار الحضارة.
22
كفي الكقت الذم كانت تتدىكر فيو الحضارة ىنا ،كانت ىناؾ ظركؼ جغرافية أخرل تييء لنشأة
حضارة أخرل ،كىكذا تغير مركز الحضارة مف بالد الرافديف ،إلى اليكناف ،فالركماف ،فإسطنبكؿ،
فأكركبا الحديثة.
كلكي يستدؿ ىنتنجتكف عمى صحة نظريتو قدـ شكاىد عمى التغيرات الجغرافية التي حدثت في
حكض البحر المتكسط خالؿ ثالثة آالؼ عاـ الماضية.
-2الحتمية البيكلكجية:
تتأسس الحتمية البيكلكجية عمى فرضية مؤداىا أف الناس في العالـ ينقسمكف إلى أجناس
كجماعات متميزة بيكلكجيا ،كأف األجناس تختمؼ في قدرتيا عمى تطكير الحياة االجتماعية
كتنميتيا ،كأف نكعية الحياة لدل شعب مف الشعكب ىي مؤشر عمى قدرتيا البيكلكجية العرقية ،كفي
ضكء ذلؾ تتبمكر الفركؽ بيف الشعكب ،سكاء التغيرات السمبية المرتبطة بالتخمؼ أك التقيقر
الحضارم ،أك التغيرات اإليجابية التي تفسر التفكؽ الكامف في شعب مف الشعكب .ككاف "دم
جكبيكف" ( )0998-0906مؤيدا لفكرة أف تفكؽ طبقة اجتماعية عمى طبقة اجتماعية أخرل يرجع
إلى التفكؽ البيكلكجي لتمؾ الطبقات المتفكقة ،كالذم يعكد إلى تفاكت السالالت البشرية حسب
اعتقاده .ككاف مف أكثر المعاديف لالشتراكية لمحاكالتيا خمؽ نكع مف المساكاة بيف البشر.
كمف المتغيرات البيكلكجية التي يتـ التركيز عمييا في ىذا الصدد ما يمي:
-أثر التفاكت الكراثي عمى التغير االجتماعي؛ مف خالؿ خمؼ تفاكت بيف األفراد في الذكاء،
كاالمكانيات الجسمية كالنفسية المختمفة.
-أثر البيئة الصحية العامة لشعب مف الشعكب عمى تطكره كنمكه االقتصادم كاالجتماعي.
-أثر االنتخاب الطبيعي كاالصطناعي عمى الشكاؿ المختمفة ليرـ السكاف( نسبة عدد الذككر عمى
اإلناث ،نسبة المكاليد كالكفيات ،نسبة الكبار إلى الصغار).
ككنقد ليذه النظرية يبدك أف صيتيا غاب عف الساحة السكسيكلكجية مف عقكد مف اآلف ،كىذا
أكبر دليؿ عمى تراجع مصداقيتيا العممية كاالجتماعية.
23
أدت ىذه النظريات إلى الكثير مف الصراعات بيف الشعكب ،كما يعتقد البعض أف ىذه النظريات
شجعت العنصرية السياسية كاالجتماعية في بعض دكؿ العالـ ،كالعنصرية الصييكنية ،كالعنصرية
ضد السكد في أمركا كجنكب أفريقيا.1
أما التطكرييف بعده فقد ماؿ بعظيـ لمتركيز عمى الجكانب االقتصادية :حيث تطكر النمط
االقتصادم لإلنساف مف مرحمة الصيد ،ثـ مرحمة الرعي ،ثـ مرحمة الزراعة.
كىناؾ مف التطكرييف مف يركزكف عمى تطكر األسرة كمؤسسة اجتماعية :حيث تحكلت األسرة عبر
التاريخ مف :أسرة مشاعية ،إلى أسرة ذات نسب أيمكم ،إلى أسرة ذات نسب أبكم؛ بعدىا قاـ
التطكرييف بتحميؿ التطكر الكمي لمبناء االجتماعي أك الثقافي كمف بينيـ:
24
فكرتو حكؿ التطكر االرتقائي لحالتنا االجتماعية كطبيعة االنسانية ،كالتقدـ -أكجست ككنت:
االجتماعي ىك مظير مف مظاىر التطكر العقمي الذم انتقؿ االنساف مف خاللو مف مرحمة
الالىكتية إلى المرحمة الفمسفية الميتافيزيقية ثـ إلى المرحمة الكضعية.
ككصؼ سبنسر المجتمعات اإل نسانية بطرؽ مختمفة قائال :يمكننا اكال ترتيبيا كفقا لرجة تركيبيا،
كبسيط كمركب ،كضعؼ مركب ،كثالثة أضعاؼ مركب ،كثانيا يمكف تقسيميا إف يكف بالقدر أقؿ
مف التحديد ،أم عسكرية بشكؿ طاغ كصناعية بشكؿ طاغ أم المجتمعات التي يتطكر فييا إلى
أبعد الحدكد تنظيـ جكانب اليجكـ كالدفاع ،كتمؾ التي يتطكر فييا إلى أبعد الحدكد التنظيـ الذم
يمد المجتمع بأسباب الحياة.
-المجتمعات البسيطة (جماعات الرحؿ كالجماعات المستقرة البدائية التي تفتقر تماما إلى أم
تنظيـ سياسي لو شكؿ محدد أك أف ليدىا فقط أشكاال أكلية مف الرقابة السياسية.
-المج تمعات المركبة مثؿ الككمانتش أك الفيدجي ،كاف لييا قيادات سياسية معترؼ بيا كدرجات
مختمفة في السمـ االجتماعي كتقسيـ لمعمؿ أكثر تطكرا.
-المجتمعات ضعؼ المركبة مثؿ السامكا أك اإلنكا ،التي استقرت استقررت نيائيا كلدييا ىرمية
اجتماعية كسياسية ككنسة أكثر تطكرا،
-المجتمعات ثالثة أضعاؼ المركبة أم األمـ المتحضرة لممكسيؾ القديمة كاالمبراطكرية الركمانية
التي شيدت تنظيمات سياسية طكقت لألشكاؿ السياسية األخرل.
كفي ظؿ ىذا التدرج التركيبي نتج في مجممو عف عممية تركيب كاعادة التركيب في تسمسؿ
ارتقائي ثابت ،حيث التفت المجتمعات الصغيرة البسيطة حكؿ بعضيا البعض كالعنقكد لتشكؿ
مجمكعات أكبر كتكتمت في كحدات أكبر مف األكلى؛ كبينما كاف النمك السكاني ىك المحرؾ
25
لالرتقاء االجتماعي أثناء المراحؿ المبكرة مف العممية ،تقمصت أىميتو كمحرؾ لمتغير عندما أصبح
المجتمع أكثر تعقيدا.
كعمى حسب سبنسر انو في ظؿ تككيف تمؾ التكتالت السكانية ،دخمت المجمكعات السكانية
في نزاع مع المجمكعات المجاكرة ليا ككنتيجة لذلؾ طكرت ىذه المجتمعات مؤسسات كممارسات
لمدفاع عف ذاتيا كلميجكـ عف أعدائيا مف ناحية كمف ناحية أخرل لمتزكد بالطعاـ كاالحتياجات
المختمفة ألعضائيا ،حيث تعايشا الشكالف مف التنظيـ العسكرم كالصناعي في كؿ المجتمعات.
كفي خصـ عممية التطكر االجتماعي كاف ىناؾ تكجو لمخركج مف النمكذج العسكرم ايف
كانت األفراد في خدمة الدكلة إلى النمكذج الصناعي عندما انطمقت المجتمعات في أعقاب
التطكر حيث أصبحت الدكلة حينيا في خدمة الفرد .كىناؾ امكانية في أف يصبح ىناؾ نمكذج
ثالث لممجتمع كىك الذم يككف فيو "العمؿ مف أجؿ الحياة" أم مف أج متع الحياة كارضاء الذات.1
-ىنرم مكرجاف :1877في كتابو "المجتمع القديـ" أف يفترض أف مراحؿ التطكر التكنكلكجي
كنظرية القرابة ترتبط بمختمؼ المؤسسات االجتماعية كالسياسية ،فحسب المعطيات التاريخية أف
الثقافة تتطكر في مراحؿ متشابية كأف ترتيب ىذه المراحؿ ىك ترتيب حتمي في ضكء اإلنجازات
التكنكلكجية ،كقسـ كؿ مرحمة إلى ثالثة مراحؿ( دنيا ،كسطى ،عميا) كالتالي:
-المرحمة البدائية :كفي مرحمتيا الدنيا تبدأ منذ نشأة االنساف ،المرحمة الكسطى كىي مرحمة صيد
األسماؾ كمعرفة استخداـ النار ،المرحمة العميا :تتميز باختراع األسيـ كأداة لمصيد.
-المرحمة البربرية :الدنيا منيا تبدأ مف صناعة الفخار إلى المرحمة التالية ،المرحمة الكسطى:
كتميزت باستئناس الحيكاف ،كبداية الزراعة الرم ،كالعميا تتميز بابتكار صير الحديد الخاـ كاستخداـ
أدكات جديدة.
:1تكماس.س ،باترسكف ،التغير كالتنمية في القرف العشريف ،ترجمة عزة خميسي ،المجمس األعمى لمثقافة ،القاىرة،
،8112ص .49-44
26
-المرحمة المدنية :العميا منيا بدأت باختراع الحركؼ ،الثانية باستخداـ الكتابة ،كالمرحمة العميا،
1
منذ الثكرة الصناعية إلى كقتنا الحاضر.
-المرحمة الثانية :مرحمة التييؤ لإلقالع أك االنطالؽ :ال تختمؼ ىذه المرحمة الجديدة -مف حيث
البنياف االجتماعي كالقيـ كالمؤسسات السياسية الالمركزية -اختالفنا جذرِّيا عف مرحمة المجتمع
التقميدم ،كلعؿ الفارؽ الرئيس بيف المرحمتيف ال يعدك أف يككف فارقنا في طبيعة حركية المجتمعيف؛
أطر ذلؾ المجتمع؛ ألنيا حركية داخمية جزئية بالضركرة ،بينما
فحركية المجتمع التقميدم ال تتعدل ى
تتميز مرحمة المجتمع المؤىؿ لالنطالؽ بظيكر نكازع لمتحكؿ الجذرم ،تحكؿ في المؤسسات
-المرحمة الرابعة :مرحمة النضج :مرحمة تي ىعد فييا الدكؿ المتقدمة اقتصادية؛ حيث تككف قد
استكممت نمك جميع قطاعات اقتصادىا القكمي ،كتمكنت مف رفع مستكل إنتاجيا ،ترتفع القدرات
التقنية لالقتصاد المحمي ،كتقاـ العديد مف الصناعات األساسية ،كصناعات أكثر طمكحا مف ذم
قبؿ ،كصناعات قائدة لمتنمية؛ كصناعة اآلالت الصناعية ،كالزراعية ،كاإللكتركنية ،كالكيميائية ،مع
الصناعية.1 زيادة الصادرات
-مرحمة الخامسة االستيالؾ الجماىيرم الكاسع :كفييا تسعى الدكلة المعنية نحك العظمة كالقكة
كتكفير الحد األقصى لألمف كاألماف لمجميع ،كرفع القدرة الشرائية لمسكاف ،كتتكافر في ىذه المرحمة
السمع االستيالكية ،كتككف مع قطاع الخدمات ،القطاعات الرئيسية في اإلنتاج.
كيربط ركستك بيف البناء االقتصادم كاالجتماعي لممجتمع ،كأف انتقاؿ المجتمع نحك التحديث
ال يتـ إال بتغيير البناءيف معا.
:1جالل خشٍب ،نظرٌة مراحل النمى االقحصادي عنذ والث روسحى،2012-10-20 ،
https://www.alukah.net/culture/0/81485/#ixzz5ctsdLVZAنقل فً دٌسمبر 2012
28
ب -نظرية االلتقاء أك التقارب:
قدـ ىذه النظرية "كالرؾ كير "0861 kerrكقد عرفت بنظرية االلتقاء أك التقارب أك الكفاؽ،
كتتأسس ىذه النظرية عمى فرضية أساسية ىي أف العالـ قد دخؿ إلى مرحمة جديدة كىي مرحمة
التصنيع الكامؿ ،كال شؾ أف ىناؾ مف األفكار ما يقترب إلى ىذه المرحة ،كبعضيا اآلخر ما يزاؿ
بعيد عنيا ،كلمتصنيع خاصية جكىرية ىي أنو يجعؿ المجتمعات متشابية ،كيخمؽ نظاما متشابو،
كلقد كصمت المجتمعات الصناعية إلى ىذا التشابو الذم يشكؿ مستقبؿ المجتمعات غير
الصناعية ،كيقكـ ىذا اتشابو عمى المظاىر األتية:
-االنتاج كاسع النطاؽ الذم يعتمد عمى الميارات المنافسة كتقسيـ العمؿ كالحراؾ االجتماعي
الرأسي كاألفقي.
-تطكر التعميـ كتفرعو إلى التركيز عمى التعميـ الفني المتخصص كالتعميـ اإلدارم.
-التحضر كزيادة سكاف المدف
-نمك االعتماد المتبادؿ كتناقص فرص الحرب.
كتككف ىذه المؤثرات نمكذجا مثاليا يسعى التغير االجتماعي في أم مجتمع إلى تحقيقو ،كاف كانت
مؤثرات ىذا النمكذج ىي السمات العامة المشتركة لممجتمعات الصناعية ،فإف التغير االجتماعي
سكؼ يؤدم في النياية إلى ضكب مف االلتقاء أك التقارب بيف الدكؿ.1
كتتأسس ىذه النظرية عمى آراء ىيجؿ التطكرية التي تنظر إلى التطكر عمى أنو انطالؽ نحك
الكماؿ ،العقؿ الكامؿ كالدكلة الكاممة ،كالقيـ المطمقة ،انو تطكر نحك المطمؽ يختمو قانكف الجدؿ
كيسعى بو إلى أفضؿ الصكر كأكمميا.
كقد اعتمد فكككياميا عمى ىيجؿ حكؿ الرغبة في االعتراؼ كالتقدير ،كالتي اعتبرىا ىيجؿ
فكرة محركة لمتاريخ ،كينظر فكككياما إلى الديمقراطية الميبيرالية المعاصر كالتي تمثميا أميركا عمى
أنيا ألغت فكرة العالقة بيف السادة كالعبيد ،كالتي كانت مكجكدة بشكؿ أك بآخر في النظـ السياسية
كيعني ذلؾ أف دكلة الديمقراطية قد حت معضمة الصراع التاريخي مف خالؿ قيمة المساكاة
كىي بذلؾ تككف قد اكقفت التاريخ عف الحركة؛ كىي اذف نياية التاريخ كسكؼ تتطكر المجتمعات
لتصؿ لنفس ىذه النياية ،كليست ثمة مجاؿ آخر لمتطكر غير الميبيرالية التي تحقؽ لمفرد ذاتو
ككمالو ،كتخمؽ إطار مف المساكاة تختفي فيو السيطرة االمبريالية.1
ثالثا-النظريات الدائرية
يذىب أصاحب ىذه النظريات إلى أف التغير صعكدان كىبكطان فػي تمكجػات عمػى شػكؿ نصػاؼ
دكائر متتابعة كبنظاـ مطرد ،بحيث يعكد المجتمػع مػف حيػث بػدأ فػي دكرة معينػة ،كتنقسػـ النظريػات
الدائرية إلى نكعيف :بعضيا يفسر جانبػان محػدكدان مػف جكانػب الحيػاة االجتماعيػة أك يشػرح ظػاىرة أك
نظام ػان اجتماعي ػان كاحػػدان ،كبعضػػيا اآلخػػر ييػػدؼ إلػػى تفسػػير المج ػرل العػػاـ لتػػاريخ ،متنػػاكالن جميػػع
الظػ ػكاىر كال ػػنظـ كاألنس ػػاؽ االجتماعي ػػة دكف أف يرك ػػز عم ػػى ظ ػػاىرة كاح ػػدة أك نظ ػػاـ بذات ػػو ،كم ػػف
أصحاب النظريات الدائرية :ابف خمدكف ،كبيتريـ سكرككيف ،كفيكك ،كشبنجمر ،كتكينبي.
-1نظرية ابف خمدكف حكؿ التغير االجتماعي :يرل بف خمدكف أف المجتمع اإلنساني كالفرد يمر
بمراحؿ منذ كالدتو حتى كفاتو ،كأف لمدكؿ أعما انر كاألشخاص سكاء ،كعمر الدكلة في العادة ثالثة
أجياؿ ،كالجيؿ أربعكف سنة ،فعمر الدكلة إذف مائة كعشركف سنة ،كفي ىذه األجياؿ الثالثة يمر
المجتمع بمراحؿ ثالث ىي:
– مرحمة النشأة كالتككيف :كىي مرحمة البداكة ،كيقتصر األفراد فييا عمى الضركرم مف المعيشة.
– مرحمة النضج كاالكتماؿ :كىي مرحمة الممؾ ،كفييا يتحكؿ المجتمع إلى الحضارة.
– مرحمة اليرـ كالشيخكخة :كىي مرحمة الترؼ كالنعيـ أك الحضارة.
كتمثمت ىذه المراحؿ في أطكار خمسة تحدث عنيا بف خمدكف في مقدمتو كشرح مميزات كؿ مرحمة
كالتالي:
31
إلى أف تنقرض.
كيرل ابف خمدكف أف بداية انحالؿ الدكلة يرجع إلى عنصريف ىما :انحالؿ العصبية،
كاالنحالؿ المالي نتيجة تبذير السمطاف ،كليذا تنيار الدكلة سياسيا كاقتصاديا؛ كأف المجتمع يحمؿ
في مراحؿ تطكره عكامؿ ىدمو.
كيذىب بف خمدكف أف تطكر المجتمع أك الدكلة يعزل إلى عنصريف أك عامميف أساسييف
ىما :العنصر االقتصادم (المادم) كالعنصر المعنكم غير المادم كغالبا ما يككف مثؿ الديف
كالعصبية؛ فاختالؿ المراحؿ في المجتمع يرجع إلى الحرفة التي يزاكليا ،كما أف كؿ كضع
اقتصادم لو أسسو المعنكية التي تقابمو ،كلو عالقاتو االجتماعية التي تالئمو أيضا.
كما أكد بف خمدكف عمى أىمية العصبية في تطكر المجتمع ،إذ يقكؿ في ذلؾ( :إف الممؾ
إنما يككف بالعصبية ،كأىؿ العصبية ىـ الحامية الذيف ينزلكف لممالؾ الدكلة كأقطارىا ....فما كاف
مف الدكلة العامة قبيمتيا كاىؿ عصابتيا أكثر نالت أقكل كأكثر ممالؾ كأكطانا ،ككاف ممكيا أكسع،
كاعتبر بذلؾ الدكلة االسالمية لما كاف ممكيا تحت راية االسالـ ككاف المسممكف متكحديف بيذا
االسالـ.1
:1كماؿ التابعي ،تغريب العالـ الثالث ،دراسة نقدية في عمـ االجتماع التنمية ،دكف ذكر سنة كدار النشر ،ص -82
.89
مرجعة كتقديـ :محمد الجكىرم ،دكف ذكر أسماء المؤلفيف
:2قراءات معاصرة في عمـ االجتماع ،ترجمة مصطفى خمؼ ،ا
األصمييف ،مركز البحكث كالدراسات االجدتماعية ،القاىرة .8118 ،ص . 898
32
اذ يرل أف الحقائؽ األساسية في عمـ االجتماع ذات طبيعة عقمية كال تفيـ إال في ضكء النظر
إلى عالـ األنساؽ الثقافية االجتماعية ككؿ ،كال ينطبؽ ذلؾ عمى ظاىرة صغرل كاالنتحار فقط ،بؿ
إف ىذا يصدؽ عمى العكامؿ المسببة لمجريمة ،كالحرب كالثكرة ،كيطمؽ سكرككيف عمى ىذه األنساؽ
الثقافية تسمية النسؽ الفكقي super systemالذم يتككف مف خمسة أنساؽ أساسية( :المغة،
الفنكف ،األخالؽ ،العمـ ،الديف) التي تنقسـ بدكرىا إلى أنساؽ فرعية أخرل.
إف كؿ نسؽ فكقي مف األنساؽ الخمسة المشار إلييا يقكـ عمى فكرة أساسية تمثؿ النظرة
السائدة إلى ال حقيقة في ثقافة معينة ،فإذا أعطى الناس لحكاسيـ قيمة مطمقة كاف النسؽ الفكقي
حسيا ،أما إذا آمف الناس بأف كراء حكاسيـ حقائؽ غير مممكسة كليا صفة المطمؽ كاف النسؽ
فكريا ،كمف الممكف أف يعتقد الناس بارتباط كثيؽ بيف النسقيف الحسي كالمثالي ،فينجـ عف ذلؾ
الفكقي المثالي ،indiolisticأما إذا اقتصرت الصمة بيف النسقيف الحسي كالفكرم عمى مجرد
التجاكز فإف النسؽ مختمطا.
كفي رأيو أف المجتمعات تتقمب بيف ثالثة أنماط مختمفة مف التفكير( ،حسية ،كفكرية،
كمثالية) كتؤكد المجتمعات التي تسكدىا النزعة الحسية عمى دكر األحاسيس في فيـ الكاقع ،أما
المجتمعات التي تسكدىا النزعة الفكرية يسيطر عميا الديف كتجاكز الكجكد المادم كطريؽ لفيـ
الكاقع.
أما المجتمعات المثالية فيي أنماط انتقالية تكازف بيف النزعة الحسية كالنزعة الدينية.
كتكجد القكة المحركة لمتغير االجتماعي في المنطؽ الداخمي لكؿ نظاـ مف ىذه النظـ ،بمعنى أنيا
تتعرض لضغط داخمي لكي تمتد بنمط تفكيرىا إلى نيايتيا المنطقي ،كمف ثـ يصبح المجتمع
الحسي شيكانيا بدرجة تؤدم إلى زكالو.
كعندما تصؿ النزعة الحسية إلى نقطة النياية المنطقية ،يتحكؿ الناس إلى النظـ الفكرية كمالذ
ليـ؛ لكف عندما يتحقؽ ليذا النظاـ سطكتو ،يصؿ إلى نقطة نيايتو ،كتككف النتيجة أف المجتمع
يصبح دينيا إلى حد بعيد ،كتميد ىذه المرحمة لظيكر ثقافة مثالية كاعادة الدكرة مف جديد .كقد قدـ
سكرككيف براىيف تفصيمية مف األدب كالفمسفة كالسياسة...ليدعـ أفكاره النظرية.1
( -0الثقافة فكرية قبؿ القرف الثامف قبؿ الميالد -8ثـ ثقافة مثالية قرف كنصؼ قرف تالييف-2 ،
ثـ صارت ثقافة حسية في الجزء األخير مف القرف الرابع قبؿ الميالد -4ثـ حدث اختالؼ ثقافيا
بعد قرنيف كلمدة طكيمة صارت فييا الثقافة فكرية -2ثـ تحكلت إلى ثقافة مثالية بدءا مف القرف
الثاني عشر -6 ،حتى كصمت إلى ذركتيا في ىذه األياـ إلى ثقافة حسية).
كيرل سكرككيف أف العامؿ الذم يغير نمط الثقافة ينبثؽ مف داخؿ الثقافة نفسيا ،ألف مف طابع
الثقافة أف تتغير كيتغير معيا قانكف كؿ الحياة.
فينظر "بارسكنز" لديناميات التكازف حتى كاف حدثت تغييرات في بناء النسؽ إال أنيا ال
تمس منظكمة القيـ ،بمعنى :أف التغير الذم يحدث في بناء النسؽ ينبغي أف يككف متكافقا مع
االلتزامات القيمية األساسية ،كأف يظؿ ىذا التغير في نطاؽ سيطرة نسؽ الثقافة دائما؛ غير أنو
يعترؼ بعدىا بكجكد تغيرات في نسؽ الثقافة كالتي تتكلد بالتغير في الشخصية سنتطرؽ ليا الحقا.
كبالنسبة لبارسكنز القكة الدافعة لمتغير ،ربما تأتي مف منظكمة األنماط الثقافية ،كربما تأتي مف
خالؿ التغيرات السكانية أك التكنكلكجية أك غير ذلؾ ،كيميز بارسكنز بيف صكرتيف أك نكعيف مف
التغير:
34
التغيرات الخارجية :كىي تقع في البيئة الخارجية لمنسؽ كعالقتو باألنساؽ األخرل بطريقة متبادلة
التغيرات الداخمية :التي تحدث نتيجة تكترات داخؿ النسؽ نفسو.
كيمكف تمخيص نظرة بارسكنز لمتغير الداخمي كالخارجي في المخطط التالي:
35
تحدث بارسكنز عف ظاىرة المصالح الراسخة كعالقتيا بالتغير كالصراع مف أجؿ تغير النسؽ
كاعادة تكازنو ،كاعتبر أف المصالح الراسخة ىي مشكمة خمؼ كؿ عممية تغير اجتماعي ،حيث أف
التغير سيؤدم إلى اضطراب التكازف الممكف في اإلشباع ،لذلؾ يقابؿ بمقاكمة مف قبؿ المصالح
الراسخة ،مما يقكد إلى التكتر الذم يتـ التغمب عميو بمكجب عمميات التكازف؛ كيعتقد بارسكنز أف
التغير الفعمي الذم يحدث يككف ممكنا مف خالؿ عمؿ ميكانزمات التي تتغمب عمى مقاكمة
المصالح الراسخة.
كيرل بعض المنظريف االجتماعييف أف بارسكنز رغـ تحفظو مف مفيكـ القكة كالصراع في
النظرية الكظيفية إال أنو تفطف متأخ ار عمى مفيكـ المصالح الراسخة كىك مفيكـ يعكس في جكفو
تفاضؿ القكل كتناقضاتيا التي تعتبر محرضات أساسية لمصراع كالتغيير .كفؽ االتجاه التالي:
المصالح الراسخة كالمكتسبة ( كالتي تحدث تكترات كفؽ تفاضؿ األدكار كالمكانات كاالمتيازات
تغيير. صراع الرمزية المرتبطة بيا)
36
-8أ ف يتكيؼ التكتر في المراتب القيادية لمنسؽ االجتماعي ،كىك التكيؼ الذم يقكد لحركة ثكرية
ذات طابع راديكالي ،كىذا النكع مف التغير القائد لمثكرة مف الصعب أف يحدث في المجتمعات ذات
الدرجة العالية مف التصنيع مثؿ الك .ـ .أ.
كيرل بارسكنز أف ىناؾ شركط حتى تبسط الثكرة نفكذىا كتحقؽ االنتشار ،كمف أبرزىا:
-كجكد تيار كامؿ مف العناصر ذات الحافزية المغتربة ،كىذ الحافزية تعج تجميا لمتكتر أك القير
السائد في النسؽ.
-تنظيـ ثقافة فرعية تعد بمثابة طاقة إلمكانية قيادة التغير.
-أف تمتمؾ ايديكلكجيا ،تقدـ كعدا بإشباع احتياجات الجماىير كتحفؼ ليـ إشباعا أفضؿ
يتكقعكنو ،كيشير بارسكنز أف المجتمع المعقد ال يمتمؾ نسؽ قيمي يحظى بالقبكؿ الكامؿ ،حيث
يتضمف حالة مف عدـ االتساؽ ،تبرر عدـ الخضكع لكؿ منظكمة القيـ السائدة ،ليذا ال يصمح ىذا
النكع مف التغير في المجتمعات عالية التصنيع ،أك المجتمعات الصناعية الكبرل.
-تعديؿ بناؤه ،أك تشكيؿ أبنية تكيفية جديدة " أبنية ثكرية جديدة".
-تنظيـ جيد تربكم ألعضائيا الذيف يحاكلكف التراجع ،أك قد تعمؿ عمى تدريب أشخاص ثكرييف
كفي ىذه الحالة قد تجد الحركة الثكرية نفسيا مدفكعة إلى كسائؿ القير التي كانت ترفضيا بداية،
كيعتقد بارسكنز ىذا اإلجراء بمثابة تخمي الحركة عف ثكريتيا ،كما حدث مع الشيكعييف.
-ظيكر قادة ثكريف جدد ليـ رؤية جديدة ،بحيث يصبح التكافؽ مع قيميا ميال لتأكيد استقرار
النسؽ.
ج -نمكذج التغير العضكم بفعؿ عكامؿ ذاتية:
كىك نمكذج مستقى مف المماثمة العضكية ،حيث يتـ التغير بناءا عمى التبايف المنظـ كيتـ عمى
أساس التكافؽ مع القيـ األساسية لمنسؽ ،حيث يمثؿ التبايف خمؽ كحدة جديدة تقكـ بأداء الكظائؼ
كالمياـ التي كانت تقكـ بيا كحدة قديمة ،كعمى ىذا النحك يتضمف نمك الكحدة الجديدة قد ار مف
االفتقاد الذم تعانيو الكحدة القديمة أك تميد إللغائيا.
37
النسؽ البارسكنزم ىك آلة ذات حركة ثابتة مستمرة ،كأكضح لكككد بأف نظرية بارسكنز ال تتضمف
عمميات مرتبطة بالتغير االجتماعي ،ككذا دارندكرفيرل بأنو ال يكج مؤشر يكضح بأف بارسكنز
يعتبر التغير قضية حقيقية بالنسبة لعمـ االجتماع.1
إف التفسيرات االقتصادية لمتاريخ أك التغير االجتماعي ،ليست في حاجة أف تككف ماركسية،
كلكف ال يكجد أم مف المتغيرات األخرل لممذىب ناؿ االىتماـ مثؿ الماركسية.
كالجدؿ الماركسي ،ال يستخدـ األساليب الميتافيزيقية في التفسير ،كال الصكر المثالية لمتفسير ،إنما
ىك جدؿ مادم أم جدؿ الكاقع ،كالكاقع ىنا ىك كاقع الطبيعة ككاقع الفكر ،كليذا أصبح الجدؿ عند
ماركس ىك األسمكب الكحيد لمعرفة الفكر المنبثؽ عف الكاقع.
كتعرؼ المادية الجدلية بأنيا" :عمـ القكانيف العامة التي تحكـ تطكر المجتمع .كمعنى ذلؾ،
أف المادية الجدلية ىي ذلؾ العمـ النظرم الذم عنو تصدر قكانيف التطكر ،تمؾ التي تحكـ حركة
تمؾ النظـ كالظكاىر السائدة في البناء االجتماعي.
كمف السمات المميزة لمنيج المادية التاريخية أنو يبحث عف األسباب الرئيسة لمتغير
االجتماعي في نطاؽ الحقائؽ التي تككف في متناكؿ التحميؿ ،كليس في الحقائؽ الخارجة عنو؛ أم
أف أسباب التغير االجتماعي تكمف في التناقضات الرئيسة ( :تناقضات بيف قكل اإلنتاج كعالقات
اإلنتاج ،تناقضات بيف األساس االقتصادم كالبناء الفكقي ،كالتناقضات التي تكجد داخؿ البناء
الفكقي ذاتو (البناء التحتي ىك فعال عالقات االنتاج أك بكجو آخر ىك البناء المادم لممجتمع مف
طبقاتو ،أما البناء الفكقي ىك كعي المجتمع كأخالقو كأحزابو كاعالمو ك ثقافتو).
:1محمد عبد الكريـ حكراني ،النظرية المعاصرة في عمـ االجتماع ،دار المجدالكم لمنشر كالتكزيع ،عماف ،األردف،
0489ق8119 -ـ ،ص .849-829
38
كىذا يتضمف أف كؿ ظاىرة اجتماعية تجعؿ داخميا جكىر تغيرىا المستقبمي ،الذم سكؼ
ينمك في اتجاه أك آخر معتمداى عمى الظركؼ المادية الخاصة في البيئة التي تعمؿ مف خالليا ىذه
الظكاىر ،كما أف النتائج التي يمكف التكصؿ إلييا البد أف تقارف بالخصائص الكاقعية إذا كانت
مضبكطة عمميا ،كىذه المقارنة ىي كحدىا التي يمكف أف تحدد ما إذا كانت النتائج المحددة
المممكسة تقكـ عمى قاعدة ثابتة مف الحقائؽ.
كحاكؿ ماركس أف يقدـ نظرية منظمة عف البناء االجتماعي كالتغير االجتماعي ،كاستند في
ذلؾ إلى المادية التاريخية التي تسمـ بأف المجتمع ىك كؿ منظـ تعتمد أجزاؤه الكاحدة منيا عمى
األخرل ،بطريقة ال تككف فييا معتمدة عمى أم شيء يخرج عف ذلؾ الكؿ.
كتفترض ىذه النظرية جدال أننا يمكف أف نميز بيف المجتمع كبيئتو بنفس الطريقة التي تميز بيا
بيف النبات كالمناخ ،أك التربة كالطقس.
كاذا كنا نفكر في المجتمع بيذه الطريقة ،فيمكننا أف نسمـ بأف تاريخو عبارة عف نكع مف النمك،
كأف بناءه يحدد تطكره ،كأف األجزاء التي يعتمد بعضيا عمى بعض ليست ىي األفراد رجاال كنساء
إنما ىي النظـ االجتماعية.
أم أف الماركسية ،تسعى إلى تفسير التغير االجتماعي في ضكء العمميات الداخمية لألنساؽ
االجتماعية عمكما ،كأكثر مف ذلؾ ،أنيا ال تعالج ىذه العمميات باعتبارىا أشياء مادية أك إعادة
تكيؼ كمحاكالت استخداـ مجمكعات مف نماذج الفعؿ كالتفاعؿ عمى المستكل االقتصادم لبياف
االستمرار المنطقي في تطكر الرأسمالية أك بعض األنساؽ األخرل ،كلكف المشكمة ىي تمؾ
األنساؽ االجتماعية التي ال تعمؿ في طرؽ بسيطة معينة ،فكؿ مجاؿ لمحياة االجتماعية مزكد
ببعض درجات االستقالؿ الذاتي حتى في المجتمعات البسيطة ،ككذلؾ كؿ منيا يمكف تككيف
مصدر ممكف لمتغير االجتماعي.
كالكاقع أف قكة النظرية الماركسية تكمف أساسا في أنيا أكؿ محاكلة منظمة في تفسير البناء
االجتماعي كالتغير االجتماعي مف خالؿ الشكاىد التاريخية كالبحكث الكاقعية ،كما أنيا قد أسيمت
إسيامان كاضحا في فتح آفاؽ عديدة أماـ عمـ االجتماع ،كخاصة سكسيكلكجيا الثكرة ،الذم يعد
إسيامان أساسيان نسجمو لماركس.
39
ب -نظرية الصراع الكالسيكية (كارؿ ماركس)
في نظرية ماركس ،نجد التغير االقتصادم كحده يحدث كينتج التغيرات األخرل مف خالؿ
ميكانيزـ الصراع المكثؼ بيف الجماعات االجتماعية كاألجزاء المختمفة مف النسؽ االجتماعي ،كما
قاـ كارؿ ماركس بتحميؿ التطكر االجتماعي كالتغير االجتماعي مف خالؿ خمس مراحؿ ميمة عبر
التاريخ تتمخص في التالي:
-المرحمة األكلى :مرحمة االنتاج البدائي (نظاـ الشيكعية البدائية) :كيقكـ عمى الزراعة كالصيد
كالتعاكف المشترؾ في أداء العمؿ ،ككانت الممحكية الجماعية ىي السائدة ،كال يكجد أم استغالؿ
ألنو لـ يكف في ىذه المرحمة الممكية الخاصة.
-المرحمة الثانية ( :مرحمة نظاـ الرؽ) :ارتكزت فييا عالقات االنتاج عمى الممكية الخاصة
لمعماؿ أنفسيـ (األرقاء) كساد فييا حرماف العامؿ المستغؿ مف كؿ حقكقو كالتعامؿ معو باعتباره
أداة مف أدكات االنتاج ،ساد القير كالعدكاف؛ كتتميز في ىذه المرحمة بركز طبقتيف أساسيتيف داخؿ
المجتمع ،ىي - :طبقة مف يممككف األرقاء ،كطبقة األرقاء أنفسيـ.
-المرحمة الثالثة( :نظاـ االقطاع) :كتتميز بممكية المكردات االقطاعية لكسائؿ كأدكات االنتاج،
ككاف الفالحكف يعتمدكف عمى رجاؿ االقطاع لكنيـ لـ يككنكا ممكا ليـ ،كأحياا يقدمكف ليـ خدمات
كأحيانا يممككنيـ جزء مف قطعة أرض في حاؿ الكفاء لصاحب أك مالؾ األرض.
-المرحمة الرابعة :مرحمة نشأة الرأسمالية :كفي ىذه المرحمة حمت البرجكازية محؿ االقطاع،
كانقسـ فييا المجتمع إلى طبقتيف :الطبقة البرجكازية ممكية كسائؿ كأدكات االنتاج ،كطبقة
البركليتاريا :كىي طبقة كالعماؿ الذم ال يممؾ فييا العامؿ سكل عرقو كجيده .كتتميز ىذه المرحمة
باستغالؿ الطبقة البرجكازية لمطبقة العاممة.
كمع ظيكر التناقضات االجتماعية التي يمعب دكرىا في تفكيض المظاـ الرأسمالي كاحالؿ النظاـ
االشتراكي ،كتسمح بسيطرة البركليتاريا سمحت بظيكر المرحمة الخامسة التالية:
-المرحمة الخامسة :المرحمة االشتراكية :يرتكز فييا النظاـ عمى الممكية الجماعية ألدكات
ككسائؿ االنتاج كعالقات االنتاج تقكـ عمى التعاكف كالمساعدات المتبادلة بيف كؿ العماؿ الذيف
تحرركا مف استغالؿ البرجكازية ،كتيدؼ االشتراكية إلى التخمص مف الممكية الخاصة التي يعتبرىا
مصدر لكؿ الشركر كىي تنسؽ بيف عالقات االنتاج كقكل االنتاج.
40
كبعد المرحمة االشتراكية تأتي مرحمة مستقبمية كىي:
-المرحمة الشيكعية :المذاف يندرجاف تحت غاية كاحدة ىي المالكية الجماعية لكسائؿ االنتاج،
كيختمفاف في درجة التطكر االقتصادم كنضج العالقات االقتصادية ،كعمى الرغـ مف الممكية
الجماعية لكسائؿ االنتاج كقياـ عالقات التعاكف كالمساعدات المتبادلة ،إال أنيا اعمى مراحؿ النظاـ
االقتصادم االشتراكي ،كفييا يصؿ المستكل التكنكلكجي لكسائؿ كأدكات االنتاج جد متقدمة،
(فينتقؿ مف المبدأ االشتراكي الذم يأخذ بشعار :كؿ حسب عممو كؿ حسب قدرتو ،كاعطائو حسب
عمموٌ؛ الى المبدأ الشيكعي كشعاره كؿ حسب قدرتو ،كؿ حسب حاجتو)
كما يخمك المجتمع مف الطبقات كتنمكا كسائؿ االنتاج نمكا ح ار.1
-2نظرية التبعية:
القضية األساسية التي تنيض عمييا فكرة التبعية في التحميؿ الكمي لعممية تطكر المجتمع
كتقديـ رؤية نظرية تاريخية تبرز خصكصية التطكر الذم مرت بو ،كىنا نجد ىذه النظرية تتخذ مف
فكرة النسؽ العالمي نقطة بداية تحاكؿ بعدىا الكشؼ عف مكقع الدكؿ المتخمفة داخمو ،كما تيتـ
بالبناء االجتماعي باعتباره بناءا متخمفا تابعا كمحككما بنمط معيف لتقسيـ العمؿ الدكلي ،كيبدك أف
ذلؾ ىك ما دفع أنصار ىذه النظرية إلى تحميؿ المترتبات االجتماعية لمتنمية الرأسمالية كالتكسع
اإلمبريالي كالطرؽ التي مف خالىا تتشكؿ األبنية االستغاللية الجديدة التي تعيؽ النمك االقتصادم
في الدكؿ المتخمفة.
كعمى تعدد كتنكع إسيامات عمماء ىذه النظرية ،إال أف نكرماف لكنغ يعتقد انو مف اليسير التمييز
بيف اتجاىيف نظرييف يمثالف مراحؿ مختمفة مف الحكار الدائر حكؿ التبعية ،االتجاه األكؿ كىك
التبعية البنيكية كعالقات المركز ،كاالتجاه الثاني فيك تحميؿ أساليب االنتاج.
:1كماؿ التابعي ،تغريب العالـ الثالث ،دراسة نقدية في عمـ االجتماع التنمية ،دكف ذكر سنة كدار النشر ،ص -041
.042
41
يقكـ ىذا االتجاه عمى تحديد خصائص أكضاع التشكيالت االجتماعية الطرفية كتحميؿ أسباب
كنتائج االستعمار الداخمي في العالـ الثالث ،كيعتبر فرانؾ أىـ منظرم ىذا االتجاه متأث ار بالفكر
الماركسي كقيامو بالعديد مف الدراسات في أمريكا الالتينية لفيـ كتحميؿ التنمية االقتصادية كالتغير
االجتماعي في البمداف النامية.1
كالفكرة العامة التي يقكـ عمييا تحميؿ فرانؾ في أف قطاعات االقتصاد المتخمؼ ىي في
الكاقع قطاعات متمفصمة في إطار بناء عالقات (المركز -اليامش) الذم نجـ عف تغمغؿ
الرأسمالية في مختمؼ مناطؽ بمداف العالـ الثالث ،حيث يتصكر اف ىناؾ سمسمة كاممة مف المراكز
كاألطراؼ تبدأ مف البمداف المتطكرة كتمتد حتى المناطؽ الزراعية أك التاجر الريفي الذم يعتبر ىك
في حد ذاتو تابعا لممركز الميتركبكلي التجارم المحمي كتمتد ‘لى أبعد مف ذلؾ في تبعية الفالح
لمتاجر الريفي.
كىك بذلؾ يكشؼ مف خالؿ ىذه السمسمة مف العالقات التبعية األطراؼ لمركز عف االرتباطات
االقتصا دية ،السياسية ،االجتماعية ،كالثقافية التي تربط األطراؼ بكؿ مركز يحصؿ عمى فائضيا
االقتصادم أك جزء منو الستخدامو في تطكر ،بينما تميؿ األطراؼ إلى أف تزداد تكبيال بقيكد
التبعية.
كما أقر "فرانؾ" عمى أف تغمغؿ الرأسمالية يؤدم إلى القضاء عمى أشكاؿ التنظيـ غير
الرأسمالي كعدـ استم اررية القطاعات كاألنماط األخرل ،ففرانؾ قدـ بذلؾ فرضيتيف أساسيتيف ىما:
-0العكاصـ الكطنية في الدكؿ العالـ الثالث تقكـ بكظيفة تبعكية ،فإنيا ال تستطيع تحقيؽ اكتفاء
ذاتي كتنمية مستقمة ،األمر الذم يجعؿ نمكىا متكقفا عمى المستكيات الدنيا لمتكابع المرتبطة
بالمراكز الكطنية أك الجيكية
-8عند اضعاؼ عالقات التبعية تأخذ التنمية شكال ال تطكريا ،الشيء الذم يؤدم إلى إحدل
النتيجتيف التاليتيف( :األكلى :ظيكر رسمالية ال تطكرية غير فعالة ينتج عنيا فقر شديد كتخمؼ؛
:1عمي غربي بمقاسـ سالطنية كآخريف ،تنمية المجتمع مف التحديث إلى العكلمة ،دار الفجر لمنشر كالتكزيع ،القاىرة،
،8112ص.028 -029
42
الثانية :ترتبط بنمط محدد مف الرأسمالية أطمؽ عميو الرأسمالية ال تطكرية فعالة ،كيتيح ىذا النمط
قد ار محدكدا مف التنمية المستقمة لدكؿ األطراؼ.1
ب -تحميؿ أساليب االنتاج:
كينطمؽ ىذا االتجاه لإلجابة عمى التساؤليف األساسييف ىما:
-ما ىك دكر القكل المحمية في انتاج التخمؼ؟
-لماذا ال يمكف كصؼ االقتصاد المتخمؼ عمى أنو اقصاد رأسمالي؟
كلقد انطمؽ ىذا االتجاه عمى تحميؿ الترابطات بيف مختمؼ أساليب اإلنتاج كاستعماليا في فيـ
تخمؼ مجتمعات العالـ الثالث ،كمف بينيـ تيرم Terryديبرم Dupreرام ... Reyقدمكا
محاكالت لفيـ خاصية تعددية بناء األنظمة االقتصادية في العاـ الثالث مف خالؿ تحميؿ األنظمة
االنتاجية.
كمحاكلة فيـ لمميكانزمات التي تعزز عف طريقيا أنكاع معينة مف عالقات االنتاج كالكيفية التي
ترتبط بيا مع أساليب أخرل متعايشة في نفس التشكيمة الماكركسكسيك ػ ػ ػ اقتصادية؛ كلفيـ ىذه
العالقة أجريت العديد مف الدراسات لتحديد األساليب االنتاجية المتعايشة في المناطؽ الريفية
كالحضرية لكؿ مف "بالسيك" ك"ماتكس مار"؛ ككذا دراسات "بنفيمد" التي تمحكرت حكؿ االرتباطات
غير المتكافئة بيف قطاعي اقتصاد المدينة ( القطاع الحضرم الرسمي -كاقطاع الحضرم غير
الرسمي).
كنظ ار لممحاكالت التي سعت إلى تشخيص األساليب االنتاجية المتعايشة في بيئة كاحدة
فإنيـ تكصمكا إلى أف العكامؿ الداخمية مسؤكلة عف انتاج التخمؼ كخاصة العالقات الطبقية ما قبؿ
الرأسمالية.
كما يرفض ركاد ىذا االتجاه عمى كصؼ البمداف المتخمفة بأنيا تشكيالت اجتماعية رأسمالية،
كلذؾ انطالقا مف قناعاتيـ بأف عالقات كأساليب االنتاج ما قبؿ الرأسماية ىي السائدة ،كىي التي
تحدد طبيعة المجتمعات المتخمفة التي ىي بحاجة لتراكـ رأس الماؿ كنمك الرأسمالية.
:1عمي غربي بمقاسـ سالطنية كآخركف ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .040
43
كلقد تحكؿ انصار ىذا االتجاه بعد ذلؾ إلى مناقشة الكيفية التي يتـ بكاسطتيا انياء الكاقع
االجتماعي المتخمؼ ،فأكضحكا أف البديؿ الكحيد المتاح ىك الثكرة التي تتطمب تحالفا مع
البرجكازية الكطنية ضد الييمنة االقطاعية كاألكليغاركية مف اجؿ بناء رأسمالية كطنية كخطكة أكلى
نحك االشتراكية.1
كالفكرة العامة االتجاىات نظرية التخمؼ تقكـ عمى أف البناء االجتماعي لدكؿ العالـ الثالث
تابع محككـ بنمط معيف لتقسيـ العمؿ الدكلي ،كقد اكتسب ىذا البناء المتخمؼ خصائصو مف خالؿ
العالقات التاريخية الذم دخؿ فييا مع الرأسمالية العالمية ،كـ تؤدم ىذه العالقات إلى تحكيؿ
األبنية التقميدية في الدكؿ الفقيرة إلى أبنية حديثة ،كانما أخضعتيا لخدمة مصالحيا ،كحكلتيا إلى
أبنية تابعة متخمفة ،كلقد نتج التخمؼ ىنا مف خالؿ امتصاص الفائض ىنا مف ىذه المجتمعات
كنقمو إلى مراكز النظاـ الرأسمالي العالمي.
كفي ضكء ىذه الرؤية فإف تحميؿ عمميات التغير االجتماعي في دكؿ العالـ الثالث ،ال بد أف يتـ
في ضكء تحميؿ ظيكر النظاـ الرأسمالي كتطكره عبر الزمف ،كتحميؿ القكانيف التي عمؿ في ضكئيا
ىذا النظاـ كالتي أفرزت في داخمو أشكاال مف التبايف بيف الدكؿ المتخمفة التابعة كدكؿ المركز التي
حققت درجة عالية مف النمك.2
كلقد اقترح عمماء النظرية االجتماعية حديثا ،أف الصراع بمضمكنو الكاسع ،يجب أف يككف
سبب التغير االجتماعي؛ كالبرىنة كراء ذلؾ تككف :لك أنو يكجد إجماع في المجتمع ،كلك أف
القطاعات المختمفة لممجتمع كانت المجتمعات متكاممة ،تككف الحاجة ضئيمة لمتغير ،كبالتالي يجب
أف يحدث التغير نتيجة لصراع بيف الجماعات االجتماعية ،أك بيف األجزاء المختمفة لمنسؽ
االجتماعي.
كمف الكاضح أف التأكيد بأف الصراع ضركرم لمتغير مف النادر رفضيا ،حيث ال يكجد
مجتمع ،متغير أك غير متغير ،ليس فيو صراع في بعض األنكاع األخرل ،ككذلؾ مف الكاضح أنو
:1عمى غربي بمقاسـ سالطنية كآخركف ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .029-022
:2دالؿ استيتية ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .049
44
ال يكجد حالة لمتغير االجتماعي ال تككف مصاحبة مع الصراع كبالتالي فإف الصراع يعتبر ضركريان
لحدكث التغير االجتماعي لدل نظرية الصراع.
كنظرية التفاعؿ الثقافي تدفع الفكر أيضا تجاه أسباب التغير في المجتمعات المركبة ،ذلؾ
أنيا تكحي بإمكانية كجكد عمميات داخمية النمك تدفع األنساؽ المركبة بصكرة مشابية لمدكافع
الخارجية النمك التي تؤثر في التغير في المجتمعات البسيطة ،كتتجو ىذه المناقشة إلى القكؿ بأف
األجزاء كاألقساـ المختمفة مف المجتمعات المركبة تمثؿ إلى حد ما ثقافات ثانكية منفصمة تدفع
بالتغير أثناء تفاعميا ،ككمما ازداد تعقد األنساؽ االجتماعية ازداد عدد مثؿ ىذه األجزاء التي
تخمقيا ،كليذا تزداد إمكانية تكفير مصادر لتغيرات أبعد مف ذلؾ.1
46
المحكر الرابع معكقات التغير االجتماعي
ىناؾ عكائؽ اجتماعية عديدة تقؼ أماـ التغير االجتماعي ،كتظير بكضكح لدل المجتمعات
التقميدية أكثر منيا في المجتمعات الحديثة ،كأىـ العكائؽ:
-1الثقافة التقميدية:
يرتبط التغير االجتماعي إلى حد كبير بثقافة المجتمع السائدة ،فالثقافة التقميدية القائمة عمى
العادات كالتقاليد ،كالقيـ بكجو عاـ ،ال تساعد عمى حدكث عممية التغير االجتماعي بيسر،
فالعادات كالتقاليد التي تميؿ إلى الثبات تقاكـ التغير ككؿ تجديد سكاء أكاف ماديان أـ معنكيان ،ككمما
سادت ىذه الثقافة كانتشرت ،كانت المقاكمة أشد كأقكل.
فاأليديكلكجية المحافظة التي تتبنى فمسفة تقديس القديـ تؤدم إلى مقاكمة كؿ جديد ،كتسكد مثؿ
ىذه المعتقدات خاصة عند كبار السف الذيف عاشكا أكضاعان مختمفة عف األكضاع الحالية ،مما
يؤدم إلى الجيؿ بالتجديد ،كالتحديث عامة.
كقد بيف كلياـ أكجبرف أف النزعة المحافظة عند كبار السف كالميؿ لممحافظة عمى القديـ كاستاتيكيو
ثبات العادات كالتقاليد ،كميا متغيرات تقاكـ التجديد المادم كالتغير بكجو عاـ.1
كتظير المقاكمة بشكؿ أكسع ،حينما يتعمؽ التغير بالقيـ كالمعتقدات التقميدية ،كما أف المحافظة
عمى البناء األسرم المتعمؽ باألسر الممتدة مف شأنو أنو يعيؽ عممية التغير االجتماعي ،بعكس
بناء األسرة الصغيرة "األسرة النككية".
كما أف تعطيؿ دكر المرأة في المجتمع مف شأنو أف يعيؽ عممية التغير االجتماعي.
أ – طبيعة البناء الطبقي :لطبيعة البناء الطبقي في المجتمع أثر في قبكؿ أك رفض التغير
االجتماعي ،فالنظاـ الصارـ لمطبقات االجتماعية يعيؽ عممية التغير االجتماعي ألف أنماط التفاعؿ
47
فييا تككف محدكدة نتيجة لإلنغالؽ الطبقي ،كما ىك الحاؿ في اليند كباكستاف حيث أف النظاـ
الطائفي يحدد نكع المينة التي تككف مفركضة عمى فئات معينة في المجتمع فنظاـ الطبقات في
اليند يحدد الميف التي تككف مفركضة عمى فيئات معينة بيف أفرادىا كتنتقؿ بفعؿ الكراثة ،كليس
بمكجب الكفاءة .1
ب – الميؿ لممحافظة عمى االمتيازات :تظير المقاكمة لمتغير مف قبؿ األفراد الذيف يخشكف عمى
زكاؿ مصالحيـ ،تمؾ المصالح التي قد تككف في المكانة االجتماعية ،أك االمتيازات االقتصادية،
أك االجتماعية ،ليذا يشعر أكلئؾ األفراد بأف امتيازاتيـ ميددة بالزكاؿ نتيجة لمتجديد ،سرعاف ما
تقكـ المعارضة.
كتظير ال مقاكمة بكضكح في مياديف عديدة في أنماط الحياة المختمفة السياسية كاالقتصادية
كالعممية ،كغالبان ما تككف ىذه المقاكمة نتيجة الجيؿ بالمتغيرات الجديدة ،كالخكؼ عمى المصالح
المستقرة ،فإف المقاكمة تككف قكية كمما تعرضت تمؾ المصالح إلى تغيير كبير.
ج – عزلة المجتمع :إف العزلة قد تككف مفركضة عمى المجتمع كاالستعمار ،ككذلؾ بالنسبة
لحالة الزنكج في أمريكا الذيف يعيشكف في مناطؽ منعزلة خاصة بيـ تعرؼ باسـ المناطؽ السكداء،
كقد تككف عزلة ذاتية يفرضيا المجتمع عمى نفسو كما حدث في ركسيا بعد الثكرة البمشفية عاـ
،0809أك إقامة الييكد في مناطؽ أك أحياء خاصة بيـ بيدؼ المحافظة عمى أصكليـ الساللية
كالقكمية كالدينية كالثقافية.2
د – المحافظة عمى القيـ كالخكؼ مف التغير :غالبان ما تقؼ الفئات المحافظة في المجتمع عقبة
أماـ إحداث التغير االجتماعي ،حرصان عمى أكضاعيـ التقميدية دينية كانت أك اقتصادية أك
اجتماعية أك ثقافية.
-2النزاعات:
تسكد لدينا فكرة بأف المجتمعات الريفية يسكدىا التماسؾ االجتماعي كاالتفاؽ العاـ إال أف األمر ال
يسمـ مف كجكد بعض الخالفات كالنزاعات الحزبية كالتي تؤدم إلى تجزئة القرية إلى أجزاء
متصارعة.
أ – التحزبات :يجب أف تجرم البرامج المكجية لمجماىير بطريقة تسمح لعدد كبير مف الناس
باالشتراؾ فييا ،كبالتالي يمكف تقميؿ معارضتيا ،لككف المجتمعات التي تككف في طكر انتقاؿ
الحزبيات كاالنقسامات غالبان ،لذا نجد أنو إذا أخذت مجمكعة أك حزب بفكرة معينة فإف المجمكعة
المضادة سترفض ىذه الفكرة دكف تقييميا أك حتى التفكير فييا.
ب – ذكك المصمحة الخاصة (الجماعات المصمحية) :إف كثي انر مف التغيرات االجتماعية
كاالقتصادية المشجعة عالميان تفسر في الكقت الحاضر عمى أنيا محددة ألماف بعض األفراد
كالجماعات.
ج – مصادر السمطة :في مجتمع القرية يقع جانب كبير مف السمطة في نطاؽ األسرة طبقان لمتقاليد
المكضكعة كتكجد أنكاع أخرل مف السمطة داخؿ البنياف السياسي ،كذلؾ فإنو قد تكجد متمركزة في
أيدم بعض الشخصيات الفريدة في نكعيا الذم ليـ تأثيرىـ المباشر عمى تصرفات باقي األفراد،
دكف أف يككف لذلؾ صفة رسمية ،باإلضافة لذلؾ تكجد أنكاع أخرل مف السمطة خارج نطاؽ القرية
كالتي يككف ليا تأثير أقكل مف السمطة المحمية كىي خاصية تتميز بيا المجتمعات التقميدية ،كالتي
تشمؿ السمطة داخؿ نطاؽ األسرة ،كداخؿ البنياف السياسي كاالجتماعي كسمطة الشخص الفريد.
إف شركط االختراع تتطمب كجكد الشخص القادر كاإلمكانيات الالزمة كالبيئة االجتماعية المالئمة،
كأف نقص اإلمكانات االقتصادية الالزمة يحكؿ دكف تقدـ االختراعات كبالتالي إعاقة عممية التغير
االجتماعي.
-2التكمفة المالية:
يرغب األفراد في امتالؾ المخترعات التكنكلكجية إال أف ارتفاع تكمفتيا المالية يحكؿ دكف تحقيؽ
ذلؾ ،أم أف تكفر الرغبة ال يكفي ،ما لـ تتكفر القدرة المالية التي تسمح باالقتناء.
إف المكقؼ االجتماعي يجب أف يؤخذ في االعتبار كعامؿ مؤثر في عممية التغير ،كأف تحقيؽ
الفائدة المادية ليس ىك العامؿ الحاسـ أك الكحيد في تبني التجديد.
كيرتبط المكقؼ اتجاه التجديد بمدل الفائدة االقتصادية المتكقعة منو مف ناحية عامة ،فكمما تحققت
فائدة أعمى كاف االقباؿ أعـ كأشمؿ.1
عمكمان ،يؤدم نقص المكارد االقتصادية إلى محدكدية عممية التغير كاعاقتيا ،فالكسائؿ المادية
ال يمكف الحصكؿ عمييا إال بالماؿ ،ككذلؾ االختراعات كالمصانع ،فالمقدرة المادية ىي التي
تساعد في الحصكؿ عمى ذلؾ كفي غيابيا تمغى عممية التغير.1
إف تأثير البيئة الطبيعية عمى المجتمعات كاضح سكاء أكاف إيجابان أـ سمبان ،فالبيئة الطبيعية
مف مناخ كسيكؿ كجباؿ كأنيار تؤثر في تككيف حضارة المجتمعات ،فشح المكارد الطبيعية يعيؽ
عممية التغير ،كبناء حضارة كبيرة ،فالعزلة الطبيعية التي تعيشيا المجتمعات نتيجة أحاطتيا
بالصحراء أك بمنطقة جبمية كعرة المسالؾ ،مف شأنيا أف تعيؽ اتصاؿ المجتمع بغيره مف
المجتمعات األخرل.
-0العكائؽ السياسية الداخمية :ىناؾ عكائؽ سياسية عديدة تقؼ أماـ عممية التغير منيا:
أ – ضعؼ اإليديكلكجية التنمكية :تخضع عممية التغير لمسياسة الداخمية لمدكلة ،كذلؾ كفؽ
اإليديكلكجية التي تتبناىا ،فحينما تككف اإليديكلكجية غير كاضحة ،كمتأرجحة فإف ذلؾ ينعكس
ب – تعدد القكميات كاألقميات داخؿ المجتمع :غالبان ما تقؼ أماـ التغير حفاظان عمى التكازف العاـ
داخؿ المجتمع ،فأم إصالح أك تغيير غالبان ما يقابؿ بعدـ استجابة أك معارضة مف قبؿ تمؾ
الفئات التي قد تتضرر مصالحيا داخؿ المجتمع عمى عكس المجتمع المتجانس.
ج – عدـ االستقرار السياسي :مف شأف االستقرار أف يسيؿ عممية التغير كيؤدم إلى تحقيقيا،
حيث تتكجو جيكد السمطة كالشعب نحك التغير المنشكد ،كفي حاؿ عدـ االستقرار السياسي فإف
جيكد السمطة تككف مكزعة في بيف إعادة استتباب األمف ،كتنمية المجتمع ،ناىيؾ عف ىجرة
األدمغة نحك الخارج.1
ب – الحركب الخ ارجية :ال شؾ أنيا تستنزؼ مكارد مالية ىائمة يككف المجتمع بحاجة إلييا مف
أجؿ إحداث التنمية ،كما أنيا قد تؤدم إلى تدمير الثركة المادية كالبشرية.2
تتعرض كؿ المجتمعات اإلنسانية لظاىرة التغير ،كعمى ذلؾ يمكف النظر إلى كؿ مجتمع عمى أنو
عرضة لنكعيف مف القكل :قكل تعزز حدكث التغير كتعضده ،كأخرل تعرقمو كتحد مف فاعميتو،
كمف ىنا تبدأ عناصر الثقافة في المجتمع مرة أخرل ،كتكيؼ نفسيا في بناء أكثر انسجامان كتالؤمان،
-8العكامؿ التاريخية :تميؿ إلى أف تككف المخرج مف أسر العكامؿ البيئية كمعكقاتيا ،كذلؾ مف
خالؿ ما تقدمو العكامؿ األكلى مف منبيات أك مثيرات إلحداث التغير الثقافي ،كمثاؿ ىذه العكامؿ
االنحراؼ الثقافي كالصدفة التاريخية ،كىما عامالف قد ينبعاف مف داخؿ الثقافة أك خارجيا،
كالرحالت كالغزك.
-2العكامؿ النفسية :تتضمف ميكانيزمات تقبؿ الجديد كتعتنقو ،أك تمفظو كترفضو ،كىي مبعث
السمكؾ اإلنساني ،كمظير خاص لعممية التعمـ في مستكيييا المبكر ،كالراشد.
كعمى ذلؾ ينبغي النظر إلى العكامؿ التي تشؿ عممية التغير الثقافي عمى أنيا حكاجز تنطكم عمى
مضمكف ثقافي كبالتالي فيي حكاجز ثقافية ،مع مراعاة أف العكامؿ النفسية كالثقافية كاالجتماعية
المعرقمة لمتغير تكجد في إطار اقتصادم ،كمف ثـ فالبد مف مراعاة العامؿ االقتصادم الياـ الذم
يعطي لمعكامؿ السابقة جدكاىا كفاعميتيا.
-4نكعية التراث كطبيعتو :تتضمف بعض الثقافات أىمية كبرل عمى قيمة االبتكار كالتغير،
كلذلؾ فيي ترل في الشيء الجديد مبر انر كافيان لفحصو كتطبيقو ،بينما نالحظ مجتمعات أخرل أف
التراث يمارس سطكة كبيرة عمييا كيتسـ أيضان بالمحافظة الثقافية ،كمرد ذلؾ إلى الطابع النسقي
المتكامؿ لمثقافة ،كفي ضكء ىذا الطابع يتشكؾ القركم مثالن في األشياء الجديدة كلف يقبؿ عمييا أك
يقبميا.
53
كتمعب األمثاؿ الشعبية دك انر بار انز في التثبيت االثنكجرافي ،كبالتالي في الحيمكلة دكف حدكث
التغير الثقافي سريع اإليقاع ،حيث أف المثؿ صكرة مختزلة بخبرة مكقؼ اجتماعي ،كعمى ذلؾ قد
يككف المثؿ ،متضاربان مع غيره كىذا التضارب ال يرجع إلى تضارب الكجداف الشعبي بقدر ما
يرجع إلى اختالؼ المكاقؼ ذاتيا ،كالمثؿ إذف مكقؼ كليس إال ،كطالما أف المكاقؼ متنكعة
كمتباينة فالبد أف تتنكع األمثاؿ كتتبايف.
-5التكاكؿ :ترتبط اتجاىات التكاكؿ ارتباطان كثيقان بقكل التراث السائد ،كلذلؾ ففي المجتمعات غير
الصناعية التي لـ تحقؽ السيطرة الكاممة عمى قكل الطبيعة ،ينسب الجفاؼ كالفيضاف إلى القكل
فكؽ الطبيعية التي تزكر اإلنساف سكاء كانت آلية أك أركاحان شريرة ،كعمى ذلؾ عمى اإلنساف أف
يستعطفيا ،ال أف يتحكـ فييا ،بينما ال تقدـ األشكاؿ االقتصادية كالتكنكلكجية فييا لمفالح ما يقيـ
األكد فيظؿ خاضعان ليا ،كأف دؿ ذلؾ عمى شيء فإنما يدؿ عمى قصر نظر كما يذىب إلى ذلؾ
ىيرسككفيتس كبالتالي يككف التكاكؿ بمثابة التكيؼ األفضؿ الذم يقكـ بو اإلنساف إزاء القنكط ،ككؿ
ما يعجز عنو.
-6معايير التكاضع السائدة :غالبان ما تكجد عكائؽ تعرقؿ التغير الثقافي المكجو ،كيقصد بيذا
النكع العالقة بيف الرجؿ كالمرأة ،كتظير ىذه العالقة كاضحة في حمالت الصحة العامة بيف
الطبيب كالنسكة الحكامؿ ،كعمى سبيؿ المثاؿ لمتقميؿ مف معدؿ كفيات األطفاؿ كالمالحظ في بعض
البالد النامية في بداية دخكؿ الطب الرسمي بيا أف المرأة الحامؿ كانت تفضؿ تجنب الرعاية
الطبية خشية أف يفحصيا طبيب رجؿ يطمع عمييا ،كلذلؾ كاف الزكج ىك حمقة الكصؿ بيف
الطرفيف.
-7تضارب السمات الثقافية :مف المعركؼ أف ىناؾ عناصر ثقافية يسكد بينيا االنسجاـ
المنطقي ،كفي حيف تكجد أخرل تنطكم عمى تضارب بيف بعضيا البعض ،كيؤدم ىذا التضارب
كعدـ االتساؽ إلى الحيمكلة دكف حدكث التغير الثقافي.
-8النتائج غير المتكقعة لمتجديد :ال يمكف أف يحدث تغير في حالة منعزلة كبال نتائج ثانكية
كأكلية كثالثة عمى نطاؽ كاسع في المجتمع المتغير ،أنو ىنا مثؿ حجر نمقيو في الماء فيحدث
حمقات آخذة في االتساع إلى أف يفقد تأثيره قكة الدفع ،كذلؾ حاؿ التجديد حيث يترتب عميو تأثيرات
54
دائرية في الثقافة ،فإف التجديد يتعرض لممقاكمة إذا أحدث آثا انر جانبية سيئة ،كعمى ذلؾ ينبغي بذؿ
المجيكدات الكبيرة لمتغمب عمى ىذه السكءات مف ناحية ،كالتفحص الدقيؽ لمتجديد قبؿ نشره مف
ناحية أخرل حتى ال يؤتي آثا انر ضاره ،كحتى ال يقاكمو المستقبمكف لو.
-9المعتقدات الشعبية :تكجد صكر عديدة مف ىذه المعتقدات التي تعرقؿ التغير عمى كجو
العمكـ ،مثؿ أكؿ المبف كشرب السمؾ ،لما في ذلؾ مف أضرار ،كغير ذلؾ.
ب – االعتقاد في الحظ كالنصيب :إنيا مرتبطة ارتباطان كثيقان بالقكل التقميدية ،كتعتبر أحد
المعكقات اليامة لعممية التغير كلقد تمكنت المجتمعات الصناعية مف أف تثبت لنفسيا أف لدييا قدرة
كبيرة عمى التحكـ في الظركؼ الطبيعية كاالجتماعية كتطكيعيا لصالحيا ،كال تعتبر أم كضع غير
مرغكب فيو أم انر مستحيالن كلكف تعتبره تحدم لقدرتيا لذلؾ ،عكس المجتمعات غير الصناعية.
ج – التعصب الثقافي :يعتقد جميع البشر بمختمؼ ثقافتيـ أف أنظمتيـ كطريقة معيشتيـ ىي
الطريقة الطبيعية كالمثمى بالمقارنة بالطرؽ األخرل كاف جكىر الثقافة الحقيقي يتعمؽ بما نفكر فيو
كنعممو بما يشممو مف اتجاىات سمككية كعقائد دينية كأشكاؿ اجتماعية كأف القيـ المطمقة تؤكد أف
االعتقاد العاـ في رفعة ثقافة معينة مف أىـ القكل التي تؤدم إلى االستقرار.
د – الشعكر بالعزة كالكرامة :في المجتمعات التقميدية يكلي الناس اىتمامان كبي انر لألشياء التي تمس
بعزتيـ أك كرامتيـ كلك مف بعيد كمرجع ذلؾ اعتدادىـ بثقافتيـ كقكميتيـ كنكع الحياة التي
يعيشكنيا.
55
ق -معايير التكاضع :ال تخمك أم ثقافة مف الثقافات مف عنصر التكاضع كىذه األفكار مصطمح
عمييا ثقافيان كتتبايف كثي انر مف ثقافة ألخرل فمثالن ما يعد سمككان صالحان كمحمكدان في ثقافة معينة قد
يعد نفس السمكؾ في مجتمع آخر مستيجف مما يجعؿ ىذه المعايير تقؼ كعائؽ لبعض برامج
التغيير المكجية.1
ال يتكقؼ قبكؿ الناس أك رفضيـ لفرصة جديدة تعرضكا ليا لمجرد كجكد نمط مناسب لمعالقات
االجتماعية كتكافر الظركؼ االقتصادية بؿ أيضان يتأثر بالعكامؿ السيككلكجية مثؿ كيفية تصكر
الشخص لمشيء الجديد ىؿ يتخيمو مثؿ األخصائي أك بكجية نظر أخرل فالظاىرة الكاحدة يفيميا
كؿ مجتمع بطريقة مختمفة.
أ – االتجاه إلى الحككمييف :غالبية البرامج المستخدمة لمتغيير المكجو بمعظـ بمداف العالـ كالتي
تقكـ بيا الحككمة مف خالؿ ىيئاتيا المخصصة تكاجو بالتشكيؾ مف قبؿ أفراد المجتمع كيرجع ذلؾ
إلى خبرات سابقة ليـ في التعامؿ المباشر مع أجيزة الحككمة ،كليس ككف األخصائي ممثؿ
الحككمة فقط ىك ما يشكؿ عائؽ لمتغيير بؿ لككنو غريبان أيضان كغير مفيكـ لجميع سكاف المجتمع.
ب – النظرة إلى اليدايا :تميؿ بعض المؤسسات إلى إعطاء الفالحيف معكنات في صكرة أشياء
كالسمع كالخدمات بدكف مقابؿ كلكننا نجد في معظـ األحكاؿ أف األفراد الفالحيف ال يقبمكف عمييا
بالرغـ مف فقرىـ كيرجع ذلؾ إلى نظرتيـ إلى ىذه األشياء باعتبارىا فاسدة أك ليست ذات فائدة
لذلؾ فاألفضؿ أف تعطى ىذه المنح كلكف بسعر رمزم لتالفي ىذا الشعكر.
ج – االختالؼ التخيمي لألدكار :يكجد بكؿ مجتمع اختالؼ أك تبايف لما يتكقعو األفراد مف
اآلخريف كما يتكقعو اآلخركف منيـ كذلؾ بمختمؼ المكاقؼ كبالطبع ذلؾ يؤدم عمى حدكث
المشاكؿ في المكاقؼ الثقافية المتداخمة نظ انر الختالؼ التكقعات.
:2المشاكؿ االتصالية:
تحدث عممية االتصاؿ بنجاح عندما يشترؾ كؿ مف أخصائي التغيير كأعضاء المجتمع في ثقافتيـ
كلغتيـ نظ انر ألف األشخاص المشتركيف في المغة يستطيعكف أف يتفيمكا رمكزىا بسيكلة أكثر مف
األخرل ،كمف أىـ المشاكؿ االتصالية صعكبة المغة كالمشاكؿ اإليضاحية.
أ – مشاكؿ المغة :تظير بكضكح في اختالؼ المغة التي يستعمميا كؿ مف األخصائي كلغة
أعضاء المجتمع.
ب – مشاكؿ إيضاحية :فميس مف السيؿ أف يتبع كيفيـ القركيكف الكسائؿ اإليضاحية فاألفالـ
كالشرائح كالممصقات كالنشرات قد تظير بصكرة مشكشة في ذىف األفراد غير المعتاديف عمييا ،كقد
ال يدرؾ القركيكف بيف األحداث أك الصكرة المعركضة في األفالـ.
ج – مشاكؿ التعمـ :يجب أف يدرؾ المرشد أف الخبرات كالمعمكمات كطرؽ تناكليما لممكضكعات
كأف بدت لو سيمة ،إال أنيا قد ال تككف كذلؾ بالنسبة لمقركييف ،المراد أف يكصؿ ليـ ىذه الخبرات
لذلؾ يجب عميو أف ينتبو لنكاحي القصكر في خبرات القركييف المراد تنميتيا كيساعده في إتماـ ذلؾ
عمى أكـ كجو بأف يككف كجكده معيـ بشكؿ مستمر يعطي القركم الفرصة إلقناع نفسو بتبني ذلؾ
الشيء الجديد.1
57
محاضرات السداسي الثاني
58
المحكر األكؿ :الفاعمكف االجتماعيكف في التغير االجتماعي
:1عبد اهلل كبار ،النخبة الجامعية كالمجتمع المدني في الجزائر ،مجمة العمكـ اإلنسانية كاالجتماعية ، ،العدد ،00جكاف
،8102ص.806
: 2خميؿ أحمد خميؿ ،المفاىيـ األساسية في عمـ االجتماع ،دار الحداثة بيركت ،0894 ،ص.888
59
تكظيؼ مفيكـ النخبة ،في القرف السابع عشر لكصؼ السمع ذات النكعية الممتازة ،ثـ اتسع ىذا
المفيكـ لمداللة عمى الجماعات االجتماعية العميا كبعض الكحدات العسكرية العميا أك المراتب العميا
مف النبالة.
كيعد باريتك ىك الذم أعطى صيتا لمصطمح النخبة فيك يرل بأف النخبة ىـ أفراد تكفرت
فييـ شركط التميز كالنجاح في إطار نشاط اجتماعي معيف؛ كىـ طبقة يتمتعكف بالمؤشرات األكثر
ارتفاعا في الفرع الذم يؤدكف فيو نشاطيـ.3
-الصفكة ىي" :جماعة مف األفراد معركفة اجتماعيا أك سياسيا ليا خصائص كسمات ذات قيمة
معينة ،كالقدرة العقمية أك الكضع اإلدارم المرمكؽ ،أك القكة العسكرية ،كىي خصائص ترتبط بدرجة
عالية مف الييمنة كالنفكذ".
-أكرد قامكس عمـ االجتماع تعريفا لمفيكـ" الصفكة" مفاده :أف الصفكة ىي "جماعة صغيرة في
مجتمع ما ،كفي ظرؼ معيف تحمؿ االسـ نظ ار ألنيا تتمتع بأىمية تعطييا لنفسيا أك يعطييا ليا
اآلخركف.
1
:خميؿ أحمد خميؿ ،مرجع سبؽ ذكره ، ،ص.882
2
:بكتكمكر ،الصفكة كالمجتمع دراسة في عمـ االجتماع السياسي ،ترجمة محمد الجكىرم كعميا شكرم ،كآخركف ،دار
المعرفة الجامعية االسكندرية ،0899 ،ص.82
3
:عبد اهلل كبار ،مرجع سبؽ ذكره ،ص.809
60
-2نظرة عمماء االجتماع لمنخبة:
كيعتقد عمماء االقتصاد بأنو ليبرالي كالسيكي ،كلو ريادة في تطبيؽ نظرية االختيار العقالني
عمى اقتصاديات الرفاىية .كعمى العكس مف ذلؾ ،فعمى الرغـ مف ككنو مؤسس عمـ االجتماع
السياسي ،كباألخص نظرية النخبة ،فقد عرؼ عنو في ىذا المجاؿ ،أنو ذلؾ المتعصب كالمناىض
لمديمقراطية ،كيبحث في الالعقالنية في السياسة .كفي الحقيقة ،ظؿ باريتك إلى حد ما مخمصا
لمثمو القديمة ،كلكنو عزل عدـ تحقيقيا إلى فشؿ السياسات الديمقراطية.1
كيعطي باريتك لمنخبة تعريفيف أحدىما كاسع ،كالثاني ضيؽ؛ فالنخبة -بالمفيكـ الكاسع -ىي
تمؾ الفئة القميمة مف المجتمع التي حققت نجاحا في أنشطتيا المينية كالكظيفية ،فكصمت إلى أعمى
مراتب اليرـ المجتمعي ،مثؿ :رجؿ األعماؿ الناجح ،كالمجرـ الذكي ،كالصانع الماىر ،كاألستاذ
البارع ،كالفناف المشيكر ...كيعني ىذا أف ىذه النخب غير حاكمة.
أما بالمفيكـ الضيؽ ،فالنخبة ىي تمؾ الفئة أك األقمية الحاكمة التي تممؾ السمطة كالنفكذ
كالقرار ،كتمارس تأثيرىا في باقي الطبقات االجتماعية األخرل ،قصد إقناعيا بتكجياتيا السياسية
كاإليديكلكجية .كقد تتككف ىذه النخب مف الكزراء ،كأمناء األحزاب ،كالمعارضيف السياسييف،
كالمسؤكليف النقابييف ،ككبار العسكر ،كرجاؿ المقاكالت الصناعية النافذيف...
كعميو ،فالنخبة ىي تمؾ الفئة أك األقمية التي تمتمؾ صفات استثنائية ،كتتمتع بقدرات
ككفاءات طبيعية أك مكتسبة ىائمة جدا في بعض المجاالت أك في بعض األنشطة مف أنشطة
:جكف سككت :خمسكف عالما اجتماعيا أساسيا ،ترجمة :رشا جماؿ ،الشبكة العربية لألبحاث كالنشر ،بيركت ،لبناف، 1
الطبعة الثانية سنة 8102ـ ،ص .28:نقال عف حمداكم جماؿ مرجع سبؽ ذكره ،ص.21
61
الحياة االجتماعية؛ كفي ىذا ،يقكؿ باريتك " :لنفرض نعطي لكؿ فرد ،في جميع حقكؿ النشاط
اإلنساني ،عالمة تدؿ عمى مياراتو بالطريقة نفسيا تقريبا التي تعطي فييا عالمات في
االمتحانات ،كعمى سبيؿ المثاؿ :نعطي مف يبرز في مينتو عشرة ،كنعطي مف ال ينجح في
الحصكؿ عمى زبكف كاحد عالمة كاحدة ،بشكؿ نستطيع معو إعطاء صفر لمف يككف غبيا حقا.
كنعطي عشرة لمف عرؼ أف يربح المالييف ،سكاء كاف جديا أـ سيئا .كمف يربح ألكؼ الميرات
نعطيو ست عالمات .كمف يتكصؿ إلى عدـ المكت جكعا فقط نعطيو عالمة كاحدة .كمف يعالج
في مأكل المعكزيف نعطيو صفرا...كىكذا دكاليؾ بالنسبة لجميع حقكؿ النشاط اإلنساني....كلننشئ
-إذان -طبقة مف ىؤالء الذيف ينالكف أعمى العالمات في الحقؿ الذم يبذلكف فيو نشاطيـ ،كلنعطي
ليذه الطبقة اسـ النخبة".1
كمف ىنا ،يميز باريتك بيف الطبقة الشعبية العامة كالنخبة الخاصة ،إذ تنجذب العامة ،عمى
المستكل النفسي ،إلى األفكار غير المنطقية كغير العقالنية؛ كىذا ما يجعؿ النخبة المتميزة بالدىاء
كالقكة كاإليديكلكجيا قادرة عمى استغالليـ لمفكز بالسمطة السياسية ،كالظفر بيا .كبعد ذلؾ ،يميز
باريتك بيف النخبة الحاكمة كغير الحاكمة؛ كفي ىذا ،يقكؿ " :بالنسبة لمدراسة التي نقكـ بيا ،كىي
دراسة التكازف االجتماعي ،مف المستحسف أيضا تقسيـ ىذه الطبقة إلى اثنتيف .نضع عمى حدة
ىؤالء الذيف يمثمكف ،مباشرة أك غير مباشرة ،دك ار بار از في الحككمة؛ فيـ يشكمكف النخبة الحككمية.
كالباقكف يشكمكف النخبة غير الحككمية...كتككف لدينا -إذان -فئتاف مف السكاف ،األكلى :كىي الفئة
الدنيا ،أك الطبقة الغريبة عف النخبة ،كلف نبحث حاليا التأثير الذم يمكف أف تمارسو في الحككمة؛
الثانية :كىي الفئة العميا ،أك النخبة التي تقسـ إلى قسميف :أ -النخبة الحككمية؛ ب-النخبة غير
الحككمية.2
كعميو ،فقد رفض باريتك التصكرات الماركسية التي ال تؤمف بكجكد النخب السياسية أك
االقتصادية ،بؿ تعطي األىمية القصكل لمطبقة الدنيا ،كتعتبرىا ىي األحؽ بامتالؾ السمطة ،بعد
القضاء عمى الطبقة البكرجكازية ،كاالستيالء عمى كسائؿ اإلنتاج .في حيف ،يرل باريتك أف النخبة
1
: Vilfredo Pareto: Traité de sociologie générale ,1919,p:1296
نقال عف حمداكم جماؿ مرجع سبؽ ذكره ،ص.20
2
: Vilfredo Pareto: OP.cit,p:1304.
نقال عف حمداكم جماؿ مرجع سبؽ ذكره ،ص28
62
ىي البديؿ الحقيقي لضماف استقرار المجتمع ،كتحقيؽ تكازنو المؤسساتي كاالجتماعي كاالقتصادم
كالنفسي .فالعامة مف الناس مندفعة كجدانيا ،تؤمف باألفكار الكىمية غير الحقيقية .في حيف ،تتميز
النخبة بقدرات كمؤىالت فائقة يسمح ليا بالسيطرة عمى الحكـ ،كقيادة المجتمع.
كبيذا ،تككف النخبة ىي البديؿ الحقيقي لألنظمة الماركسية أك االشتراكية .كبالتالي ،آمف
باريتك بتداكؿ النخبة عمى السمطة تحقيقا لمجتمع الديمقراطية ،كرغبة في تحقيؽ تماسؾ المجتمع
كتضامنو كتكازنو .كمف ثـ ،حمت النخبة محؿ الصراع الطبقي ،كحمت كممة الجماىير محؿ
البركليتاريا.
كعمى العمكـ ،ال يمكف الحديث -إطالقا -عف أم نظاـ سياسي بدكف الحديث عف القكة
كالسيطرة كاالستغالؿ ،حتى في األنظمة االشتراكية كالشيكعية نفسيا .لذا نجد نخبا مستغمة في كؿ
األنظمة السياسية كاالقتصادية كالعسكرية ،تعمؿ جاىدة عمى تحقيؽ مصالحيا كمنافعيا الخاصة،
إلى جانب تحقيؽ المصالح العامة؛ كمف ثـ ترتبط الممكية الخاصة بالقكة كالنفكذ كالسيطرة كالييمنة.
كما يتحقؽ ذلؾ لمنخبة المنتقاة سياسيا أك اقتصاديا أك إداريا أك ثقافيا أك دينيا .كمف ىنا ،تبقى
المفاىيـ االشتراكية ،مثؿ :اإلرادة العامة ،كالصالح العاـ ،كالسيادة الشعبية مفاىيـ عاطفية كطكباكية
كخيالية أكثر مف ككنيا مفاىيـ عقالنية ككاقعية كمنطقية.
كقد قسـ باريتك النخب السياسية -عمى غرار تقسيـ مكيافيمي -إلى نخبة الثعالب كنخبة
األسكد .فالنخبة األكلى تتككف مف فئة الشيكخ ،كقد استكلت عمى الحكـ بالدىاء كالحيمة كالخديعة.
كتتككف النخبة الثانية مف فئة الشباب التي تنتمي إلى الطبقة الدنيا مف عمكـ المجتمع .كتدخؿ
النخبتاف معا في صراع كضغط ،فالتي تنتصر تستكلي عمى الحكـ ،كبعد فشميا كاضمحالليا
تستكلي النخبة المعارضة عمى الحكـ بشكؿ تناكبي دكرم؛ كبيذا تتحقؽ الديمقراطية ،كيتحقؽ
التكازف االجتماعي ،كتحافظ الدكلة عمى ىيبتيا كاستمرارىا كقكتيا .كغالبا ،ما تقكـ الحركب
كاألزمات االقتصادية في تغيير النخب بشكؿ تناكبي ،بعد اشتداد الصراع كالجدؿ السياسي بيف
نخبة األسكد كنخبة الثعالب.1
: 1جكف سككت ،عمـ االجتماع المفاىيـ األساسية ،ص ،62-68:نقال عف حمداكم جماؿ ،ص .24-28
63
كمف ىنا ،فالنخبة ىي التي تممؾ القكة ،كالماؿ ،كالنفكذ ،كالذكاء بمفيكمو الكاسع ،كالمؤىالت
العممية كالثقافية ،كالكياسة ،كحسف التصرؼ ...كما يتحدد المجتمع بطبيعة نخبتيا السياسية
الحاكمة.
كمف ثـ فالنخبة ىي التي تسير الطبقة الدنيا إما بالقكة ،كاما بالحيمة كالدىاء .كيعني ىذا أف ثمة
نخبتيف :نخبة األسكد ،كنخبة الثعالب .كتخضع النخبة لمنطؽ التناكب الدكرم.
أضؼ إلى ذلؾ أف النخب الثكرية التي تقكد الثكرة ضد النخب القديمة ،مدعية أنيا عمى حؽ
كصكاب ،كأنيا تبحث عف سعادة الشعب كرفاىيتو ،سرعاف ما تفشؿ في تحقيؽ العدالة كاإلنصاؼ
كالمساكاة كالحرية ،فتؤدم بنخبتيا األرستقراطية إلى المقبرة .كعميو فالتاريخ الحقيقي عند باريتك ىك
تاريخ مكت النخب الحاكمة كاألرستقراطيات ككالدتيا مف جديد.
كيعني ىذا أف تاريخ المجتمعات ىك تاريخ تعاقب النخب كاألقميات كاصطفائيا؛ تمؾ النخب التي
تتصارع مع النخب المضادة كالمعارضة كعندما تصؿ إلى الحكـ تشرع في تحقيؽ مصالحيا ،ثـ
1
تسقط لتحؿ محميا نخب أخرل ،كىكذا دكاليؾ...
مكسكا كباريتك اىتما اىتماما خاصا بالصفكة بكصفيا جماعة مف األشخاص في كضع يسمح
ليا بممارسة السمطة أك في كضع يمكنيا مف التأثير بقكة عمى ممارسة السمطة السياسية ،كفي نفس
:بكتكمكر ،الصفكة كالمجتمع دراسة في عمـ االجتماع السياسي ،ترجمة محمد الجكىرم كعميا شكرم ،كآخركف ،دار 1
65
-4-2النخبة عند شارؿ رايت ميمز(:)1962 -1916
كيعرؼ ميمز النخبة :انطالقا مف مبدأ السمطة كامتالؾ القرار .كفي ىذا ،يقكؿ " :يمكننا أف نعرؼ
نخبة السمطة استنادا إلى كسائؿ القكة ،تماما كما ىك األمر ،بالنسبة لمف يحتمكف مراكز القيادة1؛
كيعني ىذا أف النخبة ال تتميز بالعالمات الجيدة كما عند باريتك ،بؿ تتميز كذلؾ بمدل امتالكيا
لمقكة كالسمطة كالنفكذ ،كحقيا في استصدار القرار.
قاـ رايت ميمز بتكظيؼ مفيكـ "نخبة السمطة" أك "النخبة الحاكمة" في كتابو الصادر سنة
0826حيث تركزت أعمالو عف القادة الحقيقيف الذيف يحكمكف الكاليات المتحدة في عيد الرئيس
ازنياكر ،كتكصؿ إلى أنيـ يتمكقعكف في ثالثة مؤسسات كبرل كىي :المؤسسة السياسية(الحزاب
كالبرلماف) ،كالمؤسسة الصناعية ،كالمؤسسة العسكرية ،كقد أرجع ذلؾ إلى طبيعة المنظمات
الحديثة التي نشأت بسبب التغير كالتحكؿ الذم عرفو العالـ المعاصر(التقدـ العممي ،الشركات
العمالقة ،الرفاه االقتصادم) فيذه العكامؿ ىي المسؤكلة عف ظيكر نخبة السمطة في المجتمعات
الرأسمالية.
كيرل أف مفيكـ نخبة السمطة أكثر دقة عف مفيكـ الطبقة فالطبقة العالية أك الغنية تختمؼ
عف مفيكـ النخبة الحاكمة لككف النخبة الحاكمة إضافة إلى ككنيا غنية يضاؼ إلييا السمطة،
فمفيكـ النخبة ىك المفيكـ الذم يستطيع أف يشرح ديناميكية الييمنة التي استعممتيا ىذه األقمية
لمسيطرة عمى صناعة القرار في أمريكا كما كجد بأف ىناؾ عامالف يجمعاف ىذه الفئة كىما:
المصالح المشتركة :بحيث تقكـ مجمعات الصناعة العسكرية بتمكيؿ حمالت مرشحي األحزاب
السياسية ،بينما سيعمؿ ىؤالء عند تسميميـ لمقاليد السمطة بتسميح الجيش األمريكي عف طريؽ
شراء أسمحة المصانع العسكرية أك لشف حركب بغية تمكيف أصحاب ىذه المصانع مف بيع
األسمحة التي ينتجكنيا عبر العالـ.
التقارب االجتماعي :يظير في نكعية التكافؽ النفسي كاالجتماعي بيف ىذه الفئة كالتي ستكمؿ
بعالقات مصاىرة كقرابة عائمية فيما بعد.1
1
: Wright Mills: The Power Elite (L'Élite du pouvoir). Traduction en français chez Agone en 2012 sous le titre
L'élite au pouvoir.1956.
نقالف عف حمداكم جماؿ ص42
66
-3أنكاع النخب:
يمكف الحديث عف أنكاع عدة مف النخب ،فيناؾ نخب سياسية ،كنخب إدارية ،كنخب عسكرية،
كنخب اقتصادية ،كنخب عممية ،كنخب تربكية ،كنخب فنية ،كنخب دينية ،كنخب تجارية ،كنخب
مقاكالتية ،كنخب تقميدية ،كنخب مينية ...بمعنى أف في كؿ مجتمع" تكجد فئات متفكقة في مختمؼ
المياديف :االقتصادية كاالجتماعية كالسياسية ،كتشكؿ كؿ فئة ،في ميدانيا ،الفئة المتفكقة ،كيستند
ىذا التفكؽ إلى عكامؿ متعددة ،قد تككف الثركة ،أك السمطة ،أك العقؿ ،أك المكانة االجتماعية ،مف
خالليا تحقؽ ىذه الفئة تفكقا كامتيا از عمى باقي مككنات ميدانيا.
تبعا لذلؾ ،يمكف القكؿ :إف في كؿ ميداف تكجد نخبة؛ مما يعني أف المجتمع يػتألؼ مف نخب
عدة ،نخبة سياسية ،كنخبة عسكرية ،كنخبة اقتصادية ،كنخبة ثقافية ،كنخبة دينية ،أك نخبة تمارس
سمطة معنكية في المجتمع .كيمكف أف تحتكم النخبة في كؿ ميداف نخبا فرعية ،عمى سبيؿ المثاؿ،
في إطار النخبة السياسية ،يمكف الحديث عف النخبة الك ازرية ،كالنخبة البرلمانية ،كالنخبة
الديبمكماسية ،كالنخبة الحزبية.2
تختمؼ التصنيفات التي ميزت بيف أنكاع كأشكاؿ النخب المتكاجدة في جؿ المجتمعات تقريبا غير
أنو يمكننا تناكؿ أىميا كىي كاآلتي:
-النخبة المثقفة (األنتيمجنسيا) :األنتمجنسيا مصطمح ظير في ركسيا خالؿ القرف 08ـ كتشمؿ
جميع األشخاص الذيف تمقكا تعميما جامعيا يؤىميـ لالشتغاؿ بالميف الفنية العميا ،ثـ اتسع مدلكلو
بعد ذلؾ لكي يشمؿ كؿ أكلئؾ الذيف يشكمكف جماعة األصغر التي تتألؼ ممف يسيمكف مباشرة في
ابتكار كنقد كنقؿ األفكار ،كتظـ ىذه الفئة المؤلفيف ،كالفنانيف ،كالعمماء ،كالفالسفة ،كالمفكريف،
كالمتخصصيف في النظريات االجتماعية ،كالمعمقيف السياسييف ،كقد يصعب تعييف حدكد ىذه
الجماعة تماما ذلؾ أف المستكيات الدنيا منيا تختمط بميف الطبقة الكسطى ،مثؿ التدريس
كالصحافة ككف الخصائص المميزة ليا التي تتعمؽ مباشرة بثقافة المجتمع كاضحة كضكحا كافيا.
ص.86
67
كما قد تختمؼ مككنات ىذه النخبة بيف المجتمعات المتقدمة كالمتحضرة كالمجتمعات المتخمفة أك
غير المتحضرة -عمى حسب تعبير بكتكمكر.
كاف كانت النخبة المثقفة في فرنسا تمعب دك ار بار از في النقد كالمناقشات السياسية كاالجتماعية
في فرنسا حيث اف أغمب نكاب البرلماف الفرنسي ىـ مف النخب المثقفة ،غير أف األمر قد يختمؼ
تماما في المممكة البريطانية ،فنشاطيـ السياسي كاالجتماعي محدكد جدا مقارنة بالفرنسييف.
كمف ثـ تثبت الشكاىد التاريخية أف النشاط السياسي كاالجتماعي التي تحرؾ التغير االجتماعي
لمنخبة المثقفة في أم مجتمع مف المجتمعات ينطبع بانتماءاتيـ كطبقاتيـ االجتماعية التي ينتمكف
الييا.1
-النخبة السياسية :حيث أف كثير مف الدراسات ركزت عمييا كأقمية تتحكـ في مقاليد السمطة
خاصة دراسات "مكسكا" كتمميذه "متشمز" المذاف تناكال الفئة التي تتحكـ في السمطة كعمكما يمكف
القكؿ بأف زعماء األحزاب السياسية كرؤساء الحككمات كالكزراء كأعضاء البرلماف كمجمس الشيكخ،
كميـ يشكمكف صدارة النخبة السياسية في المجتمعات المعاصرة.
-النخبة البيركقراطية :ككذلؾ تسمى بالنخبة التكنكق ارطية كىـ مجمكعة مف اإلدارييف الذيف تخرج
أغمبيـ مف الجامعات كمراكز التككيف كبعد شغميـ لكظائؼ إدارية بكاسطة الخبرة كالترقية يرتقكف
إلى مصاؼ النخبة اإلدارية التي تصبح مف صانعي القرار اإلدارم كالتسيير كادارة الشأف العاـ.
-نخبة رجاؿ األعماؿ :تتككف ىده الفئة مف أفراد تمكنكا عف طريؽ التجارة أك الصناعة أك
السياسة أك المضاربة مف تككيف ثركات بحيث أنيـ يشكمكف أرقاما ميمة في مجاؿ الماؿ كاألعماؿ
كىـ أصحاب ممتمكات كعقارات كشركات كأرصدة مالية ضخمة كىـ يتجمعكف في اتحادات خاصة
بيـ ،حيث ينظر الييـ بأنيـ مف أخطر النخب المؤثرة عمى صناعة القرار السياسي المحمي
كالدكلي.
-النخبة العسكرية :ينظر الى الضباط السامكف بأنيـ يشكمكف نخبة القكات العسكرية حيت
يتكزعكف عمى قيادة األركاف أك كعمداء لمنكاحي العسكرية كما أف ىناؾ مف يرل بأف نخبة جنكد
القكات المسمحة إنما تكمف في "قكات القناصة" باإلضافة إلى "القكات الخاصة".
Lorenz -كأكؿ مف حاكؿ إعطاء تعريؼ أكاديمي لمحركات االجتماعية ىك "لكرنز فكف شتايف
"Vonالذم اعتبرىا عبارة عف «أشكاؿ كصيغ االحتجاج اإلنساني الرامية إلى التغيير Stien
“History of the french Social Movements from 1789 to the كاعادة البناء» مف خالؿ كتابو
.Pesent 1850″
: 1ثركت محمد شمبي ،تنمية االجتماعية ،منشكرات جامعة بنيا مصر ،دكف ذكر تاريخ النشر ،ص .008-009
:2خميؿ أحمد ،المفاىيـ األساسية في عمـ االجتماع ،دار الحداثة بيركت ،0894ص.82
70
حيث عالج شتايف في ىذا الكتاب كيفية تطكر الحركة االجتماعية مف مجتمع إلى دكلة ،ككيؼ
كانت المصالح المادية لألفراد دكر في الصراع الطبقي كفي التغيير السياسي ،فالصراع الطبقي
الذم عرفتو فرنسا حسب شتايف كاف أساس الحركات االجتماعية كأحد أىـ المبادئ التي استند
إلييا المجتمع الفرنسي.1
يعتبر أحد السكسيكلكجييف المتأثريف بفكر شتايف كالمجدديف Werner Sombart "-كرنر سكمبارت"
لو ،كقد عرؼ الحركات االجتماعية عمى أنيا :كؿ الجيكد كالمحاكالت المبذكلة إلى تحرير
البركليتاريا كتحقيؽ األىداؼ االشتراكية.
" في دراستو لمسمكؾ الجمعي عف الحركات االجتماعية Herbert Blumer -كنجد "ىربت بمكمر
أنيا :عبارة عف مشركع أك خطة جماعية تيدؼ إلى تغيير العالقات االجتماعية السائدة في
المجتمع كتغييرىا عمى أسس جديدة.
الذم اىتـ أيضا بالسمكؾ الجمعي لمحركات االجتماعية ،فقد عرفيا Neil Smelser " -نيؿ سممسر
بأنيا :مجمكعة تتحرؾ لتعبر عف خمؿ كظيفي داخؿ النظاـ االجتماعي.
اعتبر الحركات االجتماعية بأنيا :تنظيـ مييكؿ كمحدد ،لو Guy Rocher " -أما غكم ركشي"
ىدؼ عمني يكمف في جمع بعض األفراد لمدفاع عف قضايا محددة.
يعرفيا بأنيا :فعؿ مكجو ثقافيا كتصارع اجتماعي Alain Touraine -السكسيكلكجي "آالف تكريف"
يقكـ بو فاعؿ معرؼ مف خالؿ كضعو المسيطر أك التابع داخؿ امتالؾ التاريخانية.
إنيا بذلؾ تعمؿ دائما عمى أف تمتمؾ التاريخ لنفسيا مف خالؿ الدفاع عف ىكيتيا كاستقالليا ضد
معارضييا كمما دعت الضركرة إلى ذلؾ« .فأىـ لحظة تمنحيا صفة الحركة االجتماعية ىي
المركر مف اليكية الدفاعية إلى اليكية اليجكمية» ،فعف طريقيا يستطيع المجتمع أف ينتصر
لكجكده عبر مجمكعة مف المبادئ التي كضع ليا آالف تكريف تسمى مبادئ الكجكد كىي (مبدأ
اليكية ،مبدأ التعارض ،مبدأ الكمية).
:1عبد اإللو فرح ،االنترنت السياسي :مقاربو سكسيكلكجيو ،مجمة السكسيكلكجيا العربية ،العدد األكؿ -أكتكبر ،8106
إلكتركنيا عف المنتدل العربي لمعمكـ االجتماعية كاإلنسانية ،ص.9
ن مجمة عممية ثقافية فكرية ،تصدر
http://socio.montadarabi.com/t3890-topic
71
الذم متأثر بأستاذه آالف تكريف فقد ركز في دراساتو عمى Manouel Castelles -مانكيؿ كاستمز
العالقة التي تجمع بيف الحركات االجتماعية كبالمجاؿ الحضرم باعتباره مجاؿ ينتج كيستيمؾ
كيتطكر بفعؿ العكامؿ السياسية كاالجتماعية كاالقتصادية كالثقافية التي تدفع الناس إلى امتالؾ
المجاؿ كفؽ التراتبات االجتماعية ،حيث يسمي ىذه العالقة ب”حركات المجاؿ الحضرم” أك
“الحركات االجتماعية الحضرية” .كفي كتابو الثالثي “عصر المعمكمات :االقتصاد كالمجتمع
كالثقافة” المجمد الثاني “سمطة اليكية ” The Power pf Identityيتحدث فيو كاستمز عف
الحركات االجتماعية ،كعف ظيكر بعض اليكيات التي تيدد الدكلة القكمية كحركة زاباتيستا
بالمكسيؾ ،كجماعات الشكاذ جنسيا ،كدكر التقنية في التعبئة السياسية ضد العكلمة كتأثيرىا عمى
الديمقراطية… إلخ.1
يرل شارلز تيمي أف كضع الحركات االجتماعية غير النظامي يجب أف يتكفر فييا عدد مف
الخصائص غير المعمنة ،لكي تنظـ إلى زمرة الفاعميف المنظميف:
-0أىمية القضية :بحيث تستحؽ االنخراط في مطالبيا كالتظاىر مف اجؿ تكسع دائرة التأييد.
استمررية التظاىر حيث ال يختفي االنحصار عبر الكقت كال
ا -8كحدة اليدؼ :التي تحافظ عمى
يحدث بينيـ انقساـ استراتيجي.
-2أعداد كبيرة مف المؤيديف لمتأثير عمى صناع القرار خاصة في النظـ الديمقراطية.
-4التزاـ قكمي مف جانب األعضاء يجعؿ الدكلة تستجيب لو.
كتشكؿ كؿ ىذه العناصر خصائص في مخزكف الحركات االجتماعية المعاصرة ،كىي خصائص
يتـ تحديدىا استراتيجيا كبشكؿ قصدم كما أنيا تستخدـ لتحقيؽ تأثير تنظيمي عبر كسائؿ غير
منظمة.2
فالحركة االجتماعية تعتبر ظاىرة تجمعية ألعضاء متعددم المشارب يرتبطكف بركابط
متداخمة تصبح أساسا لمتخطيط كالتدبير كالحمالت المنظمة ،كىنا فإف عمى الجماعات كالتنظيمات
أف تضع جانبا خالفاتيا بحيث تشكؿ جبية مكحدة تستطيع مكاجية السمطات أك الخصكـ.
كيعني التنظيـ المعقد لمحركة أف عمرىا يمتد إلى أبعد مف الفعؿ الفردم لجماعة بعينيا أك أبعد مف
عمر ىذه الجماعة.2
-إف الحركات االجتماعية تتحدل مصالح اآلخريف مف يضفي عمييا طابعا احتجاجيا جداليا
كسياسيا ،كتسعى الحركات االجتماعية إلى تحقيؽ أىداؼ التغير االجتماعي ،مثؿ التكجو نحك
المحافظة عمى البيئة ،أك مناىضة العكلمة... ،كميما يككف اليدؼ اك المصمحة التي تقكـ عمييا
الحركات االجتماعية ال يجب أف تختمط بالسياسة بالمعنى المعتاد ،فالحركات االجتماعية ىي
ممارسة سياسية بالمعنى المختمؼ ،فيذه الحركات االجتماعية يتـ تنظيميا تاريخيا لكي تككف خارج
القنكات السياسية النظامية ألف ىذه القنكات ىي قنكات مغمقة أك غير متفاعمة.
ككثي ار ما تنشأ الحركات االجتماعية بغرض تحقيؽ التغير حكؿ قضية عامة مثؿ التكسع في
الحقكؽ المدنية إلحدل شرائح السكاف ،كقد تبرز مقابؿ ىذه الحركات حركات أخرل مناكئة تسعى
لمحفاظ عمى الكضع الراىف ،كتشيد مثؿ ىذه الحركات كالحركات المضادة في عدة مجاالت مف
بينيا الحركات الدينية ،كاباحة اإلجياض ،كاعالف االضراب العاـ ،كغيرىا.
كتمثؿ الحركات االجتماعية في جميع الحاالت الشكؿ األكثر فعالية كقكة كتأثير في المجتمع،
فقد استطاعت حركة الحقكؽ المدنية في الكاليات المتحدة إجراء كثير مف التغييرات مف خالؿ
: 1ىانؾ جكنستكف ،الدكؿ كالحركات االجتماعية ،ترجمػة أحمػد ازيػد ،ط ،1المركػز القػكمي لمترجمػة ،القػاىرة ،سػنة ،2012
ص.22
73
إدخاؿ أك تعديؿ بنكد الدستكر في الكاليات المتحدة ،كمثؿ ذلؾ ما حققتو الحركات النسكية مف
انجازات في مياديف المشاركة السياسية كحقكؽ العمؿ.1
كتتعدد الحركات االجتماعية كأنكاعيا كحجكميا كمجاالت انتشارىا ،إف حجـ العضكية في
بعضيا قد ال يتجاكز العشرات ،بينما يتسع في حركات أخرل ليشمؿ اآلالؼ بؿ المالييف مف
الناس ،كفيما تستطيع بعض ىذه الحركات أف تزاكؿ أنشطتيا في ظؿ القكانيف السائدة في دكلة أك
أكثر ،فاف بعضيا اآلخر يضطر إلى العمؿ بصكرة سرية تحت األرض.
كمف خصائص التي تميز الحركات االحتجاجية عمى سبيؿ المثاؿ ،قدرتيا عمى النشاط في اليامش
الذم تسمح الحككمة مف كجية القانكنية بالنشاط فيو أماكف كاكقات معينة داخؿ البالد.
-مف الحركات االجتماعية تنبثؽ الجماعات الضاغطة les groupes de pression :السياسية
كاالقتصادية كالدينية ،كالكاقع أف ىناؾ عناصر مشتركة بيف ىذيف النمطيف مف الجماعات
كالحركات ،كمني ا ظيكرىما في فترات تأزـ المجتمع كاسياميما في تغييره ،كىناؾ مف يرل أنو يمكف
التمييز بيف نمطيف مف الحركات:
أ -الحركات الرامية إلى تغيير األحكاـ كىي حركات مطمبية اصالحية.
ب -حركات الرامية إلى تغير القيـ :كىي نبكئية رسالية تغييرية.2
-1-2نظرية السمكؾ الجماعي :كىي تعكد إلي سنكات البدء في دراسة كتحميؿ الحركات
االجتماعية ،أم إلي سنكات األربعينيات كالخمسينات مف القرف العشريف ،كتديف ىذه النظرية
بالكثير لمدرسة شيكاكك كأساسا لبارؾ كمف بعده بمكمر ،كما تديف لبعض الكظفييف مف أمثاؿ
سمسمر SMELSERكبعض الباحثيف القريبيف مف عمـ النفس اإلجتماعي ،كتستند في تفسيرىا
لمحركات االجتماعية إلي خالصات عمـ النفس االجتماعي كسيككلكجية الجماىير.
1
:أنطكني غدنر بمساعدة كاريف بيرديساؿ عمـ االجتماع ؛ ترجمة كتقديـ ،فايز الصياع ،ط ،0المنظمة العربية لمترجمة،
تكزيع ،مركز الدراسات الكحدة العربية ،بيركت أكتكبر ،8112ص .499
: 2خميؿ أحمد ،مرجع سبؽ ذكره ،ص.86-82
74
كتربط ىذه النظرية ميالد الحركات االجتماعية بحدكث مظاىرات كأشكاؿ مف اليستريا
الجماعية ،حيث تنتقؿ العدكم الجماعية التي تجعؿ الفرد منسابان مع السمكؾ االندفاعي ،بمعني أف
الحركات االجتماعية ،كفقان ليذا الفيـ ،تنطكم عمي ردكد أفعاؿ ليست بالضركرة منطقية تماما في
مكاجية ظركؼ غير طبيعة مف التكتر الييكمي بيف المؤسسات اإلجتماعية األساسية كيؤكد أنصار
ىذه النظرية المسار األنحرافي الذم قد يسير فيو الحركة اإلجتماعية ،أم مف الممكف أف تحتمؿ
في مستقبميا مالمح الخطكرة تماما كما ىك األمر بالنسبة إلي الحركات الفاشية في ألمانيا كايطاليا
.كما يصركف عمي اعتبارىا انعكسا لمجتمع مريض ،حيث ال تحتاج المجتمعات الصحية إلي
حركات اجتماعية بؿ تتضمف أشكاالن مف المشاركة السياسية كاالجتماعية.1
-2-2نظرية تعبئة المكارد :لقد تطكرت ىذه النظرية في الستينات مف القرف العشريف كىي
تبحث في نشكء الحركات االجتماعية كآليات تدبيرىا كتشكميا بكاسطة المكارد االقتصادية كالسياسية
التي تتكفر لألفراد كالجماعات المنخرطة في الفعؿ االحتجاجي ،ككانت البدايات األكلى ليذه
النظرية في الكاليات المتحدة األمريكية ،في سياؽ البحث عف إطار تحميمي لمحركات االجتماعية،
خصكصا مع تنامي الحركات النسائية كحركات السكد كالمدافعيف عف البيئة.
كيرل أصحاب ىذا االتجاه أف الحركات االجتماعية ىي استجابة منطقية في مكاجية مكاقؼ
جديدة طرأت عمى المجتمع حديثا ،كتعتبر فرصة النتقاؿ المجتمع مف الكضع الحالي كال ينظر
أصحاب ىذا االتجاه لمحركات االجتماعية عمى أنيا مصدر مف مصادر الخمؿ في المجتمع بؿ
كجزء مف العممية السياسية كالنظاـ السياسي نفسو كتسعى إلى الكصكؿ إلى الصكرة األفضؿ كيتـ
ذلؾ مف خالؿ قياـ تمؾ الحركات بتعبئة المكارد كتكظيفو ا لصالح المجتمع كتطكره.
كيأخذ عمى ىذه النظرية تركيزىا عمى ككف المكارد عامال أساسيا لتشكيؿ الحركات االجتماعية،
مع إغفالو أف ىناؾ حاالت قد تفتقر فييا بعض الحركات االجتماعية لممكارد.
-3-2نظرية الحركة االجتماعية الجديدة :تطكرت ىذه النظرية في أكركبا لتبرير مجمكعة مف
الحركات الجديدة التي عرفتيا الستينات كالسبعينات ،تنظر ىذه النظرية لمحركات االجتماعية كفعؿ
: 1محمىد صافى محمىد ،سوسيولوجيا الحركات االجتماعية للبروفٍسىر :فرانسىا دٌبى Francois Dubet
https://sites.google.com/site/comppoliticsegphd/home/mqrr-2012/syl/presentations/safisocialmovementsماي
.2104
75
اجتماعي عاكس لتناقضات المجتمع الحديث بسبب العكلمة كالبيركقراطية المفرطة ،كيعتبركف
أصحاب ىذه النظرية أف الحركات االجتماعية الجديدة ىي نتيجة ظيكر تناقضات اجتماعية جديدة
كالمتمثمة في التناقض بيف الفرد كالدكلة كىك الدافع مف كراء انتقاؿ ىذه المقاربة مف المصالح
الطبقية إلى المصالح الغير طبقية المتعمقة بالمصالح اإلنسانية العالمية ،كىي تيتـ في الغالب
بتطكير اليكية الجماعية كالمراىنة عمى الفئات الكسطى بدال مف الطبقة العاممة.
كما يميز ىذه النظرية ىك ابتعادىا عف إطار الطبقة ،كيشكؿ المككف الثقافي فييا جكىر
العمؿ كالنشاط ،حيث يركز عمى اليكيات كالقيـ التي تبتعد عف تمؾ األبعاد المادية كاالقتصادية
التي دعت إلييا الحركات االجتماعية التقميدية.
كيمكننا القكؿ أف تككيف الحركات االجتماعية الجديدة ال يتأسس بالضركرة عمى إطار إيديكلكجي
كاحد يجمع بيف أفراد تمؾ الحركة كانما األىـ ىك المزج بيف القضايا االجتماعية العامة كالخاصة
بالشكؿ الذم يمكنيا مف تحقيؽ اليدؼ العاـ كالمتمثمة في محاكلة تمخيص حالة االغتراب الذم
يعيشكنيا.
غير أف ىذه النظرية كاجيت العديد مف االنتقادات منيا أف:
مصطمح الجديدة لو دالالت مفاىيمية خصكصا كأنو يبالغ في تحديد االختالفات بيف الحركات
التقميدية كالجديدة.
-4-2نظرية أك نمكذج الفعؿ-اليكية :يرل أصحاب ىذه النظرية أف الحركات االجتماعية تحكؿ
دكف الرككد االجتماعي كىي تعمؿ ضد األشكاؿ المؤسسية القائمة ككذا المعايير المعرفية المرتبطة
بيا ،فيي تقكـ ضد المجمكعات المييمنة عمى عمميات إعادة االنتاج االجتماعي كاالقتصادم،
كتشكيؿ المعايير االجتماعية ،كما يركف أف ىناؾ إحالؿ تدريجيا يتـ في استبداؿ النمط القديـ
لمرأسمالية الصناعية بمجتمع آخر كىك مجتمع ما بعد التصنيع القائمة عمى البرمجة ،كيتميز ىذا
النكع مف المجتمع بأنكاع أخرل مف العالقات كالصراعات الطبقية ،كتييمف فيو الطبقة التكنكقراطية،
في حيف ينتيي دكر الطبقة العاممة كفاعؿ أساسي ضد األكضاع القائمة ،كيعتبركف أف الصراع
الطبقي ذك طبيعة اجتماعية ثقافية كليس ذك طبيعة اجتماعية اقتصادية.
76
-5-2مساىمة بيار بكرديك :يعتبر بيار بكرديك كاحدا مف أىـ المفكريف الذيف ساىمكا في تكسيع
دائرة النقاش كالتحميؿ حكؿ الحركات االجتماعية التي عرفتيا فرنسا كالعالـ مف انتفاضة الشباب في
أكركبا سنة ، 1968منذ ذلؾ التاريخ استمر بكرديك في االىتماـ بتفاصيؿ ىذه الحركات ،إلى
الدرجة التي صار فييا اسمو مرتبطا بحركات مناىضي العكلمة ،ليس كباحث فقط كانما كمنظر،
فيك يشكؿ مع" شكمسكي كأنطكنيك نيغرم كتيار " أبرز المنظريف لمحركات االحتجاجية المناىضة
لمعكلمة.
كقد اىتـ بيار بكرديك بتناكؿ أنماط السيطرة االجتماعية بكاسطة تحميؿ مادم لمنتاجات
الثقافية كذلؾ في إطار إبراز آليات إعادة االنتاج المتعمقة بالبنيات االجتماعية ،كىك يركز في
تحميمو لمحركات االجتماعية إلى ما بمكره مف مفاىيـ كأطركحات بخصكص الحقؿ ،كالرأسماؿ،
كالعنؼ كالمثقؼ الجمعي ،فأدكات التحميؿ التي اعتمدىا بيار بكرديك تفيد في فيـ ديناميات
الحركات االجتماعية ،خصكصا عندما يتـ تمثميا كحقكؿ صراعية في نزاع كتنافس .مستمر مع
مؤسسات الييمنة كاالحتكاء.
كلقد دعا بكرديك إلى" حركة احتجاجية أكركبية "تككف خطكة أكلى كىي حركة تفترض مزيدا
مف االلتزاـ كاالنخراط االيجابي لمنقابات كالحركات االجتماعية كالمثقفيف كالذيف ال بديؿ أماميـ
لمكاجية إكراىات العكلمة كاقتصاد السكؽ غير إبداء الرفض كاالحتجاج ماديا كرمزيا دفاعا عف
االجتماعي كذلؾ بإبداع قنكات جديدة لمكاجية الرأسمالية العالمية التي مزجت بيف التكنكلكجيات
الحديثة كسمطة رأس الماؿ كىك يمنحيا إمكانيات قصكل لمييمنة كالتأثير داعيا بقكة إلى تحصيف
العالقات كالممارسات االجتماعية.
فمنذ 1995بدأ" بيار بكرديك "ينظر لمحركات االجتماعية الجديدة كيناضؿ في إطاراتيا
المختمفة مقدما في ذلؾ نمكذج لممثقؼ العضكم ،كرافضا كميا النيك ليبيرالية كدليمو ما انتيى إليو
مف مقاربات سكسيكلكجية كما يؤمف بو مف التزاـ سياسي ،فما راكمو في كتبو المشيكرة:
-مينة عالـ االجتماع le métier de Sociologue
-الحس العممي le sens pratique
-بؤس العالـ la misère du monde
77
كما إلى ذلؾ مف كتب عميقة جعمو ينظر لمحركات االجتماعية محتجا عمى العكلمة كالرأسمالية
المتكحشة التي تتأسس عمى قكانيف اقتصادية مجحفة.
-6-2مساىمة أالف تكريف :تعتبر الحركات االجتماعية مف بيف اىـ المباحث األساسية التي
اشتغؿ عمييا أالف تكربف ،حيث تتميز الحركات االجتماعية الجديدة عند تكريف بقدر معيف مف
التنظيـ كاالستم اررية المذيف يؤدياف إلى الفعالية في إعادة إنتاج تاريخ األنساؽ االجتماعية كيؤسس
أالف تكريف الحركة االجتماعية عمى ثالثة مبادئ أساسية ىي:
مبدأ اليكية :كيقصد بو ضركرة تحديد اليكية الذاتية التي يمكف أف تككف متعددة كمركبة
(مجمكعة ،طبقة ،شريحة تماعية )...،كبمقابميا أيضا يجب تحديد ىكية الخصـ.
مبدأ التعارض :يفترض مبدأ التعارض في الحركة االجتماعية تحديد الخصـ ،أم يجب أف يككف
الخصـ الذم تقكـ عميو الحركة كاضحا كمكضكعيا ،مثاؿ :الحركة العمالية ضد تنظيـ العمؿ مف
أجؿ االستقالؿ العمالي.
مبدأ الكمية :كيقصد أالف تكريف ىنا بأف الحركة االجتماعية مككنة مف كعي جمعي كبصيغة
جمعية كشمكلية ال أقمية كفردية مف اجؿ النجاح في التأثير عمى الرأم العاـ مف أجؿ الحصكؿ
عمى الحقكؽ كالمطالب.
كمنو فالحركات االجتماعية التقميدية تتككف مف ثالث عناصر حسب" أالف تكريف":
-الدفاع عف اليكية كالمصالح الخاصة.
-المنافسة كالصراع.
-الرؤية المشتركة في تقاسميا الحركة مع منافسييا.
كالكاقع أف" آالف تكريف" يستند بالحركات االجتماعية إلى مكقفو النقدم مف فكر ما بعد الحداثة
باعتباره فك ار ىداما لمنمكذج العقالني ،مؤكدا أف ىذه الحركات ىي فعؿ خاص يؤثر عمى سمكؾ
جمعي لمفاعميف مف جماعة معينة تناضؿ ضد جماعة أخرل مف أجؿ القيادة االجتماعية فالصراع
حاضر بقكة في مستكل ىذه الحركات ،كيميز تكريف في تصنيفو ليذه الحركات بيف الجانب النكعي
المتصؿ باألشكاؿ كالصيغ ،كالجانب التنظيمي المفتكح عمى شركط االنتاج كالتككيف.
كأف العمؿ السكسيكلكجي حسب رأم" آالف تكريف" ال يفترض ممارسة ذات بعد كاحد ،فثمة عكامؿ
أخرل أكثر أىمية يتكجب االنتباه إلييا في تفسير الفعؿ االجتماعي.
78
لقد عمؿ آالف تكريف عمى تأسيس نظريتو حكؿ الحركات االجتماعية كتحديدا حكؿ الجديد
منيا في منجزه "الكعي العمالي "la conscience ouvrièreكالذم يعتبر فيو العماؿ فاعميف
نازحيف بامتياز.1
فتيديد المركز االجتماعي أك الحرماف منو يؤدم إلى ميؿ أعمى إلى االنخراط الجسدم في
الفعؿ ،كيكمؿ بعد آخر ،أكثر بنيكية ،ىذه المقاربة كيتيح تفسير محركات المجكء إلى االحتالؿ مف
ًقىبؿ مجمكعات أغنى بالمكارد مثؿ العماؿ كالطالب كالمكظفيف كالنشطاء المحبيف لمسالـ أك
المدافعيف عف البيئة أك المستقميف.
فالتحكالت االقتصادية) بدء األزمة االقتصادية كعمميات الفصؿ الجماعي ،كظيكر الحاالت المبكرة
لمقيكد عمى عمؿ المياجريف( ،كعمميات إعادة تشكيؿ الفضاء اإلعالمي )احترافية الصحفييف
: 1رمضاني صكراية ،الحركات االجتماعية مقاربة سكسيكلكجية ،مجمة العمكـ االنسانية كاالجتماعية ،جامعة كرقمة ،العدد
،84جكاف ،8106ص 221-249
79
االجتماعييف ،كتعبئة الرأم العاـ) أسيمت في تشجيع استدعاء الدكلة ككسيط/فاعؿ في الصراع .
كتبيف احتالالت المكاقع العديدة في حكض صناعة الحديد كالصمب في لكنجكم سنة 1979اآلثار
المترتبة عمى ىذه التطكرات :اإلخالؿ بالنظاـ العاـ ،كاالستدعاء الدائـ لممثمي الدكلة ،كاتٌباع
استراتيجية إعالمية )االحتكاؾ بكسائؿ اإلعالـ ،إنشاء إذاعات محمية( مف أجؿ كفالة" كجكد "
المعركة.1
-2-3اإلضراب :Grève
فرض اإلضراب نفسو تاريخيا كقطعة أساسية في الريبرتكار المعاصر لمفعؿ الجماعي كالنقابي.
المحددات االقتصادية لمممارسة اإلضرابية :يستند أكؿ ىذه النماذج الفكرية إلى نمكذج لمتحميؿ
االقتصادم الرياضي لتذبذبات األنشطة اإلضرابية .كتتمثؿ ىذه المقاربة في بياف أف اإلضرابات ال
تحدث منعزلة كانما عمى ىيئة مكجات مف اإلضراباتّْ ،
يحددىا تطكر الدكرات االقتصادية.
فمنحنيات اإلضرابات معاكسة لمنحنيات البطالة؛ كىكذا تشير ىذه العالقة المتبادلة إلى أف كجكد
األجراء إلى اإلضراب ،مف خالؿ زيادة خشيتيـ مف
بطالة كاسعة النطاؽ يسيـ في تثبيط لجكء ي
فقداف كظائفيـ كتخفيض فرص نجاحيـ في تحقيؽ مطالبيـ عبر اإلضراب .كفي المقابؿ ،يميؿ
مستكل التشغيؿ المرتفع ،الذم تتسـ بو فترات النمك االقتصادم ،إلى تيسير بمكرة تطمعات كمظالـ
األجراء في نشاط إضرابي .فيذه الظركؼ تيحفّْز لدييـ إرادة االستفادة مف الرخاء االقتصادم في
تحسيف شركط كجكدىـ ،كتيقمّْؿ مف ثقؿ مخاطر الفصؿ مف العمؿ التي قد تقترف باالنخراط في
إضراب.
غير أف آثار الظرؼ االقتصادم عمى عمميات التعبئة اإلضرابية تظؿ متكقفة عمى كساطة
كىوـ قائؿ بالعفكية،
تحديدا .كلذا ،كعمى النقيض مف كؿ ٍ
ن مجمكعة مف العكامؿ التنظيمية كالسياسية
تنظيما مف الناحية النقابية ،قبؿ أف تسيـ
ن تنطمؽ مكجات اإلضراب أك نؿ مف العكالـ المينية األكثر
تمتعا بتراث نقابي قائـ ،كمف ثـ فإف المكارد المادية ،كالدراية
ىذه التعبئة في تحريؾ أقؿ القطاعات ن
النضالية ،كذاكرة المعارؾ السابقة المنقكلة عبر المنظمات النقابية تفرض نفسيا كشركط ضركرية
:سيسيؿ بيشك ،أكليفيو فيميكؿ ،ليمياف ماتيك ،قامكس الحركات االجتماعية ،ترجمة عمر الشافعي ،مرتجعة كتحرير دينا 1
الخكاجة ،الطبعة األكلى ،دار صفصافة لمنشر كالتكزيع كالدراسات ، ،الجيزة ،مصر ،8109 ،ص.26-22
80
لترجمة مظالـ العماؿ في إطار لمفعؿ الجماعي ،كلتنسيؽ تعبئتيـ عمى نطاؽ يتجاكز أفؽ شركتيـ
كحدىا.1
-4-3اإلعتصاـ :Sit-in
قكدا
جمكسا أك ر ن
ن االعتصاـ ىك نمط لمفعؿ يشارؾ فيو شخص أك أكثر في االحتالؿ غير العنيؼ–
أيضا
أك كقكفنا –لحيز مكاني في احتجاج يرمي إلى تحقيؽ تغيير ،سياسي غالبا ،كلكف ربما ن
عمكما ،أك تحقيؽ مطالبو .كيندرج
ن اقتصادم كاجتماعي ،إلى حيف فض االعتصاـ ،بالقكة
االعتصاـ ضمف أشكاؿ التدخؿ المباشر ،بغرض تعطيؿ نشاط الجية المستيدفة – إدارة عامة أك
شركة اقتصادية –عبر منعيا مف العمؿ.
كيمثؿ قطع الطريؽ أك السكؾ الحديدية اثنيف مف تنكيعات االعتصاـ؛ كتتأتى فعالية الفعؿ مف ذلؾ
المزيج مف اإلزعاج ككسب تعاطؼ الجميكر عبر الرد السممي عمى عنؼ السمطات.
كبينما كاف االعتصاـ ،مثمو مثؿ احتالؿ المكاقع ،يعاقب عميو ألمد طكيؿ بالسجف ،فإنو قد
اندرج بالتدريج ضمف المككنات الشائعة لمسياسة غير التقميدية .كمثمو مثؿ عناصر أخرل مف
أشكاؿ الفعؿ المباشر غير العنيؼ) الشكاكل ،المسيرات ،المقاطعة ،تكزيع المنشكرات( ،يمكف
معكلما.2
ن كبير لمقرف الماضي في ريبرتكار المشاركة السياسية الذم بات
إسياما نا
ن اعتبار االعتصاـ
1
:سيسيؿ بيشك ،أكليفيو فيميكؿ ،ليمياف ماتيك،مرجع سبؽ ذكره ،ص.41-28
: 2المرجع نفسو ،ص.42
81
ًس ًجؿ" األحداث االستثنائية" ،التي تعني عند تصاعدىا إخفاؽ أنماط الضبط التي تتسـ بيا
مجتمعاتنا.1
كتسعى عمميات التعبئة ىذه بكجو عاـ إلى الحفاظ عمى استقاللية الفاعميف المعنييف كتثميف
طابع التفرد المميز لمسمككيات االحتجاجية المعبرة عف الحركات االجتماعية الجديدة ،إذ يميؿ
ىؤالء الفاعمكف ،الطامحكف إلى انخراط شامؿ كفعَّاؿ ،إلى القياـ بممارسات ناشطية ترمي ،بالرغـ
مف كثافتيا ،إلى الحد مف القيكد التنظيمية التي تنطكم عمييا الحركات ذات التراتبية الشديدة
الخاضعة لقكاعد صارمة أك جامدة.
82
كيفضمكف أشكاؿ المشاركة المباشرة أك الالمركزية ،التي تستكحي الكثير مف نماذج الشبكات
الفضفاضو كالمرنة ،ككسيمة لتحقيؽ ىذا التكازف بيف االزدىار الشخصي كالعقالنية الكظيفية؛ كفي
الكقت ذاتو ،تيتيح ىذه األشكاؿ االحتجاجية لكؿ شخص تحديد مدل انخراطو ،كتسمح عبر ذلؾ
بشرح ما تتسـ بو" ريبرتكارات الفعؿ "الخاصة بالحركات االجتماعية الجديدة مف تعبيرات حرة كركح
عرض ىذه الحركات ،في المقابؿ ،لمخاطر االنقطاع -بمعنى األفكؿ -التي
ابتكار ،األمر الذم يي ّْ
ّْ
تيدد كجكدىا باستمرار.
كمف خالؿ إعالف الحركات االجتماعية الجديدة عف استقالليا عف سمطة الدكلة ك /أك ريبتيا منيا،
كبذلؾ تعبر الحركات االجتماعية الجديدة عف حيكية ما يصطمح عمى تسميتو" المجتمع
المدني" ،فتيسيـ في تسييس الرىانات المحصكرة سمفنا في الدائرة الخاصة كالمحظكر تناكليا،
بالتالي ،في المجاؿ العاـ) العالقة بالجسد ،الحياة الجنسية ،الحؽ في اإلجياض ،كىمـ ج ار( ،األمر
عدا تجاكزِّيا .كبيذا المعنى ،تعبر
الذم يفتح الطريؽ أماـ تطكرات ثقافية كبرل كثي ار ما تتضمف يب ن
الحركات االجتماعية الجديدة قبؿ كؿ شيء عف تطمعات الفئات الشابة كالمتعممة ،الميالة نحك قيـ
تكصؼ بأنيا" ما بعد مادية" كنحك إشباع احتياجات اإلنساف الفرد ،كقد خضعت ىذه الظكاىر
لتفسيرات بالغة التبايف ،حيث رأل فييا أغمب المراقبيف تعبيرات إيجابية عف الرغبة في المشاركة،
بؿ ك أركا فييا بالذات تعبي ار عف مفيكـ طمكح لمديمقراطية تككف األخيرة بمكجبو قريبة مف األفراد
المممكسيف ،حريصة عمى االستجابة لتحديات المجتمع المفتكح كالتعددم؛ كطرح آخركف رؤل أقؿ
حماسة لممفيكـ ،حيث ركزكا باألحرل عمى ما ً
تجسده ىذه الحركات كتنميو مف فراغ اجتماعي
كطائفية ،بؿ كقىبمية .كبالرغـ مف التفاكتات الكبيرة في تقدير أثر الحركات االجتماعية سمبا كايجابا،
قاسما مشتركا بيف ىذه التحميالت يتمثؿ في إشارتيا إلى ميؿ نحك تفتيت ،بؿ تذرير،
ن فإف ثمة
أشكاؿ الفعؿ الجماعي كمف ثـ الييئة االجتماعية عبر عدد النيائي مف المجمكعات المطمبية
الغيكرة عمي تميزىا.1
1
:سيسيؿ بيشك ،أكليفيو فيميكؿ ،ليمياف ماتيك،مرجع سبؽ ذكره،ص.84-82
83
-5الحركات االجتماعية كالجمعات الضاغطة:
يرافؽ ظيكر الحركات االجتماعية الجديدة جماعات جديدة لمضغط مف أجؿ االندماج ،سكاء
كاف ذلؾ متعمقا بحقكؽ المرأة ،أك بحقكؽ الشكاذ ،أك بحقكؽ المياجريف أك بحقكؽ المسمميف ،أك
كاف ىذا الضغط متعمقا باألبعاد السياسية المختمفة ،البيئة كالسالـ ،كالحمالت المضادة لمشركات
الكبيرة ،أك مناىضا لألنظمة التسمطية ،كذلؾ مف أجؿ الحقكؽ األساسية كالتمثيؿ ،ككما تسعى أبنية
الدكؿ المستقرة لحماية تحيزات القكة القائمة فقد كاف الضغط الشعبي عبر التاريخ يتحدل بشكؿ
متزايد كيدفع ىذه الدكؿ خطكة بخطكة ألف تتيح ىذه الفرص ،كفؽ نمكذج ديناميات الحركات
االجتماعية كاالنفتاح البطيء لمدكلة بالنسبة لألبعاد األربعة (المكاطنة ،العدالة ،االستجابية،
كالحماية).1
نمكذج عاـ لديناميات العالقة بيف الحركة كالدكلة كالمجتمع لػ :ىانؾ جكنستكف
1
:ىانؾ جكنستكف ،مرجع سبؽ ذكره ،ص.44-48
84
التعميؽ عمى الشكؿ:
في قمب الشكؿ نجد الحركات التي تتبمكر حكؿ قضايا معينة كتمارس ىذه الحركات ضغطا
عمى النظـ القائمة في مؤسسات الدكلة ،اف النخب المستقرة الممثمة في أسقؿ الشكؿ تحسب
الفرص كالتيديدات المرتبطة بمصالحيا في مقابؿ مطالب الحركات التي تحكـ فيما اذ كاف
باإلمكاف تمبيتيا مف عدمو ،كغالبا ما تككف االستجابة بالنفي ،كيرجع السبب في ذلؾ إلى أف
المكاطنيف يمجؤكف عادة إلى الحركات االجتماعية عندما ال تككف النخب السياسية قادرة عمى تمبية
مطالبيـ عبر القنكات المؤسسية ،كمع ذلؾ فإف نخبة الدكلة ليست جماعة مترابطة ،كما ىك مكضح
في الشكؿ جماعتيف مف النخب :النخبة المستقرة سكؼ تميؿ إلى استخدـ القانكف الحديدم ،كذلؾ
بمقاكمة التحديات التي تكاجو قكتيا ،كفي مقابؿ ىذه المقاكمة تتشكؿ النخب المتحدية كتتضمف
أكلئؾ الذيف يكجدكف عمى ىامش القكة محاكليف أف يزيدكا مف ضغكطيـ عمى الدكلة ،كىـ يقكـ
بذلؾ بالمجكء إلى الحركات االجتماعية معتمديف عمى دعنيا كقاعدة لمكصكؿ القكة أك زيادة تأثيرىا.
كتككف النتيجة أف تتحقؽ عبر ضغط الحركة عمى كؿ مف النخب المستقرة كالنخب المتحدية
لبعض الخطكات في االستجابة لمطالب الحركة كذؾ عبر صكر الصراع كالتكيؼ مع النخب كالذم
تتمثؿ في امتداد انفتاح الدكلة كفؽ األبعاد األربعة المكاطنة كالمساكاة كاالستجابة كالحماية.
كبيذه الكيفية كالطريقة يحدث التغير السياسي كؿ قضايا معينة ،أما الثكرات كالفترات الطكيمة مف
الحراؾ االجتماعي فإنيا نادرة الحدكث.1
كفي المغرب عمى يد خير الديف التكنسي فالمدرسة التكنسية جعمت حركة اإلصالح في
القرف 08ـ انبعثت مف ضمائر متشعبة بقيـ تراثية أصيمة كفي حرية عادلة كمف عقكؿ كاعية
باطالعيا عمى غرب متطكر بنظمو كعممو منذ عصر النيضة كنفكس متألمة مف كضع مترد في
تكنس سياسيا كاجتماعيا كحضاريا.1
أما الفكر اإلصالحي في الجزائر فكاف عمى يد جمعية عمماء المسمميف مف أبرزىـ عبد
الحميد بف باديس ،الشيخ البشير اإلبراىيمي ،الشيخ العربي التبسي ،الشيخ الطيب العقبي ...كما
كانت عمى يد مفكر كمصمح إسالمي جزائرم "مالؾ بف نبي".
لكف أغمب ىذه الحركات اإلصالحية كاجيت غزكا استعماريا قكيا لـ يترؾ ليا قسمة مف
الكقت لتحقيؽ أىدافيا التي قامت مف أجميا ،ليذا ركزت الحركات اإلصالحية جيكدىا عمى
الجبية الثقافية كتبنت منيج التغيير الثقافي كىك منيج طكيؿ المدل يقكـ أساسا عمى التربية
: 1عبد العزيز بف عثماف التكيجرم ،نظرة االيسيسكك لإلصالح كاألمة في العصر الحديث ،حركة اإلصالح في العصر
الحديث عبد الرحماف الككاكبي نمكذجا ،تحرير زكي عكضي ،دار الرازم لمباعة ك النشر ،عماف ،األردف ،سنة 1222ق
2002-ـ ،ص.881
86
كالتعميـ كالدعكة بالحكمة كالمكعظة الحسنة ،مع االىتماـ بضركرات النيضة العممية لتحقيؽ الكثبة
الحضارية المرتقية.1
فمالؾ بف نبي حيف اىتـ باإلصالح فإف ذلؾ يعني اىتمامو بالمشكالت المتعمقة بالحضارة
كتغييرىا كتبييف أسس نيضتيا .فالحديث عف أسس المشركع اإلصالحي في فكر مالؾ بف نبي
بشكؿ عاـ يعني أف نيضة البمداف اإلسالمية يجب أف تنبثؽ مف شعكبيا كتاريخيا ،حيث يعتبر
: 1الفكر اإلسالمي ،جريدة المثقؼ ،مف 08-14جكيمة،8119 ،المكافؽ 08إلى 89جمادل الثاني 0489،ق ،العدد،6
الجزائر.
: 2الداكدم قركاز ،فمسفة التغيير االجتماعي عند مالؾ ابف نبي ،مجمة اآلداب كالعمكـ االجتماعية ،جامعة فرحات عباس
سطيؼ ،العدد 08ديسمبر .8104
87
فيـ النيضة بأنيا نقؿ بعض أساليب العمؿ السياسي كمحاكلة تطبيقيا كالسير عمى نيجيا في
البمداف األجنبية كنجاحيا في بمداف المنشأ كمحاكلة تطبيقيا في البمداف اإلسالمية يعتبر خطأ ،ألف
لكؿ مجتمع آلياتو المحركة النابعة مما يسكده مف أفكار كثقافة كقيـ ...إلخ.1
كيرل مالؾ بف نبي في ىذا الصدد أف حؿ مشكمة اإلنساف يتكامؿ في ثالث عناصر ىي:
"تكجيو الثقافة كتكجيو العمؿ كتكجيو رأس الماؿ" ،كيعتبر اإلسالـ ىك اليكية الكحيدة القادرة عمى
فتح مجاؿ اإلبداع كالحكمة في مجاؿ الفكر كالعمؿ ،كفي ممارسة الجياد بشتى أنكاعو :ضد
النفس أكال كضد المنكر في المجتمع في المجتمع إلعطاء الحؽ ألصحابو ،كضد الطبيعة لتطكع
مكاردىا لما فيو خير لمجماعة ،كأىـ مف ذلؾ عميو إشباع الجانب المعنكم كالركحي في شخصية
اإلنساف لتأميف التكازف الركحي كالمادم لو.
كما يرل مالؾ بف نبي أف اإلنساف الذم يعيش حالة استالب فكرم ثقافي أك حالة تسمط عمى
عممو كسمككو أك حالة نيب كىدر لثركاتو دكف أف يككف بمقدكره التدخؿ أك االعتراض ،سيتحكؿ
إلى طاقة مشمكلة ألف الفكر النابع مف كاقعو الحضارم عطمت أثاره في تكجيو كؿ ما في
مجتمعو.2
كعميو فإننا حيف نتمعف في األفكار اإلصالحية عند مالؾ بف نبي ،نالحظ أف ىناؾ ترابط فكرم
بيف الفكر الثقافي ،كالديني ،كالتربكم ،كالسياسي ،كاالقتصادم إلى درجة أنو يصعب الفؾ بينيما
أم فيـ عنصر بعيدا عف اآلخر يككف أم ار شبو مستحيؿ ،نظ ار لمتالحـ المعنكم .كتتمخص أىـ
أفكاره اإلصالحية كالتالي:
يصعب إلى حد كبير الفصؿ بيف الثقافة كالتربية عند مالؾ بف نبي ،كأف نجاح العممية
التربكية ال بد أف يستمد مف الكاقع الثقافي لممجتمع الذم تستيدؼ العمؿ فيو؛ فالثقافة مسؤكلة عف
التربية بكؿ كجكدىا كبالنسبة لكؿ إنساف ،كبذلؾ يككف االلتزاـ مف التربية بقكاعد الثقافة النابعة مف
األرضية الفكرية لممجتمع ىك الطريؽ الناجح لبناء اإلنساف كتغيير ذاتو.
: 1أسعد السحمراني ،مالؾ بف نبي مفك ار إصالحيا ،دار النفائس ،بيركت 0894 ،ـ،ص.090
: 2المرجع نفسو ،ص.099
88
فكما يحدث لطالب مف أصكؿ إسالمية كيذىبكف لمدراسة ليصطدمكف بقيـ كمية مستكردة ال
تتناسب مع محيطو ككاقعو الفكرم ال مف بعيد كال مف قريب؛ كىنا سيصاب الطالب بازدكاجية
الشخصية كسيتعمـ دكف شيية ألف ما يدرسو ال يعبر عف كاقعو كعندىا سيككف مصيره االغتراب
كربما سييجر المدرسة لعدـ جدكاىا في التعبير عف مشكالت الكاقع الذم يعيشو1؛ كالحؿ في أف
"الثقافة المكجية لمتربية" ىي ثقافة أصيمة نابعة مف الكاقع العقدم كالفكرم كاالقتصادم كاألخالقي
لممجتمع ألف البيئة ىي رحـ القيـ الثقافية" ،ىذه الحقيقة الذم أدركيا االستعمار المتمثمة في أىمية
األثر الثقافي كالتربكم في إعداد األجياؿ كاتخاذىا مدخال لتحقيؽ أىدافو بناءا عمى ىذه المعطيات،
ندرؾ خطكرة ما يجرم في بالدنا ،حيث الجك الثقافي الميمؿ متركؾ لمفرد كما يمارس فيو مف
استالب أصالة الشخصية.
كيحدد مالؾ بف نبي مالمح الحؿ لممشكمة التربية بحؿ المشكمة الثقافية عمى أسس إسالمية
ألف ذلؾ حقؽ الجك كالمحيط الذم يناسب العقيدة عند المسمـ الذم يعيش في ىذه األياـ ازدكاجية
في الشخصية.2
مالؾ بف نبي يؤمف أف لكاقعنا أساسا ثقافيا عربيا إسالميا ال يمكف إعادة بناء حضارتنا عمى سكاه،
كأف الثقافة العربية اإلسالمية يمكنيا أف تقكـ بو ألنيا قد قامت بو في الماضي فعال عندما كانت
تيدم بإشعاعيا مف مراكزىا في القاىرة كبغداد كقرطبة ،...كبيذا فيي قادرة كجديرة بأف تنيض
اليكـ بدكرىا كثقافة كبرل في العالـ ،فإذا ما أدرؾ المثقؼ العربي المسمـ مشكمة الثقافة مف ىذه
الزاكية فسكؼ يمكنو أف يدرؾ حقيقة الدكر الذم يناط بو في الحضارة القرف العشريف.3
كنظ ار لتزايد الحاجة لمكاجية المشكمة الثقافية يكـ بعد يكـ ألف الثقافة ىي التي تييئ المناخ
الصحي اجتماعيا كتربكيا لكي تقكـ فييا ذات اإلنساف ،كعندىا سيككف ىذا اإلنساف الجديد صانع
ا لحضارة في المستقبؿ ،فالركح التي تقبؿ اليكاف كتتربى في محيط ثقافي اغترابي فيأتي عمميا
لصالح النفكذ األجنبي ،كاذا كانت األعماؿ ىي الكجو التطبيقي لألفكار فإف التحرر الفكرم كاعداد
: 1لحرش ،مكسػى ،استراتيجية استئناؼ البناء الحضارم لمعالـ اإلسالمي في فكر مالؾ بػف نبػي ،جامعػة بػاجي مختػار،
عنابة ،الجزائر ،8116 ،ص -ص.881-808:
: 2المرجع نفسو ،ص.882-888
: 3مالؾ بف نبي ،شركط النيضة ،ترجمة :عبد الصبكر شاىيف .دار الفكر ،دمشؽ ،0896 ،ص-ص.99-96 :
89
لمجك الثقافي المستقؿ ىك الطريؽ إلى التقكيـ األعماؿ ،.حيث أف أصالة الفكر كالثقافة عنصر
أساسي ألنيما يعداف اإلنساف إعدادا جديدا متطمعا إلى التحرر في مجاؿ السياسة كاالقتصاد
كالعسكرية كالتربية ككافة المجاالت.1
كقد أشار مالؾ بف نبي في أحد المحاضرات التي ألقاىا في الجزائر أف مشكمة السمكؾ
ترجع إلى الثقافة ،كلكف ىذه الثقافة يجب أف يتـ تطكيرىا كاعدادىا ضمف اإلطار اجتماعي يشمؿ
سائر المجتمع ،كال يقصر عمى صنؼ اجتماعي معيف ،ىذا ما الحظو مالؾ بف نبي "بإحداث
تجربة تمت عمى ألمانيا كتجربتنا الخاصة بالجزائر منذ خمسيف عاما التي احتؾ بيا جيمنا خالؿ
السنكات الكاقعة بيف عاـ 0844-0841ـ تثير أمامنا مشكمة الثقافة ضمف حدكدىا الصحيحة كفي
2
صكرتيا التالية :كيؼ يتـ إعداد ثقافة معينة؟
فمف أجؿ إعداد ثقافة معينة يتـ مف خالؿ "تكجيو الثقافة" حيث يفسر مالؾ بف نبي "التكجيو":
أنو يمثؿ قكة في األساس كتكافؽ في السير ككحدة في اليدؼ ،كبمعنى آخر يعني التكجيو ،عممية
منيجية ضركرية تتجنب اإلسراؼ في الجيكد كالكقت ،كيرل مالؾ بف نبي أف يأخذ التكجيو الثقافي
في بعض االعتبار المحظة الفارقة بيف عيد الفكضى جمكد كعيد التنظيـ كالتركيب كالتكجيو.
فالثقافة بيذا الصدد ىي الكسط الذم تتككف فيو خصائص المجتمع المتحضر "المجتمع
التاريخي" كتتشكؿ فيو كؿ جزئية مف جزئياتو تبعا لمغاية العميا التي رسميا المجتمع منذ البداية
لنفسو ،كتعد الثقافة مف ىذه الزاكية عامال حضاريا تاريخيا بؿ كأيضا نظاما تربكيا تطبيقيا ،كيتألؼ
ىذا النظاـ أك البرنامج التربكم الذم يتخذه المجتمع دستك ار لحياتو الثقافية مف عناصر أربعة ي ارىا
مالؾ بف نبي "المقكمات األساسية لنجاح المجتمع" كىي :
التكجيو األخالقي لتككيف الصالت االجتماعية كتحديد السمكؾ الجماعي داخؿ المجتمع. •
التكجيو الجمالي لتككيف الذكؽ العاـ. •
المنطؽ العممي. •
التكجيو الفني المتالئـ مع حاجات كمتطمبات كؿ مجتمع. •
كىك يقكؿ في ىذا الصدد" :لكف الحرب ال ينتصر فييا باألسمحة المادية فقط ،كالبندقية كالمدفع
أك حتى الطائرة .كأحيانا حتى يسئ لالنتصار العسكرم الكبير تقصير (نقص) عمى الصعيديف
األخالقي كالسياسي .ىذا أمر يشيد عميو التاريخ منذ القدـ.
بعد أف انتصر ىنيبعؿ في (كاف) ،كصؿ إلى أبكاب ركما ،فصاح مجمس الشيكخ كقد اعتراه
اليمع ،صيحة الخكؼ التي ال تزاؿ مدكنة في كتب التاريخ :ىنيبعؿ عمى أبكاب ركما ! .كلكف
ممذات (كابكا) (كامبانيا) التي تراخى فييا ضباط ىذا االستراتيجي العظيـ ،كتقصيرات مجمس
الشيكخ القرطاجي ،أنقذت ركما التي انتيت ،بأف محت قرطاجة مف خريطة الكجكد كما ىك
معركؼ .كلكف ىذه العكامؿ النفسية كاالجتماعية كالسياسية ،تقكـ بدكر أكبر بكثير ،في عصرنا
3
الذم ال يتعمؽ فيو مصير الحرب بالجبية فحسب ،بؿ بالخطكط الكرائية أيضا.
كيعطي مالؾ بف نبي مثاؿ عمى ذلؾ "النظاـ الديمقراطي" حيث يرل أف الديمقراطية المطبقة
في المجتمعات الغربية ،عمى سبيؿ المثاؿ "إنجمترا" ال يحمييا دستكر خاص إنما تحمييا تقاليد
الشعب ذاتو كعاداتو كأكضاعو النفسية كعرفو االجتماعي...إلخ ،فالديمقراطية إذف في أساسيا
ليست عممية تسميـ السمطات تقع بيف طرفيف معينيف -بيف الممؾ كالشعب مثال -بؿ ىي تككيف
شعكر كانفعاالت كمقاييس ذاتية كاجتماعية يشكؿ مجمكعيا األسس التي تقكـ عمييا الديمقراطية في
ضمير الشعب ،قبؿ أف ينص عمييا الدستكر ،كالدستكر ما ىك غالبا إال النتيجة الشكمية لممشركع
الديمقراطي عندما يصبح كاقعا سياسيا يدؿ عميو نص تكحي بو عادات كتقاليد ،كيمميو شعكره في
ظركؼ معينة كال يككف أم معنى ليذا النص إف لـ تسبقو التقاليد كالعادات التي أكحت بو ،أك
بعبارة أخرل لمبرراتو التاريخية التي دلت عمى ضركرتو .فمثال ال يسكغ لنا أف نعتبر اإلسالـ
كدستكر ي عمف سيادة شعب معيف كيصرح بحقكؽ كحريات ىذا الشعب ،بؿ ينبغي أف نعتبره في
سياؽ حديثنا كمشركع ديمقراطي تفرزه الممارسة كترل مف خاللو مكقع اإلنساف المسمـ مف المجتمع
الذم يككف محيطو ،كىك في الطريؽ نحك تحقيؽ القيـ كالمثؿ الديمقراطية بحيث ترتبط حركتو
التاريخية كفي صكرة شعكر عاـ كدكافع تككف المعادلة اإلسالمية في كؿ فرد مف المجتمع.2
فمثال نظرة النمكذج اإلسالمي إلى اإلنساف ىي نظرة إلى الجانب الالىكتي فيو ،بينما
النماذج غير اإلسالمية تمنحو النظرة إلى الجانب االجتماعي ،فالتقكيـ اإلسالمي يضفي عمى
اإلنساف شيئا مف القداسة ،قيمتو فكؽ كؿ قيمة تعطييا لو النماذج المدنية الغربية ،فيك في النص
كيعطي مالؾ بف نبي أمثمة عدة عف المبادئ الديمقراطية في اإلسالـ ،فمثال عف قضية
التكريـ كالتقكيـ األساسي لإلنساف يضـ في خطكطو العامة مصير الرقيؽ إلى مصير اإلنساف
الحر ،أم يضيؼ الرقيؽ إلى عالـ األشخاص بعد أف كاف مف عالـ األشياء ،كذلؾ ألكؿ مرة في
التاريخ.
أما حرية التعبير فإنيا دخمت في العرؼ منذ األياـ األكلى مف العيد اإلسالمي ،فالنبي
صؿ اهلل عميو كسمـ كاف يعكد أصحابو عمى مناقشة آرائو كتقاريره كما ىك الحاؿ في استشارتو
لمصحابة في الحركب كغيرىا .فالمشركع الديمقراطي في المجاؿ االقتصادم يقكـ عمى مبادئ عامة
تيدؼ إلى تكزيع الثركة حتى ال تصبح دكلة في أيدم بعض المترفيف ،فعندما يقرر القرآف الزكاة
فإنو يضع أساس تشريع اجتماعي عاـ قبؿ أف تدرج في العالـ األفكار االجتماعية؛ فعمى ىذه
االعتبارات كغيرىا يصح القكؿ بأف الحكـ اإلسالمي ديمقراطي في مصدره كفي عممو ،كاإلسالـ
1
يتضمف كؿ السمات التي تطبع الديمقراطية التي تحميو مف جذكر ىذا الحكـ.
كعميو فإف مالؾ بف نبي يعتبر تطبيؽ الديف اإلسالمي يفكؽ بكثير ديمقراطية المستكردة في
النصكص المدنية الغربية.
93
المحكر الثالث :نمكذج عف الثكرات العربية
فيناؾ مف يبتمع نظرية المؤامرة لتفسير الثكرات أك الذيف قالكا نظرية العفكية كالتمقائية ،فكمييما
كقع في نفس المعطيات كاضطرابات الركابط االستداللية كغرؽ في الذاتية .كتقطع في شبكات
: 1خالد عميكم العرداكم ،الربيع العربي ثكرات لـ تكتمؿ ،الندكة الدكلية تداعيات ما بعد الدكتاتكرية في دكؿ الربيع العربي،
التي أقامتيا كحدة أبحاث القانكف كالدراسات الدكلية ةه في كمية القانكف /جامعة كربالء آذار ،2113ص.0
www.fcdrs.com/includes/download.php?type=article&aid=15
94
االتصاؿ بيف أحداث كمعطيات ما قبؿ الثكرات كما بعدىا ،كىذا ما ضاعؼ عالمات االستفياـ
كالحيرة في تقديـ أجكبة مقنعة لمكثير مف التساؤالت.
-كيتفؽ األغمبية عمى أف الربيع العربي ىك خطة أمريكية منسقة تيدؼ كفؽ مجمكعة مف الكثائؽ
إلى تحكيؿ بمداف الشرؽ األكسط كشماؿ افريقيا مف نظـ استبدادية ،عبر عمميات االنتقاؿ
الديمقراطي كاالصالح السياسي في مشركع جيك -استراتيجي ييدؼ إلى عكلمة الديمقراطية،
1
ابتداءا مف تكنس ثـ مصر ،ثـ اليمف ،كليبيا ،كختـ سكريا قمب مشركع الشرؽ األكسط الكبير.
ب -ففي مصر :بمغت األحكاؿ المعيشية لدل غالبية المصرييف حدا غير مسبكؽ مف التدني
كالصعكبة ،في ظؿ حككمة ترفع أسعار كؿ شيء ،كتبيع كؿ مقدرات البمد في كقت تتشدؽ فيو
بالمعدالت التي تحققيا التنمية.
ففي جريدة الميداف القاىرة كتب محمكد ابراىيـ يصؼ مصر قبؿ الثكرة بما يمي:
: 1حسف محمد الزيف ،السمكؾ األمريكي بإطاحة الحمفاء كفؽ المتغي ارت الجيك استراتيجية ،الربيع العربي ،أخر عمميات
الشرؽ األكسط ،دار القمـ الجديدة8102 ،ـ0424 ،ق ،ص.04
95
" قبؿ الثكرة كانت مصر جائعة كفقيرة ككانت مؤشرات البطالة كاألزمات االقتصادية عالية ،في
المقابؿ كاف ىناؾ نظاـ قكم يدير البمد بقبضة مف حديد ،التاريخ يسجؿ أنو طكاؿ ثالثيف عاما ىي
فترة حكـ الرئيس المخمكع حسني مبارؾ ،عانى فييا الشعب المصرم مف كجكد نظاـ فاسد خمؽ
حالة مف الصراع كاالرتباؾ كالسيكلة كاغرؽ الشعب المصرم في بحر مف الفقر كالمعاناة مف
العيشة ،حيث تدىكرت أحكاؿ الغالبية العظمى مف سكاف مصر كارتفعت األسعار كتدنت الخدمات
كانتشرت معدالت البمطجة كالتسكؿ كالجريمة ،رغـ كجكد جياز أمني متكحش قبض عمى البمد بيد
مف حديد بكاسطة قانكف الطكارئ الذم استمر ألكثر مف ربع قرف يحكـ شعب مصر دكف كجكد
أدنى احتراـ ،كدكف خجؿ انتشرت الرشكة كالمحسكبية في كؿ أرجاء مصر".
كتقكؿ المؤشرات أف معدالت الفقر في مصر كصمت نسبة تتعدل % 91كمف بينيـ نسبة
%44معدكمكف أم يعيشكف تحت خط الفقر ،كتضاعؼ عدد الفقراء في مصر خالؿ 2سنكات
األخيرة أم منذ 8101حسب ما جاء عف تقرير صندكؽ النقد الدكلي.
أما البطالة فيي كارثة حقيقية في عيد مبارؾ فيي في تزايد سريع حيث نجد سنة 8118نسبة
البطالة كصؿ إلى ،%8.0بينما في 8118كصؿ إلى %06كارداد ليصؿ سنة 8101إلى
.%88
كظاىرة التسكؿ التي ازدادت بشكؿ غير طبيعي في مصؿ كأصبحت شكارعيا تكتظ بالمتسكليف
حتى كصمت نسبتيـ سنة 8101بنسبة .%02
ىذا كقد عاشت مصر في فترة الرئيس المخمكع سني مبارؾ عصر الدكلة البكليسية أك العسكرية
بمعنى الكممة ،ككاف جياز األمف بكؿ غطرستو كعدكانو يتحكـ في كؿ شيء في السياسية،
كاالقتصاد كالثقافة كاالعالـ ،عصر أىدرت فيو أكاـ القضاء عمدا كعاش الفساد في كؿ أرجائيا
كدكف خجؿ.1
كالكضع االجتماعي ال يختمؼ عنو كثي ار في تكنس التي كانت أكلى الدكؿ انتفاضا عمى
الكضع االجتماعي كاالقتصادم كالسياسي خاصة ،حتى أنيا سميت بثكرة الكرامة.
:1رمزم المنياكم ،الفكضى الخالقة ،الربيع العربي بيف الثكرة كالفكضى ،ط ،0دار الكتاب العربي ،القاىرة ،سنة
،8108ص.084 -082
96
-2عمى المستكل االقتصادم:
المشركعات االقتصادية المحمية لمبمداف العربية غير النفطية( مصر سكريا ،المغرب) شيدت
تراجعا ممحكظا في أدائيا ،كارتفعت نسبة البطالة ،كحمت تكنس في المرتبة 041عالميا مف حيث
البطالة ،كانخفضت معدالت النمك كخسرت البكرصات ككسدت أسكاؽ العقارات ،كانخفضت
معدالت اليجرة ،كىذه العالمات كالمؤشرات التي حممت الشباب العربي لمثكرة عمى ىذه األكضاع،
في المقابؿ تراجع أمريكا كالغرب كتقدـ منافسييا كالصيف كركسيا كىي محركات خارجية لمثكرات
العربية.
-3دكر السياسات الخارجية :امساؾ أمريكا بقاعدة بيانات الحركات االسالمية بعد 11سبتمبر
أغناىا عف خدمات النظـ العربية:
بعد 00سبتمبر 8110كمجمكعة التحقيقات مع 61دكلة عربية اسالمية ،أكسب العالـ
العربي بيانات ىائمة عف فيـ الحركات االسالمية ،فأمريكا اليكـ تفرؽ بيف االخكاف كالسمفييف،
كتميز بيف الجيادييف كالصحكييف ،كبيف الرعكييف كالصكفييف ،كبيف الشيعة كالسنة ،كبيف حزب
التحرير كالقاعدة ،كبيف حزب اهلل كحماس ،كتعرؼ مصادر تمكيؿ كؿ جبية كشبكاتيا الخارجية،
كأفكارىا ،كشخصيتيا ،كرمكزىا ،كميكليا الجيادية...إلخ.
كىذا ما اتاح ليا الدخكؿ عمى حمؼ الخط االسالمي ،كاستثمارىا في استراتيجيات جديدة مف
خالؿ إجراء اتصاالت في اتفاقيات مع بعض الحركات االسالمية كرفع خطط افشاؿ االصالح
السياسي التدريجي الذم كاف يتبناه بعض النظـ الديكتاتكرية في الكطف العربي( ،كفي نياية
المطاؼ تكصمت االدارة األمريكية كالعربية لقرار يقضي بضركرة التخمي عف بعض النظـ الحميفة
التي ال يشكؿ اسقاطيا ضر ار بالغا عمى االستراتيجيات األمريكية) كىي تكنس ،المغرب ،اليمف،
كلبناف ،عمى حد قكؿ أحد الخبراء األمريكييف.
97
كفي مصر تـ االتصاؿ بشخصيات معتدلة مف تنظيـ االخكاف المسمميف ( ىذه الحركات
االسالمية أك الصحكة االسالمية التي ظيرت كمحرؾ أساسي لمثكرات الربيع العربي بعد المطالب
االقتصادية كاالجتماعية التي ناداىا عامة الشعب).1
-4دكر الحركات الشعبية في الربيع العربي (نمكذج حركة مف أجؿ التغيير كفاية):
عقب الحرب األمريكية عمى العراؽ ،كتحت تأثير الضغكط األمريكية عمى النظاـ المصرم
مف أجؿ االصالح كتكسيع ىامش الديمقراطية ،تحكؿ الزخـ كالحراؾ الشعبي الذم ساد الشارع
المصرم مف أجؿ االحتجاج عمى الحرب عمى العراؽ إلى المطالبة باإلصالح الشامؿ عمى
المستكل الداخمي المصرم ،ظيرت إثرىا عدة حركات سياسية شعبية منيا :الحكة الشعبية مف أجؿ
التغيير ،التي بادر بإنشائيا نشطاء منتمكف فكريا إلى اليسار ،ككاف اليدؼ منيا أف تككف تجمعا
يظـ مختمؼ القكل السياسية الفاعمة عمى الساحة المصرية مف أجؿ المطالبة بالديمقراطية كالحريات
2
كحقكؽ األساسية لممصرييف.
أما الحركة المصرية مف أجؿ التغيير "كفاية" فكاف ليا دكر أكثر فعالية في الساحة المصرية
كىي حركة ضمت في بدايتيا ثالثمئة مف المثقفيف المصرييف كالشخصيات العامة ،التي تمثؿ
الطيؼ السياسي المصرم عمى اختالؼ ألكانو ،كثيقة تأسيس تطالب بتغيير سياسي حقيقي في
مصر ،بإنياء النظاـ االقتصادم كالفساد في البالد ،كانياء تبعية سياسية الخارجية المصرية ،ككاف
ذلؾ في سبتمبر 8114كازداد عددىا منذ تمؾ الفترة ليبمغ آالؼ المنظميف.
ككانت مف بيف مضامينيا:
-عدـ تحديث كالية الرئيس مبارؾ ،كعدـ تكريث ابنو جماؿ ،تحت شعار "ال لمتكريث".
-اصالح سياسي كاقتصادم كدستكرم إلزالة االستبداد الذم لحؽ آثاره بالمجتمع المصرم.
-إنياء احتكار الثركة الذم أدل إلى شيكع الفساد ،كتفشي البطالة كالغالء.3
1
:حسف محمد الزيف ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .09-04
2
:عمرك الشبككي ،الحركات االحتجاجية في الكطف العربي مصر ،المغرب ،لبناف ،البحريف ،الجزائر ،سكرية ،األردف،
مركز الدراسات العربية ،8100 ،ص .889
: 3المرجع نفسو ،ص .225
98
-رد االعتبار لممكاطنة العربية كالمصرية إثر اعتداءات االسرائيمية المتكررة عمى األراضي
الفمسطينية ،كقد ضمت كفاية مجمكعة مختمفة مف النشطاء مف التيارات السياسية الماركسييف
كاإلسالمييف ،كالمبيرالييف ،كلكنيا مبادرة مف التيار القكمي الناصرم.
بعدىا ظيرت أحزاب اخرل كحركات أخرة مطالبة بنفس المطالب منيا:
قكل حزب التجمع اليسارم ،كجماعة االخكاف المسمميف ،كىما التيارات المذاف تسببا في عدد مف
المشكالت الداخمية لمحركة حسب كجية نظر الحركة.
ففي عاـ ،8118نرل أف حاالت التظاىر كالكقفات االحتجاجية باغت نسبتيا %89،0مف
مجمكع حاالت التي تـ رصدىا ،تالىا االعتصاـ بنسبة %86،9ثـ االضراب عف العمؿ بنسبة
%81،9باإلضافة إلى التيديد باالعتصاـ أك االضراب كالشكاكل ،االضراب عف الطعاـ... ،إلخ.
ثالثا :ىؿ نجحت الثكرات الشعبية العربية في تغيير األنظمة السياسية في بمدانيا؟
-1حالة تكنس:
التحكؿ نحك الديمقراطية في تكنس ،تظؿ
ٌ رغـ كؿ الصعاب التي ما زالت قائمة ،فإف تجربة
أنجح التجارب في دكؿ الربيع العربي ،ألنيا التجربة الكحيدة التي نجحت في تحقيؽ مراحؿ ميمة
نتخبة إلى حد ما،
مف تشكيؿ ىيئات تضمف الكصكؿ في نياية المطاؼ إلى حككمة ديمقراطية م ى
بعيدا عف تدخؿ الجيش في العممية السياسية.
كبناء عمى نتائجو
ن "كقد جرل انتخاب المجمس التأسيسي في 82أكتكبر/تشريف األكؿ ، 8100
ص ٍكغ الدستكر ،كضـثالثي يعرؼ باسـ التركيكا إلدارة المرحمة االنتقالية كعممية ى
ّّ تشكؿ ًح ه
مؼ َّ
كال مف" حركة النيضة "ذات التكجو اإلسالمي المعتدؿ التي ت أرٌست الحككمة ،كحزب المجمس ِّ
"المؤتمر مف أجؿ الجميكرية "المنتمي إلى التيَّار الكسطي العمماني الذم أسَّسو منصؼ المرزكقي
ئيسا لمجميكرية ،كحزب" التكتٌؿ الديمقراطي مف أجؿ العمؿ كالحريات "ذم التكجيٌات
كأصبح ر ن
االجتماعية الديمقراطية بقيادة مصطفى بف جعفر الذم تكلى رئاسة المجمس التأسيسي.
اضحا لمستقبؿ الممارسة الديمقراطية في تكنس ،اغتياؿ النائب
تحديا ك ن
كمف الصعكبات التي مثٌمت ن
اليسارم محمد البراىمي ،في يكليك/تمكز 8102؛ األمر الذم أثار أزمة سياسية في تكنس ،فما
يقرب مف ثمث أعضاء الجمعية التأسيسية قد حممكا الحككمة التي يترأسيا اإلسالميكف المسؤكلية
99
األخالقية عف جريمة القتؿ التي جاءت بعد فترة ليست طكيمة مف حادث اغتياؿ سياسي آخر
لشخصية تتمتع بمكانة عالية في فبراير/شباط ،كدخؿ ىؤالء األعضاء في إضراب مفتكح ،كنصبكا
مخيمات أماـ مبنى البرلماف لمدة تقارب ثالثة أشير.
كلـ ّْ
يؤد ذلؾ االعتصاـ إلى كقؼ اعتماد الدستكر الجديد لمبالد فحسب ،بؿ إلى ارتفاع حدة
أيضا بيف" جبية اإلنقاذ الكطني "الممثمة لمكتمة العممانية كائتالؼ السمطة الثالثية المشتركة
التكتر ن
)التركيكا (الحاكـ.
الحؿ السممي طريؽ فاعؿ لمممارسة الديمقراطية في تكنس
في النياية ،سادت فكرة السعي إليجاد حؿ سممي بيف جميع األطراؼ ،كلكف لـ تكتمؿ معالمو
بشكؿ كامؿ ،كبعد حدكث ضغط مف قبؿ أربع جيات فاعمة رئيسة في المجتمع المدني ،ىي :
"االتحاد العاـ التكنسي لمشغؿ" ،ك"االتحاد التكنسي لمصناعة كالتجارة كالصناعات التقميدية) "جمعية
ألرباب األعماؿ( ،ك"نقابة المحاميف التكنسييف" ،ك"رابطة حقكؽ اإلنساف" ،اضطر ائتالؼ التركيكا
كالمعارضة إلى المشاركة في" الحكار الكطني ".ىذا كقد سيٌمت دكؿ كمنظمات دكلية شريكة بشكؿ
أكبر قياـ ذلؾ الحكار مف خالؿ تجميد جيكدىا المالية الرامية إلى دعـ عممية التحكؿ الديمقراطي
البطيئة كغير المنتظمة في تكنس .كمف خالؿ قياـ مفاكضات شاقة برئاسة المجنة الرباعية المش ٌكمة
أخير عمى خارطة طريؽ تتضمف اعتماد دستكر تكافقي كتعييف
مف المجتمع المدني ،اتفؽ الطرفاف نا
حككمة تصريؼ أعماؿ محايدة في يناير/كانكف الثاني .كمنذ ذلؾ الحيف تـ تكميؼ الحككمة بقيادة
رئيس الكزراء ميدم جمعة بالتحضير لالنتخابات الرئاسية كالتشريعية قبؿ نياية العاـ.
100
كيالت االنشقاقات كاالحتراب األىمي ،كىذا بطبيعة الحاؿ يعزز المسار الديمقراطي الذم تـ
اعتماده منذ البداية.1
لـ ييكمؿ الرئيس مرسي مدتو االنتخابية التي مف المفترض أف تنتيي في العاـ ، 8106نتيجة
لممحاكالت المستمرة مف جانب المعارضة في عرقمتو ،كلسياساتو البطيئة في تحقيؽ العدالة
االنتقالية مف جانب آخر؛ فسعى معارضكه لمتكاطؤ مع المجمس ،العسكرم كبذلكا كؿ السبؿ إلزاحتو
مف منصبو كتحقؽ ليـ ذلؾ بالحشكد التي دعكا إلييا في 21مف يكنيك/حزيراف 8102كتبع ذلؾ
نص صراحة عمى إبعاد الرئيس المنتخب،
بياف االنقالب العسكرم في 3مف يكليك/تمكز الذم ٌ
ككضع خارطة طريؽ يتـ بمكجبيا :تعطيؿ العمؿ بالدستكر بشكؿ مؤقت ،كاجراء انتخابات رئاسية
مبكرة عمى أف يتكلى رئيس المحكمة الدستكرية العميا إدارة شؤكف البالد خالؿ المرحمة االنتقالية
لحيف انتخاب رئيس جديد ،كتشكيؿ حككمة كفاءات كطنية قكية كقادرة تتمتع بجميع الصالحيات
إلدارة المرحمة الحالية ،كتشكيؿ لجنة تضـ كافة األطياؼ كالخبرات لمراجعة التعديالت الدستكرية
المقترحة عمى الدستكر الذل تـ تعطيمو مؤقتنا ،ككضع ميثاؽ شرؼ إعالمي يكفؿ حرية اإلعالـ
كيحقؽ القكاعد المينية كالمصداقية كالحيدة كاعالء المصمحة العميا لمكطف ،كتشكيؿ لجنة عميا
لممصالحة الكطنية مف شخصيات تتمتع بمصداقية كقبكؿ لدل جميع النخب الكطنية كتمثؿ مختمؼ
التكجيات.
:1جماؿ نصار ،تقارير مستقبؿ الديمقراطية في بمداف الربيع العربي حالة تكس كمصر ،مركز الجزيرة لمدراسات 02 ،مام
،،8104ص .2-8
http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2014/05/201451363131798747.html
101
ئيسا مؤقتنا
كلـ يتحقؽ مف خارطة الطريؽ تمؾ سكل تعييف رئيس المحكمة الدستكرية العميا ر ن
لمبالد ،كتغيير كبير في دستكر 8108بدالن مف تعديمو ،كترشح قائد االنقالب لرئاسة الجميكرية،
كتييئة قطاع كبير مف الشعب المصرم لمتصكيت لو ،مف خالؿ التركيج في كسائؿ اإلعالـ
ثـ تـ ّْ
المختمفة بأنو المخمص الكحيد لمصر كالمنقذ مف سيطرة اإلخكاف عمى مقاليد األمكر ،كمف ٌ
فج كاعتقاؿ أعداد كبيرة منيـ.
التعامؿ مع المعارضيف لالنقالب بشكؿ أمني ٌ
كتـ تعميؽ االنقساـ المجتمعي بيف أفراد الشعب المصرم كخصكصا بعد المجازر المتتالية
التي قامت بيا السمطة الحاكمة في الحرس الجميكرم ،كالمنصة ،كرابعة العدكية ،كالنيضة ..
كغيرىا ،التي راح ضحيتيا أكثر مف ثالثة آالؼ كخمسمائة حتى اآلف ،كأكثر مف عشريف ألؼ
معتقؿ ،كآالؼ المفقكديف.
كؿ ذلؾ أجيض الممارسة الديمقراطية الناشئة التي أتت برئيس مدني ألكؿ مرة في تاريخ مصر.
كمف المؤكد أف كؿ الممارسات التي تمارسيا السمطة االنتقالية تدفع إلى العكدة لحكـ العسكر مرة
أخرل.
كمف المؤشرات الميمة التي ظيرت بعد االنقالب العسكرم عكدة رجاؿ مبارؾ إلى المشيد
السياسي مرة أخرل ،كالكثير منيـ يدعـ تر ٌشح السيسي لرئاسة الجميكرية ،لمحفاظ عمى مصالحيـ.1
-أنيا حركات احتجاجية خرجت مف القاع ،أم قاع المجتمعات ،كلـ تقـ بيا النخب في القمة،
مما يدؿ عمى مسؾ الشعكب العربية ألكؿ مرة زماـ المبادرة في الفعؿ الثكرم .طبعا ىذا ال يعني
عدـ التحاؽ بعض مف نخب القمة بيذا الفعؿ الثكرم ال حقا.
-عكست ىذه الحركات رغبة شعبية في تغيير منظكمة القيـ السياسية السائدة كالقائمة عمى القيـ
األبكية المؤلية لمحاكـ كالتي تضعو فكؽ القانكف.
-شكمت صرخة احتجاجية قكية عمى مظاىر البطالة كالفساد كالمحسكبية كعدـ العدالة في تكزيع
الدخؿ كالثركة ،أم عمى كؿ مظاىر االنحراؼ التي أسست لدكلة االستبداد كالفساد في المنطقة.1
-2سمبيات كتحديات تكاجو الربيع العربي :تكاجو حركات الربيع العربي سمبيات كمشاكؿ عدة
منيا:
-أنيا حركات لـ تثبت ىكيتيا إلى ىذه المحظة ،إذ تعاني مف التخبط كاإلرباؾ في حسـ مكضكع
اليكية.
-لـ تستطع اإلجابة عف أسئمة محكرية تتعمؽ بعالقة الديف بالدكلة ،كطبيعة الدكلة ،كالعالقة بيف
الحكاـ كالمحككميف.
-لـ تنجح أك تضع المقدمات الصحيحة لبناء حياة دستكرية متفؽ عمييا مف الجميع.
-لـ تؤسس إلصالح اقتصادم كاجتماعي كاضح المعالـ.
-عانت مف انقضاض تيارات اإلسالـ السياسي بكؿ ألكانيا الفكرية عمى الحكـ في البمداف التي
سقط حكاميا ،كممارستيا ألدكات الحكـ السابؽ بثكب جديد.
-أثارت ىذه الحركات الخشية مف احتماؿ تحكليا مف حركات مكجية إلسقاط الطغاة كالفاسديف
إلى حركات مستفزة لمكجداف االجتماعي كمثيرة لألحقاد العرقية كالدينية كالطائفية الميددة لتفكؾ
الدكلة كانقساميا ،كمؤشرات ىذا االحتماؿ بارزة في مصر كسكريا كالعراؽ كاليمف كالسعكدية كلبناف
التغير يشير إلى أم نكع مف أنكاع التبدؿ أك التحكؿ الحادث عمى تركيبة المجتمع سكاء كاف
ىذا التغير إيجابيا أك سمبيا تقدميا أك انتكاسيا سريعا أك بطيئا عميقا أك سطحيا ..الخ ،أما العكلمة
فيي حالة مف التغير تشير إلى تحكؿ المجتمعات اإلنسانية نحك مزيد مف التعقيد االجتماعي
كاالقتصادم كالسياسي كالتقاني .بمفيكـ أيسر ،التغير ىك مفيكـ أشمؿ مف العكلمة إذ األخير
يستظؿ بمظمة األكؿ أك يدخؿ تحت صنكفو .الحظ ىنا أف الفارؽ ما بيف مفيكمي العكلمة كالتغير
مثمو مثؿ الفارؽ بيف مفيكمي التحديث االجتماعي كالتغير االجتماعي ،فيما مف نفس الفئة كلكف
ال يشيراف إلى نفس الشيء ،فالتحديث ىك عبارة عف تغير ،كلكنو تغير إيجابي عادة ما يككف
مقصكدا مف قبؿ الجيات المسؤكلة عف التخطيط االقتصادم كاالجتماعي في المجتمع .كذا مفيكـ
العكلمة فيك يشير أيضا إلى ضرب مف التغير االجتماعي العاـ كالذم ينـ عف ازدياد درجة التعقيد
االجتماعي كاالقتصادم في المجتمع ،غير أنو لـ يكف مقصكدا بالدرجة التي قيصد بيا إحداث
التحديث االجتماعي بالمجتمع. 1
: 1أمؿ المرشدم ،دراسة تكضح مفيكـ العكلمة كعالقتيا بالمفاىيـ االجتماعية كميزاتيا في ظؿ التطكر التاريخي08 ،
يكليك https://www.mohamah.net/law ،8106
105
العالمي الكاحد كبالتالي اضعاؼ القكميات كاضعاؼ فكرة السيادة الكطنية كصياغة ثقافة عالمية
كاحدة تضمحؿ الى جكارىا الخصكصيات الثقافية ،كالنمط السائد اآلف ىك العكلمة األمريكية.1
كرغـ أف العكلمة ترتبط في كثير مف األحياف باألنساؽ الضخمة مثؿ نظـ أسكاؽ الماؿ
كاالنتاج كالتجارة العالمية ،بتطكر كسائؿ االتصاؿ ،فإف آثارىا تتغمغؿ بقكة في حياتنا الخاصة،
فالعكلمة ليست عممية تجرم في كككب آخر بعيد عنا كال صمة لنا بو ،فيي ظاىرة تعيش بيننا
كمعنا كنتعايش معيا بشتى األساليب كالكسائؿ ،كقد دخمت سياؽ حياتنا االقتصادية كالثقافية
كاالجتماعية مف خالؿ مصادر غير رسمية في كثير مف األحياف مثؿ كسائؿ االعالـ كالثقافة
الشعبية كالتكاصؿ الفردم مع أشخاص آخريف مف ثقافات كبمداف أخرل.
ف العكلمة تحدث تغيرات في طبيعة تجاربنا اليكمية ،كفيما تمر مجتمعاتنا بتحكالت عميقة ،فإف
بعض المؤسسات الراسخة في حياتنا قد تقادـ عيدىا كأصبحت بالية بؿ اف بعضيا أصبح معيقا
لمتقدـ.2
كقد لخص "انطكني غيدنر" أثار العكلمة في حياتنا كعالقتيا بالتغير االجتماعي في النقاط التالية:
كما أف األطر التقميدية لميكية قد أخذت تتفكؾ لتحؿ مكانيا أنماط جديدة ناشئة لتحديد
اليكية ،كقد أرغمت العكلمة الناس عمى العيش بأساليب تأممية كانعكاسية أكثر انفراجا كانفتاحا،
كبعبارة أخرل فإ ننا نستجيب عمى الدكاـ كنتكيؼ مع البيئة المتغيرة حكلنا ،كما أننا كأفراد نتطكر
: 1اسماعيؿ عبد الفتاح عبد الكافي ،معجـ مصطمحات عصر العكلمة ،مصطمحات سياسية كاقتصادية كاجتماعية كنفسية
www.kotobarabia.com . كاعالمية ،دكف ذكر سنة كدار كبمد النشر ،ص222
: 2أنطكني غدنر بمساعدة كاريف بيرديساؿ ،مرجع سبؽ ذكره ،ص.026
106
بصكرة مكازية كمتداخمة في الكقت نفسو مع السياؽ األكسع اذم نعيش فيو ،بؿ إف الخيارات
الصغيرة الركتينية التي نقكمكا بيا في حياتنا اليكمية مثؿ المالبس كقضاء كقت الفراغ ،كعنايتنا
بصحتنا كأجسامنا ،مثؿ جانبا مف العممية المستمرة لتشكيؿ ىكياتنا الشخصية كاعادة تشكيميا.
غير أف باحثيف آخريف يربطكف بيف العكلمة مف كجية كبيف تصاعد التفاكت كالتمييز في
التقاليد كاألشكاؿ الثقافية ،كيرل ىؤالء أف المجتمع العالمي الحديث يتسـ بالتمايز المتصاعد بيف
الثقافات كالثقافات الفرعية ال بالتجانس كالتدجيف المستمر فيما بينيما كفقا لمكاصفات نمكذجية
مكحدة في كؿ مكاف كيرل بعض ىؤالء أف كفكد مؤثرات جديدة عمى التقاليد كالثقافات المحمية ال
يؤدم إلى نشكء ثقافة كاحدة متجانسة بؿ يقضي إلى مزيد مف التنكع .كربما إلى التجزئة كالتشتت
بيف الثقافات.
: 1أنطكني غدنر بمساعدة كاريف بيرديساؿ ،مرجع سبؽ ذكره ،ص .029-029
107
كيعتقد باحثكف آخركف أف اليكيات كأساليب الحياة الراسخة في الجماعات كالثقافات المحمية قد
بدأت تتراجع أماـ أشكاؿ جديدة مف اليكية اليجينة التي تتألؼ مف عناصر متباينة مستمدة مف
عدة مصادر ثقافية.1
كما أف االحتباس الحرارم كآثاره عمى الغالؼ الجكم أصبح يشكؿ خط ار بيئيا في العصر الحديث،
حيث تبيف أف ح اررة األرض آخذة بتزايد بفعؿ االحتباس الغازات الضارة داخ الغالؼ الجكم .كما
ينجـ عنيا مف مخاطر أىميا ذكباف الجميد في القطب الشمالي كما ينجـ عنو مف ارتفاع مستكيات
البحر التي تضر التجمعات السكانية القريبة مف الشكاطئ.
كأسفرت المخاطر البيئية عمى إلحاؽ أضرار جسيمة لبعض التجمعات الحيكانية المختفة كالتي منيا
تجمعات طيكر البطريؽ في المناطؽ القطبية.
كنظ ار لغمكض الذم يحيط بأسباب المخاطر البيئية ،فإنو لـ يتضح حتى اآلف أفضؿ السبؿ
لمعالجتيا ،كلـ تتحدد المسؤكلية لقياـ بإجراء كاضح تحاشييا أك الحد منيا.2
-المخاطر الصحية:
مف أىـ ما كرد مف المخاطر البيئية عمى صحة االنساف ىك نضكب طبقة اآلكزكف التي تشكؿ
جانبا مف الغالؼ الجكم الذيي يقكـ بتقنية األشعة فكؽ البنفسجية ،كمع ذلؾ تزايد حجـ الغازات
كما أف ىناؾ أمثمة عديدة عمى المخاطر المصنعة المرتبطة باألغذية ،خاصة مع التقدـ
التقاني الذم عرفتو الزراعة كأساليب االنتاج بما فييا المنتجات الغذائية كاستعماليا لممكاد الكيماكية
كالمبيدات الحشرية كفي مجاؿ تربية الحيكانات التي أصبحت بدكرىا تحقف باليرمكنات كالمضادات
الحيكية ،كيرم االخصائييف أف ىذه األساليب تمحؽ ال محاؿ أضرار كخيمة بصحة اإلنساف.1
كما أف المخاطر تتضمف بعض خيارات كق اررات أخرل تتصؿ بالمؤىالت التربكية كالتعميمية،
كبالمسارات الكظيفية كالمينية حيث إف مف الصعب التكيف بطبيعة الميارات كالخبرات العممية في
مجاالت االقتصاد المقبمة المتغيرة عمى الدكاـ.
كيرل "أكلريخ بيؾ" 0882أف جانبا ميما مف مجتمع المخاطر يتمثؿ في األخطار تنتشر كتبرز
بصرؼ النظر عف االعتبارات المكانية كالزمانية كاالجتماعية.2
فتقرير التنمية العالمي سنة 0888الصادر عف األمـ المتحدة كشؼ النقاب عف أف متكسط
الدخؿ لدل خمس سكاف العالـ الذيف يعيشكف في البمداف الكثر ثراءا يزيد 94ضعفا عف معدؿ
الدخؿ لخمس السكاف الذيف يعيشكف في البمداف األفقر.
كفي أكاخر التسعينيات مف القرف الماضي كاف %81مف سكاف العالـ يمثمكف %96مف
االستيالؾ الكمي ك %98مف أسكاؽ التصدير ،كيستخدمكف %94مف خطكط الياتؼ في العالـ
كفي فترة 0889-0884تضاعفت الثركة 811شخص أك مؤسسة يمثمكف أغنى األغنياء العالـ،
أصبحت األصكؿ كالثركات التي يممكيا أغنى ثالثة مف أصحاب المميارات (البالييف) في العالـ
تعادؿ اجمالي الدخؿ القكمي المحمي لجميع بمداف األقؿ نمكا في العالـ التي تضـ نحك 611مميكف
نسمة كىي اكثر بمداف العالـ النامي؛
كما أ ف معدالت النمك االقتصادم ظمت متفاكتة بيف الدكؿ المتقدمة كالدكؿ النامية كادت ىذه
االتجاىات المتعارضة إلى اتساع اليكة بيف البمداف المتقدمة كالفقيرة.1
110
خاتمة:
إف أىـ ما يخيؼ البشرية اليكـ ىي جممة التغيرات التي مست باألرض كنعني ىنا العالـ
المممكس المادم المتمثؿ في األرض كالمناخ كالغالؼ الجكم ...الخ ،لكف يبقى أف نعي أيضا أف
معظـ مجتمعات العالـ ال تزاؿ ترل الضبابية المصيرية لمستقبؿ مجتمعات اليكـ كنقصد ىنا
بالتغيرات االجتماعية كالثقافية كاالجتماعية كالسيكمكجية كالدينية.
يمكف أف نتصكر إلى حد ما أف الكعي بالتغير االجتماعي كما ينتجو مف مخمفات أخالقية
كتنمكية كثقافية ...ال نعير لو اىتماما بار از في نشاطاتنا اليكمية؛ لكف الحقيقة أف ىذه المسائؿ
تشغؿ فكرنا إلى حد كبير في حاؿ تعثر أحكاؿ مجتمع ما محمى كاف ،أك اقميمي ،أك دكلي.
نعـ إنيا حقيقة باتت كاضحة جدا كأصبحت ترىؽ الفكر السكسيكلكجي بشكؿ خاص ككذا صانعي
القرار السياسي كاالقتصادم كالقانكني ،...خاصة كأف ىذه الظاىرة أك باألحرل العممية باتت تسير
بشكؿ متسارع جدا لدرجة ما يصعب التنبؤ بما سيحدث في المستقبؿ القريب ،كما حدث في
الثكرات الشعبية األخيرة التي عرفتيا الدكؿ العربية ،فقد كاف مف الصعب جدا التنبؤ بحدكث جممة
مف الثكرات لمجمكعة معتبرة مف الدكؿ العربية ،كاألصعب مف ذلؾ ىك صعكبة التنبؤ بمصير تمؾ
الثكرات كمخمفاتيا االجتماعية كاالقتصادية كحتى السياسية كاالقميمية كالدكلية.
كليذا كاف البد أف نعي بحقيقة ىذه التغيرات كاألجدر أف نعي أكثر بكؿ الدراسات التي مف
الممكف أف تحدد لنا المسار الذم يسمكو مجتمع ما في مجاؿ ما حتى ال تتعثر المجتمعات كثي ار
كيحدث ليا خمال في تماسؾ النسؽ االجتماعي العاـ.
كال نخص بالذكر ىنا الثكرات العربية التي ال يعرؼ حتى اآلف مصير البعض منيا بؿ أيضا
الثكرات الرقمية كالتكنكلكجية كاالقتصادية المتنامية التي أصبحت تخيؼ البناء االجتماعي أكثر مف
أم كقت مضى.
111
قائمة المراجع:
الكتب:
-0إبراىيـ عثماف ،مقدمة في عمـ االجتماع ،دار الشركؽ ،عماف.1999 ،
-8أحمد بدكم ،معجـ مصطمحات العمكـ االجتماعية ،مكتبة لبناف ،بيركت.0899 ،
-2اسماعيؿ عبد الفتاح عبد الكافي ،معجـ مصطمحات عصر العكلمة ،مصطمحات سياسية
النشر. كبمد كدار سنة ذكر دكف كاعالمية، كنفسية كاجتماعية كاقتصادية
www.kotobarabia.com
-4التابعي كماؿ ،تغريب العالـ الثالث ،دراسة نقدية في عمـ االجتماع التنمية ،دكف ذكر سنة
كدار النشر.
-2الزيف حسف محمد ،السمكؾ األمريكي بإطاحة الحمفاء كفؽ المتغرات الجيك استراتيجية،
الربيع العربي ،أخر عمميات الشرؽ األكسط ،دار القمـ الجديدة8102 ،ـ0424 ،ق.
-6السحمراني أسعد ،مالؾ بف نبي مفك ار إصالحيا ،دار النفائس ،بيركت 0894 ،ـ.
-9الشبككي عمرك ،الحركات االحتجاجية في الكطف العربي مصر ،المغرب ،لبناف ،البحريف،
الجزائر ،سكرية ،األردف ،مركز الدراسات العربية.8100 ،
-9الممحس استيتية دالؿ ،التغير االجتماعي كالثقافي ،دار كائؿ ،عماف األردف ،ط.8101 ، 2
-8بف نبي مالؾ ،القضايا الكبرل ،بيركت :دار الفكر ،بيركت.8118 ،
-01بف نبي مالؾ ،القضايا الكبرل ،دار الفكر ،بيركت.8118 ،
-00بف نبي مالؾ ،مف أجؿ التغيير ،دار الفكر .دمشؽ ،سكريا.8112 ،
-08بف نبي مالؾ ،شركط النيضة ،ترجمة :عبد الصبكر شاىيف .دار الفكر ،دمشؽ.0896 ،
-02بكتكمكر ،الصفكة كالمجتمع دراسة في عمـ االجتماع السياسي ،ترجمة محمد الجكىرم
كعميا شكرم ،كآخركف ،دار المعرفة الجامعية االسكندرية.0899 ،
-04بكشمكش طاىر محمد ،التحكالت االجتماعية كاالقتصادية كآثارىا عمى القيـ في المجتمع
الجزائرم ،1999-1967دار بف مرابط لمنشر كالطباعة ،الجزائر.8119،
112
-02بيشك سيسيؿ ،فيميكؿ أكليفيو ،ماتيك ليمياف ،قامكس الحركات االجتماعية ،ترجمة عمر
الشافعي ،مرتجعة كتحرير دينا الخكاجة ،الطبعة األكلى ،دار صفصافة لمنشر كالتكزيع كالدراسات،
الجيزة ،مصر.8109 ،
-06تكماس.س ،باترسكف ،التغير كالتنمية في القرف العشريف ،ترجمة عزة خميسي ،المجمس
األعمى لمثقافة ،القاىرة.8112 ،
-09ثركت محمد شمبي ،تنمية االجتماعية ،منشكرات جامعة بنيا مصر ،دكف ذكر تاريخ النشر.
-09جكنستكف ىانؾ ،الدكؿ كالحركات االجتماعية ،ترجمة أحمد زايد ،ط ،0المركز القكمي
لمترجمة ،القاىرة ،سنة .8109
-08حمداكم جميؿ ،سكسيكلكجيا النخب النخبة المغربية أنمكذجا ،دكف ذكر سنة كدار النشر
كبمد النشر ،ط.8102 ،0
-81خميؿ أحمد خميؿ ،المفاىيـ األساسية في عمـ االجتماع ،دار الحداثة بيركت.0894 ،
-80خميؿ أحمد ،المفاىيـ األساسية في عمـ االجتماع ،دار الحداثة بيركت .0894
-88سككت جكف ،عمـ االجتماع المفاىيـ األساسية ،ترجمة محمد عثماف ،الشبكة العربية
لألبحاث كالنشر ،بيركت.8118،
-82طمعت مصطفي السركجي ،التنمية االجتماعية المثاؿ كالكاقع ،مركز نشر كتكزيع الكتاب
الجامعي ،جامعة حمكاف ،مصر.8110،
-84عبد الباسط حسف ،التغير االجتماعي في المجتمع االشتراكي ،القاىرة الحديثة.0894 ،
-22عبد العزيز بف عثماف التكيجرم ،نظرة االيسيسكك لإلصالح كاألمة في العصر الحديث،
حركة اإلصالح في العصر الحديث عبد الرحماف الككاكبي نمكذجا ،تحرير زكي عكضي ،دار
الرازم لمباعة ك النشر ،عماف،األردف ،سنة 1222ق 2002-ـ
-86عبد اهلل محمد عبد الرحماف ،عمـ االجتماع النشأة كالتطكر ،دار المعرفة الجامعية،
االسكندرسة.8112 ،
-89غدنر أنطكني ،بمساعدة بيرديساؿ كاريف ،عمـ االجتماع ؛ ترجمة كتقديـ ،فايز الصياع،
ط ،0المنظمة العربية لمترجمة ،تكزيع ،مركز الدراسات الكحدة العربية ،بيركت أكتكبر .8112
113
-89غربي عؿ كآخركف ،تنمية المجتمع مف التحديث إلى العكلمة ،دار الفجر لمنشر كالتكزيع،
سنة .8112
-88قراءات معاصرة في عمـ االجتماع ،ترجمة مصطفى خمؼ ،مراجعة كتقديـ :محمد الجكىرم،
دكف ذكر أسماء المؤلفيف األصمييف ،مركز البحكث كالدراسات االجدتماعية ،القاىرة.8118 ،
-21لحرش مكسى ،استراتيجية استئناؼ البناء الحضارم لمعالـ اإلسالمي في فكر مالؾ بف
نبي ،جامعة باجي مختار ،عنابة ،الجزائر.8116 ،
-20محمد عبد الكريـ حكراني ،النظرية المعاصرة في عمـ االجتماع ،دار المجدالكم لمنشر
كالتكزيع ،عماف ،األردف0489 ،ق8119 -ـ.
-28يكسؼ اسالـ عمى مطر ،التغير االجتماعي دراسة تحميمية مف منظكر التربية االسالمية،
الطبعة الثانية ،دار الكفاء لمطباعة كالنشر كالتكزيع ،المنصكرة ،مصر0418 ،ق0899 ،ـ.
-22قركاز الداكدم ،فمسفة التغيير االجتماعي عند مالؾ ابف نبي ،مجمة اآلداب كالعمكـ
االجتماعية ،جامعة فرحات عباس سطيؼ ،العدد 08ديسمبر .8104
-26كبار عبد اهلل ،النخبة الجامعية كالمجتمع المدني في الجزائر ،مجمة العمكـ اإلنسانية
كاالجتماعية ،العدد ،00جكاف .8102
114
محاضرة في ندكة عممية دكلية:
-29خالد عميكم العرداكم ،الربيع العربي ثكرات لـ تكتمؿ ،الندكة الدكلية تداعيات ما بعد
الدكتاتكرية في دكؿ الربيع العربي ،التي أقامتيا كحدة أبحاث القانكف كالدراسات الدكلية ةه في
كمية القانكف /جامعة كربالء آذار .2113
www.fcdrs.com/includes/download.php?type=article&aid=15
التقارير:
-29جماؿ نصار ،تقارير مستقبؿ الديمقراطية في بمداف الربيع العربي حالة تكس كمصر،
مركز الجزيرة لمدراسات 02 ،مام .8104
دٌسمبر 2012 http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2014/05/201451363131798747.html
مقاالت مف االنترنيت:
-28المرشدم أمؿ ،دراسة تكضح مفيكـ العكلمة كعالقتيا بالمفاىيـ االجتماعية كميزاتيا في
https://www.mohamah.net/law ظؿ التطكر التاريخي 08 ،يكليك ،8106
-41خشيب جالؿ ،نظرية مراحؿ النمك االقتصادم عند كالت ركستك،8102-01-81 ،
https://www.alukah.net/culture/0/81485/#ixzz5ctsdLVZA
سبتمبر 8109
115