Professional Documents
Culture Documents
www.PhiloClub.net
املجزوءة :الفلسفة
تقديم عام:
إذا كان العلم ال ذاكرة له بمعنى أنه ال يفكر في تاريخه ،فإن الفلسفة على خالف ذلك ال
الفلسفة طابعا تالزميا مع تاريخها بحيث ال يمكن الفصل بينهما .إنهما وجهان لعملة
واحدة.
إن الفلسفة بما هي تاريخ تؤلف سلسلة من املحطات الفكرية عبر هذا التاريخ الطويل
التي تتصل وتنفصل فيما بينها .فهي تتصل على املستوى النظري حيث تكون كل فلسفة
هي تفكير بطريقة جديدة في أفكار قديمة ،أما على مستوى اإلنفصال فإن ذلك يتمظهر
من خالل اإلشكال العام الذي تعنى كل محطة من محطات الفكر الفلسفي بمعالجته،
فإذا كان إيبستمي(مجموع اإلطارات الفكرية املكونة لحقبة ما على املستوى النظري و
استشكالية بين امليتوس و اللوغوس .فإن إشكالية الفلسفة اإلسالمية تقوم في بحث
فيلوكلوب
www.PhiloClub.net
العالقة بين الفلسفة و الدين كسؤال قيمي حول املجالين معا ،في حين أن ظهور
الفلسفة الحديثة كان بمثابة إعالن إلشكال العالقة بين الفلسفة واملنهج ضمن مبحث
املعرفة وذلك بالنظر إلى كون أن مختلف التصورات الفلسفية في العالم أصبحت تبنى
الفلسفة املعاصرة قامت كتساؤل حول طبيعة العالقة بين الفلسفة و العلم
ايبستمولوجيا و قيميا.
إن الثابت في السطور املاضية هو أن الفلسفة تؤلف في سيرورتها التاريخية جملة من
املحطات التي تعبر عن اإلهتمامات الفكرية اإلنسانية في مرحلة من املراحل و التي تؤكد
أخرى ،و عموما فإنه يمكننا التعبير عن جملة اإلشكاالت هذه كأن نتساءل فنقول:
هل الفلسفة وحدة كلية منسجمة أم أنها مجموعة من املراحل التي تختلف عن بعضها
البعض؟
بأي معنى تكون كل محطة من هذه املحطات تعبير عن إشكالية محددة دون غيرها من
اإلشكاليات؟
كيف تكون إشكالية العالقة بين الفلسفة و الدين و العالقة بين الفلسفة و املنهج ثم
الحديثة و املعاصرة؟
فيلوكلوب
www.PhiloClub.net
الغرائبي عن العالم الناتج عن وجود فراغ نظري حول طبيعة الحقيقة و الوجود و
القيم...فإن الفلسفة اإلسالمية انبثقت كصورة مكتملة التفسير ملوضوعات العالم ما
دامت تستند إلى القرآن و السنة كمرجعية نظرية .غير أن مثل هذا اإلستناد يطرح
سؤال الحاجة إلى الفلسفة في مجتمع يشكل الدين ثقافته الرسمية ،بمعنى اخر ملاذا
الحاجة إلى الحقيقة العقلية إذا كانت هناك حقيقة نقلية؟ زما طبيعة العالقة بينهما؟
لقد شكلت العالقة بين النقل و العقل بين الحكمة و الشريعة محور اهتمام الفلسفة
اإلسالمية وفالسفتها .فكانت هذه العالقة تارة توافقية و تارة تعارضية بينما كانت تارة
أخرى منفصلة حيث يكون لكل من الفلسفة و الدين مجاله الخاص الذي ال يجب أن
يتعداه .إن ما يمنح لهذه العالقة أصالتها في الفكر اإلسالمي هو طبيعتها الجدلية فبين
اإلختالف في الطرق و املناهج يظهر اإلتفاق في الغاية التي هي البحث عن الحقيقة .إال
أن القول باإلتفاق الغائي لم يمنع زمرة من فالسفة اإلسالم من إقصاء الفلسفة و
وجوب ترك اإلشتغال بها كونها في مثل هذا الرأي تشكل خطرا على الدين ولعل ذلك
عموما إن الحديث عن إشكال العالقة بين الفلسفة و الدين داخل الفلسفة اإلسالمية
- 1لحظة النكسة أو قتل الفلسفة :ويمثل هذه اللحظة اإلمام الغزالي لقوله بوجوب
تكفير الفالسفة و قتل من يعتقد إعتقادهم .وقد قامت دعواه هذه على ثالث مسائل:
- 2لحظة إحياء الفلسفة :ويمثلها الحفيد األندلس ي ابن رشد ألنه أعاد ربط العالقة
بين الفلسفة و الدين على أساس التوافق حيث أنهما اليختلفان ما دام هما معا نظر في
املوجودات من حيث الداللة على وجود الصانع .وقد صدر ابن رشد في موقفه هذا
بالنظر إلى املسائل الثالث التي قال بها الغزالي فهي التتجاوز أن تكون تهم كونها تصنف
ضمن الظنيات أي من األمور النظرية التي السبيل إلى إثباتها على وجه اليقين ثم ألن
قول الغزالي ال يصدر عن إجماع الفالسفة بهذه املسائل ،وكذلك ألنها تنبني على
مقدمات جدلية.
خالصة القول أن اإلشكال العام للفلسفة اإلسالمية هو بحث العالقة بين الحكمة
والشريعة من الرؤى النظرية لكل من هما .فما هي إذن طبيعة العالقة بين الفلسفة
والدين؟ هل هي عالقة توافق ام عالقة تعارض؟ وما موقف الشرع من فعل التفلسف؟
اإلسالمي يشكل خطرا على اإلعتقاد .إذ أن الفالسفة بمحاولة تعميمهم للمنطق في بحث
األمور النظرية امليتافيزيقية يقوض األسس التي يقوم عليها الدين .ويعرض الغزالي لهذا
فيلوكلوب
www.PhiloClub.net
التعارض بين طبيعة القول الفلسفي والقول الديني من خالل ثالث مسائل أعلن فيها
تكفيره للفالسفة.
مسألة قدم العالم :يقوم أساس اإلختالف في هذه املسألة في تصور العالم بين
القدم والحدوث .فبالنسبة للفالسفة فالعالم قديم بموجب املبدأ التالي" :استحالة
صدور الحادث عن القديم قدما مطلقا" بمعنى أن القديم إما أال يصدر عنه شيىء وإما
أن يصدر عنه على وجه التناقض فالقول بحدوث العالم يفض ي ملجموعة من
التناقضات املنطقية في تصور الوجود اإللهي .وعموما فإن قول الفالسفة ينبني على
حجة العلة :ومضمونها استحالة تأخر املعلول عن علته وهذا معناه أن العالم •
كمعلول هلل يستحيل أن يتأخر عنه في الوجود فهو مساوق له بماملعنى الذي يكون فيه
حجة األحوال اإللهية :ومفاذها أن األحوال اإللهية هي أحوال متشابهة وثابتة غير •
متغيرة فاهلل مطابق لذاته ،ومن تم فإن القول بحدوث العالم معناه التغير في األحوال
اإللهية والتغير نقص وفساد ال يمكن أن يقال عن الوجود اإللهي وبالتالي فالعالم قديم.
حجة اإلرادة :وفيها يرى الفالسفة أن اإلرادة اإللهية إرادة قديمة أزلية وثابتة ال •
تتغير وهذا مناقض للقول بحدوث العالم ،فهذا الحدوث يعني أن هللا لم يريد العالم
لكنه توفرت له اإلرادة بعديا فخلقه .ومن تم تكون اإلرادة اإللهية متغيرة وهذا غير
ممكن.
فيلوكلوب
www.PhiloClub.net
حجة املرجح :ومعناه أن القول بحدوث العالم يرتبط بوجود مرجح رجح وجوده •
عن عدم وجوده .الشيىء الذي يعني أن هللا كان عاجزا عن خلق العالم بدون وجود الة
اعتراض اإلبطال :وفيه يهدم الغزالي قول الفالسفة في حجة العلة .فالحوادث ال •
يمكن أن تتداعى إلى ما ال نهاية ألن هذا التداعي معناه نفي الوجود اإللهي وهو ما
يتعارض مع قول الفالسفة أنفسهم .وعليه فال بد من وجود علة كافية تستند عليها باقي
املعلوالت األخرى.
اعتراض املطالبة :وفيه يثبت الغزالي أن القول بحدوث العالم ال يعني تغير في •
اإلرادة .فاهلل خلق العالم بإرادة قديمة اقتضت أن يوجد في الوقت الذي وجد فيه مثلما
مسألة العلم اإللهي :يرتبط الجانب اإلشكالي في هذه املسألة في تصور املعرفة
اإللهية .ففي الوقت الذي يتصورها الفالسفة بأنها معرفة بالكليات فقط ألن هللا إما
أن يعلم ذاته وإما أن يعلم األشياء من حيث هي كلية ،فاهلل ال يعلم الجزئيات ألن علمها
يعني تعدد في الذات اإللهية ،ثم ألن الجزئيات واقعة تحت الزمان واملكان .فمعرفتها
إذن :تعني أن وجود هللا وجود زماني .أما الغزالي فال يرى في تعدد املعارف تعدد للذات
مسألة البعث :إن اإلختالف األساس ي في هذه املسألة راجع لتصور الحساب .هل
سيتم بالروح أم بالروح والجسد .ففي الوقت الذي يتصور الفالسفة أن البعث سيتم
باألرواح ألن الروح عنصر أولي على خالف الجسد الفاني ،حيث يكون الروح هو مصدر
األفعال فإن الغزالي يرى على النقيض بأن البعث سيتم بالروح والجسد معا.
خالصة القول أن العالقة بين الدين والفلسفة هي عالقة انفصال نظرا إلختالف كل من
القول الديني والفلسفي في املسائل الثالث .ومن تم عمل الغزالي على تهميش الفلسفة
520هجرية(1126م) بقرطبة وتلقى تكوينه العلمي و املعرفي فيها درس القضاء و زاوله
كما تعلم الفقه و علم الكالم و النحو ،باإلضافة إلى دراسته الطب و املوسيقى و
الفلك و العلوم الرياضية له ّ
عدة مؤلفات من بينها :تلخيص و شرح كتاب ما بعد
القياس :استدالل عقلي يتم فيه االنتقال من مقدمتين بينهما حد وسط ،إلى نتيجة
متضمنة في املقدمتين مثال :كل إنسان فان ،سقراط إنسان ،سقراط فان.
القياس البرهاني :هو القياس األكثر صدقا بالنظر إلى املقدمات اليقينية التي ينبني
عليها.
اشكال النص:
ما طبيعة العالقة بين الفلسفة و الدين هل هي عالقة انفصال و قطيعة أم عالقة
ترابط و اتصال؟ و بصيغة اخرى ماهو موقف الشرع من فعل التفلسف هل يحرمه أم
أطروحة النص:
يرى ابن رشد أن العالقة بين الفلسفة و الشرع هي عالقة توافق ما دام كالهما نظر في
املوجودات إلثبات نفس الغاية وهي وجود الصانع ،وبذلك فإن الشرع ال يعترض على
فعل التفلسف بل يوجبه و يحث عليه باألحكام الشرعية و اآليات القرآنية التي تحث
البنية الحجاجية:
ارتكز ابن رشد في بحث العالقة بين الحكمة و الشريعة على بنية حجاجية تشكل نسيج
التعريف :تعريف الفلسفة بأنها نظر في املوجودات لداللتها على وجود الصانع .
فيلوكلوب
www.PhiloClub.net
التالزم املنطقي :بين املصنوعات و الصانع .حيث أن وجود املصنوعات يدل ب الضرورة
اإلستدالل املنطقي :اإلنطالق من تعريف الفلسفة و بيان مجالها ثم اإلنتقال إلى الشرع
و بيان خصائصه من حيث أنه يدعو إلى النظر في املوجودات ،ومن تم الخروج
الفلسفة نظر في املوجودات لداللتها على وجود الصانع— الشرع يدعو إلى النظر في
املجتمع اإلسالمي .و األخد بالعقل إلى جانب النقل ألنهما يسعيان لنفس الغاية التي هي
إثبات وجود الصانع .وإذا كان اإلتفاق حاصل على مستوى الغاية فإن اإلعتراض على
فعل التفلسف بحجة الشرع يصبح الغيا ،ألن هذا األخير نفسه يقدم اآلدلة القرآنية⁄
إن نص ابن رشد هذا هو بمثابة ر ّد على اإلمام الغزالي الذي كان فيما قبل قد حرم
ّ
اإلشتغال بالفلسفة و كفر فالسفتها لبثهم في األمور النظرية ،وهو األمر الذي ال يتفق
خالصة القول أن الشرع ال يعترض على فعل التفلسف ألن مجالهما واحد( النظر في
املوجودات) و غايتهما واحدة( الداللة على وجود الصانع ) حيث يكون بحث املوجودات
هو الوسيلة إلثبات وجود الصانع وهو ما عرض له ابن رشد بالتالزم املنطقي بين
املصنوعات و الصانع.