Professional Documents
Culture Documents
المطبوعة البيداغوجية
1
مقدمة:
يسعدني أن أتقدم لطلبتنا األعزاء بهذه السلسلة من المحاضرات في مقياس المصطلحية ،للسنة
الثالثة ،L.M.Dتخصص دراسات لغوية ،والتي تضم مجموعة من المفاهيم النظرية والتطبيقية
والمتوافقة مع المفردات المبرمجة في هذا المقياس بغية تمكين الطالب من:
-التعرف على النظريات المصطلحية الحديثة ومناهجها ،وتمكينه من تمييز المصطلح عما سواه
من المفردات اللغوية في أي نص علمي يتعامل معه .
-تمكينه من تبين أنماط المصطلحات وكيفية التعامل مع كل نمط منها ،خاصة المصطلحات
العلمية والتقنية.
-تمكينه من تبين وظيفة المصطلح العلمي في بناء المعارف العلمية.
-تمكينه من إدراك كيفية بناء المصطلح في اللغة العربية.
-تمكينه من إدراك مفهوم المصطلح من خالل تحليل مكوناته ،عربيا كان أم أجنبيا.
-تمكينه من األدوات والتقنيات المستعملة في صناعة المعاجم المتخصصة.
-تمكينه من إدراك قيمة التراث المصطلحي العربي ،والتعرف على منهجية توظيفه ودراسته.
-تمكينه من معرفة أهم قضايا المصطلح العلمي العربي ،ومعرفة الحلول المقترحة لها.
-تمكينه من معرفة دور التقنيات المعلوماتية الحديثة في تطوير العمل المصطلحي وتوحيده ونشره
وتيسير االستفادة منه.
-تمكينه من التعامل بعلم مع المصطلح العلمي العربي وقضاياه .
وبغية تحقيق األهداف التي تقدم ذكرها ،فقد تم عرض هذه المفاهيم والتطبيقات في تدرج متسلسل
كما هو مقرر رسميا ضمن محاور محددة هي:
المحاضرة األولى :تح ــديـ ــد المف ـ ــاهيم.
المحاضرة الثانية :المصطلحية :النش ـ ـ ـ ــأة والتط ـ ـ ـ ـ ــور.
المحاضرة الثالثة :الجهود العربية القديمة في المصطلحية.
المحاضرة الرابعة :الجهود العربية الحديثة في المصطلحية.
المحاضرة الخامسة :الجهود الغربية في المصطلحية.
2
المحاضرة السادسة :المصطلحية وعلم صناعة المعاجم.
المحاضرة السابــعة :آليات صناعة المصطلح :الترجمة.
المحاضرة الثامــــنة :آليات صناعة المصطلح :االقتراض (التعريب).
المحاضرة التاسـعة :آليات صناعة المصطلح :التوليد.
المحاضرة العاشــرة :جهود المؤسسات في صناعة المصطلح.
المحاضرة الحادية عشر :إشكالية المصطلح في الدراسات اللسانية.
المحاضرة الثـــانية عشر :إشكالية تدريس المصطلح اللساني.
آمل أن تكون هذه المطبوعة قد المت بالمواضيع المقررة ،وأسهمت في تزويد الطالب بالمادة
العلمية ،وأشبعت حاجته ،وقدمت بعض النفع ،واهلل من وراء القصد ،وهو ولي التوفيق ،
والحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات.
3
المحاضرة األولى
تحـــديــــد المفـــــاهيم
يعد المصطلح اللساني موضوعا جوهريا داخل الحقل اللساني ,بحكم المكانة المهمة التي يحتلها
في بناء شبكة من العالئق التواصلية بين كل العاملين على تطوير الدرس اللساني ،إذ تعتبر
المصطلحات مفتاح كل علم من العلوم لبناء نظريات حول طبيعة المصطلحات اللسانية ،لذا كان
لازما على الباحثين بذل جهد لتحديد مفاهيمها ،و جعلها أكثر دقة ،و قد أولى العلماء عناية كبيرة
بالمصطلح سواء من حيث التعريف أو من حيث طريقة الصياغة و حتي في مجاالت استخدامه
حيز واسعا في فكر وأعمال علمائنا
وتوظيفه داخل حقل من الحقول المعرفية فالمصطلح يشكل ا
على اختالف تخصصاتهم ,ألنه يعتبر الوسيلة األساسية التي تبنى عليها ثقافة األمم و تطورها في
مختلف العلوم.
وان التقدم في المعرفة البشرية والتكنولوجيا واالقتصاد يعتمد إلى حد كبير على توثيق المعلومات
ستخدم المفاهيم ،التي نعبر عنها بالمصطلحات والرموز ،أساساً لتنظيم األفكار العلمية
وتبادلها .وتُ َ
وجميع المعلومات األخرى .غير أن هذا التطور السريع في المعارف اإلنسانية أدى إلى صعوبة
إيجاد مصطلحات كافية شافية ،إذ ال يوجد تطابق وال تناسب بين عدد المفاهيم العلمية المتنامية
وعدد المصطلحات التي تعبر عنها .فعدد الجذور في أية لغة ال يتجاوز اآلالف على حين يبلغ
عدد المفاهيم الموجودة الماليين وهي في ازدياد ونمو مضطردين .ففي حقل الهندسة الكهربائية،
مثالً ،يوجد حالياً ما يربو على أربعة ماليين مفهوم على حين ال يحتوي أكبر معجم ألية لغة على
أكثر من ستمائة ألف مدخل.
ولهذا كله ،تلجأ اللغات إلى التعبير عن المفاهيم الجديدة بالمجاز واالشتراك اللفظي وغيرهما من
المستويين الوطني والدولي،
َ الوسائل الصرفية والداللية .وقد يقود ذلك إلى ارتباك واضطراب على
خاصة أن تصنيف المفاهيم وطريقة التعبير عنها يختلفان من لغة إلى أخرى ما يؤدي إلى صعوبة
في تبادل المعلومات وتنميتها .ولهذا ،كذلك ،كان ال بد من توحيد المبادئ التي تتحكم في إيجاد
4
المفاهيم أو تغييرها وفي وضع المصطلحات المقابلة لها وتعديلها .ومن هنا نشأ علم المصطلح
الحديث خالل القرن العشرين ؛ وهو علم حديث النشأة وما زال في دور النمو والتكامل.
مصطلح أم اصطالح ؟
إن كلمتي " مصطلح " و " اصطالح " مترادفتان في اللغة العربية .وهما مشتقتان من "اصطلح"
(وجذره صلح) بمعنى "اتفق" ،ألن المصطلح أو االصطالح يدل على اتفاق أصحاب تخصص ما
على استخدامه للتعبير عن مفهوم علمي محدد.
ولكن بعضهم يحسب أن لفظ "مصطلح " خطأ شائع وأن اللفظ الصحيح هو " اصطالح " ،ويسوق
لذلك ثالثة أسباب هي:
)1إن المؤلِّفين العرب القدماء استعملوا لفظ " اصطالح " فقط.
)2إن لفظ " مصطلح " غير فصيح لمخالفته قواعد اللغة العربية.
)3إن المعاجم العربية التراثية لم تسجل لفظ " مصطلح " وانما نجد فيها لفظ " اصطالح" فقط"،1
لكن َمن يدقق النظر في المؤلَّفات العربية التراثية ،يجد أنها تشتمل على لفظَي " مصطلح " و
"اصطالح " بوصفهما مترادفين .فعلماء الحديث كانوا أول من استخدم لفظ " معجم " ولفظ "
مصطلح " في مؤلَّفاتهم .ومن هذه المؤلَّفات منظومة أحمد بن فرج اإلشبيلي (من أهل القرن السابع
الهجري ) في مصطلح الحديث ،التي أولها:
صحيح " والرجا فيك معض ُل
ٌ غرامي "
سلس ُل "
رس ٌل " و " ُم َ
وحزني ودمعي " ُم َ
(الحظ أن الكلمات الثالث بين عالمات التنصيص هي مصطلحات من علم الحديث تدل على
أنواع مختلفة من الحديث النبوي الشريف) كما ظهر لفظ " مصطلح " في عناوين بعض مؤلفات
علماء الحديث مثل " األلفية في مصطلح الحديث" للزين العراقي ( زين ِّ
الدين عبد الرحيم بن
الحسين المتوفَى سنة 608هـ) وكتاب " نخبة الفكر في مصطلح أهل األثر" للحافظ بن حجر
اب آخرون غير علماء الحديث مثل شهاب
العسقالني (ت 682هـ) .واستخدم لفظ "المصطلح" كت ٌ
1
عبد العلي الودغيري " ،كلمة المصطلح بين الخطأ والصواب " مجلة اللسان العربي ،العدد ،1111 ، 86ص 1ـ.11
5
الع َمري (ت981هـ) في كتابه " التعريف بالمصطلح الدين أحمد بن يحيى المعروف بابن فضل اهلل ُ
الشريف" الذي يتناول األلفاظ االصطالحية المستعملة في الكتابة الديوانية.
ومن المعجميين الذين استخدموا لفظي " اصطالح " و " مصطلح " بوصفهما مترادفين عبد الرزاق
فقسمت الرسالة
ُ الكاشاني(ت938هـ) في كتابه " اصطالحات الصوفية " ،إذ قال في مقدمته... " :
على قسمين :قسم في بيان المصطلحات ما عدا المقامات . "...واستخدم الكاشاني لفظ " مصطلح"
أيت
في مقدمة معجمه " لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام" الذي قال في مقدمته " :فإني لما ر ُ
كثي اًر من علماء الرسوم ،ربما استعصى عليهم فهم ما تتضمنه كتبنا وكتب غيرنا من النكت
أحببت أن أجمع هذا الكتاب مشتمالً على شرح ما هو األهم من مصطلحاتهم" .1
ُ واألسرار... ،
واستعمل ابن خلدون (ت606هـ) لفظ " مصطلح " في " المقدمة " فقال " :الفصل الواحد
والخمسون في تفسير الذوق في مصطلح أهل البيان ."...وفي القرن الثاني عشر الهجري،
استعمل محمد التهاوني (كان حياً عام1168هـ) لفظَي " اصطالح" و"مصطلح " بوصفهما مترادفَين
مقدمة كتابه المشهور " كشاف اصطالحات العلوم " :حين قال " :فلما فرغت من تحصيل في ِّ
العلوم العربية والشرعية ،وشمرت على اقتناء العلوم الحكمية والفلسفية ،...فكشفها اهلل علي،
فاقتبست منها المصطلحات أوان المطالعة وسطرتها على حدة. "...
ُ
ظي " مصطلح " و" اصطالح " كل هذا ندرك أن المؤلِّفين العرب القدامى استعملوا لف َ
من ِّ
بوصفهما مترادفين .أما االدعاء بأن لفظ " مصطلح " ال يتفق والقواعد العربية ،ألنه اسم مفعول
من الفعل " اصطلح " وهو فعل الزم ال يتعدى إال بحرف جر فنقول " اصطلحوا عليه " ،وأن اسم
المفعول منه يحتاج إلى نائب فاعل هو الجار والمجرور أو الظرف أو المصدر ,ولهذا ينبغي أن
نقول " مصطلح عليه"؛ فإن قواعد اللغة العربية تجيز حذف الجار والمجرور " منه " للتخفيف
عندما يصبح اسم المفعول َعلماً أو اسماً ُيسمى به ،فنقول " مصطلح" فقط.
1
علي القاسمي ،عبد الرزاق الكاشاني واسهامه في تطوير المعجمية العربية ،مجلة دراسات مصطلحية ،العدد ،2001 ،1ص
.238/211
6
أما عدم ورود لفظ " مصطلح " في المعاجم العربية إال في معجم " الوجيز " لمجمع اللغة العربية
الذي صدر سنة 1160م و " المعجم العربي األساسي " الذي صدر سنة 1161م ،فيعود السبب
تسجل جميع ألفاظ اللغة ،و َّ
أن المعاجم العربية جرت على عدم ذكر في ذلك إلى أن المعاجم ال ِّ
صيغ المشتقات المطردة ،وكلمة " مصطلح" اسم مفعول مشتق من الفعل " اصطلح ".
المصطلحية :علم المصطلح وصناعة المصطلح:
ّ
تستخدم في الدراسات العربية عدة مترادفات للداللة على دراسة المصطلحات وتوثيقها ،مثل:
المصطلحية ،وعلم المصطلح ،وعلم االصطالح ،وعلم المصطلحات ،والمصطلحاتية ،إلخ.
وعند العودة إلى الدراسات الغربية التي تتناول علم المصطلح الحديث ،نجد أنها تفرق بين فرعين
من هذه الدراسة:
األول.)Terminology/Terminologie( : ّ
فاألول هو ِ
العلم الذي يبحث في العالقة بين المفاهيم العلمية والمصطلحات اللغوية.
والثاني.) Terminography/Terminorgaphie ( :
هو العمل الذي ينصب على توثيق المصطلحات ،وتوثيق مصادرها والمعلومات المتعلِّقة بها،
ونشرها في شكل معاجم مختصة ،إلكترونية أو ورقية.
والراجح أن المعجمي والمصطلحي الفرنسي أالن راي ( )Aain Reyهو في مقدمة الذين اشاروا
إلى هذا الفرق وأكدوه .1
وكان اللسانيون األمريكيون قد سبقوا إلى تبيان الفرق بين علم المعجم ( )Lexicologyالذي
يختص في دراسة األلفاظ من جميع الجوانب الصوتية والصرفية والداللية واألسلوبية ،وبين صناعة
المعجم ( )Lexicographyالذي يتعلَّق بجمع البيانات واختيار المداخل وكتابة المواد ونشر الناتج
النهائي في شكل معجم .2و َّ
لكن هذا التمييز ليس له وجود في الواقع العملي .فالمصطلحي الذي
بد أن يكون متمكناً من نظريات علم يضطلع بإعداد مصطلحات مولَّدة أو َّ
موحدة للنشر ،ال َّ
1
)Alain Rey, La Terminologie: Noms et Notions (Paris: PUF,1979
2
A.M. Al-Kasimi, Linguistics and Bilingual Dictionaries (Leiden: E.J.Brill, 1981
7
المصطلح .وكذلك المعجمي الذي يتولى تصنيف معجم من المعاجم ،ينبغي له أن يكون متمكناً
من دراسة المفردات التي يشتمل عليها معجمه ،اللهم إال إذا كان َمن يعمل على إعداد المعجم
المتخصص أو العام مجرد مساعد يعنى بمعالجة الملفات والجذاذات يدوية كانت أو آلية دون أن
يتدخل في اختيار مداخل المعجم أو مواده.
واذا كان هذا التفريق ضرورياً ،فإننا نفضل أن يكون لفظ " المصطلحية" اسماً شامالً لنوعين من
النشاط " :علم المصطلح " الذي يعنى بالجانب النظري ،و " صناعة المصطلح" التي تُعنى
بالجانب العملي .وينبغي أن نشير هنا إلى أن المتخصص في علم المصطلح ،بصورة عامة ،ال
يستطيع وضع المصطلحات أو توحيدها بمفرده ،وانما توصي المؤسسات المعنية بإسناد هذه
المهمة إلى لجنة مكونة من مصطلحيين ،ولسانيين ،ومتخصصين في الميدان العلمي الذي تتعلق
ضمن دقة المصطلحات من الناحية العلمية
به المصطلحات ،ومستهلكي تلك المصطلحات ،لكي تُ َ
وقبولها من ٍقبل األوساط التي تستعملها.
وهذا ما فعلناه في دراسة المعجم وانتاجه ،إذ أطلقنا عليهما اسم (المعجمية) الذي يضم فرعين
عنى بدراسة األلفاظ من حيثسمى أحياناً بعلم المفردات الذي ُي َ
هما :األول( ،علم المعجم) أو ما ُي َ
اشتقاقها ،وأبنيتها ،ودالالتها ،ومرادفاتها ،والتعابير االصطالحية والسياقية التي تتألف منها؛ أما
الفرع الثاني فهو (صناعة المعجم) الذي يشير إلى جمع المادة اللغوية ،واختيار المداخل ،وترتيبها
طبقاً لنظام معين ،وكتابة المواد ،ثم النشر النهائي للمعجم ،ورقياً كان أم إلكترونياً.
الفرق بين المصطلحية وعلم المصطلح:
أ -المصطلحية :لقد دقق عبد السالم المسدي ،في ما يخص العربية ،بين هذين المفهومين مبينا
أن المصطلحية هي علم يعني بحصر كشوف االصطالحات بحسب كل فرع معرفي فهو لذلك علم
تصنيفي تقريري يعتمد الوصف واإلحصاء مع سعي إلى التحليل التاريخي.
ب -أما علم المصطلح :فهو تنظيري في األساس ،تطبيقي في االستثمار ،ال يمكن الذهاب فيه إال
بحسب تصور مبدئي لجملة من القضايا الداللية والتكوينية في الظاهرة اللغوية .فعلم المصطلح
8
ينتسب سالليا إلى علوم التأثيل فالقاموسية فالمعجمية ،ولكنه فرع جنيني من علم الداللة وتوأم
الحق للمصطلحية بحيث يقوم منها مقام المنظر األصولي الضابط لقواعد النشاة والصيرورة.1
تعريف المصطلح:
يعرف المصطلحيون المصطلح بأنه الرمز اللغوي المحدد لمفهوم واحد. 2
أما المفهوم فهو تمثيل رمزي ذو طبيعة لفظية وداللية عامة توائم مجموعة من األشياء الملموسة
تملك خصائص مشتركة .3وقد عرف المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات المصطلح ،بأنه كل
وحدة دالة ،بسيطة أو مركبة ،تطلق على مفهوم محدد بشكل أحادي داخل ميدان معرفي معين.4
وينبغي بطبيعة الحال أن تكون ثمة عالقة منطقية بين المصطلح ومفهومه ،وقد حدد علماء
المصطلح جملة من الشروط الواجب توافرها في المصطلح المفضل المقبول .لذلك فإن
المصطلحات المتفق عليها يجب أن تكون واضحة دقيقة موجزة ،وسهلة النطق وأن ينتهي
المصطلح الواحد منها إلى نظام يشتمل على مجموعة من المصطلحات ،ترمز إلى مجموعة معينة
متربطة المفاهيم .5فالمصطلحات وحدات لغوية تخضع بصفة نسقية لمبادئ سالمة التكوين التي
ا
تتحكم في اللغة العامة .ورغم اختالف التعاريف التي أسندت حديثا للمصطلح من حيث المبنى إال
أن معناها يبقى واحدا وذلك ما قد يتضح من خالل التعريفات التالية للمصطلح:
أ -المصطلح العلمي أو التقني هو اللفظ الذي خصصه االستعمال في علم من العلوم أو فن من
الفنون أو صناعة من صناعات
بمفهوم معين ،فإذا أطلقه مستعملوه من أصحاب تلك العلوم ،والفنون والصناعات ،كان المقصود به
هو ما اصطلحوا عليه وتعارفوا على مدلوله دون ما سوى ذلك من الدالالت األخرى التي قد تكون
لذلك اللفظ ،فيما يسيح بين عامة متكلمي اللغة .فإذا أطلق لفظ جر أو نصب أو فتح عند النحاة
كان المقصود ب ه مخالفا لما هو معروف في اللغة المشتركة ،وكثي ار ما يحدث أن يداول اللفظ
1
قاموس اللسانيات 1168 ،ص .23
2
في المصطلح العربي قراءة في شروطه وتوحيده ،ديسمبر ، 2000ص .1
3
" Dictionnaire de linguistique " 1989..p.110
4
المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات ،ص .180
5
في المصطلح العربي قراءة في شروطه وتوحيده ،ص .1
9
الواحد عدد من المتخصصين في علوم مختلفة ،فيعطيه كل واحد منهم داللة مخالفة لما عند
اآلخر.1
ب -المصطلح هو كلمة اكتسبت داللة خاصة في مجال من المجاالت العلمية أو الفنية أو
الثقافية ،لدى طائفة من المتخصصين في حقل من الحقول ،وبذلك يحتاج إلى تعيين وتعريف
خاص به يصفه كمفهوم ،ويميزه عن غيره من المفاهيم داخل المجال المستعمل فيه.2
ويتفق الرأي أيضا بين المتخصصين في علم المصطلح على أن أفضل تعريف أوربي للمصطلح
هو التعريف التالي ،الكلمة
االصطالحية أو العبارة االصطالحية مفهوم مفرد أو عبارة مركبة استقر معناها ،أو باألحرى
استخدامها وحدد بوضوح ،فهو تعبير خاص ضيق في داللته المتخصصة ،و واضح إلى أقصى
درجة ممكنة ،وله ما يقابله في اللغات األخرى ،ويرد دائما في سياق النظام الخاص بمصطلحات
فرع محدد ،فيتحقق بذلك وضوحه الضروري .3ويعتبر وضع المصطلحات عملية إبداعية يقوم بها
المتخصص أثناء قيامه ببحثه حين تلجئه الضرورة إلى ذلك ،وهو يقوم على ثالثة أركان أساسية
هي:
المرد تسميته.
-المعرفة العلمية الدقيقة بالشيء ا
-القدرة اللغوية وتحوي المعرفة بقوانين اللغة ومعجمها وطرق التعبير عنها.
-سعة التخيل التي تجعل المتخصص قاد ا ر في وقت وجيز على الربط بين الركنين األولين.
أهم ّية المصطلح:
ّ
المصطلحات هي مفاتيح العلوم ،على حد تعبير الخوارزمي .وقد قيل إن فهم المصطلحات نصف
ِ
العلم ،ألن المصطلح هو لفظ يعبر عن مفهوم ،والمعرفة مجموعة من المفاهيم التي يرتبط بعضها
ببعض في شكل منظومة .وقد ازدادت أهمية المصطلح وتعاظم دوره في المجتمع المعاصر الذي
أصبح يوصف بأنه " مجتمع المعلومات " أو " مجتمع المعرفة " ،حتى أن الشبكة العالمية
للمصطلحات في فينا بالنمسا اتخذت شعار " ال معرفة بال مصطلح " .فعمليات اإلنتاج والخدمات
1
قضايا المعجم العربي في كتابات أبي الطيب الشرقي 1189 ،ص .118
2
المصطلح العلمي ومجاله االستعمالي في المعجم العربي المعاصر 1116 ،ص .111
3
المرجع نفسه ص .111
11
أصبحت تعتمد على المعرفة ،خاصة المعرفة العلمية والتقنية .فبفضل تكنولوجيا المعلومات
لمنتجاتها
واالتصال ،غيرت الشركات أدوات التصميم واإلنتاج ،فأخذت تصمم النموذج المختبري ُ
تعد ملزمة بالقيام بجميع عمليات التصنيع
وتجربه بالحاسوب قبل أن تنفذه في المصنع .كما أنها لم ُ
في مكان واحد وبصورة متعاقبة ،وانما أصبح باإلمكان تكليف شركات متعددة بتصنيع األجزاء
المنتج وتسويقه .وأدت هذه المختلفة في وقت واحد ،ثم تقوم الشركة المنتجة بتجميع أجزاء ُ
التطورات إلى اإلسراع في التنفيذ ،وتخفيض التكلفة ،وتحسين اإلنتاجية ،وزيادة القدرة التنافسية لتلك
الشركات .ونتيجة للثورة التكنولوجية المعاصرة ،حصل اندماج وترابط بين أنواع المعارف
والتكنولوجيات المختلفة أدى إلى توليد علوم جديدة ،وصناعات جديدة ،وخدمات جديدة .وظهرت
في السوق سلع وخدمات مبنية على تحويل المعارف إلى منتجات ،تُسمى بالسلع والخدمات
يات االقتصادية الحديثة المعرفةَ عامالً "داخلياً" يدخل بصورة مباشرة
المعرفية .ولهذا اعتبرت النظر ُ
في معادلة النمو ،بعد أن كانت النظريات االقتصادية القديمة تعد المعرفة عامالً "خارجياً" .فكلما
انتشرت المعرفة بين أفراد المجتمع ،تحسن أداؤهم ،وارتفع مردودهم االقتصادي .واللغة وعاء
المعرفة ،والمصطلح هو الحامل للمضمون العلمي في اللغة ،فهو أداة التعامل مع المعرفة ،وأس
التواصل في مجتمع المعلومات .وفي ذلك تكمن أهميته الكبيرة ودوره الحاسم في عملية المعرفة.1
1
محمد مراياتي " ،المصطلح في مجتمع المعلومات :أهميته وادارته " من بحوث المؤتمر الثالث لمجمع اللغة العربية بدمشق،
.2008
11
المحاضرة الثانية
المصطلحية
النشـــــــــأة والتطـــــــــــور
إن نشأة علم المصطلح مرتبط بتاريخ استعماله كمادة من حيث هي ،فإذا قلبنا صفحات التاريخ
و تتبعنا حركة المصطلحات وجدنا أن حركة المصطلح قامت مع النشاط اإلنساني في الحياة
المدنية و الحضارية ،فوجود اإلنسان على هذه البسيطة و قدرته على التفكير و كثرة البحث
واالكتشاف لما حوله ،صاحب كله حركة و نشاط على مستوى المصطلح.
العربي:
ّ المصطلح في التراث
أدرك العرب القدماء أهمية المصطلح ودوره في تحصيل العلوم .فقد قال القلقشندي (ت621هـ)
في كتابه "صبح األعشى" :
َّ
المقدم ،لعموم الحاجة إليه واقتصار القاصر " على أن معرفة المصطلح هي الالزم المحتَّم والمهم
عليه:
نع " .1
صِ الم ْ
يف َصاب بها طر ُ
حتى ُي َ تكون صنيعةً
إن الصنيعةَ ال ُ
ونوه التهاوني في مقدمة كتابه المشهور " كشاف اصطالحات الفنون " ،الذي جمع فيه أهم
المصطلحات المتداولة في عصره وعرفها ،بأهمية المصطلح فقال:
المروجة إلى األساتذة هو اشتباه
َّ " إن أكثر ما يحتاج به في تحصيل العلوم المدونة والفنون
لكل ِعلم اصطالحاً به إذا لم ُيعلم بذلك ال يتيسر للشارع فيه االهتداء سبيالً وال
االصطالح ،فإن ِّ
إلى فهمه دليالً" .2
فلذلك نجد عدة أسماء عربية بارزة قد اعتنت بالمصطلح وتناولته تحت تسميات كثيرة ،حيث إن
تسمية (المصطلح) و(االصطالح) لم ترد عند العرب القدماء ،بل اُستُخدمت حديثا ،فبعد مجيء
1
أحمد بن علي القلقشندي ،صبح األعشى في صناعة اإلنشا ،دار الكتب المصرية ،القاهرة1122 ،م ،ج ،1ص.9
2
محمد علي التهاوني ،كشاف اصطالحات الفنون ،تحقيق علي دحروج ،مكتبة لبنان ناشرون ،ط1112 ، 1م ،ج ،1ص .1
12
اإلسالم واتساع رقعته ،ومع انتشار الكتابة والعلوم وتدوين المسلمين لكل ما يتعلق بالشرع استجابة
للضرورة الملحة ،ظهر علم الحديث والذي ُعرف بـ(علم المصطلح) ،وما يقصده علماء الحديث
بهذه التسمية هو أن (علم المصطلح) هو جزء من (علم الحديث) أو متعلق به ،فقد استعملوا هذه
التسمية (علم المصطلح) من أجل تعريف وتوضيح وتبيين لما اصطلحوا عليه من ألفاظ في هذا
العلم الجديد (علم الحديث) ،لكن ليس بالمفهوم الحديث لهذا العلم .وهذا ما بينه طارق بن عوض
الله بقوله ( :و الصواب ان "علم المصطلح" ليس هو"علم الحديث" و إنما غاية "علم المصطلح"
ان يكون جزءا من علم الحديث أو هو شيء من متعلقاته التي تتعلق به) .1والشيء المهم هو أن
الحقيقة الشرعية من أول روافد المصطلحات العلمية والفنية عند العرب ،ومن أبرز األعمال التي
اعتنت بعلم المصطلح وبشرح األلفاظ الشرعية ودراستها:
الدراسات اللّغوية ،كانت عملية نقط اإلعراب من ِقبل أبي األسود ّ
الدؤلي اإلرهاص األول - 1في ّ
لنشوء المصطلح اللغوي ،فبدأ ذلك باستخدامه الفتح والضم والكسر ،ووضع الخليل بن أحمد
الفراهيدي ألوزان الشعر ألقابا لم تكن العرب تعرفها بتلك األسماء من قبل ،وقام بتقعيد المصطلح
الصوتي ،كما تعرض لمصطلحات العلوم األخرى؛ كالنحو والصرف والمعجم ،كما وضع سيبويه
مصطلحات صوتية ،وأسس المصطلح النحوي ،إلى جانب وضع كثير من النحاة أسماء اعتبروها
عالمات للتفاهم.
- 2ومن الدراسات األخرى التي اهتمت بهذا الموضوع:
ـ كتاب "الزينة في الكلمات اإلسالمية" لـ أبي حاتم الرازي المتوفى سنة 322هـ ،وهو فيلسوف
ومتكلم ،ويسمى عند كثير من اللغويين بأبي حاتم اللغوي ،يجمع هذا الكتاب بين طياته تلك
الكلمات التي أعطاها اإلسالم دالالت أخرى ،والتصقت بها حتى كاد ينسي معناها اللغوي ،ولعل
اضحا في رصد هذه الكلمات والعبارات اإلسالمية التي ترتبط بأمور
أبا حاتم الرازي حينها كان و ً
الدين ،أي أنه تتبع األلفاظ العربية في العصور ليبين مدى تطورها من حيث الداللة .فهي دراسة
لغوية يعني فيها بتطور األلفاظ ونشأتها ونموها ومجال استعمالها في اللغة.
1
طارق بن عوض الله بن محمد ،اصالح االصطالح ،مكتبة التوعية اإلسالمية للتحقيق والنشر 1821،ه ، 2006 /ط ،1
ص.13
13
فالمصطلحات اإلسالمية األولى هي تلك التي جاءت في القرآن الكريم ،وكان لكثير منها معنى
لغوي فنقلت من معناها األول إلى المعنى الجديد ،وكانت الحقيقة الشرعية من أهم أسباب نمو
اللغة وانتقال األلفاظ من معنى إلى آخر ،مما يقتضيه الشرع وتفرضه الحياة الجديدة.
ومن ذلك؛ األسماء الشرعية كالصالة والزكاة والصوم والحج والعمرة ،واألسماء الدينية كاإلسالم
واإليمان والكفر والنفاق والفسق ،باإلضافة إلى األسماء الجديدة (القرآن) و(الفرقان) و(التيمم)
وغيرها من األلفاظ التي لم تُعرف بهذا المعنى في الجاهلية.
ـ الحدود لجابر ابن حيان متوفى سنة 200هـ ،وهي رسالة في المصطلحات الكيمائية والطبية
ومراده بالحدود (جمع حد) هو المصطلح.
ـ األ لفاظ المستعملة في المنطق للفارابي (ت331هـ) يبحث "الفارابي" فيه أصناف األلفاظ
الدالة وتعدد هذه األصناف ،كما يبحث في الحروف فيقول إنها أصناف كثيرة ،وينقسم الكتاب إلى
"األلفاظ المفردة" ،وتحتوي "الفعل والحروف واألسماء" ويفصل الحديث عما يستعمله الجمهور من
األلفاظ وما يستعمله أصحاب العلوم ،وغير ذلك.
ـ مفاتيح العلوم للخوارزمي (ت369هـ) كتاب يعتبر أقدم موسوعة بالعربية تعرضت للعلوم
ومصطلحاتها ،يعين طالب العلم في معرفة كثير من مفاتيح العلوم التالية ومصطالحاتها :الفقه
والنحو وعلم الكالم والشعر والعروض والتاريخ والفلسفة والمنطق والطب وعلم الحساب والهندسة
والموسيقى وعلم الفلك والكمياء.
ـ الصاحبي البن فارس(ت318هـ) فهو كتاب في فقه اللغة صنفه ابن فارس ،وسماه بالصاحبي
نسبة إلى الصاحب بن عباد وكان ابن فارس قد قدم الكتاب إليه وأودعه في خزانته .أما مضمون
الكتاب فيدور حول اللغة العربية وأوليتها ومنشئها ،ثم يبحث في أساليب العرب في تخاطبهم ،وفي
الحقيقة والمجاز ،ودراسة الظواهر اللغوية .حيث عقد بابا وسماه باألسباب اإلسالمية ومراده
باألسباب اإلسالمية أي المصطلحات.
ـ السامي في األسامي للميداني(ت831هـ ).وهو معجم عربي – فارسي.
ـ التعريفات للجرجاني م 618هـ.
ـ كشاف اصطالحات الفنون للتهانوي (ق12ه) وهو معجم لمصطلحات العلوم العربية والشرعية.
14
وكان القدماء في كتبهم يهتمون بشرح المصطلحات ،وتوضيح مفاهيمها ،وتتبع األلفاظ وأصلها
ومرِدها ،وليست دراسة بمفهوم علم المصطلح الذي هو عليه اليوم والذي يقوم على جملة من
النظريات والعلوم من أجل دراسة اللفظة الواحد .وهناك أيضا:
ـ كتاب "اإلحكام" البن حزم وأيضا "اإلحكام" لآلمدي ،حيث إن كثي ار ممن اهتموا بالمصطلحات هم
الذين يشتغلون بأصول الفقه.
وتوالت البحوث والدراسات المختلفة لهذا الجانب اللغوي لأللفاظ ،مثل :بن خلدون في مقدمته
909هـ .لكن ابن خلدون تكلم عن القضية بعينها ،مشي ار إلى ذلك من بداية كالمه في المقدمة،
حيث نبه على أمرين في حديثه عن العمران (الحضارة) وما يتصل به حين َّبين الفساد الذي
انتشر فيها وما ظهر في زمانه من:
جمة عموما التي دخلت إلى اللغة العربية.
الع َ
-فساد اللغة من جهة النحو و ُ
-فساد المعاني المتعلقة باأللفاظ ،فهو تكلم عن قضية َق ْلب المفاهيم والمعاني لأللفاظ في عصره.
إضافة إلى ما سبق ذكره ،نجد نشأة حركة الترجمة النشيطة والقوية ،فقد تم من خاللها ازدياد
َكم هائل من المصطلحات ،بهذا نجد أن علماء المسلمين ُعنوا كثي ار باأللفاظ وتعريفاتها،
وبالمصط لحات ومفاهيمها ،وقدموا الكثير في تحديدها ،فنجد ابن فارس يقول (لكل لفظ اسمان
لُغوي ِ
وصناعي) ويقصد بالصناعي االصطالحي.
ولم يقتصر البحث في المصطلحات عند العرب على جوانب علمية محدودة ،بل تناول فروع
علمية كثيرة مدونة باللغة العربية على مدى عدة قرون ،حيث تناول البحث في المصطلحات ما
ورد منتعلق بالعلوم الدينية واللغوية ،والفلسفية ،إلى جانب اهتمام البحث في المصطلحات بكل ما َ
مفردات وعبارات اصطالحية في الكتب العربية والمعربة في تلك الفترة الزمنية ،وهي كتب العلوم
الطبية ،والكيمياء ،والرياضيات ،والفلك...الخ ،وفي هذه المجاالت توجد كتب عربية ،وأخرى ُنقلت
إلى العربية من لغات الحضارة القديمة ،خاصة اللغة اليونانية ،وكتب أخرى ُنقلت من الفارسية
والسنسكريتية والالـتينية .وقد كان ،في عصر الطباعة ،كتب علمية عربية كثيرة ُنشرت في أوروبا،
مثل كتاب (القانون) البن سينا (في روما1813 :م) ،و(تحرير أصول الهندسة إلقليدس) لنصر
الدين الطوسي (في روما1818 :م) وكتاب (الفالحة) لإلشبيلي (مدريد1602 :م)...،الخ.
15
كما ُنقلت مصطلحات يونانية وغير يونانية إلى اللغة العربية أثناء حركة الترجمة في العصر
العباسي في المشرق ،على وجه الخصوص .ومصطلحات اللغة الالتينية التي دخلت أثناء
االحتكاك بين المغرب العربي واألندلس من جهة ،وأوروبا من جهة أخرى ،فدونت كلمات كثيرة
يونانية والتينية وفارسية بالخط العربي .فالمصطلحية كما قال البعض هو علم قديم في غايته
وموضوعه ،وحديث في مناهجه ووسائله.
وكتب ا لقدماء على اختالف تطبيقاتها جلها كان فيها اهتمام بشرح لهذه المصطلحات فنجد
كثير باأللفاظ و تعريفاتها ،و بالمصطلحات و مفاهيمها ،وقدموا ،الكثير في
علماء المسلمين عنوا ا
تحديدها ،فنجد ابن فارس يقول ( :لكل لفظ اسمان لغوي و اصناعي) .1ويقصد بالصناعي
االصطالحي.
المصطلح بأنه لفظ يتواضع عليه القوم ألداء مدلول معين ،أو أنه
َ وعرف اللغويون العرب القدامى
لفظ ُنقل من اللغة العامة إلى اللغة الخاصة للتعبير عن معنى جديد .فقال الجرجاني (ت618ه)
في تعريف االصطالح في كتابه " التعريفات" " :عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء ٍ
باسم ما،
ُينقل عن موضعه ".ثم أضاف وكأنه يتحدث عن بعض طرائق وضع المصطلح " :إخراج اللفظ من
معنى إلى آخر ،لمناسبة بينهما" .2
وعرفه أبو البقاء الكفوي (ت 1018هـ) في كتابه " الكليات " " :االصطالح هو اتفاق القوم على
وضع الشيء ،وقيل :إخراج الشيء عن المعنى اللغوي إلى معنى آخر لبيان المراد" .3
وعرفه مرتضى َّ
الزبيدي (1208/1188هـ) في معجمه " تاج العروس " بأنه " :اتفاق طائفة
مخصوصة على أمر مخصوص" .4
ويلخص الدكتور أحمد مطلوب ،األمين العام للمجمع العلمي العراقي ،الشروط الواجب توفرها في
المصطلح والتي يمكن أن نستشفها من التعريفات السابقة في ما يأتي:
1
أحمد بن فارس ،الصاحبي في فقه اللغة ،المكتبة السلفية القاهرة ، 2010 ،ص .8
2
علي بن محمد الجرجاني ،التعريفات ،بيروت ،دار الكتب العلمية ،1163 ،ص . 26
3
أبو البقاء الكفوي ،الكليات ،تحق عدنان درويش ومحمد المصري ،دمشق ،مؤسسة الرسالة ،1112 ،ص .121
4
الزبيدي ،تاج العروس ،تحق .مصطفى حجازي ،الكويت ،المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب 1972،م( ،ص ل ح).
16
- 1اتفاق العلماء عليه للداللة على معنى من المعاني العلمية.
- 2اختالف داللته الجديدة عن داللته اللغوية األولى.
- 3وجود مناسبة أو مشاركة أو مشابهة بين مدلوله الجديد ومدلوله اللغوي (العام)" .1
شرع علماء األحياء والكيمياء بأوربا في توحيد قواعد وضع المصطلحات على النطاق العالمي منذ
القرن التاسع عشر .وقد أخذت هذه الحركة في النمو تدريجياً .وبين عامي 1108و1126م،
المصور للمصطلحات التقنية بست لغات وفي ستة عشر مجلداً.2
َّ صدر معجم شلومان
وتكمن أهمية هذا المعجم في أن تصنيفه تم على أيدي فريق دولي من الخبراء ،وأنه لم يرتِّب
تصنيف
ُ المصطلحات ألفبائياً ،وانما رتبها على أساس المفاهيم والعالقات القائمة بينها ،بحيث ُيسهم
ِ
المفاهيم ذاته في توضيح مدلول المصطلح وتفسيره.
وشهد عام 1131م صدور كتاب " التوحيد الدولي للغات الهندسة ،وخاصة الهندسة الكهربائية "
لألستاذ فيستر ،Wusterاألستاذ بجامعة فينا ،الذي تُوفي عام 1199م بعد أن أرسى كثي اًر من
الكتاب من المراجع الهامة في معظم اللغويين والمهندسين هذا أصول هذا ِ
العلم الجديد .وقد عد
َ ُ
صنعتهم واعتبروا فيستر أكبر رواد علم المصطلح الحديث.
وفي سنة 1138م ،وبطلب من االتحاد السوفييتي ُممثَّالً بأكاديمية العلوم السوفيتية ،تشكلت (اللجنة
التقنية للمصطلحات) ضمن (االتحاد العالمي لجمعيات المقاييس الوطنية .)ISAوبعد الحرب
المتخصصة في العالمية الثانية ،حلت محل هذه اللجنة لجنةٌ جديدةٌ تسمى (اللجنة التقنية ُ )39
المنظَّمة العالمية للتوحيد
وضع مبادئ المصطلحات وتنسيقها ،وهي لجنة من اللجان التابعة لـ ( ُ
المعهد النمساوي
ُ المعياري )ISOالتي تتخذ من مدينة جنيف السويسرية مق اًر لها .ويتولى (
للمقاييس) في فينا أمانةَ (اللجنة التقنية .)39وقد قامت هذه اللجنة بجهود ملموسة في مجال توحيد
مبادئ وضع المصطلحات سنأتي على بعضها في الصفحات القادمة.
1
أحمد مطلوب ،في المصطلح النقدي ،بغداد ،المجمع العلمي ،2002 ،ص .6
2
A. Schlomann’s Illustrated Technical Vocabularies
17
ومن رواد علم المصطلح الحديث السوفيتيان ) Lotteلوط((1180/1892م) وchaplygin
)شابلجين( (/1681ـ1182م) .وكان لوط وراء تأسيس (لجنة المصطلحات العلمية والتقنية في
ويعد ) olmstromهولمستروم( ،أحد كبار خبراء اليونسكو في االتحاد السوفيتي عام 1133مُ .
المنظَّمة الدولية على إنشاء ( دائرة
أواسط القرن العشرين ،من رواد هذا العلم فقد شجع هذه ُ
المصطلحات الدولية ) ورصد األموال الالزمة لنشر ببليوغرافيا بمجلَّدين تحتوي على عناوين
المتخصصة في العلوم والتكنولوجيا .1ثم صدرت منها ،بعد سنوات ،طبعة جديدة مزيدة. 2
ِّ المعاجم
وفي عام 1191م ،وبتعاون بين اليونسكو والحكومة النمساوية ،تأسَّس (مركز المعلومات الدولي
للمصطلحات) في فينا وتولى إدارته األستاذ هلموت فلبر ،Felberأستاذ علم المصطلح في
جامعة فينا ذو النشاط الواسع في هذا الحقل .ومن أهم أهداف هذا المركز ما يلي:
- 1تشجيع البحوث العلمية في النظرية العامة لعلم المصطلح ،ووضع المصطلحات ،وتوثيقها،
وعقد دورات تدريبية في هذا الميدان.
- 2توثيق المعلومات المتعلِّقة بالمصطلحات ،والخبراء ،والمشروعات ،والمؤسَّسات القطرية
والدولية العاملة في هذا الحقل.
- 3تنسيق التعاون الدولي في حقل المصطلحات وتبادلها ،وتبادل المعلومات عنها.
- 8بحث إمكانات التعاون بين بنوك المصطلحات ،وأسس تبادل المعلومات بينها.3
وقد عقد هذا المركز عدداً من المؤتمرات والندوات الدولية كان أولها الندوة العالمية األُولى حول
التعاون الدولي في حقل المصطلحات التي ُنظمت في فينا عام 1198م وتبدت فيها حاجة
1
E. Wüster, Bibliorgaphy of Monolingual, Scientific and Technical Dictionaries (Paris: UNESCO,
.)1955 and 1959
2
H. Felber, M. Krommer-Benz, and A. Manu, International Bibliography of Standardized
.)Vocabularies (München: K.G. Sauer, 1979
3
H. Felber, “ International efforts to overcome difficulties in technical communication”, a paper
presented to the Third European Congress on Information Systems and Networks. Luxembourg,
.May 1977
18
المنظمات الدولية للتعاون في تبادل المعلومات حول المصطلحات ،ورغبتها الشديدة في هذا النوع
المنظَّمات العاملة في حقل ِ ٍ
من التعاون .ومن نتائج هذه الندوة قيام المركز بإعداد دليل بأسماء ُ
المصطلحات وأنشطتها.1
ونظ اًر إلقدام عدد من المنظمات الدولية الكبرى آنذاك على استخدام الحاسوب في تخزين
المصطلحات ،وتوثيقها ،ومعالجتها ،ونظ اًر لضرورة االتفاق على أُسس عالمية تُيسِّر تبادل
المؤتمر األول لبنوك المصطلحات الدولية ،الذي كان
َ المركز في أبريل 1191م
ُ المعلومات ،نظم
كاتب هذه السطور ممثِّ ً
ال للوطن العربي فيه .وكان هذا المؤتمر يرمي إلى:
- 1إرساء مبادئ التعاون الدولي في حقل المصطلحات العلمية والتقنية وتبادلها وشروط هذا
التعاون.
ٍ
مجموعة من األُسس الهادية التي تيسر إقامة بنوك جديدة للمصطلحات. - 2تطوير
- 3إعطاء فكرة واضحة عن المشكالت الرئيسة التي تواجه بنوك المصطلحات ،واقتراح الحلول
لها.2
مركز المعلومات الدولي للمصطلحات )INFOTERMبالتعاون مع أكاديمية العلوم َّ
ونظم ( ُ
السوفيتية ندوة عالمية حول المشكالت النظرية والمنهجية في علم المصطلح ،في موسكو في
نوفمبر 1191م ،لبحث المعجمية وحالتها الراهنة ،وامكانات تطويرها ،ومشكالت تنسيق
المصطلحات وتوحيدها ،وقضايا تعليم المصطلحية في الجامعات ،وعالقة المصطلحية بالعلوم
األخرى.
وأوصت هذه الندوة في ختام اجتماعاتها بضرورة تعميق التعاون وتبادل اآلراء والخبرات على
المستويين الوطني والعالمي لحل المشكالت النظرية والمنهجية في علم المصطلح ،وضرورة تطوير
َ
وضع وصف لواجبات العاملين في حقل
َ حددة ،كما حبذتنموذج لبنك مصطلحات بحقول ُم َّ
1
.)M. Krommer-Benz, World Guide to Terminological Activities (München: K.G. Sauer, 1976
2
Ali M. Al-Kasimi, “ Towards a central terminological data bank in the Arab World”, a paper
presented to the First International Conference on Termingological Data Banks, Vienna, April
.1979
19
المحتملة في تدريس
َ المستعملة أو
َ تجميع المناهج الجامعية
َ المصطلحات ،وطبيعة أعمالهم ،وكذلك
علم المصطلح ،مع أخذ حاجات األقطار النامية في النظر.1
ومن المؤتمرات المؤسِّسة في علم المصطلح (الندوةُ العالمية حول مشكالت الترادف والتعريف في
علم المصطلح) التي ُع ِقدت في كوبيك بكندا في جوان 1162م ،والندوةُ الخاصة بعلم المصطلح
لتر في سبتمبر 1163التي ُع ِقدت على هامش المؤتمر العالمي للمعجميين بجامعة أكستر بإنج ا
وشارك فيها كاتب هذه السطور.2
1
ُنشرت خالصة التوصيات في مجلة اللسان العربي عدد 9جزء ،ص .266-269
2
The International Conference on Lexicography at Exeter University, 9-12 September 1983. Its
.proceedings were published in Lexicographica, Tubingen, 1984
21
وعلم المصطلح علم مشترك بين اللسانيات ،والمنطق ،وعلم الوجود ،وعلم المعرفة ،والتوثيق،
علم المصطلح وحقول التخصص العلمي .ولهذا ينعته الباحثون الروس َّ
بأنه " علم العلوم" .ويتناول ُ
انب ثالثة متصلة من البحث العلمي والدراسة الموضوعية وهي:1
جو َ
ّأولا :يبحث عل م المصطلح في العالقات بين المفاهيم المتداخلة التي تتبلور في صورة منظومات
مفهومية تشكل األساس في وضع المصطلحات المصنفة التي تعبِّر عن تلك المفاهيم .وبهذا
المعنى ،يكون علم المصطلح فرعاً خاصاً من علم المنطق وعلم الوجود.
ثاني ا :يبحث علم المصطلح في المصطلحات اللغوية ،والعالقات القائمة بينها ،ووسائل وضعها،
وأنظمة تمثيلها في بنية علم من العلوم .وبهذا المعنى ،يكون علم المصطلح فرعاً خاصاً من فروع
علم المعجم علم المعجم( )Lexicologyوعلم تطور دالالت األلفاظ (.2)Semasiology
ِّ
المؤدية إلى خلق اللغة العلمية ،بصرف النظر عن ثالث ا :يبحث علم المصطلح في الطرق العامة
التطبيقات العملية في لغة طبيعية بذاتها .وبذلك ُيصبح ِعلم المصطلح ِعلماً مشتركا بين علوم
تخصصةُّ .
فكل الم ِّ
اللغة ،والمنطق ،والوجود ،والمعرفة ،والتصنيف ،واإلعالميات ،والموضوعات ُ
المعقَّدة بين المفهوم والمصطلح.
هذه العلوم تتناول في جانب من جوانبها التنظيم الشكلي للعالقة ُ
سمات علم المصطلح بخمس: ٍ وقد حدد فيستر
)1يبحث علم المصطلح في المفاهيم ،للوصول إلى المصطلحات التي تعبر عنها.
)2ينتهج علم المصطلح منهجاً وصفياً.
)3يهدف علم المصطلح إلى التخطيط اللغوي ،ويؤمن بالتقييس والتنميط.
)8علم المصطلح علم بين اللغات.
)8يختص علم المصطلح غالباً باللغة المكتوبة.3
1
H. Felber, Manual of Terminology (Wein: INFOTERM, 1984
2
للفرق بين علم المعجم وصناعة المعجمُ ،ينظر :علي القاسمي ،علم اللغة وصناعة المعجم ،بيروت :مكتبة لبنان ،ط،3
، ،2008ص .3
3
" المصطلحية والمعجم التقني" لساجر .ج .س ،محمد حسن عبد العزيز ،مقال في مجلة " اللسان العربي" ،مكتب تنسيق
التعريب ،المغرب ،العدد 2011 82م ،ص .163 -190
21
المحاضرة الثالثة
الجهود العربية القديمة في المصطلحية
إن معالجة جهود العرب القدماء لمسألة المصطلح ال تخرج عن دائرة االهتمام المبكر التي
أوالهـا علمـاء االصطالح العـرب والمسلمين للقـرآن الكـريم ،حيث "اهتم العرب منذ عهد مبكر
بالمصطلحات ،وكان القرآن الكريم أهم مصدر ،إذ تحولت بعض األلفاظ من معانيها اللغوية إلى
مصطلحات زخرت بها كتب الفقه 1".فقد عني المسلمون " بمفردات القرآن ،وخاصة ما سمي
2
ومن " األوائل الذين عنوا منها بالغريب ،وشغلوا بتأويلها والبحث في داللتها اللغوية الدقيقة " .
بتفسير القرآن ،وخاصة بمسألة الغريب فيه ،عبد اهلل بن عباس (ت 86.هـ 869/م) .فقد
كانت لهذ الصحابي في مجال التفسير القرآني اجتهادات لغوية كثيرة قد جعلت بعض المحدثيـن
(( )) ((
أول دراسة في علم ،ويعتبـر تفسيـره رائد الد ارسـات اللغويـة للنصوص العربيـة يعتبـره
3
المفردات عند المسلمين)) ".
ومما ال شك فيه فقد كان البحث في غريب المفردات ضمن القرآن الكريم يعتبر البدايات
األولى نحو االهتمام باأللفاظ من خالل ضبط معانيها وهذا كان كذلك من المؤشرات نحو االهتمام
بالمصطلح .وعليه لقد كانت عناية واهتمام علماء العرب والمسلمين بالمصطلح ،توجهها في ذلك
مرجعية منهجية ومعرفية تتأسس على " أن معرفة المصطلح تفضي إلى فهم المادة العلمية ،فضال
على أن توحيد المصطلحات يؤدي إلى انطالق الباحثين والمؤلفين من قاسم مشترك فيما يؤلفون
4
ويكتبون ".
ضمن هـذه العالقـة المؤسسة بين المصطلح والمعرفـة المفضية لفهـم المادة العلمية"تجمع كل
الدراسات والبحوث المصطلحية على أن المصطلحات تمثل مفاتيح العلوم ،وهي نواة وجودها ،وال
1
أحمد مطلوب ،بحوث مصطلحية ،منشورات المجمع العلمي ،مطبعة المجمع العلمي ،2008العراق ،ط ،2008ص.03
2
إبراهيم بن مراد ،المعجم العلمي العربي المختص ،حتى منتصف القرن الحادي عشر الهجري ،دار الغرب اإلسالمي ،بيروت ،
لبنان ،الطبعة األولى ،1113ص .11
3
المرجع نفسه ،ص .11
4
أحمد مطلوب ،بحوث مصطلحية ،ص .03
22
يمكن لها أن تؤسس مفاهيمها ومعارفها دون ضبط هذا الجهاز المصطلحي الذي يؤسس هوية كل
علم من العلوم 1".كما أن " الطريق األسلم والمنهج األحكم إلى أي علم من العلوم ،هو أن يؤتى
2
ذلك العلم من أبوابه .وما من مسلك يتوسل به إلى فتح أبواب العلم غير العلم بمصطلحاته "
ومن " هنا كانت (علمية ) علم المصطلح تبدأ من كونه حـدد موضوعه في تلك المصطلحـات
3
المفاتيـح ،فكان بذلك (علم مفتاح العلم)".
بالنظر لألهمية المركزية التي تبوأها المصطلح ضمن دائرة تقاليـد الثقافة العربية اإلسالمية،
باعتباره المنهج األسلم واألحكا م لضبط المعرفة ومدخل أساسي لكل معرفة وعلم ،فقد توجه العلماء
نحو ضبط مجموعة المفاهيم والشروط المتعلقة بعملية البحث اإلصالحي .
ولقد فهمت هذه العملية (االصطالح) على أنها :
4
: 2/2كتاب التعريفات للشريف الجرجاني :
أول " :اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم مما ينقل عن موضعه األول ،واخراج اللفظ من معنى
5
لغوي إلى آخر لمناسبة بينهما ".
6
ثانيا " :وقيل :االصطالح :اتفاق طائفة على وضع اللفظ بإزاء المعنى ".
7
ثالثا " :وقيل :االصطالح :إخراج الشيء عن معنى لغوي إلى معنى آخر ،لبيان المراد ".
8
رابعا " :وقيل :االصطالح :لفظ معين بين قومين معينين "
1
خليفة الميساوي ،المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم 2013 ،ص.18
2
فريدة زمرد :مفهوم التأويل في القرآن الكريم دراسة مصطلحية ،ص.21
3
المرجع نفسه ،ص.21
4
وهو مصنف مختص في شرح وتحديد مفاهيم أهم المصطلحات وفق مجاالت تداولها واستعمالها وقد صنف هذا الكتاب العالمة
السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني ،كتاب التعريفات ،دار الندى اإلسكندرية ،ط ، 2008ص.33
5
المرجع نفسه ،ص.33
6
المرجع نفسه ،ص.33
7
المرجع نفسه ،ص.38
8
المرجع نفسه ،ص.38
23
إن هده المفاهيم التي طرحها وبسط فيها الشريف الجرجاني والمتعلقة بعملية االصطالح عند
علماء العرب ،تحيلنا على منهجهم في معالجة قضايا االصطالح والتي تتأسس على منهج الوضع
ومدى عالقته بثنائية اللفظ والمعنى سواء في تعريف األشياء أو وضع مسميات لها .فثائية اللفظ
والمعنى شكلت محور البحث ضمن دائرة اللسانيات العربية ،كما اعتبرت مرتكز بناء عمليات
االصطالح .
ومما سبق ذكره فعملية االصطالح كما قدمها صاحب كتاب التعريفات فهي تحتكم إلى مجموعة
من األسس :
أول :االصطالح :نتاج عملية االتفاق والتي أساسها الوضع .
ثانيا :االصطالح :وضع التسمية لألشياء ويكون ذلك بواسطة باللغة .
ثالثا :االصطالح :يتأسس على ثنائية اللفظ بالمعنى وعالقتهما بتسمية األشياء .
رابعا :االصطالح :ما تأسس على معنيين ،معنى لغوي إلى معنى مجازي .
خامسا :االصطالح :عملية تقوم بها فئة متخصصة .
1
0/2كتاب الكليات للكفوي:
عرف االصطالح بقوله ":هو اتفاق القوم على وضع الشيء ،وقيل إخراج الشيء عن المعنى
اللغوي إلى معنى آخر لبيان المراد 2".فعملية االصطالح عند الكفوي تقتضي :
أول :االتفاق القائم ع لى وضع األشياء ،وذلك من خالل وضع تسميات لها قائمة على عالقة
اللفظ بالمعنى .
ثانيا :إخراج الشيء من المعنى اللغوي إلى معنى آخر ،أي :قد يكون بإخراج المعنى من معنى
عام مشترك إلى معنى خاص متخصص .
1
الكليات :معجم في المصطلحات والفروق اللغوية ألبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي المتوفي سنة 1018ه ـ .
2
الكفوي :الكليات تحقيق عدنان درويش ،محمد المصري ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ،لبنان ،الطبعة الثانية ،2011ص .109
24
1
3/2كشاف اصطالحات الفنون والعلوم اإلسالمية :
عرف االصطالح بقوله ":هو العرف الخاص وهو على اتفاق قوم على تسمية شيء باسم بعد
نقله عن موضوعه األول لمناسبة بينهما كالعموم والخصوص أو لمشاركتها في أمر أو مشابهتها
في وصف أو غيرها 2".فعلمية االصطالح عن التهانوي تتأسس على :
أول :العرف الخاص ،وقوامه االتفاق على تسميات خاصة باألشياء .
ثانيا :عملية االصطالح عند العرب تتأسس على منهج قوامه االنتقال من العموم إلى الخصوص .
ثالثا :قوام عملية االصطالح يتحدد في الوصف ،فوضع تسمية لألشياء ،هو وصف لها .
بعدما فرغنا من توضيح مدى ارتباط عملية االصطالح بالنص القرآني ضمن دائرة الثقافة
العربية اإلسالمية ،ننتقل إلى مسألة منهجية أخرى تتعلق بمدى عالقة البحث المصطلحي عند
العرب بمباحث المعجمية .
3
تصف مباحث علم المعجم (المعجمية) عند اللسانيين المحدثين إلى صنفين كبيرين :
الصنف األول :نظري يتعلق بالمعجمية النظرية ،أو يسمى عند البعض علم المفردات ،
4
ومبحثهما األلفاظ من حيث داللتها واصلوها واشتقاقها .
الصنف الثاني :تطبيقي يتعلق بالمعجمية التطبيقية ويسمى عند البعض المعاجمية ومبحثه
6
تأليف المعاجم وصناعتها 5،ويتصل به مبحثان هما :
1
كشاف اصطالحات الفنون والعلوم اإلسالمية :مدونة متخصصة في تعريف المصطلحات والعلوم اإلسالمية لصاحبها محمد بن
علي ابن القاضي محمد بن حامد ابن محمد صابر الفاروقي الحنفي التهانوي المتوفي سنة 1186هـ 1988 /م
2
التهانوي :كشاف اصطالحات الفنون والعلوم اإلسالمية ،دار صادر ،بيروت ،لبنان ،بدون طبعة ،ج ، 2ص.622
3
إبراهيم بن مراد :المعجم العلمي العربي المختص ،حتى منتصف القرن الحادي عشر الهجري ،ص.08
4
المرجع نفسه ،ص.08
5
المرجع نفسه ،ص08
6
المرجع نفسه ،ص .08
25
أ /المبحث األول " :جمع الرصيد المعجمي الذي يدون في المعجم المؤلف ،ويشتمل على مسائل
من أهمها اثنتان :هما المصادر المعتمدة في الجمع ،والمستويات اللغوية التي تنتمي إليها األلفاظ
1
المدونة ".
ب /المبحث الثاني " :وهو منهج التدوين – ويسمى(( الوضع )) وهو يشتمل على مسألتين مهمتين
،هما الترتيب ،والتعريف وهذا الصنف الثاني هو الذي غلب في التراث المعجمي العربي ،
2
وكانت للعرب فيه تجربة رائدة ".
ومما سبق البسط فيه فالبحث المعجمي العربي كما تذهب إليه بعض الدراسات الحديثة لم يتناول
دراسة المفردات واأللفاظ باالعتماد على منهج التنظير والتطبيق ،ولكن توسل في دراستها على
منهج التعميم والتخصيص ومنهج الوضع الذي من قواعده الترتيب والتعريف .3كما أن السمة التي
تميزها بها البحث المعجمي العربي ضمن النظرية اللغوية العربية ،أن المعجم تميز باستقالليته
عن النحو ،حيث جرى التفريق بين نظ رية المفردات ،إي نظرية المعجم ،ونظرية التراكيب ،أي
نظرية النحو 4،وهذا بخالف النظريات اللسانية الحديثة التي درست المعجم ضمن التراكيب
وخاصة منها نظرية النحو التوليدي التحويلي .فنظرية المعجم " ال تزال في الحقيقـة موطـن
الضعف الكبير في اللسانيـات الحديثـة .فـإن البنيويـة في النصف األول من هذا القرن لم تعط
المعجم حقه من البحث ثم زادت المدرسة التوليدية في السنوات األربعين المنقضية أمره تعتيما
))
بتغليبها المكون التركيبي في البحث اللساني ......وقصرت وظيفته على أن يكون ((ذيال للنحو
" 5وذلك على اعتبار أنه " لم يكن للنحو التوليدي على العموم سوى القليل مما يقوله عن
المعنى 6".و بالرغم من هذا التباين المنهجي مابين البحث المعجمي ضمن دائرة اللسانيات العربية
1
المرجع السابق ،ص .08
2
المرجع نفسه ،ص .08
3
المرجع نفسه ،ص .08
4
إبراهيم بن مراد :مسائل في المعجم ،دار الغرب اإلسالمي ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى ،1119ص.08
5
إبراهيم بن مراد :مقدمة لنظرية المعجم ،دار الغرب اإلسالمي ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى ،1119ص.08
6
ر .جاكندوف و ن .تشومسكي و ر .فندلر :داللة اللغة وتصميمها ،ترجمة محمد غاليم ومحمد الرحالي وعبد المجيد جحفة ،
دار توبقال للنشر ،المغرب ،ط ،2009 1ص.12
26
ومباحث المعجم ضمن اللسانيات الغربية ،إال أن البحث المعجمي العربي تم تميز بصنفين من
1
التصنيف.
2
أول :صنف المعاجم اللغوية العامة :يتسم هذا الصنف من المعاجم بالكثرة واالنتشار والشهرة
وهي " معاجم قد عني مؤلفوها بتدوين ألفاظ اللغة العامة التي استعملها الفصحاء من العرب ،
3
سواء في البوادي أو في الحواضر ،مع ميل إلى استعماالت البدو أكبر ".
ثانيا :صنف المعاجم المختصة :يتميز هذا الصنف من المعاجم أنها " ليست -في الغالب –
من وضع اللغويين المعجميين ،بل هي من وضع العلماء ،وهي إذن ال تشمل على ألفاظ اللغة
العامة بل على مصطلحات العلوم والفنون ،فهي إذن في المصطلحات العلمية أو الفنية ،أو
فيهما معا 4".والدارس لهذا الصنف من المعاجم يجد أنها تضمنت مصطلحات علمية وفنية ،قد
ظهر جلها في عصر تدوين وجمع اللغة الفصحى أي عصر الحتجاج 5.كما أن هذا الصنف
المعاجم أي المعاجم المختصة لم تحظ بنفس ما حظيت به المعاجم اللغوية العامة ،بحيث بقي
باب البحث مغفال في وجه لمعاجم المختصة .
1
إبراهيم بن مراد :المعجم العلمي العربي المختص ،حتى منتصف القرن الحادي عشر الهجري ،ص.08
2
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها.
3
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها.
4
المرجع نفسه ،ص.08
5
المرجع نفسه ،ص.08
6
أحمد مطلوب ،كتاب بحوث مصطلحية ،ص .29 ،
7
المرجع نفسه ،ص .29
27
أ /الرتجال :وهـو عملية ووضع كلمات وألفاظ جديدة لم تكن متداولة ومعروفة من قبل 1 ،وعادة
ما يلجأ لهذه الوسيلة المعجمي والمصطلحي والمترجم وحتى المتكلم وذلك يرجع دائما لمقاصد
تواصلية أو علمية يفرضها المنهج أو الحاجة لذلك .
ب /الشتقاق :يعرف على أنه " العلم الباحث عن كيفية خروج الكلم بعضها عن بعض بسبب
مناسبة بين المخرج والخارج باألصالة والفرعية ،وباعتبار جوهرها .وانما ذكرنا هذا القيد إذ يبحث
2
في الصرف أيضا عن األصالة والفرعية بين الكلم ،لكن ال بحسب الجوهرية ،بل بحسب الهيئة".
إن هذا القول يحيلنا على أن األساس في االشتقاق هو إخراج الكلم بعضه عن بعض وذلك وفق
معيار المناسبة في الجوهر بين المخرج والخارج باألصالة والفرعية نحو نهق /نعق .وهذا بخالف
الصرف الذي كذلك هو إخراج الكلم بعضه عن بعض على أساس األصلية والفرعية ولكن وفق
مناسبة تحتكم للهيئة ال للجوهر نحو ضرب /الصرب 3.ومنه نصل إلى عالقتين من المناسبة بين
بين الكلم :
-مناسبة الجوهر :وهي سمة متعلقة بالشتقاق قوامها مناسبة جوهر بين الكلم في المخرج
والخارج باألصالة والفرعية .
-مناسبة هيئـة :وهي سمـة متعلقـة بالصرف قوامهـا مناسبــة هيئــة بيـن الكلــم في األصل
والفرع .
ج /القياس :يعرف على أنه " رد الشيء إلى نظيره " 4وهو كذلك " حمل مجهول على معلوم
وحمل غير المنقول على ما نقل وحمل ما لم يسمع على ما سمع في حكم من األحكام وبصلة
جامعة بينهما 5".ويصنف القياس على أنه وسيلة من وسائل نمو اللغة العربية وتوسعها ،وقد
اختلف فيه النحاة إلى توجهين:6
1
المرجع السابق ،ص.29
2
أحمد بن مصطفى الشهير بطاش كبرى زادة :مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم ،دار الكتب العلمية ،
بيروت ،لبنان ،الطبعة الثالثة ،2002المجلد األول ،ص .128
3
المرجع نفسه ،المجلد األول ،ص.128
4
الشريف الجرجاني :كتاب التعريفات ،ص .111
5
أحمد مطلوب :بحوث مصطلحية ،ص.20
6
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها.
28
1
-التوجه البصري :لم يجيز القياس على األمثلة القليلة والنادرة .
-التوجه الكوفي :أ جاز القياس على المثال الواحد ،وقد اخذ الكثير من المحدثين من علماء
اللغة بقولهم وذلك من أجل أن تتوسع اللغة العربية .2ومنه فالقياس عند علماء اللغة العربية
يعتبر وسيلة مهمة في وضع المصطلحات وان قيده القدماء ومجمع اللغة العربية بما تقتضيه
الحاجة للتوسع.3
د /المجاز :يعرف على أنه " نقل كلمة من المعنى القديم الى معنى جديد مع قرينة تدل على
ذلك ".4
هـ -التوليد :يمكن تحديد كلمة التوليد على أن " كلمة المولد " لكلمة جديدة" أو " معنى جديدا
لكلمة قديمة " 5فهو بهذا التعريف عبارة عن خلق وحدات لغوية جديدة ضمن لغة ما .
و -القتراض :يعني " مصطلح االقتراض عملية بموجبها يكتسب لسان ما وحدة معجمية تكون
منصهرة في معجم لسان آخر".6
1
المرجع السابق ،الصفحة نفسها.
2
المرجع نفسه ،ص.21
3
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها.
4
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها.
5
جان بريفو وجان فلرنسوا سابليرول :المولد في دراسة األلفاظ ،ترجمة خالد جهيمة ،المنظمة العربية للترجمة ،بيروت ،لبنان ،
الطبعة األولى ،.2010ص.11
6
فرانك نوفو :قاموس علوم اللغة ،ترجمة صالح الماجري ،المنظمة العربية للترجمة ،لبنان ،طبعة أولى ،2012ص .99
29
المحاضرة الرابعة
ِ
المجامعُ اللغوية في العواصم العربية أبحاثاً في أُسس وضع المصطلحات العلمية والتقنية في تُجري
اللغة العربية .وفي عام 1181م ،أناطت (جامعةُ الدول العربية) مهمةَ تنسيق المصطلحات في
الوطن العربي بـ (مكتب تنسيق التعريب بالرباط) 1الذي شجع األبحاث اللغوية والمعجمية،
ونشر عدداً غفي اًر منها
َ والدراسات المتعلِّقة بمشكالت المصطلحات العلمية والتقنية باللغة العربية،
المكتب بصورة دورية ُ في مجلته " اللسان العربي " التي صدر عددها 86عام 2008م .2وينظم
َّ
الموحدة في العلوم ات ومؤتمرات للتعريب ،حسب خطة تهدف إلى توفير المصطلحات العربية ندو ٍ
المكتب ( ندوة توحيد منهجيات وضع المصطلح العلمي) في الرباط في الفترة
ُ والتكنولوجيا .وقد عقد
ما بين 20/16من شهر فبراير 1160م.
وقد أقرت هذه الندوة المبادئ اآلتية :
- 1ضرورة وجود مناسبة أو مشاركة أو مشابهة بين مدلول المصطلح اللغوي ومدلوله
االصطالحي ،وال يشترط في المصطلح أن يستوعب كل معناه العلمي.
1جاءت فكرة إنشاء مكتب تنسيق التعريب ،في إطار تصور جهاز عربي متخصصُ ،يعنى بتنسيق جهود الدول العربية في مجال
تعريب المصطلحات الحديثة ،والمساهمة الفعالة في إيجاد أنجع السبل الستعمال اللغة العربية في الحياة العامة ،وفي جميع مراحل
التعليم ،وفي كل األنشطة الثقافية والعلمية واإلعالمية ،ومتابعة حركة التعريب في جميع التخصصات العلمية والتقنية .وقد اقتنعت
الدول العربية بدور هذا الجهاز وبأهمية إحداثه ،فانعقدت -تنفيذاً لتوصيات مؤتمر التعريب األول الذي التأم بالرباط سنة-1181
ُُلحق باألمانة العامة لجامعة الدول العربية في مارس .1181
الدورة األولى لمجلسه التنفيذي بالرباط في 11فبراير ،1182ثم أ ُ
وعند قيام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم كوكالة متخصصة في نطاق جامعة الدول العربية في يوليو ،1190اُلحق بها هذا
الجهاز في مايو/أيار ،1192وكان يسمى آنذاك ( المكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي) ،وتم إقرار نظامه الداخلي من
قبل المجلس التنفيذي للمنظمة في دورته الثامنة المنعقدة بالقاهرة من 1/29إلى ،1193/2/3ووفق ق اررات المجلس التنفيذي
للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ،في دورته الرابعة والستين لسنة ،1118في موضوع دراسة أوضاع األجهزة الخارجية
للمنظمة ،وتقييم أدائها واستشراف مستقبلها ،تمت الموافقة على الهيكل التنظيمي للمكتب في الدورة السابعة والستين للمجلس التنفيذي
للمنظمة سنة .1116
2
ينظر :اعمال مكتب تنسيق التعريب بالرباط في مجلة " اللسان العربي " العدد 2008 ،86م.
31
- 2وضع مصطلح واحد للمفهوم العلمي الواحد ذي المضمون الواحد في الحقل الواحد .
- 3تجنب تعدد الدالالت للمصطلح الواحد في الحقل الواحد ،وتفضيل اللفظ المختص على اللفظ
المشترك.
- 8استقراء واحياء التراث العربي وخاصة ما استعمل منه ،أو ما استقر من مصطلحات علمية
عربية صالحة لالستعمال الحديث وما ورد فيه من ألفاظ معربة.
- 8مسايرة المنهج الدولي في اختيار المصطلحات العلمية :وهذا المنهج يتمثل في:
أ -مراعاة التقري ب بين المصطلحات العربية والعالمية لتسهيل المقابلة بينهما للمشتغلين
بالعلم والدارسين.
ب -اعتماد التصنيف العشري الدولي لتصنيف المصطلحات حسب حقولها وفروعها.
ج -تقسيم المفاهيم واستكمالها وتحديدها وتعريفها وترتيبها حسب كل حقل.
د -اشتراك المختصين والمستهلكين في وضع المصطلحات .
هـ -مواصلة البحوث والدراسات ليتيسر االتصال بدوام بين واضعي المصطلحات
ومستعمليها.
- 8استخدام الوسائل اللغوية في توليد المصطلحات العلمية الجديدة باألفضلية طبقاً للترتيب
اآلتي :التراث فالتوليد(بما فيه من مجاز واشتقاق وتعريب ونحت).
- 9تفضيل الكلمات العربية الفصيحة المتواترة على الكلمات المعربة.
- 6تجنب الكلمات العامية إال عند االقتضاء بشرط أن تكون مشتركة بين لهجات عربية عديدة ،
وأن يشار إلى عاميتها بأن توضع بين قوسين.
- 1تفضيل الصيغة الجزلة الواضحة ،وتجنب النافر والمحظور من األلفاظ.
- 10تفضيل الكلمة التي تسمح باالشتقاق على الكلمة التي ال تسمح به.
-11تفضيل الكلمة المفردة ألنها تساعد على تسهيل االشتقاق والنسبة واإلضافة والتثنية والجمع.
-12تفضيل الكلمة الدقيقة على الكلمة العامة أو المبهمة ،ومراعاة اتفاق المصطلح العربي من
المدلول العلمي للمصطلح األجنبي ،دون تقيد بالداللة اللفظية للمصطلح األجنبي .
31
-13في حالة المترادفات أو القريبة من الترادف تفضل اللفظة التي يوحي جذرها بالمفهوم األصلي
بصفة أوضح.
-18تفضيل الكلمة الشائعة على الكلمة النادرة أو الغريبة إال إذا التبس معنى المصطلح العلمي
بالمعنى الشائع المتداول لتلك الكلمة.
-18عند وجود ألفاظ مترادفة أو متقاربة في مدلولها ،ينبغي تحديد الداللة العلمية الدقيقة لكل
واحدة منها ،وانتقاء اللفظ العلمي الذي يقابلها .
-18مراعاة ما اتفق المختصون على استعماله من مصطلحات ودالالت علمية خاصة بهم ،
معربة كانت أو مترجمة.
-19التعريب عند الحاجة وخاصة المصطلحات ذات الصيغة العالمية ذات األصل اليوناني أو
الالتيني أو العناصر والمركبات الكيماوية.
-16عند تعريب األلفاظ األجنبية يراعي ما يأتي:
أ -ترجيح ما سهل نطقه في رسم األلفاظ المعربة عند اختالف نطقها في اللغات األجنبية .
ب -التغيير في شكل المصطلح حتى يصبح موافقاً للصيغة العربية ومستساغاً
ج -اعتبار المصطلح المعرب عربيا ،يخضع لقواعد اللغة ويجوز فيه االشتقاق والنحت
وتستخدم فيه أدوات البدء واإللحاق ،مع موافقته للصيغة العربية.
د -تصويب الكلمات العربية التي حرفتها اللغات األجنية واستعمالها باعتماد أصلها الفصيح.
هـ -ضبط المصطلحات عامة والمعرب منها خاصة بالشكل حرصا على صحة نطقه ودقة
أدائه.
المعجمية
ّ جمعية
ومن المؤسسات العربية التي تنشط في البحث المعجمي والمصطلحيّ ( ،
العربية بتونس) ،1فقد نظمت بمدينة تونس ندوة علمية دولية في موضوع " المعجم العربي
ّ
1
جمعية المعجمية العربية هي هيئة علمية تأسست بتونس عام 1163م وتهتم بالبحث المعجمي لما يهم العربية .وقد اعتنت خاصة
بالمعجم التاريخي ونظمت لذلك ندوة علمية دعت لها اللغويين العرب .صدرت عن هذه الجمعية مجلة علمية متخصصة تسمى
مجلة "المعجمية ".ترأس هذه الجمعية األستاذ محمد رشاد الحمزاوي ويترأسها منذ عام 1118م األستاذ إبراهيم بن مراد .وعندما
تأسست جمعية المعجمية العربية ،اهتمت بموضوع المعجم التاريخي فخصته بندوتها العلمية الدولية الثانية عام ،1161وأُنشئ عام
1110مشروع (المعجم العربي التاريخي )بتمويل من الحكومة التونسية ،ولكن هذا المشروع قد توقف ،ثم أعيد العمل فيه عام
32
المختص" في المدة من 11/19افريل 1113م ونشرت أعمالها في كتاب ،ونظمت ندوتها الدولية
الرابعة في موضوع " مشكالت التعريف في المعجم " بمدينة تونس في المدة من 28/22اوت
2008م.
المعجمية“.
ّ كما تصدر الجمعية دورية بعنوان ”مجلة
المعجمية) التي تنظم ندوات حول قضايا
ّ المغربية للدراسات
ّ وفي المغرب توجد (الجمعية
المعجم العربي ،وتُ ِ
صدر مجلة "الدراسات المعجمية" التي ظهر عددها الخامس في يناير 2008
وهو مخصص ألعمال الندوة التي عقدتها الجمعية حول " المتالزمات في المعاجم العربية".
المصرية لتعريب العلوم)
ّ الجمعية
ّ ومن الجمعيات المتخصصة في المصطلح العلمي العربي (
التي يرأسها عالِم األحياء المصري الدكتور عبد الحافظ حلمي ويتولى أمانتها المهندس اإللكتروني
الدكتور محمد يونس الحمالوي .وتعقد هذه الجمعية مؤتم اًر سنوياُ في القاهرة تُ َّ
قدم فيه دراسات في
النظرية العامة والنظرية الخاصة لعلم المصطلح .
.1118ولعل سبب تعثره يعود إلى عدم تفرغ القائمين على المشروع .ولهذا فإن اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية قرر إنشاء
مؤسسة مستقلة تتفرغ لتأليف المعجم التاريخي للغة العربية.
33
المحاضرة الخامسة
الجهود الغربية في المصطلحية
المدارس المصطلحية:
عرفت المقاربات النظرية والمنهجية للظاهرة المصطلحية اختالفاً في المنطلقات واألهداف من
مدرسة ألخرى ،والظاهر أن هذا االختالف أيضاً يرجع إلى التقاليد السائدة عند األمم والشعوب في
تصور اللغة العلمية ومكوناتها ،وعموما يمكن أن نشير إلى أبرز المدارس المصطلحية الغربية
وهي:
تنطلق هذه المدرسة المصطلحية في نظريتها من أطروحة النمساوي فيستر التي قدمها إلى جامعة
برلين عام 1131م بعنوان ( التقييس الدولي للغة التقنية) .وكان فيستر يتبنى اتجاهاً فلسفياً ينظر
إلى المصطلحات بوصفها وسيلة اتصال لصيقة بطبيعة المفاهيم.
ويمكن إجمال التصور العام لهذه المدرسة في المبادئ اآلتية:
-1يعد النسق المفهومي نسقاً جوهرياً في مصطلحات كل علم ،فتصنيف
المفاهيم يأتي بعد تصنيف المصطلحات.
-2النسق المفهومي نسق منطقي تخضع فيه المفاهيم لتسلسل بنيوي ،ذلك أن المفاهيم تُ َّ
حدد في
عالقة بعضها ببعض.
-3الداللة األحادية خاصية أساسية في المصطلح ،وبحكم هذا المبدأ ُرفضت ظاهرتا المشترك
اللفظي والترادف ،وقامت بالمقابل الدعوة إلى توحيد المصطلح.
-8يحتل التعريف موقع ًا أساسياً في النسق المصطلحي .
1
- Maria Teresa Cabré, La terminologie théorie-méthode et applications, les prosses de
l’université d’ottawa, p : 37-38 .
-ينظر :علم المصطلح ،علي القاسمي ،ص.2 :
34
-8يشكل التوثيق شقاً ضرورياً لكل عمل مصطلحي ،وبموجب هذا المبدأ ينفتح علم المصلح
على علم التصنيف وتقنياته.
ترجع البدايات األولى للمدرسة السوفيتية إلى بداية العقد الثالث من القرن العشرين ،شأنها شأن
المدرسة األلمانية – النمساوية .ومن أشهر أعالمها ”لوط“ و“ كندلكي“ ،و ” ديرزن“.
ومن الثوابت المركزية لهذه المدرسة نذكر ما يلي:
-1علم المصطلح تخصص معرفي تطبيقي من حيث كونه يبحث عن حلول لمشاكل تتصل
بممارسة فعل االصطالح في المجاالت العلمية والتقنية ،ومن أهمها مشكلة توحيد المصطلحات ،
ومشكل التوليد.
-2وجوب العناية في أي عمل مصطلحي بتعيين المصطلح ومميزاته ،وتعريف المفهوم ،وتمييز
النسق المصطلحي عن مدونة المصطلحات.
-3موضوع علم المصطلح ذو طابع لغوي ،ومن هنا فإن الحلول الممكنة للمشاكل المذكورة آنفاً
يجب أن تكون حلوالً لسانية ،مما يعني أن الطابع العام للتصور المقترح للظاهرة المصطلحية هو
طابع لساني ،وهذا يقلص بطبيعة الحال من أهمية البعد الفلسفي .
-8التوحيد المصطلحي نهج يجب أن تراعى فيه االعتبارات االجتماعية اللسانية.
يغلب على األبحاث المصطلحية للمدرسة الفرنسية الطابع اللساني واالجتماعي ،وقد ظهرت أولى
مالمحها مع األعمال الرائدة للساني الفرنسي ”كيلبير“ ومن أعالمها البارزين ” راي“ و“ ديبوا“ و“
دوبوف“ ،و“ دوبيسي“ .أما االختيارات العامة للمدرسة الفرنسية في تمثل الظاهرة المصطلحية
فيمكن إجمالها في النقاط اآلتية:
1
1- Maria Teresa Cabré, La terminologie théorie-méthode et applications, les prosses de
l’université d’ottawa, p : 37-38 .
-ينظر :علم المصطلح ،علي القاسمي ،ص.2
2
ينظر :خليفة الميساوي ،المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم ،ص .88
35
-1إنشاء نظرية لالشتقاق المعجمي خاصة بتوليد المصطلح ،برزت معالمها الرئيسة في أعمال
كيلبير.
-2البحث في داللة الحقول للكشف عن اآلليات المساعدة على وضع تصور قد يساهم في
تصنيف المصطلحات داخل أنساقها.
-3االشتغال بخصائص التعريف المصطلحي في ضوء تعدد أنماطه.
انطلق البحث المصطلحي في هذه المدرسة مع بداية العقد الثالث من القرن العشرين ،إال أنه كان
موجها بغرضين اثنين :
أولهما :الدفاع عن لغتين :اللغة التشيكية واللغة السالفية .
ثانيهما :الحرص على استمرار ثقافتي الشعبين التشيكي والسالفي .
وقد اتضحت هاتان الغايتان مع إنشاء ” أكاديمية العلوم التشيكية ” و“ أكاديمية العلوم السلوفاكية“
ومن أبرز أعالم هذه المدرسة ”ككوريك ” ،و“دروزد“.
أما أبرز المحاور التي تستأئر باهتمام الباحثين في هذه المدرسة فهي:
-1التوحيد المصطلحي على الصعيدين الوطني والدولي.
-2وضع المشاكل المصطلحية في اإلطار اللساني البنيوي الوظيفي الذي أرست معالمه مدرسة
براغ اللسانية.
-3تأكيد خصوصيات الوحدة المصطلحية والطبيعة الخاصة للعالقة القائمة بين المفهوم والتسمية.
تعد هذه المدرسة حديثة العهد بالمدارس السابقة ،ذلك أن ميالدها يرجع إلى بداية العقد
السادس من القرن العشرين ،وتتميز هذه المدرسة بمزجها بين بعض مبادئ المدارس المصطلحية.
ومن أشهر روادها” :روندو ” و بولنجي“ .
أما خصائصها يمكن إجمالها باآلتي :
1
المدارس اللسانية :أعالمها ،مبادئها ومناهج تحليلها لألداء التواصلي ،أحمد عزوز ،دار آل رضوان ،وهران ،ط ، 2006، 2ص
-131ص .291
36
-1للمفهوم موقع مركزي في البحث المصطلحي .
-2مراعاة مشاكل الترتيب المصطلحي في التمييز بين الكلمات العامة والمصطلحات.
-3العمل على بيان األسباب الموضوعية التي تحول دون وجود نمط واحد للتعريف.
-8وضع مسألة التوحيد المصطلحي في سياق أبعادها االجتماعية واللسانية.
تتميز المدرسة البريطانية عن كل المدارس التي تقدم ذكرها بإدراجها القضايا المصطلحية
النظرية منها أو التطبيقية ضمن إطار مجموع القضايا التي تهم اللغات الخاصة ،ومن أهم
محاورها نذكر ما يأتي:
-1االهتمام بأشكال الفروق بين المصطلحات وغيرها من كلمات اللغة العامة على جميع
المستويات اللغوية الداللية والصرفية منها بوجه خاص.
-2البحث في أنساق المفاهيم .
-3البحث في شبكات البنوك المصطلحية.
المصطلحية:
ّ النظريات
يضم الحقل المصطلحي نظريات عديدة تروم إلى عرض الظاهرة المصطلحية في تصور يلم بكل
جوانبها ،وقد شهد القرن العشرين تطو ار ملحوظا وانفتاحا كبي ار على أبعاد حديثة بالنسبة إلى
البحوث المصطلحية مما أدى إلى والدة نظريات مصطلحية بشكل سريع ،ولخصت هذه النظريات
في أربعة أنواع من خالل الجوانب المحيطة بالمصطلح ،وهي:
-النظرية المتصورية
-النظرية المفهومية
-النظرية الداللية
-النظرية االجتماعية التواصلية .
وهذا ما سنتعرض له في هذا الفصل ،لكن قبل الخوض في هذه النظريات المصطلحية ،نتطرق
أوال إلى مفهوم النظرية في اللغة واالصطالح حيث أن النظرية لغة هي :أبصر الشيء ورآه .
وتتكرر الدعوة إلى النظر في تركيب اإلنسان والحيوان والنبات ،وحال المجتمعات والحضارات في
37
1
السماوات واألرض﴾ .سورة يونس
كثير من اآليات القرآنية ،لقوله تعالى﴿ :قل انظروا ماذا في ّ
اآلية .101
التصورية:
ّ النظرية
ّ
2
هي " :الصورة الذهنية التي تستند عليها الكلمة عند السامع أو التي يفكر فيها المتكلم" وهي عند
بعض األصوليين مثل الحويني وفخر الدين الرازي الذي يقول بأن األلفاظ المفردة ما وضعت
للموجودات بل للمعاني الذهنية ،وتبعه البيضاوي وابن الزملكاني ،والقرطبي.
النظرية التصورية عند الغربيين :نجد عندهم نظريات متقاربة حول اعتبارات المعنى صورة ذهنية
أو -مفهوما فكريا ،ومن صورها.
نظرية الفكر الذهني عند الفيلسوف لوك Lockeالذي يرى أم المعنى لها وجود م ستقل في الذهن
في شكل صورة ذهنية ًنتجة عن تشكيل حواسنا لها في الذهن ،وهذه الصورة قد تكون بسيطة كفكرة
اللون األصفر واألزرق ،وقد تكون معقدة ومركبة من صور بسيطة مثاال فكرة كرة الثلج مركب من
األبيض ،بارد ،والكلمات في األصل ال تمثل شيئاا بل الذي يعطيها معنى هي األفكار التي في
ذهن مستعملها.3
النظرية التصورية عند Richardو Ogdenريتشارد وأوغدان قدم هذان الفيلسوفان نظرية تحليلية
الفكرة لعناصر الداللة في مثلهما المشهور:
1
محمد مداني ،محاضرات في مادة النظريات التربوية ،جامعة خميس مليانة ،الجزائر 2016/2019 ،م ،ص.03 :
2
غاليم محمد ،المعنى والتوافق :مبادئ لتأصيل البحث الداللي العربي ،معهد الدراسات واألبحاث للتعريب ،الرباط 1111ص:
.89
3عمر أحمد مختار ، ،علم الداللة ، 1116 ،ص.89 :
38
ونظريتهما هذه ليست تصورية بحتة وانما حالت أن تبين أن الداللة هي محصلة عالقة بين
عنصرين اثنين:
- 1العالقة بين العالمة والفكرة مباشرة واعتباطية .
- 2العالقة بين العالمة والمشار إليه ،عالقة غير مباشرة وال تكون إال عن طريق الفكرة لذا رسم
خط متقطع بين العالمة والمشار إليه.
تعليق أولمان على نظرية ريتشاردز وأوغدن:
أدخلت في المعنى عنص ار زائدا خارجا عن اللغة هو المشار إليه الذي قد يبقى كما هو ولكن معناه
يتغير :الخمر) رمز الضيافة في الخبائث في اإلسالم (بينت ما تمثله الكلمة بالنسبة للسامع ولكنها
أهملت وجهت نظر المتكلم.
-السامع :يسمع كلمة شجرة يفكر في شجرة.
-المتكلم :يفكر في الشجرة ينطق بالكلمة الشجرة.
فريتشاردز وأوغدن أهمال أحد طرفي هذه العالقة المتبادلة التي هي في الحقيقة تمثل المعنى.
التصورية:
ّ النظرية
ّ ما أخذ على
- 1المعنى الذي تقدمه النظرية غير واضح ألن الصور الذهنية للشيء الواحد متعددة ومختلفة،
فمثال الشكل الهندسي للمثلث يختلف من شخص آلخر.
- 2هناك تعبيرات مختلفة قد يكون لها صورة ذهنية واحدة ،فلو رأيت طفاال من بعيد يضرب
األرض -بقدميه ،فلربما قلت "إنه يتألم" ،أو "يدهش حشرة ليقتلها" ،أو "أنه يلعب" .
- 3هناك ألفاظ لها صور ذهنية مبهمة وغير واضحة المعالم ويختلف الناس فيهم اختالفا كبيرا،
1
خاصة تلك األشياء الوهمية ،وكذلك التي لها معنى عقلي كالظن والشك ،والحب ،والصدق
- 8من أقوى االعتراضات على هذه النظرية ما وجهه إليها السلوكيون بأنا تتحدث عن أشياء ال
تخضع للنظر للعلمي واالختبار كالفكرة والصور الذهنية. 2
1
جحفة عبد المجيد ،مدخل الداللة الحديثة 2013 ،م ،ص .28
2
محمد سعد محمد ،في علم الداللة ،مكتبة زهراء الشرق ،ص . 88 ، 88
39
وجدت الصورة الكالسيكية للنظرية التصورية Ideational theoryأو ، Image theoryأو
النظرية العقلية Mentalistic theoryعند الفيلسوف االنجليزي ( John Lockeالقرن )19الذي
يقول » :استعمال الكلمات يجب أن يكون اإلشارة الحساسة إلى األفكار ،واألفكار التي تمثلها تعد
مغزاها المباشر الخاص ».
وهذه النظرية تعتبر اللغة وسيلة أو أداة لتوصيل األفكار أو تمثيال خارجيا ومعنويا لحالة داخلية.1
وما يعطي تعبي ار لغويا معنى معينا استعماله باطراد في التفاهم كعالمة على فكرة معينة.
األفكار التي تدور في أذهاننا تملك وجودا مستقال ،ووظيفة مستقلة عن اللغة ،وانه فقط شعور
بالحاجة إلى نقل أفكار الواحد إلى اآلخر الذي يجعلنا نقدم دالئل (قابلة للمالحظة على المستوى
العام) على أفكار الخاصة التي تعتمل في أذهاننا.
وهذه النظرية تقتضي بالنسبة لكل تعبير لغوي ،أو معنى متميز للتعبير اللغوي أن يملك فكرة،
وهذه الفكرة يجب:
- 1أن تكون حاضرة في ذهن المتكلم.
- 2المتكلم يجب أن ينتج التعبير الذي يجعل الجمهور يدرك أن الفكرة المعينة موجودة في عقله
في ذلك الوقت.
- 3التعبير يجب أن يستدعي نفس الفكرة في عقل السامع.2
وهذه النظرية هي ذات األصول الفلسفية ،والمتصور هو عنصر فكري وتكوين ذهني يمثل
موضوعا فكر يا ذاتيا . 3وعرف (إيف جنيتيوم( Genetiumالمتصور والمفهوم على أنه "عبارة
عن محتوى قابل للوصف بواسطة تعريف معجمي في مقابل المتصور ،وهو محتوى يتم تحديده
بالكامل بواسطة تعريف الزم" .4
حيث كانت اهتمامات هذه النظرية كاآلتي:
-تبحث في الخصائص الذهنية .
1
Semantic Theory, p :15 .
2
Theories of Meaning, P : 32-34.
3
خليفة الميساوي ،المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم ،ص .81
4
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها .
41
-تهتم بالفكر الذي يمر به المتصور قبل أن يصير مفهوما له معنى .
-تهتم بتكوين المحتوى القصدي الذي يحدد الخصائص الفكرية للمتصور أي توجه الفكر نحو
موضوع ما.
-تهتم بجمع المعلومات الفكرية تحت محتوى تصوري واحد إلنتاج مفاهيم أساسية له .
وتقوم النظرية المتصورية على ركيزتين اثنين هما :تكوين المتصور وطريقة انتظامه مع بقية
ثم تتفرع عنه المتصورات الفرعية األخرى
المتصورات في الفكر ،حيث يكون المتصور رئيسي ا َّ
لتندرج تحتها مفاهيم تُن تِج منظومة اصطالحية يحدث بينها تفاعل ثم يتولد عنها معنى في حقل
معرفي معين ،وفي عالقة هذه النظرية بالنظرية المصطلحية ،فهي تهتم بسجية المتصور وما
تجمعه من عالقات في الفكر مع بقية المتصورات ،كان رأي "تيري از كابري" بالنسبة للقضايا التي
تبحث فيها المصطلحية في عالقاتها بهذه النظرية ،وهي ثالث قضايا ،أولها اكتساب المعرفة،
ثانيها تكوين المتصورات ،وأخي ار تنظيم المتصورات في الفكر" .1
ب مشكلة في النظرية المصطلحية
إن الخلط في عنصر التناسب الداللي بين المتصور والمفهوم َسب َ
وفي إطار التفريق بينهما يعرف المفهوم على أنه "وحدة فكرية مكونة من تجريد بعض الخصائص
المشتركة لمجموعة من األشياء" .2فكال من المتصور والمفهوم يمثل صورة ذهنية غير أن
المتصور ال شكل له في ال لسان ،أما المفهوم فيؤول إلى مصطلح ،ومن الصعب أن يحدث
التطابق بينهما (المفهوم والمتصور) في النظرية المصطلحية.3
ضمن النظريات المصطلحية يتطابق مع ما جاء فيفكل ما يخص هذه النظرية التي هي ِ
جد فيها النظرية المتصورية التي ترتكز على ما هو موجود في الذهن
النظريات الداللية حيث ن ُ
والتي تعود لمؤسسها االنجليزي (جون لوك( John Lokeحيث أطلق عليها تسمية النظرية
العقلية.
1
خليفة الميساوي ،المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم ،ص .83
2
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها.
3
المرجع نفسه ،ص .88
41
المفهومية:
ّ النظرية
ّ
تقوم النظرية المفهومية على منهج مؤسس على ثالث مراحل وهي:
- 1مرحلة التأسيس الداخلي للمضمون المفهومي :باعتبار المفهوم صورة يتم إدراك
الخصائص التمييزية له وتحديده في حد ذاته.
المفاهيمية :المفهوم عبارة عن منظومة من العالقات المفاهيمية لها بعد
ّ - 2مرحلة العالقات
تصوري واحد يتم فيها تحديد قيمته وما يتميز به على غرار بقية المفاهيم ،فيحدد وفق العالقات مع
غ يره ،وهذه المرحلة تحيلنا إلى نظرية الحقول الداللية.
- 3أما المرحلة الثالثة فهي همزة وصل بين النظرية المفهومية والنظرية المصطلحية ،حيث
عرف خليفة الميساوي المفهوم ،فقال" :المفهوم هو ما يحصل من معنى اللفظ في العمل .1وفي
عالقة النظرية المفهومية بالنظرية المصطلحية تعتبر األولى ركن من أركان الثانية.
يع ُّد المفاهيم أبنية مجردة ،إدراكها
إن عنصر التوافق واالئتالف الداللي بين المفهوم والمصطلحَ ،
بالعقل ومجراها في اللسان وهدفها الوصول إلى خطاب علمي لحقل المعرفي محدد وتعمل على
أما فيما يخص قواعد التناسب
رصد التناسب ألجل تصنيف المعارف عن طريق المصطلحات ،و َّ
للنظرية المفهومية فهي مبنية على عنصرين اثنين:
أولهما :أن البنية المفهومية ينبغي أن تكون ذات طابع كوني تصوري يسمح بالتعبير عنها منطقيا.
ثانيهما :يتعلق بالنسبة اللس انية وسالمة المفهوم وتكوينه المصطلحي ،ويرجع ائتالف المصطلحات
إلى رصد مفاهيمها في تخصصاتها بالعودة إلى أصلها وبيئة نشأتها وهي إحدى العالقات التي
تؤسس لنظرية الحقول الداللية والتي يتم بموجبها تعيين قيمة الصيغة اللغوية وهذا ما َّ
أكده ستيفن
أولمن Steven Olmanبقوله « :الكلمة مكانها في نظام من العالقات التي تربطها بكلمات
أخرى» 2مثل :الترادف.
1
خليفة الميساوي ،المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم ،ص.88
2
عبد الجليل منقور ،علم الداللة وأصوله ومباحثه في التراث العربي ،دار الكتاب الحديث ،القاهرة ،مصر ،ط ،1سنة 2010م ،ص
.61
42
كما جاء في تعريف الشريف الجرجاني :بأن المصطلح "عبارة عن اتفاق يقوم على تسمية الشيء
باسم ينقل عن موضعه األول" .1وعرف فيلبر Filberالمفهوم بأنه" :تمثيل عقلي لألشياء
الفردية" .2فنجد أن هناك اتفاقا في الجانب العقلي للمفاهيم التي تمثل مضمون وداللة للمصطلحات
التي هي بمثابة الوعاء لها.
كما أن هناك انواعا من اإلجماع على المفهوم غير المصطلح ،ونقطة االختالف بينهما أن المفهوم
ويركز على الذهنية ،أما المصطلح فإنه يحيل إلى بناء أسبق وجود يا من
يحيل إلى فكرة ماُ .
المصطلح فكل مفهوم مصطلح والعكس غير صحيح.3
وتعمل نظرية المفاهيم بالنسبة لالصطالح على "تقديم تفسير كاف وفعال للدوافع المعرفية لتكوين
وبناء المصطلح وعلى تقديم األسس التي تعيد بناء وتنظيم المفردات ،...فالمفهوم يجب أن تسند له
تسمية بحيث تسهل اإلحالة عليه" .4فعملية التناسب تؤسس على العالقات القائمة بين المتصور،
المفهوم ،والمصطلح .حيث أن العمل المصطلحي يقوم على تحديد المفهوم فيميزه تميي از
اختصاصيا ثم تعريفه مقارنة مع غيره من المفاهيم فتضيفه وفق المجال الذي ينتمي إليه .فنحن هنا
في صلب النظرية المفهومية التي وان تبدو أنها منصفة تجاه المصطلح (التسمية) بحيث ال
تتجاهله ،فهي تجعل من المدخل في المعجميات المصطلحية وكذا المصطلحيات (النظرية) ال
يتشكل من ذلك المصطلح بل من الموضوع )الواقع) الذي يتم وصفه ،حيث يتم تنظيم ذلك كله
وفق تعريفات مصطلحية تُعد بنى مفاهيمية يمكن حفظها في بنوك المعطيات والرجوع إليها كلما
اقتضت الحاجة.5
إن المنظور الحديث لوضع المصطلح العلمي والتقني يقتضي من جهة ،مقاربة مسمياتية (أي
أنومزيولوجية) وهي تعني بفن المصطلح أو المصطلحات وتنطلق هذه العملية من تفحص المفهوم
األجنبي وضبط سماته واإلحاطة بعالقاته مع المفاهيم المجاورة له في نفس الحقل المعرفي حتى
1
الشريف الجرجاني ،التعريفات ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،ط ، 1163 ،1ص .28
2
علي بوشاقور ،إشكالية المصطلح اللساني في الدرس الجامعي ،ص.32
3
عبد اللطيف الريح ،مدخل إلى علم المصطلح ،جامعة الملك فيصل ،السعودية ، 1198 ،ص .10
4
خالد األشهب ،المصطلح العربي البنية والتمثيل ،عالم الكتب الحديث ،األردن ،ط 2011 ،1م ،ص .86
5
B. de Bessé, Le contexte, terminographique, Meta,vol 36, Mars 1991, (P :111-120).
43
ٍ
عندئذ يمكن مباشرة عملية تسمية المفهوم األجنبي حسب تتأتى عملية موضعته داخل ذلك الحقل،
ضوابط وضع المصطلحات العربية ومن جهة أخرى ربط كل تسمية مفهوم جديد بشبكة مصطلحية
صرفية وداللية ُيم ثل فيها المصطلح تارة نواة للوحدة المصطلحية وتارة أخرى امتداد لتلك النواة.1
ومن هنا فإن النظرية المفهومية تستدعي اعتبار الحقول الداللية ،فعالقة التحليل التكويني بتحديد
الحقول الداللية تكمن في مراعاة المحلل من أجل التوصل إلى تقييد السمات المشتركة بين
مفهومين مثال .هذا ما يؤكده أحمد مختار عمر بقوله « :أول خطوة يتخذها الباحث [لتحديد
العناصر التكوينية] هي استخالص مجموعة من المعاني [ بصورة مبدئية] تبدو الصلة القوية بينها
بحيث تُشكل مجاال دالليا خاصة نتيجة تقاسمها عناصر تكوينية مشتركة ».2
ثم إن المصطلح في تقاليد العمل المصطلحي الغربي هو أسير نظام خاص أي يدل وفق عالقات
معينة وداخل اختالفات مضبوطة ،ما يساعد على تحقيق تلك البنى المفاهيمية المنشودة .لهذا يسلم
إتباع النظرية المفهومية من أجل تبين المآزق التي قد يؤدي إليها عن رؤية واقع ذلك األسر
ومخاطره والتغافل عن اعتبار تلك البنى المفاهمية.
فالدراسة المفهومية هي دراسة النتائج التي فهمت واستُخلصت من نصوص المصطلح وما يتصل
به ،وتصنيفها تصنيفا مفهوميا يجلي خالصة التصور المستفاد لمفهوم المصطلح المدروس في
المتن المدروس ،من تعريف وصفات وعالقات ومشتقات وقضايا. 3
النظرية الدللية:
ّ
يعتقد كثير من علماء اللغة المحدثين ،أن ما تعالجه النظريات الداللية الحديثة ،نشأ وتبلور لدى
الغرب في بحوثهم اللغوية والمعرفية فحددوا حقول دراستهم بحسب معايير معينة ومنهاج مختلفة،
ثم تأثر الدارسون العرب بذلك ونقلوا هاته المباحث الداللية إلينا ،بي نما في الحقيقة هم يتجاهلون
َّ
تراثا ضخما بالنسبة للدراسات اللغوية عامة والداللية منها بخاصة في التراث اللغوي العربي ،حيث
أن معظم النظريات الداللية الحديثة التي تهدف إلى تحقيق نظرة علمية شاملة تساهم بها في تأطير
1
الحاج بن مومن ،استنساخ مصطلحي داخل لغات التخصص ـ ـ ـ المعلوميات نموذجا ـ ــ ،مقال ضمن ندوة قضايا المصطلح في
اآلداب والعلوم اإلنسانية ،جامعة موالي إسماعيل ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،مكناس ،المغرب2000 ،م ،ص . 30 ،29
2
أحمد مختار عمر ،علم الداللة ، ،عالم الكتب القاهرة ،ط ، 1116، 8ص .122
3
الشاهد بوشيخي ،دراسات مصطلحية ،دار السالم للطباعة والتوزيع والترجمة ،القاهرة 2012 ،م ،ط ،2ص .82
44
مادة الداللة للوصول إلى فهم المعنى كان لها معالم بارزة وخطوط عريضة عند علمائنا العرب
ثم علماء اللغة ،والمنطق والفلسفة ،ولو أنها تفتقر إلى التنظيم
القدامى بداية بالمفسرين واألصوليين َّ
والتبويب ،ذل ك أن البحث عن المعنى في حد ذاته كان أول ما شغل قدماءنا ليصلوا من خالله
إلى الفهم الصحيح للمعنى.
النظرية الدللية :تنطلق النظرية الداللية من تصور عام للغة مفاده أنها ال تتكون من كلمات
مبعثرة ال عالقة بينهما إطالقا ،بل من كون اللغة بناء لنظام متجانس توجد فيه الكلمات على شكل
يسمى بالحقل الداللي Le
مجموعات تقوم كل مجموعة فيها بتغطية مجال مفاهيمي محدد هو ما َّ
.champs Semantique
تعريف الحقل الدللي :تقوم فكرة الحقل الداللي على أساس جمع الكلمات والمعاني المتقاربة ،ذات
المالمح الداللية المشتركة ،وجعلها تحت لفظ عام يجمعها ويضمها ،ولذلك يعرف الحقل الداللي
في أبسط صورة بكونه مجموعة من الكلمات ترتبط داللتها فيما بينها وتوضع تحت لفظ عام
يجمعها. 1
وذلك نحو ألفاظ القرابة حيث توضع تحت مصطلح واحد يضمها هو حقل ألفاظ القرابة :أ ب ،أم،
أخ ،عم ،خال ،عمة ،خالة ،جد ،جدة ... ،وقد أورد الباحث أحمد مختار عمر تعريف "ستيفن
2
أولمان" للحقل بقوله » :هو قطاع متكامل من المادة اللغوية تعبر عن مجال معين من الخبرة »
فالحقل إذن يشكل ِّ
حي از لغويا لمجموع كلمات تدور في معنى عام يضمها ،وعلى الباحث في
ثم دراسة
النظرية الداللية أن يبدأ ّأول :يجمع المادة اللغوية ،ثم تصنيفها وفق حقولها الدالليةَّ ،
إما:
العالقات الداللية بين كلمات كل حقل ،والعالقات داخل الحقل الداللي ال تخرج عن كونا َّ
عالقة اشتمال :بحيث تتضمن كلمة ما أو مجموعة من الكلمات.
عالقة تضاد :يكون فيها معنى الكلمة عكس معناها في الحقل الداللي.
عالقة جزء بكل :نحو عالقة اليد بالجسم حيث اليد جزء من الجسم وليست نوعا منه .
1
أحمد مختار عمر ،علم الداللة ،عالم الكتب ،القاهرة ،ط ،8سنة ، 2008 :ص .91
2
المرجع نفسه الصفحة نفسها.
45
عالقة تنافر :يكون فيه للكلمة ملمحا داللي ا على األقل يتعرض مع ملمح داللي آخر في كلمة
أخرى معها في نفي العقل ،نحو عالقة الخروف والفرس والقط والكلب فيما بينهم داخل حقل
الحيوانات.1
1
المرجع السابق ص .108
2
خولة طالب اإلبراهيمي ،مبادئ في اللسانيات ،الجزائر ،دار القصبة 2000 ،م ،ص .22
3
أحمد مختار عمر ،علم الداللة ،ص .60
46
معالم النظرية الدللية عند العرب :يذهب الكثير من علماء اللسانيات والدالليين منهم خاصة ،إلى
أن النظرية الداللية قد ظهرت العرب في أوائل القرن العشرين ،وتطورت عندهم حتى صارت كما
هي عليه اليوم ،فإذا كان الحقل الداللي يعرف بأنه" :مجموعة من الوحدات المعجمية تشمل مفاهيم
تندرج تحت مفهوم عام ُيحدد الحقل" .1فإن اللغويين العرب كانوا سباقين إلى تصنيف المفردات
حسب المعاني أو المفردات.
تتضح إذن معالم النظرية الداللية عند العرب مع بدايات التدوين في تلك الرسائل الصغيرة التي
اقتصرت على مجال واحد ،حيث اجتمعت فيها ألفاظ عديدة ومختلفة متعلقة باإلنسان وأعضائه.
إضافة لكتب الغرب سواء في القرآن الكريم أو في الحديث النبوي حيث تع د عمال داللي مهما
ساهم في إرساء خطوط عريضة في التراث العربي.
النظرية الدللية :تتجلى قيمة النظرية الداللية في الهدف الذي تصبو إليه ،وهو جمع كل
ّ قيمة
كلمة بأختها ،مما جعلها تسهم بهذا في إيجاد بعض الحلول لمسائل لغوية معقدة منها "الكشف عن
الفجوات المعجمية التي توجد داخل الحقل الداللي وتسمى بالفجوة الوظيفية 2 2" .وايجاد كلمات
مناسبة لشرح أفكار والتعبير عنها بشكل واضح ،كما تتمثل قيمة النظرية في تحديد السمات
التمييزية للمفردات اللغوية بعد جمعها ،مما يتيح له االستعمال األمثل لمفردات اللغة ،وتعد الدراسة
الداللية في العصر الراهن ذات أهمية بالغة وفوائد جمة فهي:
-تسهم في الكشف عن العالقات وأوجه الشبه واالختالف بين الكلمات التي يجمعها حقل واحد،
وبينها وبين المصلح العام الذي يجمعها ،فيتضح لنا بذلك مجال استعمال كل كلمة بدقة.
تزويدن بقائمة من الكلمات لكل موضوع على حدى وهذا
ً -التحليل وفق النظرية الداللية يسهم في
ما يسهل على الكاتب أو المتكلم في موضوع معين اختيار ألفاظه بدقة ،وفرصة اختيار األنسب
منها لتعبيره.
-يتحدد من خالل النظرية أوجه الخالف بين اللغات وكذا األسس المشتركة التي تحكم اللغات في
1
عمار شلواي ،نظرية الحقول الداللية ،مجلة المخبر ،أبحاث في اللغة واالدب الجزائري ،قسم األدب العربي ،جامعة محمد
خيضر ،بسكرة ،العدد 2008 ، 03م ،ص .318
2
عبد الجليل منقور ،علم الداللة أصوله ومباحثه في التراث العربي ،ص .82
47
تصنيفها المفردات.
نصل من خالل هذا العرض البسيط للنظرية الداللية أن التراث العربي عرف هذه النظرية منذ
زمن بعيد إذ تمتد في تراثنا إلى مرحلة جمع اللغة وتأليف المعاجم ،فكانت المباحث المتعلقة بالحقل
الداللي واضحة تحتاج فقط لبعض التنظيم والترتيب ،وبالتالي فإن النظرية الداللية ذات أصول
يقودن لتأكيد أسبقية الفكر العربي في هذا المجال على الفكر الغربي.
ً عربية ،هذا
وأن التحليل الداللي جوهر علم المصطلح القائم على المفاهيم وتسميتها ويعني بطريقة تُ َكون
المالمح الداللية المميزة للمصطلح وتحليل مغزاها للوصول إلى اإلدراك الداللي له كما يقصد به
دراسة معنى المصطلح ومحتواه ،فهناك أربعة أنواع من العالقات التي تربط بين المصطلح
والمفهوم والداللة تكمن في:
أحادية الدللة :ويكون فيها للمصطلح في حال صياغته مفهوما واحادا.ّ أ العالقة
التسمية :أن يكون للمفهوم تسمية واحدة .
ّ أحادية
ّ ب العالقة
ج عالقة الترادف :أي مفهوم واحد بدل عليه أكثر من مصطلح في اللغة نفسها وفي الميدان نفسه،
وهي عكس العالقة (ب).
د عالقة الشتراك اللّفظي :وفيها يحدث تطابق في شكل المصطلحات واختالف مفاهيمها أي
مصطلح واحد يدل على أكثر من مفهوم.1
وفي هذه النظرية المصطلح تثبت داللته األولى بفعل مالمح يمتاز بها وقد يتوسع معناه من الداللة
المفهومية إلى الداللة العادية فينتقل من الحقل ا لداللي الذي كان فيه إلى المعجم العام ،إذ أن لكل
مصطلح معنى أساسي لغوي وآخر ُمكتَسب منقول.
ومما يساعد على تحديد المحتوى المفهومي للمصطلح والوصول إلى مغزاه هو معرفة العالقات
القائمة في المنظومة المصطلحية وهي على حسب ما جاء به فيشر Fisherثالث عالقات
مكنونة لتصور المصطلح وتؤدي إلى فهم الحدود الداللية له إما في نواته األولى أو في تمدده أو
1
محمد محمود بن ساسي ،المصطلح النحوي العربي الحديث في ضوء علم المصطلح ،أطروحة دكتوراه ،جامعة قاصدي مرباح،
ورقلة ،الجزائر ،سنة 2018 :م 2018/م ،ص.38 - 38
48
في تقلصه الداللي وتمثلت هذه العالقات في :عالقة التحديد ومثلها ب (مركبة +أرض = مركبة
أرضية) وعالقة الوصل وعالقة الفصل.1
1
خليفة الميساوي ،المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم ،ص .81
49
المحاضرة السادسة
1
ممدوح خسارة ،علم المصطلح وطرائق وضع المصطلحات في العربية دار الفكر ،دمشق ،سوريا2013 ،م ،ص.11
2
سناني سناني ،في المعجمية والمصطلحية ،ص .29
3
مهدي صالح سلطان الشهري ،في المصطلح ولغة العلم ،المطبوعات الجامعية كلية اآلداب ،بغداد ،د ط ،العراق، 2012 ،
ص.98
4
ماري كلود لوم ،ترجمة :ريما بركة ،علم المصطلح مبادئ وتقنيات ،ص 1
51
ومن خالل ما سبق يمكننا القول أن علم المصطلح يعتبر من أحدث فروع اللغة التطبيقي كونه
يتناول األسس العلمية لوضع المصطلحات باإلضافة إلى اعتباره فرع من فروع علم الداللة ،وهو
يعتمد على الدراسة الميدانية في تسمية المفاهيم وتطورها.
علم المعجم:
يقوم بدراسة المفردات باعتبارها وحدات معجمية لها كيانات معقدة مجردة ،ألن كل من هذه
الوحدات وجها دالليا بكونه تأليفه الصوتي وبنيته الصرفية ومكونا مدلوليا تكونه داللته المعجمية أو
المفهومية .1ويتكون علم المعجم من فرعين كبيرين:
هذا العلم يصطلح عليه أغلب الباحثين العرب (صناعة المعجم) وهو يهتم بالجانب التطبيقي
لوضع الكلمات العامة في المعجم ،فيبحث في الوحدات المعجمية العامة من حيث هي مكونات
للمعجم المدون مجمعه من مصادر معينة ،ومنتمية إلى مستويات لغوية محددة ،وهذا العلم يقوم
على مبدأين أساسيين:
1
سناني سناني ،في المعجمية والمصطلحية ،ص .28
51
المبدأ األول :جمع المادة اللغوية من مصادرها المختلفة ،التي قد تكون سماعية كما في المعاجم
التراثية مثل (المعجم العين) ،أو مكتوبة مبثوثة في مصادر مختلفة كما في معجم(لسان العرب)،
وقد تعتمد عليها معا.
أما المبدأ الثاني فهو :الوضع ،ويمثل أهم خطوة وأصبعها في الصناعة المعجمية ،حيث يدرس
العلم مناهج تأليف المعجم من خالل طرائق ترتيب المفردات واختيار المداخل واعادة التعاريف،
والشروح للكلمات داخل المعجم والنماذج المصاحبة للشروح وغير ذلك من عمليات فنية وتكون
مرتبطة بنوع المعجم المراد صنعه وحجمه والهدف منه.
وتجدر اإلشارة ها هنا إلى أن الصناعة المعجمية تعد من أعسر المسالك اللغوية ذلك أن صاحبها
محتاج إلى جملة مواد لغوية وأدبية وتاريخية ومعارف أخرى تتصل بهذا الفن من قريب أو بعيد،
إضافة إلى التأني والصبر والجلد التي يجب أن يتحلى بها صانع المعجم.1
تناول المعاجم المتخصصة المفردات الخاصة بمجال معين من مجاالت المعرفة أو بعلم من العلوم
مثل :الهندسة أو الطب أو التربية وعلم النفس وغيرها من العلوم المتخصصة ،تهتم هذه المعاجم
(.بشرحها حسب استعمال أهلها بمجرد بمصطلحات أحد هذه الميادين المتخصصة وتقوم
والمتخصصين بها.2
صنفًا واحد من المعرفة ويتم اختيار مداخلها حسب
كما تعالج تلك النوعية من المصطلحات ْ
المجال الذي تنتمي إليه وهي فيما يراه "أحمد معقوق" ،محددة ومختصرة نسبيا يكرس فيها الجهد
والوقت لدى ومؤلفيها على جانب معين أو جزء محدد من اللغة ،وبذلك من المنتظر من هذه
المعالم أن تكون أكثر استيعابا لما ُخصصت له وأكثر دقة في التحليل والوصف ،وأشد إحكاما
1
– ماري كلود لوم ،ترجمة :ريما بركة ،علم المصطلح مبادئ وتقنيات ،ص .8
2
– ينظر :شرنان وسيلة ،إشكالية ترجمة المصطلحات في المعاجم المتخصصة ،دار دار هومة للطباعة والتوزيع ،د.ط 2013 ،م،
ص .10
52
وتتبعا فيما تقدم من معارف وتفسيرات لمجموعة المفردات التي تشتمل عليها ونتيجة لذلك يمكن
القول أن االستفادة منها في .مجالها أسرع وأكثر وربما كانت أوسع وأدق وأعمق من حيث النوع.1
كما تتضمن صناعة المصطلح المتخصص مجموعة النشاطات هدفها األساسي وصف
المصطلحات في المعاجم المتخصصة أو بنوك المصطلحات ،يجمع المعجم المتخصص أكان في
صيغة ورقية أو إلكترونية كلمات في مجال تخصصي مثل اللسانيات والحقوق وأمن الحاسوب،
ويتناول في بعض األحيان بضعة مجاالت مترابطة كالطب وعلم اإلحياء ،أو وسائل االتصاالت
السلكية واإللكترونية ،ويجمع بنك المصطلحات ذو الطبعة اإللكترونية مصطلحات من مجاالت
متعددة يكون كل مصطلح مرتبطا بجانب معين ويمكن لهذين المصنفين أن يقدما أوصافا في لغة
واحدة ،وغالبا ما يكون ثنائي اللغة أو متعددة اللغات ،يهدفان في هذه الحالة إلى وضع مقابالت
توجه منتجات صناعة المصطلح إلى المترجمين والى الكتاب المتخصصين.2
كما يحمل كل مصطلح متخصص في جوانبه تاريخا حافال باألبحاث والدراسات والتجارب نذكر
على سبيل المثال مصطلح النظام البيئي أو المنظومة البيئة عند وضعه لنظرية)(Lendman
الذي صاغه العالم اإلنجليزي) (Ecosystemاألنظمة البيئة خالل النصف األول من القرن
العشرين بعد أخذ ورد امتد من بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
كما يمكن تصنيف المصطلحات المتخصصة إلى نوعين يشمل األول المصطلحات التي تمت
صياغتها للداللة على ما يقع من ظواهر ،فهي عبارة عن مفاهيم وينظر إليها على أنها صور
فكرية تشير إلى أشياء غير ملموسة ،مثل :الجاذبية gravitationالتحليل بالماء hydrolyse
والتركيب الضوئي Photosyntheseوالترسيب .Sedemenstation،أما النوع الثاني :فيمكن
إدراك المصطلحات المصوغة للداللة على المكونات واألشياء التي يتعامل معها الباحث في أثناء
قيامه بنشاطه العلمي ،التي ينظر إليها على أنها ألفاظ تقنية مثل :الزئبق )(mercur
1
– أحمد معتوق ،المعاجم اللغوية العربية ( المعاجم العامة وظائفها ومستوياتها وأثرها في تنمية لغة الناشئة دراسة) وصفية تحليلية
نقدية ،المجمع الثقافي أبوظبي ،اإلمارات 1820 ،ه 1111/م ،ص.31
2
– ماري كلود لوم ،ترجمة :ريما بركة ،علم المصطلح مبادئ وتقنيات ،ص .8
53
والمجهر) (microscopeوالكلس ) (Calcaireفهي وسائل يستعملها الباحثون ،والنوعان نتيجة
سياق فكري معين.1
وفي المجمل المصطلحات المتخصصة هي كل كلمة أو مفردة تدخل في سياق أو نطاق
المعرفة العلمية ،والتي صاغها أو ابتكرها أو اقتبسها الباحثون أو الدارسون للتعبير عن نتائج
أعمالهم ،لذا إذا نعتت المصطلحات المتخصصة بهذا االسم ننظر لتخصصها بعلم معين ،يكشف
ليس مصطلحات العلم.
1
–رجاء دويدري ،المصطلح العلمي في اللغة العربية ،دار الفكر ،ط 1دمشق ،سوريا ، 2010 ،ص .118
54
المحاضرة السابعة
آليات صناعة المصطلح
- 2الترجمة
المصطلح والترجمة:
كانت الترجمة في العهد القريب وجها من وجوه الكتابة األلسنية ،فلم تحظ باهتمام الكتاب
واألدباء ،ألنهم لم يعتبروها كعلم أو فن أو نشاط مستقل،بل كانت مجرد كتابة إدارية.
واالعتقاد السائد بخصوص الترجمة آنذاك أنها ال تعبر عن فكر صاحبها أو فنه،إذ يعبر األديب
عن فكره و العالم عن علمه ،بينما يعبر المترجم عن علم أو فكر سواه .وهذا ما يتطلب فقط
معرفة لغتي المصدر و الهدف.1
ومنذ بداية الستينيات بدأت الترجمة تتأسس كعلم منفصل عن األدب و اللسانيات التطبيقية،
فاستقلت بمناهجها الخاصة وأدواتها النظرية والمفهومية المتميزة ،وكونت بذلك جها از مفهوميا
منفصال عن النظريات األدبية واللسانيات وهو رهان علمي كبير يواجه كل علم يطالب باالستقالل
وتحديد مجال نشاطه.2
مفهوم الترجمة:
الترجمة لغة مشتقة من فعل" ترجم" ،و على نحو ما جاء في لسان العرب يقال" :ترجم كالمه
بمعنى فسره بلسان آخر ،3و أما في معجم المنجد فهي تحيل على" نقل الكالم من لغة إلى أخرى،
وعلى التأويل و التفسير و الشرح.4
واصطالحا هي "نقل األلفاظ والمعاني واألساليب من لغة إلى أخرى مع المحافظة على التكافؤ".5
1
جورج مونان،المسائل النظرية في الترجمة ،ترجمة لطيف زيتوني ،دار المنتخب العربي 1118 ،ص .9
2
خمري حسين ،جوهر الترجمة ،دار الغرب للنشر و التوزيع ،ص.18 - 94
3
لسان العرب ،ابن منظور ،دار الجيل بيروت ،دار لسان العرب بيروت ، 1166 ،مادة (رج م) .
4
المنجد في اللغة العربية المعاصرة ،دار المشرق ،بيروت ،الطبعة الثانية. 2001 ،ينظر مادة ترجم.
5
الدكتورة سعيدة كحيل ،تعليمية الترجمة دراسة تحليلية تطبيقية،عالم الكتب الحديث ،األردن ،ص. 21
55
و من هذه المنطلقات ،يمكن أن نتصور الترجمة على أنها عملية يتم بها نقل المعنى المراد ترجمته
من اللغة المصدر إلى اللغة الهدف ،بشرط التحكم في كلتيهما و احترام نظام اللغة الهدف و إدراك
ثقافتها ،بحيث ال يمكن فهم النص المراد ترجمته إال باستحضار الجو الثقافي الذي ظهر فيه.
و قد نالت الترجمة اهتمام العرب و السيما في القرون األولى للهجرة من االموي حتى العباسي،
فقد انشأ الخليفة المأمون بيت الحكمة ،و هو مكتبة كبيرة توفر جميع األدوات الضرورية للمترجم
في ذلك الزمان وبذلك تأسست مدرسة بغداد التي تعد أكبر مركز للترجمة في ذلك العصر .و
بفضل تشجيع الخلفاء المسلميين لحركة الترجمة تمت ترجمة عدة كتب علمية و فلسفية ،يونانية ،و
فارسية ،و هندية إلى العربية ،بإتباع الخطى اآلتية:1
-تحقيق النص األصلي و نقد المصادر.
-ترجمته من قبل المترجم.
-عمل المحرر الذي يساعد المترجم.
-مراجعة الترجمة من قبل مراجع.
و من أهم مترجمي ذاك العصر ابن المقفع(ت759ه) الذي ترجم األدب الفارسي وحنين بن
إسحاق(ت )877الذي قام بنقل عدة أعمال في الطب و الفلسفة والرياضيات ،و ابن بطريق و
إسحاق بن حنين و قوسطا بن لوقا.2
و قد ساعدت هذه الحركة الترجمية كثي ار على إثراء رصيد اللغة العربية .كما ترجمت الحقا هذه
األعمال إلى اللغات األوروبية ،ألن العربية كانت صلة وصل بين التراث اليوناني و النهضة
األوروبية ،و كان لها صدى واسع و تأثير كبير في الفكر األوروبي ،إذ درست أفكار ابن سينا في
الطب في بداية القرن السابع عشر وغيره.
ثم بدأت الترجمة تزدهر في فرنسا منذ بداية القرن الخامس عشر السيما مع أميوت ) )Amiotو
دولي ) )Douletكما ظهرت دراسات مرموقة حول الترجمة في الدول األوروبية منها الموسومة
"Manière de bien traduire d’une langue à une autreكيفية الترجمة الجيدة من لغة
1
جوئيل رضوان ،موسوعة الترجمة ،ترجمة محمد يحياتن ،مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر،جامعة تيزي وزو ص. 10
2
جوئيل رضوان ،موسوعة الترجمة ،ترجمة محمد يحياتن ،ص.11
56
" Traduction art Elizabéthainالترجمة فن إلى أخرى للفرنسي دولي(1540م) وكتاب "
إليزابثي" للناقد ف .أ.ماتيان F.A Mathianبانجلت ار(1931م).1
أنواع الترجمة:
تباينت االنواع عند الباحثين ومنهم الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن الذي يجملها في ثالثة
أنواع:2
- 2الترجمة التحصيلية :أو ما تسمى بالنقل أو الترجمة الحرفية ،فيعطي المترجم األولوية
لالعتبارات اللغوية على االعتبارات المعرفية ،حيث ينشغل بالمطابقة بين اللغتين المنقول منها و
المنقول إليها من حيث المعجم أو من حيث التراكيب ،و لكن غالبا ما يؤدي هذا النوع من الترجمة
إلى انحراف المعنى ،و ال نقصد بهذا أن هذه الترجمة خاطئة ،و إنما تستعمل في النصوص
النفعية و العلمية.
- 0الترجمة التوصيلية :أو ما تسمى بالترجمة التقريبية ،إذ يسعى المترجم في هذا النوع إلى
إيجاد المعاني التي تقرب النص األصل إلى النص الهدف ،فيلجأ المترجم إلى إجراء تغييرات شكلية
باالستعانة بمختلف الوسائل كالتكييف و االقتباس في حالة اختالف ثقافة لغة المصدر عن ثقافة
لغة الهدف.كما يطلق على هذا النوع من الترجمة أيضا بالترجمة غير المباشرة ،فيتحرر المترجم
أثناء عمله من كلمات النص األصلي و تراكيبه ،و يعمل على نقل المضامين الفكرية للنص
المصدر إلى الهدف .و بالرغم من أن هدف هذا النوع من الترجمة هو نقل المفاهيم للمتلقي ،لكن
هذا ال يسمو إلى تفعيل تلك المفاهيم في البنية المعرفية للحضارة المتلقية.
- 3الترجمة التأصيلية :تسمى ايضا بالترجمة التأسيسية .ال يكفي في هذا النوع من الترجمة أن
يتوفر المترجم على الكفاءة اللغوية التي تنهض على نقل األلفاظ ،كما في الترجمة التحصيلية ،
وال على معرفة المضامين كما في الترجمة التوصيلية ،و إنما يشترط عليه إدراك المقاصد بحيث
المترجم و التحاور معه في إطار المجال التواصلي للمتلقي ،فينتج عنه
َ يستطيع التفاعل مع النص
إدماج النص المترجم في البيئة المعرفية و اللغوية و الثقافية المتلقية.
1
المرجع السابق ،ص .11
2
علي القاسمي ،الترجمة في تجربة المغرب العربي ،مجلة اللغة العربية ،العدد 2002،9م ،ص .62/61
57
والمالحظ أنه كلما كان هناك نشاط ترجمي كبير في مختلف العلوم ،أدى حتما إلى إثراء الرصيد
اللغوي .و من هنا يمكن إدراك العالقة التي تقيمها الترجمة مع المصطلح من خالل المفردة التي
تؤدي وظيفة محددة في حقل من حقول المعرفة اإلنسانية عند مجموعة من المختصين.
58
المصطلح عن ثقافة اآلخرين وحضارتهم ،مما يستوجب ترجمته .وعلى حد قول الخوازمي ،
فترجمة المصطلح هي مفاتيح كل العلوم" فإن لكل علم اصطالحا إذا لم يعلم بذلك ال يتيسر
للشارع فيه إلى االهتداء سبيال و ال فهمه دليال".1
و لذلك يجب ترجمة المصطلح إلذاعة مختلف اكتشافات الدول الغربية و علومها ،ولإلطالع عليها
لمواكبة ركب التقدم الثقافي و الحضاري .و من هنا تكمن حاجة ترجمة المصطلح لتحقيق غاية
التواصل االجتماعي و كسر الحواجز و تقليص المسافات والهوة بين المنتج والمستهلك في الميدان
المعرفي و الفكري .وهذا ما ينطبق على الدول العربية التي تعد المستهلك لما ينتجه غيرهم.
و المصطلح لم يوجد من عدم ،فهناك جماعات متخصصة في صناعة المصطلحات الجديدة ،و
هذا من البديهي دور المصطلحيين الذين يستندون إلى مبادئ و قواعد ومعطيات معينة لهذا
الغرض ،و بالتالي يعدونها للمترجم .كما هناك حقيقة يجب أال نغفل عنها تتمثل في ضرورة
امتالك المصطلحي لخلفية ترجمية لكي يتبين حاجات المترجم و مقتضيات عمله االصطالحية.
و هنا يتبادر إلى أذهاننا التساؤل اآلتي :هل وضع المصطلح مقتصر فقط على المصطلحي ؟ أو
بعبارة أخرى هل يمكن أن يصبح المترجم مصطلحيا؟
يتمثل الدور األساسي للمترجم في إعادة صياغة المعنى في اللغة الهدف ،بإيجاد مقابالت
مناسبة ،فأثناء ممارسة عمله الترجمي ،يصادف مختلف المصطلحات ،و ال بد له أن يجد ويهتدي
إلى ترجماتهم في اللغة المقابلة ،و لكن في حالة ما إذا لم يجد هذا المقابل في لغة الهدف ،فهل
يمكنه أن يقوم بعمل فردي و ينتج مصطلحا مترجما؟
وحتى يتمكن المترجم من إيجاد المصطلح المقابل المناسب و نقله إلى اللغة الهدف بأمانة و
دقة ،فعليه ،باإلضافة إلى مراعاة الضوابط االجتماعية و الثقافية و الحضارية و اللغوية للغة
الهدف ،أن يتسلح بتكوين في علم المعاجم و المصطلحات ألنها أساس كل عمل ترجمي ،الذي ال
ينهض على إيجاد المعنى المقصود فحسب بل على امتالك المعرفة اللغوية".فالمترجم ال يبحث
عن األلفاظ المقابلة فقط ،بل ينظر في صلتها بظروف وضعها و كيفية اختيارها كمقابالت
1
السعيد الخضراوي ،الترجمة و المصطلح ،مجلة المترجم ،العدد ، 2ص. 58
59
لغوية" .1ثم "يستحسن تدوينها لتسهيل األمر على نفسه ،و غيره من المترجمين ليجنبهم نفس مشقة
البحث من جديد متى صادفوا تلك المصطلحات و يساعد أيضا على توحيد االستعمال" .2فالمترجم
ال يستعمل المصطلح فقط ،بل يعد منتجه و صانعه لحاجة إليه في نشاطه الترجمي.
فالمصطلحي يهتم بوضع مصطلحات جديدة بإتباع مبادئ اصطالحية معينة ،والتدوين
االصطالحي ،وتوحيد المصطلحات ،بينما يهتم المترجم بفك شفرة النص األصلي بهدف فهم
المعنى ،ثم إعادة التعبير عنه بلغة الهدف .و بالرغم من أن تكوين كليهما يختلف ،فإن هناك
ثالثة عوامل أساسية يشتركان فيها .
أولهما اللغة ،لكونها تشكل مضمونهما ،أي أن مضمونهما لغوي ،ووسيلتهما أيضا لغوية ،إ ْذ
يستعمالن اللغة كوسيلة للتبليغ ،و هدفهما واحد يتمثل في اإلنتاج اللغوي.
أما العامل الثاني ،فيتمثل في المعنى ،فكالهما يشترك فيه.فبعد تحديد الميدان والمجال والسياق
يبحث كال من المصطلحي و المترجم عن المعنى المقصود للمصطلح وللنص المراد ترجمته ،ثم
يقومان بالتعبير عنه باحترام ثقافة لغة الهدف و مراعاة خصوصيتها بالنسبة إلى المترجم ،وشروط
المصطلح ووضعه بالنسبة إلى المصطلحي.
أما العامل الثالث فالمعرفة اللغوية ،أي التحكم في اللغة وأنظمتها والمعرفة غير اللغوية .
فالمترجم ال يقوم أثناء الترجمة باستبدال الكلمات من النصاألصلي إلى النص المقابل ،بل ينبغي له
أن يقوم بتحليل دقيق للمفردات اللغوية بمساعدة تخصصه في الترجمة بذاتها و في ميدان علمي
محدد ،مع األخذ بعين االعتبار الخصائص المميزة لكل لغة.
تطور علم الترجمة في وضع المصطلحات:
منذ أن بدأ االحتكاك بين الجماعات البشرية المنظَّمة ،والترجمة شفهية كانت أم تحريرية تقوم
بدورها بوصفها أداة للتواصل اإلنساني .ولعل أقدم أجهزة الترجمة المؤطَّرة بمترجمين متخصصين
مزودين بمعاجم ثنائية اللغة ُوجدت في اإلمبراطورية البابلية في العراق قبل أكثر من ثالثة آالف
َّ
1
سعيدة عمار كحيل ،دراسات الترجمة ، ،دار المجدالوي للنشر و التوزيع ،األردن ، 2011 ،ص. 30
2
محمد الديداوي،الترجمة و التواصل ،المركز الثقافي العربي ،دار البيضاء ،المغرب ، 2009 ،ص. 50
61
سنة .ومنذ ذلك الحين والترجمة تُعد فناً يعتمد على حذق المترجم وتمكنه من اللغتين الناقلة
المترجم.
والمنقول منها .واطالعه على ثقافتيهما ،ومعرفته بموضوع النص ُ
وفي حوالي منتصف القرن العشرين الميالدي أخذت المحاوالت تتوالى إلخضاع الترجمة لمنهجية
علمية ووضع نظريات خاصة بالترجمة .وقد شجع على ذلك ثالثة تطورات:
-1التطور الذي أصاب علم اللغة بشكل عام ،ونظريات الداللة بشكل خاص.
-2ظهور نظرية االتصال على أيدي باحثين أبرزهم ”مورس“ و“جورج ميلر“ .
-3االستعانة بالحاسوب في إجراء الترجمات اآللية وما يتطلب من منهجية وتنسيق وضبط.
وعلى الرغم من ظهور عدد من نظريات الترجمة في الشرق والغرب ،فإنه ما زال كثيرون يجادلون
في أن الترجمة المنهجية أمر مستحيل ولهم في ذلك حججهم يقابلهم آخرون ممن يعتقدون بإمكان
إنتاج هذا النوع من الترجمة وعدم استحالتها .فالفريق األول يؤكد الفروق البنيوية بين اللغات وعدم
مطابقة بينها في النواحي الصوتية والصرفية والنحوية والداللية واألسلوبية ،ولهذا يستحيل نقل
النصوص من لغة إلى أخرى بصورة مضبوطة ،في حين يذهب الفريق الثاني إلى أن البشر جنس
واحد وخبراتهم متشابهة ،ويمكن التعبير عنها باللغات المختلفة التي هي واحدة في بنيتها العميقة.
مستويات تلقي المترجم للمعنى:
تمر عملية تلقي المعنى التي يقوم بها المترجم بمستويات ثالثة:
-1المستوى األول ،وهو اإلدراك :وهذا اإلدراك يكون إما بصرياً في حالة المترجم التحريري الذي
يق أر النص المكون من حروف أو رموز مكتوبة ،أو سمعياً في حالة المترجم الفوري الذي يسمع
الكالم المكون من أصوات أو رموز مسموعة ،من خالل مرجعية المترجم الثقافية والمعرفية.
-2المستوى الثاني ،وهو التفكيك :الذي يقوم فيه المترجم باستخدام آليات لسانية ،شكلية
،وداللية ،لتحويل النص المكتوب أو المسموع إلى مفاهيم أو ٍ
معان ،جزءاً جزءاً.
-3المستوى الثالث ،وهو الفهم :الذي يتطلب تجميع عناصر النص بعد تفكيكه واعادة بنائه لفهم
مضمونه .وتقـول ماريان لدرير في هذا الشأن " :فهم النص أو الخطاب هو عملية استنباط معنى
61
سلسلة متتابعـة مـن الك لمات المنطوقة أو المكتوبة ويتم ذلك بفضل اتحاد الدالالت اللسـانية مـع
المكمالت المعرفية. "1
وفي مبحث الداللة ،تطرقت نظريات الترجمة إلى طبيعة المعنى بتحليل العالقة بين الكلمة
والشيء والمفهوم أو بين الدال والمدلول والدليل .وبينت النظرية أن العالقة بين الشيء واسمه
عالقة اعتباطية غير ثابتة .وحتى لو تمكنا من تحديد معاني الكلمات وحصرها في معجم ،فإن
ذلك ال يخدم المترجم كثي اًر ،ألن الترجمة تُعنى من حيث األساس بنقل معنى النص ،وليس معاني
الكلمات المفردة من لغة إلى أخرى ،والنص ال يتشكل من قائمة مفردات فحسب وانما من بنيات
نحوية وداللية وأسلوبية تنتظم فيها تلك المفردات .ولهذا فإن معنى النص ال يساوي بطريقة حسابية
ٍ
معان طبقاً للسياق مجموع معاني المفردات المكونة له ،وعالوة على ذلك فإن للكلمة الواحدة عدة
الذي ترد فيه .ومن ناحية أخرى فإن الثقافات المختلفة ال تتفق في تقطيع الواقع أو وصف الكون،
ولما كانت اللغة هي التي تنقل كل مظاهر الحضارة ،فإن اللغات ال تتفق في دالالت مفرداتها
وتراكيبها أو عدد تلك المفردات والتراكيب .ومن هنا قد ال نجد لكلمة ما أو تركيب ما في إحدى
اللغات مقابالً كامالً أو جزئياً في لغة ثانية .ويزداد الطين بلة إذا كان األمر يتعلق بترجمة نص
شعري ،إذ ال يقتصر األمر آنذاك على نقل الدالالت الحقيقية والهامشية واإليحائية للكلمات
فحسب ،بل يتعلق األمر كذلك بصعوبة مجاراة المكونات الصوتية كالنبر واإليقاع والنغم للمحافظة
على الوزن األصلي ،ناهيك عن القافية وتأثيراتها الصوتية والنفسية.
ولهذه األسباب وغيرها ،قد يضطر المترجم إلى سد بعض الثغرات اللغوية أو األسلوبية أو الثقافية،
إلبالغ فحوى النص المترجم إلى المتلقي على أفضل وجه .وهذا أدى إلى ظهور أنواع ومستويات
متعددة من الترجمة.
المعنى بين المصطلحي والمترجم:2
من الواضح أن كال من المترجم الذي ينقل نصاً من اللغة أ إلى اللغة ب ،والمصطلحي الذي ينقل
مصطلحات من اللغة أ إلى اللغة ب ،يعنى بنقل معنى تلك المادة .فكالهما يسعى إلى الهدف
1
Lederer, Marianne : La Traduction aujourd’hui, le modèle interprétatif. p 212
2
علي القاسمي ،علم المصطلح ،ص.300
62
ذاته ،أي فهم المعنى المقصود ونقله بدقة وأمانة .وهذا يتطلب منهما تمكناً من اللغتين ،ودراية
معمقة ببنياتهما الصرفية ،وتراكيبهما النحوية ،وأساليبهما ،وثقافتيهما .ولهذا يبدو ألول وهلة أن
المصطلحي والمترجم يؤديان الوظيفة ذاتها ،وال بد أنهما يحتاجان إلى ذات اإلعداد والتكوين
نفسه .ولكننا إذا أمعنا النظر في األمر ألفينا فروقاً ال يمكن إغفالها.
فالمصطلحي ال ُيعنى بنقل المصطلحات من لغة إلى أخرى فقط ،وانما له وظيفتان أخريان:
األولى :توليد المصطلحات القائمة باللغة ذاتها دون االنطالق من لغة ثانية وانما االنطالق من
المفهوم المطلوب التعبير عنه بمصطلح لغوي.
الثانية :توحيد المصطلحات القائمة في اللغة ،بحيث يعبِّر المصطلح الواحد عن مفهوم واحد ،
وي َّ
عبر عن المفهوم الواحد بمصطلح واحد،في الحقل العلمي الواحد. ُ
ومن ناحية أخرى ،فإن المترجم يتعامل دائماً تقريباً مع نص كامل يرغب في نقله من لغة إلى
أخرى ،في حين أن المصطلحي ال يتعامل في العادة إال مع مصطلح واحد ،بسيط ًا كان أو مركب ًا،
وال يعالج نصاً كامالً إال إذا كان يقوم بدراسة طبيعة لغة علم من العلوم من حيث بنياتها وأساليبها،
أو بدراسة السياقات التي يرد فيها المصطلح.
ومن ناحية ثالثة:
فإنه على الرغم من أن كالً من المصطلحي والمترجم ُيعنى بالمعنى ويسعى إلى استيعابه ونقله،
فإن كل واحد منهما يبحث عن شيء مختلف .فالمصطلحي يبحث عن معنى الشيء أو المفهوم
الذي يمثله اللفظ المراد ترجمته .في حين يبحث المترجم عن معنى التسمية التي ُيسمى بها ذلك
الشيء أو المفهوم .
وهكذا فإن المصطلحي مضطر إلى التعرف على ماهية الشيء وتحديد عناصره الرئيسة ،والوقوف
على جنسه وفصله ،ليتمكن من إلحاقه
بمنظومة المفاهيم التي ينتمي إليها .أما المترجم فال تعنيه تلك األبحاث المنطقية والوجودية بقدر
ما يعنيه معرفة معنى الكلمة في السياق الذي استعملت فيه ،ومن ثم معرفة المعنى الكلي للعبارة
والفقرة اللتين يقوم بترجمتهما.
63
المحاضرة الثامنة
آليات صناعة المصطلح
- 0القتراض (التعريب)
على الرغم من أن للفظ عدة دالالت في االستعمال اللغوي الحديث والقديم ،فإنه في
المصطلحية يعني " :نقل اللفظ األجنبي إلى اللغة العربية دون تغيير ويسمى دخيالا ،أو مع
تغيرات معينة ينسجم مع النظامين الصوتي والصرفي للغة العربية ويسمى اللفظ في هذه الحالة
المعرب" :
َّ عرب ا " .1من أمثلة الدخيل " :األوكسجين ،والنيتروجين ،والتلفون " ومن أمثلة
” ُم َّ
الفلسفة ،والبنج " .ويطلق على التعريب بنوعيه أحياناً اسم االستعارة ،وهي عملية عرفتها اللغات
عموماً حينما يعمد الناطقون بلغة ما إلى استعارة ألفاظ من لغة أخرى عندما تدعو الحاجة إلى
ذلك .وتط أر على األلفاظ المستعارة تغييرات صوتية وصرفية لتنسجم مع بنية اللغة المستعيرة
وتندمج فيها ،ويسهل االشتقاق منها ،ولهذا فقلما يوجد الدخيل الصرف ،مما حدا بغير
المختصين بإطالق لفظي الدخيل والمعرب على اللفظ المستعار واستخدام هذين اللفظين وكأنهما
مترادفان.
قواعد تعريب المصطلح األجنبي:2
وضعت المجامع العربية بعض القواعد ينبغي مراعاتها عند تعريب األلفاظ األجنبية والتي
تضمنتها توصيات ندوة " توحيد منهجيات وضع المصطلح " .3مر ذكر هذه التوصيات في
محاضرة )مراكز البحوث في النظرية العامة لعلم المصطلح العلمي العربي) ،وأهم هذه التوصيات:
1ـ ـ ـ ترجيح ما سهل نطقه في رسم األلفاظ المعربة عند اختالف نطقها في اللغات األجنبية ،فإذا
ُوجدت طريقتان لنطق الكلمة الواحدة باللغةاالنجليزية ،مثالً ”تُليب“ و“تيوليب“ نختار النطق األول
ألنه أيسر.
1
ميسون علي جواد التميمي ،تحديد مصطلح التعريب لغة واصطالحا ،صحيفة اللغة العربية ،المؤتمر األول للغة العربية ،
،2018ص. 31
2
ينظر :شحادة الخوري ،نحو منهجية موحدة لوضع المصطلح ،بحث في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ،مج ،1ج.1
3
منهجية مكتب تنسيق التعريب في اختيار المصطلحات العلمية ووضعها ،من مجلة " اللسان العربي ،العدد جوان .2012
64
2ـ ـ ـ التغيير في شكله حتى يصبح موافقاً للصيغة العربية ومستساغاً .وقد يشمل هذا التغيير
أصوات الكلمة أو صيغها أو كليهما ،ومن أمثلة ذلك:كلمة“فيلوسوفيا“ اليونانية التي ُعِّربت بلفظ
”فلسفة“ على وزن ”فعللة“.
3ـ ـ ـ اعتبار المصطلح عربيا يخضع لقواعد اللغة ،ويجوز فيه االشتقاق والنحت ،وتسخدم فيه
أدوات البدء واإللحاق مع موافقته للصيغة العربية.ومن أمثلة ذلك الكلمة المقترضة ”تلفون“ التي
اشتق منها على وزن ”فعلل“ :تَْلفَ َن يتلفن تلفنة .
المعرب منها خاصة ،بالشكل حرصا على صحة نطقها ودقة
8ـ ـ ـ ضبط المصطلحات عامة ،و َّ
أدائها.
التعريب ومشكالته في الوطن العربي:
أثارت عملية صناعة المصطلحات وبرمجتها واالتفاق عليها إشكاليات عدة لدى اللغات الحية كافة،
ولذا فمن المتوقع أن تكون أكثر حدة لدى العربية وفي العالم العربي بشكل خاص ،فقد حملت
النهضة العلمية الحديثة للعالم العربي طموحات كبيرة وتحديات كثيرة ،ولعل من أبرزها تعريب
المفاهيم والمصطلحات ،والمتتبع لمسيرة نقل العلوم والتقنيات إلى اللسان العربي يجد أن العاملين
في حقل التعريب قد واجهوا متاعب عديدة نتيجة لسرعة تدفق العلوم والمعارف ،وما تحمل من
مفاهيم ومصطلحات وتقنيات ،وما تتطلبه من معادل لغوي عربي .ويالحظ أنه على الرغم من
الحماس والجهود المبذولة؛ إال أنه لم تكن هناك سياسة واضحة أو منهجية محدودة متفق عليها
التزم بها العاملون في مؤسسات التعريب والجامعات والمؤسسات التربوية؛ ولذلك فقد تعددت
االجتهادات وتباينت اآلراء أثناء عملية نقل وتعريب المصطلحات .وقد استوقفت إشكالية تعريب
كثير من الباحثين ،ومن الذين أثارت حفيظتهم عبد القادر الريحاوي حيث يقول" :إن
المصطلح ًا
معضلة المصطلح ما زالت قائمة؛ إذ تتفاوت المصطلحات في مستواها وقابليتها للبقاء والشيوع،
كما يختلف تعريب المصطلح الواحد باختالف البلدان والمعاجم واألفراد ،وال يكاد يتفق معربان من
بلد واحد على صياغة مصطلح واحد."1
1
ينظر ،إبراهيم بن محمود حمدان ،تعريب المصطلح بين الواقع والطموح ،دراسات ،العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،المجلد، 34
العدد .2007 ،2
65
أولا :الدللت المختلفة للفظ التعريب:
بعد استقراء االستعمال اللغوي الحديث للفظ التعريب وجدنا لهذه الكلمة أربع دالالت رئيسة
نجملها فيما يأتي مرتبة من الخاص إلى العام:
1ـ ـ ـ التعريب هو نقل الكلمة األجنبية ومعناها إلى اللغة العربية كما هو دون تغيير فيها أو مع
إجراء تغير وتعديل لينسجم نطقها مع النظامين الصوتي والصرفي للغة العربية لتتفق مع الذوق
العام للسامعين ،ولتيسير االشتقاق منها.وعند نقل اللفظ األجنبي كما هو إلى اللغة العربية يسمى
دخيالً ،وعند تغييره يسمى معرباً .ويطلق على هذه العملية برمتها االقتراض اللغوي أو االستعارة
اللغوية
2ـ ـ ـ التعريب هو نقل معنى اللفظ األجنبي وهذا االستعمال يسمى حقيقة ترجمة وليس تعريباً.
3ـ ـ ـ التعريب هو استخدام اللغة العربية لغة لإلدارة أو التدريس أو لكليهما .وقد استخدم لفظ
التعريب بهذا المعنى مع إقدام الدول األوربية وخاصة بريطانيا وفرنسا وايطاليا على استعمار البالد
العربية أو فرض الحماية والوصاية عليها .وقامت هذه األقطار بفرض لغاتها في التدريس واإلدارة .
وعندها بدأت المطالبة بإحالل اللغة العربية محل اللغات األجنبية في المجالين المذكورين .وهكذا
يصبح التعريب بهذا المعنى اختيا اًر أساسياً وحضارياً.
8ـ ـ ـ التعريب هو اتخاذ قطر بأكمله اللغة العربية لغة حضارية له أي تصبح لغة التخاطب والكتابة
السائدة فيه ،وتمثل الثقافة العربية االسالمية .
وفي حقيقة األمر استخدم التعريب بهذا المعنى في صدر اإلسالم إبان الفتوحات اإلسالمية ،
والتعريب بهذا المعنى عملية تمت نتيجة لتظافر عوامل ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية
ثانيا :هل التعريب ضرورة؟
رب قائل :لِ َم التعريب أال نستطيع تدريس العلوم والمعارف بلغة عالمية تفتح لنا باباً واسعاً على
التطور العلمي والتكنولوجي في العالم العربي ،وتيسر لطالبنا دراستهم العالية في أوروبا وأمريكا،
وتسهل ألطبائنا ولمهندسينا االطالع على ما ينشر من أبحاث ود ارسات في ميدان تخصصهم ،
66
وغيرها من الفوائد المرجوة من استخدام اللغة األجنبية .وحقيقة األمر فإن للتعريب ضرورات سياسية
واجتماعية واقتصادية وحضارية ونفسية وتربوية ولغوية.1
ال ما لم تستكمل استقاللها
ال كام ً
1ـ ـ ـ فمن الناحية السياسية ال يعد استقالل البالد استقال ً
االقتصادي والثقافي ،ويكون ذلك باستخدام لغتها القومية في مؤسساتها.
2ـ ـ ـ ومن الناحية الجتماعية تقوم اللغة القومية بوظيفة أداة االتصال التي تربط بين أبناء األمة
الواحدة في حاضرها ،وبين أجيالها السابقة والالحقة فاللغة القومية هي عنوان وحدة األمة
وتما سكها ،وليس من المعقول أن تقوم لغة أجنبية بهذا الدور ألنها ستكون قاصرة على نخبة من
األمة وليس باستطاعة جميع أبناء األمة على اختالف مستوياتهم االقتصادية واالجتماعية والفكرية
اتقان هذه اللغة األجنبية واستخدامها بطالقة كأداة اتصال وتفاهم في جميع األغراض الحياتية.
3ـ ـ ـ ومن الناحية القتصادية تتوقف خطط التنمية االقتصادية على تفهم جميع قطاعات الشعب
لها وتعاونهم في سبيل تنفيذها ،وال يمكن تحقيق ذلك إال من خالل المؤسسات التعليمية
واإلعالمية كالصحافة واإلذاعة والتلفزة وهذا يتطلب أساساً محو األمية ،أي تعليم أبناء الشعب
القراءة والكتابة وهي عملية صعبة تتطلب جهودا مركزة .ومعروف أن محو األمية ال يتم باستخدام
لغة أجنبية وانما باستخدام اللغة الوطنية التي يستخدمها الناس وتشكل جزءا من ثقافتهم عليهم
تعلمها.
8ـ ـ ـ ومن الناحية الحضارية نعلم أن العرب حملة مشعل حضارة عالمية هي الحضارة اإلسالمية ،
ومن واجبهم تقديم العقيدة االسالمية إلى العالم أجمع خدمة لإلنسان في كل مكان ،وكانت إرادة اهلل
عزوجل أن يتخذ الدين اإلسالمي من اللغة العربية لغة أساسية له .وعليه فإن اختيار اهلل تعالى
العربية لغة لدينه الحنيف .أضحى من واجب العرب تعليم العربية لغير الناطقين بها في كل مكان
،وكيف يستطيع العرب نشر العربية بين غيرهم إذا أهملوها في ديارهم واستخدموا لغة أجنبية في
مدارسهم ومعاهدهم .
-8ومن الناحية النفسية أشار علماء النفس إلى أن تلقين الطفل العلوم والمعارف بلغة أجنبية
يخلق فيه عقدة النقص والشعور باالنحطاط ،إلحساسه بأن اللغة التي يتحدث بها والداه ويتخاطب
1
عبد القادر عبد الجليل ،التنوعات اللغوية ،دار صفاء للنشر والتوزيع ،عمان ،ص. 323
67
بها مجتمعه وامتلك ناصيتها ليست مؤهلة لتوصيل المعارف أو العلوم.وبالتالي فإن ثقافته التي
تشكل اللغة أساسها ليست على قدم المساواة مع الثقافة األجنبية التي تستعمل لغتها في التدريس.
-8ومن الناحية التعليمية والتربوية ثبت بالخبرة والتجربة أن الطلبة الذين يتلقون المادة العلمية
بلغتهم يستوعبونها بصورة أعمق مما لو تلقوها بلغة أجنبية ويتذكرونها لمدة أطول .
9ـ ـ ـ ومن الناحية اللغوية فإننا نقضي على اللغة العربية بالجمود فيما إذا رفضنا استخدامها في
تدريس العلوم والتقنيات ،فنمو اللغة وتطورها يسير وفقاً لقانون االستعمال واإلهمال المعروف
والقائل " كل عضو يهمل يضعف ويضمر".
1
ينظر ،إبراهيم بن محمود حمدان ،تعريب المصطلح بين الواقع والطموح.
68
2ـ ـ ـ النقص في الكتاب المدرسي ،بل عدم وجود كتب مدرسية عربية لتدريس الموضوعات
المختلفة في المراحل التعليمية المتباينة إبان استقالل البالد ،فالمواد كانت تدرس باللغة األجنبية
والمناهج المدرسية المعتمدة هي األجنبية بعينها.
3ـ ـ ـ من ناحية أخرى فإن الطالب غير المعرب يجعل من الصعب على المسؤول التربوي اتخاذ
قرار بالتعريب الشامل ،ألن هذا الطالب ال يستطيع مواصلة التعليم عند تغيير لغته فجأة ،ولهذا
فالبد من تبني التعريب من المراحل التعليمية الدنيا إلى المراحل التعليمية العليا ،وهذا يتطلب
تخطيطا ووقتا .
8ـ ـ ـ لعل لغة التعليم كانت العامل األساس في عرقلة التعريب وتبطيئها .فقد واجه العرب في
القرن العشرين مشكلة توليد مصطلحات علمية وتقنية عربية لسيل المفاهيم الجديدة المتدفق .وكان
تفاقم المشكلة ناجما أساساً عن عدم استخدام العربية في التعليم والتعلم ألكثر من أربعة قرون ،
فضالً عن التراجع العلمي الذي كانت تعانيه األمة العربية وانعدام البحث العلمي وتوقف حركة
االختراع واالبتكار واالكتشاف وحتى المصطلحات العلمية العربية التي كانت مستعملة بغ ازرة إبان
ازدهار الحضارة العربية اإلسالمية كانت قد اندثرت وأصبحت في عداد المفردات العربية المهملة.
69
المحاضرة التاسعة
آليات صناعة المصطلح
- 3التوليد
يتفق علماء اللسانيات على أن من خصائص اللغة بوجه عام قدرتها على التطور والنمو ،وذلك
باستخدام وسائل صرفية ونحوية لتوليد ألفاظ ومدلوالت وتراكيب لغوية جديدة للتعبير عما يستجد
من حاجات ومفاهيم في المجتمع .واذا علمنا أن اللغة العربية هي أطول اللغات العالمية عم اًر ،
وأثراها لفظاً ،وأقدرها على النمو اللفظي والداللي لما تتحلى به من خصائص اشتقاقية فريدة ،تأكد
لنا َّ
أن بوسع لغتنا العربية أن تعبر عن سيل المفاهيم العلمية والتقنية الجديدة المتدفق باستمرار
.وليست هذه المرة األولى التي تواجه فيها اللغة العربية تدفقاً مفاجئاً من مفاهيم إنسانية وعلمية لم
تعهدها من قبل ،بل حدث أكثر من مرة في تاريخها ،فقد جاء اإلسالم بمفاهيم فلسفية ودينية
واقتصادية واجتماعية وعلمية جديدة ،واستجابت اللغة العربية لهذه المفاهيم بتوليد المصطلحات
التي تعبر عن هذه المفاهيم كالصالة ،والوضوء ،والزكاة ،والخالفة واإلمامة ،والحضانة ،والنفقة
وغيرها ،وهي مصطلحات لم توجد في اللغة العربية من قبل بمدلولها الجديد .وفي العصر
األموي أمر الخليفة عبد الملك بن مروان بتعريب الدواوين التي كانت بيزنطية في الشام وفارسية
في العراق .وسرعان ما جادت العربية بمصطلحات جديدة في اإلدارة والسياسة واالقتصاد .
فظهرت ألفاظ جديدة كالدينار والدرهم والبريد والديوان وغيرها .وفي العصر العباسي أنشأ الخليفة
المأمون بن هارون الرشيد دار الحكمة ببغداد لتنسيق عملية فلسفة اإلغريق والهنود والفرس
وعلومهم وآدابهم إلى اللغة العربية .وسرعان ما زخرت اللغة العربية بمصطلحات جديدة في الفلسفة
والمنطق والرياضيات والكيمياء ،وغيرها ،وفي عصور ازدهار الحضارة العربية اإلسالمية كانت
اللغة العربية تَُزِود العلماء المسلمين دوماً بالمصطلح المالئم للتعبير عن مخترعاتهم ومكتشفاتهم
ونظرياتهم في العلوم والفنون .بحيث تلجأ العربية إلى الوسائل اللغوية المقننة الخاصة بالتطور
اللغوي وصناعة المصطلح ونموه.
71
.2التوليد في اللغة العربية:
تدل ألفاظ اللغة على المفاهيم التي يتداولها الناطقون بتلك اللغة .ولكن عندما يظهر مفهوم جديد لم
يكن معروفاً من قبل فإن اللغة قادرة على إيجاد لفظ يعبِّر عن ذلك المفهوم .ويصطلح على عملية
إيجاد ذلك اللفظ باسم ”التوليد“ أو ” الوضع“ ويمثل كل من هذين المصطلحين استعماالً مجازياً من
والدة الطفل الجديد ،كما لوكانت اللغة امرأة ولوداً ،أبناؤها األلفاظ وبناتها الكلمات .وهكذا فإنه
يمكن القول :إن كلمات اللغة على نوعين :كلمات مألوفة في اللغة اكتسبناها في طفولتنا وأثناء
تعلُّمنا ،وكلمات مولدة بدافع الحاجة والضرورة ،ويطلق على هذه الكلمات المولدة أحياناً اسم ”
الم َح َدثة“.
ُ
وان توليد وتوالد المفردات يخضع لمبادئ وقيود نظرية ومنهجية من شأنها أن تكون علما مستقال
هو المصطلحية وبديهي أن يكون هذا العلم فرعا من فروع علم اللسان ،وأن يستورد أصوال نظرية
وحلوال علمية من هذه الفروع ،فمن موارد بناء هذا العلم ضوابط التوليد Neologyواألثالة
Etymologyوالمعجميات Lexicologyبما تضم من جوانب داللية Semanticsوصرفية
Morphologyعلى الخصوص ،كذلك ضوابط الترجمة.3 1
2.2أنواع التوليد:
لقد أصبح مفهوم التوليد Neologyيستعمل اآلن في اللسانيات المعاصرة ويقصد به السياق
األساسي الذي يكشف عن إنتاج العناصر المستحدثة داخل مجموع مفردات لغة ما ،إال أن إنتاج
هذه العناصر أو الوحدات المعجمية الجديدة ال يتم بنفس الكيفية داخل اللغة ،بعبارة أخرى ،فإن
توليد الت ا ركيب والدالالت الجديدة التي تنمو بها الشبكة المفرداتية للمعجم العام تختلف إلى حد
ما عن الكيفية التي تنمي بها اللغات النظرية معاجمها الخاصة .2لذا يجب أن نميز بالنسبة إلنتاج
وحدات جديدة في معجم اللغة بين نوعين من التوليد:
أ -التوليد العفوي :وهو الذي تولد بمقتضاه وحدات وتموت أخرى وتتجدد اللغة بين حركة الموت
واإلحياء .ويهتم كذلك بالوحدات المعجمية المنشأة من طرف المستعملين العاديين للغة وذلك
1
اللسانيات وتوليد المصطلحات 2009 ،ص .10
2
عبد العزيز مطاد ،المصطلحية واللغة العربية من المقاربات التقليدية إلى المناهج الحديثة 2019 ،ص .182
71
باستعمال آليات اشتقاقية وتشبيهية ومجازية وغيرها 1يرتكز هذا النوع من التوليد عند دارسيه ،على
جمع طائفة من المفردات الجديدة التي ظهرت في حقبة معينة في تاريخ وحياة العشيرة اللغوية،
باعتبار أنه تطور الشعوري يتم في كل لغة.
ب -أما التوليد المقصود :هو ما تقوم به طائفة متخصصة من خلق لوحداتها المصطلحية
األفرد أو هيئة
ا ألغرض علمية .وذلك بأن يقوم فرد أو مجموعة من
ا وتضمينها بمفاهيم محددة
علمية أو مجمع لغوي بعملية تطوير لبعض ألفاظ اللغة ،وخاصة فيما يتصل بالمصطلحات
العلمية ،ألن هذا النوع من الخلق ال ينظر إليه باعتباره صدفة تاريخية ولكنه حركة لغوية واعية
للمتكلم في إطار نظام لغوي ، system linguisticsتتوقف فيه الوحدة المصطلحية على شروط
التواصل الموجودة داخل ذلك التخصص ،فهو إذن ذلك التطور المقصود المعتمد ،الذي يقوم به
المهرة في صناعة الكالم ،أو ما تقوم به المجامع اللغوية لهدف ما أو آلخر .2وهو قسمين صوري
وداللي .ويمكن ان نوضح ذلك بمخطط:
توليد المصطلح
المقصود العفوي
الداللي الصوري
0 .1التوليد الصوري:
اخترع مصطلحات جديدة للتعبير عن مستجدات الحياة أو لتسمية بعض
ا إن من أوجه نمو اللغة
المخترعات .ولهذا الغرض تتيح اللغة إمكانيات متعددة للتوليد ،منها ما هو داللي ومنها ما هو
1
اللسانيات واللغة العربية 1168 ،ص 113
2
المصطلحية واللغة العربية ،من المقاربات التقليدية إلى المناهج الحديثة ،ص .188
72
صوري فما المقصود بهذا األخير (التوليد الصوري) وكيف تسهم آلياته في نقل المصطلح اللساني
التوليدي ؟
التوليد الصوري هو عبارة عن خلق متوالية صوتية جديدة بواسطة استعمال أدوات لسانية متعددة
االقترضات والنحت والتركيب الخ ،والتوليد
تتمثل في مجموع العمليات االشتقاقية والتعريبية و ا
االخترع هو عمل لساني محض باعتبار أن
ا اخترع ،و
ا الصوري المصطلحي في هذا المقام هو
توليد المصطلحات عمل يشرف عليه مسؤولون محترفون لهم قدرة التدخل في اللغة وخلق وحدات
االقترض) الخ.
ا غير معروفة .1 1ومن بين آلياته نجد (االشتقاق ،النحت التركيب،
3 .2التوليد الدللي:
إذا كان التوليد الصوري يعتمد على خلق وحدات مصطلحية لم تكن موجودة قبال في معجم اللغة،
مستعينا في ذلك بوسائل االشتقاق والصرف ،فإن التوليد الداللي يرتكز على الوحدات الموجودة في
معجم اللغة ،لكن بصرف الداللة القديمة عن الوحدة ثم إدخال المفهوم الطارئ 2.2والتوليد الداللي
على حد قول د .محمد غاليم يتعلق بإعطاء قيمة داللية جديدة لبعض الوحدات المعجمية تسمح
لها بالظهور في سياقات جديدة لم تتحقق فيها من قبل . 1 3ويتميز التوليد الداللي عن باقي
أشكال الصوغ المصطلحي في كون المادة الدالة أو الشكل المستعمل كأساس ،هو ذو وجود قبلي
داخل المعجم كمورفيم معجمي دون أن يلحقه أدنى تغيير على المستوى الصرفي -الصوتي أو
تعديل في شكله الداخلي أو الخارجي ،وهو في ذات الوقت يشكل وحدة داللية جديدة .فكما اختلفت
أشكال التعبير عن التوليد الصوري للمصطلح ،فقد اختلفت أيضا هذه األشكال بخصوص التوليد
الداللي ،لكن المحتوى يبقى هو نفسه رغم اختالف االصطالحات الدالة عليه بين مختلف
الباحثين .4ومن بين أهم آلياته نجد (المجاز والترجمة وتغيير المقوالت النحوية).
ويمكن توظيف هذه اآلليات (آليات التوليد الصوري والتوليد الداللي) في نقل المصطلح اللساني
كما يلي:
1
المصطلحية واللغة العربية من المقاربات التقليدية إلى المناهج الحديثة 2019 ،ص 180
2
المرجع نفسه ص 188
3
التوليد الداللي في البالغة والمعجم 1169 ،ص .38
4
المصطلحية واللغة العربية من المقاربات التقليدية إلى المناهج الحديثة 2019 ،ص .188 – 188
73
- 1التوليد الصوتي :يتم التوليد الصوتي بمحاكاة األصوات لوضع اسم جديد ،كما هو الحال
في إطالق عدد من اللغات األوروبية اسم ”كوكو“ على طائر معين .وهذا االسم جاء نتيجة
لمحاكاة صوت الطائر .ويمكن أن نعد من هذا الباب في اللغة العربية ،اسم ”تأتأة“ التي تشير إلى
تلعثم المتكلم وتك ارره حرف التاء عند النطق ،فالفعل ”تأتأ“ هو محاكاة صوتية لظاهرة التلعثم
وتكرار حرف التاء.
- 0التوليد النحوي :يتم التوليد النحوي بإحداث كلمة جديدة من أصول لغوية قائمة على وزن
صرفي معلوم ،أو بضم كلمتين مألوفتين إلى بعض إلحداث لفظ جديد يدل على معنى جديد ،مثل
ضم الكلمتين ” بعد“ و“ظهر“ لصياغة اسم ”بعد الظهر“ أو مثل ضم كلمتي ”ربة“ و“بيت“ لتوليد
اسم ”ربة البيت“.
- 3التوليد الدللي(المجاز) :هو نقل اللفظ من معناه األصلي إلى معنى جديد ،كما في
استخدام ” عنق الزجاجة“ ليدل على ” المنفذ الضِّيق للمرور“ أو ” الموقف المحرج“ ويسميه
بعضهم بالنقل المجازي أو المجاز.
- 8التوليد بالقتراض :هو اقتراض لفظ من لغة أخرى للداللة على مفهوم جديد ،وال يعده
بعضهم من التوليد ألن اللفظ ُولِّ َد في لغة أخرى بإحدى صور التوليد الثالث السابقة ،ولم تلده
اللغة المقترضة .
.2الشتقاق:
االشتقاق هو صياغة لفظة من لفظة أخرى على أن يكون هناك تناسب بين اللفظ والمعنى .فمن
مصدر الكتابة مثالً يشتق الفعل الماضي“كتب“ ،والفعل المضارع“يكتب“ ،واسم الفاعل ”كاتب“،
واسم المفعول“مكتوب“ ،وهكذا .ويقسم الصرفيون االشتقاق إلى :
.2. 2اشتقاق صغير :وهو الذي تكون فيه جميع المشتقات متفقة في ترتيب حروفها األصلية ،
ففي المثال السابق تظهر الحروف (ك ،ت ،ب) ح بالترتيب نفسه في جميع المشتقات ،فال
تسبق التاء الكاف وال الباء التاء .
74
.0. 2اشتقاق كبير(يسمى القلب) :وهو الذي يكون فيه بين الكلمتين األصلية والمشتقة تناسب في
اللفظ والمعنى دون االتفاق بينهما في ترتيب الحروف األصلية كاشتقاق (جبذ) من (جذب) .ويمكن
القول :إن االشتقاق األكثر إنتاجية وفاعلية في النمو المصطلحي هو االشتقاق الصغير.
وتكمن أهمية االشتقاق في أنه وسيلة مهمة من وسائل تنمية اللغة والتعبير عن المفاهيم الجديدة
بتوليد كلمات جديدة من كلمات موجودة .فالمعاجم ال تضم جميع مفردات اللغة الموجودة والممكنة
الوجود ،وانما تقتصر على بعض المستعمل فعالً .ونظ اًر ألن المفاهيم ال متناهية في الوجود ،فإن
التعبير لغوياً يحتاج إلى وسيلة لسانية نستطيع بواسطتها أن نولِّد ألفاظاً ال متناهية من أصول اللغة
المحدودة .
والوسيلة األساسية للقيام بذلك في اللغة العربية هي االشتقاق .فهو يؤدي إلى تنويع المعنى
األصلي ويضفي عليه خواص جديدة كالمبالغة ،والمطاوعة ،والتعدية ،والطلب ،وغيرها من
العالقات المنطقية والوجودية بين المفاهيم المختلفة .فالكلمة المشتقة من أخرى تحتفظ بالمعنى
األساسي للكلمة األصلية مع زيادة تفيد خاصية داللية إضافية .فالفعل (كتب) يدل على الكتابة ،
ويشتق منه الفعل (استكتب) الذي يدل على طلب الكتابة .
النحت :هو انتزاع كلمة من كلمتين أو أكثر على أن يكون تناسب في اللفظ والمعنى بين
المنحوت والمنحوت منه .مثل المنحوت ”البرمائي ”من البر و الماء ،و“القروسطي ” من القرون
الوسطى ،و“الزمكان“ من الزمان والمكان .ويختلف اللغويون العرب حول مكانة النحت في
العربية ودوره في تطويرها وأهميته في نمو مصطلحاتها :
أ -منهم من يرى أن العربية عرفت النحت منذ القديم وأفادت منه وأن عدداً من مفرداتها الوظيفية
مثل ”:ليس“ و“لكن“ و“كأن“ وغيرها ألفاظ منحوتة ،وأنه البد من استخدام النحت خاصة في نقل
المصطلحات األجنبية التي تشمل على السوابق واللواحق مثل” :السلكي“ ” المائي“ وغيرهما.
ب -منهم من يرى أن اللغة العربية ذات خصائص اشتقاقية وليست تركيبية كما هو الحال في
اللغات الهندو -أوروبية وليس للنحت إال دور ضئيل في تاريخها الطويل واأللفاظ المنحوتة محدودة
في عددها واستعمالها مثل” :البسملة“ من بسم اهلل الرحمن الرحيم ،و ” الحمدلة“ من الحمد هلل ،
و“عبشمي“ من عبد شمس ،ويرون عدم التوسع باستعماله في توليد المصطلحات الجديدة ألنه
75
يتنافى مع الذوق العربي وألن المنحوت يطمس معنى المنحوت منه .وعلى كل حال فإن المجامع
اللغوية في الوطن العربي أجازت النحت عندما تلجئ الضرورة إليه.
76
-1عدم التقيد بأخذ الكلمة المنحوتة من جميع كلمات الجملة المنحوت منها.كما في ” هيلل“
منحوتة من جملة (ال إله إال اهلل).
-2عدم التقيد بأخذ عدد من الحروف من كل كلمة ففي حين أخذت كلمة ” َم ْشأ َل“ حرفا واحدا من
كل كلمة من جملة (ما شاء اهلل) نجد أن كلمة ” َحسب َل“ أخذت ثالثة حروف من الكلمة األولى
وحرفا واحدا من الكلمة الثانية من جملة (حسبي اهلل) .أما كلمة ”مشكن“ فلم تأخذ أي حرف في
لفظ الجاللة في جملة (ما شاء اهلل كان).
- 3عدم التقيد بترتيب الحروف األصلية للجملة المنحوت منها مثل ”طبلق“ المأخوذة من جملة
(أطال اهلل بقاءك) .
- 8عدم االلتزام بالحركات والسكنات األصلية مثل“ َس ْب َح َل“ المنحوتة من (سبحان اهلل).
77
المحاضرة العاشرة
جهود المؤسسات في صناعة المصطلح
ل قد بذل األوربيون جهودا متواصلة من أجل الرقي بعلم المصطلح ،فأسسوا المعاهد وأصدروا
المعاجم العامة والمتخصصة .فحرك هذا الرقي مشاعر الباحثين العرب ،فأسسوا المجامع
والمؤسسات اللغوية األخرى ا لتي حملت على عاتقها إحاطة الدراسة المصطلحية بسياج من
القوانين والحدود حتى ال يتفرق الشمل ويضطرب العمل.
وسنحاول في هذه المحاضرة ايضا الحديث عن الجهود التي تبذلها بعض المؤسسات اللغوية
العربية لخدمة المصطلح العربي ،ونخص بالذكر المجامع العلمية العربية ومكتب التعريب بالرباط
ومعهد الدراسات المصطلحية بفاس.
أ – المجامع العلمية العربية:
تنشط المجامع في العديد من الدول العربية وهي عبارة عن «جمعية من العلماء أخذت على
عاتقها المحافظة على سالمة اللغة العربية » . 1وقد لخصت رسالتها في إنجاز أبحاث في أسس
وضع المصطلحات العلمية والتقنية في اللغة العربية .إضافة إلى « نشر البحوث المتعلقة بتطويرها
(أي اللغة العربية) وتجديد روحها » . 2ولعل وضع المصطلح العلمي العربي يتطلب إعدادا
وتنظيمها واشرافا وهو ما تقوم به المجامع العلمية وتيسره لكافة الباحثين.
إضافة إلى ما سبق فإن المجامع العربية تحمل على عاتقها عملية « توحيد المصطلح العلمي أو
الحضاري لتعميم استعماله في العربية في جميع األقطار تفاديا للفرقة التي تؤدي إلى البلبلة وعدم
التفاهم الثقافي بين الكاتبين والقراء ».3
وحتى ال تذهب جهود هذه المجامع سدى فإنها تقوم بتجميع المصطلحات المتفق عليها في
المعاجم ،بغية نشرها بين الباحثين كل حسب تخصصه.
1
هالل م .ناتوت ،في التعريب والمصطلح والمعاجم ،الدكتور ،آفاق الثقافة والتراث ،العدد 28 :و ،28جويلية 1111م ،ص .83
2
المرجع نفسه ،ص.83 :
3
المصطلح العلمي العربي قديما وحديثا :الدكتور مناف مهدي محمد ،اللسان العربي ،العدد .30 :جويلية 1166م ،ص.183 :
78
ب – مكتب تنسيق التعريب:
إيمانا منها بالجهود التي يبذلها هذا المكتب ،فقد عهدت إليه جامعة الدول العربية سنة 1189م
القيام بوظيفة تنسيق الجهود التي تبذل إلغناء اللغة العربية بالمصطلحات الحديثة وتوحيد
المصطلح العلمي والحضاري في الوطن العربي .كما حمل مكتب تنسيق التعريب على عاتقه
اإلعداد لمؤتمرات التعريب الدورية التي يحج إليها المشاركون من جميع األقطار العربية.
كما شهدت سنة 1192م إلحاق المكتب بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ،وتمت ترقيته إلى
(مكتب تنسيق التعريب في الوطن العربي) ،ومن أنشطة المكتب أيضا وضع المصطلحات بلغتين
هما اإلنجليزية والفرنسية ونشرها على شكل معجم ألفبائي الترتيب.1
ج -معهد الدراسات المصطلحية بفاس:
وهو عبارة عن مؤسسة للبحث العلمي متخصصة في البحوث والدراسات المصطلحية ،تابعة لكلية
اآلداب والعلوم اإلنسانية بظهر المهراز ،جامعة سيدي محمد بن عبد اهلل بفاس.
وقد أنشئ المعهد بغية تجاوز االضطراب المصطلحي الذي يعاني منه المشهد الثقافي العربي عن
طريق «اإلسهام في تنظيم حركة السير في البحوث والدراسات المصطلحية».2
فقد عرفت سنة 1168م تأسيس « مجموعة البحث في المصطلح النقدي » بالكلية السالفة الذكر،
وبتاريخ 8ذي الحجة 1813هـ الموافق لـ 1113/08/26بزغ نجم « معد الدراسات
المصطلحية » في سماء كلية اآلداب ظهر المهراز بفاس ،بعد مسيرة طويلة من الكد والعناء.
هذا التأسيس الذي كان أمنية تراود الدكتور الشاهد البوشيخي وأثبتها في كتابه " مصطلحات
النقد العربي" ،3قد أصبحت حقيقة .ومن بين مهام المعهد « :العناية بكل ما يؤدي إلى تطوير
البحث العلمي في المصطلح ،نظريات ،ومفاهيم ومناهج ،ووسائل ،..في التاريخ والواقع معا».4
وبالجملة ،إن االهتمام بالدراسات المصطلحية عند العرب قد عرف ثالث مراحل متباينة:
ـ ـ ـ ازدهار خالل القرون األولى مع عدم الفصل بين الظاهرة المصطلحية وباقي العلوم.
1
ينظر المرجع السابق ،ص188:و.188
2
معهد الدراسات المصطلحية :الملحق الثقافي ،الراية ،العدد ،11 :نوفمبر 1118م ،عدد الجريدة ،221 :ص.10 :
3
الشاهد البوشيخي ،مصطلحات النقد العربي لدى الشعراء الجاهليين واإلسالميين ،عالم الكتب الحديث ،االردن ،2001 ،ص.38
4
معهد الدراسات المصطلحية ،الملحق الثقافي ،الراية ،ص .10
79
ـ ـ ـ ثم ركود خالل العصور المتأخرة.
ـ ـ ـ إلى إقالع لغوي ومصطلحي منذ القرنين الماضيين مع تحديد التصور الحديث لقضايا المصطلح
(النظرية العامة والنظرية الخاصة في علم المصطلح).
توظيف الحاسوب في العمل المصطلحي:
أمر
خصوصا ًا
ً عموما وفي هندسة اللغة
ً أصبح استحضار الحاسوب في إدارة الظاهرة المعرفية
حيويا يسهم على نحو فاعل في توجيه تعامل اإلنسان المعاصر مع اللغة عامة ومع المصطلح
ً
خاصة .والواقع أن تجليات اإلفادة من الحاسوب في مجال العمل المصطلحي عديدة ،ولعل
أهمها:
بنوك المصطلحات:
تعد بنوك المصطلحات أداة ناجعة في مجال البحث والعمل المصطلحي ،1وهي نوع من قواعد
البيانات ،يتخصص في تجميع رصيد من المصطلحات العلمية والتقنية ،مع معانيها ومعلومات
مفيدة عنها بلغة واحدة أو أكثر ،ويقوم الحاسوب بإدارتها وفق برنامج محدد سلفًا.2
ويستخدم هذا النوع من البنوك وسيلةً ُم ِعين ًة للمترجمين أو المصطلحيين الذين يسعون إلىُ
حصر صنف من المصطلحات أو تنسيقها أو توحيدها.
وتتضمن هذه البنوك " كل المعلومات المتصلة بالتسمية والمفهوم من مجال ومجال فرعي وتعريف
ومرادفات وسياقات ومقابالت في لغة أو لغات أخرى وبيانات بيبلوغرافية" .3
واذا أطلقنا اسم بنك المصطلحات على قاعدة البيانات ،فمعنى هذا أن سجالت هذه القاعدة ال
تحتوي على كلمات عامة بل مصطلحات متخصصة فقط ،كما في بنك كيبيك المصطلحي
الكندي التابع لديوان اللغة الفرنسية). (OLF
وقد يتخصص بنك المصطلحات في نوع معين من المصطلحات ،كما هو الحال في بنك
المصطلحات التابع لشركة (سيمنز) في ميونخ الذي يركز اهتمامه على المصطلحات ،المتعلقة
1
Rondeau, G. : Introduction à la terminologie, p. 143.
2
Felbert, H: Terminology Manual, p. 43.
3
عبد اللطيف ،عبيد ،قواعد البيانات المصطلحية ودورها في تطوير العمل المصطلحي والترجمة ،التعريب ،عدد ، 28جوان
،2005ص. 3
81
بالهندسة الكهربائية ،فيخزن مصطلحاتها بثماني لغات أوروبية وباللغة العربية ،وذلك لغرض
مساعدة مترجمي الشركة على ترجمة اإلرشادات المطبوعة التي ترفقها الشركة بمصنوعاتها
الكهربائية المختلفة إلرشاد الزبائن إلى تشغيل هذه المصنوعات وصيانتها وادامتها.
وهناك مراكز ال تعنى بالمصطلحات العلمية والتقنية فقط بل بالدراسات واألبحاث الخاصة بها
كذلك .ومن هذه المراكز األنفوترم مركز المعلومات الدولي للمصطلحات في فينا ،الذي أنشيء
بمساعدة اليونسكو لتحقيق غايات ثالث وهي:
-1تطوير نظرية علم المصطلح العامة والخاصة
-2تنمية التعاون بين جميع المعنيين بوضع المصطلحات.
-3خلق شبكة إلكترونية.
ومن هنا فإن مرك اًز مثل هذا يستخدم ال محالة بنك المصطلحات التابع له ال لخزن المصطلحات
فحسب ،بل لتجميع الدراسات واألبحاث المتعلقة بها.
كيف يعمل بنك المصطلحات:
سنقدم هنا صورة مبسطة لسير العمل في بنك المصطلحات ،على ان البنك يخزن المصطلحات
بلغتين:
يقوم الباحثون في البنك بتجميع المصطلحات من مصادرها ،والمصادر التي تستقي منها بنوك
المصطلحات مادتها (أي المعلومات والمعلومات المتعلقة بها) وتتألف من المعاجم العامة والمعاجم
المتخصصة أحادية اللغة كانت أو ثنائية اللغة ،ومسارد المصطلحات التي توضع في خواتيم
الكتب العلمية والتقنية ،وقوائم المصطلحات التي تصدرها المجامع اللغوية والمعاهد المتخصصة .
وهناك مصدر هام للمصطلحات هو النصوص العلمية والتقنية ذاتها ،ولكن هذا المصدر ال
يستعمله كثير من بنوك المصطلحات ،ألنه يحتاج إلى جهود كبيرة لمعالجة النصوص
يوضع كل مصطلح على جذاذة أو بطاقة َ واستخالص المصطلحات من سياقاتها الفعلية .ثم
ويكتب عليها أيضاً المقابل العربي لهذا المصطلح ،والفرع العلمي أو التقني الذي ينتمي إليه،
ُ
والمصدر الذي استُقى منه المصطلح األجنبي ومقابله العربي ،والسياق الذي يرد فيه ،وغير ذلك
من معلومات مفيدة قد يطلبها المستفيدون من بنك المصطلحات .وال ُيشترط في هذه الجذاذات أو
81
البطاقات أن تُرتب وفق نمط َّ
معين كالترتيب األلفبائي أو طبقاً للغة االختصاص أو حقله ،ألن
الحاسوب يستطيع أن يفعل ذلك بجهد أقل ووقت أقصر .والقاعدة العامة التي تُتبع في بنوك
المصطلحات هي عدم القيام باألعمال التي يستطيع الحاسوب إنجازها.
الخطوة الثانية هي قيام خبراء المصطلحات بتصميم نموذج الستمارة خاصة بإدخال المعلومات إلى
الحاسوب .ثم يقوم مساعدو الباحثين بنقل مواد الجذاذات إلى االستمارات في الحاسوب الذي يتولى
يحدد له الخطوات الواجب اتباعها في ذلك .وعندما تُدخل خزنها ومعالجتها طبقاً لبرنامج ِّ
المعلومات ،يقوم الحاسوب بخزنها مرتبة في قاعدة البيانات التابعة له طبقاً لبرنامج متفق عليه ،
بحيث يسهل استرجاع هذه المعلومات أو بعضها عند الطلب.
زود المساهمون والمستفيدون من بنك المصطلحات من لوحة مفاتيح ُيدخلون بواسطتها أسئلتهم
وي َّ
ُ
أو المعلومات التي يريدون إضافتها ،ومن شاشة تظهر عليها إجابات الحاسوب .ويمكن أن يتخذ
السؤال أو الطلب صو اًر متعددة وأوجهاً مختلفة ،مثل :ما المقابل العربي للمصطلح االنجليزي ،أو
رتب ألفبائياً قائمة بأسماء أعصاب الجسم اإلنساني ومعانيها باللغة العربية ،أو ما هو تعريف هذا
المصطلح ،أو أعطني قائمة مصطلحات الوقاية من اإلشعاعات الذرية باللغة اإلنجليزية مع
تعريفاتها ،وهكذا .وتظهر إجابات الحاسوب على الشاشة الموضوعة أمام الباحث ،فإذا أراد أن
يحصل على نسخة مطبوعة من تلك اإلجابات ،ضغط على زر(اطبع) فتظهر الطابعة المجاورة
له نسخة ورقية print outمن اإلجابة.
ميزات بنوك المصطلحات:
يمكن القول أن لبنوك المصطلحات أربعة ميزات ليست متوفرة في المعاجم الورقية ،وهي:
-2حداثة المعلومات :فإدخال مصطلحات جديدة في بنك المصطلحات ال يستغرق دقائق ،في
حين أن نشرها في معجم ورقي مطبوع قد يستغرق شهو اًر .كما أنه يمكننا االطالع على المصطلح
بعد ثو ٍ
ان من تخزينه في بنك المصطلحات ،وهذا ما ال يتأتى لنا في المعجم الورقي.
-0سهولة تخزين المصطلحات وتجميعها :إن شبكة بنوك المصطلحات التي تيسِّر التعاون بين
عدد من بنوك المصطلحات تجعل من الممكن تقسيم العمل بين هذه البنوك واإلسراع في تجميع
82
المصطلحات وتخزينها .وتتيح لنا شبكة المعلومات الدولية (اإلنترنت) االطالع على محتويات
بنوك المعلومات التي تتخذ لها مواقع على هذه الشبكة.
-3سرعة التعرف على التكرار والتناقض في المصطلحات :وذلك بفضل إمكانات الترتيب
والتصنيف والتجميع اآللي المختلفة ،مثل الترتيب األلفبائي ،أو الترتيب الموضوعي ،أو الترتيب
بحسب المصدر ،أو بحسب التشابه الشكلي،وما إلى ذلك.
-4توفير الوقت والجهد والمال :فالباحث في بنك المصطلحات يستطيع أن يعثر على مصطلح
أو مجموعة من المصطلحات في غضون ثو ٍ
ان معدودات ،على حين قد يتطلب ذلك منه ساعات
من البحث في المعاجم الورقية .
أهداف بنوك المصطلحات:
يمكننا حصر األهداف الرئيسة لبنوك المصطلحات فيما يأتي:
-2مساعدة المترجمين في عملهم :وذلك من خالل تزويدهم بالمقابالت المطلوبة في لغة
الهدف (أو اللغة المترجم إليها) بسرعة ودقة ،مع جميع المعلومات الالزمة عنها.
-0تنميط المصطلحات وتقييسها وتوحيدها :بما يتطلب ذلك من تجميع للمصطلحات على
اختالف درجة صالحيتها ودراستها.
-3توثيق المصطلحات :لتيسير االطالع عليها واسترجاعها ونشرها إلكترونيا أو ورقياً.
أنواع بنوك المصطلحات:
يختلف تصنيف بنوك المصطلحات من باحث إلى آخر حسب األسس التي يختارها لتصنيفه .
وتجمع الباحثة ليلى المسعودي أسس تصنيف بنوك المصطلحات في :أهداف البنك ،والمستفيدين
منه ،والمنهج (الموقف) الذي يتبناه ،وكيفية ترتيب معطياته ،وطريقة التوزيع والنشر التي
يتبعها.
فمن حيث األهداف ،تسعى بعض البنوك إلى مساعدة الباحثين والمترجمين وامدادهم بالمقابالت
المطلوبة ،في حين يسعى بعضها اآلخر إلى جمع المصطلحات التي تم تقييسها وتوحيدها ،وقد
يتم ذلك بلغة واحدة فال يفيد منه المترجمون ،مثالً .ومن حيث المستفيدون من البنك ،قد يخصص
83
المترجمين ،أو اللسانيين ،أو المصطلحيين ،أو المدرسين في الشعب العلمية
البنك في خدمة ُ
والتقنية ،أو جميعهم.
الهاتف ،أو النشر ومن حيث المنهج طريقة نشر المعلومات وتوزيعها ،فقد يتم بواسطة
اإللكتروني ،أو النشر الورقي.
وتُقسَّم بنوك المصطلحات إلى نوعين طبقاً لطريقة عملها ونوع المادة التي تخزنها ،وترتيبها،
وهذان النوعان هما:
-2بنوك المصطلحات اللفظية:
وهي التي تعتمد في عملها على دراسة تنطلق من الدليل اللغوي(اللفظ) لتصل إلى تحديد المفهوم ،
بحيث تُدرس الوحدة المعجمية حسب سياقها التي تظهر فيها قبل أن تحال إلى حقل مفهومي
معين .وأكثر بنوك المصطلحات في العالم هي من هذا النوع ،ألن اتباع الترتيب األلفبائي
للمصطلحات ييسر الوصول إليها .والمشكلة التي يواجهها هذا النوع من البنوك هو اضطرارها إلى
ضم جميع المعلومات المتعلقة بالمصطلح في التعريف .فالحقل الداللي ينبغي أن ُيذكر بالتفصيل
ويشرح الفرق بين تلك المصطلحات .ولهذا أو ُيشار إليه ،على األقل ،كما ينبغي أن ُيدرج ُ
السبب فإن التعريف في بنوك المصطلحات اللفظية ُيصبح كبي اًر بالمقارنة مع التعريف في بنوك
المصطلحات المفهومية.
-0بنوك المصطلحات المفهومية:
هناك قضيتان أساسيتان في عمل بنوك المصطلحات هما :بنية المداخل ،وترتيب المصطلحات .
في حين تعتمد بنوك المصطلحات اللفظية على الشكل في ترتيب المصطلحات ثم تعريفها .فإن
بنوك المصطلحات المفهومية تعتمد في عملها على االنطالق من المفهوم ثم البحث عن المسميات
اللغوية أو المصطلحات التي تعبِّر عنه.ومن هنا تكون المعرفة المعمقة بالحقل العلمي الذي هو
قيد الدرس ،ضرورية من أجل تقسيمه إلى حقول مفهومية .
وهناك نوع جديد من بنوك المصطلحات وهو(بنوك المصطلحات المترابطة النصوص) ،وهو
نوع يحاول أن يجمع بين ميزات النوعين السابقين وذلك باستعمال ما ُيسمى بتكنولوجيا النص
84
فيجمع أو يربط البحث في هذه البنوك بين طريقتي عمل النوعين السابقين من بنوك، المترابط
. المصطلحات
:1بنوك المصطلحات في العالم
ِّ والبنوك األجنبية التي، هنا ِذكر أشهر البنوك العالمية، نتوخى
وبنوك،تخزن مصطلحات عربية
.المصطلحات في الوطن العربي
: بنوك المصطلحات في أوروبا وأمريكا:أولا
َّ في الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي لم
يتعد عدد بنوك المصطلحات في العالم
وهذا دليل، أما اليوم فهناك العشرات من بنوك المصطلحات في أوروبا وأمريكا.عدد أصابع اليدين
فقد أخذت كثيرمن المؤسسات الجامعية واالقتصادية واإلعالمية واالجتماعية تنشئ. على أهميتها
1
:ينظر
-Al-Kasimi,Ali M, Towards a central terminological data bank in the arab world, a paper presented
-٢to the first international conference on terminological data banks held by infoterm, vienna,
.٩١٩١April,٣
-Brinkmann, Karl-Heinz, Quality criteria for the Exchange of terminological data A paper presented
-٢to the first international conference on terminological data banks held by infoterm in vienna,
١٩١April,٣
-fernand gobeil, la traduction automatique au canada, l,Actualité terminologique,
.٢-٩,pp.٥,No.٤volume
-felber,helmut, international efforts to overcome difficulties in technical communication. Apaper
presented to e third eupoean congress on information systems and networks, luxumbourg,
.٩١٩٩may
-felber,helmut, the development of a network for terminology information and documentation, a
.٢٩،٩١٩٩- ٩١paper presented to the unesco experts meeting,vienna,oct.
-Gibbon et al.termbank for spoken language systems.Draft eagles interim Deliverable,university of
٩١١٩Bielefeld,
-Sager, j.c.Apractical course in terminology processing (Amsterdam/philadelphia:
. -Wuster, E.Bibliography of Monolingual Scientific and technical ٩١١١Benjamins,
.1181 ـ1180 Dictionaries.(paris: unesco,
85
بنوك بيانات أو بنوك مصطلحات متخصصة تضم المعلومات والمصطلحات التي تعينها على
إنجاز وظيفتها:
-2الهيئة األوروبية في بروكسل :التي يضم بنكها مصطلحات في العلوم والتكنولوجيا
واالقتصاد ،بلغات الدول األعضاء في االتحاد األوروبي.
-0صندوق النقد الدولي :الذي يضم بنكه مصطلحات باللغة األلمانية واإلنجليزية واإلسبانية
والفرنسية والبرتغالية.
-3منظمة العمل الدولية :التي يضم بنكها مصطلحات باللغات اإلنجليزية والفرنسية واإلسبانية
واأللمانية.
-8المجلس العالمي للغة الفرنسية :الذي يضم بنكه مصطلحات باللغة الفرنسية واإلنجليزية
واأللمانية واإلسبانية.
-8الجماعة الفرنسية في بلجيكا :التي يضم بنكها مصطلحات باللغات األلمانية واإلنجليزية
والفرنسية والهولندية.
-8دائرة اللغة الفرنسية في كيبك في كندا:التي يضم بنكها ثالثة ماليين مصطلح بالفرنسية
واإلنجليزية في مائتي حقل من حقول المعرفة.
-9الدائرة االتحادية للغات :التي يضم بنكها مصطلحات في العلوم والتكنولوجيا باللغات األلمانية
واإلنجليزية والفرنسية والروسية.
-6الجمعية الفرنسية للتقييس:التي يضم بنكها المصطلحات الفرنسيةالمنمطة الموحدة المستعملة
في المواصفات الفرنسية والمنشورة في الجريدة الرسمية أو الواردة في المواصفات والتوصيات عن
مؤسسات التقييس الدولية مثل ايزو()iso
-1معهد البحث الروسي للمعلومات الهندسية :الذي يضم بنكه المصطلحات الروسية الموحدة
ومقابالتها باللغات األلمانية واإلنجليزية .
-10جامعة سيرى في بريطانيا :التي يضم بنكها مصطلحات متنوعة باللغات اإلنجليزية والفرنسية
واأللمانية واإلسبانية واإليطالية.
86
-11مجلس المقاييس الوطني في و ازرة التجارة األمريكية :الذي يضم بنكه المصطلحات الموحدة
باللغة اإلنجليزية.
-12االتحاد العالمي لالتصاالت السلكية والالسلكية :الذي يضم بنكه مصطلحات متعلقة
باختصاصه باللغات اإلنجليزية والفرنسية واإلسبانية.
ثانيا:البنوك العالمية التي تخزن مصطلحات عربية:
على الرغم من أن البنوك األوروبية ،والعالمية بوجه عام ،تقتصر على تخزين المصطلحات
بال لغات األوروبية ،فإن عددا من بنوك المصطلحات العالمية أخذت تخزن المقابالت العربية
لمصطلحاتها ،وذلك ألسباب تجارية أو سياسية ،ومن األمثلة على هذه البنوك ما يأتي:
-1بنك مصطلحات شركة سيمنز:
حيث يشتمل على ماليين المصطلحات التكنولوجية ،والهندسية الكهربائية بوجه خاص ،بإحدى
عشرة لغة أوروبية ،ومع تزايد القوة الشرائية في البالد العربية في السبعينيات من القرن العشرين،
سعت الشركة إلى إضافة المصطلحات العربية إلى بنك المصطلحات فيها .لتتمكن مصلحة
الترجمة التابعة لها من تدوين منشورات باللغة العربية توضح استعمال منتجات الشركة .فعقدت
الشركة سنة 1191م ،اتفاقاً مع مكتب تنسيق التعريب بالرباط ،لتبادل المصطلحات بينهما،
المكتب بالمصطلحات باللغات األلمانية واإلنجليزية والفرنسية ،ويمدها المكتب
َ بحيث تُمد الشركةُ
بمصطلحاته العربية الموحدة مع مقابالتها اإلنجليزية والفرنسية.
-2قاعدة بيانات األمم المتحدة:
تمتلك منظمة األمم المتحدة في نيويورك قاعدة بيانات تضم المصطلحات التي يستعين بها قسم
الترجمة في المنظمة .وتُخزن هذه المصطلحات مع تعريفاتها باللغات الرسمية لألمم المتحدة ،أي:
اإلنجليزية ،والفرنسية ،والروسية والصينية ،والعربية .ولقاعدة البيانات هذه موقع على شبكة
المعلومات (االنترنت).
87
ثالث ا :بنوك المصطلحات في الوطن العربي:1
يوجد في الوطن العربي عدد من بنوك المصطلحات في المؤسسات اللغوية وبعض الجامعات ،
وفيما يأتي أهمها:
المعطيات المعجمية بالرباط:
-1قاعدة ُ
أُنشئ معهد الدراسا ت واألبحاث للتعريب بالرباط بعيد استقالل المملكة المغربية للمساعدة على
تعريب اإلدارة والتعليم في البالد .وقد شرع مدير المعهد أحمد األخضر غزال ،في استخدام
الحاسوب لتخزين المصطلحات
ومعالجتها في أواخر السبعينيات من القرن العشرين ،مكوناً قاعدة المعطيات المعجمية .وبذلك تُعد
هذه القاعدة ،أقدم بنك للمصطلحات في الوطن العربي ،على الرغم من أنه ال يقتصر على تخزين
المصطلحات العلمية بل يخزن الكلمات عامة كذلك .واالسم (معربي) منحوت من كلمتين (معجم)
و(عربي) .ويضم هذا البنك أكثر من نصف مليون كلمة عربية مع مقابالتها اإلنجليزية ،
والفرنسية ،والالتينية أحياناً ،في مختلف حقول المعرفة.
-2البنك اآللي السعودي للمصطلحات(باسم):
أشرف على إنشاء هذا البنك في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية(المركز الوطني للعلوم
والتكنولوجيا؛ سابقاً) الدكتور محمود إسماعيل صالح صيني سنة 1163م .ويرمي هذا البنك إلى
المساهمة في تعريب العلوم والتقنيات ،وامداد دوائر الدولة والباحثين بالمصطلحات العلمية والتقنية
،وتوفير أداة آلية تُعين الباحثين على وضع المصطلحات العلمية والتقنية الجديدة ،وتدريب
المهتمين منهم على أساليب معالجة
المصطلحات العلمية والتقنية التي يستقيها من المؤسسات العربية المعنية كالمجامع اللغوية والعلمية
العربية ومكتب تنسيق التعريب والمعاجم المنشورة .وتشمل جميع مداخل هذا البنك على
المصطلحات العربية واإلنجليزية ،وبعضها يشتمل على المصطلحات الفرنسية واأللمانية كذلك.
1
ـ ـ التقرير الختامي لندوة التقنيات الحاسوبية في مجلة اللسان العربي ،العدد ،1111 ، 86ص 222ـ ـ .229وتألفت لجنة صياغة
توصيات الندوة من الدكاترة :علي القاسمي (رئيسا) ،محمود إسماعيل صيني ،إبراهيم بن مراد ،يحيى هالل.
88
وتضم المداخل المعلومات األساسية :المصطلح العربي ،المصطلح األجنبي ،التصنيف ،التعريف،
مصدر المصطلح ،معلومات نحوية عنه ،المرادفات.
المعطيات المصطلحية بتونس: -3قاعدة ُ
قام المعهد القومي للمواصفات و ِ
الملكية الصناعية في تونس بإنشاء هذا البنك حوالي سنة 1168م،
ويعمل بالتعاون مع المجمع التونسي (بيت الحكمة سابقاً) ،ويركز على المصطلحات الموحدة في
ويذكر أن المعهد القومي للمواصفات والملكية الصناعية نظم ندوتين في
مختلف العلوم والفنونُ .
تونس عن قضايا المصطلح ،بالتعاون مع مركز المعلومات الدولي لعلم المصطلح هما :ندوة
التعاون العربي في مجال المصطلحات علماً وتطبيقاً)
وكانت في تونس 1168م ،و (ندوة التقييس والتوحيد المصطلحيين في النظرية والتطبيق) في
تونس1161م.
-8بنك مجمع اللغة العربية في األردن:
تأسس هذا البنك سنة 1166م ،ويهدف إلى جمع المصطلحات ومعالجتها ،وتنظيمها وتوفير
وسائل توزيعها والتأثر في استعمالها وتقديم خدمات مصطلحية للباحثين ،وتطوير المنهجيات
النظرية والتطبيقية للعمل المصطلحي المحوسب .وتشتمل مداخل البنك على المصطلحات،
وتصنيفها ،وتعريفها ،ومقابالتها اإلنجليزية ،ومصادرها .وتتألف مصادر المصطلحات المخزنة
من مطبوعات المجامع اللغوية والعلمي ة العربية ،ومعاجم مكتب تنسيق التعريب ،ومنشورات
االتحادات والمنظمات الدولية.
-8بنك المصطلحات في مكتب تنسيق التعريب:
على الرغم من أن الدعوة إلنشاء هذا البنك بدأت سنة 1196م فإنه لم يؤسَّس ويبدأ عمله إال في
أواخر التسعينيات من القرن الماضي .ويهدف هذا البنك إلى توفير المصطلحات العلمية والتقنية
َّ
الموحدة مع العربية
مقابالتها اإلنجليزية والفرنسية .وكان المكتب قد أعد هذه المصطلحات ونشرها بعد أن أقرتها
مؤتمرات التعريب العربية .وقد اخذ هذا البنك بتخزين معلوماته في مجلة (اللسان العربي) التي
يصدرها المكتب بانتظام ،وكذلك بإصدار محتوياته على أقراص مدمجة.
89
شبكة عربية للمصطلحات:
إن التطور الكبير الذي ط أر على تكنولوجيا المعلومات واالتصال جعل من الممكن االستفادة منها
وسيلة إلشاعة المصطلح وايصاله إلى كل بيت ،بل يستطيع األفراد االتصال بقواعد البيانات ،
وبنوك المصطلحات ،والمعاجم المتعددة اللغات المتاحة على شبكة االنترنت واالستفادة من
المعلومات التي تتوفر عليها .ومن ناحية أخرى ،قد يسرت هذه التكنولوجيا عملية إعداد المعاجم
وتأليفها ،ونشرها ،بما يتيحه النشر اإللكتروني من وسائط
متعددة ،وفرز آلي ،وفهرسة آلية ،وتصحيح نصوص آلي ،وحتى بيع المعاجم وتوزيعها عن
طريق التجارة اإللكترونية .وأصبح من الميسور اليوم التواصل بين المختصين في حقل من الحقول
العلمية والتعاون وتبادل المعلومات فيما بينهم ،بفضل شبكة االنترنت .
وتستطيع بنوك المصطلحات العربية وقواعد البيانات المصطلحية في البالد العربية إنشاء شبكة
عربية للمصطلحات تتبادل المعلومات المصطلحية ،بحيث يستطيع المختصون الوقوف على
مواطن االتفاق واالختالف في مصطلحاتهم و وضبط الترادف واالشتراك اللفظي فيها بسهولة .كما
يستطيع المستفيدون من بنوك المصطلحات العربية استخدام الشبكة للحصول على المعلومات من
أي بنك مصطلحات عضو في الشبكة يتوفر عليها .كما تستطيع الشبكة العربية أن تتعاون مع
الشبكات المصطلحية العالمية.
ويتطلب إنشاء الشبكة العربية للمعلومات المصطلحية تنسيقاً إدارياً وتقنياً بين أطراف الشبكة ،
خاصة توحيد مواصفات البنوك وتوحيد معايير المعلومات المدخلة .وقد مر بنا أن بنوك
المصطلحات األوروبية اجتمعت في المركز الدولي للمعلومات المصطلحية في فيينا سنة 1191م
لتتفق على المعايير النوعية الواجب توفرها في كل مصطلح ُيخزن في أي بنك من بنوك
المصطلحات المتعاونة .ولكي تستطيع بنوك بنوك المصطلحات العربية التعاون مع بنوك
المصطلحات الدولية ،ينبغي عليها استخدام تبادل المصطلحات التي وضعها المركز الدولي
للمعلومات المصطلحية.
91
المحاضرة الحادية عشر
المصطلحات ( ( Termsهي مفاتيح العلوم وأدواتها الرئيسة ،وأبجدية المعارف وعماد قوامها،
جهازه المصطلحي الخاص به ،وال ُيتصور قيام علمُ فلكل ٍ
علم من العلوم بها يتميز علم من آخرِّ ،
ٌ
من غير مصطلحات تخصه ،ويتميز بها متعاطوه.
لكل ٍ
علم من العلوم ،فعد أحدهم" الوزن وقد أدرك المهتمون بالمصطلح أهمية المصطلحات وقيمتها ِّ
المعرفي لكل علم رهين مصطلحاته؛ لذلك نسميها أدواته الفعالة؛ ألنها تولده عضوياً ،وتنشئ
صرحه ،ثم تصبح خالياه الجنينية التي تكفل التكاثر والنماء".1
ونظر لما للمصطلح من أهمية بالغة؛ اهتم به العلماء قديما وحديثاً ،فتناولوه بالتعريف والدارسة،
ًا
وبلغ االهتمام بالمصطلح العلمي درجة نشوء علم حديث ُيعنى به ،هو علم المصطلح
(.)Terminology
لكل ٍ
علم من العلوم مصطلحاته ،واللسانيات علم من العلوم اإلنسانية تعريف المصطلح اللسانيِّ :
الحديثةُ ،ي َس َّمى المصطلح الخاص بها" المصطلح اللساني".
منزح نسبياً عن دالالته المعجمية األولى يعبر
وهو" رمز لغوي) مفرد أو مركب) أحادي الداللة ،ا
عن مفهوم لساني محدد وواضح متفق عليه بين أهل هذا الحقل المعرفي ،أو يرجى منه ذلك.2
إشكالية المصطلح العلمي:
تُعد معضلة المصطلح العلمي من بين أكبر المعضالت التي تواجهها كثير من العلوم ،فهناك
إشكاليات عديدة تحيط بالمصطلح ،من بينها" ازدواجية مدلول المصطلح ،التي قد ينشأ عنها ضرب
من االلتباس في عرض المفاهيم ،وتصنيف المعطيات ،حسب انتمائها إلى مستوى من مستويات
3
البنية اللغوية .ومنها كذلك إشكالية تعدد المصطلح الدال على المفهوم الواحد ،وليس ذلك وقفاً
1
عبد السالم المسدي ،مباحث تأسيسية في اللسانيات ،مؤسسات عبد الكريم بن عبد اهلل ،تونس 1111/1119 ،م ،ص .83
2
يوسف وغليسي ،إشكالية المصطلح في الخطاب النقدي العربي الجديد ،منشوارت االختالف ،الجزائر العاصمة ،ط2006 ،1
م ، .ص. 24
3
عبد القادر المهيري ،من الكلمة إلى الجملة بحث في منهج النحاة ،مؤسسات عبد الكريم بن عبد اهلل ،تونس 1116 ،م ،ص
.179
91
على اللغة العربية وحدها ،بل هو ظاهرة موجودة في أغلب اللغات اإلنسانية ،ومن بينها اللغة
اإلنجليزية ،واللغة الفرنسية ،وغيرها من اللغات.
92
حدث تبعاً لذلك من اختالف بين الباحثين حول مصطلحي) فقه اللغة ( و)علم اللغة ( 1وما تال
ذلك من بروز مصطلحات أخرى ،أوصلها عبد السالم المسدي في كتابه" قاموس اللسانيات "إلى
ثالثة وعشرين مصطلح ًا ،هي:
"الالنغويستيك ،فقه اللغة ،علم اللغة ،علم اللغة الحديث ،علم اللغة العام ،علم اللغة العام الحديث،
علم فقه اللغة ،علم اللغات ،علم اللغات العام ،علوم اللغة ،علم اللسان ،علم اللسان البشري ،علم
الدرسات اللغوية المعاصرة ،النظر اللغوي الحديث ،علم ا الدرسات اللغوية الحديثة،
ا اللسانة،
اللغويات الحديث ،اللغويات الجديدة ،اللغويات -األلسنية ،األلسنيات ،اللِّسنيات -اللسانيات" 2وقد
مؤخر ) اللسانيات ( الذي صار اليوم المصطلح المفضل لدى
ًا ذاع من بين تلك المصطلحات
أغلب الباحثين في مقابل المصطلح األجنبي Linguisticsوالسيما في المغرب العربي" ومن هذه
المادة اللغوية بالذات)لسان(انبثق المصطلح األكثر تجريداً ،واألبعد ائتالفاً ،واألعم تصوًار ،وهو لفظ
اللسانيات ..وهكذا كتب لهذا العلم أن توحد أبناء اللغة العربية على مصطلح له بعد أن توزعته
سبل االستعمال "3ولكن رغم تفاؤل المسدي ،ورغم شيوع مصطلح اللسانيات وذيوعه بين أغلب
اللسانيين العرب ،فما ازلت بعض المصطلحات األخرى كاأللسنية وعلم اللغة تنازع مصطلح
اللسانيات في مصر وبعض دول المشرق العربي.
مصطلحات لسانيات سيميائية:
السيميائية من العلوم المتصلة باللسانيات ،وهو يرتبط في الغرب باسم الفيلسوف األمريكي "بيرس "
المسمي لهذا العلم عند كل منهما،
ِّ واللساني السويسري" فردينان دي سوسير "ويختلف المصطلح
ففي حين يطلق عليه " بيرس" مصطلح Semioticsيطلق عليه" سوسير "مصطلح Semiology
فأدى تعدد المصطلح في بيئته المنقول عنها للعربية ،إلى تعدده في اللغة العربية أيضاً؛ فبرز
مصطلحا السيميائية أو السيميائيات ترجمة للمصطلح األول ،والسيميولوجيا تعريباً للمصطلح
1
ينظر :علم اللغة ،ص 15ـ ـ ـ ، 16ودراسات في فقه اللغة ،ص 8ـ ـ ـ ، 8وعلم اللغة مقدمة للقارئ العربي ،ص ، 367ودراسات
في علم اللغة ،ص ، 48وغيرها.
2
عبد السالم المسدي ،قاموس اللسانيات ،الدار العربية للكتاب ،ليبيا 1168 ،م ،ص 55ـ ـ ـ .92
3
المرجع نفسه ،ص. 71
93
المتردفات لكلمة العالمة ،موضوع هذه العلم ،فظهرت مصطلحات
ا اآلخر ،هذا ناهيك عن تعدد
اإلشارت 1...الخ.
ا أخرى عديدة تطلق على هذا العلم ،أشهرها :علم العالمات ،وعلم الرموز ،وعلم
تعدد المقابل العربي للمصطلح اللساني الغربي بسب الختالف في الترجمة والتعريب:
ــــ ّ
معين) ربكة في الستخدام(
تعدد المقابل العربي للمصطلح األجنبي عند لساني ّ
ّ .2
قد نجد ربكة في استخدام المصطلح عند لساني عربي معين ،وذلك باستعماله أكثر من
مصطلح عربي في مقابل المصطلح األجنبي الواحد ،ومن أمثلة ذلك:
1
المرجع السابق ،ص.19 - 96
2
احمد محمد ويس ،االنزياح وتعدد المصطلح ،مجلة عالم الفكر ،م ، 25ع ، 3مارس1119 ،م ،ص .89
3
عبد السالم المسدي ،قاموس اللسانيات ،ص .126
4
عبد السالم المسدي ،قضية البنيوية دراسة ونماذج ،دار الجنوب للنشر ،تونس 1118 ،م.
5
محاوالت في األسلوبية الهيكلية لريفاتير ،المسدي ،حوليات الجامعة التونسية ،ع1193 ، 10م.
6
األسلوبية واألسلوب ،ص. 23
7
المرجع نفسه ص .180
95
1
في كتابه" قاموس اللسانيات "ويترجم مصطلح واألسلوب "في حين يترجمه بالنسقي
Paradigmatiquesباالستبدالي 2في كتابه" األسلوبية واألسلوب "بينما يترجمه بالجدولي 3في
كتابه" قاموس اللسانيات "بذلك تتضح ربكة االستخدام عند المسدي من خالل استعمال أكثر من
مقابل عربي للمصطلح األجنبي الواحد ،في موضع معين ،وفي مواضع مختلفة من كتبه.
بسام بركة:
تعدد المقابل العربي للمصطلح األجنبي عند ّ
ّ 3. 2
6
ترجم اللساني بسام بركة في كتابه) معجم اللسانية( مصطلح ) Iconeمثيلة( وعربه) إيقونة(
وبذلك نجد عنده ربكة في االستخدام من خالل استعمال مصطلحين عربيين في مقابل المصطلح
األجنبي الواحد.
تعدد مصطلح المفهوم الواحد عند باحثين متعددين ) القصور في التعاطي(:
ّ .0
تعددت المقابالت العربية للمصطلح اللساني األجنبي الواحد بشكل كبير ،األمر الذي يدل على
القصور في التعاطي مع تلك المصطلحات ومفاهيمها ،واألمثلة على ذلك كثيرة ،نذكر منها اآلنية
Synchronicوالتعاقبية .Diachronic
1
المرجع نفسه ص .180 ، 181 ، 186 ، 138
2
المرجع السابق ص 138و .181
3
عبد السالم المسدي ،قاموس اللسانيات ،ص .109
4
األلوفون " : Alloponeصوت كالمي حقيقي يشكل مع أصوات أخرى .عائلة واحدة مجردة تسمى فونيما".
5
عبد السالم المسدي ،قاموس اللسانيات ،ص .109
6
اإليقونة :هي" عالمة مبنية على تشابه بينها وبين الشيء المحسوس الذي تشير إليه ،مثل الصورة بالنسبة لصاحب الصورة " .
ينظر :بسام بركة ،معجم اللسانية ،منشورات جروس برس ،طرابلس – لبنان ،د .ط .د.ت ،ص . 103
96
ـ تعددت المقابالت العربية لمصطلحي Synchronicو .Diachronicبشكل الفت للنظر،
على النحو اآلتي:
Diachronic Synchronic اللفظة
المترجم
1
زمانية آنية المسدي
2
تعاقب تزامن بسام بركة
3
تزمن تزامن يوسف غازي ومجيد النصر
4
التعاقب التعاصر ريمون طحان
5
تاريخي تعاصرية ميشال زكريا
1
عبد السالم المسدي ،قاموس اللسانيات ،ص .220/160
2
بسام بركة ،معجم اللسانية ،ص .119
3
دي سوسير ،محاضرات في األلسنية العامة ،ترجمة يوسف غازي ومجيد النصر ،دار نعمان للثقافة ،بيروت ،لبنان1168 ،م،
ص. 11
4
األلسنية العربية ،ريمون طحان ،دار الكتاب اللبناني ،بيروت ،لبنان 1161 ،م ،ص. 1
5
األلسنية (علم اللغة الحديث) المبادئ واألعالم :ميشال زكريا ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،ط 1163 ،2م ،ص
.211 ،266
97
la langueعلى اللسان البشري ،وهو نظام اجتماعي عند جماعة لغوية محددة يستخدم في
التفاهم بينها 1ولكن الباحث محمد عبد العزيز ،عكس ذلك ،فترجم Le langageباللسان ،
وترجمة la langueباللغة )2وذلك بسبب االفتقار إلى الدقة العجز في ا
إدرك تفاصيل المفهوم
3
وليس العكس كما وسوء التعاطي مع مفهوم المصطلح ،فاللسان langueواللغة Le langage
تراءى للباحث محمد عبد العزيز.
تعدد المصطلح:
3.4الختالف في اللغة المنقول عنها وأثره في ّ
1.3.4الختالف في اللغة المنقول عنها في الترجمة:
تسهم الترجمة بشكل كبير في اختالف المصطلحات وتعددها ،فنالحظ "كثرة المصطلحات
الموضوعة في سياق الترجمة ،وطغيان االختالف حولها؛ حتى عصف بكثير من المفاهيم
األساسية للسانيات ،التي غدت عند البعض من الدارسين علماً ضبابياً ،ال يعرف من أين ينفذ إليه؛
وما ذلك إال الفتقادها إلى مصطلحات دقيقة "6كما أن االختالف في اللغة المنقول عنها قد يسبب
1
فرديناند دي سوسير ،محاضرات في علم اللسان العام ،ترجمة قنيني ،افريقيا الشرق لنشر والتوزيع ،ط ،1161 ،1ص. 2
2
سوسير رائد علم اللغة الحديث ،محمد حسن عبد العزيز ،دار الفكر العربى للطباعة والنشر 1111 ،م ،ص. 2
3
محمد عبد العزيز ،دروس في األلسنية العامة ،ص.21 - 23
4
محمد الخولي معجم علم اللغة النظري ، :مكتبة لبنان ،بيروت – لبنان ،ط 2،1111م ،ص .21 -23
5
A First Dictionary of Linguistics and Phonetics. Crystal.
)London Andre Deuttsh. .(1980
6
يوسف مقران ،المصطلح اللساني المترجم(مدخل نظري إلى المصطلحات) ،دار رسالن للطباعة والنشر والتوزيع2001 ،م ،ص
.181
98
نظر لالختالف بين اللغات ،فمصطلح Stylistics
في اختالف المصطلح ،ومن ثم تعدده ،وذلك ًا
اإلنجليزي ،يترجمه سعد مصلوح وبعض الباحثين)األسلوبيات (ألن اللفظة جمع في اللغة
اإلنجليزية ،وتنتهي بالحرف Sالذي يفيد الجمع ،بينما يترجمه المسدي والجمهور) األسلوبية (ألن
الترجمة عن الفرنسية Stylistiqueوهذا المصطلح مفرد ،وال ينتهي بالحرف Sالذي يفيد الجمع.
وكذلك األمر فيما يتعلق بالمصطلحين Semanticsاإلنجليزي و Sémantiqueالفرنسي،
فكالهما يعبر عن المفهوم نفسه ،ولكن ترجمته تختلف في العربية ،فاألول يترجم)علم الداللة(
واآلخر يترجم) الداللية).
إن االختالف في اللغة المنقول عنها يؤدي إلى اختالف المصطلح وتعدده في التعريب ،كما في
الترجمة ،وذلك الختالف النطق بين اللغتين اإلنجليزية والفرنسية – أكثر اللغات التي تنقل عنهما
العربية المصطلح اللساني .فعلى سبيل المثال المصطلح Phonemeاإلنجليزي ًيعرب) فونيم(،1
في حين ُيعرب مقابله الفرنسي)فونام( 2تعريباً للمصطلح الفرنسي Phonèmeواألمر ذاته ينطبق
على مصطلح Morphemeاإلنجليزي الذي ُيعرب )مورفيم(في حين ُيعرب مقابله الفرنسي
ويعرب مقابله Monèm( Morphèmeمورفام( والمصطلح اإلنجليزي ُ Monemيعرب)مونيم( ُ
الفرنسي )مونام(؛ ويرجع ذلك إلى وجود اختالف بين نطق اإلنجليزية التي تنطق ( )eياء المد)ي(
في العربية ونطق ( )èالفرنسية التي تنطق قريبة من ألف المد )ا( في العربية.
الطرئق التي ينقل بها المصطلح اللساني األجنبي إلى اللغة العربية ،فقد يلجأ أحد
ا قد تختلف
الباحثين إلى الترجمة الحرفية ،في حين يلجأ آخ رون إلى الترجمة الجزئية ،ويلجأ غيرهم إلى
التعريب ،فيتولد عن ذلك ثالثة مقابالت للمصطلح اللساني األجنبي الواحد ،فعلى سبيل المثال
المصطلح األجنبي ( Phonemeهناك من يترجمه ترجمة حرفية)الوحدة الصوتية( 3وهناك من
1
علم اللغة مقدمة للقارئ العربي ،ص. 37
2
األلسنية) علم اللغة الحديث (المبادئ واألعالم ،ص. 28
3
مبادئ اللسانيات ،ص. 98
99
االلتزم
ا عربه) فونيم) 2أو) فونام( 3من غير 1
يترجمه ترجمة جزئية ) صوتم /صوتيم( وهناك من ُي ِّ
بقواعد التعريب في العربية ،هذا فضالً عن مصطلحات أخرى عديدة ُوضعت في مقابل المصطلح
األجنبي Phonemeفي العربية ،أهمها) :الفظ /صوت مجرد /صوتية /صوت /حرف/
مستوصت /صوتون /فونيمية) 4في ختام هذه المقاربة التي حاولنا من خاللها إلقاء الضوء على
إشكالية المصطلح في الخطاب اللساني العربي الحديث ،وتبيان أهم مظاهرها وأسبابها ،ال ندعي
استيعاب كل جوانب الموضوع ،والنفاذ إلى جميع دقائقه ،بل إننا لنرجو أن نكون قد أبرزنا أهم ما
إبرز أهم نتائج هذه الد
يتعلق بهذه اإلشكالية التي تلف المصطلح اللساني العربي الحديث ،ويمكن ا
ا رسة فيما يلي:
- 1يمثل المصطلح العلمي القاعدة التي تبنى عليها العوم.
- 2يعاني المصطلح اللساني العربي إشكالية تعدد المقابل العربي للمصطلح األجنبي.
- 3إشكالية تعدد المصطلح اللساني ليست وقفاً على اللغة العربية وحدها ،بل نجدها في أغلب
اللغات ،ومن بينها اللغة الفرنسية واللغة اإلنجليزية.
- 4يتعدد المقابل العربي للمصطلح األجنبي عند بعض اللسانيين ،وذلك يدل على ربكة في
استخدام المصطلحات عندهم.
- 5يتعدد مصطلح المفهوم الواحد عند باحثين متعددين ،وذلك يدل على القصور في التعاطي مع
المصطلح اللساني لديهم.
إدرك تفاصيل المفهوم وسوء التعاطي مع مفهوم المصطلح يؤدي إلى تعدد المقابل
العجز في ا
العربي للمصطلح األجنبي.
- 7من أسباب تعدد المصطلح اللساني في اللغة العربية االختالف في اللغة المنقول عنها ،فقد
ينقل باحث معين مصطلحاً عن الفرنسية ،في حين ينقله ٍ
ثان عن اإلنجليزية ،وينقله ثالث عن
األلمانية.
1
ينظر :قاموس اللسانيات ،ص . 118في الكلمة ،ص 181؛ وتعريب كتاب "مفاتيح األلسنية" لجورج مونان ،ص 189
2
علم اللغة مقدمة لقارئ العربي ،ص37
3
األلسنية) علم اللغة الحديث (المبادئ واألعالم ،ص. 2
4
مبادئ اللسانيات ،ص .16
111
- 8هناك تباين بين الباحثين العرب في نقل المصطلح األجنبي إلى اللغة العربية ،فهناك من
يعتمد على الترجمة الحرفية ،وهناك من يلجأ إلى الترجمة الجزئية ،وهناك من يعتمد على
التعريب ؛ فيؤدي ذلك إلى تعدد المصطلح اللساني العربي المقابل للمصطلح األجنبي.
111
المحاضرة الثانية عشر
المصطلحية في الجامعات:
ّ تدريس
وتنوعها في
لقد تزايد االهتمام بعلم المصطلح في السنوات األخيرة ،فإضافة إلى تكاثر األبحاث ُّ
هذا الميدان ،بادرت عدة جامعات كبرى إلى تدريس مادة (النظرية العامة لعلم المصطلح) ال
المتخصصين في علم اللغة فحسب ،بل لجميع طالب العلوم والتكنولوجيا كذلك .ويتزايد
ِّ للطالب
درس فيها هذه النظرية في جميع أنحاء العالم.
عدد الجامعات التي تُ َّ
وتعد كندا من الدول الغربية الرائدة التي انتبهت منذ عقود عدة إلى أهمية العلم المصطلحي في
ضبط المفاهيم ،والى أثره الجلي في تطوير العلوم والتقنيات ،فعملت على تأسيس أقسام علمية
مهمتها تدريس المصطلحية والتدريب على تطبيقاتها ،والراجح أن الوضع اللساني لهذا البلد المزدوج
اللغة [فرنسي-إنجليزي] كان من أسباب السبق إلى إدراج هذا التخصص العلمي بالجامعات
والمؤسسات اللغوية الكندية ،إضافة إلى استهداف تخريج مصطلحيين ومصطلحاتيين مهمتهم
األساس بناء أنساق اصطالحية تخضع لمقاييس دقيقة بمعية المتخصصين في شتى الميادين
المعرفية ،وتكوين مترجمين أكفاء ،ومن أجل هاته الغايات النبيلة ُدِّرست المصطلحية منذ أزيد من
عقدين لطالب الباكلوريا (بمعدل 10ساعة في السنة) ،وللطالب الراغبين في الحصول على
اإلجازة في اللسانيات التطبيقية.1
وقد اهتم العديد من الدارسين الغربيين بتحديد محاور الدرس المصطلحي في ِرحاب الجامعات
والمعاهد العليا ،وجعلوا من أهم موضوعاته:
-التوثيق ورسم قواعد تحرير الجذاذة المصطلحية.
-الجرد والتصنيف المصطلحيين ،وتحديد خصائص التعريف المصطلحي.
-والتقييس المصطلحي.
1
MARTHE FARIBAULT : Enseignement de la terminologie : une pratique pédagogique ; Les
Presses de l'Université de Montréal 1988.
112
ونشير هنا أيضا إلى منجزات "مديريات األعمال المصطلحاتية" بوحدة التكوين والبحث في اللغـات
األجنبيـة التطبيقيـة بجامعـة "رين ،" (Renne2) 2وقد تزامن ذيع صيتها مع بداية تدريس
المصطلحية برحاب هذه الجامعة نهاية الثمانينات من القرن الماضي.
وتد َّرس النظرية العامة في المصطلحية ) (General theory of Terminologyلصاحبها َ
"فوستر ) "(wusterبالعديد من الجامعات (إضافة إلى فرنسا ،وكندا) بالنمسا ،وتشيكوسلوفاكيا،
والدانمارك ،وألمانيا ،وروسيا ،والجمهوريات المتاخمة لها (التي كانت منضوية في االتحاد
السوفياتي سابقا) .وتعددت الورشات التدريبية بالجامعات الغربية بغرض تكوين مصطلحيين،
فأصبحت هذه الورشات جزءا ال يتج أز من البرامج الجامعية ،وهي تلقى أحيانا في إطار مؤتمرات
خاصة ،وقد تبث مباشرة عبر اإلنترنت ،ويستفيد منها كل من اللسانيين والمعجماتيين ،والمترجمين،
وخبراء اللغات الالتينية الحديثة.
تهتم بتدريس علم المصطلح ،ونجد َّ
أن كثي اًر من طلبة الدكتوراه العرب وأخذت الجامعات العربية ُّ
اختاروا إحدى قضايا المصطلحية موضوعاً ألطروحاتهم في اآلونة األخيرة .ومن أوائل الجامعات
العربية التي أولت علم المصطلح اهتماماً خاصاً جامعة سيدي محمد بن عبد اهلل في فاس التي
أنشأت مرك اًز للدراسات المصطلحية عام 1113م ،ويديره اللغوي المغربي الشاهد بوشيخي .ويصدر
هذا المركز دورية عنوانها " دراسات مصطلحية " ،1كما عقد عدة ندوات ومؤتمرات حول علم
المصطلح " .2وتولي (جامعة موالي إسماعيل) في مدينة مكناس أهمية خاصة لعلم المصطلح
وتدرسه في كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية فيها .وقد عقدت هذه الكلية عدة ندوات حول علم
المصطلح ،من أهمها الندوة التي عقدتها في مكناس عام 2000م بالتعاون مع (جامعة سيدي
محمد بن عبد اهلل) بفاس .3ونعتقد أن تدريس هذه المادة على نطاق واسع في جامعاتنا العربية أمر
1
الشاهد البوشيخي ،مجلة " دراسات مصطلحية " ،معهد الدراسات المصطلحية ،المغرب ،العدد2001 ، 1م.
2
من أهم الندوات التي عقدها ندوة " الدراسة المصطلحية والعلوم اإلسالمية " التي صدرت أعمالها في مجلدين يشتمالن على 686
صفحة ،عن جامعة سيدي محمد بن عبد اهلل ،فاس 1113 ،م.
3
من هذه الندوات الندوة التي عقدتها الكلية عام 2000م حول " قضايا المصطلح في اآلداب والعلوم اإلنسانية" وصدرت أعمالها
في مجلدين ،من إعداد عز الدين البوشيخي ومحمد الوادي ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،جامعة موالي إسماعيل ،مكناس،
يشتمالن على 883صفحة.
113
ضروري ،خاصة أننا نأمل أن تُ ِ
قدم هذه الجامعات على تعريب العلوم والطب والهندسة فيها .وما
أحوج طالب الدراسات العلمية إلى الوقوف على أصول توزيع المصطلحات اللغوية على أنظمة
المفاهيم العلمية والتقنية ،وعلى المبادئ التي تحكم وضع المصطلحات وتوحيدها.
المصطلحية:
ّ التدريب في حقل
يجب أن ال يقتصر تدريس النظرية العامة لعلم المصطلح على الجامعات ،فالحاجات المتزايدة
تستدعي تنظيم برامج تدريبية قصيرة لتطوير مهارات العاملين في حقل المصطلحات ،يشرف عليها
خب ارء على معرفة بآخر التطورات في ميادين اللسانيات التطبيقية ،وصناعة المعجم ،والمصطلحية.
المتخصصة الذي عقد بالتعاون مع اليونسكو في فينا في أواخر
ِّ ولقد أوصى المؤتمر األول للغات
أوت 1199م ،بنشر النظرية العامة لعلم المصطلح ،وتشجيع التدريب عليها ،وتصميم برنامج
عملي ليستعمل في تدريس هذه المادة .وقد ن ِّ
ظمت مثل هذه الدورات التدريبية في عدد من عواصم ُ ُ
العالم .ومن أمثلة ذلك الدورة التدريبية التي نظَّمتها مؤسسة Nordtermفي كوبنهاكن من 20
إلى 30جوان 1196م والدورة التدريبية التي نظَّمتها نفس المؤسسة في فنزويال عام 1163م،
والدورة التدريبية التي عقدتها جامعة الفال في كندا من 20إلى 30أوت 1196م ،والدورة التدريبية
التي نظمها قسم اللسانيات والدراسات العالمية في جامعة ساري Surryفي جيلفوردـ إنكلت ار عام
1168م .ثم تكاثرت هذه الدورات التدريبية وغدت تُعقَد سنوياً في أماكن كثيرة.
ومن ناحية أُخرى ،ألَّف عدد من رواد علم المصطلح مراجع تُستخدم مراجع لدراسة هذا الموضوع
في الجامعات وفي الدورات التدريبية .وفي الهوامش قائمة بأهم هذه المراجع.1
1
جمعية المعجمية العربية بتونس ،المعجم العربي المختص (بيروت :دار الغرب اإلسالمي )1118 ،أشرف على نشره :إبراهيم بن
مراد ،رئيس الجمعية.
114
خاتمة:
نشير في خاتمة هذه المطبوعة إلى أهم القضايا البارزة التي وقفنا عندها بشيء من التفصيل في
ميدان المصطلحية وهي ثالثة أصناف من الدرس:
عنى بدراسة المفاهيم والعالقات الوجودية والمنطقية بينها،
- )1علم المصطلح الذي ُي َ
والمصطلحات اللغوية التي تعبر عنها.
المتخصصة ،الورقية منها واإللكترونية.
ِّ - )2صناعة المصطلح التي تدور حول نشر المعاجم
- )3البحث المصطلحي الذي يتناول تاريخ علم المصطلح ،والمدارس المصطلحية ،وتوثيق
المصطلحات والمؤسَّسات المصطلحية والمصطلحيين ،والتدريب في المصطلحية ،وما إلى
ذلك.
و يمكن أن نلخص أهم النتائج التي توصلنا إليها في هذا البحث على النحو اآلتي:
-ينفرد المصطلح بمجموعة من الخصائص تجعله يحظى باهتمام شتى الباحثين ذوي تخصصات
مختلفة.
-أصبح علم المصطلح حقال مستقال يهتم بمنهجيات وضع المصطلح و توحيده .
-ال يزال البحث في المصطلح ( ) terminologieيعتوره اضطراب ،بالرغم من الجهود البارزة،
و لم يتوصل الباحثون إلى بلورة ترجمة عربية موحدة ،و ال إلى خطاب علمي موحد.
-يعتبر المصطلح العتبة األولى التي تمكن الطالب من ولوج البحث العلمي ،واالستفادة من
نتائجه.
-إن ترجمة المصطلحات في الوطن العربي تعرف اضطرابا ملحوظا ،و يعود ذلك إلى الجهود
الفردية التي لم ترق إلى التحري العلمي الجماعي ،الذي يعد الحل الوحيد لتأسيس حوار علمي
تذوب على إثره كل االختالفات التي من شأنها أن تعمق الهوة بين الباحثين.
-إن وضع مصطلح علمي ال يتم بصفة عشوائية ،و إنما وفق معايير وشروط ينبغي احترامها
والتقيد بها.
-تمكننا آليات وضع المصطلح من صياغة مصطلحات جديدة ،و بالتالي إثراء رصيد اللغة
العربية.
115
-ينبغي أن نقر بوجود جهود فردية وجماعية (هيئات دولية و مجامع) ترمي إلى توحيد المصطلح
في البلدان العربية.
-إن ثراء الرصيد المعجمي هو الذي يعكس درجة التطور العلمي و األشواط الكبيرة التي قطعها
الباحثون ،بحيث إن القارئ ال يجد أي عائق كلما استشار معجما من المعاجم أحادية أو متعددة
اللغة.
ابان هذا البحث على:
-غياب معجم تاريخي تأثيلي على غرار ما هو موجود في الفكر األروربي ،يساعد على معرفة
جذور المصطلح و تطوره ،و يسهل عملية وضع المصطلح و ترجمته.
-غياب منهجية واضحة في صياغة مصطلح علمي عربي .
وفي نهاية العمل ،نأمل أن نكون قد وفقنا في صياغة عناصر المادة وتقديمها في هذه
المطبوعة ،وتيسير االستفادة منها.
116
المصادر والمراجع
- 1إبراهيم بن محمود حمدان ،تعريب المصطلح بين الواقع والطموح ،دراسات ،العلوم اإلنسانية واالجتماعية،
مج ، 34ع.2007 ،2
- 2إبراهيم بن مراد ،المعجم العلمي العربي المختص ،حتى منتصف القرن الحادي عشر الهجري ،دار
الغرب اإلسالمي ،بيروت ،لبنان ،ط1113 ،1م.
-إبراهيم بن مراد ،مسائل في المعجم ،دار الغرب اإلسالمي ،بيروت ،لبنان ،ط1،1119م.
-إبراهيم بن مراد ،مقدمة لنظرية المعجم ،دار الغرب اإلسالمي ،بيروت ،لبنان ،ط1119 ،1م.
-إبراهيم بن مراد ،المعجم العربي المختص ،جمعية المعجمية العربية بتونس ،بيروت ،دار الغرب
اإلسالمي1118 ،م.
- 3أبو البقاء الكفوي ،الكليات ،تحق عدنان درويش ومحمد المصري ،دمشق ،مؤسسة الرسالة.1112 ،
- 8أحمد بن علي القلقشندي ،صبح األعشى في صناعة اإلنشا ،دار الكتب المصرية ،القاهرة1122 ،م ،ج.1
- 8أحمد بن فارس ،الصاحبي في فقه اللغة ،المكتبة السلفية القاهرة 2010 ،م.
- 8أحمد بن مصطفى الشهير بطاش كبرى زادة :مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم ،دار
الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،ط ، 3مج.2002 ،1
- 9أحمد رشراش ،التحليل السيميائي للنص تحليل شعر المتنبي نموذجا ،أطروحة دكتوراه ،كلية اآلداب ،
جامعة طرابلس ،ليبيا 2001 ،م.
- 6أحمد مطلوب ،بحوث مصطلحية ،منشورات المجمع العلمي ،مطبعة المجمع العلمي ،2008العراق ،
طبعة 2008م.
-أحمد مطلوب ،في المصطلح النقدي ،بغداد ،المجمع العلمي2002 ،م.
- 1أحمد معتوق ،المعاجم اللغوية العربية (المعاجم العامة وظائفها ومستوياتها وأثرها في تنمية لغة الناشئة
دراسة) وصفية تحليلية نقدية ،المجمع الثقافي أبوظبي ،اإلمارات 1111 ،م.
- 10بسام بركة ،معجم اللسانية ،منشورات جروس برس ،طرابلس ،لبنان ،د .ط .د.ت.
- 11التهانوي ،كشاف اصطالحات الفنون والعلوم اإلسالمية ،دار صادر ،بيروت ،لبنان ،بدون طبعة ،ج.2
– 12محمد غاليم ،التوليد الداللي في البالغة والمعجم ،دار توبقال ،المغرب 1169 ،م.
- 13جان بريفو وجان فلرنسوا سابليرول ،المولد في دراسة األلفاظ ،ترجمة خالد جهيمة ،المنظمة العربية
للترجمة ،بيروت ،لبنان ،ط2010 ،1م.
- 18جورج مونان ،مفاتيح األلسنية ،تعريب :الطيب البكوش ،منشورات سعيدان ،تونس1118 ،م.
-جورج مونان ،المسائل النظرية في الترجمة ،ترجمة لطيف زيتوني ،دار المنتخب العربي1118 ،م.
117
- 18جوئيل رضوان ،موسوعة الترجمة ،ترجمة محمد يحياتن ،مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر،جامعة
تيزي وزو .
- 18خليفة الميساوي ،المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم ،منشورات االختالف ،الجزائر ،ط2013 ،1م.
- 19خمري حسين ،جوهر الترجمة ،دار الغرب للنشر والتوزيع ،وهران ،الجزائر2008 ،م.
- 16سعيدة كحيل ،تعليمية الترجمة دراسة تحليلية تطبيقية،عالم الكتب الحديث ،األردن2001 ،م.
- 11دي سوسير ،محاض ارت في األلسنية العامة ،ترجمة يوسف غازي ومجيد النصر ،دار نعمان للثقافة،
بيروت ،لبنان 1168 ،م.
- 20ر .جاكندوف و ن .تشومسكي و ر .فندلر :داللة اللغة وتصميمها ،ترجمة محمد غاليم ومحمد الرحالي
وعبد المجيد جحفة ،دار توبقال للنشر ،المغرب ،ط2009 1م.
- 21رجاء دويدري ،المصطلح العلمي في اللغة العربية ،دار الفكر ،ط 1دمشق ،سوريا2010 ،م.
- 22ريمون طحان ،األلسنية العربية ،دار الكتاب اللبناني ،بيروت ،لبنان 1161 ،م.
- 23الزبيدي ،تاج العروس ،تحق .مصطفى حجازي ،الكويت ،المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب،
1972م.
- 28السعيد الخضراوي ،الترجمة و المصطلح ،مجلة المترجم ،العدد. 2
- 28سعيدة عمار كحيل ،دراسات الترجمة ، ،دار المجدالوي للنشر و التوزيع ،األردن 2011،م.
- 28سناني سيناني ،في المعجمية والمصطلحية ،عالم الكتب الحديث 2012 ،م.
- 29الشاهد البوشيخي ،مصطلحلحات النقد العربي ،عالم الكتب الحديث ،االردن2001 ،م.
- 26شحادة الخوري ،نحو منهجية موحدة لوضع المصطلح ،بحث في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ،مج
،1ج.1
- 21شرنان وسيلة ،إشكالية ترجمة المصطلحات في المعاجم المتخصصة ،دار هومة للطباعة والتوزيع ،د.ط،
2013م.
- 30الشريف علي بن محمد الجرجاني ،كتاب التعريفات ،دار الندى اإلسكندرية ،طبعة 2008م.
- 31طارق بن عوض الله بن محمد ،اصالح االصطالح ،مكتبة التوعية اإلسالمية ،2006 ،ط.1
- 32عبد السالم المسدي ،مباحث تأسيسية في اللسانيات ،مؤسسات عبد الكريم بن عبد اهلل ،تونس ،
1111/1119م .
– عبد السالم المسدي ،قاموس اللسانيات ،الدار العربية للكتاب ،ليبيا 1168 ،م.
-عبد السالم المسدي ،األسلوبية واألسلوب ،نحو بديل ألسني في نقد األدب ،تونس 1199 ،م.
-عبد السالم المسدي ،قضية البنيوية دراسة ونماذج ،دار الجنوب للنشر ،تونس 1118 ،م.
118
- 33عبد العزيز مطاد ،المصطلحية واللغة العربية من المقاربات التقليدية إلى المناهج الحديثة 2019 ،م.
- 38عبد القادر المهيري ،من الكلمة إلى الجملة بحث في منهج النحاة ،مؤسسات عبد الكريم بن عبد اهلل ،
تونس 1116 ،م.
- 38عبد القادر عبد الجليل ،التنوعات اللغوية ،دار صفاء للنشر والتوزيع ،عمان.
- 38علي القاسمي ،مقدمة في علم المصطلح ،مكتبة النهضة المصرية ،القاهرة ،مصر 1987 ،م.
-علي القاسمي ،علم المصطلح (أساسة النظرية ومصطلحاته العلمية) ،مكتبة لبنان ناشرون ،لبنان،
2006م.
-علي القاسمي ،علم اللغة وصناعة المعجم ،بيروت :مكتبة لبنان ،ط2008 ،3م.
- 39علي بن محمد الجرجاني ،التعريفات ،بيروت ،دار الكتب العلمية 1163 ،م .
- 36علي عبد الواحد وافي ،علم اللغة ،دار نهضة مصر ،الفجالة – القاهرة ،ط. 9
- 31فرانك نوفو ،قاموس علوم اللغة ،ترجمة صالح الماجري ،المنظمة العربية للترجمة ،لبنان ،طبعة
أولى 2012م.
- 80فرديناند دي سوسير ،محاضرات في علم اللسان العام ،ترجمة قنيني ،افريقيا الشرق لنشر والتوزيع ،ط،1
.1161
- 81فريدة زمرد ،مفهوم التأويل في القرآن الكريم دراسة مصطلحية مركز الدراسات القرآنية -الرابطة المحمدية
للعلماء ،المغرب. 2014 ،
- 82عبد العلي الودغيري ،قضايا المعجم العربي في كتابات أبي الطيب الشرقي ،منشورات عكاظ ،الرباط،
المغرب1161 ،م.
- 83الكفوي ،الكليات ،تحقيق عدنان درويش ،محمد المصري ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ،لبنان ،الطبعة
الثانية .2011
- 88ابن منظور ،لسان العرب ،دار الجيل بيروت ،دار لسان العرب بيروت1166 ،م.
- 88عبد القادر الفاسي الفهري ،اللسانيات واللغة العربية ،دار توبقال ،الدار البيضاء ،المغرب 1168 ،م.
- 88ماري كلود لوم ،ترجمة :ريما بركة ،علم المصطلح مبادئ وتقنيات ،المنظمة العربية للترجمة ،بيروت،
ط12012م.
- 89محمد احمد قدور ،مبادئ اللسانيات ،دار الفكر ،دمشق – سورية ،ط 1111 ، 2م.
- 86محمد الخولي معجم علم اللغة النظري ، :مكتبة لبنان ،بيروت – لبنان ،ط 2،1111م.
- 81محمد الديداوي ،الترجمة و التواصل ،المركز الثقافي العربي ،دار البيضاء ،المغرب،م. 2009
- 80محمد حسن عبد العزيز ،سوسير رائد علم اللغة الحديث ،دار الفكر العربى للطباعة والنشر 1111 ،م.
119
- 81محمد عبد العزيز ،دروس في األلسنية العامة .محمود السعران ،علم اللغة مقدمة للقارئ العربي ،دار
المعارف بمصر 1962 ،م.
- 82محمد علي التهاوني ،كشاف اصطالحات الفنون ،تحقيق علي دحروج ،مكتبة لبنان ناشرون ،ط، 1
1112م ،ج.1
- 83المدارس اللسانية :أعالمها ،مبادئها ومناهج تحليلها لألداء التواصلي ،أحمد عزوز ،دار آل رضوان،
وهران ،ط.2006، 2
- 88المصطلح العلمي ومجاله االستعمالي في المعجم العربي المعاصر 1116 ،م.
- 88المصطلحية واللغة العربية من المقاربات التقليدية إلى المناهج الحديثة2019 ،م.
- 88المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات 2002 ،م.
- 89ممدوح خسارة ،علم المصطلح وطرائق وضع المصطلحات في العربية دار الفكر ،دمشق ،سوريا2013،م.
- 86المنجد في اللغة العربية المعاصرة ،دار المشرق ،بيروت ،ط2001 ،2م.
- 81ميشال زكريا ،األلسنية (علم اللغة الحديث) المبادئ واألعالم ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر
والتوزيع ،ط 1163 ،2م.
- 80يوسف مقران ،المصطلح اللساني المترجم(مدخل نظري إلى المصطلحات) ،دار رسالن للطباعة والنشر
والتوزيع2001 ،م.
- 81يوسف وغليسي ،إشكالية المصطلح في الخطاب النقدي العربي الجديد ،منشوارت االختالف ،الجزائر
العاصمة ،ط 2006 ،1م.
المجالت:
- 1احمد محمد ويس ،االنزياح وتعدد المصطلح ،مجلة عالم الفكر ،م ، 25ع ، 3مارس1119 ،م.
- 2اعمال مكتب تنسيق التعريب بالرباط في مجلة " اللسان العربي " العدد 2008 ،86م.
- 3ريفاتير ،محاوالت في األسلوبية الهيكلية ،ترجمة :عبد السالم المسدي ،حوليات الجامعة التونسية ،ع، 1
1193م.
- 8الشاهد البوشيخي ،مجلة " دراسات مصطلحية " ،معهد الدراسات المصطلحية ،العدد2001 1م.
- 8علي القاسمي ،الترجمة في تجربة المغرب العربي ،مجلة اللغة العربية ،العدد 2002،9م.
- 8علي القاسمي ،عبد الرزاق الكاشاني واسهامه في تطوير المعجمية العربية ،مجلة دراسات مصطلحية ،العدد
2001 ،1م.
- 9في المصطلح العربي قراءة في شروطه وتوحيده ،مجلة التعريب ،ع ، 20ديسمبر 2000.
111
- 6محمد حسن عبد العزيز ،المصطلحية والمعجم التقني" لساجر .ج .س ، ،مقال في مجلة " اللسان
العربي" ،مكتب تنسيق التعريب ،المغرب ،العدد 2011 82م.
- 1محمد مراياتي " ،المصطلح في مجتمع المعلومات ،أهميته وادارته " من بحوث المؤتمر الثالث لمجمع اللغة
العربية بدمشق.2008 ،
- 10معهد الدراسات المصطلحية ،الملحق الثقافي ،الراية ،العدد ،11 :نوفمبر 1118م ،عدد الجريدة.221 :
- 11مناف مهدي محمد ،المصطلح العلمي العربي قديما وحديثا ،اللسان العربي ،العدد .30 :جويلية
1166م.
- 12منهجية مكتب تنسيق التعريب في اختيار المصطلحات العلمية ووضعها ،من مجلة " اللسان العربي،
العدد جوان .2012
- 13مهدي صالح سلطان الشهري ،في المصطلح ولغة العلم ،المطبوعات الجامعية كلية اآلداب ،بغداد ،د ط،
العراق. 2012 ،
- 18هالل م .ناتوت ،في التعريب والمصطلح والمعاجم ،الدكتور ،آفاق الثقافة والتراث ،السنة ،9 :العدد28 :
و ،28جويلية 1111م.
- 18عبد العزيز المطاد ،اللسانيات وتوليد المصطلحات ،مجلة اآلداب والعلوم االنسانية ،كلية اآلداب والعلوم
االنسانية ،جامعة ابن الطفيل بالقنيطرة – المغرب 2009 ،م.
- 18عبد السالم المسدي محاوالت في األسلوبية الهيكلية لريفاتير ، ،حوليات الجامعة التونسية ،ع، 10
1193م.
- 19عبد العلي الودغيري " ،كلمة المصطلح بين الخطأ والصواب " مجلة اللسان العربي ،العدد ، 86
1111م.
- 16عبد اللطيف ،عبيد ،قواعد البيانات المصطلحية ودورها في تطوير العمل المصطلحي والترجمة،
التعريب ،عدد ، 28جوان 2005م.
- 11ميسون علي جواد التميمي ،تحديد مصطلح التعريب لغة واصطالحا ،صحيفة اللغة العربية ،المؤتمر
األول للغة العربية 2018 ،م.
المراجع الجنبية:
111
2 - Ali M. Al-Kasimi, “ Towards a central terminological data bank in the Arab
World”, a paper presented to the First International Conference on Termingological
Data Banks, Vienna, April 1979.
3 - Felbert, H: Terminology Manual.
4 - H. Felber, Manual of Terminology Wein: INFOTERM, 1984
5 - M. Krommer-Benz, World Guide to Terminological Activities München: K.G.
Sauer, 1976.
6 - Maria Teresa Cabré, La terminologie théorie-méthode et applications, les
prosses de l’université d’ottawa.
7 - The International Conference on Lexicography at Exeter University, 9-12
September 1983. Its proceedings were published in Lexicographica, Tubingen,
1984.
8 - 1- Maria Teresa Cabré, La terminologie théorie-méthode et applications, les
prosses de l’université d’ottawa.
9 - A. Schlomann’s Illustrated Technical Vocabularies
10 - A.M. Al-Kasimi, Linguistics and Bilingual Dictionaries Leiden: E.J.Brill, 1981
11 - Alain Rey, La Terminologie: Noms et Notions Paris: PUF,1979
12 - E. Wüster, Bibliorgaphy of Monolingual, Scientific and Technical Dictionaries
(Paris: UNESCO, 1955 and 1959.
13 - H. Felber, “ International efforts to overcome difficulties in technical
communication”, a paper presented to the Third European Congress on Information
Systems and Networks. Luxembourg, May 1977.
14 - H. Felber, M. Krommer-Benz, and A. Manu, International Bibliography of
Standardized Vocabularies München: K.G. Sauer, 1979.
15 - Lederer, Marianne : La Traduction aujourd’hui, le modèle interprétatif.
16 - A First Dictionary of Linguistics and Phonetics. Crystal. London Andre Deuttsh.
1980
17 - Dictionnaire de linguistique " 1989.
112
فهرس المحتويات
الصفخة
أ ـــ ب مقدمة المحاضرة
8 تح ــديـ ــد المف ـ ــاهيم 01
12 المصطلحية ـ ـ ـ النشـ ـ ـ ـ ـأة والتطـ ـ ـ ـ ـ ـور 02
22 الجهود العربية القديمة في المصطلحية 03
30 الجهود العربية الحديثة في المصطلحية 08
38 الجهود الغربية في المصطلحية 08
80 المصطلحية وعلم صناعة المعاجم 08
88 آليات صناعة المصطلح - 1الترجمة 09
88 آليات صناعة المصطلح - 2االقتراض (التعريب) 06
113