You are on page 1of 113

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة محمد بوضياف ‪ -‬المسيلة‬

‫الميدان ‪ :‬اللغة واالدب العربي‬ ‫كلية اآلداب واللغات‬

‫فرع ‪ :‬دراسات لغوية‬ ‫قسم اللغة واألدب العربي‬

‫المطبوعة البيداغوجية‬

‫محاضرات في مقياس المصطلحية‬

‫لطلبة السنة الثالثة ليسانس ل ‪ .‬م ‪ .‬د‬


‫التخصص‪ :‬دراسات لسانية‬

‫إعداد وتقديم الدكتور‬


‫جوبر عبد الحفيظ‬

‫السنة الجامعية ‪0200-0202 :‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫يسعدني أن أتقدم لطلبتنا األعزاء بهذه السلسلة من المحاضرات في مقياس المصطلحية‪ ،‬للسنة‬
‫الثالثة ‪ ،L.M.D‬تخصص دراسات لغوية‪ ،‬والتي تضم مجموعة من المفاهيم النظرية والتطبيقية‬
‫والمتوافقة مع المفردات المبرمجة في هذا المقياس بغية تمكين الطالب من‪:‬‬
‫‪ -‬التعرف على النظريات المصطلحية الحديثة ومناهجها‪ ،‬وتمكينه من تمييز المصطلح عما سواه‬
‫من المفردات اللغوية في أي نص علمي يتعامل معه ‪.‬‬
‫‪ -‬تمكينه من تبين أنماط المصطلحات وكيفية التعامل مع كل نمط منها‪ ،‬خاصة المصطلحات‬
‫العلمية والتقنية‪.‬‬
‫‪ -‬تمكينه من تبين وظيفة المصطلح العلمي في بناء المعارف العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬تمكينه من إدراك كيفية بناء المصطلح في اللغة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬تمكينه من إدراك مفهوم المصطلح من خالل تحليل مكوناته ‪ ،‬عربيا كان أم أجنبيا‪.‬‬
‫‪ -‬تمكينه من األدوات والتقنيات المستعملة في صناعة المعاجم المتخصصة‪.‬‬
‫‪ -‬تمكينه من إدراك قيمة التراث المصطلحي العربي‪ ،‬والتعرف على منهجية توظيفه ودراسته‪.‬‬
‫‪ -‬تمكينه من معرفة أهم قضايا المصطلح العلمي العربي ‪ ،‬ومعرفة الحلول المقترحة لها‪.‬‬
‫‪ -‬تمكينه من معرفة دور التقنيات المعلوماتية الحديثة في تطوير العمل المصطلحي وتوحيده ونشره‬
‫وتيسير االستفادة منه‪.‬‬
‫‪ -‬تمكينه من التعامل بعلم مع المصطلح العلمي العربي وقضاياه ‪.‬‬
‫وبغية تحقيق األهداف التي تقدم ذكرها ‪ ،‬فقد تم عرض هذه المفاهيم والتطبيقات في تدرج متسلسل‬
‫كما هو مقرر رسميا ضمن محاور محددة هي‪:‬‬
‫المحاضرة األولى‪ :‬تح ــديـ ــد المف ـ ــاهيم‪.‬‬
‫المحاضرة الثانية‪ :‬المصطلحية‪ :‬النش ـ ـ ـ ــأة والتط ـ ـ ـ ـ ــور‪.‬‬
‫المحاضرة الثالثة‪ :‬الجهود العربية القديمة في المصطلحية‪.‬‬
‫المحاضرة الرابعة‪ :‬الجهود العربية الحديثة في المصطلحية‪.‬‬
‫المحاضرة الخامسة‪ :‬الجهود الغربية في المصطلحية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المحاضرة السادسة‪ :‬المصطلحية وعلم صناعة المعاجم‪.‬‬
‫المحاضرة السابــعة‪ :‬آليات صناعة المصطلح‪ :‬الترجمة‪.‬‬
‫المحاضرة الثامــــنة‪ :‬آليات صناعة المصطلح‪ :‬االقتراض (التعريب)‪.‬‬
‫المحاضرة التاسـعة‪ :‬آليات صناعة المصطلح‪ :‬التوليد‪.‬‬
‫المحاضرة العاشــرة‪ :‬جهود المؤسسات في صناعة المصطلح‪.‬‬
‫المحاضرة الحادية عشر‪ :‬إشكالية المصطلح في الدراسات اللسانية‪.‬‬
‫المحاضرة الثـــانية عشر‪ :‬إشكالية تدريس المصطلح اللساني‪.‬‬

‫آمل أن تكون هذه المطبوعة قد المت بالمواضيع المقررة ‪ ،‬وأسهمت في تزويد الطالب بالمادة‬
‫العلمية ‪ ،‬وأشبعت حاجته ‪ ،‬وقدمت بعض النفع ‪ ،‬واهلل من وراء القصد ‪ ،‬وهو ولي التوفيق ‪،‬‬
‫والحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المحاضرة األولى‬

‫تحـــديــــد المفـــــاهيم‬

‫يعد المصطلح اللساني موضوعا جوهريا داخل الحقل اللساني‪ ,‬بحكم المكانة المهمة التي يحتلها‬
‫في بناء شبكة من العالئق التواصلية بين كل العاملين على تطوير الدرس اللساني ‪ ،‬إذ تعتبر‬
‫المصطلحات مفتاح كل علم من العلوم لبناء نظريات حول طبيعة المصطلحات اللسانية ‪ ،‬لذا كان‬
‫لازما على الباحثين بذل جهد لتحديد مفاهيمها ‪ ،‬و جعلها أكثر دقة ‪ ،‬و قد أولى العلماء عناية كبيرة‬
‫بالمصطلح سواء من حيث التعريف أو من حيث طريقة الصياغة و حتي في مجاالت استخدامه‬
‫حيز واسعا في فكر وأعمال علمائنا‬
‫وتوظيفه داخل حقل من الحقول المعرفية فالمصطلح يشكل ا‬
‫على اختالف تخصصاتهم‪ ,‬ألنه يعتبر الوسيلة األساسية التي تبنى عليها ثقافة األمم و تطورها في‬
‫مختلف العلوم‪.‬‬
‫وان التقدم في المعرفة البشرية والتكنولوجيا واالقتصاد يعتمد إلى حد كبير على توثيق المعلومات‬
‫ستخدم المفاهيم‪ ،‬التي نعبر عنها بالمصطلحات والرموز‪ ،‬أساساً لتنظيم األفكار العلمية‬
‫وتبادلها‪ .‬وتُ َ‬
‫وجميع المعلومات األخرى‪ .‬غير أن هذا التطور السريع في المعارف اإلنسانية أدى إلى صعوبة‬
‫إيجاد مصطلحات كافية شافية‪ ،‬إذ ال يوجد تطابق وال تناسب بين عدد المفاهيم العلمية المتنامية‬
‫وعدد المصطلحات التي تعبر عنها‪ .‬فعدد الجذور في أية لغة ال يتجاوز اآلالف على حين يبلغ‬
‫عدد المفاهيم الموجودة الماليين وهي في ازدياد ونمو مضطردين‪ .‬ففي حقل الهندسة الكهربائية‪،‬‬
‫مثالً‪ ،‬يوجد حالياً ما يربو على أربعة ماليين مفهوم على حين ال يحتوي أكبر معجم ألية لغة على‬
‫أكثر من ستمائة ألف مدخل‪.‬‬
‫ولهذا كله‪ ،‬تلجأ اللغات إلى التعبير عن المفاهيم الجديدة بالمجاز واالشتراك اللفظي وغيرهما من‬
‫المستويين الوطني والدولي‪،‬‬
‫َ‬ ‫الوسائل الصرفية والداللية‪ .‬وقد يقود ذلك إلى ارتباك واضطراب على‬
‫خاصة أن تصنيف المفاهيم وطريقة التعبير عنها يختلفان من لغة إلى أخرى ما يؤدي إلى صعوبة‬
‫في تبادل المعلومات وتنميتها‪ .‬ولهذا‪ ،‬كذلك‪ ،‬كان ال بد من توحيد المبادئ التي تتحكم في إيجاد‬

‫‪4‬‬
‫المفاهيم أو تغييرها وفي وضع المصطلحات المقابلة لها وتعديلها‪ .‬ومن هنا نشأ علم المصطلح‬
‫الحديث خالل القرن العشرين ؛ وهو علم حديث النشأة وما زال في دور النمو والتكامل‪.‬‬
‫مصطلح أم اصطالح ؟‬
‫إن كلمتي " مصطلح " و " اصطالح " مترادفتان في اللغة العربية‪ .‬وهما مشتقتان من "اصطلح"‬
‫(وجذره صلح) بمعنى "اتفق"‪ ،‬ألن المصطلح أو االصطالح يدل على اتفاق أصحاب تخصص ما‬
‫على استخدامه للتعبير عن مفهوم علمي محدد‪.‬‬
‫ولكن بعضهم يحسب أن لفظ "مصطلح " خطأ شائع وأن اللفظ الصحيح هو " اصطالح "‪ ،‬ويسوق‬
‫لذلك ثالثة أسباب هي‪:‬‬
‫‪ )1‬إن المؤلِّفين العرب القدماء استعملوا لفظ " اصطالح " فقط‪.‬‬
‫‪ )2‬إن لفظ " مصطلح " غير فصيح لمخالفته قواعد اللغة العربية‪.‬‬
‫‪ )3‬إن المعاجم العربية التراثية لم تسجل لفظ " مصطلح " وانما نجد فيها لفظ " اصطالح" فقط"‪،1‬‬
‫لكن َمن يدقق النظر في المؤلَّفات العربية التراثية‪ ،‬يجد أنها تشتمل على لفظَي " مصطلح " و‬
‫"اصطالح " بوصفهما مترادفين‪ .‬فعلماء الحديث كانوا أول من استخدم لفظ " معجم " ولفظ "‬
‫مصطلح " في مؤلَّفاتهم‪ .‬ومن هذه المؤلَّفات منظومة أحمد بن فرج اإلشبيلي (من أهل القرن السابع‬
‫الهجري ) في مصطلح الحديث‪ ،‬التي أولها‪:‬‬
‫صحيح " والرجا فيك معض ُل‬
‫ٌ‬ ‫غرامي "‬
‫سلس ُل "‬
‫رس ٌل " و " ُم َ‬
‫وحزني ودمعي " ُم َ‬
‫(الحظ أن الكلمات الثالث بين عالمات التنصيص هي مصطلحات من علم الحديث تدل على‬
‫أنواع مختلفة من الحديث النبوي الشريف) كما ظهر لفظ " مصطلح " في عناوين بعض مؤلفات‬
‫علماء الحديث مثل " األلفية في مصطلح الحديث" للزين العراقي ( زين ِّ‬
‫الدين عبد الرحيم بن‬
‫الحسين المتوفَى سنة ‪ 608‬هـ) وكتاب " نخبة الفكر في مصطلح أهل األثر" للحافظ بن حجر‬
‫اب آخرون غير علماء الحديث مثل شهاب‬
‫العسقالني (ت‪ 682‬هـ)‪ .‬واستخدم لفظ "المصطلح" كت ٌ‬

‫‪1‬‬
‫عبد العلي الودغيري‪ " ،‬كلمة المصطلح بين الخطأ والصواب " مجلة اللسان العربي‪ ،‬العدد ‪ ،1111 ، 86‬ص ‪1‬ـ‪.11‬‬
‫‪5‬‬
‫الع َمري (ت‪981‬هـ) في كتابه " التعريف بالمصطلح‬ ‫الدين أحمد بن يحيى المعروف بابن فضل اهلل ُ‬
‫الشريف" الذي يتناول األلفاظ االصطالحية المستعملة في الكتابة الديوانية‪.‬‬
‫ومن المعجميين الذين استخدموا لفظي " اصطالح " و " مصطلح " بوصفهما مترادفين عبد الرزاق‬
‫فقسمت الرسالة‬
‫ُ‬ ‫الكاشاني(ت‪938‬هـ) في كتابه " اصطالحات الصوفية " ‪ ،‬إذ قال في مقدمته‪... " :‬‬
‫على قسمين‪ :‬قسم في بيان المصطلحات ما عدا المقامات‪ . "...‬واستخدم الكاشاني لفظ " مصطلح"‬
‫أيت‬
‫في مقدمة معجمه " لطائف اإلعالم في إشارات أهل اإللهام" الذي قال في مقدمته‪ " :‬فإني لما ر ُ‬
‫كثي اًر من علماء الرسوم‪ ،‬ربما استعصى عليهم فهم ما تتضمنه كتبنا وكتب غيرنا من النكت‬
‫أحببت أن أجمع هذا الكتاب مشتمالً على شرح ما هو األهم من مصطلحاتهم" ‪.1‬‬
‫ُ‬ ‫واألسرار‪... ،‬‬
‫واستعمل ابن خلدون (ت‪606‬هـ) لفظ " مصطلح " في " المقدمة " فقال‪ " :‬الفصل الواحد‬
‫والخمسون في تفسير الذوق في مصطلح أهل البيان ‪ ."...‬وفي القرن الثاني عشر الهجري‪،‬‬
‫استعمل محمد التهاوني (كان حياً عام‪1168‬هـ) لفظَي " اصطالح" و"مصطلح " بوصفهما مترادفَين‬
‫مقدمة كتابه المشهور " كشاف اصطالحات العلوم " ‪ :‬حين قال‪ " :‬فلما فرغت من تحصيل‬ ‫في ِّ‬
‫العلوم العربية والشرعية‪ ،‬وشمرت على اقتناء العلوم الحكمية والفلسفية‪ ،...‬فكشفها اهلل علي‪،‬‬
‫فاقتبست منها المصطلحات أوان المطالعة وسطرتها على حدة‪. "...‬‬
‫ُ‬
‫ظي " مصطلح " و" اصطالح "‬ ‫كل هذا ندرك أن المؤلِّفين العرب القدامى استعملوا لف َ‬
‫من ِّ‬
‫بوصفهما مترادفين‪ .‬أما االدعاء بأن لفظ " مصطلح " ال يتفق والقواعد العربية‪ ،‬ألنه اسم مفعول‬
‫من الفعل " اصطلح " وهو فعل الزم ال يتعدى إال بحرف جر فنقول " اصطلحوا عليه "‪ ،‬وأن اسم‬
‫المفعول منه يحتاج إلى نائب فاعل هو الجار والمجرور أو الظرف أو المصدر‪ ,‬ولهذا ينبغي أن‬
‫نقول " مصطلح عليه"؛ فإن قواعد اللغة العربية تجيز حذف الجار والمجرور " منه " للتخفيف‬
‫عندما يصبح اسم المفعول َعلماً أو اسماً ُيسمى به‪ ،‬فنقول " مصطلح" فقط‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫علي القاسمي‪ ،‬عبد الرزاق الكاشاني واسهامه في تطوير المعجمية العربية‪ ،‬مجلة دراسات مصطلحية‪ ،‬العدد ‪ ،2001 ،1‬ص‬
‫‪.238/211‬‬

‫‪6‬‬
‫أما عدم ورود لفظ " مصطلح " في المعاجم العربية إال في معجم " الوجيز " لمجمع اللغة العربية‬
‫الذي صدر سنة ‪1160‬م و " المعجم العربي األساسي " الذي صدر سنة ‪1161‬م‪ ،‬فيعود السبب‬
‫تسجل جميع ألفاظ اللغة‪ ،‬و َّ‬
‫أن المعاجم العربية جرت على عدم ذكر‬ ‫في ذلك إلى أن المعاجم ال ِّ‬
‫صيغ المشتقات المطردة‪ ،‬وكلمة " مصطلح" اسم مفعول مشتق من الفعل " اصطلح "‪.‬‬
‫المصطلحية‪ :‬علم المصطلح وصناعة المصطلح‪:‬‬
‫ّ‬
‫تستخدم في الدراسات العربية عدة مترادفات للداللة على دراسة المصطلحات وتوثيقها‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫المصطلحية‪ ،‬وعلم المصطلح‪ ،‬وعلم االصطالح‪ ،‬وعلم المصطلحات‪ ،‬والمصطلحاتية‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫وعند العودة إلى الدراسات الغربية التي تتناول علم المصطلح الحديث‪ ،‬نجد أنها تفرق بين فرعين‬
‫من هذه الدراسة‪:‬‬
‫األول‪.)Terminology/Terminologie( :‬‬ ‫ّ‬
‫فاألول هو ِ‬
‫العلم الذي يبحث في العالقة بين المفاهيم العلمية والمصطلحات اللغوية‪.‬‬
‫والثاني‪.) Terminography/Terminorgaphie ( :‬‬
‫هو العمل الذي ينصب على توثيق المصطلحات‪ ،‬وتوثيق مصادرها والمعلومات المتعلِّقة بها‪،‬‬
‫ونشرها في شكل معاجم مختصة‪ ،‬إلكترونية أو ورقية‪.‬‬
‫والراجح أن المعجمي والمصطلحي الفرنسي أالن راي (‪ )Aain Rey‬هو في مقدمة الذين اشاروا‬
‫إلى هذا الفرق وأكدوه ‪.1‬‬
‫وكان اللسانيون األمريكيون قد سبقوا إلى تبيان الفرق بين علم المعجم (‪ )Lexicology‬الذي‬
‫يختص في دراسة األلفاظ من جميع الجوانب الصوتية والصرفية والداللية واألسلوبية‪ ،‬وبين صناعة‬
‫المعجم (‪ )Lexicography‬الذي يتعلَّق بجمع البيانات واختيار المداخل وكتابة المواد ونشر الناتج‬
‫النهائي في شكل معجم ‪ .2‬و َّ‬
‫لكن هذا التمييز ليس له وجود في الواقع العملي‪ .‬فالمصطلحي الذي‬
‫بد أن يكون متمكناً من نظريات علم‬ ‫يضطلع بإعداد مصطلحات مولَّدة أو َّ‬
‫موحدة للنشر‪ ،‬ال َّ‬

‫‪1‬‬
‫‪)Alain Rey, La Terminologie: Noms et Notions (Paris: PUF,1979‬‬
‫‪2‬‬
‫‪A.M. Al-Kasimi, Linguistics and Bilingual Dictionaries (Leiden: E.J.Brill, 1981‬‬
‫‪7‬‬
‫المصطلح‪ .‬وكذلك المعجمي الذي يتولى تصنيف معجم من المعاجم‪ ،‬ينبغي له أن يكون متمكناً‬
‫من دراسة المفردات التي يشتمل عليها معجمه‪ ،‬اللهم إال إذا كان َمن يعمل على إعداد المعجم‬
‫المتخصص أو العام مجرد مساعد يعنى بمعالجة الملفات والجذاذات يدوية كانت أو آلية دون أن‬
‫يتدخل في اختيار مداخل المعجم أو مواده‪.‬‬
‫واذا كان هذا التفريق ضرورياً‪ ،‬فإننا نفضل أن يكون لفظ " المصطلحية" اسماً شامالً لنوعين من‬
‫النشاط ‪ " :‬علم المصطلح " الذي يعنى بالجانب النظري‪ ،‬و " صناعة المصطلح" التي تُعنى‬
‫بالجانب العملي‪ .‬وينبغي أن نشير هنا إلى أن المتخصص في علم المصطلح‪ ،‬بصورة عامة‪ ،‬ال‬
‫يستطيع وضع المصطلحات أو توحيدها بمفرده‪ ،‬وانما توصي المؤسسات المعنية بإسناد هذه‬
‫المهمة إلى لجنة مكونة من مصطلحيين‪ ،‬ولسانيين‪ ،‬ومتخصصين في الميدان العلمي الذي تتعلق‬
‫ضمن دقة المصطلحات من الناحية العلمية‬
‫به المصطلحات‪ ،‬ومستهلكي تلك المصطلحات‪ ،‬لكي تُ َ‬
‫وقبولها من ٍقبل األوساط التي تستعملها‪.‬‬
‫وهذا ما فعلناه في دراسة المعجم وانتاجه‪ ،‬إذ أطلقنا عليهما اسم (المعجمية) الذي يضم فرعين‬
‫عنى بدراسة األلفاظ من حيث‬‫سمى أحياناً بعلم المفردات الذي ُي َ‬
‫هما‪ :‬األول‪( ،‬علم المعجم) أو ما ُي َ‬
‫اشتقاقها‪ ،‬وأبنيتها‪ ،‬ودالالتها‪ ،‬ومرادفاتها‪ ،‬والتعابير االصطالحية والسياقية التي تتألف منها؛ أما‬
‫الفرع الثاني فهو (صناعة المعجم) الذي يشير إلى جمع المادة اللغوية‪ ،‬واختيار المداخل‪ ،‬وترتيبها‬
‫طبقاً لنظام معين‪ ،‬وكتابة المواد‪ ،‬ثم النشر النهائي للمعجم‪ ،‬ورقياً كان أم إلكترونياً‪.‬‬
‫الفرق بين المصطلحية وعلم المصطلح‪:‬‬
‫أ‪ -‬المصطلحية‪ :‬لقد دقق عبد السالم المسدي‪ ،‬في ما يخص العربية‪ ،‬بين هذين المفهومين مبينا‬
‫أن المصطلحية هي علم يعني بحصر كشوف االصطالحات بحسب كل فرع معرفي فهو لذلك علم‬
‫تصنيفي تقريري يعتمد الوصف واإلحصاء مع سعي إلى التحليل التاريخي‪.‬‬
‫ب‪ -‬أما علم المصطلح‪ :‬فهو تنظيري في األساس‪ ،‬تطبيقي في االستثمار‪ ،‬ال يمكن الذهاب فيه إال‬
‫بحسب تصور مبدئي لجملة من القضايا الداللية والتكوينية في الظاهرة اللغوية‪ .‬فعلم المصطلح‬

‫‪8‬‬
‫ينتسب سالليا إلى علوم التأثيل فالقاموسية فالمعجمية‪ ،‬ولكنه فرع جنيني من علم الداللة وتوأم‬
‫الحق للمصطلحية بحيث يقوم منها مقام المنظر األصولي الضابط لقواعد النشاة والصيرورة‪.1‬‬
‫تعريف المصطلح‪:‬‬
‫يعرف المصطلحيون المصطلح بأنه الرمز اللغوي المحدد لمفهوم واحد‪. 2‬‬
‫أما المفهوم فهو تمثيل رمزي ذو طبيعة لفظية وداللية عامة توائم مجموعة من األشياء الملموسة‬
‫تملك خصائص مشتركة‪ .3‬وقد عرف المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات المصطلح‪ ،‬بأنه كل‬
‫وحدة دالة‪ ،‬بسيطة أو مركبة‪ ،‬تطلق على مفهوم محدد بشكل أحادي داخل ميدان معرفي معين‪.4‬‬
‫وينبغي بطبيعة الحال أن تكون ثمة عالقة منطقية بين المصطلح ومفهومه‪ ،‬وقد حدد علماء‬
‫المصطلح جملة من الشروط الواجب توافرها في المصطلح المفضل المقبول‪ .‬لذلك فإن‬
‫المصطلحات المتفق عليها يجب أن تكون واضحة دقيقة موجزة‪ ،‬وسهلة النطق وأن ينتهي‬
‫المصطلح الواحد منها إلى نظام يشتمل على مجموعة من المصطلحات‪ ،‬ترمز إلى مجموعة معينة‬
‫متربطة المفاهيم‪ .5‬فالمصطلحات وحدات لغوية تخضع بصفة نسقية لمبادئ سالمة التكوين التي‬
‫ا‬
‫تتحكم في اللغة العامة‪ .‬ورغم اختالف التعاريف التي أسندت حديثا للمصطلح من حيث المبنى إال‬
‫أن معناها يبقى واحدا وذلك ما قد يتضح من خالل التعريفات التالية للمصطلح‪:‬‬
‫أ ‪ -‬المصطلح العلمي أو التقني هو اللفظ الذي خصصه االستعمال في علم من العلوم أو فن من‬
‫الفنون أو صناعة من صناعات‬
‫بمفهوم معين‪ ،‬فإذا أطلقه مستعملوه من أصحاب تلك العلوم‪ ،‬والفنون والصناعات‪ ،‬كان المقصود به‬
‫هو ما اصطلحوا عليه وتعارفوا على مدلوله دون ما سوى ذلك من الدالالت األخرى التي قد تكون‬
‫لذلك اللفظ‪ ،‬فيما يسيح بين عامة متكلمي اللغة‪ .‬فإذا أطلق لفظ جر أو نصب أو فتح عند النحاة‬
‫كان المقصود ب ه مخالفا لما هو معروف في اللغة المشتركة‪ ،‬وكثي ار ما يحدث أن يداول اللفظ‬

‫‪1‬‬
‫قاموس اللسانيات‪ 1168 ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪2‬‬
‫في المصطلح العربي قراءة في شروطه وتوحيده‪ ،‬ديسمبر‪ ، 2000‬ص ‪.1‬‬
‫‪3‬‬
‫‪" Dictionnaire de linguistique " 1989..p.110‬‬
‫‪4‬‬
‫المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات‪ ،‬ص ‪.180‬‬
‫‪5‬‬
‫في المصطلح العربي قراءة في شروطه وتوحيده‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪9‬‬
‫الواحد عدد من المتخصصين في علوم مختلفة‪ ،‬فيعطيه كل واحد منهم داللة مخالفة لما عند‬
‫اآلخر‪.1‬‬
‫ب‪ -‬المصطلح هو كلمة اكتسبت داللة خاصة في مجال من المجاالت العلمية أو الفنية أو‬
‫الثقافية‪ ،‬لدى طائفة من المتخصصين في حقل من الحقول‪ ،‬وبذلك يحتاج إلى تعيين وتعريف‬
‫خاص به يصفه كمفهوم‪ ،‬ويميزه عن غيره من المفاهيم داخل المجال المستعمل فيه‪.2‬‬
‫ويتفق الرأي أيضا بين المتخصصين في علم المصطلح على أن أفضل تعريف أوربي للمصطلح‬
‫هو التعريف التالي‪ ،‬الكلمة‬
‫االصطالحية أو العبارة االصطالحية مفهوم مفرد أو عبارة مركبة استقر معناها‪ ،‬أو باألحرى‬
‫استخدامها وحدد بوضوح‪ ،‬فهو تعبير خاص ضيق في داللته المتخصصة‪ ،‬و واضح إلى أقصى‬
‫درجة ممكنة‪ ،‬وله ما يقابله في اللغات األخرى‪ ،‬ويرد دائما في سياق النظام الخاص بمصطلحات‬
‫فرع محدد‪ ،‬فيتحقق بذلك وضوحه الضروري‪ .3‬ويعتبر وضع المصطلحات عملية إبداعية يقوم بها‬
‫المتخصص أثناء قيامه ببحثه حين تلجئه الضرورة إلى ذلك‪ ،‬وهو يقوم على ثالثة أركان أساسية‬
‫هي‪:‬‬
‫المرد تسميته‪.‬‬
‫‪-‬المعرفة العلمية الدقيقة بالشيء ا‬
‫‪-‬القدرة اللغوية وتحوي المعرفة بقوانين اللغة ومعجمها وطرق التعبير عنها‪.‬‬
‫‪-‬سعة التخيل التي تجعل المتخصص قاد ا ر في وقت وجيز على الربط بين الركنين األولين‪.‬‬
‫أهم ّية المصطلح‪:‬‬
‫ّ‬
‫المصطلحات هي مفاتيح العلوم‪ ،‬على حد تعبير الخوارزمي‪ .‬وقد قيل إن فهم المصطلحات نصف‬
‫ِ‬
‫العلم‪ ،‬ألن المصطلح هو لفظ يعبر عن مفهوم‪ ،‬والمعرفة مجموعة من المفاهيم التي يرتبط بعضها‬
‫ببعض في شكل منظومة‪ .‬وقد ازدادت أهمية المصطلح وتعاظم دوره في المجتمع المعاصر الذي‬
‫أصبح يوصف بأنه " مجتمع المعلومات " أو " مجتمع المعرفة "‪ ،‬حتى أن الشبكة العالمية‬
‫للمصطلحات في فينا بالنمسا اتخذت شعار " ال معرفة بال مصطلح "‪ .‬فعمليات اإلنتاج والخدمات‬

‫‪1‬‬
‫قضايا المعجم العربي في كتابات أبي الطيب الشرقي‪ 1189 ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪2‬‬
‫المصطلح العلمي ومجاله االستعمالي في المعجم العربي المعاصر‪ 1116 ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪.111‬‬
‫‪11‬‬
‫أصبحت تعتمد على المعرفة‪ ،‬خاصة المعرفة العلمية والتقنية‪ .‬فبفضل تكنولوجيا المعلومات‬
‫لمنتجاتها‬
‫واالتصال‪ ،‬غيرت الشركات أدوات التصميم واإلنتاج‪ ،‬فأخذت تصمم النموذج المختبري ُ‬
‫تعد ملزمة بالقيام بجميع عمليات التصنيع‬
‫وتجربه بالحاسوب قبل أن تنفذه في المصنع‪ .‬كما أنها لم ُ‬
‫في مكان واحد وبصورة متعاقبة‪ ،‬وانما أصبح باإلمكان تكليف شركات متعددة بتصنيع األجزاء‬
‫المنتج وتسويقه‪ .‬وأدت هذه‬ ‫المختلفة في وقت واحد‪ ،‬ثم تقوم الشركة المنتجة بتجميع أجزاء ُ‬
‫التطورات إلى اإلسراع في التنفيذ‪ ،‬وتخفيض التكلفة‪ ،‬وتحسين اإلنتاجية‪ ،‬وزيادة القدرة التنافسية لتلك‬
‫الشركات‪ .‬ونتيجة للثورة التكنولوجية المعاصرة‪ ،‬حصل اندماج وترابط بين أنواع المعارف‬
‫والتكنولوجيات المختلفة أدى إلى توليد علوم جديدة‪ ،‬وصناعات جديدة‪ ،‬وخدمات جديدة‪ .‬وظهرت‬
‫في السوق سلع وخدمات مبنية على تحويل المعارف إلى منتجات‪ ،‬تُسمى بالسلع والخدمات‬
‫يات االقتصادية الحديثة المعرفةَ عامالً "داخلياً" يدخل بصورة مباشرة‬
‫المعرفية‪ .‬ولهذا اعتبرت النظر ُ‬
‫في معادلة النمو‪ ،‬بعد أن كانت النظريات االقتصادية القديمة تعد المعرفة عامالً "خارجياً"‪ .‬فكلما‬
‫انتشرت المعرفة بين أفراد المجتمع‪ ،‬تحسن أداؤهم‪ ،‬وارتفع مردودهم االقتصادي‪ .‬واللغة وعاء‬
‫المعرفة‪ ،‬والمصطلح هو الحامل للمضمون العلمي في اللغة‪ ،‬فهو أداة التعامل مع المعرفة‪ ،‬وأس‬
‫التواصل في مجتمع المعلومات‪ .‬وفي ذلك تكمن أهميته الكبيرة ودوره الحاسم في عملية المعرفة‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد مراياتي‪ " ،‬المصطلح في مجتمع المعلومات‪ :‬أهميته وادارته " من بحوث المؤتمر الثالث لمجمع اللغة العربية بدمشق‪،‬‬
‫‪.2008‬‬
‫‪11‬‬
‫المحاضرة الثانية‬

‫المصطلحية‬
‫النشـــــــــأة والتطـــــــــــور‬
‫إن نشأة علم المصطلح مرتبط بتاريخ استعماله كمادة من حيث هي ‪ ،‬فإذا قلبنا صفحات التاريخ‬
‫و تتبعنا حركة المصطلحات وجدنا أن حركة المصطلح قامت مع النشاط اإلنساني في الحياة‬
‫المدنية و الحضارية ‪ ،‬فوجود اإلنسان على هذه البسيطة و قدرته على التفكير و كثرة البحث‬
‫واالكتشاف لما حوله ‪ ،‬صاحب كله حركة و نشاط على مستوى المصطلح‪.‬‬
‫العربي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫المصطلح في التراث‬
‫أدرك العرب القدماء أهمية المصطلح ودوره في تحصيل العلوم‪ .‬فقد قال القلقشندي (ت‪621‬هـ)‬
‫في كتابه "صبح األعشى" ‪:‬‬
‫َّ‬
‫المقدم‪ ،‬لعموم الحاجة إليه واقتصار القاصر‬ ‫" على أن معرفة المصطلح هي الالزم المحتَّم والمهم‬
‫عليه‪:‬‬
‫نع " ‪.1‬‬
‫صِ‬ ‫الم ْ‬
‫يف َ‬‫صاب بها طر ُ‬
‫حتى ُي َ‬ ‫تكون صنيعةً‬
‫إن الصنيعةَ ال ُ‬
‫ونوه التهاوني في مقدمة كتابه المشهور " كشاف اصطالحات الفنون "‪ ،‬الذي جمع فيه أهم‬
‫المصطلحات المتداولة في عصره وعرفها‪ ،‬بأهمية المصطلح فقال‪:‬‬
‫المروجة إلى األساتذة هو اشتباه‬
‫َّ‬ ‫" إن أكثر ما يحتاج به في تحصيل العلوم المدونة والفنون‬
‫لكل ِعلم اصطالحاً به إذا لم ُيعلم بذلك ال يتيسر للشارع فيه االهتداء سبيالً وال‬
‫االصطالح‪ ،‬فإن ِّ‬
‫إلى فهمه دليالً" ‪.2‬‬
‫فلذلك نجد عدة أسماء عربية بارزة قد اعتنت بالمصطلح وتناولته تحت تسميات كثيرة‪ ،‬حيث إن‬
‫تسمية (المصطلح) و(االصطالح) لم ترد عند العرب القدماء ‪ ،‬بل اُستُخدمت حديثا‪ ،‬فبعد مجيء‬

‫‪1‬‬
‫أحمد بن علي القلقشندي ‪ ،‬صبح األعشى في صناعة اإلنشا‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬القاهرة‪1122 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.9‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد علي التهاوني‪ ،‬كشاف اصطالحات الفنون‪ ،‬تحقيق علي دحروج‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬ط‪1112 ، 1‬م ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.1‬‬
‫‪12‬‬
‫اإلسالم واتساع رقعته‪ ،‬ومع انتشار الكتابة والعلوم وتدوين المسلمين لكل ما يتعلق بالشرع استجابة‬
‫للضرورة الملحة‪ ،‬ظهر علم الحديث والذي ُعرف بـ(علم المصطلح)‪ ،‬وما يقصده علماء الحديث‬
‫بهذه التسمية هو أن (علم المصطلح) هو جزء من (علم الحديث) أو متعلق به‪ ،‬فقد استعملوا هذه‬
‫التسمية (علم المصطلح) من أجل تعريف وتوضيح وتبيين لما اصطلحوا عليه من ألفاظ في هذا‬
‫العلم الجديد (علم الحديث)‪ ،‬لكن ليس بالمفهوم الحديث لهذا العلم‪ .‬وهذا ما بينه طارق بن عوض‬
‫الله بقوله‪ ( :‬و الصواب ان "علم المصطلح" ليس هو"علم الحديث" و إنما غاية "علم المصطلح"‬
‫ان يكون جزءا من علم الحديث أو هو شيء من متعلقاته التي تتعلق به)‪ .1‬والشيء المهم هو أن‬
‫الحقيقة الشرعية من أول روافد المصطلحات العلمية والفنية عند العرب‪ ،‬ومن أبرز األعمال التي‬
‫اعتنت بعلم المصطلح وبشرح األلفاظ الشرعية ودراستها‪:‬‬
‫الدراسات اللّغوية‪ ،‬كانت عملية نقط اإلعراب من ِقبل أبي األسود ّ‬
‫الدؤلي اإلرهاص األول‬ ‫‪ - 1‬في ّ‬
‫لنشوء المصطلح اللغوي‪ ،‬فبدأ ذلك باستخدامه الفتح والضم والكسر‪ ،‬ووضع الخليل بن أحمد‬
‫الفراهيدي ألوزان الشعر ألقابا لم تكن العرب تعرفها بتلك األسماء من قبل‪ ،‬وقام بتقعيد المصطلح‬
‫الصوتي‪ ،‬كما تعرض لمصطلحات العلوم األخرى؛ كالنحو والصرف والمعجم‪ ،‬كما وضع سيبويه‬
‫مصطلحات صوتية‪ ،‬وأسس المصطلح النحوي‪ ،‬إلى جانب وضع كثير من النحاة أسماء اعتبروها‬
‫عالمات للتفاهم‪.‬‬
‫‪ - 2‬ومن الدراسات األخرى التي اهتمت بهذا الموضوع‪:‬‬
‫ـ كتاب "الزينة في الكلمات اإلسالمية" لـ أبي حاتم الرازي المتوفى سنة ‪322‬هـ‪ ،‬وهو فيلسوف‬
‫ومتكلم‪ ،‬ويسمى عند كثير من اللغويين بأبي حاتم اللغوي‪ ،‬يجمع هذا الكتاب بين طياته تلك‬
‫الكلمات التي أعطاها اإلسالم دالالت أخرى‪ ،‬والتصقت بها حتى كاد ينسي معناها اللغوي‪ ،‬ولعل‬
‫اضحا في رصد هذه الكلمات والعبارات اإلسالمية التي ترتبط بأمور‬
‫أبا حاتم الرازي حينها كان و ً‬
‫الدين‪ ،‬أي أنه تتبع األلفاظ العربية في العصور ليبين مدى تطورها من حيث الداللة‪ .‬فهي دراسة‬
‫لغوية يعني فيها بتطور األلفاظ ونشأتها ونموها ومجال استعمالها في اللغة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫طارق بن عوض الله بن محمد ‪ ،‬اصالح االصطالح ‪ ،‬مكتبة التوعية اإلسالمية للتحقيق والنشر ‪ 1821،‬ه‪ ، 2006 /‬ط ‪،1‬‬
‫ص‪.13‬‬
‫‪13‬‬
‫فالمصطلحات اإلسالمية األولى هي تلك التي جاءت في القرآن الكريم‪ ،‬وكان لكثير منها معنى‬
‫لغوي فنقلت من معناها األول إلى المعنى الجديد‪ ،‬وكانت الحقيقة الشرعية من أهم أسباب نمو‬
‫اللغة وانتقال األلفاظ من معنى إلى آخر‪ ،‬مما يقتضيه الشرع وتفرضه الحياة الجديدة‪.‬‬
‫ومن ذلك؛ األسماء الشرعية كالصالة والزكاة والصوم والحج والعمرة‪ ،‬واألسماء الدينية كاإلسالم‬
‫واإليمان والكفر والنفاق والفسق‪ ،‬باإلضافة إلى األسماء الجديدة (القرآن) و(الفرقان) و(التيمم)‬
‫وغيرها من األلفاظ التي لم تُعرف بهذا المعنى في الجاهلية‪.‬‬
‫ـ الحدود لجابر ابن حيان متوفى سنة ‪200‬هـ‪ ،‬وهي رسالة في المصطلحات الكيمائية والطبية‬
‫ومراده بالحدود (جمع حد) هو المصطلح‪.‬‬
‫ـ األ لفاظ المستعملة في المنطق للفارابي (ت‪331‬هـ) يبحث "الفارابي" فيه أصناف األلفاظ‬
‫الدالة وتعدد هذه األصناف‪ ،‬كما يبحث في الحروف فيقول إنها أصناف كثيرة‪ ،‬وينقسم الكتاب إلى‬
‫"األلفاظ المفردة"‪ ،‬وتحتوي "الفعل والحروف واألسماء" ويفصل الحديث عما يستعمله الجمهور من‬
‫األلفاظ وما يستعمله أصحاب العلوم‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫ـ مفاتيح العلوم للخوارزمي (ت‪369‬هـ) كتاب يعتبر أقدم موسوعة بالعربية تعرضت للعلوم‬
‫ومصطلحاتها‪ ،‬يعين طالب العلم في معرفة كثير من مفاتيح العلوم التالية ومصطالحاتها‪ :‬الفقه‬
‫والنحو وعلم الكالم والشعر والعروض والتاريخ والفلسفة والمنطق والطب وعلم الحساب والهندسة‬
‫والموسيقى وعلم الفلك والكمياء‪.‬‬
‫ـ الصاحبي البن فارس(ت‪318‬هـ) فهو كتاب في فقه اللغة صنفه ابن فارس‪ ،‬وسماه بالصاحبي‬
‫نسبة إلى الصاحب بن عباد وكان ابن فارس قد قدم الكتاب إليه وأودعه في خزانته‪ .‬أما مضمون‬
‫الكتاب فيدور حول اللغة العربية وأوليتها ومنشئها‪ ،‬ثم يبحث في أساليب العرب في تخاطبهم‪ ،‬وفي‬
‫الحقيقة والمجاز‪ ،‬ودراسة الظواهر اللغوية‪ .‬حيث عقد بابا وسماه باألسباب اإلسالمية ومراده‬
‫باألسباب اإلسالمية أي المصطلحات‪.‬‬
‫ـ السامي في األسامي للميداني(ت‪831‬هـ‪ ).‬وهو معجم عربي – فارسي‪.‬‬
‫ـ التعريفات للجرجاني م ‪618‬هـ‪.‬‬
‫ـ كشاف اصطالحات الفنون للتهانوي (ق‪12‬ه) وهو معجم لمصطلحات العلوم العربية والشرعية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫وكان القدماء في كتبهم يهتمون بشرح المصطلحات‪ ،‬وتوضيح مفاهيمها‪ ،‬وتتبع األلفاظ وأصلها‬
‫ومرِدها‪ ،‬وليست دراسة بمفهوم علم المصطلح الذي هو عليه اليوم والذي يقوم على جملة من‬
‫النظريات والعلوم من أجل دراسة اللفظة الواحد‪ .‬وهناك أيضا‪:‬‬
‫ـ كتاب "اإلحكام" البن حزم وأيضا "اإلحكام" لآلمدي‪ ،‬حيث إن كثي ار ممن اهتموا بالمصطلحات هم‬
‫الذين يشتغلون بأصول الفقه‪.‬‬
‫وتوالت البحوث والدراسات المختلفة لهذا الجانب اللغوي لأللفاظ‪ ،‬مثل‪ :‬بن خلدون في مقدمته‬
‫‪909‬هـ‪ .‬لكن ابن خلدون تكلم عن القضية بعينها‪ ،‬مشي ار إلى ذلك من بداية كالمه في المقدمة‪،‬‬
‫حيث نبه على أمرين في حديثه عن العمران (الحضارة) وما يتصل به حين َّبين الفساد الذي‬
‫انتشر فيها وما ظهر في زمانه من‪:‬‬
‫جمة عموما التي دخلت إلى اللغة العربية‪.‬‬
‫الع َ‬
‫‪ -‬فساد اللغة من جهة النحو و ُ‬
‫‪ -‬فساد المعاني المتعلقة باأللفاظ‪ ،‬فهو تكلم عن قضية َق ْلب المفاهيم والمعاني لأللفاظ في عصره‪.‬‬
‫إضافة إلى ما سبق ذكره‪ ،‬نجد نشأة حركة الترجمة النشيطة والقوية‪ ،‬فقد تم من خاللها ازدياد‬
‫َكم هائل من المصطلحات‪ ،‬بهذا نجد أن علماء المسلمين ُعنوا كثي ار باأللفاظ وتعريفاتها‪،‬‬
‫وبالمصط لحات ومفاهيمها‪ ،‬وقدموا الكثير في تحديدها‪ ،‬فنجد ابن فارس يقول (لكل لفظ اسمان‬
‫لُغوي ِ‬
‫وصناعي) ويقصد بالصناعي االصطالحي‪.‬‬
‫ولم يقتصر البحث في المصطلحات عند العرب على جوانب علمية محدودة‪ ،‬بل تناول فروع‬
‫علمية كثيرة مدونة باللغة العربية على مدى عدة قرون‪ ،‬حيث تناول البحث في المصطلحات ما‬
‫ورد من‬‫تعلق بالعلوم الدينية واللغوية‪ ،‬والفلسفية‪ ،‬إلى جانب اهتمام البحث في المصطلحات بكل ما َ‬
‫مفردات وعبارات اصطالحية في الكتب العربية والمعربة في تلك الفترة الزمنية‪ ،‬وهي كتب العلوم‬
‫الطبية‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬والرياضيات‪ ،‬والفلك‪...‬الخ‪ ،‬وفي هذه المجاالت توجد كتب عربية‪ ،‬وأخرى ُنقلت‬
‫إلى العربية من لغات الحضارة القديمة‪ ،‬خاصة اللغة اليونانية‪ ،‬وكتب أخرى ُنقلت من الفارسية‬
‫والسنسكريتية والالـتينية‪ .‬وقد كان‪ ،‬في عصر الطباعة‪ ،‬كتب علمية عربية كثيرة ُنشرت في أوروبا‪،‬‬
‫مثل كتاب (القانون) البن سينا (في روما‪1813 :‬م)‪ ،‬و(تحرير أصول الهندسة إلقليدس) لنصر‬
‫الدين الطوسي (في روما‪1818 :‬م) وكتاب (الفالحة) لإلشبيلي (مدريد‪1602 :‬م)‪...،‬الخ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫كما ُنقلت مصطلحات يونانية وغير يونانية إلى اللغة العربية أثناء حركة الترجمة في العصر‬
‫العباسي في المشرق‪ ،‬على وجه الخصوص‪ .‬ومصطلحات اللغة الالتينية التي دخلت أثناء‬
‫االحتكاك بين المغرب العربي واألندلس من جهة‪ ،‬وأوروبا من جهة أخرى‪ ،‬فدونت كلمات كثيرة‬
‫يونانية والتينية وفارسية بالخط العربي‪ .‬فالمصطلحية كما قال البعض هو علم قديم في غايته‬
‫وموضوعه‪ ،‬وحديث في مناهجه ووسائله‪.‬‬
‫وكتب ا لقدماء على اختالف تطبيقاتها جلها كان فيها اهتمام بشرح لهذه المصطلحات فنجد‬
‫كثير باأللفاظ و تعريفاتها ‪ ،‬و بالمصطلحات و مفاهيمها‪ ،‬وقدموا‪ ،‬الكثير في‬
‫علماء المسلمين عنوا ا‬
‫تحديدها ‪ ،‬فنجد ابن فارس يقول‪ ( :‬لكل لفظ اسمان لغوي و اصناعي)‪ .1‬ويقصد بالصناعي‬
‫االصطالحي‪.‬‬
‫المصطلح بأنه لفظ يتواضع عليه القوم ألداء مدلول معين‪ ،‬أو أنه‬
‫َ‬ ‫وعرف اللغويون العرب القدامى‬
‫لفظ ُنقل من اللغة العامة إلى اللغة الخاصة للتعبير عن معنى جديد‪ .‬فقال الجرجاني (ت‪618‬ه)‬
‫في تعريف االصطالح في كتابه " التعريفات"‪ " :‬عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء ٍ‬
‫باسم ما‪،‬‬
‫ُينقل عن موضعه‪ ".‬ثم أضاف وكأنه يتحدث عن بعض طرائق وضع المصطلح‪ " :‬إخراج اللفظ من‬
‫معنى إلى آخر‪ ،‬لمناسبة بينهما" ‪.2‬‬
‫وعرفه أبو البقاء الكفوي (ت ‪1018‬هـ) في كتابه " الكليات "‪ " :‬االصطالح هو اتفاق القوم على‬
‫وضع الشيء‪ ،‬وقيل‪ :‬إخراج الشيء عن المعنى اللغوي إلى معنى آخر لبيان المراد" ‪.3‬‬
‫وعرفه مرتضى َّ‬
‫الزبيدي (‪1208/1188‬هـ) في معجمه " تاج العروس " بأنه‪ " :‬اتفاق طائفة‬
‫مخصوصة على أمر مخصوص" ‪.4‬‬
‫ويلخص الدكتور أحمد مطلوب‪ ،‬األمين العام للمجمع العلمي العراقي‪ ،‬الشروط الواجب توفرها في‬
‫المصطلح والتي يمكن أن نستشفها من التعريفات السابقة في ما يأتي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد بن فارس ‪ ،‬الصاحبي في فقه اللغة ‪ ،‬المكتبة السلفية القاهرة ‪ ، 2010 ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪2‬‬
‫علي بن محمد الجرجاني‪ ،‬التعريفات‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،1163 ،‬ص ‪. 26‬‬
‫‪3‬‬
‫أبو البقاء الكفوي‪ ،‬الكليات‪ ،‬تحق عدنان درويش ومحمد المصري‪ ،‬دمشق‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،1112 ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪4‬‬
‫الزبيدي‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬تحق‪ .‬مصطفى حجازي‪ ،‬الكويت‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ 1972،‬م‪( ،‬ص ل ح)‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪ - 1‬اتفاق العلماء عليه للداللة على معنى من المعاني العلمية‪.‬‬
‫‪ - 2‬اختالف داللته الجديدة عن داللته اللغوية األولى‪.‬‬
‫‪ - 3‬وجود مناسبة أو مشاركة أو مشابهة بين مدلوله الجديد ومدلوله اللغوي (العام)" ‪.1‬‬

‫نشوء علم المصطلح الحديث‪:‬‬

‫شرع علماء األحياء والكيمياء بأوربا في توحيد قواعد وضع المصطلحات على النطاق العالمي منذ‬
‫القرن التاسع عشر‪ .‬وقد أخذت هذه الحركة في النمو تدريجياً‪ .‬وبين عامي ‪ 1108‬و‪1126‬م‪،‬‬
‫المصور للمصطلحات التقنية بست لغات وفي ستة عشر مجلداً‪.2‬‬
‫َّ‬ ‫صدر معجم شلومان‬
‫وتكمن أهمية هذا المعجم في أن تصنيفه تم على أيدي فريق دولي من الخبراء‪ ،‬وأنه لم يرتِّب‬
‫تصنيف‬
‫ُ‬ ‫المصطلحات ألفبائياً‪ ،‬وانما رتبها على أساس المفاهيم والعالقات القائمة بينها‪ ،‬بحيث ُيسهم‬
‫ِ‬
‫المفاهيم ذاته في توضيح مدلول المصطلح وتفسيره‪.‬‬
‫وشهد عام ‪1131‬م صدور كتاب " التوحيد الدولي للغات الهندسة‪ ،‬وخاصة الهندسة الكهربائية "‬
‫لألستاذ فيستر ‪ ،Wuster‬األستاذ بجامعة فينا‪ ،‬الذي تُوفي عام ‪1199‬م بعد أن أرسى كثي اًر من‬
‫الكتاب من المراجع الهامة في‬ ‫معظم اللغويين والمهندسين هذا‬ ‫أصول هذا ِ‬
‫العلم الجديد‪ .‬وقد عد‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫صنعتهم واعتبروا فيستر أكبر رواد علم المصطلح الحديث‪.‬‬
‫وفي سنة ‪1138‬م‪ ،‬وبطلب من االتحاد السوفييتي ُممثَّالً بأكاديمية العلوم السوفيتية‪ ،‬تشكلت (اللجنة‬
‫التقنية للمصطلحات) ضمن (االتحاد العالمي لجمعيات المقاييس الوطنية ‪ .)ISA‬وبعد الحرب‬
‫المتخصصة في‬ ‫العالمية الثانية‪ ،‬حلت محل هذه اللجنة لجنةٌ جديدةٌ تسمى (اللجنة التقنية ‪ُ )39‬‬
‫المنظَّمة العالمية للتوحيد‬
‫وضع مبادئ المصطلحات وتنسيقها‪ ،‬وهي لجنة من اللجان التابعة لـ ( ُ‬
‫المعهد النمساوي‬
‫ُ‬ ‫المعياري ‪ )ISO‬التي تتخذ من مدينة جنيف السويسرية مق اًر لها‪ .‬ويتولى (‬
‫للمقاييس) في فينا أمانةَ (اللجنة التقنية ‪ .)39‬وقد قامت هذه اللجنة بجهود ملموسة في مجال توحيد‬
‫مبادئ وضع المصطلحات سنأتي على بعضها في الصفحات القادمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد مطلوب‪ ،‬في المصطلح النقدي ‪ ،‬بغداد ‪ ،‬المجمع العلمي‪ ،2002 ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪2‬‬
‫‪A. Schlomann’s Illustrated Technical Vocabularies‬‬

‫‪17‬‬
‫ومن رواد علم المصطلح الحديث السوفيتيان ‪) Lotte‬لوط((‪1180/1892‬م) و‪chaplygin‬‬
‫)شابلجين( (‪/1681‬ـ‪1182‬م)‪ .‬وكان لوط وراء تأسيس (لجنة المصطلحات العلمية والتقنية في‬
‫ويعد ‪) olmstrom‬هولمستروم( ‪ ،‬أحد كبار خبراء اليونسكو في‬ ‫االتحاد السوفيتي عام ‪1133‬م‪ُ .‬‬
‫المنظَّمة الدولية على إنشاء ( دائرة‬
‫أواسط القرن العشرين‪ ،‬من رواد هذا العلم فقد شجع هذه ُ‬
‫المصطلحات الدولية ) ورصد األموال الالزمة لنشر ببليوغرافيا بمجلَّدين تحتوي على عناوين‬
‫المتخصصة في العلوم والتكنولوجيا‪ .1‬ثم صدرت منها‪ ،‬بعد سنوات‪ ،‬طبعة جديدة مزيدة‪. 2‬‬
‫ِّ‬ ‫المعاجم‬
‫وفي عام ‪1191‬م‪ ،‬وبتعاون بين اليونسكو والحكومة النمساوية‪ ،‬تأسَّس (مركز المعلومات الدولي‬
‫للمصطلحات) في فينا وتولى إدارته األستاذ هلموت فلبر ‪ ،Felber‬أستاذ علم المصطلح في‬
‫جامعة فينا ذو النشاط الواسع في هذا الحقل‪ .‬ومن أهم أهداف هذا المركز ما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬تشجيع البحوث العلمية في النظرية العامة لعلم المصطلح‪ ،‬ووضع المصطلحات‪ ،‬وتوثيقها‪،‬‬
‫وعقد دورات تدريبية في هذا الميدان‪.‬‬
‫‪ - 2‬توثيق المعلومات المتعلِّقة بالمصطلحات‪ ،‬والخبراء‪ ،‬والمشروعات‪ ،‬والمؤسَّسات القطرية‬
‫والدولية العاملة في هذا الحقل‪.‬‬
‫‪ - 3‬تنسيق التعاون الدولي في حقل المصطلحات وتبادلها‪ ،‬وتبادل المعلومات عنها‪.‬‬
‫‪ - 8‬بحث إمكانات التعاون بين بنوك المصطلحات‪ ،‬وأسس تبادل المعلومات بينها‪.3‬‬
‫وقد عقد هذا المركز عدداً من المؤتمرات والندوات الدولية كان أولها الندوة العالمية األُولى حول‬
‫التعاون الدولي في حقل المصطلحات التي ُنظمت في فينا عام ‪1198‬م وتبدت فيها حاجة‬

‫‪1‬‬
‫‪E. Wüster, Bibliorgaphy of Monolingual, Scientific and Technical Dictionaries (Paris: UNESCO,‬‬
‫‪.)1955 and 1959‬‬
‫‪2‬‬
‫‪H. Felber, M. Krommer-Benz, and A. Manu, International Bibliography of Standardized‬‬
‫‪.)Vocabularies (München: K.G. Sauer, 1979‬‬
‫‪3‬‬
‫‪H. Felber, “ International efforts to overcome difficulties in technical communication”, a paper‬‬
‫‪presented to the Third European Congress on Information Systems and Networks. Luxembourg,‬‬
‫‪.May 1977‬‬

‫‪18‬‬
‫المنظمات الدولية للتعاون في تبادل المعلومات حول المصطلحات‪ ،‬ورغبتها الشديدة في هذا النوع‬
‫المنظَّمات العاملة في حقل‬ ‫ِ ٍ‬
‫من التعاون‪ .‬ومن نتائج هذه الندوة قيام المركز بإعداد دليل بأسماء ُ‬
‫المصطلحات وأنشطتها‪.1‬‬
‫ونظ اًر إلقدام عدد من المنظمات الدولية الكبرى آنذاك على استخدام الحاسوب في تخزين‬
‫المصطلحات‪ ،‬وتوثيقها‪ ،‬ومعالجتها‪ ،‬ونظ اًر لضرورة االتفاق على أُسس عالمية تُيسِّر تبادل‬
‫المؤتمر األول لبنوك المصطلحات الدولية‪ ،‬الذي كان‬
‫َ‬ ‫المركز في أبريل ‪1191‬م‬
‫ُ‬ ‫المعلومات‪ ،‬نظم‬
‫كاتب هذه السطور ممثِّ ً‬
‫ال للوطن العربي فيه‪ .‬وكان هذا المؤتمر يرمي إلى‪:‬‬
‫‪ - 1‬إرساء مبادئ التعاون الدولي في حقل المصطلحات العلمية والتقنية وتبادلها وشروط هذا‬
‫التعاون‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مجموعة من األُسس الهادية التي تيسر إقامة بنوك جديدة للمصطلحات‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تطوير‬
‫‪ - 3‬إعطاء فكرة واضحة عن المشكالت الرئيسة التي تواجه بنوك المصطلحات‪ ،‬واقتراح الحلول‬
‫لها‪.2‬‬
‫مركز المعلومات الدولي للمصطلحات ‪ )INFOTERM‬بالتعاون مع أكاديمية العلوم‬ ‫َّ‬
‫ونظم ( ُ‬
‫السوفيتية ندوة عالمية حول المشكالت النظرية والمنهجية في علم المصطلح‪ ،‬في موسكو في‬
‫نوفمبر ‪1191‬م‪ ،‬لبحث المعجمية وحالتها الراهنة‪ ،‬وامكانات تطويرها‪ ،‬ومشكالت تنسيق‬
‫المصطلحات وتوحيدها‪ ،‬وقضايا تعليم المصطلحية في الجامعات‪ ،‬وعالقة المصطلحية بالعلوم‬
‫األخرى‪.‬‬
‫وأوصت هذه الندوة في ختام اجتماعاتها بضرورة تعميق التعاون وتبادل اآلراء والخبرات على‬
‫المستويين الوطني والعالمي لحل المشكالت النظرية والمنهجية في علم المصطلح‪ ،‬وضرورة تطوير‬
‫َ‬
‫وضع وصف لواجبات العاملين في حقل‬
‫َ‬ ‫حددة‪ ،‬كما حبذت‬‫نموذج لبنك مصطلحات بحقول ُم َّ‬

‫‪1‬‬
‫‪.)M. Krommer-Benz, World Guide to Terminological Activities (München: K.G. Sauer, 1976‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ali M. Al-Kasimi, “ Towards a central terminological data bank in the Arab World”, a paper‬‬
‫‪presented to the First International Conference on Termingological Data Banks, Vienna, April‬‬
‫‪.1979‬‬
‫‪19‬‬
‫المحتملة في تدريس‬
‫َ‬ ‫المستعملة أو‬
‫َ‬ ‫تجميع المناهج الجامعية‬
‫َ‬ ‫المصطلحات‪ ،‬وطبيعة أعمالهم‪ ،‬وكذلك‬
‫علم المصطلح‪ ،‬مع أخذ حاجات األقطار النامية في النظر‪.1‬‬
‫ومن المؤتمرات المؤسِّسة في علم المصطلح (الندوةُ العالمية حول مشكالت الترادف والتعريف في‬
‫علم المصطلح) التي ُع ِقدت في كوبيك بكندا في جوان ‪1162‬م‪ ،‬والندوةُ الخاصة بعلم المصطلح‬
‫لتر في سبتمبر ‪1163‬‬‫التي ُع ِقدت على هامش المؤتمر العالمي للمعجميين بجامعة أكستر بإنج ا‬
‫وشارك فيها كاتب هذه السطور‪.2‬‬

‫تعريف علم المصطلح ونطاقه‪:‬‬


‫عرف علم المصطلح بأنه " ِ‬
‫العلم الذي يبحث في العالقة بين المفاهيم العلمية واأللفاظ اللغوية‬ ‫ُي َّ‬
‫فكل نشاط إنساني‪ ،‬وكل حقل من حقول المعرفة البشرية‪ ،‬يتوفر على مجموعة‬ ‫التي تعبر عنها‪ُّ ".‬‬
‫كبيرة من المفاهيم التي ترتبط فيما بينها على هيئة منظومة متكاملة في كل حقل من حقول‬
‫نظام‬
‫ُ‬ ‫المعرفة‪ ،‬وتكون هذه المنظومة على عالقات متداخلة بمنظومات الحقول األخرى‪ .‬ويتألَّف‬
‫المفاهيم في الوجود من مجموع المنظومات المفهومية الخاصة ِّ‬
‫بكل حقل من حقول المعرفة‪.‬‬
‫كل حقل علمي على مجموعة كبيرة من المصطلحات التي تعبر عن مفاهيمه لغوياً‪ .‬وتُ َّبين‬‫ويتوفَّر ُّ‬
‫مصطلحات‬
‫ُ‬ ‫العالقة بين المفهوم والمصطلح الذي يعبِّر عنه‪ ،‬في التعريف العلمي الدقيق‪ .‬وتؤلِّف‬
‫كل حقل من الحقول منظوم ًة مصطلحية تقابل المنظومة المفهومية لذلك الحقل‪ .‬ومن مجموع‬ ‫ِّ‬
‫النظام‬
‫ُ‬ ‫المنظومات المصطلحية يتألَّف النظام المصطلحي في لغة من اللغات‪ .‬وال يحقِّق‬
‫المصطلحي الغاي َة من وجوده ما لم تكن العالقات المتبادلة بين عناصره ِّ‬
‫متميزة داللياً‪ ،‬ومتجاوبة‬
‫مع النظام المفهومي تجاوباً دقيقاً‪ .‬وال يتأتى لنا إدراك كنه النظام المفهومي‪ ،‬أو المنظومة المفهومية‬
‫لعلم من العلوم‪ ،‬ما لم نضع تصنيفاً مفهومياً يقوم على أسس وجودية ومنطقية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ُنشرت خالصة التوصيات في مجلة اللسان العربي عدد ‪ 9‬جزء‪ ،‬ص ‪.266-269‬‬
‫‪2‬‬
‫‪The International Conference on Lexicography at Exeter University, 9-12 September 1983. Its‬‬
‫‪.proceedings were published in Lexicographica, Tubingen, 1984‬‬
‫‪21‬‬
‫وعلم المصطلح علم مشترك بين اللسانيات‪ ،‬والمنطق‪ ،‬وعلم الوجود‪ ،‬وعلم المعرفة‪ ،‬والتوثيق‪،‬‬
‫علم المصطلح‬ ‫وحقول التخصص العلمي‪ .‬ولهذا ينعته الباحثون الروس َّ‬
‫بأنه " علم العلوم"‪ .‬ويتناول ُ‬
‫انب ثالثة متصلة من البحث العلمي والدراسة الموضوعية وهي‪:1‬‬
‫جو َ‬
‫ّأولا‪ :‬يبحث عل م المصطلح في العالقات بين المفاهيم المتداخلة التي تتبلور في صورة منظومات‬
‫مفهومية تشكل األساس في وضع المصطلحات المصنفة التي تعبِّر عن تلك المفاهيم‪ .‬وبهذا‬
‫المعنى‪ ،‬يكون علم المصطلح فرعاً خاصاً من علم المنطق وعلم الوجود‪.‬‬
‫ثاني ا‪ :‬يبحث علم المصطلح في المصطلحات اللغوية‪ ،‬والعالقات القائمة بينها‪ ،‬ووسائل وضعها‪،‬‬
‫وأنظمة تمثيلها في بنية علم من العلوم‪ .‬وبهذا المعنى‪ ،‬يكون علم المصطلح فرعاً خاصاً من فروع‬
‫علم المعجم علم المعجم(‪ )Lexicology‬وعلم تطور دالالت األلفاظ (‪.2)Semasiology‬‬
‫ِّ‬
‫المؤدية إلى خلق اللغة العلمية‪ ،‬بصرف النظر عن‬ ‫ثالث ا‪ :‬يبحث علم المصطلح في الطرق العامة‬
‫التطبيقات العملية في لغة طبيعية بذاتها‪ .‬وبذلك ُيصبح ِعلم المصطلح ِعلماً مشتركا بين علوم‬
‫تخصصة‪ُّ .‬‬
‫فكل‬ ‫الم ِّ‬
‫اللغة‪ ،‬والمنطق‪ ،‬والوجود‪ ،‬والمعرفة‪ ،‬والتصنيف‪ ،‬واإلعالميات‪ ،‬والموضوعات ُ‬
‫المعقَّدة بين المفهوم والمصطلح‪.‬‬
‫هذه العلوم تتناول في جانب من جوانبها التنظيم الشكلي للعالقة ُ‬
‫سمات علم المصطلح بخمس‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫وقد حدد فيستر‬
‫‪ )1‬يبحث علم المصطلح في المفاهيم‪ ،‬للوصول إلى المصطلحات التي تعبر عنها‪.‬‬
‫‪ )2‬ينتهج علم المصطلح منهجاً وصفياً‪.‬‬
‫‪ )3‬يهدف علم المصطلح إلى التخطيط اللغوي‪ ،‬ويؤمن بالتقييس والتنميط‪.‬‬
‫‪ )8‬علم المصطلح علم بين اللغات‪.‬‬
‫‪ )8‬يختص علم المصطلح غالباً باللغة المكتوبة‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪H. Felber, Manual of Terminology (Wein: INFOTERM, 1984‬‬
‫‪2‬‬
‫للفرق بين علم المعجم وصناعة المعجم‪ُ ،‬ينظر‪ :‬علي القاسمي‪ ،‬علم اللغة وصناعة المعجم ‪ ،‬بيروت‪ :‬مكتبة لبنان ‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪ ، ،2008‬ص ‪.3‬‬
‫‪3‬‬
‫" المصطلحية والمعجم التقني" لساجر‪ .‬ج ‪ .‬س ‪ ،‬محمد حسن عبد العزيز‪ ،‬مقال في مجلة " اللسان العربي" ‪ ،‬مكتب تنسيق‬
‫التعريب‪ ،‬المغرب ‪ ،‬العدد ‪2011 82‬م‪ ،‬ص ‪.163 -190‬‬
‫‪21‬‬
‫المحاضرة الثالثة‬
‫الجهود العربية القديمة في المصطلحية‬

‫إن معالجة جهود العرب القدماء لمسألة المصطلح ال تخرج عن دائرة االهتمام المبكر التي‬
‫أوالهـا علمـاء االصطالح العـرب والمسلمين للقـرآن الكـريم ‪ ،‬حيث "اهتم العرب منذ عهد مبكر‬
‫بالمصطلحات‪ ،‬وكان القرآن الكريم أهم مصدر‪ ،‬إذ تحولت بعض األلفاظ من معانيها اللغوية إلى‬
‫مصطلحات زخرت بها كتب الفقه ‪ 1".‬فقد عني المسلمون " بمفردات القرآن ‪ ،‬وخاصة ما سمي‬
‫‪2‬‬
‫ومن " األوائل الذين عنوا‬ ‫منها بالغريب ‪ ،‬وشغلوا بتأويلها والبحث في داللتها اللغوية الدقيقة ‪" .‬‬
‫بتفسير القرآن ‪ ،‬وخاصة بمسألة الغريب فيه ‪ ،‬عبد اهلل بن عباس (ت ‪ 86.‬هـ‪ 869/‬م) ‪ .‬فقد‬
‫كانت لهذ الصحابي في مجال التفسير القرآني اجتهادات لغوية كثيرة قد جعلت بعض المحدثيـن‬
‫((‬ ‫))‬ ‫((‬
‫أول دراسة في علم‬ ‫‪ ،‬ويعتبـر تفسيـره‬ ‫رائد الد ارسـات اللغويـة للنصوص العربيـة‬ ‫يعتبـره‬
‫‪3‬‬
‫المفردات عند المسلمين)) ‪".‬‬
‫ومما ال شك فيه فقد كان البحث في غريب المفردات ضمن القرآن الكريم يعتبر البدايات‬
‫األولى نحو االهتمام باأللفاظ من خالل ضبط معانيها وهذا كان كذلك من المؤشرات نحو االهتمام‬
‫بالمصطلح ‪ .‬وعليه لقد كانت عناية واهتمام علماء العرب والمسلمين بالمصطلح‪ ،‬توجهها في ذلك‬
‫مرجعية منهجية ومعرفية تتأسس على " أن معرفة المصطلح تفضي إلى فهم المادة العلمية ‪ ،‬فضال‬
‫على أن توحيد المصطلحات يؤدي إلى انطالق الباحثين والمؤلفين من قاسم مشترك فيما يؤلفون‬
‫‪4‬‬
‫ويكتبون ‪".‬‬
‫ضمن هـذه العالقـة المؤسسة بين المصطلح والمعرفـة المفضية لفهـم المادة العلمية"تجمع كل‬
‫الدراسات والبحوث المصطلحية على أن المصطلحات تمثل مفاتيح العلوم ‪ ،‬وهي نواة وجودها‪ ،‬وال‬

‫‪1‬‬
‫أحمد مطلوب‪ ،‬بحوث مصطلحية ‪ ،‬منشورات المجمع العلمي ‪ ،‬مطبعة المجمع العلمي ‪ ،2008‬العراق ‪ ،‬ط ‪ ،2008‬ص‪.03‬‬
‫‪2‬‬
‫إبراهيم بن مراد‪ ،‬المعجم العلمي العربي المختص ‪ ،‬حتى منتصف القرن الحادي عشر الهجري ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫لبنان ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1113‬ص ‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪4‬‬
‫أحمد مطلوب‪ ،‬بحوث مصطلحية ‪ ،‬ص ‪.03‬‬
‫‪22‬‬
‫يمكن لها أن تؤسس مفاهيمها ومعارفها دون ضبط هذا الجهاز المصطلحي الذي يؤسس هوية كل‬
‫علم من العلوم ‪ 1".‬كما أن " الطريق األسلم والمنهج األحكم إلى أي علم من العلوم ‪ ،‬هو أن يؤتى‬
‫‪2‬‬
‫ذلك العلم من أبوابه ‪ .‬وما من مسلك يتوسل به إلى فتح أبواب العلم غير العلم بمصطلحاته "‬
‫ومن " هنا كانت (علمية ) علم المصطلح تبدأ من كونه حـدد موضوعه في تلك المصطلحـات‬
‫‪3‬‬
‫المفاتيـح ‪ ،‬فكان بذلك (علم مفتاح العلم)‪".‬‬

‫‪ /2‬أسس الصطالح في المصطلحية العربية القديمة‪:‬‬

‫بالنظر لألهمية المركزية التي تبوأها المصطلح ضمن دائرة تقاليـد الثقافة العربية اإلسالمية‪،‬‬
‫باعتباره المنهج األسلم واألحكا م لضبط المعرفة ومدخل أساسي لكل معرفة وعلم ‪ ،‬فقد توجه العلماء‬
‫نحو ضبط مجموعة المفاهيم والشروط المتعلقة بعملية البحث اإلصالحي ‪.‬‬
‫ولقد فهمت هذه العملية (االصطالح) على أنها ‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ : 2/2‬كتاب التعريفات للشريف الجرجاني ‪:‬‬

‫أول ‪ " :‬اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم مما ينقل عن موضعه األول ‪ ،‬واخراج اللفظ من معنى‬
‫‪5‬‬
‫لغوي إلى آخر لمناسبة بينهما ‪".‬‬
‫‪6‬‬
‫ثانيا ‪ " :‬وقيل ‪ :‬االصطالح ‪ :‬اتفاق طائفة على وضع اللفظ بإزاء المعنى ‪".‬‬
‫‪7‬‬
‫ثالثا ‪ " :‬وقيل ‪ :‬االصطالح ‪ :‬إخراج الشيء عن معنى لغوي إلى معنى آخر ‪ ،‬لبيان المراد ‪".‬‬
‫‪8‬‬
‫رابعا ‪ " :‬وقيل ‪ :‬االصطالح ‪ :‬لفظ معين بين قومين معينين "‬

‫‪1‬‬
‫خليفة الميساوي‪ ،‬المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم ‪ 2013 ،‬ص‪.18‬‬
‫‪2‬‬
‫فريدة زمرد ‪ :‬مفهوم التأويل في القرآن الكريم دراسة مصطلحية ‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪4‬‬
‫وهو مصنف مختص في شرح وتحديد مفاهيم أهم المصطلحات وفق مجاالت تداولها واستعمالها وقد صنف هذا الكتاب العالمة‬
‫السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني‪ ،‬كتاب التعريفات ‪ ،‬دار الندى اإلسكندرية ‪ ،‬ط ‪ ، 2008‬ص‪.33‬‬
‫‪5‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪6‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪7‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪8‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫‪23‬‬
‫إن هده المفاهيم التي طرحها وبسط فيها الشريف الجرجاني والمتعلقة بعملية االصطالح عند‬
‫علماء العرب‪ ،‬تحيلنا على منهجهم في معالجة قضايا االصطالح والتي تتأسس على منهج الوضع‬
‫ومدى عالقته بثنائية اللفظ والمعنى سواء في تعريف األشياء أو وضع مسميات لها ‪ .‬فثائية اللفظ‬
‫والمعنى شكلت محور البحث ضمن دائرة اللسانيات العربية ‪ ،‬كما اعتبرت مرتكز بناء عمليات‬
‫االصطالح ‪.‬‬
‫ومما سبق ذكره فعملية االصطالح كما قدمها صاحب كتاب التعريفات فهي تحتكم إلى مجموعة‬
‫من األسس ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬االصطالح ‪ :‬نتاج عملية االتفاق والتي أساسها الوضع ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االصطالح ‪ :‬وضع التسمية لألشياء ويكون ذلك بواسطة باللغة ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬االصطالح ‪ :‬يتأسس على ثنائية اللفظ بالمعنى وعالقتهما بتسمية األشياء ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬االصطالح ‪ :‬ما تأسس على معنيين ‪ ،‬معنى لغوي إلى معنى مجازي ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬االصطالح ‪ :‬عملية تقوم بها فئة متخصصة ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ 0/2‬كتاب الكليات للكفوي‪:‬‬

‫عرف االصطالح بقوله ‪ ":‬هو اتفاق القوم على وضع الشيء ‪ ،‬وقيل إخراج الشيء عن المعنى‬
‫اللغوي إلى معنى آخر لبيان المراد‪ 2".‬فعملية االصطالح عند الكفوي تقتضي ‪:‬‬
‫أول‪ :‬االتفاق القائم ع لى وضع األشياء ‪ ،‬وذلك من خالل وضع تسميات لها قائمة على عالقة‬
‫اللفظ بالمعنى ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إخراج الشيء من المعنى اللغوي إلى معنى آخر‪ ،‬أي‪ :‬قد يكون بإخراج المعنى من معنى‬
‫عام مشترك إلى معنى خاص متخصص ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الكليات ‪ :‬معجم في المصطلحات والفروق اللغوية ألبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي المتوفي سنة ‪1018‬ه ـ ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الكفوي ‪ :‬الكليات تحقيق عدنان درويش ‪ ،‬محمد المصري ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2011‬ص ‪.109‬‬

‫‪24‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ 3/2‬كشاف اصطالحات الفنون والعلوم اإلسالمية ‪:‬‬
‫عرف االصطالح بقوله ‪ ":‬هو العرف الخاص وهو على اتفاق قوم على تسمية شيء باسم بعد‬
‫نقله عن موضوعه األول لمناسبة بينهما كالعموم والخصوص أو لمشاركتها في أمر أو مشابهتها‬
‫في وصف أو غيرها ‪ 2".‬فعلمية االصطالح عن التهانوي تتأسس على ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬العرف الخاص ‪ ،‬وقوامه االتفاق على تسميات خاصة باألشياء ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عملية االصطالح عند العرب تتأسس على منهج قوامه االنتقال من العموم إلى الخصوص ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬قوام عملية االصطالح يتحدد في الوصف‪ ،‬فوضع تسمية لألشياء ‪ ،‬هو وصف لها ‪.‬‬

‫‪ /0‬المصطلحية العربية القديمة والبحث المعجمي‪:‬‬

‫بعدما فرغنا من توضيح مدى ارتباط عملية االصطالح بالنص القرآني ضمن دائرة الثقافة‬
‫العربية اإلسالمية ‪ ،‬ننتقل إلى مسألة منهجية أخرى تتعلق بمدى عالقة البحث المصطلحي عند‬
‫العرب بمباحث المعجمية ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫تصف مباحث علم المعجم (المعجمية) عند اللسانيين المحدثين إلى صنفين كبيرين ‪:‬‬
‫الصنف األول ‪ :‬نظري يتعلق بالمعجمية النظرية ‪،‬أو يسمى عند البعض علم المفردات ‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫ومبحثهما األلفاظ من حيث داللتها واصلوها واشتقاقها ‪.‬‬
‫الصنف الثاني ‪ :‬تطبيقي يتعلق بالمعجمية التطبيقية ويسمى عند البعض المعاجمية ومبحثه‬
‫‪6‬‬
‫تأليف المعاجم وصناعتها ‪ 5،‬ويتصل به مبحثان هما ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫كشاف اصطالحات الفنون والعلوم اإلسالمية ‪ :‬مدونة متخصصة في تعريف المصطلحات والعلوم اإلسالمية لصاحبها محمد بن‬
‫علي ابن القاضي محمد بن حامد ابن محمد صابر الفاروقي الحنفي التهانوي المتوفي سنة ‪1186‬هـ ‪1988 /‬م‬
‫‪2‬‬
‫التهانوي ‪ :‬كشاف اصطالحات الفنون والعلوم اإلسالمية‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬بدون طبعة ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص‪.622‬‬
‫‪3‬‬
‫إبراهيم بن مراد ‪ :‬المعجم العلمي العربي المختص ‪ ،‬حتى منتصف القرن الحادي عشر الهجري ‪ ،‬ص‪.08‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.08‬‬
‫‪5‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪08‬‬
‫‪6‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.08‬‬
‫‪25‬‬
‫أ‪ /‬المبحث األول ‪ " :‬جمع الرصيد المعجمي الذي يدون في المعجم المؤلف ‪ ،‬ويشتمل على مسائل‬
‫من أهمها اثنتان ‪ :‬هما المصادر المعتمدة في الجمع ‪ ،‬والمستويات اللغوية التي تنتمي إليها األلفاظ‬
‫‪1‬‬
‫المدونة ‪".‬‬
‫ب‪ /‬المبحث الثاني ‪ " :‬وهو منهج التدوين – ويسمى(( الوضع )) وهو يشتمل على مسألتين مهمتين‬
‫‪ ،‬هما الترتيب ‪ ،‬والتعريف وهذا الصنف الثاني هو الذي غلب في التراث المعجمي العربي ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وكانت للعرب فيه تجربة رائدة ‪".‬‬
‫ومما سبق البسط فيه فالبحث المعجمي العربي كما تذهب إليه بعض الدراسات الحديثة لم يتناول‬
‫دراسة المفردات واأللفاظ باالعتماد على منهج التنظير والتطبيق‪ ،‬ولكن توسل في دراستها على‬
‫منهج التعميم والتخصيص ومنهج الوضع الذي من قواعده الترتيب والتعريف‪ .3‬كما أن السمة التي‬
‫تميزها بها البحث المعجمي العربي ضمن النظرية اللغوية العربية ‪ ،‬أن المعجم تميز باستقالليته‬
‫عن النحو ‪ ،‬حيث جرى التفريق بين نظ رية المفردات ‪ ،‬إي نظرية المعجم ‪ ،‬ونظرية التراكيب ‪ ،‬أي‬
‫نظرية النحو ‪ 4،‬وهذا بخالف النظريات اللسانية الحديثة التي درست المعجم ضمن التراكيب‬
‫وخاصة منها نظرية النحو التوليدي التحويلي ‪ .‬فنظرية المعجم " ال تزال في الحقيقـة موطـن‬
‫الضعف الكبير في اللسانيـات الحديثـة ‪ .‬فـإن البنيويـة في النصف األول من هذا القرن لم تعط‬
‫المعجم حقه من البحث ثم زادت المدرسة التوليدية في السنوات األربعين المنقضية أمره تعتيما‬
‫))‬
‫بتغليبها المكون التركيبي في البحث اللساني ‪ ......‬وقصرت وظيفته على أن يكون ((ذيال للنحو‬
‫"‪ 5‬وذلك على اعتبار أنه " لم يكن للنحو التوليدي على العموم سوى القليل مما يقوله عن‬
‫المعنى‪ 6".‬و بالرغم من هذا التباين المنهجي مابين البحث المعجمي ضمن دائرة اللسانيات العربية‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.08‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.08‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.08‬‬
‫‪4‬‬
‫إبراهيم بن مراد ‪ :‬مسائل في المعجم ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1119‬ص‪.08‬‬
‫‪5‬‬
‫إبراهيم بن مراد ‪ :‬مقدمة لنظرية المعجم ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1119‬ص‪.08‬‬
‫‪6‬‬
‫ر‪ .‬جاكندوف و ن‪ .‬تشومسكي و ر‪ .‬فندلر ‪ :‬داللة اللغة وتصميمها ‪ ،‬ترجمة محمد غاليم ومحمد الرحالي وعبد المجيد جحفة ‪،‬‬
‫دار توبقال للنشر ‪ ،‬المغرب ‪ ،‬ط‪ ،2009 1‬ص‪.12‬‬
‫‪26‬‬
‫ومباحث المعجم ضمن اللسانيات الغربية ‪ ،‬إال أن البحث المعجمي العربي تم تميز بصنفين من‬
‫‪1‬‬
‫التصنيف‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أول ‪ :‬صنف المعاجم اللغوية العامة‪ :‬يتسم هذا الصنف من المعاجم بالكثرة واالنتشار والشهرة‬
‫وهي " معاجم قد عني مؤلفوها بتدوين ألفاظ اللغة العامة التي استعملها الفصحاء من العرب ‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫سواء في البوادي أو في الحواضر ‪ ،‬مع ميل إلى استعماالت البدو أكبر ‪".‬‬
‫ثانيا ‪ :‬صنف المعاجم المختصة ‪ :‬يتميز هذا الصنف من المعاجم أنها " ليست‪ -‬في الغالب –‬
‫من وضع اللغويين المعجميين ‪ ،‬بل هي من وضع العلماء ‪ ،‬وهي إذن ال تشمل على ألفاظ اللغة‬
‫العامة بل على مصطلحات العلوم والفنون ‪ ،‬فهي إذن في المصطلحات العلمية أو الفنية ‪ ،‬أو‬
‫فيهما معا ‪ 4".‬والدارس لهذا الصنف من المعاجم يجد أنها تضمنت مصطلحات علمية وفنية ‪ ،‬قد‬
‫ظهر جلها في عصر تدوين وجمع اللغة الفصحى أي عصر الحتجاج ‪ 5.‬كما أن هذا الصنف‬
‫المعاجم أي المعاجم المختصة لم تحظ بنفس ما حظيت به المعاجم اللغوية العامة ‪ ،‬بحيث بقي‬
‫باب البحث مغفال في وجه لمعاجم المختصة ‪.‬‬

‫‪ /3‬المصطلحية العربية القديمة ونمو اللغة العربية ‪: 6‬‬


‫من الوسائل التي ساعدت علماء العربية في البحث عن طرق لنو اللغة العربية وتطوير آليات‬
‫البحث المعجمي ووضع المصطلحات العلمية ‪ ،‬نذكر االرتجال‪ ،‬واالشتقاق ‪ ،‬والقياس ‪ ،‬والمجاز ‪،‬‬
‫و التوليد ‪ ،‬واالقتراض ‪ ،‬والنحت‪.7‬‬

‫‪1‬‬
‫إبراهيم بن مراد ‪ :‬المعجم العلمي العربي المختص ‪ ،‬حتى منتصف القرن الحادي عشر الهجري ‪ ،‬ص‪.08‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.08‬‬
‫‪5‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.08‬‬
‫‪6‬‬
‫أحمد مطلوب‪ ،‬كتاب بحوث مصطلحية ‪ ،‬ص ‪.29 ،‬‬
‫‪7‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪27‬‬
‫أ‪ /‬الرتجال ‪ :‬وهـو عملية ووضع كلمات وألفاظ جديدة لم تكن متداولة ومعروفة من قبل‪ 1 ،‬وعادة‬
‫ما يلجأ لهذه الوسيلة المعجمي والمصطلحي والمترجم وحتى المتكلم وذلك يرجع دائما لمقاصد‬
‫تواصلية أو علمية يفرضها المنهج أو الحاجة لذلك ‪.‬‬
‫ب‪ /‬الشتقاق ‪ :‬يعرف على أنه " العلم الباحث عن كيفية خروج الكلم بعضها عن بعض بسبب‬
‫مناسبة بين المخرج والخارج باألصالة والفرعية‪ ،‬وباعتبار جوهرها‪ .‬وانما ذكرنا هذا القيد إذ يبحث‬
‫‪2‬‬
‫في الصرف أيضا عن األصالة والفرعية بين الكلم ‪ ،‬لكن ال بحسب الجوهرية‪ ،‬بل بحسب الهيئة‪".‬‬
‫إن هذا القول يحيلنا على أن األساس في االشتقاق هو إخراج الكلم بعضه عن بعض وذلك وفق‬
‫معيار المناسبة في الجوهر بين المخرج والخارج باألصالة والفرعية نحو نهق ‪ /‬نعق ‪ .‬وهذا بخالف‬
‫الصرف الذي كذلك هو إخراج الكلم بعضه عن بعض على أساس األصلية والفرعية ولكن وفق‬
‫مناسبة تحتكم للهيئة ال للجوهر نحو ضرب‪ /‬الصرب ‪ 3.‬ومنه نصل إلى عالقتين من المناسبة بين‬
‫بين الكلم ‪:‬‬
‫‪ -‬مناسبة الجوهر ‪ :‬وهي سمة متعلقة بالشتقاق قوامها مناسبة جوهر بين الكلم في المخرج‬
‫والخارج باألصالة والفرعية ‪.‬‬
‫‪ -‬مناسبة هيئـة ‪ :‬وهي سمـة متعلقـة بالصرف قوامهـا مناسبــة هيئــة بيـن الكلــم في األصل‬
‫والفرع ‪.‬‬
‫ج‪ /‬القياس ‪ :‬يعرف على أنه " رد الشيء إلى نظيره "‪ 4‬وهو كذلك " حمل مجهول على معلوم‬
‫وحمل غير المنقول على ما نقل وحمل ما لم يسمع على ما سمع في حكم من األحكام وبصلة‬
‫جامعة بينهما ‪ 5".‬ويصنف القياس على أنه وسيلة من وسائل نمو اللغة العربية وتوسعها ‪ ،‬وقد‬
‫اختلف فيه النحاة إلى توجهين‪:6‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪2‬‬
‫أحمد بن مصطفى الشهير بطاش كبرى زادة ‪ :‬مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬
‫بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،2002‬المجلد األول ‪،‬ص ‪.128‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬المجلد األول ‪ ،‬ص‪.128‬‬
‫‪4‬‬
‫الشريف الجرجاني ‪ :‬كتاب التعريفات ‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪5‬‬
‫أحمد مطلوب ‪ :‬بحوث مصطلحية ‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪6‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬التوجه البصري ‪ :‬لم يجيز القياس على األمثلة القليلة والنادرة ‪.‬‬
‫‪ -‬التوجه الكوفي ‪ :‬أ جاز القياس على المثال الواحد ‪ ،‬وقد اخذ الكثير من المحدثين من علماء‬
‫اللغة بقولهم وذلك من أجل أن تتوسع اللغة العربية ‪ .2‬ومنه فالقياس عند علماء اللغة العربية‬
‫يعتبر وسيلة مهمة في وضع المصطلحات وان قيده القدماء ومجمع اللغة العربية بما تقتضيه‬
‫الحاجة للتوسع‪.3‬‬
‫د‪ /‬المجاز ‪ :‬يعرف على أنه " نقل كلمة من المعنى القديم الى معنى جديد مع قرينة تدل على‬
‫ذلك "‪.4‬‬
‫هـ‪ -‬التوليد ‪ :‬يمكن تحديد كلمة التوليد على أن " كلمة المولد " لكلمة جديدة" أو " معنى جديدا‬
‫لكلمة قديمة "‪ 5‬فهو بهذا التعريف عبارة عن خلق وحدات لغوية جديدة ضمن لغة ما ‪.‬‬
‫و‪ -‬القتراض ‪ :‬يعني " مصطلح االقتراض عملية بموجبها يكتسب لسان ما وحدة معجمية تكون‬
‫منصهرة في معجم لسان آخر"‪.6‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫جان بريفو وجان فلرنسوا سابليرول ‪ :‬المولد في دراسة األلفاظ ‪ ،‬ترجمة خالد جهيمة ‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ ،.2010‬ص‪.11‬‬
‫‪6‬‬
‫فرانك نوفو ‪ :‬قاموس علوم اللغة ‪ ،‬ترجمة صالح الماجري ‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬طبعة أولى ‪ ،2012‬ص ‪.99‬‬
‫‪29‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬

‫الجهود العربية الحديثة في المصطلحية‬

‫ِ‬
‫المجامعُ اللغوية في العواصم العربية أبحاثاً في أُسس وضع المصطلحات العلمية والتقنية في‬ ‫تُجري‬
‫اللغة العربية‪ .‬وفي عام ‪1181‬م‪ ،‬أناطت (جامعةُ الدول العربية) مهمةَ تنسيق المصطلحات في‬
‫الوطن العربي بـ (مكتب تنسيق التعريب بالرباط)‪ 1‬الذي شجع األبحاث اللغوية والمعجمية‪،‬‬
‫ونشر عدداً غفي اًر منها‬
‫َ‬ ‫والدراسات المتعلِّقة بمشكالت المصطلحات العلمية والتقنية باللغة العربية‪،‬‬
‫المكتب بصورة دورية‬ ‫ُ‬ ‫في مجلته " اللسان العربي " التي صدر عددها ‪ 86‬عام ‪2008‬م ‪ .2‬وينظم‬
‫َّ‬
‫الموحدة في العلوم‬ ‫ات ومؤتمرات للتعريب‪ ،‬حسب خطة تهدف إلى توفير المصطلحات العربية‬ ‫ندو ٍ‬
‫المكتب ( ندوة توحيد منهجيات وضع المصطلح العلمي) في الرباط في الفترة‬
‫ُ‬ ‫والتكنولوجيا‪ .‬وقد عقد‬
‫ما بين ‪ 20/16‬من شهر فبراير ‪1160‬م‪.‬‬
‫وقد أقرت هذه الندوة المبادئ اآلتية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ضرورة وجود مناسبة أو مشاركة أو مشابهة بين مدلول المصطلح اللغوي ومدلوله‬
‫االصطالحي ‪ ،‬وال يشترط في المصطلح أن يستوعب كل معناه العلمي‪.‬‬

‫‪ 1‬جاءت فكرة إنشاء مكتب تنسيق التعريب‪ ،‬في إطار تصور جهاز عربي متخصص‪ُ ،‬يعنى بتنسيق جهود الدول العربية في مجال‬
‫تعريب المصطلحات الحديثة‪ ،‬والمساهمة الفعالة في إيجاد أنجع السبل الستعمال اللغة العربية في الحياة العامة‪ ،‬وفي جميع مراحل‬
‫التعليم‪ ،‬وفي كل األنشطة الثقافية والعلمية واإلعالمية‪ ،‬ومتابعة حركة التعريب في جميع التخصصات العلمية والتقنية‪ .‬وقد اقتنعت‬
‫الدول العربية بدور هذا الجهاز وبأهمية إحداثه‪ ،‬فانعقدت ‪-‬تنفيذاً لتوصيات مؤتمر التعريب األول الذي التأم بالرباط سنة‪-1181‬‬
‫ُُلحق باألمانة العامة لجامعة الدول العربية في مارس ‪.1181‬‬
‫الدورة األولى لمجلسه التنفيذي بالرباط في ‪ 11‬فبراير ‪ ،1182‬ثم أ ُ‬
‫وعند قيام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم كوكالة متخصصة في نطاق جامعة الدول العربية في يوليو ‪ ،1190‬اُلحق بها هذا‬
‫الجهاز في مايو‪/‬أيار ‪ ،1192‬وكان يسمى آنذاك ( المكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي)‪ ،‬وتم إقرار نظامه الداخلي من‬
‫قبل المجلس التنفيذي للمنظمة في دورته الثامنة المنعقدة بالقاهرة من ‪ 1/29‬إلى ‪ ،1193/2/3‬ووفق ق اررات المجلس التنفيذي‬
‫للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬في دورته الرابعة والستين لسنة ‪ ،1118‬في موضوع دراسة أوضاع األجهزة الخارجية‬
‫للمنظمة‪ ،‬وتقييم أدائها واستشراف مستقبلها‪ ،‬تمت الموافقة على الهيكل التنظيمي للمكتب في الدورة السابعة والستين للمجلس التنفيذي‬
‫للمنظمة سنة ‪.1116‬‬
‫‪2‬‬
‫ينظر‪ :‬اعمال مكتب تنسيق التعريب بالرباط في مجلة " اللسان العربي " العدد ‪2008 ،86‬م‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ - 2‬وضع مصطلح واحد للمفهوم العلمي الواحد ذي المضمون الواحد في الحقل الواحد ‪.‬‬
‫‪ - 3‬تجنب تعدد الدالالت للمصطلح الواحد في الحقل الواحد ‪ ،‬وتفضيل اللفظ المختص على اللفظ‬
‫المشترك‪.‬‬
‫‪ - 8‬استقراء واحياء التراث العربي وخاصة ما استعمل منه ‪ ،‬أو ما استقر من مصطلحات علمية‬
‫عربية صالحة لالستعمال الحديث وما ورد فيه من ألفاظ معربة‪.‬‬
‫‪ - 8‬مسايرة المنهج الدولي في اختيار المصطلحات العلمية ‪ :‬وهذا المنهج يتمثل في‪:‬‬
‫أ ‪ -‬مراعاة التقري ب بين المصطلحات العربية والعالمية لتسهيل المقابلة بينهما للمشتغلين‬
‫بالعلم والدارسين‪.‬‬
‫ب ‪ -‬اعتماد التصنيف العشري الدولي لتصنيف المصطلحات حسب حقولها وفروعها‪.‬‬
‫ج ‪ -‬تقسيم المفاهيم واستكمالها وتحديدها وتعريفها وترتيبها حسب كل حقل‪.‬‬
‫د ‪ -‬اشتراك المختصين والمستهلكين في وضع المصطلحات ‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬مواصلة البحوث والدراسات ليتيسر االتصال بدوام بين واضعي المصطلحات‬
‫ومستعمليها‪.‬‬
‫‪ - 8‬استخدام الوسائل اللغوية في توليد المصطلحات العلمية الجديدة باألفضلية طبقاً للترتيب‬
‫اآلتي‪ :‬التراث فالتوليد(بما فيه من مجاز واشتقاق وتعريب ونحت)‪.‬‬
‫‪ - 9‬تفضيل الكلمات العربية الفصيحة المتواترة على الكلمات المعربة‪.‬‬
‫‪ - 6‬تجنب الكلمات العامية إال عند االقتضاء بشرط أن تكون مشتركة بين لهجات عربية عديدة ‪،‬‬
‫وأن يشار إلى عاميتها بأن توضع بين قوسين‪.‬‬
‫‪ - 1‬تفضيل الصيغة الجزلة الواضحة ‪ ،‬وتجنب النافر والمحظور من األلفاظ‪.‬‬
‫‪ - 10‬تفضيل الكلمة التي تسمح باالشتقاق على الكلمة التي ال تسمح به‪.‬‬
‫‪ -11‬تفضيل الكلمة المفردة ألنها تساعد على تسهيل االشتقاق والنسبة واإلضافة والتثنية والجمع‪.‬‬
‫‪ -12‬تفضيل الكلمة الدقيقة على الكلمة العامة أو المبهمة ‪ ،‬ومراعاة اتفاق المصطلح العربي من‬
‫المدلول العلمي للمصطلح األجنبي ‪ ،‬دون تقيد بالداللة اللفظية للمصطلح األجنبي ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -13‬في حالة المترادفات أو القريبة من الترادف تفضل اللفظة التي يوحي جذرها بالمفهوم األصلي‬
‫بصفة أوضح‪.‬‬
‫‪ -18‬تفضيل الكلمة الشائعة على الكلمة النادرة أو الغريبة إال إذا التبس معنى المصطلح العلمي‬
‫بالمعنى الشائع المتداول لتلك الكلمة‪.‬‬
‫‪ -18‬عند وجود ألفاظ مترادفة أو متقاربة في مدلولها ‪ ،‬ينبغي تحديد الداللة العلمية الدقيقة لكل‬
‫واحدة منها ‪ ،‬وانتقاء اللفظ العلمي الذي يقابلها ‪.‬‬
‫‪ -18‬مراعاة ما اتفق المختصون على استعماله من مصطلحات ودالالت علمية خاصة بهم ‪،‬‬
‫معربة كانت أو مترجمة‪.‬‬
‫‪ -19‬التعريب عند الحاجة وخاصة المصطلحات ذات الصيغة العالمية ذات األصل اليوناني أو‬
‫الالتيني أو العناصر والمركبات الكيماوية‪.‬‬
‫‪ -16‬عند تعريب األلفاظ األجنبية يراعي ما يأتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬ترجيح ما سهل نطقه في رسم األلفاظ المعربة عند اختالف نطقها في اللغات األجنبية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬التغيير في شكل المصطلح حتى يصبح موافقاً للصيغة العربية ومستساغاً‬
‫ج‪ -‬اعتبار المصطلح المعرب عربيا ‪ ،‬يخضع لقواعد اللغة ويجوز فيه االشتقاق والنحت‬
‫وتستخدم فيه أدوات البدء واإللحاق ‪ ،‬مع موافقته للصيغة العربية‪.‬‬
‫د‪ -‬تصويب الكلمات العربية التي حرفتها اللغات األجنية واستعمالها باعتماد أصلها الفصيح‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬ضبط المصطلحات عامة والمعرب منها خاصة بالشكل حرصا على صحة نطقه ودقة‬
‫أدائه‪.‬‬
‫المعجمية‬
‫ّ‬ ‫جمعية‬
‫ومن المؤسسات العربية التي تنشط في البحث المعجمي والمصطلحي‪ّ ( ،‬‬
‫العربية بتونس)‪ ،1‬فقد نظمت بمدينة تونس ندوة علمية دولية في موضوع " المعجم العربي‬
‫ّ‬

‫‪1‬‬
‫جمعية المعجمية العربية هي هيئة علمية تأسست بتونس عام ‪1163‬م وتهتم بالبحث المعجمي لما يهم العربية‪ .‬وقد اعتنت خاصة‬
‫بالمعجم التاريخي ونظمت لذلك ندوة علمية دعت لها اللغويين العرب‪ .‬صدرت عن هذه الجمعية مجلة علمية متخصصة تسمى‬
‫مجلة "المعجمية ‪".‬ترأس هذه الجمعية األستاذ محمد رشاد الحمزاوي ويترأسها منذ عام ‪1118‬م األستاذ إبراهيم بن مراد‪ .‬وعندما‬
‫تأسست جمعية المعجمية العربية‪ ،‬اهتمت بموضوع المعجم التاريخي فخصته بندوتها العلمية الدولية الثانية عام ‪ ،1161‬وأُنشئ عام‬
‫‪ 1110‬مشروع (المعجم العربي التاريخي )بتمويل من الحكومة التونسية‪ ،‬ولكن هذا المشروع قد توقف‪ ،‬ثم أعيد العمل فيه عام‬
‫‪32‬‬
‫المختص" في المدة من ‪ 11/19‬افريل ‪1113‬م ونشرت أعمالها في كتاب ‪ ،‬ونظمت ندوتها الدولية‬
‫الرابعة في موضوع " مشكالت التعريف في المعجم " بمدينة تونس في المدة من ‪ 28/22‬اوت‬
‫‪2008‬م‪.‬‬
‫المعجمية“‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كما تصدر الجمعية دورية بعنوان ”مجلة‬
‫المعجمية) التي تنظم ندوات حول قضايا‬
‫ّ‬ ‫المغربية للدراسات‬
‫ّ‬ ‫وفي المغرب توجد (الجمعية‬
‫المعجم العربي‪ ،‬وتُ ِ‬
‫صدر مجلة "الدراسات المعجمية" التي ظهر عددها الخامس في يناير ‪2008‬‬
‫وهو مخصص ألعمال الندوة التي عقدتها الجمعية حول " المتالزمات في المعاجم العربية"‪.‬‬
‫المصرية لتعريب العلوم)‬
‫ّ‬ ‫الجمعية‬
‫ّ‬ ‫ومن الجمعيات المتخصصة في المصطلح العلمي العربي (‬
‫التي يرأسها عالِم األحياء المصري الدكتور عبد الحافظ حلمي ويتولى أمانتها المهندس اإللكتروني‬
‫الدكتور محمد يونس الحمالوي‪ .‬وتعقد هذه الجمعية مؤتم اًر سنوياُ في القاهرة تُ َّ‬
‫قدم فيه دراسات في‬
‫النظرية العامة والنظرية الخاصة لعلم المصطلح ‪.‬‬

‫‪ .1118‬ولعل سبب تعثره يعود إلى عدم تفرغ القائمين على المشروع‪ .‬ولهذا فإن اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية قرر إنشاء‬
‫مؤسسة مستقلة تتفرغ لتأليف المعجم التاريخي للغة العربية‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬
‫الجهود الغربية في المصطلحية‬
‫المدارس المصطلحية‪:‬‬

‫عرفت المقاربات النظرية والمنهجية للظاهرة المصطلحية اختالفاً في المنطلقات واألهداف من‬
‫مدرسة ألخرى ‪ ،‬والظاهر أن هذا االختالف أيضاً يرجع إلى التقاليد السائدة عند األمم والشعوب في‬
‫تصور اللغة العلمية ومكوناتها ‪ ،‬وعموما يمكن أن نشير إلى أبرز المدارس المصطلحية الغربية‬
‫وهي‪:‬‬

‫أولا‪ :‬المدرسة األلمانية – النمساوية‪:1‬‬

‫تنطلق هذه المدرسة المصطلحية في نظريتها من أطروحة النمساوي فيستر التي قدمها إلى جامعة‬
‫برلين عام ‪1131‬م بعنوان ( التقييس الدولي للغة التقنية)‪ .‬وكان فيستر يتبنى اتجاهاً فلسفياً ينظر‬
‫إلى المصطلحات بوصفها وسيلة اتصال لصيقة بطبيعة المفاهيم‪.‬‬
‫ويمكن إجمال التصور العام لهذه المدرسة في المبادئ اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬يعد النسق المفهومي نسقاً جوهرياً في مصطلحات كل علم ‪ ،‬فتصنيف‬
‫المفاهيم يأتي بعد تصنيف المصطلحات‪.‬‬
‫‪ -2‬النسق المفهومي نسق منطقي تخضع فيه المفاهيم لتسلسل بنيوي ‪ ،‬ذلك أن المفاهيم تُ َّ‬
‫حدد في‬
‫عالقة بعضها ببعض‪.‬‬
‫‪ -3‬الداللة األحادية خاصية أساسية في المصطلح ‪ ،‬وبحكم هذا المبدأ ُرفضت ظاهرتا المشترك‬
‫اللفظي والترادف ‪ ،‬وقامت بالمقابل الدعوة إلى توحيد المصطلح‪.‬‬
‫‪ -8‬يحتل التعريف موقع ًا أساسياً في النسق المصطلحي ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Maria Teresa Cabré, La terminologie théorie-méthode et applications, les prosses de‬‬
‫‪l’université d’ottawa, p : 37-38 .‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬علم المصطلح‪ ،‬علي القاسمي‪ ،‬ص‪.2 :‬‬
‫‪34‬‬
‫‪ -8‬يشكل التوثيق شقاً ضرورياً لكل عمل مصطلحي ‪ ،‬وبموجب هذا المبدأ ينفتح علم المصلح‬
‫على علم التصنيف وتقنياته‪.‬‬

‫ثاني ا ‪ :‬المدرسة السوفيتية‪:1‬‬

‫ترجع البدايات األولى للمدرسة السوفيتية إلى بداية العقد الثالث من القرن العشرين‪ ،‬شأنها شأن‬
‫المدرسة األلمانية – النمساوية ‪ .‬ومن أشهر أعالمها ”لوط“ و“ كندلكي“ ‪ ،‬و ” ديرزن“‪.‬‬
‫ومن الثوابت المركزية لهذه المدرسة نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬علم المصطلح تخصص معرفي تطبيقي من حيث كونه يبحث عن حلول لمشاكل تتصل‬
‫بممارسة فعل االصطالح في المجاالت العلمية والتقنية ‪ ،‬ومن أهمها مشكلة توحيد المصطلحات ‪،‬‬
‫ومشكل التوليد‪.‬‬
‫‪-2‬وجوب العناية في أي عمل مصطلحي بتعيين المصطلح ومميزاته ‪ ،‬وتعريف المفهوم ‪ ،‬وتمييز‬
‫النسق المصطلحي عن مدونة المصطلحات‪.‬‬
‫‪ -3‬موضوع علم المصطلح ذو طابع لغوي ‪ ،‬ومن هنا فإن الحلول الممكنة للمشاكل المذكورة آنفاً‬
‫يجب أن تكون حلوالً لسانية ‪ ،‬مما يعني أن الطابع العام للتصور المقترح للظاهرة المصطلحية هو‬
‫طابع لساني ‪ ،‬وهذا يقلص بطبيعة الحال من أهمية البعد الفلسفي ‪.‬‬
‫‪ -8‬التوحيد المصطلحي نهج يجب أن تراعى فيه االعتبارات االجتماعية اللسانية‪.‬‬

‫ثالث ا‪ :‬المدرسة الفرنسية‪:2‬‬

‫يغلب على األبحاث المصطلحية للمدرسة الفرنسية الطابع اللساني واالجتماعي ‪ ،‬وقد ظهرت أولى‬
‫مالمحها مع األعمال الرائدة للساني الفرنسي ”كيلبير“ ومن أعالمها البارزين ” راي“ و“ ديبوا“ و“‬
‫دوبوف“ ‪ ،‬و“ دوبيسي“ ‪ .‬أما االختيارات العامة للمدرسة الفرنسية في تمثل الظاهرة المصطلحية‬
‫فيمكن إجمالها في النقاط اآلتية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪1- Maria Teresa Cabré, La terminologie théorie-méthode et applications, les prosses de‬‬
‫‪l’université d’ottawa, p : 37-38 .‬‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬علم المصطلح‪ ،‬علي القاسمي‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪2‬‬
‫ينظر‪ :‬خليفة الميساوي‪ ،‬المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫‪35‬‬
‫‪ -1‬إنشاء نظرية لالشتقاق المعجمي خاصة بتوليد المصطلح ‪ ،‬برزت معالمها الرئيسة في أعمال‬
‫كيلبير‪.‬‬
‫‪ -2‬البحث في داللة الحقول للكشف عن اآلليات المساعدة على وضع تصور قد يساهم في‬
‫تصنيف المصطلحات داخل أنساقها‪.‬‬
‫‪ -3‬االشتغال بخصائص التعريف المصطلحي في ضوء تعدد أنماطه‪.‬‬

‫رابع ا‪ :‬المدرسة التشكوسلوفاكية‪:1‬‬

‫انطلق البحث المصطلحي في هذه المدرسة مع بداية العقد الثالث من القرن العشرين ‪ ،‬إال أنه كان‬
‫موجها بغرضين اثنين ‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬الدفاع عن لغتين ‪ :‬اللغة التشيكية واللغة السالفية ‪.‬‬
‫ثانيهما ‪:‬الحرص على استمرار ثقافتي الشعبين التشيكي والسالفي ‪.‬‬
‫وقد اتضحت هاتان الغايتان مع إنشاء ” أكاديمية العلوم التشيكية ” و“ أكاديمية العلوم السلوفاكية“‬
‫ومن أبرز أعالم هذه المدرسة ”ككوريك ” ‪ ،‬و“دروزد“‪.‬‬
‫أما أبرز المحاور التي تستأئر باهتمام الباحثين في هذه المدرسة فهي‪:‬‬
‫‪ -1‬التوحيد المصطلحي على الصعيدين الوطني والدولي‪.‬‬
‫‪ -2‬وضع المشاكل المصطلحية في اإلطار اللساني البنيوي الوظيفي الذي أرست معالمه مدرسة‬
‫براغ اللسانية‪.‬‬
‫‪ -3‬تأكيد خصوصيات الوحدة المصطلحية والطبيعة الخاصة للعالقة القائمة بين المفهوم والتسمية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬المدرسة الكندية – الكيبيكية‪:‬‬

‫تعد هذه المدرسة حديثة العهد بالمدارس السابقة ‪ ،‬ذلك أن ميالدها يرجع إلى بداية العقد‬
‫السادس من القرن العشرين ‪ ،‬وتتميز هذه المدرسة بمزجها بين بعض مبادئ المدارس المصطلحية‪.‬‬
‫ومن أشهر روادها‪” :‬روندو ” و بولنجي“ ‪.‬‬
‫أما خصائصها يمكن إجمالها باآلتي ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫المدارس اللسانية‪ :‬أعالمها‪ ،‬مبادئها ومناهج تحليلها لألداء التواصلي ‪ ،‬أحمد عزوز‪ ،‬دار آل رضوان‪ ،‬وهران‪ ،‬ط‪ ، 2006، 2‬ص‬
‫‪ -131‬ص ‪.291‬‬
‫‪36‬‬
‫‪ -1‬للمفهوم موقع مركزي في البحث المصطلحي ‪.‬‬
‫‪ -2‬مراعاة مشاكل الترتيب المصطلحي في التمييز بين الكلمات العامة والمصطلحات‪.‬‬
‫‪ -3‬العمل على بيان األسباب الموضوعية التي تحول دون وجود نمط واحد للتعريف‪.‬‬
‫‪ -8‬وضع مسألة التوحيد المصطلحي في سياق أبعادها االجتماعية واللسانية‪.‬‬

‫سادس ا‪ :‬المدرسة البريطانية ‪:‬‬

‫تتميز المدرسة البريطانية عن كل المدارس التي تقدم ذكرها بإدراجها القضايا المصطلحية‬
‫النظرية منها أو التطبيقية ضمن إطار مجموع القضايا التي تهم اللغات الخاصة ‪ ،‬ومن أهم‬
‫محاورها نذكر ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬االهتمام بأشكال الفروق بين المصطلحات وغيرها من كلمات اللغة العامة على جميع‬
‫المستويات اللغوية الداللية والصرفية منها بوجه خاص‪.‬‬
‫‪ -2‬البحث في أنساق المفاهيم ‪.‬‬
‫‪ -3‬البحث في شبكات البنوك المصطلحية‪.‬‬

‫المصطلحية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫النظريات‬

‫يضم الحقل المصطلحي نظريات عديدة تروم إلى عرض الظاهرة المصطلحية في تصور يلم بكل‬
‫جوانبها‪ ،‬وقد شهد القرن العشرين تطو ار ملحوظا وانفتاحا كبي ار على أبعاد حديثة بالنسبة إلى‬
‫البحوث المصطلحية مما أدى إلى والدة نظريات مصطلحية بشكل سريع‪ ،‬ولخصت هذه النظريات‬
‫في أربعة أنواع من خالل الجوانب المحيطة بالمصطلح‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬النظرية المتصورية‬
‫‪ -‬النظرية المفهومية‬
‫‪ -‬النظرية الداللية‬
‫‪ -‬النظرية االجتماعية التواصلية ‪.‬‬
‫وهذا ما سنتعرض له في هذا الفصل‪ ،‬لكن قبل الخوض في هذه النظريات المصطلحية‪ ،‬نتطرق‬
‫أوال إلى مفهوم النظرية في اللغة واالصطالح حيث أن النظرية لغة هي‪ :‬أبصر الشيء ورآه ‪.‬‬
‫وتتكرر الدعوة إلى النظر في تركيب اإلنسان والحيوان والنبات‪ ،‬وحال المجتمعات والحضارات في‬
‫‪37‬‬
‫‪1‬‬
‫السماوات واألرض﴾‪ .‬سورة يونس‬
‫كثير من اآليات القرآنية ‪ ،‬لقوله تعالى‪﴿ :‬قل انظروا ماذا في ّ‬
‫اآلية ‪.101‬‬

‫التصورية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫هي ‪" :‬الصورة الذهنية التي تستند عليها الكلمة عند السامع أو التي يفكر فيها المتكلم" وهي عند‬
‫بعض األصوليين مثل الحويني وفخر الدين الرازي الذي يقول بأن األلفاظ المفردة ما وضعت‬
‫للموجودات بل للمعاني الذهنية‪ ،‬وتبعه البيضاوي وابن الزملكاني‪ ،‬والقرطبي‪.‬‬
‫النظرية التصورية عند الغربيين ‪ :‬نجد عندهم نظريات متقاربة حول اعتبارات المعنى صورة ذهنية‬
‫أو‪ -‬مفهوما فكريا‪ ،‬ومن صورها‪.‬‬
‫نظرية الفكر الذهني عند الفيلسوف لوك ‪ Locke‬الذي يرى أم المعنى لها وجود م ستقل في الذهن‬
‫في شكل صورة ذهنية ًنتجة عن تشكيل حواسنا لها في الذهن‪ ،‬وهذه الصورة قد تكون بسيطة كفكرة‬
‫اللون األصفر واألزرق‪ ،‬وقد تكون معقدة ومركبة من صور بسيطة مثاال فكرة كرة الثلج مركب من‬
‫األبيض‪ ،‬بارد‪ ،‬والكلمات في األصل ال تمثل شيئاا بل الذي يعطيها معنى هي األفكار التي في‬
‫ذهن مستعملها‪.3‬‬
‫النظرية التصورية عند ‪ Richard‬و ‪ Ogden‬ريتشارد وأوغدان قدم هذان الفيلسوفان نظرية تحليلية‬
‫الفكرة‬ ‫لعناصر الداللة في مثلهما المشهور‪:‬‬

‫عالقة اعتباطية‬ ‫عالقة اشارية‬

‫عالمة‬ ‫عالقة غير مباشرة‬ ‫مشار إليه في العالم‬

‫‪1‬‬
‫محمد مداني‪ ،‬محاضرات في مادة النظريات التربوية‪ ،‬جامعة خميس مليانة‪ ،‬الجزائر‪ 2016/2019 ،‬م‪ ،‬ص‪.03 :‬‬
‫‪2‬‬
‫غاليم محمد‪ ،‬المعنى والتوافق‪ :‬مبادئ لتأصيل البحث الداللي العربي‪ ،‬معهد الدراسات واألبحاث للتعريب‪ ،‬الرباط ‪ 1111‬ص‪:‬‬
‫‪.89‬‬
‫‪3‬عمر أحمد مختار‪ ، ،‬علم الداللة‪ ، 1116 ،‬ص‪.89 :‬‬

‫‪38‬‬
‫ونظريتهما هذه ليست تصورية بحتة وانما حالت أن تبين أن الداللة هي محصلة عالقة بين‬
‫عنصرين اثنين‪:‬‬
‫‪ - 1‬العالقة بين العالمة والفكرة مباشرة واعتباطية ‪.‬‬
‫‪ - 2‬العالقة بين العالمة والمشار إليه‪ ،‬عالقة غير مباشرة وال تكون إال عن طريق الفكرة لذا رسم‬
‫خط متقطع بين العالمة والمشار إليه‪.‬‬
‫تعليق أولمان على نظرية ريتشاردز وأوغدن‪:‬‬
‫أدخلت في المعنى عنص ار زائدا خارجا عن اللغة هو المشار إليه الذي قد يبقى كما هو ولكن معناه‬
‫يتغير‪ :‬الخمر) رمز الضيافة في الخبائث في اإلسالم (بينت ما تمثله الكلمة بالنسبة للسامع ولكنها‬
‫أهملت وجهت نظر المتكلم‪.‬‬
‫‪ -‬السامع‪ :‬يسمع كلمة شجرة يفكر في شجرة‪.‬‬
‫‪ -‬المتكلم‪ :‬يفكر في الشجرة ينطق بالكلمة الشجرة‪.‬‬
‫فريتشاردز وأوغدن أهمال أحد طرفي هذه العالقة المتبادلة التي هي في الحقيقة تمثل المعنى‪.‬‬
‫التصورية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫ما أخذ على‬
‫‪ - 1‬المعنى الذي تقدمه النظرية غير واضح ألن الصور الذهنية للشيء الواحد متعددة ومختلفة‪،‬‬
‫فمثال الشكل الهندسي للمثلث يختلف من شخص آلخر‪.‬‬
‫‪ - 2‬هناك تعبيرات مختلفة قد يكون لها صورة ذهنية واحدة‪ ،‬فلو رأيت طفاال من بعيد يضرب‬
‫األرض‪ -‬بقدميه‪ ،‬فلربما قلت "إنه يتألم"‪ ،‬أو "يدهش حشرة ليقتلها"‪ ،‬أو "أنه يلعب‪" .‬‬
‫‪ - 3‬هناك ألفاظ لها صور ذهنية مبهمة وغير واضحة المعالم ويختلف الناس فيهم اختالفا كبيرا‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫خاصة تلك األشياء الوهمية‪ ،‬وكذلك التي لها معنى عقلي كالظن والشك‪ ،‬والحب‪ ،‬والصدق‬
‫‪ - 8‬من أقوى االعتراضات على هذه النظرية ما وجهه إليها السلوكيون بأنا تتحدث عن أشياء ال‬
‫تخضع للنظر للعلمي واالختبار كالفكرة والصور الذهنية‪. 2‬‬

‫‪1‬‬
‫جحفة عبد المجيد‪ ،‬مدخل الداللة الحديثة ‪ 2013 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد سعد محمد‪ ،‬في علم الداللة ‪ ،‬مكتبة زهراء الشرق ‪ ،‬ص ‪. 88 ، 88‬‬
‫‪39‬‬
‫وجدت الصورة الكالسيكية للنظرية التصورية ‪ Ideational theory‬أو ‪ ، Image theory‬أو‬
‫النظرية العقلية ‪ Mentalistic theory‬عند الفيلسوف االنجليزي ‪( John Locke‬القرن‪ )19‬الذي‬
‫يقول‪ » :‬استعمال الكلمات يجب أن يكون اإلشارة الحساسة إلى األفكار‪ ،‬واألفكار التي تمثلها تعد‬
‫مغزاها المباشر الخاص »‪.‬‬
‫وهذه النظرية تعتبر اللغة وسيلة أو أداة لتوصيل األفكار أو تمثيال خارجيا ومعنويا لحالة داخلية‪.1‬‬
‫وما يعطي تعبي ار لغويا معنى معينا استعماله باطراد في التفاهم كعالمة على فكرة معينة‪.‬‬
‫األفكار التي تدور في أذهاننا تملك وجودا مستقال‪ ،‬ووظيفة مستقلة عن اللغة‪ ،‬وانه فقط شعور‬
‫بالحاجة إلى نقل أفكار الواحد إلى اآلخر الذي يجعلنا نقدم دالئل (قابلة للمالحظة على المستوى‬
‫العام) على أفكار الخاصة التي تعتمل في أذهاننا‪.‬‬
‫وهذه النظرية تقتضي بالنسبة لكل تعبير لغوي‪ ،‬أو معنى متميز للتعبير اللغوي أن يملك فكرة‪،‬‬
‫وهذه الفكرة يجب‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن تكون حاضرة في ذهن المتكلم‪.‬‬
‫‪ - 2‬المتكلم يجب أن ينتج التعبير الذي يجعل الجمهور يدرك أن الفكرة المعينة موجودة في عقله‬
‫في ذلك الوقت‪.‬‬
‫‪ - 3‬التعبير يجب أن يستدعي نفس الفكرة في عقل السامع‪.2‬‬
‫وهذه النظرية هي ذات األصول الفلسفية‪ ،‬والمتصور هو عنصر فكري وتكوين ذهني يمثل‬
‫موضوعا فكر يا ذاتيا‪ . 3‬وعرف (إيف جنيتيوم( ‪ Genetium‬المتصور والمفهوم على أنه "عبارة‬
‫عن محتوى قابل للوصف بواسطة تعريف معجمي في مقابل المتصور‪ ،‬وهو محتوى يتم تحديده‬
‫بالكامل بواسطة تعريف الزم" ‪.4‬‬
‫حيث كانت اهتمامات هذه النظرية كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬تبحث في الخصائص الذهنية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Semantic Theory, p :15 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Theories of Meaning, P : 32-34.‬‬
‫‪3‬‬
‫خليفة الميساوي‪ ،‬المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها ‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫‪ -‬تهتم بالفكر الذي يمر به المتصور قبل أن يصير مفهوما له معنى ‪.‬‬
‫‪ -‬تهتم بتكوين المحتوى القصدي الذي يحدد الخصائص الفكرية للمتصور أي توجه الفكر نحو‬
‫موضوع ما‪.‬‬
‫‪ -‬تهتم بجمع المعلومات الفكرية تحت محتوى تصوري واحد إلنتاج مفاهيم أساسية له ‪.‬‬
‫وتقوم النظرية المتصورية على ركيزتين اثنين هما‪ :‬تكوين المتصور وطريقة انتظامه مع بقية‬
‫ثم تتفرع عنه المتصورات الفرعية األخرى‬
‫المتصورات في الفكر‪ ،‬حيث يكون المتصور رئيسي ا َّ‬
‫لتندرج تحتها مفاهيم تُن تِج منظومة اصطالحية يحدث بينها تفاعل ثم يتولد عنها معنى في حقل‬
‫معرفي معين‪ ،‬وفي عالقة هذه النظرية بالنظرية المصطلحية‪ ،‬فهي تهتم بسجية المتصور وما‬
‫تجمعه من عالقات في الفكر مع بقية المتصورات‪ ،‬كان رأي "تيري از كابري" بالنسبة للقضايا التي‬
‫تبحث فيها المصطلحية في عالقاتها بهذه النظرية‪ ،‬وهي ثالث قضايا‪ ،‬أولها اكتساب المعرفة‪،‬‬
‫ثانيها تكوين المتصورات‪ ،‬وأخي ار تنظيم المتصورات في الفكر" ‪.1‬‬
‫ب مشكلة في النظرية المصطلحية‬
‫إن الخلط في عنصر التناسب الداللي بين المتصور والمفهوم َسب َ‬
‫وفي إطار التفريق بينهما يعرف المفهوم على أنه "وحدة فكرية مكونة من تجريد بعض الخصائص‬
‫المشتركة لمجموعة من األشياء" ‪ .2‬فكال من المتصور والمفهوم يمثل صورة ذهنية غير أن‬
‫المتصور ال شكل له في ال لسان‪ ،‬أما المفهوم فيؤول إلى مصطلح‪ ،‬ومن الصعب أن يحدث‬
‫التطابق بينهما (المفهوم والمتصور) في النظرية المصطلحية‪.3‬‬
‫ضمن النظريات المصطلحية يتطابق مع ما جاء في‬‫فكل ما يخص هذه النظرية التي هي ِ‬
‫جد فيها النظرية المتصورية التي ترتكز على ما هو موجود في الذهن‬
‫النظريات الداللية حيث ن ُ‬
‫والتي تعود لمؤسسها االنجليزي (جون لوك( ‪ John Loke‬حيث أطلق عليها تسمية النظرية‬
‫العقلية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خليفة الميساوي‪ ،‬المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.88‬‬

‫‪41‬‬
‫المفهومية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬
‫تقوم النظرية المفهومية على منهج مؤسس على ثالث مراحل وهي‪:‬‬
‫‪ - 1‬مرحلة التأسيس الداخلي للمضمون المفهومي‪ :‬باعتبار المفهوم صورة يتم إدراك‬
‫الخصائص التمييزية له وتحديده في حد ذاته‪.‬‬
‫المفاهيمية‪ :‬المفهوم عبارة عن منظومة من العالقات المفاهيمية لها بعد‬
‫ّ‬ ‫‪ - 2‬مرحلة العالقات‬
‫تصوري واحد يتم فيها تحديد قيمته وما يتميز به على غرار بقية المفاهيم‪ ،‬فيحدد وفق العالقات مع‬
‫غ يره‪ ،‬وهذه المرحلة تحيلنا إلى نظرية الحقول الداللية‪.‬‬
‫‪ - 3‬أما المرحلة الثالثة فهي همزة وصل بين النظرية المفهومية والنظرية المصطلحية‪ ،‬حيث‬
‫عرف خليفة الميساوي المفهوم‪ ،‬فقال‪" :‬المفهوم هو ما يحصل من معنى اللفظ في العمل‪ .1‬وفي‬
‫عالقة النظرية المفهومية بالنظرية المصطلحية تعتبر األولى ركن من أركان الثانية‪.‬‬
‫يع ُّد المفاهيم أبنية مجردة‪ ،‬إدراكها‬
‫إن عنصر التوافق واالئتالف الداللي بين المفهوم والمصطلح‪َ ،‬‬
‫بالعقل ومجراها في اللسان وهدفها الوصول إلى خطاب علمي لحقل المعرفي محدد وتعمل على‬
‫أما فيما يخص قواعد التناسب‬
‫رصد التناسب ألجل تصنيف المعارف عن طريق المصطلحات‪ ،‬و َّ‬
‫للنظرية المفهومية فهي مبنية على عنصرين اثنين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬أن البنية المفهومية ينبغي أن تكون ذات طابع كوني تصوري يسمح بالتعبير عنها منطقيا‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬يتعلق بالنسبة اللس انية وسالمة المفهوم وتكوينه المصطلحي‪ ،‬ويرجع ائتالف المصطلحات‬
‫إلى رصد مفاهيمها في تخصصاتها بالعودة إلى أصلها وبيئة نشأتها وهي إحدى العالقات التي‬
‫تؤسس لنظرية الحقول الداللية والتي يتم بموجبها تعيين قيمة الصيغة اللغوية وهذا ما َّ‬
‫أكده ستيفن‬
‫أولمن ‪ Steven Olman‬بقوله‪ « :‬الكلمة مكانها في نظام من العالقات التي تربطها بكلمات‬
‫أخرى»‪ 2‬مثل‪ :‬الترادف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خليفة الميساوي‪ ،‬المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الجليل منقور‪ ،‬علم الداللة وأصوله ومباحثه في التراث العربي‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪2010‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.61‬‬
‫‪42‬‬
‫كما جاء في تعريف الشريف الجرجاني‪ :‬بأن المصطلح "عبارة عن اتفاق يقوم على تسمية الشيء‬
‫باسم ينقل عن موضعه األول"‪ .1‬وعرف فيلبر ‪ Filber‬المفهوم بأنه‪" :‬تمثيل عقلي لألشياء‬
‫الفردية"‪ .2‬فنجد أن هناك اتفاقا في الجانب العقلي للمفاهيم التي تمثل مضمون وداللة للمصطلحات‬
‫التي هي بمثابة الوعاء لها‪.‬‬
‫كما أن هناك انواعا من اإلجماع على المفهوم غير المصطلح‪ ،‬ونقطة االختالف بينهما أن المفهوم‬
‫ويركز على الذهنية‪ ،‬أما المصطلح فإنه يحيل إلى بناء أسبق وجود يا من‬
‫يحيل إلى فكرة ما‪ُ .‬‬
‫المصطلح فكل مفهوم مصطلح والعكس غير صحيح‪.3‬‬
‫وتعمل نظرية المفاهيم بالنسبة لالصطالح على "تقديم تفسير كاف وفعال للدوافع المعرفية لتكوين‬
‫وبناء المصطلح وعلى تقديم األسس التي تعيد بناء وتنظيم المفردات‪ ،...‬فالمفهوم يجب أن تسند له‬
‫تسمية بحيث تسهل اإلحالة عليه"‪ .4‬فعملية التناسب تؤسس على العالقات القائمة بين المتصور‪،‬‬
‫المفهوم‪ ،‬والمصطلح‪ .‬حيث أن العمل المصطلحي يقوم على تحديد المفهوم فيميزه تميي از‬
‫اختصاصيا ثم تعريفه مقارنة مع غيره من المفاهيم فتضيفه وفق المجال الذي ينتمي إليه‪ .‬فنحن هنا‬
‫في صلب النظرية المفهومية التي وان تبدو أنها منصفة تجاه المصطلح (التسمية) بحيث ال‬
‫تتجاهله‪ ،‬فهي تجعل من المدخل في المعجميات المصطلحية وكذا المصطلحيات (النظرية) ال‬
‫يتشكل من ذلك المصطلح بل من الموضوع )الواقع) الذي يتم وصفه‪ ،‬حيث يتم تنظيم ذلك كله‬
‫وفق تعريفات مصطلحية تُعد بنى مفاهيمية يمكن حفظها في بنوك المعطيات والرجوع إليها كلما‬
‫اقتضت الحاجة‪.5‬‬
‫إن المنظور الحديث لوضع المصطلح العلمي والتقني يقتضي من جهة‪ ،‬مقاربة مسمياتية (أي‬
‫أنومزيولوجية) وهي تعني بفن المصطلح أو المصطلحات وتنطلق هذه العملية من تفحص المفهوم‬
‫األجنبي وضبط سماته واإلحاطة بعالقاته مع المفاهيم المجاورة له في نفس الحقل المعرفي حتى‬

‫‪1‬‬
‫الشريف الجرجاني‪ ،‬التعريفات‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ، 1163 ،1‬ص ‪.28‬‬
‫‪2‬‬
‫علي بوشاقور‪ ،‬إشكالية المصطلح اللساني في الدرس الجامعي‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد اللطيف الريح‪ ،‬مدخل إلى علم المصطلح‪ ،‬جامعة الملك فيصل‪ ،‬السعودية‪ ، 1198 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪4‬‬
‫خالد األشهب‪ ،‬المصطلح العربي البنية والتمثيل‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ 2011 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.86‬‬
‫‪5‬‬
‫‪B. de Bessé, Le contexte, terminographique, Meta,vol 36, Mars 1991, (P :111-120).‬‬
‫‪43‬‬
‫ٍ‬
‫عندئذ يمكن مباشرة عملية تسمية المفهوم األجنبي حسب‬ ‫تتأتى عملية موضعته داخل ذلك الحقل‪،‬‬
‫ضوابط وضع المصطلحات العربية ومن جهة أخرى ربط كل تسمية مفهوم جديد بشبكة مصطلحية‬
‫صرفية وداللية ُيم ثل فيها المصطلح تارة نواة للوحدة المصطلحية وتارة أخرى امتداد لتلك النواة‪.1‬‬
‫ومن هنا فإن النظرية المفهومية تستدعي اعتبار الحقول الداللية‪ ،‬فعالقة التحليل التكويني بتحديد‬
‫الحقول الداللية تكمن في مراعاة المحلل من أجل التوصل إلى تقييد السمات المشتركة بين‬
‫مفهومين مثال‪ .‬هذا ما يؤكده أحمد مختار عمر بقوله‪ « :‬أول خطوة يتخذها الباحث [لتحديد‬
‫العناصر التكوينية] هي استخالص مجموعة من المعاني [ بصورة مبدئية] تبدو الصلة القوية بينها‬
‫بحيث تُشكل مجاال دالليا خاصة نتيجة تقاسمها عناصر تكوينية مشتركة »‪.2‬‬
‫ثم إن المصطلح في تقاليد العمل المصطلحي الغربي هو أسير نظام خاص أي يدل وفق عالقات‬
‫معينة وداخل اختالفات مضبوطة‪ ،‬ما يساعد على تحقيق تلك البنى المفاهيمية المنشودة‪ .‬لهذا يسلم‬
‫إتباع النظرية المفهومية من أجل تبين المآزق التي قد يؤدي إليها عن رؤية واقع ذلك األسر‬
‫ومخاطره والتغافل عن اعتبار تلك البنى المفاهمية‪.‬‬
‫فالدراسة المفهومية هي دراسة النتائج التي فهمت واستُخلصت من نصوص المصطلح وما يتصل‬
‫به‪ ،‬وتصنيفها تصنيفا مفهوميا يجلي خالصة التصور المستفاد لمفهوم المصطلح المدروس في‬
‫المتن المدروس‪ ،‬من تعريف وصفات وعالقات ومشتقات وقضايا‪. 3‬‬

‫النظرية الدللية‪:‬‬
‫ّ‬
‫يعتقد كثير من علماء اللغة المحدثين‪ ،‬أن ما تعالجه النظريات الداللية الحديثة‪ ،‬نشأ وتبلور لدى‬
‫الغرب في بحوثهم اللغوية والمعرفية فحددوا حقول دراستهم بحسب معايير معينة ومنهاج مختلفة‪،‬‬
‫ثم تأثر الدارسون العرب بذلك ونقلوا هاته المباحث الداللية إلينا‪ ،‬بي نما في الحقيقة هم يتجاهلون‬
‫َّ‬
‫تراثا ضخما بالنسبة للدراسات اللغوية عامة والداللية منها بخاصة في التراث اللغوي العربي‪ ،‬حيث‬
‫أن معظم النظريات الداللية الحديثة التي تهدف إلى تحقيق نظرة علمية شاملة تساهم بها في تأطير‬
‫‪1‬‬
‫الحاج بن مومن‪ ،‬استنساخ مصطلحي داخل لغات التخصص ـ ـ ـ المعلوميات نموذجا ـ ــ‪ ،‬مقال ضمن ندوة قضايا المصطلح في‬
‫اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬مكناس‪ ،‬المغرب‪2000 ،‬م‪ ،‬ص ‪. 30 ،29‬‬
‫‪2‬‬
‫أحمد مختار عمر‪ ،‬علم الداللة‪ ، ،‬عالم الكتب القاهرة‪ ،‬ط‪ ، 1116، 8‬ص ‪.122‬‬
‫‪3‬‬
‫الشاهد بوشيخي‪ ،‬دراسات مصطلحية‪ ،‬دار السالم للطباعة والتوزيع والترجمة‪ ،‬القاهرة‪ 2012 ،‬م‪ ،‬ط ‪ ،2‬ص ‪.82‬‬
‫‪44‬‬
‫مادة الداللة للوصول إلى فهم المعنى كان لها معالم بارزة وخطوط عريضة عند علمائنا العرب‬
‫ثم علماء اللغة‪ ،‬والمنطق والفلسفة‪ ،‬ولو أنها تفتقر إلى التنظيم‬
‫القدامى بداية بالمفسرين واألصوليين َّ‬
‫والتبويب‪ ،‬ذل ك أن البحث عن المعنى في حد ذاته كان أول ما شغل قدماءنا ليصلوا من خالله‬
‫إلى الفهم الصحيح للمعنى‪.‬‬
‫النظرية الدللية‪ :‬تنطلق النظرية الداللية من تصور عام للغة مفاده أنها ال تتكون من كلمات‬
‫مبعثرة ال عالقة بينهما إطالقا‪ ،‬بل من كون اللغة بناء لنظام متجانس توجد فيه الكلمات على شكل‬
‫يسمى بالحقل الداللي ‪Le‬‬
‫مجموعات تقوم كل مجموعة فيها بتغطية مجال مفاهيمي محدد هو ما َّ‬
‫‪.champs Semantique‬‬

‫تعريف الحقل الدللي‪ :‬تقوم فكرة الحقل الداللي على أساس جمع الكلمات والمعاني المتقاربة‪ ،‬ذات‬
‫المالمح الداللية المشتركة‪ ،‬وجعلها تحت لفظ عام يجمعها ويضمها‪ ،‬ولذلك يعرف الحقل الداللي‬
‫في أبسط صورة بكونه مجموعة من الكلمات ترتبط داللتها فيما بينها وتوضع تحت لفظ عام‬
‫يجمعها‪. 1‬‬
‫وذلك نحو ألفاظ القرابة حيث توضع تحت مصطلح واحد يضمها هو حقل ألفاظ القرابة‪ :‬أ ب‪ ،‬أم‪،‬‬
‫أخ‪ ،‬عم‪ ،‬خال‪ ،‬عمة‪ ،‬خالة‪ ،‬جد‪ ،‬جدة‪ ... ،‬وقد أورد الباحث أحمد مختار عمر تعريف "ستيفن‬
‫‪2‬‬
‫أولمان" للحقل بقوله ‪ » :‬هو قطاع متكامل من المادة اللغوية تعبر عن مجال معين من الخبرة »‬
‫فالحقل إذن يشكل ِّ‬
‫حي از لغويا لمجموع كلمات تدور في معنى عام يضمها‪ ،‬وعلى الباحث في‬
‫ثم دراسة‬
‫النظرية الداللية أن يبدأ ّأول‪ :‬يجمع المادة اللغوية‪ ،‬ثم تصنيفها وفق حقولها الداللية‪َّ ،‬‬
‫إما‪:‬‬
‫العالقات الداللية بين كلمات كل حقل‪ ،‬والعالقات داخل الحقل الداللي ال تخرج عن كونا َّ‬
‫عالقة اشتمال‪ :‬بحيث تتضمن كلمة ما أو مجموعة من الكلمات‪.‬‬
‫عالقة تضاد‪ :‬يكون فيها معنى الكلمة عكس معناها في الحقل الداللي‪.‬‬
‫عالقة جزء بكل‪ :‬نحو عالقة اليد بالجسم حيث اليد جزء من الجسم وليست نوعا منه ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد مختار عمر‪ ،‬علم الداللة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،8‬سنة‪ ، 2008 :‬ص ‪.91‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫عالقة تنافر‪ :‬يكون فيه للكلمة ملمحا داللي ا على األقل يتعرض مع ملمح داللي آخر في كلمة‬
‫أخرى معها في نفي العقل‪ ،‬نحو عالقة الخروف والفرس والقط والكلب فيما بينهم داخل حقل‬
‫الحيوانات‪.1‬‬

‫وتطورها التاريخي عند الغرب‪:‬‬


‫ّ‬ ‫النظرية الدللية‬
‫ّ‬ ‫نشأة‬

‫ثم تطورت الفكرة تدريجي مع‬


‫بدأت النظرية الداللية بإشارات وتلميحات لدى العلماء في أبحاثهم‪َّ ،‬‬
‫علماء مثل "همبولدت ‪ ،" Humboldt‬و "هوردر ‪ ،" herder‬و"ماير ‪ " Meyer‬الذي يعد أول من‬
‫عرض أفكا ار بشكل منظم تقريبا ‪ ،‬لكن هذه األفكار واآلراء بقيت غير واضحة المعالم‪ ،‬مما جعل‬
‫علماء اللغة المحدثين يذهبون إلى أن "فردينان دي سوسير" هو صاحب فكرة المجاالت الداللية‪،‬‬
‫واليه يرجع الفضل في جعلها مفهوما لغويا واضحا‪ ،‬خاصة عندما بين في محاضراته أن المفردات‬
‫يمكن أن تدرج في نوعين من العالقات‪:2‬‬
‫مبنية على التشابه في الصورة‪ :‬فهي ترتبط مثال‪ :‬بتعليم‪ ،‬تعلم ‪.‬‬
‫عالقات ّ‬
‫مبنية على التشابه في المعنى‪ :‬وهي عدة مفردات مختلفة تدل على معنى مماثل نحو‪:‬‬ ‫عالقات ّ‬
‫تعلم‪ ،‬تكوين‪ ،‬تربية ‪ .‬فالكلمة عند "دي سوسير" تتحدد قيمتها من خالل عالقتها بالعناصر األخرى‬
‫في النسق أو النظام‪ ،‬هذه الفكرة القيمة هي التي أوحت بفكرة الحقل الداللي وبهذا اعتبر "دي‬
‫سوسير" أول من فتح الباب ألفق جديد في علم الداللة‪.‬‬
‫النظرية الدللية‪ :‬بالرغم من ظهور اتجاهات عدة في تصنيف الكلمات والمفاهيم في حقول‬
‫ّ‬ ‫مبادئ‬
‫داللية واختالفها فيما بينها‪ ،‬إال أنا تتفق في جملة مبادئ حصرها الباحث أحمد مختار عمر في‪: 3‬‬
‫‪ -‬ال وحدة معجمية عضو في أكثر من حقل‪.‬‬
‫‪ -‬ال وحدة معجمية ال تنتمي إلى حقل معين‪.‬‬
‫‪ -‬ال يصلح إغفال السياق الذي ترد فيه الكلمة‪.‬‬
‫‪ -‬استحالة دراسة المفردات المستقلة عن تركيبها النحوي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق ص ‪.108‬‬
‫‪2‬‬
‫خولة طالب اإلبراهيمي‪ ،‬مبادئ في اللسانيات‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار القصبة‪ 2000 ،‬م‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪3‬‬
‫أحمد مختار عمر‪ ،‬علم الداللة‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪46‬‬
‫معالم النظرية الدللية عند العرب‪ :‬يذهب الكثير من علماء اللسانيات والدالليين منهم خاصة‪ ،‬إلى‬
‫أن النظرية الداللية قد ظهرت العرب في أوائل القرن العشرين‪ ،‬وتطورت عندهم حتى صارت كما‬
‫هي عليه اليوم‪ ،‬فإذا كان الحقل الداللي يعرف بأنه‪" :‬مجموعة من الوحدات المعجمية تشمل مفاهيم‬
‫تندرج تحت مفهوم عام ُيحدد الحقل"‪ .1‬فإن اللغويين العرب كانوا سباقين إلى تصنيف المفردات‬
‫حسب المعاني أو المفردات‪.‬‬
‫تتضح إذن معالم النظرية الداللية عند العرب مع بدايات التدوين في تلك الرسائل الصغيرة التي‬
‫اقتصرت على مجال واحد‪ ،‬حيث اجتمعت فيها ألفاظ عديدة ومختلفة متعلقة باإلنسان وأعضائه‪.‬‬
‫إضافة لكتب الغرب سواء في القرآن الكريم أو في الحديث النبوي حيث تع د عمال داللي مهما‬
‫ساهم في إرساء خطوط عريضة في التراث العربي‪.‬‬

‫النظرية الدللية‪ :‬تتجلى قيمة النظرية الداللية في الهدف الذي تصبو إليه‪ ،‬وهو جمع كل‬
‫ّ‬ ‫قيمة‬
‫كلمة بأختها‪ ،‬مما جعلها تسهم بهذا في إيجاد بعض الحلول لمسائل لغوية معقدة منها "الكشف عن‬
‫الفجوات المعجمية التي توجد داخل الحقل الداللي وتسمى بالفجوة الوظيفية‪ 2 2" .‬وايجاد كلمات‬
‫مناسبة لشرح أفكار والتعبير عنها بشكل واضح‪ ،‬كما تتمثل قيمة النظرية في تحديد السمات‬
‫التمييزية للمفردات اللغوية بعد جمعها‪ ،‬مما يتيح له االستعمال األمثل لمفردات اللغة‪ ،‬وتعد الدراسة‬
‫الداللية في العصر الراهن ذات أهمية بالغة وفوائد جمة فهي‪:‬‬
‫‪ -‬تسهم في الكشف عن العالقات وأوجه الشبه واالختالف بين الكلمات التي يجمعها حقل واحد‪،‬‬
‫وبينها وبين المصلح العام الذي يجمعها‪ ،‬فيتضح لنا بذلك مجال استعمال كل كلمة بدقة‪.‬‬
‫تزويدن بقائمة من الكلمات لكل موضوع على حدى وهذا‬
‫ً‬ ‫‪ -‬التحليل وفق النظرية الداللية يسهم في‬
‫ما يسهل على الكاتب أو المتكلم في موضوع معين اختيار ألفاظه بدقة‪ ،‬وفرصة اختيار األنسب‬
‫منها لتعبيره‪.‬‬
‫‪ -‬يتحدد من خالل النظرية أوجه الخالف بين اللغات وكذا األسس المشتركة التي تحكم اللغات في‬

‫‪1‬‬
‫عمار شلواي‪ ،‬نظرية الحقول الداللية‪ ،‬مجلة المخبر ‪ ،‬أبحاث في اللغة واالدب الجزائري‪ ،‬قسم األدب العربي‪ ،‬جامعة محمد‬
‫خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬العدد ‪ 2008 ، 03‬م‪ ،‬ص ‪.318‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الجليل منقور‪ ،‬علم الداللة أصوله ومباحثه في التراث العربي‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪47‬‬
‫تصنيفها المفردات‪.‬‬
‫نصل من خالل هذا العرض البسيط للنظرية الداللية أن التراث العربي عرف هذه النظرية منذ‬
‫زمن بعيد إذ تمتد في تراثنا إلى مرحلة جمع اللغة وتأليف المعاجم‪ ،‬فكانت المباحث المتعلقة بالحقل‬
‫الداللي واضحة تحتاج فقط لبعض التنظيم والترتيب‪ ،‬وبالتالي فإن النظرية الداللية ذات أصول‬
‫يقودن لتأكيد أسبقية الفكر العربي في هذا المجال على الفكر الغربي‪.‬‬
‫ً‬ ‫عربية‪ ،‬هذا‬
‫وأن التحليل الداللي جوهر علم المصطلح القائم على المفاهيم وتسميتها ويعني بطريقة تُ َكون‬
‫المالمح الداللية المميزة للمصطلح وتحليل مغزاها للوصول إلى اإلدراك الداللي له كما يقصد به‬
‫دراسة معنى المصطلح ومحتواه‪ ،‬فهناك أربعة أنواع من العالقات التي تربط بين المصطلح‬
‫والمفهوم والداللة تكمن في‪:‬‬
‫أحادية الدللة‪ :‬ويكون فيها للمصطلح في حال صياغته مفهوما واحادا‪.‬‬‫ّ‬ ‫أ العالقة‬
‫التسمية‪ :‬أن يكون للمفهوم تسمية واحدة ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أحادية‬
‫ّ‬ ‫ب العالقة‬
‫ج عالقة الترادف‪ :‬أي مفهوم واحد بدل عليه أكثر من مصطلح في اللغة نفسها وفي الميدان نفسه‪،‬‬
‫وهي عكس العالقة (ب)‪.‬‬
‫د عالقة الشتراك اللّفظي‪ :‬وفيها يحدث تطابق في شكل المصطلحات واختالف مفاهيمها أي‬
‫مصطلح واحد يدل على أكثر من مفهوم‪.1‬‬
‫وفي هذه النظرية المصطلح تثبت داللته األولى بفعل مالمح يمتاز بها وقد يتوسع معناه من الداللة‬
‫المفهومية إلى الداللة العادية فينتقل من الحقل ا لداللي الذي كان فيه إلى المعجم العام‪ ،‬إذ أن لكل‬
‫مصطلح معنى أساسي لغوي وآخر ُمكتَسب منقول‪.‬‬
‫ومما يساعد على تحديد المحتوى المفهومي للمصطلح والوصول إلى مغزاه هو معرفة العالقات‬
‫القائمة في المنظومة المصطلحية وهي على حسب ما جاء به فيشر ‪ Fisher‬ثالث عالقات‬
‫مكنونة لتصور المصطلح وتؤدي إلى فهم الحدود الداللية له إما في نواته األولى أو في تمدده أو‬

‫‪1‬‬
‫محمد محمود بن ساسي‪ ،‬المصطلح النحوي العربي الحديث في ضوء علم المصطلح‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪،‬‬
‫ورقلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة‪ 2018 :‬م‪ 2018/‬م‪ ،‬ص‪.38 - 38‬‬
‫‪48‬‬
‫في تقلصه الداللي وتمثلت هذه العالقات في‪ :‬عالقة التحديد ومثلها ب (مركبة ‪ +‬أرض = مركبة‬
‫أرضية) وعالقة الوصل وعالقة الفصل‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫خليفة الميساوي‪ ،‬المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪49‬‬
‫المحاضرة السادسة‬

‫المصطلحية وعلم صناعة المعاجم‬


‫علم المصطلح‪:‬‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫يعتبر علم المصطلح من أحدث أفرع علم اللغة التطبيقي يتناول األسس العلمية لوضع‬
‫المصطلحات وتوحيدها‪ ،‬وكان "فوستر" قد حدد مكان علم المصطلح بين أفرع المعرفة بأنه نجال‬
‫يربط علم اللغة بالمنطق وبعلم الوجود‪ ،‬وبعلم المعلومات وبفروع العلم المختلفة‪.1‬‬
‫ويذهب الباحث عبد السالم المسدي إلى أن علم المصطلح فرع من علم الداللة‪ ،‬وتوأم الحق‬
‫للمصطلحية‪ ،‬بحيث يقوم منها مقام المنظر‪ ،‬وهو بذلك يذهب مذهب بعض اللسانيين الذين‬
‫يعتبرون أن علم المصطلح موكول إليه أن يساعد على الداللة على فحص إشكاليات المعنى‪.2‬‬
‫وتحدد المنظمة العالمية للتقييس علم المصطلح بأنه‪ « :‬دراسة ميدانية لتسمية المفاهيم التي تنتمي‬
‫إلى ميادين مختصة من النشاط البشري باعتبار وظيفتها االجتماعية‪ ،‬ويشتمل على المصطلح من‬
‫جهة على وضع نظرية ومنهجية لدراسة مجموعات المصطلحات وتطورها‪ ،‬ويشتمل من جهة أخرى‬
‫على جميع المعلومات المصطلحية ومعالجتها‪ ،‬وكذلك على تقييسها عند االقتضاء سواء كانت‬
‫أحادية اللغة أو متعددتها»‪.3‬‬
‫كما يعد علم المصطلح ممارسة موجودة منذ األزل‪ ،‬تعود جذورها بعيدا في الزمن الذي نظر فيه‬
‫اإلنسان إلى األشياء المحيطة به وبدأ بإطالق األسماء عليها وبتصنيفها وفقا ألهميتها في حياته‬
‫اليومية والعملية وهكذا عبر تقسيم العالم وتسمية األشياء وضع اإلنسان أسس ما يسمى اليوم بعلم‬
‫المصطلح‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫ممدوح خسارة‪ ،‬علم المصطلح وطرائق وضع المصطلحات في العربية دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪2013 ،‬م‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫سناني سناني‪ ،‬في المعجمية والمصطلحية‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪3‬‬
‫مهدي صالح سلطان الشهري‪ ،‬في المصطلح ولغة العلم‪ ،‬المطبوعات الجامعية كلية اآلداب‪ ،‬بغداد‪ ،‬د ط‪ ،‬العراق‪، 2012 ،‬‬
‫ص‪.98‬‬
‫‪4‬‬
‫ماري كلود لوم‪ ،‬ترجمة‪ :‬ريما بركة‪ ،‬علم المصطلح مبادئ وتقنيات‪ ،‬ص ‪1‬‬
‫‪51‬‬
‫ومن خالل ما سبق يمكننا القول أن علم المصطلح يعتبر من أحدث فروع اللغة التطبيقي كونه‬
‫يتناول األسس العلمية لوضع المصطلحات باإلضافة إلى اعتباره فرع من فروع علم الداللة‪ ،‬وهو‬
‫يعتمد على الدراسة الميدانية في تسمية المفاهيم وتطورها‪.‬‬
‫علم المعجم‪:‬‬
‫يقوم بدراسة المفردات باعتبارها وحدات معجمية لها كيانات معقدة مجردة‪ ،‬ألن كل من هذه‬
‫الوحدات وجها دالليا بكونه تأليفه الصوتي وبنيته الصرفية ومكونا مدلوليا تكونه داللته المعجمية أو‬
‫المفهومية‪ .1‬ويتكون علم المعجم من فرعين كبيرين‪:‬‬

‫أول‪ :‬المعجمية العامة‪:‬‬


‫وهي التي تقوم على ألفاظ اللغة العامة أي الوحدات المعجمية العامة المستخدمة في عموم اللغة‬
‫وتتفرع إلى فرعين‪ ،‬فرع نظري‪ ،‬وفرع تطبيقي‪.‬‬

‫أ) معجمية عامة نظرية ‪lexicology‬‬


‫تبحث في الوحدات المعجمية العامة‪ ،‬من حيث هي كيانات مجردة معقدة‪ ،‬فتقوم بدراستها من‬
‫حيث اشتقاقها وأبينها وداللتها‪ ،‬وتقوم كذلك بدراسة المترادفات والمشتركات اللفظية والتعابير‬
‫االصطالحية والسياقية‪ ،‬ومن ثم استخراج النواة أي الحد األدنى من المفردات األساسية العامة التي‬
‫تعرف )‪ (Lexical‬المعجمية بواسطتها المفردات األكثر تخصصا وباعتبارها تناول داللة األلفاظ‪،‬‬
‫فهي على عالقة وثيقة مع علم الداللة غير أن هذا األخير أوسع مجاال‪ ،‬ألنه يهتم بوضع‬
‫النظريات الداللية على خالف المعجمية العامة النظرية أو علم‪ ،‬المعجم‪.‬‬

‫ب) معجمية عامة تطبيقية ‪lexicography‬‬

‫هذا العلم يصطلح عليه أغلب الباحثين العرب (صناعة المعجم) وهو يهتم بالجانب التطبيقي‬
‫لوضع الكلمات العامة في المعجم‪ ،‬فيبحث في الوحدات المعجمية العامة من حيث هي مكونات‬
‫للمعجم المدون مجمعه من مصادر معينة‪ ،‬ومنتمية إلى مستويات لغوية محددة‪ ،‬وهذا العلم يقوم‬
‫على مبدأين أساسيين‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫سناني سناني‪ ،‬في المعجمية والمصطلحية‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪51‬‬
‫المبدأ األول‪ :‬جمع المادة اللغوية من مصادرها المختلفة‪ ،‬التي قد تكون سماعية كما في المعاجم‬
‫التراثية مثل (المعجم العين)‪ ،‬أو مكتوبة مبثوثة في مصادر مختلفة كما في معجم(لسان العرب)‪،‬‬
‫وقد تعتمد عليها معا‪.‬‬
‫أما المبدأ الثاني فهو‪ :‬الوضع‪ ،‬ويمثل أهم خطوة وأصبعها في الصناعة المعجمية‪ ،‬حيث يدرس‬
‫العلم مناهج تأليف المعجم من خالل طرائق ترتيب المفردات واختيار المداخل واعادة التعاريف‪،‬‬
‫والشروح للكلمات داخل المعجم والنماذج المصاحبة للشروح وغير ذلك من عمليات فنية وتكون‬
‫مرتبطة بنوع المعجم المراد صنعه وحجمه والهدف منه‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة ها هنا إلى أن الصناعة المعجمية تعد من أعسر المسالك اللغوية ذلك أن صاحبها‬
‫محتاج إلى جملة مواد لغوية وأدبية وتاريخية ومعارف أخرى تتصل بهذا الفن من قريب أو بعيد‪،‬‬
‫إضافة إلى التأني والصبر والجلد التي يجب أن يتحلى بها صانع المعجم‪.1‬‬

‫ماهية معجمات المصطلحات المتخصصة‪:‬‬

‫تناول المعاجم المتخصصة المفردات الخاصة بمجال معين من مجاالت المعرفة أو بعلم من العلوم‬
‫مثل‪ :‬الهندسة أو الطب أو التربية وعلم النفس وغيرها من العلوم المتخصصة‪ ،‬تهتم هذه المعاجم‬
‫(‪.‬بشرحها حسب استعمال أهلها‬ ‫بمجرد بمصطلحات أحد هذه الميادين المتخصصة وتقوم‬
‫والمتخصصين بها‪.2‬‬
‫صنفًا واحد من المعرفة ويتم اختيار مداخلها حسب‬
‫كما تعالج تلك النوعية من المصطلحات ْ‬
‫المجال الذي تنتمي إليه وهي فيما يراه "أحمد معقوق"‪ ،‬محددة ومختصرة نسبيا يكرس فيها الجهد‬
‫والوقت لدى ومؤلفيها على جانب معين أو جزء محدد من اللغة‪ ،‬وبذلك من المنتظر من هذه‬
‫المعالم أن تكون أكثر استيعابا لما ُخصصت له وأكثر دقة في التحليل والوصف‪ ،‬وأشد إحكاما‬

‫‪1‬‬
‫– ماري كلود لوم‪ ،‬ترجمة‪ :‬ريما بركة‪ ،‬علم المصطلح مبادئ وتقنيات‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪2‬‬
‫– ينظر‪ :‬شرنان وسيلة‪ ،‬إشكالية ترجمة المصطلحات في المعاجم المتخصصة‪ ،‬دار دار هومة للطباعة والتوزيع‪ ،‬د‪.‬ط‪ 2013 ،‬م‪،‬‬
‫ص ‪.10‬‬
‫‪52‬‬
‫وتتبعا فيما تقدم من معارف وتفسيرات لمجموعة المفردات التي تشتمل عليها ونتيجة لذلك يمكن‬
‫القول أن االستفادة منها في‪ .‬مجالها أسرع وأكثر وربما كانت أوسع وأدق وأعمق من حيث النوع‪.1‬‬
‫كما تتضمن صناعة المصطلح المتخصص مجموعة النشاطات هدفها األساسي وصف‬
‫المصطلحات في المعاجم المتخصصة أو بنوك المصطلحات‪ ،‬يجمع المعجم المتخصص أكان في‬
‫صيغة ورقية أو إلكترونية كلمات في مجال تخصصي مثل اللسانيات والحقوق وأمن الحاسوب‪،‬‬
‫ويتناول في بعض األحيان بضعة مجاالت مترابطة كالطب وعلم اإلحياء‪ ،‬أو وسائل االتصاالت‬
‫السلكية واإللكترونية‪ ،‬ويجمع بنك المصطلحات ذو الطبعة اإللكترونية مصطلحات من مجاالت‬
‫متعددة يكون كل مصطلح مرتبطا بجانب معين ويمكن لهذين المصنفين أن يقدما أوصافا في لغة‬
‫واحدة‪ ،‬وغالبا ما يكون ثنائي اللغة أو متعددة اللغات‪ ،‬يهدفان في هذه الحالة إلى وضع مقابالت‬
‫توجه منتجات صناعة المصطلح إلى المترجمين والى الكتاب المتخصصين‪.2‬‬

‫كما يحمل كل مصطلح متخصص في جوانبه تاريخا حافال باألبحاث والدراسات والتجارب نذكر‬
‫على سبيل المثال مصطلح النظام البيئي أو المنظومة البيئة عند وضعه لنظرية)‪(Lendman‬‬
‫الذي صاغه العالم اإلنجليزي)‪ (Ecosystem‬األنظمة البيئة خالل النصف األول من القرن‬
‫العشرين بعد أخذ ورد امتد من بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫كما يمكن تصنيف المصطلحات المتخصصة إلى نوعين يشمل األول المصطلحات التي تمت‬
‫صياغتها للداللة على ما يقع من ظواهر‪ ،‬فهي عبارة عن مفاهيم وينظر إليها على أنها صور‬
‫فكرية تشير إلى أشياء غير ملموسة‪ ،‬مثل‪ :‬الجاذبية ‪ gravitation‬التحليل بالماء ‪hydrolyse‬‬
‫والتركيب الضوئي ‪ Photosynthese‬والترسيب ‪ .Sedemenstation،‬أما النوع الثاني‪ :‬فيمكن‬
‫إدراك المصطلحات المصوغة للداللة على المكونات واألشياء التي يتعامل معها الباحث في أثناء‬
‫قيامه بنشاطه العلمي‪ ،‬التي ينظر إليها على أنها ألفاظ تقنية مثل‪ :‬الزئبق )‪(mercur‬‬

‫‪1‬‬
‫– أحمد معتوق‪ ،‬المعاجم اللغوية العربية ( المعاجم العامة وظائفها ومستوياتها وأثرها في تنمية لغة الناشئة دراسة) وصفية تحليلية‬
‫نقدية‪ ،‬المجمع الثقافي أبوظبي‪ ،‬اإلمارات‪ 1820 ،‬ه‪ 1111/‬م‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪2‬‬
‫– ماري كلود لوم‪ ،‬ترجمة‪ :‬ريما بركة‪ ،‬علم المصطلح مبادئ وتقنيات‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪53‬‬
‫والمجهر)‪ (microscope‬والكلس )‪ (Calcaire‬فهي وسائل يستعملها الباحثون‪ ،‬والنوعان نتيجة‬
‫سياق فكري معين‪.1‬‬
‫وفي المجمل المصطلحات المتخصصة هي كل كلمة أو مفردة تدخل في سياق أو نطاق‬
‫المعرفة العلمية‪ ،‬والتي صاغها أو ابتكرها أو اقتبسها الباحثون أو الدارسون للتعبير عن نتائج‬
‫أعمالهم‪ ،‬لذا إذا نعتت المصطلحات المتخصصة بهذا االسم ننظر لتخصصها بعلم معين‪ ،‬يكشف‬
‫ليس مصطلحات العلم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫–رجاء دويدري‪ ،‬المصطلح العلمي في اللغة العربية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط ‪ 1‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ، 2010 ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪54‬‬
‫المحاضرة السابعة‬
‫آليات صناعة المصطلح‬
‫‪ - 2‬الترجمة‬
‫المصطلح والترجمة‪:‬‬
‫كانت الترجمة في العهد القريب وجها من وجوه الكتابة األلسنية‪ ،‬فلم تحظ باهتمام الكتاب‬
‫واألدباء‪ ،‬ألنهم لم يعتبروها كعلم أو فن أو نشاط مستقل‪،‬بل كانت مجرد كتابة إدارية‪.‬‬
‫واالعتقاد السائد بخصوص الترجمة آنذاك أنها ال تعبر عن فكر صاحبها أو فنه‪،‬إذ يعبر األديب‬
‫عن فكره و العالم عن علمه‪ ،‬بينما يعبر المترجم عن علم أو فكر سواه‪ .‬وهذا ما يتطلب فقط‬
‫معرفة لغتي المصدر و الهدف‪.1‬‬
‫ومنذ بداية الستينيات بدأت الترجمة تتأسس كعلم منفصل عن األدب و اللسانيات التطبيقية‪،‬‬
‫فاستقلت بمناهجها الخاصة وأدواتها النظرية والمفهومية المتميزة‪ ،‬وكونت بذلك جها از مفهوميا‬
‫منفصال عن النظريات األدبية واللسانيات وهو رهان علمي كبير يواجه كل علم يطالب باالستقالل‬
‫وتحديد مجال نشاطه‪.2‬‬
‫مفهوم الترجمة‪:‬‬
‫الترجمة لغة مشتقة من فعل" ترجم"‪ ،‬و على نحو ما جاء في لسان العرب يقال" ‪ :‬ترجم كالمه‬
‫بمعنى فسره بلسان آخر‪ ،3‬و أما في معجم المنجد فهي تحيل على" نقل الكالم من لغة إلى أخرى‪،‬‬
‫وعلى التأويل و التفسير و الشرح‪.4‬‬
‫واصطالحا هي "نقل األلفاظ والمعاني واألساليب من لغة إلى أخرى مع المحافظة على التكافؤ"‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫جورج مونان‪،‬المسائل النظرية في الترجمة‪ ،‬ترجمة لطيف زيتوني‪ ،‬دار المنتخب العربي‪ 1118 ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪2‬‬
‫خمري حسين ‪ ،‬جوهر الترجمة ‪ ،‬دار الغرب للنشر و التوزيع‪ ،‬ص‪.18 - 94‬‬
‫‪3‬‬
‫لسان العرب‪ ،‬ابن منظور ‪ ،‬دار الجيل بيروت‪ ،‬دار لسان العرب بيروت‪ ، 1166 ،‬مادة (رج م) ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫المنجد في اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‪. 2001 ،‬ينظر مادة ترجم‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫الدكتورة سعيدة كحيل ‪،‬تعليمية الترجمة دراسة تحليلية تطبيقية‪،‬عالم الكتب الحديث ‪،‬األردن ‪ ،‬ص‪. 21‬‬
‫‪55‬‬
‫و من هذه المنطلقات‪ ،‬يمكن أن نتصور الترجمة على أنها عملية يتم بها نقل المعنى المراد ترجمته‬
‫من اللغة المصدر إلى اللغة الهدف‪ ،‬بشرط التحكم في كلتيهما و احترام نظام اللغة الهدف و إدراك‬
‫ثقافتها‪ ،‬بحيث ال يمكن فهم النص المراد ترجمته إال باستحضار الجو الثقافي الذي ظهر فيه‪.‬‬
‫و قد نالت الترجمة اهتمام العرب و السيما في القرون األولى للهجرة من االموي حتى العباسي‪،‬‬
‫فقد انشأ الخليفة المأمون بيت الحكمة‪ ،‬و هو مكتبة كبيرة توفر جميع األدوات الضرورية للمترجم‬
‫في ذلك الزمان وبذلك تأسست مدرسة بغداد التي تعد أكبر مركز للترجمة في ذلك العصر‪ .‬و‬
‫بفضل تشجيع الخلفاء المسلميين لحركة الترجمة تمت ترجمة عدة كتب علمية و فلسفية‪ ،‬يونانية‪ ،‬و‬
‫فارسية‪ ،‬و هندية إلى العربية‪ ،‬بإتباع الخطى اآلتية‪:1‬‬
‫‪ -‬تحقيق النص األصلي و نقد المصادر‪.‬‬
‫‪ -‬ترجمته من قبل المترجم‪.‬‬
‫‪ -‬عمل المحرر الذي يساعد المترجم‪.‬‬
‫‪ -‬مراجعة الترجمة من قبل مراجع‪.‬‬
‫و من أهم مترجمي ذاك العصر ابن المقفع(ت‪759‬ه) الذي ترجم األدب الفارسي وحنين بن‬
‫إسحاق(ت‪ )877‬الذي قام بنقل عدة أعمال في الطب و الفلسفة والرياضيات ‪ ،‬و ابن بطريق و‬
‫إسحاق بن حنين و قوسطا بن لوقا‪.2‬‬
‫و قد ساعدت هذه الحركة الترجمية كثي ار على إثراء رصيد اللغة العربية ‪ .‬كما ترجمت الحقا هذه‬
‫األعمال إلى اللغات األوروبية‪ ،‬ألن العربية كانت صلة وصل بين التراث اليوناني و النهضة‬
‫األوروبية‪ ،‬و كان لها صدى واسع و تأثير كبير في الفكر األوروبي‪ ،‬إذ درست أفكار ابن سينا في‬
‫الطب في بداية القرن السابع عشر وغيره‪.‬‬
‫ثم بدأت الترجمة تزدهر في فرنسا منذ بداية القرن الخامس عشر السيما مع أميوت )‪ )Amiot‬و‬
‫دولي )‪ )Doulet‬كما ظهرت دراسات مرموقة حول الترجمة في الدول األوروبية منها الموسومة‬
‫‪ "Manière de bien traduire d’une langue à une autre‬كيفية الترجمة الجيدة من لغة‬

‫‪1‬‬
‫جوئيل رضوان‪ ،‬موسوعة الترجمة‪ ،‬ترجمة محمد يحياتن ‪ ،‬مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر‪،‬جامعة تيزي وزو ص‪. 10‬‬
‫‪2‬‬
‫جوئيل رضوان‪ ،‬موسوعة الترجمة‪ ،‬ترجمة محمد يحياتن‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪56‬‬
‫‪ " Traduction art Elizabéthain‬الترجمة فن‬ ‫إلى أخرى للفرنسي دولي(‪1540‬م) وكتاب "‬
‫إليزابثي" للناقد ف‪ .‬أ‪.‬ماتيان ‪ F.A Mathian‬بانجلت ار(‪1931‬م)‪.1‬‬
‫أنواع الترجمة‪:‬‬
‫تباينت االنواع عند الباحثين ومنهم الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن الذي يجملها في ثالثة‬
‫أنواع‪:2‬‬
‫‪ - 2‬الترجمة التحصيلية ‪ :‬أو ما تسمى بالنقل أو الترجمة الحرفية‪ ،‬فيعطي المترجم األولوية‬
‫لالعتبارات اللغوية على االعتبارات المعرفية ‪ ،‬حيث ينشغل بالمطابقة بين اللغتين المنقول منها و‬
‫المنقول إليها من حيث المعجم أو من حيث التراكيب ‪،‬و لكن غالبا ما يؤدي هذا النوع من الترجمة‬
‫إلى انحراف المعنى‪ ،‬و ال نقصد بهذا أن هذه الترجمة خاطئة ‪ ،‬و إنما تستعمل في النصوص‬
‫النفعية و العلمية‪.‬‬
‫‪ - 0‬الترجمة التوصيلية ‪ :‬أو ما تسمى بالترجمة التقريبية‪ ،‬إذ يسعى المترجم في هذا النوع إلى‬
‫إيجاد المعاني التي تقرب النص األصل إلى النص الهدف ‪،‬فيلجأ المترجم إلى إجراء تغييرات شكلية‬
‫باالستعانة بمختلف الوسائل كالتكييف و االقتباس في حالة اختالف ثقافة لغة المصدر عن ثقافة‬
‫لغة الهدف‪.‬كما يطلق على هذا النوع من الترجمة أيضا بالترجمة غير المباشرة ‪ ،‬فيتحرر المترجم‬
‫أثناء عمله من كلمات النص األصلي و تراكيبه‪ ،‬و يعمل على نقل المضامين الفكرية للنص‬
‫المصدر إلى الهدف‪ .‬و بالرغم من أن هدف هذا النوع من الترجمة هو نقل المفاهيم للمتلقي ‪ ،‬لكن‬
‫هذا ال يسمو إلى تفعيل تلك المفاهيم في البنية المعرفية للحضارة المتلقية‪.‬‬
‫‪ - 3‬الترجمة التأصيلية ‪ :‬تسمى ايضا بالترجمة التأسيسية ‪ .‬ال يكفي في هذا النوع من الترجمة أن‬
‫يتوفر المترجم على الكفاءة اللغوية التي تنهض على نقل األلفاظ ‪ ،‬كما في الترجمة التحصيلية ‪،‬‬
‫وال على معرفة المضامين كما في الترجمة التوصيلية ‪ ،‬و إنما يشترط عليه إدراك المقاصد بحيث‬
‫المترجم و التحاور معه في إطار المجال التواصلي للمتلقي ‪ ،‬فينتج عنه‬
‫َ‬ ‫يستطيع التفاعل مع النص‬
‫إدماج النص المترجم في البيئة المعرفية و اللغوية و الثقافية المتلقية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫علي القاسمي ‪،‬الترجمة في تجربة المغرب العربي ‪ ،‬مجلة اللغة العربية‪ ،‬العدد‪ 2002،9‬م ‪ ،‬ص ‪.62/61‬‬
‫‪57‬‬
‫والمالحظ أنه كلما كان هناك نشاط ترجمي كبير في مختلف العلوم‪ ،‬أدى حتما إلى إثراء الرصيد‬
‫اللغوي ‪ .‬و من هنا يمكن إدراك العالقة التي تقيمها الترجمة مع المصطلح من خالل المفردة التي‬
‫تؤدي وظيفة محددة في حقل من حقول المعرفة اإلنسانية عند مجموعة من المختصين‪.‬‬

‫العالقة بين علم المصطلح والترجمة‪:‬‬


‫تتشابك العالقة بين علم المصطلح ونظرية الترجمة كما تتشابك أغصان شجرة المعرفة‬
‫لمين يستخدم اللغة هدفاً ومضموناً‬ ‫ِ‬
‫المتنامية‪ ،‬ومما يزيد هذا التشابك كثافة وتعقيداً‪ ،‬أن كال الع َ‬
‫ووسيلة ‪ .‬فالتاريخ والجغرافية مثالً‪ ،‬يستخدمان اللغة وسيلة فقط ‪ ،‬أما مضموناهما فهما مختلفان من‬
‫حيث األساس ‪ ،‬إذ تتكون مادة التاريخ الرئيسة من الزمان وأحداثه على حين تتشكل مادته من‬
‫المكان وفضاءاته‪ .‬كما أنه يمكن التفريق بين هدفيهما بسهولة ‪ .‬ولكن ‪ ،‬في حالة علم المصطلح‬
‫والترجمة ‪ ،‬نجد أن هدفهما لغوي(وضع مادة لغوية جديدة) ‪ ،‬ومضمونهما لغوي(المادة اللغوية)‬
‫‪،‬ووسيلتهما لغوية (استخدام اللغة في التعبير عن المضمون) ‪ .‬وهذا يؤدي إلى كثير من التشابك‬
‫بينهما مما يساعد على إشاعة مجموعة من األوهام حولهما في أذهان كثير من غير المختصين‪.‬‬
‫ومما زاد الطين بلة‪ ،‬أن علم المصطلح علم جديد النشأة‪ ،‬على الرغم من أن توليد المصطلحات‬
‫ذاتها بدأ منذ أن شرع اإلنسان في استعمال اللغة أداة تواصل ‪.‬‬
‫ولقرون عديدة خلت‪ ،‬كان المترجمون هم الذين يتولون وضع مقابالت للمصطلحات األجنبية التي‬
‫يواجهونها أثناء عملهم في ترجمة الكتب‪ .‬فشاع بين الناس أن المصطلحات يولدها المترجمون‬
‫حتى بعد أن استقل علم المصطلح بذاته ‪ ،‬ونأى بنفسه عن الترجمة ‪ ،‬وصار نشاطاً مختلفاً يزاوله‬
‫مصطلحيون لهم إعداد وخبرات تختلف عن تلك التي يتوفر عليها المترجمون‪ .‬ويزداد األمر‬
‫غموضاً في أذهان المتعلمين في بالدنا العربية إذ يظنون أن المصطلحات العربية هي مجرد عربية‬
‫أو تعريب للمصطلحات األجنبية ‪ .‬ومما يؤكد ظنهم أن البالد العربية ال تُنتِج المصطلحات حالياً ‪،‬‬
‫وانما تستوردها ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫المصطلح عن ثقافة اآلخرين وحضارتهم ‪ ،‬مما يستوجب ترجمته ‪ .‬وعلى حد قول الخوازمي ‪،‬‬
‫فترجمة المصطلح هي مفاتيح كل العلوم" فإن لكل علم اصطالحا إذا لم يعلم بذلك ال يتيسر‬
‫للشارع فيه إلى االهتداء سبيال و ال فهمه دليال"‪.1‬‬
‫و لذلك يجب ترجمة المصطلح إلذاعة مختلف اكتشافات الدول الغربية و علومها‪ ،‬ولإلطالع عليها‬
‫لمواكبة ركب التقدم الثقافي و الحضاري ‪.‬و من هنا تكمن حاجة ترجمة المصطلح لتحقيق غاية‬
‫التواصل االجتماعي و كسر الحواجز و تقليص المسافات والهوة بين المنتج والمستهلك في الميدان‬
‫المعرفي و الفكري‪ .‬وهذا ما ينطبق على الدول العربية التي تعد المستهلك لما ينتجه غيرهم‪.‬‬
‫و المصطلح لم يوجد من عدم‪ ،‬فهناك جماعات متخصصة في صناعة المصطلحات الجديدة‪ ،‬و‬
‫هذا من البديهي دور المصطلحيين الذين يستندون إلى مبادئ و قواعد ومعطيات معينة لهذا‬
‫الغرض ‪ ،‬و بالتالي يعدونها للمترجم ‪ .‬كما هناك حقيقة يجب أال نغفل عنها تتمثل في ضرورة‬
‫امتالك المصطلحي لخلفية ترجمية لكي يتبين حاجات المترجم و مقتضيات عمله االصطالحية‪.‬‬
‫و هنا يتبادر إلى أذهاننا التساؤل اآلتي‪ :‬هل وضع المصطلح مقتصر فقط على المصطلحي ؟ أو‬
‫بعبارة أخرى هل يمكن أن يصبح المترجم مصطلحيا؟‬
‫يتمثل الدور األساسي للمترجم في إعادة صياغة المعنى في اللغة الهدف ‪ ،‬بإيجاد مقابالت‬
‫مناسبة‪ ،‬فأثناء ممارسة عمله الترجمي ‪،‬يصادف مختلف المصطلحات‪ ،‬و ال بد له أن يجد ويهتدي‬
‫إلى ترجماتهم في اللغة المقابلة‪ ،‬و لكن في حالة ما إذا لم يجد هذا المقابل في لغة الهدف‪ ،‬فهل‬
‫يمكنه أن يقوم بعمل فردي و ينتج مصطلحا مترجما؟‬
‫وحتى يتمكن المترجم من إيجاد المصطلح المقابل المناسب و نقله إلى اللغة الهدف بأمانة و‬
‫دقة ‪ ،‬فعليه‪ ،‬باإلضافة إلى مراعاة الضوابط االجتماعية و الثقافية و الحضارية و اللغوية للغة‬
‫الهدف‪ ،‬أن يتسلح بتكوين في علم المعاجم و المصطلحات ألنها أساس كل عمل ترجمي ‪،‬الذي ال‬
‫ينهض على إيجاد المعنى المقصود فحسب بل على امتالك المعرفة اللغوية‪".‬فالمترجم ال يبحث‬
‫عن األلفاظ المقابلة فقط‪ ،‬بل ينظر في صلتها بظروف وضعها و كيفية اختيارها كمقابالت‬

‫‪1‬‬
‫السعيد الخضراوي‪ ،‬الترجمة و المصطلح ‪ ،‬مجلة المترجم‪ ،‬العدد‪ ، 2‬ص‪. 58‬‬
‫‪59‬‬
‫لغوية"‪ .1‬ثم "يستحسن تدوينها لتسهيل األمر على نفسه‪ ،‬و غيره من المترجمين ليجنبهم نفس مشقة‬
‫البحث من جديد متى صادفوا تلك المصطلحات و يساعد أيضا على توحيد االستعمال"‪ .2‬فالمترجم‬
‫ال يستعمل المصطلح فقط‪ ،‬بل يعد منتجه و صانعه لحاجة إليه في نشاطه الترجمي‪.‬‬
‫فالمصطلحي يهتم بوضع مصطلحات جديدة بإتباع مبادئ اصطالحية معينة ‪ ،‬والتدوين‬
‫االصطالحي ‪ ،‬وتوحيد المصطلحات‪ ،‬بينما يهتم المترجم بفك شفرة النص األصلي بهدف فهم‬
‫المعنى ‪ ،‬ثم إعادة التعبير عنه بلغة الهدف ‪ .‬و بالرغم من أن تكوين كليهما يختلف‪ ،‬فإن هناك‬
‫ثالثة عوامل أساسية يشتركان فيها ‪.‬‬
‫أولهما اللغة‪ ،‬لكونها تشكل مضمونهما‪ ،‬أي أن مضمونهما لغوي ‪ ،‬ووسيلتهما أيضا لغوية‪ ،‬إ ْذ‬
‫يستعمالن اللغة كوسيلة للتبليغ‪ ،‬و هدفهما واحد يتمثل في اإلنتاج اللغوي‪.‬‬
‫أما العامل الثاني‪ ،‬فيتمثل في المعنى‪ ،‬فكالهما يشترك فيه‪.‬فبعد تحديد الميدان والمجال والسياق‬
‫يبحث كال من المصطلحي و المترجم عن المعنى المقصود للمصطلح وللنص المراد ترجمته‪ ،‬ثم‬
‫يقومان بالتعبير عنه باحترام ثقافة لغة الهدف و مراعاة خصوصيتها بالنسبة إلى المترجم‪ ،‬وشروط‬
‫المصطلح ووضعه بالنسبة إلى المصطلحي‪.‬‬
‫أما العامل الثالث فالمعرفة اللغوية‪ ،‬أي التحكم في اللغة وأنظمتها والمعرفة غير اللغوية ‪.‬‬
‫فالمترجم ال يقوم أثناء الترجمة باستبدال الكلمات من النصاألصلي إلى النص المقابل‪ ،‬بل ينبغي له‬
‫أن يقوم بتحليل دقيق للمفردات اللغوية بمساعدة تخصصه في الترجمة بذاتها و في ميدان علمي‬
‫محدد ‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار الخصائص المميزة لكل لغة‪.‬‬
‫تطور علم الترجمة في وضع المصطلحات‪:‬‬
‫منذ أن بدأ االحتكاك بين الجماعات البشرية المنظَّمة ‪ ،‬والترجمة شفهية كانت أم تحريرية تقوم‬
‫بدورها بوصفها أداة للتواصل اإلنساني ‪ .‬ولعل أقدم أجهزة الترجمة المؤطَّرة بمترجمين متخصصين‬
‫مزودين بمعاجم ثنائية اللغة ُوجدت في اإلمبراطورية البابلية في العراق قبل أكثر من ثالثة آالف‬
‫َّ‬

‫‪1‬‬
‫سعيدة عمار كحيل ‪ ،‬دراسات الترجمة‪ ، ،‬دار المجدالوي للنشر و التوزيع‪ ،‬األردن‪ ، 2011 ،‬ص‪. 30‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد الديداوي‪،‬الترجمة و التواصل‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬دار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ، 2009 ،‬ص‪. 50‬‬
‫‪61‬‬
‫سنة‪ .‬ومنذ ذلك الحين والترجمة تُعد فناً يعتمد على حذق المترجم وتمكنه من اللغتين الناقلة‬
‫المترجم‪.‬‬
‫والمنقول منها‪ .‬واطالعه على ثقافتيهما ‪ ،‬ومعرفته بموضوع النص ُ‬
‫وفي حوالي منتصف القرن العشرين الميالدي أخذت المحاوالت تتوالى إلخضاع الترجمة لمنهجية‬
‫علمية ووضع نظريات خاصة بالترجمة ‪ .‬وقد شجع على ذلك ثالثة تطورات‪:‬‬
‫‪ -1‬التطور الذي أصاب علم اللغة بشكل عام ‪ ،‬ونظريات الداللة بشكل خاص‪.‬‬
‫‪ -2‬ظهور نظرية االتصال على أيدي باحثين أبرزهم ”مورس“ و“جورج ميلر“ ‪.‬‬
‫‪ -3‬االستعانة بالحاسوب في إجراء الترجمات اآللية وما يتطلب من منهجية وتنسيق وضبط‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ظهور عدد من نظريات الترجمة في الشرق والغرب ‪ ،‬فإنه ما زال كثيرون يجادلون‬
‫في أن الترجمة المنهجية أمر مستحيل ولهم في ذلك حججهم يقابلهم آخرون ممن يعتقدون بإمكان‬
‫إنتاج هذا النوع من الترجمة وعدم استحالتها ‪ .‬فالفريق األول يؤكد الفروق البنيوية بين اللغات وعدم‬
‫مطابقة بينها في النواحي الصوتية والصرفية والنحوية والداللية واألسلوبية ‪ ،‬ولهذا يستحيل نقل‬
‫النصوص من لغة إلى أخرى بصورة مضبوطة ‪ ،‬في حين يذهب الفريق الثاني إلى أن البشر جنس‬
‫واحد وخبراتهم متشابهة ‪ ،‬ويمكن التعبير عنها باللغات المختلفة التي هي واحدة في بنيتها العميقة‪.‬‬
‫مستويات تلقي المترجم للمعنى‪:‬‬
‫تمر عملية تلقي المعنى التي يقوم بها المترجم بمستويات ثالثة‪:‬‬
‫‪ -1‬المستوى األول‪ ،‬وهو اإلدراك‪ :‬وهذا اإلدراك يكون إما بصرياً في حالة المترجم التحريري الذي‬
‫يق أر النص المكون من حروف أو رموز مكتوبة ‪ ،‬أو سمعياً في حالة المترجم الفوري الذي يسمع‬
‫الكالم المكون من أصوات أو رموز مسموعة ‪ ،‬من خالل مرجعية المترجم الثقافية والمعرفية‪.‬‬
‫‪ -2‬المستوى الثاني‪ ،‬وهو التفكيك‪ :‬الذي يقوم فيه المترجم باستخدام آليات لسانية ‪ ،‬شكلية‬
‫‪،‬وداللية‪ ،‬لتحويل النص المكتوب أو المسموع إلى مفاهيم أو ٍ‬
‫معان ‪ ،‬جزءاً جزءاً‪.‬‬
‫‪ -3‬المستوى الثالث‪ ،‬وهو الفهم‪ :‬الذي يتطلب تجميع عناصر النص بعد تفكيكه واعادة بنائه لفهم‬
‫مضمونه‪ .‬وتقـول ماريان لدرير في هذا الشأن‪ " :‬فهم النص أو الخطاب هو عملية استنباط معنى‬

‫‪61‬‬
‫سلسلة متتابعـة مـن الك لمات المنطوقة أو المكتوبة ويتم ذلك بفضل اتحاد الدالالت اللسـانية مـع‬
‫المكمالت المعرفية‪. "1‬‬
‫وفي مبحث الداللة ‪ ،‬تطرقت نظريات الترجمة إلى طبيعة المعنى بتحليل العالقة بين الكلمة‬
‫والشيء والمفهوم أو بين الدال والمدلول والدليل ‪ .‬وبينت النظرية أن العالقة بين الشيء واسمه‬
‫عالقة اعتباطية غير ثابتة‪ .‬وحتى لو تمكنا من تحديد معاني الكلمات وحصرها في معجم ‪ ،‬فإن‬
‫ذلك ال يخدم المترجم كثي اًر‪ ،‬ألن الترجمة تُعنى من حيث األساس بنقل معنى النص‪ ،‬وليس معاني‬
‫الكلمات المفردة من لغة إلى أخرى ‪ ،‬والنص ال يتشكل من قائمة مفردات فحسب وانما من بنيات‬
‫نحوية وداللية وأسلوبية تنتظم فيها تلك المفردات‪ .‬ولهذا فإن معنى النص ال يساوي بطريقة حسابية‬
‫ٍ‬
‫معان طبقاً للسياق‬ ‫مجموع معاني المفردات المكونة له ‪ ،‬وعالوة على ذلك فإن للكلمة الواحدة عدة‬
‫الذي ترد فيه‪ .‬ومن ناحية أخرى فإن الثقافات المختلفة ال تتفق في تقطيع الواقع أو وصف الكون‪،‬‬
‫ولما كانت اللغة هي التي تنقل كل مظاهر الحضارة ‪ ،‬فإن اللغات ال تتفق في دالالت مفرداتها‬
‫وتراكيبها أو عدد تلك المفردات والتراكيب‪ .‬ومن هنا قد ال نجد لكلمة ما أو تركيب ما في إحدى‬
‫اللغات مقابالً كامالً أو جزئياً في لغة ثانية‪ .‬ويزداد الطين بلة إذا كان األمر يتعلق بترجمة نص‬
‫شعري ‪ ،‬إذ ال يقتصر األمر آنذاك على نقل الدالالت الحقيقية والهامشية واإليحائية للكلمات‬
‫فحسب ‪ ،‬بل يتعلق األمر كذلك بصعوبة مجاراة المكونات الصوتية كالنبر واإليقاع والنغم للمحافظة‬
‫على الوزن األصلي ‪ ،‬ناهيك عن القافية وتأثيراتها الصوتية والنفسية‪.‬‬
‫ولهذه األسباب وغيرها ‪ ،‬قد يضطر المترجم إلى سد بعض الثغرات اللغوية أو األسلوبية أو الثقافية‪،‬‬
‫إلبالغ فحوى النص المترجم إلى المتلقي على أفضل وجه ‪.‬وهذا أدى إلى ظهور أنواع ومستويات‬
‫متعددة من الترجمة‪.‬‬
‫المعنى بين المصطلحي والمترجم‪:2‬‬

‫من الواضح أن كال من المترجم الذي ينقل نصاً من اللغة أ إلى اللغة ب‪ ،‬والمصطلحي الذي ينقل‬
‫مصطلحات من اللغة أ إلى اللغة ب‪ ،‬يعنى بنقل معنى تلك المادة ‪ .‬فكالهما يسعى إلى الهدف‬

‫‪1‬‬
‫‪Lederer, Marianne : La Traduction aujourd’hui, le modèle interprétatif. p 212‬‬
‫‪2‬‬
‫علي القاسمي‪ ،‬علم المصطلح‪ ،‬ص‪.300‬‬
‫‪62‬‬
‫ذاته ‪ ،‬أي فهم المعنى المقصود ونقله بدقة وأمانة‪ .‬وهذا يتطلب منهما تمكناً من اللغتين‪ ،‬ودراية‬
‫معمقة ببنياتهما الصرفية ‪ ،‬وتراكيبهما النحوية ‪ ،‬وأساليبهما ‪ ،‬وثقافتيهما ‪ .‬ولهذا يبدو ألول وهلة أن‬
‫المصطلحي والمترجم يؤديان الوظيفة ذاتها ‪ ،‬وال بد أنهما يحتاجان إلى ذات اإلعداد والتكوين‬
‫نفسه‪ .‬ولكننا إذا أمعنا النظر في األمر ألفينا فروقاً ال يمكن إغفالها‪.‬‬
‫فالمصطلحي ال ُيعنى بنقل المصطلحات من لغة إلى أخرى فقط ‪ ،‬وانما له وظيفتان أخريان‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬توليد المصطلحات القائمة باللغة ذاتها دون االنطالق من لغة ثانية وانما االنطالق من‬
‫المفهوم المطلوب التعبير عنه بمصطلح لغوي‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬توحيد المصطلحات القائمة في اللغة ‪ ،‬بحيث يعبِّر المصطلح الواحد عن مفهوم واحد ‪،‬‬
‫وي َّ‬
‫عبر عن المفهوم الواحد بمصطلح واحد‪،‬في الحقل العلمي الواحد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ومن ناحية أخرى ‪ ،‬فإن المترجم يتعامل دائماً تقريباً مع نص كامل يرغب في نقله من لغة إلى‬
‫أخرى ‪ ،‬في حين أن المصطلحي ال يتعامل في العادة إال مع مصطلح واحد‪ ،‬بسيط ًا كان أو مركب ًا‪،‬‬
‫وال يعالج نصاً كامالً إال إذا كان يقوم بدراسة طبيعة لغة علم من العلوم من حيث بنياتها وأساليبها‪،‬‬
‫أو بدراسة السياقات التي يرد فيها المصطلح‪.‬‬
‫ومن ناحية ثالثة‪:‬‬
‫فإنه على الرغم من أن كالً من المصطلحي والمترجم ُيعنى بالمعنى ويسعى إلى استيعابه ونقله‪،‬‬
‫فإن كل واحد منهما يبحث عن شيء مختلف‪ .‬فالمصطلحي يبحث عن معنى الشيء أو المفهوم‬
‫الذي يمثله اللفظ المراد ترجمته‪ .‬في حين يبحث المترجم عن معنى التسمية التي ُيسمى بها ذلك‬
‫الشيء أو المفهوم ‪.‬‬
‫وهكذا فإن المصطلحي مضطر إلى التعرف على ماهية الشيء وتحديد عناصره الرئيسة‪ ،‬والوقوف‬
‫على جنسه وفصله‪ ،‬ليتمكن من إلحاقه‬
‫بمنظومة المفاهيم التي ينتمي إليها ‪ .‬أما المترجم فال تعنيه تلك األبحاث المنطقية والوجودية بقدر‬
‫ما يعنيه معرفة معنى الكلمة في السياق الذي استعملت فيه ‪ ،‬ومن ثم معرفة المعنى الكلي للعبارة‬
‫والفقرة اللتين يقوم بترجمتهما‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬
‫آليات صناعة المصطلح‬
‫‪ - 0‬القتراض (التعريب)‬

‫على الرغم من أن للفظ عدة دالالت في االستعمال اللغوي الحديث والقديم ‪ ،‬فإنه في‬
‫المصطلحية يعني‪ " :‬نقل اللفظ األجنبي إلى اللغة العربية دون تغيير ويسمى دخيالا ‪ ،‬أو مع‬
‫تغيرات معينة ينسجم مع النظامين الصوتي والصرفي للغة العربية ويسمى اللفظ في هذه الحالة‬
‫المعرب‪" :‬‬
‫َّ‬ ‫عرب ا "‪ .1‬من أمثلة الدخيل‪ " :‬األوكسجين ‪ ،‬والنيتروجين ‪ ،‬والتلفون " ومن أمثلة‬
‫” ُم َّ‬
‫الفلسفة ‪ ،‬والبنج "‪ .‬ويطلق على التعريب بنوعيه أحياناً اسم االستعارة ‪ ،‬وهي عملية عرفتها اللغات‬
‫عموماً حينما يعمد الناطقون بلغة ما إلى استعارة ألفاظ من لغة أخرى عندما تدعو الحاجة إلى‬
‫ذلك‪ .‬وتط أر على األلفاظ المستعارة تغييرات صوتية وصرفية لتنسجم مع بنية اللغة المستعيرة‬
‫وتندمج فيها ‪ ،‬ويسهل االشتقاق منها ‪ ،‬ولهذا فقلما يوجد الدخيل الصرف ‪ ،‬مما حدا بغير‬
‫المختصين بإطالق لفظي الدخيل والمعرب على اللفظ المستعار واستخدام هذين اللفظين وكأنهما‬
‫مترادفان‪.‬‬
‫قواعد تعريب المصطلح األجنبي‪:2‬‬
‫وضعت المجامع العربية بعض القواعد ينبغي مراعاتها عند تعريب األلفاظ األجنبية والتي‬
‫تضمنتها توصيات ندوة " توحيد منهجيات وضع المصطلح " ‪ .3‬مر ذكر هذه التوصيات في‬
‫محاضرة )مراكز البحوث في النظرية العامة لعلم المصطلح العلمي العربي) ‪ ،‬وأهم هذه التوصيات‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ ترجيح ما سهل نطقه في رسم األلفاظ المعربة عند اختالف نطقها في اللغات األجنبية ‪ ،‬فإذا‬
‫ُوجدت طريقتان لنطق الكلمة الواحدة باللغةاالنجليزية ‪ ،‬مثالً ”تُليب“ و“تيوليب“ نختار النطق األول‬
‫ألنه أيسر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ميسون علي جواد التميمي ‪ ،‬تحديد مصطلح التعريب لغة واصطالحا‪ ،‬صحيفة اللغة العربية ‪ ،‬المؤتمر األول للغة العربية ‪،‬‬
‫‪ ،2018‬ص‪. 31‬‬
‫‪2‬‬
‫ينظر‪ :‬شحادة الخوري‪ ،‬نحو منهجية موحدة لوضع المصطلح‪ ،‬بحث في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق‪ ،‬مج ‪ ،1‬ج‪.1‬‬
‫‪3‬‬
‫منهجية مكتب تنسيق التعريب في اختيار المصطلحات العلمية ووضعها‪ ،‬من مجلة " اللسان العربي‪ ،‬العدد جوان ‪.2012‬‬
‫‪64‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ التغيير في شكله حتى يصبح موافقاً للصيغة العربية ومستساغاً‪ .‬وقد يشمل هذا التغيير‬
‫أصوات الكلمة أو صيغها أو كليهما ‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬كلمة“فيلوسوفيا“ اليونانية التي ُعِّربت بلفظ‬
‫”فلسفة“ على وزن ”فعللة“‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ اعتبار المصطلح عربيا يخضع لقواعد اللغة ‪ ،‬ويجوز فيه االشتقاق والنحت ‪ ،‬وتسخدم فيه‬
‫أدوات البدء واإللحاق مع موافقته للصيغة العربية‪.‬ومن أمثلة ذلك الكلمة المقترضة ”تلفون“ التي‬
‫اشتق منها على وزن ”فعلل“‪ :‬تَْلفَ َن يتلفن تلفنة ‪.‬‬
‫المعرب منها خاصة ‪ ،‬بالشكل حرصا على صحة نطقها ودقة‬
‫‪ 8‬ـ ـ ـ ضبط المصطلحات عامة ‪ ،‬و َّ‬
‫أدائها‪.‬‬
‫التعريب ومشكالته في الوطن العربي‪:‬‬
‫أثارت عملية صناعة المصطلحات وبرمجتها واالتفاق عليها إشكاليات عدة لدى اللغات الحية كافة‪،‬‬
‫ولذا فمن المتوقع أن تكون أكثر حدة لدى العربية وفي العالم العربي بشكل خاص‪ ،‬فقد حملت‬
‫النهضة العلمية الحديثة للعالم العربي طموحات كبيرة وتحديات كثيرة‪ ،‬ولعل من أبرزها تعريب‬
‫المفاهيم والمصطلحات‪ ،‬والمتتبع لمسيرة نقل العلوم والتقنيات إلى اللسان العربي يجد أن العاملين‬
‫في حقل التعريب قد واجهوا متاعب عديدة نتيجة لسرعة تدفق العلوم والمعارف‪ ،‬وما تحمل من‬
‫مفاهيم ومصطلحات وتقنيات‪ ،‬وما تتطلبه من معادل لغوي عربي‪ .‬ويالحظ أنه على الرغم من‬
‫الحماس والجهود المبذولة؛ إال أنه لم تكن هناك سياسة واضحة أو منهجية محدودة متفق عليها‬
‫التزم بها العاملون في مؤسسات التعريب والجامعات والمؤسسات التربوية؛ ولذلك فقد تعددت‬
‫االجتهادات وتباينت اآلراء أثناء عملية نقل وتعريب المصطلحات ‪.‬وقد استوقفت إشكالية تعريب‬
‫كثير من الباحثين‪ ،‬ومن الذين أثارت حفيظتهم عبد القادر الريحاوي حيث يقول" ‪ :‬إن‬
‫المصطلح ًا‬
‫معضلة المصطلح ما زالت قائمة؛ إذ تتفاوت المصطلحات في مستواها وقابليتها للبقاء والشيوع‪،‬‬
‫كما يختلف تعريب المصطلح الواحد باختالف البلدان والمعاجم واألفراد‪ ،‬وال يكاد يتفق معربان من‬
‫بلد واحد على صياغة مصطلح واحد‪."1‬‬

‫‪1‬‬
‫ينظر‪ ،‬إبراهيم بن محمود حمدان‪ ،‬تعريب المصطلح بين الواقع والطموح‪ ،‬دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬المجلد‪، 34‬‬
‫العدد ‪.2007 ،2‬‬
‫‪65‬‬
‫أولا‪ :‬الدللت المختلفة للفظ التعريب‪:‬‬
‫بعد استقراء االستعمال اللغوي الحديث للفظ التعريب وجدنا لهذه الكلمة أربع دالالت رئيسة‬
‫نجملها فيما يأتي مرتبة من الخاص إلى العام‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ التعريب هو نقل الكلمة األجنبية ومعناها إلى اللغة العربية كما هو دون تغيير فيها أو مع‬
‫إجراء تغير وتعديل لينسجم نطقها مع النظامين الصوتي والصرفي للغة العربية لتتفق مع الذوق‬
‫العام للسامعين ‪ ،‬ولتيسير االشتقاق منها‪.‬وعند نقل اللفظ األجنبي كما هو إلى اللغة العربية يسمى‬
‫دخيالً‪ ،‬وعند تغييره يسمى معرباً‪ .‬ويطلق على هذه العملية برمتها االقتراض اللغوي أو االستعارة‬
‫اللغوية‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ التعريب هو نقل معنى اللفظ األجنبي وهذا االستعمال يسمى حقيقة ترجمة وليس تعريباً‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ التعريب هو استخدام اللغة العربية لغة لإلدارة أو التدريس أو لكليهما ‪ .‬وقد استخدم لفظ‬
‫التعريب بهذا المعنى مع إقدام الدول األوربية وخاصة بريطانيا وفرنسا وايطاليا على استعمار البالد‬
‫العربية أو فرض الحماية والوصاية عليها‪ .‬وقامت هذه األقطار بفرض لغاتها في التدريس واإلدارة ‪.‬‬
‫وعندها بدأت المطالبة بإحالل اللغة العربية محل اللغات األجنبية في المجالين المذكورين ‪ .‬وهكذا‬
‫يصبح التعريب بهذا المعنى اختيا اًر أساسياً وحضارياً‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ ـ ـ التعريب هو اتخاذ قطر بأكمله اللغة العربية لغة حضارية له أي تصبح لغة التخاطب والكتابة‬
‫السائدة فيه ‪ ،‬وتمثل الثقافة العربية االسالمية ‪.‬‬
‫وفي حقيقة األمر استخدم التعريب بهذا المعنى في صدر اإلسالم إبان الفتوحات اإلسالمية ‪،‬‬
‫والتعريب بهذا المعنى عملية تمت نتيجة لتظافر عوامل ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية‬
‫ثانيا‪ :‬هل التعريب ضرورة؟‬
‫رب قائل ‪ :‬لِ َم التعريب أال نستطيع تدريس العلوم والمعارف بلغة عالمية تفتح لنا باباً واسعاً على‬
‫التطور العلمي والتكنولوجي في العالم العربي‪ ،‬وتيسر لطالبنا دراستهم العالية في أوروبا وأمريكا‪،‬‬
‫وتسهل ألطبائنا ولمهندسينا االطالع على ما ينشر من أبحاث ود ارسات في ميدان تخصصهم ‪،‬‬

‫‪66‬‬
‫وغيرها من الفوائد المرجوة من استخدام اللغة األجنبية‪ .‬وحقيقة األمر فإن للتعريب ضرورات سياسية‬
‫واجتماعية واقتصادية وحضارية ونفسية وتربوية ولغوية‪.1‬‬
‫ال ما لم تستكمل استقاللها‬
‫ال كام ً‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ فمن الناحية السياسية ال يعد استقالل البالد استقال ً‬
‫االقتصادي والثقافي ‪ ،‬ويكون ذلك باستخدام لغتها القومية في مؤسساتها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ ومن الناحية الجتماعية تقوم اللغة القومية بوظيفة أداة االتصال التي تربط بين أبناء األمة‬
‫الواحدة في حاضرها ‪ ،‬وبين أجيالها السابقة والالحقة فاللغة القومية هي عنوان وحدة األمة‬
‫وتما سكها ‪،‬وليس من المعقول أن تقوم لغة أجنبية بهذا الدور ألنها ستكون قاصرة على نخبة من‬
‫األمة وليس باستطاعة جميع أبناء األمة على اختالف مستوياتهم االقتصادية واالجتماعية والفكرية‬
‫اتقان هذه اللغة األجنبية واستخدامها بطالقة كأداة اتصال وتفاهم في جميع األغراض الحياتية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ ومن الناحية القتصادية تتوقف خطط التنمية االقتصادية على تفهم جميع قطاعات الشعب‬
‫لها وتعاونهم في سبيل تنفيذها ‪ ،‬وال يمكن تحقيق ذلك إال من خالل المؤسسات التعليمية‬
‫واإلعالمية كالصحافة واإلذاعة والتلفزة وهذا يتطلب أساساً محو األمية ‪ ،‬أي تعليم أبناء الشعب‬
‫القراءة والكتابة وهي عملية صعبة تتطلب جهودا مركزة ‪ .‬ومعروف أن محو األمية ال يتم باستخدام‬
‫لغة أجنبية وانما باستخدام اللغة الوطنية التي يستخدمها الناس وتشكل جزءا من ثقافتهم عليهم‬
‫تعلمها‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ ـ ـ ومن الناحية الحضارية نعلم أن العرب حملة مشعل حضارة عالمية هي الحضارة اإلسالمية ‪،‬‬
‫ومن واجبهم تقديم العقيدة االسالمية إلى العالم أجمع خدمة لإلنسان في كل مكان‪ ،‬وكانت إرادة اهلل‬
‫عزوجل أن يتخذ الدين اإلسالمي من اللغة العربية لغة أساسية له‪ .‬وعليه فإن اختيار اهلل تعالى‬
‫العربية لغة لدينه الحنيف‪ .‬أضحى من واجب العرب تعليم العربية لغير الناطقين بها في كل مكان‬
‫‪ ،‬وكيف يستطيع العرب نشر العربية بين غيرهم إذا أهملوها في ديارهم واستخدموا لغة أجنبية في‬
‫مدارسهم ومعاهدهم ‪.‬‬
‫‪ -8‬ومن الناحية النفسية أشار علماء النفس إلى أن تلقين الطفل العلوم والمعارف بلغة أجنبية‬
‫يخلق فيه عقدة النقص والشعور باالنحطاط ‪ ،‬إلحساسه بأن اللغة التي يتحدث بها والداه ويتخاطب‬

‫‪1‬‬
‫عبد القادر عبد الجليل‪ ،‬التنوعات اللغوية‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع ‪،‬عمان‪ ،‬ص‪. 323‬‬
‫‪67‬‬
‫بها مجتمعه وامتلك ناصيتها ليست مؤهلة لتوصيل المعارف أو العلوم‪.‬وبالتالي فإن ثقافته التي‬
‫تشكل اللغة أساسها ليست على قدم المساواة مع الثقافة األجنبية التي تستعمل لغتها في التدريس‪.‬‬
‫‪ -8‬ومن الناحية التعليمية والتربوية ثبت بالخبرة والتجربة أن الطلبة الذين يتلقون المادة العلمية‬
‫بلغتهم يستوعبونها بصورة أعمق مما لو تلقوها بلغة أجنبية ويتذكرونها لمدة أطول ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ ـ ـ ومن الناحية اللغوية فإننا نقضي على اللغة العربية بالجمود فيما إذا رفضنا استخدامها في‬
‫تدريس العلوم والتقنيات ‪ ،‬فنمو اللغة وتطورها يسير وفقاً لقانون االستعمال واإلهمال المعروف‬
‫والقائل " كل عضو يهمل يضعف ويضمر"‪.‬‬

‫ثالث ا‪ :‬معوقات التعريب في الوطن العربي‪:‬‬


‫إذا قارنا الوضع الحالي للتعريب بما كان عليه صبيحة استقالل األقطار العربية لوجدنا أن هذه‬
‫األق طار خطت خطوات مهمة في تعزيز استقاللها الثقافي واستخدام لغتنا القومية‪ ،‬ولكننا نالحظ‬
‫أيضاً أن التعريب يعترضه معوقات ‪ ،‬وهذه المعوقات تتعلق بالمقومات األربع األساسية للعملية‬
‫التربوية وهي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ األستاذ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ الكتاب‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ الطالب‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ ـ ـ لغة التدريس‪.‬‬
‫ويمكن إجمال أهم هذه المعوقات باآلتي‪:1‬‬
‫‪ 1‬ـ ـ ـ عدم وجود أطر وطنية معربة للقيام بتدريس الموضوعات باللغة العربية ‪ ،‬فقد عمدت السلطات‬
‫االستعمارية والفرنسية واالنجليزية إلى عرقلة تكوين أطر وطنية لتبقى إدارة البالد وتسيير شؤونها‬
‫بيد المستعمر‪.‬ولم تسمح إال بتكوين أطر وطنية ثانوية ‪ ،‬وهكذا لم يكن في مقدور البالد المستقلة‬
‫حديثا الدخول في مغامرة تعريب فوري لعدم وجود هذه األطر الوطنية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ينظر‪ ،‬إبراهيم بن محمود حمدان‪ ،‬تعريب المصطلح بين الواقع والطموح‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ النقص في الكتاب المدرسي‪ ،‬بل عدم وجود كتب مدرسية عربية لتدريس الموضوعات‬
‫المختلفة في المراحل التعليمية المتباينة إبان استقالل البالد‪ ،‬فالمواد كانت تدرس باللغة األجنبية‬
‫والمناهج المدرسية المعتمدة هي األجنبية بعينها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ـ من ناحية أخرى فإن الطالب غير المعرب يجعل من الصعب على المسؤول التربوي اتخاذ‬
‫قرار بالتعريب الشامل ‪ ،‬ألن هذا الطالب ال يستطيع مواصلة التعليم عند تغيير لغته فجأة ‪ ،‬ولهذا‬
‫فالبد من تبني التعريب من المراحل التعليمية الدنيا إلى المراحل التعليمية العليا ‪ ،‬وهذا يتطلب‬
‫تخطيطا ووقتا ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ ـ ـ لعل لغة التعليم كانت العامل األساس في عرقلة التعريب وتبطيئها ‪ .‬فقد واجه العرب في‬
‫القرن العشرين مشكلة توليد مصطلحات علمية وتقنية عربية لسيل المفاهيم الجديدة المتدفق ‪ .‬وكان‬
‫تفاقم المشكلة ناجما أساساً عن عدم استخدام العربية في التعليم والتعلم ألكثر من أربعة قرون ‪،‬‬
‫فضالً عن التراجع العلمي الذي كانت تعانيه األمة العربية وانعدام البحث العلمي وتوقف حركة‬
‫االختراع واالبتكار واالكتشاف وحتى المصطلحات العلمية العربية التي كانت مستعملة بغ ازرة إبان‬
‫ازدهار الحضارة العربية اإلسالمية كانت قد اندثرت وأصبحت في عداد المفردات العربية المهملة‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫المحاضرة التاسعة‬
‫آليات صناعة المصطلح‬
‫‪ - 3‬التوليد‬
‫يتفق علماء اللسانيات على أن من خصائص اللغة بوجه عام قدرتها على التطور والنمو‪ ،‬وذلك‬
‫باستخدام وسائل صرفية ونحوية لتوليد ألفاظ ومدلوالت وتراكيب لغوية جديدة للتعبير عما يستجد‬
‫من حاجات ومفاهيم في المجتمع ‪ .‬واذا علمنا أن اللغة العربية هي أطول اللغات العالمية عم اًر ‪،‬‬
‫وأثراها لفظاً ‪ ،‬وأقدرها على النمو اللفظي والداللي لما تتحلى به من خصائص اشتقاقية فريدة ‪ ،‬تأكد‬
‫لنا َّ‬
‫أن بوسع لغتنا العربية أن تعبر عن سيل المفاهيم العلمية والتقنية الجديدة المتدفق باستمرار‬
‫‪.‬وليست هذه المرة األولى التي تواجه فيها اللغة العربية تدفقاً مفاجئاً من مفاهيم إنسانية وعلمية لم‬
‫تعهدها من قبل‪ ،‬بل حدث أكثر من مرة في تاريخها‪ ،‬فقد جاء اإلسالم بمفاهيم فلسفية ودينية‬
‫واقتصادية واجتماعية وعلمية جديدة ‪ ،‬واستجابت اللغة العربية لهذه المفاهيم بتوليد المصطلحات‬
‫التي تعبر عن هذه المفاهيم كالصالة ‪،‬والوضوء ‪،‬والزكاة ‪،‬والخالفة واإلمامة ‪ ،‬والحضانة ‪،‬والنفقة‬
‫وغيرها ‪ ،‬وهي مصطلحات لم توجد في اللغة العربية من قبل بمدلولها الجديد ‪ .‬وفي العصر‬
‫األموي أمر الخليفة عبد الملك بن مروان بتعريب الدواوين التي كانت بيزنطية في الشام وفارسية‬
‫في العراق ‪ .‬وسرعان ما جادت العربية بمصطلحات جديدة في اإلدارة والسياسة واالقتصاد ‪.‬‬
‫فظهرت ألفاظ جديدة كالدينار والدرهم والبريد والديوان وغيرها‪ .‬وفي العصر العباسي أنشأ الخليفة‬
‫المأمون بن هارون الرشيد دار الحكمة ببغداد لتنسيق عملية فلسفة اإلغريق والهنود والفرس‬
‫وعلومهم وآدابهم إلى اللغة العربية‪ .‬وسرعان ما زخرت اللغة العربية بمصطلحات جديدة في الفلسفة‬
‫والمنطق والرياضيات والكيمياء‪ ،‬وغيرها ‪ ،‬وفي عصور ازدهار الحضارة العربية اإلسالمية كانت‬
‫اللغة العربية تَُزِود العلماء المسلمين دوماً بالمصطلح المالئم للتعبير عن مخترعاتهم ومكتشفاتهم‬
‫ونظرياتهم في العلوم والفنون‪ .‬بحيث تلجأ العربية إلى الوسائل اللغوية المقننة الخاصة بالتطور‬
‫اللغوي وصناعة المصطلح ونموه‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ .2‬التوليد في اللغة العربية‪:‬‬
‫تدل ألفاظ اللغة على المفاهيم التي يتداولها الناطقون بتلك اللغة‪ .‬ولكن عندما يظهر مفهوم جديد لم‬
‫يكن معروفاً من قبل فإن اللغة قادرة على إيجاد لفظ يعبِّر عن ذلك المفهوم ‪ .‬ويصطلح على عملية‬
‫إيجاد ذلك اللفظ باسم ”التوليد“ أو ” الوضع“ ويمثل كل من هذين المصطلحين استعماالً مجازياً من‬
‫والدة الطفل الجديد‪ ،‬كما لوكانت اللغة امرأة ولوداً ‪ ،‬أبناؤها األلفاظ وبناتها الكلمات ‪ .‬وهكذا فإنه‬
‫يمكن القول ‪ :‬إن كلمات اللغة على نوعين‪ :‬كلمات مألوفة في اللغة اكتسبناها في طفولتنا وأثناء‬
‫تعلُّمنا ‪ ،‬وكلمات مولدة بدافع الحاجة والضرورة ‪ ،‬ويطلق على هذه الكلمات المولدة أحياناً اسم ”‬
‫الم َح َدثة“‪.‬‬
‫ُ‬
‫وان توليد وتوالد المفردات يخضع لمبادئ وقيود نظرية ومنهجية من شأنها أن تكون علما مستقال‬
‫هو المصطلحية وبديهي أن يكون هذا العلم فرعا من فروع علم اللسان‪ ،‬وأن يستورد أصوال نظرية‬
‫وحلوال علمية من هذه الفروع ‪ ،‬فمن موارد بناء هذا العلم ضوابط التوليد ‪ Neology‬واألثالة‬
‫‪Etymology‬والمعجميات ‪ Lexicology‬بما تضم من جوانب داللية ‪ Semantics‬وصرفية‬
‫‪Morphology‬على الخصوص‪ ،‬كذلك ضوابط الترجمة‪.3 1‬‬
‫‪ 2.2‬أنواع التوليد‪:‬‬
‫لقد أصبح مفهوم التوليد ‪ Neology‬يستعمل اآلن في اللسانيات المعاصرة ويقصد به السياق‬
‫األساسي الذي يكشف عن إنتاج العناصر المستحدثة داخل مجموع مفردات لغة ما‪ ،‬إال أن إنتاج‬
‫هذه العناصر أو الوحدات المعجمية الجديدة ال يتم بنفس الكيفية داخل اللغة‪ ،‬بعبارة أخرى‪ ،‬فإن‬
‫توليد الت ا ركيب والدالالت الجديدة التي تنمو بها الشبكة المفرداتية للمعجم العام تختلف إلى حد‬
‫ما عن الكيفية التي تنمي بها اللغات النظرية معاجمها الخاصة‪ .2‬لذا يجب أن نميز بالنسبة إلنتاج‬
‫وحدات جديدة في معجم اللغة بين نوعين من التوليد‪:‬‬
‫أ ‪ -‬التوليد العفوي‪ :‬وهو الذي تولد بمقتضاه وحدات وتموت أخرى وتتجدد اللغة بين حركة الموت‬
‫واإلحياء‪ .‬ويهتم كذلك بالوحدات المعجمية المنشأة من طرف المستعملين العاديين للغة وذلك‬

‫‪1‬‬
‫اللسانيات وتوليد المصطلحات‪ 2009 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد العزيز مطاد‪ ،‬المصطلحية واللغة العربية من المقاربات التقليدية إلى المناهج الحديثة‪ 2019 ،‬ص ‪.182‬‬
‫‪71‬‬
‫باستعمال آليات اشتقاقية وتشبيهية ومجازية وغيرها‪ 1‬يرتكز هذا النوع من التوليد عند دارسيه‪ ،‬على‬
‫جمع طائفة من المفردات الجديدة التي ظهرت في حقبة معينة في تاريخ وحياة العشيرة اللغوية‪،‬‬
‫باعتبار أنه تطور الشعوري يتم في كل لغة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أما التوليد المقصود‪ :‬هو ما تقوم به طائفة متخصصة من خلق لوحداتها المصطلحية‬
‫األفرد أو هيئة‬
‫ا‬ ‫ألغرض علمية‪ .‬وذلك بأن يقوم فرد أو مجموعة من‬
‫ا‬ ‫وتضمينها بمفاهيم محددة‬
‫علمية أو مجمع لغوي بعملية تطوير لبعض ألفاظ اللغة‪ ،‬وخاصة فيما يتصل بالمصطلحات‬
‫العلمية‪ ،‬ألن هذا النوع من الخلق ال ينظر إليه باعتباره صدفة تاريخية ولكنه حركة لغوية واعية‬
‫للمتكلم في إطار نظام لغوي ‪ ، system linguistics‬تتوقف فيه الوحدة المصطلحية على شروط‬
‫التواصل الموجودة داخل ذلك التخصص‪ ،‬فهو إذن ذلك التطور المقصود المعتمد‪ ،‬الذي يقوم به‬
‫المهرة في صناعة الكالم‪ ،‬أو ما تقوم به المجامع اللغوية لهدف ما أو آلخر‪ .2‬وهو قسمين صوري‬
‫وداللي‪ .‬ويمكن ان نوضح ذلك بمخطط‪:‬‬
‫توليد المصطلح‬

‫المقصود‬ ‫العفوي‬

‫الداللي‬ ‫الصوري‬
‫‪ 0 .1‬التوليد الصوري‪:‬‬
‫اخترع مصطلحات جديدة للتعبير عن مستجدات الحياة أو لتسمية بعض‬
‫ا‬ ‫إن من أوجه نمو اللغة‬
‫المخترعات‪ .‬ولهذا الغرض تتيح اللغة إمكانيات متعددة للتوليد‪ ،‬منها ما هو داللي ومنها ما هو‬

‫‪1‬‬
‫اللسانيات واللغة العربية‪ 1168 ،‬ص ‪113‬‬
‫‪2‬‬
‫المصطلحية واللغة العربية ‪ ،‬من المقاربات التقليدية إلى المناهج الحديثة‪ ،‬ص ‪.188‬‬
‫‪72‬‬
‫صوري فما المقصود بهذا األخير (التوليد الصوري) وكيف تسهم آلياته في نقل المصطلح اللساني‬
‫التوليدي ؟‬
‫التوليد الصوري هو عبارة عن خلق متوالية صوتية جديدة بواسطة استعمال أدوات لسانية متعددة‬
‫االقترضات والنحت والتركيب الخ‪ ،‬والتوليد‬
‫تتمثل في مجموع العمليات االشتقاقية والتعريبية و ا‬
‫االخترع هو عمل لساني محض باعتبار أن‬
‫ا‬ ‫اخترع ‪ ،‬و‬
‫ا‬ ‫الصوري المصطلحي في هذا المقام هو‬
‫توليد المصطلحات عمل يشرف عليه مسؤولون محترفون لهم قدرة التدخل في اللغة وخلق وحدات‬
‫االقترض) الخ‪.‬‬
‫ا‬ ‫غير معروفة‪ .1 1‬ومن بين آلياته نجد (االشتقاق‪ ،‬النحت التركيب‪،‬‬
‫‪ 3 .2‬التوليد الدللي‪:‬‬
‫إذا كان التوليد الصوري يعتمد على خلق وحدات مصطلحية لم تكن موجودة قبال في معجم اللغة‪،‬‬
‫مستعينا في ذلك بوسائل االشتقاق والصرف‪ ،‬فإن التوليد الداللي يرتكز على الوحدات الموجودة في‬
‫معجم اللغة‪ ،‬لكن بصرف الداللة القديمة عن الوحدة ثم إدخال المفهوم الطارئ‪ 2.2‬والتوليد الداللي‬
‫على حد قول د‪ .‬محمد غاليم يتعلق بإعطاء قيمة داللية جديدة لبعض الوحدات المعجمية تسمح‬
‫لها بالظهور في سياقات جديدة لم تتحقق فيها من قبل‪ . 1 3‬ويتميز التوليد الداللي عن باقي‬
‫أشكال الصوغ المصطلحي في كون المادة الدالة أو الشكل المستعمل كأساس‪ ،‬هو ذو وجود قبلي‬
‫داخل المعجم كمورفيم معجمي دون أن يلحقه أدنى تغيير على المستوى الصرفي‪ -‬الصوتي أو‬
‫تعديل في شكله الداخلي أو الخارجي‪ ،‬وهو في ذات الوقت يشكل وحدة داللية جديدة‪ .‬فكما اختلفت‬
‫أشكال التعبير عن التوليد الصوري للمصطلح‪ ،‬فقد اختلفت أيضا هذه األشكال بخصوص التوليد‬
‫الداللي‪ ،‬لكن المحتوى يبقى هو نفسه رغم اختالف االصطالحات الدالة عليه بين مختلف‬
‫الباحثين‪ .4‬ومن بين أهم آلياته نجد (المجاز والترجمة وتغيير المقوالت النحوية)‪.‬‬
‫ويمكن توظيف هذه اآلليات (آليات التوليد الصوري والتوليد الداللي) في نقل المصطلح اللساني‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫المصطلحية واللغة العربية من المقاربات التقليدية إلى المناهج الحديثة‪ 2019 ،‬ص ‪180‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪188‬‬
‫‪3‬‬
‫التوليد الداللي في البالغة والمعجم‪ 1169 ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪4‬‬
‫المصطلحية واللغة العربية من المقاربات التقليدية إلى المناهج الحديثة‪ 2019 ،‬ص ‪.188 – 188‬‬
‫‪73‬‬
‫‪ - 1‬التوليد الصوتي‪ :‬يتم التوليد الصوتي بمحاكاة األصوات لوضع اسم جديد ‪ ،‬كما هو الحال‬
‫في إطالق عدد من اللغات األوروبية اسم ”كوكو“ على طائر معين‪ .‬وهذا االسم جاء نتيجة‬
‫لمحاكاة صوت الطائر‪ .‬ويمكن أن نعد من هذا الباب في اللغة العربية‪ ،‬اسم ”تأتأة“ التي تشير إلى‬
‫تلعثم المتكلم وتك ارره حرف التاء عند النطق‪ ،‬فالفعل ”تأتأ“ هو محاكاة صوتية لظاهرة التلعثم‬
‫وتكرار حرف التاء‪.‬‬
‫‪ - 0‬التوليد النحوي‪ :‬يتم التوليد النحوي بإحداث كلمة جديدة من أصول لغوية قائمة على وزن‬
‫صرفي معلوم‪ ،‬أو بضم كلمتين مألوفتين إلى بعض إلحداث لفظ جديد يدل على معنى جديد ‪ ،‬مثل‬
‫ضم الكلمتين ” بعد“ و“ظهر“ لصياغة اسم ”بعد الظهر“ أو مثل ضم كلمتي ”ربة“ و“بيت“ لتوليد‬
‫اسم ”ربة البيت“‪.‬‬
‫‪ - 3‬التوليد الدللي(المجاز)‪ :‬هو نقل اللفظ من معناه األصلي إلى معنى جديد ‪ ،‬كما في‬
‫استخدام ” عنق الزجاجة“ ليدل على ” المنفذ الضِّيق للمرور“ أو ” الموقف المحرج“ ويسميه‬
‫بعضهم بالنقل المجازي أو المجاز‪.‬‬
‫‪ - 8‬التوليد بالقتراض‪ :‬هو اقتراض لفظ من لغة أخرى للداللة على مفهوم جديد ‪ ،‬وال يعده‬
‫بعضهم من التوليد ألن اللفظ ُولِّ َد في لغة أخرى بإحدى صور التوليد الثالث السابقة ‪ ،‬ولم تلده‬
‫اللغة المقترضة ‪.‬‬
‫‪ .2‬الشتقاق‪:‬‬
‫االشتقاق هو صياغة لفظة من لفظة أخرى على أن يكون هناك تناسب بين اللفظ والمعنى ‪ .‬فمن‬
‫مصدر الكتابة مثالً يشتق الفعل الماضي“كتب“ ‪ ،‬والفعل المضارع“يكتب“‪ ،‬واسم الفاعل ”كاتب“‪،‬‬
‫واسم المفعول“مكتوب“ ‪ ،‬وهكذا‪ .‬ويقسم الصرفيون االشتقاق إلى ‪:‬‬
‫‪ .2. 2‬اشتقاق صغير‪ :‬وهو الذي تكون فيه جميع المشتقات متفقة في ترتيب حروفها األصلية ‪،‬‬
‫ففي المثال السابق تظهر الحروف (ك ‪،‬ت ‪ ،‬ب) ح بالترتيب نفسه في جميع المشتقات ‪ ،‬فال‬
‫تسبق التاء الكاف وال الباء التاء ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ .0. 2‬اشتقاق كبير(يسمى القلب)‪ :‬وهو الذي يكون فيه بين الكلمتين األصلية والمشتقة تناسب في‬
‫اللفظ والمعنى دون االتفاق بينهما في ترتيب الحروف األصلية كاشتقاق (جبذ) من (جذب)‪ .‬ويمكن‬
‫القول‪ :‬إن االشتقاق األكثر إنتاجية وفاعلية في النمو المصطلحي هو االشتقاق الصغير‪.‬‬
‫وتكمن أهمية االشتقاق في أنه وسيلة مهمة من وسائل تنمية اللغة والتعبير عن المفاهيم الجديدة‬
‫بتوليد كلمات جديدة من كلمات موجودة‪ .‬فالمعاجم ال تضم جميع مفردات اللغة الموجودة والممكنة‬
‫الوجود ‪ ،‬وانما تقتصر على بعض المستعمل فعالً‪ .‬ونظ اًر ألن المفاهيم ال متناهية في الوجود ‪ ،‬فإن‬
‫التعبير لغوياً يحتاج إلى وسيلة لسانية نستطيع بواسطتها أن نولِّد ألفاظاً ال متناهية من أصول اللغة‬
‫المحدودة ‪.‬‬
‫والوسيلة األساسية للقيام بذلك في اللغة العربية هي االشتقاق ‪ .‬فهو يؤدي إلى تنويع المعنى‬
‫األصلي ويضفي عليه خواص جديدة كالمبالغة ‪ ،‬والمطاوعة ‪ ،‬والتعدية ‪ ،‬والطلب ‪،‬وغيرها من‬
‫العالقات المنطقية والوجودية بين المفاهيم المختلفة ‪ .‬فالكلمة المشتقة من أخرى تحتفظ بالمعنى‬
‫األساسي للكلمة األصلية مع زيادة تفيد خاصية داللية إضافية‪ .‬فالفعل (كتب) يدل على الكتابة ‪،‬‬
‫ويشتق منه الفعل (استكتب) الذي يدل على طلب الكتابة ‪.‬‬
‫النحت‪ :‬هو انتزاع كلمة من كلمتين أو أكثر على أن يكون تناسب في اللفظ والمعنى بين‬
‫المنحوت والمنحوت منه ‪ .‬مثل المنحوت ”البرمائي ”من البر و الماء‪ ،‬و“القروسطي ” من القرون‬
‫الوسطى ‪ ،‬و“الزمكان“ من الزمان والمكان ‪ .‬ويختلف اللغويون العرب حول مكانة النحت في‬
‫العربية ودوره في تطويرها وأهميته في نمو مصطلحاتها ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬منهم من يرى أن العربية عرفت النحت منذ القديم وأفادت منه وأن عدداً من مفرداتها الوظيفية‬
‫مثل ‪”:‬ليس“ و“لكن“ و“كأن“ وغيرها ألفاظ منحوتة ‪ ،‬وأنه البد من استخدام النحت خاصة في نقل‬
‫المصطلحات األجنبية التي تشمل على السوابق واللواحق مثل‪” :‬السلكي“ ” المائي“ وغيرهما‪.‬‬
‫ب ‪ -‬منهم من يرى أن اللغة العربية ذات خصائص اشتقاقية وليست تركيبية كما هو الحال في‬
‫اللغات الهندو‪ -‬أوروبية وليس للنحت إال دور ضئيل في تاريخها الطويل واأللفاظ المنحوتة محدودة‬
‫في عددها واستعمالها مثل‪” :‬البسملة“ من بسم اهلل الرحمن الرحيم ‪ ،‬و ” الحمدلة“ من الحمد هلل ‪،‬‬
‫و“عبشمي“ من عبد شمس‪ ،‬ويرون عدم التوسع باستعماله في توليد المصطلحات الجديدة ألنه‬

‫‪75‬‬
‫يتنافى مع الذوق العربي وألن المنحوت يطمس معنى المنحوت منه ‪ .‬وعلى كل حال فإن المجامع‬
‫اللغوية في الوطن العربي أجازت النحت عندما تلجئ الضرورة إليه‪.‬‬

‫أنواع النحت في اللغة العربية‪:‬‬


‫أ ‪ -‬النحت الفعلي‪ :‬وفيه ُينتزع من الجملة فعل يدل على النطق بها أو على مضمونها كما في‪:‬‬
‫”حمدل“ المنتزعة من الحمد هلل ‪ ،‬و“حوقل“ المأخوذة من ال حول وال قوة إال باهلل ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬النحت النسبي‪ :‬وفيه ُينتسب شخص أو شيء إلى مكانين ‪ ،‬كما في‪” :‬طبرخزي“ التي تشير‬
‫إلى النسبة إلى بلدتي طبرستان وخوارزم معاً‪ ،‬أو ينسب إلى اسم مكان أو قبيلة مركب تركيبا‬
‫إضافيا مثل ” عبشمي“ المنحوتة من عبد شمس‪.‬‬
‫ج ‪ -‬النحت الوصفي‪ :‬وفيه تنتزع من كلمتين صفة تدل على معناهما ‪ ،‬كما في ‪” :‬صلدم“ وهو‬
‫شديد الحافر المنحوتة من ”صلد“ ”صدم“ ‪.‬‬
‫د ‪ -‬النحت السمي‪ :‬وفيه ينتزع اسم من كلمتين كما في‪” :‬جلمود“ المنحوتة من جلد وجمد ومثل‬
‫” َح ْبقَر“ للبرد المنحوتة من حب وقر‪.‬‬

‫أصل الكلمات المنحوتة‪:‬‬


‫‪ - 1‬كلمة أجنبية ‪ +‬كلمة أجنبية ‪ :‬كما في كلمتي ”تلغراف“ و“تلفون“ اللتين دخلتا اللغة العربية‬
‫عن طريق االقتراض والتعريب ‪.‬‬
‫‪ - 2‬كلمة عربية‪+‬كلمة عربية ‪:‬كما في ”زمكاني“ المنحوتة من زماني ومكاني‪.‬‬
‫‪ - 3‬كلمة عربية ‪+‬كلمة أجنبية ‪ :‬كما في ”كهرمغناطيسي“ المنحوتة من كهرباء التي عرفتها‬
‫العربية قبل النهضة ‪ ،‬ومغناطيسي المقترضة‪.‬‬
‫شروط النحت‪:‬‬
‫‪ - 1‬مراعاة أوزان العربية‪.‬‬
‫‪ - 2‬مراعاة االنسجام بين حروف الكلمة المنحوتة‬
‫طريقة النحت‪:‬‬
‫من خالل أمثلة النحت نالحظ ما يأتي‪:‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -1‬عدم التقيد بأخذ الكلمة المنحوتة من جميع كلمات الجملة المنحوت منها‪.‬كما في ” هيلل“‬
‫منحوتة من جملة (ال إله إال اهلل)‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم التقيد بأخذ عدد من الحروف من كل كلمة ففي حين أخذت كلمة ” َم ْشأ َل“ حرفا واحدا من‬
‫كل كلمة من جملة (ما شاء اهلل) نجد أن كلمة ” َحسب َل“ أخذت ثالثة حروف من الكلمة األولى‬
‫وحرفا واحدا من الكلمة الثانية من جملة (حسبي اهلل)‪ .‬أما كلمة ”مشكن“ فلم تأخذ أي حرف في‬
‫لفظ الجاللة في جملة (ما شاء اهلل كان)‪.‬‬
‫‪ - 3‬عدم التقيد بترتيب الحروف األصلية للجملة المنحوت منها مثل ”طبلق“ المأخوذة من جملة‬
‫(أطال اهلل بقاءك) ‪.‬‬
‫‪ - 8‬عدم االلتزام بالحركات والسكنات األصلية مثل“ َس ْب َح َل“ المنحوتة من (سبحان اهلل)‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬
‫جهود المؤسسات في صناعة المصطلح‬
‫ل قد بذل األوربيون جهودا متواصلة من أجل الرقي بعلم المصطلح‪ ،‬فأسسوا المعاهد وأصدروا‬
‫المعاجم العامة والمتخصصة‪ .‬فحرك هذا الرقي مشاعر الباحثين العرب‪ ،‬فأسسوا المجامع‬
‫والمؤسسات اللغوية األخرى ا لتي حملت على عاتقها إحاطة الدراسة المصطلحية بسياج من‬
‫القوانين والحدود حتى ال يتفرق الشمل ويضطرب العمل‪.‬‬
‫وسنحاول في هذه المحاضرة ايضا الحديث عن الجهود التي تبذلها بعض المؤسسات اللغوية‬
‫العربية لخدمة المصطلح العربي‪ ،‬ونخص بالذكر المجامع العلمية العربية ومكتب التعريب بالرباط‬
‫ومعهد الدراسات المصطلحية بفاس‪.‬‬
‫أ – المجامع العلمية العربية‪:‬‬
‫تنشط المجامع في العديد من الدول العربية وهي عبارة عن «جمعية من العلماء أخذت على‬
‫عاتقها المحافظة على سالمة اللغة العربية »‪ . 1‬وقد لخصت رسالتها في إنجاز أبحاث في أسس‬
‫وضع المصطلحات العلمية والتقنية في اللغة العربية‪ .‬إضافة إلى « نشر البحوث المتعلقة بتطويرها‬
‫(أي اللغة العربية) وتجديد روحها »‪ . 2‬ولعل وضع المصطلح العلمي العربي يتطلب إعدادا‬
‫وتنظيمها واشرافا وهو ما تقوم به المجامع العلمية وتيسره لكافة الباحثين‪.‬‬
‫إضافة إلى ما سبق فإن المجامع العربية تحمل على عاتقها عملية « توحيد المصطلح العلمي أو‬
‫الحضاري لتعميم استعماله في العربية في جميع األقطار تفاديا للفرقة التي تؤدي إلى البلبلة وعدم‬
‫التفاهم الثقافي بين الكاتبين والقراء »‪.3‬‬
‫وحتى ال تذهب جهود هذه المجامع سدى فإنها تقوم بتجميع المصطلحات المتفق عليها في‬
‫المعاجم‪ ،‬بغية نشرها بين الباحثين كل حسب تخصصه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫هالل م‪ .‬ناتوت‪ ،‬في التعريب والمصطلح والمعاجم‪ ،‬الدكتور ‪ ،‬آفاق الثقافة والتراث‪ ،‬العدد‪ 28 :‬و‪ ،28‬جويلية ‪1111‬م‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.83 :‬‬
‫‪3‬‬
‫المصطلح العلمي العربي قديما وحديثا‪ :‬الدكتور مناف مهدي محمد‪ ،‬اللسان العربي‪ ،‬العدد‪ .30 :‬جويلية ‪1166‬م‪ ،‬ص‪.183 :‬‬
‫‪78‬‬
‫ب – مكتب تنسيق التعريب‪:‬‬
‫إيمانا منها بالجهود التي يبذلها هذا المكتب‪ ،‬فقد عهدت إليه جامعة الدول العربية سنة ‪1189‬م‬
‫القيام بوظيفة تنسيق الجهود التي تبذل إلغناء اللغة العربية بالمصطلحات الحديثة وتوحيد‬
‫المصطلح العلمي والحضاري في الوطن العربي‪ .‬كما حمل مكتب تنسيق التعريب على عاتقه‬
‫اإلعداد لمؤتمرات التعريب الدورية التي يحج إليها المشاركون من جميع األقطار العربية‪.‬‬
‫كما شهدت سنة ‪ 1192‬م إلحاق المكتب بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬وتمت ترقيته إلى‬
‫(مكتب تنسيق التعريب في الوطن العربي)‪ ،‬ومن أنشطة المكتب أيضا وضع المصطلحات بلغتين‬
‫هما اإلنجليزية والفرنسية ونشرها على شكل معجم ألفبائي الترتيب‪.1‬‬
‫ج‪ -‬معهد الدراسات المصطلحية بفاس‪:‬‬
‫وهو عبارة عن مؤسسة للبحث العلمي متخصصة في البحوث والدراسات المصطلحية‪ ،‬تابعة لكلية‬
‫اآلداب والعلوم اإلنسانية بظهر المهراز‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد اهلل بفاس‪.‬‬
‫وقد أنشئ المعهد بغية تجاوز االضطراب المصطلحي الذي يعاني منه المشهد الثقافي العربي عن‬
‫طريق «اإلسهام في تنظيم حركة السير في البحوث والدراسات المصطلحية»‪.2‬‬
‫فقد عرفت سنة ‪1168‬م تأسيس « مجموعة البحث في المصطلح النقدي » بالكلية السالفة الذكر‪،‬‬
‫وبتاريخ ‪ 8‬ذي الحجة ‪ 1813‬هـ الموافق لـ ‪ 1113/08/26‬بزغ نجم « معد الدراسات‬
‫المصطلحية » في سماء كلية اآلداب ظهر المهراز بفاس‪ ،‬بعد مسيرة طويلة من الكد والعناء‪.‬‬
‫هذا التأسيس الذي كان أمنية تراود الدكتور الشاهد البوشيخي وأثبتها في كتابه " مصطلحات‬
‫النقد العربي"‪ ،3‬قد أصبحت حقيقة‪ .‬ومن بين مهام المعهد‪ « :‬العناية بكل ما يؤدي إلى تطوير‬
‫البحث العلمي في المصطلح‪ ،‬نظريات‪ ،‬ومفاهيم ومناهج‪ ،‬ووسائل‪ ،..‬في التاريخ والواقع معا»‪.4‬‬
‫وبالجملة ‪ ،‬إن االهتمام بالدراسات المصطلحية عند العرب قد عرف ثالث مراحل متباينة‪:‬‬
‫ـ ـ ـ ازدهار خالل القرون األولى مع عدم الفصل بين الظاهرة المصطلحية وباقي العلوم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ينظر المرجع السابق‪ ،‬ص‪188:‬و‪.188‬‬
‫‪2‬‬
‫معهد الدراسات المصطلحية‪ :‬الملحق الثقافي‪ ،‬الراية‪ ،‬العدد‪ ،11 :‬نوفمبر ‪1118‬م‪ ،‬عدد الجريدة‪ ،221 :‬ص‪.10 :‬‬
‫‪3‬‬
‫الشاهد البوشيخي‪ ،‬مصطلحات النقد العربي لدى الشعراء الجاهليين واإلسالميين‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬االردن‪ ،2001 ،‬ص‪.38‬‬
‫‪4‬‬
‫معهد الدراسات المصطلحية‪ ،‬الملحق الثقافي‪ ،‬الراية‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪79‬‬
‫ـ ـ ـ ثم ركود خالل العصور المتأخرة‪.‬‬
‫ـ ـ ـ إلى إقالع لغوي ومصطلحي منذ القرنين الماضيين مع تحديد التصور الحديث لقضايا المصطلح‬
‫(النظرية العامة والنظرية الخاصة في علم المصطلح)‪.‬‬
‫توظيف الحاسوب في العمل المصطلحي‪:‬‬
‫أمر‬
‫خصوصا ًا‬
‫ً‬ ‫عموما وفي هندسة اللغة‬
‫ً‬ ‫أصبح استحضار الحاسوب في إدارة الظاهرة المعرفية‬
‫حيويا يسهم على نحو فاعل في توجيه تعامل اإلنسان المعاصر مع اللغة عامة ومع المصطلح‬
‫ً‬
‫خاصة ‪ .‬والواقع أن تجليات اإلفادة من الحاسوب في مجال العمل المصطلحي عديدة‪ ،‬ولعل‬
‫أهمها‪:‬‬
‫بنوك المصطلحات‪:‬‬
‫تعد بنوك المصطلحات أداة ناجعة في مجال البحث والعمل المصطلحي‪ ،1‬وهي نوع من قواعد‬
‫البيانات ‪ ،‬يتخصص في تجميع رصيد من المصطلحات العلمية والتقنية ‪ ،‬مع معانيها ومعلومات‬
‫مفيدة عنها بلغة واحدة أو أكثر‪ ،‬ويقوم الحاسوب بإدارتها وفق برنامج محدد سلفًا‪.2‬‬
‫ويستخدم هذا النوع من البنوك وسيلةً ُم ِعين ًة للمترجمين أو المصطلحيين الذين يسعون إلى‬‫ُ‬
‫حصر صنف من المصطلحات أو تنسيقها أو توحيدها‪.‬‬
‫وتتضمن هذه البنوك " كل المعلومات المتصلة بالتسمية والمفهوم من مجال ومجال فرعي وتعريف‬
‫ومرادفات وسياقات ومقابالت في لغة أو لغات أخرى وبيانات بيبلوغرافية" ‪.3‬‬
‫واذا أطلقنا اسم بنك المصطلحات على قاعدة البيانات ‪ ،‬فمعنى هذا أن سجالت هذه القاعدة ال‬
‫تحتوي على كلمات عامة بل مصطلحات متخصصة فقط ‪ ،‬كما في بنك كيبيك المصطلحي‬
‫الكندي التابع لديوان اللغة الفرنسية)‪. (OLF‬‬
‫وقد يتخصص بنك المصطلحات في نوع معين من المصطلحات ‪ ،‬كما هو الحال في بنك‬
‫المصطلحات التابع لشركة (سيمنز) في ميونخ الذي يركز اهتمامه على المصطلحات ‪ ،‬المتعلقة‬

‫‪1‬‬
‫‪Rondeau, G. : Introduction à la terminologie, p. 143.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Felbert, H: Terminology Manual, p. 43.‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد اللطيف‪ ،‬عبيد ‪ ،‬قواعد البيانات المصطلحية ودورها في تطوير العمل المصطلحي والترجمة‪ ،‬التعريب‪ ،‬عدد ‪ ، 28‬جوان‬
‫‪ ،2005‬ص‪. 3‬‬
‫‪81‬‬
‫بالهندسة الكهربائية ‪ ،‬فيخزن مصطلحاتها بثماني لغات أوروبية وباللغة العربية‪ ،‬وذلك لغرض‬
‫مساعدة مترجمي الشركة على ترجمة اإلرشادات المطبوعة التي ترفقها الشركة بمصنوعاتها‬
‫الكهربائية المختلفة إلرشاد الزبائن إلى تشغيل هذه المصنوعات وصيانتها وادامتها‪.‬‬
‫وهناك مراكز ال تعنى بالمصطلحات العلمية والتقنية فقط بل بالدراسات واألبحاث الخاصة بها‬
‫كذلك ‪ .‬ومن هذه المراكز األنفوترم مركز المعلومات الدولي للمصطلحات في فينا ‪ ،‬الذي أنشيء‬
‫بمساعدة اليونسكو لتحقيق غايات ثالث وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬تطوير نظرية علم المصطلح العامة والخاصة‬
‫‪ -2‬تنمية التعاون بين جميع المعنيين بوضع المصطلحات‪.‬‬
‫‪ -3‬خلق شبكة إلكترونية‪.‬‬
‫ومن هنا فإن مرك اًز مثل هذا يستخدم ال محالة بنك المصطلحات التابع له ال لخزن المصطلحات‬
‫فحسب ‪ ،‬بل لتجميع الدراسات واألبحاث المتعلقة بها‪.‬‬
‫كيف يعمل بنك المصطلحات‪:‬‬
‫سنقدم هنا صورة مبسطة لسير العمل في بنك المصطلحات ‪ ،‬على ان البنك يخزن المصطلحات‬
‫بلغتين‪:‬‬
‫يقوم الباحثون في البنك بتجميع المصطلحات من مصادرها ‪ ،‬والمصادر التي تستقي منها بنوك‬
‫المصطلحات مادتها (أي المعلومات والمعلومات المتعلقة بها) وتتألف من المعاجم العامة والمعاجم‬
‫المتخصصة أحادية اللغة كانت أو ثنائية اللغة ‪ ،‬ومسارد المصطلحات التي توضع في خواتيم‬
‫الكتب العلمية والتقنية ‪ ،‬وقوائم المصطلحات التي تصدرها المجامع اللغوية والمعاهد المتخصصة ‪.‬‬
‫وهناك مصدر هام للمصطلحات هو النصوص العلمية والتقنية ذاتها ‪ ،‬ولكن هذا المصدر ال‬
‫يستعمله كثير من بنوك المصطلحات ‪ ،‬ألنه يحتاج إلى جهود كبيرة لمعالجة النصوص‬
‫يوضع كل مصطلح على جذاذة أو بطاقة‬ ‫َ‬ ‫واستخالص المصطلحات من سياقاتها الفعلية‪ .‬ثم‬
‫ويكتب عليها أيضاً المقابل العربي لهذا المصطلح‪ ،‬والفرع العلمي أو التقني الذي ينتمي إليه‪،‬‬
‫ُ‬
‫والمصدر الذي استُقى منه المصطلح األجنبي ومقابله العربي‪ ،‬والسياق الذي يرد فيه‪ ،‬وغير ذلك‬
‫من معلومات مفيدة قد يطلبها المستفيدون من بنك المصطلحات ‪ .‬وال ُيشترط في هذه الجذاذات أو‬

‫‪81‬‬
‫البطاقات أن تُرتب وفق نمط َّ‬
‫معين كالترتيب األلفبائي أو طبقاً للغة االختصاص أو حقله‪ ،‬ألن‬
‫الحاسوب يستطيع أن يفعل ذلك بجهد أقل ووقت أقصر‪ .‬والقاعدة العامة التي تُتبع في بنوك‬
‫المصطلحات هي عدم القيام باألعمال التي يستطيع الحاسوب إنجازها‪.‬‬
‫الخطوة الثانية هي قيام خبراء المصطلحات بتصميم نموذج الستمارة خاصة بإدخال المعلومات إلى‬
‫الحاسوب‪ .‬ثم يقوم مساعدو الباحثين بنقل مواد الجذاذات إلى االستمارات في الحاسوب الذي يتولى‬
‫يحدد له الخطوات الواجب اتباعها في ذلك ‪ .‬وعندما تُدخل‬ ‫خزنها ومعالجتها طبقاً لبرنامج ِّ‬
‫المعلومات ‪ ،‬يقوم الحاسوب بخزنها مرتبة في قاعدة البيانات التابعة له طبقاً لبرنامج متفق عليه ‪،‬‬
‫بحيث يسهل استرجاع هذه المعلومات أو بعضها عند الطلب‪.‬‬
‫زود المساهمون والمستفيدون من بنك المصطلحات من لوحة مفاتيح ُيدخلون بواسطتها أسئلتهم‬
‫وي َّ‬
‫ُ‬
‫أو المعلومات التي يريدون إضافتها‪ ،‬ومن شاشة تظهر عليها إجابات الحاسوب‪ .‬ويمكن أن يتخذ‬
‫السؤال أو الطلب صو اًر متعددة وأوجهاً مختلفة ‪ ،‬مثل‪ :‬ما المقابل العربي للمصطلح االنجليزي‪ ،‬أو‬
‫رتب ألفبائياً قائمة بأسماء أعصاب الجسم اإلنساني ومعانيها باللغة العربية ‪ ،‬أو ما هو تعريف هذا‬
‫المصطلح ‪ ،‬أو أعطني قائمة مصطلحات الوقاية من اإلشعاعات الذرية باللغة اإلنجليزية مع‬
‫تعريفاتها‪ ،‬وهكذا‪ .‬وتظهر إجابات الحاسوب على الشاشة الموضوعة أمام الباحث ‪ ،‬فإذا أراد أن‬
‫يحصل على نسخة مطبوعة من تلك اإلجابات ‪ ،‬ضغط على زر(اطبع) فتظهر الطابعة المجاورة‬
‫له نسخة ورقية ‪ print out‬من اإلجابة‪.‬‬
‫ميزات بنوك المصطلحات‪:‬‬
‫يمكن القول أن لبنوك المصطلحات أربعة ميزات ليست متوفرة في المعاجم الورقية ‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -2‬حداثة المعلومات‪ :‬فإدخال مصطلحات جديدة في بنك المصطلحات ال يستغرق دقائق ‪ ،‬في‬
‫حين أن نشرها في معجم ورقي مطبوع قد يستغرق شهو اًر ‪ .‬كما أنه يمكننا االطالع على المصطلح‬
‫بعد ثو ٍ‬
‫ان من تخزينه في بنك المصطلحات ‪ ،‬وهذا ما ال يتأتى لنا في المعجم الورقي‪.‬‬
‫‪ -0‬سهولة تخزين المصطلحات وتجميعها‪ :‬إن شبكة بنوك المصطلحات التي تيسِّر التعاون بين‬
‫عدد من بنوك المصطلحات تجعل من الممكن تقسيم العمل بين هذه البنوك واإلسراع في تجميع‬

‫‪82‬‬
‫المصطلحات وتخزينها‪ .‬وتتيح لنا شبكة المعلومات الدولية (اإلنترنت) االطالع على محتويات‬
‫بنوك المعلومات التي تتخذ لها مواقع على هذه الشبكة‪.‬‬
‫‪ -3‬سرعة التعرف على التكرار والتناقض في المصطلحات‪ :‬وذلك بفضل إمكانات الترتيب‬
‫والتصنيف والتجميع اآللي المختلفة‪ ،‬مثل الترتيب األلفبائي‪ ،‬أو الترتيب الموضوعي‪ ،‬أو الترتيب‬
‫بحسب المصدر ‪ ،‬أو بحسب التشابه الشكلي‪،‬وما إلى ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬توفير الوقت والجهد والمال‪ :‬فالباحث في بنك المصطلحات يستطيع أن يعثر على مصطلح‬
‫أو مجموعة من المصطلحات في غضون ثو ٍ‬
‫ان معدودات ‪ ،‬على حين قد يتطلب ذلك منه ساعات‬
‫من البحث في المعاجم الورقية ‪.‬‬
‫أهداف بنوك المصطلحات‪:‬‬
‫يمكننا حصر األهداف الرئيسة لبنوك المصطلحات فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ -2‬مساعدة المترجمين في عملهم ‪ :‬وذلك من خالل تزويدهم بالمقابالت المطلوبة في لغة‬
‫الهدف (أو اللغة المترجم إليها) بسرعة ودقة ‪ ،‬مع جميع المعلومات الالزمة عنها‪.‬‬
‫‪ -0‬تنميط المصطلحات وتقييسها وتوحيدها‪ :‬بما يتطلب ذلك من تجميع للمصطلحات على‬
‫اختالف درجة صالحيتها ودراستها‪.‬‬
‫‪ -3‬توثيق المصطلحات‪ :‬لتيسير االطالع عليها واسترجاعها ونشرها إلكترونيا أو ورقياً‪.‬‬
‫أنواع بنوك المصطلحات‪:‬‬
‫يختلف تصنيف بنوك المصطلحات من باحث إلى آخر حسب األسس التي يختارها لتصنيفه ‪.‬‬
‫وتجمع الباحثة ليلى المسعودي أسس تصنيف بنوك المصطلحات في ‪ :‬أهداف البنك ‪ ،‬والمستفيدين‬
‫منه ‪ ،‬والمنهج (الموقف) الذي يتبناه ‪ ،‬وكيفية ترتيب معطياته ‪ ،‬وطريقة التوزيع والنشر التي‬
‫يتبعها‪.‬‬
‫فمن حيث األهداف ‪ ،‬تسعى بعض البنوك إلى مساعدة الباحثين والمترجمين وامدادهم بالمقابالت‬
‫المطلوبة ‪ ،‬في حين يسعى بعضها اآلخر إلى جمع المصطلحات التي تم تقييسها وتوحيدها‪ ،‬وقد‬
‫يتم ذلك بلغة واحدة فال يفيد منه المترجمون‪ ،‬مثالً ‪.‬ومن حيث المستفيدون من البنك ‪ ،‬قد يخصص‬

‫‪83‬‬
‫المترجمين ‪ ،‬أو اللسانيين ‪ ،‬أو المصطلحيين ‪ ،‬أو المدرسين في الشعب العلمية‬
‫البنك في خدمة ُ‬
‫والتقنية ‪ ،‬أو جميعهم‪.‬‬
‫الهاتف ‪ ،‬أو النشر‬ ‫ومن حيث المنهج طريقة نشر المعلومات وتوزيعها ‪ ،‬فقد يتم بواسطة‬
‫اإللكتروني ‪،‬أو النشر الورقي‪.‬‬
‫وتُقسَّم بنوك المصطلحات إلى نوعين طبقاً لطريقة عملها ونوع المادة التي تخزنها ‪ ،‬وترتيبها‪،‬‬
‫وهذان النوعان هما‪:‬‬
‫‪ -2‬بنوك المصطلحات اللفظية‪:‬‬
‫وهي التي تعتمد في عملها على دراسة تنطلق من الدليل اللغوي(اللفظ) لتصل إلى تحديد المفهوم ‪،‬‬
‫بحيث تُدرس الوحدة المعجمية حسب سياقها التي تظهر فيها قبل أن تحال إلى حقل مفهومي‬
‫معين‪ .‬وأكثر بنوك المصطلحات في العالم هي من هذا النوع ‪ ،‬ألن اتباع الترتيب األلفبائي‬
‫للمصطلحات ييسر الوصول إليها ‪ .‬والمشكلة التي يواجهها هذا النوع من البنوك هو اضطرارها إلى‬
‫ضم جميع المعلومات المتعلقة بالمصطلح في التعريف ‪ .‬فالحقل الداللي ينبغي أن ُيذكر بالتفصيل‬
‫ويشرح الفرق بين تلك المصطلحات ‪ .‬ولهذا‬ ‫أو ُيشار إليه ‪ ،‬على األقل ‪ ،‬كما ينبغي أن ُيدرج ُ‬
‫السبب فإن التعريف في بنوك المصطلحات اللفظية ُيصبح كبي اًر بالمقارنة مع التعريف في بنوك‬
‫المصطلحات المفهومية‪.‬‬
‫‪ -0‬بنوك المصطلحات المفهومية‪:‬‬
‫هناك قضيتان أساسيتان في عمل بنوك المصطلحات هما‪ :‬بنية المداخل‪ ،‬وترتيب المصطلحات ‪.‬‬
‫في حين تعتمد بنوك المصطلحات اللفظية على الشكل في ترتيب المصطلحات ثم تعريفها‪ .‬فإن‬
‫بنوك المصطلحات المفهومية تعتمد في عملها على االنطالق من المفهوم ثم البحث عن المسميات‬
‫اللغوية أو المصطلحات التي تعبِّر عنه‪.‬ومن هنا تكون المعرفة المعمقة بالحقل العلمي الذي هو‬
‫قيد الدرس‪ ،‬ضرورية من أجل تقسيمه إلى حقول مفهومية ‪.‬‬
‫وهناك نوع جديد من بنوك المصطلحات وهو(بنوك المصطلحات المترابطة النصوص) ‪ ،‬وهو‬
‫نوع يحاول أن يجمع بين ميزات النوعين السابقين وذلك باستعمال ما ُيسمى بتكنولوجيا النص‬

‫‪84‬‬
‫ فيجمع أو يربط البحث في هذه البنوك بين طريقتي عمل النوعين السابقين من بنوك‬، ‫المترابط‬
. ‫المصطلحات‬
:1‫بنوك المصطلحات في العالم‬
ِّ ‫ والبنوك األجنبية التي‬،‫ هنا ِذكر أشهر البنوك العالمية‬، ‫نتوخى‬
‫ وبنوك‬،‫تخزن مصطلحات عربية‬
.‫المصطلحات في الوطن العربي‬
:‫ بنوك المصطلحات في أوروبا وأمريكا‬:‫أولا‬
َّ ‫في الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي لم‬
‫يتعد عدد بنوك المصطلحات في العالم‬
‫ وهذا دليل‬،‫ أما اليوم فهناك العشرات من بنوك المصطلحات في أوروبا وأمريكا‬.‫عدد أصابع اليدين‬
‫ فقد أخذت كثيرمن المؤسسات الجامعية واالقتصادية واإلعالمية واالجتماعية تنشئ‬. ‫على أهميتها‬

1
:‫ينظر‬
-Al-Kasimi,Ali M, Towards a central terminological data bank in the arab world, a paper presented
-٢to the first international conference on terminological data banks held by infoterm, vienna,
.٩١٩١April,٣
-Brinkmann, Karl-Heinz, Quality criteria for the Exchange of terminological data A paper presented
-٢to the first international conference on terminological data banks held by infoterm in vienna,
١٩١April,٣
-fernand gobeil, la traduction automatique au canada, l,Actualité terminologique,
.٢-٩,pp.٥,No.٤volume
-felber,helmut, international efforts to overcome difficulties in technical communication. Apaper
presented to e third eupoean congress on information systems and networks, luxumbourg,
.٩١٩٩may
-felber,helmut, the development of a network for terminology information and documentation, a
.٢٩،٩١٩٩- ٩١paper presented to the unesco experts meeting,vienna,oct.
-Gibbon et al.termbank for spoken language systems.Draft eagles interim Deliverable,university of
٩١١٩Bielefeld,
-Sager, j.c.Apractical course in terminology processing (Amsterdam/philadelphia:
. -Wuster, E.Bibliography of Monolingual Scientific and technical ٩١١١Benjamins,
.1181 ‫ ـ‬1180 Dictionaries.(paris: unesco,

85
‫بنوك بيانات أو بنوك مصطلحات متخصصة تضم المعلومات والمصطلحات التي تعينها على‬
‫إنجاز وظيفتها‪:‬‬
‫‪ -2‬الهيئة األوروبية في بروكسل‪ :‬التي يضم بنكها مصطلحات في العلوم والتكنولوجيا‬
‫واالقتصاد‪ ،‬بلغات الدول األعضاء في االتحاد األوروبي‪.‬‬
‫‪ -0‬صندوق النقد الدولي‪ :‬الذي يضم بنكه مصطلحات باللغة األلمانية واإلنجليزية واإلسبانية‬
‫والفرنسية والبرتغالية‪.‬‬
‫‪ -3‬منظمة العمل الدولية‪ :‬التي يضم بنكها مصطلحات باللغات اإلنجليزية والفرنسية واإلسبانية‬
‫واأللمانية‪.‬‬
‫‪ -8‬المجلس العالمي للغة الفرنسية‪ :‬الذي يضم بنكه مصطلحات باللغة الفرنسية واإلنجليزية‬
‫واأللمانية واإلسبانية‪.‬‬
‫‪ -8‬الجماعة الفرنسية في بلجيكا‪ :‬التي يضم بنكها مصطلحات باللغات األلمانية واإلنجليزية‬
‫والفرنسية والهولندية‪.‬‬
‫‪ -8‬دائرة اللغة الفرنسية في كيبك في كندا‪:‬التي يضم بنكها ثالثة ماليين مصطلح بالفرنسية‬
‫واإلنجليزية في مائتي حقل من حقول المعرفة‪.‬‬
‫‪ -9‬الدائرة االتحادية للغات‪ :‬التي يضم بنكها مصطلحات في العلوم والتكنولوجيا باللغات األلمانية‬
‫واإلنجليزية والفرنسية والروسية‪.‬‬
‫‪ -6‬الجمعية الفرنسية للتقييس‪:‬التي يضم بنكها المصطلحات الفرنسيةالمنمطة الموحدة المستعملة‬
‫في المواصفات الفرنسية والمنشورة في الجريدة الرسمية أو الواردة في المواصفات والتوصيات عن‬
‫مؤسسات التقييس الدولية مثل ايزو(‪)iso‬‬
‫‪ -1‬معهد البحث الروسي للمعلومات الهندسية‪ :‬الذي يضم بنكه المصطلحات الروسية الموحدة‬
‫ومقابالتها باللغات األلمانية واإلنجليزية ‪.‬‬
‫‪-10‬جامعة سيرى في بريطانيا‪ :‬التي يضم بنكها مصطلحات متنوعة باللغات اإلنجليزية والفرنسية‬
‫واأللمانية واإلسبانية واإليطالية‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ -11‬مجلس المقاييس الوطني في و ازرة التجارة األمريكية‪ :‬الذي يضم بنكه المصطلحات الموحدة‬
‫باللغة اإلنجليزية‪.‬‬
‫‪ -12‬االتحاد العالمي لالتصاالت السلكية والالسلكية‪ :‬الذي يضم بنكه مصطلحات متعلقة‬
‫باختصاصه باللغات اإلنجليزية والفرنسية واإلسبانية‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬البنوك العالمية التي تخزن مصطلحات عربية‪:‬‬
‫على الرغم من أن البنوك األوروبية ‪ ،‬والعالمية بوجه عام ‪ ،‬تقتصر على تخزين المصطلحات‬
‫بال لغات األوروبية ‪ ،‬فإن عددا من بنوك المصطلحات العالمية أخذت تخزن المقابالت العربية‬
‫لمصطلحاتها‪ ،‬وذلك ألسباب تجارية أو سياسية‪ ،‬ومن األمثلة على هذه البنوك ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬بنك مصطلحات شركة سيمنز‪:‬‬
‫حيث يشتمل على ماليين المصطلحات التكنولوجية ‪،‬والهندسية الكهربائية بوجه خاص ‪ ،‬بإحدى‬
‫عشرة لغة أوروبية‪ ،‬ومع تزايد القوة الشرائية في البالد العربية في السبعينيات من القرن العشرين‪،‬‬
‫سعت الشركة إلى إضافة المصطلحات العربية إلى بنك المصطلحات فيها‪ .‬لتتمكن مصلحة‬
‫الترجمة التابعة لها من تدوين منشورات باللغة العربية توضح استعمال منتجات الشركة‪ .‬فعقدت‬
‫الشركة سنة ‪1191‬م ‪ ،‬اتفاقاً مع مكتب تنسيق التعريب بالرباط ‪ ،‬لتبادل المصطلحات بينهما‪،‬‬
‫المكتب بالمصطلحات باللغات األلمانية واإلنجليزية والفرنسية ‪ ،‬ويمدها المكتب‬
‫َ‬ ‫بحيث تُمد الشركةُ‬
‫بمصطلحاته العربية الموحدة مع مقابالتها اإلنجليزية والفرنسية‪.‬‬
‫‪ -2‬قاعدة بيانات األمم المتحدة‪:‬‬
‫تمتلك منظمة األمم المتحدة في نيويورك قاعدة بيانات تضم المصطلحات التي يستعين بها قسم‬
‫الترجمة في المنظمة ‪ .‬وتُخزن هذه المصطلحات مع تعريفاتها باللغات الرسمية لألمم المتحدة‪ ،‬أي‪:‬‬
‫اإلنجليزية ‪ ،‬والفرنسية ‪ ،‬والروسية والصينية‪ ،‬والعربية‪ .‬ولقاعدة البيانات هذه موقع على شبكة‬
‫المعلومات (االنترنت)‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ثالث ا‪ :‬بنوك المصطلحات في الوطن العربي‪:1‬‬
‫يوجد في الوطن العربي عدد من بنوك المصطلحات في المؤسسات اللغوية وبعض الجامعات ‪،‬‬
‫وفيما يأتي أهمها‪:‬‬
‫المعطيات المعجمية بالرباط‪:‬‬
‫‪ -1‬قاعدة ُ‬
‫أُنشئ معهد الدراسا ت واألبحاث للتعريب بالرباط بعيد استقالل المملكة المغربية للمساعدة على‬
‫تعريب اإلدارة والتعليم في البالد ‪ .‬وقد شرع مدير المعهد أحمد األخضر غزال‪ ،‬في استخدام‬
‫الحاسوب لتخزين المصطلحات‬
‫ومعالجتها في أواخر السبعينيات من القرن العشرين‪ ،‬مكوناً قاعدة المعطيات المعجمية‪ .‬وبذلك تُعد‬
‫هذه القاعدة ‪،‬أقدم بنك للمصطلحات في الوطن العربي ‪ ،‬على الرغم من أنه ال يقتصر على تخزين‬
‫المصطلحات العلمية بل يخزن الكلمات عامة كذلك‪ .‬واالسم (معربي) منحوت من كلمتين (معجم)‬
‫و(عربي) ‪ .‬ويضم هذا البنك أكثر من نصف مليون كلمة عربية مع مقابالتها اإلنجليزية ‪،‬‬
‫والفرنسية ‪ ،‬والالتينية أحياناً‪ ،‬في مختلف حقول المعرفة‪.‬‬
‫‪ -2‬البنك اآللي السعودي للمصطلحات(باسم)‪:‬‬
‫أشرف على إنشاء هذا البنك في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية(المركز الوطني للعلوم‬
‫والتكنولوجيا؛ سابقاً) الدكتور محمود إسماعيل صالح صيني سنة ‪1163‬م‪ .‬ويرمي هذا البنك إلى‬
‫المساهمة في تعريب العلوم والتقنيات‪ ،‬وامداد دوائر الدولة والباحثين بالمصطلحات العلمية والتقنية‬
‫‪،‬وتوفير أداة آلية تُعين الباحثين على وضع المصطلحات العلمية والتقنية الجديدة‪ ،‬وتدريب‬
‫المهتمين منهم على أساليب معالجة‬
‫المصطلحات العلمية والتقنية التي يستقيها من المؤسسات العربية المعنية كالمجامع اللغوية والعلمية‬
‫العربية ومكتب تنسيق التعريب والمعاجم المنشورة ‪.‬وتشمل جميع مداخل هذا البنك على‬
‫المصطلحات العربية واإلنجليزية ‪ ،‬وبعضها يشتمل على المصطلحات الفرنسية واأللمانية كذلك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ ـ التقرير الختامي لندوة التقنيات الحاسوبية في مجلة اللسان العربي‪ ،‬العدد‪ ،1111 ، 86‬ص‪ 222‬ـ ـ ‪ .229‬وتألفت لجنة صياغة‬
‫توصيات الندوة من الدكاترة‪ :‬علي القاسمي (رئيسا) ‪ ،‬محمود إسماعيل صيني ‪ ،‬إبراهيم بن مراد ‪ ،‬يحيى هالل‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫وتضم المداخل المعلومات األساسية‪ :‬المصطلح العربي‪ ،‬المصطلح األجنبي‪ ،‬التصنيف ‪ ،‬التعريف‪،‬‬
‫مصدر المصطلح‪ ،‬معلومات نحوية عنه‪ ،‬المرادفات‪.‬‬
‫المعطيات المصطلحية بتونس‪:‬‬‫‪ -3‬قاعدة ُ‬
‫قام المعهد القومي للمواصفات و ِ‬
‫الملكية الصناعية في تونس بإنشاء هذا البنك حوالي سنة ‪1168‬م‪،‬‬
‫ويعمل بالتعاون مع المجمع التونسي (بيت الحكمة سابقاً)‪ ،‬ويركز على المصطلحات الموحدة في‬
‫ويذكر أن المعهد القومي للمواصفات والملكية الصناعية نظم ندوتين في‬
‫مختلف العلوم والفنون‪ُ .‬‬
‫تونس عن قضايا المصطلح ‪ ،‬بالتعاون مع مركز المعلومات الدولي لعلم المصطلح هما‪ :‬ندوة‬
‫التعاون العربي في مجال المصطلحات علماً وتطبيقاً)‬
‫وكانت في تونس ‪1168‬م‪ ،‬و (ندوة التقييس والتوحيد المصطلحيين في النظرية والتطبيق) في‬
‫تونس‪1161‬م‪.‬‬
‫‪ -8‬بنك مجمع اللغة العربية في األردن‪:‬‬
‫تأسس هذا البنك سنة ‪1166‬م ‪ ،‬ويهدف إلى جمع المصطلحات ومعالجتها‪ ،‬وتنظيمها وتوفير‬
‫وسائل توزيعها والتأثر في استعمالها وتقديم خدمات مصطلحية للباحثين‪ ،‬وتطوير المنهجيات‬
‫النظرية والتطبيقية للعمل المصطلحي المحوسب‪ .‬وتشتمل مداخل البنك على المصطلحات‪،‬‬
‫وتصنيفها‪ ،‬وتعريفها‪ ،‬ومقابالتها اإلنجليزية ‪ ،‬ومصادرها ‪ .‬وتتألف مصادر المصطلحات المخزنة‬
‫من مطبوعات المجامع اللغوية والعلمي ة العربية ‪ ،‬ومعاجم مكتب تنسيق التعريب‪ ،‬ومنشورات‬
‫االتحادات والمنظمات الدولية‪.‬‬
‫‪ -8‬بنك المصطلحات في مكتب تنسيق التعريب‪:‬‬
‫على الرغم من أن الدعوة إلنشاء هذا البنك بدأت سنة ‪1196‬م فإنه لم يؤسَّس ويبدأ عمله إال في‬
‫أواخر التسعينيات من القرن الماضي‪ .‬ويهدف هذا البنك إلى توفير المصطلحات العلمية والتقنية‬
‫َّ‬
‫الموحدة مع‬ ‫العربية‬
‫مقابالتها اإلنجليزية والفرنسية‪ .‬وكان المكتب قد أعد هذه المصطلحات ونشرها بعد أن أقرتها‬
‫مؤتمرات التعريب العربية‪ .‬وقد اخذ هذا البنك بتخزين معلوماته في مجلة (اللسان العربي) التي‬
‫يصدرها المكتب بانتظام ‪ ،‬وكذلك بإصدار محتوياته على أقراص مدمجة‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫شبكة عربية للمصطلحات‪:‬‬
‫إن التطور الكبير الذي ط أر على تكنولوجيا المعلومات واالتصال جعل من الممكن االستفادة منها‬
‫وسيلة إلشاعة المصطلح وايصاله إلى كل بيت ‪ ،‬بل يستطيع األفراد االتصال بقواعد البيانات ‪،‬‬
‫وبنوك المصطلحات ‪ ،‬والمعاجم المتعددة اللغات المتاحة على شبكة االنترنت واالستفادة من‬
‫المعلومات التي تتوفر عليها‪ .‬ومن ناحية أخرى ‪ ،‬قد يسرت هذه التكنولوجيا عملية إعداد المعاجم‬
‫وتأليفها ‪،‬ونشرها ‪ ،‬بما يتيحه النشر اإللكتروني من وسائط‬
‫متعددة ‪ ،‬وفرز آلي ‪ ،‬وفهرسة آلية‪ ،‬وتصحيح نصوص آلي ‪ ،‬وحتى بيع المعاجم وتوزيعها عن‬
‫طريق التجارة اإللكترونية‪ .‬وأصبح من الميسور اليوم التواصل بين المختصين في حقل من الحقول‬
‫العلمية والتعاون وتبادل المعلومات فيما بينهم ‪ ،‬بفضل شبكة االنترنت ‪.‬‬
‫وتستطيع بنوك المصطلحات العربية وقواعد البيانات المصطلحية في البالد العربية إنشاء شبكة‬
‫عربية للمصطلحات تتبادل المعلومات المصطلحية ‪ ،‬بحيث يستطيع المختصون الوقوف على‬
‫مواطن االتفاق واالختالف في مصطلحاتهم و وضبط الترادف واالشتراك اللفظي فيها بسهولة‪ .‬كما‬
‫يستطيع المستفيدون من بنوك المصطلحات العربية استخدام الشبكة للحصول على المعلومات من‬
‫أي بنك مصطلحات عضو في الشبكة يتوفر عليها ‪ .‬كما تستطيع الشبكة العربية أن تتعاون مع‬
‫الشبكات المصطلحية العالمية‪.‬‬
‫ويتطلب إنشاء الشبكة العربية للمعلومات المصطلحية تنسيقاً إدارياً وتقنياً بين أطراف الشبكة ‪،‬‬
‫خاصة توحيد مواصفات البنوك وتوحيد معايير المعلومات المدخلة‪ .‬وقد مر بنا أن بنوك‬
‫المصطلحات األوروبية اجتمعت في المركز الدولي للمعلومات المصطلحية في فيينا سنة ‪1191‬م‬
‫لتتفق على المعايير النوعية الواجب توفرها في كل مصطلح ُيخزن في أي بنك من بنوك‬
‫المصطلحات المتعاونة ‪ .‬ولكي تستطيع بنوك بنوك المصطلحات العربية التعاون مع بنوك‬
‫المصطلحات الدولية‪ ،‬ينبغي عليها استخدام تبادل المصطلحات التي وضعها المركز الدولي‬
‫للمعلومات المصطلحية‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫المحاضرة الحادية عشر‬

‫اشكالية المصطلح في الدراسات اللسانية‬

‫المصطلحات ( ‪ ( Terms‬هي مفاتيح العلوم وأدواتها الرئيسة‪ ،‬وأبجدية المعارف وعماد قوامها‪،‬‬
‫جهازه المصطلحي الخاص به‪ ،‬وال ُيتصور قيام علم‬‫ُ‬ ‫فلكل ٍ‬
‫علم من العلوم‬ ‫بها يتميز علم من آخر‪ِّ ،‬‬
‫ٌ‬
‫من غير مصطلحات تخصه‪ ،‬ويتميز بها متعاطوه‪.‬‬
‫لكل ٍ‬
‫علم من العلوم‪ ،‬فعد أحدهم" الوزن‬ ‫وقد أدرك المهتمون بالمصطلح أهمية المصطلحات وقيمتها ِّ‬
‫المعرفي لكل علم رهين مصطلحاته؛ لذلك نسميها أدواته الفعالة؛ ألنها تولده عضوياً‪ ،‬وتنشئ‬
‫صرحه‪ ،‬ثم تصبح خالياه الجنينية التي تكفل التكاثر والنماء"‪.1‬‬
‫ونظر لما للمصطلح من أهمية بالغة؛ اهتم به العلماء قديما وحديثاً‪ ،‬فتناولوه بالتعريف والدارسة‪،‬‬
‫ًا‬
‫وبلغ االهتمام بالمصطلح العلمي درجة نشوء علم حديث ُيعنى به‪ ،‬هو علم المصطلح‬
‫(‪.)Terminology‬‬
‫لكل ٍ‬
‫علم من العلوم مصطلحاته‪ ،‬واللسانيات علم من العلوم اإلنسانية‬ ‫تعريف المصطلح اللساني‪ِّ :‬‬
‫الحديثة‪ُ ،‬ي َس َّمى المصطلح الخاص بها" المصطلح اللساني‪".‬‬
‫منزح نسبياً عن دالالته المعجمية األولى يعبر‬
‫وهو" رمز لغوي) مفرد أو مركب) أحادي الداللة‪ ،‬ا‬
‫عن مفهوم لساني محدد وواضح متفق عليه بين أهل هذا الحقل المعرفي‪ ،‬أو يرجى منه ذلك‪.2‬‬
‫إشكالية المصطلح العلمي‪:‬‬
‫تُعد معضلة المصطلح العلمي من بين أكبر المعضالت التي تواجهها كثير من العلوم‪ ،‬فهناك‬
‫إشكاليات عديدة تحيط بالمصطلح‪ ،‬من بينها" ازدواجية مدلول المصطلح‪ ،‬التي قد ينشأ عنها ضرب‬
‫من االلتباس في عرض المفاهيم‪ ،‬وتصنيف المعطيات‪ ،‬حسب انتمائها إلى مستوى من مستويات‬
‫‪3‬‬
‫البنية اللغوية ‪ .‬ومنها كذلك إشكالية تعدد المصطلح الدال على المفهوم الواحد‪ ،‬وليس ذلك وقفاً‬

‫‪1‬‬
‫عبد السالم المسدي ‪ ،‬مباحث تأسيسية في اللسانيات ‪ ،‬مؤسسات عبد الكريم بن عبد اهلل ‪ ،‬تونس ‪ 1111/1119 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪2‬‬
‫يوسف وغليسي ‪ ،‬إشكالية المصطلح في الخطاب النقدي العربي الجديد‪ ،‬منشوارت االختالف ‪ ،‬الجزائر العاصمة‪ ،‬ط‪2006 ،1‬‬
‫م‪ ، .‬ص‪. 24‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد القادر المهيري ‪ ،‬من الكلمة إلى الجملة بحث في منهج النحاة‪ ،‬مؤسسات عبد الكريم بن عبد اهلل ‪ ،‬تونس‪ 1116 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.179‬‬
‫‪91‬‬
‫على اللغة العربية وحدها‪ ،‬بل هو ظاهرة موجودة في أغلب اللغات اإلنسانية‪ ،‬ومن بينها اللغة‬
‫اإلنجليزية‪ ،‬واللغة الفرنسية‪ ،‬وغيرها من اللغات‪.‬‬

‫إشكالية المصطلح اللساني‪:‬‬


‫تُعد معضلة تعدد المصطلح من أكبر معضالت الخطاب اللساني العربي الحديث‪ ،‬واللسانيات‬
‫‪ Linguistics‬من بين أكثر العلوم العربية إشكاالً في تعدد المصطلح العلمي‪ ،‬فهي علم وافد على‬
‫الترث اللغوي العربي‪ ،‬وهذا األمر أحدث إرباكاً لدى المتخصصين‬
‫اللغة العربية‪ ،‬وله جذوره في ا‬
‫فيه‪ ،‬من حيث نقل المفاهيم‪ ،‬ووضع المصطلحات‪.‬‬
‫إن ولوج اللسانيات السوسيرية إلى اللغة العربية‪ ،‬واهتمام طائفة من علماء العربية في العصر‬
‫الحديث بهذا العلم الجديد الوافد‪ ،‬أدى إلى تشكل المعجم اللساني العربي الحديث‪ ،‬بواسطة ترجمة‬
‫بعض المصطلحات األجنبية‪ ،‬وتعريب بعضها اآلخر؛ وكان الختالف الترجمة والتعريب‪ ،‬بسبب‬
‫تعدد الرؤى‪ ،‬واختالف اللغات المنقول عنها المصطلح‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬أثر عميق في تعدد المقابل‬
‫العربي للمصطلح األجنبي الواحد‪ ،‬إلى درجة ربما تصل إلى حالة اإلرباك والفوضى المصطلحية‪،‬‬
‫االضطرب في االستعمال‪ ،‬وانعدام التنسيق في توحيد المصطلحات؛ األمر الذي أدى إلى لبس‬
‫ا‬ ‫و‬
‫كبير لدى المشتغلين بهذا العلم‪.‬‬

‫تعدد المصطلح في الخطاب اللساني العربي ‪:‬المظاهر واألسباب‪:‬‬


‫ّ‬
‫تعدد المصطلح في الخطاب اللساني الغربي وانعكاسه على المصطلح اللساني العربي‪:‬‬
‫ّ‬
‫إن تعدد المصطلح للمفهوم الواحد في الدرس اللساني‪ ،‬ليس وقفاً على اللغة العربية‪ ،‬بل نجده في‬
‫اللغات األوربية أيضاً‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬

‫مصطلح اللسانيات (‪: )Linguistics‬‬

‫الدرسات اللغوية في الغرب مصطلحان‪ ،‬األول ‪ Linguistics‬واآلخر ‪Philology‬‬


‫يطلق على ا‬
‫وقد انعكس ذلك على اللغة العربية؛ إذ حدث سجال بين مصطلحي ) علم اللغة ( ترجمة للمصطلح‬
‫‪ Linguistics‬و) فقه اللغة ( ترجمة للمصطلح ‪ Philology‬بداية من أربعينيات القرن العشرين‪،‬‬
‫بظهور كتابي )علم اللغة ( و) فقه اللغة ( لعالم االجتماع المص ري علي عبد الواحد وافي‪ ،‬وما‬

‫‪92‬‬
‫حدث تبعاً لذلك من اختالف بين الباحثين حول مصطلحي) فقه اللغة ( و)علم اللغة (‪ 1‬وما تال‬
‫ذلك من بروز مصطلحات أخرى‪ ،‬أوصلها عبد السالم المسدي في كتابه" قاموس اللسانيات "إلى‬
‫ثالثة وعشرين مصطلح ًا‪ ،‬هي‪:‬‬
‫"الالنغويستيك‪ ،‬فقه اللغة‪ ،‬علم اللغة‪ ،‬علم اللغة الحديث‪ ،‬علم اللغة العام‪ ،‬علم اللغة العام الحديث‪،‬‬
‫علم فقه اللغة‪ ،‬علم اللغات‪ ،‬علم اللغات العام‪ ،‬علوم اللغة‪ ،‬علم اللسان‪ ،‬علم اللسان البشري‪ ،‬علم‬
‫الدرسات اللغوية المعاصرة‪ ،‬النظر اللغوي الحديث‪ ،‬علم‬ ‫ا‬ ‫الدرسات اللغوية الحديثة‪،‬‬
‫ا‬ ‫اللسانة‪،‬‬
‫اللغويات الحديث‪ ،‬اللغويات الجديدة‪ ،‬اللغويات ‪-‬األلسنية‪ ،‬األلسنيات‪ ،‬اللِّسنيات‪ -‬اللسانيات" ‪ 2‬وقد‬
‫مؤخر ) اللسانيات ( الذي صار اليوم المصطلح المفضل لدى‬
‫ًا‬ ‫ذاع من بين تلك المصطلحات‬
‫أغلب الباحثين في مقابل المصطلح األجنبي ‪ Linguistics‬والسيما في المغرب العربي" ومن هذه‬
‫المادة اللغوية بالذات)لسان(انبثق المصطلح األكثر تجريداً‪ ،‬واألبعد ائتالفاً‪ ،‬واألعم تصوًار‪ ،‬وهو لفظ‬
‫اللسانيات ‪ ..‬وهكذا كتب لهذا العلم أن توحد أبناء اللغة العربية على مصطلح له بعد أن توزعته‬
‫سبل االستعمال ‪"3‬ولكن رغم تفاؤل المسدي‪ ،‬ورغم شيوع مصطلح اللسانيات وذيوعه بين أغلب‬
‫اللسانيين العرب‪ ،‬فما ازلت بعض المصطلحات األخرى كاأللسنية وعلم اللغة تنازع مصطلح‬
‫اللسانيات في مصر وبعض دول المشرق العربي‪.‬‬
‫مصطلحات لسانيات سيميائية‪:‬‬
‫السيميائية من العلوم المتصلة باللسانيات‪ ،‬وهو يرتبط في الغرب باسم الفيلسوف األمريكي "بيرس "‬
‫المسمي لهذا العلم عند كل منهما‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫واللساني السويسري" فردينان دي سوسير "ويختلف المصطلح‬
‫ففي حين يطلق عليه " بيرس" مصطلح ‪ Semiotics‬يطلق عليه" سوسير "مصطلح ‪Semiology‬‬
‫فأدى تعدد المصطلح في بيئته المنقول عنها للعربية‪ ،‬إلى تعدده في اللغة العربية أيضاً؛ فبرز‬
‫مصطلحا السيميائية أو السيميائيات ترجمة للمصطلح األول‪ ،‬والسيميولوجيا تعريباً للمصطلح‬

‫‪1‬‬
‫ينظر‪ :‬علم اللغة‪ ،‬ص‪ 15‬ـ ـ ـ ‪ ، 16‬ودراسات في فقه اللغة‪ ،‬ص ‪ 8‬ـ ـ ـ ‪ ، 8‬وعلم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬ص ‪ ، 367‬ودراسات‬
‫في علم اللغة‪ ،‬ص ‪ ، 48‬وغيرها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد السالم المسدي‪ ،‬قاموس اللسانيات‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬ليبيا‪ 1168 ،‬م‪ ،‬ص‪ 55‬ـ ـ ـ ‪.92‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪. 71‬‬
‫‪93‬‬
‫المتردفات لكلمة العالمة‪ ،‬موضوع هذه العلم‪ ،‬فظهرت مصطلحات‬
‫ا‬ ‫اآلخر‪ ،‬هذا ناهيك عن تعدد‬
‫اإلشارت‪ 1...‬الخ‪.‬‬
‫ا‬ ‫أخرى عديدة تطلق على هذا العلم‪ ،‬أشهرها ‪ :‬علم العالمات‪ ،‬وعلم الرموز‪ ،‬وعلم‬

‫مصطلحات لسانية أسلوبية‪:‬‬

‫ـــ المعيار ‪:2 Norm‬‬


‫ال نجد اتفاقاً بين كل الباحثين األسلوبيين في اللغة الفرنسية على استعمال هذا المصطلح ‪Norm‬‬
‫بل ُعِّبر عن هذا المفهوم بمصطلحات كثيرة عندهم‪ ،‬فقد اختار له عالم األسلوب "فونتانياي"‬
‫‪ L'usage ordinaire‬االستعمال الدارج‪ ،‬وعبر عنه" ماروزو" بـ ‪ Le degré zéro‬الدرجة‬
‫الصفر‪ ،‬واستعمل "ليو سبيتزر ‪ L'usage normal‬االستعمال العادي‪ ،‬واختار "واالك وفا ا رن"‬
‫‪ L'usage corant‬االستعمال السائر‪ ،‬وفضل" تودوروف ‪ les normes du langage‬السنن‬
‫اللغوية‪ ،‬واستعلمت" جماعة مو" ‪ Le discours naïf‬الخطاب الساذج‪ 3‬وترتب عن ذلك تعدد‬
‫المصطلحات المعبرة عن هذا المفهوم في اللغة العربية )المعيار ‪-‬االستعمال الدارج ‪-‬االستعمال‬
‫السائر‪ -‬السنن اللغوية ‪ ...‬الخ(‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪:‬‬ ‫النزياح ‪L'écart‬‬
‫يرض به كثير من رواد‬
‫االنزياح" مصطلح عسير الترجمة؛ ألنه غير مستقل في متصوره؛ لذلك لم َ‬
‫األلسنية واألسلوبية‪ ،‬فوضعوا مصطلحات بديلة عنه‪."5‬‬
‫ورغم أن مصطلح ‪ L'écart‬هو الشائع في اللغة الفرنسية‪ ،‬فإننا ال نجد اتفاقاً على مصطلح معين‬
‫االنحرف ‪،‬‬
‫ا‬ ‫للتعبير عن هذا المفهوم في اللغة الفرنسية‪ ،‬فقد استعمل" سبيتزر ‪La deviation‬‬
‫وفارن ‪ La distorsion‬االختالل‪ ،‬وفضل "بارت ‪ Le scandale‬الشناعة‪ ،‬واختار‬
‫واختار" واالك ا‬
‫‪1‬‬
‫التحليل السيميائي للنص تحليل شعر المتنبي نموذجا ‪ ،‬أحمد رشراش‪ ،‬أطروحة دكتوراه ‪ ،‬كلية اآلداب ‪ ،‬جامعة طرابلس‪ ،‬ليبيا‪،‬‬
‫‪ 2001‬م‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪2‬‬
‫يطلق مصطلح ‪ Norm‬في اللغة الفرنسية للداللة على األصل والواقع اللغوي الذي يحدث عنه االنزياح‪ ،‬وهو االستعمال النفعي‬
‫للظاهرة اللسانية ‪ .‬ينظر‪ :‬عبد السالم المسدي‪ ،‬األسلوبية واألسلوب‪ ،‬نحو بديل ألسني في نقد األدب ‪ ،‬تونس‪ 1199 ،‬م‪ ،‬ص‪. 94‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪. 9‬‬
‫‪4‬‬
‫االنزياح ‪ L'écart‬هو" اختيار الكاتب لما من شأنه أن يخرج العبارة عن حيادها وينقلها من درجتها الصفر إلى خطاب يتميز‬
‫بنفسه‪ ..‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪. 9‬‬
‫‪5‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪. 158‬‬
‫‪94‬‬
‫كوهان ‪ Le viol‬االنتهاك‪ ،‬واستعمل" تودوروف ‪ L'incorrection‬اللحن‪ ،‬وفضل" جماعة مو"‬
‫‪ L'Naltération‬لتحريف‪.1‬‬
‫ِّ‬
‫المعبر عن هذا المفهوم في اللغة الفرنسية تعدده في اللغة العربية أيضاً‪،‬‬ ‫وقد تبع تعدد المصطلح‬
‫االنحرف‪ ،‬والعدول‪ ،‬والمجاوزة‪ ،‬والتجاوز‪،‬‬
‫ا‬ ‫فشاعت مصطلحات عديدة أشهرها) االنزياح‪ ،‬و‬
‫واالتساع)‪.2‬‬

‫تعدد المقابل العربي للمصطلح اللساني الغربي بسب الختالف في الترجمة والتعريب‪:‬‬
‫ــــ ّ‬
‫معين) ربكة في الستخدام(‬
‫تعدد المقابل العربي للمصطلح األجنبي عند لساني ّ‬
‫‪ّ .2‬‬
‫قد نجد ربكة في استخدام المصطلح عند لساني عربي معين‪ ،‬وذلك باستعماله أكثر من‬
‫مصطلح عربي في مقابل المصطلح األجنبي الواحد‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬

‫تعدد المقابل العربي للمصطلح األجنبي عند عبد السالم المسدي‪:‬‬


‫‪ّ 2. 2‬‬
‫تعددت المقابالت العربية للمصطلح األجنبي الواحد عند اللساني التونسي عبد السالم المسدي‪،‬‬
‫على نحو ما نرى في محاولته إليجاد المقابل العربي للمصطلح األجنبي ‪ Structuralisme‬إذ‬
‫قابله بمصطلح ) البنيوية ( في معجمه ) قاموس اللسانيات (‪ 3‬وكذلك في غالف كتابه (قضية‬
‫البنيوية)‪ 4‬وقابله بمصطلح" الهيكلية "في بحثه المنشور في" حولية الجامعة التونسية‪ " 5‬وأيضاً في‬
‫كتابه" األسلوبية واألسلوب نحو بديل ألسني في نقد األدب نجد ربكة عند المسدي في مقابلته‬
‫للمصطلح األجنبي )‪ Structuralisme‬باستعمال مقابلين عربيين هما) البنيوية والهيكلية( ‪.‬‬
‫ونجده‪ ،‬كذلك‪ ،‬يترجم مصطلح ‪ Syntagmatiques‬بالتوزيعي‪ 6‬الركني‪ 7‬في كتابه" األسلوبية‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.19 - 96‬‬
‫‪2‬‬
‫احمد محمد ويس ‪ ،‬االنزياح وتعدد المصطلح ‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬م ‪ ، 25‬ع ‪ ، 3‬مارس‪1119 ،‬م‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد السالم المسدي‪ ،‬قاموس اللسانيات‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫‪4‬‬
‫عبد السالم المسدي‪ ،‬قضية البنيوية دراسة ونماذج ‪ ،‬دار الجنوب للنشر ‪ ،‬تونس‪ 1118 ،‬م‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫محاوالت في األسلوبية الهيكلية لريفاتير‪ ،‬المسدي‪ ،‬حوليات الجامعة التونسية‪ ،‬ع‪1193 ، 10‬م‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫األسلوبية واألسلوب‪ ،‬ص‪. 23‬‬
‫‪7‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪.180‬‬
‫‪95‬‬
‫‪1‬‬
‫في كتابه" قاموس اللسانيات "ويترجم مصطلح‬ ‫واألسلوب "في حين يترجمه بالنسقي‬
‫‪ Paradigmatiques‬باالستبدالي‪ 2‬في كتابه" األسلوبية واألسلوب "بينما يترجمه بالجدولي‪ 3‬في‬
‫كتابه" قاموس اللسانيات "بذلك تتضح ربكة االستخدام عند المسدي من خالل استعمال أكثر من‬
‫مقابل عربي للمصطلح األجنبي الواحد‪ ،‬في موضع معين‪ ،‬وفي مواضع مختلفة من كتبه‪.‬‬

‫تعدد المقابل العربي للمصطلح األجنبي عند محمد الخولي‪:‬‬


‫‪ّ 0. 2‬‬
‫تعددت المقابالت العربية للمصطلح األجنبي الواحد في كتاب) معجم علم اللغة النظري (لمحمد‬
‫‪4‬‬
‫إذ قابله بمصطلحين عربيين‪ ،‬هما‬ ‫الخولي‪ ،‬ومن بين تلك المصطلحات مصطلح ‪Allopone‬‬
‫‪5‬‬
‫وبذلك نجد ربكة في استخدام‬ ‫)متغير صوتي (عن طريق الترجمة‪ ،‬و)ألفون (عن طريق التعريب‬
‫المصطلح اللساني عند الخولي من خالل استخدام مصطلحين عربيين في مقابل مصطلح أجنبي‬
‫واحد‪.‬‬

‫بسام بركة‪:‬‬
‫تعدد المقابل العربي للمصطلح األجنبي عند ّ‬
‫‪ّ 3. 2‬‬
‫‪6‬‬
‫ترجم اللساني بسام بركة في كتابه) معجم اللسانية( مصطلح ‪) Icone‬مثيلة( وعربه) إيقونة(‬
‫وبذلك نجد عنده ربكة في االستخدام من خالل استعمال مصطلحين عربيين في مقابل المصطلح‬
‫األجنبي الواحد‪.‬‬
‫تعدد مصطلح المفهوم الواحد عند باحثين متعددين ) القصور في التعاطي(‪:‬‬
‫‪ّ .0‬‬
‫تعددت المقابالت العربية للمصطلح اللساني األجنبي الواحد بشكل كبير‪ ،‬األمر الذي يدل على‬
‫القصور في التعاطي مع تلك المصطلحات ومفاهيمها‪ ،‬واألمثلة على ذلك كثيرة‪ ،‬نذكر منها اآلنية‬
‫‪ Synchronic‬والتعاقبية ‪.Diachronic‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪.180 ، 181 ، 186 ، 138‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق ص‪ 138‬و ‪.181‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد السالم المسدي‪ ،‬قاموس اللسانيات‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪4‬‬
‫األلوفون ‪" : Allopone‬صوت كالمي حقيقي يشكل مع أصوات أخرى‪ .‬عائلة واحدة مجردة تسمى فونيما"‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫عبد السالم المسدي‪ ،‬قاموس اللسانيات‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪6‬‬
‫اإليقونة ‪ :‬هي" عالمة مبنية على تشابه بينها وبين الشيء المحسوس الذي تشير إليه‪ ،‬مثل الصورة بالنسبة لصاحب الصورة " ‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬بسام بركة‪ ،‬معجم اللسانية‪ ،‬منشورات جروس برس‪ ،‬طرابلس – لبنان‪ ،‬د‪ .‬ط ‪ .‬د‪.‬ت‪ ،‬ص ‪. 103‬‬
‫‪96‬‬
‫ـ تعددت المقابالت العربية لمصطلحي ‪ Synchronic‬و ‪ .Diachronic‬بشكل الفت للنظر‪،‬‬
‫على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪Diachronic‬‬ ‫‪Synchronic‬‬ ‫اللفظة‬
‫المترجم‬

‫‪1‬‬
‫زمانية‬ ‫آنية‬ ‫المسدي‬
‫‪2‬‬
‫تعاقب‬ ‫تزامن‬ ‫بسام بركة‬
‫‪3‬‬
‫تزمن‬ ‫تزامن‬ ‫يوسف غازي ومجيد النصر‬
‫‪4‬‬
‫التعاقب‬ ‫التعاصر‬ ‫ريمون طحان‬
‫‪5‬‬
‫تاريخي‬ ‫تعاصرية‬ ‫ميشال زكريا‬

‫العجز في إدراك تفاصيل المفهوم وسوء التعاطي مع مفهوم المصطلح‪:‬‬

‫الخلط بين مصطلحي لغة ‪ Le langage‬ولسان ‪la langue‬‬


‫قصور في تعاطي بعض الباحثين مع المصطلح األجنبي‪ ،‬بحيث يتم الخلط بين‬‫ًا‬ ‫قد نجد‬
‫المصطلحات‪ ،‬فيؤدي ذلك إلى تعدد المصطلح‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك قلب الباحث محمد عبد‬
‫العزيز ترجمة مصطلحي فردينان دي سوسير ‪ Le langage‬ولسان ‪ la langue‬فالمصطلح‬
‫األول ‪ Le langage‬يطلق على اللغة‪ ،‬وهي ملكة التخاطب التي يملكها البشر طبقا ‪langage‬‬
‫الورثة‪ ،‬أي أنها ظاهرة إنسانية عامة‪ ،‬ويطلق هذا المصطلح ليدل على اللغة بمفهومها العام‬
‫لقوانين ا‬
‫‪ ،‬بما في ذلك لغة الحيوان‪ ،‬ولغة العيون ‪ ،‬ولغة اإلشا ارت ‪ ،‬في حين يدل المصطلح اآلخر على‬

‫‪1‬‬
‫عبد السالم المسدي‪ ،‬قاموس اللسانيات‪ ،‬ص ‪.220/160‬‬
‫‪2‬‬
‫بسام بركة‪ ،‬معجم اللسانية‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪3‬‬
‫دي سوسير‪ ،‬محاضرات في األلسنية العامة‪ ،‬ترجمة يوسف غازي ومجيد النصر‪ ،‬دار نعمان للثقافة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1168 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪. 11‬‬
‫‪4‬‬
‫األلسنية العربية‪ ،‬ريمون طحان‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ 1161 ،‬م‪ ،‬ص‪. 1‬‬
‫‪5‬‬
‫األلسنية (علم اللغة الحديث) المبادئ واألعالم‪ :‬ميشال زكريا‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬ط ‪ 1163 ،2‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.211 ،266‬‬
‫‪97‬‬
‫‪ la langue‬على اللسان البشري ‪ ،‬وهو نظام اجتماعي عند جماعة لغوية محددة يستخدم في‬
‫التفاهم بينها‪ 1‬ولكن الباحث محمد عبد العزيز‪ ،‬عكس ذلك ‪ ،‬فترجم ‪ Le langage‬باللسان ‪،‬‬
‫وترجمة ‪ la langue‬باللغة‪ )2‬وذلك بسبب االفتقار إلى الدقة العجز في ا‬
‫إدرك تفاصيل المفهوم‬
‫‪3‬‬
‫وليس العكس كما‬ ‫وسوء التعاطي مع مفهوم المصطلح‪ ،‬فاللسان ‪ langue‬واللغة ‪Le langage‬‬
‫تراءى للباحث محمد عبد العزيز‪.‬‬

‫الخلط بين مصطلحي كمية الصوت ‪ Quantity‬وطول الصوت ‪Duration‬‬


‫قابل محمد الخولي المصطلح اللساني األجنبي ‪ Duration‬بكمية الصوت‪ ،‬وساوى بينه وبين‬
‫كمية الصوت ‪ Quantity‬بقوله‪ ":‬طول الصوت أو كمية الصوت ‪ Duration‬المدة التي يستمر‬
‫‪4‬‬
‫وبهذا يخلط بين‬ ‫إحداثه‪ .‬وتدعى أيضاً ‪ Length‬او ‪Quantity‬‬ ‫فيها الصوت منذ لحظة‬
‫المصطلحين‪ ،‬في حين أن طول الصوت ‪ Duration‬يدل على المدة الزمنية التي يستغرقها النطق‬
‫بالصوت أو طوله‪ ،‬وهو يتميز عن كمية الصوت ‪ Quantity‬وهي مظهر فونولوجي للصوت‪.5‬‬

‫تعدد المصطلح‪:‬‬
‫‪3.4‬الختالف في اللغة المنقول عنها وأثره في ّ‬
‫‪1.3.4‬الختالف في اللغة المنقول عنها في الترجمة‪:‬‬

‫تسهم الترجمة بشكل كبير في اختالف المصطلحات وتعددها‪ ،‬فنالحظ "كثرة المصطلحات‬
‫الموضوعة في سياق الترجمة‪ ،‬وطغيان االختالف حولها؛ حتى عصف بكثير من المفاهيم‬
‫األساسية للسانيات‪ ،‬التي غدت عند البعض من الدارسين علماً ضبابياً‪ ،‬ال يعرف من أين ينفذ إليه؛‬
‫وما ذلك إال الفتقادها إلى مصطلحات دقيقة ‪ "6‬كما أن االختالف في اللغة المنقول عنها قد يسبب‬

‫‪1‬‬
‫فرديناند دي سوسير‪ ،‬محاضرات في علم اللسان العام‪ ،‬ترجمة قنيني‪ ،‬افريقيا الشرق لنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1161 ،1‬ص‪. 2‬‬
‫‪2‬‬
‫سوسير رائد علم اللغة الحديث‪ ،‬محمد حسن عبد العزيز‪ ،‬دار الفكر العربى للطباعة والنشر ‪1111 ،‬م‪ ،‬ص‪. 2‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد عبد العزيز‪ ،‬دروس في األلسنية العامة‪ ،‬ص‪.21 - 23‬‬
‫‪4‬‬
‫محمد الخولي معجم علم اللغة النظري‪ ، :‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬ط‪ 2،1111‬م‪ ،‬ص ‪.21 -23‬‬
‫‪5‬‬
‫‪A First Dictionary of Linguistics and Phonetics. Crystal.‬‬
‫‪)London Andre Deuttsh. .(1980‬‬
‫‪6‬‬
‫يوسف مقران‪ ،‬المصطلح اللساني المترجم(مدخل نظري إلى المصطلحات)‪ ،‬دار رسالن للطباعة والنشر والتوزيع‪2001 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.181‬‬
‫‪98‬‬
‫نظر لالختالف بين اللغات‪ ،‬فمصطلح ‪Stylistics‬‬
‫في اختالف المصطلح‪ ،‬ومن ثم تعدده‪ ،‬وذلك ًا‬
‫اإلنجليزي‪ ،‬يترجمه سعد مصلوح وبعض الباحثين)األسلوبيات (ألن اللفظة جمع في اللغة‬
‫اإلنجليزية‪ ،‬وتنتهي بالحرف ‪ S‬الذي يفيد الجمع‪ ،‬بينما يترجمه المسدي والجمهور) األسلوبية (ألن‬
‫الترجمة عن الفرنسية ‪ Stylistique‬وهذا المصطلح مفرد‪ ،‬وال ينتهي بالحرف ‪ S‬الذي يفيد الجمع‪.‬‬
‫وكذلك األمر فيما يتعلق بالمصطلحين ‪ Semantics‬اإلنجليزي و‪ Sémantique‬الفرنسي‪،‬‬
‫فكالهما يعبر عن المفهوم نفسه‪ ،‬ولكن ترجمته تختلف في العربية‪ ،‬فاألول يترجم)علم الداللة(‬
‫واآلخر يترجم) الداللية)‪.‬‬

‫الختالف في اللغة المنقول عنها في التعريب‪:‬‬

‫إن االختالف في اللغة المنقول عنها يؤدي إلى اختالف المصطلح وتعدده في التعريب‪ ،‬كما في‬
‫الترجمة‪ ،‬وذلك الختالف النطق بين اللغتين اإلنجليزية والفرنسية – أكثر اللغات التي تنقل عنهما‬
‫العربية المصطلح اللساني‪ .‬فعلى سبيل المثال المصطلح ‪ Phoneme‬اإلنجليزي ًيعرب) فونيم(‪،1‬‬
‫في حين ُيعرب مقابله الفرنسي)فونام(‪ 2‬تعريباً للمصطلح الفرنسي ‪ Phonème‬واألمر ذاته ينطبق‬
‫على مصطلح ‪ Morpheme‬اإلنجليزي الذي ُيعرب )مورفيم(في حين ُيعرب مقابله الفرنسي‬
‫ويعرب مقابله ‪Monèm‬‬‫‪( Morphème‬مورفام( والمصطلح اإلنجليزي ‪ُ Monem‬يعرب)مونيم( ُ‬
‫الفرنسي )مونام(؛ ويرجع ذلك إلى وجود اختالف بين نطق اإلنجليزية التي تنطق (‪ )e‬ياء المد)ي(‬
‫في العربية ونطق (‪ )è‬الفرنسية التي تنطق قريبة من ألف المد )ا( في العربية‪.‬‬

‫طرئق النقل للمصطلح اللساني في اللغة العربية‪:‬‬


‫تباين ا‬

‫الطرئق التي ينقل بها المصطلح اللساني األجنبي إلى اللغة العربية‪ ،‬فقد يلجأ أحد‬
‫ا‬ ‫قد تختلف‬
‫الباحثين إلى الترجمة الحرفية‪ ،‬في حين يلجأ آخ رون إلى الترجمة الجزئية‪ ،‬ويلجأ غيرهم إلى‬
‫التعريب‪ ،‬فيتولد عن ذلك ثالثة مقابالت للمصطلح اللساني األجنبي الواحد‪ ،‬فعلى سبيل المثال‬
‫المصطلح األجنبي (‪ Phoneme‬هناك من يترجمه ترجمة حرفية)الوحدة الصوتية(‪ 3‬وهناك من‬

‫‪1‬‬
‫علم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬ص‪. 37‬‬
‫‪2‬‬
‫األلسنية) علم اللغة الحديث (المبادئ واألعالم‪ ،‬ص‪. 28‬‬
‫‪3‬‬
‫مبادئ اللسانيات‪ ،‬ص‪. 98‬‬
‫‪99‬‬
‫االلتزم‬
‫ا‬ ‫عربه) فونيم)‪ 2‬أو) فونام(‪ 3‬من غير‬ ‫‪1‬‬
‫يترجمه ترجمة جزئية ) صوتم ‪ /‬صوتيم( وهناك من ُي ِّ‬
‫بقواعد التعريب في العربية‪ ،‬هذا فضالً عن مصطلحات أخرى عديدة ُوضعت في مقابل المصطلح‬
‫األجنبي ‪ Phoneme‬في العربية‪ ،‬أهمها‪) :‬الفظ ‪ /‬صوت مجرد ‪ /‬صوتية ‪ /‬صوت ‪ /‬حرف‪/‬‬
‫مستوصت ‪ /‬صوتون ‪ /‬فونيمية)‪ 4‬في ختام هذه المقاربة التي حاولنا من خاللها إلقاء الضوء على‬
‫إشكالية المصطلح في الخطاب اللساني العربي الحديث‪ ،‬وتبيان أهم مظاهرها وأسبابها‪ ،‬ال ندعي‬
‫استيعاب كل جوانب الموضوع‪ ،‬والنفاذ إلى جميع دقائقه‪ ،‬بل إننا لنرجو أن نكون قد أبرزنا أهم ما‬
‫إبرز أهم نتائج هذه الد‬
‫يتعلق بهذه اإلشكالية التي تلف المصطلح اللساني العربي الحديث‪ ،‬ويمكن ا‬
‫ا رسة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬يمثل المصطلح العلمي القاعدة التي تبنى عليها العوم‪.‬‬
‫‪ - 2‬يعاني المصطلح اللساني العربي إشكالية تعدد المقابل العربي للمصطلح األجنبي‪.‬‬
‫‪ - 3‬إشكالية تعدد المصطلح اللساني ليست وقفاً على اللغة العربية وحدها‪ ،‬بل نجدها في أغلب‬
‫اللغات‪ ،‬ومن بينها اللغة الفرنسية واللغة اإلنجليزية‪.‬‬
‫‪ - 4‬يتعدد المقابل العربي للمصطلح األجنبي عند بعض اللسانيين‪ ،‬وذلك يدل على ربكة في‬
‫استخدام المصطلحات عندهم‪.‬‬
‫‪ - 5‬يتعدد مصطلح المفهوم الواحد عند باحثين متعددين‪ ،‬وذلك يدل على القصور في التعاطي مع‬
‫المصطلح اللساني لديهم‪.‬‬
‫إدرك تفاصيل المفهوم وسوء التعاطي مع مفهوم المصطلح يؤدي إلى تعدد المقابل‬
‫العجز في ا‬
‫العربي للمصطلح األجنبي‪.‬‬
‫‪ - 7‬من أسباب تعدد المصطلح اللساني في اللغة العربية االختالف في اللغة المنقول عنها‪ ،‬فقد‬
‫ينقل باحث معين مصطلحاً عن الفرنسية‪ ،‬في حين ينقله ٍ‬
‫ثان عن اإلنجليزية‪ ،‬وينقله ثالث عن‬
‫األلمانية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ينظر‪ :‬قاموس اللسانيات‪ ،‬ص ‪ . 118‬في الكلمة‪ ،‬ص ‪ 181‬؛ وتعريب كتاب "مفاتيح األلسنية" لجورج مونان‪ ،‬ص ‪189‬‬
‫‪2‬‬
‫علم اللغة مقدمة لقارئ العربي‪ ،‬ص‪37‬‬
‫‪3‬‬
‫األلسنية) علم اللغة الحديث (المبادئ واألعالم‪ ،‬ص‪. 2‬‬
‫‪4‬‬
‫مبادئ اللسانيات‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪111‬‬
‫‪ - 8‬هناك تباين بين الباحثين العرب في نقل المصطلح األجنبي إلى اللغة العربية‪ ،‬فهناك من‬
‫يعتمد على الترجمة الحرفية ‪ ،‬وهناك من يلجأ إلى الترجمة الجزئية ‪ ،‬وهناك من يعتمد على‬
‫التعريب ؛ فيؤدي ذلك إلى تعدد المصطلح اللساني العربي المقابل للمصطلح األجنبي‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫المحاضرة الثانية عشر‬

‫إشكالية تدريس المصطلح اللساني‬

‫المصطلحية في الجامعات‪:‬‬
‫ّ‬ ‫تدريس‬
‫وتنوعها في‬
‫لقد تزايد االهتمام بعلم المصطلح في السنوات األخيرة‪ ،‬فإضافة إلى تكاثر األبحاث ُّ‬
‫هذا الميدان‪ ،‬بادرت عدة جامعات كبرى إلى تدريس مادة (النظرية العامة لعلم المصطلح) ال‬
‫المتخصصين في علم اللغة فحسب‪ ،‬بل لجميع طالب العلوم والتكنولوجيا كذلك‪ .‬ويتزايد‬
‫ِّ‬ ‫للطالب‬
‫درس فيها هذه النظرية في جميع أنحاء العالم‪.‬‬
‫عدد الجامعات التي تُ َّ‬
‫وتعد كندا من الدول الغربية الرائدة التي انتبهت منذ عقود عدة إلى أهمية العلم المصطلحي في‬
‫ضبط المفاهيم‪ ،‬والى أثره الجلي في تطوير العلوم والتقنيات‪ ،‬فعملت على تأسيس أقسام علمية‬
‫مهمتها تدريس المصطلحية والتدريب على تطبيقاتها‪ ،‬والراجح أن الوضع اللساني لهذا البلد المزدوج‬
‫اللغة [فرنسي‪-‬إنجليزي] كان من أسباب السبق إلى إدراج هذا التخصص العلمي بالجامعات‬
‫والمؤسسات اللغوية الكندية‪ ،‬إضافة إلى استهداف تخريج مصطلحيين ومصطلحاتيين مهمتهم‬
‫األساس بناء أنساق اصطالحية تخضع لمقاييس دقيقة بمعية المتخصصين في شتى الميادين‬
‫المعرفية‪ ،‬وتكوين مترجمين أكفاء‪ ،‬ومن أجل هاته الغايات النبيلة ُدِّرست المصطلحية منذ أزيد من‬
‫عقدين لطالب الباكلوريا (بمعدل ‪ 10‬ساعة في السنة)‪ ،‬وللطالب الراغبين في الحصول على‬
‫اإلجازة في اللسانيات التطبيقية‪.1‬‬
‫وقد اهتم العديد من الدارسين الغربيين بتحديد محاور الدرس المصطلحي في ِرحاب الجامعات‬
‫والمعاهد العليا ‪ ،‬وجعلوا من أهم موضوعاته‪:‬‬
‫‪-‬التوثيق ورسم قواعد تحرير الجذاذة المصطلحية‪.‬‬
‫‪-‬الجرد والتصنيف المصطلحيين‪ ،‬وتحديد خصائص التعريف المصطلحي‪.‬‬
‫‪-‬والتقييس المصطلحي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪MARTHE FARIBAULT : Enseignement de la terminologie : une pratique pédagogique ; Les‬‬
‫‪Presses de l'Université de Montréal 1988.‬‬
‫‪112‬‬
‫ونشير هنا أيضا إلى منجزات "مديريات األعمال المصطلحاتية" بوحدة التكوين والبحث في اللغـات‬
‫األجنبيـة التطبيقيـة بجامعـة "رين‪ ،" (Renne2) 2‬وقد تزامن ذيع صيتها مع بداية تدريس‬
‫المصطلحية برحاب هذه الجامعة نهاية الثمانينات من القرن الماضي‪.‬‬
‫وتد َّرس النظرية العامة في المصطلحية )‪ (General theory of Terminology‬لصاحبها‬ ‫َ‬
‫"فوستر )‪ "(wuster‬بالعديد من الجامعات (إضافة إلى فرنسا‪ ،‬وكندا) بالنمسا‪ ،‬وتشيكوسلوفاكيا‪،‬‬
‫والدانمارك‪ ،‬وألمانيا‪ ،‬وروسيا‪ ،‬والجمهوريات المتاخمة لها (التي كانت منضوية في االتحاد‬
‫السوفياتي سابقا)‪ .‬وتعددت الورشات التدريبية بالجامعات الغربية بغرض تكوين مصطلحيين‪،‬‬
‫فأصبحت هذه الورشات جزءا ال يتج أز من البرامج الجامعية‪ ،‬وهي تلقى أحيانا في إطار مؤتمرات‬
‫خاصة‪ ،‬وقد تبث مباشرة عبر اإلنترنت‪ ،‬ويستفيد منها كل من اللسانيين والمعجماتيين‪ ،‬والمترجمين‪،‬‬
‫وخبراء اللغات الالتينية الحديثة‪.‬‬
‫تهتم بتدريس علم المصطلح‪ ،‬ونجد َّ‬
‫أن كثي اًر من طلبة الدكتوراه العرب‬ ‫وأخذت الجامعات العربية ُّ‬
‫اختاروا إحدى قضايا المصطلحية موضوعاً ألطروحاتهم في اآلونة األخيرة‪ .‬ومن أوائل الجامعات‬
‫العربية التي أولت علم المصطلح اهتماماً خاصاً جامعة سيدي محمد بن عبد اهلل في فاس التي‬
‫أنشأت مرك اًز للدراسات المصطلحية عام ‪1113‬م‪ ،‬ويديره اللغوي المغربي الشاهد بوشيخي‪ .‬ويصدر‬
‫هذا المركز دورية عنوانها " دراسات مصطلحية "‪ ،1‬كما عقد عدة ندوات ومؤتمرات حول علم‬
‫المصطلح "‪ .2‬وتولي (جامعة موالي إسماعيل) في مدينة مكناس أهمية خاصة لعلم المصطلح‬
‫وتدرسه في كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية فيها‪ .‬وقد عقدت هذه الكلية عدة ندوات حول علم‬
‫المصطلح‪ ،‬من أهمها الندوة التي عقدتها في مكناس عام ‪2000‬م بالتعاون مع (جامعة سيدي‬
‫محمد بن عبد اهلل) بفاس‪ .3‬ونعتقد أن تدريس هذه المادة على نطاق واسع في جامعاتنا العربية أمر‬

‫‪1‬‬
‫الشاهد البوشيخي‪ ،‬مجلة " دراسات مصطلحية " ‪ ،‬معهد الدراسات المصطلحية ‪ ،‬المغرب ‪ ،‬العدد‪2001 ، 1‬م‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫من أهم الندوات التي عقدها ندوة " الدراسة المصطلحية والعلوم اإلسالمية " التي صدرت أعمالها في مجلدين يشتمالن على ‪686‬‬
‫صفحة ‪ ،‬عن جامعة سيدي محمد بن عبد اهلل ‪ ،‬فاس ‪1113 ،‬م‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫من هذه الندوات الندوة التي عقدتها الكلية عام ‪2000‬م حول " قضايا المصطلح في اآلداب والعلوم اإلنسانية" وصدرت أعمالها‬
‫في مجلدين‪ ،‬من إعداد عز الدين البوشيخي ومحمد الوادي ‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬مكناس‪،‬‬
‫يشتمالن على ‪ 883‬صفحة‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫ضروري‪ ،‬خاصة أننا نأمل أن تُ ِ‬
‫قدم هذه الجامعات على تعريب العلوم والطب والهندسة فيها‪ .‬وما‬
‫أحوج طالب الدراسات العلمية إلى الوقوف على أصول توزيع المصطلحات اللغوية على أنظمة‬
‫المفاهيم العلمية والتقنية‪ ،‬وعلى المبادئ التي تحكم وضع المصطلحات وتوحيدها‪.‬‬

‫المصطلحية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫التدريب في حقل‬

‫يجب أن ال يقتصر تدريس النظرية العامة لعلم المصطلح على الجامعات‪ ،‬فالحاجات المتزايدة‬
‫تستدعي تنظيم برامج تدريبية قصيرة لتطوير مهارات العاملين في حقل المصطلحات‪ ،‬يشرف عليها‬
‫خب ارء على معرفة بآخر التطورات في ميادين اللسانيات التطبيقية‪ ،‬وصناعة المعجم‪ ،‬والمصطلحية‪.‬‬
‫المتخصصة الذي عقد بالتعاون مع اليونسكو في فينا في أواخر‬
‫ِّ‬ ‫ولقد أوصى المؤتمر األول للغات‬
‫أوت ‪1199‬م‪ ،‬بنشر النظرية العامة لعلم المصطلح‪ ،‬وتشجيع التدريب عليها‪ ،‬وتصميم برنامج‬
‫عملي ليستعمل في تدريس هذه المادة‪ .‬وقد ن ِّ‬
‫ظمت مثل هذه الدورات التدريبية في عدد من عواصم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العالم‪ .‬ومن أمثلة ذلك الدورة التدريبية التي نظَّمتها مؤسسة ‪ Nordterm‬في كوبنهاكن من ‪20‬‬
‫إلى ‪ 30‬جوان ‪1196‬م والدورة التدريبية التي نظَّمتها نفس المؤسسة في فنزويال عام ‪1163‬م‪،‬‬
‫والدورة التدريبية التي عقدتها جامعة الفال في كندا من ‪ 20‬إلى ‪ 30‬أوت ‪1196‬م‪ ،‬والدورة التدريبية‬
‫التي نظمها قسم اللسانيات والدراسات العالمية في جامعة ساري ‪ Surry‬في جيلفوردـ إنكلت ار عام‬
‫‪1168‬م‪ .‬ثم تكاثرت هذه الدورات التدريبية وغدت تُعقَد سنوياً في أماكن كثيرة‪.‬‬
‫ومن ناحية أُخرى‪ ،‬ألَّف عدد من رواد علم المصطلح مراجع تُستخدم مراجع لدراسة هذا الموضوع‬
‫في الجامعات وفي الدورات التدريبية‪ .‬وفي الهوامش قائمة بأهم هذه المراجع‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫جمعية المعجمية العربية بتونس‪ ،‬المعجم العربي المختص (بيروت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ )1118 ،‬أشرف على نشره‪ :‬إبراهيم بن‬
‫مراد‪ ،‬رئيس الجمعية‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫خاتمة‪:‬‬

‫نشير في خاتمة هذه المطبوعة إلى أهم القضايا البارزة التي وقفنا عندها بشيء من التفصيل في‬
‫ميدان المصطلحية وهي ثالثة أصناف من الدرس‪:‬‬
‫عنى بدراسة المفاهيم والعالقات الوجودية والمنطقية بينها‪،‬‬
‫‪ - )1‬علم المصطلح الذي ُي َ‬
‫والمصطلحات اللغوية التي تعبر عنها‪.‬‬
‫المتخصصة ‪ ،‬الورقية منها واإللكترونية‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫‪ - )2‬صناعة المصطلح التي تدور حول نشر المعاجم‬
‫‪ - )3‬البحث المصطلحي الذي يتناول تاريخ علم المصطلح‪ ،‬والمدارس المصطلحية ‪ ،‬وتوثيق‬
‫المصطلحات والمؤسَّسات المصطلحية والمصطلحيين ‪ ،‬والتدريب في المصطلحية ‪ ،‬وما إلى‬
‫ذلك‪.‬‬

‫و يمكن أن نلخص أهم النتائج التي توصلنا إليها في هذا البحث على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬ينفرد المصطلح بمجموعة من الخصائص تجعله يحظى باهتمام شتى الباحثين ذوي تخصصات‬
‫مختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬أصبح علم المصطلح حقال مستقال يهتم بمنهجيات وضع المصطلح و توحيده ‪.‬‬
‫‪ -‬ال يزال البحث في المصطلح ( ‪ ) terminologie‬يعتوره اضطراب ‪ ،‬بالرغم من الجهود البارزة‪،‬‬
‫و لم يتوصل الباحثون إلى بلورة ترجمة عربية موحدة ‪ ،‬و ال إلى خطاب علمي موحد‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر المصطلح العتبة األولى التي تمكن الطالب من ولوج البحث العلمي‪ ،‬واالستفادة من‬
‫نتائجه‪.‬‬
‫‪ -‬إن ترجمة المصطلحات في الوطن العربي تعرف اضطرابا ملحوظا‪ ،‬و يعود ذلك إلى الجهود‬
‫الفردية التي لم ترق إلى التحري العلمي الجماعي‪ ،‬الذي يعد الحل الوحيد لتأسيس حوار علمي‬
‫تذوب على إثره كل االختالفات التي من شأنها أن تعمق الهوة بين الباحثين‪.‬‬
‫‪ -‬إن وضع مصطلح علمي ال يتم بصفة عشوائية‪ ،‬و إنما وفق معايير وشروط ينبغي احترامها‬
‫والتقيد بها‪.‬‬
‫‪ -‬تمكننا آليات وضع المصطلح من صياغة مصطلحات جديدة ‪ ،‬و بالتالي إثراء رصيد اللغة‬
‫العربية‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫‪ -‬ينبغي أن نقر بوجود جهود فردية وجماعية (هيئات دولية و مجامع) ترمي إلى توحيد المصطلح‬
‫في البلدان العربية‪.‬‬
‫‪ -‬إن ثراء الرصيد المعجمي هو الذي يعكس درجة التطور العلمي و األشواط الكبيرة التي قطعها‬
‫الباحثون ‪ ،‬بحيث إن القارئ ال يجد أي عائق كلما استشار معجما من المعاجم أحادية أو متعددة‬
‫اللغة‪.‬‬
‫ابان هذا البحث على‪:‬‬
‫‪ -‬غياب معجم تاريخي تأثيلي على غرار ما هو موجود في الفكر األروربي‪ ،‬يساعد على معرفة‬
‫جذور المصطلح و تطوره ‪ ،‬و يسهل عملية وضع المصطلح و ترجمته‪.‬‬
‫‪ -‬غياب منهجية واضحة في صياغة مصطلح علمي عربي ‪.‬‬
‫وفي نهاية العمل‪ ،‬نأمل أن نكون قد وفقنا في صياغة عناصر المادة وتقديمها في هذه‬
‫المطبوعة‪ ،‬وتيسير االستفادة منها‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ - 1‬إبراهيم بن محمود حمدان‪ ،‬تعريب المصطلح بين الواقع والطموح‪ ،‬دراسات‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪،‬‬
‫مج ‪ ، 34‬ع‪.2007 ،2‬‬
‫‪ - 2‬إبراهيم بن مراد ‪ ،‬المعجم العلمي العربي المختص ‪ ،‬حتى منتصف القرن الحادي عشر الهجري ‪ ،‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬ط‪1113 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -‬إبراهيم بن مراد ‪ ،‬مسائل في المعجم ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1،1119‬م‪.‬‬
‫‪ -‬إبراهيم بن مراد ‪ ،‬مقدمة لنظرية المعجم ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬ط‪1119 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -‬إبراهيم بن مراد‪ ،‬المعجم العربي المختص ‪ ،‬جمعية المعجمية العربية بتونس‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪1118 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 3‬أبو البقاء الكفوي ‪ ،‬الكليات‪ ،‬تحق عدنان درويش ومحمد المصري‪ ،‬دمشق‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.1112 ،‬‬
‫‪ - 8‬أحمد بن علي القلقشندي ‪ ،‬صبح األعشى في صناعة اإلنشا‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬القاهرة‪1122 ،‬م‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫‪ - 8‬أحمد بن فارس ‪ ،‬الصاحبي في فقه اللغة ‪ ،‬المكتبة السلفية القاهرة ‪2010 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 8‬أحمد بن مصطفى الشهير بطاش كبرى زادة ‪ :‬مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬ط‪ ، 3‬مج‪.2002 ،1‬‬
‫‪ - 9‬أحمد رشراش ‪ ،‬التحليل السيميائي للنص تحليل شعر المتنبي نموذجا ‪ ،‬أطروحة دكتوراه ‪ ،‬كلية اآلداب ‪،‬‬
‫جامعة طرابلس‪ ،‬ليبيا‪ 2001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 6‬أحمد مطلوب ‪ ،‬بحوث مصطلحية ‪ ،‬منشورات المجمع العلمي ‪ ،‬مطبعة المجمع العلمي ‪ ،2008‬العراق ‪،‬‬
‫طبعة ‪2008‬م‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد مطلوب‪ ،‬في المصطلح النقدي ‪ ،‬بغداد ‪ ،‬المجمع العلمي‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 1‬أحمد معتوق‪ ،‬المعاجم اللغوية العربية (المعاجم العامة وظائفها ومستوياتها وأثرها في تنمية لغة الناشئة‬
‫دراسة) وصفية تحليلية نقدية‪ ،‬المجمع الثقافي أبوظبي‪ ،‬اإلمارات‪ 1111 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 10‬بسام بركة‪ ،‬معجم اللسانية‪ ،‬منشورات جروس برس‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبنان‪ ،‬د‪ .‬ط ‪ .‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ - 11‬التهانوي ‪ ،‬كشاف اصطالحات الفنون والعلوم اإلسالمية‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬بدون طبعة ‪ ،‬ج‪.2‬‬
‫‪ – 12‬محمد غاليم‪ ،‬التوليد الداللي في البالغة والمعجم‪ ،‬دار توبقال‪ ،‬المغرب‪ 1169 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 13‬جان بريفو وجان فلرنسوا سابليرول‪ ،‬المولد في دراسة األلفاظ ‪ ،‬ترجمة خالد جهيمة ‪ ،‬المنظمة العربية‬
‫للترجمة‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬ط‪2010 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ - 18‬جورج مونان ‪ ،‬مفاتيح األلسنية‪ ،‬تعريب ‪:‬الطيب البكوش‪ ،‬منشورات سعيدان‪ ،‬تونس‪1118 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬جورج مونان‪ ،‬المسائل النظرية في الترجمة‪ ،‬ترجمة لطيف زيتوني‪ ،‬دار المنتخب العربي‪1118 ،‬م‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫‪ - 18‬جوئيل رضوان‪ ،‬موسوعة الترجمة‪ ،‬ترجمة محمد يحياتن ‪ ،‬مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر‪،‬جامعة‬
‫تيزي وزو ‪.‬‬
‫‪ - 18‬خليفة الميساوي‪ ،‬المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪2013 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ - 19‬خمري حسين ‪ ،‬جوهر الترجمة ‪ ،‬دار الغرب للنشر والتوزيع‪ ،‬وهران‪ ،‬الجزائر‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 16‬سعيدة كحيل ‪ ،‬تعليمية الترجمة دراسة تحليلية تطبيقية‪،‬عالم الكتب الحديث ‪،‬األردن‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 11‬دي سوسير‪ ،‬محاض ارت في األلسنية العامة‪ ،‬ترجمة يوسف غازي ومجيد النصر‪ ،‬دار نعمان للثقافة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان ‪1168 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 20‬ر‪ .‬جاكندوف و ن‪ .‬تشومسكي و ر‪ .‬فندلر ‪ :‬داللة اللغة وتصميمها ‪ ،‬ترجمة محمد غاليم ومحمد الرحالي‬
‫وعبد المجيد جحفة ‪ ،‬دار توبقال للنشر ‪ ،‬المغرب ‪ ،‬ط‪2009 1‬م‪.‬‬
‫‪ - 21‬رجاء دويدري‪ ،‬المصطلح العلمي في اللغة العربية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط ‪ 1‬دمشق‪ ،‬سوريا‪2010 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 22‬ريمون طحان‪ ،‬األلسنية العربية‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ 1161 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 23‬الزبيدي‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬تحق‪ .‬مصطفى حجازي‪ ،‬الكويت‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪،‬‬
‫‪1972‬م‪.‬‬
‫‪ - 28‬السعيد الخضراوي‪ ،‬الترجمة و المصطلح ‪ ،‬مجلة المترجم‪ ،‬العدد‪. 2‬‬
‫‪ - 28‬سعيدة عمار كحيل ‪ ،‬دراسات الترجمة‪ ، ،‬دار المجدالوي للنشر و التوزيع‪ ،‬األردن‪ 2011،‬م‪.‬‬
‫‪ - 28‬سناني سيناني‪ ،‬في المعجمية والمصطلحية‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ 2012 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 29‬الشاهد البوشيخي‪ ،‬مصطلحلحات النقد العربي‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬االردن‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 26‬شحادة الخوري‪ ،‬نحو منهجية موحدة لوضع المصطلح‪ ،‬بحث في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق‪ ،‬مج‬
‫‪ ،1‬ج‪.1‬‬
‫‪ - 21‬شرنان وسيلة‪ ،‬إشكالية ترجمة المصطلحات في المعاجم المتخصصة‪ ،‬دار هومة للطباعة والتوزيع‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫‪ 2013‬م‪.‬‬
‫‪ - 30‬الشريف علي بن محمد الجرجاني‪ ،‬كتاب التعريفات ‪ ،‬دار الندى اإلسكندرية ‪ ،‬طبعة ‪2008‬م‪.‬‬
‫‪ - 31‬طارق بن عوض الله بن محمد ‪ ،‬اصالح االصطالح ‪ ،‬مكتبة التوعية اإلسالمية ‪ ،2006 ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ - 32‬عبد السالم المسدي ‪ ،‬مباحث تأسيسية في اللسانيات ‪ ،‬مؤسسات عبد الكريم بن عبد اهلل ‪ ،‬تونس ‪،‬‬
‫‪ 1111/1119‬م ‪.‬‬
‫– عبد السالم المسدي‪ ،‬قاموس اللسانيات‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬ليبيا‪ 1168 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬عبد السالم المسدي‪ ،‬األسلوبية واألسلوب‪ ،‬نحو بديل ألسني في نقد األدب ‪ ،‬تونس‪ 1199 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬عبد السالم المسدي‪ ،‬قضية البنيوية دراسة ونماذج ‪ ،‬دار الجنوب للنشر ‪ ،‬تونس‪ 1118 ،‬م‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ - 33‬عبد العزيز مطاد‪ ،‬المصطلحية واللغة العربية من المقاربات التقليدية إلى المناهج الحديثة‪ 2019 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 38‬عبد القادر المهيري ‪ ،‬من الكلمة إلى الجملة بحث في منهج النحاة‪ ،‬مؤسسات عبد الكريم بن عبد اهلل ‪،‬‬
‫تونس‪ 1116 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 38‬عبد القادر عبد الجليل‪ ،‬التنوعات اللغوية‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع ‪،‬عمان‪.‬‬
‫‪ - 38‬علي القاسمي‪ ،‬مقدمة في علم المصطلح‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر‪ 1987 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬علي القاسمي‪ ،‬علم المصطلح (أساسة النظرية ومصطلحاته العلمية)‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪2006‬م‪.‬‬
‫‪ -‬علي القاسمي‪ ،‬علم اللغة وصناعة المعجم ‪ ،‬بيروت‪ :‬مكتبة لبنان ‪ ،‬ط‪2008 ،3‬م‪.‬‬
‫‪ - 39‬علي بن محمد الجرجاني‪ ،‬التعريفات‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪1163 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ - 36‬علي عبد الواحد وافي‪ ،‬علم اللغة‪ ،‬دار نهضة مصر‪ ،‬الفجالة – القاهرة‪ ،‬ط‪. 9‬‬
‫‪ - 31‬فرانك نوفو ‪ ،‬قاموس علوم اللغة ‪ ،‬ترجمة صالح الماجري ‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬طبعة‬
‫أولى ‪2012‬م‪.‬‬
‫‪ - 80‬فرديناند دي سوسير‪ ،‬محاضرات في علم اللسان العام‪ ،‬ترجمة قنيني‪ ،‬افريقيا الشرق لنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.1161‬‬
‫‪ - 81‬فريدة زمرد ‪ ،‬مفهوم التأويل في القرآن الكريم دراسة مصطلحية مركز الدراسات القرآنية ‪ -‬الرابطة المحمدية‬
‫للعلماء‪ ،‬المغرب‪. 2014 ،‬‬
‫‪ - 82‬عبد العلي الودغيري ‪ ،‬قضايا المعجم العربي في كتابات أبي الطيب الشرقي‪ ،‬منشورات عكاظ‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫المغرب‪1161 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 83‬الكفوي‪ ،‬الكليات‪ ،‬تحقيق عدنان درويش ‪ ،‬محمد المصري ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪.2011‬‬
‫‪ - 88‬ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار الجيل بيروت‪ ،‬دار لسان العرب بيروت‪1166 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 88‬عبد القادر الفاسي الفهري ‪ ،‬اللسانيات واللغة العربية‪ ،‬دار توبقال‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ 1168 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 88‬ماري كلود لوم‪ ،‬ترجمة‪ :‬ريما بركة‪ ،‬علم المصطلح مبادئ وتقنيات‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪12012‬م‪.‬‬
‫‪ - 89‬محمد احمد قدور‪ ،‬مبادئ اللسانيات‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق – سورية‪ ،‬ط ‪1111 ، 2‬م‪.‬‬
‫‪ - 86‬محمد الخولي معجم علم اللغة النظري‪ ، :‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬ط‪ 2،1111‬م‪.‬‬
‫‪ - 81‬محمد الديداوي‪ ،‬الترجمة و التواصل‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬دار البيضاء‪ ،‬المغرب‪،‬م‪. 2009‬‬
‫‪ - 80‬محمد حسن عبد العزيز‪ ،‬سوسير رائد علم اللغة الحديث‪ ،‬دار الفكر العربى للطباعة والنشر ‪1111 ،‬م‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫‪ - 81‬محمد عبد العزيز‪ ،‬دروس في األلسنية العامة‪ .‬محمود السعران ‪ ،‬علم اللغة مقدمة للقارئ العربي ‪ ،‬دار‬
‫المعارف بمصر‪ 1962 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 82‬محمد علي التهاوني‪ ،‬كشاف اصطالحات الفنون‪ ،‬تحقيق علي دحروج‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬ط‪، 1‬‬
‫‪1112‬م ‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫‪ - 83‬المدارس اللسانية‪ :‬أعالمها‪ ،‬مبادئها ومناهج تحليلها لألداء التواصلي ‪ ،‬أحمد عزوز‪ ،‬دار آل رضوان‪،‬‬
‫وهران‪ ،‬ط‪.2006، 2‬‬
‫‪ - 88‬المصطلح العلمي ومجاله االستعمالي في المعجم العربي المعاصر‪ 1116 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 88‬المصطلحية واللغة العربية من المقاربات التقليدية إلى المناهج الحديثة‪2019 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 88‬المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات‪ 2002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 89‬ممدوح خسارة‪ ،‬علم المصطلح وطرائق وضع المصطلحات في العربية دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪2013،‬م‪.‬‬
‫‪ - 86‬المنجد في اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2001 ،2‬م‪.‬‬
‫‪ - 81‬ميشال زكريا‪ ،‬األلسنية (علم اللغة الحديث) المبادئ واألعالم‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ط ‪1163 ،2‬م‪.‬‬
‫‪ - 80‬يوسف مقران‪ ،‬المصطلح اللساني المترجم(مدخل نظري إلى المصطلحات)‪ ،‬دار رسالن للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 81‬يوسف وغليسي ‪ ،‬إشكالية المصطلح في الخطاب النقدي العربي الجديد‪ ،‬منشوارت االختالف ‪ ،‬الجزائر‬
‫العاصمة‪ ،‬ط‪ 2006 ،1‬م‪.‬‬

‫المجالت‪:‬‬

‫‪ - 1‬احمد محمد ويس ‪ ،‬االنزياح وتعدد المصطلح ‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬م ‪ ، 25‬ع ‪ ، 3‬مارس‪1119 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 2‬اعمال مكتب تنسيق التعريب بالرباط في مجلة " اللسان العربي " العدد ‪2008 ،86‬م‪.‬‬
‫‪ - 3‬ريفاتير‪ ،‬محاوالت في األسلوبية الهيكلية‪ ،‬ترجمة ‪:‬عبد السالم المسدي‪ ،‬حوليات الجامعة التونسية‪ ،‬ع‪، 1‬‬
‫‪ 1193‬م‪.‬‬
‫‪ - 8‬الشاهد البوشيخي‪ ،‬مجلة " دراسات مصطلحية "‪ ،‬معهد الدراسات المصطلحية‪ ،‬العدد‪2001 1‬م‪.‬‬
‫‪ - 8‬علي القاسمي ‪،‬الترجمة في تجربة المغرب العربي ‪ ،‬مجلة اللغة العربية‪ ،‬العدد‪ 2002،9‬م‪.‬‬
‫‪ - 8‬علي القاسمي‪ ،‬عبد الرزاق الكاشاني واسهامه في تطوير المعجمية العربية‪ ،‬مجلة دراسات مصطلحية‪ ،‬العدد‬
‫‪2001 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ - 9‬في المصطلح العربي قراءة في شروطه وتوحيده‪ ،‬مجلة التعريب ‪ ،‬ع ‪ ، 20‬ديسمبر ‪2000.‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ - 6‬محمد حسن عبد العزيز‪ ،‬المصطلحية والمعجم التقني" لساجر‪ .‬ج ‪ .‬س ‪ ، ،‬مقال في مجلة " اللسان‬
‫العربي"‪ ،‬مكتب تنسيق التعريب‪ ،‬المغرب ‪ ،‬العدد ‪2011 82‬م‪.‬‬
‫‪ - 1‬محمد مراياتي‪ " ،‬المصطلح في مجتمع المعلومات‪ ،‬أهميته وادارته " من بحوث المؤتمر الثالث لمجمع اللغة‬
‫العربية بدمشق‪.2008 ،‬‬
‫‪ - 10‬معهد الدراسات المصطلحية‪ ،‬الملحق الثقافي‪ ،‬الراية‪ ،‬العدد‪ ،11 :‬نوفمبر ‪1118‬م‪ ،‬عدد الجريدة‪.221 :‬‬
‫‪ - 11‬مناف مهدي محمد ‪ ،‬المصطلح العلمي العربي قديما وحديثا ‪ ،‬اللسان العربي‪ ،‬العدد‪ .30 :‬جويلية‬
‫‪1166‬م‪.‬‬
‫‪ - 12‬منهجية مكتب تنسيق التعريب في اختيار المصطلحات العلمية ووضعها‪ ،‬من مجلة " اللسان العربي‪،‬‬
‫العدد جوان ‪.2012‬‬
‫‪ - 13‬مهدي صالح سلطان الشهري‪ ،‬في المصطلح ولغة العلم‪ ،‬المطبوعات الجامعية كلية اآلداب‪ ،‬بغداد‪ ،‬د ط‪،‬‬
‫العراق‪. 2012 ،‬‬
‫‪ - 18‬هالل م‪ .‬ناتوت‪ ،‬في التعريب والمصطلح والمعاجم‪ ،‬الدكتور ‪ ،‬آفاق الثقافة والتراث‪ ،‬السنة‪ ،9 :‬العدد‪28 :‬‬
‫و‪ ،28‬جويلية ‪1111‬م‪.‬‬
‫‪ - 18‬عبد العزيز المطاد‪ ،‬اللسانيات وتوليد المصطلحات‪ ،‬مجلة اآلداب والعلوم االنسانية‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم‬
‫االنسانية‪ ،‬جامعة ابن الطفيل بالقنيطرة – المغرب‪ 2009 ،‬م‪.‬‬

‫‪ - 18‬عبد السالم المسدي محاوالت في األسلوبية الهيكلية لريفاتير‪ ، ،‬حوليات الجامعة التونسية‪ ،‬ع‪، 10‬‬
‫‪1193‬م‪.‬‬
‫‪ - 19‬عبد العلي الودغيري‪ " ،‬كلمة المصطلح بين الخطأ والصواب " مجلة اللسان العربي‪ ،‬العدد ‪، 86‬‬
‫‪1111‬م‪.‬‬
‫‪ - 16‬عبد اللطيف‪ ،‬عبيد ‪ ،‬قواعد البيانات المصطلحية ودورها في تطوير العمل المصطلحي والترجمة‪،‬‬
‫التعريب‪ ،‬عدد ‪ ، 28‬جوان ‪ 2005‬م‪.‬‬

‫‪ - 11‬ميسون علي جواد التميمي ‪ ،‬تحديد مصطلح التعريب لغة واصطالحا‪ ،‬صحيفة اللغة العربية ‪ ،‬المؤتمر‬
‫األول للغة العربية ‪ 2018 ،‬م‪.‬‬

‫المراجع الجنبية‪:‬‬

‫‪1 - Rondeau, G. : Introduction à la terminologie .‬‬

‫‪111‬‬
2 - Ali M. Al-Kasimi, “ Towards a central terminological data bank in the Arab
World”, a paper presented to the First International Conference on Termingological
Data Banks, Vienna, April 1979.
3 - Felbert, H: Terminology Manual.
4 - H. Felber, Manual of Terminology Wein: INFOTERM, 1984
5 - M. Krommer-Benz, World Guide to Terminological Activities München: K.G.
Sauer, 1976.
6 - Maria Teresa Cabré, La terminologie théorie-méthode et applications, les
prosses de l’université d’ottawa.
7 - The International Conference on Lexicography at Exeter University, 9-12
September 1983. Its proceedings were published in Lexicographica, Tubingen,
1984.
8 - 1- Maria Teresa Cabré, La terminologie théorie-méthode et applications, les
prosses de l’université d’ottawa.
9 - A. Schlomann’s Illustrated Technical Vocabularies
10 - A.M. Al-Kasimi, Linguistics and Bilingual Dictionaries Leiden: E.J.Brill, 1981
11 - Alain Rey, La Terminologie: Noms et Notions Paris: PUF,1979
12 - E. Wüster, Bibliorgaphy of Monolingual, Scientific and Technical Dictionaries
(Paris: UNESCO, 1955 and 1959.
13 - H. Felber, “ International efforts to overcome difficulties in technical
communication”, a paper presented to the Third European Congress on Information
Systems and Networks. Luxembourg, May 1977.
14 - H. Felber, M. Krommer-Benz, and A. Manu, International Bibliography of
Standardized Vocabularies München: K.G. Sauer, 1979.
15 - Lederer, Marianne : La Traduction aujourd’hui, le modèle interprétatif.
16 - A First Dictionary of Linguistics and Phonetics. Crystal. London Andre Deuttsh.
1980
17 - Dictionnaire de linguistique " 1989.

112
‫فهرس المحتويات‬

‫الصفخة‬
‫أ ـــ ب‬ ‫مقدمة‬ ‫المحاضرة‬
‫‪8‬‬ ‫تح ــديـ ــد المف ـ ــاهيم‬ ‫‪01‬‬
‫‪12‬‬ ‫المصطلحية ـ ـ ـ النشـ ـ ـ ـ ـأة والتطـ ـ ـ ـ ـ ـور‬ ‫‪02‬‬
‫‪22‬‬ ‫الجهود العربية القديمة في المصطلحية‬ ‫‪03‬‬
‫‪30‬‬ ‫الجهود العربية الحديثة في المصطلحية‬ ‫‪08‬‬
‫‪38‬‬ ‫الجهود الغربية في المصطلحية‬ ‫‪08‬‬
‫‪80‬‬ ‫المصطلحية وعلم صناعة المعاجم‬ ‫‪08‬‬
‫‪88‬‬ ‫آليات صناعة المصطلح ‪ - 1‬الترجمة‬ ‫‪09‬‬
‫‪88‬‬ ‫آليات صناعة المصطلح ‪ - 2‬االقتراض (التعريب)‬ ‫‪06‬‬

‫‪90‬‬ ‫آليات صناعة المصطلح ‪ - 3‬التوليد‬ ‫‪01‬‬

‫‪96‬‬ ‫جهود المؤسسات في صناعة المصطلح‬ ‫‪10‬‬


‫‪11‬‬ ‫اشكالية المصطلح في الدراسات اللسانية‬ ‫‪11‬‬
‫‪102‬‬ ‫إشكالية تدريس المصطلح اللساني‬ ‫‪12‬‬
‫‪108‬‬ ‫خاتمة‬
‫‪109‬‬ ‫المصادر والمراجع‬
‫‪113‬‬ ‫فهرس المحتويات‬

‫‪113‬‬

You might also like