You are on page 1of 7

‫وصف الطبيعة في الشعر األندلسي‬

‫إعداد الطالب‬

‫عبد العزيز سالم خميس الهاشمي‬

‫الرقم الجامعي‬

‫‪202220773‬‬

‫مقدم للدكتور‬

‫عمر الكفاوين‬

‫‪2023‬‬
‫المقدمة‪:‬‬

‫يعتبر الشعر صدى للحياة اإلجتماعية‪ ،‬و تعريف الشعر األندلسي يعتبر في هذا النطاق صورة أنيقة لبيئة‬

‫عصر األندلس‪ ،‬وعلى الرغم أن شعراء الطبيعة األندلسيين قد باشروا) طريقهم) في الفن وهم تالمذة‬

‫ألساتذتهم) المشارقة في أول األمر‪ ،‬إال أنهم قد أوتوا بموضوعات جديدة في شعر الطبيعة‪ ،‬ومن المضحك‬

‫أنهم استخدموا شعرهم في المراثي‪ ،‬فبينما تقرأ مرثية لفقيد ما وتتوقع أن ترى وتسمع أنات حزينة و‬

‫غصص مكلوم‪ ،‬إذ أنك تتفاجأ بسماع أبيات في وصف) الطبيعة في الشعر األندلسي) والرياض واألزاهير‪.‬‬

‫عوامل ازدهار شعر الطبيعة في األندلس‬

‫تفوق األندلسيون في مجال وصف الطبيعة‪ ،‬حيث أنهم أتوا بالروائع الخالدة وكان هناك الفنون المستحدثة‬

‫في الشعر األندلسي‪ ،‬وساعدهم على ذلك عدة عوامل وهي ‪:‬‬

‫جمال الطبيعة األندلسية والتي أعجب بها الكثير من الشعراء وافتتنوا بجمالها‪ ،‬فخلقها اهلل طبيعة‬ ‫‪‬‬

‫في غاية الجمال‪ ،‬لهذا أخذ األندلسيون يسرحون في خمائلها ويبصرون مفاتنها‪ ،‬فوصفوا) الرياض‬

‫والبساتين والثمار) واألزهار‪ ،‬باإلضافة إلى وصف) السحاب والرعد واألنهار) والبحار‪ ،‬الرثاء في‬

‫الشعر االندلسي‪.‬‬

‫ازدهار الحضارة العربية في األندلس في جميع مناحي جوانب الحياة األندلسية‪ ،‬فتميزت) األندلس‬ ‫‪‬‬

‫بقصورها التي كانت مزخرفة ومهندسة بأسلوب راقي) وفن جاذب‪ ،‬وحدائقها) الخالبة‪ ،‬فشجعت‬

‫هذه المناظر الشعراء ليتنافسوا) في وصفها‪ ،‬ودفعتهم) إلى تصويرها) بأجمل وأبهى الصور‪.‬‬
‫ابن خفاجة ‪:‬‬

‫هو أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد اهلل بن خفاجة الجعواري األندلسي‪ ،‬وهو شاعر ولد في‬

‫االندلس وتحديدا في جزيرة شقرة‪ ،‬عاش في الفترة من ‪ 533-450‬هو و ‪ 1138-1058‬م‪ ،‬وكان أغلب‬

‫شعره وصف المناظر) الطبيعية‪ ،‬و قد عاش أيام الطوائف) والملوك عبر دولة المرابطون‪ ،‬وكان يجيد‬

‫الشعر والنثر وبارع فيهما وكان يعتبر وحيد عصره في الشعر الذي يقوم بوصف) الطبيعة‪.‬‬

‫و كان ابن خفاجة يعتبر شاعر األندلس‪ ،‬وأكبر) دليل على ذلك وصف المقري له في كتاب نفح الطيب‪،‬‬

‫وكان شعره يتميز) باألناقة‪ ،‬وان كان بعض من شعره يعتبر متكلفا بسبب حبه لالستعارات والتورية‬

‫والكنايات وتطبيقه للجناس سواء المعنوي) منها أو اللفظي‪ ،‬وذلك أضاف الغموض على شعره و كان‬

‫يتناول ابن خفاجة في شعره الوصف للطبيعة مثل وصف األنهار ووصف األشجار و الرياض و الرياحين‬

‫والبساتين‪ ،‬وكان هو الشاعر الوحيد وقتها) الذي يصف الطبيعة ويتغزل) بها و لذلك فقد أطلق عليه أهل‬

‫األندلس الجنان‪.‬‬

‫صفات الشاعر ابن خفاجه ‪:‬‬

‫‪ -1‬كان يملك عزة نفس تجعله ال يمتدح من أجل العطاء من الملوك‪.‬‬

‫‪ -2‬وكان يخاطب الطبيعة ويتحدث للطبيعة كأنها شخص‪.‬‬

‫‪ -3‬ويتميز) شعره بالغموض و يكون صعب المعاني‪.‬‬

‫‪ -4‬كما انه كتب النثر وكان يلتزم فيه بالمحسنات اللفظية‪.‬‬


‫‪ -5‬ويتبع أسلوب الهمذاني وابن العميد‪ ،‬وقد لقبه النقاد بشاعر الطبيعة‪ ،‬نظرا لتفاعله معها‪ ،‬فكان يتقاسم‬

‫مشاعره مع الطبيعة ومع همومها‪.‬‬

‫‪ -6‬وكان يستعين باأللفاظ في خدمة األغراض الشعرية‪ ،‬حيث كان يسلط جميع حواسه ناحية الطبيعة‪،‬‬

‫فكان مختلفا عن غيره من الشعرا‪.‬‬

‫‪ -7‬وكان يضيف للطبيعة حواس مثل السمع والفرح فهي تبكي وتضحك مثل اإلنسان ‪.‬‬

‫الطبيعة في شعر ابن خفاجة ‪:‬‬

‫تلف فروعـها معـطار‪.‬‬ ‫األنوار تلـوي ِعطـفَها ٌ‬


‫ريح ّ‬ ‫ِ‬ ‫وصقـيلة‬

‫سحار‪.‬‬
‫السـُرى ّ‬
‫اب أذيال ّ‬
‫أحور َس ّح ُ‬
‫الصهباء أحوى وصف) ٌ‬
‫َ‬ ‫عاطـى بها‬

‫ند والخـليج سوار‪.‬‬


‫ـوالف والجذعُ َز ٌ‬
‫ـون س ٌ)‬ ‫ور ِع ٌ‬
‫قد والغص ُ‬ ‫َّ‬
‫والن ُ‬

‫بحديـقة مثـل اللَّمـى ِظلـاَّ بـها وتطـلعت َشَنبا بها األنـوار‪.‬‬

‫وصفَّق التيار‪.‬‬
‫الحمام َ‬
‫ُ‬ ‫ب الثرى وشـدا)‬ ‫القضيب بها وقد) ِ‬
‫شر َ‬ ‫ُ‬ ‫رقص‬

‫ـف في َجنباتها الن ّـو ُار‪.‬‬


‫الندي والت ّ‬
‫ق ّ‬ ‫الو َر ُ)‬ ‫َغّناء ألح َ ِ‬
‫ـف عطفَـها َ‬ ‫َ‬

‫صفحةٌ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ذار‪.‬‬
‫وع ُ‬ ‫فَتطـلّعت في كل َم ِـوقع لحـظة من كل ُغص ٍـن َ‬

‫شرح مغذي األبيات ‪:‬‬

‫نجد أن ابن الخفاجة يصف النوار في هذه القصيدة كأنه امرأة تعطف) على الرجل حيث شبه النوار أن بها‬

‫من الحنان الذي تعطف) على األرض فقد شخص المرآة بالنوار وشبه األرض بالرجل‬
‫في البيت الثاني‪ ،‬نجد أن الشاعر قد دمج الطبيعة و جعلها كأنها إنسان وتحديدا امرأة‪ ،‬ويحيطها) السعادة‬

‫من كل جانب كما أنها تشرب الخمر وسط) زهور النوار وتظهر) وكأنها) جارية جميلة ترتدي) ثوبا جميال‬

‫يالمس األرض من طوله وعين جميلة سوداء‪.‬‬

‫فنجد في البيت الثاني أن شعر ابن خفاجة مبني على مثلث مكون من ثالثة أشياء هم المرآة والطبيعة‬

‫والكأس‪.‬‬

‫قصيدة ابن خفاجة عن الجبال ‪:‬‬

‫يا بأنة‪ ،‬تهتز فينـانةً وروضة‪ ،‬تنفخ‪ ،‬معـطاراً)‬

‫وحبــذا نـورك) ن ّـوار‬ ‫هلل أعطافك من خ ٍ‬


‫ـوطة ّ‬

‫‪ -2‬قصائد) الشاعر عن القمر‪:‬‬

‫ِ‬
‫بالعجائب‬ ‫السـُرى‬
‫ليل ّ‬
‫فحدثني) َ‬
‫صامت ّ‬
‫ٌ‬ ‫أخرس‬
‫ُ‬ ‫خت إليه وهو‬
‫َأص ُ‬
‫َ‬
‫ـت ملجأ فات ِـك ومـوطن ٍ‬
‫أواه تبـتّل تائــب‬ ‫وقال أال كم كن ُ‬
‫َ‬

‫ِ‬
‫وراكب …‬ ‫مطي‬ ‫ومَؤ ِّد ٍب وقا َل بظلّي من‬
‫ٍّ‬ ‫مر بي من مول ٍـج ُ‬
‫وكم ّ‬

‫ويقول في الثانية‬

‫والن ِ)‬
‫ظر‬ ‫وبت ُأدلُج بـين الوعـي ّ‬ ‫أصخت إلى نجواك من ِ)‬
‫قمر ّ‬ ‫ُ‬ ‫لقد‬
‫والب ِ‬
‫صر‬ ‫محاً حتى أعي ُملحاً عدالً من الحكم بين السمع ّ‬
‫ال َأجتلي لُ َ‬

‫شرح القصيدة ‪:‬‬

‫نجد أن الشاعر يصف الجبل وكأنه إنسان ويحكي) لنا تجاربه التي مر بها ‪ ،‬وقد نجح ابن خفاجه أن يوضح‬

‫لنا كيف يناجي الطبيعة بطريقة جديدة بحيث انه جعل النفس تشارك) أسرار الطبيعة‪.‬‬

‫أما في قصيدة القمر فنجد أن الشاعر يناجي جميع المظاهر الطبيعية حوله من زهور ومن أنهار و من‬

‫جبال ونجوم وسماء و كل ما يمر به من نسيم ومن أمطار ورياح‪ ،‬وكان الشعور) في غالب القصيدة يميل‬

‫للتفاؤل والفرح على عكس وصف) الشاعر للجبل في قصيدة الجبل فكان يمأله الحزن والتأمل‪.‬‬

‫ونجد أن الشاعر عندما يصف الطبيعة وخرج من وصف النباتات واألزهار إلى وصف الحيوانات‬

‫والطيور‪ ،‬ولذلك فإن قصائد ابن خفاجة لم تخرج عن التعبير عن حواسه عن الطبيعة وما فيها‪ ،‬فقد استحق‬

‫أن يلقب بالجنان نظرا لوصفه الطبيعة وكأنها جنة ‪ ،‬لقد أحب الطبيعة وأحبته‪ ،‬وكان الشاعر األندلسي‬

‫الفريد في وصف الطبيعة‪.‬‬


‫المراجع‪:‬‬

‫علي محمد سالمة (‪ ،)1989‬األدب العربي في األندلس‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الدار العربية للموسوعات‪.‬‬

‫عبد الرحمن جيدر (‪ ،)1981‬ابن خفاجة األندلسي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار األفق) الجديدة‪.‬‬

‫سيد نوفل ‪ ،‬شعر الطبيعة في األدب العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪.‬‬

You might also like