Professional Documents
Culture Documents
ما هو االيزوتيريك
اإليزوتيريك او الدرب الى باطن االنسان ،هو الطريق الى معرفة الذات عبر التطبيق العملي ...
هو بمثابة مسار وعي داخلي يساعد على تفتيح المقدرات العقلية و القوى الخفية الهاجعة في
أعماق كل انسان ،وذلك بهدف التطور و الوعي على كل صعيد ،و ال نقول بهدف التوصل الى
الذكاء السامي و سبر أغوار األبعاد الفكرية فحسب ...بل الوعي لمجريات األمور ،والسير
باالنسان نحو األفضل واألكمل واألشمل ...انطالقا ً من أنّ االنسان هو سيد نفسه و مصيره* .
واقع االيزوتيريك
في القدم ،كان االيزوتيريك ،أو علم الذات الباطنية ،الشغل الشاغل لكل من وطأ األرض وعاش
عليها .اذ أن معرفة االنسان لنفسه هي المعرفة الوحيدة التي كان يتوق اليها الكائن البشري ،
ويسعى جاهدا الكتسابها.
دب االنسان على األرض ،بدأ هذا الشعور الداخلي يستيقظ -شعور التوق الى معرفة منذ ما ّ
مر الزمن ،استمر هذا الشعور ينمو حينا ويخبو أحيانا أخرى ،تبعا مكنونات نفسه .وعلى ّ
لثقافات وحضارات الشعوب التي ازدهرت بها األرض .لكن جوهر هذا الشعور لم يتغير ،بل بقي
ذاته في النفس االنسانية .
وكان انسان الماضي السحيق يدرك ضمنيا أن معرفته لنفسه ستشمل معرفة الطبيعة والكون .
لذلك اكتفى انسان تلك االزمنة الغابرة بالسعي الحثيث لمعرفة نفسه ،تلك المعرفة التي ستؤهله
لدراية و ادراك كل ما حوله .
لكن مسيره على درب المعرفة لم يدم طويال ...فقد حاد االنسان عن المسار السليم الذي كان
ينتهجه في غابر األزمان ،لذا استحالت عليه معرفة نفسه ،تلك المعرفة األسمى قداسة واألرقى
شمولية ،اذ أنها المعرفة الروحية ذاتها !
وبعدما أدرك االنسان عجزه عن معرفة نفسه -كونه تخلّى عن المنهج االنساني الصحيح -راح
يبحث عن معرفة ما يقع عليه بصره وما تطاله يداه ،أي معرفة الطبيعة والمادة ،معرفة المنظور
والملموس .وكذلك حاول اإللمام بعلم النجوم والكواكب واألفالك ...وكان ذلك بداية ابتعاده
الحقيقي عن نهج ذاته ،وبالتالى شروده عن الدرب المستقيم الذي كاد يوصله الى الهدف الذي
ُو جد ألجله ،لوال انقياده األعمى وراء الرغبات المادية ،والشهوات الجسدية ،التي لم تكن اال
لتسجن روحه ،وتقيد انطالقتها نحو األلوهية السامية .
ذلك كان بدء الخروج عن الدرب القدرية التي رسمها المخطط االلهي ،والتي كادت توصل االنسان
الى كنف الخالق .
بالرغم من ذلك ،بقي االنسان يشعر ،ضمنيا ،بضرورة معرفة نفسه ،والتعمق في أسرار ذاته ...
م ّم ا جعل شعوب العالم تبتدع العلوم والمعارف العديدة والمتنوعة التي تدور في فلك االنسان .
لكن ما من علم استطاع أن يسبر غور االنسان ،ويتعرف الى كنهه .فاالنسان نفسه كان بعيدا كل
البعد عن فهم ذاته .كان يسعى لمعرفة المادة والتعمق في تركيبها فحسب ،وقد انساق فعال وراء
زيفها ،واستسلم لقيودها وحبائلها ...ظ ّنا منه أنها المعرفة الحقة والوحيدة .
تاريخ االيزوتيريك
ابتدأت هذه العلوم الباطنية باالنتشار ،بادىء ذي بدء ،من الشرق األقصى ،حيث حفظها أسالف
الحكماء الكبار في أماكن نائية ال تطالها يد البشر .ومن هنالك انطلق ما ُعرف ب
"األخوية البيضاء" .فكان على كل من شاء اكتساب معرفة االنسان بسائر فروعها ،ان يتدرج
بالمعرفة والتجارب والتطور الذاتي ...حتى ينتهي به المطاف في الشرق األقصى ،حيث ُيسمح له
يتخرج " من تلك الجامعةّ بالتعر ف ،ومن ثم االطالع على شتى العلوم الباطنية .وبعد أن " ّ
األم ،يضحي من واجبه أن يحذو حذو معلميه ...أي أن ينطلق في األرض ليوعي أخاه االنسان
ويرشده الى درب الحق !
بهذه الوسيلة ابتدأ علم االيزوتيريك يشق طريقه خارج اسوار الشرق األقصى ،منذ قديم الزمان .
لكنه ،حيثما تواجد ،بقي سريا ال ُيسمح باالطالع عليه اال للطالب الحقيقيين ،أولئك الذين
يهدفون الى التكامل االنساني والعودة الى كنف الخالق ،بموجب المخطط االلهي الذي حدد مسار
العودة .
وانتشر علم االيزوتيريك في سائر أقطار العالم ،انما بوسائل خفية أو متنكرة في معظم األحيان،
نظرا للظروف السياسية التي كانت تسود بلدانا كثيرة .فقد ظهر علم االيزوتيريك في الشرق
األوسط عبر العلوم الدينية االلهية ...وفي الشرق األدنى في علم الفراسة ،وتوارد األفكار،
والقوى العقلية الغامضة ...وظهر في اليونان عبر علم األعداد ،والهندسة ،والفلسفة ...وفي
مصر القديمة من خالل سر الخلود وسر البناء .وأيضا ً بواسطة " السحر " أو السيطرة والتحكم
بالعوامل الطبيعية ...وفي بالد ما بين النهرين عبر علم الفلك ،والتنجيم ،وأسرار الفضاء ...
كذلك في بعض البلدان األوروبية عن طريق علم النفس ،وعلم ال َكلِم ...كما ظهر في القارة
األميركية من خالل التح ّك م بالعناصر الطبيعية ،والسيطرة على الحيوانات ...فما من بلد لم يظهر
في تاريخها علم االيزوتيريك بشكل أو بآخر .
لكن الحقيقة تقول أن كل ما جاء ذكره ،كان أشبه بأقنعة لعلم االيزوتيريك ...أقنعة متنوعة كانت
كلها تخفي هذا العلم الواسع ،إن َعلِم االنسان بذلك أم لم يعلم !
وبالرغم من هذا التوسع و االنتشار أثناء العصور القديمة ،بقي العلم الحقيقي ،علم باطن االنسان
،خافيا ...ولم يبارح مقره األصيل اال بسرية تامة ،حتى دخول العصر الحالي
مراجع االيزوتيريك
منذ منتصف القرن العشرين ،قرر كبار الحكماء ،أسياد " األخوية البيضاء العالمية " ،ضرورةW
نشر االيزوتيريك علنا ،وذلك بواسطة أشخاص كانوا قد كرسوا أنفسهم لهذا العمل المقدس .أما
أسلوب النشر ،فكان يعتمد أساسا على مخطوطات االيزوتيريك القيمة و على التجربة الشخصية .
بمعنى أن المعلم أو الطالب الذي يرغب في تقديم االيزوتيريك الى اآلخرين ،وجب عليه أن يسير
على الدرب الباطنية ،درب الوعي والتطور بنفسه ،ومن ثم ينقل معرفته وخبرته الى اخوانه
ابناء البشر .اذ أن مجرد االطالع على علم االيزوتيريك ومن ثم نقله الى العامة ،كان أمراً
محظوراً .ألن االيزوتيريك علم يعتمد اعتماداً كليا ً على التطبيق العملي ،وكذلك على الخبرات
الشخصية التي يكتسبها السائرون على درب معرفة الذات ،أو درب قدر البشر !
وهكذا بدأت المنشورات ،والكتب ،والمقاالت بالظهور بشكل وافر ُب َع ْيد منتصف القرن العشرين .
وجميعها تتحدث عن علم االيزوتيريك الخالص ،أي العلوم الخافية التي لم يكن يسمح بنشرها أو
حتى االطالع عليها .وذلك بعدما قرر القيمون على هذه العلوم أن الوقت قد حان لنشرها علنا ً ...
فالبشرية ،بوجه عام ،ما زالت تتخبط بالجهل ...خصوصا وأن حرية االختيار قد ُت ِركتْ لها في
انتقاء المصير الذي تريد ،في الوقت الذي تشاء !
و هكذا بدأ االيزوتيريك يرى طريقه الى النور معتمدا ليس فقط على ما جاء قديما في المخطوطات
المقدسة ،بل أيضا على خالصة ما اختبره وط ّبقه وعاشه أولئك الحكماء ،كبار أسياد المعارف
الروحية ،وكل من سار على ذات الدرب المقدسة .
هدف االيزوتيريك
بناء على ما تقدم ،يتب ّي ن هدف االيزوتيريك السامي ،أال وهو توعية و تطوير االنسان ...وما
من سبب أو هدف آخر سوى توعية االنسان فقط ،انطالقا ً من محبة االنسان ألخيه االنسان ،
وتنفيذاً للمشيئة االلهية .
يخبرنا االيزوتيريك أن عمر األرض محدد ،كذلك عمر االنسان عليها ...بعد ذلك تنتهي مهمة
األرض ،فتفنى ...وينتقل االنسان الذي رفض الوعي الى أرض جديدة حيث يتلقى هناك علوما ً
مكثفة في معرفة الذات .لكن اسلوب تلقي تلك العلوم هناك ،سيختلف عن األسلوب المتبع حالياً.
فاألسلوب الجديد سيكون صارما ً حيث أن انسان تلك األرض الجديدة سيفتقر الى حرية االختيار
التي يتمتع بها على هذا الكوكب األرضي !!! اذ أن انسان األرض الجديدة ،لن يكون مخ ّيراً في
اكتساب علوم االيزوتيريك ،بل ستفرض عليه فرضاً ،ولن تكون طريقه خالية من اآلالم
والعذاب ...حيث أنه ينعم اآلن بحرية اختيار درب المعرفة والوعي ،لكنه يسيء استعمال هذه
الحرية !
هدف االيزوتيريك هو ايصال كل انسان الى وعي ذاته ،ومعرفة حقيقتها .ولهذا األمر وحده
استمر هذا العلم على وجه األرض منذ أن استوى الوعي البشري ...بل استمر االيزوتيريك
بالتطور واالنتشار حتى كاد يعم شتى المجاالت العامة .وها هو اليوم يدخل كل نطاق ابتداء من
علوم الذرة وانتهاء بعلوم األكوان .ألنه العلم الوحيد الذي ابتدأ باكتسابه االنسان منذ وجوده
على األرض ،والوحيد الذي استمر بالتطور والتوسع حتى الزمن الحاضر ...وهو لن يتوقف عن
التقدم اال متى وصل االنسان الى كامل معرفة ذاته .بذلك يكون االيزوتيريك قد خدم هدفه ،وأدّ ى
الرسالة التى وجد من أجلها ...أال وهي وعي التطور ،والتطور في الوعي !
منهج االيزوتيريك
" ان العلم األفضل واألهم هو ذلك الذي يمكن تطبيقه عمليا ً ...ذلك الذي يؤدي باالنسان الى
التطور من خالل هذا التطبيق ...وال فائدة ترجى من علم يقوم على النظريات ،وال يقدم سوى
النظريات!! "
والواقع أن هذا القول الصائب يختصر منهج االيزوتيريك ،فعلم االيزوتيريك ال يرتكز إال على
التطبيق العملي ...بل هو التطبيق العملي لمجمل العلوم و المعارف و المبادىء التي تسير
باالنسان نحو التطور الذاتي .
منهج االيزوتيريك اختياري ،غير محدد ،بالرغم من أنه يرتكز على عدة بنود ومبادىء ...
اختياري ،ألن باستطاعة أي انسان أن يرسم النهج الذي يريد ،ويسلك الطريق التي يشاء ...
طالما هو يقوم بتطبيق تلك المبادىء والبنود األساسية ،والمبادىء األساسية لهذا المنهج الكامل
والمتكامل ُتختصر في كلمات ثالث :محبة -وعي – تطبيق
واذا ما قمنا بتحليل أو تشريح هذه المبادىء الثالثة ،نجدها تتفرع وتتكامل حتى تشمل كل شيء
في الحياة االنسانية ،فيكتمل االنسان بها .
وبقدر ما يقوم بتطبيق هذه المبادىء ،بقدر ما يعي ويتفتح ويتوسع بالوعي ...اذ أن منهج
االيزوتيريك هو طريقة حياة عملية تطبيقية ،كاملة متكاملة .
االفادة من االيزوتيريك
ذكرنا أن علم االيزوتيريك ليس علما ً نظرياً ،ليس معلومات االطالع عليها أمر اختياري ،ليس
ثقافة عامة يستطيع من يشاء أن يطالعها ،ثم يهملها !
علم االيزوتيريك طريقة حياة يحياها االنسان يوما بعد يوم ...وطريقة الحياة هذه سوف تؤدي
بسالكها الى الوعي والتطور -وال نقل الى الذكاء السامي وال ُبعد الفكري فقط .
فالتطبيق الحياتي يعني انفتاحا على الجديد ،ويعني كذلك تمرين وعي الطالب على احتواء
المزيد ...تمرين فكره على التحليل ،وبالتالي على التمييز واالستنتاج ...تمرين طاقاته الباطنية
على التف ّت ح والعمل بعدما كانت هاجعة ...تمرين نفسه على العمل بنظام وانتظام ،بذلك يحيا
بروية وتف ّهم ،ومن ثم ايجاد الحل الزمن مضاعفا ...تمرين ذاته على تق ّبل المصاعب الحياتية ِّ
المناسب لكل منها بسهولة و موضوعية ...الى ما هنالك من انجازات سوف يتحقق منها كل من
اتبع االيزوتيريك كنهج حياتي
االيزوتيريك و الباراسيكولوجيا
ان أول ما يتبادر الى ذهن األشخاص العاديين الذين لم يتعرفوا الى االيزوتيريك عن كثب ،هو أن
االيزوتيريك مجرد تسمية أخرى للباراسيكولوجيا ...والواقع أن هذا الظن خاطىء ! فااليزوتيريك
قد يلتقي مع الباراسيكولوجيا في عدة نواحي ،لكنه يختلف معها من نواح اخرى ...علما أن
والتعرف
ّ الباراسيكولوجيا ليس اال محاولة علماء النفس للخروج من نطاق مادة الجسد الكثيفة،
الى الواقع الباطني في االنسان !
ونعود لنذ ّك ر أن هدف انسان االيزوتيريك هو التطور في الوعي ،لتصبح حياته أكثر تطوراً !
ون ّت جه ثانية لنقارن بين هدف االيزوتيريك وهدف الباراسيكولوجيا ،فنجد أن األول ينطلق من
ال ُبعد االنساني ليصل الى ال ُب عد االلهي ...فيما الثاني يتوقف عند قسم محدود من ال ُبعد االنساني،
فحتى هذا القسم ال تشمله الباراسيكولوجيا ب ُر ّمته !
واالنسان الواعي سيتحقق بنفسه من هذه الفوارق بين االيزوتيريك والباراسيكولوجيا ،وسيم ّيز
بين هدف كل منهما أثناء مسيرته على الدرب الباطنية ،درب االيزوتيريك
االيزوتيريك و الميتافيزيقيا
في غابر األزمان ،لم تكن المعرفة مقسمة أو مجزأة الى مواضيع واختصاصات شأن العلوم
الحالية .فنحن اليوم نسمع باسماء علوم كثيرة منها علم الفيزياء ،وعلم الكيمياء ،كذلك علم
النفس ،والطب ،وعلم الذرة وعلم الفلك ألخ ...أما في الماضي السحيق فكانت المعرفة علما ً
واحداً ،هو علم االنسان ...الذي كان يشمل سائر العلوم .
فالمعاهد القديمة لم تكن برامجها تسمح للطالب بدراسة علم الطب لوحده دون علم الهندسة ...
تدرس علم االنسان ككل ، أو علم الفلك دون علم الذبذبات الصحية مثال ...بل كانت المعاهد ّ
فيكتسب الطالب سائر العلوم التي ُتعتبر أجزاءاً من علم االنسان !
ومع مرور الزمن ،وبعدما تكثفت العلوم المادية حتى باتت تشكل عائقا ً أمام تطور االنسان
وانطالق وعيه ...وبعد أن شرد االنسان عن الدرب القويم ،وأغلقت منافذ الوعي فيه ...وبعدما
غاصت معظم خاليا دماغه في ال وعي مطبق ،لم يعد باستطاعة االنسان أن يل ّم بما كان يل ّم به
قديما ً من علوم ...ألن وعيه المتضائل لم يعد باستطاعته استيعاب سائر العلوم .آنذاك ،نظام
جديد ُو جد ...وكأن الحكمة االلهية قررت أن يقوم االنسان بدراسة علم واحد أو عِ ْلم ْين ،دون
سائر العلوم ...على أن يطرق باب علم مختلف في كل دورة حياتية الحقة ! بذلك يكتسب سائر
العلوم عبر مراحل حياتية عديدة ،فيتفتح وعيه تدريجياً ،ويصل رويداً رويداً الى علم االنسان
الكامل .عندها تتفتح جميع خاليا دماغه ،ويصبح كتلة وعي واحدة .
االيزوتيريك و الجمعيات أو معاهد معرفة الباطن األخرى
منذ البدء -بدء حياة االنسان على األرض -رسمت الطريق التي يجب على االنسان سلوكها من
أجل العودة الى الخالق .ووضعت األنظمة و القوانين التي يجب اتباعها لتسهيل تلك المسيرة
سجل في الوعي الباطني االنساني . المقدسة ،وكل ذلك قد ّ
سار البعض على تلك الطريق ،وشرد البعض اآلخر عن اتباع تلك األنظمة ،وعن انتهاج الدرب
المقدسة .ولما وجد القيمون أن االنسان قد تاه عن وعيه الباطني ...ارتأوا تجميع تلك األنظمة
والقوانين فى مخطوطات خاصة ،وتأسيس معهد خاص لتعليم االنسان ،بل لتذكيره بما يجب
انتهاجه للعودة الى األصل .وكان هذا المعهد هو المعهد الباطني األول من نوعه على وجه
األرض ،وقد سمي ب " األخوية البيضاء" !
رواداً
متفوقين و ّ
ّ خرجت معلمين ومضت عهود و أزمان على تأسيس هذه األخوية األولى التي ّ
على درب الوعي ،وقادة ادراك قل ّ نظيرهم ...انطلقوا من هذه األخوية ،وانتشروا في أنحاء
العالم أجمع ،يؤسسون معاهد أخرى ذات درجات وأسماء مختلفة ...لكنها جميعا ً كانت تتبع ذات
األنظمة التي تأسست عليها األخوية األم -األخوية البيضاء . وذلك سعيا ً منهم لتثقيف الشعوب
وتوعية باطن كل انسان ،حسب مستوى وعيه .
وأظهرت هذه المعاهد الباطنية نتائج متفوقة فى بادىء األمر .لكن الشرود عن طريق الحق بدأ
مع غياب المؤسسين ...واستمر مع التغييرات التي طرأت على كل معهد ،حتى بات العدد األكبر
من تلك المعاهد الباطنية صورة معاكسة أو مزيفة عن األصل ...شأن معظم المعاهد الباطنية
المتواجدة حاليا ً على األرض ...وبالتالي انقطع اتصالها مع األخوية األم .
وبعدما تدّ رك الوعى البشري الى الحضيض ،وبعد أن كثر التهافت على المصالح الفردية ،السيما
داخل المعاهد التي ما زالت تدعي انتسابها الى األخوية البيضاء ،ارتأى القيمون أن الوقت قد حان
العادة االنسان الضال الى الدرب القويم .فباشر البعض من الق ّيمين تصميم المخطط الذي سيعيد
كافة المعاهد الباطنية الى األصل ،ويجعل من كل مريد عضواً في " األخوية البيضاء " عبر درب
االيزوتيريك ،أو عبر النهج األساسي الذي كان متبعا في " األخوية البيضاء. "
هذا مع العلم أن االيزوتيريك لن يعمل على دخول الجمعيات أو المعاهد الباطنية ...فهدفه ليس
محتويا ً من قبل أي كان ...ألن األصل َ التوسع في هذا المضمار ،بل أن يحوي الجميع ،وأال يكونّ
حتويا ً في شيء !
يحوي الكل ...وال يكون ُم َ
االيزوتيريك و معرفة الذات
االيزوتيريك ليس معرفة الذات فحسب ،بل تطبيق معرفة الذات عمليا ً في الحياة !
" ان معرفة الذات هي أ ّم كل معرفة ! " عبارة قالها األقدمون .وبعدها كانت انطالقة الفكر
الفلسفي اليوناني .فمعرفة الذات هي الهدف األول من علم االيزوتيريك ،لكنه ليس الهدف األخير
.ألن معرفة الذات تعتبر اكتمال وعي االنسان ،أو وصوله الى العرش االنساني .يليها مرحلة
اخرى ارقى حكمة و معرفة و تطوراً ...وهذا ما سترتقي اليه روح االنسان الذي انطلق من
معرفة الذات ،الى تطبيق هذه المعرفة ،ومن ثم تجاوزها الى معرفة الكون .
فمعرفة االنسان لنفسه أمر واجب ،اذ أن االنسان هو المحور والمنطلق .لكن معرفة الكون كذلك
أمر ضروري ،ألن االنسان نفسه هو جزء من هذا الكون ! والشيء المهم والملفت للنظر هو أن
معرفة الكون سوف تنطلق من معرفة الذات ...فالذات االنسانية هي المحور ،وهي أساس كل
شيء !
معرفة االنسان لذاته هي ذلك الحلم الذي لطالما راود الفالسفة والعلماء ،والذي سعى اليه العظماء
واألعيان ...واعتقد الجسم الطبي يوما ً أنه وصل اليه ! لكن الواقع يؤكد أن ما من أحد استطاع
الوصول الى معرفة االنسان سوى من امتلك علم االيزوتيريك ،وسلك درب الوعي والتطور!
علما ً ان معرفة الذات في مفهوم االيزوتيريك ،تشمل التطبيق العملي لهذه المعرفة .
ما نقصده بكلمة " الذات " هو ذلك الجزء االلهي السامي في االنسان ،ذلك الجزء الخفي الذي
تتجاهل او تجهل العامة وجوده ...أنه المس ّير الحقيقي للكائن البشري ،بل هو االنسان الحق
االيزوتيريك في الكون
كان وما زال علم االيزوتيريك العلم األشمل واألوسع .نقول :كان و ما زال ...ألنه كان قبالً،
كان هو علم االنسان منذ أن استوى االنسان واعيا ً على األرض ...وما زال ،ألنه ها هو يشرق
من جديد على الوعي االنساني ،ليرتقي به الى األسمى ! وسيبقى االيزوتيريك ،ألنه األبقى،
وألنه األكمل !
درس في سائر طبقات حقيقة واقعية تأكد منها الطالب المتفوقون وهي أن علم االيزوتيريك ُي ّ
الكون ...وليس على األرض فقط ! ألنه استمرارية ،وألنه الطريق الى الحق !!!
حيثما يوجد االنسان ،على األرض أو في عالم الماوراء ،متجسداً أو من دون جسد ...يعتبر علم
االيزوتيريك هو األشمل واألسمى ،ألنه علم الروح ال المادة ،والجوهر ال الجسد !
في جميع طبقات الوعي الماورائيةُ ،يل َّقن علم االيزوتيريك ،ألنه الوحيد الذي يصلح فى تلك
الطبقات كافة .فهو علم الذات وتطوير الوعي .
الدرب القدر ّي ة تمتد عبر األزمان واألكوان ،تنطلق من صميم االنسان ،وتمتد وتتمدد ،ترتفع
وتسمو حتى طبقات الفضاء األعلى ...فالعوالم الماورائية التي تحوي روح االنسان ،ليست
محدودة ،وال معدودة .وأينما تواجد االنسان ،امتدت الدرب القدرية ...وعلى تلك الدرب يتلقى
االنسان علم االيزوتيريك ...ليتابع ،ويتابع ...فالهدف هو أن يصل الى حيث المعرفة الكاملة
التي ال معرفة بعدها !
يوعون االنسان ووالمعلمون الحكماء ينتشرون في كل مكان ،على األرض وفيما وراء األرض ّ ،
يقدمون اليه المعرفة التي من شأنها أن تقربه أكثر فأكثر من نفسه ،ومن الدرب التي يجب أن
يسلكها نحو الهدف .
مستقبل االيزوتيريك
ال نبالغ اذا ما أ ّكدنا أن االيزوتيريك سوف يشمل كل علم وجد على سطح األرض .وهذا الواقع
ليس بعيد التحقيق ،ألن المستقبل قد بدأت معالمه تظهر رويداً رويداً .
الطب ،وعلم النفس ،وأيضا ً علم الهندسة واألرقام ،والعلوم ّ ها هو االيزوتيريك -قد بدأ يجتاح
التاريخية والجغرافية .وتدريجا ً ،سوف يغزو كل علم على وجه األرض ...ال ليجعل من شتى
العلوم علوما ً ايزوتيريكية ،فذلك ليس الهدف ،بل ليصبح االيزوتيريك هو العلم الوحيد على
األرض الذي يشتمل على شتى العلوم ،ألنه بكل بساطة علم االنسان الشامل !
المستقبل القريب ،وليس البعيد ،سيشهد انطالقة االيزوتيريك في سائر الحقول والمجاالت العلمية
لينظ م شتى العلوم ويعرفها الى الحقيقة ،ويكشف الجانب الخفي ،الجانب الحقيقي منها. ّ ،
أما المستقبل البعيد ،فسيشهد احتواء االيزوتيريك للعلوم جمعاء ،وبالتالي سوف يصبح
يدرس في مناهج المعاهد والجامعات ...ليس ألنه علم االنسان االيزوتيريك العلم الوحيد الذي ّ
فحسب ،بل ألنه علم الكون من خالل االنسان !
نرى انسان اليوم يسعى الى البحث عن خفايا األمور أكثر من انسان األمس ،وكأن انسان
الحاضر قد ضاق ذرعا بالجهل يراه من حوله ،وبقيود المادة التي تك ّبله ،وتمنعه من التحليق في
فضاء الذات ! وهذا ما جعل االيزوتيريك يتحرك ...وها هي تباشيره تلوح في األفق ...فاالنسان
الذي يطلب ،ال بد أن ُيعطى ...وحين يسعى ال بدّ أن ينال .وها ان االيزوتيريك يكشف كل ما
كان خافيا ً ...وكل ما كان حكراً على األعيان والملوك ...ألن الملك الحقيقي هو االنسان !
وهذا ما سيتحقق مستقبالً ،ليس في المستقبل البعيد ،بل القريب ،والقريب جداً !
والعناية االلهية تبارك وتأخذ بيد كل من سعى واعيا ً نحو الحقيقة و الحق !!