You are on page 1of 354

‫األرواح‬

‫أتليف‬

‫العالمة املفضال خالصة احلكماء وصفوة العلماء حضرة‬


‫الشيخ طنطاوي جوهري‬
‫حقوق الطبع حمفوظة للمؤلف والناشر‬
‫مقدمة الناشـر‬

‫قدم الشيخ طنطاوي جوهري يف هذا الكتاب أحبااثً روحية كثرية‪ ،‬وتناوهلا ابلتحليل‬
‫الدقيق كرجل دين‪ ،‬درس يف األهزهر الشريف وممل ه ننوا ‪ ،‬ول مؤلفا مديدة‬
‫يف جماال البحث يف اإلنسان وتفسري القرآن الكرمي‪ ،‬ولذلك وضع يف امتباره وهو‬
‫يتكلم من الروح ما ميكن أن يثار من تساؤال حول هذا املوضوع الشائك الذي‬
‫يتصل أناناً هعامل غييب وال يعتمد ملى املدركا احلسية‪ ،‬فجعل الدين هو النور‬
‫الذي ميكن ه لإلنسان أن يفرق هني اجملاال املختلفة هلذه العوامل الغيبية جبميع‬
‫مستوايهتا‪ ،‬حبيث ميكن االرتقاء هروح وهو كائن ملى األرض‪ ،‬لينتقل إىل مامل الروح‬
‫وينطلق في هقدر ما كسب يف حيات األرضية‪.‬‬
‫وقد شرح املؤلف مجيع الونائل املعنوية اليت أمطاها الدين لإلنسان لتكون حصناً‬
‫ل من أتثري اجملاال السفلية‪ ،‬ويف نفس الوقت تكون ذخراً ل يف االرتقاء يف اجملاال‬
‫العلوية‪ .‬ولقد كشف النقاب يف كتاب األرواح من أهواب مضيئة ملدينة العلم اليت‬
‫ترتقي ابإلنسان يف معارج ال تنتهي‪ ،‬وتسامده ملى التخلص من تثاقل إىل األرض‬
‫ومن مادايهتا وشهواهتا وظالمها‪.‬‬
‫قد يكون من الصعب أن يتقبل اإلنسان احلديث من األرواح لعدة أنباب‪ ،‬منها‬
‫أن التيارا املادية املظلمة اليت تسود العامل واجملتمعا أظلمت مقول الناس وأماتت‬
‫قلوهبم فأخذوا يرفضون كل حديث مين أن يغري أحواهلم‪ ،‬ويرقى هبم‪ .‬كذلك فإن ما‬
‫يتناقل الناس من أمور نلبية تصاحب مملية حتضري األرواح وما ينتج من التعامل مع‬
‫مستواي معينة من العوامل الغيبية‪ ،‬كل هذا هزاد من خماوف الناس يف املعرفة من مامل‬
‫األرواح‪ ،‬رغم أن اجملتمعا األوروهية والرونية واألمريكية وغريها قطعت شوطاً كبرياً‬
‫يف هذا اجملال‪ .‬واحلديث من األرواح هروح الشيخ طنطاوي يسامد اإلنسان ملى أن‬
‫يتفهم ويتعلم ويتأمل ويتدهر يف هذا األمر‪.‬‬
‫الناشر‬
‫يوليو ‪0991‬‬
‫قال األستاذ العالمة الشيخ يوسف الدجوي‬
‫من أفاضل علماء األزهر الشريف‬

‫مـيـدان أفـراح حـوى مـرفـانـا‬


‫قـد رق لـطفـا واهزدهـى واهزدانـا‬
‫هـسـتـان آداب ذكـت أشـجـاره‬
‫وهلا رأينا فـي السـمـا أمـصـانـا‬
‫يـا مـن هـ األحـزان حطت رحلهـا‬
‫وغـدا هـخمـر هـمومـ نكرانـا‬
‫قـم نـحوذا البستان واقـطف ما تشـا‬
‫خـذ مشمشاً إن لـم تشـأ رمـانـا‬
‫هو جنـة قـد مجلـت كي تعـرفـوا‬
‫فضـل الـجـنان فتعمـلوا إحسانـا‬

‫وقال بعض العارفني‬

‫ه كشفت جـل الـحقائـق وانـجلت‬


‫ومـظهـر فضـل هللا للخلـق فصـال‬
‫غـوامض أفـكـار غراـئب حكمـة‬
‫مـظاهـر أمـالم هـهـا الـحق مثال‬
‫هـداي ـة مـالم شـعـائـر قـوة‬
‫وتـرتيب أنرار هـ الكشـف أكمـال‬
‫مقدمة املؤلف‬

‫إىل حميب العلم‪ ،‬وماشقي احلكمة‪ ،‬من أمتنا املصرية واألمم اإلنالمية‪ .‬أقدم لكم‬
‫كتايب هذا مما قرأت يف كتب األوائل واألواخر من الشريعة احملمدية‪ ،‬والسرية النبوية‪،‬‬
‫وما جاء مصداقاً هلا يف اجلمعيا النفسية‪ ،‬واحملافل األوروهية الروحية‪ .‬ومن حكمة‬
‫قومية‪ ،‬وآية غريبة‪ ،‬وآراء هديعة من األفالطونية‪ ،‬واحلكم السقراطية‪ ،‬واملذاهب اهلندية‪،‬‬
‫واألدلة السنخية مث الفيداهزية‪ ،‬والراجايوقية‪ ،‬وما جاء يف األنفار من ملماء العصر‬
‫احلاضر من آالف اآلالف يف أمريكا وأملانيا وإنكلرتا وفرنسا و إيطاليا والربتغال‬
‫واألنبان والرونيا ونائر أورواب اجملدين‪ .‬وقد أنتخرجت من كنوهز األمم وخزائن‬
‫احلكماء هذه اجلوهرة الثمينة قدمتها لكم هني يدي جنواي هشري ابلفالح وتبصرة‬
‫وذكرى للعاملني‪ .‬يشب اإلنسان منا ويشيب وهو يف مهوم احلياة مغمور غافل مما‬
‫هني يدي من مجائب املو وغرائب ‪ ،‬يسمع مقال الدين واألنبياء والعلماء فيمر ملي‬
‫مرور النسيم ملى ايهس اهلشيم والصرصر ملى احلصباء يف األرض الفضاء‪ ،‬وجرى‬
‫املاء ملى الصخرة الصماء‪ .‬هرع الناس يف العلوم‪ .‬هلغوا الثراي يف املعارف‪ .‬هل هذا‬
‫اإلنسان غاب مقل ‪ ،‬وضل نعي ‪ ،‬وضاق مذهب فعجز من أمر نفس ؟ هل هذه‬
‫األمم اليت هرمت يف نائر العلوم فجعلت ظهر األرض هطناً وقلبت هطنها ظهراً‪،‬‬
‫واختذ من اهلواء مواد حلياة‪ ،‬ومن ضياء الشمس جري املياه‪ ،‬ومن حركاهتا نر‬
‫الكهرابء‪ .‬غاب منها أنفسها اليت هي أمز مطلب‪ ،‬وأنفس مأرب وأجل مرغوب‪ .‬كال‬
‫مث كال‪ ،‬أال فليعلم املسلمون يف أقطار األرض أن احملافل الروحية واجملامع النفسية يف‬
‫البالد األوروهية قد نطقت فيها األرواح ملى مرآي ومسمع من جمالس شوراهم‪ ،‬واملأل‬
‫من قومهم وجمالس الشيوخ واألميان يف أمريكا وغريها كما نرتون مفصالً يف الكتاب‬
‫مبيناً أميا تبيان‪ .‬لقد شرحت األرواح ما شاهدت يف مامل الربهزخ من نعيم وهؤس وهنا‬
‫ءومناء‪ ،‬وخاطب األموا األحياء‪ ،‬واآلابء األهناء‪ ،‬فأنصت اجلمع‪ ،‬وكفكف الدمع‪،‬‬
‫وجاء البشري ابحلياة األخري‪ ،‬وقال األموا لألقارب واألخوان‪( :‬وإن الدار‬
‫اآلخرة هلي احليوان) فصدق هللا ومده‪ ،‬ونصر مبده‪ ،‬وأمز جنده‪ ،‬وجاء احلق وهزهق‬
‫الباطل‪ ،‬وفرح املسئول وقنع السائل‪.‬‬
‫فهل نقف معاشر املسلمني‪ ،‬أمام هذا احلادث صامتني‪ ،‬أن لعيب فاضح‪ ،‬وخطأ‬
‫واضح‪ ،‬وشني مبني‪ ،‬حنن أحق هبذا العلم من الغرهيني‪.‬‬
‫إن األمر جللل يعوهزه كتب تؤلف‪ ،‬وجمامع حتتشد‪ ،‬وملماء تنتقد أان لست يف كتايب‬
‫هذا أثبت العامل الروحي فحسب‪ ،‬فلقد نبقين إلي من نشروا الفكرة وأذاموا أمره هني‬
‫إخواين املصريني‪.‬‬
‫إمنا الذي أدهشين ما مثر ملي من احملاورا هني األرواح الناطقة من مامل الغيب‬
‫وهني األحياء يف اجملامع العلمية‪ ،‬وكيف كانت آراؤها وتعاليمها تذكرين كثرياً مبا طالعت‬
‫يف أمها الكتب اإلنالمية‪ ،‬وما جاء من السادة الصوفية‪ .‬أليس من واجيب أن‬
‫أنشر تلك املطاهقا العجيبة هني أممنا اإلنالمية‪ ،‬إن حلرام ملى أن أغمض العني وال‬
‫أنتهز الفرصة فأذكر كل حادثة من حوادث العجائب الروحية مبا يطاهقها من كالم‬
‫أئمتنا اإلنالمية مبيناً الكتاب والصفحة وانم املؤلف‪.‬‬
‫نيعجب املسلمون يف مشارق األرض ومغارهبا إذا جاءهم هذا النبأ الذي من‬
‫يتساءلون‪ ،‬من ذا الذي كان يدور خبلده أو يهجس خباطره أن ما جاء من نعيم القرب‬
‫ومذاه يف ديننا يعرض اليوم مرضاً ملى اجملامع األوروهية النفسية كمثل احلاكم األملاين‬
‫هيللون الذي ما وممره ‪ 97‬ننة وقد انتغاثت روح من إضطهاد يتيمن ل وحقوا‬
‫فوجدوا ثبو غدره ابليتامى يف دفاتر احلكومة يف تلك األقطار‪.‬‬
‫أم من ذا الذي يسمع حبادث مدينة ونسربج إذ جتلت روح حمانب إرتكبت‬
‫اخليانة فطلب أن تسامده أرملت إذ دهلا ملى املكان الذي أخفيت في تلك الدفاتر‬
‫ففعلت ما طلب وخف من هعض ما جيد من العذاب املهني‪ .‬هل من ذا الذي يسمع‬
‫حبادثة مدينة أجنوليم وال يكون من املوقنني وهي من حوادث ال مداد هلا يف اجملامع‬
‫النفسية الروحية‪ ،‬ذلك أن ما مين خبيل فأحضر اجلمعية روح فقال هاتوا يل‬
‫ذهيب ومايل مل أخذمتوه‪ .‬يف حديث طويل نتقرؤه مفصالً يف الكتاب‪.‬‬
‫أان لست يف كتاب األرواح أنرد احلوادث املنقولة نبهلال‪ ،‬ولكين أجد ذلك‬
‫يطاهق ما نص ملي الغزايل وغريه هطريق الكشف وكيف قال إن مذاب القرب ملى هذا‬
‫األنلوب‪ .‬ونرتاه مفصالً يف الكتاب‪.‬‬
‫من وقف ملى أنرار دين اإلنالم يف أمها الكتب العلمية مرف ما للذنوب‬
‫القلبية من احلسد والكربايء والطمع واجلشع من األثر يف العذاب وأن العالقة متينة‬
‫اثهتة مؤكدة هينهما مند املما ‪ ،‬وكذلك ليس للمرء من كمال إال ابألممال العظيمة‬
‫لبين اإلنسان‪.‬‬
‫ملا قرأ حماداث األرواح اليت نرتاها ألفيتها جاء مصدقة ملا قرأت يف كل كتاب‬
‫فأهنت املطاهقة يف هذا الكتاب‪.‬‬
‫ويف احلديث ‪ :‬من كتم ملماً أجلم هللا هلجام من انر يوم القيامة‪ ،‬أال جيب نشر‬
‫هذا ابلتفصيل إلخواين املسلمني يف مشارق األرض ومغارهبا أن ذلك أيمر ه الدين‪.‬‬
‫نعم لقد هزغ هزوغ الشمس للورى قول تعاىل {يوم جتد كل نفس ما مملت من‬
‫خري حمضرا} وثبت ابلرباهني ويقني الصدق قول تعاىل {ننريهم آايتنا يف اآلفاق ويف‬
‫أنفسهم حىت يتبني هلن أن احلق}‪.‬‬
‫إليك أيها القاريء روضة فيحاء وحديقة غناء قطوفها دانية ال تسمع فيها الغية هي‬
‫السر املصون واجلوهر املكنون والكنز املدفون الذي أختبأ يف شريعة اإلنالم‪ .‬هبذا العلم‬
‫ونشره ترى أمراً مجيباً (كفى هنفسك اليوم مليك حسيبا) فليتعاون الكتاب ملى نشره‬
‫فإن في نلوة احملزونني‪ ،‬وإيقاظ الغافلني‪ ،‬وتعليم اجلاهلني‪ ،‬واتباع اإلميان ابليقني‪ ،‬ورقي‬
‫األخالق‪ ،‬وتقليل النفاق‪ ،‬وضعف الشقاق‪ ،‬وذهاب األحقاد‪ ،‬والوثوق حبياة جديدة فال‬
‫يفزع الناس أشد الفزع من املما ‪ ،‬ويقل هكاء الباكيا ‪ ،‬ويسهل احتمال النكبا وأشد‬
‫األهزما ‪ ،‬ملماً أبهنا طهارة للروح وإمناء األخالق‪ ،‬ودروع ناهغا ‪ ،‬وأجنحة هبا تطري إيل‬
‫العال‪ ،‬ويف ذلك فليتنافس املتنافسون‪.‬‬
‫ويف الكتاب جوهرة وايقوتتان‪:‬‬
‫أما اجلوهرة فكيفية حتضري األرواح مند القوم وآداهبا ومجائب التنومي املغناطيسي‬
‫مسى أن يقوم ابألمر من مندهم هلذا اإلنتعداد‪.‬‬
‫وأما الياقوتتان فإحدامها ملخص ما دار من احلديث هني العالمة أوليفر لودج الطبيعي‬
‫الشهري وهني اهن رميند امليت يف احلرب احلاضرة كتبت أهم ما يف هذا الكتاب‪.‬‬
‫وثنيهما ملخص كتاب هرايفت دودنج الذي انتشر يف إنكلرتا هسرمة مدهشة‪،‬‬
‫وفي يصف الروح كيف كان موت مبدافع األملان ومقاهلت ألخي امليت قبل ‪ ،‬وأخبار‬
‫أخرى من مستقبل أورواب ومصر واإلنالم ونائر نوع اإلنسان‪.‬‬
‫املؤلف‬
‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬

‫احلمد هلل رب العاملني وصلى هللا ملي نيدان دمحم وآل وصحب أمجعني‪.‬‬
‫أما هعد فهذا "كتاب األرواح" اهني في ما قرأت يف كتب املتقدمني‪ ،‬وهزهر‬
‫املتأخرين‪ ،‬وأشرح أحوال الروح يف احلياة وهعد املما حبسب ما وصلت إلي الطاقة‬
‫البشرية‪ ،‬وأنأل هللا أن يعينين ملى تنسيق وتنظيم وهو الويل احلميد‪ .‬ورتبت ملي ‪41‬‬
‫جملساً‪.‬‬

‫اجمللس األول‬
‫(يف مذهب السنخ والبنغال والكتاب املقدس اهلندي)‬
‫(ومقارنتها بنظر سيدان اخلليل)‬

‫منذ ننتني وأان أدرس اللغة العرهية يف املدارس اخلديوية لتالميذها ضحى جاء‬
‫خادم املدرنة يسعى‪ .‬قال إن ابلباب طالباً تركياً من طاشقند من هالد رونيا وهو‬
‫يرجو لقاءك‪ .‬فلما أن أمتمت الدرس قمت فوراً صوب الباب فألقيت شاابً ملي‬
‫نيمى األدب والوقار‪ ،‬تلوح ملي أمارا الذكاء ودالئل الفضل والنبل فسلمت ملي‬
‫وحييت فرد التحية والسالم وقال‪ :‬أفالن أنت فأجبت نعم‪ .‬وما إمسك أنت وما الذي‬
‫مرفك يب؟ فقال‪ :‬أما إمسي فهو شري دمحم‪ ،‬وأما الذي مرفين هك فهو أين كنت أتعلم‬
‫يف جها قاهزان وأقرأ كتبك وأمسع نريتك وملا أن أقبلت إيل هذه البالد لطلب العلم‬
‫يف أوائل هذه احلرب األوروهية العامة‪ .‬قاهلين كثري من أصدقائي ابألنتان ‪ ،‬فأخ يشرح‬
‫ذلك‪ .‬قال أين من طاشقند من هالد تركستان خرجت منها لطلب العلم يف جها‬
‫القاهزان‪ ،‬وهني الوطن ومطلب العلم شهور ابلسري املعتاد‪ .‬ولقد مد نكة احلديد‬
‫هعد مغادريت لبالدي فيسهل اليوم ملى اإلنسان أن يسافر هذه املسافة يف القطار يف‬
‫أقل من أنبومني‪ ،‬وملا أن حططت رحلي ابلقاهرة‪ ،‬وألقيت في مصا التسيار هعد‬
‫إمتام درانيت ابقاهزان رأيت يف هالدكم ما ال يليق ابلعقالء من املسلمني‪ .‬رأيت اجلهال‬
‫حيقرون العلم وأهل ‪ ،‬والدين وحامل ‪ ،‬فلقد مسعت رجالً نوقياً حيقر اجملاورين‪ ،‬كأن‬
‫طالب العلم ال قيمة ل ‪ .‬هذا أمر مجيب‪ .‬أننا يف هالدان هنش ونبش ونفرح إذا لقينا‬
‫واحدا من أهناء العرب إلتصال نبب ابلنيب فنحفل ه ونكون ل خداماً طائعني‪.‬‬
‫وهللا لقد رأيت يف هالدكم ما ال خيطر ملى قلب تركستاين من إمهال الدين‪ ،‬واجلهل‬
‫العميم‪ .‬ومما أدهشين أن هعض كتب الدرانة يف البالد ضئيلة ال تسمن وال تعين‪،‬‬
‫وليست يف العري وال يف النفري ومنها كتب معقدة‪ .‬وهذا املأخذ‪ ،‬قريب النتيجة‪ ،‬حسن‬
‫اهليئة‪ ،‬نائغ املشرب‪ ،‬وليس ألكثر أهل العلم يف الداير آاثر‪ ،‬ولكل هزمن مؤلفون‬
‫ولكل قوم هادون‪.‬‬
‫فقلت ل ‪ :‬ال حنكم ملى أم مبا ترى من رمامها ونفهائها {وإان منا الصاحلون‬
‫ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا}‪ .‬واما الكتب فهي نائرة من حسن إيل أحسن‪ ،‬مث‬
‫قلت ل ما الذي قرأ من كتيب؟ قال قرأ نظام العامل واألمم‪ .‬وجواهر العلوم‪،‬‬
‫والنظام واإلنالم‪ ،‬والتاج املرصع‪ ،‬وخريها نظام العامل واألمم‪ .‬لقد كشفت من احلقيقة‬
‫النقاب وأتبت في ابلصواب وأصبحت هذه الفوائد كعبة العقالء‪ ،‬ومقصد النبالء‬
‫كيف ال وقد مرف هللا فيها هطريق مجيب وأنلوب حكيم أريت فيها نظام‬
‫السموا واألرض وما فيها من النجم والشمس والقمر واملعدن والنبا واحليوان‬
‫واإلنسان حبيث أصبح هذا العامل يف نظر من قرأ هذه الكتب كسامة منظمة نائراَ‬
‫ملى نظام هديع وأحكام غريب‪ ،‬حىت ال يشك ماقل أن لن يكون نظام من‬
‫املصادقة العمياء‪ ،‬فبهذا فليعمل العاملون‪ ،‬ومبثل هذا فليستدل املوقنون‪.‬‬
‫إن هذه الدنيا يف نظر من اطلع ملى هذه العلوم مروس حليت يف حرب هل جنة‬
‫مرضها السموا واألرض أمد للمفكرين مامل مدهش حسن مجيل متحرك هبي‬
‫مشرق انطق يف نظر احلكماء فاما من نواهم فهم ال يعلمون أال ما تنال هطوهنم وما‬
‫هتواه شهواهتم وما مدا ذلك فهو مندهم ضحكة ضاحك وهزء ونخرية وهتكم‬
‫اجلاهلني‪ ،‬وكل حزب مبا لديهم فرحون‪.‬‬
‫ولقد تبدي يف هذه الكتب مزية القرآن من هدائع هذا الوجود وما قص هللا ملى‬
‫إهراهيم اخلليل‪ ،‬إذ نظر ليالً فرأي جنماً ابهراً متأللئاَ فأمجب مجال ‪ ،‬وأدهش هباءه‬
‫ونلب لب ألالؤه‪ ،‬وصفا اجلمال ومسا احلسن إمنا تليق لرب األرابب‪ ،‬فقال هذا‬
‫ريب‪ ،‬مث هدا ل القمر أمجل نوراَ‪ ،‬وأحسن هبجة‪ ،‬وأهدع إشراقاً‪ ،‬وأرفع مقاماً‪ ،‬وأمم‬
‫نفعاً‪ ،‬وأهدى طريقاً وأقوم نبيالً‪ ،‬وهذه الصفا أمجل مما قبلها وأهبي‪ ،‬وليست تكون‬
‫إال هلل الذي خلق اجلمال فقال هذا ريب‪ ،‬مث أشرقت الشمس وهدا نورها‪ ،‬وأضاء يف‬
‫العاملني إشراقها‪ ،‬فكانت أرفع مقاماً‪ ،‬وأهدع أحكاماً‪ ،‬وأونع ملكاً‪ ،‬وأملى شرفاً‪،‬‬
‫وأمم نفعا‪ ،‬وهناية الكمال إمنا تكون لذي اجلالل‪ ،‬فقال هذا ريب هذا أكرب‪.‬‬
‫مث ملا رأي أن العوامل كلها فانية ذاهبة ال هقاء هلا وال دوام‪ ،‬قال إين وجهت وجهي‬
‫للذي فطر السموا واألرض حنيفاً وما أان من املشركني‪ .‬فقلت ل اي شري‪ :‬قد‬
‫قارهت هعض املقارهة‪ ،‬إن يف هذه اآلية انتدالالً هطريق احلدوث والفناء‪ ،‬وإن هذا‬
‫العامل متحرك ذاب وهللا هو الباقيو لكنا يف هذه الكتب قد توخينا طريقاً آخر ونلكنا‬
‫منهجاً يساوق ما جاء يف نورة الرمحن إذ قال هللا تعاىل {والسماء رفعها ووضع‬
‫امليزان أال تطغوا يف امليزان} ويوايت ما قال هللا يف غريها {وإن من شيء إال مندان‬
‫خزائن وما ننزل إال هقدر معلوم} وقول {وأنبتنا فيها من كل شيء موهزون}‪.‬‬
‫مث نكت هرهة فقال ‪ :‬من صدق طين فإنك السامة خاجلك فكرب‪ ،‬وأخذ هلبك‬
‫ذكر‪ ،‬وخامرك حديث نفسي‪ ،‬أليس كذلك؟ فقلت هلى! فقال ‪ :‬ابهلل ما هذا‬
‫احلديث‪ ،‬فقلت‪ :‬ذكر هقصة نيدان وأهينا إهراهيم ملي السالم ما جاء يف أثناء‬
‫تفكره من حديث القمر والنجم والشمس ما قرأت يف كتاب يسمى ( اخلطب‬
‫الفلسفية – يف راجا يوقا) اليت ألقيت يف مدينة نيويورك ننة ‪4971 – 4971‬‬
‫والذي ألقاها هو أنوامي فيفكنندا‪ ،‬غذ رأي في مذاهب ثالثة (للهنود) يف معرفة هللا‬
‫تعاىل‪ ،‬وجاء هعضها فوق هعض وكل منها هلا حجة أدىل هبا وهرهان أهرهزه كما يف‬
‫خديث النجم والقمر والشمس فإن قال يف صفحة (‪ )424‬ملخص ما ترمجت من لغة‬
‫الكتاب اإلجنليزية‪.‬‬
‫"الفلسفة" األوىل هي املسماة ننخياس‪ .‬والثانية مبنية مليها ومؤنسة ملى‬
‫منهجها وهي فلسفة اليوجي البنغالية‪ .‬الثالثة ما ورد يف كتاب اهلند املسمي فيداس‪.‬‬
‫أما أصحاب املذهب األول وهو مذهب ننخياس‪ ،‬فإن أرابب هذا املذهب مل‬
‫ينظروا إال يف أنفسهم وهتذيبها وانتخراج العلوم منها مع الصدق واإلخالص‬
‫والفضائل والرمحة واحلب العام‪ .‬فأما البحث من صانع الكون فقد أقروا أهنم ال قبل‬
‫هلم ه وال نبيل هلم إلي ‪.‬‬
‫أما أصحاب املذهب الثاين وهم أهل راجايوقا‪ ،‬فأولئك هلم راي آخر إذ قالوا إان‬
‫إذا أقفلنا ميوننا وفكران يف دوائر حميطة هنا وأخري وراءها أونع إحاطة وهكذا‪ ،‬فإن‬
‫العقل يعلم أن هناك من الدوائر ما ال هناية ل يف املكان‪ ،‬وال جرم أن اإلنسان ال ملم‬
‫ل ابحملدود‪ ،‬فأما اإلنسان إذا فكر يف الثانية يعلم أن وراءها دقيقة فسامة فيوما فشهراً‬
‫فسنة فران فألف ننة وهكذا ‪ ،‬فأما ما ال يتناهى من الزمان فال ملم لإلنسان ه ‪ ،‬وإذا‬
‫كان العقل قد قضى أن هنا ما يتناهى وم ال يتناهى هزماانً ومكاانً وقد نلم ان م‬
‫يتناهى قد ملم الغنسان‪ ،‬فهو ال ريب يسلم ابلدليل القطعي أن ما ال هناية ل ال‬
‫يعلم إال ذا حتيط ملماً ابجلميع وهو هللا‪ ،‬وإال فإذا مل يسلم اإلنسان ومل يوقن هعامل‬
‫مبا ال يتناهى من الزمان واملكان فكيف كان للمحدود من الزمان واملكان مامل‪ .‬فإما‬
‫ان يسلم اإلنسان هبما وإما أن ينكرمها العامل ابحملدود ومبا ال يتناهى‪ .‬أما وهو مصدق‬
‫أبحدمها وهو العامل مبا يتناهى فهو جدير أبن يوقن ابلعلم ابجلانب اآلخر وهو ما ال‬
‫يتناهى و م‬
‫العامل هو هللا تعاىل‪.‬‬
‫كذلك العلم أن اإلنسان ملم حمدود‪ ،‬والعقل قد شهد أن املعلوما ال هناية هلا‪،‬‬
‫وإذا كان اإلنسان ال يعلمها‪ ،‬فال جرم ن هناك موجوداً هعلم ما ال يتناهى وما هو‬
‫ذلك هو هللا‪.‬‬
‫وأيضا أن العلم كامن يف نفوس البشر‪ ،‬ومل يربهز الكامن إال مبستخرج ل ‪ ،‬فإذا قلنا‬
‫أن املادة امليتة هي اليت اتسخرجت ما يف نفوننا من العلم كان ذلك أشب هقول‬
‫الصبيان‪ ،‬وكيف حيكم ما ال يعقل ملى العقل‪ ،‬وكيف ينتج النور من الظالم‪ ،‬واحلي‬
‫من امليت‪ ،‬والظل من احلرور‪ ،‬واحلنظل من النخيل‪ ،‬كال إن ال يستخرج العلم من‬
‫نفوننا إال مامل‪ .‬أال ترى أن نائر البشر يف األمم واملمالك يعوهزهم املعلم واملرشد‬
‫ليستخرجا كنزاً من أفئدهتم دفينا‪ ،‬وال جرم أن للمعلمني واملرشدين واملصلحني معلماً‬
‫وملهماً ومرشداً مستخرجاً ما يف نفونهم وما يف نفوس تالميذهم مند متام األنباب‬
‫وذلك هو هللا مز وجل‪.‬‬
‫هذه آراء ملماء (راجايوقا) وصلوا إيل أن مامل يعلم اخللق مجيعاً وهو حميط هكل‬
‫شيء ملماُ ومل يذكروا القدرة وال اإلرادة‪.‬‬
‫املذهب الثالث مذهب الفيداهز‪ ،‬وهو كما يف كتاب املذهب الروحاين‪ ،‬الكتاب‬
‫املقدس اهلندس‪ ،‬وهو الذي قال في (نور يوشيدانتو) الفكلي (الذي نسب فلكيو‬
‫مصران أرصاده يف وضع النجوم ونريها إيل هزمان ال يقل من مثان ومخسني ألف‬
‫ننة)‪ ،‬قال أن انفار الفيداس قدمية العهد جداً‪ ،‬مث أهنا أرهعة أنفار وهي "الرجييفيدا"‬
‫و "السامافيدا" و"الباجورفيدا" و "اآلاثر فافيدا" وهي أنفار اهلنود املقدنة والتارخيية‬
‫معاً مكتوهة هلغة خصوصية تدمى ابللغة الفيدية‪ ،‬وهي أقدم جداً من لغة كتب الربامهة‬
‫مث إن التعاليم الدينية يف أنفار الفيدا ملى غاية من البساطة‪ ،‬فإهنا تعلم أوالً وحدة هللا‬
‫وهو السبب األول وهو القيوم هذات واملوجود يف كل الكائنا {وهو هللا يف السموا‬
‫ويف األرض}‪ ،‬وقد شرح هذه اآلية ماتو الفيلسوف اهلندي فقال‪ :‬هو الكائن هنفس‬
‫الذي ال ميكن أن تصيب احلواس املادية هل الروح فقط‪ ،‬وهو املنزه من أجزاء منظورة‬
‫أهزيل نرمدي روح الكائنا الذي ال ميكن لعقل أن يدرك ملى ما هو ملي ‪ .‬هذا ما‬
‫رايت يف كتاب املذهب الروحاين يف هذا املقام ولنرجع إىل ما يف اتب راجايوقا فنقول‬
‫"إن أرابب هذا املذهب يوقنون إبلَ وهرهاهنم أن هذه الكائنا منظمة تنظيما‬
‫متقناً‪ ،‬وهلا إرتباط واحتاد ونظام اثهت دال ملى وجود قادر مريد مامل نظمها وهو هبا‬
‫مليم" مث قلت‪:‬‬
‫فيا ولدي شري أفندي هذه اليت خاجلت قليب وجعلتين أتعجب من احلكمة والعلم‪،‬‬
‫وكيف كان السنخيون يف اهلند ال يعرفون إال أنفسهم كما نظر اخلليل يف النجم والقمر‬
‫مث جاء اليوحيون البنغاليون فأيقنوا إبل مامل‪ ،‬ومل يذكروا أن خلق العامل‪ ،‬كما أن اخلليل‬
‫نظر إيل الشمس فقال هذا ريب‪ ،‬مث كان مذهب الفيداهز وهو الكتاب القدني الديين‬
‫الذي تقادم مهده فشهد ابلنظام أن للعامل إهلاً منظما للكائنا ألهنا جارية ملى‬
‫نظان اثهت‪ ،‬فالذي أمجبين أمران‪ .‬أوالً هذه الدرجا الثالث وارتقاء العلماء يف‬
‫األنباب إىل ابرئها درجا هعضها فوق هعض كما ذكر من اخلليل‪ ،‬اثنياً أن هذه‬
‫نبيلي يف مؤلفايت إذ أين وأان طالب ما كان ليستقر يل قرار حىت أقف ملى نظام هذا‬
‫العامل‪ ،‬فإن كان منظماً نائراً ملى حساب وهندنة ال خلل في فإين أوقن أن ل آهلاً‬
‫وإن كان نائراً يف خبط مشواء ال يستقر ملى حال من القلق فإين ال أوقن آبل‬
‫وأميش مدى الدهر يف حرية وضعف ولقد نطق القرآن هذلك يف كثري من اآلاي‬
‫كقول تعاىل ( وأنبتنا فيها من كل شيء موهزون)‪ ،‬وال جرم أن كتاب التاج املرصع‪،‬‬
‫ونظام العامل واألمم‪ ،‬والنظام واإلنالم‪ ،‬وجواهر العلوم‪ ،‬وميزان اجلواهر‪ ،‬ومجال العامل‪،‬‬
‫قد ذكر من وهزن وحساب ونظام ما ختضع ل أمناق املتكربين تصديقاً آلاي‬
‫الكتاب‪ .‬فانظر كيف رأيت الفيدا اهلندية اليت جتاوهز يف القدم مهداً ال يعرف التاريخ‬
‫أكثر من مثان ومخسني ألف ننة‪ ،‬وكان البشر إذ ذاك يوقنون إبل مستدلني هنظام‬
‫اثهت ورابط حمكم‪ .‬ويعتقدون أبن قادر ومريد فهذا هو العجب الذي امرتاين من‬
‫هذه الذكرى‪ .‬هذا اجمللس األول‪.‬‬
‫اجمللس الثاين‬
‫(دليل وجود األرواح بنظام العامل وأدلة منكريها)‬

‫قال شري دمحم‪ :‬قد فهمت ما قلت يف اجمللس الساهق‪ ،‬ونرين إيضاح احلقائق‪،‬‬
‫وإظهار الدقائق‪ ،‬وتقارن ملوم األوائل ابألواخر‪ ،‬وإين اليوم أريد أن أنألك من الروح‬
‫وهقائها هعد املو ‪ ،‬فليس من إمري يف هذا الوجود أال وهو نائل من مستقبل‬
‫حيات ‪ ،‬وهل إذا قطعت أوصال ‪ ،‬وفصلت أمضاؤه‪ ،‬وتناثر حلم ‪ ،‬وذاب شحم ‪،‬‬
‫وذهبت حوان ‪ ،‬ومتزق قلب ‪ ،‬هسيل نفس نيالً ومتو إىل األهد فال وجود هلا وال‬
‫هقاء‪ ،‬وإذا كان هللا أيمران أن نتذكر ونتفكر يف أمر الدنيا واآلخرة فأحرى ما نتفكر في‬
‫أمر نفوننا‪ ،‬وهل حية ابقية أم هي فائتة فانية‪.‬‬
‫أنـعـم هـرد جـواب ما أنـا ابحـث‬
‫مـن فنـار الـعـلم ذا تشـعـشـع‬
‫إن أهل هالدان يرون أن ما تكتب شاف كاف ملعرفة هللا تعاىل‪ ،‬ويودون لو تكتب‬
‫هلم كتاابً يف الروح ه يهتدون‪ ،‬وملي يعولون‪ .‬أمل تر إىل كتاهك التاج املرصع كيف‬
‫طبع هلغة قاهزان الرتكية قبل أن يطبع هلغتكم العرهية‪ ،‬فإذا أفضت القول يف هذا املقام‬
‫كان ذلك غاية املرام‪.‬‬
‫إن مدار كل دين ملى أمرين إثنني‪ :‬وجود هللا وهقاء األرواح هعد املو ‪ .‬وال فضل‬
‫لدين إال هبذين فإذا مل يكوان فال كفاءة لدين وال فضل وال مزية لنحلة‪ ،‬هل تكون‬
‫احلياة ابطلة‪ ،‬وهذا الوجود هغري مزية وال مثرة‪ ،‬وهذا هو اليأس املبني‪ .‬فقلت اي شري دمحم‬
‫‪ :‬إنك ممن قرءا العلوم‪ ،‬وأدركوا من كل منها طرفاً‪ ،‬ولقد وقفت ملى نظام هذا الوجود‬
‫ودقائق ‪ ،‬واطلعت ملى الوهزن وامليزان واحلساب واهلندنة واالتقان في ‪ ،‬وأن كل شيء‬
‫في مبقدار‪ ،‬وأن صانع املنظم ل مدل وحكيم‪ ،‬فمن النظان أن تبقى األرواح لتلقي‬
‫جزاءها من خري وشر كما ترى يف نائر النظام الذي تراه‪.‬أال ترى أن الزرع والزيتون‬
‫والنخيل واألمشاب هلا مثرا ‪ ،‬والثمرا هلا منافع مند قوم هبا يعيشون ومليها حييون‬
‫وهبا يسلذون ويتفكهون‪ ،‬فهل ترى نظام السموا نظام األرض وهلما مثرا معلومة‬
‫ومقاصد مرنومة وأمراض مونومة ومرام مقصودة‪ ،‬ويبقى هذا اإلنسان ال غرض يرمي‬
‫إلي ‪ ،‬وال مقصد يسعى إلي ‪ ،‬وال حاجة يرجوها‪ ،‬وإمنا يسعى لعدم‪ ،‬ويبين للهدم‪،‬‬
‫ويرجو املعدوم‪ ،‬ويريد ما ال يكون‪ .‬هذا ما ال يرضاه النظام‪ ،‬وال يوايت األذهان‪ ،‬وال‬
‫يقوم ملي هرهان‪ ،‬فمن قرأ كتاب نظام العامل واألمم‪ ،‬وميزان اجلواهر‪ ،‬وجواهر العلوم‪،‬‬
‫والتاج املرصع‪ ،‬ومجال العامل‪ ،‬وجد أن السموا واألرض حبساب ونظام ال يرى فيها‬
‫من تفاو وال قصور {فارجع البصر هلى تري من فطور مث ارجع البصر كرتني ينقلب‬
‫إليك البصر خانئاً وهو حسري}‪ .‬وإذا كان هللا مرف هبذا الربهان فلنوقن أن الروح‬
‫ابقية ملى هذا املنوال إذ ال يعرف اخلالق إال ابلنظام وهو ال يتم إال إذا هقيت األرواح‬
‫لتجوي كل نفس ما كسبت وهو ال يظلمون‪ .‬وإذا أرد أن أذكر هعض النظام‪،‬‬
‫فهاك أمسعك من طرفاً هعض كشف حديثاً هعد أن ألفت تلك الكتب اخلمسة‬
‫وغريها من مجائب هذا الوجود املدهشة تروحياً للنفوس وذكرى لقوم يعقلون‪ .‬قد‬
‫قرأ يف كتاب (الدروس األولية يف ملم الفلك) أن املسافة هني الشمس واألرض ‪79‬‬
‫مليون ميل‪ ،‬واملسافة هني أحد طريف الشمس واآلخر مارة ابملركز تساوي ‪919888‬‬
‫ميل‪ ،‬ولو أن هناك نكة حديدية ومليها قطار يسري يف السامة ‪ 98‬ميالً فوق األرض‬
‫فإن يتم السري يف شهر‪ ،‬ولو كانت هذه السكة حول الشمس وجري القطار ملى‬
‫هذا املنوال الحتاج إيل أكثر من مشر ننني‪ ،‬وإذا جرى القطار من األرض ملى هذا‬
‫املنهج من يناير ننة ‪ 4787‬فإن لن يصل إىل الشمس إال ننة ‪ 2212‬أمين ‪911‬‬
‫ننة‪.‬‬
‫إن أكثر من مليون وثلثمائة ألف أرض تساوي الشمس‪ ،‬وأن جو الشمس ميتد‬
‫إىل نصف ملون من نطحها‪ ،‬والشمس وجوها أمظم من األرض ثالثة مشر مليوانً‪،‬‬
‫وهي تزن مقدار األرض ثالثة وثالثني ألف مرة‪ ،‬فوهزن األرض ‪ 99‬ألف مرة يزن‬
‫الشمس‪ ،‬واملادة اليت تكون الشمس تساوي واحداً من أرهعني من املادة اليت تكون‬
‫األرض وأقل من نبع وهزن املاء‪ ،‬هيننا وهني القمر مائتان ومثانية وثالثون ألفاً ومثامنائة‬
‫وأرهعون ميالً ‪ 299.918‬وهيننا وهني الشمس ‪ 79‬مليون ميل‪ .‬أقرب كوكب لنا هعد‬
‫نظامنا الشمسي يكون هعده أكثر من ‪ 21.888.888.888.888‬من األميال‬
‫وأهعده يكون هعيداً جداً حىت أن النور الذي يقطع يف الثانية الواحدة مائة ونتة‬
‫ومثانني ألف ميل وثلثمائة ميل ‪ 491.988‬حيتاج إىل آالف من السنني حىت جييء‬
‫من الكوكب إىل أميننا واملنظور ابلعني يف السماء نتة آالف ‪ 1.888‬جنمة منها‬
‫ثالثة آالف ظاهرة وثالثة آالف خافية ويرى ابملنظار املعظم التلسكوب مخسمائة‬
‫مليون من النجوم ‪ 1888.888.888‬جنمة‪ ،‬وأملم أن النجوم اليت تراها ليالً والسماء‬
‫صافية ابلعني اجملردة قسمت نتة أقسام أضوءها هو القدر األول وأقل من الثاين‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫وقد جعلوا مقيانها أقلها‪ ،‬فكان القدر السادس هو املقياس‪ ،‬ويكون القدر‬
‫اخلامس أضوأ من السادس ‪ 2.1‬مرتني ونصفاً‪ ،‬والقدر الراهع أضوأ من ‪ 1.9‬والثالث‬
‫أكرب من ‪ 41.9‬والثاين أضوأ من ‪ 97.1‬واألول أكرب من ‪ 488‬مرة وجنمة ‪sirtus‬‬
‫وهي أضوأ جنمة يف أول مقدار تكون أضوأ ‪ 188‬مرة والشمس أملع منها ‪ 2‬ترليون‬
‫وأرهعمائة هليون مرة ‪.2.188.888.888.888‬‬
‫وملى ذلك تعرف مقدار العجائب يف الشمس والكواكب وأضوائها مث أن النور‬
‫الذي يسري ‪ 491.988‬ميالً يف الثانية كما تقدم ميكن أن يدور حول الكرة األرضية‬
‫مثان مرا إذا دق رقاص السامة مرة واحدة‪ ،‬أي أن املسافة اليت يقطعها النور يف‬
‫مقدار دق البندول مرة واحدة تساوي حميط األرض مثان مرا ‪ ،‬والكواكب اليت هي‬
‫أقرب إلينا هعد الشمس يصل إلينا نورها يف أرهع ننني وأرهعة أشهر‪.‬‬
‫وحيتاج الضوء إىل أرهع مشرة ننة ونصف ليصل إلينا من الكواكب اليت من القدر‬
‫األول و ‪ 29‬ننة من الكواكب اليت من القدر الثاين و ‪ 19‬ننة من الكواكب اليت‬
‫من القدر الثالث وهكذا إىل اليت من القدر الثاين مشر فنحتاج إىل ‪ 9.188‬ننة‪،‬‬
‫فتعجب من هذا النظام وقف مند كل حكمة من هذه وانظر‪ ،‬أليس من العجب أن‬
‫جيري الضوء مسافة قدر حميط الكرة األرضية مثان مرا يف مقدار دق الرقاص مرة‬
‫واحدة ليس هذا من العجب أو ليس من األمجب أن نرى كوكباً صغرياً يف السماء‬
‫أبميننا ونفس ضوئ يعوهزه أكثر من مائة ننة حىت يصل لنا فتأمل هذه املسافا‬
‫العظيمة واألضواء السريعة والكواكب الكبرية الصغرية‪.‬‬
‫كسف قدر وأبي طريق خلقت‪ ،‬أليس ذلك الذي أهدع هذا النظام هقادر ملى‬
‫أن جيعل األرواح حية ابقية‪ ،‬وهل هذه النظم العجيبة واآلاي البديعة ختلق ندى‬
‫وتذهب شعاماً وتكون ابطالً‪ .‬ال فضل هلذا اخللق إال هبقاء األرواح‪ ،‬فإذا مل يكن‬
‫ارواح فهو لغون ابطل وجل من أهدع هذا النظام أن يغفل من اخللق‪ ،‬وجل النظام أن‬
‫يكون هال مرتب ومنظم‪ ،‬وهلذا الدليل أشار الكتاب فقال (هللا الذي أنزل الكتاب‬
‫ابحلق وامليزان وما يدريك لعل السامة قريب)‪ ،‬فكأن يقول أنزل الكتب السماوية‬
‫لسيانتكم ووهزنت كل خملوق يف ماملكم‪ ،‬ولكن أكثر الناس ال ينالون جزاءهم يف‬
‫الدنيا‪ ،‬وإذن ال هد من السامة ما يدريك لعل السامة اآلية وقد أوضحت هذا املقام‬
‫وتفسري هذه اآلية يف كتاب ميزان اجلواهر وجواهر العلوم فراجعها إن شئت‪ ،‬أما كفاك‬
‫ما قد أريناك اي شري دمحم‪ ،‬فقال أما هذه النظم فإهنا مجيبة وقد ذكرتنا مبا كتبت أنت‬
‫يف كتبك وما قرأانه يف كتب الفرجنة وهو مجيب هديع‪ ،‬ولكن ليسمح يل نيدي‬
‫األنتاذ أن أقول ل إن هذا هرهان إقنامي فليس هدليل قاطع وأنت تعلم أن مصران‬
‫احلاضر ال جتزي في تلك األدلة البعيدة املرام‪ ،‬ولكن إن شئت قلت لك ما أمجع ملي‬
‫مجهور األطباء من أن العناصر إذا امتزجت وانكسر صورة كل واحد منها هصورة‬
‫اآلخر حصلت كيفية معتدلة هي املزاج ومراتب هذا املزاج غري متناهية‪ ،‬فبعضها هي‬
‫اإلنسانية وهعضها هي الفرنية‪ ،‬فاإلنسانية مبارة من أجسام موصوفة متولدة من‬
‫إمتزاجا العناصر مبقدار خمصوص‪ .‬فهذا قول مجهور األطباء ومنكري هقاء النفس‬
‫وقول أيب احلسن البصري من املعتزلة وكما يف الراهزي وكذا مجيع العلماء املاديني يف‬
‫العصر احلاضر‪ ،‬فهذا هو الرأي الذي ملي كثري من العقالء قدمياً وحديثاً‪ .‬فكيف‬
‫نقنع هبذه األدلة البعيدة من الغرض وهي ال تسمن وال تغين من جوع‪ .‬فقلت ل غداً‬
‫إن شاء هللا يكون اجلواب‪.‬‬
‫اجمللس الثالث‬
‫(أدلة القرآن والسنة والعقل على بقاء النفس)‬

‫حضر اليوم صاحيب وانتظم اجمللس فقلت ل ‪ :‬نألقي مليك دليالً‪ ،‬وأديل إليك‬
‫حبجة‪ ،‬وأرجو أن تسكن إليها وتظمئن ويذهب منك رجس الشك ويكون اليقني‪،‬‬
‫فقال ها ‪ ،‬فقلت‪ :‬قام اإلمام دمحم الراهزي فخر الدين هن العالمة ضياء الدين ممر‬
‫املشتهر خبطيب الري يف تفسريه مفاتيح الغيب مند قول تعاىل ( ويسألونك من الروح‬
‫قل الروح من أمر ريب)‪ .‬قال مستدالً ملى الروح هدالئل تذكر منها ما أييت قال‪:‬‬
‫احلجة اخلامسة أن اإلنسان يكون حياً حاملا يكون البدن ميتاً فوجب كون اإلنسان‬
‫مغايراً هلذا البدن‪ ،‬والدليل ملى صحة ما ذكرانه قول تعاىل‪ ( :‬وال حتسنب الذين قبلوا‬
‫يف نبيل هللا أموااتً هل أحياء مند رهبم يرهزقون)‪ .‬فهذا النص صريح يف أن أولئك‬
‫املقتولني أحياء واحلس يدل أن هذا اجلسد ميت‪ .‬احلجة السادنة‪ ،‬أن قول تعاىل‬
‫{النار يعرضون مليها غدواً ومشياً} وقول تعاىل {أغرقوا فادخلوا انرا} يدل أن‬
‫اإلنسان حييا هعد املو ‪ ،‬كذلك قول ملي الصالة والسالم "أنباء هللا ال ميوتون ولكن‬
‫ينقلون من دار إىل دار"‪ ،‬وكذلك قول ملي الصالة والسالم "القرب روضة من رايض‬
‫اجلنة أو حفرة من حفر النار"‪ ،‬وكذلك قول ملي الصالة والسالم " من ما فقد‬
‫قامت قيامت "‪.‬‬
‫كل هذه النصوص تدل ملى أن اإلنسان يبقى هعد مو اجلسد‪ ،‬وهديهة العقل‬
‫والفطرة شاهدان أبن هذا اجلسد امليت‪ ،‬ولو جوهزان كون حياً جلاهز مثل يف مجيع‬
‫اجلمادا وذلك مني السفسطة‪ ،‬وإذا ثبت أن اإلنسان حي وكان هذا اجلسد ميتاً‬
‫لزم أن اإلنسان شيء غري اجلسد‪ .‬احلجة الساهعة‪ :‬قول ملي الصالة والسالم يف‬
‫خطبة طويلة ل ‪ " :‬حىت إذا محل امليت ملى نعش رفرفت روح فوق النعش ويقول‪ :‬اي‬
‫أهلي واي ولدي ال تلعنب هكن الدنيا كما لعبت يب‪ ،‬مجعت املال من حل وغري حل‬
‫فالغىن لغريي والتبعة ملي‪ ،‬فاحذروا مثل ما حل يب"‪ .‬وج االنتدالل أن النيب‬
‫صرح أبن حال ما يكون اجلسد حمموالً ملى النعش هقي هناك شيء ينادي ويقول ‪:‬‬
‫اي أهلي واي ولدي مجعت املال من حل وغري حل ‪ ،‬ومعلوم أن الذي كان األهل أهالً‬
‫ل وكان جامعاً للما ملن احلرام واحلالل والذي هقي يف رقبت الوابل ليس إال ذلك‬
‫اإلنسان‪ ،‬فهذا تصريح أبن يف الوقت رقبت الوابل ليس إال ذلك اإلنسان‪ ،‬فهذا‬
‫تصريح أبن يف الوقت الذي كان اجلسد ميتاً حمموالً كان ذلك اإلنسان حياً ابقياً‬
‫فامهاً‪ .‬وذلك تصريح أبن اإلنسان شيء مغاير هلذا اجلسد وهلذا اهليكل إىل أن قال‪:‬‬
‫احلجة العاشر‪ :‬نرى مجيع فرق الدنيا من اهلند والروم والعرب والعجم ومجيع أرابب‬
‫امللل والنحل واليهود والنصارى واجملوس واملسلمني‪ ،‬ونائر فرق العامل وطوائفهم‪،‬‬
‫يتصدقون من مواتهم ويدمون هلم ابخلري ويذهبون إىل هزايراهتم‪ ،‬ولوال أهنم هعد مو‬
‫اجلسد هقوا أحياء لكان التصدق منهم مبثاً‪ .‬فاإلطباق ملى هذه الصدقة وملى هذا‬
‫الدماء وملى هذه الزايرة يدل ملى أن فطرهتم األصلية السليمة شاهدة أبن اإلنسان‬
‫شيء غري هذا اجلسد وأن ذلك الشيء ال ميو هل ميو هذا اجلسد‪ ،‬إىل أن قال‪:‬‬
‫احلجة احلادية مشرة‪ :‬إن كثرياً من الناس يرى أابه أو اهن هعد موت يف املنام ويقول‬
‫ل اذهب إيل املوضع الفالين فأن في ذهباً دفنت لك‪ ،‬وقد يراه فيوصي هقضاء دين‬
‫من مث مند اليقظة إذا فتش كان كما رآه يف النوم من غري تفاو ‪ .‬ولوال أن اإلنسان‬
‫يبقي هعد املو ملا كان ذلك‪ .‬وملا دل هذا الدليل ملى أن اإلنسان يبقى هعد املو‬
‫ودل احلس ملى أن اجلسد ميت كان اإلنسان مغايراً هلذا اجلسد امليت‪ .‬وقال رمح هللا‬
‫تعاىل يف تفسري قول تعاىل‪{ :‬وقال الشيطان ملا قضى األمر إن هللا ومدكم‪..‬اآلية} يف‬
‫نورة إهراهيم‪ ،‬وذكر هعض العلماء في أيضا احتماال اثلثاً وهو أن النفوس البشرية‬
‫واألرواح اإلنسانية إذا فارقت أهداهنا قويت يف تلك الصفا اليت اكتسبتها يف تلك‬
‫األهدان وكملت فيها‪ ،‬فإذا حدثت نفس أخرى مشاكلة لتلك النفس املفارقة يف هدن‬
‫مشاكل لبدن تلك النفس املفارقة حدث هني تلك النفس املفارقة وهني هذا البدن نوع‬
‫تعلق هسبب املشاكلة احلاصلة هني هذا البدن وهني ما كان هدانً لتلك النفس املفارقة‪،‬‬
‫فيصري لتلك النفس املفارقة تعلق شديد هبذا البدن ومعاضدة هلا ملى أفعاهلا وأحواهلا‬
‫هسبب هذه املشاكلة‪ ،‬مث إن كان هذا املعىن يف أهواب اخلري والربكا كان ذل إهلاماً‬
‫وإن كان يف ابب الشر كان ونونة‪ ،‬فهذه وجوه حمتملة تفريعاً ملى القول إبثبا‬
‫جواهر قدنية مربأة من اجلسمية‪ .‬والقول ابألرواح الطاهرة واخلبيثة كالم مشهور مند‬
‫قدماء الفالنفة فليس هلم أن ينكروا إثباهتا ملى صاحب شريعتنا دمحم اهـ ‪ .‬من‬
‫الراهزي أقول قد ورد يف السرية النبوية لإلمام أيب دمحم مبد امللك هن هشام املعافري‬
‫احلمريي البصري األصل املتوىف مبصر ننة ‪ 249‬من أنس هن مالك قال‪ :‬مسع‬
‫أصحاب رنول هللا من جوف الليل وهو يقول اي أهل القليب اي متبة هن رهيعة واي‬
‫شيبة هن رهيعة واي أمية هن خلف واي أاب جهل هن هشام‪ ،‬فعدد من كان منهم يف‬
‫القليب‪ ،‬هل وجدمت ما ومد رهكم حقاً؟ فإين قد وجد ما ومدين ريب حقاً‪ ،‬فقال‬
‫املسلمون اي رنول هللا أتنادس قوماً قد جيفوا ‪ 4‬قال ما أنتم أبمسع ملا أقول منهم‬
‫ولكنهم ال يستطيعون أن جييبوا‪.‬‬
‫قال إهن إنحق وقال حسان هن اثهت هنع هللا يضر من قصيدت اليت أوهلا‪:‬‬
‫مـرفـت ديـار هزيـنـب ابلـكـثيب‬
‫كـخط الوحي فـي الـورق القشيـب‬

‫‪ 4‬جيفوا صاروا جيفا‬


‫إيل أن قال‪:‬‬
‫فـأوردنـا أهـا جـهـل قـتـيـالً‬
‫‪4‬‬
‫ومـتبـة قـد تـركنـا ابلـجبـوب‬
‫وشـيـبـة قـد تركنـا فـي رجـال‬
‫ذوي حسـب إذا نـسبـوا حـسيـب‬
‫يـنـاديـهـم رنـول هللا لـمـا‬
‫قـذفنـاهـم كبـاكب فـي القليـب‬
‫ألـم تـجدوا كالمـي كـان حـقـا‬
‫وأمـر هللا يـأخـذ هـالقـلـوب‬
‫فمـا نـطقـوا ولـو نطقـوا لقالـوا‬
‫صـدقـت وكـنـت ذا رأي مصيـب‬

‫مث قلت ‪ :‬أما كفاك هذا هرهاانً ملى وجود الروح هعد املو ؟ فهاك القرآن قد نص‬
‫مليها والسنة النبوية مزهزهتا وأيدهتا‪ ،‬ونداء النيب ألهل القليب قواها‪ ،‬وفكر النفوس‬
‫الشرقية والغرهية قد أشرهتا‪ .‬وكل احلكماء واألذكياء أهرهزهتا وصدقتها‪ ،‬فهل هعد هذا‬
‫مقال لقائل أو شك لعاقل‪ .‬فقال أما ما ذكر من اآلاي القرآنية واألحاديث النبوية‬
‫ونداء صاحب الشريعة ألهل القليب‪ ،‬وقول هلم هل وجدمت ما ومد رهكم حقاً فلسنا‬
‫هصدد الكالم في ‪ ،‬وإمنا أردان أن نصل للحقائق أبدلة مقلية تطاهق النقلية ودالئل‬
‫معقوال تؤيد املنقوال ‪ ،‬فأما ما ذكر من الراهزي من رؤي اآلابء ألهنائهم واألهناء‬
‫آلابئهم فذلك ال يقوم حجة وما لنا ولألحالم والرؤي‪.‬‬

‫‪ 4‬اجلبوب ‪ :‬األرض‬
‫قال كعب هن هزهري ‪" :‬إن األماين واألحالم تضليل"‪.‬‬
‫نعم إن هزايرة القبور من أهل املشارق واملغارب رمبا دلت ملى الفكر اإلنسانية‪،‬‬
‫وإهنا شاهدة هبقاء أرواح األحباب هعد املو والفطرة ذا قدم صدق وقول فصل يف‬
‫كثري من قضااي العامل‪ .‬ألننا نرى األمها من األنعام والوحش واألنس أمجعن ملى‬
‫أرضاع الولد‪ ،‬وأن الزواج والتنانل ننة جبلية يف كل حي‪ ،‬وذلك شأن الفطرة‪ ،‬فرمبا‬
‫كان هذا الدليل ذا شأن يف قضيتنا ولكن ضعيف القوة قليل اجلدوى ال حيكم يف‬
‫القضية وحده‪ .‬أيها األنتاذ إننا يف هزمن ضلت في الفكر‪ ،‬وحار العقول‪ ،‬وابر‬
‫امللل‪ ،‬واختلت النحل‪ ،‬وأصبح الناس يؤمنون أبدايهنم ويف قلوهبم مرض من شك‪،‬‬
‫والشك ال يدخل إال أفئدة ارتقت من طائفة العامة‪ ،‬فال تطيق البقاء ملى التقليد وال‬
‫جرم أن الشك يؤدي إيل خلع العذار وضياع األماان وذهاب الفضائل واحلكم‬
‫ابلدنية والظلم يف القضية خراب الذمم أال وأن الناس ثالثة أقسام‪ :‬مامة مقلدون‪،‬‬
‫وأذكياء مغرورون‪ ،‬وحكماء حمققون‪ ،‬وأان لست من العامة فأقف ملى التقليد‪ ،‬وال من‬
‫اخلاصة فأانل اليقني ولكين شاب أحبث يف كل أمر هعقلي‪ ،‬ولقد نننت أنت هذه‬
‫السنة‪.‬‬
‫فـال تـبتئس مـن ننـة أنـت رهـهـا‬
‫فـأول راض نـنـة مـن يسـنهـا‬
‫أال تذكر أنك يف التاج املرصع أثبت ما خاجلك من الشك يف قضية الرهوهية‪،‬‬
‫أفليس يل أأنجد وأحبث حىت أيتيين اليقني هعامل األرواح كما أاتك اليقني يف العنامل‬
‫اإلهلي‪ ،‬أال وأن السميعا يف الدين يؤمن هبا الناس وقلوهبم تود لو وقفوا ملى احلقائق‬
‫فاهزدادوا يقيناً‪ ،‬ووهللا لو أن الناس آمنوا حق اإلميان وأيقنوا ابآلخرة حق اإليقان ما‬
‫انتكربوا يف األرض إنتكباراً وال طغوا طغياانً وال آذي العظيم احلقري وال أخفيت‬
‫األماان وال أهيحت احملرما وال جار احلكام وال طمع الناس وشرهوا ألصبح الناس‬
‫إخواانً ملى نرر متقاهلني‪ ،‬ولكن الشك يف اآلخرة هو الذي أورث الذهذهة يف‬
‫األممال والتخبط يف األخالق والضالل والوابل‪ ،‬ولو أن طبيباً قال للناس هذا نم‬
‫فال تعاطوه لنبذوه ظهرايً ولرتكوه أهدايً ألهنم ه موقنون‪ ،‬فلو أيقنوا هعذاب النفس هعد‬
‫املو وإحراق جهنم يف اآلخرة إيقاهنم هقول الطبيب لتحاموا الذنوب حتامى تلك‬
‫العقاقري السامة ولصلحت نفونهم وطاهت أمماهلم‪ .‬إن الناس يف الدنيا يسرتون كثرياً‬
‫من الشكوك فال ينطقون هبا ظناً أن هللا يعاقبهم إذا نطقوا وال يؤاخذهم إذا صمتوا‪،‬‬
‫وحتاشياً أن يظن الناس هبم السوء فيقول أمداؤهم أهنم ضالون مارقون من الدين تشفياً‬
‫وانتقاماً ليتناقلها األمداء واحلساد ويشيعوها مشاتة‪ ،‬وأكثر الناس نوانية يف أن اجلرح‬
‫رم ملى فساد‪ ،‬ومن الناس من ال يؤمنون ابآلخرة ترفعاً مما آمن ه العامة متيزاً منهم‬
‫وتكرباً‪ ،‬حىت أين رأيت قوماً هلم إملام هعلم األرواح وقد قرأوا طرقاً من ملم األوروهيني‬
‫وتناولوا أمماهلم‪ ،‬ولكنهم إذا قاهلوا الشبان قالوا حنن ال نؤمن هذلك ألن هذه أناطري‬
‫األولني ليبينوا للناس أهنم ملى حق والناس مبطلون‪ .‬حىت يقول الشبان أن هؤالء‬
‫فالنفة حمققون ولوال أهنم كذلك ما نطقوا هبذا وال أظهروا الكفر وال حتملوا تبعة ذلك‬
‫اإلنكار‪.‬‬
‫فإذا كانت هذه حالنا حىت أصبح هعض الذين هلم إملام هعامل األرواح ينكروهنا‬
‫ترفعاً‪ ،‬فإن املسألة قد أصبحت ذا أمهية مظمى فليكن الربهان جلياً كالعيان وإال‬
‫فماذا يريدون؟‬
‫فقلت ولدي شري دمحم‪:‬‬
‫أما ذكر من حبهم للتميز من العامة فذلك خرق ومحق وجهل‪ ،‬وإال فالعامة‬
‫أيكلون ويشرهون ويلبسون ويتزوجون ويلدون وحيبون الولد ويعملون اخلري والشر‬
‫ويشبون ويشيبون وهلم أمضاء ومسع وهصر وشم وذوق وملس ونائر األمضاء‪ ،‬فكان‬
‫األج در هبم إذا أرادوا التمييز منهم أن يدموا الطعام فال أيكلوا واللباس فال يلبسوا‬
‫والشراب فال يتعاطوه وال يتزوجون ال يلدون‪ ..‬اخل‪ .‬فقال قد متيزوا يف أنواع الطعام‬
‫والشراب واللباس وغريها ابلتأنق والتحسني متييزاً هلم من العامة‪ ،‬قلت ‪ :‬أفلم يكن‬
‫األجدر هبم واألحرى هلم أن ميتاهزوا يف االمتقاد يف اآلخرة ابلبحث والتنقيب واهزدايد‬
‫الدليل وواثقت ورجاحت وصدق وتبيان لو كانوا يعقلون‪ ،‬أما ما أرد من أدلة أملى‬
‫وهراهني أقوى فانتمع ملا ألقى مليك أوالً‪ :‬قال العالمة هزين الدين دمحم املدمو مبد‬
‫الرءوف اتج العارفني هن هزين العاهدين اجلداوي القاهري املعروف ابملناوي املولود ننة‬
‫‪ 712‬املتوىف ابلقاهرة صبح يوم اخلميس الثالث والعشرين من صفر اخلريهسنة ‪4894‬‬
‫ملى قصيدة النفس الهن نينا صفحة ‪ 92‬انقالً من الغزايل ما أييت‪:‬‬
‫والعامل من حمرك الفلك التانع من الصفحة اليت تلي جهة فوق إىل اليت تلي جهة‬
‫أقدامنا مملوء جنوداً ومالئكة ( وما يعلم جنود رهك إال هو)‪ ،‬إىل أن قال وال ينبغي أن‬
‫ينكر منكر ذلك وقد شهد شعاع الشمس وروحانيت وهساطت حىت أن قرصها يكون‬
‫ابلغرب وشعامها ابلشرق فما هو إال أن يغيب خلف جبل فينقطع الشعاع الذي‬
‫ابملشرق هال هزمان‪ ،‬فلو كان جسماً ما إنقطع يف مدة ينني‪ ،‬وإذا أخذ مرآة‬
‫ومكست هبا ‪ 4‬الشعاع ابإلضافة إيل جوهر النفس كثيف‪ ،‬فليس يف العامل موضع إال‬
‫وهو مغمور مبا ال يعلم إال هللا‪ ،‬ولذلك أمر الشارع ابلسرت يف اخللوة ومند اجلماع‬
‫والعامل مشحون ابألرواح اهـ‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬قال املناوي نفس يف الكتاب املذكور نقالً من الغزايل رمح هللا صفحة ‪98‬‬
‫ما ملخص أن قال ‪ :‬قد ظهر ابملشاهدة ظهوراً أوضح من العيان أن أصناف مذاب‬

‫‪ 4‬هذا حبسب ما وصل إل العلم يف هزماهنم ولكن الضوء نريه يف هزمان كما تقدم ول مسافا يقطعها يف كل‬
‫اثنية وشهر وننة كما تقدم اهـ‪ .‬مؤلف‪.‬‬
‫القرب ثالثة أقسام‪ :‬فرقة املشتهيا ‪ ،‬وخوي خجل الفاضحا ‪ ،‬وحسرة فوق‬
‫احملبواب ‪.‬‬
‫وهذه أنواع روحانية تتعاقب ملى امليت إىل أن ينتهي إىل النار اجلسمانية‪ ،‬ففرقة‬
‫املشت هيا وهو أوهلا صورت املستعارة من مامل احلس والتخيل التنني الذي وصف‬
‫الشرع ومدد رؤون وهي هقدر الشهوا ورذائل الصفا إىل أن قال‪ :‬والثاين خزي‬
‫خجل الفاضحا ‪ ،‬فإذا تطاول الزمن هعد املو وقد احرتق الفؤاد هفراق ما تشتهي‬
‫النفس من األهل واألحباب واملال ختبو انر ذلك الفراق هطول الزمن فتبدو إذ ذاك‬
‫انر اخلزي يف القلب مبا إرتكبت من الذنوب واآلاثم ويرى نفس يف خزي وفضيحة‬
‫أمام خالق والعقالء‪ ،‬فإذا طال الزمن ألف الفضيحة‪.‬‬
‫مث تظهر آخر األمر انر حسرة فو احملبواب من األممال العظيمة والعلوم‬
‫اليقينية اليت يرى غريه هبا إرتقي‪ ،‬وذلك آخر ما يلقى من العذاب قبل ما يلج النار يف‬
‫اآلخرة‪.‬‬
‫هذا ملخص ما ذكره املناوي نقالً من الغزايل صفحة ‪ 98‬و ‪ 94‬ومما قال فيها‬
‫ابحلرف‪:‬‬
‫وال تظن أن هللا يغضب مليك إنتقاماً مث ختدع نفسك هرجاء العفو فتقول مل‬
‫يعذهين ومل تضره معصييت‪ ،‬إذ يلزم العذاب من املعصية كما يلزم املو من السم‪،‬‬
‫وهذه احلسرة دائمة ال تزول أهداً ا هـ‪ .‬املقصود من ابحلرف الواحد‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬قال يف إخوان الصفا اجلزء الثالث صحفة ‪:912‬‬
‫واملم أن النفوس املتجسدة اخلرية مالئكة ابلقوة‪ ،‬فإذا فارقت أجسادها كانت‬
‫مالئكة ابلفعل‪ ،‬كذلك النفوس املتجسدة الشريرة هي شياطني ابلقوة فإذا فارقت‬
‫أجسادها كانت شياطني ابلفعل‪ ،‬هلذه النفوس الشيطانية ابلفعل تونوس للنفوس‬
‫الشيطانية ابلقوة لتخرجها إىل الفعل كما قال تعاىل‪{ :‬شياطني اإلنس واجلن يوحي‬
‫هعضهم ملى هعض هزخرف القول غروراً}‪ ،‬فشياطني اإلنس هي النفوس املتجسدة‬
‫الشريرة أنت ابألجساد‪ ،‬وشياطنب اجلن هي النفوس الشريرة املفارقة لألجسام احملتجبة‬
‫من األهصار‪ .‬وقال قبل ذلك ما ملخص ‪ :‬إن هذه النفوس الشريرة ملا فارقت اجلسد‬
‫وكانت معلقة ابلدنيا ونلبت احلواس وآال اللذا حزنت ومتنت لو رجعت للذا‬
‫كرة أخري‪ ،‬فحينئذ تصبح النفس كأهنا ال حية وال ميتة كما قال تعاىل‪{ :‬ال ميو‬
‫فيها وال حييا}‪ ،‬وتقول {اي ليبتنا نرد فنعمل غري الذي كنا نعمل‪ ،‬اي ليتين كنت تراابً‪.‬‬
‫هل لنا من شفعاء لنا} وقال تعاىل {ولو ردوا لعادوا ملا هنوا من واهنم لكاذهون} ملا‬
‫ركب فيهم من األخالق الشائنة‪ ،‬وتبقى تلك النفوس متعلقة أبهناء جنسها املتجسدة‬
‫تونوس هلم‪ ،‬وهكذا شأن الغافلني ا هـ‪ .‬ملخصاً من إخوان الصفا‪.‬‬
‫قال شري دمحم ملا مسع هذا القول‪ :‬ما أحسن ما مسعت لوال شبهة مرضت يل وشك‬
‫حريىن‪ .‬إن ما قال الغزايل وما ذكره إخوان الصفا يتفق وال خيتلف إال يف أن إخوان‬
‫الصفا جيعلون أرواحنا هعد املو شياطني اترة ومالئكة أخرى ملى مقتضى اخلري‬
‫والشر‪ ،‬فأما الغزايل فلم يصرح هبذا هل اكتفى هعقاهبا ملى ما جنت ابخليبة واحلسرة‬
‫وفوا احملبوب‪ ،‬وما أشب كالم إخوان الصفا مبا مر من الفخر الراهزي يف جمالسنا‪،‬‬
‫فقد تقدم أن نقل من هعضهم أن أرواح الناس هعد املو شياطني ومالئكة ول جرم‬
‫أن هذا يوقعنا يف شك مريب‪ .‬وكيف يتفق ذلك مع اإلميان ابملالئكة كإنرافيل‬
‫وجربيل وميكائيل واجلن والشياطني إن هذا لعجب مجاب‪ ،‬وكأن العلماء كلما‬
‫ارتقت آراؤهم خالفت آراء اجلمهور‪ ،‬وكيف يتسىن للناس أتبامهم وهم خمالفون نص‬
‫الدين؟‬
‫فقلت اي شري دمحم‪ :‬إملم أن هؤالء العلماء مل يذكروا ذلك ختصيصاً للمالئكة‬
‫والشياطني أبرواحنا‪ ،‬وإمنا هو يريدون أن أرواح األهرار تلتحق ابملالئكة وأرواح األشرار‬
‫تلتحق ابلشياطني‪ ،‬فأما إنكارهم للمالئكة والشياطني املخلوقني خلقاً أولياً من هللا هال‬
‫أجسام نراها فهذا مل يقل ه أحد منهم وال قرأت يف كتاب‪ ،‬وإمنا الذي هالك تعبري‬
‫الراهزي وإخوان الصفا هلفظ مالئكة وشيطني‪ ،‬فال يهولنك اللفظ وقف ملى املعىن‬
‫جتده نهالً مجيالً‪ ،‬أي أن األهرار منا مع املالئكة واألشرار مع الشياطني {ولكل‬
‫وجهة هو موليها}‪ ،‬وما منا إال ول مقام معلوم‪ ،‬ومن ذا الذي جيرؤ ملى هللا فيحكم‬
‫ملي أن مل خيلق خلقاً إال يف أرضنا‪ ،‬فال ملك وال جن وال إنس إال منها‪ ،‬فهل يعمي‬
‫هذا القائل من الشموس اليت ال هناية لعددها وقد هلغت مخسمائة ألف ألف مشس‪،‬‬
‫لكل منها نيارا وتواهع‪ ،‬فما تلك املخلوقا وما أمدادها أي شيء أرضنا ابلنسبة‬
‫ملا ال مدد ل من الشموس وتواهعها وخملوقاهتا {إن رهك هو اخلالق العليم} فكم يف‬
‫تلك األقطار من العوامل اليت جنهلها من املالئكة وغريهم {وما يعلم جنود رهك إال هو‬
‫وما هي إال ذكرى للبشر}‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬اي نيدي أان أملم هذا وأوقن ه ‪ ،‬ولكنين نألتك خيفة أن يقف‬
‫ملى هذه احملادثة من يف قلب مرض أو ملى ميني غشاوة احلسد والبغضاء فيؤول‬
‫كالمهم أو ينسب إليك هزوراً وهبتاانً‪ ،‬فلما أوضحت هزال الوهم‪ .‬فقلت أحسنت‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬مندي نؤال آخر هام ال طاقة يل ملى كتم وال مندوحة يل من‬
‫فهم ‪ ،‬وذلك أين قرأ أحاديث كثرية يف أمر مذاب القرب ونعيم وأهنا أمور جسيمة‬
‫ال معنوية وكيف يقنع املسلمون هقولك هذا‪ ،‬وكأين مبن يسمع كالمك يقول هذا‬
‫كالم فالنفة خارج من الدين وما تقول يف قول "املؤمن يف قربه يف روضة خضراء‬
‫ويرحب ل يف قربه نبعون ذراماً ويضي ء حىت يكون كالقمر ليلة البدر هل تدرون‬
‫فيماذا أنزل (فإن ل معيشة ضنكا) قالوا هللا ورنول أملم قال مذاب الكافر يف قربه‬
‫يسلط ملي تسعة وتسعون تنيناً هل تدرون ما التنني؟ تسع وتسعون حية لكل حية‬
‫تسعة رؤوس خيدشون ويلحسون وينفخون يف جسم إىل يوم يبعثون"‪.‬‬
‫قلت اي شري دمحم‪ :‬إن لنا يف اجلواب ملي وجوهاً ثالثة ذكرها اإلمام الغزايل‪ ،‬فلنسر‬
‫ملى منهج ولننسج ملى منوال ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬إننا نبقى احليا والعقارب والتنانني ملى حاهلا هال أتويل ونسلم أهنا‬
‫موجودة وجوداً غري ما نعهده‪ ،‬ولنا يف ذلك نظائر‪ ،‬أمل تر أن النيب كان ينزل ملي‬
‫جربيل والناس ال يرون وهم ه مصدقون ملا رأوا من اآلاثر والعلم واحلكمة‪ ،‬وقد أمجع‬
‫رجال الكشف من املسلمني أهنم يشاهدون صوراً ويعرفون أموراً جيهلها نواهم‪ ،‬وأنت‬
‫تعلم أن الونطاء املنومني ابلفتح يشاهدون صوراً وأشباحاً وخيربون أبمور والناس‬
‫حوهلم ال يدركون منها شيئاً‪ ،‬أفليس امليت أوفر حرية وأكثر إنطالقاً؟ فإذا مل يسعك‬
‫أن تتصور هذا وشق مليك فانتمع ملا ألقي إليك يف‪..‬‬
‫الوجه الثاين‪ :‬ذلك أننا نعرت حبال النائم فإننا نرى انئمني يف فراش واحد وقد قام‬
‫أحدمها مذموراً كئيباً وجالً خائفاً مما شاهد وقت نوم ‪ .‬وقال الثاين قد كن يف حديقة‬
‫غناء مع من أحب وهو مستبشر فرح مما القى من املسرا والنعيم‪ ،‬فلنتأمل امليت‬
‫الذي صار أكثر حرية وأحد نظراً من النائم فتكون احلية والتنني والعقرب موجودة‬
‫ابلنسبة ل واحلاضرون ال يعلمون‪ ،‬فإذا مسر مليك هذا وأهيت أن تقبل فانتمع ملا‬
‫أقول يف‪..‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أبن نقول إن احليا ليست مؤذية هذاهتا وأن املؤذي هو السم‬
‫الذي تنفث من انهبا فيدور مع الدم فيكون األمل الشديد‪ ،‬هل نفس السم ليس مبؤذ‪،‬‬
‫أال ترى إىل ما حققت األطباء أن نم احلية إن شرب وال جرح يف الفم وال يف جمرى‬
‫الطعام إىل املعدة صار غذاء ال داء قاتالً‪ ،‬وإمنا يؤذي ويضر اجلسم إذا دار مع الدم‬
‫يف العروق والشرايني فهنالك األذي‪ ،‬فاحلية ليست مبؤذية وال السم وإمنا هو األثر‬
‫الناجم من السم امللفوظ من احلية‪ ،‬فكانت النتيجة أن اللذا واآلالم كيفيا قد‬
‫تصل إيل احلس هطريق األمصاب واملدار ملى األثر ال املؤثر‪ .‬واآلالم قسمان‪ :‬قسم‬
‫جسمي وقسم روحي‪ ،‬فاجلسمي إما من داخل وإما من خارج‪ ،‬والذي من اخلارج ما‬
‫من احلواس اخلمس‪ ،‬كالصو الكري يف السمع‪ ،‬واملنظر البشع واحملزن أو املخيف يف‬
‫البصر‪ ،‬والرائحة الكريهة يف الشم‪ ،‬واملر يف الذوق‪ .‬والذي من داخل هي األمراض‬
‫وهي ترجع إىل إحنراف املزاج من امتدال الطبائع األرهع وهي الصفراء والسوداء والدم‬
‫والبلغم‪ ،‬ومن هذه تنشأ نائر األمراض املتكاثرة‪.‬‬
‫أما القسم الروحي‪ :‬فهو راجع إىل الغضب والشهوة واجلهل ومدم العدل‪ ،‬ولقد‬
‫تفرع ملى هذه فروع كثرية كتفرع رؤوس احليا ومدد التنانني واحليا ‪ ،‬فإذا مل يتزن‬
‫الغضب ابلشجامة واحللم ومل حتفظ الشهوة ابلعفة‪ ،‬لوم يوصف العقل ابحلكمة‪ ،‬ومل‬
‫يكن امتدال هني هذه القوى ‪ :‬كانت اآلالم النفسية املوجعة اليت تبقى يف النفس هعد‬
‫املو ‪ ،‬وهذا إحنراف يف املزاج‪ ،‬فإذا غلب الدم حجثت األمراض النامجة من ‪ ،‬كما أن‬
‫الغضب يف األخالق حيدث من أمثال األحقاد والضغائن‪ ،‬وإذا غلبت الشهوة‬
‫حدثت أمور كالعشق املنحرف من اجلادة‪ ،‬ومىت فارق احملب ما أحب جزع‪ ،‬وهناك‬
‫مواهزنة ما هني اآلالم اجلسمية هقسميها وما هني اآلالم النفسية‪ .‬ولنضرب لك مثالً‬
‫يوضح املقام فنقول لنتخذ حانة اللمس مثالً فإن اآلالم الواصلة ملى اجلسم منها‬
‫تكون ابلضرب أو ابجلرح مثالً‪ ،‬ونقاهلها ابآلالم الروحية لفقد احملبوب من مال‬
‫ومقار‪.‬‬
‫فلو أن رجالً قيل ل أمطين مقارك وضيامك وضرب ضرابً موجعاً فإن ال يرتك ما‬
‫ملك وال يدع ما أحب ملا حيس من األمل الناجم من فراق احملبوب وهو ما ميلك وهو‬
‫أشد من األمل الناجم من الضرب املؤمل‪ .‬هطريق اللمس‪ ،‬إال أن ال يزال يواهزن هني األملني‬
‫ويتحمل األمرين ويرضى لتمزيق جلده‪ ،‬حىت إذا أصبح أمل اجلسم ال يطاق وكاد‬
‫تلتف الساق ابلساق‪ ،‬هنالك يرى األمل الناجم من الضرب اجلسمي أقوى من أمل فراق‬
‫احملبوب فيرتك ملى قامدة (إذا اجتمعت ملتان يتبع األخف)‪.‬‬
‫قال اإلمام الغزايل‪ :‬والصفا املهلكا تنقلب مؤذاي ‪ ،‬ومؤملا يف النفس مند‬
‫املو فتكون آالمها كآالم لدغ احليا من غري وجود حيا ‪ ،‬وانقالب الصفة مؤذايً‬
‫يضاهي إنقالب العشق مؤذايً مند مو املعشوق‪ ،‬فإن كان لذيذاً فطرأ ملي حال‬
‫صار اللذيذ هنفس مؤملاً‪ ،‬حىت يرد ابلقلب من أنواع العذاب ما يتمىن مع إن مل يكن‬
‫قد تنعم ابلعشق والوصال‪ ،‬هل هذا هعين أحد أنواع مذاب امليت‪ ،‬فإن قد نلط‬
‫العشق يف الدنيا ملى نفس فصار يعشق مال ومقاره وجهل وولده وأقاره ومعارف ‪،‬‬
‫ولو أخذ من مجيع ذلك يف حيات من ال يريد إنرتجام ‪ ،‬فماذا ترى يكون حال ؟‬
‫أليس يعظم شقاؤه ويشتد مذاه ويقول اي ليتين مل يكن يل مال قط وال جاه فكنت ال‬
‫أأتذى هفراق ‪ ،‬فاملو مبارة من مفارقة احملبواب الدنيوية كلها دفعة واحدة‪.‬‬
‫مـا حـال مـن كـان لـ واحـد‬
‫غـيـب مـنـ ذلـك الـواحـد‬
‫فما حال من ال يفرح إال ابلدنيا فتؤخذ من وتسلم إىل أمدائ ‪ ،‬مث يضاف إىل‬
‫ذلك احلسرة ملى ما فات من نعيم اآلخرة اهـ‪ .‬املقصود من ‪.‬‬
‫قال شري دمحم ‪ :‬اي نيدي قرأ يف كتاهك (مجال العامل – صفحة ‪ )419‬ما نص ‪:‬‬
‫حنن نعلم اليقني أن اإلهليا يف أورواب ترقث كما ترقث نائر العلوم فيدرنون درناً‬
‫مدققاً‪ ،‬وها هو ذا فن األرواح اجملردة من املادة كان قدمياً جزءاً من ملم اإلهليا‬
‫فأصبح اآلن مستقالً وأتوا في ابلعجب العجاب ويتبع حنو مشرين مليوانً من‬
‫العلماء‪ ،‬وأخذ تضرب األمثال من جهل الناس يف التقليد فإهنم يقلدون الفرجنة يف‬
‫العلم ما مدا اإلهلي فإذا ما وصلوا غلي كذهوا‪ ،‬فإذا نئلوا قالوا أهنم ملماء جبميع‬
‫العلوم يف مقال لك واف هناك‪ ،‬حىت أنك شبهتهم وهم يسألون معلم اللغة األجنبية‬
‫يف معرفة هللا وقد تركوا ملماء األرواح يف أورواب مبن يسأل الفالح يف حقل من تدهري‬
‫امللك‪ .‬فكأنك اي نيدي هبذا أتمران أن نقر ملم األرواح الذي أذام األوروهيون؟‬
‫فقلت ل نعم‪ ،‬فإين أيقنت أن أولئك الشاكني يقولون حنن نتبع يف الشك ملماء‬
‫أورواب‪ ،‬فإذا ما حقق األمريكيون‪ ،‬والفرنسيون‪ ،‬واألملان‪ ،‬والبلجيكيون‪ ،‬واإلنبانيون‪،‬‬
‫واإليطاليون‪ ،‬والسويديون‪ ،‬والسويسريون‪ ،‬والرونيون‪ ،‬وأن هعض ملماء هذه األمم‬
‫كلها كانوا ماديني فأصبحوا هعد التحقيق موقنني ابحلياة هعد املو وأيقنوا هعامل‬
‫األرواح {فإهنم خيرون لألذقان نجدا ويقولون نبحان رهنا إن كان ومد رهنا‬
‫ملفعوال}‪.‬‬
‫ولقد اطلعت ملى كتاب ي هذا الفن يسمى املذهب الروحاين‪ ،‬وقرأ ما دون‬
‫ملماء تلك األمم‪ ،‬فدهشت ومجبت كل العجب أن يتصل ملم األرواح هني هؤالء‬
‫القوم مع تبامد دايرهم وتنائى أوطاهنم واختالف جتارهبم ابلدين اإلنالمي وآراء‬
‫ملمائ مجلة وتفصيالً‪ ،‬وكيف حتل مشكال القرآن هبذا العلم احلديث؟ وكيف‬
‫يصبح ما كنا نؤمن ه هطريق السمع معروفاً ابحس‪ ،‬فالعذاب والنعيم وهقاء األرواح‬
‫واجملاهزاة ملى األممال‪ .‬كل هذا مسعي أنخذه ابلتسليم من صاحب الشرع‪ ،‬فأصبح‬
‫اليوم معروفاً‪ ،‬مند ملماء من هذه األمم كلها‪ ،‬أليس هذا هعجيب؟ أصبحت تنطق‬
‫األموا ملى ألسنة أولئك الذين اتسعد فطرهم لذلك هعذاهبم ونعيمهم ويعملون‬
‫أمماالً مدهشة وأيتون ابألشياء البعيدة وخيربون أبخبار تصدق وتكذب حسب‬
‫مراتب األرواح إذ هي تبقى هعد املو ملى أخالقها وماداهتا‪ ،‬وهعضها يتخلق مبا‬
‫ميسع من نصح الناصحني لبعض الناس‪ ،‬وهكذا مما نرتى من العجائب والغرائب‬
‫ملى أيدي آالف من البشر‪ ،‬وذلك موافق للقرآن كل املوافقة‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬لقد أمسعتين مجباً فهل لك أن تسمعين طرفاً مما ذكرت حىت يكون‬
‫يل في مقنع ولكل من قرأ الكتاب‪ ،‬فقلت نأقص مليك من الكتاب املذكور ما في‬
‫مقتنع يف اجمللس الراهع إن شاء هللا تعاىل‪.‬‬
‫اجمللس الرابع‬
‫يف الروح اليت أخربت مبوهتا وزمنه‬
‫ويف قلة علم النوع اإلنساين‬
‫ومقارانت شىت بني أقوال األرواح‬
‫وبني القرآن واحلديث الشريف‬

‫فلما جاء الشيخ شري دمحم‪ ،‬والتأم اجمللس‪ ،‬شرع يطالبين مبا ومدت يف اجمللس‬
‫الساهق‪ .‬فقل حباً وكرامة‪...‬‬
‫أما القصة األوىل فهي ما قال يف الكتاب املذكور يف صفحة ‪ 19‬ما نص ابحلرف‬
‫الواحد‪ :‬روى املعلم جاردي نقالً من إحدى اجلرائد الروحانية األملانية احلادث اآليت‪:‬‬
‫يف اليوم الثالث من شهر آب ننة ‪ 4992‬قعد ثالثة أشخاص من مدينة ح حول‬
‫طاولة ملكاملتها‪ ،‬فلما انتقر هبم احلال أخذ املائدة تتحرك إشارة إىل رغبتها يف‬
‫التكلم‪ ،‬فدار هينهم احلديث اآليت‪:‬‬
‫ج‪ :‬خياط مقتول‪.‬‬ ‫س‪ :‬من الطارق؟‬
‫ج‪ :‬مر ملى قطار فدانين‪.‬‬ ‫س‪ :‬كيف قتلت؟‬
‫ج‪ :‬منذ ثالث ننني‪.‬‬ ‫س‪ :‬مىت كان ذلك؟‬
‫ج‪ :‬يف أونرتابرمن‪.‬‬ ‫س‪ :‬وأين مت ذلك؟‬
‫ج‪ :‬يف ‪ 27‬آب ننة ‪.4997‬‬ ‫س‪ :‬أي يوم؟‬
‫ج‪ :‬نيجوار ليكوهيسك‪.‬‬ ‫س‪ :‬ما إمسك؟‬
‫ج‪ :‬يف ابرمن‪.‬‬ ‫س‪ :‬أين كان مقرك؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل والداك ملى قيد احلياة؟‬
‫ج‪ :‬كنت أجري صانع‪.‬‬ ‫س‪ :‬أنت معلماً أم صانعاً؟‬
‫ج‪ :‬نعم كثرياً‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل أنت نعيد؟‬
‫ج‪ :‬يف الساهعة مشرة من ممىي‪.‬‬ ‫س‪ :‬يف أي نن قتلت؟‬
‫ج‪ :‬كال‪.‬‬ ‫س‪ :‬هل تستحسن أن تبلغ‬
‫ذلك لوالديك؟‬
‫ج‪ :‬ألهنما ال يعتقدان احلياة هعد املو ‪.‬‬ ‫س‪ :‬ملاذا؟‬
‫ج‪:‬ال ينوهكم من ذلك إال السخرية‪.‬‬ ‫س‪:‬رمبا هذا يقنعهما؟‬
‫ج‪ :‬كنت ذاهباً لزايرة أنسباء يل يف‬ ‫س‪ :‬كيف مت حادث قتلك؟‬
‫ملي‬
‫أونرتابرمن وإذ كنت ماشياً يف طريق مل أملح لضعف هصري قدوم القطار فمر ّ‬
‫ودانين‪.‬‬
‫ج‪ :‬ال أنتطيع وصف ذلك‪.‬‬ ‫س‪ :‬مباذا تشتغل اآلن؟‬
‫فعجب احلضور من هذه الرواية وقصدوا أن يتحققوا صحتها فكتب أحدهم يف‬
‫اليوم الثاين إىل مديرية ابرمن ليستقصي اخلري‪ ،‬فورد إلي اجلواب من رئيس الشحنة يف‬
‫‪ 49‬آب ننة ‪ 4992‬وهاك نص ‪ :‬إجاهة لطلبكم رقم ‪ 9‬اجلاري أتشرف إبمالمكم‬
‫أ ننا ملى أثر مطالعتنا نجال املديرية وجدان أن الصانع اخلياط املدمو نيجوار‬
‫ليكوهيسك ول من العمر نبعة مشرة ننة هينما كان ماراً يف طريق أونرت ابرمن ليلة‬
‫‪ 27‬آب ننة ‪ 4997‬السامة ‪ 44‬والدقيقة ‪ 41‬مر من فوق قطار السكة احلديدية‬
‫فقتل ‪ ،‬ونسبت قضيت إىل جتول القتيل جهالً من يف طريق القطار‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬ما أحسن هذا املقال الذي أدهشين‪ ،‬ولكن أيسمح يل أنتاذي أن أقول ل‬
‫كيف نثق أبقوال هؤالء األملانيني وهل هم حجة مندان؟‬
‫نعم‪ .‬أان موقن أنك قرأ حوادث كثرية‪ ،‬وأن القوم مقتنعون مبا رأوا من تلك‬
‫األقوال‪ .‬فقلت‪ :‬اي شري دمحم قد فهمت ما ترمي إلي ‪ ،‬وأان أملم ملماً ليس ابلظن أن‬
‫هذا السؤال أوردت من رأي العامة ال يعن رأي أنت لتنزيل شكوك العامة‪ ،‬وإال‬
‫فمثلك يعلم ملم اليقني أن نائر العلوم املدونة من مساوية وأرضية يقرؤها القوم وحنن‬
‫معهم وأهل كل فن صادقون‪ ،‬وال جرم أنك تعلم أن نائر الناس مل يكونوا يلعلموا أن‬
‫هناك خملوقا صغرية (ميكرواب ) حتدث يف أجسامنا احلمى واجلدري وأمراض‬
‫الوابء‪ ،‬حىت أن آالفاً مؤلفة من تلك املخلوقا احلية تؤلف مجامة مظيمة وتتعاون‬
‫ملى إتالف أجسامنا ومتزيق أحشائنا وهعثنا من مامل األجسام إىل مامل األرواح‪،‬‬
‫فأصبح هفضل ملماء أورواب اإلميان هبذه احليواان الذرية اليت ال تراها العني يقيناً ال‬
‫يشك في أحد‪ ،‬وقد آمن هبا الصعاليك واجلهالء والعلماء‪ .‬فهكذا هم الذين خاطبوا‬
‫األرواح هتلك النفوس العصيبة واألمزجة املستعدة للتخاطب مع العامل اللطيف الذي مل‬
‫نقرأ من إال يف الكتب الدينية‪ ،‬فهل نصدقهم يف احليواان الذرية املسماة‬
‫(ابمليكرواب ) ونكذهبم يف حياة األرواح؟‬
‫ولعلك تذكر أن نبينا دمحماً وقف ملى قليب هدر واندى‪ :‬اي أاب جهل اي فالن اي‬
‫فالن‪ ،‬وملا رويت لك هذا يف اجملالس الساهقة قلت إان نريد أن نصل كالم األنبياء‬
‫هكشف العلم احلديث‪ ،‬فلما أن اهتدأ أن أذكر ما نطره القوم يف جرائدهم وما‬
‫أجاهت ه حكوماهتم اليت هي أدق وأرقى من حكوماتنا الشرقية قلت هل نثق هبم‪،‬‬
‫فقل يل اي شري كيف نسري مع األمة؟ وكيف نؤلف هلم؟ فنحن كما قال الشامر يف‬
‫حمبوهت اجلميلة النافرة‪:‬‬
‫فوصـلي يؤذيهـا وهجـري يـضيـرهـا‬
‫وتـجـزع من هعـدي وتنفـر من قرهـي‬
‫فيـا قـوم هـل من حـيلة تعرفـونـهـا‬
‫أغيثـوا هبا وانتوجبـوا األجـر مـن رهـي‬
‫فوهللا ليس يف إمكاين أهدع مما كان‪ ،‬قراان كتاب هللا فقلتم نريد أهني‪ ،‬فروينا السنة‬
‫وكتب ملماؤان فقلتم نريد كشفاً مصرايً‪ ،‬فطفقنا نشرح فقلتم إننا مسلمون‪ ،‬واحلق أن‬
‫هذه الشكوك هع د هذا البيان ألشب مبا قال اخلياط املقتول هذه احلادث إذ نئل من‬
‫تبليغ والدي فقال‪ :‬ال ألهنما ال يعتقدان احلياة هعد املو ‪ .‬هكذا إذا حنن كلمنا هذه‬
‫الطائفة يف دايران فال جواب هلم إال الغستهزاء والسخرية كما قال اخلياط املقتول ‪ :‬ال‬
‫ينالكم من ذلك إال السخرية‪ .‬وأهدع من ذلك وأمجب ما قال هللا تعاىل يف القرآن‬
‫{ولو أننا نزلنا إليهم املالئكة وكلمهم املوتى وحشران مليهم من كل شيء قبالً‪ ،‬ما‬
‫كانوا ليؤمنوا إال أن يشاء هللا ولكن أكثرهم جيهلون}‪ .‬إال تتعجب من هذه اآليهة‬
‫كيف طاهقت مصران احلاضر وهي توايت جدالك وشكوكك وتتصل هقول اخلياط‬
‫املقتول‪ ،‬وأن والدي ال يوقنان ولو مسعا أن امليت ولدمها كلم الناس أن هذا لعجب‬
‫مجاب‪.‬‬
‫ومما يدهش العقالء أن القرآن رمبا أشار هطرف خفي إىل حادثة ظهور األرواح ف‬
‫هذه الزمان يف آية {وإذا وقع القول مليهم أخرجنا هلم داهة من األرض تكلمهم‪ ،‬إن‬
‫الناس كانوا آبايتنا ال يوقنون}‪ .‬هقول ال تعاىل وإذا وقع القول مليهم‪ ،‬أي شاف‬
‫الوقوع‪ ،‬وهو قرب قيام السامة وحقت كلمة العذاب ملى نوع اإلنسان فجهلوا‬
‫املعنواي ومكفوا ملى املاداي وكذهوا الدايان وشكوا يف اآلاي ‪ ،‬وأصبحوا ال‬
‫شرف هلم يف حكوماهتم وال أفرادهم ومرنوا ملى الكذب والنفاق واهزدادوا ابلعلم ممي‬
‫وابلفلسفة ظلماً أخرجنا هلم من األرض من يطرق املوائد وحيركها وميسك األقالم يف‬
‫أيديهم ويكتب ويرتاءى هلم يف أشكال وأهزايء خمتلفة ووجوه نورية فرتاه أهصارهم اتره‬
‫ويسمعون كالم وطوراً يبصرون أشكاالً واترة يقرأون خطوطاً وآونة يسمعون صريراً‬
‫وصواتً شديداً كالرمد القاصف‪ ،‬وقد حيسون هربودة متر مليهم مث تتحرك األيدي‬
‫ابلكتاهة‪ ،‬فكان يف ملم أشب مبن يدب ملى األرض من اإلنسان يف تعلق وممل‬
‫ومبا جيري فوقها من الدواب يف حركاهتا وأمماهلا األخرى‪ ،‬فهذا يشري ل معىن قول ‪:‬‬
‫{أخرجنا هلم داهة من األرض}‪ ،‬وهذه الداهة تبني للناس حقائق وتدرس هلم حكمة‬
‫وتريهم أهنم غافلون جاهلون ضالون‪ ،‬فيجلس أمامها أكرب الضالني وأمظم الفانقني‬
‫وأشد الغافلني‪ .‬ومن يدمي أن ملك مقاليد العلم وهرع يف احلكمة املادية فيخر‬
‫ناجداً لره خاضعاَ خلالق موقناً أن روح نتبقى هعد موت ‪ ،‬فهذا معىن تكلمهم‪..‬إخل‪.‬‬
‫وقرا اهن مسعود تكلمهم أبن الناس كانوا آبايتنا ال يوقنون‪ ،‬وهذا هو احلاصل اآلن‬
‫هعين ‪ ،‬وهذه معجزة للقرآن وحكمة اثهتة للفرقان‪ ،‬فإن اآلالف املؤلفة من البشر اليوم‬
‫يف أحناء العامل يوقنون إذا حتققوا مذهب األرواح‪ .‬وليس اإلميان هكاف هل اليقني هو‬
‫أكمل اإلميان‪ ،‬فتعجب من اآلية وانظر كيف كان هذا مظهرها وهي مسألة ظهور‬
‫األرواح فالقرآن يشري إليها‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬اي نيدي إن تفسريك هذا خيالف ما جاء من نيد البشر‪ ،‬وكيف‬
‫نرتك قوال النيب ونسمع مقالك؟ أو ليس النيب أملم ابلكتاب منك؟‪ ..‬قلت‪ :‬وكيف‬
‫ذلك؟ قال‪ :‬قال الفخر الراهزي إن هلذه الداهة أرهع قوائم وهزغباً وريشاً وجناحني‪ ،‬ومن‬
‫اهن جريج يف وصفها رأس ثور ومني خنزير وأذن فيل وقرن آيل وصدر أند ولون منر‬
‫وخاصرة هقر وذنب كبش وخف هعري‪ ،‬وإهنا خترج من املسجد احلرام أو خترج من‬
‫الصفا‪ ،‬وقيل خترج ابليمني مث خترج مند الركن حذاء دار هين خمزوم‪ .‬فقلت اي شري دمحم‪:‬‬
‫أملم أن ال داللة يف اآلية ملى ما روى‪ ،‬وقد قال الراهزي نفس فغن صح اخلرب في من‬
‫رنول هللا قبل وإال مل يلتفت إلي ‪ ،‬وهو يريد أن اخلرب غري صحيح‪ ،‬أقول ‪ :‬ولقد حبثت‬
‫يف كتب الصحاح فلم أمثر ملى هذا الوصف للداهة‪ ،‬ملى أن لو صح فرضاً لدل‬
‫ملى أهنا خمالفة لكل حيوان‪ ،‬فقال‪ :‬ولكن كيف تقصرها ملى مسألة األرواح وأىن لك‬
‫هذا؟ فقلت اي شري دمحم‪ :‬أان مل أقل إن هذا هو املعىن ولكن أقول إن رمز ل وإشارة‪،‬‬
‫فاآلية ابقية ملى ظاهر معناها ترمز إىل ما ذكران‪ ،‬فالداهة ابقية ملى املعىن األصلي‬
‫نكل ملمها إىل هللا تعاىل وتكون رمزاً هلذا‪ ،‬وهذا قسم من أقسام الكناية يف ملم‬
‫البيان فاللفظ ملى حال يشري ملا اقرت من كما أوضح اإلمام الغزايل يف تفسري قول‬
‫‪ :‬إن املالئكة ال تدخل هيتاً في كلب وال صورة فقد جعلها ملى حاهلما ورمز هبما إىل‬
‫الشهوة والغضب فافهم‪ ،‬فإذا فهمت هذا فقد قطعت جهيزة قول كل خطيب‪ ،‬وقطع‬
‫لسان كل معرتض هعدك فقد ند يف وجه أهواب اجلدال‪ ،‬وكفى هللا املؤمنني‬
‫القتال اهـ‪ .‬اجمللس الراهع‪.‬‬
‫اجمللس اخلامس‬
‫يف أسباب حتريك املوائد ويف عجائب جاءت‬
‫على يد األرواح كإحضار فواكه وزهر وحكم غيبية‬
‫ومقارنة هذا مبا ورد يف الدين تصديقا للكتاب‬

‫قال شري دمحم‪ :‬لقد فهمت ما ذكر أمس‪ ،‬وأرجو اليوم التمادي يف احلديث فإن‬
‫لذيذ شهي‪ ،‬ولقد ندد ملى طرق اجلدال يف اجمللس الراهع فلم أقدر أن أنبس هبنت‬
‫شفة‪ ،‬فلقد أثبت أبجلي الرباهني وأوضحها وأمتها وأكملها يف القصة الثانية‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أريك اليوم أمراً مجيباً يدهش املسلمني يف أقطار األرض‪ .‬قال‪ :‬وما هو؟‬
‫قلت‪ :‬قال يف كتاب املذهب الروحاين حكاية من أحد األرواح ما ملخص ‪:‬‬
‫إن الروح إذا انطلق من اجلسد وقت النوم يتذكر شيئاً من ماضي ومن مستقبل ‪،‬‬
‫ويناجي األرواح األخرى يف هذا العالم ويف نواه‪ .‬وهو إذا انم كثرياً ما يبحث من‬
‫مستقبل وماضي ‪ .‬فما األماكن العجيبة والغرائب إال ما كان رآه قبل والدت أو ما‬
‫نوف يراه هعد موت ‪ .‬إال وأن األرواح اليت تنسل وقت املو إمنا هي اليت تكون‬
‫أحالمها غاية يف الوضوح‪ ،‬ألهنا تقاهل أحباهبا يف مامل األرواح وتنتفع أبحاديثهم‪ ،‬أال‬
‫وأن هذا نينزع منكم خوف املو فإنكم متوتون كل ليلة كما قال أحد األهرار‪ :‬وهذا‬
‫يف األرواح العلوية‪.‬‬
‫أما أولئك الذين تبقى أرواحهم هعد املو ناما وأايماً مضطرهة فأولئك الذين‬
‫ال يذكرون ما يعملون وقت النوم‪ ،‬ولقد شاهدمت هذا اإلضطراب فيمن ماتوا حديثاً‬
‫ممن طلبتم حضروهم‪ ،‬أال وأن للنوم أثراً يف حياتكم اليومية وإال فكيف حتب أمراً هر‬
‫نبب وتكره آخر إال ملا اطلعتما ملي وأنتما يف حال اإلنبعاث من اجلسم وقت الرقاد‬
‫فيظهر لكل منكما تباين املشرهني واختالف الرأيني أو إحتادمها مع الصفاء والسرور‪،‬‬
‫والبهجة واحلبور‪.‬‬
‫أال وأن الناس ال يذكرون وقت اليقظة حديثاً قط من أحاديث إخواهنم وأحباهبم‬
‫كال‪ ،‬وإمنا يذكرون ما اتفق هلم مند مودهتم إىل أجسامهم هني اليقظة والنوم وهذا هو‬
‫احللم وهزد ملي ما صنع املرء وقت اليقظة من أممال شاغلة‪ ،‬وأفكار هامة‪ ،‬مما يراه‬
‫العلماء والعامة ملى حد نواء‪.‬‬
‫وقد يكون احللم من مدم تذكر ما اطلعتم ملي كرواية حذف منها مجل متعددة‬
‫وما يبقى فال نياق ل ‪ ،‬وقد تنتهز األرواح الشريرة الفرصة لتنكيد األنفس الضعيفة‬
‫اجلبانة‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬وأي دهش للمسلمني وأي مجب هلم فيما قلت يف ثالثة مواطن‪.‬‬
‫األول ‪ :‬قول فإنكم متوتون كل ليلة كما قال أ‪،‬حد األهرار يشري هذلك ملى قول تعاىل‬
‫{هللا يتوقى األنفس حني موهتا واليت مل متت يف منامها فيمسك اليت قضى مليها‬
‫املو ويرنل األخرى ملى أجل مسمى إن يف ذل آلاي لقوم يتفكرون} الثاين‪:‬‬
‫قول األرواح وقت النوم تتالقى‪ .‬قال العالمة القرطيب يف تفسريه قال اهن مباس وغريه‬
‫من املفسرين‪ ،‬إن األحياء واألموا تلتقي يف املنام فتعرف ما شاء هللا‪ ،‬فإذا أراد‬
‫مجيعها الرجوع إىل األجساد أمسك هللا أرواح األموا منده وأرنل أرواح األحياء إىل‬
‫أجسادها‪ .‬وقال نعيد هن جبري إن هللا يقبض أرواح األموا إذا ماتوا وأرواح األحياء‬
‫إذا انموا فتعرف ما شاء هللا أن تعرف‪ ،‬فيسمك اليت قضى مليها املو ويرنل‬
‫األخرى أي يعيدها‪ .‬وقال ملي رضي ال من أن الرؤاي الكاذهة من إلقاء الشيطان‬
‫وهذا هو املوطن الثالث‪ ،‬وإال فكيف يقول يف ملم األرواح احلديث إن األرواح الشريرة‬
‫حتدث األحالم لتحزن األنفس الضعيفة اجلبانة وهذا كما قال ملي الصلة والسالم‪:‬‬
‫إذا رأى أحدكم يف نوم ما يكره فليثقل ملى يساره ثالاثً وليقل اللهم غين أموذ هك‬
‫من نيئا األحالم ووناوس الشيطان‪ ،‬أال يتعجب املسلمون من هذا اي شري‪،‬‬
‫وكيف تطاهق املعقول واملنقول‪ ،‬وكيف نطقت األرواح يف أورواب مبا جاء يف القرآن‬
‫وكيف انتشهد الروح ملى أن النوم مو هقوهلا كما قال أحد األهرار تريد نيدان‬
‫دمحماً يف اآلية املذكورة من هللا‪ ،‬وكيف يروي اهن مباس وغريه‪ ،‬أن أرواح األحياء‬
‫واألموا تلتقي وقت النوم كما أوضحت األرواح يف الوقت احلاضر‪ .‬وكيف يطاهق‬
‫أقوال األرواح كالم النبوة أن األحالم احملزنة من إلقاء األرواح الشريرة‪ .‬أن هذا لعجب‬
‫مجاب‪ .‬وهل هذه الروح مطلعة ملى هذه اآلي واألحاديث وكالم نيدان ملى‪ .‬كال‬
‫هل املورد واحد فالروح من مامل العيب وكذا النبوة‪ ،‬ومن الفرق هينهما اخلطأ يف األول‬
‫والعصمة يف األمر الثاين وهذا مندي غاية العجب‪.‬‬
‫(لطيفة) قال الشيخ السبكي أخرج الطيالسي من من مائشة اهنع هللا يضر‪ :‬إن إمرأة‬
‫ملي‪.‬‬
‫كانت مبكة تدخل ملى نساء قريش تضحكهم فلم هاجر إىل املدينة قدمت ّ‬
‫فقلت أين نزلت قالت ملى فالنة كانت تضحك ابملدينة فدخل النيب فقال فالنة‬
‫املضحكة مندكم ‪ .‬قلت نعم‪ .‬قال ملى من نزلت قبلت ملى فالنة املضحكة‪ .‬فقال‬
‫احلمد هلل أن األرواح جنود جمندة فما تعارف منها ائتلف‪ :‬وما تناكر منها اختلف ا‬
‫هـ‪.‬‬
‫وإليك اآلن شرح كيفية خماهرة املوائد وفقاً لتعليم األرواح ‪ 4‬ذاهتا املنقول من كتاب‬
‫الونطاء للمعلم الفيلسوف االن كارداك‪:‬‬
‫س‪ :‬هل السيال العام منصر األشياء كلها؟‬

‫‪4‬نيزيد هذا املقام هياانً ملمياً يف اجمللس العاشر‪.‬‬


‫ج‪ :‬نعم كل ما يف الكون مركب من العنصر األصلي‪.‬‬
‫س‪ :‬هل من منانبة هين وهني السائل الكهرابئي؟‬
‫ج‪:‬أن الثاين مركب من األول‪.‬‬
‫س‪:‬يف أي حالة يظهر السيال العام ملى هساطت األصلية؟‬
‫ج‪ :‬ال تظهر هساطت األصلية إال يف األرواح النقية أما يف ماملكم فهو متقلب أهداً‬
‫متغري ترتكب من املادة الكثيفة احمليطة هكم‪ ،‬إمنا السائل الذي يقرب من ابألكثر يف‬
‫أرضكم هو السائل املغنطيسي احليواين‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف يتمكن الروح من حتريك اجلماد؟‬
‫ج‪:‬ميزج جزءاً من السيال العام ابملائع احليوي املنبعث من أمصاب الونيط‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تنهض األرواح املائدة أبيديها اجملسمة ملى نوع القول؟‬
‫ج‪ :‬هل مندما يريد الروح أن حيرك مائدة حيييها حياة اصطنامية هوانطة السيال‬
‫العام والسائل املنبعث من الونيط وهعد ذلك جيتذهبا وحيركها هقوة ما ه من السائل‬
‫اخلصوصي املنبعث من هفعل اإلرادة‪ ،‬ومندما يكون اجلرم الذي قصد حتريك ثقيالً‬
‫جداً يستعني أبرواح أخرى أتيت ملسامدت ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل األرواح اليت أتيت ملسامدت أدىن من وحتت أمره؟‬
‫ج‪ :‬الغالب هي أرواح مقارنة ل ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل لكل األرواح كفاءة ملى إتيان تلك األممال؟‬
‫ج‪ :‬ال أتيت هذه األممال إال أرواح نفلية مل تتجرد هعد من املؤثرا املادية‪.‬‬
‫س‪ :‬لسنا جنهل أن األرواح العلوية ال تتناهزل لعمل ما ال يليق هبا فقط‪ ،‬تسأل مما‬
‫إذا كان هلذه األرواح اجملردة من املاداي مقدرة ملى إنشاء هذا العمل إذا إراد ‪.‬‬
‫ج‪ :‬هلا القوة األدهية كما لغريها القوة الطبيعية‪ ،‬فإذا افتقر إىل هذه تستخدم من‬
‫ميلكها كما تستخدمون أنتم العتالني لرفع األثقال‪.‬‬
‫س‪ :‬يظهر من قولك أن العنصر احليوي مستقر يف السيال العام ومبا أن اجلسم‬
‫الروحاين مركب من هذا السيال فبدون ال يستطيع الروح أن أييت ممالً يف املادة‬
‫اهليولية؟‬
‫ج‪ :‬نعم وهو حييي املادة اجلمادية هنوع حياة اصطنامية فتطيع منقادة إلشارت‬
‫فالروح إذن ال حيرك املائدة أو يرفعها هقوة ذرام هل املائدة احلية تتحرك من نفسها‬
‫إلشارت ‪.‬‬
‫س‪ :‬فما دخل الونيط يف هذا احلادث؟‬
‫ج‪ :‬قد قلت لكم أن املائع احليوي الذي ال ميلك إال الروح املتجسد أي الونيط‬
‫يستعريه الروح الذي مل يتجسد وميسك مبقدار من السيا العام وهبذا املزيج حييي‬
‫املائدة‪ ،‬وهذه احلياة موقتة تتالشى مع العمل وأحياانً قبل هنايت إن كان السائل‬
‫املنبعث من الونيط ضعيفاً‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يستطيع الروح أن يعمل مبعزل من الونيط‪.‬‬
‫ج‪ :‬كال‪ ،‬فقط يعمل أحياانً من غري ملم منهم أي أن من الناس من ينبعث منهم‬
‫هذا السائل احليواين من غري ملم منهم فيستعريه الروح وحيدث تلك األممال البديهية‬
‫من دون وجود ونيط ظاهر يسامده ملى ممل ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل املائدة اليت أحياها الروح تعقل ما تفعل‪.‬‬
‫ج‪:‬ال مقل هلا أكثر مما للعصاء اليت تشريون هبا آلن ما هبا من احلياة الصنامية‬
‫جتعلها فقط منقادة حملركا الروح فال تتومهوا أن الطاولة املتحركة روح ألن ليس هلا‬
‫من ذاهتا فكر وال إرادة‪.‬‬
‫س‪ :‬ما العلة املتغلبة يف احلوادث الروحانية‪ ،‬أهي الروح أم السوائل‪.‬‬
‫ج‪ :‬الروح هي العلة والسوائل هب الوانطة اآللية ووجود كليهما ضروري‪.‬‬
‫س‪ :‬ما وظيفة إرادة الونيط يف هذه احلوادث‪.‬‬
‫ج‪ :‬وظيفت إحضار األرواح ومسامدهتا ملى تنفيذ السوائل‪.‬‬
‫س‪ :‬هل فعل اإلرادة ضروري هوج اإلطالق‪.‬‬
‫ج‪ :‬أهنا تسامد ملى العمل وتزيد قوة ولكن ضرورهتا ليست مبطلقة ألن احلوادث‬
‫تتم أحياانً رغماً من هذه اإلرادة حىت هدون ملمها‪ ،‬وهذه هرهان ملى كون ملة‬
‫احلوادث ليست يف الونيط‪.‬‬
‫س‪ :‬ملاذا ليس لكل الناس هذه اخلاصية‪.‬‬
‫ج‪ :‬الختالف األمزجة وللصعوهة اليت يلقاها الروح يف تركيب السوائل‪ ،‬كبعض‬
‫الونطاء ال ينبعث منهم املائع احليوي إال هفعل اإلرادة وغريهم يتدفق منهم هسهولة‬
‫طبيعية فيستعريه الروح ويعمل في هدون ملم منهم هلذا ليس لكل الونطاء قوا‬
‫متساوية‪.‬‬
‫س‪ :‬أيستقر الروح الفامل ابملادة داخلها أم خارجاً منها‪.‬‬
‫ج‪ :‬يعمل يف كال احلالتني‪ ،‬ألن الروح ينفذ يف اجلماد وال يعوق مائق من الدخول‬
‫يف أحصن األماكن والنفوذ يف أكثف املواد‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف يعمل الروح مند طرق املوائد‪.‬‬
‫ج‪ :‬مطرقت السائل املمتزج الذي يستعمل يف التحريك ويف الطرق فعندما حيركها‬
‫ينقل إليكم النور مرآي حتريكها ومندما يطرقها ينقل إليكم اهلواء صو طرقتها‪.‬‬
‫س‪ :‬ال يصعب ملينا إدراك ذلك مندما يطرق الروح اجلماد‪ ،‬ولكن كيف يستطيع‬
‫أن يسمعنا أصوااتً وألفاظاً مركبة‪.‬‬
‫ج‪ :‬مبا أن يعمل يف اجلماد ال يعسر ملي العمل يف اهلواء أيضاً وأما األلفاظ املركبة‬
‫فيقلدها ابقي األصوا ‪.‬‬
‫س‪ :‬تقول أن الروح ال يستعمل يدي يف حتريك املوائد مع أن قد شوهد يف مجلة‬
‫حوادث نظرية ظهور أصاهع متر ملى مالمس األرغن لضرب األحلان‪ ،‬أليس ههنا‬
‫حركة املالمس متأتية من ضغط األصاهع هلا‪.‬‬
‫ج‪ :‬يتعذر مليكم هعد إدراك طبيعة األرواح وكيفية فعلها إال أبمثلة متقارهة‪ ،‬ال متأل‬
‫أذهانكم‪ ،‬فال تتصوروا طرائق أمماهلا مشاهبة لطرائقكم‪ ،‬أما قلت لكم أن فعل الروح‬
‫منانب لطبيعت وأن نوائل اجلسم الروحاين تنفذ يف املادة وحتييها حياة صنامية‬
‫فعندما يضع الروح أصاهع ملى دناتني األرغن يضعها حقاً هل حيركها ولكن ليست‬
‫القوة العضلية هي اليت تضغط ملى املالمس هل املالمس اليت حيييها كما حييي املائدة‬
‫تتحرك من نفسها هفعل إرادت وحتدث الصو ‪ .‬وقد حيدث أمر يصعب مليكم فهم‬
‫وهو أن هعض األرواح السفلية املتأخرة ال يزال غرور احلياة مرتكباً مليها فتظن هنفسها‬
‫أهنا تعمل كما لو كان هلا جسم مادي فال تدري هعلة ما أتتي من األممال كما ال‬
‫يدري الفالح أبصول األلفاظ اليت يركبها‪ ،‬فإذا نئلت هذه األرواح كيف تضرب ملى‬
‫األرغن أجاهت أهنا تضرب أبصاهعها جلهلها ابلعلة احلقيقية فيحدث الفعل فيها‬
‫غريزاي دون أن تدري أبصول ‪ ،‬وهكذا قل من األلفاظ اليت تسمعها‪.‬‬
‫س‪ :‬يظهر يف هعض احلوادث الروحانية ما هو مناف لكل النواميس الطبيعية‬
‫املعروفة‪ ،‬أفال جيوهز اإلشتباه يف صحتها‪.‬‬
‫ج‪ :‬السبب يف ذلك هعد اإلنسان من معرفة كل النواميس الطبيعية‪ ،‬فلو مرفها‬
‫كلها ألصبح روحاً ملوايً‪ ،‬ففي كل يوم تظهر إكتشافا جديدة تكذب من ظن‬
‫هنفس أن قد هلغ منتهى املعرفة ومل يبق شيء خافياً ملي ‪ ،‬فبهذه االكتشافا‬
‫املستجدة ينب هللا اإلنسان أن ال يثق أبنوار ملوم إذ نيأيت يوم في يعود ملم العلماء‬
‫خزايً هلم‪ .‬أال ترون يومياً أجراماً تتغلب حركتها ملى قوة اجلاذهية كطلقة املدفع تكرباً‬
‫اي هين البشر‪ ،‬األحرى هكم أن تقروا هضعفكم ومجزكم من إدراك شيء‪.‬‬
‫قال شري دمحم ملا مسع هذا القول‪ :‬هذا رجوع ملى ما قيل يف القرون األوىل‬
‫واألمصر املظلمة من أن األرواح هلا قدرة ملى رفع األثقال ومظاءم األممال أبنباب‬
‫يزمم القوم أهنا طبيعية‪ ،‬قلت نعم‪.‬‬
‫وال مار ملى العلم إذا كشف اليوم ما أنكر أمس‪ ،‬وهذا اي شري دمحم رجوع منك‬
‫ملى مبدأ الرتفع واإلنتكبار من القول هصحة ما قيل يف األمصر الغاهرة‪ ،‬ولكن ملينا‬
‫أن خنضع للعلم وندع الكربايء فالدليل واضح‪ ،‬والصدق راجح‪.‬‬
‫ولـيس يـصـح فـي األذهـان شـيء‬
‫إذا احـتـاج الـنـهـار إلـى دلـيـل‬
‫قال إذا ها القصة الثالثة مسى أن تكون أوىف حجة‪ ،‬وأهدى نبيال‪ ،‬وأقوم‬
‫قيالً‪ ،‬وأرجح هياانُ‪ ،‬وأقوي تبياانً‪ ،‬وأمز مراماً‪ ،‬وأرفع مقاماً‪ .‬قلت‪:‬‬
‫روح العالمة واالس اإلجنليزي يف هذا الكتاب املذكور ما نص ابحلرف الواحد‪:‬‬
‫أمجب ما رأيت من وناطة اآلنسة نيشول إجيادها هزهوراً وفواك داخل غرفة‬
‫حمكمة الغلق ففي أول مرة هدا ملى يدها هذا احلادث كانت يف منزيل هصحبة هعض‬
‫من أخصائي‪ .‬فبعد أن تناولنا الشاي ألننا كنا يف فصل الشتاء دخلنا حجرة صغرية‬
‫معلقة أبحكام وما قعدان هرهة من الزمان حىت الح ملى املائدة اليت جلسنا حوهلا‬
‫كمية وافرة من الزهور منها شقائق النعمان واخلزامي واألقحوان األصفر وخالفها من‬
‫الزهور الرهيعية‪ ،‬وكل أوراقها غضة انضرة مكللة ابلندى الرطب فيبستها كلها وحفظتها‬
‫ابمتناء هعد أن ملقت مليها شهادة ممضاة من احلضور‪.‬‬
‫وحوادث كهذه تكرر أمامي مئا من املرار‪ ،‬ويف حمال شىت وظروف خمتلفة‪،‬‬
‫فتارة جاءتنا الزهور‪ ،‬هكميا وافرة‪ ،‬وطوراً مصحوهة هبعض مثار يطلبها احلضور‪ ،‬ويف‬
‫إحدى اجللسا طلب صديق يل إىل الروح إحضار دوار الشمس فما مضى هنيهة‬
‫حىت رأينا أن إحنطت ملى املائدة هذه الزهرة وملوها نتة أقدام وجرثومتها مكسوة‬
‫هكومة من الرتاب‪ .‬ويف جلسة أخرى حضرها املسيو أولف ترولوب والكولونيل هاريف‬
‫وقد قصد هؤالء األشراف قبل إقامة اجللسة أن ينبشوا الغرفة جيداً يف كل أحنائها‬
‫إىل مدام ترولوب أبن تفحص جيداً كل قطعة من ثياب اآلنسة نيشول‪ ،‬مث‬ ‫وأومز ّ‬
‫قعدان حول املائدة واملسيو ترولوب قاهض ملى يد الونيطة‪ ،‬وهعد مضي مشر دقائق‬
‫انتنشقنا مجيعاً أريج هزهور فأوقدان حاالً الشمعة فوجدان أذرع املسيو ترولوب واآلنسة‬
‫نيشول مكسوة هزهر النسرين اهـ‪.‬‬
‫وأغرب املنقوال اليت حتدثت هبا مؤخراً اجملال الروحانية‪ ،‬منقوال الزهور ملى‬
‫يد الونيطة حدذرو ومنقوال اآلاثر القدمية والنباات ‪ ،‬حىت األمساك وهعض الطيور‬
‫احلية ملى يد الونيط الشهري ابيلي‪ ،‬وقد شهد هذه الغرائب كثري من مشهوري‬
‫العلماء يف أنرتاليا وإيطاليا وأملانيا وخالفها من املمالك األوروهية اليت جتول فيها‬
‫الونيطان املذكوران‪.‬‬
‫روى املعلم الفيلسوف أالن كاردك يف كتاب الونطاء حاداثً نقياً شاهده مياانً‬
‫واألنئلة اليت طرحها ملى الروح الذي أمت احلادث واملالحظا األصلية اليت ملقها‬
‫روح ملوي ملى أجوهت كما أييت‪:‬‬
‫س‪ :‬نرغب إليك يف أن تفيدان مل ال تقوى ملى إحضار املنقول إال مند إلقاء‬
‫الونيط يف السبا املعنطيسي‪.‬‬
‫ج‪ :‬السبب يف ذلك طبيعة الونيط ومزاج فما أنتطيع ممل مع هذا وهو انئم‬
‫أنتطيع إنشاءه مع آخر وهو يقظان‪.‬‬
‫س‪ :‬مل تتأخر طويالً يف إحضار املنقول وهتيج هشدة رغبة الونيط يف ذلك‪.‬‬
‫ج‪ :‬إطالة الوقت ضرورية يل ملزج السوائل‪ ،‬أما هتييجي لرغبة الونيط فمن ابب‬
‫التسلية واملزاح‪.‬‬
‫مالحظة الروح العلوي‪ :‬مل يصب يف جواه وال أدرك غاية هتيج لرغبة الونيط‬
‫فظنها ابابً من التسلية مع أن مفعوهلا إاثرة رشح السائل احليوي هزايدة وهذا انتج من‬
‫الصعوهة اليت يلقاها الروح يف هذا احلادث مندما ال تكون وناطة الونط هديهية‪.‬‬
‫س‪ :‬هل للحضور أتثري يف إنقاذ مملك؟‬
‫ج‪:‬إن إنكار احلضور ومقاومتهم ترهكنا يف العلم جداً فلهذا نؤثر هسط ما لدينا‬
‫أمام انس مؤمنني خرباء أبصول الروحانية‪.‬‬
‫س‪ :‬ومن أين أحضر الزهور واحلالوى؟‬
‫ج‪ :‬قطفت الزهور من البساتني‪.‬‬
‫س‪ :‬ومن أين أخذ احلالوى أما درى البائع هنقصاهنا؟‬
‫ج‪ :‬إين آخذ احلالوى من حيث أشاء وال يتضرر البائع هذلك ألين أضع ل هدهلا‪.‬‬
‫س‪ :‬واخلوامت اليت أحضرهتا أليست هذا قيمة فكيف ال يتضرر صاحبها‬
‫خبسارهتا‪.‬‬
‫ج‪ :‬أخذهتا من حمل ال يعرف أحد هنوع أال حيصل ألحد ضرر من ذلك‪.‬‬
‫مالحظة الروح العلوي‪ :‬ليس اجلواب مبستويف الشروط والروح حياول في إقنامكم‬
‫ابنتقامت ومدم تضرر أحد هسرقت واحلال أن الشيء ال يعوض إال مبثل وذي قيمة‬
‫واحدة فلو أمكن للروح إهدال الشيء هنظريه ما احتاج إىل أخذ األول هل انتعمل‬
‫الشيء الثاين مكان ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تقوى ملى إحضار هزهور من كوكب آخر؟‬
‫ج‪ :‬كال هذا مستحيل‪.‬‬
‫مالحظة الروح العلوي‪ :‬أجاب ابلصواب وذلك الختالف السوائل احمليطة هكل‬
‫من الكوكبني‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تستطيع إحضار هزهور من خط اإلنتواء؟‬
‫ج‪ :‬أنتطيع نقل الشيء من أي هقعة من األرض كانت‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تستطيع رد األشياء اليت أحضرهتا وإرجامها مكاهنا؟‬
‫ج‪ :‬كما إنتطعت إحضارها هكذا أنتطيع إرجامها‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تشعر هتعب يف أثناء العمل؟‬
‫ج‪ :‬ال يكلفين العمل تعباً طاملا أان مأذون في إمنا نلقي العناء الشديد يف أممال ال‬
‫يؤذن لنا فيها‪.‬‬
‫مالحظة الروح العلوي‪ :‬ال يشاء أن يقر مبا ينوه من التعب اجلسيم من ممل‬
‫كهذا مادي ملى نوع القول‪.‬‬
‫س‪ :‬ما الصعواب اليت تلقاها؟‬
‫ج‪ :‬أخصها نوء السوائل ومدم مالءمتها لعملنا‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف حتضر املنقول؟ هلى متسك هيدك؟‬
‫ج‪ :‬كال هل أخفي يف‪...‬‬
‫مالحظة الروح العلوي‪ :‬هل هذا غلط ألن الروح ال خيفى املنقول يف شخصيت هل‬
‫ميزج شيئاً من نائل جسم الروحاين الشديد التمدد واإلنبساط جبزء من السائل‬
‫احليوي املنبعث من الونيط وهبذا املزيج يسرت املنقول وحيمل ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يعسر مليك إحضار شيء ثقيل الوهزن؟‬
‫ج‪ :‬ال فرق لوهزن املنقول مندان وإمنا نؤثر جلب الزهور لطيبها ولطافتها‪..‬‬
‫مالحظة الروح العلوي‪ :‬هذا صحيح فإن يستطيع إحضار ما وهزن مائة ومائتا كيلو‬
‫دون أن يرتبك هبذا الثقل‪ ،‬فقط مبا أن كمية السائل املمزوج جيب أن تكون منانبة‬
‫جلسم املنقول وهعباة أخرى مبا أن القوة هي مبواهزنة املدافعة ينتج أن الروح ال حيضر‬
‫هزهوراً أنو أشياء خفيفة إال لعدم وجوده يف الونيط أو يف نفس املائع الضروري لنقل‬
‫ما هو أثقل منها‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يتوقع أحياانً إختفاء أشياء نببها األرواح؟‬
‫ج‪ :‬نعم قد يتوقع ذلك وميكن إنرتجاع الشيء ابلتونل إىل الروح يف رد ما أخذه‪.‬‬
‫مالحظة الروح العلوي‪ :‬هذا صحيح وقلما يرد الروح ما أخذه ولكن مبا أن فعالً‬
‫كهذا يستدمي ظروف النقل ذاهتا فينتج أن وقوم اندر جداً وضياع الشيء يتأتى‬
‫من طيشكم ال من فعل األرواح‪.‬‬
‫س‪ :‬أليس من املنقوال ما يصوغها الروح من نفس مبا أيتي من التغريا يف‬
‫السيال العام‪.‬‬
‫ج‪ :‬أان ال أنتطيع ذلك ولكن روح أرفع مين ال يعجز من ‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف أدخلت هذه األشياء الغرفة وهي حمكمة السد‪.‬‬
‫ج‪ :‬أدخلتها معي وأان حمتضن هلا جبوهري وال أنتطيع أن أشرح أكثر من ذلك‪.‬‬
‫فلما أن مسع ذلك نري دمحم رأيت انتبشر وفرح‪ ،‬واهتهج وانشرح وقال اي نيدي أن‬
‫مثلثي أان وطالب العلم يف هذا املقام كمثل صبية صغار ما مائلهم وهم ال نيد‬
‫منهم وال لبد وال حول هيدهم وال قوة يفرتشون الثرى ملى احلبوب ويلتحفون السماء‬
‫هعد الغروب فقال هلم قائل أيها الصبية املعدمون‪ ،‬واليتامى اململقون ‪ ،‬هلى جاءكم نبأ‬
‫مما متلكون من القناطري املقنطرة من الذهب والفضة واخليل املسومة واألنعام واحلرث‬
‫ما ترك أهوكم يف قرية تبعد منكم أبميال وأنتم ال تعلمون‪ .‬فقالوا ما لنا هبذا من ملم‬
‫إمنا حنن صعاليك حمقورون‪ ،‬وصغار منهوكون‪ ،‬وفقراء حمرومون‪ ،‬وأذلة معدمون‪ :‬ولكن‬
‫هذا الكالم قد ترك أثراً يف أفئدهتم‪ ،‬ومزج الفرح هرتحهم‪ ،‬فأنشأوا يتساءلون ويسألون‬
‫الركبان‪ ،‬من كل غاد ورائح‪ ،‬من هذا النبأ العظيم‪ ،‬وهم هني تصديق وتكذيب‪،‬‬
‫وتقريب وتبعيد‪ ،‬ورجاء وأيس‪ ،‬وأمل‪ ،‬وقنوط‪ ،‬حىت إذا جاء من هيده احلل والعقد‪،‬‬
‫وقال هلموا اي أهنائي فانظروا هذه أرضكم وخيلكم وأنعامكم‪ ،‬فقروا ميناً‪ ،‬وانشرحوا‬
‫صدراً‪ ،‬وطيبوا نفساً‪ ،‬واصربوا لنبلونكم حىت تبلغوا نن احللم‪ ،‬فإن آنسنا منكم رشداً‬
‫دفعنا إليكم أموالكم‪ ،‬ومسى أن تعرفوا قيمها‪ ،‬وتقوموا حبقها‪ ،‬وال تتهاونوا يف حظها‪،‬‬
‫ومسى أن تكونوا من املفلحني‪.‬‬
‫ذلك اي أنتاذي مثلنا‪ ،‬وقد مشنا يف الدنيا جاهلني‪ ،‬وقرأان كتب املرنلني‪،‬‬
‫فسمعناهم حدثوان حبديث البقاء هعد املو ‪ ،‬وذكروا موامل متأل السهل واجلبل‪ ،‬والرب‬
‫والبحر‪ ،‬تكتنفنا أىن توجهنا‪ ،‬وتعيش معنا أىن مشنا‪ ،‬وتلفى إلينا ملماً‪ ،‬وتديل إلينا‬
‫حبكمة‪ ،‬وإن منها من ترفع األثقال‪ ،‬من مكان إىل مكان‪ ،‬أو ليس من العجب أن‬
‫حديث هلقيس ونيدان نليمان يف نورة النمل ل إتصال نبب هبذا احلديث‪ ،‬ومن ذا‬
‫الذي كان يدور خبلده‪ ،‬أو خيطر هقلب ‪ ،‬أو يهجس ل ‪ ،‬إن العلم يكشف لنا جواهز نقل‬
‫مرش هلقيس من اليمن إىل الشام‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬قال مفريت من اجلن أان آتيك ه‬
‫قبل أن تقوم من مقامك وأىن ملي لقوى أمني‪ ،‬قال الذي منده ملم من الكتاب أان‬
‫آتيك ه قبل أن يرهد إليك طرفاً فلما رآه مستقراً منج قال هذا من فضل ريب ليبلوين‬
‫أأشكر أم أكفر ومن شكر فإمنا يشكر لنفس ومن كفر فإن ريب غين كرمي}‪{ .‬احلمد‬
‫هلل الذي هداان هلذا ما كنا لتهتدي لوال أن هداان هللا}‪ .‬هعد أن كانت تلك القصص‬
‫مما نسمع ونؤمن ه لفظاً‪ ،‬وال نعق ل معىن‪ ،‬اتضح األمر وظهر‪ ،‬وجتلى للعيان‪،‬‬
‫وملمنا أن ذكر مثل القصص النتيقاظ األمم هعلم األرواح لريقوا شعوهبم وإن البحث‬
‫يف تلك األحاديث من أقوى أنباب إرتقاء العقول‪ ،‬وارتفاع األمم‪ ،‬ليكون الشك‬
‫نبباً للبحث والبحث مقدمة الوصول‪ ،‬وانظر كيف يقول هللا تعاىل‪{ :‬ليبلوين أشكر‬
‫أم أكفر} وال جرم أن غرائب مامل األرواح نعمة ملمية‪ ،‬فمن الناس من يستمسك‬
‫هبا‪ ،‬ومنهم من ال يبايل‪ ،‬ويقول ال خري فيما ال طعام في وال لباس وال لذة وال جاه‪.‬‬
‫فمالنا وما لألرواح واآلخرة واألوىل {إن هي إال حياتنا الدنيا منو وحنيا وما يهلكنا‬
‫إال الدهر وما هلم هذلك من ملم إن هم إال خيرصون}‪.‬‬
‫مث قال شري دمحم اي نيدي‪ :‬نيقول السفهاء من الناس هل كان الذي منده ملم‬
‫من الكتاب حمضراً لألرواح؟ قلت‪ :‬إن قال قائل هذا فقل ل ذلك ال ملم لنا ه وهذا‬
‫مقام ال نصل غلي وإمنا مقامنا أن الكشف احلديث أظهر وجود خملوقا حية ماقلة‬
‫روحية تصديقاً للقرآن‪ ،‬هلا قدرة ملى محل األثقال‪ ،‬فهذا ما نرمي إلي ليثق من ال‬
‫يؤمن ابلقرآن أن ذلك حق‪ ،‬فأما ما مدا ذلك فمايل ه يدان‪ ،‬ولست أدخل يف هذا‬
‫امليدان‪ ،‬مع من ال يعقل الربهان فقال حسن وانتهى اجمللس اخلامس‪.‬‬
‫اجمللس السادس‬
‫يف صفة األرواح وإقرارها بعذاهبا‬
‫وكيف عذب البخيل حبب املال والظامل ابلندم واحلسرة‬

‫قال‪ :‬فقص ملى القصص الراهع‪ .‬قلت‪ :‬قال يف الكتاب املذكور‪:‬‬


‫روى الدكت ور كرنر األملاين الشهري مبعارف وآداه من مدام هوف املعروفة هذا‬
‫الرؤى أهنا كانت ترى أشباح املوتى وهي يف حال اليقظة وتعاين دائماً حذاءها‬
‫كسقراط وأفالطون وجان دارك روحاً ينبهها إىل األخطار احلائقة هبا هذويها‪ ،‬وكان‬
‫هذا روح جدهتا مدام مشريغال تتجلى هلا مرتدية هكساء أهيض طويل وملى رأنها‬
‫وشاح انصع الباض‪.‬‬
‫وكانت هذه الونيطة الناظرة تقول‪ :‬إن لألنفس هعد املو هيئة جسمية أميزها‬
‫متاماً وأ‪،‬ا يف حال اليقظة وأماينها وقت النهار أفضل مما يف الليل‪ ،‬وليس هلذه األنفس‬
‫ظل كما لألحياء‪ ،‬لوهنا رمادي وكذلك كساءها واألفضل من هينها متوج يف اهلواء‬
‫وهي مكتسية حبلل طويلة هيضاء وأما الشريرة فأراها متشي هتعب وضيق ومينا كل‬
‫منها المعتان وقَّاداتن وليست تستطيع فقط أن تتكلم هل قد حتدث أصوااتً خمتلفة‬
‫كالتنهد أو حفيف الثياب أو طرقا يف اجلدران واألاثث أو صو وقع أقدام ملى‬
‫احلضيض‪ ،‬وهلا أيضاً قوة ملى رفع األثقال وفتح األهواب وإغالقها‪ ،‬وأتكيداً لصحة‬
‫هذه الرؤى أمام الدكتور كرنر مجلة إمتحاان أنفر مما أييت‪:‬‬
‫أن نفس األمري ويلر الذي كان قد قتل أخاه تراءى هلا يف مدينة أوهر نتيفالد حنواً‬
‫من نبع مرا ويف كل مرة كان احلضور يسمعون صو إنفجار ويرون خلع الزجاج‬
‫وقلب األاثث دون أن ميسها أحد‪ .‬وروح آخر من القتلة هقى مالهزماً ذا الرؤى ننة‬
‫كاملة يطلب إليها نظري األمري الساهق الصالة ملى نفس وكان هذا الروح يفتح‬
‫األهواب ويغلقها هعنف وحيرك الصحون ويقلب األاثث واألخشاب ويطرق اجلدران‬
‫هشدة‪ ،‬وكثري من أصحاب الثقة شهدوا هذلك إن يف البيت وإن يف الطريق‪.‬‬
‫وظهر هلا مراراً إمرأة حاملة ملى ذرامها ولداً وإذ مل تكن حتدث هذه الرؤاي إال‬
‫وهي يف املطبخ أمر حبفر ما هنالك فحفروا ووجدوا جثة طفل مقتول‪.‬‬
‫ويف مدينة ونسربج تراءى هلا روح حمانب كان قد ارتكب اخليانة يف حيات فطلب‬
‫إليها أن تومز إىل إمرأت األرملة يف كشف الدفاتر احلاوية ما قيده هزوراً ودهلا ملى‬
‫املكان الذي أخفيت في فأطامت األمر وموضت هذلك هعض األضرار املسببة من‬
‫الفقيد‪.‬‬
‫ويف مدينة ليناخ تراءى هلا روح حاكم يدمى هيللون تويف ننة ‪ 4918‬ول من‬
‫العمر ‪ 97‬تسع ونبعون ننة فأاتمها يطلب النصح للتخلص وما ماد يرتاءى هلا‬
‫فقصد هعضهم مراجعة نجال خورني ليناخ فوجدوا فيها ذكر مو احلاكم مع‬
‫اإلشارة إىل غدره جبملة يتامى أقيم مليهم وصياً ا هـ‪.‬‬
‫فهذه احلوادث وغريها رواها الدكتور كرنر هعد حتقيقها أبدلة ال تقبل الريب قد‬
‫متت قبل ظهور احلوادث الروحانية هزمان مديد‪ ،‬وال يصح نسبة اخلداع إىل مدام‬
‫هوف آلهنا كانت مليلة قلما تبارح الفراش‪ ،‬هذا هقطع النظر من حتقيق احلضور‬
‫ألغنراض رؤاها‪.‬‬
‫مث قلت اي شري دمحم أتمل احلاكم الذي ما وضايق اليتيمان وكذلك احلاكم الذي‬
‫خان يف وظيفت وأفرجت من إمرات ابلنظر يف الدفاتر وتصديق نجال خورني ليناخ‬
‫ملى غدره وخيانت لليتامى‪.‬‬
‫وكذلك األمري ويلر القاتل أخاه والقاتل اآلخر وطلبهما منهما الدماء هلما من‬
‫أمجب العجائب‪ ،‬فإن اإلمام الغزايل قال إن مذاب اإلنسان هعد املو ملى مراتب‬
‫ودرجا كما قلنا ناهقاً فأوهلا مذاب فراق املشتهيا ‪ ،‬فرتى من فارق املناصب‬
‫واأل موال واإلجالل واإلمظام يود لو يرجع ليسعد مبا كان يهنأ ه يف حيات فإذا ما‬
‫أيس جتلت ل األمور الفاضحا والذنوب املخزان ويبدو ل كل ما ممل وجتد كل‬
‫نفس ما مملت من نشر أمامها حمضراً وتود لو أن هينها وهين أمداً هعيداً‪.‬‬
‫والثالث اآلالم لفوا احلكمة والعلم والعمل الصاحل‪ ،‬وأىن ليعجبين هذه العلوم‬
‫وكيف اتفق مقال اإلمام الغزايل مع هذه األقاويل وكأن هذين القاتلني واخلائنني‬
‫للحكومة ولليتامى أولئك األرهعة كانوا إذ ظهروا لذا الرؤى يف الطبقة الثانية وهدا‬
‫هلم نيئا ما مملوا وحاق هبم ما كانوا ه يستهزئون‪ ،‬ونيصلون ملى حساب‬
‫الدرجة الثالثة درجة املعارف والعلوم الىت أجلها ورأنها معرفة هللا ورنل ومالئكت‬
‫وكتب واليوم اآلخر‪.‬‬
‫وهذا تصديق ملا ورد من رنول هللا يف اجملالس الساهقة من أن امليت يقول وهو‬
‫حممول ملى النعش‪ :‬اي أهلي واي أقاريب إىل آخره‪ ،‬وما جاء يف السرية أن وقف ملى‬
‫أهل القليب واندى اي أاب جهل اي فالن ويواتى قول تعاىل‪{ :‬النار يعرضون مليها‬
‫غدواً ومشيا}‪.‬‬
‫ويوافق كل ما ورد يف هذه اجملالس من العلماء واحلكماء املسلمني فويل لكل‬
‫حاكم ال يفق العدل والنظام‪ ،‬والويل مث الويل للذين أيكلون أموال اليتامى كما قال‬
‫تعاىل‪{ :‬إن الذين أيكلون أموال اليتامى ظلماً إمنا أيكلون يف هطوهنم انراً ونيصلون‬
‫نعرياً} وقال‪{ :‬ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها}‪.‬‬
‫قال شري دمحم لو أيقن احلكام هبذا املقال لصدقوا يف مملهم ولغاروا ملى حكوماهتم‬
‫ولكن أكثر الناس ال يعلمون‪.‬‬
‫ما أحسن هذا احلديث لو انتفاض يف اجمللس فيعرف الناس قيمة حياهتم فيا‬
‫حسرة ملى العباد ما أيتيهم من ذكر يذكرهم هغفلتهم إال كانوا من معرضني‪ ،‬فزدان من‬
‫هذا نردد هدى ورمحة فقلت‪:‬‬
‫قال الكتاب املذكور صفحة ‪ 94‬رو أحدى جرائد هودور الروحانية ننة ‪4911‬‬
‫‪:‬‬
‫قل من ال يعرف مدينة أجنوليم ذلك الغين البخيل الذي هلغ منتهى الشح وامس‬
‫"ل ‪ "...‬فهذا كان يسكن الطاهق السفلي من داره‪ ،‬وملا الحظ جريان أن قد مضى‬
‫ملي أايم متوالية مل خيرج من هيت أملنوا هذلك رجال احملافظة فحضر هؤالء وخلعوا‬
‫الباب فوجدوا الرجل ملى حال التلف مكسو الرأس هقبعة من الورق نصفها حمروق‬
‫مستنداً إ ىل مائدة يعلوها الغبار وميناه شاخصتان إىل كمية من النقود الذهبية امللقاة‬
‫مليها‪ ،‬فجمع رجال احلكومة ما كان خمفياً من النقود يف حجرت وأودموه اخلزينة ليوهزع‬
‫فيما هعد ملى ورثت مث محلوا العليل إىل املستشفى‪ ،‬وهناك قضى حنب هعد قليل‪.‬‬
‫وهعد وفات أبايم أحضرت أحدى اجلماما الروحانية يف تلك املدينة فحضر‬
‫وأملن هلم أبن مل ميت ويريد إنرتجاع مال ‪ ،‬وهعد مرور هضعة أشهر أي يف ‪ 21‬أيلول‬
‫ننة ‪ 4919‬أحضرت اجلمعية مرة اثنية ملى يد ونيط كاتب وونيط انظر مل يكن‬
‫للثاين معرفة ه البتة فحضر وهاك ما رآه وكتب الونيطان يف وقت واحد‪.‬‬
‫الونيط الناظر‪ :‬مدام ب‪.‬‬
‫الونيط الكاتب‪ .‬املسيو جامربتو‪ .‬الروح‪ :‬ماذا تريدون مين؟ دموين أذهب فغين‬
‫مللت القيام هينكم‪ ،‬األحرى هكم أن تردوا يل املال الذي نرقوه مين‪ ،‬ما أقبح مملهم‪،‬‬
‫أان الذي تعبت حيايت كلها ألمجع قليالً من النقود أنتعني هبا مند احلاجة فسرقوها‬
‫مين وأحلوا يب الدمار حىت أصبحت ملى احلضيض والقش ليس يل ما أنند إلي‬
‫رأني‪ ،‬أرجوكم ناديت أن أتخذوا هنصريت وتسعوا يف رد ما أخذوه مين‪.‬‬
‫احملضر‪ :‬ولكن ال شيء يعوهزك طاملا أنت من مداد األموا ‪.‬‬
‫الروح‪ :‬أتقول أن ال شيء يعوهزين‪ ،‬ما هذه الوقاحة‪ ،‬وداننريي أال تعدها شيئاً‪.‬‬
‫احملضر‪ :‬أين واقف أنت اآلن؟‬
‫الروح‪ :‬أال ترى أين واقف حذاءك‪.‬‬
‫احملضر‪ :‬ما ابلك ترغب دائما يف إنرتداد كنزك األرضي أما كان األجدر هك أن‬
‫تسعى يف اكتساب كنز يف السماء‪.‬‬
‫الروح‪ :‬ما أهلدك دلين ملى املكان الذي في كنزي وكف من املزاح‪.‬‬
‫احملضر‪ :‬أال تعرف إذا هللا‪.‬‬
‫الروح‪ :‬ليس يل هذا الشرف‪ ،‬أريد إنرتجاع مايل‪.‬‬
‫احملضر‪ :‬هل جيربك أحد ملى احلضور‪.‬‬
‫الروح‪ :‬ال شبهة يف ذلك ولو مل تكن قوة خارجة تضطرين إىل الوقوف هينكم ملا‬
‫ثبت هرهة ههنا‪.‬‬
‫احملضر‪ :‬أتكره إذن الوقوف هيننا‪ .‬الروح‪ :‬نعم‪.‬‬
‫أحد احلضور‪ :‬هل من أحد جيربك ملى احلضور‪.‬‬
‫الونيطة‪ :‬نعم إن وراءه من يدفع ملى العمل‪.‬‬
‫أحد احلضور‪ :‬مل ال يرحل وقيام ههنا مذاب ل ‪.‬‬
‫الونيطة‪ :‬أنتم أحضرمتوه فاضطر إىل احلضور‪ ،‬وقد ميكن أن يعود ملي ذلك‬
‫هبعض الفائدة‪.‬‬
‫مث ضرب املائدة ابلقلم ضرابً منيفاَ حىت انكسر‪.‬‬
‫قال اي شري دمحم‪ :‬أرجو ان أمرف ما ينانب هذا من ديننا اإلنالمي‪ .‬قلت‪ :‬أمل‬
‫يقل هللا تعاىل‪{ :‬والذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقوهنا يف نبيل هللا فبشرهم‬
‫هعذاب أليم} قال شري دمحم‪ :‬لست من هذا أنأل‪ ،‬أريد ما أابن العلماء‪ .‬قلت‪ :‬لو‬
‫إطلعت ملى ما قرره الغزايل يف اإلحياء لدهشت من مطاهقت هلذه احلوادث فإن الزكاة‬
‫والصدقة والكفارا كلها إمنا فرضها هللا ومحة أبرابب األموال كي ال تتعلق نفونهم‬
‫هبا فيأملون لفقدها وحيزنون لضيامها ويعذهون هعد املو حلسرهتم مليها وشغفهم هبا‬
‫وغرامهم خبزائنها وأنسهم هبا ألفتهم هلا حىت إذا ما قرمت القلب فعذاهبم يف أنفسهم‬
‫وأنت لو تذكر ما نبق لعرفت أن هذه هي الدرجة األوىل من الثالث املذكورا ‪،‬‬
‫وهو مذاب فراق األحباب وذهاب املشتهيا ‪ .‬ولقد صدق الغزايل رمحة هللا يف كشف‬
‫فإن هذا الغىن البخيل أحضر مقب موت وقد قدمنا من اإلمام أن أول مذاب مذاب‬
‫املشتهيا فتأمل وتعجب‪ .‬أما أولئك األرهعة يف حديث ذا الرؤى فإهنم كانوا يف‬
‫الدرجة ال ثانية من العقاب ألهنم مل يظهروا هلا إال هعد أمد هعيد فلل ما أمجب العلم‬
‫واحلكمة‪.‬‬
‫وانظر كيف صدق أقوال هؤالء الفرهيري ما قال الغزايل كشفاً وحتقيقاً مث تعجب‬
‫ألف مرة من أن العذاب هعد املو يف حال الربهزخ وقبل البعث مرتب ترتيباً تصامدايً‬
‫من فراق حمبوب إىل خزي وافتضاح إىل حسرة مدم اكتساب العلم واملعرفة والفضائل‪.‬‬
‫فلتجدن اي شري دمحم ما دمت حياً يف العلم والفضيلة وليكن كل ما تنال من مال‬
‫وجاه موانً ملى كسب الفضيلة وإايك أن تطلب لذات فيتعلق ه قلبك فتقعد هعد‬
‫املو ملوماً حمصوراًكهذا املسكني جلهل يف حيات مبقصود املال ولو مرف القصد من‬
‫ما احرتق فؤاده هعد املو حسرة وحزانً إن ذلك مفصل يف كتب القوم تفصيالً فتأمل‬
‫وتعجب انتهى اجمللس السادس‪.‬‬
‫اجمللس السابع‬
‫يف مناجاة األرواح وانتقامها ابلوسوسة‬
‫وعطفها على الباكني عليها‬
‫وما شابه ذلك من احلكم والعجائب‬

‫قال شري دمحم حدثين من هذا‪ .‬قلت قال يف الكتاب املذكور‪.‬‬


‫قد حيسن هنا أن نذكر ههنا شرح األرواح للوناطة البصرية تعريباً من كتاب‬
‫الونطاء للمعلم أالن كادك‪.‬‬
‫س‪ :‬أمن املمكن أن تراءى األرواح ألحد‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم وخاصة وقت النوم والبعض يروهنا وقت اليقظة وهذا اندر‪.‬‬
‫س‪ :‬هل األرواح اليت ترتاءى ختتص هطبقة واحدة؟‬
‫ج‪ :‬كال هل ميكن للروح من أية طبقة كان أن يرتاءى للعيان هشرط أن يشاء ذلك‬
‫ويؤذن ل في ‪.‬‬
‫س‪ :‬م غاية الروح من ظهوره‪.‬‬
‫ج‪ :‬تكون هذه الغاية محيدة أو رديئة وفقاً لطبيعة الروح املتجلى‪.‬‬
‫س‪ :‬ماذا يقصد الروح الشرير هظهوره ألحد؟‬
‫ج‪ :‬يقصد إهزماج أو االنتقام من ‪.‬‬
‫س‪ :‬وماذا يقصد الروح الصاحل هتجلي ‪.‬‬
‫ج‪ :‬يقصد تعزية من يبكى ملى فقده وإثبا وجوده ولذل النصيحة ملن حيب أو‬
‫طلب اإلنعاف لنفس ‪.‬‬
‫س‪ :‬مل ال تكون رؤية األرواح مامة مستمرة‪ ،‬أال تكون هذه أقوى ونيلة إلقناع‬
‫املنكرين‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا كانت األرواح حتيط ابإلنسان من كل جهة فرؤيتها تكون ابمثاً لتشويش‬
‫أفكاره ومرقلت يف أممال ومائقاً حلريت ‪.‬‬
‫وأما املنكرون فلديهم لدالئل أخرى واضحة تقنعهم إذا أرادوا ونزموا منهم‬
‫الكربايء‪ ،‬لستم جتهلون أن كثرياً من هؤالء رأوا أبمينهم ومل يصدقوا هل نسبوا كل ذلك‬
‫إىل الوهم‪ ،‬فال تقلقوا هلم نوف يذمنون للحقيقة آجالً أو ماجالً‪.‬‬
‫س‪ :‬هل رؤية األرواح يف العامل العلوي أكثر وقوماً منها هنا‪.‬‬
‫ج‪ :‬كلما إرتقى اإلنسان يف احلياة الروحية اهزداد نهولة يف مناجاة األرواح‪ ،‬وأما يف‬
‫ماملكم السفلي فكثافة اجلسد هي العائق األكرب الذي حيول دون معاينة نكان مامل‬
‫الغيب‪.‬‬
‫س‪ :‬هل من الصواب أن يراتع اإلنسان من ظهور الروح ل ‪.‬‬
‫ج‪ :‬ملى العاقل أن يالحظ أن الروح أايً كان أقل خطراً من احلي وإن إذا قصد‬
‫أذية أحد ال حيتاج إىل الظهور ل هل يكتفي مبا يلقي إىل فكره من اإلهلاما الرديئة‬
‫ليجعل حييد من اخلري ويتبع الشر‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن ملن تراءى ل روح أن يطارح احلديث‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم هل هذا جيب ممل أي أن يسأل من هو وماذا يريد وكيف متكن‬
‫مسامدت فإن كان الروح تعباً متأملاً يراح هبوادي هذه احملبة وإن كان صاحلاً أييت‬
‫هنصائح مفيدة‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف ميكن للروح أن جييب‪.‬‬
‫ج‪ :‬جييب نائل إما ابلطريقة اللفظية كاحلي وإما هطريقة االنتقال الفكري‪.‬‬
‫س‪ :‬هل لألرواح اليت ترتاءى ابألجنحة حقيقية أم هذه صورة رمزية‪.‬‬
‫ج‪ :‬ليس لألرواح أجنحة تفتقر إليها ألهنا تستطيع اإلنتقال أينما أراد فقط‬
‫تظهر ابلزي الذي يؤثر ابألكثر يف الشخص املتجلية هي ل فيظهر هعضها هزيها‬
‫االمتيادي وغريها ابحللل البيضاوي واألخرى ابألجنحة كرمز من الطبقة الروحية‬
‫املنتمني هم إليها‪.‬‬
‫س‪:‬هل األرواح اليت ترتاءى لنا يف احللم هي أرواح األشخاص أنفسهم املتجلية هي‬
‫هبيئتهم؟‬
‫ج‪ :‬كثرياً ما يكونون هم أنفسهم‪.‬‬
‫س‪ :‬ان الفكر نوع من االنتحضار ه جتتذب األرواح إلينا فكيف أن من نفكر‬
‫فيهم ابألكثر ونتلهف إىل لقياهم ال يرتاءون لنا يف احللم يف حني أن أانناً ال نفكر‬
‫فيهم يرتاءون لنا كثرياً‪.‬‬
‫ج‪ :‬ليس لألرواح إمكان مطلق للظهور ملن تشاء حىت وال يف احللم فإن موانع‬
‫مديدة غري منوطة إبرادهتا حتول دون ذلك‪ ،‬وأما األرواح اليت ترتاءى يف احللم وأنتم‬
‫غري مفكرين فيها فال يبعد أن يكون هلا هعض التعلق هكم فضالً من أن ليس لكم‬
‫أقل إملام هعالقا مامل الغيب وال هكل األحياء واملعارف الذي ال فكر لكم فيهم‬
‫وقت اليقظة‪.‬‬
‫س‪ :‬ملاذا حتدث الرؤي غالباً وقت املرض؟‬
‫ج‪ :‬ألن العقد املادية الراهطة النفس ابجلسد تراخى وقت املرض فتزداد حرية الروح‬
‫هضعف اجلسد ويسهل مليها إذ ذاك مناجاة األرواح‪.‬‬
‫س‪ :‬ملاذا حتدث الرؤي غالباً وقت الليل؟‬
‫ج‪ :‬للسبب ذات الذي من أجل ترون وقت الليل من النجوم ما ال ترون وقت‬
‫النهار أي أن قوة النور متحو الظهور اخلفيف ولكن ال تتومهوا أن لليل أتثرياً يف الرؤي‪،‬‬
‫إنألوا الونطاء الناظرين خيربوكم مما رأوا وقت النهار‪.‬‬
‫س‪ :‬أيرى الونيط الروح وهو يف حالت الطبيعية أم يف حال اإلخنطاف‪.‬‬
‫ج‪ :‬كثرياً ما يراه وهو ملى حالت الطبيعية إال أن يراه غالباً وهو يف حالة قريبة من‬
‫اإلخنطاف تدمى ابلنظر الروحي‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف جيعل الروح نفس منظوراً؟‬
‫ج‪ :‬مبا أيتي من التغريا يف جسم الروحاين فيظهر ملى أثرها ابهليئة البشرية يف‬
‫احللم أو يف النور أو يف الظلمة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يصح القول أبن الروح جيعل نفس منظوراً هتكثيف جسم الروحاين؟‬
‫ج‪ :‬ليس للتكثيف دخل ههنا هل يقال ذلك هوج التشبي فإن الروح هقوة السائل‬
‫احليوي الذي يتشره من الونيط جيعل جسم الروحاين ملى حالة متكن الناظر من‬
‫رؤيت ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل لكل الناس قدرة ملى رؤية األرواح‪.‬‬
‫ج‪ :‬يف احللم نعم ولكن ليس يف اليقظة‪.‬‬
‫س‪ :‬مباذا تقوم خاصية الوناطة البصرية؟‬
‫تقوم مبا للونيط من السهولة ملزج نوائل هسوائل الروح‪ ،‬فال يكفي للروح أن‬
‫يرغب يف الظهور حىت يظهر‪ ،‬هل يفتقر إىل أن جيد يف الشخص املتجلي هو ل‬
‫القاهلية لذلك‪ ،‬أما الوناطة البصرية املستمرة فهي حالة انتثنائية ال ميلكها إال من‬
‫ندر‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن للروح أن تتجلى هبيئة خمالفة للهيئة البشرية‪.‬‬
‫ج‪ :‬اهليئة البشرية هب اهليئة األصلية‪ ،‬فيستطيع أن يغري ظواهرها ولكن القالب ال‬
‫يتغري‪.‬‬
‫س‪ :‬أال تظهر األرواح أحياانً هبيئة شهب‪.‬‬
‫ج‪ :‬أهنا تنشيء شهباً وأنواراً إلثبا وجودها‪ ،‬ولكن ليست األنوار والشهب هي‬
‫األرواح‪ ،‬هل لعلع أو صدور من اجلسم الروحاين الذي ال يظهر هكمال إال يف الرؤي‬
‫البصرية‪.‬‬
‫س‪ :‬ما قولك يف النريان الغاهزية املتصامدة من املقاهر واألماكن النتنة هل هي دليل‬
‫ملى حضور أنفس األموا ‪.‬‬
‫ج‪ :‬أمزاؤها إىل أنفس األموا ضرب من اجلهل والغباوة وملتها الطبيعية أصبحت‬
‫اليوم أشهر من انر ملى ملم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن لألرواح أن ترتاءى هبيئة حيوانية‪.‬‬
‫ج‪ :‬قد ميكن حدوث ذلك وال أييت هذا العلم إال األرواح السفلية فيكون ظهورها‬
‫هبذه اهليئة مؤقتاً ألن ليس من املعقول أن الروح تريد أن حتبس يف جسم حيواين‪.‬‬
‫وملا أمتمت هذا املقال قال شري دمحم‪ :‬ما أوفق هذا ملا نص مل أكاهر ملماء أمتنا‪،‬‬
‫فإهنم يقولون أهنا ال ترى إال إذا تشكلت‪ ،‬فإما هي ملى حاهلا فال تظهر‪ ،‬واحلق أن‬
‫هذا العلم احلديث شرح للدين اإلنالمي مث قلت‪:‬‬
‫ورد هكتاب املذهب الروحاين صفحة ‪-:78‬‬
‫رو اجلميعة العمومية اإلنكليزية امللقبة هشركة املباحث الروحية يف كتاهبا أشباح‬
‫األحياء احلادثة اآلتية‪:‬‬
‫إن كاهناً حدث السن ل من العمر تسع مشرة ننة غذ كان مقيماً أبنفر كاكسد‬
‫من جزائر هزيلندة اجلديدة اتفق يوماً مع أصحاب ل ملى الذهاب إىل جزيرة رواهوك‬
‫واملكث هبا يوماً أو يومني قصد الصيد والقنص‪ .‬وأمجعوا رأيهم ملى أن ينهضوا‬
‫السامة الراهعة صباحاً ليغتنموا فرصة مد البحر‪ ،‬ويقطعوا الصخرة وومدوا الكاهن أن‬
‫أيتوا إليقاظ يف السامة املعنية‪ ،‬فذهب هذا إىل الرقاد وهو مصمم النية ملى مرافقتهم‬
‫وهينما هو يصعد يف نلم غرفت مسع صواتً يقول ل ‪ :‬ال تذهنب غداً مع هؤالء‪ ،‬فبهت‬
‫الكاهن من هذا التنبي إذ مل يكن حول أحد ونأل املتكلم السري ملاذا؟ أجاه‬
‫الصو وكان وكأن صادر من داخل غرفت ‪ :‬ال ينبغي أن تذهب معهم‪ ،‬وإذ كرر ملي‬
‫السؤال مرة اثنية أاته اجلواب ذات فقال الكاهن‪ :‬كيف أختلص من جلاجتهم وقتما‬
‫أيتون إليقاظي؟ أحاه الصو السري هصراحة‪ :‬إقفل ابهك ابملفتاح حمكماً‪ .‬فرتدد‬
‫الكاهن هرهة مث أخذ حتدث النفس حبلول خطر مبني فتزمزع مزم ورضخ لصو‬
‫التنبي السري فأقفل الباب حمكماً ورقد يف نريره‪ ،‬وحضر رفقاؤه السامة الثالثة من‬
‫الصباح وقرموا ابب غرفت هعنف وإذ مل حير الكاهن جواابً إنصرفوا من وهم يقرمون‬
‫هلواذع اللسان‪ .‬ويف السامة التانعة إذ قام الكاهن ليبتناول الطعام صباحاً أخربه‬
‫صاحب الفندق أن املركب القاصد جزيرة رواهوك التطم ابلصخرة فانكسر وغرق كل‬
‫من في ‪ ،‬وأن هعضاً من جثث الغرقى قذفها البحر ملى الشاطيء قال صاحب الرواية‪،‬‬
‫لو إين خالفت صو التنبي ورافقت أصحايب إىل جزيرة الصيد النقنص ملا كنت اليوم‬
‫من مداد األحياء‪.‬‬
‫وروى العالمة مايرس احلادث اآليت تعريب ‪:‬‬
‫دخلت السيدة كايديل غرفة اإلنتحمام وهعد أن خلعت ثياهبا مسعت صواتً يقول‬
‫هلا جهاراً ‪" :‬إنزمي هزالج الباب فبهتت وفتشت يف كل انحية" فلم جتد مصدراً‬
‫للصو ‪ ،‬فظنت أن ما مسعت وهم وماد ملى املغطس فما كاد تستقر في حىت‬
‫ماودها الصو يصيح ثالاثً وهلهجة احلدة‪ :‬إنزمي هزالج الباب‪ ،‬فاراتمت السيدة‬
‫وهنضت من مغطسها ولبت أمر الصو ‪ ،‬وملا ماد إىل املغتسل أغمى مليها‬
‫ونقطت حتت املاء‪ ،‬وإمنا حلسن توفيقها كانت قد قبضت ملى حبل جريس قبل‬
‫اإلغماء‪ ،‬فسمعت اخلادمة وهرمت إىل إنقاذها من حتت املاء‪ ،‬فلو كان الباب مزجلاً‬
‫ملاتت قبل أن تتمكن اخلادمة من جناهتا اهـ‪.‬‬
‫يف هذا احلديث فائدة مامة وهو التصديق هعامل األرواح ليؤمن الناس هبقائهم هعد‬
‫املو ‪.‬‬
‫وقبل أن أقص مليك هذا احلديث أقدم لك مقدمة وجيزة يف الوناطة اخلطية‪:‬‬
‫وهي أن هعض القوم يف أورواب مثل الدكتور نريايكيس األملاين جيلسون هزمناً متكرراً‬
‫كل ليلة حنو ‪ 28‬أو أكثر أو أقل متعرضني لنفحا األرواح فيبدو هلم إهتزاهز يف‬
‫أيديهم اليمىن واليسرى وأيخذون يكتبون مقاال أو يرمسون رنوماً هديعة وهم ال‬
‫يشعرون ابملعىن وال اللفظ وال الرنم‪ ،‬فرتى أحدهم هكلم آخر ويده تكتب مقالة‬
‫مجيبة أو ترنم منزالً هديعاً وهو جيهل الرنم والتصوير‪ ،‬هل أنشأ األرواح ملى يد‬
‫فيكتوراي ناردو أحد أمضاء األكادميية االفرنسية صورة نقشية متثل منزالً هديع الصنع‬
‫يف كوكب املشرتي فهذا ونيط آيل‪.‬‬
‫وهعضهم يكتب املقالة حبال أرقى‪ ،‬ذلك أن يده تكتب هغري اختياره ودماغ يفهم‬
‫املعىن وهذا نصف آيل‪ ،‬وآخرون يكتبون هفكر اختياري وممل اختياري وذلك هو‬
‫اإلهلامي‪ ،‬وهو أمالمهم كالكتاب البارمني امللهمني الذين يكتبون املقاال أنرع من‬
‫الربق واملعاين تتدفق مليهم كأهنم جمبولون مليها‪.‬‬
‫وهناك مقالة ألحد األرواح يف الوناطة اخلطية نقالً من كتاب الونطاء للمعلم‬
‫الفيلسوف آالن كارداك قال ما تعريب ‪:‬‬
‫إن طريقة مناجاتنا للونيط الكاتب ملهماً كان أو آلياً ال ختتلف كثرياً يف الكيفية‬
‫فإننا نناجي األرواح املتجسدة كما نتناجى حنن مع هعضنا أي إبشعاع الفكر‪ ،‬ملى‬
‫أننا حنن معاشر األرواح ال حنتاج إىل الطريقة اللفظية ليدرك هعضنا أفكار هعض هل‬
‫يكفي أن نوج الفكر إىل من نقصد إلقاءه غلي فيفهم إن كان هو قاهالً لفهم ‪،‬‬
‫ألن من األرواح من ال حيد فهمها هعض األفكار‪ .‬إن روحاً كهذا إن كان متجسداً‬
‫يكون لدينا آلة أصلح لنقل أفكاران إليكم مما لو كان غري متجسد واحتجنا إىل‬
‫وناطت يف ذلك‪ ،‬ألن الروح املتجسد يقدم لنا جسده كآلة لبسط أفكاران‪ ،‬والروح‬
‫املنطلق ال يقوى ملى ذلك‪ ،‬إذا وجدان ونيطاً مآلن الدماغ مبعارف مكتسب يف‬
‫حيات احلاضرة‪ ،‬وروح غنية مبعارف ناهقة العهد كامنة اآلن في ‪ ،‬نؤثر غالباً‬
‫انتخدام ملى من كان قاصر الفهم ومعارف الساهقة انقصة‪.‬‬
‫إن الروح يلقي فكره إىل الونيط وجيد يف دماغ ما يلبس هذا الفكر حلة من‬
‫الكالم‪ ،‬فاملقاال اليت يكتبها الونيط وإن كانت صادره من أرواح خمتلفة جند فيها‬
‫مع ذلك هلجة ورونقاً واحداً‪ ،‬وشرح ذلك أن الفكر امللقى إلي وإن كان غريباً من‬
‫خارجا من دائرة ذهن ال ميكن مع هذا أن خيلوا من صيغة الكالم الناجتة من‬
‫صفا الونيط ومزاايه ومثال ذلك أنك إذا نظر ملى نواح شىت هنظارا ملونة‬
‫جتد يف النواحي وإن كانت خمتلفة املوضع واهليئة لوانً واحداً صادراً من صيغة‬
‫النظارا ‪ .‬وميكننا أيضاً أن نشب الونطاء هتلك األواين الزجاجية املآلنة املعرضة يف‬
‫الصيدليا ‪ ،‬فنحن أشب أبنوار مضيئة لبعض من املوضوما األدهية أو الفلسفية أو‬
‫العلمية ملى يد ونطاء خمتلفي األلوان واهليئة‪ ،‬فال مين ألشعتا أن تنظر إللتزامها خرق‬
‫الزجاجا املختلفة للونطاء املتباينني يف الذكاء والعلم‪ ،‬إال أن تلبس حلة أي صيغة‬
‫خاصة ابلونيط‪ .‬وقد يسوغ أخرياً أن نشب أنفسنا مؤلف مونيقي صنف أغنية وأراد‬
‫أن يسمعها ملى آلت ‪ ،‬فإن كانت اآللة أرغنا أو مزماراً أو كمنجة يسمع أغنيت هبيئة‬
‫كاملة تلذ للسامع‪ ،‬وإن مل يكن لدي االشباهة هسيطة فهناك يلقي الصعوهة‪ .‬هكذا‬
‫حنن مندما نضطر إىل انتخدام ونطاء قاصري الفهم إلظهار أفكاران‪ ،‬فإذ ذاك نلتزم‬
‫أبن جنزيء صورة أفكاران كلمة فكلمة وحرفاً فحرفاً‪.‬‬
‫وهذا يؤثر فينا ملالً وتعباً هزائداً ويعرقل ما نروم أداءه وحسن تبيان ‪ ،‬وهلذا نسر جداً‬
‫هوجود ونيط مزين ابملعارف مكتسب أدوا صاحلة للعمل إذ أن جسمنا الروحاين‬
‫أبرتباط وقتئذ مع جسم يقتصر ممل ملى حتريك هد الونيط كما لو كانت هذه‬
‫لدينا مبنزلة محالة قلم خالفاً ملا لو كان الونيط انقص العلم إذ نلتزم أن أتيت مع هعمل‬
‫أشب هعملنا يف طرق املوائد أي أن نشري كلمة فكلمة وحرفاً فحرفاً إىل كل من اجلمل‬
‫املعربة من أفكاران‪.‬‬
‫أننا يف املقاال البديهية نوج ملمنا إىل دماغ الونيط وجنمع من غري ملم ما جند‬
‫في من األدوا واألصول املالئمة ألفكاران كما لو كنا أنخذ نقوداً م جراه ونرتبها‬
‫ملى إختالف أجنانها‪ .‬ولكن إذا أراد الونيط أن يسألنا هنفس من موضوع من‬
‫املوضوما فحس أن يستعد لذلك قبالً ويرتب أنئلة ملى منهاج أصول فسيهل لنا‬
‫هذلك فعل اجلواب‪ ،‬ألن الدماغ غالباً يكون فيكم ملى حالة تشويش فيعسر ملينا‬
‫مندئذ التقلب يف ونط األفكار املتصامدة في ‪ .‬وإن كان املتسخرب شخصاً اثلثاً‬
‫فحسن ومفيد لنا ول أن يطلع الونيط قبالً ملى األنئلة الراغب يف إلقائها حىت‬
‫يتشرهبا هذا هنوع القول ويهون لنا الرد مليها مبا يكون قائماً من التنانب هني نوائلنا‬
‫ونوائل ‪.‬‬
‫ال جرم أننا نستطيع أن نكتب مقاال يف الرايضيا ملى يد ونيط غريب‬
‫منها‪ ،‬ولكن ال يبعد أن يكون هذا مالكاً العلم املذكور يف وجود ناهق وهو اليوم‬
‫كامن يف روح وهكذا قل من ملم األفالك والشعر والطب واللغا األجنبية وما‬
‫شاكلها من العلوم البشرية‪ ،‬هذا وإن لدينا أخرياً طريقة أخرى مضنكة جداً لكتب‬
‫املقالة ملى يد ونيط جاهل ابلكلية ملوضومها وهي تركيب األحرف والكالم كما يف‬
‫املرانلة التلغرافية ا هـ‪.‬‬
‫وهذه املقالة مصداق ملا جاء يف ديننا اإلنالمي من أن الشر واخلري من ونونة‬
‫الشيطان أو إهلام امللك‪.‬‬
‫قال اإلمام الغزايل يف اجلزء الثالث لألحياء صفحة ‪ :21‬إن مبدأ األفعال اخلواطر‬
‫مث اخلاطر حيرك الرغبة والرغبة حترك العزم والعزم حيرك النية والنية حترك األمضاء‪،‬‬
‫واخلواطر احملركة للرغبة تنقسم إىل ما يدمو إىل الشر أمين إىل ما يضر يف العاقبة وإىل‬
‫ما يدمو إىل اخلري أمين إىل ما ينفع يف الدار اآلخرة‪ ،‬فهما خاطران خمتلفان فافتقر إىل‬
‫إمسني خمتلفني فاخلاطر احملمود يسمى إهلاماً واخلاطر املذموم أمىن الدامي إىل الشر‬
‫يسمى ونواناً‪ .‬مث أنك تعلم أن هذه اخلواطر حادثة‪ ،‬مث إن كل حادث فال هد ل من‬
‫حمدث‪ ،‬ومهماً اختلفت احلوادث دل ذلك ملى إختالف األنباب‪ ،‬هذا ما مرف‬
‫من ننة هللا تعاىل يف ترتيب املسببا ملى األنباب‪ ،‬هذا ما مرف من ننة هللا تعاىل‬
‫يف ترتيب املسببا ملى األنباب‪ ،‬إىل أن قال فسبب اخلاطر الدامي إىل اخلري‬
‫يسمى ملكاً‪ ،‬ونبب اخلاطر الدامي إىل الشر يسمى شيطاانً‪ .‬مث قال وامللك مبارة‬
‫من خلق خلق هللا تعاىل شأن إفاضة اخلري‪ ،‬وإفادة العلم وكشف احلق والومد ابخلري‬
‫واألمر ابملعروف‪ ،‬وقد خلق ونخره لذلك‪ ،‬والشيطان مبارة من خلق شأن ضد‬
‫ذلك‪ ،‬إىل أن قال‪ :‬فالقلب متجاذب هني الشيطان وامللك‪ ،‬وقد قال ‪ :‬يف القلب‬
‫ملتان ملة من امللك إيعاذ ابخلري وتصديق ابحلق‪ ،‬فمنوجد ذلك فليعلم أن من ال‬
‫نبحان وتعاىل‪ ،‬وليحمد هللا تعاىل‪ ،‬وملة من العدو إيعاذ ابلشر وتكذيب ابحلق‪ ،‬وهنى‬
‫من اخلري‪ ،‬فمن وجد ذلك فليستعذ ابهلل الشيطان الرجيم‪ ،‬مث تال قول تعاىل‪:‬‬
‫{الشيطان يعدكم الفقر وأيمركم ابلفحشاء وهللا يعدكم مغفرة من وفضالً وهللا وانع‬
‫مليم}‪ .‬اهـ‪ .‬ابختصار املقصود من يف كتاب شرح مجائب القلب انتهى اجمللس‬
‫الساهع‪.‬‬
‫اجمللس الثامن‬
‫(يف حماورات األرواح وتطبيق ما يف األحياء وغريه‬
‫من كتب اإلسالم على ما ذكرته األرواح)‬

‫قال شري دمحم‪ :‬اي نيدي يف اجمللس الساهع قد مجعت هني ما جاء ه الدين‬
‫اإلنالمي والكشف احلديث‪ ،‬وأصبح ما كشف القوم يف أورواب مصداقاً لديننا‬
‫اإلنالمي‪ ،‬فالقوم يقولون أن اآلراء والعلوم واملعارف والشرور احلادثة يف األفئدة انمجة‬
‫من إهداء وإضالل األرواح الفاضلة والناقصة‪ ،‬والنيب يقول‪ :‬يف القلب ملتان ملة من‬
‫امللك وملة من الشيطان‪ .‬إن هذا ملن العجب‪ ،‬ولقد كنا منر ملى ذلك مراً‪ ،‬وال نلتفت‬
‫إلي ‪ ،‬ونكل ملم إىل هللا‪ ،‬واحلق أن الكشف احلديث معجزة لنبينا ومصداق قول‬
‫تعاىل‪ :‬ننرهبم آايتنا يف اآلفاق ويف أنفسهم‪ .‬أما يف اآلفاق فالكشف الطبيعي‪ ،‬وأما‬
‫يف األنفس فتلك العجائب الروحية يف مجيع البلدان‪ ،‬ومن العجب أن تقوم هبا أمم‬
‫الفرجنة وهم ال يعرفون القرآن ودين اإلنالم‪ ،‬اي ليت املسلمني هذلك يشعرون‪ ،‬مث‬
‫قال‪ :‬ها ما مندك من هذه األخبار فإهنا نارة لذيذة حلوة تسر املفكرين فقلت‪-:‬‬
‫قال يف الكتاب املذكور‪ :‬وحيسن هنا أن نذكر ههنا هعض أجوهة األرواح ملى‬
‫أنئلة طرحت مليها يف هذا املوضوع‪.‬‬
‫س‪ :‬ملاذا ترى هعض الونطاء الصاحلني ذوي اخلصال احلميدة ال يتمكنون من‬
‫مناجاة األرواح الصاحلة‪.‬‬
‫ج‪ :‬قد ميكن أن يكون ذلك قصاصاً هلم من ذنوب ماضية‪ ،‬مث ما أدراك ما يف‬
‫قلب الونيط الصاح من الكربايء اخلفية؟ هل من إنسان كامل ملى وج األرض‪ ،‬ال‬
‫ختدمن هظاهر الفضيلة فإهنا تسرت غالباً ميوابً خفية إنك تدمو كامالً من جتده‬
‫متجنباً لألذى مستقيماً يف معاملت مع الناس‪ ،‬ولكن أتعلم أن مل تكن هذه الصفا‬
‫في مشوهة ابلكربايء وحب الذا أو ليس يف ابطن نوع من احلسد واحلقد ال يظهر‬
‫لعينيك‪ ،‬أن أحسن وانطة لطرد األرواح الشريرة هي السعي يف التقرب من طبيعة‬
‫األرواح الصاحلة‪.‬‬
‫س‪ :‬أال ميكن التخلص من األرواح الشريرة هطريقة إرشادها وإصالحها‪.‬‬
‫ج‪ :‬ال شك يف ذلك وقل من يفكر في إن ذا لفرض واجب ينبغي القيام ه هكل‬
‫دقة وحمبة‪ ،‬فبقليل من النصائح املخلصة ميكنكم أن حتركوا فيها الندامة وتسهلوا هلا‬
‫الرتقي‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف ميكن لإلنسان أن يكون ل يف ذلك فعل أمظم من فعل األرواح‬
‫العلوية‪.‬‬
‫ج‪ :‬تؤثر األرواح الشريرة التقرب من هين البشر ملقاصد رديئة‪ ،‬فإن وجد من الناس‬
‫من أخذ يسعى يف إرشادها مند تقرهبا إلي ‪ ،‬ضحكت يف ابديء األمر من وما‬
‫إنتفاد شيئاً‪ ،‬ولكن إذا انتعمل الونيط الفطنة يف نصائح فال هد لكالم من أن‬
‫يؤثر شيئاً فشيئاً وليس املعىن يف ذلك أن لإلنسان نلطاانً متفاواتً ملى األرواح‬
‫العلوية‪ ،‬هل كالم يؤاخي ابألكثر طبيعة األرواح السفلية‪ ،‬وهذا دليل ملى اإلرتباط‬
‫القائم ما هني كافة األرواح ملى إختالف طبقاهتا‪.‬‬
‫س‪ :‬أال يكون أحياانً اإلنتيالء اجلسدي نوماً من اجلنون‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم ولكن خيتلف جداً من اجلنون ماإلمتيادي إن يف البيمارنتان كثرياً من‬
‫هؤالء اجملانني الذي يستدمي حاهلم معاجلة أدهية وهطرد الروح الشرير منهم يتم‬
‫شفاؤهم‪ ،‬غري أن األطباء يداووهنم مبعاجلا جسدية تنتهي هعم غالباً إىل حالة اجلنون‬
‫احلقيقي‪ ،‬فمىت مرف األطباء أصول الروحانية إنتقامت آراؤهم وحتسنت أحوال‬
‫مرضاهم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما قولك فيمن يزممون أن أحسن طريقة لدفع هعض أخطار الوناطة‬
‫انتئصال شأن اجملتمعا الروحانية‪.‬‬
‫ج‪ :‬إن إنتطاع هؤالء أن يصدوا هعض الونطاء من مناجا األرواح ال يقوون‬
‫ملى منع التجليا البديهية اليت تتم ملى يديهم وذلك لعجزهم من إنتئصال األرواح‬
‫ومنع فعلهم اخلفي‪ ،‬ومملهم هذا أشب ابألطفال الذين يغمضون أمينهم أبيديهم طناً‬
‫منهم أن الناس ال يروهنم‪ .‬أن لضرب من اجلهالة إنتئصال شيء كلي الفائدة لدامي‬
‫أن هعضاً من قليلي الدراية يسئون التصرف ه يف حني أن التعمق يف أصول أحسن‬
‫ونيلة لدفع أضراره‪.‬‬
‫ومل ا قصصت ملي هذا القصص قال لقد ظهر من احلديث أن األرواح اجملردة من‬
‫املادة قد تتهذب وتتأدب هنصائح األرواح املتجسدة من اآلميني وهذا مل يكن ليخطر‬
‫ملى ابل‪ .‬من هؤالء قد غادروا املادة ونزحوا وناحوا يف أقطار العامل ومرفوا احلقائق‬
‫فكيف تؤثر فيهم آراؤان وأقوالنا وحن ن يف هذا السجن مع جهلنا أن دائرة فكري لن‬
‫تتسع ملثل هذا‪ ،‬ولعل تلك األقوال اليت تبدو من هعض األرواح اليت ال تتحرى احلقائق‬
‫وال تطبق آؤها ملى اليقني‪.‬‬
‫قلت لقد جاء يف القرآن احلكيم أن النيب ملا قرأ القرآن مسع اجلن واهتدوا ه‬
‫{فقالوا إان مسعنا قرآانً مجباً يهدي إىل الرشد فأمنا ه ولن نشرك هرهنا أحداً وأن تعاىل‬
‫جد رهنا ما ختذ صاحبة وال ولدا وأن كان يقول نفيهنا ملى هللا شططا وأان طننا أن‬
‫لن تقول اإلنس واجلن ملى هللا كذابً وأن كان رجال من اإلنس يعوذون هرجال من‬
‫اجلن فزادوهم رهقاً وأهنم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث هللا أحداً}‪.‬‬
‫فهذا صريح يف أن هذه الطائفة من اجلن اهتدوا ابلقرآن وأهنم مل يعرفوا تنزيه تعاىل‬
‫من الصاحبة والولد‪ ،‬كما مسعت يف اجملالس الساهقة من تلك األرواح اليت أشبهت‬
‫اجلن يف اجلهل والشر‪.‬‬
‫فرتى ذلك العين البخيل الذي ذكران‪ .‬وقد أحضر مند موت ‪ .‬ومل يدر أن ميت‬
‫وهقي قلب معلقاً ابلدنيا ومل جير ذكر هللا ملى قلب وخروج من الدنيا مل جيرده م‬
‫مالئقها وكذلك ذلك الروح الطائش املتقدم الذي قال أان أنلي نفسي‪ .‬فهذان‬
‫وأمثاهلما مل شيئاً هعد موهتما‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬ومن كان يف هذه أممى فهو يف اآلخرة‬
‫أممى وأضل نبيالً} فيا حسرة ملى األحياء إذا ضلوا السبيل فجهلوا حياهتم ومماهتم‬
‫حىت يضلهم األشرار من األحياء ومن اجملردين من املادة كأولئك الذين يصدقون ما‬
‫يلقى إليهم يف املنام الشيطاين والذين يعوذون من اإلنس هرجال من اجلن فيخربوهنم‬
‫أبخبار ما أنزل هللا هلا من نلطان‪ ،‬كما ترى يف الكتاب كيف كان الروح الذي يغوي‬
‫الونيط يسد ملي مسالك فال يسمع إال من الروح املسلط ملي ‪ ،‬ويصم من مساع‬
‫كل هرهان فهذه مصداق ملا يف اآلية‪{ :‬وأن كان رجال من اإلنس يعوذون هرجال من‬
‫اجلن فزادوهم رهقا}‪.‬‬
‫اي شري دمحم أان أتعجب من هذا املقال املتقدم أال ترى إىل قول الروح ( ال تغرتو‬
‫هظاهر الفضيلة فإهنا تسرت غالباً ميوابً خفية) إىل أن قال أن هذه الصفا قد تكون‬
‫مشوهة ابلكربايء‪ ،‬أو ليس يف ابطن نوع من احلسد واحلقد ال يظهر لعينيك؟ فقال‬
‫شري ‪ :‬وما الذي يف هذا القول قلت في ملم غزير وأمر مظيم كبري ونر غامض‬
‫قصر من دون وهللا أمناق القحول‪ ،‬أمل إىل قول تعاىل {نأصرف من آاييت الذين‬
‫يتكربون يف األرض هغري احلق وأنريوا كل آية ال يؤمنوا هبا وأن يروا نبيل الرشد ال‬
‫يتخذوه نبيال وأن يروا نبيل الغي يتخذون نبيال ذلك أبهنم كذهوا آبايتنا وكانوا منها‬
‫غافلني}‪.‬‬
‫اي شري دمحم‪ :‬ألست ترى أن كل ذي غرور من أهل العلم الصالح أو الغين يتجاىف‬
‫ويتعاىل أن يسمع العلم ممن هو أملم من تكرباً وتعاظماً‪ ،‬فيقع يف اجلهالة العمياء‪،‬‬
‫وهذه إحدى املهلكا كما يف احلديث (ثالث مهلكا شح مطاع وهوى متبع‬
‫وإمجاب املء هنفس )‪ ،‬فالناس ملى األرض مساكني يكتفون مبا ظهر ويعرضون مما‬
‫انترت‪ ،‬ولذل ك قال ملماؤان أن الذنوب القلبية من احلقد واحلسد والعجب والكربايء‬
‫كبائر أفظع وأشد وأقطع للنفوس اإلنسانية من الكبائر الظاهرية‪ ،‬وإن من أتقن‬
‫العبادا الظاهرة وخال قلب وفرغ من األخالق العالية فإن هذا ينفع يف الدنيا مند‬
‫الناس هظاهر الصالح ول خالق ل يف اآلخرة‪.‬‬
‫أنظر األحياء لإلمام الغزايل رمح هللا تعاىل‪ ،‬فلقد أوضح هذا أبونع معاني ومقد‬
‫كتاابً للمهلكا وكتاابً للمنجيا وجعل التعلق ابلدنيا مما الرذيلة ومهاد اخليال‬
‫ومعدن الوابل وداء مضاالً ومفسدة للمرء أي مفسدة ولقد أابن أن آراء اإلنسان‬
‫وأخالق وأممال ومقائده هي هي اليت تبقى مع هعد موت ومليها مدار شقائ أو‬
‫نعادت ‪ ،‬والقرآن غىن هذلك‪ .‬أمل تر إىل قول تعاىل رداً ملى اليهود {هلى من كسب‬
‫نيئة وأحاطت ه خطيئت فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} فإن اليهود قالوا‪:‬‬
‫{لن متسنا النار إال أايماً معدودا } فكان هذا اخلطاب من هللا تعاىل رداً مليهم‪،‬‬
‫فجعل العذاب منوطاً ابألممال واخلطااي اليت أحاطت ابلروح ولصقت هبا وامتزجت‬
‫كما نرى الناس يف الدنيا يالهزمون ذنباً امتادوا ملي وقد ملموا نوء مغبت ورداءة‬
‫مسعت وشنامة منظره وهؤس فعل وحنس طالع وشؤم مصدره ومورده وهم ال‬
‫يستطيعون من حوال‪ .‬ويقولون لالئمهم ملمنا صدق نصيحتك وخالص قلبك وغاية‬
‫وجهتك ولكن قد أصاهنا نيئا ما كسبنا والعادة ملكتنا واألخوان واألحباب‬
‫طاوموان ملي فإن حنن خالفنا آراءهم واتبعنا غري ننتهم نلقوان أبلسنة حداد وأكثر‬
‫الناس يف هذه احلياة جعل يف أمناقهم أغالل فهم مقمحون‪ ،‬وجعل من هني أيديهم‬
‫ند ومن خلفهم ند فأغشى ملى أمينهم فهم ال يبصورن‪ ،‬إال ما مرنوا ملي ودرجوا‬
‫وانتأنسوا ه وظاهرهم ملي األصحاب وأوجبت البيئة والعادة والرتهية إال من رحم‬
‫رهك‪ ،‬فإذا كنا وحنن يف هذه احلياة ولنا مسعنا وأهصاران وأمضاؤان ولنا احلرية املطلقة قد‬
‫قيدان وصفدان أبصفاد من حديد‪ ،‬فما ابلك هنا وقد نزع منا السالح فصران مزالً‬
‫وذهب مسعنا وأهصاران‪ ،‬أفال تكون أرواحنا قد انتقر ملى حاهلا ونار ملى‬
‫منهجها ال حتيد من قيد شعرة إذ ال قدرة هلا ملى التخلص مما ملمت ومملت ‪ ،‬هللا‬
‫ما معناه (إمنا هي‬ ‫أكرب هللا أكرب‪ ،‬جل العلم وجلت احلكمة‪ ،‬أمل تر إىل قول‬
‫أممالكم تعرض مليكم) وقول تعاىل‪{ :‬اقرأ كتاهك كفى هنفسك اليوم مليك حسيباً}‬
‫وقول تعاىل‪{ :‬يوم جتد كل نفس ما مملت من خري حمضراً وما مملت من نوء تود‬
‫لو أن هينها وهين أمداً هعيداً وحيذركم هللا نفس } أنظر هذا القول وقارن هكالم األرواح‬
‫جتده منطبقاً أشد اإلنطباق ملى اآلاي واألحاديث‪ .‬وأحيلك تكراراً ملى "إحياء‬
‫اإلمام الغزايل" فإن ما قرأت من األرواح يف هذا الكتاب وما نتقرؤه جتده روح كتاب‬
‫"األحياء" ويكون جممالً ملفصل ومسطاً لدرره ومنقاً لقالدت ومتناً لشارح ومعىن للفظ‬
‫وإنساانً لعين ‪ .‬وأان أكتب هذا وأان معجب أشد اإلمجاب من هذه املوافقة الغريبة‬
‫البديعة‪ ،‬وكيف ما كنت أقرؤه يف هذا الكتاب ليايل وشهوراً ذوا مدد أتذكره يف‬
‫هذه احملاضرا من اجملامع األوروهية املختلفة املشارب واملمالك‪ ،‬واألرواح احملدثة هلم‪،‬‬
‫أن يف ذلك لعربة ألوي األهصار‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬إن ما كان ليخطر ابلبال أن نصل يف هذا العلم إىل هذا احلد‪ ،‬ولقد‬
‫أصبح كل حديث مما تقص ملى آية وحجة وهرهاانً ومعجزة لسيد البشر‪ ،‬ومن ذا‬
‫الذي كان خيطر ل أن تصبح األمور السمعية حمسونة يعرفها اجلهال والعلماء‪ ،‬صدق‬
‫هللا العظيم {ننريهم آايتنا يف اآلفاق ويف أنفسهم حىت يتبني هلم أن احلق}‪ .‬ولقد تبني‬
‫أن هذا القرآن حق حىت أصبحت األمور اخلارجة من العقل واضحة كاحملسونا ‪،‬‬
‫وهل هعد هذا هيان‪ ،‬ما شاء هللا كان‪.‬‬
‫ولكن اي نيدي قد مر ملى كلمة يف األحاديث الساهقة مل أفهمها‪ .‬ما معىن‬
‫قول الروح فيما تقدم؟ ال يبعد أن يكون هذا مالكاً العلم املذكور يف وجود ناهق‪،‬‬
‫وهو اليوم كامن يف روح ‪.‬‬
‫قلت اي شري دمحم‪ :‬هذا السؤال خطر يل كثرياً‪ ،‬والذي أمرف أن دين اإلنالم يبني‬
‫أن الروح كان قبل خلق األجسام‪ ،‬ويتجلى لك هذا يف آية {وإذ أخذ رهك من هين‬
‫آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم ملى أنفسهم ألست هرهكم قالوا هلى}‪ .‬أما اهن‬
‫نينا وأضراه من الفالنفة فقد قالوا أن األرواح خلقت مع األجسام وملي فاآلية‬
‫مؤولة‪ .‬فمقال الروح يؤيد ما ورد يف القرآن ويدحض ما قال اهن نينا‪ ،‬ويفيد أن‬
‫األرواح كانت قبل خلق األجسام‪ .‬ولعل األرواح كانت يف غالف نوراين ال يرى من‬
‫مادة األثري اليت تدق ملى األذهان فضالً من العيان‪ ،‬ولعل لألرواح هناك معارف‬
‫وملوماً ال ندريها‪ ،‬وفوق كل ذي ملم مليم‪ ،‬وهذا ما ال طاقة لنا هعلم نكل إىل هللا‪.‬‬
‫واقعـة روحية‪:‬‬
‫قال يف الكتاب املذكور‪:‬‬
‫من أغرب هذه الوقائع ما حدث ننة ‪ 4912‬يف قرية هرجزايرن ابلقرب من مدينة‬
‫ديسمبورغ من جلبة قوية كانت تزمزع املنزل وانقالب أمتعة ورمي قذائف وظهور‬
‫أشباح ومساع أحلان ودق آال طرب هيد غري منظورة‪ ،‬إىل غري ذلك من احلوادث‬
‫املدهشة اليت انتمر حنواً من ننتني‪ ،‬وشهدها مياانً قوم أفاضل ال مدد هلم ونقلتها‬
‫أكثر اجلرائد األملانية‪ .‬إن أمماالً كهذه ال أيتيها إال أرواح نفلية قصد التسلي واهلزل‬
‫مبا يسببون للناس من الرغب‪ ،‬فيالحقون الشخص هتنكيداهتم من حمل إىل آخر‬
‫وأحياانً يلبثون يف مكان خمصوص لتكدير ميش من حيل ه ‪ ،‬وتكون هغيتهم اإلنتقال‬
‫كما راينا يف الفصل الساهق‪ ،‬أو أهنم يقصدون يف مملهم خماهرة الشخص لنصح أو‬
‫إمتام هغية هلم أو التماس الصالة لراحتهم أو غصالح ممل رديء ارتكبوه يف حياهتم‪.‬‬
‫رو اجمللة الروحانية يف مددها من شهر نيسان ننة ‪ 4918‬ما تعريب ‪:‬‬
‫نقل إلينا املسيو كروتزوف مرانلنا يف هطرنبورج حاداثً أكيداً أخذه من البارون‬
‫تشريكانوف‪ ،‬وقد أحدث يف وقت أتثرياً مظيماً يف نفوس أهل املدينة‪ ،‬وهو أن يف‬
‫هداية القرن احلاضر أتى مدينة هطرنبورج رجل إجنليزي مستقيم السرية طيب السريرة‪،‬‬
‫وأنس ممالً متسعا حيوي مدداً وافراً من الفعلة يعوهلم حسب العادة اجلارية يف رونيا‬
‫من مال ويسكنهم الطبقا العليا من داره‪ ،‬فاتفق يف صباح ما أن الفعلة مند‬
‫إنتباههم من النوم مل جيدوا ثياهبم مكان ما وضعوها قبل رقادهم‪ ،‬فظنوا أن هعض‬
‫املاكرين قصد التالمب هبم فسألوا وفتشوا إىل أن وجدوا ثياهبم هعد اجلهد اجلهيد‬
‫ملقاة ملى السطح ويف املداخن والطبقا السفلية‪ .‬فانتدماهم صاحب املعمل مجيعاً‬
‫ووخبهم توهيخاً ماماً لعدم متكن من معرفة األثيم من هينهم‪.‬‬
‫وهعد مدة تكرر العمل ذات اثنياً مث اثلثاً وراهعاً إىل أن صار حيدث تقريباً كل ليلة‪،‬‬
‫فاراتع صاحب املعمل وتعطلت أشغال وصار خيشى مبارحة الفعلة ملعمل إذا دامت‬
‫احلال ملى هذا املنوال‪ ،‬فانتشار هعض العمال األقدمني وأقمهم حراناً ينظرون ملى‬
‫ما حيدث يف الليل‪ ،‬فذهبت أتعاهبم أدراج الرايح‪ ،‬وتفاقم األمر رغماً من تيقظهم‪،‬‬
‫حىت أن هعض الفعلة غذ كانوا يف ليلة صامدين يف السالمل للذهاب ملى خمادمهم‬
‫فاجأهتم يف الظلمة لطما وصفعا يد غري منظورة‪ ،‬فنسب ذلك كل منهم إىل‬
‫رفيقة‪ ،‬واشتد هينهم اخلصومة حىت مول الرجل ملى صرف الفعلة وأقفل معمل ‪ ،‬وإذ‬
‫كان جالساً إحدى الليايل مع مائلت حزينا كئيباً يفكر فيما جيب ممل مع فجأة‬
‫جلبة قوية يف حجرة شغل فنهض ماجال لريى أنباب الضجة‪ ،‬وملا فتح ابب حجرت‬
‫وجد مكتب مفتوحاً والشمعة موقدة مع أن قبل هنيهة كان قد أطفأ الشمعة وأغلق‬
‫الباب‪ ،‬وملا دان من املكتب وجد ملي دواة هزجاجية وقلماً مع ورقة مكتوب ميها هذه‬
‫الكلما ‪ :‬إهدم احلائط الذي جبانب السلم فتجد مظاماً هشرية ينبغي أن تدفنها يف‬
‫أرض مقدنة‪ ،‬فأخذ صاحب املعمل الورقة ونار إىل رجال الشرطة ليعلمهم اخلرب‪،‬‬
‫فنهضوا اثين يوم وأخذوا يبحثون من مصدر الدواة والقلم فوجدوا أن صاحبهما هقال‬
‫حانوت يف أنفل الدار‪ ،‬وملا نألوا ممن أمارمها هو ل أجاب‪ :‬يف الليلة البارحة هعد‬
‫أن أقفلت ابب حانويت مسعت طرقة م الكوة ففتحتها إذا هرجل مل أمتكن من متييز‬
‫مالحم قال يل‪ :‬أمطين دواة وقلماً وأان أدفع لك قيمتها‪ ،‬وملا أمطيت ما طلب ألقى إيل‬
‫قطعة كبرية من النقود مسعت صو رنتها ملى احلضيض ومل أجدها فيما هعد‪ ،‬مث هدم‬
‫صاحب املعمل احلائط يف املكان املعني فوجد مظاماً هشرية‪ ،‬وهعد أن دفنها يف أرض‬
‫مقدنة ماد املعمل إىل حالت األصلية ومل يعد حيدث في ما خيل ابلراحة‪ ،‬ومل يتمكن‬
‫أحد من معرفة صاحب تلك العظام املدفونة‪.‬‬
‫وملا فرغت من هذا احلديث قال شري دمحم‪ :‬ذلك ال يدل ملى أكثر من هقاء‬
‫األرواح هعد املو ‪ ،‬وفيها دليل ملى ما يقول ملماؤان من أن امليت يسر هدفن جسم‬
‫هني قوم صاحلني وحيزن إذا دفن هني قوم فانقني‪.‬‬
‫رواية روحية أخرى‪:‬‬
‫رو اجمللة الروحانية يف مدد شهر آب ‪ 4918‬خرب حوادث مزمجة من هذا‬
‫النوع جر يف مدينة ابريس يف شارع نوي ‪ ،‬واألجوهة اليت أمطاها الروح حمدثها مندما‬
‫انتحضرت إحدى اجلماما الروحانية ما تعريب ‪:‬‬
‫س‪( :‬إىل الروح املوكول إلي حرانة اجلمعية) هل من صحة للحوادث اليت متت يف‬
‫شارع نوي ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬وقد مظمتها خميلة البعض إما من ابب اخلوف وإما من ابب السخرية‪،‬‬
‫أما حمدثها فهو روح طائش يقصد اللهو وإرماب نكان الناحية‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يف املنزل من ونيط طبيعي يسامد الروح ملى ممل جهالً من ؟‬
‫ج‪ :‬ال شك يف ذلك ولوال وجوده ملا متكن الروح من ممل ‪ .‬إن الروح الذي حيل‬
‫مبكان ويسر ه ال يستطيع أن أييت ممالً ما مل يتيسر ل وجود ونيط هديهي أو‬
‫اختياري يستعني ه ملى ما يقصد ممل ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل وجود الونيط يف املنزل ضروري حتماً؟‬
‫ج‪ :‬يف أغلب الظروف نعم‪ ،‬وقد يتمكن الروح اندراً من إنتخدام مائع ونيط ال‬
‫يكون مقيماً ابملنزل ذات ‪.‬‬
‫س‪ :‬من أين أيخذ الروح القذائف اليت يرمي هبا؟‬
‫ج‪ :‬أيخذها من املنزل ذات أو من األماكن اجملاورة‪.‬‬
‫س‪ :‬ألألرواح تعلق ابألشخاص فقط أم هبا وابألشياء أيضاً؟‬
‫ج‪ :‬هذا منوط هدجة إرتقائهم‪ .‬فلعض األرواح السفلية تعلق شديد ابألشياء‬
‫األرضية كالبخيل مثالً الذي مل يتجرد هعد من املاداي فإن يالهزم الكنز الذي خبأه‬
‫حتت األرض وحيافظ ملي ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل لألرواح التائهة أماكن تسر ابإلقامة هبا؟‬
‫ج‪ :‬املبدأ واحد‪ ،‬أي أن الروح الذي جترد من األرضيا يذهب حيثما جتذه‬
‫احملبة‪ ،‬وأما هعض األرواح السفلية فتستحب أحياانً اإلقامة مبكان تسر ه لداع من‬
‫الدوامي‪.‬‬
‫س‪ :‬هل من وج الصحة امتقاد تفضيل األرواح اإلقامة ابخلرائب ملى نواها؟‬
‫ج‪ :‬كال‪ ،‬هل إن مشهد اخلرائب يؤثر يف خميلة اإلنسان فيجعل الرمب يتسب إىل‬
‫األرواح ما هو فعل طبيعي‪ ،‬فيتوهم الشبح يف ظل الشجرة وصو األموا يف هزمي‬
‫الريح وخرير املاء‪ .‬إن األرواح حيبون اإلجتماع ابلبشر‪ ،‬فلهذا يؤثرون اإلقامة ابألماكن‬
‫اآلهلة ملى الطلول اخلرهة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل لألرواح أايم وناما يفضلون فيها التجلي ملى غريها؟‬
‫ج‪ :‬كال من األايم والساما حتديدا هشرية ملعرفة األوقا ‪ ،‬فال تفتقر األرواح‬
‫إليها‪.‬‬
‫س‪ :‬فعلى أي مبدأ يقال أن األرواح تؤثر احلضور وقت الليل؟‬
‫ج‪ :‬هذه من مجلة اإلخرتاما اخلرافية اليت ال هد ملعرفة أصول الروحانية أن‬
‫تالشيها يوماً‪.‬‬
‫س‪ :‬إن صح ذلك فلم نرى هعض األرواح حيددون حضورهم يف نامة معينة ويوم‬
‫أيلفون كيوم اجلمعة مثالً؟‬
‫ج‪ :‬هذه أرواح طائشة تسر هسذاجة من حيضرها وهتزأ ه ‪ ،‬فتنتحل أحياانً لدي‬
‫أمساء ومهية كانم نطائيل أو هعلزهوب وما شاكلها من األلقاب اجلهنمية‪ ،‬ومىت كان‬
‫احملضر نبيهاً ال يعبأ خبدامها فتتجنب وال تعود إلي اثنية‪.‬‬
‫س‪ :‬هل أتلف األرواح القبور املدفونة فيها أجسادها؟‬
‫ج‪ :‬إن اجلسد كساء مؤقت فال تكرتث الروح ه أكثر من أكرتاث السجني‬
‫هسالنل ‪ ،‬إمنا الشيء الوحيد الذي مييل الروح ل هو ذكر أحبائهل ‪.‬‬
‫س‪ :‬أال تسرهم الصلوا اليت تقام ملى حلودهم؟‬
‫ج‪ :‬من الصالة إنتحضار جيذب روح امليت‪ ،‬وكلما كانت الصالة حارة نقية‬
‫إهزداد نروره هبا فمشهد القرب يزيد املصلي خشوماً وهيبة كما حفظ أثر للميت حيرك‬
‫في الذكر واحملبة‪ .‬وملي فالفكر هو الذي يفعل ابلروح ال األشياء املادية‪ ،‬وأتثري هذا‬
‫مائد ملى احلي أكثر مما ملى امليت‪.‬‬
‫س‪ :‬فعلى هذا املبدأ قد ميكن لبعض األرواح أن مييلوا هزايدة إىل هعض األماكن‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬وقد يدوم مكثهم فيها طاملا دوامي اإلجتذاب ماملة فيهم‪.‬‬
‫س‪ :‬ما تكون هذه الدوامي‪.‬‬
‫ج‪ :‬أخصها حمبتهم لبعض األشخاص املرتددين إىل تلك األماكن ورغبتهم يف‬
‫مناجاهتم‪ ،‬وإن كان الروح شريراً يقصد اإلنتقام من مدو ل مقيم هتلك النواحي‪،‬‬
‫ويكون أحياانً مكمن يف مكان خمصوص اضطراراي حكم ملي ه قصاصاً من جرم‬
‫إقرتف يف ذاك املكان نفس حىت تكون خطيئت دائماً نصب ميني فيحصل ل من‬
‫ذلك مذاب ال يطاق‪.‬‬
‫س‪ :‬هل من الصواب أن يفزع اإلنسان من األماكن اآلهلة ابألرواح؟‬
‫ج‪ :‬كال إن األرواح يف الغالب ال أيلفون مكاانً وحيدثون اجللبة في إال هقصد اللهو‬
‫والتسلي مبا يسببون من الرمب واخليانة‪ ،‬فضالً من أن األرواح مالئون كل مكان‬
‫يكتنفونكم أينما توجهتم‪ ،‬وال تبدو اجللبة منهم يف هعض األماكن إال لوجود فرصة‬
‫متكنهم من ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬هل من ونيلة لطردهم؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬ولكن م يتخذ البعض من الونائل لطردهم تزيد يف إجتذاهتم‪ ،‬إن أحسن‬
‫طريقة لطرد األرواح الشريرة هي إجتذاب الصاحلة‪ .‬فانعوا جهدكم يف إكتساهبا‬
‫هوانطة ممل اخلري واجتناب الشر وإصالح ما هكن من النقائص‪ ،‬فتهرب منكم‬
‫األرواح الشريرة ألن اخلري والشر ال أيتلفان‪.‬‬
‫س‪ :‬كثري من أهل الصالح يكونون مع هذا مرضة إلهزماجا األرواح الشريرة‪.‬‬
‫فما الدامي لذلك؟‬
‫ج‪ :‬إن كان هؤالء حقاً صاحلني يكون هلم ذلك من ابب التجرهة لرتويض صربهم‬
‫وحثهم ملى التقدم يف الصالح‪ ،‬ولكن ال تثقوا كثرياً هظاهر الفضيلة وال تظنوا أن من‬
‫يكثر من ذكرها هو صاحبها فإن من ميلكها حقاً وحيملها ال يتكلم منها‪.‬‬
‫س‪ :‬ما قولك يف التقسيم املستعمل من الكتبة لطرد األرواح؟‬
‫ج‪ :‬هل رأيتم وانطة كهذه أتت هنتيجة؟ أمل جتدوا اجللبة تزداد هعد حفلة التقسيم؟‬
‫ذلك ألن ال شيء يسر األرواح الطائشة مثل امتقاد الناس إهنا طائفة من األابلسة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل نستطيع أن حنظر الروح املسبب للجلبة يف شارع نوي ؟‬
‫ج‪ :‬ميكنكم ذلك‪ ،‬إمنا هذا روح طائش ال أتتيكم أجوهت هفائدة‪ .‬وإليك األجوهة‬
‫اليت أمطاها الروح املذكور وقت إحضاره‪ :‬قال‪ :‬ما تقصدون من إحضاري؟ هل‬
‫تشتهون أن أقذفكم هبعض احلجارة ألشهد هزميتكم رغماً مما تبدون من مظاهر‬
‫البسالة‪.‬‬
‫س‪ :‬حجارتك ال تفزمنا‪ ،‬هل نسألك إن كنت حقاً تقوى ملى قذفها؟‬
‫ج‪ :‬رمبا ال أجسر ملى ذلك‪ ،‬ألن ههنا حارناً جليالً متيقظاً مليكم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل وجد يف شارع نوي شخصاً تستعني ه ملى األممال املكرهة اليت‬
‫أقلقت هبا نكان املنزل؟‬
‫ج‪ :‬نعم وجد آل نفيسة وصفا يل اجلو هعدم وجود روح قدير يصدين من‬
‫ملمي‪ ،‬إين كثري البسط واإلنشراح وأحب أحياانً أن أتسلى‪.‬‬
‫س‪ :‬من هي اآللة اليت انتعنت هبا يف مملك؟‬
‫ج‪ :‬هي خادمة‪.‬‬
‫س‪ :‬وهل كان ذلك من غري ملم منها؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬واملسكينة كانت مذمورة أكثر من اجلميع‪\.‬‬
‫س‪ :‬هل كان مملك صادراً من نوء نية؟‬
‫ج‪ :‬كال إمنا من الناس من يستخدمون كل شيء لنفعهم الذايت‪.‬‬
‫س‪ :‬ما معىن قولك هذا؟‬
‫ج‪ :‬إين قصد يف مملي اللهو والتسلي‪ ،‬وأنتم اختذمتوه هرهاانً جديداً ملى صحة‬
‫وجودان‪.‬‬
‫س‪ :‬تقول إن مملك مل يكن صادراً من نوء نية‪ ،‬ومع هذا فإنك نببت ألهل‬
‫املنزل ضرراً هليغاً هتكسريك ابلقذائف هزجاج الشباهيك‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذا مارض ال أمهية ل ‪.‬‬
‫س‪ :‬من أين أخذ القذائف اليت رميت هبا؟‬
‫ج‪ :‬من فسحة الدار واحلدائق اجملاورة‪.‬‬
‫س‪ :‬أوجدهتا كلها أم صغت من نفسك هعضها؟‬
‫ج‪ :‬مل أصغ وال أهدمت شيئاً منها‪.‬‬
‫س‪ :‬وهل كان يف ونعك أن تصوغ شيئاً منها؟‬
‫ج‪ :‬رمبا يتم ذلك‪ ،‬ولكن هصعوهة كلية‪.‬‬
‫س‪ :‬قل لنا كيف كنت تقذفها؟‬
‫ج‪ :‬هذا صعب ملى شرح ‪ ،‬فال أملم نوى أين انتعنت هكهرابئية االهنة ومزجتها‬
‫هكهرهييت وقذفت هبذا املزيج حجاريت‪.‬‬
‫س‪ :‬كم لك من الزمان وأنت ميت؟‬
‫ج‪ :‬مخسون ننة؟‬
‫س‪ :‬ماذا كنت يف حياتك؟‬
‫ج‪ :‬خرقياً ال نفع ه ‪ ،‬أجول يف هذه النواحي والناي يهزءون يب لتعلقي هشراب‬
‫أهينا نوح األمحر‪.‬‬
‫س‪ :‬ماذا تعمل اآلن؟ وهل تسعى يف أمر مستقبلك؟‬
‫ج‪ :‬كال‪ .‬أان اتئ اآلن ألن ليس من يفكر يب ملى األرض‪ ،‬وال من يصلى‬
‫ألجلي‪.‬‬
‫س‪ :‬ماذا كان إمسك يف حياتك؟‬
‫ج‪ :‬حنني‪.‬‬
‫س‪ :‬إننا مستعدون النعافك ابلصالة‪ ،‬فقل لنا اي حنني هل نرر إبحضاران‬
‫لك؟‬
‫ج‪ :‬نعم أنتم قوم صلحاء حمبو الزهد‪ ،‬وقد نرر جداً ابنتمامكم يل‪ ،‬انتودمكم‬
‫هللا‪.‬‬
‫قال شري دمحم ماذا ترى يف هذه احلادثة من العجائب العلمية؟ قلت‪ :‬اي شري دمحم‬
‫تذكر هقول الروح أن األرواح أتلف األمكنة اليت يناجيهم فيها من حيبوهنم (ما قرأت‬
‫يف كتاب املضنون ه ملى غري أهل لإلمام الغزايل) قال‪ :‬ومن أقبل يف الدنيا هبمت‬
‫وكليت ملى إنسان يف دار الدنيا‪ ،‬فإن ذلك اإلنسان حيس إبقبال ذلك املقبل ملي‬
‫وخيربه هذلك‪ ،‬فمن مل يكن يف هذا العامل فهو أوىل ابلتنبي وهو مهياً لذلك التنبي ‪ ،‬فإن‬
‫إطالع من هو خارج من أحوال العامل ملى هعض أحوال العامل ممكن كما يطلع يف‬
‫املنام ملى أحوال من هو يف اآلخرة‪ ،‬أهو مثاب أم معاقب‪ ،‬فإن النوم صنو املو‬
‫وأخوه‪ ،‬فبسبب النوم صران مستعدين ملعرفة أحوال مل نكن مستعدين هلا يف حال‬
‫اليقظة‪ ،‬فكذلك من وصل إىل الدار اآلخرة وما مواتً حقيقياً كان ابإلطالع ملى‬
‫هذا العامل أوىل وأحرى‪ ،‬فأما كلية أحوال هذا العامل يف مجيع األوقا فلم تكن مندرجة‬
‫يف نلك معرفتهم كما مل تكن أحوال املاضني حاضرة يف معرفتنا يف منامنا مند الرؤاي‪.‬‬
‫وال حاد املعارف معينا وخمصصا منها مهة صاحب احلاجة‪ ،‬وهي إنتيالء‬
‫صاحب تلك الروح ملى صاحب احلاجة‪ .‬وكما تؤثر مشاهدة صورة احلي يف حضوره‬
‫وخطور نفس ابلبال‪ ،‬فكذلك تؤثر مشاهدة ذلك امليت ومشاهدة ترهت اليت هي‬
‫حجاب قالب ‪ ،‬فإن أثر ذلك امليت يف النفس مند غيبت ومشهده ليس كأثره يف حال‬
‫حضوره ومشاهدة قالب ومشهده‪ ،‬ومن ظن أن قادر ملى أن حيضر يف نفس ذلك‬
‫امليت مند غيبة مشهده كما حيضر مند مشاهدة مشهده‪ ،‬فذلك ظن خطأ ألن‬
‫للمشاهدة أثراً هينا ليس لغيبة مثل ‪ .‬ا هـ‪ .‬املقصود من ابحلرف الواحد‪ .‬وإمنا ذكر‬
‫لك ذلك ألريك العجب يف توافق أقوال ملمائنا ملا نطقت ه األرواح ملى اختالف‬
‫مشارهبا ومناهزمها واختالف أقطار إحضارها يف مشارق األرض ومغارهبا يف الرونيا‬
‫وأمريكا وأجنلرتا وفران وأنبانيا حىت أصبح ذلك متوتراً‪ ،‬فانظر كيف وافق قول اإلمام‬
‫الغزايل املذكور قول الروح فمشهد القرب يزيد املصلي خشوماً وهيبة‪ ،‬كما حفظ أثراً‬
‫للميت حيرك في الذكر واحملبة‪ ،‬وملي فالفكر هو الذي يفعل ابلروح ال األشياء املادية‪،‬‬
‫وأتثري هذا مائد ملى احلي أكثر مما ملى امليت‪ ،‬وقوهلا أيضاَ اخص دوامي ميل‬
‫األرواح إىل األماكن حمبتهم لبعض األشخاص املرتددين ملى تلك األماكن‪ .‬ورغبتهم‬
‫يف مناجاهتم‪ ،‬وإن كان الروح شريراً قصد االنتقام من مدو ل مقيم هتلك النواحي‬
‫فتأمل وتعجب‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬هل خطر لك غري هذا يف هذه احملادثة؟ فقلت نعم‪ .‬قال‪ :‬ماذا؟‬
‫قلت اي شري دمحم‪ :‬تذكر هقول الروح التائ (قد كنت مولعاً هشراب أهينا نوح األمحر‪،‬‬
‫يشري إىل اخلمر) ما قال هللا تعاىل‪{ :‬وال تكونوا كالذين نسوا هللا فأنساهم أنفسهم‬
‫أولئك هم الفانقون}‪ .‬أال ترى إىل قول الروح (أان اتئ ال ممل يل) وقول (قد كنت‬
‫خرقيا أجول يف هذه النواحي والناس يهزءون يب)‪ .‬أال ترى أن كان اننيا هللا والعمل‬
‫الصاحل ونفع نفس والناس فأنساه هللا نفس وأصبح اتئهاً‪ .‬وأتمل قول تعاىل‪{ :‬وذر‬
‫الذين اختذوا دينهم لعباً وهلواً وغرهتم احلياة الدنيا‪ ،‬فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم‬
‫هذا وما كانوا آبايتنا جيحدون} مث يقول {فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد‬
‫فنعمل غري الذي كنا نعمل‪ ،‬قد خسروا أنفسهم وضل منهم ما كانوا يفرتون}‪ .‬أتذكر‬
‫هبذ ا اخلرقي من أراهم جيولون يف الشوارع كل يوم من املصراي واملصريني ممن ال ممل‬
‫هلم وجيلسون يف حمال القهوة شارهني ناكرين ضاحكني المبني‪ ،‬فويل هلم مث ويل هلم‬
‫يوم يكونون كذلك الروح التائ ‪ ،‬أولئك الذين خسروا أنفسهم فهم اتئهون‪ ،‬وضل‬
‫منهم ما كانوا يلعبون‪ ،‬صم هكم ممي فهم ال يرجعون‪ ،‬أان أحرم ملى نفسي أن تضيع‬
‫حلظة من حيايت‪ ،‬وأوقن أن حلظة تضيع ذنب كبري‪.‬‬
‫مث إن قول الروح‪ :‬إن األرواح مغرمة ابألماكن لتناجي الزائرين أو للحمن مليها‬
‫ابلسجن فيها لذنوب إرتكبوها يف حياهتم‪ ،‬فاملم أن قول الروح‪ :‬إن األرواح تناجي‬
‫الزائرين يرجع إىل أن امليت يهرغ ملن يتج قلب غليهم إجتاهاً كلياً فيفرح لفرحهم وحيون‬
‫حلزهنم‪ ،‬ولذلك رود النهي من البكاء ملى امليت‪ .‬روى البخاري ومسلم والنسائي أن‬
‫ملا أصيب ممر هنع هللا يضر دخل صهيب هنع هللا يضر يبكي ويقول وا أخاه وا صاحباه‪ .‬فقال ممر‬
‫هنع هللا يضر‪ :‬اي صهيب أتبكي مل ّى وقد قال رنول هللا ‪ :‬إن امليت ليعذب هبكاء أهل‬
‫ملي ‪.‬‬
‫أما السيدة مائشة اهنع هللا يضر فإهنا رو أن هللا ليزيد الكافر مذاابً هبكاء أهل ملي ‪.‬‬
‫وروي منها أهنا قالت‪:‬مر رنول هللا ملى يهودية يبكي ملها فقال‪ :‬إهنا ليبكي‬
‫مليها وإهنا لتعذب يف قربها‪ .‬أخرج مالك والبخاري ومسلم والرتمذي اهـ‪ .‬من كتاب‬
‫تيسري الوصول ملخصاً‪.‬‬
‫أقول‪ :‬أملم أن ال منافاة هني هذه األحاديث‪ ،‬ولقد انتبان احلق هنا‪ ،‬وذلك أن‬
‫امليت ما دام متجهاً إىل األرض ماكفاً ملى أمور الدنيا يعذب مبا مكف ملي وحيزن‬
‫لبكاء أهل ملي ‪ ،‬وهذا وهللا العجب‪.‬‬
‫لقد نطقت األرواح مبا جاء ف الصحاح‪ ،‬فعلى العلماء أن ينهوا النساء من ذك‬
‫ليقلوا من العذاب الواقع ملى املوتى‪.‬‬
‫وقد كان رنول هللا يبايع النساء أال يشركن ابهلل شيئاً وال يشركن وال يزنني وال‬
‫يقتلن أولدهن وال أيتني هبهتان يفرتين هني أيديهن وأرجلهن وال يعصين يف معروف‪،‬‬
‫فقالت امرأة منهن‪ :‬ما هذا املعروف الذي ال ينبغي أن نعصيك في اي رنول هللا؟‬
‫قال‪ :‬ال تنحن‪.‬‬
‫قالت اي رنول هللا‪ :‬من هين فالن كانوا قد أنعدوين ملى ممي فال هد يل من‬
‫قضائهم‪ ،‬فأىب مليها‪ ،‬فعاودت مراراً‪ ،‬قالت‪ :‬فإذن هلا يف قضائهن فلم أنح هعد يف‬
‫قضائهم وال يف غريه حىت السامة‪ .‬أخرج الرتمذي ا هـ‪.‬‬
‫فانظر كيف جعل الشارع منع البكاء ملى امليت واحداً من نتة أمور كان يعاهد‬
‫النساء مليها رفقاً ابألموا وشفقة ملى األحياء‪ .‬أقول ولقد قصصت هذا ملى نساء‬
‫قريتنا يوم ماتت املرحومة والديت يف العام املاضي‪ ،‬فدهش النساء لسماع احلديث وقلن‬
‫فلنبايع النيب مبساع حديث ولنكف من النياحة‪ ،‬فعلمت أن األمة تقبل العلم ولكن‬
‫العلم ال يذاع هني اجلهال ا هـ‪.‬‬
‫وأما قول الروح أن األرواح تعذب ابلسجن يف أماكن ارتكبت فيها الذنوب‪ ،‬فهذا‬
‫قول قريب مما ورد يف السنة وخلص احلافظ هن حجر قال‪:‬‬
‫أرواح املؤمنني يف مليني‪ ،‬وأرواح الكفار يف نجني (الطني املطبوخ) ولكل روح‬
‫جبسدها اتصال معنوي ال يشب االتصال يف احلياة الدنيا‪ ،‬هل أشب شيء ه حال‬
‫النائم وإن كان هو أشد من حال النائم اتصاال‪ .‬قال وهبذا جيمع هني ما ورد أن مقرها‬
‫يف مليني أو نجني‪ ،‬وهني ما نقل اهن مبد الرب من اجلمهور أهنا مند أفنية قبورها‪،‬‬
‫ومع ذلك فهي مأذون هلا يف التصرف وأتوي إىل حملها يف مليني أو نجني‪ ،‬وإذا نقل‬
‫امليت من قرب إىل قرب ابالتصال املذكور مستمراً ا هـ‪.‬‬
‫فانظر كيف طاهق قول الروح ما نقل من السنة واألشياخ‪ ،‬وكيف يقول ملماءان‬
‫أهنا مأذون هلا يف التصرف وأتوي إىل حملها من نجني أو مليني‪.‬‬
‫وتقول الروح يف هذا الكتاب‪ :‬إن الروح يذهب هعد املو إىل ما انتعد ل ‪.‬‬
‫ويف احلديث أن النيب ملا نأل رجل من السامة و قال ما أمدد هلا؟ قال‪:‬‬
‫حب هللا ورنول ‪ ،‬قال‪ :‬أنت مع من أحببت فاألرواح هعد املو تلج مكاانً ألفت‬
‫وتلزم ممالً مرفت فتعذب ه لشؤم وتعم ليمن ‪ ،‬وكل روح مشقت املادة الهزمتها‬
‫فذاقت العذاب اهلون‪ ،‬ومىت ترفعت جنت من الشقاء والعذاب ا هـ‪.‬‬
‫اجمللس التاسع‬
‫(يف استعمال الوساطة وبعض مضارها وأتثري الوسيط األديب)‬
‫(ووصف األرواح لنظام السموات وكواكبها)‬
‫(ونظام العامل واألرواح)‬

‫قال يف كتاب املذهب الروحاين‪ ،‬ومن الواجب أن نذكر ههنا خالصة تعاليم‬
‫األرواح يف إنتعمال الوناطة وهعض مضارها وأتثري الونط األديب فيها‪ ،‬نقالً من‬
‫كتاب الونطاء للمعلم ىالن كاردك‪:‬‬
‫س‪ :‬هل الوناطة دليل حالة مرضية؟‬
‫ج‪ :‬كال‪ ،‬ألن من الونطاء من هم أشداء البنية كاملوا الصحة وليس للوناطة‬
‫تعلق أبمراض البعض منهم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل انتعمال الوناطة تنهك القوى؟‬
‫ج‪ :‬كل شيء كثر انتعمال حيدث ضعفاً يف القوى‪ ،‬ومثلها الوناطة فإن‬
‫انتعماهلا يستوجب صرف كمية من املائع احليوي‪ ،‬وهذا حيدث يف الونيط تعباً يزول‬
‫ابإلنرتخاء‪.‬‬
‫س‪ :‬هل الوناطة من نفسها مضرة ابلصحة ولو انتعملت ابمتدال؟‬
‫ج‪ :‬هذا منوط حبالة الونيط الصحية واألدهية‪ ،‬فكل ونيط شعر منها هضرر أو‬
‫تعب هزائد فيلكف من انتعماهلا هتااتً‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تسبب الوناطة اجلنون؟‬
‫ج‪ :‬ال تسبب اجلنون إال إذا كان الونيط ضعيف الدماغ وفي انتعداد للجنون‪،‬‬
‫ففي حالة كهذه الوناطة فقط‪ ،‬هل كل ما من شأن أن يهيج العصب يكون مضراً‬
‫هصحت ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل انتعمال الوناطة مضر ابألوالد؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬هل كلي اخلطر ألن أمصاهبم الضعيفة ال تطيق هتيجاً هذا فضالً من‬
‫نذاجتهم وقلة خربهتم يف هذه املواد‪ ،‬فعلى الوالدين أن يصرفا أفكار أوالدمها من كل‬
‫نوع من االنتحضار وال يكلماهم إال حبقائق الروحانية ونتائجها األدهية‪.‬‬
‫س‪ :‬من األوالد من هم ونطاء طبيعيون‪ ،‬فهل يضر هذا هصحتهم؟‬
‫ج‪ :‬كال‪ ،‬ألن الوناطة البديهية يف الولد تكون من ذا طبيعت وتركيب هنيت فال‬
‫يتأتى منها ضرر خالفاً ملا لو كانت اضطرارية ومكتسبة‪ ،‬مث الحظوا أن الفىت صاحب‬
‫الرؤى قلما يتأثر منها فيعتدها شيئاً طبيعياً وتربح من ذهن من وقت قصري‪.‬‬
‫س‪ :‬يف أي نن جيوهز انتعمال الوناطة؟‬
‫ج‪ :‬ليس من نن معني النتعماهلا‪ ،‬هل هذا منوط حبالة منو الونيط الطبيعي‬
‫واألديب معاً‪ ،‬فمن الفتيان من ال يتجاوهز اخلامسة مشرة من ممرهم‪ ،‬وهم مع ذلك‬
‫أشد أبنا من الرجال وأقل أتثراً منهم فيما يتعلق ابلوناطة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل لتكامل الوناطة تعلق هنمو الونيط األديب؟‬
‫ج‪ :‬كال‪ ،‬هل هذه خاصة طبيعية لإلنسان ال تعلق هلا آبداه ‪ ،‬وأما انتعماهلا‬
‫فيكون صاحلاً أو نيئاً وفقاً لصفا الونيط‪.‬‬
‫س‪ :‬هل نوء التصرف يف الوناطة جير ملى صاحبها مقاابً؟‬
‫ج‪ :‬ال شك يف ذلك ويكون مقاه مضامفاً ألن لدي مصباحاً يستنري ه وال‬
‫يصرف لفائدت الروحية‪ ،‬إن صحيح النظر إذا مثر كان أشد لوماً من األممى الواقع يف‬
‫حفرة‪.‬‬
‫س‪ :‬من الونطاء من أتتيهم دائما املقاال يف موضوع واحد‪ ،‬أي يف مسائل أدهية‬
‫متعلقة هبعض النقائص‪ ،‬فهل هذا من تعمد؟‬
‫ج‪ :‬نعم وقصدان يف ذلك إانرة الونطاء وإصالحهم‪ ،‬فنكلم البعض منهم دائماً‬
‫من الكربايء وغريهم من حمبة القريب‪ ،‬وليس من ونيط يصرف وناطت يف الطمع‬
‫وكسب املال ويسوهها مبا في من الكربايء وحب الذا أال توافي تنبيها األرواح من‬
‫وقت آلخر لعل تتنفتح ميناه ويعود إىل طريق اهلدي‪.‬‬
‫س‪ :‬مبا أن صفا الونيط األدهية إن كانت صاحلة تبعد من األرواح الناقصة‪،‬‬
‫فكيف حيدث أن هعض مقاال كاذهة أو دنسة أنيت أحياانً ملى يد ونيط صاحل‪.‬‬
‫ج‪ :‬هل تعرف خفااي نفس وهل خيلو من هعض النقائص؟ مث قد ميكن أن تكون‬
‫هذه املقالة أمثوىل ل للتحفظ يف املستقبل‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يستحيل الفوهز مبقاال جيدة ملى يد ونيط انقص؟‬
‫ج‪ :‬كال‪ ،‬فإن األرواح الصاحلة تستخدم أحياانً ونيطاً انقصاً إن مل يكن لديها‬
‫أصلح من ‪ ،‬غري أن ذلك ال يكون إال مؤقتاً ويف ظروف خصوصية‪ ،‬ومىت وجد‬
‫ونيطاً آخر أفضل تستغين حاالً من ‪.‬‬
‫س‪ :‬أي ونيط يدمى كامالً؟‬
‫ج‪ :‬كامالً؟ اي لألنف إذ ليس من كمال ملى وج أرضكم ولوال ذلك ما نجنتم‬
‫فيها‪ .‬قل ونيطاً صاحلاً وإن قدر وجوده ملى أن الونيط الكامل من ال جتسر قط‬
‫الروح الناقص ملى الدنو من خلدام وأما الصاحل فتألف األرواح الصاحلة‪ ،‬قلما يكون‬
‫مرض خلداع الشريرة منها‪.‬‬
‫س‪ :‬ما هي أخص الشروط الواجبة لفوهزان هتعاليم األرواح العلوية منزهة من كل‬
‫ضالل؟‬
‫ج‪ :‬صنيع اخلري وانتئصال الكربايء والتجرد من حب الذا خاصة‪.‬‬
‫س‪ :‬مبا أن تعاليم األرواح العلوية ال أتتينا إال هشروط يعسر لقاؤها‪ ،‬أفما يكون‬
‫هذا مانعاً إلنتشار احلقائق الروحانية‪.‬‬
‫ج‪ :‬كال أن النور يضيء ملى كل من طلب ‪ ،‬فمن أراد أن يستنري فليتحاش الظلمة‬
‫والظلمة هي يف جنانة القلب‪ .‬إن األرواح العلوية ال أتلف قلوابً شوهتها الكربايء‬
‫والطمع وقلة احملبة‪ ،‬فمن طلب النور فليتضع وابتضام هذا جيتذب األرواح العلوية‬
‫إلي ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل حتضر األرواح العلوية اجملالس الروحانية اهلزلية؟‬
‫ج‪ :‬كال‪ ،‬إن احملافل اهلزلية ال حتضرها إال األرواح الطائشة فتنتشيء طريق املوائد‬
‫ورفعها‪ ،‬وتلقي األحاديث اهلزلية واألكاذيب الفارغة إذ شبي الشكل منجذب إلي ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل حتضر األرواح السفلية اجملالس الرصينة؟‬
‫ج‪ :‬ال يؤذن هلا يف احلضور إال لغاية االنتفادة‪ ،‬فال جتسر حينئذ أن ترفع صوهتا‬
‫أو تبدي حراكاً‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن للونيط أن يفقد وناطت ؟‬
‫ج‪ :‬نعم يتوقع ذلك غالباً‪ ،‬وال يكون هذا االنقطاع إال مؤقتاً يزول مع هزوال ملت ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما هذه العلة؟‬
‫ج‪ :‬جتنب األرواح ل ومدم رغبتها يف مناجات ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما الذي حيمل األرواح ملى جتنب ؟‬
‫ج‪ :‬نوء تصرف ابلوناطة‪ .‬فإننا نغادره مندما نراه يصرف وناطت يف اللهو‬
‫واحملافل اهلزلية أو جيعلها ابابً لإلرتزاق وكسب املال‪ .‬إن مطية هللا هذه مل ينلها إال‬
‫إلصالح نفس وكشف احلقائق لبين البشر فإن رآه الروح مثاهراً ملى غ غري ملتفت‬
‫إىل نصح وتنبيهات يغادره ويسعى وراء من هو أكثر إنتئهاالً من ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل انقطاع الوناطة تكون دائما من ابب القصاص؟‬
‫ج‪ :‬كما أن الروح الصاحل يقصد أحياانً هبذا اإلنقطاع راحة الونيط فال يسمح‬
‫لروح آخر أن حيل مكان ‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف يستدل الونيط ملى أن إنقطاع الروح من هو من ابب القصاص‪.‬‬
‫ج‪ :‬ليسألن ضمريه من كيفية تصرف ابلوناطة واخلري الذي نتج منها ألخوت‬
‫والفائدة اليت اجتناها من نصح األرواح فيلقى اجلواب من نفس ‪.‬‬
‫اي شري دمحم‪ :‬إن يف هذه احملادثة الروحية أموراً منها قول الروح ‪ ( :‬إن منأناء‬
‫التصرف يف الوناطة يكون مقاه مضامفاً ألن لدي مصباحاً يستنري ه ) وال جرم أن‬
‫هذا يطاهق قول تعاىل‪{ :‬اي نساء النيب من أي منكن هفاحشة مبينة يضامف هلا‬
‫العذاب ضعفني} وقول يف خطاه الذي أرنل إىل هرقل مظيم الروم‪( :‬أنلم تسلم‬
‫يؤتك هللا أجرك مرتني فإن توليت فإن مليك إمث االريسني (أي الفالحني) وكذلك‬
‫العامل مقاه أشد من مقاب اجلاهل ومنها قول الروح‪( :‬ليس يف األرض كامل) يطاهق‬
‫قول تعاىل ‪{:‬قتل اإلنسان ما أكفره} ومنها قول ‪( :‬أن الونيط الكامل ال جيسر الروح‬
‫الناقص ملى الدنو من ) يطاهق قول تعاىل‪{ :‬إن مبادي ليس لك مليهم نلطان}‬
‫وقول تعاىل ملى لسان إهليس‪{ :‬فبعزتك ألغوينهم أمجعني إال مبادك منهم املخلصني‬
‫قال هذا صراط ملى مستقيم}‪.‬‬
‫من تعاليم األرواح‪:‬‬
‫( نقالً من كتاب الونطاء ملعلم أالن كردك وكتاب املذهب الروحاين)‬
‫س‪ :‬كيف متيز الروح الصاحل من الشرير؟‬
‫ج‪ :‬من حديث فإن األرواح العلوية حتب اخلري وال أتمر إال ه أما الناقصة فال يزال‬
‫اجلهل متسلطاً مليها وحديثها يشف من نقصها يف العلم والفضيلة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل العلم يف الروح دليل إرتفام ؟‬
‫ج‪ :‬كال قد ميكن مع ملم أن يكون هعد حتت نلطة الرذيلة واألوهام‪ .‬إن يف‬
‫ماملكم األرضي من هم يف منتهى الكربايء واحلسد والتعصب فهل يتجردون من هذه‬
‫النقائص حال مبارحتهم احلياة؟ كال إن الرذائل ملى إختالف أنوامها حتيط ابلروح‬
‫هعد موت ملتصقة ه كاهلواء وهؤالء أشد خكراً من األرواح الشريرة إذ فيهم اجتمعت‬
‫الكربايء مع النباهة واملكر مع الذككء فيطغون هعلمهم األانم السذج ويشرهوهنم‬
‫مبادئهم السخيفة الكاذهة وهذا ما يعرقل قليالً وثبة الروحانية‪ ،‬فعلى الروحانيني‬
‫اخلبريين أال أيلوا جهداً يف كشف خدامهم ومتييز احلق من الباطل‪.‬‬
‫س‪ :‬مندما حنضر روحاً ملواي مرف ملى األرض هل حيضر هنفس أو يرنل من‬
‫ينوب من ‪.‬‬
‫ج‪ :‬حيضر هنفس أن أمكن وإال فرينل من ينوب من ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يكون للنائب كفاءة ليسد مسد الروح العلوي؟‬
‫ج‪ :‬إن الروح مارف مبن يسلك إلي أمر نياهت ‪ ،‬مث املموا أن األرواح العلوية كلما‬
‫اهزداد ارتقاء انضمت إىل هعضها يف وحدة الفكر حىت ال يعود ملسألة الشخصية‬
‫حيز مندهم وال من يلتفت إليها وهذا ما جيب أن تسعوا يف البلوغ إلي يف ماملكم‬
‫األرضي مث هل تظنون أن ليس من األرواح العلوية القادرة ملى تعليمكم إال من مرفتم‬
‫منها ملى األرض؟ ما ابلكم تعدون دائماً أنفسكم مثال اخلليقة وأن ال شيء يف‬
‫الدنيا خارج من ماملكم احلقري؟ إنكم يف هذا تشاهبون املتوحشني الذين مل خيرجوا قط‬
‫من جزرهم فظنوا املسكونة ال متتد خارجاً منها‪.‬‬
‫س‪ :‬هذا صحيح ولكن كيف تسمح األرواح العلوية لبعض األرواح الكذهة أبن‬
‫تنتحل أمساءها لنشر الضالل والفساد؟‬
‫ج‪ :‬ليس إبرادة األرواح العلوية تفعل ذلك ونوف ينوهبا العقاب ملى مملها‪ ،‬مث‬
‫لو مل تكونوا أنتم انقصني ملا وفاكم إال أرواح صاحلة فإذا مكر أحد هكم فال تلوموا إال‬
‫ذواتكم‪ .‬إن هللا يسمح هذلك حىت ترتوضوا ملى الصرب والثبا وتتعلموا أن متيزوا احلق‬
‫من الباطل فإن مل تفعلوا ذلك يكون هذا دليالً ملى نقصكم واحتياجكم هعد إىل‬
‫امثوال اخلربة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل األرواح اليت تنشر الضالل تفعل ذلك دائماً من ممد؟‬
‫ج‪ :‬كال قد ميكن لبعض األرواح الصاحلة أن تكون هعد جاهلة انقصة العلم فهذه‬
‫تقر هعجزها وتتكلم ملى مقتضى درجة ملمها‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تستطيع األرواح الشريرة هوانطة الرنائل الروحانية أن تلقي الشقاق وتزرع‬
‫الفنت ما هني العيال واألصحاب؟‬
‫ج‪ :‬نعم فلهذا يقتضي التحرهز التام من مقاال موهقة كهذه يكون أكثرها إفكاً‬
‫وخداماً وإايكم واالنقياد لرنائل كهذه ال يسطرها إال روح كل كاذب شرير‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا كان لألرواح الشريرة نهولة كهذه للتداخل يف املخاهرا الروحانبة‬
‫فانتطالع احلقيقة أصبح من أمسر األمور‪.‬‬
‫ج‪ :‬كال ليس هذا هعسر ما دام فيكم قوة التمييز‪ ،‬إذا قرأمت كتاابً تستدلون ملى‬
‫صفا كاتب إن كان ماملاً أو جاهالً أدهياً أو جلفاً فعلى هذه الصورة انتوضحوا‬
‫صدق الروح من رنائل ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تستطيع األرواح العلوية أن تنهي شريرة من اخلداع؟‬
‫ج‪ :‬ال ريب يف ذلك‪ ،‬ومن الونطاء من متيل إليهم األرواح العلوية هنوع خاص‬
‫فتقيهم شر اخلداع وال تدع األرواح السفلية تسطو مليهم؟‬
‫س‪ :‬ما الدامي هلذا االختصاص؟‬
‫ج‪ :‬ال يدمي هذا اختصاصاً هل مدالً‪ ،‬ألن األرواح العلوية ال متيل إال إىل من‬
‫ينقاد لنصحها ويبذل جهده يف إصالح نفس وترقية الروح‪ ،‬فونيط صاحل كهذا يكون‬
‫حمبباً إليها فتخذه حتت كالءهتا وتسعف يف كل ظرف وحاجة‪.‬‬
‫س‪ :‬مل يسمح هللا هنفاق األرواح الشريرة مند انتحاهلا أمساء مبجلة؟‬
‫ج‪ :‬نؤالكم أشب هقول من يسأل مل يسمح هللا أبن يكذب اإلنسان فلألرواح كما‬
‫للبشر االختيار املعتوق يف ممل اخلري أو الشر ولكن ال يفو أحداً منهم مد هللا‪ ،‬هل‬
‫كل أمريء يلقي جزاء أممال ‪.‬‬
‫س‪ :‬أال تستطيع األرواح املاكرة أن تقلد الفكر؟‬
‫ج‪ :‬تقلد الفكر كما هزخارف املرنح تقلد الطبيعة‪.‬‬
‫س‪ :‬من الناس من هم قاصروا الفهم تغويهم هزخارف احلديث وال يفقهون قوة‬
‫املعاين فكيف يتمكن هؤالء من احلكم مبقاال األرواح؟‬
‫ج‪ :‬إن كانوا متواضعني يقروا هعجزهم ويركنوا إىل من هم أوفر ذكاء وفطنة منهم‬
‫وإن أغمتهم الكربايء وظنوا أبنفسهم أهنم أشد كفاءة مما هم فليتحملوا تبعة كربايئهم‪.‬‬
‫س‪ :‬كثري من الونطاء مييزون األرواح الصاحلة من الشريرة ابلتأثري اللطيف أو‬
‫املزمج الذي يصيبهم من خمالطتها فهل هذا صحيح؟‬
‫ج‪ :‬إن الونيط يشعر هتأثريا الروح املتجلي ل ملى أية حالة كان فالروح السعيد‬
‫يكون هادائً رهزيناً والتعس يكون مضطرابً متقلقالً وأتثريا هذه احلالة تصيب جهاهز‬
‫الونيط العصيب‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن لإلنسان إن حيضر األرواح من دون أن يكون ونيطاً؟‬
‫ج‪ :‬نعم وهذا يدمي اإلحضار الفكري ففي يناجي الروح ابطناً حمضره وإن مل يكن‬
‫هذا ونيطاً مادايً‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يليب الروح دائماً دموة حمضره؟‬
‫ج‪ :‬هذا منوط ابلظروف اليت يكون الروح مليها‪.‬‬
‫س‪ :‬أية موانع تصد الروح من تلبية دموتنا؟‬
‫ج‪ :‬أوهلا إرادت احلرة مث أحوال أخرى هعد املو ‪ .‬أو األممال اليت يكون موكالً هبا‬
‫أو أخرياً مدم إيذان يف تلبيت حمضره إذ كان من األرواح من ال تستطيع مناجاتكم‬
‫هتااتً وهي اليت يف موامل أوطأ من ماملكم الرضي ألن الروح ال يستطيع أن خياهر نكان‬
‫مامل ما مل يكن درجة تقدم مواهزايً للعامل املدمو إلي وإال فيكون غريباً من أفكاره‬
‫ومبادئ وإن كان هو روحاً متقدماً أرنل إىل العامل السفلي تكفرياً من ذنوه أو لرنالة‬
‫يقدم هبا فال يعجز حينئذ من احلضور ملناجاتكم إن أذن ل يف ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬ملاذا ينكر مل أحياانً اإلذن؟‬
‫ج‪ :‬قصاصاً ل أو ملن حيضره‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف ميكن لألرواح املتشبعة يف الفال والعوامل القاصية أن تسمع صراخ‬
‫مستدميها وتليب دموت ؟‬
‫ج‪ :‬شرح ذلك مسر طاملا أنكم جتهلون كيفية جتاذب األفكار هني األرواح ولكن‬
‫أقول أن الروح احملضر ملى أي هعد كان تصيب صدمة الفكر كحركة كهرابئية جتتذب‬
‫انتباه إىل نقطة مصدرها هنوع أن يسمع الفكر ملى نوع القول كما تسمعون‬
‫الصو ملى وج األرض‪.‬‬
‫س‪ :‬هل السيال العام حيمل الفكر كما اهلواء ينقل الصو ؟‬
‫ج‪ :‬نعم إمنا الفرق أن الصو ال يسمع إال هدائرة حمدودة يف حني أن افكر ينتقل‬
‫إىل هعد غري حمدود‪.‬‬
‫س‪ :‬ألييب الروح الدموة ابختياره أم قسراً من ‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل احلرية املطلقة يف تلبية الدموة أو اابئها إال أن الروح العلوي يستطيع يف‬
‫هعض الظروف أن جيرب روحاً نفلياً ملى احلضور إن كان حضوره مفيداً‪.‬‬
‫س‪ :‬هل من ضرر يف إحضار األرواح السفلية وهل خيشى ملى الونيط شرها؟‬
‫ج‪ :‬ال جت سر األرواح الشريرة ملى إحلاق األذى مبن يكون حتت محاية ملوية ال هل‬
‫هتاب الونيط الفاضل ملا ل مليها من السلطة األدهية‪ ،‬إمنا خري للونيط املبتدىء أن‬
‫يتجنب انتحضارها يف العزلة‪.‬‬
‫س‪ :‬ما هي أخص الشروط إلحضار األرواح الصاحلة؟‬
‫ج‪ :‬التهيب واالختالء الباطن وصفاء النية والصالة احلارة‪.‬‬
‫س‪ :‬هل اجتماع األشخاص يف وحدة الفكر والنية تزيد اإلحضار قوة؟‬
‫ج‪ :‬نعم وال شيء يضر ابالنتحضار مثل تباين األفكار وتضاد النوااي‪.‬‬
‫س‪ :‬هل حتسن إقامة اجللسا الروحانية يف أايم وناما معينة؟‬
‫ج‪ :‬نعم ألن لألرواح أشغاالً ال متكنها من احلضور إليكم مىت وكيفما شئتم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل لأليقوان والطالنم أتثري يف جذب األرواح أو طردها؟‬
‫ج‪ :‬أال تعلموا أن املادة ال أتثري هلا ملى الروح وأن الطالنم ال وجود لقوة هبا إال‬
‫يف خميلة األانم السذج‪.‬‬
‫س‪ :‬أتسر األرواح ابنتحضارها أم ال؟‬
‫ج‪ :‬هذا منوط هطبامها وهدوامي انتحضارها فإن كانت الغاية محيدة واحلضور‬
‫من أحبائها تتقاطر إلي هسرور وإال أهت احلضور أو حتضر كرهاً منها وتدل أجوهتها‬
‫ملى كدرها وغيظها‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن انتحضار أرواح مجلة معاً؟‬
‫ج‪ :‬نعم هشرط أن يكون لديكم مجلة ونطاء وإال فروح واحد جييب من اجلميع‬
‫ملى يد الونيط احلاضر؟‬
‫س‪ :‬هل يستطيع الروح أن حيضر مدة جمالس يستدمي إليها يف آن واحد؟‬
‫ج‪ :‬نعم هشرط أن يكون روحاً ملوايً‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف يتم ذلك‪ .‬هل يتجزأ الروح؟‬
‫ج‪ :‬إن الشمس واحدة وتنري مع هذا أماكن مديدة معاً فكلما تعاىل الروح وتنقى‬
‫اهزداد شأشعة فكره قوة وامتداداً أما الروح السفلى فال يستطيع لتغلب املادة ملي أن‬
‫حيضر إال مكاانً واوحداً وال أن يكاتب إال ونيطاً واحداً‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن انتحضار األرواح النقية أي اليت هلغت الغاية القصوى؟‬
‫ج‪ :‬قد ميكن ذلك وهذا اندر جداً فإن أرواحاً كهذه ال تناجي إال قلوابً نقية‬
‫خملصة ال تشوهبا الكربايء وحب الذا ‪.‬‬
‫س‪ :‬ما مقدار الزمن الذي يكفي النتحضار الروح هعد موت ‪\.‬‬
‫ج‪ :‬قد ميكن انتحضاره حىت وقت املو ولكن أجوهت تكون انقصة النتيالء‬
‫االضطراب هعد ملي ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل انتحضار الروح املتجسد ممتنع ملى اإلطالق؟‬
‫ج‪ :‬كال فقد ميكن انتحضاره هشرط أن حال اجلسدية متسح ل هذلك وكلما كان‬
‫العامل أرقى قلت املادة من اجلسد واهزداد الروح نهولة يف مزايلت ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن انتحضار روح احلي؟‬
‫ج‪ :‬نعم هشرط أن يكون انئماً أو تكون روح وقتئذ منطلقة قليالً من قيود‬
‫جسدها ومرتبطة ه هراهط نيال ه مييز الونيط الناظر روح احلي من روح امليت‪.‬‬
‫س‪ :‬هل روح احلي املستحضر وقت الرقاد جييب نائل هسهولة كروح امليت؟‬
‫ج‪ :‬كال ألن املادة املقيد هبا تفعل دائماً في وتعيق حريت ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يتذكر اإلنسان مند اليقظة انتحضاره وقت الرقاد؟‬
‫ج‪ :‬كال فإن حالت أشب ابلنائم املغناطيسي الذي ينسى مند اليقظة كل ما قال‬
‫وممل وقت التنومي‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن تغري أفكار احلي مند اليقظة ابنتحضار روح وإقنام مند الرقاد؟‬
‫األدهية اليت‬ ‫ج‪ :‬قلما يصح ذلك ألن اإلنسان ينسى وقت اليقظة التأثريا‬
‫أصاهت روح واملقاصد الصاحلة اليت اختذها وقت الرقاد؟‬
‫س‪ :‬هل لروح احلي حرية يف قول وإخفاء ما يشاء؟‬
‫ج‪ :‬ال ريب يف ذلك‪ .‬ال هل يكون أشد حتفظاً من وقت اليقظة وإذا حلوا ملي يف‬
‫السؤال ينصرف‪.‬‬
‫س‪ :‬أال ميكن لروح آخر أن يضطر روح احلي إىل احلضور والتكلم مبا ال يريد؟‬
‫ليس من نلطة هني األرواح أحياء كانوا أم أموااتً إال السلطة األدهية فيمن ل‬
‫نلطة كهذه فليس ينبغي أن يستخدمها يف نبيل أغراض ناقطة تنزه منها‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن انتحضار روح اجلنني وهو هعد يف أحشاء أم ؟‬
‫ج‪ :‬كال ألن يكون وقتئذ يف حالة اضطراب اتم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يتأتى ضرر من انحضار روح احلي؟‬
‫ج‪ :‬ال خيلو ذلك من هعض الضرر خصوصاً إذا كان احلي مريضاً فإن إحضاره‬
‫يزيد يف أوجام وملي ال ينبغي إحضار روح الولد الصغري وال الشيخ الضعيف وال‬
‫اإلنسان العليل فإن االنتحضار مضر هبم‪.‬‬
‫س‪ :‬إن كان انتحضار روح احلي ال خيلو من هعض الضرر فيمن أين نعلم أن‬
‫الروح الذي نفظن ميتاً ونستحضره ال يكون قد صار هعد املو يف حال حياة يضره‬
‫فيها االنتحضار‪.‬‬
‫ج‪ :‬إن روحاً كهذا ال يليب االنتحضار فلهذا قلت لكم أن ال يستحضر الونيط‬
‫روحاً ما مل يسأل قبالً الروح مرشده أكان انتحضاره ممكناً أم ال‪.‬‬
‫س‪ :‬أليس حمتمالً يف الوناطة اخلطية أو االنتيالئية أن تكون املقاال صادرة من‬
‫روح الونيط ذات ؟‬
‫ج‪ :‬قد ميكن لروح الونيط إن كانت منطلقة هعض االنطالق أن تستخدم كالروح‬
‫األجنيب جسدها ذات للكتاهة وليس هذا هعجب طاملا روح احلي يستطيع رغماً من‬
‫جتسده أن يستخدم جسد ونيط للكتاهة أو التكلم‪.‬‬
‫س‪ :‬أال يثبت مبدأ هذا رأي القائلني أبن املقاال الروحانية أهنا من شخصية‬
‫الونيط اليت مل تتنب وليس لألرواح دخل فيها؟‬
‫ج‪ :‬قد يصح هذا الرأي يف هعض الظروف ولكن ال يشمل املقاال الروحانية‬
‫كلها‪ .‬إذا كان يف انتطامة الونيط أن يستخدم جسده للكتاهة أو التكلم ال يدل‬
‫هذا ملى امتناع انتخدام الروح األجنيب ل يف نبيل ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬فمن أين نعلم أن كان املتكلم أو الكاتب روح الونيط أم روحاً آخر أجنبياً؟‬
‫ج‪ :‬تستطيعون متييز ذلك من فحوى املقالة وهلجة احلديث وظروف أخرى ال‬
‫ختفي ملى الناقد البصري فإن من األجوهة ما يتعذر إمزاؤها إىل روح الونيط فعلى‬
‫اخلبري أن يتبصر ويدرس‪.‬‬
‫وملا أمتمت هذا املقال من كتاب املذهب الروحاين قلت اي شي دمحم‪ :‬املم أن يف‬
‫هذا احلديث من املعاين العجيبة الدينية ما في مربة ملن امترب‪ ،‬وذكرى ملن أذكر‪ .‬أمل تر‬
‫إىل قول الروح (إن الرذائل ملى اختالف أنوامها حتيط ابلروح هعد موت فتلتصق ه )‬
‫مث قال (هؤالء العلماء الفانقون أشد خطراً من األرواح الشريرة ألن الكربايء والنباهة‬
‫اجتمعت فيهم)‪.‬‬
‫أما إحاطة األخالق ابألرواح أو التصاقها هبا فقد تقدم الكالم مليها‪ .‬وأما‬
‫اجتماع الكربايء مع النباهة يف العلماء الفسقة وأهنم شر من األرواح الشريرة فذلك‬
‫ورد يف قول تعاىل‪{ :‬واتل مليهم نبأ الذي آتيناه آايتنا فانسلخ منها فاتبع الشيطان‬
‫فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه هبا ولكن أخلد إىل األرض واتبع هواه فمثل كمثل‬
‫الكلب إن حتمل ملي يلهث أو ترتك يلهث}‪.‬‬
‫ذلك أن ماملاً من هين إنرائيل كان جماب الدموة يسمى هلعام اهن ابمورا تقدم إلي‬
‫قوم وانتعانوا هزوجت اجلميلة وأهدوا هلا حلياً وماالً ونألوه أن يدمو هللا ملى نيدان‬
‫مونى فاندلع لسان وانقلب الدماء ملى قوم وطرد من رمحة هللا فأخذ حيتال حبيل‬
‫دنيوية ويوقع الفنت يف جيش النيب مونى صلى هللا ملي وملى نبينا ونلم‪.‬‬
‫فلهذا قال تعاىل‪{ :‬واتل اي دمحم ملى قومك نبأ هذا الرجل الذي آتيناه آايتنا}‬
‫اخل‪ ،‬مث قال ‪{ :‬فاقصص القصص اي دمحم ملى قومك لعلهم يتفكرون} فيما صار إلي‬
‫ذلك الرجل الذي أضل هللا ملى ملم‪ ،‬وقومك ضلوا هعد إذ أرنلتك إليهم‪ ،‬فكذا‬
‫ههنا يف مامل األرواح يكون العالم منهم دامياً لسبيل مضالً ملن أطام مونوناً مبا‬
‫منده من العلم فصار من الشياطني مبا أويت من العلم الذي ضرف يف نبيل الشر‬
‫ولذلك قال هللا تعاىل‪{ :‬أفرأيت من اختذ اهل هواه وأضل هللا ملى ملم وختم ملى‬
‫مسع وقلب وجعل ملى هصره غشاوة فمن يهدي من هعد هللا افال تذكرون}‬
‫ويف مقال العلماء‪:‬‬
‫ومـالـم هـعـلـمـ لـن يـعـمـال‬
‫مـعـذب مـن قـبـل مبـاد الـوثـن‬
‫أما قول الروح مث هل تظنون أن ليس من األرواح العلوية القادرة ملى تعليمكم إال‬
‫من مرفتم منها ملى األرض ‪...‬اخل‪ ،‬فهذا هو املنطبق متام االنطباق ملى ديننا الكرمي‬
‫فإن كل ما ورد يف القرآن من املالئكة والشياطني يشري إىل مامل ليس يف األرض فإن‬
‫جربيل وميكائيل وإنرافيل ومزرائيل والروح األمني وروح القدس واملالئمة الكروهيني‬
‫وملك اليمني وملك الشمال والكرام الكاتبيني وأمثاهلا مما جاء ه السنة ونطق ه‬
‫القرآن مل يقل أحد أهنم كانوا أرواحاً أرضية‪ ،‬هل قالوا أهنم خلق من خلق هللا تعاىل‬
‫خلقهم هال أحسام‪ ،‬فهكذا يقول الروح هنا أنكم إذا مل تؤمنوا هعوامل روحية غري األرواح‬
‫اليت خرجت من األرض فأنتم كاملتوحشني الذين مل خيرجوا قط من جزرهم فظنوا‬
‫املسكونة ال متتد خارجاً منها‪ ،‬قال تعاىل {وما يعلم جنود رهك إال هو وما هي إال‬
‫ذكرى للبشر} وقال تعاىل‪{ :‬وما أوتيتم من العلم إال قليالً}‪.‬‬
‫وأما قول الروح إن األرواح السفلية تكذب وتغش وتنشر الضالل ونتعاقب ملى‬
‫ذلك جزاء كذهبا ملى األرواح العلوية وتكلمها هلساهنا‪ ،‬وقد جعلها هللا حمنة لكن‬
‫لتميزوا اخلبيث من الطيب فهذا القول مجيل وهديع مصداقاً لقول تعاىل‪{ :‬لتبلون يف‬
‫أمولكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذي أشركوا أذى‬
‫كثرياُ وأن تصربوا وتتقوا فإن ذلك من مزم األمور} وقول تعاىل‪ :‬رونبلونكم ابلشر‬
‫واخلري فتنة وإلينا ترجعون} وقال تعاىل‪{ :‬تبارك الذي هيده امللك وهو ملى كل شيء‬
‫قدير الذي خلق املو واحلياة ليبلوكم أيكن أحسن ممالً وهو العزيز الغفور}‪.‬‬
‫قد تبني يل ابالختبار أن احلياة ملى هذه األرض وغريها إن هي إال فتنة ونظر‬
‫واختبار وكأن مسألة حساهية وملوم رايضية نعيش وننظر يف العلوم ونعاشر الناس‬
‫ونرى أن األمور أليق مثالً املال والصحة والعلم واحلكم هني الناس‪ .‬فكل من جعل‬
‫املال للذات وشهوات جحد الناس فضل وذم هللا نعي ‪ ،‬ومن حرم نفس وقرت مليها مث‬
‫جتاوهز من مال وفرق ملى الناس الم العلماء وذم الفضالء إذا أصبح فقرياً معدماً‬
‫يسأل النسا فعلي أن ينظر هعقل فيما جيب ل وللناس‪ ،‬وهكذا أمر الصحة والعلم‬
‫والعقل ونائر املواهب‪ ،‬إن مطلها ماقب هللا وغضب ملي الناس وإن أنرف حىت‬
‫أضرهبا كان كذلك‪ ،‬وإن حفظها ونفع هبا الناس كان مشكوراً من هللا والناس وهكذا‬
‫ما يبتلى ه اإلنسان من البالاي وما يصاب ه من احملن والرهزااي وما حييط ه من‬
‫األهوال ونوائب احلداثن‪ ،‬فحكمها حكم ما ذكر من النعم‪ ،‬فإن مرف ما يراد ه‬
‫ومقل نتائج تلك املصائب اهزداد هصرية وملماً وإال كان جهوالً‪ .‬أال وإن املصائب‬
‫ألهل األرض تبصرة وذكرى‪ ،‬هل كل ما احتجنا إلي وكلفنا أمماالً فإن ال حمالة مرق‬
‫لعقولنا‪ .‬أال ترى إىل الصنائع وهناء السفن وترهية الرجال املدرهني ملى احلرب والضرب‬
‫مث هم يرمون مجيعاً يف البحر أايم احلرب‪ .‬وترى مثالً قدماء املصريني قد أفرغوا وطبهم‬
‫ونثروا آخرنهم من كنانتهم فبنوا مصانع ظاهرة وهكذا نائر الناس جدوا يف التزويق‬
‫والتزيني والبناء منها ما قدمنا مما يصنع ف البحر يف احلرب وغريه ومنها ما يدفن حتت‬
‫األرض وال هد هلذا كل من مقصد ونتيجة‪ ،‬وما النتيجة والفائدة إال ارتقاء مزائم هذا‬
‫النوع اإلنساين ورقي وإكمال القوى والعزائم والبصائر لتلك األنفس الراحلة لرتجع إىل‬
‫العامل الذي ترنل إلي قوية ذا هصرية وقس ملى ذلك نائر مصائبها ونوائبها فإهنا‬
‫جاء تبصرة وذكرى حىت تقوى قلوهبا وتشتد مزائمها وتزداد جتارهبا‪.‬‬
‫نتيجة‪:‬‬
‫ملى كل ماقل مفكر أن يزن ما لدي من خري وشر حىت ال يفوت صوف األول‬
‫فيما خلق ل من املنافع‪ ،‬وال يشذ من ما أودع يف الثاين من الفطنة واحلكمة واخلربة‪،‬‬
‫فمن خدع ألول مرة فليفطن حىت ال خيدع مرة أخرى ومن ظهر ل آاثر حسنة‬
‫فحسده األقران وتضافوا ملى ذم وإنقاط فذلك إيقاظ من هللا ل أن جيد يف اخلري‬
‫ويزيد فيما خلق ل ويستعني هغريهم مليهم ليكون ذلك ل أقوم قيالً وأهدى نبيال‬
‫وأرفع شأانً وأقوى مزمية قال تعاىل يف نورة النور هعد أن قص قصص اإلفك‪{ :‬ولوال‬
‫فضل ال مليكم ورمحت ما هزكا منكم من أحد أهدا ولكن هللا يزكي من يشاء وهللا مسيع‬
‫ملم} وقال تعاىل‪ { :‬اي أهت أين أخاف أن ميسك مذاب من الرمحن فتكون للشيطان‬
‫وليا} فانظر كيف جعل اإلفك والرمي ابلزان مما يكون تزكية وتطهرياً وفضالً من هللا‬
‫ورمحة وجعل مذاب آهزر أىب نيدان إهراهيم أو مم ملى اخلالف انمجاً من رمحة هللا‬
‫فكأن يقول إن ما أصيبت ه مائشة من الرمي ابلزان ليس نقصاً فيها ه ل قامدة‬
‫مامة يف دائرهتا إال وهي أن املصائب تزكي وتطهر النفوس وترفعها إىل أملى‬
‫الدرجا ‪ ،‬وحلوهلا ابلناس فضل من هللا ونعمة ولوالها مل يتطهروا ومل يرتقوا وهذا املعىن‬
‫يؤخذ من قول ‪{ :‬ولوال فضل هللا مليكم ورمحت ما هزكا منكم من أحد أهدا} وقال‬
‫أيضاً‪{ :‬إن الذين جاءوا ابإلفك فصبة منم ال حتسبوه شراً لكم هل هو خري لكم}‬
‫فجعل ذلك خرياً لعائشة كما جعل العذاب احلال أبهل الكفر من فضل رمحت تعاىل‪،‬‬
‫ولسنا نعلم أين الرمحة يف مذاب الكافرين ونكل ملم إىل هللا تعاىل‪.‬‬
‫وأما قول الروح ال يدمي هذا اختصاصاً هال مدالً أي أن من الونطاء من متيل‬
‫هلم األرواح العلوية وتقيهم شر خداع األرواح الشريرة ألهنا متيل إىل من يسمع‬
‫نصائحها ويبذل جهده يف إصالح نفس ‪.‬‬
‫فأقول أن منطبق أمت االنطباق ملى قول تعاىل‪{ :‬والذين جاهدوا فينا لنهدينهم‬
‫نبلنا وإن هللا ملع احملسنني} وقول ‪{ :‬من انتعف يعف هللا ومن انتغىن يغن‬
‫هللا}‪.‬‬
‫وأما قول الروح يف أول احلديث‪( :‬مث املموا أن األرواح العلوية كلم اهزداد ارتقاء‬
‫انضمت إىل هعضها يف وحدة الفكر حىت ال يعود ملسألة الشخصية حيز مندهم‬
‫فأقول قال هللا تعاىل يف أهل اجلنة‪{ :‬ونزمنا ما يف صدورهم من مل أخواانً ملى نرر‬
‫متقاهلني ال ميسهم فيها نصب وما هم منها مبخرجني}‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬نرجو أن تزيدان من حديث األرواح فقلت ل ‪:‬‬
‫من مبادىء تعاليم األرواح‪:‬‬
‫ورد يف الكتاب املذكور‪:‬‬
‫يتوهم البعض أن الروحانبة وانطة نهلة وابب رحب لكشف الكنوهز وانتنباء‬
‫املستقبل وفتح الفال وحل املسائل العلمية إىل غري هذه من دوامي الطمع وحب‬
‫الرضيا فدفعاً هلذه األوهام رأينا أن نذكر يف هذا الفصل خالصة تعليم األرواح يف‬
‫هذا املوضوع نقالً من كتاب الونطاء للمعلم الفيلسوف اآلن كاردك‪.‬‬
‫س‪ :‬هل جتيب األرواح من كل نؤال يطرح مليها؟‬
‫ج‪ :‬كال فإن األرواح الرصينة ال جتيب إال من أنئلة غايتها خريكم الروحي وترقيكم‬
‫األديب‪.‬‬
‫س‪ :‬هل األنئلة اجلدية هي الوانطة إلهعاد األرواح الطائشة؟‬
‫ج‪ :‬ليس األنئلة اليت تبعد األرواح الطائشة هل صفا من يلقي األنئلة‪.‬‬
‫س‪ :‬أية أنئلة تكرهها األرواح الصاحلة؟‬
‫ج‪ :‬هي اليت ال فائدة منها أو يشتم منها رائحة الفضول أو الطمع‪.‬‬
‫س‪ :‬هل من أنئلة تكرهها األرواح الناقصة؟‬
‫ج‪ :‬ال تكره إال األنئلة اليت تزيح النقاب من جهلها وخدامها‪.‬‬
‫س‪ :‬ما قولك فيمن يتخذون املخاهرة الروحانية ابابً للهو واهلزل أو النتنباء امور‬
‫هتم صواحلهم الزمنية‪.‬‬
‫ج‪ :‬هؤالء تسر هبم جداً األرواح الناقصة ملدامبتهم وخدامهم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تستطيع األرواح أن تكشف لنا أمر املستقبل؟‬
‫ج‪ :‬كال إذ لو مرف اإلنسان املستقبل ألمهل احلاضر‪.‬‬
‫س‪ :‬أليس مع هذا من حوادث تنبئنا األرواح منها وتتم يف حينها؟‬
‫ج‪ :‬قد يتفق أحياانً أن الروح يستشعر حدوث هعض أمور يرى من الفائدة كشفها‬
‫وهذا ال مينع األرواح املاكرة من نشر النبوا الكاذهة‪.‬‬
‫س‪ :‬ما هي أخص دالئل النبوا الكاذهة؟‬
‫ج‪ :‬هل اليت ال أتيت هفائدة مامة أو يكون مرجعها النفع اخلاص‪.‬‬
‫س‪ :‬ملاذا تكون األرواح الرصينة مند تنبئها من أمر ال تعني هزمن حدوث ؟‬
‫ج‪ :‬يكون هذا إما من ممد منها أو مدم معرفة‪ .‬إن الروح يستشعر أحياانً وقوع أمر‬
‫إمنا هزمن وقوم يكون يف الغالب متعلقاً حبوادث مل تتم هعد وال يعلمها إال هللا‪.‬‬
‫أما األرواح الطائشة فال يهمها أمر احلقيقة وحتدد األايم والساما من دون‬
‫التفا إىل صحة النبوة ومدمها‪ ،‬ومن الواجب ههنا أن أكرر مليكم القول إن غاية‬
‫رنالتنا إانرة هصريتكم وتعرقيكم الروحي ال العرافة وفتح الفال‪ ،‬فمن أحب هذه أتلف‬
‫األرواح املاكرة ويصبح ألعوهة هني أيديها‪.‬‬
‫س‪ :‬ما قولك فيمن تنبئ األرواح مبوت يف نامة معينة؟‬
‫ج‪ :‬هذه أرواح ماكرة ال تقصد إال الضحك مبا تسب من الرمب ملصدقها‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف يتفق أن هعض الناس يستدلون ملى قرب موهتم وحيددون هزمن وقوم ؟‬
‫ج‪ :‬تطلع أرواحهم ملى ذلك مند انطالقها من قيود اجلسد ويبقى فيها ذكره مند‬
‫اليقظة‪ ،‬فهؤالء ال يهوهلم أمر املو وال يرون في إال انتقاالً من حالة إىل حالة أو‬
‫تغيري كساء خشن هكساء لطيق‪ ،‬إن خشية املو نوف تتناقص وتتالشى مند‬
‫انتشار احلقائق الروحانية‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تستطيع األرواح أن تطلعنا ملى حياتنا املاضية؟‬
‫ج‪ :‬تستطيع ذلك إن مسح هلا الرب وال يكون مساح إال لغاية محيدة مفيدة ال‬
‫لفضول ابطل وملي ال تصدقوا نبأ كهذا إال إذا صار هديهياً ولغاية مفيدة‪ .‬كثرياً ما‬
‫حتب األرواح املاكرة أن هتزأ ابلونطاء واملؤمنني هقوهلا هلم إهنم من أصل نام ومرتبة‬
‫رفيعة فيتقبل هعضهم ذلك مبزيد االهتهاج وال يفقهون أن حالتهم الروحية احلاضرة ال‬
‫تدل ملى املرتبة اليت تنسبهم األرواح إليها مع أن األحرى هبؤالء املساكني جتنباً‬
‫للسخرية أن يالحظوا أن الرتقي خري هلم من االحنطاط وأن التقهقر يف الكمال خمالف‬
‫لنامون تعاىل‪.‬‬
‫س‪ :‬إن كان ال ميكن لإلنسان أن نعرف شخصيت يف وجود ناهق فهال ميكن‬
‫ملى األقل أن يطلع ملى مركزه والصفا أو النقائص اليت تغلبت ملي في ‪.‬‬
‫ج‪ :‬قد ميكن كشف أمر كهذا لكون مفيداً إلصالحكم ولكن ال حاجة إلي‬
‫ألنكم إذا أتملتم جيداً يف أنفسكم تستدلون ملى الصفا النقائص اليت تغلبت‬
‫مليكم يف احلياة املاضية‪.‬‬
‫س‪ :‬هل نستطيع انتطالع شيء من مستقبل حياتنا هعد املو ؟‬
‫ج‪ :‬كال وإايكم وتصديق شيء من هذا القبيل فإن أفك وخداع حمض والدليل‬
‫واضح وهو أن وجودكم املقبل نيكون نتيجة نريتكم احلاضرة فكلما قل الدين خف‬
‫الوفاء واهزددمت يف املستقبل نعادة وراحة‪ ،‬ولكن أين وكيف يتم هذا الوجود‪ ،‬هذا أمر‬
‫ال تعرفون إال هعد مودتكم إىل احلالة الروحية وتبصركم فيها‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يسوغ انتشارة األرواح يف الصواحل الزمنية؟‬
‫ج‪ :‬قد ميكن ذلك يف هعض الظروف وملى مقتضى نية املستشري وصفا الروح‬
‫املوجهة إل االنتشارة‪ ،‬ومن الواجب أن تتأكدوا أن األرواح الصاحلة ال تتواطأ قط‬
‫ملى جماراة مطامعكم‪ ،‬وأما الشريرة فتهزأ هكم مبواميد نراهية ما وراءها إال اخليبة‬
‫واحلسرة‪ ،‬مث املموا أن إذا قدر مليكم حمنة فاألرواح الصاحلة تسامدكم ملى حتملها‬
‫وختفف منكم وطأهتا ولكنها قد ال تستطيع أن تدرأها منكم ألن هبا خريكم الروحي‬
‫وجناح مستقبلكم‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا تويف شخص وكانت مصاحل معرقلة إال يسوغ انتشارة روح يف حل‬
‫هعض املشاكل وهال يكون هذا ابب العدل‪.‬‬
‫ج‪ :‬لعلكم نسيتم أن املو ابب النجاة من مهوم احلياة وأن الروح املعتوق من‬
‫األنر ال يعاود نالنل للتداخل يف أمور ما ماد هتم وخلدمة ورثة رمبا اهتهجوا‬
‫مبوت ملا جنم هلم من من الفائدة املالية؟ تقولون أن هذا من ابب العدل والعدل قائم‬
‫خبيبة مطامعهم وهذا هدء القصاصا اليت نتنوهبم من تعلقهم املفرط‪.‬‬
‫س‪ :‬أنستطيع أن نستنيبء األرواح من أحواهلا ومراكزها يف مامل الغيب؟‬
‫ج‪ :‬نعم هشرط أن يكون هذا االنتنباء انجتا من احملبة وطلب الفائدة الروحية‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تستطيع األرواح أن تصف لنا نعيمها أو شقاءها؟‬
‫ج‪ :‬نعم ألن فوائد مظيمة تنتج لكم من ذلك أخصها اطالمكم ملى ماهية‬
‫الثواب والعقاب ورفع األوهام املرتكبة ملى مقول هعض السذج من هذا القبيل‪.‬‬
‫وإحياء األميان فيكم وتقوية رجائكم السماوي‪ .‬إن األرواح الصاحلة يلذ هلا وصف‬
‫نعيمها والشريرة جتد راحة يف تبيان ما تقاني من تباريح العذاب خصوصاً إذا القت‬
‫من نامعيها مواطف اإلشفاق والتأني ال خيفي أن غاية الروحانية هي أصالحكم‬
‫الروحي والغرض من كل األمثلة واملقاال اليت أتتيكم هو وقوفكم ملى حقائق ما هعد‬
‫املو لتتجردوا من األرضيا وتسعوا وراء السماواي ‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا فقد أحد من الوجود ومل يعرف أمر مصريه فهل ميكن انتحضار روح‬
‫للوقوف ملى احلقيقة‪.‬‬
‫ج‪ :‬قد ميكن ذلك إذا مل يكن االرتياب يف موت حمنة قدر احتماهلا ملى من‬
‫يهمهم أمره‪.‬‬
‫س‪ :‬هل جيوهز انتشارة األرواح يف الصحة؟‬
‫ج‪ :‬نعم ألن الصحة شرط ضروري حلسن القيام ابلعمل الذي جتسد اإلنسان‬
‫ألجل ‪ .‬وإمنا ال ينبغي انتشارة أي روح كان من األرواح ألن اجلهالء يكثرون هينهم‪.‬‬
‫س‪ :‬أحيسن انتشارة مشهوري األطباء املتوفني؟‬
‫ج‪ :‬ليس هؤالء املشهورين مبعصومني من الغلط وقد تتصلب فيهم أحياانً هعض‬
‫آراء فاندة ال ينزمها املو منهم هسهولة‪ .‬إن العلوم األرضية ليست هشيء ابلنسبة‬
‫إىل العلوم السماوية وهذه ال ميلكها إال األرواح العلوية فإليها جيب أن تلجأوا يف كل‬
‫أمر‪.‬‬
‫س‪ :‬هل العامل هعد موت يقر أضاليل العلمية؟‬
‫ج‪ :‬إن كان قد جترد من الكربايء وأدرك نقص يقر هبا هال خجل وإال تبقى في‬
‫هعض األوهام اليت تركبت ملي يف احلياة‪.‬‬
‫س‪:‬هل ميكن للطبيب أن حيضر املوتى الذين ماتوا ملى يده ويستوضح منهم‬
‫هعض الدالئل ليزداد هبا خربة ومعرفة؟‬
‫ج‪ :‬قد يصح ذلك وينال املسامدة من األرواح العلوية ذاهتا هشرط أن ينكب ملى‬
‫درن هذا ابالنتقامة وصفاء القلب ال هنية حشد املال وكسب املعارف من دون جد‬
‫وال مناء‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن انرتشاد األرواح يف املباحث واالكتشافا العلمية؟‬
‫ج‪ :‬إن العلم هو صنع العقل وال يكتسب غال ابلعمل وابلعمل وحده يتقدم املرء‬
‫يف طريق ‪ .‬أي فضل يبقى لإلنسان إذا أمكن أن يعرف كل شيء ابنتنباء األرواح‪.‬‬
‫أال يصبح الغيب اجلاهل هبذه الطريقة ماملاً؟ مث إن لكل شيء وقتاً معيناً أييت يف حين‬
‫أي مندما تكون األفكار مؤهلة لقبول وأما هتلك الطريقة فيقلب اإلنسان نظام‬
‫األشياء إذ يقطف الثمرة قبل نضجها‪.‬‬
‫س‪ :‬أال ينال إذاً العامل واملخرتع من األرواح املعونة يف مباحث ‪.‬‬
‫ج‪ :‬من العون ال ينقص مندما يكون أوان االخرتاع قد دان فتوافي وقتئذ األرواح‬
‫وتلقي إلي هعض اإلهلاما الفكرية فيفكر فيها هو ويشتغل هبا إىل أن ينتج منها‬
‫االكتشاف املقصود فيكون معظم الفضل راجعاً إلي فإايكم إذاً والزيغ من حمجة‬
‫الروحانية والتطرف إىل أمر ال ينوهكم من إال اخلداع والسخرية‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن أن تدلنا األرواح ملى الكنوهز واألحافري اخلفية؟‬
‫ج‪ :‬قد قلت لكن أن األرواح العلوية ال تتناهزل إىل مواضعة مطامعكم وأما املاكرة‬
‫فتدل دائماً نائلها ملى أماكن ال وجود لكنز فيها فيذهب املسكني مناؤه وتعب‬
‫أدراج الرايح‪.‬‬
‫س‪ :‬ما قولك يف االمتقاد حبرانة الكنوهز املدموة رصداً؟‬
‫ج‪ :‬من هعض أرواح البخالء يلبثون مقيمني حول الكنوهز اليت طمروها يف األرض‬
‫وخوفهم ملى اكتشافها يكون مذاابً مستدمياً هلم إىل أن يتجردوا من املاداي ويدركوا‬
‫هطالهنا ا هـ‪.‬‬
‫حينئذ قلت اي شري دمحم أتمل يف هذا احلديث امل حتد في ملماً جديداً يف فهم‬
‫القرآن‪ .‬قال وما ذاك قلت‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬فلما قضينا ملي املو ما دهلم ملى موت‬
‫إال داهة األرض أتكل منسأت فلما خر تبينت اجلن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا‬
‫يف العذاب املهني} فإن اجلن أايم نليمان ملي السالم هقوا أمداً طويالً مسخرين‬
‫وكان نليمان ملي السالم متكئاً ملى مصاه فلما أكلت داهة األرض تلك العصا خر‬
‫ملى األرض فلو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا يف ذلك العذاب ولعلموا أن نليمان‬
‫ميت‪ ،‬وال جرم إن هذه القصة مثرهتا أال يثق اإلنس أبخبار اجلن‪ ،‬هذا هو املقصد‬
‫احلقيقي منها‪ .‬ولقد جتلى واضحاً يف هذا احلديث أال ترى أهنم ملا نألوا الروح هل‬
‫تستطي ع األرواح أن تكشف أمر املستقبل؟ فكان اجلواب ‪ :‬كال إذ لو مرف اإلنسان‬
‫املستقبل ألمهل احلاضر‪.‬‬
‫وملا نألت األرواح أليس مع هذا من حوادث يتنبأ األرواح منها وتتم يف حينها‪،‬‬
‫فكان اجلواب قد يتفق أحياانً أن الروح يستشعر حدوث هعض أمور يرى من الفائدة‬
‫كشفها وهذا ال مينع األرواح املاكرة من نشر النبوءا الكاذهة‪ ،‬مث أفاد أن األرواح‬
‫الرصينة قد تستشعر أبمر يكون يف الغالب متعلقاً حبوادث مل تتم وال يعلمها إال هللا‬
‫فال تقطع يف جواهبا‪.‬‬
‫أما األرواح الطائشة فال يهمها أمر احلقائق فتنشر األخبار الكاذهة‪ ،‬وال جرم أن‬
‫ذلك مغزى قصة نليمان ملي السالم وشرح ما انطو ملي من العلم وهرهان صدق‬
‫ملا فيها من التوقف من تصديق ما تلقى اجلن من األكاذيب ا هـ‪.‬‬
‫مث انظر اي شري دمحم إىل قول الروح إن هعض الناس يستدلون ملى قرب موهتم‬
‫وحيددون هزمن وقوم وإن هؤالء الذين انطلقت أرواحهم من قيود اجلسد ال يهو هلم‬
‫أمر املو ألست ترى اي شري إن هذا مصداق قول تعاىل‪{ :‬إن الذين قالوا رهنا هللا مث‬
‫انتقاموا تتنزل مليهم املالئكة اال ختافوا وال حتزنوا وأهشروا ابجلنة اليت كنتم تومدون‬
‫حنن أولياؤكم يف احلياة الدنيا ويف اآلخرة ولكن فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما‬
‫تدمون نزال من غفور رحيم ومن أحسن قوالً ممن دما إىل هللا وممل صاحلاً وقال إنين‬
‫من املسلمني}‪.‬‬
‫فتعجب اي شري كيف يقول تتنزل مليهم املالئكة ليلهموهم السرور والبهجة‬
‫وخياطبوهم وانظر إىل قول تعاىل‪{ :‬أال إن أولياء هللا ال خوف مليهم وال هم حيزنون‬
‫الذين آمنوا وكانوا يتقون هلم البشرى يف احلياة الدنيا ويف اآلخرة ال تبديل لكلما هللا‬
‫ذلك هو الفوهز العظيم} فقد قال ملا نئل من البشرى قال ‪ :‬هي الرؤاي الصاحلة‬
‫يراها الرجل أو ترى ل ‪ .‬وتعجب اي شري دمحم من قول الروح يف هذا‪ :‬إن الطبيب إذا‬
‫اكب ملى درن ابالنتقامة ال هنية حشد املال وكسب املعارف هدون جد وال مناء‬
‫ينال مسامدة األرواح العلوية أو ليس هذا من مسامدة املالئكة للمجدين وقد قال‬
‫‪ ( :‬إمنا العلم ابلتعلم وإمنا احلام ابلتحلم) فال ملم هال جد وال حلم هال تكلف وتصرب‬
‫وجد‪.‬‬
‫وقال تعاىل‪ { :‬وإن من شيء إال مندان خزائن وما ننزل إال هقدر معلوم}‪ .‬وقال‪:‬‬
‫{وكل شيء منده مبقدار} ‪ .‬وقد ملمت فيما مضى أن األرواح ال ختص من مضوا‬
‫من مامل األرض هل هناك من هم أمظم هل هم املالئكة املكرمون مث انظر قول تعاىل‬
‫يف نورة النحل‪{ :‬الذين تتوفاهم املالئكة ظاملي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعم ملن‬
‫نوء هلى إن هللا مليم مبا كنتم تعملون}‪ .‬مث قال‪{ :‬وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل رهكم‬
‫قالوا خرياً للذين أحسنوا يف هذه الدنيا حسنة}‪ .‬مث قال‪{ :‬الذين تتوفاهم املالئكة‬
‫طيبني يقولون نالم مليكم ادخلوا اجلنة مبا كنتم تعملون}‪.‬‬
‫أليس هذا اي شري يوميء إىل ما يقول الروح هنا أن أرواحهم تطلع ملى ذلك مند‬
‫انظال قها من قيود اجلسد ويبقى فيها ذكره مند اليقظة فهؤالء ال يهوهلم أمر املو وال‬
‫يرون في إال انتقاالً من حال إىل حال أو تغيري كساء خشن هكساء لطيف‪ :‬وهل‬
‫يعطي من ال يستحق احلكمة؟ كال ا هـ‪.‬‬
‫مث انظر إىل قول فاألرواح الصاحلة تسامدكم ملى حتمل احملنة ولكنها ال تدرؤها‬
‫منكم ألن هبا خريكم الروحي وجناح مستقبلكم وهذا قول تعاىل‪{ :‬ومسى أن تكرهوا‬
‫شيئاً وهو خري لكم ومسى أن حتبوا شيئاً وهو شر لكم} وقول ‪{ :‬ما أصاب من‬
‫مصيبة يف األرض وال يف أنفسكم إال يف كتاب من قبل أن نربأها إن ذلك ملى هللا‬
‫يسري}‪ .‬وقول ‪{ :‬ولنبلونكم هشيء من اخلوف واجلوع ونقص من األموال واألنفس‬
‫والثمرا وهشر الصاهرين الذين إذا أصاهتهم مصيبة قالوا إان هلل وإان إلي راجعون‬
‫أولئك مليهم صلوا من رهبم ورمحة وأولئك هم املهتدون}‪ .‬مث أتمل قول الروح وهذا‬
‫هدء القصاصا اليت نتنوهبم من تعلقهم املفرط ابخلريا ‪ ،‬وقول أن العدل قائم خبيبة‬
‫آماهلم فتعجب كيف كان مطاهقاً أشد املطاهقة لقول تعاىل‪{ :‬وال تعجبك أمواهلم وال‬
‫أوالدهم إمنا يريد هللا ليعذهبم هبا يف احلياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون}‪ .‬وقول‬
‫تعاىل‪ { :‬املال والبنون هزينة احلياة الدنيا والباقيا الصاحلا خري مند رهك ثوااب وخري‬
‫أمالً}‪ .‬فجعل هللا املال والولد مذاابً يف الدنيا ويف اآلخرة ملن تعلق هبما ومل جيعلهما‬
‫ونيلة الرتقاء روح ‪ ،‬مث جعل املال والبنني هزينة احلياة الدنيا وال خري إال فيما هقي من‬
‫الصاحلا الباقيا ‪.‬‬
‫وأما قول الروح أن العلوم األرضية ليست هشيء ابلنسبة إىل العلوم السماوية فهذا‬
‫قول تعاىل‪{ :‬قل لو كان البحر مداداً لكلما ريب لنفد البحر قبل أن تنفد كلما‬
‫ريب ولو جئنا مبثل مدداً}‪ .‬وقول الروح‪ :‬ال خيفي أن غاية الروحانية هي إصالحكم‬
‫الروحي والغرض من كل األمثلة واملقاال اليت أتتيكم هو وقوفكم ملى حقائق ما‬
‫هعد املو لتتجردوا من األرضيا وتسعوا ورالء السماواي هذا وكثري أمثال يفهم‬
‫من قول تعاىل‪ { :‬إن الذين كذهوا آبايتنا وانتكربوا منها ال تفتح هلم أهواب السماء‬
‫وال يدخلون اجلنة حىت يلج اجلمل يف نم اخلياط وكذلك جنزي اجملرمني}‪ .‬ومفهوم‬
‫أن الذين صدقوا ومل يستكربوا تفتح هلم أهواب السماء‪ .‬وقول تعاىل {إن الذين ال‬
‫يرجون لقاءان ورضوا ابحلياة الدنيا واطمأنوا هبا والذين هم من آايتنا غافلون أولئك‬
‫مأواهم النار مبا كانوا يكسبون}‪ .‬ومفهوم إن الذين يرجون لقاء هللا ومل يرضوا يف‬
‫احلياة الدنيا وجعلوها جلة واختذوا صاحل األممال فيها نفنا ومل يطمئنوا هلا ومل يغفلوا‬
‫مما أودع فيها من آاي هللا فأولئك مأواهم اجلنة مبا كانوا يكسبون أ هـ‪.‬‬
‫(حكمة ومعجزة)‪:‬‬
‫اي شري دمحم إن قول الروح هنا أيضاً أن الطبيب ينال املسامدة من األرواح العلوية‬
‫وقول يف العامل واملخرتع أهنما يناالن املعاونة من األرواح العالية إذا آن وقت االخرتاع‬
‫دال ملى مداخلة األرواح يف أممالنا مند االنتحقاق أليس هذا مطاهقاً لقول تعاىل‬
‫يف نورة آل ممران‪{ :‬ولقد نصركم هللا هبدر وأنتم أذلة فاتقوا هللا لعلكم تشكرون إذ‬
‫تقول للمؤمنني ألن يكفيكم أن ميدكم رهكم هثالثة آالف من املالئكة منزلني هلى أن‬
‫تصربوا وتتقوا وأيتوكم من فورهم هذا ميدكم رهكم خبمسة آالف من املالئكة مسومني‬
‫وما جعل هللا العزيز احلكيم}‪ .‬أال فانظر كيف رتبت األرواح املعونة للمخرتع والعامل‬
‫ملى اجلد واملثاهرة وهي تطاهق اآلية إذ جعل مسامدة خسمة آالف من املالئكة‬
‫موقوفاً ملى الصرب والتقوى وهجوم العدو أو لست ترى أن هيان األرواح معجزة‬
‫للقرآن‪ .‬لقد كنا نسمع هذا ونكل ملم إىل هللا تعاىل فأصبحنا نروي نظائره من‬
‫األرواح العالية أنفسها وقال يف نورة األنفال‪:‬‬
‫{ إذ تستغيثون رهك فانتجاب لكم أين ممدكم أبلف من املالئكة مسومني وما‬
‫جعل هللا إال هشرى لكم ولتطمئن ه قلوهكم وما النصر إال من مند هللا إن هللا مزيز‬
‫حكيم إذ يعشيكم النعاس أمنة من وينزل مليكم من السماء ماء ليطهركم ه ويذهب‬
‫منكم رجز الشيطان ولريهط ملى قلوهكم ويثبت ه األقدام إذ يوحي رهك إىل املالئكة‬
‫أين معكم فثبتوا الذين آمنوا يف قلوب الذين كفروا الرمب}‪.‬‬
‫فانظر كيف أمر املالئكة أن يثبتوا الذين آمنوا وأن نيلقى يف قلوب الذين كفروا‬
‫الرمب فرتى أن ما قال الروح هنا من اهلام األرواح األحياء ومسامدهتم وإانرة‬
‫هصائرهم موافق لآلاي ومعجزة يف هذا الزمان فتأمل يف هذا األمر اللطيف‪.‬‬
‫روى املعلم أالن كاردك يف كتاب الونطاء من نيدة كانت ليلة مريضة فرأ حنو‬
‫السامة العاشرة رجالً من معارفها جالساً ملى كرني داخل غرفتها يتناول من وقت‬
‫آلخر نشقة من السعوط‪ .‬فتعجبت من هزايرة كهذه وأراد أن تكلم فأشار إليها‬
‫ابلسكو ووجوب الرقاد‪ ،‬فبعد أن موفيت من مرضها أبايم حضر الرجل املذكور‬
‫لزايرهتا اللباس ذات الذي رأت في تلك الليلة وهيده ملبة السعوط فأخذ تشكره‬
‫ملى افتقاده هلا تلك الليلة يف مرضها فقال هلا الرجل متعجباً‪ :‬ال خيطر هبايل أين‬
‫حضر لزايرتك يف وقت من األوقا ‪ ،‬فأدركت السيدة نر املسألة لعلمها أبصول‬
‫الروحانية وامتذر لدي هقوهلا أهنا رمبا رأ ذلك يف احللم ا هـ‪.‬‬
‫إن من جتلى للسيدة املذكورة وقت مرضها كان روح الرجل احلي وهيده ملبة‬
‫السعوط فمن أين أتى هبا؟ والغريب يف هعض هذه احلوادث هقاء األشياء وثبوهتا كما‬
‫يف آاثر الكتاهة اليت يرقمها الروح رأناً مبعزل من الونيط وملم وكالشعر وقطع‬
‫النسيج اليت رأينا روح كايت‪ 4‬تقصها وتوهزمها ملى احلضور هدية هلم‪ ،‬وقد ألقيت هذه‬
‫املشكلة ملى األرواح وإليك حلها نقالً من كتاب الونطاء للمعلم أالن كاردك‪.‬‬
‫س‪ :‬هل األلبسة اليت تتجلى هبا األرواح شيء حقيقي؟‬
‫ج‪ :‬ال شك يف ذلك ألن للروح نلطة ملى املادة األصلية ال تدركوهنا هعد‪ .‬فبفعل‬
‫إرادت يستطيع أن يضم العناصر األصلية هعضها إىل هعض ويصوغ شكالً يهواه‪.‬‬
‫س‪ :‬يظهر من هذا أن روح الرجل الذي جتلى للسيدة املريضة يف احلادثة املقدم‬
‫ذكرها قد صاغ ملبة نعوط من املادة األصلية هفعل إرادت ‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذه هي احلقيقة‪.‬‬
‫س‪ :‬وهل كان يف ونع أن جيعلها جامدة حسية؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬
‫س‪ :‬ويقدمها للمريضة فتمسها هيدها‪.‬‬
‫ج‪ :‬نعم‪.‬‬
‫س‪ :‬فالروح إذن ليس يستطيع فقط أن يصوغ الشيء هل أن جيعل ل أيضاً‬
‫خواص؟‬
‫ج‪ :‬يستطيع كل ذلك مبجرد فعل إرادت ‪.‬‬
‫س‪ :‬إذا قصد أن يصوغ مادة نامة وتناول منها أحد فهل يكون مسموماً؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ .‬ولكن الروح ال أييت ممالً كهذا إذ ال يسمح ل ه قط‪.‬‬
‫س‪ :‬وإذا صاغ مادة شافية فهل يربأ العليل هتناوهلا؟‬
‫ج‪ :‬نعم وكثرياً ما حدث وحيدث ذلك‪.‬‬
‫س‪ :‬وإذا صاغ مادة غذائية كفاكهة أو طعام آخر هل تشبع آكلها؟‬

‫‪ 4‬نتأتى قصتها ىف اجمللس العاشر‪.‬‬


‫ج‪ :‬نعم وليس من صعوهة يف إدراك ذلك‪ .‬أال تعلم أن اهلواء مثالً مآلن ابألخبرة‬
‫املائية وإنك قادر ملى إمادهتا إىل حالتها األصلية هل إىل جليد صلب‪ .‬أما يصنع‬
‫الكيماويون كل يوم مجائب وغرائب من حتويل املادة وتقليبها‪ .‬إمنا األرواح يف ذلك‬
‫آال أوفر اتقاانً وكماالً وهي اإلرادة وإذن هللا‪.‬‬
‫س‪ :‬هل ميكن لألشياء اليت تصوغها األرواح أن تثبت وتصلح لالنتعمال؟‬
‫ج‪ :‬قد ميكن ذلك ولكن ال يسمح ه ألن خمالف للنواميس‪.‬‬
‫س‪ :‬هل لألرواح مموماً مقدرة ملى تكوين أشياء مجادية؟‬
‫ج‪ :‬كلما ارتقى الروح اهزداد قوة فعل وأما األرواح السفلية فتستطيع يف هعض‬
‫الظروف أن أتيت أمماالً كهذه‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يدرك الروح دائماً كيفية صوغ األلبسة اليت يتجلى مكتسيا هبا؟‬
‫ج‪ :‬كال هل حيدث ذلك في غالباً هفعل غريزي ال يدرك هو نفس ما مل يكن روحاً‬
‫ملوايً متنوراً مبا يعمل ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل مادة الكتاهة اليت تسطرها األرواح رأناً هدون يد الونيط وقلم مركبة من‬
‫املادة األصلية؟‬
‫ج‪ :‬نعم فإن الروح يصوغها كما يصوغ األلبسة وابقي األشياء ا هـ‪.‬‬
‫فلما مسع ذلك شري دمحم قال‪ :‬أال تسمح يل أن أنأل نؤالً يوضح املقام‪ .‬فقلت‬
‫نل ما هدا لك‪ .‬فقال‪ :‬هذه موارض انمجة من وجود األرواح‪ ،‬ولكن أريد أن تثبت‬
‫هقول واضح وجود اجلسم الروحاين أوالً وقت احلياة‪ ،‬واثنياً هعد املما ‪ .‬فقلت نأفعل‬
‫ذلك وأجعل يف ثالث فصول من نفس الكتاب‪.‬‬
‫الفصل األول‬
‫يف إثبات وجود اجلسم الروحاين وقت احلياة‬

‫ال هد لكل مبدأ نظري من هراهني مملية تؤيده‪ ،‬فقد أنبأتنا األرواح هوجود جسم‬
‫روحاين يالهزم اإلنسان يف احلياة ويتبع هعد املو فلننظر هل لدينا حوادث حتقق هذا‬
‫املبدأ ابالختبار والفعل‪.‬‬
‫إن احلوادث اآليت إيرادها مأخوذ من أتليف أمداء الروحانية كامليسو داني‬
‫وخالف ومن كتاب أشباح األحياء أو جمموع احلوادث اليت قرر هصحتها اللجنة‬
‫العمية اإلنكليزية حينما اضطرها الرأي العام إىل التنقري والبحث من ملة احلوادث‬
‫الروحانية احلديثة‪ ،‬وقد اهتعنا هذه اخلطة حىت يتأكد القاريء أن ما ننأيت ملى ذكره‬
‫ليس هضرب من األحاديث اخلرافية هل وقائع أكيدة رواها أمداؤان وشهدوا هصحتها‬
‫قوم ملماء ال يسلمون أبمر ما ل تؤيده الدالئل الصادقة وتثبت الشواهد الناطقة‪.‬‬
‫وههنا ذكر نت حوادث إثبااتً هلذه القضية‪:‬‬
‫‪ .4‬حادثة الدكتور جيبي ‪.‬‬
‫‪ .2‬حادثة املسيو داني يف كتاب اإلنسان هعد املو ‪.‬‬
‫‪ .9‬حادثة العالمة اكساكوف الروني‪.‬‬
‫‪ .1‬حادثة اآلنسة "ابج " املذكورة يف كتبا األشباح األحياء‪.‬‬
‫‪ .1‬حادثة أخرى ذكرها "داني " أيضاً‪.‬‬
‫‪ .1‬حادثة رواها السري روهر دال أوين وغريها‪.‬‬
‫(احلادثة األوىل)‪ :‬روى الدكتور جيبي يف كتاه حتليل األشياء ما أييت تعريب‬
‫‪:‬حدثين شا ب ل من العمر ثالثون ننة نقاش ماهر يف صنامت قال‪ :‬دخلت منذ أايم‬
‫منزيل حنو السامة العاشرة ليالً وقد امرتاين نوع غريب من العياء فأوقد املصباح‬
‫ووضعت ملى مائدة ابلقرب من نريري مث أشعلت نيكارة ومتدد ملى مقعد قصد‬
‫االنرتاحة‪.‬‬
‫وماكد أنند رأني إىل ظهر الكرني حىت شعر ابألشياء اجملاورة أخذ‬
‫تدور من نفسها وامرتتين دوخة شديدة انتقلت ملى أثرها فجأة ومن دون انتباه إىل‬
‫ونط الغرفة‪ ،‬فعجبت هلذا االنتقال الغريب وال تسل من اندهاشي ملا نظر إىل ما‬
‫حويل فرأيت نفسي متمدداً ملى املقعد هرخاوة ويساري مرفومة ملى رأني والسيكارة‬
‫هني أصاهعها‪ .‬ففي أول وهلة ظننت نفسي انئماً وإن ما أراه حلم وإذ الحظت هعد‬
‫هنيهة إين مل أر قط حلماً واضحاً كهذا خلت نفسي ميتاً وغذ ذاك خطر ملى ذهين‬
‫ما كنت مسعت من وجود األرواح وقلت يف ذايت إين أصبحت روحاً وتذكر كل ما‬
‫قيل يل يف هذا املوضوع‪ ،‬وأنفت مبرارة ملى هناية حيايت قبل إكمايل هعض أممال‪...‬‬
‫مث دنو من نفسي أي من جسدي الذي كنت أخال جثة فرأيت في من حركة‬
‫التنفس ما نب خاطري ونظر إىل صدره فعاينت القلب من داخل يطق ينظام‬
‫طرقا ضعيفة فتأكد حينئذ أن قد امرتاين إغماء غريب يف ابه ‪ ،‬وقلت يف نفسي‬
‫إن من يعشى مليهم ال يتذكرون ما يصيبهم وقت اإلغماء وخفت أن أفقد ما أراه‬
‫هعد إفاقيت من الغثيان‪.‬‬
‫وإذا أمنت قليالً أمر املو صرفت ذهين إىل ما حويل وتغاضيت من جسدي‬
‫الراقد ملى املقعد فنظر إىل املصباح وإذ رأيت مشتعالً ابلقرب من نريري خفت‬
‫ملى الستائر أن تلتهب هفعل احلرارة فقصد أن أطفيء املصباح فمسكت هزر الفتيلة‬
‫ومبثاً حاولت هرم مع أين كنت أشعر جيداً هدقائق الزر هني أصاهعي ولكين مل أقوى‬
‫ملى حتريك هتااتً‪.‬‬
‫مث صرفت نظري إىل نفسي فرأيت ذايت كأين متشح هلباس أهيض ويدي خترتق‬
‫جسمي هسهولة وإذا وقفت جتاه مرآة فبدالً من أن أري صوريت مرتسمة مليها شعر‬
‫هنظري ميتد إىل ما وراءها فرأيت اجلدار ومؤخر الصور واألمتعة املوجودة يف غرفة‬
‫جاري مع أن ال وجود للنور فيها إمنا كنت انتضيء هشعاع نور ينبعث من صدري‬
‫وينري األشياء الواقع نظري مليها‪ ،‬فخطر لبايل أن أدخل غرفة جاري اليت مل أرها قط‬
‫قبالً وهو كان متغيباً وقتئذ من ابريس فما كد أشعر هرغبيت هذه حىت ماينت‬
‫نفسي داخل الغرفة وال أدري كيف مت هذا االنتقال السريع إمنا ملى ظين اخرتقت‬
‫اجلدار كما اخرتق نظري‪ ،‬فأخذ أجتول يف خمادع جاري ألول مرة واحفظ يف ذهين‬
‫ما أراه فيها مث دخلت مكتبت وقرأ أمساء هعض كتاب موضومة ملى الرفوف وكلما‬
‫قصد االنتقال من مكان إىل آخر كنت أصري حيثما أرغب هلمح البصر ومبجرد‬
‫إراديت‪.‬‬
‫ومنذ ذاك تشوشت أفكاري وما مد أذكر شيئاً فقط أملم أين كنت أتنقل إىل‬
‫أماكن هعيدة جداً حىت إىل ايطاليا ملى ما أظن ولكن لست أدري ما رأيت ومملت‬
‫فيها إذ مل يعد يل نلطة ملى ضبط أفكاري وهي تنقلين حيثما توجهت قبل أن أتوىل‬
‫هزمامها‪ .‬فحمقاء املنزل كانت تقود وقتئذ معها املنزل إىل أن صحو السامة اخلامسة‬
‫صباحاً وأان متوند املقعد ابرد اجلسم متشنج األمضاء ونيكاريت هيدي مطفأة‪،‬‬
‫فقمت إىل نريري وامرتاين نفاض مزمج منت ملى أثره هضع ناما وما انتيقظت‬
‫إال ضحى النهار‪ ،‬وانتنبطت يف ذلك اليوم حيلة للدخول مع البواب إىل منزل جاري‬
‫فتفقد الصور واألاثث وأمساء الكتب فرأيت كل هذا طبق ما ماينت وقت اإلغماء‬
‫إال أين مل أكلم أحداً ابحلادثة حذراً من أن ينسبوا إىل اجلنون أو اهلذاين ا هــ‪.‬‬
‫فهذا احلادث يؤيد لنا أوالً‪ :‬إن انطالق النفس من اجلسد أمر أكيد ال ميكن‬
‫إمزاؤه إىل التخيل الومهى أو أضغاث األحالم مبا أن النقاش حقق اثين يوم ما كان‬
‫قدر رآه يف منزل جاره وقت اإلغماء‪ .‬اثنياً‪ :‬إن للنفس مند انطالقها من اجلسد‬
‫شكالً حمدوداً ملى اخرتاث املادة والتنقل حيثما أراد هفعل إرادهتا‪ .‬اثلثاً‪ :‬إن قوة‬
‫الباصرة تكون يف أشد نفوذاً مما يف حالتها االمتيادية مبا أن النقاش ماين قلب يطرق‬
‫داخل صدره‪.‬‬
‫(احلادثة الثانية)‪ :‬روى املسيو داني يف كتاه اإلنسان هعد املو ما أييت‪ :‬كان‬
‫السري روهر هروس األيكوني انئب رئيس مركب مبحر يف جوار جزيرة ترنوف‪ ،‬وإذ‬
‫كان مشتغالً يوماً هكتاهت الحت من التفاتة فرأى ملى مكتب الرابن رجالً غريب‬
‫الزى ابرد النظر فاراتع روهر هلذا املرأى ونار توا إىل الرابن ليسأل ‪ :‬من الغريب‬
‫القامد ملى متب ؟ فأجاه الرابن إن ليس من غريب يف املتب حىت وال يف املركب وملا‬
‫أكد ملي األمر رافق إىل احلجرة فلم جيدا أحداً‪ ،‬فقال السري روهر ‪ :‬رأيت مع هذا‬
‫يكتب ملى لوحك‪ ،‬فتصفحنا اللوح وإذا مكتوب ملي هذه الكلما " نري املركب‬
‫ملى الناحية الشمالية الغرهية" فأحضر الرابن كل من يف املركب وأمرهم أن يكتبوا‬
‫اجلملة املذكورة ملى لوح آخر فلم جيد خطاً مشاهباً للخط األول‪ ،‬فقال مندئذ الرابن‬
‫لنلبني األمر السري ولنسريان املركب إىل الناحية املطلوهة‪ ،‬وهعد ثالث ناما من‬
‫املسري صادفوا مركباً مكسور الصواري التطم جببل من اجلليد وقد انهز الغرق فأنرع‬
‫القوم لنجدة من في وأحصروهم ملى السفينة‪ ،‬وهينما كان أحدهم صامداً إليها هتف‬
‫روهر هروس مندما رآه هذا هو الغريب الذي رايت قامداً ملى املكتب‪ ،‬فأحضر‬
‫الرابن الرجل الغريب وطلب إلي أن يكتب ملى لوح "نري املركب إىل الناحية‬
‫الشمالية الغرهية" فكتب الغريب اجللملة املطلوهة ولدى مقاهلتها مع اجلملة األصلية‬
‫وجد اخلط واحداً فسأل رابن املركب الغارق للكاتب‪ :‬من أين هذه اجلملة األوىل‬
‫املشاهبة خلطك؟ قال‪ :‬ال أملم‪ .‬فسأل اثنية‪ :‬ألعلك حلمت أنك تكتب ملى هذا‬
‫قرب وال‬
‫اللوح؟ أجاب‪ :‬ال أذكر شيئاً من هذا‪ ،‬فقط يلوح يل أن ما أره ههنا قد رأيت ً‬
‫أملم كيف كان ذلك‪ ،‬فالتفت السري رهور إىل رابن السفينة الغارقة نأل مما كان‬
‫يعمل هذا الغريب وقت الظهر‪ ،‬أجاب كان غارقاً يف النوم وملا انتيقظ قال يل‪ :‬اهشر‬
‫ابخلالص فإين حلمت هنفسي واقفاً ملى ظهر مركب مقبل إلينا‪ ،‬ووصف هيئة املركب‬
‫وشرام جتهيزه كل هذا طبق ما وجدان ي مركبكم ا هـ‪.‬‬
‫من اجلسم الروحاين يف هذه الواقعة مل يظهر هشكل خيال هل هبيئة حسية وهقوة‬
‫كافية ملسك القلم وحتريك للكتاهة وهذا ما يتم يف أكثر احلوادث املتعلقة هبذا‬
‫املوضوع‪.‬‬
‫(احلادثة الثالثة)‪ :‬روى العالمة اكساكوف الروني من هزجني يدمى لويس من‬
‫مدينة هليكت كان ذا قوة مغنطيسية ال مثيل هلا يتعاطاها حىت يف احملافل العمومية‪،‬‬
‫فمغنط مرة يف إحدى احلفال صبية مل يكن قد رآها قبالً وهعد أن أغرقها يف السبا‬
‫املعنطيسي أمر روحها ابلذهاب إىل هيتها لتخرب احلضور مما ترى في فقالت أهنا‬
‫تعاين امرأتني يف املطبخ مشتغلتني أبممال خدمية فأمرها لويس أبن متس إحدى‬
‫هاتني املرأتني فضحكت الصبية وقالت‪ :‬مسست إحدامها وقد أخذ الذمر منهما كل‬
‫مأخذ فقصد هعض احلضور منزل الصبية لتحقيق األمر فوجدوا أهل البيت يف‬
‫اضطراب متزايد وإحدى اخلادما أتكد أهنا رأ خياالً يف املطبخ مس كتفها ا هـ‪.‬‬
‫(احلادثة الرابعة)‪ :‬جاء أيضاً يف كتاب أشباح األحياء ما تعريب ‪ :‬كتبت لنا اآلنسة‬
‫ابج من لوندن يف ‪ 49‬متوهز ننة ‪ 4991‬ما أييت‪ :‬يف ننة ‪ 4991‬كان أخي متوظفاً‬
‫اثلثاً يف إحدى هواخر شركة وجبرام الرأنية ملى مدينة ملبورن يف أنرتاليا‪ ،‬وكنت وقتئذ‬
‫مقيمة مع والدي مبصيف لنا يف جوار لوندن فاحندر إحدى الليايل إىل املطبخ هزهاء‬
‫السامة العاشرة قبل نصف الليل ألخذ قليالً من املاء الفاتر وكان اخلدام نياماً‬
‫واملصباح مستكمل الوقود فالحت مين التفاتة فرأيت هغتة أخي دخل املطبخ وجلس‬
‫ملى املائدة وثياه البحرية تقطر ماء فصحت ه من فرحي‪ :‬أخي كيف حئت أجاهين‬
‫هلهوجة ابهلل ال تقويل إين ههنا‪ ،‬وإذ هرمت إلي ألقبل توارى من مياين هلمح البصر‬
‫فتأكد حينئذ أن خيال وامرتاين شديد الذمر‪ ،‬فصعد حاالً إىل غرفيت وكبت‬
‫اتريخ احلادثة من دون أن أكلم هبا أحداً‪ ،‬وهعد ثالثة أشهر ماد أخي من السفر‬
‫فاختليت ه مند املساء ونألت أن يقص ملى ما اتفق ل من الغرائب يف رحلت ‪،‬‬
‫أجاهين‪ :‬كد أغرق إحدى الليايل يف مرنى ملبورن وذكل أين نزلت تلك الليلة إىل‬
‫الرب من دون إذ وهينا أان مائد إىل السفينة هزلت قدمي فسقطت يف البحر ما هني‬
‫الرصيف واملركب وإذ كانت املساحة ضيقة مل أمتكن من السباحة وغبت من الرشد‬
‫ولو مل يسرموا إىل انتشايل هللكت غرقاً‪ .‬وحلسن حظي مل يدر أحد هنزويل ملى الرب‬
‫من دون إذن فلم تنلين العقوهة اليت كنت أتوقعها ‪ .‬مث نألت من اتريخ احلادثة فوجد‬
‫مطاهقاً لليلة طهوره يف املطبخ‪ ،‬فقصصت ملي حينئذ ما رأيت تلك الليلة فتعجب‬
‫وقال‪ :‬ال خيطر ملى ابيل أين وجهت فكري إليك وقت الغرق ا هـ‪.‬‬
‫إن اجلسم الروحاين يف هذا احلادث ليس فقط خيرتق األجسام ويقطع املسافا‬
‫هلمح البصر هل يتجلى حسياً ويتكلم أيضاً‪ .‬وهاك حاداثً آخر من هذا النوع نقالً من‬
‫كتاب املغنطيسية احليوانية للبارون دي هوت قال‪ :‬إن البارون دي نولزا رئيس حجاب‬
‫ملك انوج اتفق ل يف أحد األايم الصيفية من ننة ‪ 4941‬إن ذهب لزايرة صديق ل‬
‫وماد ملى منزل ي منتصف الليل وهي نامة يكون فيها النور يف انوج كافياً لقراءة‬
‫أدق اخلطوط‪ ،‬قال البارون‪ :‬وملا وصلت قرب منزيل رأيت والدي مقبالً إىل مرتداي‬
‫هثياه االمتيادية مانكاً هيده هراوة منقوشة فألقيت ملي السالم وحتادثنا مع مدة‬
‫ليست هيسرية حىت دخلنا املنزل وهلغنا ابب حجرت ‪ ،‬وملا دخلناها وجد والدي‬
‫خالعاً ثياه راقداً يف نريره فالتفت إىل شخص والدي األول فلم أر ل أثراً‪ .‬وهعد‬
‫هنيهة هب من الرقاد وقال يل‪ :‬احلمد هلل ملى نالمتك اي مزيزي أدوار قد كنت‬
‫منشغل البال جداً من حنوك ألين حلمت أنك نقطت يف النهر وكد تغرق‪ ،‬وكان‬
‫هذا صحيحاً ألين يف ذلك اليوم توجهت مع هعض أصحايب إىل النهر الصطياد‬
‫السراطني وكاد نيل املاء خيطفين مث أخرب والدي أين رأيت خيال احلسي ملى ابب‬
‫احلديقة وحتدثنا ملياً‪ .‬أجاهين أن كثرياً ما يقع مع هذا العارض ا هـ‪.‬‬
‫(احلادثة اخلامسة)‪ :‬روى أيضاً داني ما أييت‪ :‬أخربان املعلم نتيلني من اننك‬
‫غريب األطوار كان يسكن جوار فيالدلفيا من الوالاي املتحدة ننة ‪ 4918‬ل شهرة‬
‫وانعة يف معرفة الغيب وانتطالع اخلفااي ومن أصدق وأثبت ما روى من احلادث‬
‫اآليت‪ :‬أحبر رابن نفينة إىل أورواب وأفريقيا وانقطعت أخباره من امرأت هزمناً طويالً‬
‫فامرتاها شديد القلق من حنوه وجلأ ملى العراف املذكور لتستطلع أمر مصريه‪ ،‬فقال‬
‫هلا العراف ‪ :‬أن ألبثي ههنا هنيهة إىل أن آتيك ابإلفادة املقصودة مث تركها وجاهز إىل‬
‫الغرفة الثانية وأقفل وراءه الباب‪ ،‬وطالت مليها غيبت إىل أن ملت االنتظار فقامت‬
‫ملى ابب الغرفة ونظر إىل ما يف داخلها من خصاص الباب فرأيت مضطجعاً ملى‬
‫أريكة ال حراك ه كأن ميت‪ ،‬فانتظرت ملى أن هب من رقاده وماد إليها قائالً‪ :‬إن‬
‫رأي هزوجها يف إحدى قهاوي لندن وأخربه أن ما منع من التحرير هلا الدامي الفالين‬
‫ومن قريب نيتوج إليها‪.‬‬
‫وهعد مدة ماد الرابن إىل أمريكا وملا اجتمع هزوجت نألت هذه من نبب انقطاع‬
‫أخباره‪ ،‬فقدم هلا األنباب ذاهتا اليت رواها العراف ومل تكتف املرأة هبذا هل أخذت‬
‫ونار ه ملى العراف فما وقع نظر الرابن ملي حىت قال لزوجت ‪ :‬تالقيت هبذا‬
‫الشخص يوماً يف إحدى قهاوي لندن وأخربين من انشغال ابلك النقطاع حتاريري‬
‫منك فأجبت من أنباب ذلك مث توارى مين ما هني اجلموع وما مد رايت فيما هعد‬
‫ا هـ‪.‬‬
‫ي ظهر لنا يف هذا احلادث أمر ذوابل وهو ظهور اجلسم الرواين وجتسم وتكلم‬
‫هفعل اإلرادة االختيارية وهقاء ذكر ذلك مند اليقظة‪ ،‬وال يتم هذا التجلي وقت الرقاد‬
‫فقط هل أحياانً وقت اليقظة أيضاً كما يف احلادث اآليت‪:‬‬
‫(احلادثة السادسة)‪ :‬روى السري روهر دال أوين الذي كان نفرياً جلمهورية‬
‫الوالاي املتحدة يف انهويل ننة ‪ 4911‬من مدرنة للبنا منشأة ليفونيا ومؤلفة من‬
‫اإلثنتني وأرهعني تلميذة أكثرهن من هنا األشراف وكان من مجلة املعلما اهنة‬
‫إفرنسية األصل تدمى اميلي ناج هلا من العمر اثنتنان وثالثون ننة صحيحة البنية‬
‫لكنها مصبية حداً‪ ،‬فكان يتفق أحياانً إن إحدى التلميذا تؤكد وجود املعلمة يف‬
‫أحد احملال يف حني أن تلميذة أخرا تراها يف الوقت نفس يف حمل آخر‪.‬‬
‫ففي أحد األايم هينما كانت التلميذة انطوانت أوراجنل تلبس ثياهبا تقدمت املعلمة‬
‫لتنسب هلا حزام الفستان من الوراء فالتفتت التلميذة فرأ شخصي اميلي ينشبان هلا‬
‫احلزام وأغشي مليها من الرمب‪ ،‬واتفق مراراً للتلميذا وابقي املعلما أن يرين أميلي‬
‫متكئة ملى املائدة لألكل وشخصها الثاين واقف وراءها يقلد حركاهتا ويف أحد األايم‬
‫مرضت املعلمة ولزمت الفراش فجاءهتا إحدى التلميذا لتقرأها يف كتاب وفيما هي‬
‫تقرا شاهد املعلمة قد شحب لوهنا وكاد أن يغشى مليها وهعد هنيهة رأ شخصها‬
‫الثاين انفصل منها وأخذ يتمشى يف املخدع‪.‬‬
‫وأغرب جتل هدا من املعلمة املذكورة هو أن اإلثنتني واألرهعني تلميذة كن جمتمعا‬
‫يوماً للتطريز يف خمدع يطل ملى احلديقة وكانت املعلمة مشتغلة هقطف الزهور فيها‬
‫وإذا خبصها الثاين الح جالساً يف مقعد داخل املخدع فالتفتت التلميذا حاالً إىل‬
‫احلديقة فرأين املعلمة انهكة القوى واقفة احلركة وملى حمياها لوائح الوهن والتأمل‪ ،‬مث‬
‫اقرتهت تلميذاتن راهطتا اجلأش من اخليال اجلالس ملى املقعد ومسكتاه فأحسا‬
‫هصالهة أشب هصالهة الكريشة اخلفيفة مث توارى اخليال شيئاً فشيئاً‪ ،‬وتكرر هذه‬
‫احلوادث مراراً مديدة يف خالل ننة ونصف ملى أن خاف األهايل ملى هناهتن‬
‫وأقفلت املدرنة‪ ،‬وأما املعلمة فلم تكن تلحظ هذه التجليا وال حالة الضعف اليت‬
‫تصري إليها وقت حدوثها ا هـ‪.‬‬
‫هذا وقد روى كثري من األطباء من هعض املرضى أهنم هعد تبنيجهم لعملية جراحية‬
‫كانوا ينتبهون ألنفسهم ويشهدون أممال اجلراحة يف جسدهم كأهنا يف جسد غريهم‬
‫ويرون يف ذواهتم جسماً خبارايً صحيحاً مستكمل األمضاء‪.‬‬
‫ومل يكن األقدمون جيهلون حوادث كهذه منها م رواه طاجيطوس املؤرخ قال‪ :‬هينما‬
‫ان فسبانيانونس امللك مقيماً ابإلنكندرية منتظراً هبوب األرايح الصيفية اليت يكون‬
‫فيها البحر هادائً ال خطر في حدثت معجزا شىت انتبان منها للمالئكة من‬
‫االهتمام واحملبة هلذا امللك‪ .‬وانتفز هذه املعجزا رغبة فسانيانوس يف أن يزور‬
‫مقام املالئكة ليستشريها يف أمر اململكة فأمر ان يغلق ابب اهليل وال يدخل أحد‬
‫وفيما هو منتب كل االنتباه مل امتيد أن ينطق ه الوحي الحت من التفاتة فلمح وراءه‬
‫أحد مظماء املصريني املدمو ابنتليد وكان قد مسع من أن طريح الفراش يف مدينة‬
‫تبعد مجلة اايم من اإلنكندرية‪ .‬فانتخرب امللك الكهنة ونأل املارين مما إذا كانوا قد‬
‫رأوا ابنتليد يف املدينة الكهنة ونأل املارين مما إذا كانوا قد رأوا ابنتليد يف املدينة مث‬
‫أرنل فرناانً ليستوضحوا األمر فأكدوا ل أن ابنتليد ما هزال طريح الفراش يف مكان‬
‫يبعد أكثر من مثانني ميالُ من اإلنكندرية فتأكد حينئذ صح الرؤاي ا هـ‪.‬‬
‫مث أن نري القديسني من النصارى مشحونة من وقائع كهذه ومن طالع أخبار‬
‫فرنسيس كسغارهوس وانطونيوس البادوي والفنسيوس ليكوري أتكد صحة ما نقول‬
‫وثبت لدي انفصال اجلسم الروحاين من اجلسد يف هعض الظروف‪.‬‬
‫فينتج مما تقدم أن الشخص الذي يظهر يف وقت واحد ف مكانني خمتلفني ل‬
‫جسدان مرتبطان هبعضهما هراهط نيال‪ :‬الواحد حقيقي مادي واآلخر صورة األول‬
‫وشكل ‪ .‬ففي األول تكون احلياة النمائية فقد ويف الثاين احلياة العقلية‪ ،‬ومند اليقظة‬
‫يعود اجلسمان إ ىل واحد وتظهر احلياة العقلية ي اجلسد املادي‪ ،‬وإذ أثبتنا وجود‬
‫اجلسم الروحاين وقت احلياة هقى ملينا إثبا وجوده هعد املو ومدم انفصال من‬
‫النفس‪.‬‬
‫الفصل الثاين‬
‫(يف إثبات اجلسم الروحاين بعد احلياة)‬

‫إن لدينا طريقتني إلثبا وجود اجلسم الروحاين يف النفس وهي شهادة الونطاء‬
‫الناظرين وجتليا الروح هعد انفصال ابملو من اجلسد‪ .‬فالطريقة األوىل تكلمنا منها‬
‫إبنهاب يف الباب الساهق فبقي ملينا أن أنيت ملى ذكر هعض حوادث صحية تؤيد‬
‫هقاء شخصية اإلنسان هعد املو مظهرين أوج املشاهبة‪ ،‬ما هني جتليات يف احلياة‬
‫جتليات هعد املو أتييداً لصدورها من ملة واحدة وهي النفس العاقلة املزملة هكسائها‬
‫السيال العدمي االنفصال منها‪.‬‬
‫جاء يف كتاب أشباح األحياء احلادث اآليت‪ :‬كتبت لنا مدام نتيال كياري من‬
‫ايطاليا يف ‪ 49‬كانون الثاين ننة ‪ 4991‬ما نص ‪ :‬ملا كان يل من العمر مخس مشرة‬
‫ننة كنت مقيمة مبنزل الدكتور ج يف مدجينة تريفورد وارتبطت وقتئذ هعرى صداقة‬
‫وثيقة مع اهن مم مضيفي وكان ل من العمرنبع مشرة ننة فكنا نرتافق يف كل غدواتنا‬
‫وروحاتنا أنهر أان مل وأمتين ه امتناء األخت أبخيها ألن كان ضعيف ابلبنية حنيف‬
‫املزاج‪ ،‬ففي إحدى الليايل جاء اخلرب للدكتور ج‪ .‬ابمتالل اهن مم ووجوب الذهاب‬
‫لعيادت وإذ مل ينبئوين من شدة مرض مل يقلق ل ابيل فقط تكدر ملى هقائي تلك‬
‫الليلة يف املنزل وحدي ومدم اجتمامي هصديقي فقعد جبانب ااملوقد وصر أقرأ‬
‫كتاب هزيل وفيما أان أقرأ مسعت الباب انفتح ودخل صديقي العليل مرجتفاً من الربد‬
‫وليس ملي رداؤه‪ ،‬فقمت إلي هلهوجة وقدمت ل كرنياً جيلس ملي إهزاء املوقد‬
‫وأخذ ألوم لوماً منيفاً ملى خروج من املنزل هدون رداء مع تساقط الثلج وقتئذ‪.‬‬
‫أما هو فلم جيبين هبنت شفة هل وضع يده ملى صدره وهز هرأن إشارة إىل أتمل من‬
‫صدره وفقدان الصو ‪ ،‬وفيما أان أكلم دخل الدكتور ج‪ .‬ونألين من أخاطب‬
‫فقلت‪ :‬أخاطب هذا الغالم اجلاهل ال‪4‬ي خرج من هيت دون رداء مع ما ه من النزلة‬
‫الصدرية وفقدان الصو ‪ ،‬فما كد انتهي من كالمي حىت رأيت نيما االندهاش‬
‫والذمر الحت ملى حميا الطبيب ألن الغالم كان قد ما من نسف نامة فظن‬
‫الدكتور أين مسعت اخلرب وفقد الشعور ملى أثره فأخرجين هكل لطافة من الغرفة‬
‫وهعد التحقيق قال يل‪ :‬إن ما رأيت ختيل ومهي ألن صديقي ما هزال طريح الفراش يف‬
‫منزل وأنند مقال إىل شواهد ملمية ومل يطلعين ملى حقيقة األمر خوفاً ملى من الغم‬
‫والرمب‪ ،‬ملى أين مل أكلم أحداً هبذه احلادثة خشية التهكم‪ .‬إال أن ما يذهلين فهو‬
‫صو افت تاح الباب ونري اخليال توا إىل وجلون ملى الكرني مع التهائي وقتئذ‬
‫هقراءة كتاب هزيل وتيقظ أفكاري هتمامها اهـ‪.‬‬
‫وجاء يف أحد أمداد اجمللة الروحانية ما أييت‪ :‬كتب لنا املسيو ليكونت الزراع يف‬
‫مديرية هريكس أن يف ‪ 41‬كانون الثاين املاضي هزاره شخص هل طيف ادمى أبن أحد‬
‫رفقائ اشتغل مع يف مرنى شرهورج وقد تويف من حنو ننتني ونصف فجاءه طاابً أن‬
‫يقيم ل قداناً من نفس فاراتع املسيو ليكونت هلذا املرأى ومل حير جواابً إال أن ظهور‬
‫اخليال تكرر أرهع مرار يف حبر الشهر ويف كل مرة كان يطلب غلي األمر نفس إىل أن‬
‫نأل املسيو ليكونت يف املرة األخرية‪ :‬أين تريد أن أقيم لك القداس؟ أجاه ‪ :‬يف معبد‬
‫السان نوفور هعد مثانية أايم ونأحضر القداس هنفسي‪ ،‬إن يل هزمناً طويالً وما رأيتك‬
‫ومكاين هعيد من هنا جداً انتودمك هللا‪ ،‬مث هز يده وتوارى من وهعد مثانية أايم أمت‬
‫املسيو ليكونت ومده وما ماد الروح يرتاءى ل ‪ ،‬ا هـ‪.‬‬
‫إن هذا احلادث وكثرياً من أمثال يثبت ما قلنا مراراً من حالة االضطراب اليت يصري‬
‫إليها املرء هعد موت فتدوم يف البعض ننني مديدة ويصحبها االمتقادا واألوهام‬
‫ذاهتا اليت كانت مرتكبة ملي يف احلاية‪ .‬وهذه احلالة أشب حبالة احللم اليت تكون مليها‬
‫وقت الرقاد‪ ،‬ففيها نشعر هوجود احلاية فينا ونرى األشخاص واألشياء ونقوم هبعض‬
‫األممال ولكن كل هذا هنوع مبهم مار من االنتباه وإمعان الفكر فتتواىل أمامنا‬
‫احلوادث وتدخل يف هعضها ونسر هبا أو حنزن ولكن دون أن يكون هلذه العواطف‬
‫أتثري فينا كما يف اليقظة ألن اإلحساس والتمييز ال يكوانن فينا وقت احللم االمتيادي‬
‫ملى جمرامها الطبيعي‪ ،‬فهذا ما يتم أيضاً ابلروح هعد املو إذ يستويل ملي االضطراب‬
‫فريى جسم الروحاين فيخال جسده املادي وشعر هذات حياً كامل الوجود ومع هذا‬
‫ليس من يلتفت إلي وال من يكلم من أصحاه أو أقرابئ فيغدو ويروح ويقوم أبممال‬
‫االمتيادية ويتعجب لذهول الناس من ومدم التفاهتم إلي ‪ .‬وتدوم في هذه احلال إىل‬
‫أن يزول من االضطراب شيئاً فشيئاً لذات كأن مستفيق من نبا مميق وتعود قواه‬
‫العقلية إىل جمراها األصلي ويرى حول األرواح أحباءه وتنجلي لدي أممال املاضية‬
‫وينظر فيما انتفادة من جتسده وترتاءى ل أممال فرداً فرداً فيعرتي األنف أو الفرح‬
‫من جرائها‪.‬‬
‫وال تصيب حالة االضطراب هذه األانم الضعيفي الذهن واإلدراك فقط هل تصيب‬
‫أيضاً أصحاب الفهم والذكاء مند ما يكونون إما ماديني ال يعتقدون شيئاً هعد املو‬
‫وإما اتئهني يتومهون أموراً ال صحة لوجودها هعد احلياة‪ .‬فالدهري العامل الذي ال يعتقد‬
‫هعد املو إال العدم ال يظن هنفس ميتاً ألن وجوده يكذب وقتئذ معتقده فيحصل ل‬
‫من هذا التضعضع قلق أليم ال يطاق‪.‬‬
‫كذلك الروح املتدين الذي تشرب يف حيات قضااي دينية ختالف ما يراه هعد املو‬
‫فهذا ال يظن نفس ميتاً ألن يرى يف ذات جسماً صحيحاً‪ .‬وهاك هعض حوادث تؤيد‬
‫ما نقول‪:‬‬
‫جاء يف نجال األكادميية الطبية يف لسبيك احلادث اآليت‪ :‬يف ننة ‪4117‬‬
‫ما يف كرونن (نيليزاي) غالم صيدالين يدمى كريستوف مونيخ‪ .‬وهعد موت أبايم‬
‫قليلة رأي الناس خيال داخالً الصيدلية يقعد ويقوم ويصعد الرفوف وأيخذ القناين‬
‫واحلناجر ويذوق ما فيها ويزن ما يريد منها يف الطيار ويركب العقاقري وينظم وصفا‬
‫طبية يقدمها الناس ل ويستلم منهم الدراهم ليضعها يف اخلزانة كل هذا ولس من‬
‫جيسر ملى مكاملت ‪ .‬ويف أحد األايم أخذ رداء كان ل داخل الصيدلية وخرج يدور يف‬
‫الشوارع من دون أن ينظر إىل أحد مث دخل مناهزل كثري من أصحاهة وأتمل فيهم ملياً‬
‫ولكن من دون أن يفوه هبنت شف مث نار إىل املقربة فصادف هناك خادمة وقال هلا‪:‬‬
‫اذهيب إىل هيت نيدك واحفري احلجرة السفلية فتجدين كنزاً ميسناً‪ .‬فاراتمت الفتاة‬
‫حىت أغشى مليها فأمسكها اخليال وأهنضها وترك مليها مالمة انتمر مدة طويلة‪.‬‬
‫وملا ماد اخلادمة إىل هيت نيدها أخربت مبا كان فحفروا املكان الذي أشار إلي‬
‫اخليال فوجدوا قطعة من حجر الدم‪ ،‬والكيماويون األقدمون كانوا ينسبون إىل هذا‬
‫احلجر خصائص نحرية غامضة‪ .‬وملا منت أخبار هذه الغرائب ملى األمرية‬
‫الياصااب شارلو أمر هنبش جثة الفقيد فوجدوها ملى حالة اتمة من الفساد‪ ،‬مث‬
‫أشار الناس ملى صاحب الصيدلية هنزع كل ما خيص الفقيد فيها فنزم ومذ ذاك ما‬
‫ماد اخليال يرتاءى ألحد ا هـ‪.‬‬
‫فهذا احلادث يثبت ما قلناه من حالة الروح هعد املو وقيام أبممال االمتيادية‬
‫إال أن الشروط الضرورية لتجلي جسم الروحاين ال حتصل دائماً وهذا نب ندور‬
‫هذه الظهورا ‪.‬ولدينا من هذا النوع حادث آخر رواه داني نقالً من كتاب ورد ل‬
‫من املسيو أوج املدرس يف مديرية نانتياانك يف ‪ 9‬آاير ننة ‪ 4997‬كما تعريب ‪:‬‬
‫نيدي‪ :‬طلبت إىل هقصد املباحث العلمية أن أنقل إليك هعض أخبار من ظهور‬
‫األشباح مأخوذه من رواة صادقني وشهود ميانيني من مديرية نانتيناك فلم أجد أصح‬
‫من احلوادث الثالثة اآلتية اليت قصها ملى شهود ميانيون يركن إليهم ويوثق هصحة‬
‫كالمهم‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬تويف من هزهاء مخس وأرهعني ننة األب هيتون خورى نانتياانك وهعد موت‬
‫كان يسمع كل ليلة يف دار اخلورنة صو مشية داخل الغرف وحتريك الكراني وفتح‬
‫ملبة نعوط وإغالقها يصحبها صو أخذة نشوق وإذ تكرر احلادث مراراً انتوىل‬
‫الرمب الشديد ملى أكثر أهايل املديرية حىت قصد حاكمها انطوان ايشن وابتيست‬
‫جايل الذي ما هزال حياً أن يتحققا صحة الرواية فتسلحا هبندقية وفأس وقصدا دار‬
‫اخلورنة مند انسدال الليل لينظرا هل األصوا صادرة من حي أم ميت‪ .‬فقعدا يف‬
‫املطبخ هعد أن أشعال انراً يصطليان مليها‪ ،‬وفيما مها يتكلمان من نذاجة أهل‬
‫املديرية ورمبهم إذا هصو مشية طرق آذاهنما من الغرفة اليت فوقهم مقبها حتريك‬
‫الكراني ووقع أقدام من يسري اهلوينا وينحدر من السلم متوجهاً إىل املطبخ‪ ،‬فنهض‬
‫كالمها ونالحهما يف أيديهما وكمن املسيو ايشن وراء الباب وصوب ابتيست‬
‫هندقيت مستعدين لضرب من جيسر ملى الدخول‪ ،‬وملا دان اخليال من الباب مسعاه‬
‫أيخذ نشفة نعوط مث جاهز إىل القامة وأخذ يتمشى هناك‪ ،‬ففتح حينئذ الكمينان‬
‫ابب املطبخ ودخال القامد فلم جيدا أحداً مث صعدا الغرف وجتوال يف املنزل من األملى‬
‫حىت األنفل دون أن ينظرا شيئاً‪ ،‬فقال حينئذ احلاكم لرفيق ‪ :‬أظن اي مزيزي أن‬
‫الضوضاء ليست من حي هل من ميت‪ ،‬هذه مشية اخلوري هيتون اليت أمرفها ونشقة‬
‫نعوط ‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬إن ماري كالف خادمة األب فريه الذي خلف األب هيتون يف خورنت‬
‫كانت تنظف يف إحدى الليايل أواين املطبخ وكان األب فريه متغيباً تلك الليلة مند‬
‫صديق ل ‪ .‬فبينما كانت اخلادمة مشتغلة هعملها جاهز من أمامها خوري ومل يكلمها‬
‫فظنت األ ب فريه فقالت ل دون أن ترفع رانها ال تتوهم اي حضرة اخلوري إين أفزع وال‬
‫أان هبذا املقدار جاهلة حىت أمتقد وجود طيف اخلوري هيتون وإذ مل أيتيها جواب‬
‫رفعت رأنها ونظر إىل اليمني والشمال فلم جتد أحداً فتوالها حينئذ شديد الرمب‬
‫ونار إىل جرياهنا لتخربهم األمر وتطلب إليهم من أييت لريقد مندها‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬إن القروية حنة موريت قرينة فريو اليت ماهزالت يف قيد احلياة ذهبت أحد‬
‫األايم ابكراً جداً لالحتطاب وفيما هي مارة من أمام حديقة اخلورنة رأ خورايً‬
‫يتمشى فيها وكتاب صلوات هيده فأراد أن حتيي ابلسالم ظناً منها أن األب فريه‬
‫ولكن كان دائراً هلا ظهره فلم تشأ أن تقاطع يف صالت ونار يف طريقها‪.‬‬
‫وملا انتهت من مملها وماد إىل منزهلا صادفت فرية أمام الكنيسة فقالت ل ‪:‬‬
‫لقد هكر اليوم جداً اي حضرة اخلوري وقد رأيتك يف احلديقة تتلو فرضك‪ .‬قال هلا‪:‬‬
‫كال اي اهنيت إين أتخر اليوم يف النهوض ومل أضع قدمي يف احلديقة‪.‬‬
‫قالت حينئذ املرأة ولوائح الذمر ابدية مليها‪ :‬فمن هو إذاً ذاك اخلوري الذي رأيت‬
‫يتلو الفرض ملساً يف احلديقة‪ .‬العل الطيف اخلوري هيتون؟ احلمد هلل ملى أنين ظننت‬
‫إايك وإال ملت رمباً‪.‬‬
‫هذه موالي ثالث وقائع ال مين نسبتها إىل التخيل الومهي أو اخلديعة وال أظن‬
‫العلم كفؤاً لتعليلها ابلطرائق الطبيعية املعروفة‪ .‬هذا مع تكرار حتيايت‪ ..‬اخل‪ .‬ج‪ .‬أوج ‪.‬‬
‫إن أمراض هذه الوقائع تؤيد حالة االضطراب الصائر إليها روح اخلوري هيتون‬
‫وقيام أبممال وصلوات لعدم أتكده هعد أن أصبح من مداد األموا ولدينا حوادث‬
‫جامة من هذا النوع نضرب صفحاً من ذكرها لضيق املقام‪.‬‬
‫ال هد للمشككني من أن ينسبوا ملى األحاديث اخلرافية كل الوقائع اليت أتينا ملى‬
‫ذكرها رغماً من ثبو صحتها وصدق رواهتا هزاممني أن ال هد أن يكون للتخيل‬
‫الومهي واملبالغة الغرورية النصيب األوفر فيها‪ ،‬ولكن هل يثبت شكهم إهزاء حوادث من‬
‫هذا النوع متت يف معمل وحيد العصر وغرة ملماء انكلرتا أمين ه ويليام كروكس؟ إن‬
‫ضيق املقام ال ميكننا من تفصيل االمتحاان اليت أقامها ملى يد الونيط هوم‬
‫واآلنسة فلورنس كوك فنكتفي هتلخيص هعض األندية اليت فيها جتسمت الروح املدموة‬
‫كايت كينج وظهر مياانً للحضور‪.‬‬
‫قال العالمة املذكور يف كتاه املدمو مباحث الروحانية‪ :‬كنت أقيم اجللسا يف‬
‫معملي ذات ‪ .‬واملكتبة اليت ينفذ غليها اجعلها احلجرة السوداء اليت تدخلها الونيطة‬
‫إللقاءها يف السبا ومنها يظهر خيال الروح هعد إضعاف النور‪.4‬‬
‫مل تظهر قط كايت ظهوراُ واضحاً كهذا فإهنا لبثت هزهاء نامتني تتمشى يف الغرفة‬
‫وتكلم هدالة كال من احلضور مث أخذ مراراً هذرامي لنتمشى معاُ وانهيك مما توالين‬
‫من التأثر مند معرفيت إين أماشي هزائراً من مامل الغيب ال امرأة حية مث طلبت إليها أن‬
‫أقبلها لزايدة التحقيق فأذنت يل يف ذلك هكل لطف فقبلتها هكل ما تقتضي دوامي‬
‫األدب واللياقة‪.‬‬
‫مث قالت كايت أهنا تستطيع يف هذه املرة ان تتجلى هصحبة األنسة كوك (وهي‬
‫الونيطة)‪ .‬فأطفأ نور الغاهز وأخذ مصباحاً من الزيت الفسفوري ودخلت احلجرة‬
‫السوداء فوجد اآلنسة كوك ملقاة ملى املقعد مدمية احلراك فجثو جبانبها وأدنيت‬
‫املصباح منها فرأيتها الهسة حلة من املخمل األنود‪ ،‬مث رفعت املصباح ونظر إىل ما‬
‫حويل فرأيت كايت وافقة إهزاء الونيطة الهسة حلة هيضاء صافية الذيل‪ :‬مث مسكت‬
‫ثالث مرا يد اآلنسة كوك ألحتقق إين مانك يد امرأة حية ورفعت ثالث مرا‬
‫مصباحي حنو خيال كايت ألفحصها هدقة وأأتكد أين أماين حقاً أمامي من قبلتها‬
‫هفمي من هضع دقائق‪ .‬مث حتركت قليالً اآلنسة كوك فأومز حاالً كايت إىل ابلذهاب‬

‫‪ 4‬يظهر أن لإلهتزاهزا النورية فعالً متلفاً ابخليال املتجسم فلهذا يهرب من النور دائما‪.‬‬
‫فخرجت من احلجرة‪ ،‬وهعد قليل انتيقظت الونيطة هعد أن توارى خيال كايت وأمدان‬
‫مصباح الغاهز إىل ما كان ملي ‪.‬‬
‫من الواجب قبل ختام الفصل أن أهني االختالفا اليت ميزهتا ما هني كايت واآلنسة‬
‫كوك‪ .‬فقوام األوىل يزيد من قوام الثانية أبرهع أصاهع ونصف ومنقها انمم جداً‬
‫ابللمس والنظر أما منق الونيطة فعل أثر جرح خشن امللمس‪ ،‬مث أن أذين كايت ليستا‬
‫مبثقوهتني خالفاً لآلنسة كوك اليت تتشنف دائما ابألقراط كذلك لون وجهها انصع‬
‫البياض أما لون الونيطة فشديد السمرة هذا مدا التباين الشانع ما هينهما يف هلجة‬
‫احلديث ومذوهة النطق‪.‬‬
‫ليس القلم هكفوء لوصف هباء حميا كايت ومذوهة ألفاظها خصوصاً حني كانت‬
‫جتمع هين حوهلا وتقص مليهم هعض وقائعها يف هالد اهلند ويف هذه اجللسة جتلت‬
‫ملى نور املصباح الكرهبائي يف كل نطوم حىت انتطعت أن أالحظ أوجههاً أخرى‬
‫من التمييز ما هينها وهني اآلنسة كوك‪ .‬إن مسا شىت يف وج الونيطة ال وجود هلا‬
‫ملى حميا كايت وشعر األوىل شديد السمرة يبلغ السواد وأما شعر الثانية فذهيب اللون‬
‫وقد قصصت من خصلة ماهزالت حمفوظة مندي ابمتناء‪.‬‬
‫ويف إحدى الليايل أحصيت نبضا كايت فوجدهتا مخس ونبعني نبضة يف الدقيقة‬
‫يف حني أن نبضا الونيطة كانت تبلغ التسعني مث وضعت أذين ملى صدرها‬
‫فوجد طرقا قلبها أوفر امتداالً ونظاماً من قلب اآلنسة كوك‪ ،‬كذلك فحصت‬
‫رئتيها فوجدهتما أحسن تعافياً ونالمة من رئيت الونيطة ألن هذه كانت مصاهة تلك‬
‫الليلة ابلزكام‪.‬‬
‫ولتأتني اآلن ملى ذكر اجللسة األخرية‪ :‬يف السامة الساهعة ودقيقة ‪ 29‬مند املساء‬
‫دخلت اآلنسة كوك احلجرة السوداء واضطجعت ملى األرض كالعادة مسندة رأنها‬
‫إىل ونادة‪ .‬ويف السامة ‪ 9‬ودقيقة ‪ 29‬أمسعت كايت صوهتا ويف دقيقة ‪ 98‬الحت من‬
‫وراءن الستارة وتراء هكماهلا فرأيناها مرتدية حبلة هيضاء قصرية األكمام ومنقها‬
‫مكشوف وشعرها الطويل الذهيب منسدل ملى كتفيها حىت خصرها‪ ،‬أما وجهها‬
‫فكان مربقعاً خبماء طويل مل تنزم منها إال مراراً قليلة يف حبر اجللسة‪.‬‬
‫فوقفت كايت أمامنا ونتار احلجرة السوداء مرتفع حىت متكنا من معاينة الروح‬
‫والونيطة معاً‪ ،‬وهذه كانت راقدة ملى األرض ووجهها مستور هشالة محراء تقي أشعة‬
‫النور الساطع‪ :‬مث أخذ كايت تكلمنا من رحيلها الداين‪ ،‬وقدم هلا املسيو اتب أحد‬
‫احلضور ابقة من الزهور فقبلتها من هلطف مث قعد ملى األرض وأقعدتنا حوهلا‬
‫وأخذ تفرق الزهور وابقا صغرية راهطة كالً منها هشريطة هزرقاء‪ ،‬مث أخذ قلماً‬
‫ودواة وكتبت حتارير مجة إىل هعض أصدقائها وهزيلبتها إبمضائها احلقيقي‪ :‬حنة مورجان‬
‫قائلة أن هذا امسها احلقيقي الذي كان هلا ملى األ{ض إذ ماشت يف مصر كارلوس‬
‫األول مث حرر كتاابً مطوالً إىل ونيطتها اآلنسة كوك واختار هلا من الزهور وردة‬
‫هزكية مث أخذ مقصاً وجز خصالً متعددة من نعرها ووهزمتها ملينا‪ ،‬وهعدها‬
‫هنضت آخذة هذرامي فتمشينا يف الغرفة ميلياً مث ماد فجلست وقصت قطعاً شىت‬
‫من ردائها ومخارها وقدمتها لنا هدية‪ ،‬فسألناها هل تستطيع أن متأل اخلروق اليت يف‬
‫ثوهبا كما فعلت ذلك مراراً أجاهت نعم وأخذ هيدها القسم املخروق وضرهت ملي‬
‫هيدها فعاد حاالً إىل ما كان ملي ‪ ،‬فسألتها حينئذ أن أتذن يل يف حتقيق األمر فأذنت‬
‫ومل أجد يف الرداء أقل أثر للفتق أو الرتق‪.‬‬
‫مث أخذ تعطينا تعليماهتا األخرية يف شأن التجليا العتيدة أن تتم ملى يد‬
‫ونيتطتها فلورنس وإذ ذاك الحت مليها نيما التعب والكتئاب فقالت إن قواها‬
‫تكاد أن تنفذ‪ ،‬وودمت كالً من احلضور وداماً رفيقاً وأومز إىل ابلدخول معها إىل‬
‫احلجرة السوداء حيث كانت راقدة اآلنسة كوك فدنت منها كايت ونبهتها قائلة‪:‬‬
‫انتيقظي اي فلورنس فقد أهزمعت ملى الرحيل فهبت فلورنس من نباهتا العميق‬
‫وأخذ تنتحب وال انتحاب الثكلي طالبة كايت أال تبارحها قائلة هلا‪ :‬كال اي مزيزيت‬
‫إن رناليت قد انقضت ابركك هللا‪،‬وأخذ تالطفها مبا مذب من احلديث إىل أن‬
‫خنقت العربا اآلنسة كوك وكاد أن يغشى مليها فهرمت إليها إلننادها ويف غضون‬
‫ذلك توار كايت مع حلتها البيضاء‪ ،‬فاهنضت فلورنس ونكنت جأشها‪ ،‬وأمدهتا إىل‬
‫الغرفة هني احلضور واحلزن آخذ منها كل مأخذ‪.‬‬
‫ومن أقوال كايت األخرية إن ما ماد يف ونعها أن ترينا هعد وجهها وال أن تسمعنا‬
‫صوهتا وإهنا هتجسماهتا هذه اليت انتمر ثالث ننوا قد قضت مذاابً ه كفر‬
‫من ذنوهبا املاضية‪ 4‬وأهنا ارتقت هعد هذا التكفري إىل درجة أملى يف املرتبة الروحية وما‬
‫ماد تناجينا هعد إال ابلوناطة اخلطية ملى يد اآلنسة كوك وأما هذه فتستطيع أن‬
‫تراها يف السبا املغنطيسي (ا هـ)‪.‬‬
‫من ماد هعد هذا يشك يف وجود األرواح وخلود النفس؟ هذه كايت كينج روح حي‬
‫من نكان مامل الغيب جتلت يف البدء هبيئة خبار يظهر يف الظلمة وال يقوى ملىي‬
‫حتمل النور ولكنها تدرجت شيئاً فيشئاً إىل ان جتسمت يف ونط األشعة الكهرابئية‬
‫ويف معمل مامل خطري تنزه من اجلهل والغش‪ .‬ويستبان مما تقدم أن الروح هتجسم‬

‫‪ 4‬حنن نقلنا هذه الوقائع من القوم يف مصران احلاضر ولسنا جنزم هشيء هل نكل األمر إىل من هعدان ليحققوه‬
‫حني ترتقى أمم اإلنالم قريباً‪.‬‬
‫ملى أن إن صحت أمثال هذه القصة فأمرها نهل ألن هذه حال الربهزخ وحال اهرهزخ فيها مجائب فرمبا‬
‫كانت هذه هلا ذنوب هرهزخية اقتضت التكفري منها ىف نفس الربهزخ أبحوال هم أدرى هبا ومنها ما جاء هنا وهللا‬
‫يعلم وأنتم ال تعلمون وأيضاً أن املؤلف ذكر أن كثرياً من هذه األحوال قد تكون أوهاماً وابجلملة فاملقصد من نقل‬
‫وما مداه فقاهل لألخذ والرد واإلثبا واحلذف واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬ ‫هذا إثبا وجود الروح هعد املو‬
‫املوقت يظهر إنساانً حياً كامالً مستكمل األمضاء ابطناً وخارجاً يطرق القلب في‬
‫وتقوم الرئتان هوظيفتهما يقوم ويقعد ويتمشى وجيز قسماً من شعره وثوه كل هذا مما‬
‫يويد أن اجلسم الروحاين قالب اجلسد احلجي وفي توجد األمضاء كلها ملى حالة‬
‫نيالة ومىت متكن الروح من وجود ونيط يستعري من قوة ومادة فيتجلى للعيان‬
‫ويرتاءى هبيئة حمسونة حسية‪ ،‬إال أن اجلسم الروحاين يف احلي ال يفتقر مند جتلي‬
‫ملى ونيط أيخذ ما حيتاج إلي من القوة واملادة من جسده ذات الواقع يف السبا ‪.‬‬
‫ومن أشهر حوادث التجسما الروحانية جتسم روح انتيل قرينة الصرييف‬
‫األمريكي ليفرمور فإهنا جتلت هعد موهتا لزوجها ثالمثائة ومثان ومثانني مرة هبيئة‬
‫حمسونة يف خالل مخس ننني هقيادة وصحبة روح آخر ملوي دما نفس الدكتور‬
‫فرنكالن كذلك العالمة جيبي األفرنسي شهد يف معمل ذات حوادث مجة من هذا‬
‫النوع ملى يد الونيطة مدام نلمون ونشرها مفصالً يف آتليف ويف ننة ‪ 4784‬و‬
‫‪ 4782‬اشتغلت الصحافة اإليطالية هغرائب االمتحاان اليت أقامها العالمة اخلطري‬
‫لومربوهزو يف جينوا صحبة العلماء مورنلي وهرو الكاتب التحرير فاناللو مدير جريدة‬
‫اجليل التانع مشر اإليطالية‪ ،‬وكانت الونيطة أوهزاهيا ابالدينو وقد جتسم ملى يدها‬
‫مراراً اهن فانالو املتوىف أطفأ هتجلي لومة أهي وأيد ل صحة خلود النفس هذا وإن‬
‫لدينا حوادث أخرى مديدة من جتسم األرواح ملى يد الونطاء وظهورهم ألحبائهم‬
‫لتعزيتهم وتبديد حزهنم نضرب صفحاً مند كرها الكتفائنا هشهادا العلماء املقدم‬
‫ذكرهم‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫يف ذكر روح استحضرت قريبا‬

‫جاء يف كتاهنا اجلواهر يف تفسري القرآن يف نورة حم فصلت ما أييت نقالً من جملة‬
‫كل شيء‪:‬‬
‫ملا نافر الوفد احلكومي املصري الرمسي إىل لندن هرائنة مديل يكن ابشا ملفاوضة‬
‫احلكومة الربيطانية يف حل املسألة املصرية‪ ،‬رافق الوقد يومئذ األنتاذ توفيق دوس ابشا‬
‫هصفة مستشار قضائي وشريف صربي هك وحضرة األنتاذ مبد امللك محزة هصفة‬
‫نكرتريين‪ ،‬وهعد وصول أمضاء الوقد إىل لندن أخرب األنتاذ مبد امللك محزة صديقي‬
‫توفيق دوس ابشا وشريف صربي هك أن من املهتمني هدرس ملم األرواح وأن يود أن‬
‫يدمومها إىل هزايرة "كلية ملم األرواح" اليت تديرها املسز نتيد اهنة املسرت وليم نتيد‬
‫الصحايف االجنليزي املشهور الذي غرق يف الباخرة "تيتانك" يف ننة ‪ 4742‬فسأاله‬
‫من هذه الكلية وأغراضها فقال هلما أهنا معهد ملمي يؤم األشخاص الذين أينسون‬
‫يف أنفسهم قوة الوناطة فيمتحن املعهد هذه القوة فيهم هني األرواح اليت يف اآلخرة‬
‫ونكان هذا العامل مث أن كثريين من العلماء الذين يشتغلون هعلم األرواح يرتددون ملى‬
‫هذه الكلية إلجراء جتارهبم العلمية‪ ،‬فهي ليست واحلالة هذه داراً من دور النصب اليت‬
‫يدخلها هسطاء العقول ليدفعوا جنيهاً أو جنيهني مقاهل (خماطبة األرواح)‪ .‬وهنا ندع‬
‫الكالم لتوفيق دوس ابشا لكي يصف لنا هزايرت لتلك الكلية‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وملا مسعت هذه املعلوما من األنتاذ مبد امللك محزة تولد يف رغبة يف هزايرة‬
‫كلية ملم األرواح ألميط اللثام من حقيقة ما كنت أمتقده تدجيالً‪ ،‬فرافثين حضرت‬
‫وصحبنا شريف صربي هك‪ ،‬ومل هلغناها قدمنا للمسز نتيد فطلبت منها أن حتيلنا إىل‬
‫ونيط من القادرين ملى خماطبة األرواح فعرفتنا هشخص امس املتسر هيرت‪ ،‬وملا اختلينا‬
‫ه طلب إىل أن أضمر الشخص الذي أريد أن يستحضر يل روح هدون أن أنر إلي‬
‫ابمس إلاضمر والدي‪ ،‬فجلس الرجل ملى كرني أمامنا وما هي إال ثوان قليلة حىت‬
‫أخذ مضال وجه وشراين حلق تنتفخ انتفاخاً أهزمجين منظره مث مل يلبث أن انم‬
‫نوماً مميقاً وأخذ يتكلم ابللغة االجنليزية وهي اللغة اليت كان والدي جيهلها متاماً فقال‬
‫يل‪" :‬أان والدك" فقلت ل "وما دليلك ملى ذلك؟" فقال "أان أقول منك قليالً" فقلت‬
‫‪( :‬هذا ال يكفي) فقال قليالً ) فقلت "وهذا ال يكفي أيضاً) فقال (ويل حلية خفيفة‬
‫لعب الشيب جبزء منها) فقلت ل ( وكيف انتقلت إىل العامل الثاين؟) فقالك (هعملية‬
‫مملت يل هنا) (وأشار إىل مكان األمعاء واملثانة والكبد) فقلت ل ‪( :‬هذا ال يكفي)‬
‫فقال‪( :‬ممل يل العملية طبيبان ويف أثناء اهنماكهما هعملهما دخل مليهما طبيب‬
‫اثلث وماوهنما ومل انتهوا من مهمتهم قالوا لكن إن العملية جنحت ولكنين توفيت يف‬
‫اليوم التايل) فقلت‪ ( :‬وهل تعلم ملاذا حنن يف لندن؟) فقال (ألجل مسألة كبرية) وفتح‬
‫ذرامي ملى ونعهما فقلت ‪ ( :‬وهل تنجح فيها؟) فقال‪( :‬كال وجبانيب نيدة تزامحين‬
‫لكي ختاطبكم هدالً مين) وهنا أخذ الونيط يتكلم هلسان هذه السيدة فوصفت‬
‫نفسها وصفاً ينطبق متاماً ملى ممة هزوجيت فقلت‪ ( :‬وهل لك أوالد؟) فقالت يل‪( :‬‬
‫اهن واهنة) فقلت‪ ( :‬وهل مها هعيدان منك؟) فقالت ‪( :‬هيين وهينهما حبر كبري) فقلت‪:‬‬
‫( وهل مها يف مصر؟) فقالت‪( :‬كال)‪.‬‬
‫قال لنا توفيق ابشا ‪( :‬وإذا انتثنينا هذا اجلواب األخري) أي هل مها يف مصر (‬
‫فأجاهت كال) فإن مجيع األجوهة الساهقة والبياان اليت تضمنتها تطاهق الواقع‪ ،‬وقد‬
‫مزو ذلك يف ابديء األمرإىل ما يسمون ملم قراءة األفكار وقلت يف نفسي إن هذا‬
‫الونيط ل قوة قراءة أفكاري فيسرتشد هبا ملى اإلجاهة ملى أنئليت ولكن هذا‬
‫االمتقاد هزال مىن ملا قال يل الونيط( إن هناك نيدة تزاحم والدي لتتكلم معي) فإنين‬
‫مل أكن أفكر قط يف ممة هزوجيت نامتئذ لكي يقال إن الونيط قرأ أفكاري يف‬
‫صددها أيضاً ولذلك ال أمرف كيف أملل هذا احلادث ملى اإلطالق‪.‬‬
‫ومضى توفيق ابشا يف حديث معنا فقال‪ ( :‬وقيل يل هعد ذلك إن يف الكلية‬
‫ونطاء هلم قوة انتحضار وجوه األرواح حبيث يستطاع تصويره ابلفتوغرافيا‪ ،‬فذهبت‬
‫إىل الكلية يف يوم آخر مع شريف صربي هك ومبد امللك محزة هك وأخذ معي‬
‫هزجاج التصوير (البالك) منعاً لكي تالمب وملا قاهلنا املسز نتيد قلت هلا (إنين أريد‬
‫تصوير وج والدي) فقادتين إىل أحد الونطاء القادرين ملى انتحضار وجوه األرواح‬
‫فدماان إىل قامة طليت جدراهنا ابللون األهيض وأجلسنا ملى ثالثة كراني متالصقة‬
‫وأخذ يرتل هعض الصلوا واألانشيد الدينية مث فتح آلة التصوير وصور هبا وملا انتهى‬
‫من ممل أخذ هزجاج الصورة وكان شريف هك قدوقع مليها إبمضائ لئال تستبدل‬
‫هلوحة غريها ومنيت هتحميضها يف حمل للتصوير إبشرايف فإذا ابلصورة اليت ظهر‬
‫فيها ختتلف من مالمح والدي متاماً فقصد يف الغد إىل املسز نتيد وقلت هلا‪( :‬‬
‫إنكم تسخرون منا فإن الرنم الذي ظهر يف الصورة ليس رنم والدي مطلقا)‪.‬‬
‫فقالت‪ " :‬قد حيدث ذلك أحياانً ويكون نبب أن شخصاً أقوى من والدك ملى‬
‫تصوير نفس هوانطة الونيط يزامح ملى الصورة فينجم من ذلك أن يظهر رمس‬
‫هدالً من رنم والدك فقل هلا‪ :‬إنين نأمطيك اآلن فرصة أخرى إلقامة الدليل ملى‬
‫صحة كالمك فهيا هنا إىل الونيط وملا اجتمعنا ه قلت هلم (أغلقوا الباب) فأغلقوه‬
‫فناولتهم هزجاج التصوير فوضعوه يف اآللة أمامي‪ ،‬فقلت للمسز نتيد مندئذ‪ :‬إنين‬
‫نأطلب من الونيط رنم وج والدك املسرت نتيد وأظن أن أقدر األرواح ملى تصوير‬
‫نفس وال يستطيع أحد أن يزامح ملى ذلك وقد أمضى حيات يف درس ملم األرواح‬
‫"فأخذ ا لونيط يرتل وينشد األانشيد الدينية وهعد قليل التقط الصورة وملا محضها‬
‫ظهر فيها رنم املسرت نتيد فعجز يف تعليل هذا احلادث‪.‬‬
‫فقلنا لتوفيق ابشا‪ :‬هل الحظتم يف أثناء التقاط الصورة أن هناك شبحاً غريباً يف‬
‫القامة؟ فقال‪ ( :‬ال مطلقاً) فقلنا‪( :‬إذن كيف يظهر ملى هزجاج التصوير رنم ال‬
‫وجود لصاحب يف القامة) فقال ( نألتهم من ذلك فان جواهبم أن مدنة آل التصوير‬
‫أقوى من العني جداً وأهنا لذلك تستطيع رؤية شبح الروح الذي ال تراه العني العادية)‬
‫فقلنا‪ ( :‬أان واثق من ذلك وال فائدة من أن تتعبوا أنفسكم ابألنئلة فقد اختذ يومئذ‬
‫مجيع التد اهري اليت خطر يل ملنع أي غش كان) فقلنا ل (وكيف تعللون ملا رويت لكم)‬
‫فقلنا‪ :‬أؤمن هعلم األرواح ولكنين ال أجد تعليالً ملا رويت لكم) فقلنا‪( :‬أمل تسألوا‬
‫املسز نتيد من التعليل؟) فقال‪ ( :‬نألتها فكان جواهبا لو جاءك رجل من مشر‬
‫ننوا فقط وقال لك أهنم نيخرتمون تليفوانً النليكاً أفال كنت تقول من أن‬
‫مصاب مبس يف مقل فلماذا ال يعقل أن تقتنع هعد ننوا هصحة ملم األرواح‬
‫وحقيقت ‪.‬‬
‫التعاليم الروحية وأسرار الكون‬

‫‪ .4‬تعليم األرواح من الكتاب املذكور‪ ،‬وهاك ما قال أحد األرواح وهو أشب مبقال‬
‫الصوفية املسلمني مندان أن اإلنسان مامل صغري‪..‬‬
‫إن اإلنسان مامل صغري وما في من األمضاء واحلواس والعضال واألمصاب‬
‫واملفاصل هي كأفراد شخصية ملى نوع القول مستقرة يف أماكن مينت هلا يف اجلسد‪،‬‬
‫فما من حركة أو أتثري حيدث يف هذه األجزاء مع اختالفها وتنوع وظائفها إال يتنب ل‬
‫الروح حاالً‪ ،‬وإذا حدثت التأثريا يف وقت واحد ويف أجزاء خمتلفة فالروح تشعر هبا‬
‫ومتيزها وتصيب ملة ومصد كل منها‪ .‬هذا ما حيدث ملى نوع القوم هني املخلوقا‬
‫واخلالق أي أن تعاىل موجود يف كل مان كما الروح موجود يف كل أجزاء اجلسد‬
‫ومناصر الربية أبنرها مرتبطة ه ارتباط العناصر اجلسدية كلها ابلروح هوانطة اجلسم‬
‫الروحاين‪ .‬وكما يشعر الروح هكل حركة تبدو من األمضاء هكذا هللا يعلم هكل فكر‬
‫يبدو من خليقت وكما أن الروح يدرك ومييز حركا شىت تبدو يف وقت واحد من‬
‫األمضاء األجهزة احلانة‪ ،‬هكذا هللا يدرك كل فعل وفكر وحركة تبدو من كل من‬
‫ملخوقات اليت ال حتصى ا هـ وهذا القول تقريب وإال فاهلل ليس كمثلة شيء‪.‬‬
‫‪ .2‬تعليم األرواح‪ .‬قال يف الكتاب‪:‬‬
‫مل جند للخليقة تبياانً أفصح من مقاال مرتادفة لقنتها روح غاليليوش الشهري ملى‬
‫يد الونطاء للجمعية الباريسية الروحانية يف خالل ننيت ‪ 912‬و ‪ 4919‬وهاك‬
‫هعضها‪ .‬قال‪:‬‬
‫أفضل حتقيق أطلق ملى الفضاء أن مسافة تفصل ما هني جرمية فانتنتج هعض‬
‫املغالطني من هذا التحديد أال وجود للفضاء حيثما انتقى وجود األجرام وإىل هذا‬
‫املبدأ أنند هعض الالهوتيني رأيهم يف ضرورة تناهي الفضاء ومدم إمكان تسلسل‬
‫أجرام حمدودة إىل ما ال انتهاء ل ‪ .‬الضهاء لفظة تدل ملى معىن مفهوم هذات ال حيتاج‬
‫إىل التعريف وما قصدي هبذه املقالة إال أن أهني لكم مدم حده وتناهي ‪.‬‬
‫أقول أن الفضاء ال حد ل هدليل أن من املستحيل تصور حدود حتج ‪ ،‬إىل أن‬
‫قال‪ :‬وإن شئنا أن منثل يف ذهننا احملدود مدم تناهي الفضاء فلنتصور أنفسنا طائرين‬
‫من األرض حنو إحدى جها الكون هسرمة الشرارة الكهرابئية اليت تقطع يف الثانية‬
‫ألوفاً مديدة من الفرانخ‪ ،‬فبعد طرياننا هثوان قليلة ال تعود األرض ترتاءى لنا إال‬
‫ككوكب حقري ضعيف النور جداً وهعدقليل تتوارى من نظران ابلكلية والشمس ذاهتا‬
‫ال تلوح لنا إال كنجم حقري متوغل يف أقاصي الفال وموضها تتجلى ألميننا جنوم‬
‫مديدة ال نكاد منيزها يف احملطة األرضية وإذا لبثنا طائرين ابلسرمة ذاهتا نقطع يف كل‬
‫هنيهة موامل متجمعة ونيارا ناطعة وهقاماً هزاهية‪ ،‬نثر هللا فيها العوامل‪ ،‬كما نثر‬
‫الزهور يف مروجكم األرضية‪.‬‬
‫ملى أن مل ميض ملى نفران إال دقائق قليلة وقد أنينا من األرض ماليني يف‬
‫ماليني من الفرانخ ورأينا ألوفاً من العوامل ولكن لدى التحقيق مل خيط هعد وال خطوة‬
‫واحدة يف الكون وإذا انتقام نفران الربقى ال دقائق وناما هل ننني وأجياالً وألوفاً‬
‫وأجياالً وماليني يف ماليني من العصور والدهور فإان ال نكون مع هذا قد خطوان‬
‫خطوة واحدة يف طريقنا‪ ،‬وذلك إىل أي صوب اجتهنا وأية نقطة انتحينا من تلك الذرة‬
‫احلقرية اليت ابرحناها وأنتم تدموهنا أرضاً‪ .‬هذا ما مندي من تعريف الفضاء‪.‬‬
‫وأما الزمان فهو كالفضاء لفظة معربة هنفسها غنية من التحديد وقد يسوغ أن‬
‫ندموه تعاقب األشياء ابلالهناية‪ .‬فلنتصور أنفسنا يف هدء ماملنا أي يف مصر هدأ‬
‫في األرض تتبخرت حتت النفحة اآلهلية وهرهز الزمان من مهد الطبيعة السري‪ ،‬فقبلها‬
‫كانت األهدية نائدة ناكنة والزمان جيري جمراه يف موامل أخرى وملا هرهز األرض إىل‬
‫حيز الوجود انتبدلت فيها األهدية ابلزمان وأخذ السنون والقرون تتعاقب ملى‬
‫نطحها حىت اليوم األخري أي نامة تبلى األرض ومتحى من نفر احلياة‪ ،‬ففي ذلك‬
‫اليوم تتعاقب األشياء وتزول احلركا األرضية اليت كانت مقياناً للزمان أيضاً فينتج‬
‫من هذا أن الزمان يتولد من تولد األشياء وينقضي ابنقضائها وهو هقياس األهدية‬
‫كنقطة نقطت من مباب اجلو يف البحر‪ ،‬فتختلف األهزمنة ملى اختالف العوامل‪،‬‬
‫وخارج هذه التعاقبا الفانية تسود األهدية وحدها ومتأل هضيائها فلوا الفضاء اليت‬
‫هي غري حمدودة‪ ،‬ففضاء ال حد ل وأهدية ال قرار هلا مها اخلاصيتان العظيمتان للطبيعة‬
‫العامة‪.‬‬
‫وإذا كان الزمان تعاقب األشياء الزائلة ومقيانها فإذا مجعنا ألوفاً يف ألوف من‬
‫القرون واألحقاب ال يكون هذا العدد إال نقطة هزهيدة يف األهدية كما أن األلوف يف‬
‫األولف من الفرانخ تعد نقطة حقرية يف الفضاء‪ ،‬وإذا مضى ملى حياتنا الروحية‬
‫مدد من القرون يواهزي قدر ما يكتب ملى طول خط االنتواء فإن ينقضي هذا العدد‬
‫اجلسيم والنفس كأهنا اليوم ولد ‪.‬‬
‫وإذا أضفنا إىل العدد املذكور نلسلة أخرى من األمداد ممتدة من األرض إىل‬
‫الشمس وأكثر‪ ،‬فإن ينقضي هذا العدد الذي ال يدرك قيان من القرون والنفس ال‬
‫تتقدم يوماً واحداً إىل األهدية ذلك ألن األهدية ال حد هلا وال قياس وال يعرف هلا هدء‬
‫وال هناية‪ ،‬فإن كانت القرون املذكورة كلها ال تعد ثنية قياس األهدية فم أمهية ممر‬
‫اإلنسان ملى األرض؟‬
‫إذا ما ألقينا النظر إىل ما حولنا رأينا اختالفاً جسيماً ومتييزاً جوهرايً يف كل املواد‬
‫املؤلف منها العامل فانظر إىل مجيع األشياء طبيعية كانت أو صنامية‪ ،‬وانظر ما أمظم‬
‫التغاير يف صلبتها وضغطها ووهزهنا ونواها من اخلصائث اليت يتميز هبا اهلواء مثالً من‬
‫مرق الذهب والنقطة املائية من احلجارة املعدنية واألنسجة النباتية املتنومة من‬
‫األنسجة احليوانية ملى اختالف طبقاهتا‪ ،‬ومع هذا نستطيع أن نثبت هوج اإلطالق‬
‫أن كل املواد املعروفة واجملهولة مهما مظم تباينها وكثر تنومها إن هي إال أشكال‬
‫وأمناط متفننة تظهر فيها مادة أصلية واحدة حتت فعل القوى الطبيعية املتعددة‪.‬‬
‫إن الكيمياء اليت هلغت اليوم منكم درجة رفيعة من التقدم وقد كانت تعد يف‬
‫أايمي متعلقا العلوم السحرية قد فوضت مسألة العناصر األرهعة اليت أمجع األقدمون‬
‫ملى تركيب الطبيعة منها وأثبتت أن العنصر الرتايب إن هو إال تركيب مواد متنومة يف‬
‫تفنناهتا إىل ما ال انتهاء ل وإن اهلواء واملاء قاهالً التحليل ومها مرتكبان من هعض‬
‫الغاهزا وإن النار ليست هعنصر اصلي هل حالة من املادة انجتة من نوع من احلركة‬
‫العامة يصحبها اخرتاق حسي أو كامن‪ .‬ومبقاهلة ذلك كشفت الكيمياء مدداً وافراً‬
‫من العناصر اجملهولة من تتألف كل اإلجرام املعروفة ومستها مناصر هسيطة إشارة ملى‬
‫أهنا أولية غري قاهلة التحليل إىل ما هو أهسط ولكن فعل الطبيعة ال يقف حيثما‬
‫وصلت تقديرا اإلنسان وحكم إرادت هل املتتبع هنظره إىل م جتاوهز حد املعرفة البشرية‬
‫ال يرى يف كافة العناصر املركبة والبسيطة إال مادة واحدة أصلية تتجمع يف هعض‬
‫النواحي لتنشأ منها العوامل وتتفنن أشكاالً وأنواماً يف مدار حياهتا وتعود إىل مأوى‬
‫الفضاء هعد انقراضها‪.‬‬
‫من املسائل ما نعجز حنن األروا املغرمني ابلعلوم من التعمق فيها فال أنيت حللها إال‬
‫آبراء شخصية مبىن أكثرها ملى أقيسة افرتاضية أما مسألة وحدة املادة فال شبهة فيها‬
‫وال ختمني‪ .‬ومن أيخذ قويل ملى حممل االفرتاض أقول ل ‪ :‬انتومب إن أمكن هنظرك‬
‫تفننا أممال الطبيعة كلها فتحقق يقيناً أن هدون وحدة املادة يتعذر مليك شرح‬
‫نبا أصفر هذره ونتاج أحقر دويبة وأما البامث ملى تنوع ما تراه يف املادة فهو تباين‬
‫الفوى اليت تولت أمر حتوالهتا والظروف اليت كانت مليها قبل نشأهتا‪ ،‬إمنا جوهرها يف‬
‫األصل واحد وكل ما يقع أو ال يقع حتت نظرك من األجرام والسوائل فهو صادر من‬
‫مادة أصلية واحدة مالئة الكون الذي ال حيد‪.‬‬
‫إذا كانت إحدى الدويبا احلقرية اليت تقضي حياهتا الوجيزة يف قعر البحار وال‬
‫تعرف من الطبيعة إال أمساك وغااب املياه انلت فجأة من العقل ما مكنها من درس‬
‫ماملها وأخذ تقيس أفكارها يف الكائنا فيما مسى يكون تصورها للعامل األرضي‬
‫الذي ال يقع حتت نظرها إذا مبعجزة أخرى انقلبت هذه الدويبة من القعر إىل ما فوق‬
‫املياه ابلقرب من جزيرة غناء اتست مبروج هزاهية فأي تغيري يطرأ ملى أفكارها الساهقة‬
‫وكم تتسع دائرة تصوراهتا ولكن ماهزالت هذه دون احلقيقة‪ ،‬هذا هيان حال ملومكم‬
‫النظرية يف احلاضر اي يين البشر‪.‬‬
‫إن نياالً ميأل الفضاء الذي ليس مبحدود ينفذ يف اإلجرام أبنرها يدمى األثري أو‬
‫املادة األصلية ومن تتولد كافة العوامل والكائنا ‪ ،‬فهذا السيال تالهزم أهداً القوى أو‬
‫النواميس الطبيعية املتولية تقلبا املادة ومسرى العوامل‪ ،‬وهذه النواميس املختلفة ملى‬
‫اختالف تركبا املادة واملتفننة يف أواع فعلها ملى مقتضى الظروف واملراكز تعرف يف‬
‫أرضكم ابلثقل والتالصق واملنانبة والتجاذب واملغناطيسية والكهرابئية مث حركا‬
‫العامل االهتزاهزية تدمى مندكم صواتً وحرارة ونوراً اخل‪.‬‬
‫وأما العوامل األخرى فتظهر هذه النواميس حتت أوج أخرى وخباصيا جمهولة‬
‫مندكم‪ ،‬وإن يف نعة السموا اليت ال حتد تفننا من القوى نعجز حنن من‬
‫إحصائها وتقدير مظمتها كما تعجز الدوهية يف قعر البحار من انتيعاب كافة‬
‫احلوادث األرضية‪.‬‬
‫وكما أن ال وجود يف األصل إال ملادة واحدة هسيطة تتولد منها كافة األجرام‬
‫والرتكبا اهليولية هكذا كل القوى الطبيعية صادرة من انموس أصلي واحد متفنن يف‬
‫مفاميل مما ال انتهاء ل فرض اخلالق منذ األهزل ليقوم ه نظام اخلليقة وهباء الكائنا ‪.‬‬
‫إن الطبيعة ال تضاد ذاهتا وشعار الكون هو ذا الوحدة يف التفنن‪ .‬فإن صعد يف‬
‫نلم العوامل وجد وحد ة النظام واخلليقة مع تفنن ال يعرف حده يف تلك األجرام‬
‫الفلكية وإن أجلت هنظرك يف مراتب احلياة من أحقر الكائنا إىل أمالها وجد‬
‫التنانب والتسلسل‪ .‬كذلك القوى الطبيعية كلها صادرة ابلتسلسل من قوة أصلية‬
‫واحدة تدمى ابلناموس العام‪.‬‬
‫يتعذر مليكم يف احلاضر انتيعاب هذا الناموس يف مشول اتسام ألن القوى‬
‫الصادرة من والداخلة يف دائرة أحباثكم حمدودة مقيدة إمنا قوات التجاذب والكهرابئية‬
‫تفصحان لكم نوماً من الناموس العام األصلي الشامل السموا والكائنا ‪ ،‬فكل‬
‫هذه القوى الثانوية أهزلية مامة كاخللقة ومبالهزمتها للسيال العام تعمل ضرورة يف كل‬
‫شيء ويف كل مكان وهتنوع مملها ابملقارنة والتعاقب تتغلب يف مكان ومتحي من‬
‫آخر يظهر فعلها ههنا ماملة أهداً يف جتهيز العوامل وإدارهتا وحفظها مالشاهتا متولية‬
‫أممال الطبيعة ومعجزاهتا حيثما قامت ضامنة ملى هذه الصورة هباء اخللقة األهزلية‬
‫ونظامها األهدي‪.‬‬
‫هعد أن أتملنا توج مام يف تركيب الكون ونواميس وخصائص هقي ملينا أن نشرح‬
‫كيفية تكوين العامل والربااي مث ننتقل هعدها إىل تكوين األرض ومركزها احلايل يف‬
‫املربوءا ‪ .‬لقد أهنا ناهقاً ما الزمان وما نسبت إىل األهدية وإن هذه وحدة اثهتة‪،‬‬
‫وابلتايل ال هدء وال هناية‪ ،4‬مث إذا الحظنا من جهة أخرى مدم تناهي القدرة اإلهلية‬
‫حكمنا ضرورة هوجوب أهزلية الكون ألن منذ وجد هللا كملت كماالت القدنية ومبا أن‬
‫هللا من ذات أهزيل نرمدي اقتضى أن يكون ممل أهزلياً نرمدايً ال هدء ل وال هناية فإذا‬

‫‪ 4‬هذا رأى خاص‪.‬‬


‫تصوران لعمل هللا هدءاً ومهما كان هذا البدء يف خميلتنا هعيداً قاصياً يسبق دائما أهزلية‬
‫‪ -‬هزنوا جيداً ذلك هعقولكم‪ -‬أهزلية ال قرار هلا لبثت فيها إرادة هللا القدوس ميتة من‬
‫العمل وكلمت هكماء ووحي مقيماً‪ .‬إن هللا مشس الكائنا ونور العامل‪ ،‬فكما أن‬
‫ظهور الشمس يصحب ضرورة انتشار النور هكذا هللا يصحب ضرورة فعل اخللقة‬
‫وظهور الربااي‪.‬‬
‫أي لسان يستطيع أن يصف تلك العظائم الباهرة املسترتة يف دجى الدهور اليت‬
‫تألأل نناؤها يف مهد مل يكن قد ظهر هعد في شيء من مجائب الكون احلايل تلك‬
‫الدهور القاصية اليت أمسع الرب فيها كلمت فاندفعت تيارا اهلباء والذرا لتشيد‬
‫هتجميعها املهند هيكل الطبيعة الذي ال حيد‪ .‬ذلك الصو السري الكرمي الذي جتل‬
‫وهتواه كل خليقت وهريت املرموقة ه ارجتت األفالك ونبحت مجائب الرب‪.‬‬
‫إذا انتقلنا ابلفكر إىل هضعة ماليني من األجيال قبل العصر احلايل جند األرض مي‬
‫ترهز هعد إىل حيز الوجود ولكواكب مل تتولد من النظام الشمسي يف حني أن مشوناً ال‬
‫مدد هلا كانت تسع يف أقاصي السموا وترنل أشعتها إىل كواكب ال حييط هبا‬
‫إحصاء وماش هبا من نبقنا من األحياء يف مضمار اإلنسانية وأنظار أخرى متتعت‬
‫هعجائب طبيعية وغرائب مساوية مل يبق هلا اليوم من أثر‪ ،‬وقلوب ومقول ال مدد هلا‬
‫كانت تسجد وتعظم قدرة البارىء اليت ال تتناهى‪ ،‬وحنن أوالء احلاضرين الذين هرهزان‬
‫إىل الوجود هعد أهزلية من احلياة نريد أن ندمي معاصرتنا للخلقة! لندرك أمر الطبيعة‬
‫جيداً‪ .‬أحبائي لتعلمن أن األهدية وراءان كما هي أمامنا وأن الفضاء مرنح تعاقبت‬
‫وتتعاقب في حلقا ال مدد هلا وال انتهاء‪.‬‬
‫فتلك املعجزا اليت متيزوهنا يف أقاصي السموا إن هي إال جتمعا مشوس منها‬
‫ما هي يف هدء تكوينها ومنها آهلة ابإلحياء ومنها ما هلغت دور االحنطاط‪.‬‬
‫وابالختصار كما أننا قائمون يف ونط غري متناه من موامل هكذا حنن مائشون يف دوام أهزيل‬
‫ناهق وأهدي ال حق لوجودان احلاضر‪ ،‬وإن فعل اخللقة ليس مبقصور مليكم وال ملى كرتكم‬
‫احلقرية‪.‬‬
‫إن املادة األصلية حتوي يف ذاهتا العناصر اهليولية والسيالة واحليوية اليت أتلفت منها‬
‫كل العوامل املنتشرة يف كل ناحا الفضاء فهي أم نثور لكل الكائنا والوالدة‬
‫األهزلية لكل األشاء فال ميكن أن يعرتيها نقص أو تالش إذ تعطي الوجود من دون‬
‫انقطاع موامل جديدة وتستقي هال فتور من األصول التكوينية من العوامل اليت هدأ‬
‫متحي من نفر احلياة وهي املادة األثريية أو السيال العام املايلء االجرام وفي مستقر‬
‫العنصر احليوي الذي ه حتيي كل خليقة مند ظهورها ملى نطح نيارة فيما من‬
‫خليقة معدنية أو نباتية أو حيوية أو غريها – إذ توجد مواد أخرى ليس يف ونعكم‬
‫أن تتصوروها‪ -‬غال أتخذ مند نشأهتا نصيباً من هذا العنصر احليوي وهنفاده هنقضي‬
‫أجلها‪ ،‬فالسيال العام إذا ال حيوي يف ذات فقط النواميس القائم هبا حفظ العوامل هلب‬
‫تنشأ يف كل مامل املواليد الغريزية األولية اليت تنبت من غري هزرع وذلك مند ننوح‬
‫الظروف املالئمة للحياة ملى نطح الكرة‪.‬‬
‫لقد ضرهنا إىل اآلن صفحاً من ذكر العامل الروحي الذي هو أيضاً قسم من اخللقة‬
‫العامة ويتمم مارمس ملي املبدع العظيم من التقادير األهزلية ملى أين ال أنتطيع أن‬
‫أتونع يف كيفية خلقة األرواح يف كيفية خلقة األرواح نظراً جلهلي ابملسئلة ومدم‬
‫إجاهزيت أبن أهوح أبمور تيسر يل التعمق فيها‪ .‬فقط أقول ملن تطلب احلق خبلوص النية‬
‫وتواضع القلب أن الروح لني يشرق ملي النور اإلهلي لينال ه مع االختيار املعتوق‬
‫معرفة ذات ونصيب من االنتقبال إال هعد أن يكون قد جاهز هقضاء حمتوم يف مسحبة‬
‫النسما السفلية من الربااي وفيها أجنز هطء فروض شخصيت ‪ .‬ففي ذلك اليوم يسم‬
‫هللا جبهت هونم مثال ونيخرط الروح يف نلك اإلنسانية فقطط حذار من أن تبنوا‬
‫ملى مقايل انتدالالتكم النظرية إذ أحب إىل ألف مرة أن أطوي كشحاً من مسائل‬
‫تفوق حد نظري من أن أمرضكم إلفساد تعليمي وانتنتاج أقيسة وقوامد ال أس هلا‪.‬‬
‫فحدث مرة أن يف نقطة من الفضاء ويف ونط مليارا من العوامل تكاثفت املادة‬
‫األصلية فتولد منها جمرة أي نحاهة نرية ال يكاد يدرك قياهتا وهقوة النواميس العامة‬
‫املستقرة فيها وخصوصاً التجاذب يف الدقائق أصاهت الشكل الكروي وهو الشكل‬
‫الذي تصيب يف البدء كل مادة جتمعت يف الفضاء‪ ،‬مث تغري شكلها الكروي هقوة‬
‫احلركة الدورية الناجتة من التجاذب املتساوي من كل املناطق يف الدقائق حمو املركز‬
‫وأصاهت الشكل العدني وتولد من حركتها هذه الدورية قوا أخرى أخصها قوة‬
‫اجلاذهة والدافعة فاألوىل متيل ابألجزاء إىل املركز والثانية تبعدها من وتعاظمت‬
‫نرمةحريكة اجملرة ملى قدر تكاثفها واتسع نصف قطرها ملى قدر تقرهبا من الشكل‬
‫العدني إىل أن تغلبت القوة الدافعة إىل هعد مث انقلبت تلك الدائرة املنقطعة من اجملرة‬
‫إىل كتلة قائمة هنفسها ولكنها خاضعة لوالية اجملرة األوىل وهقي هلا حركتها االنتوائية‬
‫فتغري إىل حركة انتقالية حول اجلرم األصلي وأكسبها حالتها اجلديدة هذه حركة‬
‫أخرى دورية حول مركزها الذايت‪.‬‬
‫مث ماد اجملرة األصلية إىل شكلها الكروي هعد أن ولد ماملاً جديداً وملا كانت‬
‫احلركة األ صلية املتولدة من حركاهتا املختلفة ال تضعف إال هبطء كلي كان احلادث‬
‫الذي أتينا ملى ذكره يتكرر مراراً متعددة ويف مدة مديدة إىل أنت تلغ اجملرة درجة من‬
‫الكثافة حتول مبتانتها دون التغيريا الشكلية الصادرة من حركة دوراهنا حول مركزها‬
‫فليس جرما واحداً هل مئا من األجرام نتقلع ملى النسق املذكور من اجملرة‬
‫األصلية‪ .‬وكل من هذه العوامل الحتوائ ملى القوى الطبيعية ذاهتا املستقرة يف اجلرم‬
‫األصلي نينتج أجراماً اثنوية تدور حول كما يدور حول اجملرة األصلية هصحبت نائر‬
‫األجرام املتفرمة منها‪ .‬وكل من هذه األجرام الثانوية نيكون أيضاً مشساً أي مركزاً‬
‫لكواكب جديدة تتفرع من ابلطريقة التكوينية ذاهتا‪ .‬وما األرض إال هذه السيارا‬
‫كتبت يف حينها يف نفر احلياة وأصبحت مهداً خلالئق ضعيفة تكلؤها مني العناية‬
‫الرابنية اليقظة وجاء وتراً جديداً تعزف يف مود الطبيعة العامة املسبحة لعجائب‬
‫هللا‪.‬‬
‫وقد تفرع من السيارا قبل جتمدها أجرام أخرى صغرية اقتطعت من دائرة خط‬
‫االنتواء وأخذ تدور ملى حمورها وحول اجلرم األصلي هقوة النواميس العامة ذاهتا‬
‫فتولد من األرض القمر ومجد قبلها لصغر حجم إمنا القوى اليت تولت اقتالم من‬
‫خط االنتواء األرضي وحركت االنتقالية يف هذا اخلط فعلت في ما جعلت يصيب‬
‫الشكل البيضي هدالً من الكروي فأصبح ملى شكل هيضة مركز ثقلها يف أنفلها‬
‫وف ونطها‪ ،‬هلذا لستم ترون يف هذا اجلرم إال جهة واحدة وهو أشب هكرة من الفلني‬
‫قامدهتا من رصاص وهي الناحية املتجهة دائماً إىل األرض فينتج من ذلك أن ملى‬
‫نطح العامل القمر طبيعتني يف غاية التباين واالختالف‪ .‬األوىل وهي الناحية املتجهة‬
‫دائماً إىل األرض‪ ،‬ال ماء فيها وال هواء وفيها جتمعت كل األجزاء اجلامدة الغليظة‬
‫لوجود مركز الثقل فيها والثانية اليت ال يقع مليها قط نظر أرضي حاوية كل السوائل‬
‫واملواد احلقيقية وهي متجهة أهداً إىل الناحية املخالفة لعاملكم األرضي‪.‬‬
‫واختلفت األجرام املتفرمة من السيارا مدداً وأحواالً ومن السيارا ما مل يتفرع‬
‫منها شيء كعطارد والزهرة ومنها ما ولد قمراً أو أكثر كاألرض واملشرتي وهزحل ‪..‬‬
‫اخل‪ .‬وهذا الكوكب أي هزحل ولد مدا األقمار حلقة نرية وهذه احللقة مبارة من منطقة‬
‫انفصلت يف البدء من خط االنتواء يف هزحل كاملنطقة االنتوائية اليت انفصلت من‬
‫األرض فصار من دقائق متجانسة اجلوهر ورمبا كانت متجمدة هعض التجمد فلهذا‬
‫هقيت تدور حول اجلرم األصلي هسرمة تكاد تعادل نرمة اجلرم ذات ‪ ،‬فلو كانت‬
‫املنطقة متكاثفة يف إحدى جهاهتا أكثر من نواها لتجمعت حاالً كتلة واحدة أو‬
‫متعددة تصبح أقماراً جديدة تضاف ملى ما كان لزحل من األقمار‬ ‫كتال‬
‫األخرى‪.‬‬
‫وأما النجوم ذوا األدانب فقد تومهها البعض موامل يف هدء نشأهتا جيهز فيها‬
‫هوامث الوجود واحلياة كما يف السيارا ‪ ،‬وافرتضها غريهم موامل آخذه يف الدروس‬
‫والتالشي حىت املنجمون أنفسهم كانوا يتشاءمون هبا كداللة النحس والبالاي‪ .‬ملى أن‬
‫املطلع ملى تقننا وأممال الطبيعة يعرتي العجب ألقيسة افرتاضية هناها الطبيعيون‬
‫والفلكيون والفالنفة ليؤيدوا هبا أن املذنبا نيارا حديثة أومتيقة يف حني أهنا‬
‫ليست هي إال كواكب متنقلة كرواد يف املالك الشمسية‪ .‬وما أمد لتكون‬
‫كالسيارا مساكن آهلة ابلبشر هل اختصاصها أن تنتقل من مشوس إىل مشوس‬
‫لتستقي منها األصول احليوية املنعشة فتفيضها فيما هعد ملى العوامل األرضية‪.‬‬
‫فلنتبعن ابلفكر أحد النجوم املذنبا مند هلوغ البعد األقصى من الشمس‬
‫ولنقطعن تلك السعة املديدة الفاصلة ما هني الشمس وأقرب النجوم ولنتأملن يف نري‬
‫هذا املذنب املنتقل فنجد فعل النواميس الطبيعية ممتداً إىل هعد ال تكاد املخيلة أن‬
‫تصيب ‪ .‬فهناك هبطء نريه إىل حد ال يتجاوهز هعض األذرع يف الثانية هعد أن كان يسري‬
‫األلوف من افرانخ يف كل حلظة مند قرب دنوه من الشمس‪ ،‬وال يبعد أن تتغلب‬
‫ملي مند هذا احلد مشس أخرى أشد قوة ونفوذاً من اليت ابرحها فتجذه إىل دائرة‬
‫فلكها وحتصي يف مداد أتبامها ومبثاً ينتظر هعدها هنو أرضكم رجوم يف وقت مينت‬
‫أرصادهم الناقصة‪ ،‬أما حنن فنجوهز مع ابلفكر إىل تلك األقكار اجملهولة فنجد فيها‬
‫من العجائب ماال يتوصل قط غلي تصور أرضي‪.‬‬
‫قل منكم من يلحظ يف الليايل الصافية اخلالية من القمر نحاهة نرية منتشرة من‬
‫أقصى السماء ملى أقصاها تدموهنا درب التبانة أو اجملرة وقد كشف لكم منها مؤخراً‬
‫املرصاد فرأيتم فيها ماليني من الشموس معظمها أهبى نوراً وأونع حجماً وأمهية من‬
‫مشسكم‪ .‬من اجملرة هي ابحلقيقة حقل فسيح هزرمت في هزهور مشوس وكواكب تتألأل‬
‫يف أرجائها الرحبة فالشمس وكافة السيارا واألجرام التاهعة هلا هزهرة واحدة من تلك‬
‫الزهور املنثورة يف حقل ومدد هذه الزهور أي الشموس ال يقل من الثالثني مليوانً‪،‬‬
‫تبعد كل منها من األخرى أكثر من ثالثة آالف ألف ألف ألف فرنخ‪ .‬فمن هذا‬
‫يستدل ملى نعة تلك اجملرة املمتنع تصورها وصغر مشسكم ابلنسبة إىل ابقي‬
‫الشموس مث أن حقارة هل مدم أرضكم ليس ابلنسبة إىل حجمها ونعتها املادية‬
‫فحسب هل فوق ذلك إىل أحوال نكاهنا األدهية العقلية‪.‬‬
‫مث من اجملرة ذاهتا مع ماليني مشونها ليست شيئاً ابلنسبة إىل األلوف من اجملرا‬
‫املنتشرة يف أقاصي الفضاء إمنا تظهر أوفر نعة ونناء من نواها إلحاطتها هكم‬
‫ووقومها حتت دائرة نظركم يف حني أن اجملرا األخرى متوغلة يف أقاصي السموا‬
‫فال يكاد يستشفها مرصادكم‪ ،‬فإذا ملمتم أن األرض ليست هشيء يف مامة اجملرا‬
‫ومامة اجملرا أيضاً ليست هشيء يف نعة الفضاء الذي ال يتناهى ماد نهالً مليكم‬
‫إدراك حقارة األرض ومدم أمهية احلياة اجلسدية‪.‬‬
‫إن املاليني من الشموس املؤلفة منها جمرتكم حييط أبكثرها نيارا وموامل تستمد‬
‫منها النور واحلياة‪ ،‬فمنها كنجم نريوس مثالً ما يرهو حجم وهباؤه ملى مشسكم ألوفاً‬
‫من املرار والسيارا احمليطة ه تفوق نيارا الشمس كرباً ونناء‪ ،‬ومنها مشوس مثناة‬
‫أي جنوم ترائم ختتلف وظائفها الفلكية من وظائف مشسكم ففي السيارا احمليطة‬
‫هتلك الشموس املثناة ال تعد السني واألايم كما يف أرضكم وأحوال احلياة فيها يتعذر‬
‫مليكم تصورها‪.‬‬
‫ومن الشموس ماال نيارا هلا إمنا أحوال نكاهنا خري األحوال وابإلمجال إن‬
‫تقننا هذه النجوم واختالف أحواليها ووظائفها مما يقصر اإلدراك البشري من‬
‫ختيلها‪.‬‬
‫إن كل ما ترون من النجوم واألجرام يف القبة الزرقاء خيبص مبجرة واحدة تدمى‬
‫كما قلنا درب التبانة ولكل منها نري خمصوص مصدره قوة اجلاذهية فتسري نرياً ليس‬
‫ملى نبيل العرض والصدفة هل يف طرق معينة مركزها اجلرم األصلي‪ ،‬فقد حتقق لكم‬
‫مؤخراً أن الشمس ليست هنقطة مركزية اثهتة هل تسري يف الفضاء ناحبة معها موكبها‬
‫احلافل ابلسيارا واألقمار واملذنبا وليس نريها هعرصي هل طريقها حممود تسري في‬
‫هصحبة مشوس أخرى من طبقاهتا حول جرم آخر مظيم تولد من إمنا حركة نريها‬
‫ونري ابقي الشموس رفيقاهتا ال تصيبها أرصادكم السنوية إذ يقتضي مدداً مظيماً من‬
‫األجيال إلمتام إحدى هذه السنو الشمسية‪.‬‬
‫مث إن اجلرم العظيم الذي تدور حول الشمس مع نائر الشموس رفيقاهتا ليس جبرم‬
‫أصلي هل يدور هو أيضاً هصحبة أجرام أخرى من طبقت حول جنم آخر أمظم من ‪.‬‬
‫وهكذا قل من هذا النجم الثاين ملى أن حيل العجز مبخيلتنا من تصور هذه‬
‫السلسلة املرتبة القائمة ما هني مشوس جمرتكم اليت ال يقل مددها من الثالثني مليوانً‬
‫وكل هذه الشموس مع نياراهتا مرتبطة هبعضها يف نظام واحد كمجموع دواليب آلة‬
‫واحدة فتظهر لعني احلكيم الناظر إليها من هعد كحفنة من الآلىلء الذهبية نثرهتا‬
‫نثرهتا النفحة اإلهلية يف الفضاء كما تنثر الريح الرمال يف هلقع الصحاري‪ ،‬إن فالة‬
‫يكاد ال حيدها قرار متتد إىل كل جهة حول اجملرة اليت أتينا ملى ذكرها ألن جتمعا‬
‫املادة األصلية أي اجملرا منثورة يف الفضاء كجزر مزيز الوجود يف حبر ال حد لسعت ‪،‬‬
‫فاملسافة اليت تفصل ما هني كل جمرة وأخرى تفوق مسافة قطر اجملرة ذاهتا مبا ال حد ل‬
‫فمعلوم أن قياس جمرتنا يعد مبئا ألف ألف ألف ألف ألف فرنخ أما قياس هعدها‬
‫من ابقي اجملرا فال ميكن لعقل أن يدرك هل املخيلة وحدها تستطيع أن تقطع تلك‬
‫الفيايف السماوية اخلالية من مظاهر احلياة‪.‬‬
‫وتتجلى فيما وراء هذه الفوا موامل أخرى تتبخرت يف حبر األثري وتظهر احلياة فيها‬
‫حت ت جمايل غريبة يستحيل مليكم تصورها فاملنتقل من جمرتكم إىل تلك اجملرا يعاين‬
‫ضورابً من احلياة وقوى طبيعية مل تكن قط لتخطر ملى ذهن فيدرك هنا قدرة اخلالق‬
‫ويسبح مجائب أممال ‪.‬‬
‫رأينا انموناً أصلياً واحداً يتوىل تكوين العوامل وخلود الكون‪ ،‬وإن هذا الناموس‬
‫العام يظ هر حلواننا حتت ضورب خمتلفة ندموها قوى طبيعية وهفعلها تتجمع املادة‬
‫األصلية وتنال تقلباهتا الدورية أي تكون يف البدء مركزاً نياالً للحركة مث تتفرع منها‬
‫العوامل وتصبح هعدها جرماً كثيفاً يدور حول ما تولد من األجرام‪ .‬واآلن أريد أن أهني‬
‫أن هذه النواميس ذاهتا اليت تولت نشأة العوامل نتتوىل أيضاً أمر احنالهلا ألن منجل‬
‫املو ال حيصد ذوا النسمة فحسب هل املادة اجلمادية ايضاً ابحنالل تراكيبها‪.‬‬
‫فحني يقضي العامل نىن حيات ختمد من انر الوجود وتفقد مناصره قواها األصلية‬
‫وتزول من احلوادث الطبيعية هزوال القوى‪.‬‬
‫هل تظنون أن نيلبث دائراً يف الفضاء كجرم ال حياة ه ويبقى متوابً يف نفر‬
‫احلياة هعد أن أصبح حرفاً ميتاً ال معىن ل ؟‬
‫كال إ ن النواميس ذاهتا اليت انتشلت من ظلمة العدم ومجلت مبظاهر احلياة ودرجت‬
‫من أجيال الصبوة إىل اهلرم نتتوىل أمر دثوره وإرجاع مناصره اجلوهرية إىل معمل‬
‫الطبيعة العام ليتكون منها فيما هعد موامل جديدة ملى ما ال انتهاء ل ‪.‬‬
‫فأهدية الكون تقوم ابلنواميس ذاهتا املتولية أممال الزمان أي تعقب الشموس‬
‫الشموس والعوامل العوامل دون أن يصيب قوى الكون أدىن كلل أو مخود فما ترون يف‬
‫أقاصي السموا من جنوم نرية رمبا حمتها من أمد مديداً أصبع املو وأمقبها العدم‬
‫وخلقة جديدة جتهلوهنا هعد‪ ،‬إمنا البعد الشانع القائم هينكم وهني األجرام القاصية‬
‫الذي ال يقطع النور إال يف ألوف األلوف من السنني جيعل أشعتها تصل اليوم إليكم‪.‬‬
‫مع أهنا رمبا انبعثت قبل خلق األرض أبمد مديد ففي هذه كما يف غريها تظهر‬
‫حقارة اإلنسان ومدم دنساه‪ ،‬إمنا نيأيت يوم في يبقى ذكر األرض يف ذهننا كظل‬
‫خباري هعد أن نكون قد تدرجنا أجياالً ال مدد هلا ملى العوامل العليا‪ .‬وحني نتأمل يف‬
‫املستقبل مند هلوغنا هذا احلد ال نرى نصب أميننا إال تعاقباً نرمدايً من العوامل أو‬
‫أهدية اثهتة ال انقضاء هلا ا هـ‪.‬‬
‫اجمللس العاشر‬
‫يف اتريخ مناجاة األرواح وعمومها يف األمم وفيه ثالثة فصول‬

‫الفصل األول‬
‫يف بيان مناجاهتا بسائر ضروهبا‬

‫قال شري دمحم‪ :‬هل يذكر يل األنتاذ كيف كان هدء هذه احلركة يف العامل احلديث‪.‬‬
‫قلت‪ ،‬إن هذه احلركة هدأ مع اإلنسان ملى ظهر األرض‪ ،‬وماشت مع األمم دهوراً‬
‫وأحقاابً‪ ،‬فلما كانت هذه القرون احلاضرة‪ ،‬وأظلمت الدنيا وانود وج احلقيقة‪ ،‬وأخذ‬
‫الناس جيهرون ابإلحلاد‪ ،‬أرنل رهك هلم مجائب وهث هلم من األرض غرائب‪ ،‬وانبعث‬
‫هلم من موامل الغيب‪ ،‬ونطعت احلقائق‪ ،‬وأشرقت األرض هنور رهبا يف ننة ‪ 4911‬م‪،‬‬
‫ذلك أن مسع يف تلك السنة طرقا متوالية يف هيت رجل يسمى (فيكمان) من‬
‫قرية(هيدنفيل) يف نواحي والية نيويورك‪ ،‬وتواىل ذلك ليايل ذوا مدد‪ ،‬فانذمر‬
‫تلك األنرة وذمر وقذف يف أفئدهتم الرمب‪ ،‬فهاجروا املكان هعد أشهر فسكنت‬
‫الدار أنرة (جون فوكس) املؤلفة من الرجل وامرأت واهنتي ‪ ،‬فعاد الطرقا ‪ ،‬وتوالت‬
‫الضراب ‪ ،‬وهرع اجلريان لينقبوا من تلك األصوا املزمجة‪ ،‬مث اهتدوا إىل نبيل‬
‫الرشاد‪ ،‬إذ ملموا أن تلك أفعال انمجة من مقل فاصطلحوا مع مصدرها ملى لفظ‬
‫نعم ولفظ ال هطرقتني وثالث ففهموا أهنا روح أصاهبا شر‪ ،‬قد قتلها رجل يف هذا‬
‫البيت‪ ،‬والذي كشف ذلك مدام (فوكس) والقتيل الطارق يدمى (شارل راين) قتل‬
‫منذ أموام مديدة يف ذلك البيت‪ ،‬وكان يف حيات دوراً‪ ،‬قتل من كان يبيت منده‬
‫لسلب مال ‪ ،‬وان ممره إحدى وثالثني ننة مث شاع اخلرب وذاع وانتهزأ الناس هذلك‬
‫ونخروا منها‪ ،‬وقالوا إن هذا الكذب مبني‪ ،‬وانتقلت مائلة فوكس إىل قرية( رونرت)‬
‫من الوالاي املتحدة‪ ،‬وشاع اخلرب وذاع واثر ملماء الدين وامللحدون ونائر الشعب‬
‫ملى املرأة واهنتيها‪ ،‬وتعرضن للمون مراراً‪ ،‬فعني القوم جلنة من العلماء لكشف‬
‫احلقيقة‪ ،‬فأملنت أن ال أثر للشعوذة وال لالحتيال‪ ،‬فهاج الشعب ومني جلنة أخرى‬
‫فقرر كاألوىل‪ ،‬فعينوا اثلثة فأذمنت كساهقتيها‪ ،‬فهم الطغاة إبهالك االهنتني‪ ،‬ونبوا‬
‫وشتموا ملماء اللجان املذكورة ولكن االهنتني مل يصبهما ضرر‪ ،‬وقامت اجلرائد‬
‫واجملال تنشر مقاال اهلزؤ والسخرية هبذا العمل‪ ،‬ومن العجب أن مل ميض أرهع‬
‫ننني حىت فشا املذهب يف نائر الوالاي املتحدة‪ ،‬حىت مل يكن خيلو هيت من ونيط‬
‫األرواح‪ ،‬وقد جيلسون حول منذدة ويتلون أحرف‬ ‫أو ونيطة‪ ،‬ختاهر القوم ملى يده م‬
‫اهلجاء ومند وصوهلم إىل احلرف املقصود تطرق املائدة هرجلها‪ ،‬ومل متض ننة ‪4911‬‬
‫أي هعد احلادث هثمان ننني‪ ،‬حىت أصبح أمر هذا احلادث من أممال درا الندوة‬
‫وجملس األميان امللتئم يف مدينة وشنطون‪ ،‬فقد رفعت مريضة طويلة مذيلة خبمسة‬
‫مشر الف انم‪ ،‬هاك صورهتا صفحة ‪ 41‬من كتاب املذهب الروحاين‪:‬‬
‫حنن الواضعني أمسائنا هذيل أهناء مجهورية الوالاي املتحدة األمريكية نعرض‬
‫جمللسكم املوقر أن حوادث طبيعية ومقلية ال يعرف هلا مبدأ ظهر منذ قليل يف هذه‬
‫البالد ويف أكثر األحناء األوروهية‪ ،‬وتكاثر هذه احلوادث السرية يف مشايل الوالاي‬
‫املتحدة وغرهيها ومتونطها حىت أقلقت الرأي العام‪.‬‬
‫وملا كان املوضوع الذي نلتمسن من مجهوركم املوقر االلتفا إلي ال ميكن شرح‬
‫يف هذه العريضة ملى اختالف أنوام نلخص لكم هوجز من الكالم فنقول‪:‬‬
‫أول‪ -‬إن ألوفاً من العقالء املدركني شهدوا قوة خفية حترك أجراماً ثقيلة وترفعها‬
‫وختفضها وتنقلها وتقلبها ملى أنواع خمتلفة مناقضة يف الظاهر للنواميس الطبيعية‬
‫ومتجاوهزة حدود اإلدراك البشري ومل يتوصل أحد حىت اآلن إىل إجياد ملة خصوصية‬
‫أو مقارهة هلذه احلوادث‪.‬‬
‫اثنيا – إن أنواراً خمتلفة الشكل واألوان تظهر يف احلجر املظلمة من دون أن جيد‬
‫القامدون فيها مادة قاهلة لتوليد ممل كيماوي أو تنوير فسفوري أو نيال كهرابئي‪.‬‬
‫اثلثا – إن نوماً غريباً من هذه احلوادث نلتمس من جممعكم املوقر االنتباه ل وهو‬
‫اختالف األصوا يف تكرارها وأنوامها وأمهية معناها فبعضها طرقا نرية تدل ملى‬
‫وجود ماقل غري منظور‪ ،‬وهعضها حتاكي األصوا اليت تدوي يف هعض املعامل‬
‫امليكانيكية أو تتحول إىل دوي أشب هصرير الريح العاصفة‪ ،‬تتخللها فرقعة صواري‬
‫املراكب ومالطمة األمواج جلدران حني هبوب العواصف وأحياانً تصري األصوا‬
‫شبيهة هقصيف الرمد وإطالق املدافع‪ ،‬وترتج مندها األشياء اجملاورة هل البيت ذات‬
‫الذي تقوم في تلك احلوادث‪ ،‬ويف هعض األوقا تكون األصوا شجية متاثل اترة‬
‫الصو البشري واترة آال الطرب كاملزمار والطبل والبوق والقيثارة والعود واألرغن‬
‫تصدر إما مجلة وإما ملى حد‪ .‬واترة مع مدم وجود اآلال املذكورة وطوراً مع‬
‫وجودها ولكن تضرب من نفسها دون مس يد هشرية هلا وتصدر هذه األصوا وفقاً‬
‫للمبادىء العلمية املنوطة هقوة السمع أي حدوث متوجا هوائية تلتطم أبمصاب‬
‫السمع وغنما مل يتوصل الباحثون رغماً مما هذلوه من اجلهد يف انتجالء مصدر هلذه‬
‫التموجا اهلوائية‪.‬‬
‫ونرى من املنانب أن نشري إىل املبدأين اللذين افرتضا يف حل هذا املشكل‪،‬‬
‫فاألول امزاء احلوادث إىل أرواح األموا وفعلهم يف العناصر الدقيقة األولية املالئة‬
‫والسارية يف كل األشكال اهليولية وهذا ما شرح العامل السري ذات حني طلب إلي‬
‫إيضاح ذلك وقد وافق ملى هذا الزمم مدد منديد من أنباء وطننا املمتاهزين آبداهبم‬
‫وقوة ذكائهم ومركزهم الرفيع يف السيانة واهليئة االجتمامية وأما أصحاب املبدأ الثاين‬
‫وألكثرهم أيضاً رفيع املنزلة يف القوم فهم ينكرون الزمم األول ويذهبون ملى أن‬
‫مباحث العلماء ال هد من أن تنري هقوة املبادىء املعروفة من العلوم النظرية العقول‬
‫إبجياد نب حقيقي مستويف الشروط لكافة احلوادث املنوه منها‪.‬‬
‫ملى أننا وإن كنا ال نوافق ملى رأي هؤالء وقد توصلنا هقوة البحث إىل نتائج‬
‫خمالفة لكل ملة طبيعية للحوادث اليت حنن هصددها نؤكد جلمهوركم املوقر أن احلوادث‬
‫جارية حقاً وصدقاً وأن مصرها السري وغراهة وقومها وأمهية أتثريها يف صواحل اجلنس‬
‫البشري تستوجب حبثاً ملمياً مدققاً يعرتي الكلل‪.‬‬
‫أال يستطيع كل ماقل أن يفكر ما مقدار احلوادث اليت حنن هصددها من اإلتيان‬
‫للشعب األمريكي هنتائج مهمة اثهتة تتعلق أبحوال املادية والعقلية واألدهية‪ ،‬مث ماذا‬
‫يكون هلا من التأثري يف أصول الصحة واحلياة مبادىء الفكر والعمل حىت ميكنها أن‬
‫تؤول إىل تغيري أصول معيشتنا وإصالح مبادىس غيماننا وفلسفة مصران وتبديل هيئة‬
‫إدارة العامل‪.‬‬
‫وإذا كان من الالئق واملنانب لروح نظامنا أن نقصد دائماً نواب الشعب يف‬
‫املسائل اليت يصد منها اكتشاف مباديء جديدة أتيت هنتائج مذهلة للهيئة‬
‫االجتمامية‪.‬‬
‫أتينا حنن أهناء الوطن نلتمس ابحلاج من مجهوركم املوقر إانرة هصائران يف هذه‬
‫الظروف الغريبة‪ ،‬وذلك هتعيني جلنة كاملة مهما يلزم هلا من النفقا يف نبيل‬
‫انتجال ء هذه الغزامض وإننا ملعتقدون أن صواحل اهليئة االجتمامية نيناهلا احلظ‬
‫األكرب من نتائج أممال اللجنة اليت التمسنا إقامتها ولنا مزيد الثقة يف انتصواب‬
‫طلبنا وإجاهة ملتمسنا من لدن جملسكم املوقر – مذيل خبمسة مشر ألف انم ا هـ‪.‬‬
‫مث املم إن هذا العلم مم الوالاي املتحدة حىت صار املذهب يبع ننة ‪4971‬‬
‫حنو ‪ 28‬مليوانً يف الوالاي املتحدة‪ ،‬ومدد الشركا الروحانية ننة ‪ 4998‬مشرون‬
‫شركة روحانية ممومية‪ ،‬ومائة ومخس مجعيا خصوصية‪ ،‬و (‪ )289‬خطباء‪ ،‬و‪22‬‬
‫ونطاً ممومياً‪ ،‬ومن ملمائهم احلاكم (أدمون) كان رئيس القضاء وانتخب مراراً يف‬
‫جملس األميان والعالمة ( روهر هري) األمريكي الكائر الصيت وألف كتاب أحباث‬
‫مرفية يف ظهور األرواح‪ ،‬والعالمة (روهر دال أوين) وألف كتاابً مساه (مثار يف حدود‬
‫مامل الغيب)‪ ،‬وكان يف تلك البالد يف آخر القرن املاضي حنو ‪ 22‬جريدة وجملة تنقل‬
‫إىل القراء أخبار أمماهلا‪.‬‬
‫ومل يكن ليبحث أحد من العلماء هذا البحث إال لينقذ الناس من الضالل مبا آاته‬
‫ال من العلوم الطبيعية والرايضية والفلسفية‪ ،‬وملا مأل هذا احلادث أرجاء الوالاي‬
‫املتحدة هلغ صدى صوهتم آذان االجنليز‪ ،‬فقام العلماء والفالنفة فيها للبحث‬
‫والتنقيب مسى أن خيرجوا العاليم اإلنساين من الظلما إىل النور هتفنيد هذا السحر‬
‫وإهعاد هذا الظالم وقشع السحاب الذي غشى ملى اإلنسان‪ ،‬فحجب من نور‬
‫العلم‪ ،‬وأذاع في اخلرافا واألكاذيب‪ ،‬فقام العالمة الطائر الصيت (وليم كروكس) من‬
‫أمظم الكيماويني والطبيعيني املكذهني هبذه األناطري‪ ،‬والعالمة الفرد (رونل واالس)‬
‫قرين داروين الشهري واملسامد ل يف أممال فقال شري دمحم‪ :‬قرين داروين! فقلت‪ :‬نعم‬
‫قرين داروين فقال أف للمقلدين‪ ،‬كيف يصبح واألس قرين داروين مؤمناً ابلبعث‬
‫وهؤالء الذين يدمون أهنم قرأوا مذهب داروين ينسبون كفرهم إلي ‪ .‬إال تعس اجلاهلون‬
‫الذين ال يعقلون مث قلت‪ :‬ومنهم العالمة ( أوجست) دي مرجان رئيس مجعية‬
‫الرايضيا يف لودره وكامت أنرار اجملمع العلمي الفلكي‪ .‬مث السري (فاريل) خمرتع آلة‬
‫املستودع الكهراابئي‪.‬‬
‫واجملمع العلمي املنطقي الذي أتنس يف لودره ننة ‪ 4919‬قرر يف جلست املنعقدة‬
‫يف ‪ 1‬كانون ننة ‪ 4917‬وجوب إقامة جلنة لنظر يف احلادث الروحاين‪ ،‬والوقوف ملى‬
‫صحة األمر ودرنت ‪49‬شهراً متوالية‪ ،‬ولقد دهشت األمة اإلجنليزية ملا هلغها قرار‬
‫اللجنة هصحة احلادث‪ ،‬ولقد ألف واالس اآلنف الذكر اته الذي مساه (مجائب‬
‫الروحانية احلديثة) ومن العلماء الذين كانوا من أشد املعاندين الدكتور (جورج‬
‫ناكستون)‪ ،‬اخلطيب املصقع‪ ،‬الذي هعد أن ماهبا أخذ يدرنها ‪ 41‬ننة‪ ،‬وقال لقد‬
‫أيقنت ابلروحانية وحادثت أقاريب وأصدقائي املتوفني‪ ،‬وكذا الدكتور (شامربس)‬
‫والدكتور (هوغسون) والعالمة (مريس) وهناك مجعية املباحث النفسية وهلا جملة تسمى‬
‫(أشباح األحياء)‪.‬‬
‫ولقد حصل يف فرنسا مثل ما كان يف أمريكا واجنلرتا‪ ،‬فقد قام ابألمر منهم البارون‬
‫(جيلدنستوي )‪ ،‬وألف كتاابً مساه (حقيقة وجود األرواح)‪ ،‬وظهر يف ننة ‪ 4919‬أي‬
‫هعد احلادث األمريكي هنحو ‪ 44‬ننة وأجيسيت فاكريي الف كتاابً مساه (شتا‬
‫التاريخ) ملى ذكر االمتحاان الروحانية وكذلك (فكتور هوجو) شامر الفرنسويني‪،‬‬
‫غذ قال إن من أمرض من احلادث الروحي فقد أمرض من احلقيقة‪ ،‬وكذا املؤرخ‬
‫(أوجني هوشري) والعالمة فالماريون الفكي الطائر الصيت‪ ،‬والعامل موريس الشائر‬
‫مؤلف القاموس الذي ابمس ‪ ،‬والدكتور جيبي الطبيب الشهري‪.‬‬
‫مث فشت الروحانية يف أملانيا ورونيا وايطاليا والبلجيك وأنبانيا والبورتوغال‬
‫وهوالنده وأنوج ونروج‪ ،‬هذا ملخص ما جاء يف كتاب املذهب الروحاين الذي هو‬
‫خري اتب ألف ابلغرهية لعلم األرواح يف هذا الزمان‪ .‬قد أهنت لك كيف كان انتشار‬
‫هذا احلادث يف النصف الثاين من القرن املاضي‪.‬‬
‫فلما مسع شري دمحم ذلك قال‪ :‬من األورهيني واألمريكيني يريدون أن جيعلوا العلم‬
‫وقفاً مليهم‪ .‬إن الروحانية أثر مام وإذا كان ذلك مغروناً يف فكرة الناس فأرجو أن‬
‫أمرف هل كانت األمم اليت قبلهم تعرف هعض هذه العجائب فقلت نعم‪ :‬جاء يف‬
‫الكتاب املذكور ما أييت‪:‬‬
‫(يف األجيال اخلالية)‬
‫لقد أمجع شعوب القدماء ملى امتقاد خلود النفس وإمكان مبادلة العالئق ما هني‬
‫األحياء واألموا ‪ ،‬إمنا الطرق إلقامة هذه العالئق كانت جمهولة مند مامة الشعب ومل‬
‫يكن يتعاطاها غال الكهنة فقط هغية أن ميتصوا أموال العباد ويتجلوا هلم مبرأى‬
‫والقدانة مومهني اهنم قد خص هبم وحدهم انتطالع أنرار املو ومعرفة أحوال‬
‫النفس هعد مبارحتها هذه احلياة‪.‬‬
‫وتدلنا تواريخ أقدم الشعوب ملى وجود أانس تعاطوا يف كل مصر انتحضار‬
‫األرواح‪ ،‬وإليك ما كتب مانو املشرع اهلندي يف أحد أنفار "الفيدا" وهو أقدم كتاب‬
‫ديين أتصل إلينا قال‪ :‬إن ارواح األنالف يرافقون هبيئة غري منظورة هعضاً من الربامهة‬
‫املدموين (ملى هعض احلفال املتعلقة هتذكار املوتى) ويتبعوهنم حتت شكل هوائي‬
‫ويتكئون قريباً منهم مندما جيلسون ا هـ‪.‬‬
‫وكتب مؤلف آخر هندي ما نص ‪ :‬إن األنفس اليت دأهبا ممل اخلري والصالح‬
‫كاألنفس املقيمة يف أجساد الرهبان واحلبساء‪ .‬فهذه قبل أن تتجرد من جسمها الفاين‬
‫هزمان حتظي ابلقدرة ملى مناجاة األنفس اليت نبقتها ملى "السوراجا" وهذا دليل‬
‫ملى قرب اهتعادها من العامل األدىن ا هـ‪.‬‬
‫وكان كهنة اهلنود ميرنون هعضاً من العباد املتسولني ملى انتحضار األرواح وملى‬
‫حوادث غريبة منوطة ابملغنطيسية احليوانية ومل يكن يعطى نر انتحضار انفس‬
‫األموا إال ملن قضى أرهعني ننة يف التجرهة والطامة العمياء‪ .‬واملتمرنون كانوا ملى‬
‫طبقا ثالث‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬هم الربامهة ووظيفتهم االمتناء ابلطقوس اخلارجية وخدمة هياكل األصنام‬
‫ومجع تقدما الشعب وإرشاده وتعلمي ‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬هم املقسمون والعرافون واملتنبئون ومستحضرو األوراح ووظيفتهم اإليهام‬
‫ملى مقول الشعوب حبوادث خارقة ينشئوهنا يف حصول هعض املشاكل العامة‪ ،‬وكانوا‬
‫يقرءون ويفسرون كتاب "اإلطار فافيدا" وهو جمموع تعاهزمي نحرية‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬هم الربامهة املتقدمون املعتزلون من الشعب وكان اشتغاهلم الوحيد يف درس‬
‫قوى الكون والعلل الطبيعية ومل يكوان يظهرون خارجاً إال ما ندر وهبيئة خميفة‪.‬‬
‫أما الصينيون فقد ألفوا منذ أمد غري معروف صناع انتنباء األرواح وقد شهد‬
‫املرنلون اختبارا شىت من هذا القبيل‪ ،‬وما هزال الشعب الصيين ملى اختالف‬
‫طبقات يتعاطى هذه الصنامة حىت يومنا هذا‪.‬‬
‫ومع تعادي الزمن وملى أثر احلروب اليت أنفر من جالء قسم من الشعب‬
‫اهلندي من الوطن انتشر نر انتحضار األرواح يف مموم آنيا وانتقلت التقاليد‬
‫اهلندية ملى املصريني مث ملى العربانيني‪.‬‬
‫وقد أمجع املؤرخون ملى أن كهنة املصريني كانوا أيتون أمماالً نرية خارقة للطبيعة‬
‫مها تلك املعجزا اليت روهتا التوراة من نحرة فرمون‪ ،‬فإن جردان هذه الوقائع مما‬
‫شاهبا من األحاديث اخلرافية مل يسعنا مع هذا أن ننكر ملى هؤالء الكهنة معرفة‬
‫انتحضار األرواح مبا أن متليذهم مونى قد هنى العربانيني من ممارنتها هقول ‪ :‬يف‬
‫نفر تثنية االشرتاع‪ :‬ال يستعملن أحد منكم السحر والرقاء وال يستحضرون األموا‬
‫النتطالع احلقيقة‪.‬‬
‫ومل يعبأ شاول امللك هبذا النهي هل قصد مرافة مني دور وطلب إليها أن‬
‫تستحضر ل روح صموائيل فحضر وانتطلع من نتائج احلرب كما روى ذلك‬
‫الكتاب‪ .‬وإن كثرياً من اليهود كانوا يتناقلون تعليماً نرايً يدمى "القبالة" موضوم‬
‫مناجاة األرواح‪ ،‬ومل يكونوا يقبلون يف شركتهم إال من قيد نفس ابإلميان ملى األمانة‬
‫وحفظ السر‪ ،‬وإليك ما جاء ي التلمود هبذا املعىن‪ :‬كل من تعلم هذا السر (انتنباء‬
‫األرواح) وحرص ملى كتمان يف قلب نفي‪ .‬حيظى مبحبة هللا ومودة البشر ويكون امس‬
‫مبجال وملم ال يشوه النسيان ويكون وريثاً للعاملني أي احلاضر والعتيد ا هـ‪.‬‬
‫أما اليواننيون فامتقادهم انتحضار األرواح كان ماماً وهياكلهم كانت حاوية‬
‫هعضاً من النساء العرفا يناط هبن أمر انتشارة املالئكة‪ .‬إمنا املستشري كان يقصد‬
‫أحياانً أن يرى هعين الروح املتجلي ويكلم شفاهاً وكثرياً ما كان ينال هغيت كما مت‬
‫لشاول امللك‪.‬‬
‫إن هومريس الشامر وصف يف شعره كيف انتطاع موليس امللك أن خياطب روح‬
‫تريهزايس العراف‪ .‬وأهولينوس الفيلسوف البيتاغوري الشهري وصانع العجائب كان ماهراً‬
‫يف العلوم الغامضة وروى من املؤرخون أمماالً مجيبة وكان يعتقد ويعلم وجود األرواح‬
‫وإمكان مناجاهتا‪.‬‬
‫وكان الرومانيون مولعني ايضاً هبذه املمارنا والشعب يعتقد امتقاداً أممى‬
‫هصحة األوحية‪ ،‬وقط مل يكن يقدم قوادهم ملى حرب أو أمر ذي ابل قبل أن‬
‫يستشريوا العرافا املوكول إليهن أمر انتحضار األرواح وانتطالع أنرار الغيب‪.‬‬
‫وحدث يف ايطاليا ما كان قد حدث يف اهلند ومصر واليهودية أي أن نر انتنباء‬
‫األرواح هعد أن كان حمفوظاً للكهنة انتشر شيئاً فشيئاً هني الشعب وإليك ما كتب‬
‫ترتولينوس يف هذا الصدد ومن كالم يستدل ملى أن ارومانيني يف مصر يف مصره‬
‫كانوا يستعملون الطرائق ذاهتا املستعملة اليوم النتحضار األرواح قال‪ :‬إن كان‬
‫للسحرة قوة ملى إظهار األشباح وانتحضار أنفس األموا وانتخراج األوحية من‬
‫فم األطفال‪ ،‬وإن كان هؤالء املشعبذون يزورون هعضاً من العجائب فكان األحرى‬
‫هبذه األرواح القديرة أن تعمل فنفسها ما تعلم خلدمة الغري ا هـ‪.‬‬
‫وروى أيضاً أميان مارنللينوس من ابر يسيوس وايالريوس كيف أحضرا ملى‬
‫احملكمة الرومانية لدامي السحر وأقرا أبهنما صنعا من خشب الغاهز مائدة صغرية‬
‫ووضعا مليها صينية مستديرة الشكل مركبة من مجلة معادن وملى دائها منقوشة‬
‫أحرف اهلجاء‪ ،‬وغن رجالً مرتدايً هثوب من كتان هعد انتنجاده إل السحر كان‬
‫ميسك هيده فوق الصينية خامتاً من البوص الدقيق مكرناً هطرائق نرية‪ ،‬وحينئذ كان‬
‫اخلامت يفقز من ذات ملى مجلة أحرف مركباً منها شعراً يف منتهى الدقة هبا جييب ملى‬
‫األنئلة املوضومة‪ ،‬وأضاف ايالريوس قائالً‪ :‬ونئل يوماً اخلامت ممن نيخلف القيصر‬
‫احلايل فقفز اخلامت ملى أحرف "تيو" ومل نسأل تتمة الكلمة لتأكدان أهناتيودورس قال‬
‫مرنلينوس إن احلوادث كذهت فيما هعد السحرة ومل تكذب النبوة ألن تيودونيوس‬
‫ارتقى العرش التيودورس اهـ‪.‬‬
‫ملى أن النهي من انتحضار األموا كان شامالً األجيال اخلالية والسلطة املدنية‬
‫املرتبطة وقتئذ أشد االرتباط ابلسلطة الدينية كانت تعاقب أشد العقاب كل من تعدى‬
‫األمر‪ ،‬وهذا كل دفعاً للقالقل اليت حتصل من حضور األموا إلظهار احلقائق‬
‫وتكذيب هعض تعاليم الكهنة‪ .‬هلذا أما النصارنية يف األمصر املتونطة ابلسيف‬
‫والنار ألوفاً من األهرايء املساكني هدموى أهنم نحرة ومستحضرو أموا ‪.‬‬
‫وإذا تتبعنا هعضاً من احلوادث التارخيية كحادثة دان دارك اليت إبصغائها لصو‬
‫أحد األرواح قهر جيوش اإلجنليز وطردهتا من أراضي فرنسا مث حادثة مسكوين‬
‫لودون ومرجتلي نيفني ونان ميدار وغريها من احلوادث فإننا نثبت أن صال‬
‫األحياء مع األموا قد متت يف كل مصر رغماً من مقاومة السلطتني الدينية واملدنية‬
‫هلا‪.‬‬
‫فلما مسع ذلك شري دمحم قال‪ :‬يظهر يل أن األمم اإلنالمية هعد ظهور هذا‬
‫الكتاب وانتشاره كما هو احلاصل فعالً نيكونون كثريي انتحضار األرواح وإن نقلك‬
‫هذا القول يغريهم وحيبهم فيها وجيعلهم مغرمني هبا ألن من أولع هقراءة كتاب‬
‫يستحسن ما انتحسن مؤلف وأغلب النوع اإلنساين مقلدون فقلت لقد انتعجلت‬
‫وكان األحرى أن تصرب حىت تقرأ ما أييت حتت فصل يف آداب من حيضرون األرواح‬
‫فهناك جتد القول الفصل ملى أين أقول لك هنا‪.‬‬
‫املم إن هللا مز وجل ال مينع منا أمراً إال ملصلحتنا وإذا كان موتنا وتركنا هذه‬
‫احل ياة لنفس مصلحتنا كما يرتك التلميذ اللوح والكتب هعد متام الدرانة وخيرج للحياة‬
‫العامة فهكذا يكون منع مقاهلة األرواح ومعرفة الغيب منا وانتشارهتا إال يف أحوال‬
‫خاصة‪.‬‬
‫يعلم هللا قبل أن خيلق العامل أن رقينا موقوف ملى جدان وحده فأما اتكالنا ملى‬
‫غريان فذلك إضعاف هل ممنا‪ .‬إن املعلم الذي حيمل من تلميذه كل مناء رجل جيهل‬
‫طرق التعليم اللهم لك احلمد ملى أن خلقتنا يف هزمان في نستطيع أن نظهر احلقيقة‬
‫جلية واضحة‪.‬‬
‫فنقول ليست كثرة اخلريا من املال والولد دليالً ملى السعادة هل كثرياً ما تكون‬
‫ابابً للشقاء والذلة واألنى واحلزن‪.‬‬
‫إن ما يفعل اهلنود من مترين هؤالء املتسولني ملى انتحضار األرواح وملى هعض‬
‫احلوادث الغريبة كما تقدم كل ذلك إضعاف لإلنسانية‪ .‬وهكذا هقاؤهم حتت الطامة‬
‫العمياء ‪ 18‬ننة وهعد ذلك يعطوهنم السر كل ذلك رجوع ابإلنسانية القهقري فما‬
‫هو هذا السر؟ هو حمادثة األرواح وما هي فائدة حمادثة األرواح؟ فائدهتا طهور هعض‬
‫احلوادث األرضية؟ مث ما فائدهتا ألهل األرض؟ فائدهتا أن العامة جيمعون املال‬
‫ويقدمون هدااي هلؤالء املتسولني هذا هو أول األمر وآخره مث ما نتيجة هذا؟ نتيجت أن‬
‫يكون يف األمة ماطلون وهناك يثقل احلمل ملى العاملني وهنالك يدخل الفاحتون‪.‬‬
‫وهذا هو احلاصل يف اهلند قدمياً وحديثاً لوال أن غاندي أيقظهم هعض اإليقاظ‪،‬‬
‫ومثل ما حيصل يف اهلند حيصل يف هالد اإلنالم‪.‬‬
‫فهؤالء املسلمون مندهم ما مند أهل اهلند هل هم اتبعوهم حذو القذة ابلقذة‬
‫جهالة وشعوذة لكثرة الكتب اليت فيها الدجل والبهتان والتبس احلق ابلباطل والناس‬
‫ال يشرمون‪.‬‬
‫فقال املسلمون املسلمون فقلت آي وريب إن حلق مثل ما أنكم تنطقون فقال‬
‫حدثين اي نيدي فقد شاقين قولك فقلت‪.‬‬
‫جاء يف كتاب اتريخ الزيين دجالن ما نص ‪:‬‬
‫إن دمحم هن تومر املقلب ابملهدي ملا فصل من مند نلطان مراكش الذي مفا‬
‫من ومل يسمع ما قال وهزيره مالك هن وهيب أن هومظ وهزهده وتشدده إمنا يقصد‬
‫امللك‪ ،‬توج هو ورجال إىل امما مث ذهبوا إىل جبل تينمل وكان جبالً مظيماً في‬
‫كثري من القبائل وكثري من الزروع والفواك واتصلوا ابلسوس وذلك ننة أرهع مشرة‬
‫ومخسمائة واجتمع مل خلق كثري ةتسامع ه أهل تلك النواحي ومل يعظهم ويذكرهم‬
‫أبايم ال ويذكر هلم شرائع اإلنالم وما غري منها وما حدث من الظلم والفساد وإن ال‬
‫جيب طامة دولة من هذه الدول التبامهم الباطل هل الواجب قتاهلم ومنعهم مما هم‬
‫في ‪ ،‬فتاهع قبائل كثرية ومسى أتبام املوحدين وأمملهم أن النيب هشر ابملهدي الذي‬
‫ميأل األرض مدالً وإن مان الذي خيرج من املغرب األقصى فقام غلي مشرة رجال‬
‫أحدهم مبد املؤمن فقالوا ال يوجد هذا إال فيك فأنت املهدي فبايعوه ملى ذلك‬
‫فانتهى خربه إىل أمري املسلمني فجهز جيشاً ونريه إلي مع هعض أصحاه وومد‬
‫املهدي أصحاه ابلنصر فلقوا جيش أمري املسلمني فهزموهم وأخذوا أنالهبم وقوى‬
‫ظنهم يف صدق املهدي وأقبلت غلي أفواج القبائل من احللل اليت حول شرقاً وغرابً‬
‫وابيعوه وألف هلم كتاابً يف التوحيد مساه املرشد وكتاابً يف العقيدة وهنج هلم طريق‬
‫األدب هعضهم مع هعض واالقتصار ملى القصري من الثياب القليل الثمن ويزهدهم يف‬
‫الدنيا وكان قوت كل يوم هرغيف وقليل من هزيت أو مسن وكان حيرضهم ملى قتال‬
‫مدوهم وإخراج األشرار من هينهم وكان يستميل األحداث ودوي الغرة ابلراء هعد‬
‫الغني املعجمية وكان ذووا احللم والعقل من أهاليهم ينهوهنم من وحيذروهنم من إتبام‬
‫وخيوفوهنم من نطوة امللك فلما ملم هذلك خشي أن يفسدوا ملي من اتبع ويسلموه‬
‫للملك فصار يسأل ويتجسس من هؤالء الذين مينعون أوالدهم ومشائرهم من أتبام‬
‫ويكتب أمساءهم يف جريدة منده ومل يطلع ملى ذلك أحداً غال مبد هللا الونشريسي‬
‫األهكم الذي خيدم لريتب األمر مع ‪ ،‬وقد تقدم أن أمر أن يكتم ما منده من العلم‬
‫ويظهر البل والبكم فقال ل يف هذا الوقت هذا وقت إظهار ما منده وأمره أن يفعل‬
‫ما ننذكره فخرج املهدي يوماً لصالة الصبح فرأى يف جانب حمراه إنساانً حسن‬
‫الثياب طيب الرائحة فأظهر أن ال يعرف وقال من هذا فقال أان الونشريسي فقال‬
‫املهدي ما قص تك فقد كنت أهكم ال تتكلم فقال أاتين الليلة ملك من السماء فغسل‬
‫قليب وملمين هللا القرآن واملوطأ وغريه من العلوم واألحاديث فبكى املهدي حبضرة‬
‫الناس قم قال حنن منتحنك فقال افعل واهتدا يقرأ القرآن قراءة حسنة من أي موضع‬
‫نئل وكذلك املوطأ وغريه من كتب الفق واألصول وهقية العلوم فعجب الناس من‬
‫ذلك ومستعظموه مث قال هلم من هللا أمطاين نور أمرف ه أهل اجلنة من أهل النار‬
‫وأمركم أن تقتلوا أهل النار وتركوا أهل اجلنة‪ ،‬وقد أنزل هللا مالئكة إىل البئر اليت يف‬
‫موضع كذا يشهدون هصدقي وكان قد وضع يف البئر رجاالً ثالثلة يشهدون هصدق‬
‫فسار املهدي والناس مع وهم يبكون إىل البئر وصلى املهدي مند رأنها ركعتني وقال‬
‫اي مالئكة هللا إن مبد هللا الونشريسي قد هزمم كيت وكيت فقال من يف البئر صدق‬
‫فلما قيل ذلك من البئر قال املهدي إن هذه البئر مطهرة مقدنة قد نزل غليها‬
‫املالئكة فاملصلحة من تطم لئال يقع فيها جنانة أو ما ال جيوهز وقال ذلك لئال يظهر‬
‫الرجال منها فيفشون السر فيفسد األمر الذي دهره فألقوا فيها من احلجارة والرتاب ما‬
‫طمها وأهلك من فيها من الرجال مث اندى أهل اجلبل ابحلضور ملى ذلك املوضع‬
‫فحضروا ليتميز أهل اجلنة من أهل النار فكان الونشريسي هعمد إىل الرجل الذين مرف‬
‫املهدي ه أن خياف ماقبت وكتب يف اجلريدة اليت أطلع مليها فيقول هذا من أهل‬
‫النار فيقتل وإىل الشاب الغرو من ال خياف من فيقول من أهل اجلنة فيرتك ملى ميين‬
‫ومل يزل جيمعهم يف أايم مرة هعد أخرى ويفعل ذلك وتتبع كل من خيشى من فقتل قال‬
‫اهن األثري يف الكامل فكان مدة من قتلهم نبعني ألفاً وصار الباقون مع ملى نيا‬
‫صادقة وقلوب متفقة ملى طامت ‪.‬‬
‫فلما مسع شري دمحم ذلك قال اي مجبا إن هذا الرجل دام ملك هعد موت وانتمر‬
‫حنو قرن ونصف فقلت ولكن قد كان أخرب أن يبقى إىل آخر الزمان فقال ومل هقي‬
‫هذه املدة فقلت ألن وإن هين ملى غري احلقيقة فإن اشتمل ملى العبادة وصار أتبام‬
‫قائمني ابلدين فهذا هو السبب ولعل ملا غدر ابملقتولني وهم ‪ 98‬ألفاً وابلثالثة الذين‬
‫يف البشر قرر يف نفس إن هذا ابطل مقدمة للحق يف نظره وحنن نقرر أن هذه أمة قد‬
‫خلت وغلينا أن نرقي املسلمني ابلتعليم أما أمثال هذا فهو ابطل فإن رجوع إىل‬
‫شعبذة اهلنود فيما تقدم قريباً من إظهار الغرائب لالنتحواذ ملى قلوب الرماع‬
‫واجلهالء‪ .‬اللهم إن نوع اإلنسان أمره يضحك الثكلى فقال شري دمحم‪ :‬فهل يف األمم‬
‫اإلنالمية أمثال اهن تومر فقلت نعم إن تلك العصور كانت مظلمة مملوءة هبذه‬
‫األوهام قال فزدين ملماً فإين ملى ذلك وامق أحدثك قصتني أنقلهما من كتايب‬
‫اجلواهر يف تفسري القرآن يف نورة الشعراء مند آية السحر‪.‬‬
‫القصة األوىل يف كشف أسرار من ادعى النبوة‪:‬‬
‫قد كان ظهر يف آخر خالفة السفاح أبصفهان رجل يعرف إبنحق األخرس‬
‫فادمى النبوة وتبع خلق كثيب وملك البصرة وممان وفرض ملى الناس فرائض وفسر‬
‫هلم القرآن ملى ما أراد مث قتل‪ ،‬وكان حديث أن نشأ ابملغرب فتلعم القرآن مث تال‬
‫اإلجنيل والتوراة والزهور ومجيع الكتب املنزلة مث قرا الشرائع مث حل الرموهز واألقالم ومل‬
‫يرتك ملماً حىت أتقن مث ادمى أن أخرس ونافر فنزل أبصفهان وخدم قيماً يف مدرنة‬
‫وأقام هبا مشر ننسن ومرف مجيع أهلها وكرباءها‪ .‬مث هعد ذلك أراد الدموة فعمل ل‬
‫أدهاانً ودهن هبا وجهة حىت ال ميكن ألحد النظر إلي من شة األنوار مث انم يف‬
‫املدرنة وأغلق ملي األهواب فلما انم الناس وهدأ احلواس قام هدهن وده من ذلك‬
‫الدهن مث أوقد مشعتني مصبوغتني هلما أنوار تفوق السرج‪ ،‬مث صرخ صرخة أهزمج الناس‬
‫مث اتبعها اثنية واثلثة مث انتصب يف احملراب يصلي ويقرا القرآن هصو أطيب ما يكون‬
‫وهنغمة أرق من النسيم فلما مسع الفقهاء تواثبوا وأشرفوا ملي وهو ملى تلك احلالة‬
‫فحار أفكارهم من ذلك مث املموا املدرس هذلك فأشر ملي وهو ملى تلك احلال‬
‫فلما رآه خر مغشياً مل فلما أفاق ممد إىل ابب املدرنة ليفتح فلم يقدر ملى ذلك‬
‫فخرج من املدرنة وتبع الفقهاء حىت انتهى إىل دار القاضي واألخبار قد شامت يف‬
‫املدينة‪ ،‬فأخرب القاضي هذلك فخرج القاضي واتصل اخلرب ابلوهزير واجتمع الناس ملى‬
‫ابب املدرنة وهو قد فتح االقفال وترك األهواب غري مفتحة‪ ،‬فلما صار القاضي‬
‫والوهزير وكرباء البلد إىل الباب أطلع ملي الفقهاء وقالوا ل ابلذي أمطاك هذه الدرجة‬
‫افتح لنا الباب فأشار هيده إىل األهواب وقال تفتحي أيتها األقفال فسمعوا وقع‬
‫األقفال إىل األرض فدخل الناس إلي ونأل القاضي من ذلك فقال إن منذ أرهعني‬
‫يوماً رأى يف املكان أثر دليل واطلع ملى أنرار اخللق ورآها مياانً‪.‬‬
‫فلما كان يف هذه الليلة أاتين ملكان فأيقظاين ومسالين مث نلما ملي ابلنبوة فقاال‬
‫السالم مليك اي نيب هللا فخفت من ذلك وطلبت أن أرد مليهم فلم أطق وجعلت‬
‫أمتلمل لرد اجلواب فلم أقدر ملى ذلك فقال أحدمها افتح فاك هسم هللا األهزيل ففتحت‬
‫فمي وأان أقول يف قليب هسم هللا األهزيل فجعل يف فمي شيء أهيض ال أملم ما هو أهرد‬
‫من الثلج وأحلى من الشهد وأذكى من املسك فلما حصل يف امعائي نطق لساين‬
‫فكان أول ما قلت أشهد أن ال إل إال هللا وأن دمحماً رنول هللا‪ ،‬فقاال وأنت رنول هللا‬
‫حقاً‪ ،‬فقلت ما هذا الكالم أيها السادة؟ فقاال إن هللا قد هعثك نبياً‪ ،‬فقلت وكيف‬
‫ذلك وهللا تعاىل قد أخرب نيدان دمحم أن خامت النبيني‪ ،‬فقاال صدقت ولكن هللا أراد‬
‫هذلك أن خامت النبيني الذين هم ملى غري ملت وشريعت فقلت إين ال أدمي هذلك وال‬
‫أصدق وال يل معجزا ‪ ،‬فقاال يوقع يف قلوب الناس تقديقك الذي أنطقك هعد أن‬
‫كنت أخرس منذ خلقت‪ ،‬وأما املعجزا اليت أمطاك هللا مز وجل فهي معرفة كتب‬
‫املنزلة ملى أنبيائ ومعرفة شرائع ومعرفة األلسن واألقالم‪ ،‬مث قال اقرأ القرآن فقرأت كما‬
‫أنزل‪ ،‬مث قاال اقرأ اإلجنيل فقرأت ‪ ،‬مث قاال اقرأ التوراة والزهور والصحف فقرأ اجلميع‬
‫كما أنزل‪ ،‬مث قاال قم فأنذر الناس‪ ،‬مث انصرفا مين وقمت أان أصلي وهذا آخر خربي‬
‫فمن آمن ابهلل ومبحمد مث يب فقد فاهز ومن كذب فقد مطل شريعة دمحم وهو كافر‬
‫والسالم‪ .‬فعند ذلك مسع ل خلق كثري وانتقام أمره وملك البصرة وممان وغريمها‬
‫وانتفحل أمره ومل يزل كذلك حىت قبل ول شيعة هعمان إىل يومنا هذا‪ 4‬قبحهم هللا‬
‫تعاىل‪.‬‬

‫‪ 4‬ذلك كان ىف أايم املؤلف منذ قرون‪.‬‬


‫القصة الثانية‪:‬‬
‫ظهر يف ننة تسعني ومخسماشة صاحب من اإلمساميلية يقال ل (ننان) ونزل‬
‫(مبسياط) وحكم فيها وفيما هلا من القالع وكان خبرياً ابحليل والنواميس األفالطونية‬
‫ومسع ه أهل تلك اجلبال وأطاموه طامة ال حد هلا حىت أن كان يقول أريد السامة‬
‫مشرة من الرجال تصعد ملى السور ويرمون أرواحهم فيسارمون إىل تلف أرواحهم‬
‫وهذا رابط ال يقدر ملي أحد وكان يعمل هلم مثل هذه احليل كثرياً وهذا مشهور من‬
‫ننان وهي صفة ممل أهل النار ومن مجلة حيل أن كان حفر يف جملس املصطبة اليت‬
‫جيلس ملها حفرية مبقدار ما إذا جلس اإلنسان فيها جاء ملى رقبت مث حسنها‬
‫وهلطها وممل هلا غطاء من اخلشب الرقيق مقوراً ملى مقدار ما يسع رقبة الرجل مث‬
‫أخذ طبق حناس وقوره يف ونط مث جعل مصرامني ومل يطلع ملي أحد فكان إذا أراد‬
‫يفعل ذلك أخذ من خيتاره من أصحاه هعد أن يهب األموال العظيمة مث يوصي مبا‬
‫قول وينزل يف احلفرة ويغطي ملي وخيرج رأن من القوارة مث أيخذ الطبق املقور فيجعل‬
‫يف رقبت مث يسقط ملي السواقط فال يظهر من شيء إال رأن مث جيعل يف طبق شيئاً‬
‫من الدم مث يشيع أن قد ضرب رقبت ‪ ،‬مث يدمو أصحاه إلي فإذا حضروا أمرهم‬
‫ابجللوس فإذا جلسوا وانتقر هبم اجللوس قال ململوك اكشف هذا الطبق فيكشف‬
‫فيجدون في راس صاحبهم فيقول ل حدث أصحاهك مبا ماينت ما قيل لك‬
‫فيحدثهم مبا أوصاه فتذهل مقوهلم من ذلك‪ ،‬مث يقول يف آخر الكالم أيهما أحب‬
‫إليك الرجوع إىل أهلك وإىل ما كنت في من الدنيا أو السكىن يف اجلنة فيقول وما‬
‫حاجيت ابلرجوع إىل الدنيا وهللا إن خردلة مما أمد يل يف اجلنة ما أهيعها مبثل هذه‬
‫الدنيا نبع مرا فانتبهوا اي أصحايب وأنتم مليكم نالمي وأرجو أن تكونوا يف جواري‬
‫ي اجلنة‪ ،‬فاهلل هللا واحلذر من خمالفة هذا الصاحب الذي هو خليفة اإلمام وهو‬
‫احلاكم يف املوقف كما قال يل اخلالق جلت قدرت والسالم‪ ،‬فإذا مسعوا ذلك صدقوا مث‬
‫ينصرفون فإذا انصرفوا من أطلع من احلجرة وحجب إىل الليل فيضرب رقبت ويدفن ‪.‬‬
‫فهذا اخلبيث قد انتعبد أهل تلك اجلبال مدة حيات وإيل يومنا هذا الرابط ابق هزمان‬
‫املؤلف منذ قرون‪.‬‬
‫فقال أهلغ األمر أبمتنا اإلنالمية إىل هذا احلد فواحد يضع الرجال يف البئر‬
‫ويصدقون ما يقول تدجيالً مث يقتلهم وآخر يزمم أن النيب ملم وهو كاذب وهبذه‬
‫احليلة يقتل نبعني ألفاً وآخر خيىبء الرجل وخيرب ابلغيب مث يقتل أليس هذا كل غدراً‪،‬‬
‫فقلت هلى ولكن املمالك اليت تبين ملى الباطل ال هقاء هلا وهي تعيش ابجلهل‪.‬‬
‫كذلك كان الذين من قبلهم تشاهبت قلوهبم وإمنا ذكرانها هنا ليعلم املسلمون أن‬
‫انتحضار األرواح دخلها الدجل والكذب قدمياً وإن األمم اإلنالمية أصيبت هبذا‬
‫الكذب وكتاهنا وإن كان يف ملم األرواح إثبااتً فإين ملزم أن أهني ما يعتور هذا العلم‬
‫من التلبيس قدمياً وحديثاً لئال يلهينا الغرام إبثبا وجود األرواح هعد املو من إظهار‬
‫التلبيس واخلداع إلذالل هعض النوع اإلنساين وهللا يهدي من يشاء إىل صراط‬
‫مستقيم‪.‬‬
‫فقال شري دمحم هزدان من هذا فإن مجيب فقلت لقد جاء يف كتايب اجلواهر ي‬
‫تفسري القرآن أيضاً ما نص ‪.‬‬

‫خطاب لألمم اإلسالمية‬


‫إن هذه العلوم واجبة وجواب كفائيا‬
‫مـرفـت الـشر ال لـلـشـر‬
‫لـ ـكـ ـن لـتـوقـي ـ‬
‫ومـن ال يـعـرف الـشـر‬
‫مـن الـنـاس يـقـع فـي ـ‬
‫أيها املسلمون هذه صفحة من اتريخ الشعبذة والشعوذة يف األمم اإلنالمية‪.‬‬
‫فالشعوذة أمثال ما ذكرانه هنا من إيهام الناس هوضع اإلهرة يف العني وإخراجها من‬
‫الفم وابلعكس وهي ترجع خلفة اليد والشعبذة ترجع للعلوم الطبيعية مثل مسألة البيضة‬
‫اليت تطري خباصية صريورة املاء خباراً فيها حبرارة الشمس كما تقدم‪ .‬هذه صفحة من‬
‫اتريخ أولئك الذين اختذوا الدين نلماً للمال وللملك كما ترون يف مسألة الذي أوهم‬
‫الناس أن الرأس هعد قطعها أخرب أبن خمتار من هللا كما رأيتم وهبذه الونائل املضللة‬
‫انتعبدوا األمم اإلنالمية قدمياً وجعلوهم كاألنعام ميتطوهنم هل أهم أضل من األنعام‪.‬‬
‫ملثل هذا نزلت قصة السحرة يف القرآن‪ .‬نزلت قصة السحرة ليذكر هللا املسلمني‬
‫ابلتفكري لئال يضلوا فوهللا ال منجي من هذا إال ابلعلوم واملعارف ليقرا املسلمون مجيع‬
‫العلوم الطبيعية والكيمائية طلباً ملنافعها واحرتاناً ممن يتخذوهنا ذريعة لطمس العقول‬
‫وانتضعاف األمم اإلنالمية‪ .‬إن األمم األورهية قد نبغت يف كل ملم وكل فني وملا‬
‫مرفوا أمثال هذه العجائب اختذوها ذريعة للغلبة يف احلرب فاصطنعوا الغاهزا اخلانقة‬
‫واملميتة لفتح املالك األخرى ومل جيعلوها ونيلة للتدليس ملى أممهم حىت جيعلوهم‬
‫دواب ميتطوهنم كما فعل أولئك الرؤناء املضلون الذين جعلوا أتبامهم غنيمة هلم‬
‫وتركوهم يف غياه العماية واجلهالة فضامت تلك املمالك ومل يبق هلا شرف وال فخار‪.‬‬
‫هذا هو السبب يف احنطاط األمم اإلنالمية اليوم قد خدرها الرؤناء ختديراً دام أثره‬
‫إىل هذه األجيال‪ ،‬ولقد تقدم يف نورة الكهف مند قول تعاىل‪( :‬وما كنت متخذ‬
‫املضلني مضداً) إن حسن هن الصباح منع أتبام من العلم ختديراً لعقوهلم وختذيراً من‬
‫االطالع ملى ما يكن قلب من أصمار تعميم اجلهالة‪ ،‬فهناك ما قال (نديو الفن‬
‫نسي) يف صفحة ‪ 499‬يف الكتاب املرتجم ابلعرهية من قال ما نص ( كان أليب مبد‬
‫هللا آخر رؤناء الكرمانية التصرف املطلق يف املتعصبني ملذهب فنهج هنج رجل يسمى‬
‫حسن هني الصباح انظر مذهب يف نورة الكهف وانظر مذهب أحد خلفائ يف هزماننا‬
‫ابهلند الذي قد مريضة في نشر يف األهرام وذكرهتا يف نورة إهراهيم) نافر كثرياً‬
‫وتبحر يف العلوم ومرف فرق الدين احملمدي وأخذ يف هناية القرن احلادي مشر من‬
‫امليالد يعظ الناس وحيثهم ملى اتباع مذهب جديد يغليب ملى الظن أن قريب من‬
‫(مذهب الكرمانية) فتبع مجوع غفرية ملك هبم مدة قالع وحصون وانتوطن حصن‬
‫املو املشيد ملى هضبة قرب (قزوين) فلقب هشيخ اجلبل وأمن العداوة للنصارى‬
‫ونفس املسلمني ورأى هينهم مبنزلة اإلل الثاين الذي شغل االقتصاص من الظاملني‬
‫للمظلومني ونفذ أوامره فيمن مع فكان إذا أمر هقتل أحد منهم ابدر إبلقاء نفس‬
‫من شا هق جبل ملى أننة الرماح أو طعن هطن خبنجر أو هقتل أحد من غريهم ابدروا‬
‫هقتل ولو وهزيراً أو نلطاانً أو خليفة مبانياً‪ ،‬إن أخرب قوم أن شارب احلشيش يذوق‬
‫مجيع لذا الفردوس فكانوا كالبهائم هسب السكر ابحلشيش مستعدين الرتكاب‬
‫أكرب الكبائر ولذلك مساهم املؤرخون (احلشاشني) ال احلسانني أي القتالني كما هزمم‬
‫الفرجنة‪ .‬كال وإذن هلم ابلنهب فنهبوا وجالوا أبنلحتهم يف الشام حىت هلغوا جبل لبنان‬
‫وهنوا يف الشام أماكن حمصنة وهنبوا مجيع القوافل اليت متر أبرضهم وقطعوا الطرق‬
‫وملكوا يف غرة القرن الثالث مشر من امليالد كثرياً من املناهزل يف العراق والشام‬
‫وحصوانً أخرى قرب دمشق وحلب وتوطنوا من اهتداء ننة أحدى ونتني ومائة وألف‬
‫ميالدية ابلعراق الفارني فبذل (امللك شاه) مزائم يف إمدامهم ومل يبالوا هذلك هل‬
‫يقال إن نظام امللك الذي كان الوهزير األمظم هلذا السلطان قتل أحدهم لشدة تعصب‬
‫وغريت ملى مذهب الديين‪ ،‬وكان هؤالء احلشاشون مع الفاطمية كحزب واحد لشدة‬
‫خماصمتهم وإدمان مشاجرهتم مع أهل السنة ا هـ ابحلرف‪.‬‬
‫الفصل الثاين‬
‫يف آداب حمضري األرواح‬

‫األرواح أبوراب وقد ناقين هذا إىل أن‬‫قال شري دمحم‪ :‬قد فهمت اتريخ مناجاة م‬
‫أمرف كيف أحضر وإذا كانت العلوم الرايضية والطبيعية قد صدقها اجلهال هبا‬
‫لعلمهم إن نلكوا السبل اليت نار مليها املهندنون وملماء احلساب والطبيعة وصلوا‬
‫إىل النتائح اليت وصل إليها أولئك األمالم فحق لنا أن نسأل من الطرق اليت نار‬
‫مليها ملماء األرواح ي أوراب حىت إذا امتوران الشك فيما أخربوان ه مما مل حنط ه‬
‫ملماً نلكنا نبيلهم ليحق احلق ويبطل الباطل مند احملققني فقلت‪ :‬املم اي شري دمحم‬
‫إن الطرق اليت اطلعت مليها يف كتبهم نت ونأوضحها جهد طاقيت وال أخرج من‬
‫دائرة النقل مما يكتبون‪.‬‬
‫الطريقة األوىل‪:‬‬
‫الهد من قراءة الفصل اآليت أوالً يف آداب احملضرين فمىت مملت ه فلتجلس أنت‬
‫وأصحاهك وأل منزلك حول مائدة ذا ثالث أرجل وتضعوا ايديكم مليها غري‬
‫متكئني هقوة وقد المست يد كل واحد منكم يد اآلخر واتصلت هبا مث يدوم ذلك‬
‫وال يزيد ملى رهع نامة فإذا مل تتحرك فليعد إىل العمل يف اليوم الثاين وهكذا كما‬
‫نيأيت يف الصف اآليت ومىت حتركت فلتسألوا الروح احلاضر أن يرنل لكم من تريدون‬
‫من أصدقائكم أو أناتذتكم ومىت حضر فهنا طرق تتفقون مليها مع ألن إما أن‬
‫يقال ل أن اجلواب نعم هضرهة وال هضرهتني وهكذا وإما أن يقال يكون اجلواب هكذا‬
‫األلف ضرهة والباء ضرهتان والتاء ثالثة وهكذا وإما أن تنطق حروف اهلجاء ا ب‬
‫اخل واحلرف الذي تضرب املائدة منده يكتب مث جتمع احلروف فتكون ذا معىن‬
‫وهناك حيصل كثري من التهويش والتخليط مند املبتدئني كما يف الفصل اآليت‪.‬‬
‫الطريقة الثانية‪:‬‬
‫جتلس أنت وأصحاهك أو أهل منزلك وقد وضعتم فنجاالً فوق املائدة مثالً وقد‬
‫كتبتم حروف اهلجاء واضحة جلية حسنة اخلط يف ورقة لطيفة وجعلتم هذه الورقة‬
‫حميطة هبذه املائدة ويكون الفنجال يف ونط املائدة مقلوابً وقد وضعتم أصاهعكم ملى‬
‫قامدت ويدوم ذلك رهع نامة كما تقدم فإن مل يتحرك فليعد العمل الليلة الثانية‬
‫وهكذا أنبوماً أو شهراً إىل نتة شهور كما نيأيت يف الفصل التايل ولتكن أنت‬
‫رئيس القوم ولتفكروا مجيعاً يف روح صاحلة حاضرة يف املكان أو تريدون إحضارها‬
‫ومىت حضر فاطلبوا منها أن تعرف امسها فيتحرك الفنجال واألصاهع موضومة ملي‬
‫هطريق املالمسة هال ضغط ويتج إىل احلروف حرفاً حرفاً فتكتب تلك احلروف وتقرأ‬
‫وتكون مفهومة معقولة وقد حيصل هتويش وخلط مند املبتدئني لتدخل أرواح نفلية‬
‫وإذن تكف حاالً من العمل مث يعاود مرة أخرى وال هد من الصرب والثبا ‪.‬‬
‫الطريقة الثالثة‪:‬‬
‫إن األرواح أنفسها ملا رأ أن يف حتريك املائدة وانتخراج احلروف هطرقها صعوهة‬
‫وضياماً للزمن أشار مبا أييت‪:‬‬
‫وهي أن أتخذ قطعة صغرية من اخلسب مثلثة الزوااي جتعل هلا ثالث قوائم صغرية‬
‫منتهية هدواليب صغرية وترهط إبحدامها قلماً من الرصاص وتضعها ملى صحيفة من‬
‫الورق‪ ،‬فلما فعلوا ذلك ووضع الونيط يده ملى هذه املنضدة الصغرية أخذ القلم‬
‫املائدة تكتب هسرمة هزائدة وحترر‬ ‫يتحرك فحط أحرفاً مث مجالً وهعد ذلك أخذ‬
‫رنائل مطولة‪.‬‬
‫الطريقة الرابعة‪:‬‬
‫إن يضع الونيط يده ملى الورقة وهو ممسك القلم فيستويل مليها الروح وحيركها‬
‫هذات ويسمى هذا كتاهة آلية ألن الكاتب إذ ذاك ال يدري ما ختط يده ولقد جاءهتم‬
‫كتااب ورنائل هلغا خمتلفة ومجائب من التصوير وهدائع من النقش ومن العلوم‬
‫املختلفة‪.‬‬
‫الطريقة اخلامسة‪:‬‬
‫أن توضع الورقة يف ملبة خمتومة ويضع الونيط يده خارج العلبة وملا فعلوا ذلك‬
‫خرجت مشحونة ابلكتاهة والتصاوير اجلميلة‪.‬‬
‫الطريقة السادسة‪:‬‬
‫أن تظهر األشباح واألنوار وصور أيد هشرية نورية ووجوه مستنرية المعة ويدمى‬
‫القوم أهنم ملسوا األشباح أخرياً أبيديهم وال جرم إن هذا ال يكون إال هطريقة التنومي‬
‫املغناطيسي‪.‬‬
‫قال شري دمحم "أأجريت هنفسك هذه الطرق الست أم هذا جمرد نقل قلت " هل‬
‫جمرد نقل" قال "أراك يف هذا أشب مبن يصف للناس ملم الكيمياء القدمي اليت يزمم‬
‫القوم أهنا تكون الذهب فتضر املسلمني هال فادة" فقلت "إن اإلنسان قد يف املزارع‬
‫واألشجار واألهنر ووالبحرا واألرض وهو مل يصنع شيئاً من ذلك" فقا "وهل شاهد‬
‫شيئاً من هذا " قلت "نعم قد شاهد فقد قيض هللا يل من ممل الطريقة األوىل‬
‫والثانية وأان جالس ابلقرب منهم وهم قوم صاحلون" وهذا كان مندي من العجب ألن‬
‫كان أثناء أتليف الكتاب فإهنم طلبوا أانناً منهم روح األنتاذ العزايل فتحرك الفنجال‬
‫إىل احلجروف هبذه العبارة ( مسكني شاب مرف هللا ومل يهم شوقاً ملى مجال ) مث‬
‫نألت مسائل أخرى ال يعلمها احلضور فأتت األجوهة مطاهقة فعجبت أشد العجب"‬
‫فقال شري دمحم "لعل أمصاهبم أتثر مبا يف ذهنك أو مبا مندهم من الصالح فجاء‬
‫العبارة ملى مقتضاه" فقلت "اي شري دمحم هذا هو الذي أريد من الناس أن يبحثوه‬
‫ولست أقطع يف العلم هل هذا يعوهزه مجاما وقوم مندهم انتعداد وما ملى الرنول‬
‫إال البالغ" وهذا كان يف الطبعة األوىل أما يف هذه الطبعة فإن قد مضى ‪ 49‬ننة‬
‫وقد رأيت فيها مجائب نأوضحها فيما هعد إن شاء هللا‪.‬‬
‫أمثلة على ما تقدم‪:‬‬
‫املثال األول‪ :‬وهاك حادثة مدهشة وذلك أن يف ننة ‪ 4999‬ذكر جرائد‬
‫أورواب وأمريكا حاداثً مدهشاً وهو أن املؤلف االجنليزي دينكس ‪ Dichens‬فاجأت‬
‫املنية يف مدينة لندن ‪ 4998‬قبل تتمة روايت األخرية املدموة ‪The Yoystri of‬‬
‫‪ Eduin Brood‬أي أنرار أدوين هرود فأمتها هعد موت ملى يد الونيط األمريكي‬
‫جيمس يف مدينة هونتون وذل أن جيمس كان غالماً صانعاً قليل العلم يقضي‬
‫أايم يف العمل وإتقان حرفت فحضر يف أحدى ليايل تشرين األول ننة ‪4992‬‬
‫جلسة روحانية جتلى فيها روح ديكنس وطلب أن يكون جيمس ونيطاً يتم ه روايت‬
‫فقبل جيمس وصار جيلس يف كل ليلة يف حنو السامة الساهعة وتتحرك يده وهي‬
‫تكتب يف القراطيس أقواالً ال يعلمها ودام ملى ذلك نبعة أشهر أكمل فيها الرواية‬
‫أبلف ومتين قرطاس ولقد شهد رجال الصحافة مموماً ان يستحيل ملى القارىء أن‬
‫مييز هني ما كتب فيكنسن قبل موت وهني ما كتب الونيط جيمس هعد موت أقل‬
‫اختالف ال يف اإلنشاء وال يف اخلط وال يف نسق الرواية حىت أن األغالط اإلمالئية‬
‫اليت كان املؤلف يف حيات يعادها هقيت كما هي ولقد جاء مقاال يف الفلسفة‬
‫والعلوم والفنون والتاريخ واللغا األجنبية كتبتها األرواح ملى أيدي فتيان حديثي‬
‫السن أو فتيا ناذجا ال حيسن القراءة‪.‬‬
‫املثال الثاين‪ :‬قال يف املذهب الروحاين أن األرواح قد أشار إىل وانطة انهل‬
‫من املادة ملخاهرهتم وهي أن ميسك الونيط قلماً ويضعها ملى قرطاس فيحس هعد‬
‫ذلك هيده قد حتركت من نفسها وأخذ ترقم نقطاً وخطوطاً مث أحرفاً يتألف منها‬
‫املقالة الروحانية‪ ،‬وهاك كيفية ما ملك الدكتور نرايكس األملاين الوناطة اخلطية أن‬
‫مزم ملى انتجالء احلوادث الروحانية يف هيت وما هني آل دفعاً لالحتيال‪ ،‬فبعد أن‬
‫أقام تسع مشرة جلسة هدون نتيجة تذكر قال ما ترمجت " يف هذه اجللسة األخرية‬
‫وهي العشرون شعر فجأة وابلتوايل إبحساس غري مألوف من احلرارة والربودة مث تريح‬
‫ابردة مر ملى وجهي ويدي فامرتى ذرامي األيسر نوع من اخلدر ال منانبة هين‬
‫وهني التعب الذي كان يعرتيين يف اجللسة فكانت يدي خملعة ملى نوع القول ال تقوى‬
‫إراديت ملى حتريكها وهعد هنيهة شعر هقوة أجنبية حتركها هسرمة مل أكن أقوى ملى‬
‫تثبيطها‪.‬‬
‫مث أحضر يل امرأيت ورقاً وقلم رصاص ووضعتهما ملى املائدة فوثبت يدي‬
‫اليسرى ملى القلم وأمسكت وهدأ ختط يف الفضاء إشارا ال معىن هلا وهسرمة‬
‫منيفة أجرب جماوري ملى التخلف للوراء‪.‬‬
‫وهعد ذلك انقضت يدي ملى الورق وضرهت هعنف حىت انكسر القلم مث احنطت‬
‫ملى املائدة ومهد ‪ .‬فتأكد أن ليس إلراديت دخل ال يف احلركا اليت أحدثتها‬
‫يدي وال يف حالة الشكينة اليت صار إليها فيما هعد وهعد أن هرى القم من جديد‬
‫ونوضع أمامي امسكت يدي وأخذ تلف أوراقاً مجة مالئة إايها شطواب وتقاطيع إىل‬
‫أن هدأ هنيهة ورأيناها تكتب مترينا خطية يبدأ هبا صبيان املدارس أي خطوطاً‬
‫هسيطة يف األول مث أحرافاً هجائية وكل ذلك هسرمة مجيبة وهعدها هدأ اضطراب‬
‫ذرامي وشعر من جديد هريح ابردة مر ملى يدي فعاد إىل أصلها وتبدد منها‬
‫كل ضرر وتعب‪.‬‬
‫فسرر جداً هبذه اجللسة لتأكدي فيها ظهور قوة ال تعلق هلا إبراديت وال يف‬
‫ونعي مقاومتها‪.‬‬
‫ويف الليلة الثانية قمنا من جديد إىل العمل وما مضت مخس دقائق حىت شعر‬
‫ابريح الباردة واألمراض ذاهتا اليت متت يف اجللسة الساهقة فكانت يدي اليسرى هتتز‬
‫هعنف متزايد وتطرق أحياانً طرف املائدة طرقا شديدة مرتادفة حىت ظننت أهنا قد‬
‫نلخت إال أين مل أر فيها هعد اجللسة أدىن خدش وال امرتاين فيها أقل وجع‪.‬‬
‫مث مترنت وناطيت يف اجللسا التالية وتكاملت هسرمة حىت صار يدي اليسرى‬
‫تكتب مقاال شىت لألرواح ويف إحدى الليايل صوهت نلة من الزهور يف منتهى‬
‫اإلتقان وال حاجة للقول أين ال أنتطيع أن أنتعمل يساري حىت يف األكل فكيف يف‬
‫الكتاهة‪ ،‬وأما التصوير فليس يل إملام أبصول ولو هيدي اليمىن وقد أتكد أتكيداً ال‬
‫ريب في أن القوة اليت كانت تستعني هيساري للكتاهة والتصوير كانت خارجة مين وال‬
‫تعلق هلا إبراديت وكنت يف حال الكتاهة ملى أمت االنتباه ال أشعر من نفسي هغري خدر‬
‫يدي وتسلط غريب ملها مبعزل من اختياري‪.‬‬
‫والدليل ملى ذلك أين ن يف حالة الكتاهة أخاطب رفقائي وأطارحهم احلديث دون‬
‫أن تتوقف يدي من الكتاهة وال أدري ما ختط‪.‬‬
‫وقصد أحد احلضور يف جلسة أن يوقف يدي فوضع مليها يدي وارتفع جسم‬
‫تى وقع كل ثقل مليها فبقيت مع هذا تتحرك للكتاهة هقوة ونظام كأهنا ليس مليها‬
‫شيء وأن ال أحس ابلثقل الواقع مليها‪.‬‬
‫قال يف الكتاب املذكور أحببنا املالحظا اليت نشرها الدكتور نرايكس ألهنا‬
‫حتتوي ملى األمراض اليت تعرتي كل ونيط كاتب يف أول وناطت فضالً مما‬
‫لصاحبها من الشهرة يف العلم والكفاءة واهتدائ إىل الروحانية ابختياره حوادثها يف‬
‫نفس ‪.‬‬
‫املثال الثالث‪ :‬قال يف الكتاب املذكور ‪ :‬قال العالمة وليام كروكس يف الوناطة‬
‫اخلطية‪:‬‬
‫كثرا ما شاهد اآلنسة فوكس ( وهي الونيطة) تكتب مقالة روحانية ألحد‬
‫احلضور يف حني أن مقالة أخرى ويف موضوع آخر كان يتلقنها آخر هوناطة طرقا‬
‫املائدة الواضعة الونيطة يدها مليها ويف الوقت نفس كانت الونيطة تكلم إنساانً‬
‫اثلثاً هكل نهولة وانتباه يف موضوع خمالف للموضومني االخرين"‪.‬‬
‫قال " وال جرم أن الوناطة اخلطية أكمل وأن لطريقة ملناجاة ا"ألرواح ولنيلها‬
‫يبذل املبتدئون جهدهم خصوصاً ألهنم يتمكنون هبا من متييز األرواح وانتجالء‬
‫هواطن أفكارهم وتقدير درجة ارتقائهم؟‬
‫أرواح تكتب بال أقالم‪:‬‬
‫املثال الرابع ‪ :‬قال البارون جيلد نستوي يف كتاه من حقيقة األرواح يف أول شهر‬
‫آب ننة ‪ " 4911‬خطر يل أن أجرب كتاهة األرواح من غري يد الونيط ملا قرأ يف‬
‫كتاب مونى من كتاهة الوصااي العشر يف نفر دانيال من الكلما السرية اليت‬
‫خطتها يد غري منظروة يف وليمة هلتشاصر وما قرأ من أنرار انرتاقور األمريكي يف‬
‫هذا املوضوع فوضعت ورقاً أهيض وقلم رصاص يف ملبة أقفلتها ووضعت املفتاح معى‬
‫وال ملم ألحد مبا فعلت ويف اليوم الثالث مشر من شهر آب ننة ‪ 4911‬رأيت‬
‫حروفاً نرية مكتوهة فدهشت ومجبت أشد العجب وكرر العمل يف ذلك اليوم‬
‫مشر مرا فكلل مسعاي ابلنجاح‪ .‬ويف اليوم الثاين كررت مشرين مرة والعلبة مفتوحة‬
‫أمامي وأرى احلروف والكلما تسطر أمامي هر قلم فصر هعد ذلك أضع الورق‬
‫أمامي ملى املائدة فتسطر املقاال ملي هيد غري منظورة"‪.‬‬
‫هبذا العمل نفس حظى الكونت أورش هرنالة من أم املتوفاة ابخلط واإلمضاء‬
‫نفسها الذي كان هلا يف حياهتا ملى يد البارون املتقدم‪.‬‬
‫وقد جرب مثل هذا العالمة واالس وكذا العالمة أونكون من مجعية العلماء يف‬
‫اكسفورد والعالمة هزولنر األملاين الدكتور جيبي األفرنسي واملعلم أويت كويس األمريكي‬
‫يف مؤلفاهتم هعد احلتياط الشديد لرفع الريبة ونفي الشبهة واإلثبا اليقني‪.‬‬
‫املثال اخلامس‪ :‬روى املشرتع الفقي نارجان كوكس ما تعريب ‪:‬‬
‫"كثرياً ما رأيت غعالاماً ثريفياً وهو ونيط مار من كل ملم وهتذيب جبادل مند‬
‫انتيالء الروح ملي قوماً من الفالنفة يف مسائل املنطق ومعرفة الغيب واإلرادة والقدرة‬
‫وغالباً كان يفحمهم أبجوهت السديدة وأان نفسي ألقيت ملي يوماً هعضاً من‬
‫معضال ملم النفس فحلها يل هرباهني قاطعة ألفاظ يف منتهى الرقة والفصاحة مع‬
‫أن يف حالت الطبيعية ال يدري ما الفلسفة وال جيد ألفاظاً يعرب هبا من أفكاره‬
‫الصغرية"‬
‫املثال السادس‪ :‬روى العالمة واالس يف تكلم من أممال احلاكم أدمون‬
‫األمريكي ما أييت‪:‬‬
‫إن اهنة احلاكم املدموة الورا أصبحت فيما هعد ونيطة متكلمة وصار تنطق‬
‫هلغا أجنبية ال تعرف هي منها شيئاً وكثرياً ما خاطب أصحاب احلاكم مواتهم‬
‫ملى يدها وهلغاهتم اخلصوصية‪ ،‬واتق مرة أن نطقت هعش لغا يف مدة نامة فقط‬
‫منها األنبانية واالفرنسية واليواننية واإليطالية والربتغالية والالتينية واهلندية واالجنليزية‬
‫وغريها من اللغا اليت كان جيهلها احلضور‪.‬‬
‫املثال السابع‪ :‬هو هعض ما تقدم خاص ابلتنومي املغناطيسي وهعضها يتيسر‬
‫جلميع الناس هال تنومي ملى شرط املثاهرة والصرب واالحرتام واإللتجاء إىل هللا مز وجل‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬وهل اطلعت ملى شيء مما يذكره جهل املسلمني اليوم من قوهلم‬
‫إ ن العفريت لبس جثة فالنة أو فالن وأييت شيخ يقرأ و يعزم أحق أم هذا ضالل؟‬
‫أفال ميكن تباين احلقيقة حىت ال يقع الناس يف شباك الكذاهني؟‬
‫فقلت اي شري دمحم إين قاهلت كثرياً م هؤالء فألفيتهم كذاهني غاشي لألمة ولطاملا‬
‫قاهلت متعلماً فاضالً حاهز الشهادا العالية وقد أحسن الظن أبحد هؤالء فإذا قاهلت‬
‫وجدت افرغ من فؤاد أم مونى‪ .‬وإىل اآلن مل انر هواحد من هؤالء وجدير ابألمة أن‬
‫تتيقظ وأتنف من مسايرة هؤالء ال نيما أهنا دخلت ابب العلم والرتقي وقد اطلعت‬
‫ملى نبذة يسرية تنانب هذا من الكتاب املذكور‪.‬‬
‫قال‪ " :‬إن االنتيالء اجلسدي ليس لصاحب قوة كافية لتخلص من مضايقة الروح‬
‫فلهذا يشرتط يف األمر تدخل شخص اثلث يفعل إما هقوة املغناطيسية وإما هسلطة‬
‫إرادت ‪.‬‬
‫هذه السلطة أدهية حمضة فال يقوى ملى طرد الروح إال من كان متغلباً مليها‬
‫ابلفضيلة والكمال ‪..‬إىل أن قال وليس للتقسيم والتعزمي أق فعل يف طرد الروح املضايق‬
‫مث قال إن النقائص األدهية أقوى جاذب لألرواح الشريرة ومن قصد التخلص منها‬
‫فعلي أن يسعى يف ممل اخلري فيجتذب إلي األرواح ومبجرد إرادهتا فقط تكبح‬
‫مجاحها وتطردها إال أن مسامدهتا ال يناهلا إال اجملتهدون يف إصالح أنفسهم السامون‬
‫وراء الكمال والفضيلة‪.‬‬
‫أقول إن هذا القول أقرب إىل الصواب فعلى من يتوىل أمر من يتخبط الشيطان‬
‫من املس أن أيمره ابألممال الصاحلة واإلخالص ( إن مبادي ليس لك مليهم‬
‫نلطان) وإن انتيالء الورح الشية ملى اجلسد املذنب أشب مبا جاء يف جمالسنا‬
‫الساهقة اي شري دمحم إذ قالت الروح العالية فيما ذكرت لك يف اجمللس التانع مث لو مل‬
‫تكونوا انقصني ما وافاكم إال أرواح صاحلة فإذا مكر هكم أحد فال تلوموا إال ذواتكم‪،‬‬
‫وما أنسب هذا لقول تعاىل يف نورة إهراهيم‪ ( :‬وقال الشيطان ملا قضى األمر إن هللا‬
‫ومدكم ومد احلق وومدتكم فأخلفتكم وما كان يل مليكم من نلطان إال أن دموتكم‬
‫فانتجبتم يل فال تلوموين ولوموا أنفسكم ما أن مبصرخكم وما أنتم مبصرخي غين‬
‫كفر مبا أشركتمون من قبل إن الظاملني هلم مذاب أليم) ويف آية أخرى‪( :‬كمثل‬
‫الشيطان غذ قال لإلنسان اكفر فلما كفر قال إين هرىء منك إين أخاف هللا رب‬
‫العاملني) واحلكمة يف ذلك ترويضنا ملى الثبا وصدق العزمية وكان ال مز وجل يريد‬
‫هذلك ترويضنا ملى مصادمة األهوال والثبا يف نائل األحوال‪ ،‬فكل شر جسمي‬
‫أو ونونة مقلية تدمو حثيثاً إىل الصرب والثبا ‪ ،‬فمن صرب وصار ذلك مادة في‬
‫نعد ومن مال مع اهلوى فرضي ابلرتف والنعيم ومل حيتمل املشقا أو أطاع الونونة‬
‫نقط ي اهلاوية وقد تقدم يف اجمللس التانع قول الروح‪ ( :‬إن هللا يسمح هذلك حىت‬
‫تروضوا ملى الصرب والثبا وتتعلموا أن متيزوا اخلبيث من الطيب فإن مل تفعلوا ذلك‬
‫يكون هذا دليالً ملى نقصكم‪.‬‬
‫مطابقات للشريعة اإلسالمية‪:‬‬
‫مث قلت أليس هذا اي شري دمحم من العجب العجاب أو ليس حديث ديكنس‬
‫الساهق هذا يومىء إىل قنول مز وجل {ولو ترى إذ وقفوا ملى النار فقالوا اي ليتنا نرد‬
‫وال نكذب آباي رهنا ونكون من املؤمنني هل هدا هلم ما كانوا خيفون من قبل ولو ردوا‬
‫لعادوا ملا هنو من وإهنم لكاذهون} وقول ‪{ :‬ومرضوا ملى رهك صفاً لقد جئتموان كما‬
‫خلقناكم أول مرة} وقول ‪{ :‬اقرأ كتاهك كفى هنفسك اليوم مليك حسيباً} فقال شري‬
‫دمحم‪ :‬أما حديث ديكنس فهو مجيب إن صح هل هو أمجب ما مسعنا وأما هذه‬
‫اآلاي فال أدري ما موقعها وأي مالقة لعرض جهنم ملى الكفار يوم القيامة وملى‬
‫هللا وقراءة اإلنسان كتاه ملا يف حكاية ديكنس من منط اإلنشاء وخطأ اإلمالء فقلت‪:‬‬
‫املم اي شري دمحم إن هذه اآلاي فيها داللة واضحة إن كل ممل نعمل وامتدانه‬
‫يصبح فينا نجية وغريزة اثهتة فال ينزم منا املو وإن ديكنس مل يقتلع املو من‬
‫خطأ اإلمالء واهقي منده حسن اإلنشاء وال جرم إن كل ذنوه وأممال من اخلري‬
‫والشر هقيت يف نفس حيانب مليها ويعاقب وهاذ قول تعاىل‪{ :‬ولو ردوا لعادوا إىل‬
‫ما هنوا من وإهنم لكاذهون} ألن الغريزة ال تقوم كما مل ميكن إصالح اإلمالء هعد‬
‫املو مند ديكنس وهكذا كل ذرة من اخلري والشر حاضرة مندان ابقية يف نفوننا هي‬
‫هكذا مل تتغري فال يغادر هللا صغرية وال كبرية من أممالنا‪ .‬وال يعزب من مثقال ذرة يف‬
‫األرض وال يف السماء وكفى هنفسنا حسيباً ملينا‪ .‬وإذا قلنا أرجعنا نعمل صاحلاً غري‬
‫الذي كنا نعمل أجاهنا( أو مل نعمركم ما يتذكر في من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما‬
‫للظاملني من نصري)‪.‬‬
‫وكأن يقول ‪ :‬لو رددتكم لعدمت ملا هنيتكم من وأنتم تكذهون كما كنتم تكذهون يف‬
‫الدنيا هنقض مهدي هعض مرض يصبيكم أو فاقة تنتاهكم أنو انهزلة متحقكم فال مهد‬
‫لكم مندي‪.‬‬
‫اي شري دمحم إننا غافلون من نفوننا يف هذه الدنيا ولقد أفلح املؤمنون وألذكرك‬
‫ابحلديث الصحيح الشريف ‪ ( :‬يبعث العبد ملى ما ما ملي ) وقال الشيخ دمحم‬
‫الزرقاين‪:‬‬
‫وتـحشر أطـفـال ونقط كمثـل مـا‬
‫يكـونـون منـد الـمـو مث تكمـل‬
‫وقال يف شرح للنظم‪ :‬هل حيشر الطفل والسقط هصفت وقت املو أم ال جواه‬
‫قال احلافظ هن حجر كل واحد من أهل املوقف يكون ملى ما ما ملي ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ألست ترى اي شري دمحم إن كالم النبوة صريح يف أن اإلنسان حافظ ألخالق‬
‫وآداه حىت حيشر مليها‪ .‬أليس هذا هعين ما يف حكاية ديكنس وأن قد حفظ أخالف‬
‫يف أنلوب اإلنشاء وخطأ اإلمالء وهكذا يقاس مليها نائر أخالق اليت حيشر مليها‪،‬‬
‫إال أن هذه األخالق الثاهتة فينا هعد املو أمدل انقد وأكرب شاهد كمنت فينا‬
‫فأظهرها هللا‪ .‬أال وأن العادا واملغرونا فينا ابلتكرار لن تزول هل تبقى خزايً ملينا‬
‫وماراً وفضيحة يقرؤها الناس يف صحائف أرواحنا ويكون مذاب اخلزي فليقلع املرء‬
‫من مادات وليوطد النفس ملى مناهذة اهلوى وحمارهة العادا الذميمة فإهنا هرنوخها‬
‫فينا تشهد ملينا‪.‬‬
‫أو ليس اخلطأ يف إمالء ديكنس شهد ملي هذلك‪ ،‬أليس ذلك مصداقاً لقول‬
‫تعاىل‪ { :‬يوم تشهد مليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم مبا كانوا يعملون اليوم خنتم ملى‬
‫أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم مبا كانوا يكسبون} وقول {حىت إذا ما‬
‫جاؤوها شهد مليهم مسعهم وأهصارهم وجلودهم مبا كانوا يعملون وقالوا جللودهم مل‬
‫شهدمت ملينا قالوا أنطقنا هللا الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإلي ترجعون‬
‫وما كنتم تسترتون أن يشهد مليكم مسعكم وال أهصاركم وال جلودكم ولكن طننتم أن‬
‫هللا يعلم كثرياً مما كنتم تعملون}‪.‬‬
‫آداب من حيضرون األرواح‪:‬‬
‫قال يف كتاب املذهب الروحاين ملخصاً من أخص شروط ‪:‬‬
‫االختالء‪ .‬والسكينة‪ .‬والرغبة الصادقة‪ .‬واإلرادة مع العزمية‪ .‬واهلدوء والتجرد من‬
‫االضطراب‪ .‬وقلة الصرب‪ .‬وليكن يف مكان معتزل هعيد من الضوضاء وتشتيت الفكر‪.‬‬
‫وليلجأ املرء إىل هللا تعايل وليحرتم األرواح‪ .‬وال ينبغي أن يطيل االمتحان أكثر من ‪41‬‬
‫دقيقة كل يوم وذلك مدة شهر أو شهرين أو أكثر إذا لزم ذلك فإن من الناس من ال‬
‫تتحرك أيديهم إال هعد مرور نتة أشهر من التجرهة وهعضهم تتحرك أيديهم ألول‬
‫جلسة وهو اندر جداً‪.‬‬
‫مىت شعر اجملرب هضعف يف فواه أو ضيق يف صدره انتج من فقد كهرابئيت‬
‫العصبية فليكف حاالً من النعمل وال يستأنف إال هعد أن تكمل قواه‪.‬وإذا أطال‬
‫اجللسة أكثر من ‪ 41‬دقيقة فهو غري حسن وليكن العمل كل يوم أو يومني ملى قدر‬
‫إمكان وإن خالف ما ذكرانه انتاه أمراض وهيلة وليجلس مع أهل منزل ملى مائدة‬
‫هبدوء وميسك كل منهم قلماً ملى قرطاس فعسى أن يكون ألحدهم انتعداد نريع‪،‬‬
‫وإذا جلس وحده أضر ه ‪ .‬ومن جرب ومل جيد يف نفس انتعداداً فليكف‪ .‬وإذا‬
‫ظهر في هذه القوة فليصرفها يف األمور الشريفة ال يف اللهو واللعب واألمور‬
‫الشهوية وليخرت يوماً يف األنبوع حيضر مع آل لذلك العمل‪ ،‬األرواح ليسوا حتت أمران‬
‫هل حيضرون مىت وكيفما شاءوا‪.‬‬
‫وإذا كانت الكتاهة غري مفهومة فليطلب من الروح إمادهتا‪ ،‬وهعض األرواح ال‬
‫ميكن حضورها فال يكن يف صدر الطالب حرج من ذلك وكثرة االنتحضار تضر‬
‫املستحضر‪ ،‬وقد حيدث اجلنون ليمن يف دماغهم ضعف‪ ،‬وهكذا كل ما يهيج‬
‫العصب‪ ،‬وهي ضارة ابلغلمان إال إذا كان طبيعياً فيهم‪ ،‬وليست هذه القوة دليالً ملى‬
‫الكمال وال مدمها دليالً ملى النقص إمنا هي ترجع لالنتعداد‪ ،‬ونوء التصرف هبذه‬
‫القوة يضر هصاحبها ألن من يعلم هعذب أكثر ممن ال يعلم ملى التقصري‪ ،‬وكمال‬
‫صاحب هذه القوة ونقص يرجعان لألمور النفسية من التواضع وحب الناس والكرب‬
‫وكراهة الناس وما أشب ذلك‪ ،‬إال وأن اجتماع احلاضرين يف الفكر صاحل حلضور‬
‫األرواح وضد ذلك تفرق األهواء وخري للمستحضر أن يعني وقتاً ألحباه الذين‬
‫يستحضرهم ألهنم ليسوا حتت أمره هل هلم أممال غري ذلك هم هلا ماملون ومن‬
‫األرواح من يسر ابحلضور وهم أحباهنا أو من حيبون اخلري العام‪ ،‬ويرون أننا نطلبهم‬
‫لغاية محيدة هنا‪ ،‬والروح العلوي قد حيضر جمالس كثرية يف آن واحد‪ ،‬أما األرواح‬
‫السفلى فال حتضر إال جملساً واحداً ألهنا أقرب ملى األرض‪.‬‬
‫أما األرواح النقية وهي اليت ارتفعت من املادة فال تناجي إال قلواب خملصة ال‬
‫تشوهبا كربايء وال حب ذا ‪.‬‬
‫ومن أراد الفوهز هتعليم األرواح فليصنع اخلري وليتجنب الكربايء وحب الذا ‪.‬‬
‫درجات األرواح‪:‬‬
‫إن األرواح ملى ثالث درجا أرواح نفلية وأرواح ملوية وأرواح نقية‪\:‬‬
‫‪ .0‬فاألرواح السفلية‪ :‬هي اليت تغلبت مليها املادة فمالت إىل الشر وهي إما‬
‫جنسة‪ ،‬ودينها الشر وإلقاء اخلصومة‪ ،‬وأما طائشة حتب اخلالمة واخلفة والتالمب‪،‬‬
‫وأما متكربة مبعارفها القليلة وملومها الضئيلة فتتعامى من احلق وأما مقيمة ال تصلح‬
‫خلري وال لشر‪.‬‬
‫‪ .2‬وأما األرواح العلوية‪ :‬فلها نلطان ملى املادة حتب اخلري وتبعد من الرذائل‬
‫وهي‪:‬‬
‫(أ) إما صاحلة‪ :‬توصف ابجلود وحب الصالح وإهلام الناس ً‬
‫أفكار صاحلة ومعارفها‬
‫قليلة وترقيها العقلي دون ترقيها األديب‪.‬‬
‫(ب) وإما حكيمة‪ :‬وصفاهتا األدهية محيدة ال نقص فيها وملومها أوفر اتساماً‬
‫وأغزر مادة‪.‬‬
‫(ج) وإما رفيعة ‪ :‬مجعت ما هني احلكمة والعلم والفضيلة وال تلقي تعاليمها إال ملن‬
‫طلب معرفة احلق خبلوص نية وجرد قلب من املطامع الدنيوية‪.‬‬
‫‪ .3‬وأما األرواح النقية ‪ :‬فهي اليت هلغت ذروة الكمال وجترد من ل نقص ومل‬
‫يعد للمادة أدىن أتثري فيها فأصبحت معاينة هللا مغتبطة ه وليست تناجي إال من كان‬
‫ذا فضيلة نامية وقلب جمرد من كل ما هو ذميم وغلي فاملو ال يغري طبع اإلنسان‪.‬‬
‫فالعامل يبقى ماملاً واملتوحش متوحشاً والشامر شامراً هلم جرا كما ورد يف احلديث (إن‬
‫العبد حيشر ملى ما ما ملي ) (ومن كان ف هذه أممى فهو يف اآلخرة أممى وأضل‬
‫نبيالً)‬
‫وملى ذلك تكون رنائل األرواح غري مسلم هبا ففيها الغث والسمني فرمبا حضر‬
‫للمحضر روح طائشة أو جنسة أو متكربة أو مقيمة فتذكر ل حقائق انقصة جلهلها أو‬
‫لسوء خلقها‪ .‬وكما أننا يف الدنيا نرى طوائف الناس ملى أقسام فهكذا نرى األرواح‬
‫فاآلخرون من األولني‪.‬‬
‫فإذا شككت فيمن حضر من األروح فسل من امس ولقب ومدد السنني اليت‬
‫ماشها ملى األ{ض واألماكن اليت حل هبا والظروف اليت مكنت من التعرف هك إىل‬
‫غري ذلك وتسأل أن يقسم مل ابهلل إن هو حقاً روح فالن فأكثرهم ال جيسرون ملى‬
‫هذا الكذب وقليل منهم يقسمون وهم الفانقون ومن األدلة أيضاً اإلمضاء‬
‫ومضاهات إبمضائ املعروف يف األرض‪ ،‬وأهم األدلة نري اإلنشاء وأنلوه ومعانية‪،‬‬
‫فغالباً ال ميكن للجاهل أن يظهر مليماً وألصحاب الرذيلة أن يرون الفضيلة فاألرواح‬
‫تتميز ابحلديث‪.‬‬
‫أال وأن الرذائل حتيط ابلروح هعد موت إحاطة اهلواء‪ ،‬وإن العامل املتكرب أشد خطراً‬
‫من األرواح الشريرة‪ ،‬ألن العامل مجع العلم والنباهة والكربايء واملكر‪ ،‬فيغري اجلهال‬
‫ويشرهبم مبادئ السخيفة الكاذهة‪.‬‬
‫والروح العلوي قد حيضر لطالب وقد ينيب من من يعلم أن كفؤ ملى أن األرواح‬
‫كلما اهزداد ارتقاؤها اهزداد يف وحدة الفكر وانضم هعضها إىل هعض فما يراه أحدمها‬
‫يراه اآلخرون وقد تنتحل هعض األرواح السفلية أمساء األرواح العلوية هغري إرادة‬
‫اآلخرين فتعاقب هعد تلك اجلرمية ويكون ذلك امتحاانً واختباراً للناس لتمييز اخلبيث‬
‫من الطيب‪.‬‬
‫وقد أتيت الرنائل حمشوة أبكاذيب تفرق ما هني األنرة فال ينبغي أن يصدق ما‬
‫فيها كما قدمنا‪.‬‬
‫ولألرواح العلوية نلطة أدهية ملى السفلية فهي اليت متنعها من إغواء من هم‬
‫خملصون صادقون‪.‬‬
‫( إن مبادي ليس لك مليهم نلطان) واألرواح يف حال تنكنهم من فعل ما‬
‫يريدون كما يتمكن الناس ملى األرض أال وأن اإلنسان قد يناجي األرواح هفكره وإن‬
‫مل يكن ونيطاً وهذا يسمى اإلحضار الفكري وال جيوهز ل أن حيضر روحاً شريرة‬
‫إحضاراً فكرايً إذا كان وحده‪.‬‬
‫والذي يصد الروح من إجاهة حمضره أمور منها إرادت اخلاصة ه فل احلرية املطلقة‬
‫ومنها أن يكون يف أممال اخلاصة فال يتفرغ ملى احملضر ومنها أن ال يؤذن ل يف‬
‫إجاهة احملضر مقاابً ل أو ملن حيضره ومنها أن يكون يف مامل أدىن من العامل األرضي‬
‫وهو ال يتسىن ل احلضور هنا لتنايف املبدأين‪.‬‬
‫فأما إذا كان ملوايً وقد أرنل إىل العامل السفلي تكفرياً من ذنب أو لرنالة يقوم هبا‬
‫فذل لن يعجز حينئذ من احلضور ملناجاة أهل األرض‪.‬‬
‫مث إن الفكر حتمل املادة األثرية ملى الروح كما حيمل اهلواء الصو واألول ال جد‬
‫ل والثاين حمدود‪ ،‬ومجيع األرواح هلا احلرية املطلقة يف احلضور ومدم ولكن األرواح‬
‫السفلية ترغمها األرواح العلوية ملى احلضور إذا كان ذلك انفعاً هلا‪.‬‬
‫والرجل الفاضل هتاه األرواح السفلية فال تقره وال نيما إن كانت حتمي أرواح‬
‫ملوية والطالنم ال أتثري هلا ملى األرواح وإمنا ذلك يف مقول السذج والعوام‪.‬‬
‫والروح قد حيضر مند موت ولكن يكون يف حال اختالط واختباط‪.‬‬
‫وحتضر روح احلي إذا كان انئماً ولكن إجاهتها ال تكون نهلة وليس يتذكر مند‬
‫اليقظة ما فعل وقت اإلحضار يف نوم ‪.‬‬
‫واجلنني ال ميكن إحضاره البتة وإحضار املريض والصغري والشيخ الضعيف يضر هبم‬
‫كما تقد أن يضر هبم أيضاً أن يكونوا ونطاء‪ .‬ومن املقاال ما يكون من روح‬
‫الونيط الكامنة وملوم اخلفية اليت ملمها قبل وروده ملى هذا العامل فال ندري أمن‬
‫النائم هذا أم من روح حاضرة‪ .‬وال جرم إن هذا مما يدمو إىل التفكري والتبصر ليزول‬
‫اللبس‪ .‬واألرواح العلوية ال حتضر اجملالس الروحانية اهلزلية وإمنا حتضرها األرواح‬
‫الطائشة فتنشيء طرق املوائد ورفعها وتلقي األحاديث اهلزلية واألكاذيب الفارغة إذ‬
‫شبي الشيء منجذب إلي ‪ .‬وليس يؤذن لألرواح الطائشة أن حتضر اجملالس الرهزينة إال‬
‫إذا حضر لالنتفادة فال جتسر أن ترفع أصواهتا‪ .‬والونيط قد يفقد الوناطة مؤقتاً‬
‫إما لتصرف أبن جيعلها ابابً للرهزق أو اللهو والعب وأما إراحة الونيط من التعب وال‬
‫يسمح ألخر أن حيل مكان ‪ .‬والذكي مييز هني األمرين‪ .‬مث أن املتبدىء يرغب يف‬
‫مناجاة أحبائ وهم رمبا ال يقدرون ملى مناجات جلهلهم هطرق ذلك وأما ألهنم يف مامل‬
‫أقل من ماملنا فليتخذ اإلنسان روحاً مرشداً من األرواح العالية ويسأل ممن حتضره‬
‫من األرواح الشريرة ابألرواح العالية مع التوقف حاالً من الكتاهة‪ .‬وقد أطنبت يف هذا‬
‫املقام ألمهية املوضوع وليكن القارىء ملى هصرية ونور وهدى وكتاب منري‪ .‬هذه‬
‫األحكام كلها من حماداث األرواح أنفسها مع العلماء فيما تقدم نقالً من أالن‬
‫كردك‪.‬‬
‫(تذكرة يف مقارنة ما يف هذا ابلقرآن‬
‫وكالم اإلمام الغزايل وإخوان الصفا)‪:‬‬
‫قال شري دمحم ‪ :‬إذن كل هذا الفضل نقلت من كالم نفس األرواح‪ .‬فقلت نعم قال‬
‫نبحان هللا إن يف هذا لعجباً مجااب قد قسمت األرواح إىل درجا من صاحلة ونقية‬
‫وملوية والصاحلة جعلت اقل اجلميع والنقية أرقاها فهل ل نظري مند ملماء اإلنالم‪.‬‬
‫وإذا كانت األرواح هلا حياة هعد املو وحرية فلم يكره الناس املو وجهلوا‬
‫حياهتم هعده وهو يف احلقيقة احلرية التامة‪ .‬وأرجو أن تزيدين يقيناً يف أن أرواح‬
‫األموا هلا اتصال ابألحياء تعلمها وترهيها‪ .‬فقلت أما درجا األرواح فقد ورد يف‬
‫قول مز وجل‪:‬‬
‫{أولئك مع الذين أنعم هللا مليهم من النبيني والصديقني والشهداء والصاحلني‬
‫وحسن أولئك رفيقاً ذلك الفضل من هللا‪ ،‬فاألنبياء هم األرواح النقية والصديقون‬
‫الشهداء هم األرواح العلوية ومنهم الصاحلون وهم أقل اجلميع درجا }‪.‬‬
‫وقال اإلمام الغزايل يف كتاه هداية اهلداية ما ملخص ‪ ( :‬إن العلم أفضل ما يبتغي‬
‫الطالبون ويلي كل ممل مام للناس من املنافع املادية‪ ،‬كإغاثة امللهوف ودفع الضر‬
‫واألذى‪ ،‬وآخر الدرجا أن ينقطع للعبادة‪ ،‬وشر الدرجا ل أن يكون شريراً مؤذايً‬
‫طماماً مجاماً‪.‬‬
‫وأما كون الناس يكرهون املو جلهلهم ابحلياة هعده وال حيبون مع أهنم هعده‬
‫أحرار‪ ،‬فهاك أمسعك ما قال أخوان الصفا –إن ملة كراهة حليواان املو هو ما‬
‫يلحقها من االالم واألوجاع الفزع مند مفارقة األحياء‪ ،‬فغن قيل فلم تدري النفوس‬
‫أبن هلا وجوداً خلواً من األجسام‪ ،‬قلنا ألن ال يصلح هلا أن تعلم هذه املعاين‪ ،‬ألهنا لو‬
‫ملمت لفارقت أجسادها قبل أن تتم وتكمل‪ ،‬وإذا فارقت أجسادها قبل ذلك هقيت‬
‫فارغة مطالً هال فعل وال ممل‪ ،‬وليس من احلكمة أن تكون كذلك إذا كان خالقها مل‬
‫خيل من تدهري فيكون فارغا هال فعل هل كل يوم هو يف شأنو وأما قولك كيف كانت‬
‫األرواح مهذهة ومرهية لألحياء يف الدنيا فقد ذكران يف هذا الكتاب ما ورد يف النبوة إن‬
‫إهلام الناس من املالئكة والونونة هلم من الشياطني كما جاء من األرواح يف اجملامع‬
‫النفسية وتزيده هياانً اآلن فنيقول ومما جاء يف احلكم املأثور أن هللا تعاىل ومالئكت‬
‫مليهم السالم وأهل السموا وأهل األرض حىت النملة يف جحرها واحليتان يف البحر‬
‫يصلون ملى معلم الناس اخلري‪.‬‬
‫ومنها أن املالئكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم‪ ،‬فانظر وتعجب أليس ذكر‬
‫املالئكة يف هذه احلمن وأهنا تضع أجنحتها لطالب العلم داللة ملى املنانبة واملالهزمة‬
‫هني املتعلم وهني املالئكة واألرواح العالية أليس هذا نظري ما جاء يف هذا املقال من‬
‫األرواح ترمجة آالن كردك‪ :‬إذ يقول أن األرواح العلوية ال حتضر اجملالس اهلزيلة إمنا‬
‫حتضرها األرواح الطائشة وال يؤذن لألرواح الطائشة أن حتضر اجملالس الرهزينة‪ ،‬ونقول‬
‫أيضاً أن األرواح العلوية قد أتمر األرواح ابحلضور يف اجملالس النافعة الروحية فهناك‬
‫إذن مالقة ملمية وترى منانبة املالئكة ألهل العلم جاء كالم يف السنة ويف‬
‫األرواح وورد يف القرآن الكرمي (شهد هللا أن ال آل آال هو املالئكة وأولو العلم‬
‫قائماً ابلقسط) فجعل أويل العلم هعد املالئكة فإن املالئكة يعلمون أويل العليم وقال‬
‫يف إخوان الصفا يف رنالة العلل واملعلوال صفحة ‪:492‬‬
‫مث إملم أن النفوس التامة الكاملة إذا فارقت أجسادها تكون مشغولة هتأييد‬
‫النفوس الناقصة اجملسدة لكيما تتم هذه وتكمل وتتخلص من حال النقص وتبلغ ملى‬
‫حال الكمال وترتقي هذه املؤيدة أيضاً إىل حال أكمل وأشرف وأملى وان إىل رهك‬
‫املنتهى‪ .‬واملثال يف ذلك األب الشفيق واألنتاذ الرفيق وتعليمهما التالمذة واألوالد‬
‫وإخراجها أابهم من ظلما اجلهاال إىل فسحة العلوم وروح املعارف ليتم التالميذ‬
‫واألوالد تعليمهم وليكمل اآلابء واألنتاذون إبخراج ما يف قوة نفونهم من العلوم‬
‫واملعارف والصنائع واحلكم إىل الفعل والظهور اقتداء ابهلل تعاىل وتشبهاً ه يف حكمت ‪،‬‬
‫إذ هو السب األول واملبدأ يف إخراج املوجودا من القوة إىل الفعل والظهور‪ ،‬وكل‬
‫نفس هي أكثر ملوماً وأحكم صنائع وأجود ممالً فهي أقرب تشبهاً هرهبا وهذه هي‬
‫مرتبة املالئكة الذين ال يعصون هللا ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ويبتغون إىل رهبم‬
‫الونيلة أيهم أقرب‪ ،‬ولذا قالت احلكماء احلكمة هي التشب ابهلل حبسب طاقة البشر‪،‬‬
‫معناه أن تكون ملوم حقيقية وصنامت حمكمة وأممال صاحلة وأخالق مجيلة وإرادت‬
‫صحيحة ومعاملت نظيفة وجوده ملى غري متصالً وهللا نبحان وتعاىل كذلك‪ .‬انتهى‬
‫ما أردت من إخوان الصفاء‪ .‬فتعجب أليس م قالت األرواح يف اجلمعيا النفسية يف‬
‫أورواب هو كما يف القرآن ويف احلديث ويف كالم إخوان الصفا‪ ،‬ذلك إمجاع من الغرب‬
‫والشرق والعلم والدين أن أرواح الناس هعد املو تكون متصلة ابألحياء تشب‬
‫الشياطني اترة واملالئكة أخرى وأن الكاملة منها تعلم األحياء وهتديهم الصراط‬
‫املستقيم‪ .‬أو ليس هذا معجزة لسيدان دمحم ‪.‬‬
‫ما كان ليجول يف خاطري أن العلم يكشف من وج احلقيقة النقاب وجيليها‬
‫مذراء هبية ألويل األلباب إن يف هذا لعربة لقوم مفكرين‪.‬‬
‫أو ليس ذلك قول تعاىل‪{ :‬ننريهم آايتنا يف اآلفاق ويف أنفسهم حىت يتبني هلم أن‬
‫احلق أو مل يكف هرهك أن ملى كل شيء شهيد أال أهنم يف مرية من لقاء رهبم أال أن‬
‫هكل شيء حميط}‪.‬‬
‫ولقد تبني فيما مضى يف هذا الكتاب أن اإلنس فلهم أتثري ملى األرواح السفلية‬
‫وهنا جتلى أن لألرواح السفلية واملالئكة نلطاانً ملى نفوس األحياء وأن الفضالء منا‬
‫يتلقون من األرواح العالية‪ .‬والسفهاء من األرواح يتعلمون من اإلنس القرتاب طبيعتهم‬
‫السفلية من طبيعة األحياء النغمانهم يف املادة وكل هذا يستفاد من كالم األرواح‬
‫كما تقدم فانظر كيف صح هذا يف ديننا تعجب أليس النيب ملا قرأ نورة الرمحن‬
‫وكر آية ‪{:‬فبأي آالء رهكما تكذابن} أي أبي نعم رهكما اي معشر اجلن واإلنس‬
‫تكذابن ذكر للصحاهة رضوان هللا مليهم إن اجلن مسعوها قالوا‪( :‬وال هشيء من نعمك‬
‫رهنا نكذب فلك احلمد) وكثرياً ما كنا نسمع أن النيب ملي الصالة والسالم مرنل‬
‫لإلنس واجلن ونسمع يف نورة الرمحن يقول نبحان وتعاىل‪{ :‬اي معشر اجلن واإلنس‬
‫إن انتطعتم أن تنفذوا من أقطار السموا واألرض فانفذوا ال تنفذون إال هسلطان}‬
‫وقال يف نورة أخرى‪ { :‬اي معشر اجلن واإلنس أمل أيتكم رنل منكم يقصون مليكم‬
‫آاييت} فإذا مسع العاقل أمثال هذا قال يف نفس ‪:‬‬
‫كيف يرنل للجن وهم جمردون من املادة وهبذا الكتاب وضح احلق وانتبان‬
‫السبيل وأن األروح اليت ما انقصة طبيعتها أقرب ملى البشر فيفهمون منهم أكثر‬
‫مما يفهمون من األرواح العالية اليت تفيض ابلعلم ملى أفئدة العلماء يف الدنيا وقد‬
‫أتذن األرواح العلوية للسفلية أن حتضر جمالسنا لتستفيد منها ملوماً وهبذا جتلى لنا‬
‫كيف كان نيدان دمحم مرنالً للجن واإلنس‪ .‬ما أمجل العلم احلكمة‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫رمبا أشار النبوة من ظف خفي ملى هعض حوادث العصر احلاضر إذ جاء يف‬
‫السرية احللبية اجلزء األول صفحة ‪ 281‬قال رنول هللا (والذي نفس دمحم هيده ال‬
‫تقوم السامة حىت يكلم الرجل شراك نعل ومذهة صوت مبا فعل أهل ) وشراك النعل‬
‫أحد نيورها الذي يكون ملى وجه ومذهة صوت طرف وقيل نريه وهذا أشب هشريط‬
‫(املسرة) التليفون ولعل يف املستقبل ما يبني معناه من هذا العلم أو غريه وهللا أملم‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫يف التنومي املغناطيسي‬

‫قال شري دمحم‪ :‬قد مرفنا إحضار األرواح ونريد أن نعرف التنومي املغناطيسي‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬إملم اي شري دمحم أن ذلك ملم آخر يسمى السبا املغناطيسي أو التنومي‪،‬‬
‫وهو أن ينام اإلنسان هدرجا خمتلفة ألنباب طبيعية او كيماوية أو حيوية‪،‬‬
‫فاألنباب الطبيعية النور والصو ابن يسمع صواتً متساوي اللحن‪ ،‬والسائل‬
‫الكهرابئي اخلفيف‪ ،‬والقطع الزجاجية الالمعة اليت تنوم من حدوق نظره إليها‪،‬‬
‫واملؤثرا الكيماوية هي األثري والكلوروفورم واألهزو ‪ ،‬وهي تلقى آخذها يف النوم‬
‫وتفقده اإلحساس‪ .‬واملؤثرا احليوية أخصها اإلرادة أبن أيمر ابللسان أو السيال‬
‫العصيب أو حيدق هبصره إىل الشخص املنفعل أو يبادئ ابإلشارا واحلركا‬
‫املغناطيسية‪ .‬هذه هي أنباب التنومي إمجاالً أما درجا النوم فهي ثالث‪:‬‬
‫أول‪ :‬أن يفقد اإلحساس ويلبث شاخص العني يتلقى أوامر املنوم‪ ،‬وتلوح ملي‬
‫األمارا الدالة ملى قبول لكل ما يريد املنوم ابلكسر‪ .‬ويف هذه احلالة لو أدخل رجل‬
‫املنوم ابلفتح يف ماء مغلي أو قرص جسم مل حيس كما جره العالمة دي هوكات يف‬
‫ابريس لتالميذه (وكما شاهدت هذه الليلة‪ -‬ليلة السبت الساهع من شهر فرباير ننة‬
‫‪ – 4728‬وأان أتب هذه القطعة مند إمادة طبع الكتاب)‪ ،‬فإن صديقي حممود‬
‫أفندي مراد قد أانم يف دار التمثيل العريب شباانً وصار يلعب حبوانهم‪ ،‬فيطعمهم املوهز‬
‫ويقول هلم هو حنظل فيلفظون ويطعمهم الطماطم ابنم التفاح فيستلذون طعمها‪،‬‬
‫ويسمى أحدهم ابنم غري امس فيصدق ويتمسى ه ‪ .‬وقد قال لشاب أنت امسك لبيبة‬
‫فأران رقصك ففعل‪ ،‬وأمره أيضاً هقلب النوم الصنامي طبيعياً ففعل‪ ،‬وأهرهز صورة اجلرائم‬
‫من املنومني وكيفية إقرارهم وما أشب ذلك‪ .‬وكان يبكيهم اترة ويفرحهم أخرى ويلفق‬
‫هلم هتمة مث يفهمهم أهنم آمثون ظاملون فيندمون ويبكون هصو مال‪...‬اخل‪.‬‬
‫وال جرم أن هذا مبدأ التنومي املغناطيسي‪ ،‬وقد صدق ظين أن هالدان نتنال حظها‬
‫من ملم األرواح‪ .‬وهذا كتاهنا في جتارب األمم من حيث الثمرا ‪ ،‬وأان ال أشك أن‬
‫العقالء نينظرون لثمرا التنومي وإحضار األرواح الرتقاء نوع اإلنسان‪ ،‬كما نقلناه يف‬
‫هذا الكتاب‪.‬‬
‫اثنيا – إن يفقد اإلحساس متاماً ويغلق ميني كاحلال األوىل ولكن متتاهز هذه أن‬
‫يسمع ويبصر ويتكلم وجييب مبعزل من احلواس ويقرأ ويكتب كما أيمره املنوم‪.‬‬
‫اثلثا ًً – أن حيصل اخنطاف روحي أبقصى درجات ‪ .‬وإذن يعرف النائم نفس‬
‫معرفة اتمة ويصف ملل جسم والعالجا املالئمة ويشاهد أفعال النسا ويسمع‬
‫كالمهم من هعد نحيق‪ ،‬وينيبء من حوادث مستقبل ويتكلم هلغا شىت‪ ،‬ويرى‬
‫أرواح األموا ويصف هيئتها الكاانلبسيا‪ .‬البنارجيا‪ .‬السوانهيلزم‪.‬‬
‫(ومما ذكر ) من خرب املعتضد وحزم يف األمور وحيل أن أطلق ابلرتتيب‪:‬‬
‫وينقل إىل اجلالسني أقواهلا‪ .‬وهذه الدرجا الثالثة تسمى هكذا وهاك هعض‬
‫احلوادث إلثبا ما تقدم‪:‬‬
‫املثل األول ‪ :‬قال العالمة شاردل يف أتليف املدمو ابملغنطيسية احليوانية أن نوم اهنة‬
‫صحيحة البنية‪ ،‬وهينما هي تلقن وصف العالج الذي يداوي ه نألت ‪ :‬أال تسمع‬
‫كيف أيمرين هذلك‪ ،‬فقال هلا‪ :‬ال أمسع أحداً‪ ،‬فقالت‪ :‬نعم ألنك انئم وأان يقظانة‬
‫حرة‪ ،‬فقال هلا‪ :‬وامجباً لك أين حريتك‪ ،‬أنت مسخرة إلراديت‪ .‬قالت ل ‪ :‬أنت تعرف‬
‫ظاهر الشيء اخلشن الغليظ أما أان فأرمق ابطن البهي‪ ،‬فإن نفسي منحلة من القيود‬
‫مؤقتاً‪ ،‬فأرى ما ال تراه أنت‪ ،‬وأمسع ما ال تسمع أذانك‪ ،‬وأدرك ما ال تقوى ملى‬
‫إدراك ‪ ،‬وأرى النور يشع من أطراف أصاهعك وأنت متغطسين‪ ،‬وأمسع أصوااتً من هعيد‬
‫جداً وحديث من يتكلم يف هلد آخر‪ ،‬فأان أذهب إىل األشياء وليست هي اليت يؤتى‬
‫هبا إىل‪ .‬وحايل اآلن يقظة حتاكي يقظة اإلنسان هعد املو ‪.‬‬
‫املثل الثاين‪ :‬وصفت فتاة كان ينومها العالمة شاردل املذكور ل احلال اليت كانت‬
‫مليها حني نومها‪ ،‬فقالت‪ :‬أحش أن جسمي يتمدد شيءاً فشيئاً حىت أفارق وأراه‬
‫هعيداً مين ابرداً كجسم ميت‪ ،‬وأرى نفسي كبخار وأدركما ال أقوى ملى إدراك يف‬
‫اليقظة والنوم املغناطيسي الذي هو أقل من هذا‪ ،‬وهذه احلال ال تدوم أكثر من رهع‬
‫نامة مث يرجع اجلسم البخاري شيئاً فشيئاً إىل جسمي الغليظ مث أفقد الشعور‪.‬‬
‫املثال الثالث‪ :‬أممال األكادميية الطبية الفرنسية غذ خصصت جلنة طبية للنظر‬
‫يف احلوادث املغناطيسية‪ .‬ولنذكر حادثة واحدة من حوادثها لتطلع اي شري دمحم ملى‬
‫مجائب العلم واحلكمة ولتكون منوذجاً من أممال تلك اللجنة يف أشهر املمالك‬
‫األوروهية ‪.‬‬
‫اجتمعت اللجنة يف ‪ 1‬تشرين األول وقت الظهر واملريض هو املسيو كاهزو املصاب‬
‫هداء الصرع واملنوم هو املسيو فرواناك وجلس فواناك يف حجرة أخرى ومل يعلم كاهزو‬
‫أن حضر وأرنلوا لفرواناك أن ينوم كاهزو ومينوا ل النقطة احملاذية ل يف احلجرة فنام‬
‫كاهزو هعد أرهع دقائق‪ .‬فسألوه من النواب اليت نتنوه هعني منها اثنتني هدقائقهما‬
‫ونامتهما وأايمهما والنوهة األوىل هعد أرهع أناهيع‪ .‬والثانية هعد مخسة أناهيع‪ .‬فكتبوا‬
‫التقرير وأمطوه ملن ينوم وهو املسيو فرواناك مبدلني املواميد قصداً فلما نوم هعد‬
‫أايم ليشفي من أمل الرأس مبواميد للنوهة غري اليت أخرب اللجنة هبا‪ .‬فرجع ملى اللجنة‬
‫وأخربهم أن التقرير الذي قدموه ل حمرف‪ :‬فأصروا ملى قوهلم مث متت النواب يف‬
‫األوقا املعينة ابلضبط يف مومدين معينني حصلت إحدامها يف وقتها‪ .‬أما األخرى‬
‫فقد نقط قبل وقومها وهو يهدي حصاانً وهتشمت رأن ملى العجلة فما ا هـ‪.‬‬
‫وقد فصل القول العالمة هيسون من أمضاء اللجنة املذكورة فقال أن املريض أنبأ‬
‫حبوادث النواب قبل حدوثها فلم خيطيء واملغناطيسية احليوانية أصلحت حال وأهزالت‬
‫من أوجاع الرأس وكان يصف العالجا وصفاً دقيقاً‪ .‬وكان يقول أن هذه النواب‬
‫تصيب ما مل ينوم قبل وقت حلوهلا‪ .‬ومع ذلك مل خيطر هبال أن حادثة نتصيب فتقطع‬
‫ملي حيات ‪ .‬وهذه أشب أبمر السامة فإن اإلنسان يعرف مقادير قطع العقارب للميناء‬
‫فيحددها ابلتحقيق ولكن ال يدري مىت يفاجئها كسر أو هتشيم فتق حاهلا‪.‬‬
‫فقال شري دمحم إن التتومي املغناطيسي أمره مجيب فهل اطلعت ملى ما يشب ذلك‬
‫مند األمم العرهية فقلت أتذكر قصة واحدة فقال وما هي قلت جاء يف كتاب مروح‬
‫الذهب للمسعودي ما أييت‪:‬‬
‫من هيت املال لبعض الرنوم يف اجلند مشر هدر فحملت إىل منزل صاحب مطاء‬
‫اجليش ليصرفها فيهم فنقب منزل يف تلك الليلة وأخذ العشر البدر فلما أصبح نظر‬
‫إىل النقب ومل ير املال فأمر إبحضار صاحب احلرس وكان ملى احلرس يومئذ مؤنس‬
‫العجلي فلما أاته قال ل إن هذا املال للسلطان واجلند ومىت مل أت ه أو ابلذي نقب‬
‫وأخذ املال ألزمك أمري املؤمنني غرم فنجد يف طلب وطلب اللص الذي جسر ملى‬
‫هذا الفعل صار إىل جملس وأحضر التواهني والشرط والتواهون هم شيوخ أنواع‬
‫اللصوص الذين قد كربوا واتهوا فإذا جر حادثة ملموا من فعل من هي فدلوا ملي‬
‫ورمبا يتقامسون اللص ما نرقوه فتقدم إليهم يف الطلب وهتددهم وأومدهم وطالبهم‬
‫فتفرق القوم يف الدروب واألنواق والغرف واملواخري ودكاكني الروانني ودور القمار‬
‫فما لبثوا أن أحضورا رجالً حنيفاً ضعيف اجلسم رث الكسوة هني احلالة فقالوا اي‬
‫نيدي هذا صاحب الفعلة هو غريب من غري هذا البلد وأطبق القوم كلهم ملى أن‬
‫صاحب النقب ولص املال فأقبل ملي مؤنس العجلي وقال ل ويلك من كان معك‬
‫ومن أمانك وأين أصحاهك ما أظنك تقدر ملى مشر هدر وحدك يف ليلة ما كنتم إال‬
‫مشرة وأقل ذلك مخسة فأقر يل ابملال إن كان جمتمعاً وملى أصحاهك إن كان املال‬
‫قد قسم فما هزاده ملى اإلنكار شيئاً فأقبل يرتفق ه ويعده أن يثيب ويرهزق ويعظم‬
‫جائزت ويعده هكل مجيل ملى رده واإلقرار ه يتومده هكل مكروه ملى جحوده‬
‫وإنكاره فلما غاظ ذلك وأنكره ويئس من إقراره أخذ يف مقوهت ومسألت فضره‬
‫ابلسوط والقلوس واملقارع الدرة ملى ظهره وهطن وفقاه ورأن وأنفل رجلي وكعاه‬
‫ومضل حىت مل يكن للضرب في موضع وهلغ ه ذلك إىل حالة ال يعقل فيها وال‬
‫ينطق فلم يقر هشيء فبلغ ذلك املعتضد فأحضر صاحب اجليش فقال ل ما صنعت‬
‫يف املال فأخربه اخلرب فقال ل ويلك أتخذ لصاً قد نرق من هيت املال مشر هدر‬
‫فتبلغ ه املو والتلف حىت يهلك الرجل ويضيع املال فأين حيل الرجال فأتى ه وقد‬
‫محل يف جل فوضع هني يدي وقد مقل فسأل فأنكر فقال ل ويلك إن مت مل ينفعك‬
‫وإن هرئت من هذا الضرب مل أدمك تصل إلي فلك األمان والضمان ملى ما تصلح‬
‫ل حالتك وحيمد ه أمرك فأىب إال اإلنكار‪ ،‬فقال ملى أبهل الطب فأحضروا فقال‬
‫خذوا هذا الرجل إليكم فعاجلوه أبرفق العالج وواظبوا ملي ابملراهم والغذاء والتعاهد‬
‫واجتهدوا أن تربئوه يف أنرع وقت فأخذوه إليهم وأخرج ما ال مكان املال وأمر هتفريق‬
‫ملى اجلند فيقال أن هريء وصلح يف اايم يسرية مث واظبوا ملي ابلطعام والشراب‬
‫والوطاء والطيب حىت صح وقوي جسم وظهر لون ورجعت غلي نفس مث ذكر ه‬
‫فأمر إبحضاره فلما حضر هني يدي نأل من حال فدما وشكر وقال أان خبري ما أهقى‬
‫هللا أمري املؤمنني مث نأل من املال ماد إىل اإلنكار فقال ه ويلك لست ختلو من أن‬
‫تكون قد أخذت وحدك كل أو وصل إليك هعض فإن كنت أخذت ل فإنك تنفق يف‬
‫أكل وشرب وهلو ال أظنك تفني قبل موتك وإن مت فعليك وهزره وإن كنت أخذ‬
‫هعض مسحنا ل ه فأقر ملى أصحاهك فإين أقتلك إن مل تقرر وال ينفعك هعار املال‬
‫هعدك وال يبايل أصحاهك هقتلك ومىت أقرر دفعت لك مشرة آالف درهم وأخذ‬
‫لك من أصحاب اجلسر داننري تكفيك ألكلك وشرك وكسوتك وطيبك وتكون مزيزاً‬
‫وتنجو من القتل وتتخلص من اإلمث فأهىإال اإلنكار فانتحلف ابهلل وأظهر ل مصحفاً‬
‫فحل ف ملي فقال أين نأظهر ملى املال فإن أان ظهر ملي هعد هذه اليمني قبلتك‬
‫ومل أنتبقك فأىب إال اإلنكار فقال ل فضع يدك ملى رأني واحلف حبيايت فوضع يده‬
‫ملى رأن وحلف حبيات أن ما أخذوه وأن مظلوم متهم وأن التواهني قد تربؤوا ه فقال‬
‫ل املعتضد فإن كنت قد كذهت قتلتك وأان هريء من دمك قال نعم فأمر إبحضار‬
‫ثالثني أنود حبيث يراهم ويرون أمرهم أن يتناوهوا يف مالهزمت فا ملي أايم وهو قامد‬
‫ال يتكىء وال يستلقي وال يضطجع وكما خفق خفقة وجيء فك وقمع ران حىت إذا‬
‫ضعف وقارب التلف أمر إبحضاره فأمد ملي ما كان خاطب ه وانتحلف ابهلل وهغري‬
‫ذلك من اإلميان فحلف ملى ذلك كل ومبا مل يستحلف ه أن ما أخذ املال وال يعرف‬
‫من أخذه فقال املعتضد ملن حضر قلي يشهد أن هريء وأن ما يقول حق وأن التواهني‬
‫قد مرفوا صاحب وقد أمثنا يف هذا الرجل ونأل أن جيعل يف حل ففعل مث أمر‬
‫إبحصار مائدة مليها طعام وأ‪،‬حضر ابرد الشراب وأمره ابجللوس واألكل والشرب‪،‬‬
‫فأقبل ايكل ويشرب وحيث ملى األكل ويلقم ويعاد الشراب ملي ويكرر حىت مل يبقى‬
‫لألكل والشرب موضع مث أمر هبخور فبخر وطيب وأتى ل حبشية هيش فوطيء ل‬
‫ومهد فلما انتلقى وانرتاح وغفا أمر إبهزماج ونرمة ايقاظ فحمل من موضع حىت‬
‫أقعد هني يدي ويف ميني الونن فقال ل حدثين كيف صنعت وكيف نقبت ومن أين‬
‫خرجت وإىل أين ذهبت ابملال ومن كان معك قال ما كنت إال وحدي وخرجت من‬
‫النقب الذي دخلت من وكن مقاهل الدار محام ل كوم شوك يوقد ه فأخذ املال‬
‫ورفعت ذلك الشوك والقماش والقصب فوضعت حتت وغطيت وهو هنالك فأمر هرده‬
‫ملى فراش فردوه وأضجعوهن ملي مث أمر إبحضار املال فأحضر من آخره مؤنس‬
‫العجلي وأحضر الوهزير واجللساء وقد غطى املال ابلبساط انحية من اجمللس مث أمر‬
‫إبيقاظ اللص وقد اك تفى يف النوم وذهب من الونن فقال ل حبضرة اجلميع مثل قول‬
‫األول فجحد وـنكر فأمر هكشف البساط وقال ل ويلك أليس هذا املال فعلت كذا‬
‫وكذا يصف ل ما كان حدث ه فأنقط يف يد اللص مث أمر فقبض ملى يدي ورجلي‬
‫وأوثق مث أمر مبنفاخ يف دهره وأتى هقطن فحشى يف أذني وفم وخيشوم واقبل ينفخ‬
‫وخلى من يدي ورجلي من الواثق وأمسك ابأليدي قد صار كأمظم ما يكون من‬
‫الزقاق املنفوخة وقد ورم نائر أمضائ ومظم جسم وغيناه قد امتألات وهرهزات فلما كاد‬
‫أن ينشق أمر هعض األطباء فضره يف مرقني فوق احلاجبني ومها يف اجلبني فأقبلت‬
‫الريح خترج منهما مع الدم وهلا صو وصفري إىل أن مخد وتلف وكان ذلك أمظم‬
‫م نظر رؤى يف ذلك اليوم من العذاب وقيل أن البدر كانت مينا وأن مددها كان‬
‫أكثر مما وصفنا ا هـ‪.‬‬
‫فلما مسع ذلك شري دمحم قال هذه من أماجيب الزمان أين أريد أن تزيدين من هذا‬
‫ومن ملم السحر مند القدماء فإن مجيل فقلت إن أمظم قوم نبغوا ي السحر هم‬
‫قدماء املصريني فأان اآلن أمسعك ما ذكرت يف كتايب اجلواهر يف تفسري القرآن يف اجمللد‬
‫الثالث مشر يف نورة الشعراء مث أهتع مبا جاء يف كتاب املذهب الروحاين‪ ،‬فأما ما‬
‫جاء يف كتاب اجلواهر فهاك نص ‪:‬‬

‫تقديس كتب السحر وأكابر السحرة عند قدماء املصريني‪:‬‬


‫جاء يف كتاب (أدب الدنيا والدين) مند قدماء املصريني مانص ‪-:‬‬
‫"كانت كتب السحر داخلة يف العلوم املقدنة ومندرجة أيضاً يف ملوم البيان‬
‫وكتب الطب واحلكمة‪ ،‬وكانت هذه الكتب حتفظ يف دور الكتب امللكية اجملاورة‬
‫ملعاهد واهلياكل ومن احملفوظا اآلن يف مدينة لندن ورقة هردية يف السحر اكتشفها‬
‫كاهن يف القامة الكربى من معبد كنتوس مذكور ملى جوانبها أن األرض كانت‬
‫مظلمة حىت ظهر القمر فجأة وأضاء أشعت نطها‪ ،‬فاتى ذلك الكاهين هبذه الورقة‬
‫ملى خوفو أحد ملوك األنرة الراهعة‪ ،‬أما السحرة فكانوا ينقسمون إىل (طائفتني)‬
‫الواحدة قانونية واألخرى غري قانونية فالقانونيون هم الذين كانت أتذن هلم احلكومة‬
‫مبباشرة السحر وتعتمد مليهم وتعول ملى آرائهم يف الطواريء ولذلك كان هلم النفوذ‬
‫األكرب واملقام األمسى أمام الفرامنة والرمية‪ ،‬واشتهر يف هذا العلم كثري من أهناء امللوك‬
‫واألمراء كأمنحتب هن حايب وهزير امللك أمنحتب الثالث الذي نبغ يف السحر حىت‬
‫أقوموا ل متثاالً حمفوظاً اليوم ابملتحف املصري حتت (منرة ‪ .)9‬وممن اشتهر ابلنبوغ يف‬
‫هذا الفن امللك نيزونرتيس حىت فاق مجيع السحرة يف مصره‪ .‬وكانت الفرامنة جيلون‬
‫هؤالء السحرة ويثقون هبم ويلقبوهنم هكتبة هيت امللك وكتبة احلياة ويدموهنم لتفسري‬
‫أحالمهم واالنتصار هبم ملى أمدائهم إبظهار أماجيبهم املدهشة كما حصل يف قصة‬
‫نيدان مونى ملي السالم أو لعمل األلعاب السحرية لتسليتهم ورايضة أفكارهم‪،‬‬
‫وكان الساحر ال ينبغ يف هذا العلم إال هعد التمرن الطويل ومضي مدة طويلة يف‬
‫حسن السرية والسريرة ومقاومة شهوا النفس والتمسك ابلطهارة والعفاف واالمتناع‬
‫من أكل اللحوم واألمساك واإلنفراد واالنزواء يف اخللوة كل أايم حيات وال جيوهز أن‬
‫حيرتف أية حرفة أخرى حىت تشغل من مهمة وظيفت وقد أتقن السحرة هذا العلم‬
‫وتفننوا يف أناليب وأحكموها حىت مل يرتكوا غاية جهدهم في ورنخت قوامده يف‬
‫أذهاهنم حىت كان أحدهم أييت أبكرب اخلوارق اليت تبهر األهصار والبصائر هدون تكلف‬
‫كأهنا العوهة صبيانية‪ .‬ومما ذكر منهم أهنم فلقوا البحار وقطع‪9‬وا رأس رجل وفصلوها‬
‫من جثت مث أمادوها إلي هدون أن يشعر أبذى وجعلوا التماثيل واألشباح املصنومة‬
‫من الشمع تتحرك حبركا خمتلفة طوع إرادهتم وكانوا خيتفون من األهصار وهم جلوس‬
‫يف اجمللس فال ينظرهم أحد حىت أن الداخل ال يعتقد أهنم موجودون يف هذا اجمللس‬
‫ويقرءون الرنائل املطوية داخل ظروفها فيخربون مبا فيها هدون أن يفضوها وخيربون‬
‫الناس مباضيهم وحاضرهم ومستقبلهم‪ .‬ومن أمجب أمر أقاصيصهم أهنم قلبوا نظام‬
‫الطبيعة حىت صنع أحدهم من الشمع متثال متساح صغري مث تال ملي صيغة نحرية‬
‫فتحرك هذا التمثال ونلط ملى رجل هزان انتحق العقاب فبلع وألقاه يف البحر" ا‬
‫هـ‪.‬‬
‫هذا ما جاء يف أكتاب املذهب الروحاين فهو ما جاء حتت منوان‪.‬‬
‫املغناطيسية احليوانية‪:‬‬
‫إن املغناطيسية احليوانية ملى ما حدد منشئها احلديث أنطونيوس مزمر هي مبارة‬
‫من نيال رقيق جداً ينبعث من جسم الفامل يف املغنطيسية إىل الشخص املنفعل‬
‫هوانطة إشارا وحركا هل نظرة حادة تصدر من األول إىل الثاين‪ .‬وهي تقسم إيل‬
‫أقسام شىت نسبة إىل املفاميل النامجة من نفوذ هذا السائل يف الشخص املنفعل‪.‬‬
‫ولسنا نتطرق يف حبثنا هذا إال للنوع من احلوادث املتعلقة ابنطالق الروح من اجلسد‬
‫معرضني من الوج الطيب منها وكيفية انتعماهلا يف شفاء األمراض‪.‬‬
‫ليست املغناطيسية احليوانية حبديثة النشأة ل يف كل مصر وجد أانس إنصبوا ملى‬
‫درنها وتضلعوا منها وتواريخ الشعوب مآلنة من الروااي التفصيلية املنبئة من تعمق‬
‫كهنة األقدميني يف أصوهلا وحقائقها‪ .‬فكان جموس الكلدان وهرامهة اهلند يشفون‬
‫األمراض مبجرد حتديق نظرهم إىل العليل وإلقائ يف السبا وكثري من الرحالة يروون‬
‫من فقراء اهلند أموراً غريبة تدل ملى شديد إملامهم ابألصول املغنطيسية‪.‬‬
‫وكان املصريون قدمياً يستعملون اإلشارا واملالمسا ذاهتا اليت يستعملها اليوم‬
‫األطباء املمغنطون لشفاء األمراض‪ .‬وكثرياً ما أى هريودتس املؤرخ يف أتليف ملى ذكر‬
‫املعاهد اليت كان يقصدها الزوار العليلون لنوال الشفاء هعالجا كان يكتشفها الكهنة‬
‫يف احللم وذكر ديودورس املؤرخ من مرضى كانوا يذهبون أفواجاً إىل هيكل أهزيس‬
‫وهناك يلقيهم الكهنة يف السبا املغنطيسي ليشريوا وهم يف حالة السبا إىل العالج‬
‫املالئم لشفائهم‪ .‬كذلك هيكل نرياهيس ابإلنكندرية كان مشتهراً هتحويل الرقاد ملن‬
‫لزم األرق‪ .‬وروى املؤرخ نرتاهون من كهنة مدينة ممفيس أهنم كانوا ينومون أنفسهم‬
‫ويعطون وقت السبا آراء طبية ويشريون إىل تراكيب مالجية تزول ابنتعمال‬
‫األنقام‪.‬‬
‫وأخذ اليواننيون من املصريني مجلة من هذه املعارف وفاقوا يف مدة وجيزة معلميهم‬
‫يف هذا الفن‪ .‬وقد أخرب املؤرخ هريودوتس من امرأة ناحرة قتلها الكهنة حساً ألهنا‬
‫كانت تشفي األمراض ابلدلك املغنطيس‪ .‬وروى من أهولونيسو التياين أن كان يشفي‬
‫داء الصرع مبواد ممغنطة وينيبء من املستقبل ويشري إىل حوادث جارية من هعد‪ .‬روى‬
‫املرخون من هذا الفيلسوف أن جلأ يف هزمن شيخوخت إىل مدينة أفس وإذ كان يوماً‬
‫يعلم تالميذه يف الساحة العمومية ذهل فجأة من احلواس ومسع احلاضرون يهتف‬
‫قائالً‪ :‬تشجع وأضرب املغتصب مث توقف هرهة والحت ملي نيما القلق واالنتظار‬
‫وأخرياً هتف قائالً‪ :‬أهشروا اي أهل أفس قد ما املغتصب قتالً‪ .‬وهعد أايم منا اخلرب‬
‫إىل املدينة من نقوط امللك دوميسيانوس قتيالً خبنجر أحد احملررين يف السامة ذاهتا‬
‫اليت تكلم فيها الفيلسوف وهو ملى حال االخنطاف‪.‬‬
‫وأما الرومانيون فلم خيلوا أيضاً من هعد هياكل ينال املرضى فيها الشفاء‬
‫ابالنتعماال املغنطيسية‪ .‬روى نلسوس املؤرخ من إنكلبياد الربوهزي أن ان ينوم‬
‫املصاهني هداء اجلنون‪ .‬وماليانوس أحد آابء الطب احلديث كان يربيء األمراض‬
‫هعالجا جعلت يف أمني الناس ناحراً فاضطر إىل اهلرب من مدينة رومية وقد أقر‬
‫من انفس أن معظم خربت أت من األنوار اليت كان يتلقاها يف احللم‪ ،‬ويف هذا املوضوع‬
‫قال أهقراط احلكيم‪ :‬إن القسم األفضل من ملومي أتتين يف املنام‪.‬‬
‫وقد حاهز أيضاً كهنة الغالني وكاهناهتم منتهى الشهرة يف الفوامل املغنطيسية وشفاء‬
‫األرماض‪ :‬وذكر املؤرخون اتنيطوس ويلينا ونلسوس من تقاطر الناس إليهم من كل‬
‫أطراف الدنيا للربء من مللهم‪.‬‬
‫وأما يف األمصر املتونطة فلم ميارس املغناطيسية إال مدد هزهيد من العلماء ألن‬
‫الكهنة كانو حيارهون هذه الغرائب هكل ما لديهم من النفوذ والسلطة لتخوفهم من‬
‫تداخل الشيطان هبا قال العالمة أفيسان الذي ماش من ننة ‪ 798‬إىل ننة ‪4891‬‬
‫أن النفس تعمل ليس فقط يف جسدها هل يف أجسام اآلخرين أيضاَ وتؤثر فيها من‬
‫هعد واملعلمون قيسان وكرنيليوس أغويبا ومببواننوس وخصوصاً ابرانلوس الذين ماشوا‬
‫يف اجليل الراهع مشر واخلامس مشر وقد وضعوا أصول املغنطيسية احلديثة اليت نشرها‬
‫فيما هعد أنطونيوس مزمر‪.‬‬
‫واملعلم أرنود الفيالنويف أخذ من ملماء العرب‪ 4‬معرفة األصول املغنطيسية ونبغ‬
‫فيها إىل حد أن أهغض أخوت وحكمت ملي مدرنة نرهون ويسنة ‪ 4189‬نشر‬
‫املعلم فلونينيوس طبيب مارهورج الشهري كتاابً يف أصول الشفاء ابملغنطيسية وحاول‬
‫إثباهتا حبجج مقلية‪.‬‬
‫قال املعلم فان هيلمون هتكلم من ابرانلوس‪ :‬إن املغنطيسية ما انتجد فيها إال‬
‫االنم وال يعتدها هدمة إال الذين ميتهنون كل اخرتاع حديث وينسبون إىل الشيطان‬
‫ما يعجزون من شرح ‪ .‬وقال يف حمك آخر‪ ،‬يف اإلنسان قوة نرية يتمكن هبا من‬
‫العمل يف شخص أو شيء هعيد من ‪ .‬وهذه القوة غري متناهية يف اخلالق وحمدودة يف‬
‫اخلليفة لتناهي طبيعتها ووجود العوائق املادية احلائلة دون مملها‪ .‬وملا نشر املعلم‬

‫‪4‬‬
‫روى من اهن الفارض الشامر الطائر الصيت أن تلقن معظم قصائده وأخصها النائية الكربى الشهرية يف‬
‫السبا املغناطيسي املدمو مند العرب فتحاً‪.‬‬
‫املذكور هذه املباديء احلديثة قام ملي الكهنة وأجلأوه إىل اهلرب إىل هوالاندا حيث‬
‫اجتمع ابلعالمة ديكار الفيلسوف الشهري‪.‬‬
‫ويف اجليل الساهع مشر تعاطي مدد من األطباء العلماء األصول املغنطيسية‬
‫وأذاموا آرائهم فيها‪ .‬ونذكر منهم ملى نبيل اإلختصار املعلم روهر فلود االكوني مث‬
‫املعلم ماكسويل الذي نسب الكهنة آتليف إىل تلقينا شيطانية مث الطبيب جريرتاك‬
‫اإلجنليزي الذي كان يصنع مجائب هوضع يدي ملى املرضى من دون أن يدري‬
‫هكيفية صدور هذه األممال من ويف هداية اجليل الساهع مشر كان الطبيبان هوريل‬
‫وفال يستعمالن التفخا املغنطيسية ي شفاء األدواء العصبية اليت مل ينجح فيها دواء‬
‫واملعلم جاننر مأل أملانيا من أنباء ما فاهز ه من النتائج احلسنة يف انتعمال‬
‫املغنطيسية فكان حيدق هبصره إىل العليل ويفرك جسم يف فوق إىل أنفل ومند‬
‫وصول إىل األطراف ينفض أصاهع كأن يطرد اجلراثيم املرضية‪.‬‬
‫ويف أواخر اجليل الثامن مشر ظهر العالمة مزمر ومجع شتا ما تفرق ف‪1‬ي‬
‫املغنطيسية احليوانية ورتب أصوهلا وفرومها وملم كيفية صدورها من الشخص الفامل‬
‫إىل الشخص املنفعل‪ .‬فانتشر تعليم إنتشاراً ماماً وتقاطر إلي مدد غفري من‬
‫التعالمذة فنسب إنشاء املغنطيسية احليوانية إلي ولقبت ابملزمرية‪.‬‬
‫غري إن ملماء العصر مل يسملوا هصحة هذه التعاليم احلديثة هل نبذوها وامتدوها‬
‫من مجلة خرافا األقدميني وأشهروا مليها حرابً مواانً حىت جعلوها موضوما للسخرية‪.‬‬
‫إمنا املغنطيسية احليوانية هي إحدى احلقائق الراهنة اليت تنمو رغماً من كل مصادمة‬
‫مدوانية فل ترشها السخرية وال هزمزمتها ريح االضطهاد هل أتصلت وامتد إىل أن‬
‫هلغت اليوم احملافل العلمية الرننية فسلموا هصح حوادثها وانتبدلوا امسها فدموها‬
‫تنومياً )‪ (hypnotism‬وأصبحوا يكتبون املقاال الراننة يف غرائب التنومي وأنشئت‬
‫جمال طبية خصوصية للبحث يف هذه احلقائق احلديثة‪ .‬هذا شان كل حقيقة راهنة‬
‫تصدم يف هدايتها الرأي العام فينهض ضدها املتعصبون ولكنها ال تزول حىت تستظهر‬
‫ملى كل مقاومة وختضع هلا العقول‪.‬‬
‫فصل يف عجائب العلم احلديث يف التنومي‪:‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬قد فهمت ما أهديت يف هذا الفصل من هذا اجمللس من مجائب‬
‫التنومي املغناطيسي ومرفت أنواع املؤثرا ملى األمصاب من املواد الكيماوية والطبيعية‬
‫واحلواينية وكيف ينام اإلنسان ال حراك وال حس ل ‪ .‬وكيف يرى ويسمع هال مسع وال‬
‫هصر‪ .‬ولكن هل هلذا مالقة ابلقرآن الكرمي‪ .‬وإذا كان إحضار األرواح يوافق القرآن‬
‫فكيف يكون للتنوم املغناطيسي مالقة ه ‪ .‬وما املنانبة هين وهني العقائد العامة للناس‬
‫– قلت اي شري دمحم‪:‬‬
‫ال فرق هني العمني من حيث النتيجة كما أشر أنت ل يف نؤالك إمنا املدهش‬
‫العجيب الذي ختر ل أرابب احلكمة نجداً ما قصصت مليك اليوم فإن النائم يف‬
‫درجات الثالث يتذكر أحواالً ماضية ويبدي غرائب ومجائب‪.‬‬
‫إن كل من حاال السبا املغناطيسي ل ذاكرة خاصة ه إلغن النائم يف احلالة‬
‫األوىل يتذكر كل ما ممل يف اليقظة‪ .‬ويف احلالة الثانية يتذكر كذلك كل ما مل يف‬
‫اليقظة وي احلال األوىل‪ .‬ويف احلال الثانية يتذكر أممال يف اليقظة ويف احلال األوىل‬
‫والثانية وإذا ماد إىل احلال الثنانية يفقد ذكر ما ممل يف احلال الثالثة وإذا ماد إىل‬
‫احلال األوىل ال يتذكر ما ممل يف الثانية والثالثة وهلم جرا وملى هذا يتسع نطاق‬
‫ذاكرة الروح ملى قدر اتساع حريتها وضعف الواثق لرطها ابجلسد‪.‬‬
‫فإذن ال يكون التذكر التام إال هعد اإلحنالل التام من اجلسد ابملو ‪ .‬وقد أنهب‬
‫العالمة جربائيل ديالن يف إثباات هذه احلقيقة يف كتاه املدمو ابالرتقاء الروحي ‪-‬‬
‫هذه نتائج مجيبة للمغناطيسية ا هـ ‪ .‬ملخصاً من املذهب الروحاين‪.‬‬
‫اليس هذا ينطبق هتفسري قول تعاىل {يوم يتذكر اإلنسان ما نعي} وقول تعاىل‪:‬‬
‫{إقرا كتاهك كفي هنفسك اليوم مليك حسبا} وقول أيضاً‪{ :‬لقد كنت يف غفلة من‬
‫هذا فكشفنا منك مطاءك فبصربك اليوم حديد} وقول تعاىل‪{ :‬يوم جتد كل نفس ما‬
‫مملت من خري حمضرا وما مملت من نوؤ تود لو أن هينها وهين أمداً هعيداً}‪.‬‬
‫أليس هذا ما أخرب ه هللا تعاىل فقال‪{:‬ننريهم آايتنا يف األفاق ويف أنفسهم حىت‬
‫يتبني هلم أن احلق} وها حنن أوالء نظران يف اآلفاق فألفيناها منظمة حمكمة‪ .‬واليوم‬
‫حنن نبحص يف األنفس فألفيناها أمجب وأغرب تصديقاً لقول تعاىل‪{ :‬ويف أنفسكم‬
‫أفال تبصرون) وأتمل ما يقال "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا" وتذكر قول تعاىل‪:‬‬
‫{فستذكرون ما أقول لكم} وقول "إمنا هي أممالكم تعرض مليكم"‪.‬‬
‫أليست أممال النفس الثالثة املتقدمة شرحاً للحديث الشريف فإن اإلنسان ال‬
‫يتذكر إال يف حال االنطالق التام واملو هو أمت االنطالق وكأننا اآلن انئمون ويقظتنا‬
‫ابملو قال تعاىل‪{ :‬وإن الدار اآلخرة هلي احليوان لو كانوا يعلمون} فبمثل هذا فيكن‬
‫العلم واليقني وملثل هذا فليعمل العاملون وهذه املعارف هي مني اليقني‪.‬‬
‫اجمللس احلادي عشر‬
‫يف بيان براهني سقراط على بقاء النفس وكيف كان مبدأ‬
‫التفكري عند املؤلف وكيف استدل ابن مكسويه‬
‫عليها وهيئة املفكرين يف هذا العصر احلاضر‬

‫قاهلين الشيخ شري دمحم وقال‪ :‬لقد فهمت يف اجمللس الساهق كيف كان إنتشار‬
‫الروحانيتة يف الدنيا وطرق اإلحضار‪ .‬واليوم أرجو أن تذكر يل كيف أنكر الناس يف‬
‫هذا العصر‪ ،‬وكيف ينسبون هذا اإلنكار إىل رجال جملة مشهورة يف هذه البالد‪.‬‬
‫فقلت اي شري دمحم‪ :‬إن النسا ملى أقسام فمنهم املفكرون الناظرون هعقوهلم‪ .‬وكثرياً ما‬
‫هم يف هالدان ‪ :‬وقد يطلعون ملى آراء أفالطون ونقراط وقدماء الفالنفة وحمدثيهم‪،‬‬
‫فأما هراهني املتقدمين العقلية فيمنها ما قال نقراط‪ :‬ترمجة الفيلسوف ننتالنة الطلياين‬
‫والققطي املصري وهذا نصها‪:‬‬
‫أول‪ :‬إان نشاهد الضد يتولد من ضده فاجلميل ينشا من القبيح‪ ،‬والعدل من‬
‫اجلور‪ ،‬واليقظة من النوم‪ ،‬والنوم من اليقظة‪ ،‬والقوة من الضعف وابلعكس‪ .‬فاألشياء‬
‫يتحيل هعضها إىل هعض‪ .‬مث ترجع هصفة دائرة إىل ما كانت ملي ‪.‬‬
‫واحلياة املو ‪ .‬والوجود والعدم نقيضان‪ .‬فالوجود ينشأ من العدم واملو ينشأ من‬
‫احلياة‪ .‬وملى ذلك يلزم أن تنشأ احلياة من املو إذ ال هد أن يكون للمو ما‬
‫يناقض وإال فقد خالفت الطبيعة قامدهتا املطرودة يف مجيع األشياء‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬ما يستدل ه من طبيعة العلم‪ :‬وذلك آ العلم إمنا هو تذر النفس ما‬
‫كانت قد ملمت يف حياة ناهقة ومصادقة أن أجهل الناس إذا نئل نؤاالً منظما‬
‫من مباديء اهلندنة مثال وانتقل ه السؤال من أصل إىل أصل شيئاً فشيئاً ملى‬
‫الرتتيب فقد جيد من نفس مباديء اهلندنة جمومباديء كل ملم وهذا ال ميكن إال إذا‬
‫كانت األصول منطبقة يف فطرت موجودة مند قبل والدت وهناك دليل آخر من هذا‬
‫النوع وهو لو أان فرضنا ملماً ناهقاً موجوداً يف ذهننا ما متكنا من فهم شيء من‬
‫املوجودا ‪ .‬فإننا إذا قاهلنا شيئاً آبخر مثالُ ما أمكن أن نقول أن مساو أو غري مساو‬
‫لو مل يكن يف ذهننا قبل كل مقاهلة معىن املساواة املطلقة اليت مل نستفدها من األشياء‬
‫احملسونو‪ .‬إذ ال شيء منها يتحقق في املساواة إال هنوع التقريب ومساحمة توجب أن‬
‫يكون معىن املساواة مرتسماً يف ذهننا حىت حنكم ملى األشياء أهنا متساوية أو غري‬
‫متساوية‪ .‬ومثل هذا ما حيمن ملى األشياء أهنا متساوية أو غري متساوية‪ .‬ومثل هذا‬
‫ما حيكم ه فكران كالمجال والعدل والوجود وغريه‪ .‬فإن ذلك يستدمي معرفة تلك‬
‫املعاين قبل احلكم مليها‪ .‬فيلزم من أن العقل البشري إمنا اكتسب هذه املعرفة مبشاهدة‬
‫تلك املعاين صافية غري مشوهة ابملادة قبل ورودها إىل هذا العامل وهذا من كالم نقراط‬
‫يف الداللة ملى أن النفس كانت موجودة قبل هذه احلياة أما الدليل ملى أهنا موجودة‬
‫هعد املو فقد قال أيضاً‪:‬‬
‫إن النفس جوهر غري مرئي‪ ،‬فيلزم أن ملى غري طبيعة األجسام ألن من طبيعة‬
‫اجلسم أن يكون مدركاً إبحدى احلواس وإذا كانت ملى غري طبيعة اجلسم‪ ،‬فهي إذن‬
‫غري مركبة ألن الرتكيب من طبيعة األجسام‪ .‬وإذا كانت هسيطة فإهنا غري قاهلة‬
‫لالحنالل ألن االحنالل يعرتي املركب إىل املواد اليت منها تركب‪ ،‬فإذا كانت النفس‬
‫هسيطة مل يتصور احنالهلا‪.‬‬
‫إن النفس هي اآلمر والبدن هو املأمور فمن طبيعة األمور اإلهلية أن تكون آمرة‬
‫ومتصرفة ومن طبيعة األمور السفلية أن تكون مأمورة‪ .‬فالنفس إذن من األمور اإلهلية‬
‫وهي غري قاهلة للزوال فهي إذا هقيت ملى صفائها وفطرات من غري أن تشارك البدن يف‬
‫أدانن فإهنا تلتحق هعد املو مبوجود مثلها‪ .‬فقتبقى مع نعيدة مبتهجة حمررة من‬
‫أوهامها وأخوافها وكل ما كان يسخرها ويهوش مليها إذ كانت يف قيد احلياة‪ .‬وإذا‬
‫تركت الدن ملوثة مدنسة غري معتقدة من الوجود إال ما يؤكل ويشرب ويدرك ابحلس‬
‫فال يسعها إال أن ترجع إىل حياة مشاكلة لطبيعتها‪.‬‬
‫إىل أن قال‪ :‬وأما االلتحاق ابلعامل األملى اإلهلي فال جيوهز إال ملن ترك احلياة وهو‬
‫يف غاية من النقاوة والصفاء وهذا خمتص ابلفيلسوف احلقيقي دون غريه مث نكت‬
‫نقراط هرهة وقال لعل ما مسعتموه يكفي إلثبا هقاء النفس هعد املو ويف األقل‬
‫ترجيح هذا الرأي ملى غريه‪ ،‬إذ هي الغاية القصوى اليت ميكن إدراكها يف هذه احلياة‬
‫ي هذا املوضوع فامرتض ملي هعض تالميذه ابمرتاضني‪:‬‬
‫األول‪ :‬إن لقائل أن يقول‪ :‬من النفس للبدن كاألحلان آلال املونيقى فإذا‬
‫انكسر اآللة وفسد مل يبق لألحلان وجود وهكذا ميكن أن يقال أن النفس ما هي‬
‫إال نتيجة تكافؤ العناصر وامتداهلا يف املزاج اإلنساين‪ .‬فإذا فسد االمتدال وتالشى‬
‫املزاج تفسد النفس ال حمالة‪ .‬واالمرتاض الثناي أن يقال‪ :‬قد نلمنا وجود النفس قبل‬
‫هذه احلياة وأهنا أفضل من البدن وأقوى من وأهنا تبقى هعد موت ‪ .‬غري أن ال يرتتب‬
‫مل ي ذلك هقاؤها ملى الدوام‪ .‬إذ قد ميكن أهنا تبقى هعد مو هدهنا مث تفين كما‬
‫ميو اإلنسان وهو قد أخلق الثوب هعد القشوي مث ميو من آخر ثوب قد أخلق ‪.‬‬
‫فأجاب نقراط من االمرتاض األول هقول ‪ :‬أان إذا نلمنا أن التعلم إمنا هو تذكر‬
‫النفس ما كانت قد ملمت يف حياة ناهقة فال يسوغ أن يقال أن النفس نتيجة‬
‫امتدال املزاج إذ لو كان كذلك ما نبق وجودها وجود املزاج فكيف تتذكر معلوماهتا‬
‫يف حياة ناهقة فغذا وجب االمرتاف أبن العلم ال يتصور إال هوجود هذه امللعوما‬
‫الساهقة يف النفس لزم من أال تكون النفس نتيجة املزاج وأيضاً لو كانت النفس نتبجة‬
‫املزاج لكانت اتهعة للمزاج وال ختالف يف شيء هل تكون مسخرة ل وتد خالف ذلك‬
‫يف الواقع‪ .‬إذ قد نرى النيفس تنهي البدن من أشياء وأتمره هشاشياء وتصرف ي‬
‫هوجوه خمتلفة وهذا يدل ملى أهنا مغايرة للبدن مستقلة من وان جوهرها أملى وأفضل‬
‫من طبيعة البدن‪ .‬إذ لو كانت اتهعة للمزاج ملا كانت تفارق يف شيء ما وملا كانت‬
‫النفس ختتلف من النفس‪ .‬إذ ال فرق هني األحلان واألحلان إال يف القوة والضعف ال‬
‫من حيث أهنا أحلان‪ .‬وحنن نشاهد أنبني النفوس تفاواتً مظيماً‪ .‬وأما االمرتاض الثاين‬
‫فجواه ‪ :‬أن األشياء احملسونة الفانية ال يتصور قيامها إال هوضع معان غري حمسونة‬
‫أهزلية كاملة الوجود‪ .‬وأن هذه املعاين ما دامت فهي ال تقبل شيئاً مما يناقضها‪ .‬ومثال‬
‫ذلك‪ :‬أن العدل ال يقلل شيئاً من اجلور واملساواة ال يدخلها شيء من التفاو ‪.‬‬
‫والفرد ما دام ملى جوهر الفردية ال يقبل شيئاً من الزوجية والعكس ابلعكس‪ .‬والقول‬
‫يف النفس مثل القول يف املعاين نواء هسواء‪ .‬إذ تقرر أن النفس جوهر مسيطر قائم‬
‫هنفس جمانس للمعاين فيكون حكم مثل حكم املعاين من مدم قبول الضد والنقيض‪.‬‬
‫وال شك أن النفس أصل احلياة فهي إذن حية من ذاهتا فهي إذن ال تقبل نقيضها أي‬
‫املو مادامت ملى جوهرها وهو احلياة‪ .‬فكما أن الفرد ال يكون هزوجاً والعدل ال‬
‫يكون جوراً ما هقيا ملى حاهلما كذلك النفس ال تقبل املو وال يداخلها الفناء فهي‬
‫إذن أهزلية‪.‬‬
‫مث إذا كان املو هناية كل شيء كان في فائدة مظيمة للشرير والظامل فإهنما‬
‫يسرتحيان ابملو من أنفسهما ومن الفبدن ومن شره ومن مواقب الشر دفعة واحدة‪.‬‬
‫وهذا مما ال يرتضي العقل وال اإلنصاف‪ .‬فتعني أن نعتقد يف النفس أهنا إذا فارقت‬
‫البدن فقد حتمل معها ما كانت ملي من األوصاف‪ .‬إن خرياً فخياً وإن شراً فشراً‪.‬‬
‫فمن ترك وهو يف قيد احلياة مالذ البدن املتاع الدنيا واجتنبها كما جيتنب ما ال يعين أو‬
‫يضر ومل يطلب إال ما يعني ملى العلم وهزين ضمريه ابلعفة والعدل واملروءة واحلرية‬
‫والصدق فل أن يرتقب وقت السفر من غي اضطراب كمن هتيأ للرحيل‪ .‬وكل ما تقدم‬
‫من احملاورة املونومة فاذون أو فيذون كتب الفقطي يف اترخي وفيها هزايدا ترمجها‬
‫الفيلسوف ننتالنة أدخلتها هنا وقد اطلعت ملى كتاب ابإلجنليزية مطوال هبذا العنوان‬
‫وما لدينا من كالم الفقطي واألنتاذ ننتالنة الطلباين خمتصرة‪.‬‬
‫كيف كان مبدأ تفكري املؤلف يف أمر الروح‪:‬‬
‫وملا إ نتهى هنا القول إىل هذا املقام قال شري دمحم‪ :‬قد فهمت ما قلت من آراء‬
‫نقراط وأن الروح منده قدمية ومرفت هراهين اإلقنامية ولكين أريد قبل أن خنرج من‬
‫قسم املفكرين إىل قسم املقلدين أن ختربين كيف كان أول ما فكر يف هذا املقام فقد‬
‫رايتك يف كتبا التاج املرصع تبدأ ابلشك يف نظام هذا العامل وتبني كيف كان تشكك‪.‬‬
‫وكيف كنت تطلب حقيقة الروح‪ ،‬وهل كان الشك مبدأ أمرك فيها؟ فقلت أملم اي‬
‫شري أن مبدأ أمري يف مسألة الروح كان الشك املطلق هل اإلنكار‪.‬‬
‫ذلك أين كنت يوماً واقفاً يف حقلنا أبرض كفر موض هللا جبانب هنره املسمى ترمة‬
‫كفره موض ال – وكنت أهزاول هعض العمل فامرتاين دوار‪ .‬لضعف صحيت فجلست‬
‫مدة‪ .‬فلما أفقت مما أغشى ملي نظر يف أمر الوح وقلت‪ :‬اي ليت شعري‪ .‬إذا كنت‬
‫اآلن ال أهزل حياً مل أفارق اجلسم وما هو إال أن أغشى ملي حىت فقد الشعور‬
‫واإلحساس‪ .‬فكيف تكون حال إذا فارقت اجلسم وتفرقت األوصال وتناثر‬
‫األمضاء فهل يبقى يل مقل أو ملم وكنت إذ ذاك يف هزمان العطلة األهزهرية‪ .‬وكانت‬
‫نين حوايل العشرين‪ .‬مث هعد ذلك رجعت إىل األهزهر وأان مكب ملى طلب العلوم‬
‫اللسانية والشرمية فذا ليلة رأيت وأان انئم كأين يف مقاهر (قريبتنا) كفر موض ال‬
‫وكأن قائالً يقول أنظر فنظر يف اجلو فرأيت كأن هناك نوراً أهيض مغموراً يف ونط‬
‫الزرقة‪ .‬فقال‪ :‬هذه هي الروح‪ .‬وكانت ليلة اخلميس‪ .‬فلما انتيقظت قمت مع رفاقي‬
‫اجملاورين للرايضة خارج القاهرة قاصدين هيت أحد أقارهنا‪ .‬فلما جلست وجد يف‬
‫الطاق كتاابً فأخذت ‪ .‬فإذا هو كتاب هتذيب األخالق للشيخ أب ملى أمحد هن دمحم‬
‫املعروف ابهن مسكوية املتوىف ننة ‪ 124‬ومل يكن يل مهد هبذا الكتاب وال هغريه من‬
‫الكتب الفلسفية فتفحت فوجدت اهتدأه ابلربهان ملى وجود النفس‪ .‬وأتى هرباهني‬
‫أشب مبا تقدم ذكره من أفالطون ونقراط‪ .‬فمنها أننا وجدان فينا شيئاً يضاد اجلسم‬
‫وأمراض اجلسم ويباينها كل امباينة حكمنا أن ليس جبسم وال جزءاً من جسم وال‬
‫مرضاً آال ترى أن اجلسم املثلث ال يقبل الرتهيع إال هعد هزوال الصورة األوىل‪ .‬وهي‬
‫التثليث‪ .‬وهكذا نائر األشكال واألمراض ليس يقبل اجلسم واحداً منها إال إذا خلع‬
‫اآلخر والعقل نراه يقبل نائر األشكال واألوان واملقادير‪ .‬فليس يتغري‪ .‬هل =يقبلها‬
‫كلها دفعة واحدة‪ .‬وهذه العلوم تزيد العقل قوة خبالف اجلسم فال يقبل إال لوانً او‬
‫شكالً وال جيمع شكني معاً‪ .‬وهذا هو التباين العظيم هني املادة والعقل‪ .‬ومنها أن‬
‫القوى اجلسمية ال تعرف العلوم إال من احلواس فتتشوقها ابملالهسة واملشاهكة‬
‫كالشهوا البدنية وحمبة اإلنتقام واجلسم يزداد هبا قوة فهو يفرح هبا فأما النفس فإهنا‬
‫كلما اتقره ت من املاة‪ .‬ضعف إدراكها وكلما رجعت إىل ذاهتا اهزداد قوة‪ .‬ومنها أن‬
‫النفس حترص ملى العنوم واألمور اإلهلية وال يتشوق شيء إىل ما ليس من طبع وال‬
‫ينصرف مما يكمل ذات ويقوم جوهره فالنفس ابنصرافها من احلواس مند التفكري‬
‫لتكمل معارفها خمالفة أفعال البدن‪ .‬فهي إذن جوهر مفارق للبدن ومنها أهنا أخذ‬
‫مباديء للعلوم غري اليت أخذهتا من احلواس‪ .‬فإهنا حكمت مثالُ أبن ليس هني طرقي‬
‫النقيض وانطة وهذا ال تدرك احلواس‪ .‬ومنها أن احلواس تدرك احملسونا وحدها‪.‬‬
‫وأما النفس فإهنا تدرك أنباب االتفاقا وأنباب االختالفا ‪ .‬وهي مفعوالهتا اليت‬
‫ال تستعني مليها هشيء من اجلسم‪ .‬وهي حتكم ملى احلس أن صادق أو كاذب‪ .‬أال‬
‫ترى أن البصريري الكبري صغرياً والصغري كبرياً كالشمس واإلصبع الغائص يف املاء فإن‬
‫األول أكرب ابلربهان‪ .‬واإلصبع ليس حجم احلقيقي ما يرى يف املاء هل هو في أكرب‬
‫مما هو ملي يف النظر وأناب ذلك مذكور يف ملم املناظر هذا ملخص ما ذكره اهن‬
‫مسكوية وقرأت يف ذلك اليوم‪ .‬ومل أشأ أن أخرج مع اجملاورين للرايضة هل هقيت أقرا‬
‫الكتاب هقية النهار‪ .‬فهذا كان مبدأ نظري يف النفس وهقائها‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬لقد أوضحت املقام وتبني يل ما قال القدماء واحملدثون ومرفت‬
‫كيف يتفكر العقالء يف هالدكم وإىل أي الكنب يرجعون‪ ،‬ومرفت النحو الذي‬
‫ينحون يف معرفة الروح‪ ،‬ولقد رأيت ما قال نقراط يشاه ما ذكر آنفاً يف احملاضرا‬
‫الساهقة يف كالم غاليلي الفكي الشهري حني انتحضر روح وقال إهنا من املادة‬
‫الوىل هسيطة ال تقبل العدم وأخذ يفهم ما معىن األهدية فإذا صح ما قيل من روح‬
‫غاليلي ناهقاً وإهنا هي الروح حقيقة رأينا تطاهقاً غريباً هني كالم األرواح ومقال‬
‫نقراط واهن مسكوية فإن إمجامهم أهنا هسيطة ال تقبل العدم‪.‬‬
‫إال أن العامل احلديث والقدمي متفقان فما أمجل العلم‪ .‬وما أمجب احلكمة ولقد‬
‫فهمت هذا املقام حق الفهم فلننتقل لبيان القسم الثاين من الناس ابلنسبة للعلم وهم‬
‫املقلدون كما ومد يف أول هذا اجمللس فقلت مومدان الصبح أليس الصبح هقريب أ‬
‫هـ‪ .‬اجمللس احلادي مشر‪.‬‬
‫اجمللس الثاين عشر‬
‫يف بيان الطرق اليت يتبعها املقلدون‬
‫يف العصر احلاضر وشبهاهتم‬

‫جاء شري دمحم وقا ل‪ :‬اي نيدي قد ومد يف اجمللس الساهق أن تفيض الكرم يف‬
‫مسألة التقليد يف مسألة الروح يف هالدكم فقلت‪ :‬من كالمنا يف هذا املقام وهو هقاء‬
‫األرواح هعد املو أول كان نؤاالً منك من السبب يف شيوع إنكار هقاء األرواح هعد‬
‫املو فقلت لك الناس مفكرون ومقلدون وقد أهنت الطريق اليت يسلكها املفكرون‪.‬‬
‫أما املقلدون فبعضهم ال ريب ال يعلمون إال ما قالت الفرجنة‪ .‬وال يعلمون غري ذلك‬
‫وليس يقد أن يشيع أجد فكراً أو يذيع رأايً إال إذا مضده هرأي مامل غريب وفيلسوف‬
‫أورويب ومىت ذكر امساً من أمسائهم خضعت األمناق وانتمعت اجلموع‪ ،‬وأنصتوا وهم‬
‫خم بتون‪ .‬فهؤالء مىت اطلعوا ملى ما نقلناه يف هذا الكتاب فإن ال حمالة يذمنون لذلك‬
‫وهم فرحون‪ ،‬ألن هؤالء ملماء طبيعيون وفالنفة وفلكيون فال جرم يقلدوهنم‪ .‬فبهذا‬
‫مرفنا طريق الفكر وطريق التقليد يف هالدان فاملقلدون هذه أحسن نبيل هلم وليسوا‬
‫يقدون ملى املكاهرة مىت قرءوا هذا‪ ،‬أو ما كتب صديقنا الفاضل دمحم فريد وجدي يف‬
‫مؤلفات ‪.‬‬
‫قال شري دمحم ‪ :‬أان فهمت ما تقول وكين أجد أكثر املتعلمني ينكرون هقاء الروح‬
‫وينسبون هذا لبعض رجال اجملال العلمية يف مصر وإهنم أتبعوهم يف ذلك‪ .‬فقلت‬
‫ل ‪ :‬إذا مجعك هواحد من هؤالء جملس فبني هلم املقام واذكر هلم ما أفدانك مث أفهمهم‬
‫أن كل كاتب إمنا يصول ويدمو الناس هدموى أن مامل مبا يدرن األوروهيون وهذه هي‬
‫آراء ملماء أورواب والمجيعيا العلمية فيها‪ .‬فمن ذا الذي يدمي أن أملم من هؤالء‬
‫وأرقى من دار الندوة يف واشنطن كما رأيت يف هذا الكتاب؟‬
‫قال شري دمحم‪ :‬ولكن القوم هنا انتحكمت الفكرة يف أذهاهنم وأن ملى قلوهبم‬
‫هعضهم ما كانوا يقرءون يف هعض اجملال ‪.‬‬
‫قلت اي شري دمحم‪ :‬أن هذه الطبقة اليت ذكرهتا دماها إىل ذلك أحد أمرين‪ :‬أما‬
‫اجلهل وأما الكرب والشهوة فقد يعرف اإلنسان أن جاهل ولكن أينف أن يتاهع‬
‫البحث ويصغي إىل نداء وتصده شهوات املستغرقة أوقات حبيث ال جيد جماالً للبحث‬
‫وال متسعاً للتنقيب فيفر من البحث فراره من األند والسليم من األجرب‪.‬‬
‫فقال شري دمحم‪ :‬أما الكرب واهلشوة فنعم‪ .‬وأما اجلهل فاين أمارض في ألن من‬
‫أذكرهم لك معهم الشهادا العليا‪ .‬فكيف يكونون جهالء؟ فقلت‪ :‬أليسوا جهالء‬
‫هبذه املسألة؟ قال‪ :‬هلى‪ .‬قلت هذا يعد جهالً أبهم األشياء وملى املرء أن يسعى‬
‫للعلم وهللا يتوىل أمره‪.‬‬
‫قال شري دمحم إن الناس يزممون أن جملة املقتطف تدمو إىل ذلك ألراي وأن هذه‬
‫مقيدة رجاهلا وقد اتبعهم كثري من أكاهر القوم وناجاهتم‪ .‬فقلت‪ :‬أمل أقل لك أن‬
‫اجلهل أوقع الناس يف هذا اخلطأ ومن ذا أخربهم أن هذا راي املقتطف‪ ،‬هل أطلعوا‬
‫ملي ضمائرهم؟ هل هم نصبوا أنفسهم لعلم افلسفة والنفس وحدمها وأمرضوا مما‬
‫نوامها؟ أليست اجمللة وانعة الرحاب لكل ملم وفن من طبيعة وفلك ونيانة وأدب‬
‫واتريخ وهم يعرضون ذلك ملى الناس‪.‬ولو كان هذا رأيهم لكان األجدر ابلعقالء أن‬
‫أيخذوا تلك املسألة من اجلمعيا اخلاصة هبا‪ .‬وهل يسأل الطبيب من ملم النحو‪،‬‬
‫أو املهندس من ملم املعادن‪ .‬ولكين ال أنلم ما يقول الناس‪ .‬هل هم يرجحون أن‬
‫األرواح حية وأهنا تكلم الناس أمل تر إىل ما ذكر يف املقتطف يف أغسطي آب ننة‬
‫‪ 4749‬اجمللد احلدي واخلمسني صفحة ‪ 499‬ما نص ‪:‬‬
‫(وكل ما ذكرانه من االمرتاض والتعقيب ملى السر أو ليفرلدج وأهل هيت ال يثبت‬
‫أن أرواح املوتى تالشى وال تبقى يف الوجود أو ال ميكن االتصال هبا ومناجاهتا كال هل‬
‫إن احتمال وجودها واتصاهلا ابألحياء أرجح جداً من احتمال تالشيها وانتحالة‬
‫اتصاهلا ابألحياء) ا هـ‪.‬‬
‫أقول وأملم أن الناس امتادوا أن ينسبوا آراءهم إىل من هلم شهرة إما ليدرءوا من‬
‫أنفسهم الذم وإما المتقادهم أن العلم مند الناس كالعلم مندهم وهذا هو الغالب‬
‫ملى نوع اإلنسان‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬إذا كانوا يرجحون فهل يقال هذا رأيهم؟‬
‫فقلت أ مل تر إىل نقراط املتقدم حديث كيف قال إن هذا الربهان ملى هقاء النفس‬
‫يكفي إلفادة الظن وهذا كاف يف احلياة الدنيا اليت اختلط فيها األمر والتبس ملى‬
‫البشر‪ .‬هذا معىن ما تقدم فارجع إلي وتذكر ما قلناه جتده‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬لقد مجبت من الناس كيف يقرءون الكالم وال يفهمون ما في ‪.‬‬
‫وإن جملة املقتطف هني ظهرانينا يقرؤها الناس ويظنون أهنا تعلمهم ضد ما فيها؟ إن‬
‫هذا هلو العجب العجاب‪ .‬فقلت‪ :‬أمل أقل لك أن الكربايء والشهوا واجلهل قد‬
‫أحاطت ابلناس‪ .‬وما منع هعضهم من العلم إال ما أحرهزوا من شهادا وما أوتوا من‬
‫ألقاب فأصر هعضهم انتكربوا انتكباراً وجهلوا ما يقرءون وامتقدوا ما ال يفهمون‪.‬‬
‫ولو أنك طالعت ما كتب صديقنا الفاضل العالمة دمحم فريد وجدي يف نفس‬
‫املقتطف يف هذه السنة ننة ‪ 4747‬من مقاال متاهعا مجيبة يف إثبا مناجاة‬
‫األرواح لرأيت العجب العجاب إال وأين أحيلك مليها لتزداد حكمة وملماً وفهماً‬
‫ويقيناً‪.‬‬
‫وال هد من اإلشارة إىل هعض ما كتب يف تلك املقاال اليت توىل نشرها في ملا ل‬
‫من الفائدة وليدل ملى ابقي ‪.‬‬
‫قال يف مدد شهر فرباير ‪ 4728‬من املقطم نقالً من كتاب ‪Teaching Spirit‬‬
‫الروح املعلمة‬
‫بيد القس سنتون موزس حتت عنوان‬
‫مذهب األرواح يف حب اإلنسانية ويف الفلسفة‬

‫حمب اإلنسانية هو الذي حيبها لذاهتا والفيلسوف هو الذي حيب العلم لذات‬
‫كذلك‪ ،‬فأمثال هذين الرجلني هم أحباء هللا الذي ال تقدر هلم فقيمة‪ ،‬وما أمد هلم‬
‫من السعادا ال ميكن أن حيد فاألول ال يقيد حب للناس امتبارهم ابجلنس وال الوطن‬
‫وال االمتقاد وال االنم هل حييط اإلنسانية مامة حبب اخلالص فيحب الناس ابمتبارهم‬
‫إخواانً غري مبال آبرائهم اخلاصة فهو ال ينظر إال إىل حاجاهتم يهبهم من ملم الراقي‬
‫فيبارك هللا ملي ‪ .‬هذا هو احلب الصادق لإلنسان وليس هو ذلك الذي ال حيب إال‬
‫الذين يوافقون يف الرأي وال يسامد ‘غال من يتملقون ل وال يتصدق إال ليعرف من‬
‫أن من احملسنني‪.‬‬
‫والثاين أي الفيلسوف هو الذي خلص من وطأة النظراي فيما جيب أن يكون‬
‫ومن اخلضوع لآلراء الطائفية والتقاليد‪ .‬املذهبية فأصبح حراً من أنر املقررا‬
‫ومستعداً لقبول احلقيقة مهما كانت هشرط أن تقوم مليها الرباهني ابحثاً من مساتري‬
‫احلكمة اإلهلية فيجد نعادت من وراء هذا البحث وهو ال خيشى أن يستنفذ خزائن‬
‫هذه احلكمة فإهنا ال تقبل النفاذ‪ ،‬أما اغتباط يف احلياة فهو يف الرتقي كل يوم يف‬
‫معارج العلوم العالية ويف احلصول منها ملى حمصول مظيم من آراء هي أقرب إىل‬
‫احلقيقة من هللا ومن العامل‪.‬‬
‫اجتماع هاتني اخلصلتني حب اإلنسانية وحب الفلسفة يكوانن الرجل الكامل ا‬
‫هـ‪ .‬متقطف شهر فرباير ننة ‪.4728‬‬
‫ومن مجيب اإلتفاق أن وقع يف يدي اليوم كتاب التفاحة املنسوب لسقراط‬
‫احلكيم حني ودام لتالميذه هعد ما شر السم فرأيت أن أنقل ما ينانب هذه‪.‬‬
‫ق ال ‪ :‬نأل نقراط شيماس أتدري ماذا محل الفالنفة ملى خلع الدنيا ونبذ‬
‫شهواهتا‪ .‬فأجاب شيماس‪ :‬محلهم ملى ذلك ملمهم إبفساد الدنيا مقوهلم‪ .‬قال‬
‫احلكيم‪ :‬أفال ترى أن املفسد مضر وأن املضر مدو ومدو العقل إمنا هو اجلهل‪ .‬ومنها‬
‫أيضاً نأل احلكيم نقراط قريكون قائالً أفدين من منفعة العلم يف الدنيا اليت أقرر‬
‫هبا أهي لذة العيش أم متام الفلسفة؟ فأجاب أقريطون‪ :‬أما وقد أقرر مبنفعة العلم‬
‫ورايت الفلسفة مضرة ابللذا واللذا مانعة من الفلسفة فلقد اضطرين ذلك اإلقرار‬
‫إىل التسلم أبن تلك املنفعة متام الفلسفة ا هـز‬
‫قال شري دمحم‪ :‬اي نيدي قد شاقين هذا احلديث أن تلخص يل ما ذكره املقتطف‪،‬‬
‫من قصة أوليفرلدج وحمادثت مع اهن هعد أن غادر احلياة الدنيا يف احلرب احلاضرة‪:‬‬
‫فقلت! نأقص مليك قصص وقصص اهن يف هذا املقام‪ ،‬والعم أين لست أريد أن‬
‫تعتقد كل ما ينقل يف هذا الكتاب‪ ،‬هل مقلك هو امليزان‪ ،‬فزن ه ما يرد مليك فإن‬
‫اهن اليفرليدج‪ ،‬شاب نار إىل العامل اآلخر‪ ،‬ليس منده كثيب من جترهة‪ .‬فلذلك نرتى‬
‫هعض آرائ غري انضجة كقول يف منزل أن مبين من آجر‪ ،‬واآلجر والثياب إمنا تكون‬
‫من تصامد خبار ودخان من األرض يتجمد هناك‪ ،‬هذا تعليل نقيم‪ ،‬ألن الشاب‬
‫خاو من احلكمة يف الدنيا‪ ،‬فجعل ملل نقيمة ضعيفة‪ ،‬ومنها قول إن اإلنسان هعمل‬
‫الصاحلا ‪ ،‬ترفع درجات يف اآلخرة وليس يهم االمتقاد فهو أيضاً خطأ ينايف إمجاع‬
‫ملماء الفلسفة وآراء األرواح العالية‪ ،‬اليت تقدمت يف هذا الكتاب ومن آرائ احلقة‬
‫تعليل رفع املنضدة أبن من احتاد مغناطيس احلي اجلالس مبغناطيس الروح املستحضرة‬
‫فيكون هبما حترك املتحرك وهذا التعليل حق يوافق ما ذكرت األرواح العالية فيما تقدم‬
‫فافهم ما قلت وهزن كالم ملى هذا النسق‪ .‬وهاك ملخص نقلت من املقتطف ليكون‬
‫فكاهة يف اجمللس القادم إن شاء هللا تعاىل ا هـ اجمللس الثاين مشر‪.‬‬
‫اجمللس الثالث عشر‬
‫يف خطبة اللورد اليفرلودج يف احلياة بعد املوت‬
‫ويف حماورته مع ابنه رميند الذي مات يف احلرب العاملية‬

‫جاء يف املقتطف العدد السادس واألرهعني يف فرباير ننة ‪ 4741‬صفحة ‪411‬‬


‫وما هعدها‪:‬‬
‫احلياة بعد املوت‪:‬‬
‫اطلعنا ملى خطبة للسر أوليفرلودج العامل اإلجنليزي املشهور يف احلياة هعد املو‬
‫فراينا أن نقتطف منها الشذرا اآلتية نقالً من جملة اجملال اإلجنليزية‪:‬‬
‫إذا صح أن هللا موجود فعالً وا‪،‬ه يوحي إىل الشر ويسامدهم وأن اإلنسان ليس‬
‫منفرداً ملى هذه األرض الساحبة يف الفضاء هل حول كثري من األموان يعطفون ملي‬
‫ويسامدون وأن هللا تعاىل آخذ هيده يف نريه إىل احلقيقة والكمال األديب‪ .‬إذا صح‬
‫ذلك كان حقيقة تتضاءل يف جحنبها مجيع احلقائق‪.‬‬
‫وقد يكون من احلضور من يعتقد أن اإلنسان أرفع الكائنا وليس يف الكون‬
‫أملى من وأن نشأ ملى هذا السيار أي األرض وغذا ما اضمحل‪ .‬وإن ليس يف‬
‫الوجود من يعين وال من يفهم أنرار الكون أكثر من وأن أرفع الكائنا طراً ألن‬
‫أرقى ما وصل إلي النشوء ملى هذه البسيطة يف هذا العصر‪ .‬مث قال‪:‬‬
‫وقد مرف اآلن أن يف الكون أراضي غري أرضنا هذه وقد يكون فيها من يقاهل‬
‫اإلنسان من الكائنا ‪ .‬ولكن أليس ف‪1‬ي الكون كائنا ختتلف منا؟ وهل جيوهز أن‬
‫نعتقد أن كل كائن مدرك جيب أن يكون ل جسم مادي مثل أجسامنا؟ امتقاداً مثل‬
‫ذلك ال مسوغ ل وال قام ملي دليل‪.‬‬
‫قد أظهر العلم ما يف الكون من االنتظام وأن في موامل كثرية ال ماملاً واحداً‪ .‬ولنا‬
‫يف األجرام الفلكية مثال ملى أن قد يكون يف الكون كائنا كثرية ال نعلمها‪ .‬إذ لو‬
‫كان اهلواء اجلوي غري شفاف ملا رأينا من األجرام السماوية شيئاً وال ملمنا هوجودها‪.‬‬
‫وليس احتجاب األجرام الفلكية من هصران أمراً يعز حدوث فإن الضباب والغيم حيجبنا‬
‫منا أوقااتً كثرية‪ .‬ولكن اتفق لنا إن كان يف إمكاننا رؤية ما وراء اهلواء فرأينا شيئاً من‬
‫مظمة الكائنا وأهنال غري متناهية‪ .‬ولست نارداً مليكم ما مرف من احلقائق‬
‫الفلكية فإنكم تعرفوهنا وهي كثرية غري حمدودة‪ .‬وإن مقولكم لتقصر دون تصور حقيقة‬
‫هذا الكون املؤلف من مامل وراء مامل وراء مامل إىل ما ال هناية ل ‪ .‬ومجيع هذه العوامل‬
‫خاضعة لنواميس واحدة ألن مناصر النجوم مثل مناصر األرض وخصائصها يف‬
‫النجوم مثل خصائصها هنا‪ .‬فهل اإلنسان هو نيد هذا الكون العظيم؟ إن اإلنسان‬
‫حخديث العهد ابلوجود ملى األرض فما كان حال الكون قبل وجوده؟ ليس‬
‫اإلنسان نيد الكائنا هل هو درجة من الدرجا يف النشوء‪ .‬مث قال‪:‬‬
‫إن اإلنسان ال يسود الكون وال يفهم أنراره ولكن يتلمس في احلقائق تلمساً‪،‬‬
‫"األرغون" "أشعة رتنجن" وقد هدأ اآلن يعرف شيئاً من‬ ‫وقد كشف حديثاً "الراديوم" م‬
‫هناء اجلواهر الفردة وتظهر هذه األمور كأهنا وجد وهي غري جديدة هل كانت‬
‫موجودة قبل أن نكشفها ولو مل نكشفها لكانت موجودة أيضاً وحنن ال نعرفها‪ .‬ويف‬
‫الطبيعة أيضاً أموركثري مل نكشفها حىت اآلن‪.‬‬
‫ولكن كم ممر العلم؟ ليس ممره إال قروانً قليلة هل وقرانً واحداً ألن مل يتقدم‬
‫تقدماً إال يف القرن التانع مشر وقد مرفنا شيئاً من حقائق الكون‪ .‬إال أن ما مرفناه‬
‫جزء من كل فال جيوهز لنا أن ننفي وجود الكل‪ .‬لنا أن نبحث من احلقائق واملوجود‬
‫نواء مرفنا وجوده أم مل نعرف‪ ،‬وامتقادان هوجود شيء أو مدم وجوده ال يؤثر يف‬
‫الكون ولكن يؤثر فينا‪ .‬حنن ال نعرف تركيب اجلواهر الفردة ولكنا قد هدأان نعرف‬
‫شيئاً من فكل جوهر يشب النظام الشمسي يف تركيب ول نواة تقاهل الشمس‬
‫والكرتوان تدور حوهلا مثل السيارا حول الشمس‪ .‬وهذه الكرتوان خاضعة يف‬
‫دوراهنا لنواميس مثل النواميس اليت ختضع هلا السيارا مث إن اجلواهر الفردة غري‬
‫حمضورة يف األرض هل توجد يف الشمس والسيارا وكل كواكب السماء تتألف منها‬
‫كما تتألف منها اوال تعلم كل النواميس اجلارية هي مليها حىت اآلن ولكننا نائرون‬
‫يف السبيل املوصل إىل ذلك‪.‬‬
‫مث قال‪ :‬ليس منكم إال من رأى النمل خيرج من قريبت ويعود إليها وال نعرف كثرياً‬
‫من أمور النمل يف ذهاه وغياه وأان أظن يدرك ما يعلم هعض اإلدراك وهو يدب هني‬
‫أقدم الناس الذين مداركهم فوق مدارك هكثري وماذا يعرف النمل من امتقادا الناس‬
‫وآرائهم وأمماهلم ومداركهم إن لنا مربة يف أن احليواان اليت مثل النمل تعيش هيننا وال‬
‫تعرف شيئاً منا ومندي أن يف الوجود كائنا نسبتنا إليا كنسبة النمل إلينا وحنن‬
‫نتسكع هني أرجلها غري مارفني شيئاً منها‪ .‬إن حواننا تعيننا ملى التوصل إىل إدراك‬
‫هعض األمور ولكنها قاصرة جداً ولذلك نقويها هذرائع مديدة كالتلسكوب‬
‫واملكرونكوب ورغما من ذلك ال نعرف من الكون إال القليل ومل يزل حولنا أمور‬
‫كثرية ال ندركها ولكننا ندرك هعضها من طريق غري احلواس‪ .‬ولنذكر يف هذا املقام أننا‬
‫لسنا أجساماً فقط هل كل منا مرب من مقل ووجدان وروح فضالً من اجلسم ويتصل‬
‫اإلنسان هبذه الكائنا العليا املدركة ويناجيها هغري حوان البدنية ويراتح إىل اإلتصال‬
‫هبا أكثر مما يراتح إىل اتصال هبذا العامل املادي الذي قضى ملي أن يعيش في إيل‬
‫حني‪ .‬كل العظام الذين ماتوا كانوا يراتحون إيل مناجاة املدركا العليا أكثر مما‬
‫يراتحون إلالى األمور الدنيوية ومل يزل كثريون منا يطلعون ملى شيء من أمور هذه‬
‫املدركا العليا من وقت إىل آخر وإذا مملنا ملى تقوية مداركنا وقواان اطلعنا ملى‬
‫أكثر من ذلك مكننا الوحي من معرفة أمور ال نقدر أن ندركها هغريه‪ .‬إن طرق‬
‫البحث املادية ليست كل طرق البحث ومل يزل الرجال العظام منذ قدمي الزمان يرون‬
‫رؤي ويطلعون ملى حقائق وتظهر منهم هدائ حياولون تدوينها لينتفع هبا غريهم ومبثل‬
‫ذلك يكون البحث من هعض احلقائق وهو طريقة رجال الدين‪ .‬وال أقول إين نر‬
‫ملي أان يف حبثي‪.‬إذ يظهر إين حمروم من ذلك‪ .‬ولكنين قد وصلت إىل نتائج ال ختتلف‬
‫من اليت وصلوا إليها هبحثي من طرق ملمية مألوفة ومجيعنا نعرف أن يف الكون قوى‬
‫للشر وقوى للخري وإال فلماذا اشرتكنا يف هذه احلرب اليت هي أقدس حرب حارهناها‬
‫حىت اآلن‪ .‬إننا حنارب فيها قوى الشر اليت أقلقت العامل فنحن إذن آالة هللا يف هذه‬
‫احلروب واحلرب نفسها مقدنة‪.‬‬
‫من امتقد امتقاداً حقاً كان أقوى ممن امتقد امتقاداً ابطالً هكثري ألن احلق يشدد‬
‫ويقوي ولذلك كانت قوى اخلري أقوى من قوى الشر ولسنا حنن الونيلة الوحيدة اليت‬
‫يستعملها هللا يف هذا الكون هل ل ونائل من خملوقا غريان كما أشر ‪ .‬وملينا أن‬
‫نعمل يف جانب قوى اخلري ضد قوى الشر اليت هي موجودة فعالً ألن املخلوقا‬
‫أمطيت حرية اإلرادة فانتطامت أن ختتار اخلري والشر‪ .‬وجيب أن نشعر مبسئوليتنا يف‬
‫هذا األمر ونعمل أن لنا ميزة هب أن مسامدتنا ال تطلب منا ألجل ترويض نفوننا‬
‫فقط هل ألننا إذا ضننا هبا فقد تسوء امور العامل‪ .‬وقد فوض إلينا كثري من أمور هذه‬
‫األرض فإذا مل نقم هبا مل تتم‪ .‬مثال ذلك اإلمتناء ابجلرحى فاجلريح املقى يف الطريق ال‬
‫يشقى إال إذا أخذت إىل مستشفى وضمد جراح ‪ .‬إن هذا األمر وكل إلينا أن نقوم‬
‫ه ‪ .‬وليس الدماغ كل رجال العلم كما يظن الذين يقولون أن العقل هو الدماغ ألن‬
‫إذا تلف دماغ اإلنسان ذهب مقل حسب الظاهر ولكن العقل ال يضمحل هل يظل‬
‫موجوداُ ولكن تتعطل آلت فال يقدر أن يظهر وليس من العقل أن يقال أن النفس‬
‫تصمحل إذا تلف اجلسد هل ننظل موجودين هعد موتنا وانتهاء أمماران القصرية ملى‬
‫هذه األرضشز أقول ذلك مستنداً إىل أدلة ملمية – أقول ألين حتققت أن هعض‬
‫أصدقائي الذين مانوا ال يزالون موجودين إذ أين قد انجيتهم ومناجاة املوتى ممكنة‬
‫ولكن جيب أن يشار ملى نواميسها وأن تعرف شروطها وهي ليست من األمور‬
‫اهلينة‪ .‬وقد حادثت أصدقائي املوتى كما أحادث واحداُ من احلضور وقد كانوا ي‬
‫حياهتم من أهل العلم ولذلك هرهنوا يل هراهني قاطعة نشر هعضها ونينشر البعض‬
‫اآلخر يف حين أهنم هم أنفسهم كانوا حيدثونين وأنين لست وامهاً‪ .‬إن ذلك حقيقة أان‬
‫مقتنع هبا وهصحتها هكل ما يف من قوة اإلقتناع إنين مقتنع أبننا ال نضمحل مند‬
‫املو وأن املوتى يعتمون أبمور هذا العامل ويسامدوننا ويعرفون أكثر مما نعرف هكثري‬
‫ويقدرون ملى مناجاتنا أحياانً‪.‬‬
‫إن هذه النتيجة اليت وصلت إليها مظيمة ال تعرفون أنتم وال أمرف أان مقدار‬
‫مظمتها‪ .‬وتعلمون أن هني رجال العلم كثريين غريي ممن يعتقدون هذلك مثلي وأن‬
‫منهم كثريين غريي ممن يعقتدون هذلك مثلى وأن منهم كثريين ال يعتقدون ه ‪.‬‬
‫ومنرجال العلم كثريون مل يبحثوا يف هذا املوضوع‪ .‬وليس لكل أحد أن يبحث يف كل‬
‫شيء ولكن من يقي ثالثني ننة أو أرهعني يبحث يف أمر من األمور حيق ل أن يبدي‬
‫راي يف النتيجة ايت وصل إليها‪ ،‬وال هد لكم من أمثلة ختتص هبذا األمر لكي تبحثوا‬
‫فيها ومثل هذه األمثلة كثري يف جملدا اجلمعية العلمية ونيزداد كثرياً ملى أن األمثلة‬
‫جيب أن يهتم ابلنظر فيها أولوا العلم ألجل هناء األحكام مليها وقد ال تتفق‬
‫أحكامهم يف أول األمر مع آرائي اليت أهديتها ولكنها نتتفق معها أخرياً هعد ننوا‬
‫وال أبس من التمهل‪.‬‬
‫غري أن الباحثني الذين اهتموا هبذا مدة ننني قد اتفقوا ملى أن األدلة ملي تكاد‬
‫تكون قاطعة وأان ال أشك يف أن املوتى يناجوننا مع أين قضيت ننني كثرية أحاول‬
‫فيها تعليل ما ننيب إىل مناجاة األرواح هعلل أخرى ولكني رأيت فساد تعاليلي‬
‫الواحد هعد اآلخر وليس يل طرقة اآلن أملل هبا ما ينسب إىل مناجاة األرواح غري‬
‫فعر وتناجيننا غري أين ال أقول أن امليت يكون موجوداً كل‬ ‫القول أبن األرواح موجودة ً‬
‫مرة يقال أن انجي فيها‪ .‬وملى الباحث أن يكون يقظاً يستعمل كل ما لدي من‬
‫طرق التمحيص وال يرتك فرصة للبحث تسنح ل ألن هذه الفرص انرة جداً وحقيقة‬
‫البقاء هعد املو قد تثبت ابلطرق العلمية وهي مسامد تسامدان ملى إدراك افتصال‬
‫هني مجيع حاال الوجود‪ .‬ذلك ما يبعثىن ملى القول إن اإلنسان ليس منفراداً هل‬
‫حتيط ه مدركا أخرى‪ .‬وإذا مرفتم أن فوق اإلنسان مدركاً يفوق هان مليكم أن‬
‫تتصوروا درجا أخرى من املدركا أرقى فأرقى إىل أن تصلوا إىل املدرك األملى‬
‫نفس أي إىل هللا نبحان وتعاىل‪.‬‬
‫ومامل هذه املدركا ليس ماملاً غريباً من ماملنا فإن الكون واحد‪ ،‬إن مداركنا وحمن‬
‫هنا ملى األرض حمدودة فال نرى كثرياً من األمور اليت جتري ولكن حتيط هنا كائنا‬
‫وتعمل معنا وتسامدان قد مرها قليل من الناس هعض املعرفة من الرؤي اليت رأوها‬
‫ومندي أن كل ما تقول ه األداين من أن املالئكة والقديسني معنا وأن هللا نفس‬
‫يسامدان ملى وجه من غري أتويل هذه هي خطبت يف اتخي ‪.‬‬
‫جاء يف املقتطف يف أهريل ننة ‪ 4749‬م نص صفحة ‪ 949‬وما هعدها‪ :‬السر‬
‫أوليفرلدج من أشهر ملماء الطبيعة يف هذا العصر وهو من املعتقدين أن أرواح الناس‬
‫خترج من أجسادهم وقتما ميوتون وتلبس أجساداً روحية وتبقى يف الفضاء هوجداهنا‬
‫ومشامرها وقواها القلية وتتصل هبعض األحياء فريوهنا هبذه األجساد وخياطبوهنا‬
‫وختاطبهم كأهنا مل تزل أبجسادها األرضية‪ .‬ومنده أن هذا اإلمتقاد نيشيع قريباً إذ‬
‫تكثر األدلة ملى صحت ويزيد مدد الذين خياطبون أرواح املوتى‪ ،‬فيتم اإلتصال هني‬
‫العامل الفاين والعامل الباقي أو هني احلياة الدنيا واحلياة األخرى‪.‬‬
‫حديث السري أوليفرلدج مع ابنه رميند بعد موته‪:‬‬
‫السري أوليفر ل ولد امس رميند ‪ Reymond‬تطوع يف هداءة احلرب وقتل وهو‬
‫حيارب يف فرنسا مث متكن من حمادثت مراراً هوانطة هعض الونطاء الذين يناجون‬
‫األرواح ويقولون أن األرواح تتجلى هلم وختاطبهم هونائل خمتلفة فجمع هذه احملاداث‬
‫يف كتاب كبري وأحلق هفصول ملمية وفلسفية يف احلياة واخللود وتفامل العقل واملادة‬
‫والبعث والوجدان ومناجاة األرواح وأناليبها وموقف العلماء والفالنفة جتاه ذلك كل‬
‫فراج هذا الكتاب رواجاً منقطع النظري طبع أوالً ومرض للبيع يف ‪ 9‬نوفمرب ننة‬
‫‪ 4741‬فنفد نسخ حاالً مث طبع اثنية واثلثة وراهعة قبلما انتهى شهر نوفمرب ننة‬
‫‪ 4741‬وأمبد طبع يف ديسمرب مرتني وأماان اآلن الطبعة السادنة من الصادرة يف‬
‫ديسمرب ولعل طبع مراراً طبعا أخرى هعد ذلك لشدة الرغبة يف مطالعت وألن‬
‫املوضوع مهم جداً يهم كل أحد ومؤلف الكتاب من أكرب ملماء العصر الذين ينتظر‬
‫منهم أن ال يقرروا أمراً إر هعد الوقوف ملى أدلة كافية لتقريره قال وملا كنت يف أنرتاليا‬
‫يف صيف ننة ‪ ( 4744‬حلضور جممع ترقية العلوم الربيطاين) كتبت إىل نيدة امسها‬
‫مسز كندي كتاابً اترخي ‪ 44‬أغسطس تقول في ‪:‬‬
‫نيدي العزيز‪ :‬أجتانر وأطلب مسامدتك ألنك من الباحثني يف مناجاة األرواح‪.‬‬
‫كان يل اهن وحيد (امس هولس) تويف يف ‪ 29‬يوينو املاضي ويف ‪ 21‬مسهن شعر أين‬
‫مضطرة أن أمسك قلم الرصاص وأكتب فكتبت ملى غري قصد مين امس وأجوهة‬
‫ملسائل نألت إايها واألجوهة كانت مقصورة ملى كلمة نعم أو ال‪ .‬وهعد ذلك أكتب‬
‫كل يوم صفحا كثرية كأن حيرك قلمي لكتاهتها وأحياانً كنت أكتب مرتني يف اليوم‬
‫الواحد‪ .‬ويهمين جداً أن أمرف هل هو الذي حيرك يدي للكتاهة أو أان أكتب هقلمي‬
‫ملى غري انتباه مين "فإيل ملمك ألتجيء وإيل ما يف نفسي لك وملباحثك من‬
‫االحرتام‪ ،‬تويف اهين ممر نبع مشرة ننة وأرى من العبارا اليت حيرك يدي هكتاهتها‬
‫أين يف خوف شديد ألنين غري واثفة أن هو الذي حيرك يدي ولذلك أجتانر وأطلب‬
‫مسامدتك يف أمر أمده من أقدس األمور لدي ولنو كنت غريبة منك‪.‬‬
‫"إذا أتيت وقتاً ما‪ .‬أفال تسمح يل أن أراك ولو نصف نامة فرتى هذه األمور‬
‫الغريبة اليت يوحي هبا وحتكم هل هي حقيقة أو هي من خمرتما مقلي الباطن‪ .‬هذا‬
‫وأين امتذر إليك من إطالة الكالم"‪.‬‬
‫فلقيتها هعد ذلك وذهبت معها إىل ونيطة أمريكية امسها مسز ريت فرأ منها ما‬
‫أقنعها أن املتكلم معها هو روح اهنها مث تعرفت هونطاء آخرين مثل مسز فو هيرتس‬
‫ومسز أنربن ليوانرد‪ .‬وملا قرأ من مقتل اهين يف اجلرائد تكلمت مع روح اهنها‬
‫وطلبت من أن يسامد إهين وانتنبأ مسز ليوانرد أي طلبت منها أن تنام النوم‬
‫املغناطيسي وتنيبء مبا ترى وتسمع من غري أن ختربها مبقصدها‪ .‬ففعلت فأملمها‬
‫مرشدها ابنم رمند وقال أن انئم وكان ذلك يف الثامن مشر من نبتمرب‪ .‬ويف‬
‫احلادي والعشرين من كانت مسز كندي جالسة تكتب يف حديقة دارها فتحرك قلمها‬
‫يف يدها ملى غري قصد منها كأن روح اهنها حركت وكتب ما أييت‪:‬‬
‫أان هنا رأيت اهن السر أوليفرلدج حال أصلح اآلن وقد انرتاح راحة اتمة فأخربي‬
‫أهل ‪.‬‬
‫وأخرب هزوجيت الدي لدج أبمر مسز ليوانرد وكانت مهتمة مبسامدة نيدة فرنسية‬
‫أرملة امسها مدام الهرييتون كانت قد فقد ولديها فذهبت إىل لندن هلذه الغاية‬
‫وطلبت من مسز كندي أن تدهر األمر مع مسز ليوانرد حىت جتلس هلما من غري أن‬
‫تعرف من مها فقر القرار ملى جلسة ىف الراهع والعشرين من نبتمرب ويف ‪ 22‬نبتمرب‬
‫كانت مسز كندي جالسة تتكلم مع روح اهنها فكتب فلمها فجأة ما أييت‪:‬‬
‫نأحضر رميند إىل أهي حينما أييت لرياك وهو ملى غاية الظرف وكل أحد حيب‬
‫ولقد وجد كثرياً من رفاق هنا‪ .‬وانتقر ه املقام فأخربي أابه وأم أن يتكلم اليوم‬
‫هصراحة ومل يقلق كالباقني هل انرتاح واطمأن ما أهبج منظره‪ .‬انم وقتاً طويالً لكن‬
‫انتيقظ وتكلم اليوم‪ :‬لو ملمنتم مقدار شوقنا للتحدث معكم النتدميتموان دواماً‪.‬‬
‫وملا هزراهتا الدي لدج يف ‪ 29‬نبتمرب كتبت يدها (يد مسز كندي) رنالة من رميند‬
‫يقول فيها‪" :‬أان هنا اي أمي لقد كلمت إنكندر (أخاه) ولكن مل يسمعين" حبذا لو‬
‫صدق أننا حنن هنا يف أمن وما املكان مبأهزق ضيق كما يظن البعض‪ ،‬هل هو رحب‬
‫حييا في اإلنسان‪ .‬إنتظروا حىت أهزيد مقدرة ىف خماطبتكم ويسهل ملينا التعبري من كل‬
‫أفكاران ولكن ذلك أييت مع الزمن‪.‬‬
‫وىف اليوم التايل وهو اخلامس والعشرون من نبتمرب ذهب السيدا الثالث إىل‬
‫هيت مسز ليوانرد أيضاً لكي يستخربن املائدة ورافقهن الدكتور كندي لكي يكتب ما‬
‫يقال‪ .‬فجلس السيدا الثالث ومسز لوانرد حول مائدة صغرية ووضعن أيديهن‬
‫واتفقن ملى أن تتحرك النمائدة مند كل حرف من حروف اهلجاء ال اليت تتلى مليها‬
‫وتقف مند احلرف املراد وتكون الونيطة هنا مستيقظة غري غائبة‪ .‬وهذه طائفة من‬
‫املسائل اليت ألقيت ملى روح رميند وأجوهت مليها‪:‬‬
‫س‪ :‬أأنت وحدك؟‬
‫ج‪ :‬كال‪.‬‬
‫س‪ :‬من معك؟‬
‫ج‪ :‬جدي و‪.‬‬
‫س‪ :‬اتريد أن تقول يل شيئاً؟‬
‫ج‪ :‬غن مستوحشى لكين انلي نفسي وأرى حويل كثريين من األصدقاء‪.‬‬
‫س‪ :‬أتقدر أن تذكر يل واحداً منهم؟‬
‫ج‪ :‬قويل أليب أين لقيت هعض أصدقائ ‪.‬‬
‫س‪ :‬من مثالً؟‬
‫ج‪ :‬مريس‪.‬‬
‫س‪ :‬أهناك غريه؟‬
‫ج‪ :‬نعم غاي (وهو أحد أهناء مدام الهرتون ومن مث صار الكالم ابلفرنسية‪.‬‬
‫وىف الساهع والعشرين من نبتمرب أخذ مسز كندي تكتب وكأن روح اهنها‬
‫كانت حتركها للكتاهة فكتبت أوالً من لسان اهنها "مسح يل أن آيت هرميند" مث جعلت‬
‫يدها تكتب من لسان رميند فكتبت ما أييت‪:‬‬
‫"الكالم هنا أنهل ملى من الكالم هوانطة املائدة ألنك تسامدينين ملى الكالم‬
‫دائماً وهو أنهل أيضاً وأان معك وحدان من لو كنا مع مجامة‪ .‬قويل هلم أن رميند هزارك‬
‫وأن هولس قال يل أن آيت إليك وقتما أريد‪ .‬إنك تتفضلني ملينا هسماحك لنا ابجمليء‬
‫إليك"‪.‬‬
‫"لقد أخربين هولس أن جاء إىل هنا حني كان ممره نبع مشرة ننة وهو شاب‬
‫ظريف وكل أحد حيب وال مجب يف ذلك ألن يسامد اجلميع‪ .‬وكلب من وقع يف‬
‫مشكل يستعني ه "‪.‬‬
‫مث انتقل الكالم إىل هولس فقال من رميند أن نر جداً إذ ملم أن يستطيع أن‬
‫خياطب أهل وقد انم منذ الليل املاضي إىل أن قيل يل أن آيت ه ‪.‬‬
‫ونئل هولس من الشاهني الفرنساويني فقال‪ :‬إين رأيتهما ملا أتيت هبما ولكنين ال‬
‫أرامها يف غري ذلك ومها أكرب مين نناً وال يكاد أن يصدقا أهنما تكلما ألهنما كاان‬
‫يعتقدان أن التكلم مع الناس ضرب من احملال‪.‬لكنين مل أنفك من حثهما ملى التكلم‬
‫مع أ مهما وإخبارها أهنما ال يزاالن حيني ومسى أن تكون قد حتققت ذلك مث ذهب‬
‫هولس وأتى هغاي وطلب من أم أن تكلم فكلمت وطلبت من أن يهتم ابلتكلم‬
‫فأجاهبا مبا أييت‪" :‬أظن أنك تستمعينين ألنين أشعر كذلك ولكن كيف أثق أننا‬
‫نستطيع أن خناطبكم وأنتم ال تزالون مائشني حيث كنا ومل نكن قادرين أن خناطب‬
‫األموا ‪ .‬فكيف يستطيع األموا أ‪ ،‬خياطبوا األحياء مسى أن ال تنفكي من‬
‫مسامديت ألنين حمتاج إليها"‪ .‬مث قالت ل أ‪ ،‬يكلم هولس إذا صعب ملي الكالم معها‬
‫فقال‪ :‬إين أخب هولس وهو يسامدين ويسرين أن أتكلم مع دائماً إذا مسح ل وقت‬
‫هذلك ألن مقصود من اجلميع وكأن رنول هيننا وهينكم"‪.‬‬
‫ويف نفس الكتاب ىف صفحة ‪-:704‬‬
‫مل يكتف انر أوليفرلدج هتناول أخبار اهن من الونطاء الذين كانت هزوجت‬
‫تستخربهم هل انتعان هو هبم ملى التكلم مع اهن لشدة إقتنام هصدقهم‪ .‬ففي يوم‬
‫‪ 27‬أكتوهر ذهب إىل هيت ونيط امس هيرتس ومل يكن هيرتس يعرف من هو ملى قول‬
‫هل أخذه إلي صديق ل امس هل لكي يونط يف الكالم مع رجل ميت فوقعت‬
‫الغيبوهة ملى هيرتس حسب العادة وإذا هشاب جتلى ل وجعل يكلم ولبرتس هذا‬
‫مرشد امس مونستون فقال أن الذي جتلى ل هو اهن السر أوليفرلدج وهناك ما دار من‬
‫الكالم هني هيرتس الذي كان يتكلم هلسان مرشده وهني السر أوليفرلدج ملى ما كتب‬
‫لدج هيرتس – ضحك اهن وهو يقول أن ل غرضاً آخر أهعد من ذلك ال تظن أن‬
‫األمر مقصور ملى ذكر مسامدت ل كال هل هو يريد أن تتمكن هبسالتك األدهية من‬
‫التغلب ملى هزء اجلهالء وجتعل اجلمعية مفيدة للناس‪ .‬أفهمت (يريد مجعية املباحث‬
‫النفسية) لودج – نعم هيرتس – ويقول اآلن هكذا" لقد نامدين ألن يستطيع‬
‫هوانطتك هدم السد الذي أقام الناس‪ ،‬وهعد ذلك نتكلمهم أنت وهذا أمر مقدر‬
‫ونتزيل أنت احلاجز "مث قال ابهلل مليك اي أيب افعل ذلك ألنك لو مرفت ورأيت ما‬
‫أرى‪ .‬فإن مئا من الرجال والنساء شقت مرائرهم ولو نظر اجلنود مندان قد هعدوا‬
‫ذويهم لتناولت هذا العمل هكل جهدك وأنت قادر ملي "‪.‬‬
‫وفيه يف يونيو سنة ‪ 0904‬صحيفة ‪:557‬‬
‫دمت مسز كندي الدي لدج أ‪ ،‬جترب ونيطاً خيتلف من الونطاء الذين‬
‫انتنبأهتم قبال واتفقت مع رجل امس هيرتس ملى أن أييت هيتها ويبقى في ألجل‬
‫صديقة هلا مل تعينها ل فأتى يف السامة الثالثة هعد الظهر من يوم االثنني يف ‪29‬‬
‫نبتمرب ننة ‪ 741‬وذهبت الدي لدج وحدها إىل هيت مسز كندي قبيل ذلك‬
‫وانتظر جميئ وملا جاء مل تعرف مسز كندي هبا‪ .‬ولد مشد امس مونستون كما تقدم‬
‫ومل يكن هناك أحد غريه إال مسز كندي والدي لدج فأخذ مسز كندي قلماً‬
‫وقرطاناً وجعلت تكتب ما يقول يف غيبوهت ويعتقد السر أوليفرلدج أن هذه اجللسة‬
‫مهمة جداً ألن الونيط مل يكن يعرف غرض الدي لدج وال إمسها‪ .‬فإن كان امسها‬
‫كما قال وكانت مسز كندي مل تتواطأ مع ملى غشها فاألمر يف حد الغراهة إال إذا‬
‫غشاها من غري قصد‪.‬‬
‫"هنا رجل من العامل اآلخر ذهب من ماملكم هغتة رهعة هني الرجال مريض‬
‫األكتاف أنيل احلد أقىن األنف غليظ الشفتني متسق األننان فك احلديث ضحوك‬
‫حمب مضي إىل مامل األرواح مسرماً ومل يكن املو ليخطر ل هبال ألن مل ميرض‪.‬‬
‫وفيه يف أغسطس سنة ‪ 09024‬صحيفة ‪:033‬‬
‫قلنا إن إخوة رميند صاروا يهتمون مبناجات ومن ذلك أن أخاه ليونل ذهب إىل‬
‫هيت مسز ليوانرد ملى غري إنتظار منها ظهر اليوم الساهع مشر من نوفمرب وهي ال‬
‫تعلم من هو ملى قول وطلب أن جيلس معها فأدخلت غرفة أقفلت شباهيكها‬
‫وأضاء فيها مصباحاً أمحر وقالت ل إن إنم مرشدهتا فدى ويف حنو دقيقتني أصاهبا‬
‫الذهول فجعلت تتكلم وهاك هعض ما كتب من كالمها‪.‬‬
‫هنارك نعيد‪ .‬أنت من الروحيني‪.‬‬
‫ليونل – مل أكن أملم ذلك‪.‬‬
‫نتعلم ذلك هنا روحان واقفان إىل جانبك أكربمها اتم النمو وأما أصغرمها فال‬
‫يظهر يل واضحاً حىت اآلن‪ .‬الكبري طويل القامة ل حلية وليس ل شارابن حاجباه‬
‫غليظان مستقيمان شعره خفيف يف أملى رأن وشائب يف أنفل يظهر أن كان اشقر‬
‫قبلما شاب وروح آخر وهو شاب يف حنو الثالثة والعشرين أو اخلامسة والعشرين كما‬
‫يظهر من منظره طويل القامة وهو قوى البنية غري مسني شعره أشقر قصري حيلق وجه ‪.‬‬
‫وجه أميل إىل اإلنتطالة من إىل اإلنتدارة منخراه وانعان نوماً‪ .‬وأراه حياول أن‬
‫خيفي وجه ولكن ال أراه وها هو ذا يضحك ولكنين مرفت فإن رميند وهو يضرب‬
‫اآلن هكف ملى كتف وأرى ملى وجه دالئل السرور والبشر وقد حاول أن يظهر لك‬
‫ىف البيت ولكن األمور كانت هناك مشوشة وقد وصل إليك حينئذ ولكن حالت‬
‫احلوائل دون شعورك ه ‪.‬‬
‫ليونل – ماذا نعمل حىت تسهل ملينا مناجات ىف البيت‪.‬‬
‫ال يعلم فإن أرواحاً أخرى حتضر وتشوش احلال فإن ما اهتدأ هتحريك املائدة حىت‬
‫فقد تسلط مليها‪.‬‬
‫ليونل – أيتذكر جلسة ناهقة يف البيت قال يل فيها أن منده أشياء كثرية يريد أن‬
‫يطلعين مليها‪.‬‬
‫فدى – نعم‪ .‬فإن يريد أ‪ ،‬خيربك من املكان الذي هو في فقد أشكل ملي احلال‬
‫يف أول األمر أما اآلن فصار يرى األشياء حول حقيقة ال ومهية كما رآها أوالً‪ .‬وأول‬
‫من لقي جده مث لقى كثريين غريه يعرف هعضهم ابلسماع فرآهم كلهم أجساماً حقيقية‬
‫حىت حسب أن ال يزال ملى قيد احلياة ويف جكس األرضي وهو يسكن اآلن ىف‬
‫هيت من األجر وحول أشجار وأهزهار وإذا ركع ملى األرض انتخت ثياه من الطني‪.‬‬
‫والشيء الذي ال أفهم حىت اآلن إن النهار والليل ال يتعاقبان كما ملى األرض وإمنا‬
‫حتدث الظلمة إن شئت أن تكون ظلمة وقد خطر يل أننا خنلق األشياء اليت حولنا‬
‫نتصورها تصوراً فنراها أي أننا نرى البيو واألهزهار واألشجار واألراضي ألننا نتصورها‬
‫ولكن هذا ليس كل ما هنالك‪.‬‬
‫يصعد من األرض دائما شيء كيماوي يف شكل وحينما يصل إلينا يتشكل‬
‫أبشكال خمتلفة ويصري أجساماً حمسونة‪ .‬هذا ما حيدث حيث أان وهو الذي يكون‬
‫األشجار واألهزهار وال نعرف أكثر من ذلك ولكن مهتم هدرس املسألة‪.‬‬
‫ليونل – أود أن أمرف هل يستطيع أن يتصل أبحد ملى األرض‪.‬‬
‫فدى – أحياانً يستطيع أنيتصل ابلذين يودون أن يروه والذين حيق هلم أن يراهم‬
‫فرياهم‪ .‬وقد قيل يل أنين أنتطيع أن أرى كل ما أريد وال صعوهة يف ذلك وهذا مما‬
‫جيعل العيش هنا رغداً‪.‬‬
‫ليونل – أيستطيع أن يسامد الذين ملى األرض‪.‬‬
‫فدى – هذا جانب من ممل ولكن أكثر ممل ال يزال متعلقاً ابحلرب‪ .‬لقد‬
‫مد إىل البيت حسب الظاهر ولكنين ال أهزال يف ميدان القتال‪.‬‬
‫ل شغل مع أهي ولكن شغل ال يزال يف ميدان القتال يسامد الشبان الذين ينقلون‬
‫إىل مامل األرواح‪.‬‬
‫ليونل – أيقدر أن يستطلع املستقبل؟‬
‫فدى – يظن أحياان أن يستيع ذلك ولكن اإلنباء ابملستقبال صعب‪.‬‬
‫ليونل – أيستطيع أن خيربان من حال احلرب اآلن؟‬
‫فدى – نتصلح األحوال وهي اآلن أصلح مما كانت من كل وج وال أنتطيع أن‬
‫أجترد من اإلهتمام هبا ويظهر يل أننا خسران هالد اليوانن واملرجح أن ذلك خبطأ منا‬
‫فإننا فعلنا اآلن ما كان جيب أن نفعل منذ أشهر وقد أمهلنا السرب طويالً فكان‬
‫لذلك أتثري نيء يف رومانيا فصار ختشى أن حيل هبا ما حل ابلسرب إذا احتد‬
‫معنا‪ .‬والكل متفقون ملى أن رونيا نتفلح يف الشتاء فإن رجاهلا ألفوا أحوال هالدهم‬
‫ىف الربد واألملان مل أيلفوها فسيتقدم الروس يف كل فصل الشتاء‪ .‬مث قالت فدى‪ :‬أن‬
‫أخا رميند وأخت اللذين كاان طفلني كبريين حضرا أيضاً ووصفتهما وكانت الونيطة‬
‫تتكلم هلسان فدى مرة وهلساهنا ملى رميند مرة أخرى كما ترى فيما تقدم‪ .‬وليس يف‬
‫هذه اجللسة شيء يستحق الذكر نوى وصف املكان الذي فيد رميند أبن مثل‬
‫األماكن األرضية في هيو وأشجار وأهزهار والقول أبهنا متصعدا أرضية تصعد من‬
‫األرض وتتجمد هناك‪.‬‬
‫جلسة ‪ 22‬نوفمرب سنة ‪:0905‬‬
‫ذهبت الدي لدج إىل مسز ليوانرد يف ‪ 21‬نوفمرب فحضر روح اهنها ودار هينهما‬
‫حديث طويل نذكر هعض فقرات مكتفني منها مبا قل ودل‪:‬‬
‫رميند أوفدي من لسان – أان مسرور جداً وال نيما أنكم كنتم نررمت‪.‬‬
‫أم – نعم حنن مسرورون وننقاهل ميد امليالد هوجود طلقة كما قال أهوك‪.‬‬
‫رميند – نأحضر معكم حينئذ‪.‬‬
‫أم – إذن ننضع لك كرنياً ملى املائدة‪.‬‬
‫رميند – نأحضر وأجلس ملى الكرني ولكنين ال أريد أن أرى أحداً حيزن حينئذ‬
‫أو يتنهد‪.‬‬
‫أم – وننشرب كلنا ملى ذكرى صحتك ونعادتك‪.‬‬
‫رميند – أريد أن تفكروا حينئذ أنين أان أمتىن لكم الصحة والسعادة‪.‬‬
‫أم – نران ما هلغنا من ثياهك (قال السري أوليفرلدج أن هذه الثياب ذكر يف‬
‫جلسة مل يستطع الوصول إىل تفاصيلها لنشرها)‪.‬‬
‫رميند – أتستطعني أن تتصوريين الهساً حلة هيضاء‪ .‬مل أكن أمبأ هبا يف أول األمر‬
‫ومل أود أن ألبسها وكأن شأين شأن رجل جاهل ذهبت إىل األرايف يف هالد حارة‬
‫وقام هنفس أنيبقى الهساً الثياب اليت كان يلبسها يف املدينة لكن اضطر أخرياً أن‬
‫يلبس لبس السكان الذين أقام هينهم وقد هقيت الهساً ثيايب األرضىي إىل أن امتد‬
‫إقليم املكان أما اآلن فال أنتطيع أن أجعل أخويت يرونين هثويب األرهيض‪ .‬أما أنت‬
‫فقللي مملك حىت ال تتعيب كثرياً‪.‬‬
‫أم – أان قوية جداً‪.‬‬
‫رميند – نعم أنت قوية ولكنك تتعبني كثرياً وهذا يشغل ابيل‪.‬‬
‫أم – إين أود أو أمضي إليك نريعاً ولو كان لدي كل ما يسرين هنا‪.‬‬
‫فدى – قال إن أييت ويراك وأنت انئمة وكثرياً ما تغادر روحك جسدك وأنت‬
‫انئمة وتصعد إىل مامل األرواح حينما يكون جسدك انئماً‪.‬‬
‫جلسة ‪ 3‬ديسمرب سنة ‪0905‬‬
‫حضرها السري أوليفرلدج يف هيت مسز ليوانرد وقد قال فيها رميند أن جسد مثل‬
‫جسده األرضي وأن يقرص نفس أحياانً فيشعر كما كان يشعر وهو يف جسده‬
‫األرضي وأما أحشاؤه الباطنة فليست مثل أحشائ اليت كانت ل وهو ملى األرض ومل‬
‫ير أحداً من الذين حول خيرج دماً من مجس ول مينان وأذانن وحاجبان مثل ما كان‬
‫ل وهو ملى األرض‪ .‬وقد نبت ل نن جديدة هدل نن فقدها قبالً‪ .‬ويعرف رجالً‬
‫قطعت يده فنبتت يد هدهلا‪ .‬والذين فقدوا هعض أمضائهم يف احلرب يتولد هلم غريها‬
‫هنا‪ .‬وأما الذين تصيبهم القناهل فتمزق أجسامهم متزيقاً فهؤالء متضي مدة قبل ما‬
‫تتمكن أجسامهم الروحية من التكامل ألن يتبدد من أجسامهم األرضية هعض املواد‬
‫األثريية ابنفجار القناهل فيمضي هزمن قبل ما جتتمع‪ .‬أما أرواحهم فال تؤثر فيها‬
‫القناهل‪ ،‬وما يتعلق ابلذين متزقت أجسامهم مل يره هعين هل مسع ه مسعاً‪.‬‬
‫ونأل أهوه مما حيدث ابلذين حترق أجسامهم فأجاب‪ .‬إن إذا حرق جسم واحد‬
‫مرضاً ووصل خربه إىل هنا أتت روح أوالً مث أييت طبيب امس طبيب األرواح‬
‫ويسامدها ملى انرتجاع جسم وجيب أال حترق أجسام املوتى ممداً ألننا نتعب كثرياً‬
‫يف مجع رفاهتا وملى كل حال جيب أال حيرتق اجلسم قبل ما ميضي ملي أنبوع فقال‬
‫أهوه‪ :‬ولكن إذا فين اجلسم وهلي‪ ،‬فكيف يتولد من اجلسم الروحاين‪.‬‬
‫فأجاب‪ :‬إن الروح ال خترج من اجلسد حينما يقال أن ما هل تبقى في مدة هعد‬
‫ذلك وابألمس تويف رجل وهلغ أقاره هنا أن مقد النية ملى حرق هعد وفات هيومني‬
‫فانتدموا طبيباً من أطباء األرواح وكلفوه أن خيلص روح ذلك امليت من جسده‬
‫وأبنرع ما ميكن مغنط الروح وأخرجها وهقيت متصلة ابجلسد حببل دقيق فاضطر أن‬
‫يقطع وهو يعتقد أن يصعد من اجلسم األرضي مادة أثريية يتكون منها اجلسم‬
‫الروحاين أو حتل يف اجلسم الروحاين املعد هلا وتشكل هشكل اجلسم األرضي الذي‬
‫خرجت من ونأل أهوه قائالً‪ :‬أترى فرقاً هني الرجال والنساء‪.‬‬
‫فقال‪ :‬الناس هنا رجال ونساء ولكنين ال أظن أن نسبة الفريق الواحد إىل اآلخر‬
‫مثل نسبت ملى األرض متاماً والشعور قلما خيتلف ومل أر أوالداً ولدوا هنا وإمنا ترنل‬
‫األرواح إىل األجسام األرضية لكي يولد هلا أوالد ملى األرض واحملبة املتبادلة هني‬
‫الرجال والنساء هنا ختتلف من حمبة الرجال للرجال أو حمبة النساء للنساء ومقاهلة‬
‫الرجل لزوجت هنا ليست مثل مقاهلت الهنت أو مثل مقاهلة هزوجت الهنها وقال أيضاً‬
‫أن ال يطلب الطعام حىت اآلن ولكن يرى البعض أيكلون ويعطي هلم طعام يشب‬
‫الطعام األرضي‪ ،‬وقد جاء شاب ابألمس وطلب نيكارة وهو يرى أن السكائر‬
‫معدومة هنا مع وجود معامل تعمل كل شيء ال من مواد جامدة هل من مواد روحية‬
‫وغاهزا والسكائر اليت تصنع يف هذه املعامل تشب السكائر األرضية وهو مل جيرهبا‬
‫ألن مييل إىل ذلك ولكن الشاب الذي طلب السيكارة أخذها حاالً مث ملا شرع يف‬
‫تدخينها قل اهتمام هبا ومل يدخن نوى أرهع نكارا كأهنا مل تلذ فأمهلها‪ ،‬فإهنم‬
‫يطلبون أوالً هلهفة مث تبطل رغبتهم في فبعضهم يطلب ملاً وهعضهم يطلب أشرهة‬
‫روحية كالونكي والصودا وهذه األشياء تصنع هنا ولكن مىت حصلوا ملى ما يطلبون‬
‫منها مرة أو مرتني اكتفوا ه ومل يطلبوا املزيد وقد مسع من نكريين أدمنوا املسكر هنا‬
‫أشهراً ولكن مل ير أحداً منهم‪ ،‬والذين رآهم أهطلوا املسكر كلهم‪.‬‬
‫فقال ل أهوه‪ :‬لقد قلت قبالً أن هيتك مبين ابآلجر فكيف ذلك ومم صنع هذا‬
‫اآلجر‪.‬‬
‫فأجاب إن ال يعلم حقيقة من أي شيء صنع ولكن هلغ ممن يثق هكالم أن‬
‫ا آلجر يصنع من هعض املصعدا األرضية فإن يصعد من األرض جواهر املادة‬
‫تتجمع هنا وتتكاثف وتصنع من قوالب كقوالب اآلجر (الطوب األمحر) إذا ملستها‬
‫هيدك شعر هبا كما تشعر ابآلجر متاماً‪ ،‬وقد رأيت هنا حجارة من الصوان‬
‫(غرانيت) واملصعدا من األرض مستمرة وتكون دقائقها أوالً لطيفة ال ترى ولكنها‬
‫إذا وصلت إىل األثري تغري هعض التغري حىت إذا هلغت إلينا تناوهلا البعض وصنعوا‬
‫منها مصنوما صلبة وكل ما حيل ه البلى ملى األرض ال يفين هل تصعد من‬
‫مصعدا تصل إلينا وهي من قبيل الرائحة اليت تعبق من املواد والرائحة تنتشر من كل‬
‫جسم ابل حىت اخلشب البايل فهذه الرائحة تصل إلينا وتكون أجسامنا مثل األجسام‬
‫اليت صدر منها‪ .‬ويظهر يل أن الرائحة اليت اتتينا من اخلشب البايل تصري هنا خيوطاً‬
‫تنسج منها الثياب لكن هذا ملى نبيل الظن‪.‬‬
‫أما ثيايب أان فيظهر يل أهنا مصنومة من خيوط ثياب هليت مندكم والبعض هنا ال‬
‫يدري أن ما نراه حولنا أصالً مادايً هل يتكلمون من الثياب أهنا روحية مصنومة من‬
‫النور يكوهنا الفكر ملى األرض‪ .‬أما أان فال أمتقد ذلك وهم يعتقدون أ‪ ،‬الثياب اليت‬
‫يلبسوهنا إمنا هي ثياب فكرية انجتة من احلياة الروحية اليت كانوا حييوهنا‪ ،‬ولو قلت هلم‬
‫أهنا مصنومة من مواد أرضية مل يصدقوا هل قالوا أهنا أثواب من نور ينسجها الفكر‬
‫ولذلكأختطى هذا املوضوع ويظهر يل أن الذين يعيشون ميشة روحية ملى األرض‬
‫ينالون الثياب الروحية أبنرع مما يناهلا غريهم‪ .‬ولعل هذا هو نبب حسباهنم أن أصلها‬
‫روحي حيكت هسبب احلياة الروحية اليت ماشوها‪ .‬ومندان األهزهار هنا وهي األهزهار‬
‫اليت تذهل مندكم فإن مصعداهتا تصعد إىل هنا وتصري أهزهاراً) أهـ‪.‬‬
‫قال صاحب املقتطف هعد ذلك‪:‬‬
‫وكل ما ذكرانه من اإلمرتاض والتعقيب ملى السر اليفرلدج وأهل هيت ال يثبت أن‬
‫أرواح املوتى تتالشى أو ال تبقى يف الوجود أوال ميكن اإلتصال هبل ومناجاهتا‪ .‬كال هل‬
‫إن إحتمال وجودها واتصاهلا ابألحياء أرجح جداً من احتمال تالشيها وانتحالة‬
‫إتصاهلا ابألحياء ولكن الطرق اليت انتخدمها السر أليفرلدج يف اجللسا اليت‬
‫خلصناها حىت اآلن غري كافية لالقناع من هلب ملمي ونرتى ما يكون من اجللسا‬
‫التالية فإننا وجدان يف هعها ماال نرى ل االن تعليالً إال إذا فرضنا صحة التلبث أو‬
‫صحة مناجاة األرواح كما نيجيء‪.‬‬
‫وجاء يف املقتطف يف نبتمرب ننة ‪ 4749‬صفحة ‪:299‬‬
‫لدج – يل نؤال اي رميند قبل ما متضي‪ ،‬هل رأيت املسيح؟‬
‫رميند – نأراه اي أيب هعد قليل‪ .‬مل حين الوقت لذلك ألين غري مستعد ملشاهدت‬
‫ولكنين أملم أن حي وأن أييت إىل هنا‪ ،‬وكل احلزاىن يرون إذا مل يسامدهم أحد‪ ،‬وقد‬
‫رآه هولس فإن أتمل كثرياً وأما أان فال أنتظر أن أراه اآلن ونأنر هرؤيت حينما حيني‬
‫الوقت‪.‬‬
‫لدج – نيكون ميد امليالد من أهبج األمياد ملينا اآلن‪.‬‬
‫رميند – قل ألمي إن إهنها نيكون معها كل النهار يوم ميد امليالد ونيحضر‬
‫ألوف وألوف منا إىل هيوهتم يف ذلك اليوم ولكن األمر احملزن أن كثريين منهم ال‬
‫يوجدون من يرحب هبم‪ .‬فأهقوا يل مكاانً والهد يل من الذهاب‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫جلسة ‪ 7‬فرباير سنة ‪0902‬‬
‫هذه من أغرب اجللسا مبا قال فيها رميند من السماء أو الفلك األملى حيث‬
‫شاهد السيد املسيح وكانت اجللسة مع مسز ليوانرد اليت تتكلم هلسان مرشدهتا فدى‬
‫أو مبا يقوم يف نفسها وهي يف حالة االنتهواء‪ ،‬ووما قالت من لسان رميند قول ألم‬
‫وكانت قد نألت ‪ ،‬هل اجلميع يف السماء ملى درجة واحدة‪ ،‬فقال إن الدرجا‬
‫حسب الفضائل‪ ،‬والكل ميرون أوالً ملى الدرجا السفلى لكي يزيدوا اختباراً‪ .‬أما‬
‫هو فإن اآلن يف الدرجة الثالثة أو الفلك الثالث املسمى مسرلند وهو مكان طيب جداً‬
‫وقريب من األرض حىت يسهل ملي النزول إليها والوصول إىل مكاهنا مث قال‪ :‬أن‬
‫ذهب إىل مكان غاية يف البهجة‪ .‬فقالت‪ :‬وما هو فقال هللا أملم فقد أذن يل أن أرى‬
‫ما يف الفلك األملى من حيث أتتينا األرواح العليا وال أظنين أنتطيع أن أصف لك‬
‫حىت تستطيعي تصوره‪.‬‬
‫وهنا وقف السري أوليفرلدج من الكالم وقال أن ال يستحسن نشر ما قال اهن من‬
‫وصف ذلك الفلك قبل أن تثبت أدلة احلياة هعد املو ثبواتً يقنع اجلمهور ولكن مل‬
‫ير من احلكمة أن ميتنع من نشر ما شعر ه اهن ملى أثر ما رآه فقد قال إن شعر أن‬
‫ارتقى وتطهر واهتهج وكان داثياً ملى ركبتي ‪ .‬وهاك ما قال هعد ذلك‪.‬‬
‫"مرتين رجفة اي أماه من رأني إىل قدمي مل يدن مين (أي السيد املسيح) ومل‬
‫أحاول الدنو من وكان صوت كجرس يف أذين وال أنتطيع أن أصف لك لبان فإن‬
‫كان يف غاللةو من نور ناطع خمتلف األلوان‪ .‬ال أدري ماذا مملت حىت أتيح يل أن‬
‫أرى هذا املنظر البهيج‪ ،‬مل أكن أحسب أين أصري أهالً لذلك إال هعد السنني الطوال‪.‬‬
‫إين ماجز من وصف ما شعر ه فهل يفهمين أحد‪ .‬أنت وأيب تفهمان ولكن أود‬
‫أن يفهمين غريكما أيضاً‪ .‬وكالمي يعجز من التعبري‪ ،‬محلت محالً يف رجومي إىل‬
‫مسرلند وملا وصلت إليها شعر كأين أمطيت قوة جديدة أنتطيع هبا أن أقف جراين‬
‫األهنار وأن أنقل اجلبال"‪.‬‬
‫وقد نر مريس مبا جرى يل وقال إن البلوغ إىل الفلك األملى ليس خاصاً هرجال‬
‫الدين والعربة مبا يعمل اإلنسان ال مبا يؤمن ه ‪ ،‬فإذا مل تؤمن ابخللود ولكنك مملت‬
‫ممل من يؤمن ه فعشت ميشة راضية وتركت ما ال تفهم فهذا كل ما يطلب منك‬
‫فما أنهل ما يطلب من اإلنسان‪ ،‬حىت لقد يظن أن كل الناس يعملون ه ولكن ما‬
‫أقل العاملني‪.‬‬
‫وحنن هنا ننتظر أن تتغري األحوال تغيرياً كبرياً ملى األرض ويف غضون مخس ننني‬
‫يكثر الذين يتوخون معرفة ما يف احلياة األخرى‪.‬‬
‫وكيف جيب أن يعيشوا ملى األرض حىت يكونوا يف حالة صاحلة حينما أيتون إىل‬
‫هنا‪.‬‬
‫وجاء يف املقتطف يف أكتوهر ننة ‪ 4749‬صحيفة ‪.911‬‬
‫جلسة ‪ 27‬مارس سنة ‪0902‬‬
‫خالف السري أوليفرلدج هني اجللسا فلم يذكرها حسب توارخيها هل قدم وأخر‬
‫فيها ومن ذلك هذه اجللسة فإن أخرها من غريها وقال أهنا كانت الونيطة مسز‬
‫ليوانرد وأن هزوجت جلست معها وحضر هو ليكتب ما جيرى فيها‪.‬‬
‫وملا جلست مسز ليوانرد حضر مرشدهتا فدى وحضر رميند حاالً وجعلت فدى‬
‫تتكلم من هلسان كالماً مسهباً وأكثره مبهم‪ .‬من ذلك قوهلا أن ما كان يصدق أن‬
‫يصل املكان الذي وصل إلي حىت هلغ ومل يعد إلي هعد ذلك هل أتى مكاان ىخر‬
‫حيث تلقى اخلطب يف اند يسمى حلقة التعليم واإلنسان يستعد للعروج إىل‬
‫األفالكالعليا وهو يف السفلى‪ .‬وهو اآلن يف الفلك الثالث ويستطيع أن يصل إىل‬
‫الفلك الراهع إذا أراد ولكن يفضل أن يطلع ملى نواميس كل األفالك وهو ال يزال يف‬
‫الثالث ألن ما هزال هنا فهو أقرب غليكما وننتظركما إىل أن تصال إلي وال يريد أن‬
‫يعرج إىل األفالك العليا مث جيد نفس غري أهل إلقامة فيها هل جيب ملي أن يعود إىل‬
‫املكان الذن كان في ولذلك نيصرب إىل أن يتأهل متام التأهل‪.‬‬
‫فهل ترغبان يف الوقوف ملى وصف األماكن اليت ذهب إليها‪.‬‬
‫لقد أدهشت مناظرها حىت صار خيشى أن يبالغ يف الوصف وما شاهده رنخت‬
‫صورت يف أ‘ماق نفس حىت ال يستطيع أن ينساه‪.‬‬
‫ذهب إىل مكان يف الفلك اخلامس لعل من املرمر الشفاف كل وهو غري واثق أن‬
‫من املرمر ولكن ابن ل كذلك‪.‬‬
‫واملكان مثل هيكل كبري وكان في مجاهري كثرية مزدمحة وملى وجوههم نيماء‬
‫البشر والسرور‪ .‬فقال يف نفس ترى ماذا أرى هنا‪.‬‬
‫فلما اختلط ابجلمع الذاهب إىل اهليكل رآه أهيض حقيقة ولكن في أنوار خمتلفة‬
‫فيظهر هبا هعض أمحر وهعض أهزرق وونط هرتقايل اللون واأللوان ليس ناطعة تبهر‬
‫العني هل لطيفة تسر الناظرين فالتفت لريى من أين أتت فرأى من اهليكل كوى وانعة‬
‫جداً هزجاجها ملون هبذه األلوان ورأى هعض الناس يقفون حيث يقع النور الربتقايل أو‬
‫األصفر وجعل يفكر يف نبب ذلك وإذا هقائل يقول ل أن النور األمحر نور احلب‬
‫واألهزرق نور الشفاء والربتقايل نور العقل والناس جيلسون يف األنوار اليت يقصدون ما‬
‫ينتج منها‪ .‬وذلك أهم ما يعرف الناس ملى األرض ونوف يزيد حبثهم يف هذه‬
‫األنوار‪.‬‬
‫وظهر ل أن الواقفني يف النور األمحر ذوو مهة وإقدام راقون يف قواهم العقلية هنوع‬
‫مام ولكنهم مل يقدروا أن يرقوا مواطف احلب اليت فيهم ألن مشامرهم األخرى تغلبت‬
‫مليها والواقفون يف النور األهزرق من أهل الطرف واهلناء ولكن ال تظهر ملى وجههم‬
‫نيماء الذكاء‪ .‬وشعر أن جمذوب إىل الوقوف يف النور األمحر ولكن قال ل قائل ال‬
‫تفعل ألن صار لك من ذلك ما يكفي فرتك النور األمحر ووقف يف النورين اآلخرين‬
‫فسر ابلنور األهزرق أكثر مما نر ابألمخر‪ .‬وهعد أن أقام في مدة خفف روح ومل يعد‬
‫يعين إال ابإلنتعداد للحياة الروحية وشعر أن رميند القدمي فارق حينئذ وصار ينظر إلي‬
‫كما ينظر إىل شخص آخر ال شأن ل مع ولكن ال يزال مرتبطاً ه ‪ ،‬فقال ال جناح‬
‫ملي إذا انتطعت أن أصل هذه احلالة السامية البديعة‪ .‬ويقول أن ال يستطيع أن‬
‫يصف لكما ما يشعر ه ولكنكما إذا قرأمتا ما تكتبان اآلن فقد تفهمان مراده وال‬
‫تستطيع األلفاظ أن تعرب من املراد ولذلك يكفي ذكر ما حدث‪.‬‬
‫مث جلس واجملالس هناك كمقامد الكنائس والتفن إىل ما أمام وإذا هسبعة‬
‫أشخاص مقبلني فحسب أهنم آتون من الفلك الساهع‪ .‬فوقفوا ملى دك وكان اهليكل‬
‫نبع ممرا هني مقامده فجاء كل من هؤالء السبعة إىل رأس ممر منها ووضع‬
‫الشخص يدي ملى اجللوس يف مقامدهم‪ .‬وملا وصل الدور إلي ووضغ الشخص يدي‬
‫ملى رأن شعر كأن األلوان الثالثة امتزجت في أي كأن صار يفهم كل شيء وكان‬
‫كل ما شعر ه قبالً من غيظ أو هم تالشي وصار يستطيع أن يرتفع إىل أي ملو‬
‫شاء ويرفع كل الذين حول ‪.‬‬
‫مث جعل احلضور يصغون إىل كالم اخلطيب فإن أحد أولئك الرجال وقف خيطب‬
‫يف كيف يعلم ون غريهم من الذين يف األفالك السفلى وملى األرض لكي أيتوا إىل‬
‫احلياة الروحية وهم يف أفالكهم وكان هو يسمع كالم اخلطيب يتأثر هروح فتدخل‬
‫املعاين أمماق نفس دفعة واحدة وشعر حينئذ كأن قوة كانت خترج من وتسامد الذين‬
‫ملى األرض ويف أفالك أخرى وهلغ أيضاً الفلك السادس وهو أمجل من اخلامس‬
‫ولكن مل يشأ أن يقيم هناك اآلن هل األفضل أن يعود إىل حيث كان ليسامد الذين‬
‫كانوا هناك‪.‬‬
‫السر أوليفر – أيرى متامب الذين ملى األرض‪.‬‬
‫فدى – قال نعم أن يراها أحياانً ويود لو انتطاع أن يغري الناس حىت ال خيجلوا‬
‫لو تكلموا من هذه األمور‪.‬‬
‫ونأل السر أوليفر من البيت الذي كان يسكن في ومن قول أن مبين ابآلجر‬
‫وانتفهم من معىن ذلك فأجاهت فدى من لسان هكالم مبهم مث قالت أن قال إن‬
‫أفالك األرواح موجودة حول الكرة األرضية وتدور معها والفلك األنفل منها أقل‬
‫نرمة من الذي وراءه وهلم جرا إىل الفلك الساهع ونرمة كل فلك تؤثر يف جوه‪.‬‬
‫(وقال السر أوليفر تعقيباً ملى ذلك أن من لغو الكالم كأن فدى (التقطت من‬
‫أفواه هعض العامة)‪.‬‬
‫وماد فدى إىل الكالم هلسان رميند فقالت يود أن أيتوا إلي فإن أابه يسر هكل‬
‫ما يرى ونيبحث يف كل ما يشاهد حىت يعرف ظاهره وابطن ويقول ألم أن األهزهار‬
‫كثرية هنا وهي تيبس مث تنمو هل تتجدد وهي نضرة كالناس الذين هنا فإهنم يتجددون‬
‫دواماً وتزيد األجسام خفة ابرتقائها يف األفالك ويظن أن الناس صور واملالئكة هشعر‬
‫طويل أشقر ووجوه هيضاء ملهمني إىل ذلك إهلاماً من األفالك العليا وفدى نفسها‬
‫مسراء وشعرها أنود وكل الذين يعين هبم شعرهم أنود‪.‬‬
‫وانتهت اجللسة مبثل هذا الكالم‪.‬‬
‫وملا أن أمتمت هذا املقال وقد مسع شري دمحم هذه احملاورا قال إن يل يف هذا‬
‫املقال متسعاً فىي اإلمرتاض وجماالً للفهم فإن هعض ال يطاهق مقلي وال يوايت املنقول‪.‬‬
‫قلت اي شري دمحم‪ :‬قد قدمت يف أول هذا املقال إن ما يدور يف هذه احملاداث‬
‫واملناجيا تصقل العقول البشرية وال تسلم هطريقة البداهة فليس كل ما ذكرانه‬
‫مسلماً وال مجيع ما في جاء ملى طريق احلقيقة وكثري من كان من اخليال الذي يبدو‬
‫لرميند وهو يف حال الربهزخ مث يتوارى من فيما هعد وقد يكون ما رآه نروراً ومجاالً إمنا‬
‫هو مما جعل إمتحاانً ل واختباراً واهتالء وأضراراً‪ .‬والذي نعلم أن حال الربهزخ أمرها‬
‫مشكل فال يتخذ حجة وهرهاانً وال يقرب من احلقائق إال ما ورد من أرواح نقية‬
‫خالصة من شوائب النقص واجلهل يف األخالق واآلراء ورميند شاب مل يبلغ مرتبة‬
‫الكمال يف الدنيا وهو هعد يعوهزه التجرهة والتدريب وقد أمجلت املقاال إمجاالً فدع‬
‫التفصيل وال تكن ملحفاً يف السؤال‪.‬‬
‫مناجاة األرواح يف أورواب ويف اإلسالم‪:‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬ولكن إذا منعتين القول يف رميند فلي احلق أن أنألك مما قال‬
‫السري أوليفرلدج والده‪ ،‬إذ قال كل العظام الذين ماتوا كانوا يراتحون إىل مناجاة‬
‫املدركا العليا أكثر مما يراتحون إىل األمور الدنيوية إىل أن قال أن طرق البحث‬
‫املادية ليس كل طرق البحث ومل يزل الرجال العظام منذ قدمي الزمان يرون رؤى‬
‫ويطلعون ملى حقائق وتظهر منهم هدائ حياولون تدوينها وهي طريقة رجال الدين‬
‫ويظهر يل أين حمروم من ذلك ولكن قد وصلت إىل نتائج ال ختتلف من اليت وصلوا‬
‫إليها هبحثي من طرق ملمية‪ .‬هذا ملخص ما أرد ذكره من خطبت اليت ذكرهتا‪ .‬أما‬
‫طرق أوليفرلدج وأمثال فأان قد مرفتها منك قبل هذا‪ .‬فما الطرق اليت كانت لرجال‬
‫الدين حىت يناجوا األرواح وهل كان ذلك معروفاً مند أمة اإلنالم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬إملم أن مناجاة األرواح هي الصفة اخلاصة ألمة اإلنالم ال نيما رجال‬
‫الصوفية وهذا شائع ذائع ولكن الناس يكذهون ما ال يعلمون وهاك قال من كل‪ .‬قال‬
‫اإلمام الغزايل يف كتاه كيمياء السعادة‪ :‬أملم أن ما من أحد إال ويدخل يف قلب‬
‫اخلاطر املستقيم وهيان احلق ملى نبيل اإلهلام وذلك ال يدخل من طريق احلواس هل‬
‫يدخل يف القلب ال يعرف من أين جاء ألن القلب من مامل امللكو واحلواس خملوقة‬
‫هلذا العامل‪ .‬مث قال وال تظن أن هذه الطاقة تنفتح ابلنوم واملو فقط هل تنفتح ابليقظة‬
‫ملن أخلص اجلهاد والرايضة وختلص من يد الشهوة والغضب واخلالص القبيحة‬
‫واأل‘مال الرديئة فإذا جلس يف مكان خال ومطل طريق امللكو هزوقال دائما هللا هللا‬
‫هللا هقلب دون لسان إىل أن يصري ال خري مع من نفس وال من العامل ويبقى ال يرى‬
‫شيئاً إىل هللا نبحان وتعاىل انفتحت تلك الطاقة وأهصر يف اليقظة الذي يبصره يف‬
‫النوم فتظهر ل أرواح املالئكة واألنبياء والصور احلسنة اجلميلة اجلليلة وانكشف ل‬
‫ملكو السموا واألرض ورأى ما ال ميكن شرح وال وصف كما قال النىب‬
‫(هزويت يل األرض فرأيت مشارقها ومغارهبا)‪.‬‬
‫وقال مز وجل‪{ :‬وكذلك نرى إهراهيم ملكو السموا واألرض} ألن ملوم‬
‫األنبياء مليهم السالم كلها كانت من هذا الطريق ال من طريق احلواس كما قال‬
‫نبحان وتعاىل‪{ :‬واذكر انم رهك وتبتل إلي تبتيال}‪.‬‬
‫معناه االنقطاع من كل شيء وتطهري القلوب من كل شيء واالهتهال إىل هللا‬
‫نبحان وتعاىل ابلكلية وهو طريق الصوفية يف هذا الزمان وأما طريق التعليم فهو طريق‬
‫العلماء وهذه الدرجة الكربى خمتصرة من طريق النبوة وكذلك ملم األولياء ألن وقع يف‬
‫قلوهبم هال وانطة من حضرة احلق كما قال نبحان وتعاىل‪{ :‬وآتيناه من لدان ملما}‪.‬‬
‫وهذه الطريقة ال تفهم إال ابلتجرهة وإن مل حتصل ابلذوق مل حتصل ابلتعليم والواجب‬
‫التصديق هبا حىت ال حترم شعاع نعادهتم وهو من مجائب القلب‪ .‬ومن ال يبصر مل‬
‫يصدق كما قال نبحان وتعاىل‪{ :‬هل كذهوا مبا مل حييطوا هعلم } وملا أيهتم أتويل‬
‫(وإذا مل يهتدوا ه فسيقولون هذا افك قدمي)‪ .‬مث قال وال حتسب أن هذا خاص‬
‫ابألنبياء واألولياء ألن جوهر اهن آدم يف أصل اخللقة موضوع هلذا كاحلديد ألن يعمل‬
‫من مرآة ينظر فيها صورة العامل إال الذي صدأ أو تلف فيحتاج إىل جالء أو صقل أو‬
‫نبك‪ .‬وكذلك كل قلب غلب ملي الشهوا واملعاصي مل يبلغ هذه الدرجة وإن مل‬
‫تغلب ملي تلك الدرجة انتهى ما أرد نقل من ‪ .‬ا هـ اجمللس الثالث مشر‪.‬‬
‫اجمللس الرابع عشر‬
‫وهو آخر الكتاب‪ :‬يف ملخص حديث برايفت دودينج‬
‫يذكر فيه حال النفس بعد املوت ويصف جهنم ومستقبل األمم‬
‫والدول وأورواب ومصر واإلسالم‬

‫قال نري دمحم‪ :‬أموقن أنت هكل ما قصصت من هذا احلديث قلت‪ .‬نعم‪ .‬فإن كثيرباً‬
‫مما يرد يف أمثال هذا يدخل الشك والعقل ميزان‪ .‬ولكن ليس الشك يف هعص القول‬
‫مبانع من ذكره ليكون الشك دامياً حثيثاً الكتناه احلقائق‪ ،‬واحلقائق ال وصول إليها إال‬
‫ابلبحث‪ ،‬والبحث هعد الشك‪ .‬أما أولئك الذين ينبذون النظر فيما ال حييطون ه‬
‫ملماً فأولئك هم الكساىل اخلائبون‪ .‬ولعلك لو نألت هعض أويل العلم من املسألة‬
‫امل شهورة وهي أن تضع يف البيت األول من هيو الشطرنج حبة قمح وتضامفها يف‬
‫الثاين مث تستمر يف املضامفة إىل ‪ 11‬هيتاً لقال لك كيفي القمح أقل من أردب ويذر‬
‫البحث واحلساب مع أن لو دقق احلساب أليقن أان ما ملى األرض من القمح‬
‫وأضعاف ال يكفي مث جتده أيخذ يف التكذيب واجملاهرة ابلسوء وال يكلف نفس‬
‫البحث والتنقيب‪ .‬ولو أن الناس مل يعلموا إال ابليقني ملا النوع اإلنساين‪.‬‬
‫فالزرامة والتجارة والصنامة واإلمارة ليست حمققة النتائج فاآلفا يف الزرع‪،‬‬
‫واخلطوب والكساد يف التجارة‪ ،‬والعزل يف اإلمارة‪ ،‬واخليبة يف الصنامة‪ ،‬فلو كان هؤالء‬
‫ال يقدمون إال ملى ذى نتائج صادقة لبطل نوع اإلنسان‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬ال يزال مندي حرج يف صدري‪ .‬قلت‪ :‬لعلك ال تزال أتمل من أن‬
‫الظن ل أثر يف حياة البشر‪ .‬قال نعم‪ .‬قلت‪ :‬إن ملم الفق يف اإلنالم ظين وملي‬
‫مدار املعامال والعببادا وملم األصول هو اليقني كالتوحيد ووجوب الصالة والزكاة‬
‫وما أشب ذلك فكذلك هنا اليقني هقاء األرواح فأما التفصيل هو الذي يعوهزه اجلد‬
‫والتشمري‪.‬‬
‫فلنذكر حوادث األرواح ولنلق دلوان يف الدالء ولنبحث مع الباحثني وإن كان‬
‫الغث متلبساً ابلسمني والباطل ابحلق املبني فأما من ينغض إليك رأن ويقول لك مىت‬
‫هو فاملم أن متكرب أو جاهل أو جبان‪ .‬فألمسعك اآلن ملخص كتاب هرايفت‬
‫دودينج ملى هذا املنوال ولنعلم ما يقول الناس يف ذلك‪ .‬فقال وكيف كان أمره‪ .‬قلت‬
‫اهرايفت دودينج انم لكتاب ألف (تودورهول) مبدينة هور منوث يف ‪ 28‬مارس ننة‬
‫‪ .4749‬وقبل تلخيص الكتاب أقدم مقدمة فأقول ال جرم أن من طالع كتاهنا هذا‬
‫يعلم أن حمادثة األرواح أم أبن جيلس مجامة حول منضدة واضعني أيديهم مليها‬
‫ويتفقوا ملى أهنم إذا نطقوا ابحلروف اهلجائية تتحرك املائدة مند كل حرف وتسكن‬
‫مند احلرف املراد وجتمع تلك احلروف وخترج كلما ذا معىن كجواب من نؤال‬
‫نأل اجلمامة أو حنو ذلك‪.‬‬
‫مث ارتقوا من ذلك إىل أن الروح يستويل ملى يد الكاتب وهو ال يشعر مبا يكتب‬
‫مث ارتقوا إىل أن وضعوا الورق أمامهم والقلم فأخذ القم يكتب مث وضعوا الورق وحده‬
‫فظهر الكتاهة مث ظهر األرواح هلم أبشكال خمتلفة‪ ،‬هذا ملخص ما تقدم يف هذا‬
‫الكتاب‪ ،‬أن مؤلف الكتاب قص حديثاً يف أول قال أن شاهد شبحاً يوم ‪ 42‬مارس‬
‫ننة ‪ 4749‬يتبع يف حل وارحتال جتلى ل يف هزي جندي ظن أن ممن قتلوا يف حرب‬
‫األملان يريد أن خياطب ‪.‬‬
‫فلما أن خيم الظالم وقد قاهل نيدة ذا قوة روحية وملم هبذا الفن وقد نسى‬
‫أمر الشبح نبهت وذكر أن جالس ملى الكرني قريباً من وهينت حليت وصفت وما‬
‫تبدي هلا من مسات وأخالق فلما أن رجع إىل منزل وجلس أمام مكتب أخذ يده‬
‫تكتب هال اختيار من وآراء ليس ل وأنلوب مل يعتده فرأى أن ذلك هقوة خارجية من‬
‫نلطت ملى مقل ويده فأخذ يكتب ما ميلي ملي هنص وفص ‪.‬‬

‫(تقسيم الكتاب)‬
‫إن الكتاب مقسم فصول ثالثة‬
‫الفصل األول‪ :‬يف وصف املو وحال النفس منده وهعده والشعور الذي أحس‬
‫ه الروح‪ .‬وكيف قاهل أخاه امليت قبل ‪ .‬وكيف كان ذلك رمحة ه وكيف وجد أن‬
‫التعلق ابلدنيا وشئوهنا يكون خزايً وابالً كما اتفق ملدير اجلريدة الفرنسية الذي قاهل‬
‫وهو مشغول أبحوال احلرب وهو يف الدار اآلخرة‪ .‬وكيف انتهى اهرايفت إىل مقاهلة‬
‫روح مالية مساها رنوالً نصحت أن يتبامد من أن ميلي ملى الكاتب ما حيس ه ألن‬
‫ال دوام ل وذلك يف ‪ 1‬قطع األوىل هتاريخ ‪ 42‬مارس ننة ‪ 4749‬الثانية ‪ 49‬مارس‬
‫والثالثة والراهعة يف ‪ 41‬مارس ننة ‪.4749‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬أن قاهل تلك الروح العالية وقد أابنت ل فظامة احلرب وذكر‬
‫جالل هللا وأن حميط هكل شيء فجاء أخوه الذي تقدم ذكره والم تلك الروح العالية‬
‫ألهنا ملمت أخاه ما ليس يف طاقت مث أخذ هرايفت دودينج يتلو نصائح كثرية مث‬
‫ختطى ليطلع ملى جهنم فوصفها كما ختيلها وهو مع أخي ليسامد رجالً من اجلند‬
‫انتحق العذاب فيها مث قاهلهما ملك فوصف هلما حال جهنم وأهنا خلقت من‬
‫الشهوا ‪.‬‬
‫مث قاهل ذلك الرنول فبشر أبن يف العامل األرضي نوراً أشرق ملى قلوب اهلداة‬
‫الذين نبغوا يف القرن املاضي مث طفق هريفت دودينج هتواضع وهو يقول أان لست موقناً‬
‫مبا أقول فال أصلح لإلرشاد وذلك يف ‪ 1‬قطع إثنتان هتاريخ ‪ 41‬وإثنتان هتاريخ ‪49‬‬
‫مارس وواحدة هتاريخ ‪ 49‬مارس واتبع ذلك الكتاب هشرح ملا تقدم كل ‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬ما ألقاه الروح الذي مساه رنوالً ملى الكاتب من مستقبل‬
‫اإلنسان ومصريه يف الدنيا وأن العامل مقبل ملى نعادة ونعيم وهبجة وهناء وأن‬
‫السعادة والسالم يرفرفان ملى العامل قبل ننة ‪ 2888‬وذلك يف رنالة مؤرخة ‪24‬‬
‫مارس ننة ‪ 4749‬هذا ملخص ما نيذكر يف الكتاب ولقد نشر الكتاب يف اجنلرتا‬
‫يف أغسطس ننة ‪ 4749‬مث يف نبتمرب ننة ‪ 4749‬مث يف نوفمرب ننة ‪ 4749‬وهي‬
‫النسخة اليت أبيدينا وال ندري ما مقدار ما نشر هعدها‪.‬‬

‫الفصل األول‬
‫قال‪ :‬أن كان مدرناً يف قرية صغرية ملى الشاطىء الشرقي قبل احلرب مث صار‬
‫جندايً يف خريف ننة ‪ 4741‬ومكث يف التعليم احلريب مثانية أشهر مث هاجر فرقت‬
‫إىل فرنسا يف يوليو ننة ‪ 4741‬ودخل يف اخلنادق وقتل مبدافع األملان مساء يف شهر‬
‫أغسطس ننة ‪ 4741‬ودفنت جثت يف اليوم الثاين مث أخذ يشرح حال املو إبطناب‬
‫وضرب أمثلة ملى ذلك‪.‬‬
‫قال إىن كنت جباانً خوار العزمية أفرق من املو وأخاف من مصائب احلياة‪.‬‬
‫فأصبحت موقناً أن املو ليس شيئاً مذكوراً كما أن احلياة قبل ليست هشيء يؤنف‬
‫ملي ‪ .‬وليس يعرف هذا إال من فارقها‪ .‬ما املو إن هو إال شيء يسري‪ .‬أحسست‬
‫هضرهة فاقرة يف منقي مبدافع األملان فخرر صريعاً أحسست أبين خرجت من‬
‫نفسي‪ .‬وكأنين يف جو من الضباب حالك اإلهاب‪ .‬وقد غطى صور احملسونا ‪،‬‬
‫وأخفت األصوا فال أمسع إال ركزاً وال أرى صوراً مغلفة ابلضباب وكأن األرض‬
‫خالية من اجلنود ومن املدافع والبنود‪ ،‬أو كأين أرى صور األشياء يف آلة معظمة قد‬
‫مكست احملسونا فجعلتها يف غري وجهتها ورمستها يف غري مستها وال شيء ابق‬
‫ملى حقيقت ‪ ،‬أو كأين فوق نحاب أو فوق قمة جبل‪ .‬أو كمثل الذي جرى شوطاً‬
‫وقت اهلاجرة يف محارة القيظ فلما أن خاف االختناق ألقى مباءت وخلع معطف ‪.‬‬
‫ذلك مثلي مع جسدي الذي نبذت نبذ النواة أو كأنين يف حلم مميق‪.‬‬
‫مث نظر إىل جسمي األرضي قد محل رفاقي فأخذ أنامدهم ولكن خاب‬
‫أملي وضل نعيي وطفقوا يعملون في مملهم‪ .‬وملا أن جن الليل وأرخى ندول‬
‫ترهصت مسى أن اقتنص فأمود إلي كرة أخرى‪ .‬كل هذا وال ملم يل أين ميت مث‬
‫انتغرقت يف النوم فلما انتيقظت مل أجد اجلثة‪ ،‬هنالك جاء احلق وهزهق الباطل‬
‫وانتبان يل إين مت مبدافع األملان مجباً كيف قضيت تلك املدة وأان أجهل إين ميت‬
‫نظر حوىل فلم أجد أحداً فأان وحيد فريد ومل أدر أذن أحي أان يف اجلسم املادي أم‬
‫يف حياة أخرى أان لست هقادر ملى وصف احلال فإين السامة أرى قلمك ولكن‬
‫أحس أبن فكري جيتمع ويصور صوراً لعلها كلما تصل فكرك‪ ،‬إين اآلن أحس أبين‬
‫حي واجلسم ملى صورة اجلسم األرضي‪ ،‬ومن مجب أن احلياة أشب ابحلياة األرضية‬
‫ولكن ليس يعوهزها طعام وال شراب فال ضرورة هلما واحلرية هنا أوفر مع اخلفة‬
‫واللطافة‪.‬‬
‫مث طفق يشرح حال هعد ذلك وأن ‪ :‬هعد أن انتفاق من غشيت اليت أصاهت من أن‬
‫أيقن ابملو ال من املو نفس فإن أمر يسري لقي أخوه الذي هاجر إىل العامل اآلخر‬
‫قبل هثالث ننني وحياه أمجل حتية وواناه أحسن مواناة‪ .‬وقال ل ‪ :‬أملم إىن كنت‬
‫معك حني مت ولكن اجلو الذي أحا هك كان كقطع من الليل مظلم حالك‬
‫اإلهاب‪ ،‬وما نسج إال ما اتصفت ه من األخالق وما أحاط هك من العواطف‬
‫واآلراء‪ ،‬أال وأن أخي يف شغل شاغل يستقبل من نزحوا من األرض‪ ،‬أال وأن يف تلك‬
‫الساحا مناهزل الراحة يطمئن هبا أولئك الناهزحون ويسرتحيون من العناء‪.‬‬
‫لقد أجلسين أخي يف قامة منها ذا قبة هلورية وأن فيها ميوانً جارية ماؤها ذو‬
‫صو مونيقي ونظام مجيل هديع وقال أن نيصرف أمداً طويالً يف درانة تلك القبة‬
‫البلورية‪ ،‬وليس ينبغي أن يطيل يف وصفها لئال يزمم الناس أن ذلك حديث خرافة‪.‬‬
‫هنالك تبني ل أن أخالق وآراءه اليت كسبها ملى وج األرض قد تبد ل‬
‫فأشقت ومذهت وألزمت أن يقرتب من األرض فال يربح األحوال األرضية‪ ،‬وقد حكم‬
‫ملي أن يدرس ما أىب أن يدرن يف حيات الدنيا مث أخذ يذم الوحدة والعزلة (قد‬
‫فسرها الكاتب هعد أبهنا االنقطاع من األمور العالية والتوفر ملى احملسونا ) والتوفر‬
‫ملى قراءة الكتب إال من كانت وحدهتم لعمل انفع للناس فهؤالء هلم فضل مظيم يف‬
‫العزلة‪ ،‬مث قال‪ :‬فوا أنفي أين مل أكن منهم وإمنا كنت أممل لتحصيل اخلبز واجلنب‬
‫وليس يل نظر إىل ما وراء ذلك مث أخذ ينهي من لتمادي يف قراءة الكتب ويقول أن‬
‫األايم اليت قضاها يف احلرب والتمرين ملي ملمت ما مل يعلم‪.‬‬
‫مث قال ولقد طلبت من أخي أن أطلع ملى أحوال أهل األرض فأخذ هيدي وهزران‬
‫مدير جريدة فرنسية ما وممره إحدى ومثانون ننة‪ .‬وكان قد أخلد إىل األرض واتبع‬
‫هواه وكان أمره فرطاً‪ .‬فإننا ملا حللنا هساحت حياان حتية الكرماء‪ ،‬وأكرمنا مند اللقاء‬
‫وأخذ يسألين من األرض وأحواهلا ومن صيت جريدت اليت أصبح إهن خليفة ل‬
‫مليها‪ ،‬فلما مسع مين أن ال ملم يل هبا خاب ظن وأنف جلهلي هذلك الصيت‬
‫العظيم والذكر احلسن‪.‬‬
‫وقد خيل ل يف دار هبا إدارة اجلريدة ومكتب تلغراف وآلة (التليفون) املسرة يتصل‬
‫هب ا شريط كما كان يف الدنيا‪ .‬وكل ذلك نسج اخليال وأهرهزه الوهم ولكن يعجب‬
‫ذلك السيد العظيم‪ .‬وأطال هعد ذلك يف نرد ما قص مليهما ذلك الشيخ من قصص‬
‫إهن وأن يدير اجلريدة إبرشاد أهي هطريق اإلهلام السري‪.‬‬
‫وأخذ يذكر أحوال احلرب يف تركيا ورونيا وإجنلرتا وفرنسا ومنوان املقاال اليت‬
‫ينشئها إهن إىل غري ذلك مما ال فائدة يف تبيان وال لذة يف إثبات مث انتنتج من ذلك‬
‫الروح أن اإلنسان ملى األرض ملي أال يفنت هبا وال أتنره أحواهلا‪ ،‬حىت ال جين هبا‬
‫جنوانً وال يفتنت هبا فتوانً لئال تعوق من نعادت كما ماقت ذلك الشيخ املفتون إبهن‬
‫وجريدت وحتسره ملى حيات يف األرض وقال اي ليتنا كنا نرد فنعمل غري الذى كنا‬
‫نعمل‪ .‬وال نعيش للعظمة والكربايء وال جلمع الدرهم والدينار‪ .‬وإمنا نسعى للجميع‬
‫ونعمل حلسن الصنيع‪ .‬مث قال أن كل امرىء يعذب هعمل ‪ ،‬ويسعد إبحسان {من‬
‫ممل صاحلاً فلنفس ومن أناء فعلها وما رهك هظالم للعبيد} مث كر اهرايفت دودينج‬
‫راجعاً إىل اندي االنرتاحة‪ .‬فأما أن ألقي هناك مصا التسيار قاهل روح مسى نفس‬
‫رنوالً تنزل إلي من املأل األملى وأخذ ينهاه مماصنع من التعليم اإلهلامي الذي‬
‫ذكرانه‪ .‬فإن ما حول من احملسونا الثبا ل كالظالل (فهل مسعت هظل غري‬
‫متنقل) فتعجب دودينج من ذلك مث رجع إىل نفس وقال‪ :‬مايل وللتعليم وكيف أثق‬
‫مبا ملمت وما أحاط يب ولعل نراب هقيعة حيسب الظمآن ماء حىت إذا جاءه مل جيده‬
‫شيئاً ووجد الوجود مدماً والثبو نفياً مث تذكر حادثة جر ل وهو ملى األرض‬
‫تلميذ هلندن إذ قاهل رجالً يف قطار فأخذا يتجاذابن أطراف احلديث من قدمي‬
‫وحديث‪ .‬فقال ل الرجل‪ :‬أال أن كل شيء يف الوجود ابطل ال ثبا ل وال هقاء فهزأ‬
‫ه دودينج وظن معتوهاً‪ .‬مث قال‪ :‬اآلن أرى أن كالم الرجل حق وكل ما كنت أراه‬
‫فوق األرض خيال‪ .‬فياليت ضشعري هل ما أراه اآلن حويل اثهت ولعل نراب هقيعة‬
‫كما كان ما ملى األرض يف احلياة الدنيا‪ .‬أان ال أثق إال مبا أحس ه من حياة وحس‬
‫وحركة وما مدا ذلك فلست هوجوده واثقاً‪ .‬إن كل ذلك إال كما كان ما فوق األرض‬
‫خبال وهباء‪ .‬مت الفصل األول‪.‬‬
‫الفصل الثاين‬
‫إهتدأ الكاتب (و ب) يف هذا الفصل يشرح حال اهرايفت دودينج كما أخربه‬
‫قال‪ :‬ملا ضاق ذرماً من صنامة التدريس هزج هنفس يف اجلندية مسى أن جيد متنفساً م‬
‫ضيقة ونعة يف حيات فألفى اجلندية أصعب مراناً وأشد أبناً‪ .‬وقال لقد وخط‬
‫املشيب مارضي وحىن الدهر أضالم قبل أن يتجاوهز السادنة والثالثني ولقد كان‬
‫تعلم يف املدارس الطبيعيا والرايضيا فند من تلك العلوم مند املو فنسيها‬
‫وهو يتلمس العلوم مما حييط ه كطفل صغري مث قال الكاتب (تودورهول) أحيق يل أن‬
‫أثق مبا يلقى ملى من اهلام وهل يل أن أشك فيما يلهمني كال هل أكل احلكم‬
‫للقارئ فهو الذي ل القول الفصل يف حكم وإمنا أخط ابلقلم ما يلقي إيل والقارئون‬
‫هم احلاكمون‪.‬‬
‫قال اهرايفت أن الرنول قاهل مرة أخرى وماتب ملى ما ألقى ملى الكاتب م‬
‫اإلهلام ملا يف ذلك من وضع اخليال موضع احلقيقة وأابن الرنول ما دار من احلديث‬
‫هين وهني أخي يف هذا املقام وآمن اهرايفت أن ما حول اليوم ليس يكون ملماً اثهتاً‬
‫وإمنا الثاهت هو العامل الروحي واحلضرة اإلهلية احمليطة ابألكوان املشرقة ملى مجيع العامل‬
‫كليات وجزئيات وأخذ هرايفت أينف ويقول ايليتين مل اختذ الدين هزواً ولعباً ومل تغرين‬
‫احلياة الدنيا‪.‬‬
‫مث قال الرنول أن النور اإلهلي يشرق فيزيل الضباب‪ ،‬أان اآلن يف ضباب قد كنت‬
‫أظن أن يل نصيباً من العلم أما اآلن فإين أملم أين لست من العالني مث أخذ الرنول‬
‫يلعن احلرب ومن أوقدوها ويصب جام غضب ملى هذه الدول اجلاهلة اليت اختذ‬
‫احلرب ونيلة للمطامع الشهوية‪ .‬وقال تباً للجاهلني‪ .‬أما ملموا أهنم مجيعاً هعد احلرب‬
‫أقل ماالً وولداً منهم قبلها ومن مجب أهنم يزممون أهنا مقدنة أال ناء ما يصنعون‪.‬‬
‫فكما اهزدادوا ابحلرب طمعاً اهزدادوا ابلفاقة طلعاً (يوم نقول جلهنم هل امتأل وتقول‬
‫هل من مزيد) إال أن تصادم القوى املادية نيحدث فراغاً وليس ميلؤه إال القوة الروحية‬
‫وإين رأيت حوض الكوثر هعيين رأيت ونور هللا مشرق ملي وماء احلياة قد مأله‪ .‬إن‬
‫تلك احلياة ال تعلم نفس ما أخفى فيها من قرة أمني فيها ماال مني رأ وال أذن‬
‫مسعت وال خطر ملى قلب هشر ال حياة اخلبال واهلباء‪ .‬إال أن طريق اهلداية إىل هنر‬
‫احلياة العجيب مشرقة كما أشرق البلور من لدن ذي اجلمال واجلالل‪ .‬ولقد قال‬
‫الرنول يل لقد أهزف الوقت الذي في تشرق مشس اهلداية ملى العاملني‪ .‬ولقد حق يل‬
‫أن أقص ما قال يل الرنول وإن كنت مل أهزل يف مامل اخليال والضالل أال وأن املرء ال‬
‫يعلو إىل الدرجا العال إال إذا أكمل ما ملي يف الدرجا اليت هي أدىن‪ .‬ولقد‬
‫قصر أايم حيايت ملى األرض وكنت من الضالني‪ .‬فحق يل أن أممل مسى أن‬
‫أكون من املفلحني وما مثلنا يف جهادان إال كمثل قوم صعدوا قمة جبل فلما أن ملوه‬
‫كر أحدهم راجعاً وهو حسري ألن مل يطق التنفس يف ذلك اهلواء اللطيف ألن اهلواء‬
‫كلما مال اهزداد خفة ونقاوة وهذه النقاوة ال تعيش فيها األرواح األرضية كما هو‬
‫معلوم وهذا ضرب مثل ألحوال األرواح لطافة وكثافة وحاهز غريه قصب السبق فوق‬
‫اجلبل فوا أنفي إين اليوم ممن رجعوا خائبني‪ ،‬فال نعني للعال ما هقيت واي نعادة من‬
‫كانوا من الساهقني‪ .‬لقد قال الرنول‪ :‬إن هللا أذن ابرتفاع نوع اإلنسان إىل الفلك‬
‫وهو نيهديهم الصراط املستقيم‪.‬‬
‫قاعة السكينة‬
‫يقول أخذين أخي إىل قامة السكينة وقبة السماء فوقها واجلو هادئ ناكن حييط‬
‫ه وهو وحيد يف اجلزيرة‪ .‬هنالك جتلت ل أنرار وفاضت ملى قلب أنوار ملخصها‪،‬‬
‫فرغ نفسك من اهلوى فتفعم حكما وملماً‪ .‬ولن ينال املرء ماء احلياة إال مع التسليم‬
‫هلل وال طريق للناس ىف الدنيا إىل السكينة والفهم إال هنفونهم والنفس جوهرة مثينة‬
‫وليست الكتب السماوية مبعنية وحدها‪ .‬أال وأن احلرب اليوم مهوشة ملى النفوس‬
‫قاطعة طريقها من الوصول‪.‬‬
‫جهنم‬
‫مث قال‪ :‬أن هزار جهنم فألفاها مستمدة من أفعال اإلنسان وظلم ونوء ممل‬
‫وضالل املبني‪.‬‬
‫لقد مر مليها أحقاب وآالف اآلالف من السنني حىت اشتد اليوم هزفريها‬
‫فصار أقوى نعرياً‪ .‬ولعمرك مايل هزايرهتا يدان لوال أن دماين أخي ومع ملك نوري‬
‫لينقذا جندايً ما ضاالً جاحداً ناخطاً ملى ره وملى نوع اإلنسان‪ .‬ولوال أن‬
‫نامدان امللك لقضينا حنبنا وهلكنا يف ذلك الظالم املخيف‪.‬‬
‫أآل وأن جهنم دار خداع وضالل أال وأن من أنس ابحلواس وصدق أن ال وجود‬
‫إال مع صورت وال حياة إال ما نسجت فاغرت هغرورها وانتضاء هنورها وفرح جبماهلا‬
‫فذلك خمدوع يوم يلقي حتف ‪ .‬ومن ذا يقدر أن يرجع من غي وهو يقول ايليتتين أرد‬
‫فأقاتل األمداء وأواني األصدقاء وأقضي الوطر وأنتلذ مبا تسعد ه احلواس من‬
‫املطامم واملشارب واملآرب‪ .‬هنالك تثور في اثرة احلزن واألنى ملى ما فات وحتيط ه‬
‫خطيئات من احلسد والغش والعداوة والبغضاء والطمع والكربايء وحب الذا واحلقد‬
‫وصغر اهلمة (هل ران ملى قلوهبم ما كانوا يكسبون) وهناك مطهرة أان اآلن فيها خيرج‬
‫املطهرون فيها إىل العال وقليل من الناس أيهوهنا‪ ،‬أال وأن الناس فريقان فريق مرف أن‬
‫هناك حياة روحية فعمل هلا وآخر مكف ملى إرضاء أهوائ وند شهواهتا فاألولون‬
‫هم الناجون واألخرون ال يسمعون نصحاً‪ .‬وال يذرون ما امتادوه يف احلياة من املطامع‬
‫والشهوا وملا أن حللت هساحة جهنم قال الرنول‪ :‬لن تقدر أن خترتق تلك اآلفاق‬
‫املظلمة فمكثت مكاين وتقدم أخي وامللك حىت وصال إىل ذلك اجلندي لينقذاه‪.‬‬
‫ولكن أىب أن يفارق اجلحيم ألن اهللع خلع قلب قبل أن يغادر مكان حىت ال يصيب‬
‫ما هو أشد من العذاب فاخلوف واجلهل أممياه‪ .‬ولو مرف احلب لكان من الناجني‪.‬‬
‫أال وأن املرء يف ذلك املنكان ليحس هشهوا حمرقة لذامة تطلع ملى األفئدة‪.‬‬
‫ولقد جتلى ألخي وللملك نور غشى أهصارمها نور ليس نور السماء وال نور هللا ولكن‬
‫نور صنامى خداع حجب نور هللا من األهصار وتضاءل دون نور امللك مث قال أال ال‬
‫يضيعن امرؤ وقت يف احلياة‪ .‬اال فليكبح مجاح شخوات وليتول تدهري نيانت وليدع‬
‫الطمع والشهوا والكرب واحلسد والكراهة ونائر املذموما ‪.‬‬
‫فلما أن رجع من أقطار جهنم قاهل الرنول كرة أخرى وقال كيف اقتحمت أقطار‬
‫جهنم وأنت ال ملم لك ابحلياة الروحية إال قليالً إن ذلك خلطر مليك مظيم‪ .‬مث أخذ‬
‫هيده ليزورا جبل التجلي ذا النور املغشى ملى األهصار ولقد شاهد أنوار احلوض‬
‫الفائض أنواره فغشاين ما غشى من تلك األنوار‪ .‬حىت كاد يزيغ األهصار مث أخذ‬
‫حيدثين أن قد آن أن يستضيء اإلنسان هنور العرفان‪ .‬إال وأن ولياً مظيماً قد وىف مبا‬
‫م هد ملي يف القرن املاضي فبلغ دموة ره وفتح األهواب للحوض املشرق ابألنوار‬
‫ورجع إىل مامل قدن ‪ .‬وليكونن يف العامل احتاد ووائم ونالم‪ .‬أال وأن العصر الذهيب‬
‫والعيش اهلين لنوع اإلنسان قد آن أوان وأظل هزمان فطوىب ملن يعيش هعد اآلن مث‬
‫طوىب لنوع اإلنسان ا هـ‪.‬‬
‫مث قال أن الرنول أراد أن أيخذ هيدي إىل ذلك اجلبل فلم أطق صرباً ورجعت إىل‬
‫مكاين‪ .‬أقول أان ملا وصلت إىل هذا املقام قال شري دمحم اي مجباً كيف يصف جهنم‬
‫مبا وصف وكيف يكون انتمدادها من أممال الناس وكيف يصف الروح مبا تقدم‪.‬‬
‫فقلت اي شري دمحم ليس من الواجب ملى حتمل تبعة أي مقال يف هذا املقام‬
‫ولعلك تذكر ما قدمناه يف أول هذا اجمللس خصوصاً يف كالم دودينج وهو هذاى‬
‫الكتاب األخري ألان ال ندري أحقيقة كالم روح هذا أم نباهة كاتب من الكتاب‬
‫أهرهز هذه املعاين هبذه القوالب فدلت ملى نبوغ يف ملم الالهو أو ملم‬
‫التصوف‪.‬‬
‫ولكين نألقي مليك من ذكراً‪ :‬أما وصف جهنم مبا ذكر فهو وصف القرآن‬
‫واإلنالم‪ .‬يقول هللا تعاىل {وقودها الناس واحلجارة} فانظر كيف جعل الناس وقوداً‬
‫والنار مستمدة من احلطب‪ .‬وقال تعاىل {ذوقوا ما كنتم تكسبون} وقال ‪" :‬حفت‬
‫اجلنة ابملكاره وحفت النار ابلشهوا "‪ .‬وقال تعاىل‪{ :‬إان أمتدان للظاملني انراً أحاط‬
‫هبم ناردقها}‪ .‬وقال ‪" :‬إمنا هي أممالكم تعرض مليكم"‪.‬‬
‫قال شري دمحم‪ :‬ومن هو هذا العظيم؟‬
‫قلت اي شري دمحم‪ :‬قدمت لك إان لسنا مكلفني هتبيان كل شيء ولعل املراد هعموم‬
‫النور يف املشارق واملغارب ظهور آاثر دين اإلنالم يف نائر األقطار هدليل ما نرتى‬
‫يف الفصل الثالث أن أمة اإلنالم نتعلو ملواً كبرياً {هو الذي أرنل رنول ابهلدى‬
‫ودين احلق ليظهره ملى الدين كل }‪.‬‬
‫فأنت ترى أن اخلمر قد حرمت يف أمريكا والراب منع يف الرونيا واإلنالم هو الذي‬
‫اندى هبا أبفهم وتعجب وأما قول فيما تقدم واجلسم الروحي ملى صورة اجلسم‬
‫األرضي فهو ما جاء يف ديننا‪ ،‬أمل تر إىل ما جاء يف جوهرة التوحيد‪:‬‬
‫وال تـخض فـي الـروح إذ مـا وردا‬
‫نـص مـن الـشـارع لـكـن وجـدا‬
‫لـمـالـك هـي صـورة كـالـجسد‬
‫فـحسبـك الـنص هـهـذا الـسنـد‬
‫هذا ولنرجع إىل ما كنا هصدده لنتم حديث اهرايفت دودينج قال هعدما تقدم‪ :‬إين‬
‫لست وامظاً وال معلماً مرشداً وكيف أكون كذلك وأنت رمبا كنت أقرب إىل هللا مين‬
‫فإين ال أقول لك إال ما يوحى إيل وما أان من العالني الراقني‪ .‬فألشكرنك ملى ما‬
‫أصغيت إيل وألشكرن أخي هل ألشكرن هللا ملى أن أرنل إىل امللك ليعلمين احلكمة‬
‫والعلم ولقد أذن يل أن أنامد هعض القوم هنا‪ .‬مث أخذ دودينج يشكو الوحدة وأن‬
‫اخلوف حييط ه من كل جانب وأن وحيد خمذول مث أخذ يذم اخلوف واخلائفني وميدح‬
‫احلب واحملبني كأن نطق هلسان كثري مزة‪:‬‬
‫رهبان مدين والذين مهدهتم‬
‫يبكون من حذر العذاب قعودا‬
‫لو يسمعون كما مسعت كالمها‬
‫خروا لعزة ركعا ونجودا‬
‫أو هلسان الناهغة اجلاهلي‬
‫لو أهنا هرهز المشط راخب‬
‫مبد اإلل ضرورة متعبد‬
‫لران لبهجتها وحسن حديثها‬
‫وخلال رشداً وإن مل يرشد‬
‫أو هلسان راهعة العدوية‬
‫كلهم يعبدون من خوف انر‬
‫ويرون النجاة حظاً جزيال‬
‫أو أبن يسكنوا فيحظوا‬
‫هقصور ويشرهوا نلسبيال‬
‫ليس يل يف اجلنان ولنار حظ‬
‫أان ال أهتغي حبيب هديالً‬
‫أقول وكأن الكاتب يرى أن يعبد الناس رهبم وهزيصنعوا اخلري حباً ل تعاىل وللخري‬
‫وال خوفاً كما يف احلديث الشريف "نعم العبد شهيب لو مل خيف هللا مل يعص " مث قال‬
‫واخلوف إمنا هو وهم اخرتم اإلنسان‪.‬‬
‫ولقد جعل هللا السعادة والسالم يتبعان احلب‪ .‬فليحب املرء هللا وليسلم نفس إلي‬
‫وحيب الناس فينري هلم طريق السعادة واهلداية ولقد نوى هني اخلوف والشر فقضى‬
‫مليهما ابإلثبا هلما وإمنا اخرتمها هذا اإلنسان مث هشر إبقبال الزمان ملى نوع‬
‫اإلنسان وإن نيعم أرجاء املعمورة هعد هذه احلرب‪ .‬ويف األرض أانس أمدهم هللا‬
‫لقبول اهلداية فلتكن منهم إال وأن أايم طفولية اإلنسان قد انقضت ونيعم اإلهلام‬
‫نائر األانم انتهى الفصل الثاين‪.‬‬
‫شرح الكاتب تودور بول لبعض‬
‫ما تقدم من قول روح اجلندي‬
‫قال تودورهول أان ال أشك إين أكلم جندايً قتل يف احلرب منذ نبعة أشهر تلك‬
‫حقيقة ال ريب فيها وليس اتصال الناس هعامل األرواح مستحيالً وقد شامت الكتب‬
‫املؤلفة ملى هذا املنوال‪.‬‬
‫ولست أقول أن ما يلقي إىل حق أو ابطل ال ملم يل هذلك ليعرف الناس الرجال‬
‫ابحلق ال احلق ابلرجال فليكن احلكم ملى نفس الكالم‪.‬‬
‫مث قال أن الروح اجلندي املذكور ضرب صفحاً من معارف الناس ملى األرض‬
‫وأخذ ينبذها نبذ النواة ليستفيد ملوم األرواح‪ .‬ومن ذا الذي يدري ما السبب أن‬
‫اتصل أبهل األرض وكيف اصطفى لذلك من ال مالقة ل ه ‪.‬‬
‫ولقد كان يتلمس احلقائق ونتيجة احلكمة منده إايك أن تطلب ماال ثبا ل ‪ .‬أال‬
‫وأن الدار اآلخرة هلي احليوان‪ .‬مث اهزداد ثقة حبال الروح ومل يثق آبرائ هل آبراء الرنول‬
‫وامللك فحسب‪.‬‬
‫ولقد فسر الوحدة املذكورة يف مقال الروح أهنا حصر النفس يف اخلواس اخلمس‬
‫وتعاطي اللذا الشهوية واالنقطاع من األحوال الروحية هذا هو معىن الوحدة‬
‫املذكورة – وفسر الضباب املذكور ابلشرور النامجة من ممى النفس البشرية‪ .‬مث أن‬
‫العمى ألحد نببني الغفلة من حقائق األشياء حىت كأن املرء ال يراها‪ .‬ومدم احلب‪.‬‬
‫وال ريب أن الذي ال يرى ال حيب‪ .‬وال يعقل األشياء وفسر قامة الراحة ابلسالم‪:‬‬
‫وقامة السكينة ابلفهم‪ ،‬وفسر ما ذكر من أن الناس ال يفهمون شيئاً من البلور أن ال‬
‫يريد أن يلقي إلي ذكراً من لعسر فهم ‪ .‬وليس ينبغي للناس أن يتعلموا ملماً قبل‬
‫االنتعداد لفهم ‪ .‬وأما ما ذكر من اإلشارة حلوض اهلداية املورود ملى جبل الرؤية‬
‫والتجلي وأن أممى هصره وأن هنفس وحده لن يقدر ملى الرجوع‪ :‬فاملراج ابلنفس‬
‫تلك احلواس اجملذوهة ابلغش الناجم من قوى الشر وهي قد مميت أيضاً أبنوار حوض‬
‫اهلداية املورود‪ .‬أما حض ملى نشر أقوال الرنول فذلك أن ينشر معرفة هللا تعاىل‬
‫واهلداية العامة يف الشرق والغرب والسالم ويثبت دمائم السالم العام يف العامل‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫حضر الروح الذي مساه رنوالً وقال ال تطمعن يف حضور صاحبك هعد اليوم‬
‫فألتكلم أان معك وليعكف هو ملى درون وأممال فإن اتصال ابلعامل األرضي يعيق‬
‫أممال ويصده من ترقي يف العامل الروحي ولقد أدىل إليك مبا هو أهم يف هذا األوان‬
‫فسأل الكاتب من مستقبل اإلنسان‪ .‬فقال‪ :‬ال ختف اي هين إنكم أيها الناس اليوم يف‬
‫ظالم حالك األهاب واشطراب واختالط‪ .‬وحنن ال حيجبنا ظالم السحاب من‬
‫مكاضشفا األنوار‪ .‬فاهشروا فقد آن للناس أن يسعدوا وأن أشقتهم هذه احلروب‬
‫فإذا انقضت هذه السنة أقبلت األخرى )‪ (4749‬فمزقت احلجاب ورفعت النقاب‬
‫وأهزاحت الضباب‪ .‬فإذا ما أقبلت ننة ‪ 4747‬أشرق النور ولع فعم األرجاء وإذن‬
‫يسقط هعض امللوك يف أورواب من مروشهم‪ .‬ولتسعدن رونيا ابلسالم ونعيم احلرية‪.‬‬
‫وليعتقن من األنر حيظى ابلسالم كل من انتعبدوا من األانم يف كل مكان وإذا انفلق‬
‫ممود الصباح من األرض األملانية‪ ،‬وطلعت الشمس احلرية من األقطار الغرهية‪،‬‬
‫فلتنسخن أمامها الظالم ظلمة اجلهل وظلمة الظلم للعاملني‪ .‬األهزمة والشدة مظيمتان‪.‬‬
‫وأهوال الفنت واالضطراب‪ ،‬منتظرة ابلباب‪ .‬ولكن ال حيجب ذلك النور من اإلنسان‪.‬‬
‫وليقعن ابألقطار الغرهية اجلنوهية أمور ذا ابل الرونيا والنمسا واجملر والبلقان‪ .‬ويف‬
‫هالد فارس مهد جديد ويف اهلند قلب النظام‪ .‬وىف الشرق األقصى روح القدس ترفرف‬
‫وكشف جديد حيدث‪ ،‬ويف الدنيا اجلديدة يف الشمال واجلنوب تكون الفنت وحوادث‬
‫االضطراب والتقلبا ولكن اهلداية والنور يكوانن يف منو وارتقاء‪ .‬فرنسا نتعلو كرة‬
‫أخرى وتكون كعبة الدنيا يف الصناما والعلوم‪ .‬وإيرلندا نتأخذ يف النهاية قسطها‬
‫وتكون مهداً لعظماء الرجال وانهغا النساء‪ .‬واجنلرتا نتتحد مع كثري من األمم لرفع‬
‫راية االحتاد واإلخاء فوق البسيطة ونتضحى ضحااي كثرية يف الشرق والغرب‪.‬‬
‫ولكنها نتعيد لنفسها جمداً مؤثالً ومظمة جديدة جبدها ونعيها احلثيث احلكم‬
‫العام يف األمم هو القانون الدميقراطي العادل مع احلرية والسالم العام‪ .‬ولن يكون‬
‫السالم يف األمم هال أناس‪ ،‬فلقد فتحت أهواب احلب العام الفائض من املقام‬
‫األقدس لألمم واألجناس األوان رب األرابب آذن ابلنجاح والفالح‪ .‬وفتح األهواب‪.‬‬
‫وأمد العدة للسالم‪.‬‬
‫فقال الكاتب (تودرهول)‪ :‬هذه أمور مجيبة ولكن كيف يشرق النور الروحي ويعم‬
‫فقال الرنول‪ :‬إنكم تشهدون اليوم قوهتا املختمرة‪ .‬وليست الدنيا ابلرغم من احلرب‬
‫القائمة يف حالك الظالم كالذي كانت في منذ مخسة أموام‪ .‬إال أن روح القدس‬
‫نينفث يف روع املصطفني ممن مندهم انتعداد لذلك التجلي املقدس فإذا امتأل‬
‫نفونهم من األنوار فاضت ملى األمم ونشر يف البقاع ونيتجلى اإلصالح جبالل‬
‫يف صور متباينة وأشكال متخالفة وال تشرب اخلمر وليكونن اهلواء أنقى واجلو أصفى‬
‫من رجس البغي والضالل‪ .‬ولتقلن النواهزل واملصائب هزلزال األرض وحوادث البحر‬
‫واهلواء وليعيشن الناس يف صفاء إخواانً فال جدال هني الدايان وال نزاع هني املذاهب‬
‫املختلفا ولتأخذن املرأة قسطها من املساواة‪ .‬ولتتبعن نساء ماملا يف املشرق‬
‫واملغرب وليذهنب املرض الطبيعي والعقلي والسياني واالجتمامي إن هذا القول يعد‬
‫مندك من نوع األناطري وضرابً من األابطيل‪ ،‬ولتعلم أن الدواء الروحي نيكون شفاء‬
‫لسقام الذنوب الفردية واالجتمامية ونيكشف من أكسري احلياة اجلديدة ونيسلك‬
‫يف قلوب نائر الناس‪.‬‬
‫س‪ :‬هل أميش حىت أشهد مثل هذه العجائب؟‬
‫ج‪ :‬نيشهد أهناؤك وأهناء أهنائك حقائق ما تلوت ملي فهيء احللل املقدنة‬
‫لتلبسها األرواح العالية الشريفة اليت نرتنل إىل األرض‪.‬‬
‫س‪ :‬مل ختربين هبذا كل ؟‬
‫ج‪ :‬ليبصر الناس أبمينهم لتنصت األمساع إىل هشائر األايم املقبلة أال وأن العلم مبا‬
‫نيكون من السعادة والسالم نيحدث يف أفئدتكم إرتباحاً وأمالً مجيالً يف هذه األايم‬
‫العصيبة الشديدة املراس‪.‬‬
‫أال وأن لإلميان ابألمور املقدنة والرجاء اجلميل ألثراً يف الفهم وقدناً وطهارة يف‬
‫حياتكم وحياة من حولكم‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يرتفع احلجاب من البني هني الدنيا واآلخرة؟‬
‫ج‪ :‬إن احلجاب لرقيق ونيحدث يف الناس أحوال جديدة ال يكون معها هذا‬
‫احلجاب‪ .‬ونيفقد املو نطوت – أال وأننا معاشر األرواح اجملردة ملستعدون‬
‫ملناجاتكم أكثر من الذين كانوا قبلكم من األمم اليت وماها التاريخ – أال وأن اخرتاق‬
‫احلجب هني العاملني ليستطاع أبممال العقل والقلب الروحية والطبيعية ال مبا يصنع‬
‫الساحرون وأرابب الطقوس وأصحاب الشطحا والغيبا أولئك الذين ران ملى‬
‫قلوهبم ما كانوا يكسبون كال إهنم حملجوهون‪.‬‬
‫س‪ :‬أيكون يف العامل دين جديد؟‬
‫ج‪ :‬نتزيد األرواح اإلميان يف نائر األداين والدين اجلديد اخلدمة ابإلخالص‬
‫واألخوة واالحتاد‪ .‬ولقد رفع العلم لذلك اإلميان يف أ{ض الفرس اليت نتعيد جمدها‬
‫القدمي‪.‬‬
‫س‪ :‬ما تقول من مصر؟‬
‫ج‪ :‬أن أرض الفرامنة املربى نتلعب دوراً يف تطور نوع اإلنسان ولكن ذلك هعد‬
‫رفع كاهوس احتالل اجنلرتا وأن العامل اإلنالمي نريقى هعد جتزية اململكة العثمانية‬
‫ولقد أمد لذلك الرقي العظيم مدت ووضعت قوامده ملى األناس‪.‬‬
‫س‪ :‬من أنت؟‬
‫ج‪ :‬أان أحد أولئك الذين مهد إأليهم أن يبثوا اهلداية اجلديدة يف قلوب الناس‬
‫ومقوهلم وأن أتقبل وأحيي أولئك الذين اصطفاهم هللا من الناس لألممال الشريفة‬
‫مندان إذا هم وصلوا إلينا‪.‬‬
‫س‪ :‬هل توماس دودينج واحد منهم؟‬
‫ج‪ :‬إن ل جناحاً يف ممل وفضالً مظيماً يف معونة صحب ‪ ،‬وليست األممال‬
‫العظيمة دائما ملن يظن أهنم هبا جديرون‪.‬‬
‫س‪ :‬ما تقول يف الشرق األقصى؟‬
‫ج‪ :‬إن هادايً مظيماً نيقوم فيهم قد آن أوان يرفع منهم إصرهم واألغالل اليت‬
‫كانت مليهم ويهديهم نواء السبيل يف النجاح أدابً وإجتماماً ذلك يف الصني وما‬
‫واالها من البلدان‪ .‬أال وأن العداوة الظاهرة اليوم هني األقطار الشرقية والدنيا اجلديدة‬
‫يف نصف الكرة الشمايل نتنقلب إىل أحسن األخوال‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف حتدث هذه العجائب؟ هل ترنل لنا أنبياء ومعلمون؟‬
‫ج‪ :‬إن قناديل مظيمة نتضيء يف الشرق والغرب‪ ،‬وهذه أايم يشرق فيها النور‬
‫اإلألهي ملى قلوهكم ونينزل السر ملى أويل األلباب ومنهم يفيض ملى نائر الربااي‪.‬‬
‫إصدع مبا تؤمر وأملن للمأل إشراق فجر جديد‪ .‬لتكونن مجيعاً أصفياء ملهمني‪ .‬إن‬
‫الذين ناروا يف حالك الظالم نتشرق مليهم األنوار‪ ،‬والذين اتهوا يف ظلما املقاهر‬
‫ابملو نتضيء مليهم من رهبم أنوار هبا يهتدون‪ .‬مث أخذ الكاتب يصف أحواالً‬
‫يستحيل أن تكون ملى هذه األرض‪ ،‬ولعلها يف موامل أخرى أو لعلها مما ال حمصل ل ‪.‬‬
‫فقال‪ :‬الوالدة واملو الطبيعيان ال دوام هلما ونيتغري شكلهما وصورهتما‪ ،‬وهذا‬
‫نر مصون وليس يكشف إال ابلرباءة من كل ميب ودنس مشني‪.‬‬
‫س‪ :‬هل يفهم كالمك ويصدق؟‬
‫ج‪ :‬نتنشط العقول من مقلها فيفهم الناس ما ألقيناه‪.‬‬
‫س‪ :‬أخربين من الشرور االجتمامية والظلم والفقر املدقع واجلهل والشهوا‬
‫والطمع هل تزول؟ ومن الطعام هل يتغري؟‬
‫ج‪ :‬إن حب هللا قوة مظيمة والعصر الذهيب لن يكون يف طرفة مني {ولن جتد‬
‫لسنة هللا تبديال} والغين املبطر والفقر املدقع ال يبقيان‪ ،‬واحلكوما نتكون حملية‪،‬‬
‫أمرها نهل‪ ،‬فيها العدل واألخاء واملساواة‪ ،‬مث كرر ما ذكره من مظماء املصلحني‪.‬‬
‫مث اقل‪ :‬ونيقنع الناس من الغذاء ابلفواك والبقل واحلب‪ ،‬ونتبطل مادة األكل فوق‬
‫الشبع‪ ،‬واالهنماك يف لذا احلواس وإرضاء الشهوا ‪ ،‬نيلهم لناس أهنم ليسوا يف‬
‫خاجة إىل اخلضوع األممى لسلطان الشهوا ‪ .‬مث أخذ يقارن ما هني ننة ‪4949‬‬
‫وننة ‪ 4749‬ويقارن ما هني ننة ‪ 4788‬وننة ‪ ،2888‬ففي ننة ‪ 4788‬غمر‬
‫الناس يف غمرا احلواس ويف ننة ‪ 2888‬أميا إيقان‪ .‬ونيزداد اإلميان ونيشاهد‬
‫الناس أن ما أنبأان ه نينجز قبل األلفني‪ .‬وهللا يعلم‪ ،‬وأنتم ال تعلمون‪.‬‬
‫أقول‪{ :‬قل ال يعلم من يف السموا واألرض الغيب إال هللا وما يشعرون أاين‬
‫يبعثون}‪.‬‬
‫وملا أمتمت املقال وانتهينا من ترمجت ‪ .‬قال شري دمحم‪ :‬إن اإلميان هبذا خارج من‬
‫الطاقة البشرية‪ .‬قلت‪ :‬لعلك نسيت أننا ذكرانه هنا تدريباً ملى التعقل والتفكري ونبذ‬
‫ماال يعقل وإصفاء ما خنتاره‪ ،‬ولقد مسعت قائالً يقول‪ :‬إن الكتاب أألف لصبغة‬
‫مسيحية واخرتع لنزمة دينية‪ ،‬وآخر يقول‪ :‬كال هل ذلك خلدمة مذهب البهائية‪ .‬أما‬
‫أان فلست أجزم هبذا وإمنا أكل أمر القارئ لعقل وفهم ‪ ،‬كما أين لست أوقن أبن‬
‫وحي وإهلام‪ ،‬هل أكل األمر للمستقبل‪ .‬ونقول ما قال هللا ملى لسان نيدان نليمان‬
‫{قال نننظر أصدقت أم كنت من الكاذهني}‪.‬‬
‫ولنا يف كل ما نقرأ ونرى ونسمع تدريب للعقل ملى التفكري‪ .‬وللنفس ملى التذكرة‬
‫والتبصرة‪ .‬وهللا يهدي من يشاء إىل صراط مستقيم‪.‬‬
‫هبجة العلم والعرفان يف ملم األرواح‬
‫هذا آخر ما جاء يف هذا الكتاب يف الطبعتني األوىل والثانية‪ ،‬ولقد قرأه أحد‬
‫األصدقاء فقال‪ :‬إن هذا الكتاب قد ألف منذ نيف ومشر ننني وههنا مسائل الهد‬
‫من حبثها فأرجو أن تصغى يل يف تبياهنا‪ ،‬فقلت حباً وكرامة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أول ‪ :‬أرجو أن تذكر هعض ما مثر ملي من ملم األرواح يف هذه املدة ليكون‬
‫ذلك أمجل وقعاً وأحسن صنعاً‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬جاء يف آخر الكتاب ذكر مسألة جهنم فأرجو هزايدة إيضاح الكالم مليها‬
‫من نفس ملم األرواح ومن كالم ملماء الصوفية‪ ،‬ملى شريطة أن جتعل لك رأايً يف‬
‫ذلك ليكون أنهل مند القراء‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬هل شاهد أنت قوماً حيضرون األرواخ يف مصر يف هذه املدة غري ما‬
‫ذكرت خمتصراً ناهقاً‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أريد إيضاح هذه املسائل اليت قالتها األرواح قبل أتليف الكتاب‪ ،‬أي منذ‬
‫‪ 49‬ننة‪ ،‬مثل أن النظام يف اهلند يكون في إنقالب ومثل أن هادايً مظيماً يظهر يف‬
‫الشرق األقصى‪.‬‬
‫فلما مسعت ذلك قلت‪ :‬أجيبك إن شاء هللا هقدر طاقيت وأجعل الكالم يف‬
‫فصول‪ :‬الفصل األول يف واقعة جاء من ملماء األرواح يف أمريكا ونقلت يف كتاب‬
‫اجلواهر يف تفسري القرآن يف نورة األنعام‪ .‬الفصل الثاين‪ :‬فيما جاء يف نفس ذلك‬
‫التفسري يف نورة التوهة من مامل روحي إيطايل حتت منوان معجزا القرآن يف هذا‬
‫الزمان وظهور الكشف احلديث ‪ ...‬اخل‪ .‬الفصل الثالث‪ :‬فيما جاء من ملماء األرواح‬
‫من كتاب اجلواهر أيضاً يف نورة االنراء منقوالً من كتاب هبجة األفراح يف مناجاة‬
‫األرواح مع مواهزنت مبا جاء من الشيخ الدابغ الصويف اإلنالمي‪ .‬الفصل الراهع فيما‬
‫شاهدت أان من مناجاة األرواح يف مصر‪ .‬الفصل اخلامس فيما جاء يف جملة اهلالل من‬
‫خماطبة صاحبها لوالده يف مامل الغيب‪ .‬الفصل السادس يف مخس مباحث‪ :‬املبحث‬
‫األول يف أن تركيا فقد فقد ممالكها مثل ما قالت األرواح‪ ،‬املبحث الثاين يف أن‬
‫تركيا اآلن هعد متزيق ممالكها أصبحت يف قوة مل حتلم هبا من قبل‪ ،‬املبحث الثالث يف‬
‫شهادة ملماء العمران والسيانة أبن أمم اإلنالم اليوم آخذة يف الرتقي فعالً هل أهنا‬
‫ارتقت طفرة وهذا مصداق ملا نطقت ه تلك األرواح‪ ،‬املبحث الراهع يف أن اهلند فعالً‬
‫أخذ نظامها يف االنقالب كما أخرب األرواح ويف أن املصلح الذي ذكرت إمنا هو‬
‫املهامتا غاندي‪ ،‬املبحث اخلامس يف مسائل متفرقة يف هذه املسائل وه يتم الكتاب‪.‬‬
‫الفصل األول‬
‫يف واقعة جاءت عن علماء أمريكا الروحانيني‬
‫جاء يف كتاب اجلواهر يف تفسري القرآن‪ ،‬حتت منوان مناجاة األرواح‪ ،‬ما نص ‪:‬‬
‫يف اجلهة الغرهية من والية (نيويورك) وملى هعد ‪ 18‬ميالً من مدينة (هفلو) مصيف‬
‫ابنم للي دال اشتهر جبمال موقع ومذوهة مائ ومليل هوائ ‪ ،‬وامتاهز هكثرة أحراج‬
‫وضخامة أشجارها ومسو ارتفامها وأحاطت ه حبرية وانعة األطراف‪ ،‬وتقوم إبرادة‬
‫ه ذا املكان مجامة من الروحيني الذين يعتقدون مبذهب (مناجاة األرواح) ويبدون من‬
‫أمماهلم وأقواهلم في ماال يدرك ل العقل حالً وال يدري إىل أي انموس يرده‪.‬‬
‫ومن العجيب أن مع تقادم العهد ملى ظهور هذا املذهب ونعة انتشاره مل تزل‬
‫آراء العلماء في ملى اختالف مبني‪ ،‬فمنهم من ينكره إنكاراً اباتً ويعد أممال‬
‫القائمني ه من ابب التدجيل واألوهام‪ .‬ومنهم من يعتقده امتقاد احلقائق املسلمة‬
‫ذهاابً إىل أن يف الطبيعة أنراراً ال يسع الوجدان إنكارها وإن مل تقع يف حيز العقل‪.‬‬
‫وقد هزار هذا املكان أحد أدابء (السوريني) وكتب إىل اهلدى (النيويوركية) يصف ما‬
‫رأى‪ ،‬فقال‪ :‬كان جيتمع يف امللهى خلق كثري لسماع اخلطيب الروحي (جان نالتر)‬
‫أحد هزمماء هذا املذهب وونطائ املشهورين‪.‬‬
‫وقبل ميعاد االجتماع كان معظم احلضور يتساهقون إىل إلقاء أوراق صغرية ملى‬
‫(طاولة) اخلطيب يكتبون مليها هعض األرقام أو احلروف املتقطعة اليت كان الونيط‬
‫يكتفي هبا دون كتاهة األمساء مث يفتتح اخلطيب احلفلة إبلقاء كلمة هبذا املوضوع من‬
‫الوجهة العلمية ويسرتنل يف الكالم إىل مسألة خلود النفس وإمكان خماطبة أرواح‬
‫املوتى الساحبة يف الفضاء هوانطة ونطاء حقيقيني‪ ،‬والوناطة موهبة مظيمة إمنا يف‬
‫هعض األحيان خيلو الونيط من القوة الالهزمة لتأدية الوظيفة حقها‪ ،‬ولكن مىت توافر‬
‫القوة كالواجب تظهر البينة وتتجلى احلقيقة للعيان‪.‬‬
‫مث يتناول اخلطيب األرواق امللقاة ملى (الطاولة) أمام فيقرؤها الواحدة هعد‬
‫األخرى‪ ،‬مرنالً من كل منها جواابً يتناول من التجليا واملخاطبا الروحية‬
‫فيدهش احلضور مبا أيتي من املعجزا ‪.‬‬
‫جاء الونيط إىل مدد (‪ )1‬فنادى هصورت اجلهوري قائالً‪ :‬مسرت (جيمس‬
‫مهلتونظ‪ 7‬وأشار هيده إلي فأجاب‪ :‬نعم‪ ،‬فقال ه ‪ :‬أال تسكن (كلنفلند أوهايو) وتقيم‬
‫يف الشارع الفالين رقم (كذا)؟ فأجاه ‪ :‬نعم وهذا هو منواين احلقيقي‪ .‬فقال‪ :‬إين أرى‬
‫اآلن والدتك واقفة إبهزائك تقرئك الشوق والتحيا وقد أومز إيل أن أهلغك‬
‫نصيحة وهي أن الرجل الذي قاهلت يف (ديرتويت ميشكن) مساء االثنني املاضي‬
‫وحتادثت وإايه هشأن افتتاح جتارة يف تلك املدينة وومدت أبنك نتعود إلي يف الغد‬
‫للمباحثة يف العمل‪ ،‬فهي تنصحك ابإلقالع من هذا العزم ألن الرجل ال يضمر اخلري‬
‫وال اإلخالص لك فإايك أن تتعامل مع ‪.‬‬
‫فوقف الرجل مبهواتً ورفس األرض هرجل وقال نعم هذا هو احلادث هعين ‪ ،‬فقد‬
‫أقلعت اآلن من مزمي ونأممل هبذه النصيحة‪.‬‬
‫مث تناول اخلطيب ورقة أخرى كان مليها حرف (ج) ملى ما أذكر‪ ،‬فالتفت إىل‬
‫اجلمهور وقال (مسز مارى روالند) وأبقل حلظة وقعت مين ملى هذه السيدة‪ ،‬فقال‬
‫هلا ال ميكن أن يكون هذا امسك احلقيقي‪ .‬أجاهت نعم‪ :‬قال أال تقيمني يف (شيكاغو)‬
‫يف شارع كذا ومنرة كذا‪ .‬قالت نعم وكل ذلك صحيح‪ .‬قال هلا‪ :‬إنين أرى اآلن جنلك‬
‫(ألرب ) الذي جتند يف احلرب الكربى ونافر مع الفرقة األخرية وانقطعت أخباره‬
‫منك حىت أصبحت وألنت ال تعلمني من شيء جاء إيل هروح مملوءة من الشجامة‬
‫واحلمانة‪ ،‬وهو يقول لك أن قد كان مقتل قبل انتهاء احلرب مبدة قصرية وقال أن‬
‫جثت هقيت مطروحة ثالثة أايم قبل االهتداء إليها‪ .‬وهنا وصف الونيط مالمح جنلها‬
‫ومظهره وأخربها من إنم املكان واليوم الذي قتل في ‪.‬‬
‫وهعد ذلك قرأ الونيط مدد (‪ )49‬مسز (ألن مكالن) وأشار هيده إليها فذكر هلا‬
‫انم املدينة اليت تقطنها وإنم الشارع الذي تقيم في حسب مادت ‪ .‬مث قال‪ :‬لك‬
‫شقيقة تدمى (أان) مجيلة الطلعة شيقة القوام كانت تسكن يف (دنفر) من والية‬
‫(كوالرادو) مرضت مرة مرضاً شديداً كاد يودي حبياهتا فكتبت إليك تطلب حضورك‬
‫إليها‪ ،‬وقد حالت الظروف دون ذهاهك فساءها ذلك وقطعت أخبارها منك وهذا ما‬
‫محلك ملى االمتقاد أبهنا توفيت‪ ،‬واحلقيقة هي أهنا مل تزل حية ترهزق وتقيم اليوم يف‬
‫مدينة (هلتيمور)‪ .‬وكنت أود أن ال أخدش مسمعك إبيراد شيء مما مرفت منها ولكن‬
‫احلقيقة جيب أن تقال فإن نوء أحواهلا ونوء العشرة دفعاها الرتياد مناهزل الفساد‪،‬‬
‫وهي تسكن يف الشارع (الفالين) حتت منرة كذا وإذا شئت مرانلتها فعليك االمتماد‬
‫ملى هذا العنوان‪ ،‬وإذا مل يكن ذلك صحيحاً فإين أضرب ملى نفسي غرامة مالية‬
‫كبرية واختذ هذا اجلمع الغفري شاهداً ملى ذلك‪.‬‬
‫مث جاء اخلطيب إىل مدد آخر فقال‪ :‬مسرت (توماس فيليس) فأجاه ‪ :‬نعم‪ .‬قال‪:‬‬
‫إنىن أراك شديد االهتمام مبسألة مبيع (البناية اليت متلكها يف (جامستون نيويورك)‬
‫جلورج مارش‪ ،‬وتود أن تعرف إذا كان املبيع ينتهي حسب طلبك أم ال‪ ،‬وكثرياً ما‬
‫تباحثت مع إمرأتك يف هذا الشأن مع أنك قبضت من مثن البناية حوالة أبلف رايل‬
‫وذلك مساء اجلمعة املاضي‪ ،‬وأهزيدك اآلن اطمئناانً أبن املبيع نيتم ابلقيمة اليت‬
‫اتفقتما مليها وهي مبلغ مشرون ألفاً (هيعة مل حيضرها أهليس) والشاري غري مغبون‪.‬‬
‫فانتغرق اجلمهور ىف الضحك وأغرق صاحبنا يف التعجب‪ .‬وملا وصل الونيط إىل‬
‫هنا يف الكالم صمت هنيهة مث قال‪ :‬يف هذه السامة حدثت حادثة حمزنة يف ضواحي‬
‫(فالدلفيا) وذلك أن نيارة نقل مخسة ركاب انقلبت هراكبيها من شاهق فقتل إثنان‬
‫وأصيب الباقون جبروح خطرة وهينهم إمرأة هلا هنت موجودة هيننا تدمى (لوهزاو تنكس)‬
‫ومل يكد يدور نظره ملى اجلمهور حىت رآها فقال‪ :‬نعم إن والدتك من مجلةالركاب‬
‫الذين هو هبم السيارة وهي اآلن يف املستشفى (الفالين) القريب من حمل احلادثة‬
‫فأنرمي‪ ،‬فصرخت الفتاة ولكت والتفتت إىل السامة وكانت قد قارهت التانعة‬
‫والنصف ليالً وهو املومد الذي يرتك فيها القطار األخري احملطة فقالت‪ :‬وما احليلة‬
‫والقطار قد نافر‪ .‬قال هلا الونيط‪ :‬انتظري قليالً مث التفت إىل العال ونأل هل‬
‫القطار ترك احملطة؟ ومتتم هلغة غري مفهومة‪ ،‬مث قال‪ :‬أنرمي وأمدي حوائجك فإن‬
‫القطار متأخر من ميعاده نصف نامة‪ .‬فهبت الفتاة مسرمة وأمد لواهزمها وجاء‬
‫إىل احملطة فوجد القطار ملى جناح السفر فركبت ‪ .‬ويف اليوم الثالث ورد من الفتاة‬
‫رنالة ملى صديق هلا هناك ختربه أبن احلادثة وقعت كما رواها الونيط وتؤمل أبن‬
‫والدهتا تتقدم إىل الشفاء‪ .‬ا هـ‪.‬‬

‫الفصل الثاين‬
‫فيما جاء يف نفس ذلك االتفسري يف نورة التوهة من مامل روحي إيطايل‪ ،‬حتت‬
‫منوان معجزا القرآن يف هذا الزمان‪ ،‬وظهور الكشف احلديث مصداقاً هلذه اآلاي‬
‫{الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا يف نبيل هللا أبمواهلم وأنفسهم أمظم درجة مند هللا‬
‫وأولئك هم الفائزون يبشرهم رهبم هرمحة من ورضوان وجنا هلم فيها نيم مقيم خالدين‬
‫فيها أهدا إن هللا منده أجر مظيم‪ ،‬اي أيها الذين آمنوا ال تتخذوا آابئكم وإخوانكم‬
‫أولياء إن انتحبوا الكفر ملى اإلميان ومن يتوهلم منكم فأولئك هم الظاملون‪ ،‬قل إن‬
‫كان آابؤكم وأهناؤكم وإخوانكم وأهزواجكم ومشريتكم وأموال اقرتفتموها وجتارة ختشون‬
‫كساده ا ومساكن ترضوهنا أحب إليكم من هللا ورنول وجهاد يف نبيل فرتهصوا حىت‬
‫أييت هللا أبمره وهللا ال يهدي القوم الفانقني‪ ،‬لقد نصركم هللا يف مواطن كثرية ويوم‬
‫حنني إذ أمجبتكم كثرتكم فلم تغن منكم شيئاً وضاقت مليكم األرض مبا رحبت مث‬
‫وليتم مدهرين‪ ،‬مث أنزل هللا نكينت ملى رنول وملى املؤمنني وأنزل جنوداً مل تروها‬
‫ومذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرون‪ ،‬مث يتوب هللا من هعد ذلك ملى من يشاء‬
‫وهللا غفور رحيم‪ ،‬اي أيها الذين آمنوا إمنا املشركون جنس فال يقرهوا املسجد احلرام هعد‬
‫مامهم هذا وإن خفتم ميلة فسوف يغنيكم هللا من فضل إن شاء إن هللا مليم حكيم‪،‬‬
‫قاتلوا الذين ال يؤمنون ابهلل وال ابليوم اآلخر وال حيرمون ما حرم هللا ورنول وال يدينون‬
‫هدين احلق من الذين أوتوا الكتاب حىت يعطوا اجلزية من يد وهم صاغرون‪ ،‬وقالت‬
‫اليهود مزيز اهن هللا وقالت النصارى املسيح اهن هللا ذلك قوهلم أبفهواههم يضاهئون‬
‫قول الذين كفروا من قبل قاتلهم هللا أىن يؤفكون‪ ،‬اختذوا أحبارهم ورهباهنم أراابً من‬
‫دون هللا واملسيح اهن مرمي وما أمروا إال ليعبدوا إهلاً واحدا ال إل إال هو نبحان مما‬
‫يشركون‪ ،‬يريدون أن يطفئوا نور هللا أبفواههم وأيىب هللا إال أن يتم نوره ولو كره‬
‫الكافرون‪ ،‬هو الذي أرنل رنول ابهلدى ودين احلق ليظهره ملى الدين كل ولو كره‬
‫املشركون‪ ،‬اي أيها الذين آمنوا إن كثريا من األحبار والرهبان ليأكلوا أموال الناس‬
‫ابلباطل ويصدون من نبيل هللا والذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقوهنا يف نبيل‬
‫هللا فبشرهم هعذاب أليم‪ ،‬يوم حيمى مليها يف انر جهنم فتكوى هبا جباههم وجنوهبم‬
‫وظهورهم هذا ما كنزمت ألنفسكم فذوقوا ما كننتم تكنزون}‪.‬‬
‫ولنفصل الكالم يف هذا ملى ثالث جواهر (اجلوهرة األوىل) ملخص هذه اآلاي‬
‫إمجاالً نبين ملي ما هعده (اجلوهرة الثانية) يف مبحث مام يف النفس اإلنسانية وقواها‬
‫وملكاهتا وأخالقها ألهنا هي أناس مجيع األممال‪( .‬اجلوهرة الثالثة) فيما أملن هعض‬
‫الذين خاطبوا األرواح من ملماء املسيحيني الكبار وحكمائهم وأهنم شاهدوا يف اجلنة‬
‫قصوراً ويف النار ظلما ونعرياً‪ ،‬وإن هعض رؤناء الدين املسيحي من آابء الكنيسة‬
‫الرومانيني يف أنفل جهنم ‪ ...‬اخل‪ ،‬وأن الدين اإلنالمي قد ظهر ل أحسن أثر يف‬
‫األموا الذي امتنقوه ‪ ...‬اخل وهذا املقال من أمجب ما يف هذا التفسري‪.‬‬
‫(اجلوهرة األوىل) جممل هذه اآلاي هو‪:‬‬
‫‪ .4‬إن من قدم النفس واملال هلل فهو يف اجلنة‪.‬‬
‫‪ .2‬أن الذي يقدم حب املال واألهل وغريمها ملى حب هللا فهو يف جهنم‪.‬‬
‫‪ .9‬أن النصر هيد هللا ألن العامل يف قبضت ‪.‬‬
‫‪ .1‬معاداة الكفار‪.‬‬
‫‪ .1‬ذم النصارى واليهود الذين جعلوا هلل شريكاً واتبعوا األحبار والرهبان الذين‬
‫حيللون وحيرمون‪.‬‬
‫‪ .1‬األحبار والرهبان لشرههم ملى مال وحبهم للرائنة يعذهون يف جهنم‪.‬‬
‫هذه األصناف الستة ترجع ألصل واحد هو أن الشره ملى املال أو الرائنة أو‬
‫حب أمر من األمور يصد النفس من حب هللا تعاىل‪ ،‬وهذا يوجب مذاب جهنم‪.‬‬
‫فهذه اآلاي مجعت ما هني مؤمن متثاقل من اجلهاد ألجل مسكن أو مال أو أهل‬
‫وهني رئيس ديين مغرم ابملال والرائنة ‪ ...‬اخل‪ .‬وهبذا متت اجلوهرة األوىل‪.‬‬
‫(اجلوهرة الثانية) يف حتليل النفس اإلنسانيةومعرفة قواها وملكاهتا حىت نقف ملى‬
‫نرها املكنون املخزون الذي ه ندرك هعض نر هذه اآلاي ‪.‬‬
‫مث نقفي يف (اجلوهرة الثالثة) مبصداقها من احللم احلديث‪ ،‬اللهم إنك أنت الذي‬
‫حتمي القلوب وخترج احلي من امليت‪ ،‬أنت الذي شرحت صدري هلذا التفسري‬
‫وأن عمت ملي ابلتوفيق وأريتين هدائع الغرائب ومشاهد احلوادث حىت يظهر نر كتاهك‬
‫يف هذا الزمان الذي التبس في احلق ابلباطل‪ .‬اللهم إنك أنت الذي خلقت نفوننا‬
‫وأضأهتا هنورك وأودمت فيها جواهر وأهدمت وهزوقت وصور وأحكمت فكانت‬
‫نفوننا‪:‬‬
‫‪ .4‬قاهلة ملعرفة مجيع املوجودا ‪.‬‬
‫‪ .2‬مشا ركة لكل حي يف صفا مامة فبهذا تود لو مشلت مجيع األحياء ابلرمحة‬
‫واإلحسان‪.‬‬
‫‪ .9‬وحياهتا متوقفة ملى العوامل العلوية والسفلية هوج ممومي‪.‬‬
‫‪ .1‬وهي من جهة أخرى تود لو تبتلع كل موجود إطامة لشهوهتا أو هتلك كل‬
‫حي إطامة لغضبها ونطوهتا‪.‬‬
‫ولبيان هذه األرهعة نقول‪ :‬هلم أيها الذكي أحدثك دقائق وامتزل مامل األجساد‬
‫وادخل معي مامل روحك ونفكر فيها‪ ،‬فها أان ذا أصف نفسي وهذا الوصف ينطبق‬
‫ملى نفسك‪ .‬ولقد أمرين هللا وأمرك أن ننظر يف نفوننا فقال‪{ :‬وىف أنفسكم أفال‬
‫تبصرون}‪ .‬وهذا في توهيخ لنا وإنكار ملينا لعدم نظران لنفوننا‪ ،‬فامتثاالً ألمره تعاىل‬
‫أنظر يف نفسي وأنت تنظر يف نفسك فأقول‪:‬‬
‫قل يل‪ :‬ألست جتد أنك حتب أن تعرف جسمك ومنزلك وقريتك وأمتك والكرة‬
‫األرضية واجملمومة الشمسية ومامل اجملرة الذي حيتوي ملى حنو (‪ )218‬ألف ألف من‬
‫النجوم اليت هي أكرب من مشسنا وأضوأ جداً‪ .‬فمنها ما هو أضوأ منها (‪ )488‬مرة‪،‬‬
‫ومنها ما هو أضوأ منها ألف مرة‪ ،‬ومنها ما أضوأ مثانية آالف مرة وأكثر كما تقدم‬
‫كثرياً يف هذا التفسري‪ .‬مث وراء هذه اجملرة جمرا أخرى قد وصلت إىل ما يزيد ملى‬
‫ألف ألف جمرة‪ ،‬وكل واحدة من هذه فيها مشوس كشموس جمرتنا‪ .‬اللهم أنت‬
‫القدوس‪ ،‬أنت العليم‪ ،‬أنت احلكيم‪ ،‬أنت الكرمي‪ ،‬فمن كرمك أن أهدمت نفسي‬
‫وأهدمت نفس قارئ هذا الكتاب وجعلتهما تواقتني إىل هذه العجائب اليت ذكرهتا‬
‫ناهقاً يف نورة األنعام ونأذكر هعضها يف نورة يونس وغريها‪ ،‬هل أن هذه النفس‬
‫نراها تدرك أن هناك ماال هناية ل يف الزمان واملكان والعوامل‪ ،‬ولكنها حني تريد أن‬
‫تتصور ذلك تبهر وتنكمش وتتقهقر وتقول ال قدرة لبصرييت ملى تصور هذا‪ .‬وإن‬
‫ترجع القهقري وتقول إن ماال هناية ل يعلم من وجوده ال هناية ل وهو الذي دهر‬
‫هذا الوجود فمن أان حىت أقف ملى نر الوجود؟‬
‫فمن هذا يتبني أن نفسي ونفسك معاً ماشقتان مغرمتان ابإلطالع ملى كل‬
‫موجود‪ .‬ومعىن هذا أهنما قاهلتان لذلك كما قبلت الطعام والشراب‪ .‬ويظهر يل أن كل‬
‫ما متيل إلي النفس هو من جبلتها وطبيعتها وإال فلماذا كان ميلها للطعام نبباً حلياهتا‬
‫وميلها القرتاب الرجل واملرأة نبباً لبقاء الولد‪ .‬فهكذا فليكن ميلها ملعرفة العوامل وحبها‬
‫نبباً لسعادة كربى منانبة هلذا امليل‪ ،‬كما نعد نعادا صغرى ابمليل للطعام‬
‫وللتزوج‪ .‬هذا هو ما قصد من شرح‪:‬‬
‫(األمر األول) وهو قبول النفس ملعرفة مجيع املوجودا ‪.‬‬
‫(األمر الثاين) أن اإلنسان ملشاركت ألهناء نوم يف مواطف حيب حياة كل إنسان‬
‫مىت خلى وطبع ‪ .‬والربهان ملى ذلك أنك ترى اإلنسان إذا شاهد قطاراً دهم رجالً‬
‫وقتل يف مصر أو هغداد أو اآلنتانة أو كلكوات أو ابريس أو هرلني فإن يف احلال يفزع‬
‫وجيزع‪ ،‬وهذا دليل ملى أن يفرق هني حايل هذا املقتول ويفضل حال احلياة ملى حال‬
‫املو ‪.‬‬
‫(األمر الثالث) أن نفسي اليت حتب معرفة كل شيء وحياة كل إنسان (إذا‬
‫وصلت لليقني) تعرف أهنا متوقفة ملى مجيع العلوم العلوية والسفلية‪ .‬وهذا واضح يف‬
‫ثنااي هذا التفسري‪ .‬أفال تعجب من هذا؟ أال تعجب من أن حبها ملعرفة العوامل‬
‫ومطفها العام ينانبان احتياجها العام؟ اللهم أن نفسي ال تعيش يف هذه احلياة الدنيا‬
‫إال جبسم حتفظ قرية حتميها دولة حيبط هبا هواء وأضواء مشرقا من العوامل العلوية‬
‫واألمم مجيعها‪ .‬والدول مشرتكا يف األمور العامة كاألنالك الربقية (التلغراف)‬
‫وكاملسرة (التليفون) وكالقاطرا يف الرب والسفن يف البحر‪ .‬وهكذا فاألمم ملى هذه‬
‫األرض كلها متعاوان وإن كن متعاداي وهذا هو العجب‪ .‬حب مام واحتياج مام‬
‫واشرتاك مام‪ .‬وإن كان هذا االشرتاك صورايً والقلوب مقفلة ملى الطمع والشره‬
‫والعداوة والبغضاء لنقص أهل األرض أمجعني إال قليالً منهم {وقليل من مبادي‬
‫الشكور}‪.‬‬
‫(األمر الرابع) إهنا مع هذا احلب وهذا الغرام ابلعلم واالشرتاك العام كمنت فيها‬
‫قواتن‪( :‬أحدها) جاذهة (واألخرى) دافعة‪ .‬أما القوة اجلاذهة فهي الشهوا اليت‬
‫أمد لبقاء احلياة يف الدنيا‪ .‬فهذه الشهوا نراها قوية هائلة فكما رأينا مقولنا تود‬
‫معرفة كل كوكب وكل مشس وكل أرض‪ ،‬كما هو معروف من أخبار ملماء أهل أورواب‬
‫الذين يودون أن يسافروا للقمر أو خياطبوا أهل املريخ ‪ ...‬اخل‪ ،‬وحنن نتشوق لذلك‬
‫شوقاً كبرياً‪ .‬هكذا نراان إذا ملكنا ال نقف مند حد فنحن تكفينا األطعمة اخلاضرة‬
‫واملالهس الساترة‪ ،‬لكن هذه النفس تندفع يف شهواهتا كاندفامها يف ملومها يود‬
‫اإلنسان لو ميلك قرية أو أمة أو أهل األرص مجيعاً‪.‬‬
‫والدليل ملى ذلك ما نعرف من انهليون وخبتنصر وغليوم امرباطور األملان وغريهم‪،‬‬
‫وهكذا كل أحد منا يعرف يف نفس أهنا تقف مند حد يف أمر امللك وحوهز النعم‬
‫األرضية‪ .‬وإذا مارض أحد من املاس هذه القوة فينا غضبنا ملي وكرهنا حيات ‪ ،‬ونسينا‬
‫أن كل حي ملى األرض رمحة لنا‪ .‬فاألمم وأفراد األمم يسامد هعضهم هعضاً‪ ،‬فكل‬
‫منده من العلم والسلع ما ليس مند اآلخر‪ ،‬فكل لكل مكمل ومرق‪ ،‬ولكن الناس‬
‫لنقص أكثر نفوس أهل هذه األرض هعضهم لبعض مدو‪ .‬وهذه هي القوة الدافعة‪.‬‬
‫فنحن أهل األرض هني قوتني‪ :‬قوة جالبة ملا ه احلياة‪ ،‬وقوة دافعة ملا يضادها‪ .‬وهااتن‬
‫القواتن مها اللتان تظهران يف اجلاذهية العامة‪ .‬فالشمس مثالً جيذب األرض ولكنها‬
‫تدفعها منها إىل هعد خمصوص ابلقوة الطاردة‪ ،‬فاألالض كعاشقة للشمس ألهنا‬
‫جمذوهة إليها ولكنها مطرودة منها إىل هعد خمصوص‪ .‬هذه هي القوى األرهعة اليت يف‬
‫نفوننا‪ ،‬فهي حمبة لكل ملم متوقفة ملى كل العوامل (وهذا ال يعرف إال من درس مجيع‬
‫ملوم الكائنا أو قرأ أكثر هذا التفسري)‪.‬‬
‫تريد أن نعرف كل شيء‪ ،‬ومتلك كل شيء‪ ،‬وحتسن لكل حي‪ .‬ولكن يعارض هذا‬
‫شهواهتا وأضغاهنا (وإن كانت يف حاجة ألهناء نومها)‪ .‬إن رغبة العلم العام واحملبة‬
‫العامة طبيعتان أصليتان يف النفس‪ .‬أما كوهنا تود البطش أبهناء نومها وتود هالكهم‬
‫فهذا مارض من حيث حاجتها إىل ند شهواهتا‪ .‬ونتيجة هذه اجلوهرة الثانية أن‬
‫اإلنسان ال تصلح حيات إال ملى مقتضى فطرت وأصول فطرت أمهها العلم واحلب‬
‫والتعاون‪ .‬إذن حياة الفرد يف أمة يتوقف كماهلا ملى حياة األمة وكل ما توقفت ملي‬
‫حياتنا أحببناه‪ ،‬وهكذا يف األمم ملى هذه األرض‪.‬‬
‫اللهم إن كمال األفراد يف حب هعضهم من أمتهم‪ .‬وكمال األمم يف حب هعضهم‬
‫هعضاً‪ .‬ولقد حصل هذا فعالً يف أرضنا ولكن حصول انقص‪ .‬فإننا نرى أن أهل املنزل‬
‫يتشاركون وهو كثرياً ما يتعادون‪ ،‬ونرى أهل القرىي يتشاركون يف أمورهم العامة وهم‬
‫يتشاجرون‪ ،‬ونرى األمم تتعاون يف التجارة والربيد واملواصال وهم مجيعاً متعادون‪ .‬هللا‬
‫أكرب ظهر احلق وانتبان السبيل وظهر مجالك يف العامل الذي مشنا في ‪.‬‬
‫اللهم إنك قد أهدمت هذا الوجود وأرجعت لفطران‪ .‬أنت مضتنا يف املعرفة وجعلت‬
‫حياتنا موقوفة ملى أهناء نومنا فتشاركوا وتعاونوا‪ ،‬ولكن هذا التشارك وهذه املعاونة‬
‫ظاهراين ال ابطنيان‪ .‬اللهم إن فطرتنا صادقة لصدقها حتزن أو تتأمل يف هذه احلياة وهي‬
‫ال تدري ما نبب هذا األمل وال تعلم أن نبب أن هذا العامل انقص ال يطلبق فطرهتا‬
‫متام املطاهقة‪ ،‬هل املطاهقة لفطرتنا لفظية ظاهرية‪ .‬ولذلك حكمت مبوتنا لندخل يف‬
‫مامل آخر تتوافر في معدا احلياة احلقة فيكون التعاون ابلقلب والقالب وتصبح‬
‫النفوس متجاذهة جتاذابً صادقاً ال موج في وال خداع‪.‬‬
‫إن حياة األرواح يف أجسامها جيب أن تكون ابحلب العام اخلالص كما أحبت‬
‫الشمس األرض واألرض القمر‪ ،‬وأفاض األملى ملى األدىن هال من وال أذى كما‬
‫يفيض األهوان ملى الولد‪ .‬وهذه الصفة مفقودة يف أرضنا اليت حياة األمم وحياة األفراد‬
‫فيها مصحوهة ابخلداع‪ .‬اللهم أنك نرت يف الدنيا هواطننا رمحة منك‪ ،‬أنت أرد أن‬
‫تكون ظواهران متشاكلة متوادة متجاذهة‪ .‬وقد أقفلت ملى قلوهنا أقفالك حىت ال‬
‫تظهر‪ ،‬ولو ظهر لكان التنافر ومل تتم احلياة‪ .‬وهذا النقص يتبع مامل أكمل من ماملنا‬
‫هذا تكون البواطن في ظاهرة واضحة وهو مامل األرواح ألن الليل يعقب النهار‪،‬‬
‫فحياتنا ليل مظلم ال تظهر في البواطن‪.‬‬
‫أما حياة األرواح فهي هنار مضىء تظهر في األشكال‪ .‬وههنا يظهر معىن هذه‬
‫اآلاي اليت حنن هصدد الكالم مليها‪ .‬فإذا رأينا اإلنسان يقدم نفس ومال يف املنفعة‬
‫العامة إبخالص فهذا مطاهق لفطرتنا األصلية‪ .‬وإذا رأينا األحبار والرهبان يزجون يف‬
‫جهنم ألهنم جيمعون أموال الناس ألنفسهم‪ ،‬فمعىن هذا أهنم نخروا اجملموع ألنفسهم‪،‬‬
‫فمحبتهم إذن ألنفسهم ال للمجموع وهذا مناقض لفطرتنا‪ .‬وهذا هو الذي أرد‬
‫تبيان هطريق مقلي نفسي‪.‬‬
‫(اجلوهر الثالثة) معجزا القرآن اليت ظهر مطاهقة ملا تقدم مند هعض العلماء‬
‫النصارى الذي حدثوا األرواح‪.‬‬
‫هني يدي اآلن كتاب مؤلف مامل مسيحي (ممانوئيل نودنربج) ماش يف القرن‬
‫الثامن مشر‪ ،‬وقد ولد يف مدينة (نتوكهلم) وأهوه كان (أنقفاً) ملى ونرتوغوثيا ل‬
‫شهرة طويلة يف خيات ‪ ،‬وكان مضواً يف اجلمعية االجنليزية لنشر تعاليم االجنيل‪ ،‬وأقام‬
‫امللك كارلس الثاين مشر أنقفاً ملى الكنائس األنوجية يف (هنسلفانيا ولندن)‪ .‬أما‬
‫ممانوئيل نودنربج الذي حنن هصدد الكالم ملي فإن هزار انكلرتا ننة ‪ 4948‬وهولندا‬
‫وفرنسا وأملانيا وماد إىل وطن ننة ‪ ،4941‬وجعل امللك كارلوس الثاين مشر يف رتبة‬
‫مقدر يف مدرنة املعادن وهقي يف هذه الوظيفة إىل ننة ‪ ،4999‬وقال أن انتقال‬
‫منها ألن دماه داع إهلي لنشر احلقيقة العلمية يف العامل‪ ،‬فعرض ملي امللك رتبة أملى‬
‫فرفضها خوفاً من أن يتي غروراً وتكرباً وتعاظماً‪ .‬مث أنعمت امللكة ملي هرتقيت إىل‬
‫منزلة األشراف ولقب هلقب (نودنربج) فجلس يف جملس األشراف وحضر اجللسا‬
‫الثالث اليت تعقد كل ننة‪ ،‬وصار مضواً يف اجلمعية العلمية يف (انتوكهلم)‪ .‬ولكن‬
‫يقول‪ :‬هذه احلمعية مبحثها ال ينانب ألهنا تتعلق هبذا العامل املادي‪ ،‬ولذلك مل يبحث‬
‫معهم وإن كان مضواً منهم ابإلنم‪ .‬وقد تناول الطعام ملى نفرة امللك وامللكة (وهو‬
‫شرف ال ينال غري أشراف اململكة) وقد قال‪ :‬إن هذه النعم ليست شيئاً مذكوراً‬
‫ابلنسبة ملا دماين إلي هللا وأهلمين أن أحدث الناس ابحلقائق اليت شاهدهتا يف مامل‬
‫األرواح إلظهار احلق للمسيحيني ليعرفوا احلقيقة‪ ،‬وقال‪ :‬إين تنقلت يف البالد هلذه‬
‫الغاية وإهراهز هذا العلم للناس خلالصي وخالصهم‪.‬‬
‫هذا ملخص ما ذكره املؤلف يف خطاه ألحد أصحاه ننة ‪ 4917‬وقال‪ :‬إن‬
‫تشنيع الناس ملي وتشهريهم يب وانتهزاؤهم ال يهمين ما دمت قائماً ابحلق‪ .‬وملا قال‬
‫ل أحد أصحاه ‪ :‬إين أنصحك أن تعتزل تلك الكتااب اليت تكتبها مما ترى وتسمع‬
‫يف مامل األرواح فإهنا تعرضك لسهام ذوي اجلهالة‪ .‬وقد أصبحت هزؤاً ونخرية‪ .‬قال‪:‬‬
‫قد هلغت من العمر إىل درجة ال جيسر فيها ملى اهلزء ابألمور الروحية‪ ،‬وأن منتهى‬
‫جهدي السعي وراء خالصي غري ملتفت إىل ما يرى الناس فيذ‪ .‬مث قال‪ :‬أقسم‬
‫خبالص نفسي أن ما كتبت مل يكن مصدره التخيل هل حقيقة ما مسعت وما رأيت‪.‬‬
‫وقد ما ننة ‪ 4992‬ودفن يف لندن هعد ما أصيب ابلفاجل‪ ،‬وقد قاهل قبيل موت‬
‫كاهن يسمى (أرفيد فرليوس) وقال ل ‪ :‬لقد نلت مرادك من الشهرة‪ ،‬والناس يزممون‬
‫أنك هبذه التعاليم أرد الشهرة فإذا كان هزممهم صادقاً فمن الواجب مليك يف هذه‬
‫احلال – حباً يف العدل والصدق – أن تكذب ما كتبت أو هعض ما دام مل يبق لك‬
‫مأرب يف مامل مما قريب تفارق ‪ .‬فلما مسع ذلك من انتصب يف فراش جهد طاقت‬
‫ورفع يده الصحيحة إىل صدره وقال هلهجة‪( :‬إن صدق ما كتبت حقيقي كحقيقة‬
‫رؤيتك أايي أمام مينيك‪ ،‬ولو مسح يل لكتبت كل ما رأيت وقلت أكثر مما فعلت‬
‫حىت اآلن‪ ،‬ونرتى كل شيء هعينيك يوم تدخل العامل األهدي حيث اجتمع هك‬
‫للكالم يف أمور كثرية) انتهى ملخصاً‪.‬‬
‫ماذا حيدثنا عمانوئيل الذي ذكران ملخص اترخيه؟‬
‫حيدثنا‪:‬‬
‫‪ .4‬يقول يف صفحة (‪ )497‬من نص يف الرتمجة‪ :‬إن األفريقيني من هني مجيع‬
‫األمم هو احملبوهون أكثر من اجلميع يف السماء (أي اجلنة)‪ ،‬ألهنم يقبلون‬
‫خريا وحقائق السماء أبوفر نهولة من اآلخرين وهم يرغبون خصوصاص أن‬
‫يدموا مطيعني‪ .‬ويقول ىف صفحة (‪ )498‬إن رأى مباد األصنام من األمم هعد‬
‫الطوفان وشاهد أرواحهم فرآها يف مكان مظلم ويف حال تعسة وقد حرموا من‬
‫الفكر‪ ،‬وقالوا ل إهنم أقاموا يف ذلك املكان قروانً كثرية وأهنم خيرجون منها يف‬
‫هعض األحيان ليقوموا حباجا دنيئة لآلخرين‪ .‬قال‪ :‬فمن هذا محلت ملى‬
‫التفكر يف كثري من املسيحيني الذين ليسوا يف اخلارج مبدة أواثن ولكنهم يف‬
‫الداخل كذلك إذ يعبدون ذواهتم والعامل ويرفضون هللا‪ .‬قال‪ :‬وأخذ أتفكر يف‬
‫نوع النصيب الذي ينتظرهم يف احلياة األخرى‪ .‬وقال يف موضع آخر‪ :‬إن‬
‫املسيحيني يعيشون ميشة شريرة وهلم ولوع ابلزان والبغض واخلصام والسكر‬
‫وذنوب متشاهبة أتابها األمم الوثنية‪.‬‬
‫‪ .2‬وهو يقول أيضاً‪ :‬إن حادث األرواح فقالت ل (إننا يف السماء ال نقول إن هللا‬
‫ثالثة وإمنا حنن نعلم ونبصر أن هللا واحد)‪ .‬ويقول إهنم قالوا ل ‪ :‬إن الذين‬
‫يعتقدون آبهلة ثالثة ال ميكن إدخاهلم إىل اجلنة ألن أفكارهم حيصل هلا حتري فال‬
‫تدري أين الثاين والثالث‪ .‬واملدار يف مامل األرواح ملى الفكر‪ ،‬فالكر إذا تصور‬
‫ثالث آهلة فقول اللسان إن واحد نفاق ال يفيد هل يظهر الباطن ويكون وابالً‬
‫ملى صاحب ‪ ،‬وذلك يف صفحة (‪ )9‬من الكتاب‪.‬‬
‫‪ .9‬ويقول يف صفحة (‪ :)94‬يعتقد البعض أن األطفال الذين ولدوا تبع الكنيسة‬
‫هسبب أهنم متعمدون مباء املعمودية يدخلون يف اإلميان‪ .‬وأما الذين ليسوا تبع‬
‫الكنيسة ومل ينلهم ماء العمودية ال يدخلون يف اإلميان‪ .‬قال‪ :‬وهذا ابطل ألن‬
‫املعمودية تذكار‪ .‬مث قال فليعلموا أن كل طفل يف أي مكان ولد من والدين‬
‫تقيني أو من والدين غري تقيني مىت ما يقبل هللا ويعلم يف البسماء (أي‬
‫اجلنة)‪ .‬وهنا أخذ يشرح العناية ابألطفال شرحاً مستفيضاً ملى ما يقول أن‬
‫رآهم كذلك‪.‬‬
‫‪ .1‬ويقول يف صفحة (‪ :)72‬رأيت قصوراً مساوية ذا اتقان ال ميكن وصف‬
‫أشرقت من فوق كالذهب النقي ومن حتت كاحلجارة الكرمية يزيد هعضها من‬
‫البعض رونقاً والغرف كزدانة هزينة يستحيل أن يصفها الكالم‪ ،‬ويف هعض‬
‫األماكن ترى األوراق كالفضة والثمار كالذهب واألهزهار يف ألواهنا أظهر‬
‫قوس قزح‪ .‬ويقول‪ :‬إن األرواح قالت ل ‪ :‬إن هناك أشياء كهذه ال حتصى وهي‬
‫أمظم كما ال يعرضها هللا أمامهم‪ ،‬ومع ذلك يبهجون مقوهلم أكثر مما يبهجون‬
‫أمينهم وذلك ألهنم يرون مطاهقة يف كل شيء إهلي‪ .‬ويقول‪ :‬إن هذه املظاهر‬
‫تطاهق هواطنهم فإهنا لطهارهتا ظهر هلم احملسونا وتنعموا هبا كما تنعم‬
‫هواطنهم ابلكمال‪.‬‬
‫‪ .1‬ويقول يف صفحة (‪ :)11‬إن داخليا اإلنسان تعرف ابلنظر لوجه حبيث ال‬
‫خيفي منها شيء‪ .‬فأهل اجلنة حيبون أن يظهروا ألن هواطنهم مجيلة‪ .‬أما الفجار‬
‫من أهل النار فإن أحدهم يظهر لآلخر كما يرى الناس هعضهم هعضاً‪ .‬أما‬
‫أهل اجلنة واملالئكة فإهنم يروهنم كالوحوش يف وجوه وأشكال خميفة يف نفس‬
‫شكل شرهم الذايت‪ ،‬فكل إنسان يظهر شكل ملى هيئة ابطن فإما مجيل ملى‬
‫قدر خريه وإما قبيح ملى قدر شره‪.‬‬
‫ويصف يف صفحة (‪ 991‬و ‪ )991‬جهنم فيقول‪ :‬إن مداخل جهنم تكون حتت‬
‫اجلبال والتالل والصخور ومجيعها تظهر مظلمة ومغربة‪ ،‬وهلا نوع من النور كالفحم‬
‫املشتعل‪ ،‬وأن الذين ماشو يف الدنيا يف البغض واالنتقام من الذين مل يعتربوهم ومل‬
‫يقدنوهم ومل يعبدوهم فهؤالء يوضعون يف أقصى جهنم‪ .‬ومن هؤالء طائفة‬
‫(الكاثوليكية الرومانية)‪ ،‬وكذلك الذين جعلوا أنفسهم آهلة تعبد‪ ،‬فهؤالء اضطرموا هنار‬
‫البغض واحلقد ضد كل من مل يعرتف هقدرهتم ملى نفوس العامل وال يزالون يف جهنم‬
‫يعللون األماين اليت ماشوا هبا ملى األرض‪ .‬فقلوهبم مألى غيظاً وحقداً وضغناً ملى‬
‫من ال يوافقوهنم يف هزممهم فأصبحوا يف جهنم وقلوب كل منهم متجهة حنو ذوي‬
‫صيت ‪.‬‬
‫وقال يف صفحة (‪ :)999‬يف هعض حها جهنم ترى خرااب ومناهزل ومدن هعد‬
‫شبوب نريان‪ ،‬وفيها تسكن األرواح اجلهنمية يف خفية ويف النواحي املعتدلة من جهنم‬
‫ترى أكواخ نيئة البناء هبيئة مدينة ابألهزقة والشوارع ويف داخل هذه البيو األرواح‬
‫اجلهنمية دائماً يف مشاجرة ومداوة ومضارهة وقتال‪ ،‬ويف الشوارع واألهزقة ال ترى إال‬
‫النهب والسلب‪ .‬وقال‪ :‬إن أهواب جهنم حني تفتح لدخول أرواح شريرة جديدة خيرج‬
‫من ها خبار يكون إما مثل خبار النار مع الدخان كما يظهر يف اهلواء من أهنية حمرتقة أو‬
‫مثل هليب هدون دخان أو نظري نخام كالذي خيرج من املداخن املشتعلة أو نظري‬
‫ضباب أو نحاب كثيف‪ .‬قال‪ :‬وهذه األشياء منانبة ألخالقهم ولكنها تظهر هبذا‬
‫الشكل لغريهم أما هم فال ميكنهم أن يعيشوا خارجها‪.‬‬
‫وصرح يف صفحة (‪ )917‬أبن هعض الناس إذا مسع يف جهنم ذكر هللا اهزداد غيظ‬
‫جداً حىت التهب راغباً قتل ‪ ،‬وهو لو أطلق العنان لنفس ألحب أن يكون إهليس حىت‬
‫يزمم أن يلحق األذى ابهلل تعاىل كما يتمناه هعض اصحاب الداينة الباهوية مندما‬
‫يدركون يف احلياة األخرى أن الرب كل القوة وليس هلم شيء منها ملى اإلطالق‪.‬‬
‫‪ .1‬ويقول يف صفحة (‪ :)19‬إن هللا يرى يف السماء (اجلنة) كالشمس)‪ ،‬ويرى‬
‫لكل أحد مبقدار ما يقبل نبحان وتعاىل‪ .‬ومن رأوه إلفاضتهم اخلري ملى‬
‫الناس ظهر هلم كالشمس ملا مندهم من احملبة واخلري للناس‪ ،‬أما الذين يرون‬
‫ألجل اإلميان فإهنم يرون كالقمر‪.‬‬
‫‪ .9‬ويقول أيضاً‪ :‬إن نصيب األغنياء والفقراء يف اآلخرة اتهع لسرائرهم‪ .‬فكم من‬
‫غين كان حمسناً طاهر القلب فرأيت نكن القصور اجلميلة‪ .‬وكم من فقري كان‬
‫اض ابلقجر فهذا يعذب مذاابً شديداً‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫ناخطاً ملى الزمان غري ر ٍ‬
‫فأمجب من معجزا القرآن‪ .‬أليست هذه املسائل اليت خلصتها لك من كتاه‬
‫هي مني تفسري هذه اآلاي هل هي من آاي هللا‪ ،‬وهي هعض آاي رهك اليت‬
‫أظهرها للناس‪ .‬فياليت شعري‪ ،‬أليست اجلنة والنار اللتني ذكرمها مها املذكوراتن يف‬
‫القرآن ابلنص؟ أفليس الرجل أنكر التثليث ؟‪ ...‬أ‪ ،‬ليس كالم يف أهل أفريقيا وأهنم‬
‫يسبقون الناس إىل اجلنة وأن األمم الوثنية من نفس تلك البالد قدمياً معذهون يف‬
‫جهنم‪ .‬أقول‪ :‬أليس هذا معجزة للقرآن يف هذا العصر‪ ،‬ألن أهل أفريقيا مسلمون‬
‫وأنالفهم مباد أصنام‪ .‬وانظر كيف صرح مبا نصت ملي اآلية وهو أن رؤناء دينهم‬
‫حلبهم إلجالل الناس إايهم يف أنفل جهنم كنص هذه اآلاي ‪ .‬أو ليس قول أن‬
‫أطفال مجيع األمم يدخلون اجلنة موافقاً لألحاديث وآلراء أجل ملماء اإلنالم‪ .‬أو‬
‫ليس تفضيل للغىن الشاكر هو مني ما أوضح اإلمام الغزايل يف األحياء (أن الغين‬
‫الشاكر أفضل من الفقري الصاهر)‪.‬‬
‫نتيجة هذا املقام‬
‫ألست ترى هعد هذا أن ما نقلناه من هذا الكتاب إمنا هو هيان لسر هذه اآلاي ‪،‬‬
‫إذ ذكر أن التثليث يعذب ملي املسيحيون وأن مظمة رجال الكنيسة تطرحهم يف‬
‫أنفل نافلني ‪ ...‬اخل؟‬
‫هذا هو نر هذه اآلاي والس ميا قول تعاىل {ليظهره ملى الدين كل }‪ .‬انتهى‬
‫ليلة اإلثنني ‪ 41‬مايو ننة ‪ 4729‬هذا ومن أمجب العجب أن يقع هذا الكتاب يف‬
‫يدي وهذه السورة مقدمة للمطبعة وأُخر طبعها ألنباب مارضة‪ ،‬حىت متكنت من‬
‫تلخيص ما تقدم واحلمد هلل الذي هنعمت تتم الصاحلا ‪ .‬ا هـ‬
‫إيضاح‬
‫هعد أن كتبت ما تقدم أبنبوع إطّلع ملي أحد أهل الفضل فقال‪ :‬أهبذا القول‬
‫تثق؟ وهل مثل هذه األقوال اليت الحظ هلا من التحقيق يفسر القرآن‪ .‬القرآن وحي‬
‫وهذا الرجل ي ّدمي أن خاطب األرواح‪ .‬فهل النائجة كالثكلى * فأين الثري وأين‬
‫الثرى * وأين معاوية من ملي‪ .‬أو كلما نعق انمق أثبت قول يف تفسري كالم هللا؟‬
‫فقلت‪ :‬أان مل أقل إنين موقن أن حادث األرواح‪ .‬كال‪ .‬قال‪ :‬ومل إذن نقلت كالم ؟‬
‫فقلت‪ :‬لثالثة أمور‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬أنين وجد هذه اآلراء يف فحواها ويف مقصودها تشب كالم‬
‫األرواح كما يف كتايب املسمى (كتاب األرواح) فإن تلك العوامل ملا خاطبها القوم يف‬
‫أورواب كان ذلك أشب مبا جاء يف هذا الكتاب‪ .‬فإذا كان هذا العامل من رجال القرن‬
‫الثامن مشر موافق ملن جاؤا يف القرن التانع مشر والقرن العشرين فهو جدير ابلبحث‬
‫والتحري‪.‬‬
‫أيضت قد ذكرها خواص ملماء اإلنالم يف‬ ‫ً‬ ‫األمر الثاين‪ :‬أن هذه اآلراء كما تقدم‬
‫أنرار الدين اإلنالمي‪ ،‬وينحو حنوها اإلمام الغزايل وحميي الدين هن مريب وكتاب‬
‫(إخوان الصفاء) وحنوهم‪.‬‬
‫األمر الثالث ‪ :‬أنين أ‪،‬ا نظر يف هذه الدنيا هعقلي فوجدهتا كما تقدم قد الهزمتها‬
‫الوحدة مجلة وتفصيالً والهزمها االحتاد‪.‬‬
‫فالشمس والسيارا والتواهع كاألرض والقمر‪ ،‬وهكذا هقية الشموس‪ ،‬كلهن‬
‫متجاذاب متحااب متعاوان ‪ .‬وكل هذه وما معها يف اجملرة وهكذا اجملرا األخرى‪.‬‬
‫هذه نراها يف نفوننا ماملاً واحداً فهي يف نفوننا واحدة‪ ،‬واألملى منها ميد األنفل‪.‬‬
‫فالشمس متد األرض وابقي السيارا ابلضوء وهي جمذواب هلا كما تقدم‪.‬‬
‫مث إين وجد هذا النوع اإلنساين جعلت هيئت كهيئة هذه العوامل‪ ،‬أي أن وضع‬
‫يف الوجود هو واحليواان كلها كوضع اشتقاق هذه العوامل‪ .‬فإذا رأينا األرض (كما‬
‫هو الرأي العام يف العامل اآلن) مشتقة من الشمس دائرة حوهلا مالهزمة هلا والقمر‬
‫مشتق من األرض مالهزم هلا دائر حوهلا)‪ .‬هكذا نرى الناس مجيعاً قسمني أهوين وإهناً‬
‫وهنتاً واألوالن يعطفان ملى األخريين واألخريان مشتقان من األولني اتهعان هلما مث‬
‫نراهم من جهة أخرى (قسمني)‪ :‬قسم هم ذكور وقسم هم إانث ومها متعاشقان‬
‫متحاابن‪ .‬ونرى ماملاً وحكيماً ونبياً يعلمون تالميذاً وأمماً‪ .‬وهذه أيضاً والدة أخرى‬
‫معنوية‪ .‬يعجبين هذا النظام كنظام يراد ه التعارف واحملبة حبسب أصل وهو قول‬
‫تعاىل‪{ :‬اي أيها الناس إان خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوابً وقبائل لتعارفوا}‪.‬‬
‫وهذا هو األصل الذي هنيت ملي كتايب (أين اإلنسان) الذي نأذكر ملخص الذي‬
‫انتخلص من األنتاذ (ننتالن ) التلياين يف (جملة العلوم الشرقية) يف نورة احلجرا‬
‫مند تفسري اآلية املتقدمة فيها هناك‪ .‬فإذن العامل اإلنساين خلق أوالً وابلذا للتعارف‬
‫واحملبة كما خلقت هذه العوامل للتجاذب ولالحتاد‪ ،‬فإذا مل يوفق اإلنسان لذلك يف هذه‬
‫احلياة فما أحراه أن يتلكأ يف نريه ويوضع (الذين مل يصلوا إىل هذه النتيجة) يف موامل‬
‫منحطة ليدركوا هعد حني أهنم يف ضالل مبني‪ ،‬وليعلموا أهنم يف السجن اجلهنمي‬
‫هغباوهتم‪ .‬كما قال تعاىل {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا يف أصحاب السعري *‬
‫فامرتفوا هذنبهم فسحقاً ألصحاب السعري}‪ .‬وهذا األصل هو الذي يبين ملي مجيع‬
‫هذه اآلاي ‪ .‬فمن فضل مال أو أهل ملى اجملموع‪ ،‬ومن أخذ املال وكان رئيساً دينياً‬
‫وهو ملي حريص‪ ،‬فقد أخطأ املرمى وغش اجملموع فصار جنساً حيبس يف مكان حمزن‬
‫هو جهنم‪.‬‬
‫فهذا هو رأيي يف هذه الدنيا‪ ،‬فلذلك نقلت كالم هذا الرجل ملالءمت لذلك أشد‬
‫املالءمة‪ .‬فإذا مل يكن ما فهمت حقاً فلماذا مل خيلق اإلنسان هصفة أخرى؟ وملاذا مل‬
‫خيلق كالنبا يعي ش وميو وال نصب وال تعب وال أمل؟ وكا يف اإلمكان أن خيلق‬
‫الناس كما خيلق الشجر إىل حني مث ميوتون‪ .‬الشجر ال حيتاج هعض إىل هعض كثرياً‪،‬‬
‫ولكن هم يف أشد احلاجة هعضهم لبعض‪ ،‬لعمر هللا مل يكن ذلك إال ألجل ما ذكرانه‬
‫وهيناه وفتح هللا ه ‪ .‬اللهم إن الناس يعيشون وميوتون وأكثرهم ال يعقلون وال يدرنون‬
‫هذا الوجود‪ ،‬لذلك أنزلت مليهم الدايان وخلقت احلكوما ليتفطنوا‪ .‬هذا هو نر‬
‫ذم هللا لألحبار والرهبان الذين حيرصون ملى املال ويستعبدون الناس‪ ،‬مع أن هؤالء‬
‫العلماء إمنا نصبوا خلدمة اجملموع‪ .‬هكذا ملماء اإلنالم إن مل يكونوا رمحة للمسلمني‬
‫فهم ملحقون ابألحبار والرهبان حلرصهم ملى الدرهم والدينار‪.‬‬
‫هذا هو الذي أفهم يف هذه الدنيا اليت هي أكرب مدرنة لنا معاشر هين آدم‪ .‬فلما‬
‫مسع صاحيب ذلك قال هذا هيان يصلح أن يكون أناناً تبىن ملي احلكمة والفلسفة‬
‫واحلياة‪ .‬فقلت‪ :‬وحنن إذا فسران كتاب هللا فهو أوىل ابألصول الثاهتة والعلوم احلقة‪ ،‬وأن‬
‫هلذه اآلراء شأانً يف األمم هعد مغادرتنا هذه الدنيا‪ ،‬ويشري ملا قلت اآلن قول تعاىل‪:‬‬
‫{مث انتوى إىل السماء وهي دخان فقال هلا ولألرض ائتيا طوماً أو كرهاً آتينا‬
‫طائعني}‪ ،‬وقول {وهلل يسجد من يف السموا واألرض طوماً وكرهاً وظالهلم ابلغدو‬
‫واآلصال}‪ .‬انتوى هللا إىل السماء ودما السماوا واألرض فأتتا طائعتني‪ ،‬وملا نجد‬
‫ل من يف السموا واألرض انقسموا فريقني‪ /‬فريق نجد طائعاً وآخر مكرهاً‪ ،‬وهذا‬
‫يشهد ملا ذكرت لك اآلن‪ .‬جتاذهت العوامل كلها ونظمت حبساب‪ ،‬جر الشمس‬
‫حول كوكب جمهول لنا‪ ،‬وجر األرض حول الشمس‪ ،‬وجرى القمر حول األرض‪،‬‬
‫وجر للسيارا كذلك‪ ،‬وهكذا تواهعها ومجيع الكواكب كلها جر جرايً منظماً مل‬
‫جيد في العلماء خطأ‪ ،‬وهذا في معىن احلب ويسمى اجلاذهية‪.‬‬

‫* إن احملب ملن حيب مطيع *‬


‫أما هنو آدم فليسوا مجيعاً راضني حمبني‪ ،‬هل نيأتون إىل رهبم قوم طائعون حمبون‪،‬‬
‫وقوم ماصون جمرمون‪ .‬والطامة هنا ترجع إىل احلب والشوق والغرام‪ ،‬فمن أدرك مجال‬
‫هذا العامل أحب صانع فرضى مبا جيري ملي لعلم أن حلكمة‪ ،‬ومن ماش غافالً‬
‫ناهياً الهياً ال حيب هللا وال يرضى من فعل ويعرتض يف قلب ملي وأيتي كارهاً ال‬
‫حمباً‪ .‬ولن يكم ل هذا النوع اإلنساين إال إذا كانت األرواح متجاذهة متحاهة كتجاذب‬
‫وحتاب الكواكب والشموس واألقمار‪.‬‬
‫فإذا ذم هللا األحبار والرهبان ألكلهم أموال الناس ابلباطل فذلك ألهنم مل يوفقوا‬
‫للنظام األمت‪ .‬نظام اجلمال والكمال أبن يكونوا للناس ىباء ال أن يكونوا غافلني‬
‫جيعلون الدين ونيلة للخبز وامللبس فعكسوا اآلية وطمسوا احلقيقة‪ ،‬فرجعت حمبتهم‬
‫ألنفسهم ال للناس وطاش نهمهم فلم ينظروا إىل الشمس والقمر والكواكب إذ‬
‫يفيض النور هال أجر‪ ،‬وال إىل اآلابء واألمها إذ يفيضون النعم وأنواع الرب ملى‬
‫األهناء هال أجر‪ .‬هكذا هللا يفيض اخلري ملى الناس هال أجر‪ .‬ضرب هللا األمثال للناس‬
‫ابلكواكب وابألنبياء فظل الناس اتئهني غافلني حيارى نكارى يف شهواهتم‪ ،‬وهزهد‬
‫األحبار والرهبان يف اجلمال العام ومكفوا ملى الشهوا البهيمية‪ ،‬وتبعهم يف ذلك‬
‫هعض رجال الصوفية يف األمم اإلنالمية‪ .‬فلقد رأيتهم جيوهون هالدان املصرية ويطوفون‬
‫ملى القرى والكفور ويتظاهرون ابلصالح والتقوى‪ ،‬وأيخذون أموال الناس ابلباطل‬
‫وما هم هعلماء وال هوماظ‪ ،‬ولكن ناروا شوطاً وراء الدرهم والدينار كما نار الذين‬
‫من قبلهم من األحبار والرهبان الذين أطلق هللا أورواب من قبضتهم هسبب إطالع‬
‫القوم ملى دين اإلنالم‪ ،‬كما قدمناه من السيدة األورهية اليت أنلمت‪ ،‬فهم أطلقوا‬
‫من واثئق رجال الدين هسبب ديننا‪.‬‬
‫واملسلمون يف هالد الغرب من طراهلس وتونس واجلزائر ومراكش ويف مصر والشام‬
‫والعراق وهالد اهلند وجاوه‪ ،‬وقد وقعوا يف شبكة هؤالء الصيادين ممن اتسموا هسما‬
‫الصوفية ظاهراً وهم منها غافلون‪ .‬ال ال اي معاشر املسلمني كال كال وهللا إمنا رجال‬
‫الدين هم الذين يسريون ملى ننن أيب هكر وخلفائ من هعده هم الذين يقتفون آاثر‬
‫األنبياء‪ ،‬ويكون مقصدهم املثل األملى كما أوضح أفالطون يف مجهوريت إذ نقل من‬
‫أنتاذه نقراط أن الذين يقومون حبكم اجلمهور جيب أن يكونوا أملم الناس وأذكاهم‬
‫وأتقاهم وأهزهدهم يف حطام هذه الدنيا وأقرهبم من هللا هزلفى‪ ،‬وقال‪ :‬إن ملمهم هو‬
‫الذي جيعلهم أمفاء مما يف أيدي الناس فهم وإن كان هلم السلطان ملى الناس‬
‫ممنومون هورمهم وأدهبم من جماوهزة الكفاف من املأكل واللباس‪ .‬وهذه هعينها نرية أيب‬
‫هكر وممر ومثمان وملي‪.‬‬
‫إن الناس هعد املو جتتمع أرواح األخيار منهم يف مامل واحد وأرواح األشرار يف‬
‫مامل آخر‪ .‬وكما أن الشموس تزداد إشراقاً ابهزدايد حجمها‪ ،‬هكذا األرواح الفاضلة‬
‫تلتئم التئام ذرا الشمس وتتحد وتزداد نعادة ابهزدايد الواصلني إليها من ماملنا‪.‬‬
‫وهكذا يزداد اجملرمون مذاابً هوصول الفجار إليهم‪ ،‬إذ يشعرون آبالم تزداد ابهزدايد من‬
‫يصلون إليهم من األشقياء كما يزداد الفجار مذاابً يف الدنيا هتكاثرهم واهزدايد فتنهم‬
‫وشرورهم‪ .‬ال نعادة هلذا اإلنسان وال راحة إالابلعطف العام‪ ،‬فال مدنية هراقية ما دام‬
‫أهل األرض ال يتحدون ملى منافعها العامة كما أوضحناه يف كتاب (أين اإلنسان؟)‪.‬‬
‫وال نعادة يف اآلخرة إال لنفوس صار ابطنها مجاالً وكماالً وحباً للعلم ولإلنسانية‬
‫وخريها وهللا هو الويل احلميد‪.‬‬
‫فلما مسع ذلك صاحيب قال يل‪ :‬يتبني من كل ما ذكرت هنا أن أهل كل دين يف‬
‫األرض طغوا وهغوا‪ .‬فهذه أمم النصرانية قد طغت يف املال‪ ،‬وقد قال هلا املسيح ما‬
‫نص (ال تكنزوا لكم كنوهزاً ملى األرض) وذلك يف إجنيل مىت (‪ .)1‬وملا أرنل رنل‬
‫أمرهم أال حيملوا مصا وال حذاء وأال أيخذوا ماالً ألهنم جماانً أخذوا فليعطوا جماانً‪.‬‬
‫وهكذا جاء يف القرآن {قل ما أنألكم ملي من أجر} ومع ذلك نرى األمم‬
‫اإلنالمية تسارع يف خطاها إىل اقتفاء آاثر املسيحيني‪ ،‬ال نيما هعض الشيوخ من‬
‫رجال الصوفية الذين أشبهوا القسيسني يف أخذ أموال الناس ابلباطل‪.‬‬
‫فأجبت قائالً‪ :‬نعم لقد صدقت‪ .‬إن أهل كل دين يف األرض طغوا وهغوا‪.‬‬
‫ونأحدثك من نبب ذلك‪.‬‬
‫أملم أن كل دين يف األرض ينزل ملى أهل صافياً نقياً ال تشوه شائبة‪.‬‬
‫هللا أكرب هللا أكرب‪ ،‬ظهر السر وانتنار السبل يف هذا التفسري‪ ،‬ونيكون يف‬
‫الشرق رجال ميتاهزون هعقوهلم وحبكمهم وهتعاليمهم‪ .‬أنظر أنظر جتد أن كل دين ينزل‬
‫إىل األرض يضيء كما تضيء الشمس والكواكب‪ ،‬وحيىي كما حيىي املاء‪.‬‬
‫أ نظر يف دين الصينيني القدماء جتده يف صدق وحسن ومجال وجالل يشب اإلجنيل‬
‫ويشب القرآن يف حسن مجال وصدق ‪.‬‬
‫لقد كان أقدم نيب مند الصينيني يسمى (يو الكبري) ظهر قبل املسيح أبلفي ننة‪،‬‬
‫مث جاء هعده هقرون الفيلسوف (ليوتسو) وهذا قبل امليالد مبدة ‪ 178‬ننة‪ ،‬وهو‬
‫القائل (أنعف الناس يف حاجاهتم أنقذ من كان موجوداً يف خطر) هذا الفيلسوف‬
‫مدوه إهلاً متجسداً كما امتقد النصارى يف املسيح‪ .‬وكان (ليوتسو) معاصراً‬
‫(لفيثاغورس)‪.‬‬
‫وننة ‪ 118‬قبل التاريخ املسيحي ظهر (كونفيسوس) وهو أمظم فالنفة الصني‪،‬‬
‫وماش (‪ )99‬ننة‪ ،‬وختلى من الرذيلة وحتلى ابلفضيلة مثل (هوذا)‪ .‬وكان يقول‬
‫لتالميذه (إن احملبة النقية اليت أوصيكم هبا هي انعطاف اثهت يف النفس وميل يوافق‬
‫ملي الصواب جيردان من األغراض الذاتية ويضمنا إىل الناس أبنرهم فنخاهلم جسماً‬
‫واحداَ معنا فنفرح لفرحهم وحنزن حلزهنم‪ ،‬وال مانع مينع من ملكت هذه احملبة أن يسعى‬
‫يف ترقي الذايت وطلب املعايل‪ ،‬إمنا تكون غايت يف ذلك هذل النصح واملسامدة‬
‫إلهناض من دار ملي رحى الزمان وكان ضعف ومخول حائالً دون هنضت ‪ ،‬وإن من‬
‫اطلع ملى حقائق األشياء ال يتحمل أنيبقى غريه متسكعني يف ظالم اجلهل واحلرية‬
‫منسكرين ملصامب احلياة ومهومها‪ ،‬هل ينجدهم ويعضدهم وميهد هلم نبيل اخلروج من‬
‫ظما اجلهل ويدخلهم مقدس العلوم‪ ،‬ومىت ملكت هذه احملبة القلوب مجيعاً يصبح‬
‫العامل أبنره أنرة واحدة والناس أمجعون كإنسان واحد‪ .‬وهبذا الراهط العظيم السائد‬
‫هني العظماء والضعفاء تصبح اإلنسانية كلها جسماً واحداً)‪.‬‬
‫هذا هو كالم نيب الصينيني قبل املسيح‪ ،‬وقبل نيدان دمحم ‪ .‬ولذلك جتد األمة‬
‫الصينية هلا مجعيا من كل طبقة‪ ،‬وهينهم مجيعاً تلك الرواهط اليت أشار هلا دينهم‪.‬‬
‫فهذا القول وما يشاهب من االجنيل والقرآن دلنا أن الدايان تنزل من السماء‬
‫متشاهبة‪.‬‬
‫ولكن هناك نراً خمبوءاً يراه الناس هعيوهنم ولكنهم ال يفهمون ذلك السر هو‬
‫السبب يف طغيان النصارى وجهل املسلمني‪ .‬وهيان أن هللا أنزل النور وأنزل املاء يف‬
‫األرض قبل األنبياء وقبل خلق اإلنسان‪ .‬فهذا النور خيتلط ابلنبا فيكون مسامداً‬
‫للتفاح وللتمر وللعنب ملى حالوهتا‪ ،‬ويكون مسامداً للحنظل ملى مرارت ‪ ،‬ومسامداً‬
‫للسنا املكي ملى شفائ لبعض األمراض‪ ،‬ومسامداً للمواد السامة الناهتة يف األرض‬
‫ملى حصد األرواح‪ .‬الضوء ينزل من السماء هبجة ومجاالً ولكن املخلوقا األرضية‬
‫حينما تلتقط وتشتمل ملي وتضم ألنفسها حتول إىل طبامها وأحواهلا‪ .‬هكذا املاء‬
‫ينزل من ا لسماء فماذا يكون‪ .‬نراه يسلك يناهيع يف األرض فيكون ملى حسب‬
‫األصقاع اليت مير ه هناك‪ ،‬فيكون ماء كربيتياً وماء جريايً وماء ملحياً‪ .‬وهكذا من‬
‫أنواع املياه اليت ال تصلح للشرب وإمنا تصلح لألدوية وحنوها‪.‬‬
‫(هناء ملي ) نقول‪ :‬إن األمور اللطيفة إذا اجتمعت ابلكثيفة حولت إىل طبامها‪.‬‬
‫هكذا الدايان ملا نزلت من السماء نزلت صافية ولكن مقول أهل األرض حولت‬
‫تلك إىل طبائعها وقلبتها إىل أهوائها‪ .‬فهاك الداينة املسيحية اليت أخص خواصها‬
‫احملبة العامة كيف صار رجال دينها كما تقدم‪ ،‬هم أنرع الناس إىل قتل آالف اآلالف‬
‫ألي ذنب صغري أو كبري‪ .‬وهذا دين اإلنالم أنظر كيف نبغ أوائل رجال يف الزهد‬
‫والورع كما قرأت ههنا قريباً من أيب هكر وممر‪ .‬مث جاء هعد الصدر األول قوم ال‬
‫يريدون إال الدرهم والدينار والفخر والرائنة وأخذ أموال الناس ابلباطل‪ .‬اللهم إن‬
‫أكثر أهل األرض يتبعون أهواءهم كما قال تعاىل {وإن تطع أكثر من يف األرض‬
‫يضلوك من نبيل هللا}‪.‬‬
‫اللهم إنك أنزلت آية األحبار والرهبان وأكلهم أموال الناس ابلباطل يف نورة التوهة‬
‫الناهزلة أايم ظهور اإلنالم وغلبت وارتقائ ‪ ،‬لتمهد السبيل للقائمني ابألمر أال جيعلوا‬
‫الرائنة نبيالً للمال هل يكونون لألمم آابء‪ .‬ولكن أمم اإلنالم املتأخرة انمت نوماً‬
‫مميقاً‪ .‬اللهم إين ألفت هذا التفسري وإين آمل أن يكون نببا يف ظهور جيل جديد‬
‫يصلح لتلقي تعاليم القرآن اليت قام هبا أقطاب الصدر األول من الصحاهة رضوان هللا‬
‫مليهم‪ ،‬وال يكونوا كرجال النصارى املذكورين يف هذا املقام‪ ،‬وأن يقطعوا داهر الرجال‬
‫الذين أيخذون املال من املسلمني مثل ما أيخذه رجال الدين املسيحي‪ .‬وإين آمل أن‬
‫يكون هذا التفسري ممهداً ملزرمة إنالمية صاحلة تصلح لتعاليم هذا الدين وهللا هو‬
‫الويل احلميد‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫فيما جاء من ملماء األرواح يف كتاب اجلواهر أيضاً يف نورة اإلنراء حتت منوان‬
‫هزايدة إيضاح من ملماء األرواح يف قول تعاىل {إقرأ كتاهك كفي هنفسك اليوم مليك‬
‫حسيباً}‪.‬‬
‫لقد تقدم يف نورة التوهة مند قول تعاىل {اختذوا أحبارهم ورهباهنم} اخل‪ .‬إين‬
‫نقلت هناك ترمجة حياة (ممانوئيل نودنربج) وأن كلم األرواح وذكران ذلك مستأنسني‬
‫لآلية مبا حدثت ه األرواح مما يوافق شريعتنا الغراء‪ .‬ولقد جاء في ما يوافق هذه اآلية‬
‫حتت منوان (إن الذاكرة والفكر والعاطفة وكل حانة كانت لإلنسان يف العامل تبقى‬
‫مع هعد املو وأن ال يرتك شيئاً من ورائ إال اجلسد األرضي)‪.‬‬
‫كل ما ملخص يف صفحة (‪ )294‬يف النسخة املرتمجة وما هعدها أن اإلنسان ال‬
‫حيس أن ما هعد املو ألن يرى ل جسداً كاجلسد األرضي مع أن أصبح روحاً‪،‬‬
‫فهو يسمع ويبصر ويذوق ويلمس وحيب ويكره فالروح ملى صورة اجلسم ول نائر‬
‫خواص وهو يقرأ ويكتب كما كان قبالً والفرق هني احلالني أن مجيع احلواس هعد املو‬
‫أقوى وأشد وأمظم ومثلها هنور الظهرية ابلنسبة لظل املساء‪ .‬مث ذكر‪.‬‬
‫أولًَ‪ :‬أن هناك قوماً أنكروا جرائم فكشفت هلم مجيع أمماهلم وأميد إظهارها من‬
‫نفس ذاكرهتم هرتتيب األشهر والسنني من أول ننة إىل آخر ننة وكان أكثرها هزان‬
‫ومهارة وخديعة للناس حبيل ردئية ونرقا مرهعة فلما حصل ذلك امرتفوا‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬ومنهم من أحصيت الرشوة اليت أخذوها هسبب القضاء وذلك ليس ل‬
‫وانطة وال كناب إال ذاكرهتم ومن نفس هذه الذاكرة أحصيت مجيع األشياء اليت‬
‫أخذوها من أول مهد الوظيفة إىل النهاية‪ ،‬وأضيف إلىب ذلك أدق ما يف هذه األمور‬
‫وقيم تلك اهلدااي وما قصدوه يف نفونهم‪ .‬ذلك كل أميد هنفس الذاكرة مث ظهر هلم‬
‫مياانً وقد هلغ مدة مئا ‪ .‬قال ومن غريب األمور أن مفكراهتم اليت فصفحة وهعضهم‬
‫قادوا العذارى إىل العار واغتصبوا العفة فقد دموا إىل القضاء والنساء مرضت كأهنا‬
‫حاضرة وحضر نفس الزمن ونفس الكلما واملقاصد كأن خيال ظهر فجأة وهذه‬
‫املن اظر اليت تشب السينما (الصور املتحركة) اليت تسمى اخليالة قد تدوم ناما‬
‫متوالية‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬قد كان رجل يرى أن النميمة ليست شيئا مذكوراً فأحصيت منائم أمام‬
‫هرتتيب ونفس الكلما اليت قاهلا ذما وهكذا األشخاص الذين وجهها إليهم‪ .‬والذين‬
‫قيل القول أمامهم‪ .‬مجيع ذلك أخ رج وظهر مع أن قد أخفى هكل دقة مندما كان‬
‫حياً‪.‬‬
‫اهعاً‪ :‬أن رجالً معروفاً كان قد حرم أقاره من األرث هوانطة دموى مزورة فظهر‬
‫ذنب وحكم ملي ‪ .‬والعجب أن الكتب واألوراق اليت جر مبادلتها هينهما تليت ملى‬
‫مسمع مين ومل تفقد كلمة واحدة وهذا الرجل قبل موت كاد يقتل قريب ابلسم فظهر‬
‫هكيفية واضحة وصورهتا أن حفر نقرة حتت قدمي ومنها خرج رجل كأن خارج من‬
‫قرب وانداه ماذا فعلت يب فكشف كل شيء وذلك أن القاتل تكلم مع هبيئة صداقة‬
‫وحمبة وقدم ل الكأس وحضر الفكر الذي تفكره قبل ذلك مث ماذا جرى هعد ذلك‪.‬‬
‫وملا ظهر هذه األشياء حكم ملي ابلسقوط يف جهنم‪ .‬مث قال وابجلملة فإن مجيع‬
‫شرورهم وجرائمهم ونرقاهتم ومتويهاهتم وخدامهم تعلن ألرواحهم الشريرة وخترج هنفس‬
‫ذاكرهتم وحيكم مليهم وال نبيل إىل اإلنكار‪ .‬مث قال مىت كشفت أممال اإلنسان ل‬
‫جاء مالئكة مفتشون فنظروا وجه وفتشوا مجيع جسم مبتدئني من أصاهع اليدين‬
‫إىل آخر اجلسم‪ .‬قال وقد مجبت من أن األشياء اليت فعلها اإلنسان مل تكن مرنومة‬
‫يف الدماغ وحده‪ .‬كال هل هي مرنومة ملى مجيع اجلسد‪ .‬ومعىن هذا أن أوائلها يف‬
‫أول اجلسم وابقيها مرنوم ملى اجلسم كل مرتبطاً منظماً‪ .‬فكل ما فكر في اإلنسان‬
‫أو ممل مرنوم ملى اإلنسان كل ويظهر كأن كتاب يقرأ وذلك مند ظهوره من‬
‫الذاكرة‪ .‬وقال وفد رأيت كتاابً وفي كتااب كما ترى يف الدنيا وأخرب أهنا كانت من‬
‫ذاكرة أولئك الذين كتبوا وأن مل تبق كلمة انقصة مما كتب ذلك املرء يف احلياة الدنيا‬
‫ومن ذاكرة املرء تؤخذ كل صغرية وكبرية وذلك كل من ذاكرت الروحانية الداخلية ال‬
‫ذاكرت اخلارجية الطبيعية واملرنوم يف الذاكرة الروحانية الداخلية ال ميحى وال يزول‬
‫وهي يرنم فيها كل فعل وفكر وقول وكل ما رآه املرء أو مسع أو أحس ه ‪ .‬هذا ما‬
‫نقلت من ذلك الكتاب ملخصاً من صفحة ‪ 294‬إىل صفحة ‪.291‬‬
‫أليس هذا هو نفس قول تعاىل‪{ :‬إقرأ كتاهك كفى هنفسك اليوم مليك حسيباً}‪.‬‬
‫وقول ‪{ :‬فكشفنا منك غطاءك فبصرك اليوم حديد}‪ .‬وقول ‪{ :‬ذوقوا ما كنتم‬
‫تكسبون}‪ .‬وقول ‪{ :‬يوم تشهد مليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم مبا كانوا يعملون}‬
‫وقول ‪{ :‬وشهدوا ملى أنفسهم أهنم كانوا كافرين}‪ .‬وقول ‪{ :‬وما جتزون إال ما كنتم‬
‫تعملون}‪ .‬وقول ‪{ :‬وقالوا جللودهم مل شهدمت ملينا قالوا أنطقنا هللا الذي أنطق كل‬
‫شيء ‪ }...‬اخل‪ .‬وقول ‪{ :‬ويقولون اي ويلتنا ما هلذا الكتاب ال يغادر صغرية وال كبرية‬
‫إال أحصاها ووجدوا ما مملوات حاضراً وال يظلم رهك أحداً}‪ .‬وقول ‪{ :‬وكل شيء‬
‫أحصيناه كتاابً}‪ .‬وقول ‪{ :‬وأحصى كل شيء مدداً}‪ .‬وقول ‪{ :‬وكل شيء أحصيناه‬
‫يف إمام مبني}‪ .‬وقول ‪{ :‬وما كنتم تسترتون أن يشهد مليكم مسعكم وال أهصاكم وال‬
‫جلودكم ولكن ظننتم أن هللا ال يعلم كثرياً مما تعلمون}‪.‬‬
‫فهذه اآلاي كلها موضحة أشد وضوح يف هذه احملاداث اليت ظهر يف ملم‬
‫األرواح احلديث نعم أن ملم األرواح حدث يف القرن التانع مشر وهذا املؤلف ظهر‬
‫قبل ذلك ولكن موافق لعلم األرواح وهذا كل ما في أن موافق للقرآن فإن صح كان‬
‫معجزة صرحية ألن جاء مبا نطق ه القرآن‪ .‬واحلق أن هذا هزمان ظهور احلقائق‬
‫ومصداق قول تعاىل‪{ :‬مث إن ملينا هيان }‪ .‬وقول ‪{ :‬وقل احلمد هلل نرييكم آايت‬
‫فتعرفوهنا}‪ .‬وقول ‪{ :‬ننريهم آايتنا يف اآلفاق ويف أنفسهم حىت يتبني هلم أن احلق‬
‫‪ }...‬اخل‪ .‬واحلمد هلل رب العاملني انتهى‪.‬‬
‫(جوهرة يف قول تعاىل أيضاً‪{ :‬إقرأ كتاهك كفى هنفسك اليوم مليك حسيباً}‪ .‬مع‬
‫قول تعاىل‪ :‬فيما أييت يف هذه السورة {قل الروح من أمر ريب} ‪ ...‬اخل‪ .‬وقول تعاىل‬
‫فيها أيضاً‪{ :‬إن الشيطان ينزغ هينهم} ‪ ...‬اخل‪ .‬وقول تعاىل يف نورة مرمي‪{ :‬أمل تر أان‬
‫أرنلنا الشياطني ملى الكافرين}‪ .‬وقول تعاىل يف هذه السورة‪{ :‬إن يشأ يرمحكم أو‬
‫إن يشأ يعذهكم} ‪ ...‬اخل‪.‬‬
‫أملم أيها الذكي أن النفس اإلنسانية ال يسعها أن تصدق هعوامل حتيط هنا من كل‬
‫جانب وتلهمنا خرياً أو حتدث يف قلوهنا شراً‪ .‬ولقد قدمت يف مواضع من هذا التفسري‬
‫نصوصاً من كبار العلماء شرقاً وغرابً والذي ذكرت من ذلك كاف موجب للطمأنينة‪.‬‬
‫ولكين اآلن أريد أن أضم إىل ما تقدم ما مثر ملي هعد ذلك فأوالً أذكر لك كالم‬
‫اإلمام الغزايل يف األحياء مث أتبع هكالم هعض ملماء األرواح لتعجب من هذه الدنيا‬
‫ومن ملومها وأن اإلنسان قدمي وحديث يبحث من احلقائق‪ .‬فها أان ذا قد ذكر‬
‫فيما مضى يف غري ما موضع وأقر هبا ما يف آخر نورة النحل أن ماملنا الذي نعيش‬
‫في قد جعل هللا في اخلري والشر مقرونني يف قرن‪ .‬فنرى السباع يف مقاهلة األنعام‬
‫واحليا والعقارب فيها مسها يقاهل ترايق أجسامها كما تراه هناك مربهنتا ملي‬
‫هتجارب األطباء‪ .‬وهكذا احليواان الذرية اليت ال ترى إال ابملنظار املعظم ظهر كما‬
‫تقدم هناك أن جرمها ترايق لسمها كاحليا نواء هسواء‪ .‬هذا كل تقدم مث ختطى‬
‫الناس ذلك إىل مامل األرواح ألن ما الذي هعد هذه احليواان اليت ال ترى ابلعني إال‬
‫العوامل اليت ال ترى أصالً‪ .‬فانظر إىل كالم اإلمام الغزايل رمح هللا فهو يقول يف اجمللد‬
‫الثالث من األحياء حتت منوان (هيان تسلط الشيطان ملى القلب ابلونواس ومعىن‬
‫الونونة ونبب غلبتها) لقد أفاض يف هذا املقام يف هيان أنباب قبول العبد‬
‫الونونة اترة واألهلام أخرى إىل أن أوضح أن هذه اخلواطر املنقسمة إىل (قسمني)‬
‫خواطر اخلري وخواطر الشر حادثة واحلادث الهد ل من حمدث وحمدث اخلري غري‬
‫حمدث الشر فالدامي إىل اخلري نسمي ملكاً والدامي إىل الشر نسمي شيطاانً واللطف‬
‫الذي يتهيأ ه القلب لقبول األول يسمى (توفيقاً) والذي يتهيأ لقبول الثاين يسمى‬
‫(إغواء) وامللك مبارة من خلق خلق هللا شأن إفاضة اخلري ونخره لذلك والشيطان‬
‫خلق ضد ذلك وإلي اإلشارة هقول تعاىل‪{ :‬ومن كل شيء خلقنا هزوجني}‪.‬‬
‫وروى من أن قال‪" :‬يف القلب ملتالن ملة من امللك إيعاذ ابخلري وتصديق ابحلق‬
‫فمن وجد ذلك فليعلم أن من هللا نبحان وتعاىل ليحمد هللا وملة من العدو إيعاذ‬
‫ابلشر وتكذيب ابحلق وهنى من اخلري‪ ،‬فمن وجد ذلك فليستعذ ابهلل من الشيطان‬
‫الرجيم مث تال قول تعاىل‪{ :‬الشيطان يعدكم الفقر وأيمركم ابلفحشاء}‪.‬‬
‫مث انظر إىل ما يقول ملماء األرواح يف األمصر احلديثة جاء يف كتاب (السماء‬
‫وجهنم) الذي نقلت من يف نورة التوهة قال يف مدد ‪ 199‬ما ملخص ‪:‬‬
‫إن شر أهل جهنم مجيعاً أولئك الذين كانوا يف حياهتم حيبون الشر وال حيبون إال‬
‫ذواهتم وحدها وال يسلكون إال مسالك اخلداع وطرق الغش وهذا اخلداع الذي‬
‫تسبعت ه أفكارهم يفيض منهم ملى غريهم فيونونون إليهم ويكون ذلك مدوى‪.‬‬
‫أقول كالعدوى احلاصلة ابحليواان الذرية‪ .‬قال وهؤالء يسمون جناً وهؤالء يكون‬
‫نعيمهم ونعادهتم ونرورهم أبن يدنوا السم يف الدنم وخيدموا غريهم ابلونونة‬
‫فينفثون السم يف نفوس غريهم كما تنفث األفامي مسومها يف األجسام فاحليا هتفريق‬
‫مسها تفرح وهؤالء هتفريق ونونتهم وغشهم يفرحون وميرحون‪ .‬قال والذين ليس‬
‫مندهم هذا املكر وهذا اخلداع املستمد من حب الذا يكونون يف مذاب أقل‪ .‬مث‬
‫قال أهنم يشمون العواطف كما تشم الكالب البهائم الربية يف جرش‪ .‬مث أن العواطف‬
‫الصاحلة مىت أدركوها تتحول حاالً إىل مواطف شريرة وتقودهم هكيفية مجيبة ومذر‬
‫خفي ويتحيلون حبيل أن يدخلوا املقاصد الرديئة أبوهام تؤثر يف اإلنسان وهو ال يشعر‬
‫فهؤالء يفعلون هعد املو نفس ما كانوا يفعلون يف احلياة الدنيا ويرون يف هذا نعيمهم‬
‫ونعادهتم ومزهم‪ .‬قال وهللا يبعد هؤالء ممن هو صاحل قال وهذه األرواح الشريرة‬
‫هتيج يف اإلنسان الشرور والرذائل املوروثة اليت تبقى خمبأة فهؤالء يستخرجوهنا‬
‫ويظهروهنا فتكون صررا وهيالً ملى اإلنسان‪.‬‬
‫وقال يف مدد (‪ )171‬ما ملخص أن نكان اجلنة طوائف طوائف وهكذا نكان‬
‫جهنم وكل مقاب لطائفة من طوائف أهل النار يقاهل نعيم لطائفة تواهزيها يف اجلنة‪.‬‬
‫ويقول أن هذين القسمني الهد منهما يف الوجود كل ‪ .‬ففي مامل الطبيعة نرى احلر‬
‫والربد والظلمة والنور والرطوهة واليبونة‪ .‬ويقول أن اإلنسان ال حرية ل إال أبن يكون‬
‫ل ونونة وإهلام فيكون منده الداميان دامي اخلري ودامي الشر وهذان الداميان‬
‫يتجاذابن فهو هينهما خيتار ما يوافق وجياهد يف دفع اآلخر حىت خيتص أبحد األمرين‬
‫ا هـ‪.‬‬
‫أفال تعجب أن ترى العقول البشرية يف الشرق والغرب التقت يف نقطة واحدة‬
‫فنرى اإلمام الغزايل أييت ابحلديث ويذكر الونونة واإلهلام ويقول مها مسخران من‬
‫هللا‪ ،‬ونرى هذا العامل االفرجني الروحي يقول مثل ما يقول هعبارة أخرى ويرجع إىل أن‬
‫كل شيء هزوجان‪ .‬انظر كيف اتفق القوالن مع ما هينهما من هعد الشقة والدين‬
‫والزمان وهذا من العجب العجاب‪.‬‬
‫اللهم غن العلم هو السعادة يف هذه احلياة‪ .‬انظر كيف يقول يف كتاب (السماء‬
‫وجهنم) أن هذه األرواح الشريرة حتس هلذة فيا مجبا‪ .‬إذن هي مستلذة ابلونونة‬
‫كما يستلذ الناس يف الدنيا ابلتغلب ملى أمدائهم وهذل من حيسدوهنم وهالكهم‪.‬‬
‫مواهزنة هني ما جاء يف كتاب (السماء وجهنم) املذكور وهني ما جاء يف كتاب‬
‫اإلهريز الذي ألف احلافظ أمحد هن املبارك من أنتاذه مبد العزيز الدابغ الذي ماش‬
‫يف القرن الثانس مشر اهلجري أى قبل أايمنا هذه هنحو قرنني إثنني والكتاابن يف هزمان‬
‫واحد وهذا شرقي وهذا غريب وكالمها يرجعان لعلم األرواح‪.‬‬
‫إن األنتاذ احلافظ أمحد هن املبارك املذكور قد ظهر من كالم الذي قرأت أن كان‬
‫حبراً يف العلوم اإلنالمية واحلكمية والصوفية وهو ذكي قدير‪ ،‬ولكن ملا قاهل الشيخ‬
‫مبد العزيز الدابغ رآه رجالً أمياً‪ ،‬وهذا األمي أدهش فإن ال حيفظ القرآن وال‬
‫احلديث وال يعرف من هذا شيئاً ولكن رآه يعلم فوق ما يعلم مجيع الفالنفة وملماء‬
‫الدين يف أمة اإلنالم‪ .‬ونأذكر يف مواضع أخرى من هذا الكتاب هعض احملاورا‬
‫اليت جر هينهما مبنانبا آاي من القرآن وأذكر هنا ما ينانب ما حنن في ‪ .‬ذلك‬
‫أن قال يف صفحة ‪ 411‬ما أييت‪:‬‬
‫إن الرجل الذي إذا أمكننت املعصية أقبل مليها وانتحالها غاية االنتحالء‬
‫وتشوق إليها ابلكلية يستحيلها يوم القيامة فينقطع إىل العذاب جبميع شراشره‬
‫ويتشوق إلي ابلكلية ويقع في املرة هعد املرة ويستحيل انتحالء اجملروب للحك وملى‬
‫قدر ما حك يكون وابل ‪ ،‬انتهى‪.‬‬
‫أقول وهذا هو نفس ما نشاهده يف الدنيا فإن اإلنسان ملى مقدار حب لزايدة‬
‫املال أو املناصب يزداد نصباً وتعباً فهو كاألجرب‪ .‬أفلست ترى أن هذا املعىن هو‬
‫الذي جاء يف كتاب (السماء وجهنم) فيما قدمت هنا أن األرواح الشريرية تفرح وتتنعم‬
‫خبداع غريها‪.‬‬
‫إذن حنن اآلن يف حياتنا الدنيا ملى هذين الرأيني تتجاذهنا أرواح وحتيط هنا نفوس‬
‫منها من يريد هنا اخلري‪ .‬ومنها من يريد هنا الشر وكل يفرح هظهور آاثره فينا واألرواح‬
‫الشريرة تزيد مذاابً هتنعمها إبضاللنا والعكس ابلعكس‪ .‬إذن صار مذاب هذه األرواح‬
‫اجلهنمية يف الربهزخ مبا ه تستلذ احليا والعقارب والناموس إبدخال السم واألمراض‬
‫يف أجسامنا فتهرب منا ونطاردها يف أماكنها‪.‬‬
‫نظرة أخرى يف هذين الكتابني وذكرمها عذاب جهنم‬
‫جاء يف كتاب (السماء وجهنم) يف هذا املقام ما أييت‪:‬‬
‫إن الكوى واألهواب تكون حتت السهول واألودية هبيئا متنومة وحتت اجلبال‬
‫والتالل والصخور وتكون أشب ابملغائر والكهوف أو كالغياض وحبريا املاء وهي‬
‫مغطاة ال تفتح إال مندما تطرح فيها أرواح شريرة من مامل األرواح هعد امتحاهنا وإذ‬
‫ذاك خيرج خبار مع انر ودخان كالسخام الذي خيرج من املشامل ومعها هلب وهعضها‬
‫نراديب مملوءة ظلمة‪ .‬ويف هعض طبقا جهنم أكواخ نيئة البناء كأهنا مدينة كافحة‬
‫ابألهزقة والشوارع وفيها تسكن األرواح اجلهنمية وهم يف قتال مستمر وقد تقدم هعض‬
‫هذا ا هـ‪.‬‬
‫وانظر ما يقول الشيخ مبد العزيز الدابغ فيما نقل احلافظ أمحد اهن املبارك يف‬
‫صفحة ‪ 412‬يف كتاب اإلهريز‪.‬‬
‫قال احلافظ أمحد هن املبارك‪ .‬أذكؤهنا هعض ما يشاهده املفتوح ملي ‪ .‬قال أن‬
‫يكاشف أبمور منها أفعال العباد يف خلواهتم ومنها مشاهدة األرضني والسموا ‪.‬‬
‫ومنها مشاهدة انر الربهزخ ممتد هني السموا السبع واألرضني السبع وتكون فيها‬
‫األرواح هعد خروجها من األشباح ملى درجاهتا وأرواح أهل الشقاوة يف هذه النار‬
‫وهي ملى هيئة مناهزل ضيقة كاآلابر والكهوف واألمشاش وأهلها يف نزول وصعود‬
‫دائماً ال يكلمك الواحد منهم كلمة حىت هتوى ه هاويت ‪ .‬قال وليست هذه الناس‬
‫هي جهنم ألن جهنم خارجة من كرة السموا السبع واألرضني السبع وكذلك اجلنة‬
‫اخل‪ .‬ا هـ‪.‬‬
‫فتعجب من اتفاق الكتاهني ملى رأي واحد وأن جهنم تكون هعد املو فعالً‬
‫ولكنها جهنم الربهزخ‪ ،‬والذي مرفنا أهنا جهنم الربهزخ هو الشيخ مبد العزيز الدابغ‪ .‬أما‬
‫صاحب كتاب (السماء وجهنم) الذي تقدم فإن يظن أهنا جهنم األصلية‪ .‬إذن‬
‫الشيخ مبد العزيز الدابغ أملم من صاحب كتاب (السماء وجهنم)‪.‬‬
‫يظهر من هذا كل أن هؤالء يرون أن اجملمومة الشمسية اليت تسكنها هي اليت‬
‫فيها الربهزخ‪ ،‬وأن هذا الربهزخ هو هذا اجلو الوانع الذين هني الكواكب السيارة الدائرة‬
‫حول الشمس وأن أرواح األحياء إذا خرجوا من األجساد نارموا إىل األماكن املعدة‬
‫هلم يف ذلك اجلو‪ .‬وال جرم أن هذا أمر روحي ألننا يف مامل األجسام ال نعرف شيئاً ل‬
‫وجود يف هذا اخلالء ‪ .‬ومىت قامت السامة وطاحت هذه اجملمومة الشمسية هي‬
‫وغريها جعل أصحاب النار وأصحاب اجلنة يف أماكنهم اليت نيصلون إليها يف اجلنة‬
‫والنار اللذين مها يف موامل أخرى ال ندريها‪ .‬ونرتى إن شاء هللا يف نورة النور مند‬
‫قول تعاىل‪{ :‬هللا نور السموا واألرض} مبحثاً يف نقطة املاء وأن هذه النقطة ومجيع‬
‫املادة اليت نعيش فيها وليس فيها من املادة إال جزء قليل جداً وما هي إال خالء نسبة‬
‫اململوء من ابملادة إىل اخلايل منها كنسبة واحد إىل مائة ألف ألف ألف ألف جزء فإذا‬
‫كانت نقطة املاء تسع (مخسمائة ألف ألف ألف ألف ألف) جوهر فرد وهذه كلها ال‬
‫تشغل من القطرة املذكورة إال جزء يكاد يكون معدوماً‪ .‬فإذن املادة من هذه الوجهة‬
‫تكاد تكون مدماً‪ .‬فلو فرضنا هذه النقطة مدينة تسع (مائة ألف ألف ألف ألف)‬
‫حجرة فال تشغل تلك اجلواهر الفردة املتقدمة إال حجرة واحدة منها‪ .‬وملى ذلك‬
‫يكون هذا العامل الذي نعيش في من أرص ومساوا ومعدن ونبا وحيوان ابملعدوم‬
‫وإمنا املوجود كل هو األثري املاىلء هلذه العوامل كلها وهذا األثري هو الذي توجد في‬
‫األرض والكواكب وفي تكون األرواح وهلا حياة قبل اليوم اآلخر روحية تقدم وصفها‪.‬‬
‫إذا ملمت هذا فإنك نتفهم مانيعرض لك من املرانال هني األرواح وهني الناس‪.‬‬
‫إن ملم األرواح انتشر ومأل األقطار كلها واملسلم ال ميكن أن يعيش يف خلوة فهو‬
‫يقرأ هذه العلوم اليت مأل أورواب والشرق ويقرأ رنائل كثرية ترد من األرواح ابلطرق‬
‫اليت ذكرهتا يف كتاب (األرواح) فيحصل للمسلم من هذه املرانال شكوك وأوهام‬
‫فيقول يف نفس (إذا كانت هذه األرواح فرحة مسرورة فأين مذاب الكافر منها أو‬
‫الفانق) فإذا ملم املسلم ما كتباه هنا أدرك أن شقاء الفانق والكافر منها أشب حبك‬
‫األجرب جلره وأن العذاب يصحب اللذا كما أن احلية والعقرب فرحتان حبياهتما‬
‫هل ال تعرفان حياة نواها فأفهم ذلك‪ .‬وهاك أمثلة ملى ذلك من كتاب (هبجة‬
‫األفراح يف مناجاة األرواح) املؤلف حديثاً املطبوع ننة ‪ 4729‬م جاء في ما أييت‪:‬‬
‫(حملنا هذا الروحي الذى نسكن اآلن حمل شغل وحركة ال حمل كسل وهطالة غري‬
‫أن قليل من املونيقى والرتتيل يكون مستطاابً ومقبوالً ولكن هشرط أ‪ ،‬ال يدوم النهار‬
‫كل )‪.‬‬
‫وأوضح من هذا ما جاء يف رنالة روح والد يسمى يونف ورد يف نيسان‬
‫(أهريل) ننة ‪ 4747‬يف (واشنطن) أبمريكا جاء فيها نصائح الهن ومنها ما أييت‪:‬‬
‫(نيحصد اإلنسان ما هزرم ونينال مكافأة أممال يف هذه احلياة األرضية‪ .‬وأما‬
‫الغفران فليس جمرد التخلص من القصاص هوانطة أمر هللا هل هو مغفرة أو حمو‬
‫األممال املغايرة اليت ليست مرضية وتؤثر هبطء تدرجيياً يف نفس اإلنسان وهكذا‬
‫مندما يصري روحاً من األرواح السماوية جيب أن جيد ويتكل ملى نفس فالروح جيب‬
‫أن تويف كل ما مليها من الدين قبل أ‪ ،‬تنال النفس املغفرة وتوافق النفس إرادة هللا‬
‫ونواميس )‪.‬‬
‫مث قال (وهنا أقول لك دمين أقل لك أن ال يوجد إميان أو نر أو معتقد كنيسة‬
‫من الكنائس يقدر أن مينح هذا الغفران إمنا هو ممل من أممال النفس وينبغي‬
‫لإلنسان أن يسعى ل وجيد وجيتهد‪ .‬كتبت كل هذا حىت أريك اي هين أن النظام قاس‬
‫ال يلني‪ .‬وقد تكلم قليلون وهو الذين يفهمون نظام األممال وأتثريها يف اإلنسان‬
‫فيهملوهنا ويسيئون انتعماهلا خصوصاً خدمة الكنائس ووماظها املنتحلني دائماً‬
‫السلطة الروحية‪ .‬وقد مرفت مما تقدم أن جيب ملى اإلنسان أن يبتعد من هذه‬
‫األشياء اليت ندنس نفس وتفسد أخالق ولكن ايلألنف أكثر الناس هدل أن‬
‫يتحاشوا هذه األشياء يزيدون الطني هلة فيأتون إىل العامل الروحي مثقلني أنفسهم‬
‫أبمحال ثقيلة‪ .‬وهكذا تبقى أمماهلم وأفكارهم غارقة يف جلج األهواء اليت ال ترضي‪،‬‬
‫فهؤالء جيب أن يقضوا يف مامل األرواح أدواراً مديدة لكي تطهر نفونهم من هذه‬
‫األشياء‪ .‬فاإلميان والرجاء الكاذب ال يفيداهنم شيئاً لتطهري نفونهم هل يكوانن حجرا‬
‫مثرة) انتهى املقصود من ‪.‬‬
‫أفال ترى أن هذا القول وما قبل صرحيان يف أن كثرياً من هذه األرواح معذهة وإن‬
‫كانت ختاطب أحباهبا يف ماملنا‪ .‬ها هي ذي الرنالة األوىل يقول فيها أن احلياة كلها‬
‫يومئذ خاشعة ماملة انصبة} ‪ ...‬اخل‪ .‬فهذا نوع من النصب‬ ‫ممل وهللا يقول‪{ :‬وجوه ٍ‬
‫وانظر كيف يقول أن اإلميان والرجاء الكاذب مقبة يف نبيل املغفرة إذن ليفهم‬
‫املسلمون أن هذه األرواح اليت ترانل أقارهبا يف أمريكا ويف أورواب تكون يف مذاب‪.‬‬
‫ومن العذاب الشغل القاني وانظر كيف يقول أن النظام قاس ال يلني‪ .‬مث انظر‬
‫كيف يئس من العقيدة الدينية الزائفة من حمجة الصواب هسبب القسيسني والقائمني‬
‫أبمر الدين‪ .‬وليعلم املسلمون قاطبة أن هذه هي ماقبة الكساىل املسلمني الذين تركوا‬
‫مواهبهم ومقوهلم يف الدنيا واتكلوا ملى شيوخهم ونظراهتم أولئك هم املغرورون‪ .‬انتهى‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬
‫وجاء يف الكتاب املذكور (هبجة األفراح) أيضاً صفحة ‪ 79‬و ‪ 71‬ما أييت‪:‬‬
‫نئلت روح (هؤب أجنرنول اجلاحد) ما هو الشيء الذي أدهشك ابألكثر حينما‬
‫انتقلت إىل مامل األرواح (فأجاب) معرفيت احلق وإين ذو نفس أهزلية خالدة مل أمت ولن‬
‫أمو ‪ .‬مث نئل ما الدين احلق (أجاب) هي أن تبلغ نفوننا أمسى درجة يف القرب من‬
‫خالقها وتكتسب من حمبت الفائقة ومن ألوهيت العظيمة اليت ال تتناهى‪ .‬وقد نئلت‬
‫أيضاً األنئلة اآلتية‪:‬‬
‫س‪ :‬هل تقدر أن تعرفنا ما هو اإلل ؟‬
‫ج‪ :‬إن هللا هو اخلالق واملبدع والكل يف الكل والذي هدون مل يكن شيء مما كان‬
‫ونيكون وهو ملة كل العلل ومصور كل احلوادث الطبيعية‪ .‬هو البداية والنهاية واألول‬
‫واآلخر الذين مل يكن قبل وال هعده شيء من الكائنا ‪.‬‬
‫س‪ :‬هل اإلل موجود منذ األهزلظ‬
‫ج‪ :‬نعم‪ .‬نعم‪ .‬نعم‪ .‬هو أهزيل وكل مادة الكون صادرة من ‪.‬‬
‫وجاء يف الكتاب املذكور أيضاً أن طبيباً يسمى (الدكتور هانسمان) جرى شوطاً‬
‫مظيماً وجد يف حبث ملم األرواح وكتب مشرا من األرواح أمساءها ملى األوراق‬
‫اترة وملى األحجار أخرى هدون أن متسها يد إنسان حبضورة مع مجع غفري من‬
‫العلماء والفالنفة‪ .‬وهذه اإلمضاءا شهد احلاضرون أهنا هي نفسها إمضاءا‬
‫أولئك العلماء يف حال حياهتم ابلدقة‪ .‬ومن مجلة الذين كانوا يظهرون أبشخاصهم‬
‫هسبب وجود الونيطة روح رجل يسمى (جورج خريسيت) فلم يسع الدكتور‬
‫(هانسمان) يف مقاهلة مسامدة روح (خريسيت) املذكور إال أن يشكر شكراً جزيالً‬
‫ملى مسامدت يف إظهار احلقائق مث قال الدكتور (هانسمان) لروح (خريسيت) املذكور‬
‫إين مستعد ملسامدتك‪ .‬فأجاهت الروح مبا أييت‪:‬‬
‫أيها الدكتور‪ .‬أظهر كل لطف ورقة هقولك يل أنك مستعد ألن جتري حنوي كل‬
‫مسامدة وأقدر لك هذا القول اللطيف حق قدره ولكنك ال تقدر أن تصنع يل شيئاً‪.‬‬
‫إن الغلطة اليت ارتكبتها املسيحية هي ترك مالهسنا الكتانية اململوءة دمارة وجنانة‬
‫ليسوع املسيح لكي يغسلها ويقصرها‪ ،‬هينما حنن نقضي معظم حياتنا األرضية يف‬
‫ارتكاب املعاصي واآلاثم‪ .‬احلياة الشريرة اليت تضعف رجاء اآلخرين وتقط آماهلم من‬
‫اخلالص واحملبة اإلهلية‪ .‬هؤالء اخلطاه واألئمة اهنمكوا ابخلالمة فتعلمهم الداينة‬
‫املسيحية أهنم إذا اتهوا يف آخر نامة وآمنوا ابملسيح وندموا ندامة اتمة تغفر هلم كل‬
‫خطاايهم ويغسلون هدم املسيح فيصبحون أهراراً أطهاراً يستحقون أن يدخلوا السماء‪.‬‬
‫فهذا االمتقاد فاند ال نبشر ه هنا وال نعلم ألن النفس ال يلزمها كفارة هل جيب‬
‫مليها أن تقلع لشرامها كما تسري السفينة إىل ميناء األملان حاملا تنطلق من اجلسم‬
‫املادي املسجونة في قاصدة أن متلك لنور الطهارة حيث تستعد لرتفل يف حلل الراحة‬
‫والسالم والسعادة األهدية مع هللا مز وجل الذي هو أصل احملبة واجلمال وملى كل‬
‫إنسان أن يقرع ابب السماء هنفس وحبسب انتحقاق ويرى صك املرور فال يستطيع‬
‫أن خيتلس الدخول إىل السماء خلسة هل جيب ملي أن يشتغل جبد واجتهاد وكل منا‬
‫يسكن املنطقة اليت اليق ه وملى مقتضى تقدم ودرجة اختياره وارتقائ وما حيصل‬
‫من املعارف والعلوم وأنباب الرقى‪.‬‬
‫وهكذا يظل جياهد هنفس لريتقي من كون إىل كون ومن كرة إىل كرة ومن مسكن‬
‫إىل مسكن‪ .‬وختتلف هذه املساكن الكثرية ابجملد والسناء والكرامة والراحة والنور وال‬
‫نقدر أن نصفها هلسان ليفهم العامل األرضي‪ .‬ويف هذه األحوال قد هذلت مقدريت‬
‫ألوضح ما حنن في من السعادة والعدل انتهى‪ .‬ويلي ذلك اإلمضاء‪.‬‬
‫(جورج خريسيت)‬
‫ويقول الدكتور (هانسمان) أن حصل ملى كل ما ذكر هنا يف (‪ )41‬دقيقة‪.‬‬
‫تذكـرة‬
‫نريد ملى خاطرك أيها الذكي أن هذا مسيحي وكيف ينطق هبذا القول‪ .‬أقول لك‬
‫أن قد أظهر يف قول أن املسيحية مغشوشة ضارة ابلنوع اإلنساين‪ .‬أليس هذا هو‬
‫النسخ الذي ورد يف ديننا فرتجع وتقول ل كيف يصف األنوار يف احلياة األخرى وإهنم‬
‫يف ارتقاء‪ .‬أقول لك هل نسيت ما تقدم من الشيخ مبد العزيز الدابغ ومن األنتاذ‬
‫(ممانوئيل) العامل الروحاين‪ .‬فهذا افرجني وهذا مسلم كما قدمت وكالمها يقول أن‬
‫العذاب يف الربهزخ أي هعد املو يكون أشب حبك األجرب جره فهو ليستلذ فيزيده‬
‫احلك مرضاً كما نرى يف الدنيا أن اإلنسان يعطي املال فيطبع يف الزايدة فكلما اهزداد‬
‫ماالً اهزداد غماً‪ .‬وهكذا الصيت والذكر وهكذا امللك‪ .‬فها هو ذا (انهليون) توغل يف‬
‫امللك وكان آخر أمره أن حبس يف جزيرة (ننت هيالنة) فهل حنن نعرف تلك األنوار‬
‫اليت ذكرها فلعلها كاألنوار اليت يراها الفراش فيطري إليها فيحرتق‪ .‬وقويل لك حك‬
‫األجرب هي مبارة الشيخ مبد العزيز الدابغ وقد تقم أيضاً من إن العصاة يشتاقون‬
‫إىل العذاب فاشتياق هؤالء إىل درجاهتم رمبا كان اشتياقاً إىل العذاب‪ .‬وأما‬
‫(ممانوئيل) فعبارت املتقدمة تقرب من هذه‪ .‬فانظر كيف يقولون أهنم يعملون‬
‫وجيدون‪ .‬أليس هذا العمل مذاابً مع أن املعلوم مندان يف ديننا أن أهل اجلنة يف نعيم‬
‫اخل‪ .‬فقال‪ :‬وماذا تقول يف قوهلم أن الرقي ابلعلوم واملعارف‪ .‬أقول لك قد رأيت يف‬
‫كالم (ممانوئيل) املتقدم ويف كتاب الشيخ (مبد العزيز الدابغ) أن األرواح الشريرة‬
‫تكون ملومها هي ملوم السحر والطلسما ‪ ،‬فهذه العلوم تكون مذاابً هلا وهكلها هللا‬
‫إىل أنفسها ويكون ذلك كل مذاابً هلا فلعلك تقول هعد هذا كل أان غري مقتنع فأقول‬
‫أحيلك ملى ما تقدم من أن هذه هي حال الربهزخ وليست هذه هي اجلنة وال ضدها‬
‫والرجل مل يقل ذلك إال ألهنم ملوثون ابملعاصي وهم اآلن جيدون يف العمل ليخلصوا‬
‫منها فتقول يل وكيف خيلصون منها وهم كفار‪ .‬أقول لك أذكرك مبا نقلت يف هذا‬
‫الكتاب يف موضع آخر من اإلمام الغزايل أن مذاب الناس هعد املو ال يكون ملى‬
‫الكفر‪ .‬كال‪ .‬وإمنا يكون العذاب أوالً هرتك املشتهيا مث هعد أمد يعذب ملى الذنوب‬
‫وهكذا‪ .‬فأما العذ اب ملى الكفر فإمنا يكون نيوم القيامة فراجع إما فيما نبق يف‬
‫هذا الكتاب وإما يف شرح العالمة املناوي ملى قصيدة اهن نينا يف النفس اليت أوهلا‪.‬‬
‫هبطـت إليـك مـن الـمحـل األرفـع‬
‫ورقـاء ذا تـعـزر وتـمـنـع‬
‫ولعلك تقوك كالمك ال يروي من غلة وال يشفي من ملة فأان إىل اآلن مل أفهم‪.‬‬
‫فأقول لك إقرأ كتاب (فيصل التفرقة هني اإلنالم والزندقة) للغزايل فتقول أنت قرأت‬
‫فلم أمرف ما تقصد‪ .‬أقول أن اخلواتيم جمهولة فرمبا يكون هعض من نتوهم أهنم يف‬
‫راحة من األرواح قد أنلموا وحنن ال نعلم أو تكون هعض تلك األرواح ال ملم هلا‬
‫ابإلنالم مطلقاً ومل تسمع ه أو مسعت ه مشوهاً ملى غري حقيقت ‪ ،‬فتقول يل أان إىل‬
‫اآلن مل يسرتح ضمريي‪ .‬أقول إذن يكون الكالم هعد هذا كل من ابب الونونة وحنن‬
‫نريد رقي األمم اإلنالمية ابلعلم واحلكمة وإايك أن تظن أن امتناقك اإلنالم وحده‬
‫هال ملم وال ممل يكفيك فالهد من اجلهاد يف احلياة الدنيا‪ .‬وإايك أن تضيع وقتك‬
‫فيما ال جيدي نفعاً‪ .‬ودع الوناوس وإقرأ قول تعاىل‪{ :‬أحسب الناس أن يرتكوا أن‬
‫يقولوا أمنا وهم ال يفتنون * وقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن هللا الذين اجرتحوا‬
‫السيئا أن جنعلهم كالذين آمنوا ومملوا الصاحلا نواء حمياهم ومماهتم ناء ما‬
‫حيكمون}‪.‬‬

‫الفصل الرابع‬
‫فيما شاهدت أان من مجائب ملم األرواح وحنو ذلك‪ ،‬ولقد فاتين أن أذكر فيما‬
‫تقدم مجيبة يف ملم األرواح جر أايم أيب هكر هنع هللا يضر فأحببت أن أذكرها هنا مث أقفي‬
‫مبا أان هصدده فأقول‪ :‬جاء يف كتايب اجلواهر يف تفسري القرآن يف نورة احلجرا ما‬
‫نص ‪:‬‬
‫ملا كان يوم اليمامة يف حرب مسيلمة رأي اثهت من املسلمني هعض إنكسار‬
‫واهنزمت طائفة منهم‪ ،‬فقال أف هلؤالء مث قال اثهت لسامل موىل حذيفة‪ :‬ما كنا نقاتل‬
‫أمداء هللا مع النيب مثل هذا مث ثبتا وقاتال حىت قتال‪ ،‬وانتشهد اثهت وملي درع‬
‫فرآه رجل من الصحاهة هعد موت يف املنام وأن قال ل أملم أن فالانً رجالً من‬
‫املسلمني نزع درمي فذهب ه وهو يف انحية املعسكر مند فرس يسنت يف طيلة وقد‬
‫وضع ملى درمي هرمت ‪ ،‬فأ خالد هن الوليد فأخربه حىت يسرتد درمي وأ أاب هكر‬
‫ملي ديناً حىت يقضي مين وفالن من رقيقي ومتيق‪،‬‬ ‫خليفة رنول هللا وقل ل إن ّ‬
‫فأخرب الرجل خالداً فوجد الدرع والفرس ملى ما وصف فانرتد الدرع‪ ،‬وأخرب خالدا‬
‫أاب هكر هتلك الرؤاي فأجاهز أهو هكر وصيت ‪ .‬قال مالك هن أنس ال أملم وصية أجيز‬
‫هعد مو صاحبها إال هذه‪.‬‬
‫فلنرجع إىل ما كنا هصدده فنقول‪ :‬ملا ألفت هذا الكتاب وطبع الطبعة األوىل خطر‬
‫يل أنين كتبت من مامل مل أتصل ه ‪ ،‬وفكر يف هذا كثرياً وتذكر قول ملماء إخوان‬
‫الصفا‪ :‬إن شقاوة أهل األرض احلقيقية رجامة إىل الشك واالضطراب ومدم انتقرار‬
‫النفس يف نظام هذا العامل وهقاء األنفس‪ ،‬فهذه احلرية هي الشقاء وما جزاء احملسنني‬
‫إال الوقوف ملى احلقائق هعد ذلك الشك املؤمل وما نعادهتم إال يف االنتمتاع جبمال‬
‫النظام والعجائب يف الدنيا‪ ،‬فههنا أمران‪ :‬األول الثقة هبقاء األرواح ونظام الوجود‬
‫ومناية صانع العامل هذلك‪ ،‬والثاين التمتع مبطالعة ذلك اجلمال يف صفحا الوجود‪.‬‬
‫وال جرم أن حيايت كلها ما هي إال نلسلة من الشكوك واالضطراب واحلرية اليت‬
‫أقضت مضجعي وأهلبت قليب للبحث والتفكر يف كل شيء يف نظام الدنيا يف مامل‬
‫الروح يف نظام أمم اإلنالم – يف ذهلم – يف جهلهم وما السبيل لرقيهم وإنعادهم؟‬
‫وما الطرق اليت هبا يسعدون؟ وهل دين اإلنالم صاحل إلنعادهم؟ وما السبيل لتولية‬
‫قيادهت م ورقيهم؟‪ ..‬وهذا كتاب ألفت يف ملم األرواح فهل من نبيل إىل أن أشاهد‬
‫ذلك ولو قليالً ًَ حىت تسصكن هذه النفس للحقائق‪.‬‬
‫فبينما أان مفكر وغارق يف تلك اآلراء إذا أحد العظماء املصريني راكب مرهة وأان‬
‫نائر يف شارع الناصرية يقول يل‪ :‬اي فالن أنت ألفت كتاابً يف ملم األرواح ولكنك مل‬
‫تباشره وتنقل من أورواب واملصريون فيهم هذه القوة‪ ،‬فقلت‪ :‬إن كثرياً من الطبقة‬
‫املتعلمة مندان حيقرون كل ملم دين فأان ال مطمع يل يف ذلك من أهل هالدي‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫لقد أخطأ املرمى‪ .‬أن أحضر وهزوج اهنيت فالن واهنيت نفسها (وهزوج اهنت هذا رمح‬
‫هللا كان شاابً م ن املؤلفني املشهورين األدابء وهو من أنرة مشهورة مريقة يف اجملد)‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬هذا مجيب‪ .‬فحضر ومعي هعض األدابء مثل الكاتب املشهور حسن‬
‫أفندي حسني وغريه وأخذ حيضر األرواح حنو (‪ )18‬ليلة هو اترة وهزوج اهنت اترة‬
‫أخرى‪ ،‬وأان هناء ملى ما يف هذا الكتاب كنت شديد احلذر من أقوال األرواح لعلمي‬
‫أن فيها الصادق والكاذب‪.‬‬
‫ومما أدهشين أمران األمر األول أن يل قريباً يسمى مبد اجلليل كان فالحاً ال يقرأ‬
‫وال يكتب‪ ،‬وكانت ل يف حيايت قصة غريبة ذلك أين حينما كنت جماوراً ابجلامع‬
‫األهزهر كنت أذكر إىل قريتنا كفر موض هللا حجاهزي أايم العطلة وأميش مع أنريت‬
‫وأتعاطى أممال الفالحة حيناً ولكين أقضي أايمي يف العلم واملذاكرة يف احلقول‬
‫واخللوهزا ‪ .‬فبينما أان جالس ذا ليلة إذا هبذا الفىت الفالح جالس أمامي ابحرتام‬
‫ألهنم يرون اجملاور ابألهزهر أشب ابلقديسني الصاحلني‪ ،‬وأخذ يسألين نؤاالً أدهشين‬
‫وقص ملي قصصاً غريبة من مشاهدا هلا هناراً وليالً وهي كاخلرافا ‪ ،‬وأان أصغي ل‬
‫وأان أرى أين ذو احرتام ألين من األهزهر‪ .‬ولكن هذا املتواضع املنزوي اجلاهل مظم يف‬
‫ميين شيئاً فشيئاً مع أن يف نظر أهل قريتنا مخول جداً ال قيمة ل إال العمل يف احلقل‬
‫والسماد ليالً وهناراً حىت أن أنرت ال متكن من الصالة ليالً وال هناراً‪ .‬ومما قال يل‪ :‬أين‬
‫رأيت يف املنام كأن رجاالً صاحلني يقولون يل مل تركت الصالة؟ فإذا مرضت وجب أ‪،‬‬
‫تصلي إما واقفاً أو قامداً أو ملى جنبك أو مبجرد اإلمياء هعينيك أو إبجراء الصلوا‬
‫ملى قلبك‪ .‬مث قال‪ :‬فهل هذا يوافق العلم مندكم يف األهزهر‪ .‬فأدهشين قول ولكن‬
‫انتجمعت فؤادي وقلت يف نفس لعل هذه الرؤاي من اخلواطر اليت حفظتها نفس مما‬
‫مسع من هعض أهل الدين وهو ال يعرف نر ذلك‪.‬‬
‫وأخربين أن يرى رؤى كثرياً ما أتيت صحيحة‪ ،‬فطلبت من أن يرى ما أضمرت يف‬
‫نفسي ومل أخربه وال أخرب أحداً ه ‪ .‬فجاء يف اليوم الثاين وقص ملي قصص ما نويت‬
‫فعجبت من ذلك‪ .‬ومرة فكر ىف الوظيفة الىت أشغلها هعد أن دخلت مدرنة دار‬
‫العلوم‪ ،‬ومل أقل ل ذلك هل نويت يف فكري‪ ،‬فجاء يف اليم الثاين ووصف املدرنة وإذا‬
‫هي هدمنهور ولقد‪ ،‬كان إندهاشي مظيماً حينما نلت شهادة الدرانة هعد الرؤاي‬
‫هثالث ننني وقيل يل أنت مينت يف دمنهور أليس هذا مجيباً؟ فلم يسعين إال أن‬
‫أخرب هذلك كل املرحوم أهراهيم هك مصطفة انظر مدرنة دار العلوم الذي كان يل ه‬
‫صلة‪ ،‬وهو الذي أخربين ابلتعيني هدمنهور‪ ،‬وحضر وصار خيربه كما كان خيربين‪ .‬كل‬
‫هذا يف حال حيات وهو شاب صغري مل يصل نن (‪ .)21‬هذه قصيت مع يف حيات‬
‫وقد ما شاابً‪.‬‬
‫فلما جلست يف منزل ذلك العظيم املصري وأخذ حيضر األرواح كننت أهناه من‬
‫كثرة االنتحضار ألن ذلك يضر هصحت هناء ملى التعاليم املذكورة يف هذا الكتاب‪،‬‬
‫وكنت أ‘تقد – كما أمتقد اآلن – أن هذه الكثرة مضيعة للوقت مضرة ابلصحة‬
‫كتعاطي املخدرا ألننا جئنا يف الدنيا لنعمل أبنفسنا وال نتكل ملى أحد‪ .‬ولكن‬
‫هذا العظيم املصري ما كان لريجع من اإلنراف يف االنتحضار‪.‬‬
‫فخطر يل أن أحضر مبد اجلليل وذلك هطريق الكتاهة ابليد‪ ،‬وهي نهلة كما تقدم‬
‫شرح يف هذا الكتاب‪ ،‬فحضر وأخذ أنأل من كتاب يف يدي امس (راجا يوقا)‬
‫مكتوب ابإلجنليزية مرتمجة من اهلندية وقد درنت قبل ذلك هسنتني وفهمت معظم ‪.‬‬
‫وحمصل الكتاب أن السعادة مند قدماء اهلندةأن يهذب اإلنسان نفس هطريق حصر‬
‫األنفاس فتدخل هنظام وخترج هنظام وحيصرها خارجاً ثواين وحيصرها داخالً ثواين ويزيد‬
‫ذلك قليالً قليالً حىت يقدر أن حيكم هذه األنفاس‪ ،‬وملى مقتضى حكم األنفاس‬
‫حيكم مقل ل‪ ،‬األنفاس هلا السلطان ملى الدورة الدموية ألهنا هي اليت تعطيها‬
‫األ‪:‬نوجني الذي هو مادة احلياة‪ .‬وهلم يف ذلك كالم طويل يف الفقرا الظهرية‬
‫ومجائب مجب الذنب وما أشب ذلك‪ ،‬ويدخلون يف حبر مميق وهكذا مما ال حمل‬
‫لذكره‪.‬‬
‫هذا مقصود الكتاب‪ ،‬والكتاب إذ ذاك مقفل يف يدي ومل يطلع ملي أحد من‬
‫حلاضرين‪ ،‬فسألت مبد اجلليل من فكانت دهشيت وحدي مظيمة‪ .‬إذ أجاهين قائالً ما‬
‫نصف ابحلرف الواحد (هذه مترينا مضلية إن أهل اهلند قوم مشعوذون فانظر‬
‫هعقلك ومش ه ال هبذه األابطيل)‪ .‬دهشت من هذا اجلواب الذي ال يقدر ملي إال‬
‫رجل قرأ االجنليزية ودرس الكتاب شهوراً مث أمطى فلسفة وحكمة وحكم هذا احلكم‬
‫الصارم حاالً‪.‬‬
‫فسألت نؤاالً آخر من والدي‪ ،‬فقال‪ :‬أنت نألت والدك من أمس فرايت أن‬
‫هذه اإلجاهة من تدل ملى أن ينظر يل هعني غري اليت كان ينظر يل هبا يف احلياة‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬اي مبد اجلليل هذا اخللق الذي فيك مل يكن وأنت حي‪ ،‬فكان جواه ما أييت‪:‬‬
‫(فرق هني احلياة واملو )‪.‬‬
‫هذا هو الذي حصل يف ذلك اجمللس احلافل أبهل العلم وأان يف غاية الدهش‪،‬‬
‫وإىل اآلن ال قدرة يل ملى تفسري هذه األلغاهز فالتكذيب غرور والتصديق اخنداع‪،‬‬
‫وإمنا كتبت هذا ليطلع ملي املسلمون هعدان ويستخرجوا احلقائق‪ .‬هذا هو األمر‬
‫األول‪.‬‬
‫هارون الرشيد خياطبين‬
‫أما األمر الثاين الذي أدهشين‪ ،‬فذلك أننا كنا ليلة جالسني مند ذلك السري يف‬
‫حنو ننة ‪ 4722‬وحنن يف جلسة من تلك اجللسا إذ حضر هزوج اهنت ذلك الشاب‬
‫األديب‪ ،‬وهو حيسن لفرنسية وكان خياطب هبا جان دارك املشهورة‪ ،‬وحنن احلاضرين‬
‫مع ال يروقنا‪ ،‬فقالت جان دارك (هوانطة الكتاهة كما هو معلوم)‪ :‬أحتبون أن أحضر‬
‫لكم روحاً مالية مسلمة فقلنا مجيعاً‪ :‬نعم‪ ،‬وكان معنا حسن أفندي حسني كما قلت‬
‫ناهقاً‪ ،‬فلم ميض إال ثوان حىت رأينا املرحوم هزوج اهنت قد حترك القلم يف يده وألفينا‬
‫كتاهة هي نفسها الكتاهة الكوفية خبط مجيل جداً يشب ما نراه مكتوابً يف املصاحف‬
‫األثرية وما هو مكتوب ملى هعض املساجد اإلنالمية ولكن ما كنا نقدر ملى‬
‫قراءهتا‪ .‬وغاية األمر أن ذلك الشاب كان مييزها أنهل منا هسبب حتريك يده هبا‪.‬‬
‫وأول ما كتبت هذه اجلملة‪.‬‬
‫اي أنتاذ طنطاوي‪:‬‬
‫ولـما رأيت السيـف جلل جعفـراً‬
‫أجـز فقلـت‪ :‬منـاد للخليفـة يـا حييـى‬
‫أنفـت ملى الدنيـا وماتبت أهلهـا‬
‫مـليهـا وقـلت‪ :‬اآلن ال تنفـع الـدنيـا‬
‫فقال‪ :‬موفيت اي أنتاذ طنطاوي أنت مقلك كبري ولكنك حسن النية‪ ،‬انتمر يف‬
‫أتليفك‪ ،‬ولكن أان أريد منك أمراً فهل أنت فامل ؟‬
‫قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬حبق هللا حبق النيب حبق القرآن أال فعلت ؟ فكاد يغشى ملي‬
‫واحلاضرون دهشوا هلذه املفاجأة وملاذا اختار فالانً‪.‬‬
‫فأكد ل أين أفعل ذلك‪ .‬فقال‪ :‬وهللا أن جعفراً ماهزين أبخيت العبانة وال هزوجت‬
‫هلا‪ ،‬ولكن رجل خا نين فقتلت ‪ .‬فهل تعاهدين أن تسهر الليل وجتد ابلنهار وتقرأ يف‬
‫الكتب وتبحث فيها حىت تؤلف كتاابً ه تطفئ النار املتأججة يف الشرق والغرب‬
‫وتدفع األكاذيب اليت نشرها جورجي هزيدان؟‬
‫فعاهدت ملى ذلك‪ ،‬فقال ل صاحب املنزل وهو يضحك‪ :‬ما تقول يف والد‬
‫الشيخ طنطاوي؟ فقال‪ :‬أان أمرف وهو نعيد‪ .‬مث قال‪ :‬هل حتب اي أنتاذ طنطاوي أن‬
‫أذكر لك انم والدتك ألنك كنت متتحن األرواح فيها‪ ،‬وذكر احلرف األول من‬
‫امسها‪ ،‬فقلت ل ‪ :‬كفى‪.‬‬
‫فقال ل صاحب املنزل وكان حيب الضحك كثرياً (لزوج اهنت وهو الونيط)‪ :‬ال‬
‫تضع قلماً ملى الورقة لئال يقلع مني اخلليفة‪ .‬فقال ل ‪ :‬اي نيدي أن اآلن روح من‬
‫أرواح هللا ولست خليفة‪ .‬فقال ذلك السري ما هذا وهل هللا ل أرواح‪ .‬فقال الرشيد‪:‬‬
‫اي حبييب تعلم اللغة العرهية مث كلمين‪ .‬وهعد ذلك أخذ الرشيد يالطف صاحب املنزل‬
‫فقال ل ‪ :‬أان ال أؤاخذك هقولك ألن النيب كان ميزح وال يقول إال صدقاً إن أابك‬
‫كان حمبوابً للنيب‪ ،‬وهو اآلن يف درجة مالية وأمك صفتها كذا‪ .‬فقال‪ :‬وما تقول يف‬
‫أخي أمحد؟ فقال‪ :‬أما هذا فال تسألين من ‪ .‬فقال صاحب املنزل‪ :‬حقيقة أخي كان‬
‫يرتكب اآلاثم‪ .‬مث مطف اثنياً وقال‪ :‬اي أنتاذ طنطاوى تذكر وصييت‪ ،‬فقلت‪ :‬نأممل‬
‫هبا فكن مطمئناً‪ .‬وانتهى احلديث‪.‬‬
‫وهعد ذلك أبايم حضر لصاحب املنزل وقال‪ :‬قل لألنتاذ طنطاوي ملاذا مل يعمل‬
‫جبد فيما أوصيت ه ‪.‬‬
‫وهعد مدة قال ل ‪ :‬قل لألنتاذ طنطاوي أان شاكر ل ملى فعل ‪.‬‬
‫وهيان أين هعد أأنقمت من ذلك اجمللس حبثت فوجد يف املكاتب كتاابً إنشم‬
‫(العبانة أخت هارون الرشيد÷‪ .‬وما كنت أطلعت ملي قبل ذلك فاشرتيت ودرنت ‪،‬‬
‫وحبثت يف كتب التاريخ فوجد الرواية خيالية والعلم يكذهبا‪ ،‬فألفت فعالً كتاب هو‬
‫اآلن مندي امس (هراءة العبانة أخت هارون الرشيد)‪ .‬ووضع هلذا الكتاب حسن‬
‫أفندي حسني – وهو كاتب مشهور مبصر – مقدمة ذكر هذه احلال كلها والكتاب‬
‫اآلن حتت الطبع‪.‬‬
‫وإلمتام هذا املقام أذكر أننا وحنن يف تلكاجللسة قبل حضور روح الرشيد‪ ،‬وذلك‬
‫الشاب يكلم (جان دارك)‪ ،‬كلمت جان دارك نائالً‪ :‬هل أحد كتب من كتيب يف‬
‫أورواب غري األنتاذ نانتالنة يف إيطاليا وغري اجلمعية اآلنيوية يف فرنسا؟ فقال‪ :‬نعم‬
‫رجل آخر وهو (اليويت) الذي كان صديق صديقك مصطفى كامل‪ ،‬ومصطفى كامل‬
‫هو السبب يف أن صديقك إمساميل ابشا صربي مرف ‪ ،‬فانأل إمساميل ابشا صربي‬
‫خياطب وهو يرنل لك ما كتب منذ مشر ننني‪ ،‬وهذا الكاتب كان صديقاً لرتكيا وكان‬
‫يدافع منها أايم حرب هلغاراي‪ ،‬ففي صباح اليوم التايل قاهلت صديقي املرحومو‬
‫إمساميل صربي ابشا وقلت ل ‪ :‬أتعرف (اليويت) فقال مقل ما قالت‪ :‬ومل أخربه مبا قالت‬
‫(جان دارك) ونألت أن يكتب ل خطاابً فكتب يطلب من ذلك‪ .‬ولكن األحوال‬
‫هعد ذلك تغري إذ ما صربي ابشا ملرض أصاه ومل أمرف ماذا جرى‪ .‬هذا هو‬
‫األمر الثاين‪ .‬وأان أمحد هللا إذ وفقت إىل ذكره يف هذا الكتاب‪ ،‬وهو من املقدما ‪،‬‬
‫لبحث املسائل الروحية مند أمم اإلنالم‪.‬‬
‫(لطيفة) ملا أحضر والدي نألت فكانت أجوهت هنفس األلفاظ اليت كان يعرفها‬
‫يف احلياة‪ .‬ونألين مرة قائالً أكثر من الدماء يل‪ .‬فقلت اي والدي أليست أممال اإلهن‬
‫تنفع األب‪ .‬فقال‪ :‬كال أان ال أحس هشء إال إذا دمو يل فعالً إبمسي‪ ،‬فتعجبت‬
‫ألن هذا هو السر النبوي إذا يقول ‪ :‬إذا ما اهن آدم انقطع ممل إال من ثالث‪:‬‬
‫صدقة جارية أو ملم ينتفع ه أو ولد صاحل يدمو ل ‪ .‬فالدماء يف احلديث قيد وهو‬
‫الذي مسعت من والدي‪ .‬انتهى احلديث‪.‬‬
‫يف جملس ذلك العظيم املصري الذي مل يشأ أن أذكر إمس ‪ ،‬وقد تويف هو وصهره‬
‫وهزوج اهنت ‪ ،‬وهو من أنرة متت هصلة إىل األنرة احلاكمة يف البالد‪ .‬ولذلك نأحفظ‬
‫إمس هعد موت كما طلب مين حفظاً لوصيت ‪.‬‬
‫فلما مسع ذلك صاحيب قال‪ :‬هذا مجيب‪ .‬ولكن أخربين أموقن أنت هكل ما‬
‫جرى ملى يديك أو ملى يدي غريك‪ .‬فقلت‪ :‬موقن وغري موقن‪.‬‬
‫قال‪ :‬إذن أنت جتمع هني النقيضني‪ .‬فقلت‪ :‬للنقيضني شروط كثرية تبلغ الثمانية‬
‫يف ملم املنطق وهنا مل يستوفها‪ .‬فقال‪ :‬أان أريد شرح هذا املقام‪ .‬فقلت‪:‬‬
‫أضرب لك مثالً هبذا العامل الذي نعيش في أن الناس أحد رجلني رجل يراه خمتالً‬
‫معتالً مضطرابً مملوءاً ابألكاذيب واخلرافا واملو واحلياة والظلم واخلتل واخلداع‪،‬‬
‫ورجل يراه منظماً مجيالً‪.‬‬
‫فاألول نظره موج إىل اجلزئيا كإحراق ثوب اننك‪ ،‬وكإهندام هيت مجوهز ووقع‬
‫احلجر ملى رجل صاحل‪ ،‬ومو طفل ليس ألهوي اهلرمني نواه‪ ،‬وكظلم هعض دول‬
‫أورواب للمسلمني أو حنو ذلك‪.‬‬
‫والثاين نظره موج للنظام العام كنظام الشمس شروقاً وغروابً والكواكب‬
‫والسيارا ‪ ،‬وال يوج نظره هلذه اجلزئيا وال حيفل هبا‪ ،‬وذلك ال يتم إال هدرانة مجيع‬
‫العلوم مثل كتاهنا اجلواهر يف تفسري القرآن‪ ،‬فإن هذه العلوم في ويف غريه تفهم‬
‫اإلنسان كيف كان نظام اجلزئيا مجيالً أيضاً مع اضطراه ‪ ،‬هذا شأن مجيع العقالء‬
‫يف مجيع األمم موقن ومرتبك يف نظام العامل‪ .‬فهكذا هنا يف مامل األرواح‪ ،‬فمن نظر‬
‫اجلزئيا اليت ذكرانها وذكرها غريان حتري وشك‪ ،‬ومن نظر للعموم فإن لكثرة احلوادث‬
‫يكون منده شب يقني أو يقني هوجود األرواح هوحمادثتها‪ .‬أما أن هذا احلديث صادق‬
‫أو كاذب فإين أقول لك هو مندي حمل حبث ونظر‪.‬‬
‫قال‪ :‬ولكن أنت ألفت كتاب (هراءة العبانة أخت هارون الرشيد) فقلت‪ :‬رأيت‬
‫القول يف هذه احلادثة صادف احلقيقة‪ ،‬فإين حبثت فرأيت مجيع هذه القصة خيالية‪.‬‬
‫ومل حيصل هذا من العبانة وهي مل تر جعفراً‪ .‬واملسألة كلها نيانية حبتة‪.‬‬
‫إن قدماء الفرس ملا رأوا صولة العرب تدخلوا هينهم وقلبوا دولة األمويني‪ .‬وملا‬
‫جاء الدولة العبانية ومل ينالوا مرادهم أرادوا قلبها أيضاً‪ ،‬ففتك أبيب مسلم اخلرناين‬
‫أهو جعفر املنصور وجبعفر الربمكي هارون الرشيد ملقاصد نيانية والكتاب قد شرح‬
‫هذه النقطة شرحاً وافياً مستمداً من مجيع املؤرخني قدمياً وحديثاً‪ .‬فقال صاحيب ما‬
‫أمجل العلم وأهبج احكمة‪ ،‬نأقرأ هذا الكتاب هعد طبع ‪ .‬فقلت احلمد هلل رب العاملني‬
‫ا هـ الفصل الراهع‪.‬‬

‫الفصل الـخامس‬
‫فيما جاء يف جملة اهلالل‬
‫جاء يف هذه اجمللة يف أول ديسمرب ننة ‪ 4794‬و ‪ 24‬رجب ننة ‪ ،4918‬حتت‬
‫منوان مشاهدايت يف مناجاة األرواح‪ ،‬ما نص ‪:‬‬
‫أهي أرواح تتحدث إلينا ‪ ...‬أم ماذا؟‬
‫بقلم األستاذ إميل زيدان‬
‫هل مو اجلسم خامتة كل شيء؟‬
‫أم مثة روح تنفصل من وحتيا هعده حياة مستقلة حتتفظ فيها هذكرايهتا األرضية؟‬
‫مث – ملى فرض وجود األرواح – هل من نبيل إىل االتصال هبا والتحدث إليها؟‬
‫تلك مسائل حري األلباب منذ أقدم العصور‪ .‬وقد مىن هبا كاتب هذه السطور‬
‫فرتة من الزمن‪ ،‬ولكن مل يلبث أن أمهلها إذ مل يعثر من األدلة والبياان ملى ما يشفي‬
‫غليل وحيمل ملى اختاذ موقف صريح هشأهنا‪.‬‬
‫أمهلت هذه املسائل ننوا إىل أن وفقت أخرياً إىل مشاهدة جتارب كان هلا وقع‬
‫شديد يف نفسي ودفعتين إىل انتقصاء هذا املوضوع اجلليل‪ ،‬وهل من موضوع أجل‬
‫من وأخطر؟‬
‫وههنا أخذ يذكر أن تردد يف الكتاهة‪ :‬أيكتب أم ال؟ وأخرياً رأى أن يكتب ‪ ،‬ولكن‬
‫ذلك ملى نبيل أن وقائع حصلت ل وتكون حمل حبث ونظر ال غري وملى اإلنسان‬
‫أن جيد ليعرف احلقيقة‪ .‬وقصد الكاتب هذلك االحرتاس من التصديق إال هعد التثبت‬
‫مثل ما قلنا فيما وقع لنا إىل أن قال‪:‬‬
‫قضيت خالل الصيف املاضي هضعة أناهيع يف لبنان‪ ،‬وهناك اجتمعت هبعض‬
‫األصدقاء فذكروا يل أهنم قاموا هتجارب موفقة يف مناجاة األرواخح‪ ،‬وأهنم توصلوا إىل‬
‫حمادثة غري واحد من الراحلني الذين أمرفهم‪ .‬وأول من ذكروه يل املرحوم والدي‪.‬‬
‫قال يل أحد هؤالء األصدقاء‪" :‬ال ريب مندي أنك تتشكك فيما نقول‪ .‬ومن‬
‫حقك أن تتشكك‪ .‬ولكن تعال واحضر هعض جلساتنا وأحكم هنفسك‪ ،‬فقد نكون‬
‫ضالني ‪ ...‬وقد نكون خمدومني ‪ ...‬وملى كل حال فالذي ال يستطاع إنكاره هو أن‬
‫جتارهنا حتري الفكر"‪.‬‬
‫حضر إذن جلسا هؤالء األصدقاء وشاهد جتارهبم‪ ،‬وفعالً حتري أميا حرية‬
‫يف تعليلها‪ .‬ملىأين يف اجللسا األوىل مل أدون شيئاً مما جرى أمامي إذ كنت مأخوذاً‬
‫مبا أشاهده‪ .‬ولكين يف هعض التجارب األخرية دونت حماداث طويلة مما نأذكر‬
‫هعض فيما أييت‪.‬‬
‫وجيدر يب هنا أن أشري إىل أين لن أذكر إال ما شاهدت هعيين وما حققت هنفسي‪.‬‬
‫ملى أن هؤالء األصدقاء ما هرحوا منذ أكثر من ننة وهم يقومون هتلك التجارب وقد‬
‫خربوا يف تلك األثناء أموراً محيبة وحدثت هلم حوادث تذهل نامعها فضالً من‬
‫خاهرها ومع أين واثق من صدقهم وحسن نيتهم فإين أوثر نشر ما حدث يل وما جرى‬
‫أما الطريقة اليت يعمدوإنليها للتحدث إىل األرواح فهي كما أييت‪ :‬يؤتى هلوحة مرهعة‬
‫الشكل من الرخام وتكتب ملى حدودها األرهعة حروف األجبدية‪ ،‬ويوضع يف ونط‬
‫اللوحة "فنجان" من النوع الذي يستعمل للبيض أو غريه (لسهولة انزالق ملى‬
‫الرخام)‪.‬‬
‫وجيلس ونيطان أمام تلك الرخامة وقد وضع كل منهما أصبع يف الفنجان‪.‬‬
‫مندئذ يطلب اجلالسون يف الغرفة الروح الذي يريدون حمادثت إما مباشرة أو هوانطة‬ ‫ٍ‬
‫أحد األرواح اليت نبق هلم التحدث إليها ونهل مليهم االتصال هبا‪ .‬والطلب يكون‬
‫ابنتدماء الروح (أي ايق "نريد روح فالن") وحصر فكر املوجودين يف ذلك‬
‫الشخص‪ .‬فإذا انتجيب الطلب شعر الونيطان أن قوة تدفع يديهما فيتحرك‬
‫ٍ‬
‫ومندئذ توج األنئلة جهراً إىل ذلك الروح‪ ،‬فتجيء األجوهة‬ ‫الفنجان وفي األصبعان‪.‬‬
‫هوانطة تنقل الفنجان من حرف إىل آخر – وتنقل يف الغالب نريع – فتؤلف من‬
‫احلروف كلما ومن الكلما تتألف اجلمل ‪ ...‬وما ملى احلاضرين إال تتبع حركة‬
‫الفنجان وقراءة ما يدون هبده الطريقة‪.‬‬
‫(أمود فأحذر القارىء مرة أخرى من أن ينسب إىل التسرع يف االنتنتاج‪ ،‬فإين‬
‫حني أقول "الروح" هنا أو فيما هعد فإمنا أصف الظاهرة كما تبدو ملن يرقبها‪ .‬ولست‬
‫أجزم أبن الروح هو الذي جييب من األنئلة فرمبا كان مثة تعليل آخر ‪ ...‬فأان هنا يف‬
‫مقام نرد احلوادث ال تعليلها)‪.‬‬
‫هذا وصف موجز للصورة اليت تتم هبا حمادثة الروح‪ .‬واملهم يف ذلك أن نتيقن من‬
‫أن الونيطني مسريان يف حتريك الفنجان‪ .‬وقد اقتنعت شخصياً من ذلك وحتققت‬
‫هونائل يطول إيرادها‪ ،‬وإمنا أذكر أين طلبت إىل الونيطني أن يديرا ظهريهما للوحة‬
‫لكيال يراي احلروف فكانت األجوهة أتيت حمكمة هال إخالل‪ ،‬مما يدل ملى أن يديهما‬
‫مدفومتان حقاً هقوة خارجة منهما‪.‬‬
‫أضف إىل ذلك أن جانباً كبرياً من األجوهة كان يتعلق أبشياء ال يعرفها الونيطان‬
‫وال ميكن أن يعرفاها‪ ،‬هل أن هعض األجوهة كانت من أمور جيهلها احلاضرون مجيعاً‬
‫وقد حتققنا من صحتها فيما هعد‪.‬‬
‫وأقول أخرياً‪ :‬أن اجللسا كانت تعقد يف غرفة مادية يضيئها النور الكهرابئي‪،‬‬
‫وأن الونيطني يظالن يف أثناء التجارب يف حالة ذهنية طبيعية‪ .‬فال ظالم وال تنومي‬
‫مغناطيسي وال نواب مصبية وال أي ظرف آخر غري مألوف مما يشاهد أحياانً يف‬
‫هعض جلسا مناجاة األرواح‪ .‬أضف إىل ذلك أن الونيطني ليسا من احملرتفني هل‬
‫من األشخاص العاديني الذين أمرفهم وأمتقد حسن نيتهم‪.‬‬
‫ونأهدأ يف نرد احلديث – هل األحاديث – اليت دار هيين وهني والدي‪ ،‬وأقتصر‬
‫منها ملى ما ميكن نشره‪.‬‬
‫ففي اجللسا األوىل طلبت إىل والدي أن يذكرين أبشياء تؤكد يل أن هو الذي‬
‫حيدثين مما ال يعرف الونيطان فذكر يل أشياء أمرفها أان‪ ،‬مث ذكر يل أشياء ما كنت‬
‫أمرفها وإمنا قال يل أن أذكر هبا والديت فلما ذكرهتا هبا تذكرهتا‪.‬‬
‫وفيما يلي هعض ما دار هيين وهني والدي والهد من اإلشارة هنا إىل أن األجوهة‬
‫كانت دائما مطاهقة لألنئلة‪ ،‬وكانت واضحة نلسلة إال فيما ندر‪ .‬وإين أرويها هنا‬
‫حرفياً كما أمليت‪.‬‬
‫هعد حديث يتعلق أبفراد العائلة‪ ،‬وأبمور خاصة ال دامي لنشرها‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫أان – أريد أن أكتب مقاالً من مناجاة األرواح‪ .‬فهل لك أن تسامدين يف كتاهت‬
‫وتصف يل كيف تنفصل الروح من السد وكيف تعيش األرواح؟‬
‫والدي – مند ترك الروح مسكنهااألرضي تبقى مدة وحدها وهعدها تنتقل حبسب‬
‫انتحقاقها‪ .‬هنا توجد نت حمال والساهع للعزة اإلهلية‪ .‬أحط طبقة مل أجرهبا‬
‫واحلمد هلل‪ .‬ولكن أملم أن ال راحة هناك وال دقيقة من مذاب الضمري‪.‬‬
‫أان – يف أي درجة أنت؟ وهل وصلت إليها مرة واحدة؟‬
‫هو – أان اآلن يف الدرجة السادنة‪ ،‬أي أرفع طبقة للبشر‪ .‬وهنا ال مذاب ضمري‬
‫وال فكر حيزن‪ ،‬هل حياة هادئة نعيدة‪ .‬وقد مرر يف درجتني قبالً‪.‬‬
‫أان – وما الفرق هني هذه الدرجا ؟‬
‫هو – كلما رفعت درجة خيفف مذاب الضمري‪.‬‬
‫أان – هل اجتمعت هبعض أصدقائنا املتوفني؟‬
‫هو – نعم كثري‪.‬‬
‫أان – مثل من؟‬
‫هو – نعوم (يقصد املرحوم نعوم هك شقري)‪ .‬ويف جلسة أخرى ذكر الدكتور‬
‫يعقول صروف وجربان خليل جربان وهعض أقارب العائلة‪.‬‬
‫أان – وهل تتحادث األرواح؟‬
‫هو – إن األرواح جتتمع وتتحدث‪ ،‬وتتآلف وتتعارف‪ .‬إننا اي إميل نراكم غالباً‪،‬‬
‫نفرح لفرحكم ونزمل لزملكم‪ .‬ولكن ليس كما تزملون ملى األرض إذ ال يوجد هنا‬
‫مهوم‪.‬‬
‫أان – إذن كيف تزملوهزن؟‬
‫هو – نشعر هزملكم‪.‬‬
‫أان – وهل تعرفون التعب؟‬
‫هو – نعم‪.‬‬
‫أان – يدخل اهلالل قريباً يف ننت األرهعني‪ ،‬فهل حتت هذه املنانبة أن تبلغ رنالة‬
‫للقراء؟‪.‬‬
‫هو – أكتب‪ :‬قضيت حيايت وأان أنعى ألجل تقدم اهلالل‪ ،‬ومندما وافتين املنية‬
‫ظننت أن يبقى ملى ما هو‪ .‬ولكن ال ‪ ...‬إن أيت أكثر مما كنت أنتظر (وهنا اجلملة‬
‫املعرتضة التالية‪ ،‬وهي انتدراك دقيق ملا قد يتبادر إىل هعض األذهان) – إميل هنا‬
‫يظنون أن إنشاد من أب ألوالده ولكن أريد أن تكتب‪ :‬أنين فخور ابهلالل اآلن ‪...‬‬
‫وأملم أن روحي دائماً أهداً مرافقتكم (معذرة من نشر هذه القطعة ولكين ما فعلت‬
‫إال ملا تشف من من نفسية والدي كما أمرفها)‪.‬‬
‫أان – أمطين معلوما أخرى من ماملكم‪.‬‬
‫هو ‪ -‬ابنتهاء حياة اإلنسان ملى األرض تبتدئ حيات العلوية‪ ،‬أي حيات اليت ال‬
‫هناية هلا‪ .‬وهنا إما أن تكون حياة نعيدة هنيئة وإما أن تكون اجلحيم هعين ‪ .‬وذلك‬
‫نسبة ملا كانت أفعال ذلك الراحل‪ .‬احلياة اخلالدة موجودة ال شك فيها والويل للذين‬
‫ال يعتقدون هبا‪ .‬إن األرواح ترافق حمبيها وترى أفعاهلم‪.‬‬
‫يف جلسة أخرى‬
‫أان – يف االجتماع املاضي أمطيتين هعض معلوما من مامل األرواح‪ ،‬فهل تود‬
‫إمتام املقال؟‬
‫هو – أنين أقدر مجب القراء وانتغراهبم مند قراءهتم إمسي‪ .‬ولكن جيب أن يزول‬
‫العجب مندما أان جوجرجي هزيدان أؤكد هلم حياة اخللود وأقول هلم‪ :‬أنين أمطيت‬
‫الرباهني الكافية ملن مسعوين وذكرهتم أبشياء كانت نسياً منسياً‪ ،‬وأرجوهم أن يتمعنوا مبا‬
‫قلت ويؤكدوا أن األرواح هنا حية خالدة مالصقة هلم هكل أمماهلم‪ ،‬فالويل ملن‬
‫يشكون ألهنم خيسرون لذة مكاملتهم واالجتماع هبم ٍ‬
‫هعدئذ‪.‬‬
‫أان – كيف تتفاهم أرواح من كانوا يتكلموهزن لغا خمتلفة ملى األرض‪.‬‬
‫هو – كلنا هنا نتفاهم‪ .‬ال كالم البتة‪ ،‬هل انتقال أفكار‪.‬‬
‫أان – هل متيزون أرواح الرجال من أرواح النساء؟‬
‫هو – طبعاً‪ ،‬كل حيتفظ هنفس الصفا اليت كان يتصف هبا‪.‬‬
‫أان – ماذا مصري األداين املختلفة هعد املو ؟‬
‫هو – ال فرق البتة ابألداين‪ .‬كل جياهزي حبسب أفعال ‪.‬‬
‫أان – هل من دين أصح من نواه؟‬
‫هو – كل واحد‪ ،‬من يؤمن ابهلل هذا خيلص‪.‬‬
‫أان – لنفرض أن إنساانً ال يؤمن هللا ولكن خملص يف إنكاره هذا؟‬
‫هو – جيب أن يعتقد ابهلل‪.‬‬
‫أان – ولكن رمبا كان مقل قد أوصل إىل تلك النتيجة هدون أن يتعمدها؟‬
‫هو – وإذا وجد من يفهم اآلن هل يبقى ملى امتقاده؟‬
‫أان – ملى فرض أن مل يسمع قط ابهلل فما ذنب ؟‬
‫هو – إذا مل يسمع البتة فقصاص ال يدوم وانتقال يكون قريباً‪.‬‬
‫أان ‪ -‬هل تقدر أن تصف اخلالق؟‬
‫هو – مل يره أحد هعد‪.‬‬
‫أان – هل نرتون ؟‬
‫هو – نعم‪ .‬طبعاً‪ .‬هكذا ومدان‪.‬‬
‫أان – وهل تعرفون املستقبل؟‬
‫هو – ال جيوهز أن نقول‪.‬‬
‫أان – أتعين أنكم تعرفون ما يف املستقبل؟‬
‫هو – نعرف‪ .‬لكن ليس كل شيء‪ .‬وال نقدر أن نقول‪.‬‬
‫أان – ملاذا؟‬
‫هو – هكذا أمران‪.‬‬
‫أان – هل للحيواان أرواح؟‬
‫هو – نعم‪ .‬ولكن ال حمل هلا‪.‬‬
‫أان – أين تذهب إذن؟‬
‫هو – ابلفضاء ال نراها وال نعلم منها‪.‬‬
‫أان – وأنتم أين؟ هل تشغلون حيزاً معيناً؟‬
‫هو – طبعاً‪ .‬وهو يبعد جداً من األرض‪ .‬وال نعلم حنن ما هو‪.‬‬
‫أان – هل نعى غريان للتحدث معكم؟‬
‫هو – أنتم أول من طلبوان‪ .‬وأنتم تذكرون وال شك إندهاشنا ألول مرة‪ .‬وكنا ال‬
‫نقدر ملى مكاملتكم مدة طويلة‪ .‬واآلن ألفت أرواحنا‪.‬‬
‫هذا أمنوذج م ن احلديث الذي كنت أحد طرفي ‪ .‬وهناك أشياء وتفصيال أخرى‬
‫ال حاجة إىل نشرها‪ ،‬وإمنا أرد أن يكون القارىء لنفس فكرة من طريقة األخذ‬
‫والرد اليت خربهتا يف تلك اجللسا ‪.‬‬
‫وأريد أن أشري هنا إىل ما يعرتض ه البعض ملى أنصار مناجاة األرواح‪ ،‬إذ‬
‫يفرضون أو يتصورون أن األرواح كاملة ال ختطىء وأهنا تدرك كل شيء وترى كل‬
‫شيء‪ .‬وليس هذا ما يدمي القائلون مبناجاة األرواح – هل ليس هذا هو املعقول –‬
‫فإن األرواح تتفاو يف املراتب ويف اإلدراك‪ ،‬وقد ختطىء الفهم والتعبري‪ ،‬وقد تنسى‬
‫أشياء وتفوهتا أشياء‪ .‬وملى كل حال جيب أال يربح ذهن الباحث يف هذه املوضوما‬
‫أن مقاييسنا وتصوراتنا األرضية ال تصلح دائماً إلدراك ذلك العامل غري املنظور‪ ،‬والهد‬
‫من فرض فروض خمتلفة لكي يتيسر لنا فهم ما جيري في ‪.‬‬
‫وقد أتيح لنا – فضالً من احلديث السالف – أن نتحدث إىل أرواح أخرى‪ .‬ويف‬
‫العدد القادم نأنشر هعض تلك األحاديث‪ ،‬مع ما تقتضي من الشرح والتعليق‪.‬‬
‫إميل زيدان‬
‫الفصل السادس‬
‫وفيه مخسة مباحث‬

‫املبحث األول‬
‫يف أن تركيا ق فقد ممالكها مثل ما جاء يف حديث األرواح ولكنها فعالً‬
‫أصبحت أقوى مما كانت ملي ‪ ،‬واإلنالم أصبح يف رقي مستمر كما قالت األرواح‬
‫فيما تقدم‪ .‬فهاك ما جاء يف جريدة األهرام هتاريخ ‪ 9‬ديسمرب ننة ‪ 4794‬حتت‬
‫منوان تركيا ونيانتها الدولية مالقاهتا ابلغرب والشرق مبنانبة هزايرة املسيو موشانوف‬
‫ألنقرة‪.‬‬
‫وصل املسيو موشانوف رئيس وهزارة هلغاراي اليوم إىل أنقرة لتوثيق مرى الصداقة هني‬
‫حكومت وحكومة اجلمهورية الرتكية وتسوية هعض املسائل املعلقة هينهما منذ حرب‬
‫البلقان واحلرب العظمى‪ ،‬وللتوفيق هني وجهيت نظرمها يف السيانة الدولية‪.‬‬
‫وهذه الزايرة ملى أثر الزايرا اليت نبقتها كزايرة الرفق لفينوف واملسيو فنزيلوس‬
‫والكونت هنلن وهزير خارجية رمانية‪ ،‬وقبيل هزايرة رئيس وهزارة العراق القريبة ألنقرة‪،‬‬
‫وهزايرة رئيس وهزارة تركيا ملونكو‪ ،‬فدل ملى خطورة الدور السياني اليت تلعب تركيا يف‬
‫نيانة أورواب والشرق األدىن‪ ،‬فهي اليت كانت صلة الوصل هني إيطاليا وحكومة‬
‫السوفيا ‪ ،‬وهي الىت مهد نبيل االتفاق املايل هني هلغاراي واليوانن‪ ،‬وهي اليت‬
‫نتكون مع ايطاليا حجر الزاوية يف هناء جممومة الدول املراد هتأليفها من إيطاليا وتركيا‬
‫وهلغاراي واليوانن وألبانيا ملى أناس حسن التفاهم مع أملانيا ورونيا والنمسا وإجياد‬
‫تواهزن قوى يف السيانة الدولية للوقوف يف وج التحالف الصغري الذي يعمل إبرشاد‬
‫فرنسا وتعزيز التواهزن البحري يف البحر األهيض املتونط ومعاجلة املشاكل اخلطرية اليت‬
‫نتعرض قريباً ملى هساط البحث كمشاكل تزع السالح والتعويضا والديون وإمادة‬
‫النظر يف املعاهدا هروح واحدة وملى أناس خطة واحدة‪.‬‬
‫ةهذه املظاهر السيانية تدل ملى أن مل يكن لرتكيا منذ قرون من النفوذ والكلمة‬
‫املسمومة يف السيانة األوروهية ما أصبح هلا يف األشهر األخرية هعد توثيق مالقاهتا‬
‫إييطاليا وهبعض أمدائها االنبقني كاليوانن وغريها‪ ،‬وهعدما أصبحت الصلة الوحيدة‬
‫تقريباً هني رونيا وهعض دول الغرب‪ .‬فقد انتمد من رونيا قوة ال يستهان هبا يف‬
‫أثناء حرب األانضول وهي اآلن تكافئها ملى ذلك إبجياد أصدقاء حلكومة السوفيا‬
‫يف هالد مل يكن خيطر يف البال أن تكون صديقة هلا كإيطاليا مثالً‪ .‬مث أهنا مالوة ملى‬
‫نفوذها اآلخذ ابالهزدايد يف السيانة األوروهية‪ ،‬هدأ تعمل هبمة ونشاط مظيمني‬
‫ملى مجع كلمة الشعوب الشرقية واكتساب صداقتها للتعاون معها يف خطة تكون هلا‬
‫اليد الطويل يف وضعها فإن مالقاهتا إبيران ملى رغم املشاكل اليت مكر صفوها يف‬
‫أثناء ثورة األكراد هي اليوم أحسن منها يف كل هزمن مضى‪ ،‬وكذلك مالقاهتا‬
‫أبفغانستان؟ وقد توثقت مرى الصداقة هينها وهني العراق إىل أهعد حد ممكن هني‬
‫دولتني‪ ،‬فحكومة هغداد تالقي منها كل مطف وكل مسامدة يف مجيع شئوهنا‬
‫وأصبحت مشكلة املوصل هينهما نسياً منسياً‪ ،‬مث أهنا تبدي من الصداقة حنو الشعوب‬
‫العرهية األخرى ما يدل ملى أهنا رمست لنفسها خطة وانعة النطاق يف نيانتها‬
‫الشرقية‪ ،‬فهي تريد أن تتقوى ابلغرب لتكتسب النفوذ والصداقة اللذين تتوخامها يف‬
‫الشرق كما تريد أ‪ ،‬يكون ال شرق قوة هلا إذا انفصلت من الغرب أو انفصل الغرب‬
‫منها‪.‬‬
‫أما األغراض العاجلة من املسامي السيانية اليت تبذل اليوم فهي تقوية الصداقة‬
‫اليت ترهط جممومة الدول البلقانية هبا وإبيطاليا وأتليف جبهة قوية هلا رأي خاص يف‬
‫مشاكل العامل احلالية وال نيما مشكلة نزع السالح ويف طرق حلها‪.‬‬
‫وقد أنبأان مرانل "األهرام" اخلاص من روما أمس أبن املقاما السيانية اإليطالية‬
‫تتوقع هعد هزايرة املسيو موشانوف ألنقره أن تقوم احلكومة الرتكية هسعي جدي‬
‫للتقريب هني هلغاراي ورونيا كما قرهت هني هلغاراي واليوانن وكما كانت هلا اليد الطوىل‬
‫يف التقريب هني رونيا وإيطاليا‪.‬‬
‫مث أن األنباء األخرية تدل ملى أن يف نية حكومة أنقرة انتئناف السعي لتخفيف‬
‫وطأة اخلالف القائم هني رونيا ورومانيا هشأن هساراهيا وإجياد حل ل يزيل األخطار‬
‫اليت هتدد السلم يف شرقي أورواب من جرائ ‪.‬‬
‫وخالصة القول أن تركيا تقوم اآلن هدور خطري يف نيانة أورواب والشرق وأهنا‬
‫أحرهز كثرياً من النجاح والتوفيق يف قيامها هبذا الدور الذي يرجى أن يكون في خري‬
‫للسلم وفائدة هلا وللشعوب الشرقية انتهى املبحث األول‪.‬‬
‫املبحث الثاين والثالث والرابع‬
‫هذا ما يتعلق هرتكيا وهو املبحث األول من الفصل السادس أما املبحث الثاين‬
‫والثالث والراهع فإنك تراها واضحة فيما كتبناه يف كتاهنا اجلواهر يف تفسري القرآن يف‬
‫اجمللد الثاين من وهو ما نقلت من الكاتب العالمة لوث روب نتودارد األمريكي من‬
‫كتاه حاضر العامل اإلنالمي وكيف انتبان في أبدلة ال تقبل النقض أن العامل‬
‫اإلنالمي اآلن ارتقى طفرة وأخذ ملوم الغرب وأن أورواب ال خمالة خارجة من نوراي‬
‫ومصر ومشال أفريقيا واهلند ومجيع أصقاع هالد اإلنالم قاطبة وأتى هشواهد ال ميكن‬
‫إحصاؤها هنا وهكذا نقلت من يف تفسري نورة الفتح يف كتاهنا اجلواهر يف تفسري‬
‫القرآن ما يفيد أن إيطاليا وفرنسا وإجنلرتا احملتال لبالد اإلنالم قد آن خروجها منها‬
‫أبدلة كثرية كما يف صفحة ‪ 98‬وما هعدها من اجمللد (‪ )22‬من التفسري املذكور وجاء‬
‫في أن اإلنالم ينتشر يف هذه األايم انتشاراً مدهشاً وقال أن اإلنالم مل ميأل أفريقيا‬
‫الوقنية فقط هل أن أيضاً احتل النصرانية يف احلبشة إذ أنلم كثري منهم هناك يف هزماننا‬
‫وهكذا الصني والتتار واهلند ومجيع العامل شرقاً وغرابً أن هذا املقام مشروح شرحاً وافياً‬
‫يف تفسري نورة الفتح ابمتبار أن فتح إنالمي وهذا جممل ما هنالك مكتوابً يف‬
‫صفحة ‪ 424‬من اجمللد ‪ 22‬من التفسري حتت منوان نظرة مامة يف هذه املقاال‬
‫وهذا نص ‪:‬‬
‫تلك املقاال املنقولة من ذلك الكتاب الذي حرره رجل مامل أمريكي نظر نظرة‬
‫يف اإلنالم "إن أكثر املسلمني يغيشون وميوتون وال هم يذكرون‪ ،‬يعيش املسلم غالباً‬
‫وهو جيهل تركيب أمضائ ومجاهلا ونظام العامل احمليط ه وجيهل تركيب جسم األمة‬
‫اإلنالمية اليت هو مضو منها وأن كاتب هذه السطور أمحد املسلمني املساكني الذين‬
‫جيهلون نظام أمم اإلنالم‪ ،‬وما أقبح اجلهل وما أفظع ‪ ،‬أفليس من املؤمل أ‪ ،‬جنهل وحنن‬
‫يف مصر (املشهورة ابلعلم) هالد اإلنالم وما حصل فيها؟ مث أييت رجل نصراين قد‬
‫درس هو وقوم هالدهم ومرفوها مث أخذ يدرس أمم اإلنالم‪ .‬وأان السامة أنقل من ‪.‬‬
‫فكيف نفهم معاشر املسلمني قول تعاىل "هو الذي أرنل رنول ابهلدى ودين احلق‬
‫ليظهره ملى الدين كل " وما هو هذا الظهور؟ وما معناه؟ نعم نفهم اآلن هقول رجل‬
‫هعيد من الغرض ألن ليس مسلماً‪ .‬فماذا يقول؟ يقول فيما قدمناه‪:‬‬
‫‪ .4‬إن أحد املبشرين اإلجنليز منذ (‪ )28‬ننة يقول‪ :‬إن الدموة النصرانية ابتت‬
‫خرافة من اخلرافا ‪.‬‬
‫‪ .2‬ويقول‪ :‬إن مبشراً هروتستانتياً يقول‪" :‬إن اإلنالم يسري يف نبيل منذ هدايت‬
‫إىل اليوم فلم يعثر يف نبيل إال القليل‪ .‬وهو ال ميقت املسيحية‪ .‬فلذلك فاهز‬
‫فوهزاً مبيناً‪ .‬النصارى حيلمون هفتح أفريقيا يف النوم وفتحها املسلمون يف‬
‫العالنية"‪.‬‬
‫‪ .9‬ويقول "أن نيوهزيالنده مبشروها من مرب وجتار اهتدأو ذلك من (‪4788‬‬
‫ننة) وهعد مشرين ننة أصبح يف كل قرية مسجد‪ .‬ومدرنة إنالمية‪.‬‬
‫ومعلمون مسلمون اإلجنليز مجزوا من مقاومتهم"‬
‫‪ .1‬ويقول هعض املفكرين الغرهيني هعده مبدة قليلة "من اآلن جيتاهز اإلنالم رمباهزي‬
‫وينتشر يف جنوب أفريقيا فيطبق القارة أبنرها"‪.‬‬
‫‪ .1‬ويقول‪" :‬اإلنالم يهجم ملى املسيحية كما هجم ملى الوثنية‪ ،‬إذ أصبح الذين‬
‫تنصروا يف غرب أفريقيا ملى يد املبشرين يدخلون اإلنالم هل احلبشة أيضاً‬
‫تسلم هعد أن كانت نداً منيعاً"‪.‬‬
‫‪" .1‬منذ مخسني ننة ما كنت ترى يف األحباش مسلماً واحداً‪ ،‬أما اآلن فغالبهم‬
‫مسلمون"‪.‬‬
‫‪" .9‬ظفر اإلنالم اليوم يف أفريقيا مظيم"‪.‬‬
‫‪ .9‬إن التتار هعد أن ظلم الروس هعض املسلمني ونصروهم خبوا فأرجعوا إخواهنم‬
‫مجيعاً لإلنالم يف القرن التانع مشر ملا انتيقظ املسلمون"‪.‬‬
‫‪ .7‬ومقال العامل (فريدو) ملخص أانحلرب العامة مل تصبح ظفراً ألورواب هل صار‬
‫ظفراً للشرق وأشار إىل قيام الصني واألفغان واهلند ومصر‪ ،‬وأن الرونيا اليت‬
‫كانت نبب إذالل فرنسا وإجنلرتا للشرق قد أصبحت هعد احلرب الكربى‬
‫نصريت ‪ .‬أقثول‪ :‬وملخص هذا كل قول تعاىل هنا‪{ :‬ليظهره ملى الدين كل }‪،‬‬
‫فبينما اإلنالم ينتشر يف أفريقيا شرقاً وغرابً إذا آنيا يزول الكاهوس الذي كتم‬
‫أنفانها فانتعش اإلنالم‪.‬‬
‫‪ .48‬ويقول‪" :‬ظلم أورواب أوقد انر اجلامعة اإلنالمية ‪.‬ومثال ما حصل يف‬
‫طراهلس من إجتماع الرتك والعرب ملى مناوأة الطليان"‪.‬‬
‫‪ .44‬ويقول‪" :‬احلرب البلقانية هزاد تقارب املسلمني"‪.‬‬
‫‪" .42‬إن مصطفى كمال هعد أن مزقت الدولة العثمانية غلب أورواب كلها وقال‬
‫هلم‪ :‬أان أحارب العامل كل ففاهز‪ ،‬وهذا نصر لإلنالم"‪.‬‬
‫‪ .49‬واتفق العرب والرتك نراً‪ .‬وحاراب معاً يف كيليكية‪ .‬وإن كانوا مل يظهروا‬
‫كذلك‪.‬‬
‫‪ .41‬ويقول أرمينوس‪" :‬إن الدين اإلنالمي هو الدين الفائق نائر أداين العامل‬
‫شورى ودميقراطية إىل آخره"‪ .‬أليست هذه اجلملة من حجة ثقة مند أورواب‬
‫أبمجعها هو نفس معىن قول تعاىل‪{ :‬ليظهره ملى الدين كل } وهذا مجب اي‬
‫رابه! أميش يف مصر هالدي‪ .‬وأجد كثرياً من الطبقة املتعلمة ال يصلون الصالة‬
‫املفروضة احتقاراً للدين هسبب انتشار املبشرين هيننا‪ .‬مث أمسع هذا العالمة يف‬
‫أورواب يقول‪" :‬إن هذا الدين يفوق أداين العامل" أليس أمثال هذا القول وما‬
‫تقدم أكرب معجزة للقرآن يف هذا الزمان‪.‬‬
‫‪ .41‬مث يقول أيضاً‪" :‬إن جزيرة العرب حفظت اإلنالم واحلرية ‪ ...‬اخل"‪.‬‬
‫‪ .41‬ملخص كالم املسرت (كرتس)‪" :‬أن أورواب لن تبقى طويالً يف الشرق وال‬
‫ميضي جيل هل مقد من السنني حىت تصري الدولة اإلنالمية متمتعة ابحلكم‬
‫الذايت"‪.‬‬
‫هذه رهدة مستخلصة من هذه املقاال مرضتها مليك حىت حيضر يف مقلك أيها‬
‫الذكي منظر العامل اإلنالمي العجيب ويظهر يل أنك متعجب من هذه األخبار!‬
‫وتراه ا غريبة مليك كحايل حينما كنت أقرأها‪ ،‬فخذها جلية خالصة فأنت اآلن‬
‫تقرؤها وإخوانك املسلمون يف أقطار األرض يقرؤهنا وهل هعد هذه األخبار يبقى ذل‬
‫ألمم اإلنالم؟ كال‪ .‬مث كال‪ .‬أان أكتبهذا وقد ظهر يل أمم اإلنالم شرقاً وغرابً كأهنم‬
‫يف خيايل قد رهطتهم راهطة األخوية العامة كما قال تعاىل‪{ :‬إمنا املؤمنون إخوة} ولقد‬
‫ظهر اآلن ظهوراً واضحاً‪.‬‬
‫خطاب املؤلف‬
‫أيها املسلمون‪ :‬أنتم نادة هذه األرض أنتم الظاهرون فيها‪ .‬أيها املسلمون‪ :‬أورواب‬
‫حنن ملمناها وها هي ذا تظهر ملمها لنا فخذوه‪ .‬أيها املسلمون‪ :‬أنتم رمحاء‪ ،‬واملموا‬
‫أن األمم نتبلغ رشدها فكونوا أنتم القدوة وأنشروا السالم وهل تنشرون السالم وأنتم‬
‫ضعفاء؟ نتكونون أقوايء فتهاهكم األمم لقوتكم وحتبكم لفرمحتكم‪ .‬إايكم أن تكونوا‬
‫كأورواب الشرهة الظاملة‪ .‬هل كونوا رمحة للعاملني‪.‬‬
‫أيها املسلمون‪" :‬كنتم خري أمة أخرجت للناس" مجيب ألمم اإلنالم ولدين‬
‫اإلنالم! هذا الدين الذي نزل من السماء نوراً مشرقاً‪ .‬وما كاد يصل إىل األرض‬
‫ويسري قليالً حىت امتزج ابلظالم‪ .‬وأول هذا الظالم االختالف والشجار الذي وقع هني‬
‫مظماء األمة ألجل اخلالفة‪ .‬فتشاجر األمويون والعبانيون والعلويون أمداً طويالً‪ .‬مث‬
‫ذهبت الدولة كأمس الداهر وهقي العلم ولكن يف الوقت الذي كانت في حتتضر‬
‫اململكة العبانية أخذ العلم يرجع القخقري‪ .‬فرأينا احلكمة انمت نوماً مميقاً‪ .‬وهي‬
‫هالد األندلس ومشايل أفريقيا نفي اهن رشد‪ .‬واب الذي يقرأ احلكمة مذموماً مدحوراً‪.‬‬
‫فهرب العلم من وج املسلمني إىل أورواب وها هو ذا رجع إلينا اثنياً‪.‬‬
‫هذا ومن أمجب العجب أنين أثناء طبع هذا الكتاب هذه الطبعة الثالثة وطبع‬
‫كتاب اجلواهر يف تفسري القرآن أرى مجائب من أهبرها أن تكون احلوادث اإلنالمية‬
‫متجلية واضحة ظاهرة كأهنا خلقت لتكون تبياانً للمسلمني في ‪ .‬مثال أن املسلمني‬
‫انتظم هلم مؤمتر ألول مرة يف حياة األمم اإلنالمية هعد نيف و ‪ 49‬قرانً جيمع شتاهتم‬
‫ويوحد كلمتهم من الصني واهلند إىل شواطىء احمليط األطلنطيقي ومن األورال يف‬
‫الرونيا إىل أقاصي أفريقيا مث يكون ذلك كل يف حال طبع هذا الكتاب‪ .‬نعم اجتمع‬
‫املسلمون يف هزمن النبوة ومصر اخللفاء الراشدين ولكن مل يصلوا للصني وال لبالد‬
‫األورال والقاهزان وال فنلنده يف نفس ذلك الزمان هل هعده أفال تعجب من فعل هللا‬
‫ومجائب صنع أين أكتب هذا صباح يوم ‪ 24‬ديسمرب ننة ‪ 4794‬ذاكراً ما جرى‬
‫يوم ‪ 49‬ديسمرب ننة ‪ 4794‬وهذا نص ملخصاً‪:‬‬
‫مقد املؤمتر جلست السادنة مشرة يف السامة العاشرة والنصف من صباح اليوم‬
‫هرائنة السيد أمني احلسيين‪ .‬فتلى حمضر اجللسة الساهقة ووافق األمضاء ملي هعد‬
‫تعديل طلب هعضهم‪.‬‬
‫وطلب األنتاذ مبد الرمحن مزام أن يوافق املؤمتر ملى طرح املسألة الطراهلسية ملى‬
‫هساط البحث يف دور إجتمام املقبل فوافق املؤمتر ملى ذلك‪.‬‬
‫مث قدم تقرير إضايف من جلنة السكة احلديدية احلجاهزية فتلى ملى املؤمتر وقرر‬
‫املؤمتر هشأن ما أييت‪:‬‬
‫‪ .4‬أن تكون للسكة احلجاهزية جلنة مركزية تؤلفها جلنة املؤمتر التنفيذية من تسعة‬
‫أمضاء وأن تكون مرتبطة هبا‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تؤلف هذه اللجنة فروماً هلا يف البالد اليت تراها مالئمة لذلك‪.‬‬
‫‪ .9‬أن تتخذ اللجنة املركزية مجيع األنباب السيانية واإلدارية والقضائية واحمللية‬
‫للوصول إىل غايتها‪.‬‬
‫‪ .1‬أن تقوم جلان فرمية هنشر الدموة إىل حتقيق هذه الغاية ملى األنس اليت‬
‫تضعها اللجنة املركزية‪.‬‬
‫‪ .1‬أن يكون مركز اللجنة املدينة اليت تراها أكثر مالءمة لذلك‪.‬‬
‫وقد جاء يف اتريخ ‪ 47‬ديسمرب ننة ‪ 4794‬أن قال هعض من كان يف املؤمتر من‬
‫املصريني أن املؤمتر قد جنح حبمد هللا أكثر مما كنا نظن‪ .‬وقد اهنزم معارضوه وقتلوا يف‬
‫مهدهم‪ ،‬وأنين مسرور جداً هبذا النجاح العظيم وأطلب من هللا العلى القدير أن يوفقنا‬
‫إىل خري اإلنالم واملسلمني‪.‬‬
‫وقا نار املؤمتر ملى املنهج الذي رمس ومل يبحث يف غري الشئون اإلنالمية اهلامة‬
‫اليت تتصل ابملسلمني وابلشعوب اإلنالمية املهضومة احلقوق وقال مظيم هندي ما‬
‫أييت‪.‬‬
‫لقد ظهر من نتيجة هذا املؤمتر أن العامل اإلنالمي يف حاجة شديدة إىل توحيد‬
‫الكلمة والعمل اجلدي يف نبيل النهوض ابإلنالم وال تنس أن هذا املؤمتر هو األول‬
‫من نوم وأن أكثر الشعوب اإلنالمية كانت مشغولة ابلشئون الداخلية وأما املعارضة‬
‫اليت تسألين منها فأقول لك أن ليس يف فلسطني معارضة للمؤمتر أبي حال من‬
‫األحوال وإمنا هني الفلسطينيني هعض املشاكل احمللية نسأل هللا أن يهديهم مجيعاً إىل‬
‫نواء السبيل‪.‬‬
‫وأما اجلامعة اإلنالمية املنوي إنشاؤها يف فلسطني فقد اتفق الرأي ملى أن تسمى‬
‫جامعة املسجد األقصى‪.‬‬
‫ولقد وضعنا القانون األناني للمؤمتر ابالشرتاك مع هعض إخواننا وقد كنت أمتىن‬
‫أن تكون أن تكون نصوص أكثر حرية ليسع مجيع الذين يرغبون يف اخلدمة اإلنالمية‬
‫العامة‪.‬‬
‫لقد حضر إىل مصر حيث أقضي أرهعة أايم‪ ،‬مث أنافر إىل اليمن تلبية لدموة‬
‫جاللة اإلمام حيىي اليت وصلتين وأان يف لندن‪ ،‬للتكلم يف مسألة إنالمية هامة‪ ،‬ولقد‬
‫تلقى السيد دمحم هزابرة أوامر جاللة اإلمام لريافقين يف السفر‪ ،‬ونأكون يف صنعاء قبيل‬
‫أواخر هذا الشهر‪ .‬ونأقضي فيها مشرين يوماً تقريباً مث أقوم إىل اهلند ا هـ‪.‬‬
‫أيها األخ الكرمي أان ذكر كالم ذلك العضو اهلندي وذكر املائدة املستديرة‬
‫وذكر اخلالف هني املسلمني واهلندوس يف اهلند ألهني لك أن كالم األرواح الذي‬
‫جاء منذ (‪ )49‬ننة قد ظهر هوادره يف ارتقاء اإلنالم ويف أن هادايً مظيماً خؤج‬
‫يف اهلند ويف قلب النظام فيها فاملصلح العظيم هو غاندي ودليلك هذه املعركة اجلدية‬
‫هني املسلمني واهلندوس وخالفهم يف نظام احلكم ألجل االنتقالل أليس هذا قلباً‬
‫للنظام الذي كان نبب دموة غاندي ملقاطعة اإلجنليز يف اهلند مث قيام املسلمني ضد‬
‫اهلندوس يف ذلك وكل يطلب احلرية دليل ملى حركة األمم اإلنالمية وكفى هبذا‬
‫وهغريه دايالً وهبذا انتهت املباحث األرهعة‪.‬‬
‫املبحث اخلامس يف مسائل متفرقة‬
‫قال صديقي أن الروح حدد مومد الطوائف الثالث يف أورواب هسبع ننني وها هي‬
‫ذا مضت ‪ 49‬ننة ومل حيصب شيء فقلت حصل هعض هذا والروح مل تعني املدة‬
‫ابلضبط هل هي ملا قالت نبع ننني رجعت وقالت أن العامل يبقى ننني حىت تتزن‬
‫القوى ومع ذلك حنن قلنا غري مرة ليس كل ما يقال حقاً هل هي أقوال تصيب‬
‫وختطىء قال أن يقول أن اخلمر حترم قلت أن أمريكا حرمتها والناس أخذوا يقلدوهنا‬
‫وقال أهن م قالوا أن الناس يرتكون الشبع وحنو ذلك فقلت أن هوادر هذه ظهر فإن‬
‫مسألة (الفيتامني أي مادة احلياة) يدرنها الناس اليوم وقد وجدوا أن نر احلياة يف‬
‫املواد النيئة من فاكهة وخضر وأن السكر واللحم والبيض وكل مطبوخ جيب اإلقالل‬
‫منها هل اخلياة السعيدة ابالقتصار ملى النيئا ومدم الطبخ ألن الطبخ يقتل مادة‬
‫احلياة وهذا إمجال تراه مفصالً يف كتاهنا اجلواهر يف تفسري القرآن يف نورة ط مند‬
‫ذكر قصة آدم يف آخرها ويف نورة الشعراء مند آية‪( :‬وإذا مرضت فهو يشفني} ويف‬
‫نورة ص مند آية آدم أيضاً فهناك مباحث األغذية مفصلة تفصيالً وهكذا يف أول‬
‫نورة احلجر مند اإلشارة إىل آدم وإهليس فهنالك أفضت يف هذه املواضيع إفاضة ال‬
‫تدع لقارئها ابابً إال وجلت وال مبحثاً إال فصلت تفصيالً‪.‬‬
‫فقال صديقي لقد ذكر األرواح أن األمة املصرية نيكون هلا شأن يذكر يف‬
‫ارتقاء أمم األرض هعد انتقالهلا وها هي ذا مصر انتقلت انتقالالً داخلياً فأين أثرها‬
‫فقلت رمبا يكون ذلك هعد االنتقالل التام وأيضاً األرواح تصدق وتكذب فقال هل‬
‫أاتك نبأ حديث منك يف جريدة املقطم وأن كتبك نفعت اإلنسانية يف هالد الشرق‬
‫األقصى فقلت أين هذا النبأ فقال ها هي ذا هتاريخ يوم الثالاثء ‪ 27‬ديسمرب ننة‬
‫‪ 4794‬حتت منوان معلوما جديدة من هالد تركستان الصينية (كشغر)‪ .‬نصف‬
‫نامة مع السيد منصور خان‪ .‬وصدرها كاتبها الشيخ نعيد درويش من نوراي الباب‬
‫مبقدمة ذكر فيها أن ملا انصرف من املؤمتر اإلنالمي ابلقدس الذي كان هو أحد‬
‫أمضائ قاهل الشاب الرتكستاين املذكور وهعد أن وصف أبن يعرف مخس لغا الرتكية‬
‫والفارنية والعرهية والفرنسية واالجنليزية قال نألت ‪:‬‬
‫س‪ :‬ما السبب الذي محلك ملى مغادرة الوطن وهل هزر غري مصر من البالد‬
‫اإلنالمية؟‬
‫ج‪ :‬كنت تلميذاً يف املدرنة الثانوية (كشغر) والعلوم املصرية قليلة يف هالدان جداً‬
‫ابلرغم من رقي العلوم اإلنالمية واآلداب العرهية والفارنية‪.‬‬
‫فمنذ مصور قدمية كانت هالدي وأخواين املسلمون غرقى يف جلة اجلهالة حبيث ال‬
‫ميكنين تفصيل أحواهلم االجتمامية يف هذه املدة القصرية فها أنذا أريد اآلن أن أرفع‬
‫من شأن هالدي وشعيب وهم مسلمو تركستان الصينية – ابلعلوم العصرية تلك العلوم‬
‫اليت كانت منذ أهزمنة متطاولة حىت هزماننا هذا معدودة من أنباب الزندقة واإلحلاد يف‬
‫البالد هل الكفر وأن كل من يتعلم ملماً مصرايً يعده قومي مارقاً من الدين إىل أن هزغ‬
‫يف آفاق مامل اإلنالم مشس أحرقت أبنوارها حجب اجلهالة فتجلى مجال احلقيقة‬
‫وأهزيل الغطاء من ميون شباب هالدي مجيعاً يف هضع ننني األمر الذي مجز من‬
‫القرون املتطاولة واملؤلفا اليت كانت تصدر آانً فآانً لفالنفة اإلنالم وما هذه‬
‫الشمس اليت مزقت تلك احلجب وأحرقتها إال مؤلفا حضرة فيلسوف اإلنالم‬
‫األوحد فضيلة األنتاذ الشيخ طنطاوي جوهري املصري الذي نحر مقول هالدان يف‬
‫مدة وجيزة وأهدع قرانً جديداً يف احلياة االجتمامية اإلنالمية ووفق هني القرآن والعلوم‬
‫العصرية مما ال يدع جماالً للشك والريب يف أ‪ ،‬تلك العلوم هي نفس الدين وأخص‬
‫ابلذكر من املؤلفا ‪ ،‬التاج املرصع الذي أهداه مليكادو الياابن ونظام العامل واألمم‬
‫وتفسري اجلواهر وكتاب القرآن والعلوم العصرية‪.‬‬
‫ومن العجب أين يف أي هالد مرر هبا يف نفري إىل تركيا كنت أقاهل من يعرف‬
‫فيلسوف الشرق الشيخ الطنطاوي جوهري ويف يده أثر من آاثره القيمة يريد أن‬
‫يتثقف ه أو يتثقف ه غريه واحلق يقال أن آاثر الفيلسوف ملى ما أ‘تقد نتؤثر يف‬
‫مقلية الشعوب أتثرياً يشب أتثري املصلح يف الدين املسيجي (لوثر) وملا كنت يف هالدي‬
‫كان شباب تركستان الصينية يتشاورون فيما هينهم أن يشاورون فيما هينهم أن يشيدوا‬
‫ابنم الفيلسوف اجلوهري جامعة تكون تذكاراً إلمس وتقديراً ألممال ‪.‬‬
‫أن تلك اآلاثر القيمة أثر يف مقلية شبان تركستان الصينية الذين كانوان يتيهون‬
‫يف هيداء آنيا الونطى حيارى ال مرشد هلم وال دليل يف مزلة من األمم املتمدنة فلما‬
‫رأوها أقبلوا مليها وحل يف قلوهبم شوق إىل العلوم العصرية فسعوا إىل مناهعها يف‬
‫جامعاهتا يف املمالك املتمدنة األوروهية واإلنالمية وأن هذه الكتب الطنطاوية هي اليت‬
‫هعثتنا يف أقطار الشرق والغرب لدرانة ملوم األمم مما حرم من مجيع أجدادان وآابئنا‬
‫وأن واحد من أول وفد قام من البالد ومددان ثالثون شاابً وقام هعدان وفد آخر كل‬
‫ذلك هتأثري حضرة الفيلسوف هبا أان ذا غادر هالدي إىل تركيا القتباس العلوم‬
‫العصرية ولالرتشاف من مناهل حياضها‪.‬‬
‫س‪ :‬ذكرمت يف هالدكم مسلمني فكم مددهم ومن حيكمهم؟‬
‫ج‪ :‬مندان أكثر من مشرة ماليني من األتراك املسلمني الذي يتكلمون هلهجة‬
‫قدمية من اللغة الرتكية‪.‬‬
‫أما املسلمون يف هالد الصني فإهنم أكثر من نبعني مليون مسلم يتكلمون ابللغة‬
‫الصينية ويعتادون العادا والتقاليد الصينية ويدينون ابلداينة اإلنالمية احملمدية‪ .‬وأن‬
‫الذي حيكمهم هي احلكومة الصينية األمرباطورية‪.‬‬
‫س‪ :‬هل تضيق احلكومة مليكم يف دينكم أن هل تقيمون الشعائر هكل حرية‪.‬‬
‫ج‪ :‬حنن أحرار هكل معىن الكلمة‬
‫س‪ :‬هل هزرمت غري مصر وتركيا‬
‫ج‪ :‬األفغان وإيران يف طريقي إىل تركيا‪.‬‬
‫س‪ :‬هل مكثتم طويالً يف هالد األفغان‪.‬‬
‫ج‪ :‬جلت يف األفغان نتة أشهر وأن رفيقي أمني أفندي الكاشغري دخل يف‬
‫إحدى املدارس األفغانية جماانً حتت محاية أمان هللا خان امللك الساهق‪ ،‬فحينما ذهبت‬
‫إىل وهزارة املعارف األفغانية أخربين معاون الوهزير أن يف صدد ترمجة كتاب نظام العامل‬
‫واألمم حلضرة األنتاذ طنطاوي جوهري إىل اللغة الفارنية لشبان األفغان‪.‬‬
‫س‪ :‬قلتم أن كتاب التاج املرصع هلذا الفيلسوف أهداه صاحب مليكادو الياابن‪،‬‬
‫فهل لذلك الكتاب أثر يف تلك البالد الياابنية‪.‬‬
‫ج‪ :‬إن التاج املرصع ملا وصل الياابن أكب املسلمون الياابنيون الذين أنلموا من‬
‫رهع قرن إبرشاد املشهور مبد الرشيد إهراهيم السياح واآلن يف الياابن ملى ما مسعت‬
‫من هعض الثقاة أكثر من مشرين ألف مسلم ايابين‪ ،‬فصار هذا األثر النفيس (دولة)‬
‫أي تتداول األايدي وأثر يف هزايدة حمبتهم لدينهم‪ ،‬واآلن ينتشر الدين اإلنالمي هتأثري‬
‫ترمجة هذا األثر إنتشاراً وانع النطاق‪.‬‬
‫فلما أمسعين ذلك مجبت غاية العجب‪ ،‬فقرأ "ذلك من فضل ريب ليبلوين‬
‫أأشكر أم أكفر ومن شكر فإمنا يشكر لنفس ومن كفر فإن ريب غين كرمي" وقرأ‬
‫"احلمد هلل الذي هداان هلذا وما كنا لنهتدي لوال أن هداان هللا"‪ .‬انتهى ما أردت يف‬
‫كتاب أألرواح‪ ،‬وكان الفراغ من إمداد مسودا الطبعة الثالثة ليلة اخلميس ‪29‬‬
‫شعبان ننة ‪ 9 ،4918‬يناير ننة ‪.4792‬‬
‫فهرس كتاب األرواح‬

‫مقدمة الناشر ‪..................................... ................................‬‬


‫تقريظ للفاضل اجلليل الشيخ يونف الدجوي ‪.........................................‬‬
‫مقدمة ‪....................................... ................................‬‬
‫اجمللس األول‪ :‬يف مذهب السنخ والبنغال والكتاب املقدس‬
‫اهلندي ومقارنتها هنظر نيدان اخلليل ‪........................................‬‬
‫اجمللس الثاين‪ :‬دليل وجود األرواح هنظام العامل وأدلة منكريها ‪.............................‬‬
‫اجمللس الثالث‪ :‬أدلة القرآن والسنة والعقل ملى هقاء النفس ‪.............................‬‬
‫اجمللس الراهع‪ :‬يف الروح الىت أخرب مبوهتا وهزمن ويف قلت ملم النوع اإلنساين‬
‫ومقاران شيت هني أقوال األرواح وهني القرآن واحلديث الشريف ‪................‬‬
‫اجمللس اخلامس‪ :‬يف أنباب حتريك املوائد ويف مجائب جاء ملى يد األرواح‬
‫كإحضار فواط وهزهر وحكم غيبية ومقارنة هذا‬
‫مبا ورد يف الدين تصديقاً للكتاب ‪..........................................‬‬
‫اجمللس السادس‪ :‬يف صفة األرواح وإقرارها هعذاهبا وكيف مذب البخيل‬
‫حبب املال والظامل ابلندم واحلسرة ‪...........................................‬‬
‫اجمللس الساهع‪ :‬يف مناجاة األرواح وانتقامها ابلونونة ومطفها‬
‫ملى الباكني مليها وما شاه ذلك من احلكم والعجائب ‪.......................‬‬
‫اجمللس الثامن‪ :‬ىف حماورا األرواح وتطبيق ما يف األحياء‬
‫وغريه من كتب اإلنالم ملى ما ذكرت األرواح ‪...............................‬‬
‫اجمللس التانع‪ :‬يف انتعمال الوناطة وهعض مضارها‬
‫وأتثري الونيط األديب ووصف األرواح لنظام السموا‬
‫وكواكبها ونظام العامل واألرواح ‪.............. ................................‬‬
‫نتيجة هبا ثالثة فصول‪ :‬الفصل األول يف إثبا وجود اجلسم الروحاين‬
‫يف وقت احلياة – الفصل الثاين يف إثبا وجود اجلسم الروحاين‬
‫هعد احلياة – الفصل الثالث يف ذكر روح انتحضر قريباً ‪....................‬‬
‫اجمللس العاشر‪ :‬يف اتريخ مناجاة األرواح وممومها يف األمم وفي ثالث فصول‪:‬‬
‫الفصل األول يف هيان طرق مناجاهتا هسائر ضروهبا الفصل الثاين يف‬
‫آداب حمضري األرواح – الفصل الثالث يف التنومي املغناطيسي ‪..................‬‬
‫يف األجيال اخلالية ‪................................. ................................‬‬
‫القصة األوىل‪ :‬يف كشف أنرار من ادمى النبوة ‪........................................‬‬
‫القصة الثانية‪ :‬قصة ننان وهو من اإلمساميلية ول حيل ونحر ‪..........................‬‬
‫خطاب لألمم اإلنالمية ‪........................... ................................‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬يف آداب حمضري األرواح ‪.............. ................................‬‬
‫ثالثة أمثلة ملى ما تقدم ‪........................... ................................‬‬
‫األرواح تكتب هال أقالم ‪............................ ................................‬‬
‫مطاهقا للشريعة اإلنالمية ‪........................ ................................‬‬
‫آداب من حيضرون األرواح ‪......................... ................................‬‬
‫درجا األروح ‪................................... ................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬يف التنومي املغناطيسي ‪................ ................................‬‬
‫تقديس كتب السحر وأكاهر السحرة مند قدماء املصريني ‪...............................‬‬
‫املغناطيسية احليوانية ‪............................... ................................‬‬
‫فصل يف مجائب العلم احلديث يف التنومي ‪............................................‬‬
‫اجمللس احلادي مشر‪ :‬يف هيان هراهني نقراط ملى هقاء النفس‬
‫وكيف كان مبدأ التفكري مند املؤلف وكيف انتدل‬
‫اهن مسكوي مليها وهيئة املفكرين يف هذا العصر احلاضر ‪......................‬‬
‫كيف كان مبدأ تفكر املؤلف يف أمر الروح ‪...........................................‬‬
‫اجمللس الثاين مشر‪ :‬يف هيان الطريق اليت يتبعها املقلدون‬
‫ىف العصر احلاضر وشبهاهتم ‪............... ................................‬‬
‫الروح املعلمة هيد القس ننتون مورنس يف حب اإلنسانية ويف الفلسفة ‪....................‬‬
‫اجمللس الثالث مشر‪ :‬يف خطبة اللورد أليفر لودج يف احلياة هعد املو‬
‫ويف حماورة مع اهن رميند الذي ما يف احلرب احلاضرة ‪........................‬‬
‫جلسة ‪ 21‬نوفمرب ننة ‪..................... ................................ 4741‬‬
‫جلسة ‪ 9‬ديسمرب ننة ‪...................... ................................ 4741‬‬
‫جلسة ‪ 1‬فرباير ننة ‪........................ ................................ 4741‬‬
‫مناجاة األرواح يف أورواب ويف اإلنالم ‪................ ................................‬‬
‫اجمللس الراهع مشر‪ :‬يف ملخص حديث هرايفت دودينج يذكر في‬
‫حال النفس هعد املو ويصف جهنم ومستقبل األمم‬
‫والدول وأورواب ومصر واإلنالم ‪............................................‬‬
‫تقسيم الكتاب وهو مقسم إىل ثالثة فصول ‪...........................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬يف وصف املو اخل ‪.................. ................................‬‬
‫الفصل الثاىن‪ :‬إن قاهل تلك الروح اخل ‪............... ................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬ما ألقاه الروح الذي مساه رنوالً اخل ‪....................................‬‬
‫هبجة العلم والعرفان يف ملم األرواح ‪.................. ................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬يف واقعة جاء من ملماء أمريكا الروحانيني ‪............................‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬فيما جاء يف كتاب اجلواهر ‪............................................‬‬
‫نتيجة هذا املقام ‪.................................. ................................‬‬
‫إيضاح ‪....................................... ................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬فيما جاء من ملماء األرواح يف كتاب اجلواهر أيضاً ‪.....................‬‬
‫‪....................................... ................................‬‬ ‫تذكرة‬
‫الفصل الراهع‪ :‬فيما شاهدت من مجائب ملم األرواح ‪..................................‬‬
‫هارون الرشيد خياطبين ‪............................. ................................‬‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬فيما جاء يف جملة اهلالل حتت منوان‬
‫مشاهدايت يف مناجاة األرواح ‪.............. ................................‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬وفي مخسة مباحث ‪................ ................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬يف أن تركيا قد فقد ممالكها اخل ‪.....................................‬‬
‫املبحث الثاين والثالث والراهع‪ :‬يف ما نقلت من العالمة لوث روب من كتاب‬
‫حاضر العامل اإلنالمي يف أن اإلنالم ارتقى طفرة اآلن ‪.......................‬‬
‫خطاب املؤلف للمسلمني ‪.......................... ................................‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬يف مسائل متفرقة ‪.................. ................................‬‬
‫الفهرس ‪....................................... ................................‬‬

You might also like