You are on page 1of 93

‫الجمهور ّية الجزائر ّية الديمقراط ّية ال ّ‬

‫شعب ّية‬
‫العلمي‬
‫ّ‬ ‫وزارة التعليم العلي و البحث‬
‫جامعة ابن خلدون ـ تيارت ـ‬
‫كل ّية اآلداب و اللّغات‬
‫قسم اللّغة و األدب العربي‬
‫مذكرة مكمّلة لنيل شهـــــــــــــــــادة الماستر في اللّغة و األدب العربي‬
‫تخصص ‪ :‬نقد حديث ومعاصر‬

‫تخصص‪ :‬نقد حديث و معاصر‬


‫نظرية علم الجمال في النقد العربي‬
‫المعاصر‬
‫إشراف األستاذ الدكتور ‪:‬‬ ‫إعداد ال ّطالبتين‪:‬‬
‫‪ -‬كراش بن خولة‬ ‫‪ -‬بشايب عائشة‬
‫ساسة ياسينية‬ ‫‪-‬‬

‫لجنــــــــــــــة المناقشــــــــــــــــــــــــة‬
‫الصفة‬ ‫الجامعة‬ ‫الرتبة‬ ‫االسم واللقب‬

‫رئيسا‬ ‫ابن خلدون –تيارت‪-‬‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫عبد الهادي بلمهل‬

‫مشرفا و مقررا‬ ‫ابن خلدون‪-‬تيارت‪-‬‬ ‫أستاذ التعليم العالي‬ ‫بن خولة كراش‬

‫مناقشا‬ ‫ابن خلدون‪-‬تيارت‪-‬‬ ‫أستاذمحاضر‪ -‬ب‪-‬‬ ‫قرورمعاشو‬

‫السنـــة الجامعية‪2441/2441 :‬ه الموافق لـ ‪1211/1212‬م‬


‫المقدمة‬
‫المقدمة ‪:‬‬

‫احلمد ﵁ رب العادلُت و الصبلة والسبلم على نبينا الكرَل ‪ ,‬أفصح العرب قاطبة لسان‬

‫و أبينهم حجة و أرشدىم سبيبلً ‪ ,‬سبحان من خلق اإلنسان و زينو و كرمو بالعقل و فضلو على‬

‫كثَت من خلقو ‪ ,‬فجمل فيو الروح و اصبغها بنعمة التذوق السليم حفاظاً على طبعو احلسن‬

‫و فطرتو على حب اجلمال ‪,‬الذي يقربنا من جوىرنا اإلنساٍل أكثر‪ ,‬فأمجل ما ؽللئ شعور اإلنسان‬

‫ىو تأمل اجلمال و تذوقو ‪ ,‬و كما ػلتاج اإلنسان لضروريات احلياة من أكل وشرب و غَتىا‬

‫كذلك ػلتاج دلكمبلت لتمام القبول يف النفس يسعى من خبلذلا إىل تكوين بيئة مجالية ‪ ,‬ويف‬

‫خضم ىذه احلياة اليت يعيشها اإلنسان ‪ .‬استطاع أن يطور وعيو بالفن واجلمال منذ زمن بعيد ومنذ‬

‫تلقيو الفن عرب سلتلف العصور ‪ ,‬فكان لزاماً أن يأخذ علم اجلمال حيزاً واسع االىتمام كونو طرح‬

‫فلسفي ػلتاج لفكر خصب يبُت عن مقاصده و ػلافظ على سَتورة العمل الفٍت ‪ ,‬و مفهومو‬

‫حبر كبَت غاص فيو العديد من الفبلسفة و ادلفكرين و على العموم اجلمال ىو علم يود دراسة‬

‫ادلقاييس و القيم اليت تصف الظواىر الفنية و اخلربة اجلمالية ‪ ,‬فأضحت حاجة اإلنسان ملحة‬

‫لدراسة علم اجلمال لتحقيق توازن النفس من خبلل تلك ادلتعة اجلمالية يف تذوق الفن دبختلف‬

‫إبداعاتو للوقوف عند مواطن احلسن و القبح فيو ‪ ,‬فجاء علم اجلمال كاىتمام لدراسة أرقى أعمال‬

‫اإلنسان ‪ ,‬كما كان لو االىتمام بقوانُت الفن ‪ ,‬فجاء إلظهار تلك اجلانب الغامض يف فنيات‬

‫األعمال األدبية و النقد معاً ليصبغها من جديد ‪ ,‬و ذلك بغية بناء حس مجايل خبلق من خبلل‬

‫توظيف ادلناىج النقدية ألعليتها يف خدمة النص األديب و اختبار كفاءاهتا اإلجرايية و الوقوف على‬

‫زلاسنها و عيوهبا من خبلل زلك النص ‪ ,‬و مواجهة النصوص األخرى ادلتباينة لتشكيلها اجلمايل‬

‫‌أ‬
‫المقدمة ‪:‬‬

‫و ذلك من خبلل الًتكيز على القضايا الفنية ‪ ,‬حينها حظي النتاج الفكري لدى الفبلسفة‬

‫و ادلفكرين بدراسات كثَتة و لعل أبرزىا كتاب ( األسس اجلمالية يف النقد العريب ) لعز الدين‬

‫إمساعيل ‪ ,‬حيث ركزت جهودىا على أسس علم اجلمال اليت قام عليها يف أوساط النقد العريب‬

‫ادلعاصر ‪ ,‬واألساس الفكري و احلكم ادلطابق لؤلعمال الفنية اجلمالية ‪ ,‬فكان يتحدث عن األساس‬

‫النقدية يف الفنون بصفة عامة ‪ ,‬إضافة إىل كتاب ( يف فلسفة الفن و علم اجلمال ) لبدر الدحاٍل‬

‫الذي كانت دراستو يف نظريات و شروط و مقاييس علم اجلمال من وجهة فلسفية ‪ ,‬خاصة الذين‬

‫اىتموا بالظاىرة الفنية اجلمالية ‪ ,‬إضافة إىل الكتاب ادلًتجم لدى " دنيس ىويسمان " (علم‬

‫اجلمال ) " االستطيقا " فتكلم عن ادلصطلح و تداوالتو ‪ ,‬إضافة إىل حديثو عن الفن و دور التأثَت‬

‫والتأثر يف العملية اإلبداعية ‪ ,‬و مكانة الفن بصفة عامة ‪ ,‬زيادة عن دراسات أخرى من خبلل ما‬

‫جاء فيها عن علم اجلمال ‪ ,‬فإن تصفحنا ذلذه الدراسات و أخرى كانت دافعاً لنا للتعمق يف نظرية‬

‫علم اجلمال و االستفادة منها و ما تناولناه يف تلك الدراسات ادلتشعبة بُت الفبلسفة ‪ ,‬فإذا كان‬

‫اجلمال احلكم عليو صادر من ذواتنا و ميوالتنا و تأرجحو بُت الذاتية و ادلوضوعية ‪ ,‬فيقسو علينا‬

‫ىذا ليجعلنا نطرح اإلشكال العام ‪ :‬كيف سبثل النقاد العرب ادلعاصرون نظرية اجلمال ؟ و ما مدى‬

‫انعكاس ىذه النظرية يف اخلطاب النقدي العريب ادلعاصر ؟ و ما ىو علم اجلمال ؟ وكيف تلقاه‬

‫النقاد ادلعاصرون ؟‬

‫لئلجابة عن ىذه التساؤالت يف منت دراستنا اتبعنا خطة حبث متمثلة يف ‪:‬‬

‫مدخل ‪ :‬تناولنا فيو التصورات ادلفاعلية لنظرية علم اجلمال و بداياتو األوىل ‪ ,‬أما الفصل األول ‪:‬‬

‫‌ب‬
‫المقدمة ‪:‬‬

‫عنوناه دبهاد معريف فلسفي لنظرية علم اجلمال ‪ ,‬و عناوين فرعية أخرى سبثلت يف التفكَت الفلسفي‬

‫لعلم اجلمال تناولنا فيو تصورات بعض الفبلسفة ‪ ,‬مث تطور عبلقة اجلمال بُت اإلنسان والطبيعة‬

‫و الفن ‪ ,‬باإلضافة إىل أسس نظرية علم اجلمال يف النقد العريب و عناوين فرعية أخرى وضحنا فيها‬

‫أكثر كل ما يليق باجلمال و األحكام اجلمالية ‪ .‬أما الفصل الثاني فكان ػلمل عنوان مجاليات‬

‫التلقي و عبلقتها بالقارئ و تاريخ األدب حيث وضعنا سلططُت توضيحيُت للمفاىيم اليت ركز عليها‬

‫كل من إيزر و روبرت ياوس يف عملية التلقي و أثرىا يف النقد العريب ادلعاصر ‪ .‬كما ذكرنا بعض‬

‫األعبلم العرب الذين تأثروا بعلم اجلمال ‪ ,‬و عناوين شرحنا فيها بالتفصيل ما يليق بعنوان الفصل‬

‫ىذا ‪ ,‬إضافة إىل مجاليات الصورة و األسلوب اجلمايل يف ظل التذوق الفٍت ‪.‬‬

‫وقد اقتضت دراستنا ىذه إتباع ادلنهج الفٍت كونو ادلبليم لطبيعة ادلوضوع يف ربليل التصورات‬

‫الفنية اجلمالية لعلم اجلمال ‪ ,‬و ادلنهج األركيولوجي ( احلفري ) الذي يبحث يف األثر الفٍت لعلم‬

‫اجلمال من خبلل احلفر و التنقيب للكشف عن ادلسكوت عنو الستنباط األحكام اجلمالية من‬

‫خبلل استنطاق تلك الدالالت العميقة ‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أعلية ادلوضوع و ما ُد ِو َن عنو يف النقد العريب أوجدت مبلمح لعلم اجلمال‬

‫و التلقي معاً عند نقادنا القدامى اليت تتقاطع يف الكثَت من القضايا ادلطروحة يف ىذا اجلانب ‪ ,‬نذكر‬

‫بعض الكتب منها " مدخل إىل علم اجلمال األديب " لعبد ادلنعم تليمة ‪ ,‬كتاب دلصطفى عبده "‬

‫ادلدخل إىل فلسفة اجلمال ‪ ,‬و دور العقل يف اإلبداع الفٍت " و كتاب " بذور االذباه اجلمايل يف‬

‫النقد العريب القدَل " لكريب رمضان ‪.‬‬


‫‌ج‬
‫المقدمة ‪:‬‬

‫و من الصعوبات اليت واجهناىا يف دراستنا لنظرية علم اجلمال ىاتو ىي ‪:‬‬

‫ـ ـ ربتاج التصورات اجلمالية إىل ربليل فلسفي أكثر من أي ربليل آخر ‪ ,‬شلا صعب علينا ضبط وجهة‬

‫معينة الذباه علم اجلمال ‪ .‬باإلضافة إىل تشعب الرؤى لعلم اجلمال الذي مل يضبط يف مفهوم دقيق‬

‫بعد ‪ ,‬و ىذا ما يوحي إىل أنو ذايت أكثر شلا ىو موضوعي ‪ ,‬كل دارس يراه من زاوية معينة وفق‬

‫منظور خاص بو ‪ .‬ىذا ما غلعلنا طلوض يف علم اجلمال دبصرعُت الذايت و ادلوضوعي ‪ ,‬انطبلقاً من‬

‫بداياتو األوىل يف القدَل إىل غاية تلقيو يف النقد ادلعاصر ‪.‬‬

‫و يف األخَت نتوجو جبزيل الشكر و التقدير لدكتور كراش بن خولة الذي توىل حبثنا ىذا بإشرافو‬

‫وتوجيهو و تصويب ما تعثرنا فيو ‪ .‬رغم مشاغلو الكثَتة إال أنو مل يبخل علينا بنصايحو و اىتمامو‬

‫فجزاه ا﵁ عنا كل خَت وجعل عملو يف ميزان حسناتو ‪ .‬كما ال ننسى اللجنة اليت بصدد مناقشة‬

‫موضوعنا ىذا فلهم كل التقدير و االحًتام ‪.‬‬

‫بشايب عائشة‬
‫ساسة ايس ينية‬
‫‪ 10‬جوان ‪2122‬م‬

‫‌د‬
‫المقدمة ‪:‬‬

‫المدخل‬

‫‪5‬‬
‫*المدخل ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ سبهيد لعلم اجلمال يف النقد العريب ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ داللة علم اجلمال ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ضبط ادلفاىيم ادلثثرة يف نظرية علم اجلمال ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 1‬ـ مفهوم اجلمال لغة و اصطبلحا‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 2‬ـ مفهوم علم اجلمال ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 3‬ـ مفهوم النظرية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 4‬ـ مفهوم اجلمالية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 5‬ـ مفهوم التلقي ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ دلاذا ندرس علم اجلمال ؟‬

‫( اذلدف من دراسة علم اجلمال )‬

‫‪6‬‬
‫احلديث عن علم اجلمال ال ضلصره يف زاوية معينة بطبيعتو ووجوده البلمتناىي ادلواكب‬

‫لسَتورة الطبيعة و ما ربملو من مجاليات وفنيات مستمدة من اإلنسان ذاتو و ا﵀يط عامة ‪ ,‬فعلم‬

‫اجلمال أخذ حيز واسع شلا ػلملو على مر العصور فقدمو قدم اإلنسان ‪.‬‬

‫" وإذا تساءلنا ‪ :‬ما اجلمال ؟ فإن تاريخ الفكر يعرض إجابتُت ‪ ,‬أوذلما االذباه الذي يرى أن‬

‫اجلمال ال ؽلكن أن يقدم يف تصورات ‪ ,‬ألنو قيمة يف ذاتو ‪ ,‬وىو االذباه الذي يرى اجلمال عبارة‬

‫عن فكرة ‪ ,‬و ثانيهما ‪ :‬االذباه الذي يرى أن اجلمال ظلط معُت لتمثيل احلقيقة و إظهارىا يف طابع‬

‫حسي وىناك وجهة نظر أخرى ترى أن اجلمال ليس صفة لؤلشياء ادلادية أو فكرة فحسب و إظلا‬

‫اجلمال ىو فعل خبلق ينشأ من العبلقة اليت تنشأ بُت اإلنسان و ادلوضوع الذي يتوجو إليو ‪.‬‬

‫فعبلقة اإلنسان بالكون تكون مجيلة مىت أدت إىل ظلو الكون و تفتحو حبث يكون فضاء لئلبداع‬

‫اإلنساٍل دون أن غلور على الكون " ‪.1‬‬

‫من ا﵀تمل أن ؼلتلف البشر يف معايَت ربديد اجلمال ‪ ,‬فهم ؼلتلفون يف ربديد وضوحو ودقتو ‪.‬‬

‫و ىذا أمر ارتبط دبيوالت كل فرد و حىت مرجعياتو الفكرية كما أن اختبلف تقاليد األجناس و‬

‫األديان يثثر و بشكل مباشر على احلكم على القيمة اجلمالية ‪ ,‬اليت بصدد إنتاجها مرا قبل ادلتمرس‬

‫يف العملية اإلبداعية اليت ال اكتسبها اإلنسان منذ بداييتو و ذلك من خبلل ادلمارسة اليومية‬

‫ادلصاحبة لو ‪ ,‬واليت كنا نرى فيها شيء من القيمة اجلمالية " وردبا كانت الرباءة و البساطة و‬

‫‪ 1‬ـ ـ مصطفى الناشر ‪ ,‬الفلسفة التطبيقية و تطوير الدرس الفلسفي العريب ‪ ,‬ص ‪ 233‬ـ ‪. 234‬‬
‫‪7‬‬
‫‪1‬‬
‫و لكن‬ ‫التلقايية ىي تلك القيم ادلماثلة فيها اليت صارت تشد إليها بعض الفنانُت ا﵀دثُت "‬

‫اإلنسان البدايي ما كانت لو الدراية بتلك القيم سوى أن ينشأ صنعة أمامو لينتفع هبا فظل اجلمال‬

‫ىنا ينظر لو على أنو منفعة و على أنو شيء زلسوس فحسب ‪.‬‬

‫كان للحضارات القدؽلة الباع الطويل يف إنتاج سلتلف الفنون اليت محلت بداخلها صفات‬

‫مجالية حسية ‪ ,‬إال أن احلضارة اإلغريقية كانت السباقة لبلىتمام بالكم اجلمايل حيث " أفرزت فكراً‬

‫نقدياً على الفنون و من أبرز ىثالء سقراط و أفبلطون و أرسطو و ىكذا تكونت بذور النقد الفٍت‬

‫النظرية يف القرن اخلامس قبل ادليبلد ‪ ,‬حيث كان ىثالء الفبلسفة ىم أول من كتب يف فلسفة الفن‬

‫و اجلمال و ىكذا ارتبط النقد بفلسفة الفن و علم اجلمال "‪ 2‬و ىذا أن علم اجلمال بدأ يظهر‬

‫جلياً من خبلل االنتفاضة النقدية ‪ ,‬و ذلك ليثسسوا لنظرية علم اجلمال ‪ ,‬و ىذا ما كان مانع يف‬

‫أن اجلمال كان موجود من قبل لكن التنظَت و االىتمام الذي يليق بو مل يكن كذلك " و قد‬

‫ربولت قضية اجلمال من كوهنا مفهوماً من ادلفاىيم العامة إىل نظرية ذلا أسسها و قواعدىا الذوقية و‬

‫الفكرية و صار للمذاىب الفكرية احلديثة نظرياهتا اجلمالية بعد أن حبثوا عن أسس اجلمال يف‬

‫األعمال الفنية ادلختلفة "‪.3‬‬

‫يعترب اجلمال غريزة فطرية يف أعماق النفس البشرية ‪ ,‬و من ادلنطق أن صلد كل إنسان‬

‫‪ 1‬ـــ عز الدين إمساعيل ‪ ,‬الفن واإلنسان ‪ ,‬دار القلم ‪ ,‬بَتوت ـ لبنان ‪ ,‬ط‪ , 1‬حيزران ‪ 1974‬ص ‪. 25‬‬

‫‪ 2‬ـ ـ زلمد علي غوري ‪ ,‬مدخل إىل نظرية اجلمال يف النقد العريب القدَل ‪ ,‬رللة القسم العريب ‪ ,‬جامعة بنجاب ‪ ,‬الىور ‪,‬‬

‫باكستان ‪ ,‬العدد الثامن عشر ‪2011 ,‬م ‪ ,‬ص‪. 127‬‬


‫‪3‬‬
‫ـ ـ ادلرجع نفسو ‪. 129 ,‬‬

‫‪8‬‬
‫ؽليل إىل اجلميل و ينفر من القبيح إال أنو يوجد اختبلف يف تذوق ىذا اجلمال و ىذا الذوق ؼلتلف‬

‫من فرد إىل آخر‪ " .‬حاول اإلنسان منذ القدم أن يرسم بعض األشكال على جدران الكهوف ‪ ,‬و‬

‫كانت لرسوماتو غايات مجالية ربقق ادلتعة البصرية ‪ ,‬و قد ربول حسو الفٍت و اجلمايل ىذا إىل‬

‫استمتاع و تذوق لقيمة األشكال ‪ ,‬و إدراك القيم الوظيفية ادلرتبطة باجلمال يف ىذه الرسوم و‬

‫األشكال"‪ .1‬إن تقدير العرب للجمال قبل اإلسبلم كان مقتصراً على األشياء ادلادية احلسية مثل‬

‫و البعَت و الفرس و األطبلل و قد عرفو العرب منذ العصر اجلاىلي اجلمال ادلعنوي‬ ‫مجال ادلرأة‬

‫إىل جانب اجلمال ادلادي احلسي ‪ ,‬وقد سبثل اجلمال ادلعنوي لديهم يف الشجاعة و الكرم و إىل غَت‬

‫ذلك ‪ .‬و من خبلل ىذا نبلحظ أن ما قالو عز الدين إمساعيل غَت صحيح حينما قال أن معرفة‬

‫العريب للجمال بأهنا كانت معرفة أولية ساذجة ‪ ,‬و أهنا مل تكن معرفة واعية ‪ .‬و ليس صحيح ما‬

‫قالو عن العريب من أننا ال نستطيع أن نتصور أنو كانت يف نفسو فكرة عن اجلمال فضبلً عن أن‬

‫تكون نظرية‪ .‬و ما قالو عن العريب القدَل أنو ليس لديو فكرة عن اجلمال ‪ ,‬و حىت إن كان قد انفعل‬

‫بصوره ‪ ,‬أي بالصورة احلسية و ىذا ما يبُت لنا أن العرب منذ اللحظة األوىل كانت نزعتهم حسية‬

‫يف تذوق اجلمال ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للجمال يف ضوء الكتاب والسنة يقول زلمد قطب ‪ " :‬و الفن الصحيح ىو الذي‬

‫يهيئ اللقاء الكامل بُت اجلمال واحلق ‪ ,‬فاجلمال حقيقة يف ىذا الكون ‪ ,‬و احلق ىو ذروة اجلمال و‬

‫‪ 1‬ـــ زلمد علي غوري ‪ ,‬مدخل إىل نظرية اجلمال يف النقد العريب ‪ ,‬رللة القسم العريب ‪ ,‬جامعة بنجاب ‪ ,‬الىور ـ باكستان ‪,‬‬
‫العدد الثامن عشر ‪2011 ,‬م ‪ ,‬ص ‪. 127‬‬
‫‪9‬‬
‫من ىنا يلتقيان يف القيمة اليت تلتقي عندىا كل حقايق الوجود "‪. 1‬‬

‫خلق ا﵁ سبحانو و تعاىل ىذا الكون بأحسن وأهبى صورة و على نسق زلدد ‪ ,‬مسخر‬

‫لئلنسان ليدرك مدى مجالو وعظمة اخلالق يف تصوير ىذا الكون و التأمل يف أسرار مجالو ‪ .‬يقول‬
‫السم ِاء َكي ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬
‫ف ُرف َع ْ‬
‫ىل َّ َ ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ت (‪َ )17‬وإ َ‬ ‫ىل اإلَبِ ِل َكْي َ‬
‫ف ُخل َق ْ‬ ‫ِ‬
‫ا﵁ عز و جل يف كتابو‪ ﴿:‬أَفَبلَ يَـْنظُُرو َن إ َ‬
‫ت﴾‪ ". 2‬كما يدعونا ربنا إىل‬ ‫ِ‬ ‫ت (‪َ )19‬وإِىل ْاأل َْر ِ‬ ‫اجلِبِ ِال َكيف نُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ف ُسط َح ْ‬
‫ض َكْي َ‬ ‫َ‬ ‫صبَ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ىل ْ‬‫(‪َ )18‬وإ َ‬
‫التأمل يف األفاق لنرى التناسب و االنسجام يف خلقة تعاىل ‪﴿ :‬الْ ِذي خلَق سبع َمسو ٍ‬
‫ات ِطبَاقًا َما‬‫َ َ َ ْ َ ََ‬
‫الدنْـيا ِدبَ َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يح ﴾‬
‫صاب َ‬ ‫الر ْمحَ ِن م ْن تَـ َف ُاوت ﴾ ‪( .‬ادللك ‪ )3 :‬و يقول ‪َ ﴿ :‬ولََق ْد َزيـَّنَّا َ‬
‫الس َماءَ ُ َ‬ ‫تَـَرى يف َخ ْلق َ‬
‫َّاىا َوَما َذلَا ِم ْن فُـ ُر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وج ﴾‬ ‫اىا َوَّزيـَّن َ‬
‫ف بـَنَـْيـنَ َ‬ ‫‪( .‬ادللك ‪ )5 :‬و يقول ﴿ أَفَـلَ ْم يَـْنظُُروا إ َىل َ‬
‫الس َماء فَـ ْوقَـ ُه ْم َكْي َ‬
‫‪3‬‬
‫‪( .‬ق ‪" . ) 6 :‬‬

‫ومن خبلل ما سبق ؽلكننا القول أن اجلمال موجود منذ وجود اإلنسان و إن القرآن كبلم ا﵁‬

‫سبحانو وتعاىل حرص على غرس وتعزيز الذوق اجلمايل يف اإلنسان ‪.‬‬

‫إن " فكرة اجلميل " تقع يف نفس التعارض الذايت الذي تقع فيو مجيع األفكار األولية ألن أي‬

‫فكرة اجلميل ال تقبل التفكَت و ال ؽلكن االستغناء عنها ‪ ,‬و ألهنا يف وقت واحد حاضرة ‪.4‬حيث‬

‫أن فكرة اجلمال تظهر من خبلل سبظهرىا يف السلوك و ىذا ما سعت الشعوب إىل غرس تلك‬

‫‪ 1‬ـ ـ ـ زلمد علي غوري ‪ ,‬مدخل إىل نظرية اجلمال يف النقد العريب ‪ ,‬رللة القسم العريب ‪ ,‬جامعة بنجاب ‪ ,‬الىور ـ باكستان ‪,‬‬
‫العدد الثامن عشر ‪2011 ,‬م ‪ ,‬ص‪. 131‬‬
‫‪ 2‬ـــ سورة الغاشية ‪ ,‬اآلية ‪.17‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ادلرجع السابق ‪ ,‬ص ‪.131‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ جان برتليمي ‪ ,‬حبث يف علم اجلمال ‪ ,‬اذليئة ادلصرية العامة للكتاب ‪ ,‬القاىرة ‪ , 2011 ,‬العدد ‪ ,1821‬ص‪.11‬‬

‫‪10‬‬
‫الًتبية اجلمالية فيظهر يف أفراد رلتمعاهتا ‪ ,‬فارتبط علم اجلمال باإلنسان و أعمالو الفنية منذ البداية‬

‫‪ .‬فتداخل الفن و اجلمال مرىون بتاريخ البشرية و العبلقة الوطيدة بُت الفن واإلنسان و ىذا ما‬

‫أبدعتو احلضارة ادلصرية يف إبداعاهتا الفنية و عبلقة اإلنسان حبضارتو اليت كان يعرفها يف سلتلف‬

‫الفنون األدبية ‪ ,‬حيث أصبح الفن أكثر وسيلة تعرب عن اإلنسان و عن حياتو اليومية ‪ ,‬كما أنو‬

‫يبدوا كذلك غاية يف نتايجو لوصفو احلياة البشرية اليت تصبوا إىل رفع نفسها هبذا الفن يف الواجهة‬

‫األوىل للعامل برمتو‪ .‬فكان الفن يف القدَل " يعترب ضرباً من السحر و من مث تطورت وظيفتو‬

‫فامتزجت بالدين مث بالعلم ‪ ,‬و أصبحت أداة لتوضيح العبلقات االجتماعية و لتنوير الناس و‬

‫مساعدهتم على إدراك الواقع االجتماعي الذي يعشون "‪ .1‬فكان للفن ىنا الدور الكبَت يف معرفة‬

‫ظروف و بيئة اإلنسان الذي ترعرع فيها ‪ ,‬حيث وصف ذلك ا﵀يط فتفاعلت معو سلتلف طبقات‬

‫اجملتمع ‪ ,‬بعدىا تطور الفن و اكتسب نضجو و وضوحو و ذلك راجع للخربة و اإلبداع الذي‬

‫اكتسبو الفنان منذ فًتة طويلة ‪ .‬فكان الفن " استخدام خاص للمهارة و اخليال يف إبداع وإنتاج‬

‫موضوعات و بيئات و خربات مجالية يشًتك فيها الفنان مع اآلخرين ‪ ,‬و يشًتكون ىم بدورىم‬

‫فيها مع بعضهم البعض "‪ . 2‬حينها بدأ التذوق الفٍت بتطور خاصة عندما المس اجلانب النقدي‬

‫الذي رفع من شأنو إىل أوج معناه القايم يف سلتلف اإلبداعات ‪ ".‬إذا لدراسة علم اجلمال البد من‬

‫نظرة نقدية أو دراسة ذبريبية و لذلك غلب أن ضلدد اعتقاداتنا ادلتعلقة بالفن حىت نعرف مواطن القوة‬

‫‪ 1‬ـــ غادة ادلقدم عدره ‪ ,‬فلسفة النظريات اجلمالية ‪ ,‬دار جروس بَتس‪ ,‬ط‪ , 1‬لبنان ‪ ,‬ص‪. 16‬‬

‫‪ 2‬ـــ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪26‬ـ ‪.27‬‬


‫‪11‬‬
‫والضعف ‪ 1".‬فالنقد ىنا فتح أفاق جديدة لئلبداع وللحكم على القيمة اجلمالية يف ظل دراسة‬

‫اجلمال نفسو بصورة علمية من خبلل التذوق الفٍت الذي ال بد أن يثسس على ضوابط زلكمة ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ داللة علم الجمال ‪:‬‬

‫يعترب علم اجلمال يف األصل مفهوماً فلسفياً ‪ ,‬فهو جزء من فلسفة الفن و ىو من أقدم العلوم‬

‫اليت جاء هبا الفبلسفة ‪ ,‬فهو علم " يبحث بالدراسة والتحليل يف شروط اجلمال و مقاييسو‬

‫و مضامينو ‪ ,‬و ذبلياتو يف اآلثار الفنية و اإلبداعية ‪ ,‬فيفسرىا تفسَتاً فلسفياً منبثقاً من أساسيات‬

‫علم اجلمال ‪ ,‬ليحدد ذبليات اجلميل و القبيح " ‪ .2‬إن علم اجلمال علم يبحث يف شروط اجلمال‬

‫و مقاييسو و نظرياتو ‪ ,‬و يف الذوق الفٍت و يف أحكام القيم ادلتعلقة باآلثار الفنية ‪ ,‬و ىو باب من‬

‫الفلسفة ‪ .‬و لو قسمان ‪ :‬قسم نظري عام ‪ ,‬و قسم علمي خاص ‪ .‬أما القسم النظري العام‬

‫فيبحث يف الصفات ادلشًتكة بُت األشياء اجلميلة اليت تولد الشعور باجلمال فيحلل ىذا الشعور‬

‫ربليبل نفسياً ‪ ..........‬و أما القسم العلمي اخلاص فهو يبحث يف سلتلف صور الفن ‪ ,‬و ينقذ‬

‫ظلاذجو ادلفردة ‪ .‬و يطلق على ىذا القسم اسم النقد الفٍت‪ .‬و من خبلل ما سبق ؽلكن القول أن‬

‫علم اجلمال دراسة نظرية تقوم بدراسة معايَت اجلمال يف العمل الفٍت األديب ‪ .‬أي أنو علم يبحث‬

‫عن األدب على أنو مجال ‪ ,‬من حيث أنو أحد الفنون اجلمالية اليت يبدعها اإلنسان ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـــ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪. 09‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ بدر الدحاٍل ‪ ,‬يف فلسفة الفن و علم اجلمال ‪ ,‬مدخل وتصورات ‪ ,‬دايرة الثقافة ـ حكومة الشارقة ‪ ,‬ص ‪.7‬‬
‫‪12‬‬
‫‪ 3‬ـ ضبط مفاىيم نظرية علم الجمال ‪:‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 1‬ـ مفهوم الجمال في اللغة واالصطالح‬

‫أ ـ الجمال لغة ‪:‬‬

‫لقد جاء يف " لسان العرب " أن اجلمال مصدر اجلميل ‪ ,‬و الفعل مجل أي حسن ‪ ,‬أي اجلمال ىو‬

‫احلسن ‪.1‬‬

‫و يف احلديث الشريف ‪ [ :‬إن ا﵁ مجيل ػلب اجلمال ] ‪.2‬أي أن ا﵁ تعاىل مجيل الصفات اليت تدل‬

‫على كمال ربنا سبحانو و تعاىل و ػلب اجلمال أي أنو ػلب التجمل ويقصد ىنا جبمال األعمال‬

‫والنية ‪.‬‬

‫و جاء معٌت اجلميل يف كتاب " العُت " دبعٌت هباء و حسن ‪ .‬و يقال جاملت فبلنا رلاملة إذ مل‬

‫ادلود َة و ماسحتو باجلميل ‪ .‬و يقال ‪ :‬أمجلت لو احلساب و الكبلم من اجلملة ‪.3‬‬
‫تصف لو َّ‬

‫ويعرفو اجلرجاٍل ‪ " :‬بأن اجلمال من الصفات ‪ :‬و ىو ما يتعلق بالرضا واللطف "‪. 4‬‬

‫ب ـ اصطالحاً ‪ :‬يعترب تعريف ىربت ريد من أىم التعريفات اليت ظهرت يف اجلمال و الذي يستند‬

‫‪ 1‬ـــ ابن منظور ‪ ,‬لسان العرب ‪ ,‬اجلزء ‪ , 1‬دار اجليل ‪ ,‬بَتوت ‪ ,‬اجملل األول ‪ ,1988 ,‬ص ‪.503‬‬

‫‪ 2‬ـ ـ صحيح مسلم ‪ ,‬ربقيق زلمد فثاد عبد الباقي ‪ ,‬دار احلياة الًتاث العريب ‪ ,‬بَتوت ‪ ,‬ج‪, 1‬ص ‪. 93‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ اخلليل بن أمحد الفراىيدي ‪ ,‬كتاب العُت ‪ ,‬مج‪ , 1‬دار الكتب العلمية ‪ ,‬بَتوت ‪ ,‬لبنان ‪ ,‬ط‪ ,2003 , 1‬ص ‪.261‬‬

‫‪ 4‬ـــ اجلرجاٍل ‪ ,‬التعريفات ‪ ,‬دار الكتاب العريب ‪ ,‬الطبعة الرابعة ‪ ,‬عام ‪ , 1998‬بَتوت ‪ ,‬ص‪. 105‬‬

‫‪13‬‬
‫على أساس مادي حسي مفاده ‪ ( :‬إن اجلمال ىو وحدة العبلقات الشكلية بُت األشياء اليت‬

‫تدركها حواسنا )‪ . 1‬أي أن مجال الشكل يدرك عن طريق احلواس ‪.‬‬

‫أما الفيلسوف جون ديري يعرف اجلمال على أنو ‪ " :‬فعل اإلدراك و التذوق للعمل الفٍت "‪ . 2‬أي‬

‫أن اجلمال قيمة تبحث عن اجلمال يف األعمال اليت يبدعها اإلنسان ‪.‬‬

‫فاجلمال مفهوم يتناول الظاىرة الفنية و األدب واحد منها و ذلك العتبار األدب إبداع فٍت إنساٍل‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 2‬ـ مفهوم علم الجمال‬

‫ىو باب من أبواب الفلسفة يبحث يف اجلمال و مقاييسو و نظرياتو ‪ .‬كما صلد أن تعريف قاموس‬

‫" ويبسًت " لعلم اجلمال ىو أكثر دقة من بعض التعاريف األخرى ‪ ,‬و" ىو اجملال الذي يتعامل مع‬

‫وصف الظواىر الفنية و اخلربة اجلمالية و تفسَتىا ‪ 3" .‬لكن ادلفهوم ادلفضل عن مصطلح علم‬

‫اجلمال ىو ذلك ادلفهوم ادلستنبط من نظرية الفيلسوف " بَتدسلي "و الذي يرى أن علم اجلمال ىو‬

‫علم بيٍت تقوم من خبللو فروع معرفية عدة ‪ ,‬كل بطريقتو و مناىجو و مفاىيمو اخلاصة ‪ ,‬بدراسة‬
‫‪4‬‬
‫تلك ادلنطقة ادلشًتكة ادلتعلقة باخلربة أو االستجابة اجلمالية ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـــ آمال حليم الصراف ‪ ,‬علم اجلمال فلسفة وفن ‪ ,‬دار البداية ‪ ,‬عمان ‪ ,‬األردن ‪ ,‬ط‪ , 2012 , 1‬ص ‪13‬ـ‪. 14‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ آمال حليم الصراف ‪ ,‬علم اجلمال فلسفة و فن ‪ ,‬دار البداية ‪ ,‬عمان ـ األردن ‪ ,‬ط‪ , 2012 , 1‬ص ‪. 14‬‬

‫‪ 2‬ـ ـ عصام البغدادي ‪ ,‬مفاىيم فكرية ـ علم اجلمال ـ ج‪ 1‬ـ التعريف و االذباىات و التصنيف ‪ ,‬احلوار ادلتمدن ـ العدد ‪1072 :‬‬

‫ـ‪8/1/ 2005‬ـ ‪. 10:39‬‬

‫‪ 4‬ـــ ادلرجع نفسو ‪.‬‬


‫‪14‬‬
‫يعرف علم اجلمال على أنو علم األحكام التقوؽلية اليت سبيز بُت ( اجلميل و القبيح ) ( معجم‬

‫الالند ) و ىذا ىو التعريف الكبلسيكي لفظ االستطيقا ‪ .‬و إن لفظ األستطيقا ( علم اجلمال )‬

‫يعود يف أصلو إىل اليونانية فهو مشتق من ( ‪ ) Aisthesis‬اليت تعٍت اإلحساس و يتضمن‬

‫اإلدراك احلسي ‪.‬‬

‫أغلب ادلفاىيم يف العصر اليوناٍل كانت تدور حول اإلدراك احلسي ‪.‬‬

‫ـ اشتق مصطلح علم اجلمال أو اجلماليات ‪ Aesthetics‬من الكلمة اإلغريقية‬

‫‪ Aisthanesthai‬و اليت تعٍت األشياء القابلة لئلدراك ‪ , to perceive‬و أيضا من كلمة‬

‫‪ aistetheta‬اليت تعٍت األشياء القابلة لئلدراك ‪ things perceptible‬وذلك يف مقابل‬

‫األشياء غَت مادية أو معنوية ‪ .‬و من ىنا فإن قاموس أكسفورد يعرف اجلماليات بأهنا << ادلعرفة‬
‫‪1‬‬
‫ادلستمدة من احلواس >> ‪.‬‬

‫علم اجلمال ىو علم موضوعو إصدار حكم قيمي يطبق على التمييز بُت ماىو " مجيل " و ما ىو‬
‫‪2‬‬
‫" قبيح " ‪.‬‬

‫و موضوع علم اجلمال دبعناه األوسع يتحدد باأليت ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬البحث يف سلتلف الكفايات اجلمالية اليت يطمح إليها اإلنسان عرب حضارتو ادلتعاقبة و تعميق‬

‫‪ 1‬ـ ـ شاكر عبد احلميد ‪ ,‬التفضيل اجلمايل ‪ ,‬دراسة يف سيكولوجية التذوق الفٍت ‪ ,‬سلسلة عامل ادلعرفة عدد ‪ , 267‬رللس الوطٍت‬

‫للثقافة والفنون و اآلداب ‪ ,‬الكويت ‪ ,‬مارس ‪ , 2001‬ص ‪. 18‬‬

‫‪ 2‬ـــ بول آرون وآخرون ‪ ,‬معجم ادلصطلحات األدبية ‪ ,‬ترمجة زلمد محود ‪ ,‬رلد ادلثسسة اجلامعية الدراسات ‪ ,‬بَتوت ‪ ,‬لبنان ‪,‬‬

‫ط‪ . 2012 , 1‬ص‪.762‬‬

‫‪15‬‬
‫معرفتها باإلنسان نفسو ‪ ,‬و ما يتغَت من حاجاتو اجلمالية و الذوقية عرب تاريخ الطويل ‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬يتناول ىذا العلم النظريات الفلسفية حول األدب و ادلوسيقى و الرسم و النحت و الفنون‬

‫عموماً ‪.1‬‬

‫أي أن علم اجلمال ىو العلم الذي يدرس القيم اجلمالية لؤلعمال الفنية اليت ينتجها اإلنسان‬

‫و تكشف حاجاتو الذوقية و اجلمالية ‪.‬‬

‫لقد اختلفت التعاريف و كثرت اآلراء حول علم اجلمال ‪ ,‬إال أننا صلدىا تتفق يف نقطة واحدة أال‬

‫و ىي فرع فلسفي يقوم بدراسة اإلدراك للجمال و القبح ‪.‬‬

‫وقد تبٌت بركات زلمد مراد القول بوجود ثبلثة اذباىات يف تعريف علم اجلمال ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ اذباه يعترب علم اجلمال رلرد دراسة للمفاىيم و ادلصطلحات اجلمالية ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ االذباه الثاٍل يعترب علم اجلمال دراسة للصورة الفنية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ االذباه الثالث يربط بُت االذباىُت األول و الثاٍل ‪ ,‬حيث يرى أن الفن نتاج إنساٍل ‪ ,‬و التذوق‬

‫بُعد إنساٍل ‪ ,‬و احلكم حكم إنساٍل ‪ ,‬و الصور الفنية نتاج إنساٍل ‪ .2‬أي كل ما يتعلق بالفن‬

‫والعمل الفٍت من صنع اإلنسان ال غَت ‪.‬‬

‫ـ ‪ 3‬ـ مفهوم النظرية‪:‬‬

‫أ ـ لغة ‪ :‬تعرف بأهنا مصطلح مشتق من الكلمة الثبلثية " نَظََر " ‪ ,‬و معناىا التأمل أثناء التفكَت‬

‫‪ 1‬ـــ ىادي هنر و زلمد السنطي ‪ ,‬التذوق األديب ‪ ,‬دار الورق ‪ ,‬عمان ‪ ,‬األردن ‪ ,‬ط‪ , 2012, 1‬ص ‪. 99‬‬

‫‪ 2‬ـ ـ زلمد علي غوري ‪ ,‬مدخل إىل نظرية اجلمال يف النقد العريب ‪ ,‬رللة القسم العريب ‪ ,‬جامعة بنحطاب ‪ ,‬الىو ـ باكستان ‪,‬‬
‫العدد الثامن عشر ‪ ,2011 ,‬ص‪. 133‬‬
‫‪16‬‬
‫بشيء ما ‪.‬‬

‫ب ـ اصطالحاً ‪ :‬فتعرف بقواعد ومبادئ تستخدم لوصف شيء ما ‪ ,‬سواء أكان علمياً أم‬
‫‪1‬‬
‫فلسفياً‪,‬معرفياً ‪ ,‬أم أدبياً ‪ ,‬و قد تثبت ىذه النظرية حقيقة معينو ‪ ,‬أو تساىم يف بناء فكر جديد ‪.‬‬

‫ىي دراسة دلوضوع معُت دراسة عقبلنية و منطقية ‪ .‬جاء يف " لسان العرب البن منظور " بأن‬

‫النظرية << ترتيب أمور معلومة على وجو يثدي إىل استعبلم ما ليس دبعلوم ‪ ,‬وقيل النظر ‪ :‬طلب‬

‫عن علم >> فيقصد بذلك أن النظرية ىي مجع للمعلومات وترتيبها للخروج بفكرة جديدة ‪.‬‬

‫وتعٍت النظرية بالنسبة ﵀مد صاحل الشنطي " ىي رلموعة من األفكار و ادلفاىيم اجملردة ادلنتظمة على‬
‫‪2‬‬
‫ضلو ما ‪ ,‬و اليت تطبق على ميدان من ميادين ادلعرفة بشكل خاص ‪".‬‬

‫‪3‬ـ ‪ 4‬ـمفهوم الجمالية ‪:‬‬

‫أ ـ لغة ‪ :‬اسم مثنث منسوب إىل َمجَ ْال ‪.‬‬

‫ب ـ اصطالحاً ‪ :‬كما تعد اجلمالية << منهجاً ربليلياً نقدياً لدراسة البنية اللغوية و األسلوبية و ما‬

‫تثسسو من داليل و وظايف و أىداف ‪ ,‬ألن النص اإلبداعي أيا كان جنسو ‪ ,‬يثكد خصايصو‬

‫باذباىُت ‪ :‬الشكل وادلضمون و ال فصل بينهما ‪......‬شلا ػلقق للنص صورتو اإلغلابية الفعالة و من‬

‫‪1‬‬
‫ـ ـ روان أمحد ‪ ( ,‬ما ىي ‪ https : // e3arabi . com‬العلوم الًتبوية ‪ ,‬اجلمعة ‪ 27‬ماي ‪2022‬م ‪. 12:18 ,‬‬

‫النظرية ) ـ إي عريب ‪,‬‬

‫‪ 2‬ـــ زلمد علي غوري ‪ ,‬مدخل إىل نظرية اجلمال يف النقد العريب ‪ ,‬رللة القسم العريب ‪ ,‬جامعة بنحطاب ‪ ,‬الىو ـ باكستان ‪,‬‬
‫العدد الثامن عشر ‪2011 ,‬م ‪ ,‬ص ‪. 135‬‬
‫‪17‬‬
‫‪1‬‬
‫مث غلسد حقيقة اجلمال بكل خصايصو الداللية >> ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 5‬ـ مفهوم التلقي ‪:‬‬


‫‪2‬‬
‫أ ـ لغة ‪ :‬جاء يف لسان العرب ‪ :‬فبلن يتلقى فبلن أي يستقبلو ‪.‬‬

‫ؽلكن القول مصطلح التلقي أو االستقبال ‪ ,‬و التلقي ىو االستقبال ‪.‬‬

‫ب ـ اصطالحاً ‪ :‬عرف روبرت ىولب نظرية التلقي بأهنا " صدى للتطورات االجتماعية و الفكرية‬

‫واألدبية يف ادلانيا الغربية خبلل الستينات ادلتأخرة "‪ . 3‬و يقصد هبذا أن نظرية التلقي ذات أصول‬

‫أدلانية و شهدت التطور و التغيَت يف الستينات ‪ .‬أما بالنسبة لياوس فَتى " أن التلقي عملية ذات‬

‫وجهُت ‪ :‬أحدعلا األثر الذي ينتجو العمل يف القارئ و األخر كيفية استقبال القارئ ذلذا‬

‫العمل ‪ 4".‬العبلقة اجلدلية بينهما ‪ ,‬تأثَت النص على ادلتلقي ‪ ,‬و تأثَت ادلتلقي يف النص ‪.‬‬

‫و تقول فاطمة الربيكي ‪ " :‬فالتلقي ىو النظرية األدبية اليت تضم العناصر األخرى يف رباط‬

‫قوي ‪ ,‬كما ؽلثلو ادلخطط التايل ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـــ حسُت مجعة ‪ ,‬مجالية اخلرب و اإلنشاء ‪ ( ,‬دراسة ببلغية مجالية نقدية ) ارباد الكتاب العرب ‪ ,‬دمشق ‪ , 2005‬ص ‪. 19‬‬
‫‪ 2‬ـــ ابن منظور ‪ ,‬لسان العرب ‪ ,‬ج‪ , 8‬دار الكتاب العلمية ‪ ,‬بَتوت ‪ ,‬ط‪ , 2000 , 1‬ص‪. 685‬‬

‫‪ 3‬ـــ روبرت ىولب ‪ ,‬مقدمة نقدية ‪ ,‬تر ‪ :‬عز الدين إمساعيل ‪ ,‬ادلكتبة األكادمية ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬مصر ‪ ,‬ط‪ , 2000 , 1‬ص‪. 28‬‬

‫‪ 4‬ـ ـ ىانز روبرت ياوس ‪ ,‬مجالية التلقي ( من أجل تأويل جديد للنص األديب ) ‪ ,‬تر ‪ :‬رشيد بن جدو ‪ ,‬دار األمان ‪ ,‬الرباط ‪,‬‬

‫‪ , 2016‬ص ‪.110‬‬

‫‪18‬‬
‫استقبال‬

‫استجابة‬

‫قراءة‬ ‫التلقي‬

‫التأثَت‬

‫تقبل "‪.1‬‬

‫أي أن نظرية التلقي مجعت العديد من ادلصطلحات ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ لماذا ندرس علم الجمال ؟ ( الهدف من دراسة علم الجمال )‬

‫إن عبلقة اإلنسان بالفن كانت منذ العصور القدؽلة ‪ ,‬حيث يعترب ىذا الفن من أبرز ادلسايل اليت‬

‫يدرسها علم اجلمال ‪ ,‬ومن خبلل ىذا ؽلكننا القول أن علم اجلمال علم ضروري ألنو ػلدد لنا‬

‫طبيعة ىذا الفن ‪ " .‬و إن حاجة اإلنسان أكرب لعلم اجلمال وتتلخص ذلك فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ استحالة اإلدلام بُت عبلقة القارئ و األثر الفٍت ‪ ,‬و بُت ادلشاىد و الصورة و ادلستمع و الرسالة‬

‫الصوتية ‪ ,‬و على ىذا األساس تسعى الدراسات اجلمالية إىل إبراز بعض القيم اجلمالية ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ فاطمة الربيكي ‪ ,‬قضية التلقي يف النقد العريب القدَل ‪ ,‬دار العامل العريب للنشر و التوزيع ‪ ,‬عمان ‪ ,‬ط‪ , 2006 , 1‬ص‬

‫‪. 45‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ 2‬ـ إن دراسة علم اجلمال ذبعلنا ظليز بُت اجليد والرديء ‪.‬‬

‫ذلذه األسباب تكون حاجتنا ملحة لدراسة علم اجلمال و ذلك رغبتاً يف ربقيق ادلتعة اجلمالية يف‬
‫‪1‬‬
‫تذوق األعمال اإلبداعية من جهة ‪ ,‬و الوقوف على مواطن اجلودة والرداءة للعمل اإلبداعي ‪".‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ ينظر ‪ ,‬دياب قديد ‪ ,‬زلاضرات علم اجلمال ‪ ,‬لطلبة سنة أوىل ماسًت ‪ ,‬زبصص أدب قدَل ‪ ,‬ص ‪. 4‬‬
‫‪20‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ادلهاد ادلعريف الفلسفي لنظرية علم اجلمال‬

‫‪ 1‬ـ تصورات نظرية في علم الجمال‬


‫‪ 1‬ـ ‪ 1‬ـ التفكَت الفلسفي لعلم اجلمال‬
‫ـ اجلمال عند أفبلطون‬
‫ـ اجلمال عند أرسطو‬
‫ـ اجلمال عند فريدريك ىيقل‬
‫ـ اجلمال عند إؽلانوال كانت‬
‫‪ 1‬ـ ‪ 2‬ـ تطور عبلقة نظرية علم اجلمال بُت الطبيعة والفن و اإلنسان‬
‫‪ 1‬ـ ‪ 3‬ـ عبلقة الفن باإلنسان‬
‫‪ 2‬ـ أسس نظرية علم الجمال في النقد العربي‬
‫‪ 2‬ـ ‪ 1‬ـ أسس نظرية علم اجلمال‬
‫‪2‬‬ ‫‪ 2‬ـ ‪ 2‬ـ علم اجلمال و احلكم النقدي يف األدب‬
‫‪2‬‬ ‫ـ ‪ 3‬ـ ما العوامل ادلثثرة يف التذوق اجلمايل و األحكام اجلمالية ؟‬
‫ـ ‪ 4‬ـ النقد الفٍت و بناء القيمة اجلمالية‬
‫أ ـ مفهوم الفن يف شكلو العام‬
‫ب ـ النقد الفٍت‬
‫‪2‬ـ‪5‬‬ ‫ج ـ ما ؽليز الناقد الفٍت‬
‫ـ االذباىات ادلعاصرة لعلم اجلمال‬

‫‪22‬‬
‫ـ ـ الفصل األول ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ المهاد المعرفي الفلسفي لنظرية علم الجمال ‪:‬‬

‫ارتبطت فلسفة اجلمال بالكون منذ القدَل وبعدىا راحت تقارب نظريات ادلعرفة و‬

‫األخبلق عرب مر العصور ‪ ,‬إال أن جذورىا كانت مع الفلسفة اليونانية و فبلسفتها القدماء و نشَت‬

‫بالذكر إىل أفبلطون و أرسطو ‪ ,‬و ال صلزم بأن علم اجلمال نشأ يف العصر اليوناٍل القدَل ‪,‬كما نعٍت‬

‫بأن مناقشة األفكار اجلمالية كانت موجودة و مل توضع يف حقل مكتمل و ذلك لتعدد اآلراء‬

‫و االذباىات فمنهم من غلب أحكام القيمة ( اخلَت ‪ ,‬الشر ) ‪" .‬و غاية فلسفة اجلمال البحث‬

‫يف ماىية اجلمال و ليس إحصاء أنواع اجلمال " و ىذا ما ركز عليو الفيلسوف اليوناٍل سقراط ‪.‬‬

‫ال شك أن فكرة اجلمال متغَتة من فيلسوف إىل آخر كل وفق منهجو الفكري و نظرتو‬

‫العامة فكان علم اجلمال زلور النظريات اجلمالية منذ العصور الكبلسيكية القدؽلة ( اإلغريقية )‬

‫حيث أخذت تسلسبلً زمنيا يبلزم كل عصر ‪ ,‬حينها " تعددت تفسَتاتو بتعدد ادلنطلقات الفلسفية‬

‫و النقدية و اإلبداعية و العلمية و اإلنسانية لو ‪ ,‬تلك اليت حاولت تفسَته ‪ ,‬أو اإلحالة‬

‫دبظهره و سلربه " ‪.1‬‬

‫فاجلمال يستخلص مستوى الثقافة واألخبلق ‪ ,‬فهو مشدود يف غالبو على ميوالت اإلنسان و‬

‫أىواءه ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـــ شاكر عبد احلميد ‪ ,‬التفضيل اجلمايل ( دراسة يف سيكولوجية التذوق الفٍت ) ‪ ,‬سلسلة عامل ادلعرفة عدد ‪ , 267‬اجمللس‬
‫الوطٍت للثقافة و الفنون و اآلداب ‪ ,‬الكويت ‪ ,‬مارس ‪2001‬م ‪ ,‬ص‪. 14‬‬
‫‪23‬‬
‫المبحث األول ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ تصورات نظرية في علم الجمال ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ‪ /1‬التفكير الفلسفي لعلم الجمال ‪:‬‬

‫منذ بداية اإلنسانية كان للفن بدءً معها ‪ ,‬فكان لليونان التأثَت البارز على تطور علم اجلمال يف‬

‫العامل الغريب ‪ ,‬الذي انبثق بعد فًتة تارؼلية طويلة من الفكر الفلسفي التأملي حول الفن و اجلمال‬

‫ىذا ما غلعلو قدؽلاً و حديثاً يف آن واحد ‪ .‬فاليونان ما كان ذلم االشتغال على نظرية علم اجلمال‬

‫باىتمام قدَل أو منطلق لدراساهتم ادلختلفة " و ما يبلحظ على نظرية الفن عند أرسطو أنو مل يضع‬

‫نظرية يف اجلمال و إظلا اقتصر فقط على إعطاء فكرة عن الفن و فرق بُت فكرة اجلمال وبُت نظرية‬

‫الفن ‪ 1".‬فهناك مل يشخص اجلمال بعد بل كانت األشكال الفنية ىي اجلمال يف حد ذاهتا‬

‫فانصبت بعض اآلراء حول إعطاء مسمى فلسفة الفن الذي ال ؼلالف اجلمال و ال ينقص منو‬

‫شيء ‪ ,‬إال أن التشخيص البعدي لتلك الفنون و التعمق فيها من خبلل القيمة ادلوجودة بداخلها ‪,‬‬

‫و منها قد وجد أن اجلمال شيء زلسوس و منهم من اعتربه معنوي داخل تلك األشكال و‬

‫مكنونات الطبيعة ‪ ,‬فهو مزيج بُت العاطفة و اإلدراك العقلي ‪ ,‬و بالرغم من اختبلف اآلراء حول‬

‫و الفن و تعددىا كل حسب ذوقو ادلشدود برغبة معينة يف ذات اإلنسان ‪ ,‬حينها اتضح‬ ‫اجلمال‬

‫‪ 1‬ـــ عز الدين إمساعيل ‪ ,‬األسس اجلمالية يف النقد العريب ‪ ,‬عرض و تفسَت و مقارنة ‪ ,‬دار الفكر العريب ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬ص ‪.13‬‬
‫‪24‬‬
‫أن علم اجلمال مل غلد شكلو الصحيح إال مع القرن الثامن عشر ‪ ,‬و ذلك بعد مرور دبراحل عديدة‬

‫عربت عنو مصطلحات و تعريفات سلتلفة ‪ 1.‬و ذلك باختبلف أذواقهم و اذباىاهتم ‪.‬‬

‫إن علم اجلمال مل يبحث يف شروط علم اجلمال و مقاييسو و نظرياتو و يف الذوق الفٍت ‪ ,‬و يف‬

‫أحكام القيمة ادلتعلقة بؤلثار الفنية "‪ .2‬على العموم نستخلص من ىذا أن علم اجلمال علم خبلف‬

‫يولد من عبلقة اإلنسان بادلوضوع و بالطبيعة عامة ‪ ,‬فكلما تطورت العبلقة تطور اإلبداع و ارتقى ‪.‬‬

‫ـ الجمال عند أفالطون ‪:‬‬

‫ترتبط نظرة أفبلطون للفن بوجود عامل ادلثل الذي يتميز حبقيقة اجلمال ادلطلق ادلوجود يف العامل‬

‫ادليتافيزيقي بعيداً عن كل ما ىو ملموس ‪ ,‬حيث اعترب ادلثل عنده جوىر كل شيء يف استقبلليتو "‬

‫و اعترب اجلميل مستقبلً عن مبدأ الشيء الذي يظهر أو يبدو على أنو مجيل ‪ ,‬صورة عقلية مثل‬

‫صورة احلق أو اخلَت ‪ 3" .‬فاجلمال عند أفبلطون يرتبط باحلق و اخلَت ‪ ,‬لذلك ؽليز بُت اجلمال يف‬

‫التجربة احلسية ادلباشرة باعتباره صفة ربملها على الكاينات و األشياء و يعتربه ظاىرة ليس إال‬

‫انعكاساً للجمال يف ذاتو و أمثال اجلمال ‪ ,‬فهو يقدر نسبة اجلمال يف األشياء ‪ ,‬فاألشياء يف رأيو‬

‫ليست مجيلة مجاالً مطلقاً و إظلا تكون مجيلة عندما تكون يف موضعها و قبيحة عندما تكون يف غَت‬

‫موضعها ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـــ غادة ادلقدم عدره ‪ ,‬فلسفة النظريات اجلمالية ‪ ,‬دار جروس بَتس ‪ ,‬بَتوت ـ لبنان ص ‪.10‬‬
‫‪ 2‬ـــ بدر الدحاٍل ‪ ,‬يف فلسفة الفن و علم اجلمال ‪ ,‬مدخل و تصورات ‪ ,‬دايرة الثقافة ـ حكومة الشارقة ‪ ,‬ص ‪.7‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ شاكر عبد احلميد ‪ ,‬التفضيل اجلمايل ‪ ,‬دراسة يف سيكولوجية التذوق الفٍت ‪ ,‬سلسلة عامل ادلعرفة عدد ‪ , 267‬رللس الوطٍت‬
‫للثقافة و الفنون و اآلداب ‪ ,‬الكويت مارس ‪ , 2001‬ص ‪.14‬‬
‫‪25‬‬
‫ـ الجمال عند أرسطو ‪:‬‬

‫دافع أرسطو عن موقفو حول الفن من خبلل كتابو ( فن الشعر ) حيث كان للمحسوسات‬

‫اىتمام كبَت عنده ‪ ,‬و ذلك بإتباع طريقة ادلبلحظة و التجربة و اعترب كل ملموس على أنو وسيلة‬

‫إلثبات حقيقة معينة ‪.‬‬

‫إذاً نظرة فن ا﵀اكاة للطبيعة عند أرسطو ليست تلك ادلظاىر اخلارجية و لكن قوة العبلقة ادلنتجة‬

‫يف العامل ‪ ,‬فهو ليس رلرد نقل آيل إظلا ىو خلق يستطيع الفنان أن يقدم شيئاً جيدا على الرغم من‬

‫أنو يستخدم ظواىر احلياة و أعمال البشر ‪1‬؛ أي أن الفن ػلاكي الطبيعة عند أرسطو ‪ ,‬ىذا مبدأ‬

‫من مباديو الفنية ‪ ,‬حيث أن األديب يعرض الظاىرة غالباً ليجسدىا على أرض الواقع ليتمم تلك‬

‫النقايص بطريقة مبليمة ذات قيمة مجالية تثدي إىل غاية معينة ‪ ,‬و من ىنا ؽلكننا القول أن الفن‬

‫عند أرسطو ىو تطوير للواقع ‪.‬‬

‫نستخلص من نظرة أفبلطون و أرسطو أن اجلمالية الفلسفية تنطلق من توجههم للفن ‪ ,‬فإهنا‬

‫كانت إشارات سطحية ‪ ,‬سواء كان ذلك من خبلل النظرة السلبية عند أفبلطون يف إنكار قيمة‬

‫الشعر أو بصورة مغايرة قد تكون إغلابية و ذلك من خبلل دفاع أرسطو عن الفن و جعل ميدان‬

‫خاص لو و االىتمام بو ‪ .‬و نلتمس اجلمال عند أفبلطون انطبلقاً من اجلمال اإلآلىي الذي يبدأ‬

‫منو كل مجيل ‪ ,‬الن الفكر اجلمايل عنده كان مثالياً ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ غادة ادلقدم ع ّدره ‪ ,‬فلسفة النظريات اجلمالية ‪ ,‬دار جروس بَتس ‪ ,‬بَتوت ـ لبنان ‪ ,‬ص ‪52‬‬
‫‪26‬‬
‫ـ الجمال عند إيمانوال كانط [ ‪ 1724‬ـ ‪: ]1804‬‬

‫عرف كانط علم اجلمال بأنو " احلكم‬


‫سبيزت نظرة كانت للفن بإعبلء مقام الذات ‪ ,‬حيث َّ‬

‫النقدي اخلاص باجلمال الذي يقدم سبييزاً جلياً بُت القبيح واجلميل "‪ . 1‬فهذا نابع من شعور األنا‬

‫بعيداً عن مبدأ العقبلنية ‪ ,‬حيث ينحاز دلا ىو فردي ال يشًتط أن يكون حكم متكامل مع اآلخر‬

‫قد يراه متكامل يف الذات الفردية ‪ ,‬بغض النظر عن احلكم اآلخر فهو ال يريد ادلتعة بل يصور لنا‬

‫مجاالً متعالياً مثالياً وذلك من خبلل البحث يف " الصورة القبلية للمعرفة احلسية ‪ ,‬و ىي صورتان ‪:‬‬

‫األوىل صورة ادلكان و ىي صورة قبلية للمعرفة بالعامل اخلارجي ‪ .‬الثانية صورة الزمان وىي صورة قبلية‬

‫للمعرفة بالعامل الداخلي "‪.2‬‬

‫نستخلص من نظرة كانط انو ؽليز بُت ادلستحب الذي ؽلكننا من لذة حسية و اجلمال الذي يرتبط‬

‫باللذة احلسية ‪ ,‬فاجلمال يرتبط بانشراح نزيو ‪ .‬ويضيف إىل أن كل حكم مجايل ينطوي على طموح‬

‫الكونية و ادلوضوعية ‪ .‬إن كانت مل يكتفي بأن الطبيعة تشبع أغوار النفس اجلياشة إال بذلك‬

‫الشعور السامي الذي يرضي سليلة اإلنسان لتعويض ذلك النقص الغامض يف الطبيعة ‪.‬‬

‫ـ الجمال عند فريدريك ىيغل [ ‪ 1770‬ـ ‪: ] 1831‬‬

‫اعتمد ىيقل يف نظرتو اجلمالية على فكرة ادلتعايل الذي طابق الوجود و الفكر بشكل عام‬

‫ليجعلو مطلق حيث وضح ذلك يف " أن اجلمال الفٍت ىو نفسو فكرة و ىو ؼلرج من دايرتو الذاتية‬

‫‪ 1‬ـ ـ عز الدين إمساعيل ‪ ,‬األسس اجلمالية يف النقد العريب ‪ ,‬عرض و تفسَت و مقارنة ‪ ,‬دار الفكر العريب ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬ص ‪. 13‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ سايد سلوم ‪ ,‬علم اجلمال ‪,‬من منشورات اجلامعة اإلفًتاضية العربية السورية ‪ , 2020 ,‬ص‪. 4‬‬
‫‪27‬‬
‫ليدخل يف التعيُت الواقعي فأساس كل ما ىو موجود ىو مبدأ روحي يسميو ىيقل الفكرة ادلطلقة‪.‬‬

‫"‪ 1‬حيث مجع بُت احلقيقة و ادلطلق النابعة من اىتمامو و تعمقو و اخلوض يف التجربة اإلنسانية من‬

‫خبلل حقايقو ادلطلقة اليت أثبتها يف مباديو حيث يرى أن كل ما ىو موجود يف الواقع إال و قد كان‬

‫مبدأ روحي بالدرجة األوىل ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ‪/2‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ غادة ادلق ّدم ع ّدره ‪,‬فلسفة النظريات اجلمالية ‪ ,‬دار جروس بَتس ‪ ,‬ط‪ , 1‬لبنان ‪ ,‬ص ‪. 94‬‬
‫‪28‬‬
‫كان‬ ‫تطور عالقة نظرية علم الجمال بين الطبيعة و الفن و اإلنسان ‪:‬‬

‫مصطلح " اجلماليات " أو " علم اجلمال " يشَت يف معناه التقليدي إىل دراسة " اجلمال يف الفن و‬

‫الطبيعة " أما االستعمال احلديث فينطوي على أكثر من ذلك بكثَت كطبيعة التجربة اجلمالية و‬

‫أظلاط التعبَت الفٍت و السيكولوجي للفن و تعٍت عملية اإلبداع أو التذوق أو كليهما معاً و ما شابو‬

‫ذلك من ادلوضوعات‪ . 1‬فهناك قد نفرق بُت مجال الفن و مجال الطبيعة ‪ ,‬حيث كل منهما مكمل‬

‫لآلخر إال أن الفن يبقى األداة األمشل و األكثر قوة يف وصف الطبيعة و إخراج مكنوناهتا الصامتة‬

‫كوهنا ال تدرك ما ربملو بداخلها ‪ .‬أما الفن اجلميل " ؽلتاز بئلػلاد أو القوة على إثارة الفكر و‬

‫العاطفة و اخليال بصورة ال تتوصل إليها الطبيعة "‪. 2‬‬

‫حيث أن الفن يتمم ما عجزت عنو الطبيعة يف إسبام ذلك الوجو اخلفي ذلا الذي يظهره اجلانب‬

‫اإلنساٍل ‪ ,‬و ذلك بتمعن يف أغوار البيئة بكل ما لديو من قوة عقلية و شعور وجداٍل الذي‬

‫يكشف عن ذلك القبح بشكل معتاد لكون الذوقية اجلمالية غاية يصل إليها األديب ‪ ,‬فوجود‬

‫الطبيعة يف حد ذاتو استقرار لئلنسان دلا لو عبلقة وطيدة بينهما من سلتلف اجلوانب اإلنسانية سواء‬

‫كانت بيولوجية أو روحية ‪ ,‬إال أن القوة الطبيعية صعبت على اإلنسان التأقلم مع الظروف القاسية‬

‫‪ 1‬ـ ـ شاكر عبد احلميد ‪ ,‬التفضيل اجلمايل ‪ ,‬دراسة يف سيكولوجية التذوق الفٍت ‪ ,‬سلسلة عامل ادلعرفة عدد ‪ , 267‬رللس الوطٍت‬
‫للثقافة و الفنون و اآلداب ‪ ,‬الكويت ‪ ,‬مارس ‪. 14 , 2001‬‬
‫‪ 2‬ـــ روز غريب ‪ ,‬النقد اجلمايل و أثره يف النقد العريب ‪ ,‬دار العلم ادلبليُت ‪ ,‬بَتوت ‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫فراح يبلمس تلك القوة ادلوجودة يف الطبيعة و ذلك " عندما أوجد الفن كان قد كشف لنفسو‬

‫وسيلة حقيقية لزيادة قوتو و إثراء حياتو "‪. 1‬‬

‫حيث أالٌل مكان مستعصي ليزداد قوة و وجود و عدم النفور من الطبيعة فأصبح يكتشف ذوقو‬

‫من ذلك اجلمال الطبيعي الذي رسخ يف أغوار النفس فأصبحت قيمة مجالية ىنا ال على أهنا " خربة‬

‫اكتسبها اإلنسان من خبلل ادلمارسة الطويلة و قد جاءت تالية للقيمة النفعية "‪ . 2‬فكان اإلنسان‬

‫يطور ذاتو من خبلل شلارسة الفن دلنفعة ذاتية أو مادية كانت ‪ ,‬حيث كان يتمتع دبا يقدمو من‬

‫أشكال فنية سلتلفة قد يستعملها يف حياتو اليومية ‪.‬‬

‫‪ 1‬ــ‪/ 3‬عالقة الفن باإلنسان ‪:‬‬

‫اإلنسان دوماً ؼلتار و ؽليل دلا ىو مجيل و متميز عن غَته سعياً منو لتلبية حاجة النفس و صرب‬

‫أغوارىا وصوالً إىل جلب األخر و التأثَت فيو وفق أسلوب تعبَتي جذاب بواسطة فن راقي متعايل "‬

‫فالفن يقوم على إشعارنا بالتعايل عن عامل ادلوجودات و األشياء اليت يضعها بطريقة اللعب‬

‫بالصفات ا﵀سوسة ادلعتمدة على جسم فيزيقي مر بو على ضلو يهدف إىل إحداث ىذا التأثَت"‪. 3‬‬

‫أي أن الفن عندما يكمل و يظهر ذلك اجلانب الغامض من الطبيعة يزداد التذوق ادلتميز و يبدأ‬

‫التأثر و التأثَت ليربزان إلشعال فتيل اإلبداع ادلستمر ربت مجالية معينة ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ عز الدين إمساعيل ‪ ,‬الفن واإلنسان ‪ ,‬دار القلم بَتوت ـ لبنان ‪ ,‬ط األوىل ‪ ,‬حَتزان ‪ , 1974‬ص ‪. 17‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪. 25‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ دنيس ىو يسمان ‪ ,‬علم اجلمال ( االستطيقا ) أمَتة حلمي مطر ‪ ,‬اذليئة العامة لدار الكتب و الوثايق اليومية ‪ ,‬إدارة الشثون‬
‫الفنية ‪ ,‬القاىرة ‪ , 2015‬ص ‪. 72‬‬
‫‪30‬‬
‫" فالفن ىو ذلك العمل ادلميز الذي يقوم بو أو قام بو اإلنسان العاقل الذي سبيز عن ساير‬

‫ادلخلوقات دبيزتُت أساسيتُت علا العقل و ادلنطق ‪ . 1".......‬أي أن اإلنسان ىو القادر على إعطاء‬

‫فكرة معينة مث يعرب عنها و ػلرسها و يربز قيمتها من خبلل الفن الذي يتبليم معها بشكل‬

‫موضوعي مقبول ‪.‬‬

‫اجلمال ىو الذي يضمن للعمل الفٍت يف النهاية قدرتو على التأثَت و ىذه القدرة على التأثَت يف‬

‫نفس اإلنسان ادلستقلة سباما عن الظروف التارؼلية حىت عن تلك اليت شهدت والدة ىذا العمل الفٍت‬

‫"‪. 2‬إن القيمة الفنية مرتبطة بالقيمة اجلمالية أو اجلمال ال يكون مجيل إال بوجود عمل فٍت راقي ‪ ,‬و‬

‫مشكلة الفن ذبعلنا نتجو ال شعورياً إىل مشكلة اجلمال و العكس كذلك ‪.‬‬

‫كما ؽلكننا القول أن علم اجلمال يعتٍت كثَتاً بقوانُت اإلبداع الفٍت وباجلمال نفسو ‪.‬‬

‫علم اجلمال دراسة أمسى ألعمال اإلنسان الفنية و القيم اليت تبحث عن اجلميل الذي يعرب عن‬

‫نفس اإلنسان سواء ما تعلق بطموحو أو بعملو الفٍت ‪" .‬إن نشأة الفن ال ؽلكن استيعاب أبعادىا‬

‫احلقيقية كاملة دون التعرف على نشأة اإلنسان نفسو "‪ . 3‬أي أن الفن مبلزم لئلنسان منذ والدتو‬

‫ىذا ما تثبتو الوقايع التارؼلية ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـــ سايد سلوم ‪ ,‬علم اجلمال ‪,‬من منشورات اجلامعة االفًتاضية العربية السورية ‪( ,‬د ط ) ‪ ,2020 ,‬ص ‪. 14‬‬
‫‪ 2‬ـــ إياد صقر ‪ ,‬معٌت الفن ‪ ,‬ص‪. 102‬‬
‫‪ 3‬ـــ عز الدين إمساعيل ‪ ,‬الفن و اإلنسان ‪ ,‬دار الفكر ‪ ,‬بَتوت لبنان ‪ ,‬ط‪ , 1‬حزيران ‪ ,1474‬ص ‪. 19‬‬
‫‪31‬‬
‫ـ‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫‪ 2‬ـ أسس نظرية علم الجمال في النقد العربي الحديث ‪:‬‬

‫‪ 2‬ـ ‪ / 1‬أسس نظرية علم الجمال ‪:‬‬

‫إن نظرية علم اجلمال مل تتبلور يف النقد العريب القدَل ‪ ,‬فهو علم حديث النشأة ‪" .‬وقد‬

‫سبقنا الغرب يف ىذا اجملال ‪,‬كما حاول النقاد العرب ادلعاصرون صياغة نظرية أو نظريات يف النقد‬

‫العريب القدَل ولكن اغلب الكتب تتحدث عن أسس ونظريات و اذباىات النقد العريب القدَل ال‬
‫‪1‬‬
‫تلبث أن تنغمس يف تفاصيل اآلراء اجلزيية عند فبلن أو عبلن "‪.‬‬

‫كما ال ؽلكن تتبعها يف تطورىا التارؼلي ألن البداية غَت واضحة ‪ .‬وإذا كانت النظرية اجلمالية‬

‫سبثل الوعي اجلمايل عند ادلفكرين و عامة الشعب يف امة من األمم ‪ ,‬فإن النظرية اليت تصور لنا ىذا‬

‫الوعي مل تصور بعد من حيث ىي ‪ .‬وإذا كان تطور النظرية اجلمالية ىو الصورة اليت يتمثل فيها‬

‫تطور الوعي اجلمايل يف األمة فإن تاريخ ىذا الوعي مل يتمثل يف تاريخ الفكر العريب بوضوح فضبلً‬
‫‪2‬‬
‫عن أن يصور لنا تطوراً ملحوظاً ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ زلمد علي غوري (مدخل إىل نظرية اجلمال يف النقد العريب ) رللة القسم العريب ‪ ,‬جامعة بنجاب ‪ ,‬الىور ـ باكستان ‪ .‬العدد‬
‫الثامن عشر‪2011,‬م ‪ ,‬ص ‪. 134‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ عز الدين إمساعيل ‪ ,‬األسس اجلمالية يف النقد العريب ‪ ,‬عرض وتفسَت ومقارنة ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬دار الفكر العريب ‪ ,‬ط‪1974, 3‬‬
‫م ‪ ,‬ص ‪.131‬‬
‫‪32‬‬
‫مل يعرف قدماء العرب لفظ أو مصطلح "نظرية " فهذه الكلمة مل ترد يف تراثنا وال يف تراث‬

‫غَتنا لعدم تبلورىا كمصطلح ‪ .‬إن اقرب الكلمات للحقل ادلعريف للنظرية ىي كلمة نظر ‪ ,‬وتعٍت‬
‫‪1‬‬
‫التفكَت والتأمل والتدبر والتوقف عند الشيء ‪.‬‬

‫و إذا تفحصنا أراء نقادنا القدامى وأقصد هبم فبلسفة ومفكرينا مثل ابن سبلم اجلمحي و ابن‬

‫قتيبة والقاضي اجلرجاٍل و ابن رشيق وحازم القرطاجٍت وغَتىم ونتلمس أو نتحسس مبلمح ما‬
‫‪2‬‬
‫يطلق عليو اليوم اسم النظرية ‪.‬‬

‫طبيعي أن العريب يف جاىليتو ‪,‬كان يعرف اجلمال بصورة أو أخرى ولكنها كانت ادلعرفة األولية‬

‫الساذجة اليت يشًتك فيها مجيع الناس ‪ 3.‬ومل تكن ىذه ادلعرفة واعية ‪".‬وطبيعي جداً أن يكون العريب‬

‫وقد وصل إىل مرحلة اإلنتاج الفٍت الراقي الشعر يف صورة القدؽلة الناضجة ) نظرتو إىل الكون‬
‫‪4‬‬
‫وتذوقو دلظاىر اجلمال والقبح فيو ‪".‬‬

‫ىناك زلاولة للوصول إىل نظرية أو نظريات يف النقد العريب القدَل قام هبا زلمد صاحل الشنطي يف‬

‫مقال لو ػلمل عنوان ‪ " :‬نظرية النقد العريب القدَل يف ضوء اخلطاب الثقايف العام " ادلنشور على‬

‫‪ 1‬ـــ ينظر ‪,‬زلمد علي غوري (مدخل إىل نظرية اجلمال يف النقد العريب) ‪ ,‬رللة القسم العريب ‪ ,‬جامعة بنجاب ‪ ,‬الىور ـ باكستان‬
‫‪ ,‬العدد الثامن عشر ‪, 2011 ,‬ص ‪. 136‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ادلرجع نفسو ‪ ,‬نفس الصفحة ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ـ عز الدين إمساعيل ‪ ,‬أألسس اجلمالية يف النقد العريب ‪ ,‬عرض و تفسَت و مقارنة ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬دار الفكر العريب ‪ ,‬ط‪3‬‬

‫‪.131 , 1974,‬‬

‫‪ 4‬ـ ـ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪. 131‬‬

‫‪33‬‬
‫الشبكة الدولية يف عام ‪1420‬ه ‪ ,‬يقول فيها إن القدماء مل يعرفوا نظريات يف النقد والفن وإظلا كان‬

‫لديهم خطاب نقدي عرب األزمنة ادلختلفة حسب السلطة ادلهيمنة يف كل عصر ‪ ,‬فيمكن دراسة‬

‫و‬ ‫ىذه النظريات يف إطار اخلطاب الثقايف العام لعصر من العصور من خبلل ادلفهوم األوسع‬
‫‪1‬‬
‫األمشل للعناصر ادلهيمنة عليو ‪.‬‬

‫اجلمال مسة واضحة يف سللوقات ا﵁ تعاىل ‪ ,‬فحيثما اذبو اإلنسان ببصره غلد من صنع ا﵁‬

‫سبحانو ما غلذبو بلونو ‪ ,‬أو يستهويو بصوتو ‪ ,‬أو يأسر قلبو بدقتو و توازنو و إبداعو ‪ 2.‬وىذا دليل‬

‫على عبلقة اجلمال باإلنسان منذ وجوده و نشأتو ‪ ,‬وكان حرص اإلسبلم على تنمية الذوق اجلمايل‬

‫فيو ‪ .‬كما ؽلكننا من خبلل اخلطاب الثقايف العام أن نلتمس بعض أسس نظرية اجلمال عند‬

‫ادلسلمُت ‪ ,‬وذلك حسب التطور التارؼلي الذي مروا بو منطلقُت من أسس دينهم ‪ 3.‬ألن أسس‬

‫و بداية اجلمال كانت مع ظهور اإلسبلم مرتبطة بعقيدتنا و فطرتنا ‪ ,‬إال أهنا كانت حباجة إىل التطور‬

‫و الظهور ‪.‬‬

‫إن النقد العريب غٍت باألفكار واليت مازلنا نتعجب منها حىت اآلن ‪ ,‬وإذا قمنا بفرز وغربلة تلك‬

‫األفكار فيمكننا استخبلص أسس ننطلق منها للنظرية ‪ ,‬وقواعد لبناء نظريات يف النقد مثل نظرية‬

‫‪ 1‬ـ ـ زلمد علي غوري (مدخل إىل نظرية اجلمال يف النقد العريب )‪,‬رللة القسم العريب ‪ ,‬جامعة بنجاب ‪ ,‬الىور ـ باكستان ‪,‬‬

‫العدد الثامن عشر ‪ , 2011 ,‬ص ‪.136‬‬

‫‪ 2‬ـ ـ إؽلان عبد ادلثمن زلمد سعد الدين ‪ ,‬القيم اجلمالية لدى بعض مفكري اإلسبلم ‪ ,‬بكلية الدراسات اإلسبلمية و العربية‬

‫للبنات باإلسكندرية ـ جامعة األزىر ‪ ,‬ص ‪. 951‬‬

‫‪ 3‬ـــ ـ ادلصدر السابق ‪ ,‬ص ‪. 138‬‬

‫‪34‬‬
‫اجلمال ‪ .‬ألننا حباجة إىل نظريات أصلية نابعة من أسسنا ومرتبطة بًتاثنا الن النقد العريب ذو أساس‬
‫‪1‬‬
‫و‬ ‫متُت من األفكار ‪.‬‬

‫ذلك العتبار النظرية رلموعة من القواعد وادلبادئ اليت تقوم بالًتتيب العقبلٍل ادلنطقي للدراسات‬

‫للخروج بفكرة أو منطلق جديد أو لتثبت حقيقة معينة ‪.‬‬

‫ؽلكننا القول أن النقد العريب القدَل يف أصولو ىو نقد إسبلمي ‪ ,‬ألنو ظهر وتطور حُت رليء‬

‫اإلسبلم و بفضل القرآن ‪ " ,‬وحُت نقول نقد إسبلمي فإن ذلك ال يعٍت إنو معصوم من اخلطأ ‪ ,‬أو‬

‫أننا نضفي عليو ىالة من القدسية ‪ ,‬فما ىو إال اجتهاد بشري اعتمد على قواعد اإلسبلم األساسية‬

‫قابل للخطأ وللصواب ‪ ,‬وأما الذي ال ؼلطأ وغَت قابل للخطأ فهو القرآن الكرَل و أحاديث‬

‫الرسول صلى ا﵁ عليو وسلم ‪ ,‬وىذا النقد جاء نتيجة اجتهاد نقاد ادلسلمُت حُت ابدوا اراءىم يف‬

‫النصوص الشعرية ادلمتازة ‪ ,‬منطلقُت من نظراهتم فإن غالبيتهم انطلق من أسس ىذا الدين احلنيف‬

‫الذي اىتم باجلمال يف كل شيء ‪ .‬ومن ىنا ارتبطت القضايا النقدية بالفكر اإلسبلمي ‪ 2.‬يقول طو‬

‫امحد إبراىيم متحدثا عن أواخر القرن ‪ " :‬ال نزال إىل اآلن يف عهد فطري خالص يرينا إن العرب‬

‫تذوقوا فيو كثَتا من مجال األدب ‪ ,‬وعرفوا بعض عيوبو قبل أن يعرفوا ىيكل لغتهم وطرق اإلسناد‬
‫‪3‬‬
‫ويقصد طو بقولو ىذا إهنم مسوا شغاف اجلمال احلسي وادلعنوي‬ ‫فيها كما يقول الببلغيون "‬

‫‪ 1‬ـ ـ ينظر ‪ ,‬زلمد علي غوري ‪ ( ,‬مدخل إىل نظرية اجلمال يف النقد العريب ) ‪ ,‬رللة القسم العريب ‪ ,‬جامعة بنجاب ‪ ,‬الىور ـ‬
‫باكستان ‪ .‬العدد الثامن عشر ‪2011 ,‬م ‪ ,‬ص ‪. 139‬‬
‫‪ 2‬ـــ ادلرجع نفسو ‪,‬ص ‪. 139‬‬

‫‪ 3‬ـ ـ إبراىيم طو أمحد ‪ ,‬تاريخ النقد األديب عند العرب ‪ ,‬من العصر اجلاىلي إىل القرن الرابع اذلجري ‪ ,‬بَتوت ‪ ,‬ادلكتبة العربية ‪,‬‬
‫‪ , 1981‬ص‪.47‬‬
‫‪35‬‬
‫إن نقاد العرب القدامى فقد أدركوا معايَت اجلمال يف األدب دون أن‬ ‫بفطرهتم ‪.‬‬

‫ػلصروه بنظرية بعينها‪,‬ألنو كما ذكرنا سابقا مل يكن لنظرية علم اجلمال وجود يف النقد العريب‬

‫القدَل‪,‬فهم مل يصطلحوا على تسمية معايَت اجلمال بكلمة ( نظرية ) ‪ .‬وردبا يكون ىذا الناشئ عن‬

‫عدم اكتمال األطر التفسَتية لديهم ‪ ,‬فالنظرية مصطلح حديث النشأة ‪ ,‬أساسو تلك ادلفاىيم‬

‫وا﵀اور العامة لذوق النقاد القدامى للجمال ‪ <<1.‬ربول ىذا اجلمال حديثا إىل نظرية ذلا أسسها‬

‫و قواعدىا الذوقية والفكرية >> وىي أسس وأصول وضعها الناقد منذ القدَل ‪ ,‬لكنهم مل‬

‫ػلصروىا بنظرية واحدة ‪ ,‬فعمد ا﵀دثون إليها وقننوىا وحصروىا يف حيز واحد أمسوه نظرية اجلمال‬
‫‪2‬‬
‫‪.‬‬

‫إن نقاد العرب القدامى مل يقفوا عند حدود األدب فقد ذباوزوه إىل القضايا ألفكرية واإلنسانية‬

‫‪ " .‬ولعل قضية الذوق من ابرز قضايا اجلمال عند نقاد العرب القدامى ‪ ,‬واالدل على ذلك من‬

‫قضية عمود الشعر العريب ‪ ,‬اليت ذبسد الذوق النقدي ادلقنن وفق معايَت فنية وذوقية ‪ ,‬غلب توافرىا‬

‫يف النص الشعري حىت يكون مجيبل ‪ ,‬يتسم باجلودة واإلتقان ‪ ,‬وليس ىذا ادلعيار الوحيد ‪,‬بل إن‬
‫‪3‬‬
‫العمل اإلبداعي عندىم قد يكون مجيبل حىت وإن مل يلتزم بالعمود الشعري" ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ ينظر‪ ,‬عمر فارس الكفاوين ‪( ,‬نظرية اجلمال الشعري من وجهة نظر فبلسفة األندلس) رللة جامعة الشارقة ‪,‬كلية اآلداب‬

‫والفنون ـ جامعة فبلديفيا عمان ـ األردن ‪ ,‬اجمللد ‪ ,15‬العدد ‪ ,1‬رمضان ‪1439‬ه ‪ /‬يونيو ‪ 2018‬م ‪ ,‬ص‪. 214‬‬

‫‪ 2‬ـ ـ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪. 214‬‬


‫‪ 3‬ـ ـ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪2014‬‬
‫‪36‬‬
‫كما تعترب قضية انتحال الشعر من أوىل القضايا اليت أثارىا أول كتاب نقدي يف القرن الثالث‬

‫ىجري ‪ " ,‬طبقات فحول الشعراء " صاحبو ابن السبلم اجلمحي ‪ ,‬مث شغل بو النقد العريب ردحاً‬

‫من الزمن ‪ ,‬وذلك ألن االنتحال يفسد مجال الشعر ‪ ,‬فحُت تنسب كبلماً قوياً لشخص ضعيف‬

‫مثبلً فإنك ال تستمتع بذلك الكبلم لصدوره من شخص غَت معٍت بو ‪ ,‬حىت لو كان الكبلم يف ذاتو‬
‫‪1‬‬
‫مجيبلً ‪ ,‬فمن متطلبات اجلمال وضع لشيء يف مكانو ادلناسب ‪ ,‬و نسبة الشيء إىل صاحبو ‪.‬‬

‫كما تعرب أيضاً قضية السرقات الشعرية من مفسدات مجال الشعر ‪ ,‬وتشويو كل مجيل ‪ ,‬لذلك‬

‫حاول النقاد ذبنبها ‪ ,‬و من ىنا قالوا باألخذ احلسن و األخذ غَت حسن أو احلسن أو القبيح ‪ ,‬أي‬

‫استبدلوا كلمة السرقة باألخذ ‪ 2.‬و ذلك لتفادي تشويو اجلمال الشعري ‪.‬‬

‫لقد عرف النقاد العرب علم اجلمال و نظرياتو مستندين إىل الذوق وادلتعة األدبية وتقنيات‬

‫النصوص اإلبداعية من ألفاظ ومعان و صور وغَت ذلك ‪ ,‬اليت تسهم يف إضفاء مجالية ‪ 3.‬ألن علم‬

‫اجلمال ربول من مفاىيم إىل نظرية ذات أسس فكرية و ذوقية و ذات متعة مجالية يف األعمال‬

‫األدبية الفنية ‪.‬‬

‫كما الحظنا أن اجلاحظ تناول قضية اللفظ و ادلعٌت يف كتابو "البيان و التبيُت" و بُت كيف‬

‫ذبمل ادلعاٍل إذا أعارىا البليغ سلرجا سهبلً و نطقاً مجيبلً ‪ ,‬رغم انو من أنصار اللفظ ‪ ,‬فهو إذن‬

‫‪ 1‬ـ ـ ينظر‪ ,‬زلمد علي غوري (مدخل إىل نظرية علم اجلمال يف النقد العريب ) ‪,‬رللة القسم العريب ‪ ,‬جامعة بنجاب ‪ ,‬الىور ـ‬
‫باكستان ‪ ,‬العدد الثامن عشر ‪, 2011 ,‬ص‪.140‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪. 140‬‬
‫‪3‬ـ ـ عمر فارس الكفاوين ‪ ( ,‬نظرية اجلمال الشعري من وجهة نظر فبلسفة األندلس ) رللة جامعة الشارقة ‪ ,‬كلية األداب والفنون‬
‫ـ جامعة فبلديفيا ‪ ,‬عمان ـ األردن ‪ ,‬اجمللد ‪ , 15‬العدد ‪ , 11‬رمضان ‪1439‬ه يونيو ‪2018‬م ‪ ,‬ص ‪.2014‬‬
‫‪37‬‬
‫ػلرص على مجال اللفظ ومجال ادلعٌت ‪ .‬ويعد عبد القاىر اجلرجاٍل من أىم النقاد اللذين درسوا‬

‫مشكلة اللفظ وادلعٌت يف النقد العريب ‪ ,‬وإليو يعود فضل التوحيد بينهما ‪ ,‬بعد قيامو بالتوحيد بُت‬

‫اللغة و الفكر ‪ ,‬واتبع ىذين التوحيدين بتوحيد ثالث ىو التوحيد بُت التعبَت واجلمال ‪ ,‬وكان زلور‬

‫دراستو النقدية ىو "النظم" درسو من خبلل نظرية امساىا نظرية النظم ‪ ,‬ومن خبلل ىذه النظرية‬

‫يعترب اجلرجاٍل األلفاظ ادلفردة إهنا ذات معاٍل إشارية ‪ ,‬أما ادلعاٍل احلقيقية و ا﵀ددة فهي وليدة‬

‫السياق الذي ؽلنحها شحناهتا الشعورية والذىنية ‪ ,‬فاأللفاظ حسب رأيو ليست إال رموز للمعاٍل‬

‫ادلفردة اليت تدل عليها ىذه الرموز ‪.‬‬

‫وكانت نظرية النظم من قضية اللفظ وادلعٍت ‪ ,‬دعوة إىل دراسة النحو على مناىج جديدة تقوم على‬
‫‪1‬‬
‫احلس والذوق وحسن التخيَت‪.‬‬

‫‪ 1‬ـــ زلمد علي غوري ‪ ( ,‬مدخل إىل نظرية اجلمال يف النقد العريب ) ‪ ,‬رللة القسم العريب ‪ ,‬جامعة بنجاب ‪ ,‬الىور ـ باكستان ‪,‬‬
‫العدد الثامن عشر ‪2011 ,‬م ‪ ,‬ص‪. 141‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ 2‬ـ ‪/ 2‬علم الجمال و الحكم النقدي في األدب ‪:‬‬

‫من خبلل الدراسات السابقة لدى الفبلسفة و النقاد وجدنا أهنم قسموا اجلمال إىل نوعان‪:‬‬

‫‪ /1‬مجال موضوعي‪.‬‬

‫‪/2‬مجال ذايت‪.‬‬

‫يرى أصحاب االذباه األول أن اجلمال ادلوضوعي ىو ما ادركناه يف ذاتو دون التأثر بعوامل خارجة‬

‫عن نطاقو ألنو مستقل عن الذاتية ‪ ,‬أما االذباه الثاٍل يرى رواده بان اجلمال ذايت ذوقي ‪ ,‬وذلك‬

‫لتأثره بالعوامل اخلارجية ليكتمل مجالو ‪ ,‬وىذا ما يعرج عنو ابن خلدون يف قولو <<اعلم أن الذوق‬

‫لفظة يتداوذلا ادلعتنون بفنون البيان >>‪ 1‬أي أن الناقد يدرك اجلمال من خبلل التذوق الذي‬

‫يكسبو من خبلل ادلمارسة والتمعن يف سلتلف النصوص األدبية‪.‬‬

‫إن اإلحساس باجلمال الفٍت الذي يقوم بو اإلنسان ذو عقل و روح يتوقف على عاملُت‬

‫أساسيُت العامل الشعوري و العاطفي و العامل العقلي الذي ينظم بنية العمل الفٍت إلثارة االنفعال‬

‫واإلحساس اجلمايل "‪ .2‬لكل إنسان مقياس و ذوق خاص بو ينطلق منو يف احلكم على األشياء‬

‫حيث أن لؤلذواق يف إطارىا العام الفٍت أمرين اثنُت أوذلما " أن ىناك مقاييس شبو ثابتة متأصلة يف‬

‫النفس البشرية ال ؼلتلف عليها الناس وىذه ادلقاييس الثابتة تتجاوز الزمان وادلكان دبعٌت من ادلعاٍل‬

‫و لو مل نأخذ هبذا الكبلم دلا وجدنا ما ؼلسر خلود الكثَت من األثار الفنية أما ثانيهما ‪ :‬أن ادلوضوع‬

‫‪ 1‬ـ ـ ابن خلدون ‪ ,‬ادلقدمة ‪ ,‬دار القلم ـبَتوت ‪ ,‬ط‪ 1984 , 5‬م ‪ ,‬ص‪. 562‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ سايد سلوم ‪ ,‬علم اجلمال ‪ ,‬من ادلنشورات اجلامعة االفًتاضية اجلمهورية العربية السورية ‪ , 2020‬ص‪. 82‬‬
‫‪39‬‬
‫يتمتع بصفات مجالية واضحة ال ؽلكن نكراهنا "‪ 1‬أي أن ادلوضوع لو من الكفاية ادلوجودة يف‬

‫خصايصو اليت ذبعل منو مجيل أو قبيح باتفاق رلموعة من آراء الدارسُت دلوضوع معُت ‪.‬‬

‫فالتذوق الفٍت يثدي بنا إىل منطقة ادلعاٍل العميقة للموضوع اجلمايل ‪ ,‬و من مث تتمظهر ردات‬

‫الفعل بسبب االستجابة لفايدة العمل الفٍت ‪ 2.‬فرمزية التعبَت الفٍت ذبعلنا نضفي شعوراً من شعورنا‬

‫على أن يكون تلك الفن جزءاً من أعمالنا و أحاسيسنا كونو ذبربة إنسانية ‪ ,‬فالناقد ىنا يكون على‬

‫درجة من الوعي ألن الغموض ادلوجود يف التعبَت الفٍت ػلتاج إىل ذوق متعايل مبٍت على إحساس‬

‫صادق ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ ياسر عبد الرحيم ‪ ,‬دراسات يف علم اجلمال ‪ ,‬جامعة محاة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ‪ ,‬قسم اللفة العربية ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ سايد سلوم ‪ ,‬من منشورات اجلامعة االفًتاضية ‪ ,‬اجلمهورية العربية السورية ‪2020‬‬
‫‪40‬‬
‫‪ 2‬ـ ‪ / 3‬ما العوامل المؤثرة في الذوق الجمالي و األحكام الجمالية ؟‬

‫إحساسنا باجلميل يقدر إدراكنا للقيمة اجلمالية ‪ ,‬فتفاوت األعمال األدبية يف تشكيلها و صياغتها‬

‫و تدويرىا عامل أساس يل عرضها يف أحلى حلة حىت يتسٌت ذلا نصيبها من اجلمال الذي تًتكو يف‬

‫النفس و تعلو بو األذواق ‪ " .‬إن تعود الرؤى اجلمالية و األساليب اليت تسعى ضلو استطيقا خالصة يف‬

‫فنون احلداثة وما بعدىا جعل مشكلة القيمة اجلمالية تتصدر مباحث الذاتيات اخلاصة والفردية‬
‫‪1‬‬
‫األسلوبية عرب رلموعة عوامل ‪".‬‬

‫ا ـ اختبلف ادلثثر عندىا ؼلتلف النتاج اجلمايل و ذلك بتأثَت البيئة ‪.‬‬

‫ب ـ تفاوت التأثَت بُت األدباء اذباه مثَت معُت ‪.‬‬

‫ج ـ التغَتات ادلفاجئة عند تأثر األنا باآلخر فيحصل نوع من عدم قبول رأي ما فهناك قد تنزاح األنا‬

‫بأفكارىا أحيانا عن القوانُت ادلعتمدة بشكل مقبول ‪.‬‬

‫د ـ فاألحكام اجلمالية يف بعض األحيان تذىب إىل ما وراء التمييز احلسي ‪ ,‬حيث أهنا ترتبط‬

‫بانفعاالت قد تظهر بشكل جزيي يف ردود األفعال اجلدية أو شعور داخلي ‪ ,‬حينها قد يتميز احلكم‬

‫النقدي للجمال ‪ .‬فمثبل الرسومات وادلخطوطات القدؽلة كنا نراىا شيء من الفوضى و االعتباطية‬

‫عاشها اإلنسان منذ القدَل إال أن و بعد مرور الوقت بدأت تلك الرسوم نرى فيها نوع من اجلمال‬

‫الذي عرب عن قوة سبيز اإلنسان القدَل و تعايشو مع الطبيعة اليت جسدىا يف أشكال فنية‬

‫رايعة ‪ ,‬عندىا تغَت احلكم اجلمايل وظهرت القيمة اجلمالية اليت كانت إنتاج الفكر والعاطفة ‪ .‬و أول‬

‫‪ 1‬ـ ـ سايد سلوم ‪,‬علم اجلمال ‪ ,‬من ادلنشورات اجلامعة االفًتاضية ‪ ,‬اجلمهورية العربية السورية ‪, 2020 ,‬ص‪.70‬‬
‫‪41‬‬
‫ما ؽليز حكم الذوق عند كانط ‪ ,‬ىو أنو حكم استطقي أي حكم يرجع إىل الذات ‪ ,‬و إذا كانت‬

‫كل أفكار العقل حىت ادلستمدة من اإلحساس تشَت إىل موضوعات خارجية إال أن األفكار ادلستمدة‬
‫‪1‬‬
‫من الشعور باللذة و األمل ليست كذلك ‪"....‬‬

‫حيث يرى كانط أن الذوق ىو وحده من حدد احلكم دون أي منفعة معينة ‪ ".‬فالذوق ىو ملكة‬
‫‪2‬‬
‫تقدير شيء أو فكرة من حيث قبوذلا أو عدم قبوذلا بدون وجود أي غرض معُت ‪".‬‬

‫فاألحكام اجلمالية من اإلنصاف و العدل أن ننظر إليها كقاعدة لئلحساس و ادلشاعر واألراء الفكرية‬

‫والقدرة والرغبة ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ‪ / 4‬النقد الفني و بناء القيمة الجمالية ‪:‬‬

‫للفن معايَته وقوانينو اجلمالية اخلاصة بو ‪ ,‬فمهما بلغ وعي اإلنسان بدرجة عالية من اإلبداع‬

‫إال و اقًتب من ادلعرفة اجلمالية اليت توحي يف جذورىا أهنا شلتدة من عبقرية اإلنسان ذاتو ‪ ,‬كونو‬

‫يبحث دوما عن اجلمال يف إبداعاتو " والفن حُت يعرب عن ادلطلق ال يتعامل بالتصورات اجملردة بل ىو‬

‫غلمع إليها العينات احلسية ‪ ,‬ومن ىنا يعرف ىيقل اجلمال بأنو ربلى الفكرة بطريقة حسية "‪ 3‬يرد‬

‫اجلمال يف اإلبداع الفٍت إىل اجلمع بُت الفكرة وقالبها احلسي حينها يكون اجلمال ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـــ أمَتة حلمي مطر ‪ ,‬فلسفة اجلمال (أعبلمها ومذاىبها ) دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ـ القاىرة ‪1998‬م ‪ ,‬ص‪.112‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ادلرجع نفسو ‪,‬ص ‪. 112‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪. 125‬‬
‫‪42‬‬
‫أ ـ مفهوم الفن في شكلو العام ‪:‬‬

‫فالفن ىو ما ؼلرج عن الطبيعة ‪ ,‬أي ىو العمل اإلنساٍل الذي ينتج بالعقل و االبتكار وعن طريق‬
‫‪1‬‬
‫الوعي والتفكَت اإلبداعي ‪".‬‬

‫فعال يف اإلبداع الفٍت وسقل ادلوىبة و من أىم مقصدية النقد‬


‫أي أن القدرة و اخليال يساعلان بشكل َّ‬

‫ادلعاصر يف ظل اإلبداع ىو إيضاح العمل الفٍت ليصل لبلخرين فدور الناقد ىنا ىو احلديث عن تأثَت‬

‫الفن من حضارة ما على حضارة أخرى فذوق الناقد غَت ذوق القارئ العادي فهو يذىب لتفسَت‬

‫وربليل الرموز لينتج بناء أخر من خبلل الفهم يف أعلى مستوياتو ‪ ".‬نستطيع أن نصل بكلمة الذوق‬

‫إىل معٌت أمشل وأوسع نطاق عندما تتصور الذوق على أنو ليس فقط االستجابة اجلمالية للعمل الفٍت‬

‫أو للعبلقات اجلمالية ادلوجودة يف الطبيعة ‪ ,‬و لكن على أن يتعدى ذلك لتشمل ىذه االستجابة‬

‫اجلمالية كل نواحي احلياة و كل ما ظلر بو يف حياتنا من خربات ومواقف و عندما تصبغ كل تصرفاتنا‬
‫‪2‬‬
‫بصيغتها ‪".‬‬

‫فنظرة اإلنسان للفن و إدراكو لو ليس متعلق جبمالية الفن يف ذاتو فحسب بل راح إىل أبعد من ذلك‬

‫فتوظيف ادلكتسبات القبلية و اخلربات اليت امتلكها اإلنسان كذلك مجالية تساعد على تذوق‬

‫الفن ‪ .‬إن قوة الذوق ليست رلرد اإلفصاح عن إجراء عمل فٍت ما أيضاً شعورنا باألمل و اللذة كذلك‬

‫تصنف بو القيمة اجلمالية لئلبداع ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ بدر الدحاٍل ‪ ,‬يف فلسفة الفن وعلم اجلمال ‪ ,‬مدخل وتصورات ‪ ,‬دايرة الثقافة ‪ ,‬حكومة الشارقة ‪ ,‬ص ‪.60‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ عيد سعيد يونس ‪ ,‬التصوير اجلمايل يف القرآن الكرَل ‪ ,‬عامل الكتب ‪ ,‬ط‪ , 2006 , 1‬ص ‪. 81‬‬
‫‪43‬‬
‫حىت ضلافظ على مجال واضح للفن البد أن ال نويل كل اىتمامنا إىل مقاصد الفنان واليت تعترب جزءاً‬

‫من عملو اإلبداعي ‪ ,‬حىت طلرج عن نطاق مجالية الفن ‪ ,‬ونبقى مشغولُت بالكاتب نفسو ‪ .‬فإن‬
‫‪1‬‬
‫مقصد الفنان ىو العامل ادلميز ‪ ,‬فما ػلاول أن يصنعو ىو الذي غلعل من إنتاجو فناً مجيبلً ‪.‬‬

‫لذا يبقى الفنان ملزم بتقدَل فن يليق بفهم ادلتلقي الذي ىو بدوره ال يركز جل فهمو على مقصدية‬

‫الفنان اليت قد تكون متعلقة بفكره وذاتو ‪.‬‬

‫عنديذ ترى نظرية " اجلمال الفٍت " أن ادلوضوع يكون عمبلً فنياً إذا كان نتاجاً لصنعة بشرية بارعة و‬

‫إذا كانت لو جاذبية استطقية واضحة ( بغض النظر عن مقصد الفنان )‪ 2.‬فكلما أضف الفنان‬

‫مهارات جديدة فهو حتما يثكد قيمة تلك العمل اإلبداعي ‪ .‬ويبقى الفن عامبلً رييسياً إلذلام‬

‫اإلنسان و زلورعلا و للتقدَل االبداعي والثقايف بُت سلتلف اجملتمعات ‪.‬‬

‫ب ـ النقد الفني ‪:‬‬

‫لعل نظرة النقاد إىل األعمال الفنية تكون من واقع تفاعلهم معها ‪ ,‬فهم من غليبون على‬

‫تساؤالت مهمة حول ماىية العمل الفٍت و ذلك من خبلل إتباع وظيفة أساسية أال وىي إصدار‬

‫حكم معُت اذباه فن ما وقبل كل ىذا غلب أن يكون الناقد لديو إحساس دبا ػلاول اصلازه يف عملو‬

‫أين ػلققو يف ادلتلقي ‪ ".‬فالنقد الفٍت احلديث يعتمد أساسا على التحليل ادلنهجي لؤلعمال الفنية ‪,‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ جَتوم ستولنيتز ‪ ,‬النقد الفٍت ‪ ,‬دراسة مجالية ‪ ,‬تر ‪ :‬فثاد زكريا ‪ ,‬دار الوفاء لطباعة والنشر ‪ ,‬اإلسكندرية ‪ ,‬مجهورية مصر‬
‫العربية ‪ ,‬ص ‪.285‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪. 289‬‬
‫‪44‬‬
‫وال غلنح سواء ادلدح أو التفريط أو الذم و اذلجاء بل يضع ىذه األعمال ربت ضوء ىادئ وفاحص‬
‫‪1‬‬
‫بعيداً عن احلماس أو التعصب أو التحيز "‪.‬‬

‫ـ ما يميز الناقد الفني ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الذوق الفٍت ‪ :‬و ىو أن يكون ىذا الناقد على درجة عالية من التبصر الذي ذبوده النظرة الثاقبة‬

‫حينها يتم سبييز مواطن اجلمال الفٍت و التمتع بو ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ اخلربة الفنية واجلمالية ‪ :‬و ىي االحتكاك ادلباشر بادلبدعُت و أعماذلم الفنية ‪ ,‬اليت من خبلذلا‬

‫ػلصل الناقد على معرفة فنية تثىلو دلمارسة وظيفتو و يبقى الناقد اجليد ىو الذي يتصدى و يتأمل‬

‫بعمق يف العمل الفٍت وتكييف أساليبو ومعايَته لقيمة لديو تبعاً للعمل اخلاص الذي يدرسو دون أن‬

‫ػلرج اجلمهور الذي يكتب لو ‪.‬‬

‫أما وظيفة النقد الفٍت " تكمن يف جعل التجربة اجلمالية أفضل شلا ىي عليو و أكثر إقناعا لؤلخرين‬

‫و أكثر تفسَتا يوحيو لبلخرين و توضيح ذلم الرموز و مقاصد الفنان و تعريف اجلمهور بالقيم الفنية‬
‫‪2‬‬
‫اجلمالية يف األعمال الفنية ادلتنوعة و تدريبهم و تعويدىم على التذوق الرفيع "‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ نبيل راغب ‪,‬النقد الفٍت ‪,‬دار مصر للطباعة ‪ ,‬الفجالة ‪ ,‬ص‪. 05‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ عبد الرحيم عوض حسُت عبد الكرَل ‪ ,‬النقد الفٍت بُت النظرية و التطبيق ‪ , 2016 ,‬ص ‪. 12‬‬
‫‪45‬‬
‫‪ 2‬ـ ‪ / 5‬االتجاىات المعاصرة لعلم الجمال ‪:‬‬

‫استطاع الناقد العريب أثناء شلارستو دلختلف ادلناىج النقدية ادلعاصرة اخلوض يف أغوار األثر األديب‬

‫من خبلل تلقيو لؤلعمال الفنية و تفاعلو معها كان ىو ا﵀ور األساس يف احلكم على العمل الفٍت‬

‫و تطوره يف ظل تعدد االذباىات اجلمالية يف القرن العشرين و تشعبت اآلراء ومل تضبط بعد " و ال‬

‫ؽلكن اختصار مجاليات القرن العشرين و تصنيفها يف عدة اذباىات زلددة ‪ ,‬الن تعدد وجهات النظر‬

‫و تعقيدىا غلعل من الصعب أن ضلدد قايمة واضحة بعلم اجلمال يف القرن العشرين و ىذا األمر‬
‫‪1‬‬
‫يتطلب بتحليل االذباىات الفلسفية ادلعاصرة اليت تندرج ربتها ىذه الرؤى اجلمالية "‪.‬‬

‫رغم تعدد االذباىات إال أن بعض الفبلسفة استطاعوا أن ػلددوا اذباىُت أساسيُت ‪ :‬االذباه األول "‬

‫ؽليل ضلو دراسة مجالية الشكل الفٍت باعتباره العنصر الرييسي يف العمل الفٍت ويطلق على ىذا االذباه‬
‫‪2‬‬
‫<< اجلمالية العلمية >>"‪.‬‬

‫حيث تسعى ىنا نظريات القراءة من خبلل التجاوب مع مجالياهتا إىل وضع القراءة عاليا ضلو درجة‬

‫الفن ألننا من الواضح أننا نعيش مرحلة الصورة يف سلتلف رلاالت احلياة و على مستوى الفنون‬

‫خاصة ‪ ,‬على الرغم من أن الشكل أو الصورة ادلريية تعد من أبرز مكونات الفن إال أهنا مع التطور‬

‫الثقايف اذلايل وعلى إقبال مجهور ادلتذوقُت على ثقافة ادلريي عل حساب ثقافة السماع ‪ ,‬واقتحام‬

‫ثقافة العُت جملاالت ثقافة األذن و من مث باتت الصورة تضاىي منزلة الشعر بل باتت تنتصر‬

‫‪ 1‬ـ ـ رمضان بسطويسى زلمد ‪ ,‬علم اجلمال لدى مدرسة فرانكفورت أدورنو ظلوذجاً ‪ ,‬مطبوعات النصوص ‪ , 90‬القاىرة ‪ ,‬ط ‪,1‬‬
‫يناير ‪ , 1993‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ادلصدر نفسو ‪ ,‬ص‪.20‬‬
‫‪46‬‬
‫جلماليات القصيدة و ىندسة كتاباهتا حىت مسيت بإيقاع الشعر ادلعاصر و موسيقاه ‪.‬‬

‫فالشكل "ىو الصورة الفنية اليت تثبت األفكار و تثَت عوامل اإلحساس اجلمايل من خبلل احلدس‬

‫والتأمل ‪ ,‬فتفاعل مجلة من اإلحساسات متنقلة بُت ادلاضي واحلاضر ‪ ,‬كما يتمظهر احلاضر فيما يراد‬
‫‪1‬‬
‫أن يكون مستقيل ‪ ,‬أو ما ؽلكن أن يكون عليو "‪.‬‬

‫تسعى القصيدة العربية ادلعاصرة إىل توظيف مجاليات اخلط العريب من خبلل القصيدة ادلعاصرة مثل‬

‫" زلمد بنيس "‪ .‬من خبلل ىذا يتضح لنا أن للتشكيل البصري يف الشعر العريب يندرج يف سياق‬

‫الصراع بُت ثقافة الكلمة و ببلغتها الشفاىية و ثقافة الصورة ال سيما يف اجملال االقتصادي‬

‫و التعلمي و اإلشهاري ‪ .‬أما االذباه الثاٍل " فنجده يتمثل يف ادليل ضلو الذاتية و تفسَت مشكبلت‬

‫العمل الفٍت "‪ 2‬ىذا ما صلده يف أعمال كانط و شبلنج وبعض من الفبلسفة اآلخرين ‪.‬‬

‫حيث يرى كانط " إن ما غلعل احلكم اجلمايل شامل ليس صفات الشيء ادلوضوعية ولكن شعور‬

‫الرضا بو احلاصل لدى كل من يتأمل ىذا الشيء عند ذلك ألن ىذا الشيء مجيبل " ‪ 3.‬ونرى ذلك‬

‫من حيث تقسيماتو األربعة الشهَتة لتحليلو للجميل من حيث النوعية والكمية و االرتباط ‪.‬‬

‫باإلضافة إىل االذباىات أخرى ( االذباه النفسي و االجتماعي ‪ )........‬إىل غاية االذباه النقدي‬

‫ادلاركسي ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ سايد سلوم ‪ ,‬علم اجلمال ‪ ,‬من منشورات اجلامعة اإلفًتاضية ‪ ,‬اجلمهورية العربية السورية ‪ , 2020‬ص‪.166‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ رمضان بسطويسي زلمد ‪ ,‬علم اجلمال لدى مدرسة فرانكفورت أدرنو ظلوذجا ‪ ,‬مطبوعات النصوص ‪ , 90‬القاىرة ‪ ,‬ط‪, 1‬‬
‫يناير ‪ , 1993‬ص‪.20‬‬
‫‪ 3‬ـــ غادة مقدم عذره ‪ ,‬النظريات اجلمالية ‪ ,‬دار جروس بَتس ‪ ,‬ط‪ ,1‬لبنان ‪ ,‬ص‪.80‬‬
‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬مجاليات التلقي و عبلقتها بالقارئ وتاريخ‬
‫األدب يف النقد العريب‬

‫ـ مفهوم مجالية التلقي(‪) esthetique de reption‬‬


‫‪ 1‬ـ جمالية التلقي لدى مدرسة كونستانس‬
‫‪ 1‬ـ ‪ / 2‬عبلقة مجالية التلقي بالقارئ و تاريخ األدب‬
‫‪ 1‬ـ ‪ / 3‬أثر نظرية التلقي يف النقد العريب ادلعاصر‬
‫‪ 1‬ـ ‪ / 4‬التأويل و أثره يف عملية التلقي‬
‫‪ 2‬ـ اإلبداع الفني و األسلوب الجمالي في ظل التذوق‬
‫الفني‬
‫‪ 2‬ـ ‪ /1‬التصوير الفٍت يف القرآن الكرَل ( مجالية الصورة )‬
‫‪ 2‬ـ ‪ / 2‬مشهدية القصص القرآنية و مجالية التناسق اللغوي‬
‫يف ظل التصوير الفٍت ذلا‬
‫‪ 2‬ـ ‪ / 3‬مجاليات التشكيل الصويت يف القرآن الكرَل‬
‫‪ 2‬ـ ‪ / 4‬أراء بعض النقاد العرب لعلم اجلمال‬

‫‪49‬‬
‫ـ الفصل الثاني ‪:‬‬

‫ـ جماليات التلقي و عالقتها بالقارئ و بتاريخ األدب في النقد العربي ‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫َّما ِل قَعِي ّد ﴾‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقول ا﵁ تعاىل ‪......﴿:‬إ ْذ يَـتَـلَ َّقى الْ ُمتَـلَقِّيَان َع ِن الْيَمُت َو َع ِن الْش َ‬
‫‪2‬‬
‫َّك لَتُـلَقَّى الْ ُق ْرآ َن ِم ْن لَّ ُد ْن َح ِكي ٍم َعلِي ٍم ﴾‪.‬‬
‫يقول ا﵁ تعاىل ‪َ ﴿ :‬وإِن َ‬

‫اب َعلَْي ِو ﴾ ‪.‬‬ ‫وقولو تعاىل ‪ ﴿ :‬فَـتَـلَقَّى ِ ِ ِ ٍ‬


‫آد ُم م ْن َّربِو َكل َمات فَـتَ َ‬
‫‪3‬‬
‫َ‬

‫ـ مفهوم جمالية التلقي ‪) esthetique de reception (:‬‬

‫اختلفت الرؤى و اآلراء حول مفهوم مجالية التلقي و ذلك لتعدد و اختبلف النظريات‬

‫و الدراسات النقدية والفكرية ( إن مفهوم مجالية التلقي ال ػليل على نظرية موحدة ‪ ,‬بل تندرج‬

‫ضمنها نظريتان سلتلفتان ؽلكن التمييز بينهما بوضوح رغم تداخلهما وتكاملهما ‪ ,‬علا نظرية التلقي‬

‫أو‬ ‫و نظرية التأثَت ) ‪ 4.‬فهناك من يسميها نظرية التأثَت و البعض األخر يسميها نظرية االستقبال‬

‫مجالية التلقي و ذلك حسب نظرة كل دارس أو ناقد ‪.‬‬

‫إن نظرية التلقي من أىم النظريات ما بعد احلداثة و كان جل اىتمامها القارئ ‪ ,‬اىتمت بو وجعلتو‬

‫زلور لدراستها بعد ما أعللتو ادلناىج النسقية و السياقية ‪ ,‬كما اىتمت أيضاً وبشكل أساسي بكيفية‬

‫و‬ ‫و طريقة استقبال النص و التعامل معو ‪ ,‬ألن النص ال يظهر و ال ؽلكن كشف أغواره‬

‫‪ 1‬ـــ سورة ق ‪ ,‬اآلية ‪. 17‬‬


‫‪ 2‬ـــ سورة النمل ‪ ,‬اآلية ‪. 06‬‬
‫‪ 3‬ـــ سورة البقرة ‪ ,‬اآلية ‪. 17‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ عبد الكرَل شريف ‪ ,‬من فلسفات التأويل إىل نظريات القراءة ‪ ,‬دراسة ربليلية نقدية يف النظريات الغربية احلديثة ‪ ,‬الدار العربية‬
‫للعلوم ‪ ,‬منشورات االختبلف اجلزاير ‪ ,‬ط‪1428 , 2007 , 1‬ه ص‪.143‬‬
‫أسراره و مجالياتو إال بفضل ادلتلقي ‪ ,‬أي أن النص بدون ادلتلقي أجوف ناقص يكمل بالنشاط‬

‫التأويلي الذي يثديو القارئ ‪.‬‬

‫نظرية التلقي ىي رلموعة من األسس ( هتدف إىل الثورة ضد البنيوية و الوصفية و إعطاء الدور‬

‫اجلوىري يف العملية النقدية للقارئ ‪ ,‬باعتبار أن العمل األديب منشأ حوار مستمر مع القارئ ) ‪ .1‬أي‬

‫أهنا أعادت العناية وركزت على دور القارئ يف اإلنتاج األديب ‪.‬‬

‫مجعت نظرية التلقي بُت مفهومُت اثنُت نظرية التلقي و نظرية التأثَت زاوجت بينهما و كشفت‬

‫العبلقة اجلدلية بينهما ‪ ,‬و كيف كان تأثَت النص على ادلتلقي و مدى تأثَت ادلتلقي يف النص و ىذا‬

‫راجع إىل نظرة وخربة و ثقافة كل قارئ ‪.‬‬

‫من خبلل دراستنا دلا سبق ؽلكن القول أن نظرية التلقي مجعت و طورت العبلقة بُت النص وادلتلقي‬

‫و اذلدف من ذلك ىو تطوير الذوق اجلمايل من خبلل التواصل مع النصوص ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـــ مسَت سعيد حجازي ‪ ,‬قاموس مصطلحات النقد األديب ادلعاصر دار األفاق العربية ‪ ,‬نصر ‪ ,‬ط‪ , 2001 , 1‬ص ‪. 145‬‬
‫‪51‬‬
‫ـ المبحث األول ‪:‬‬

‫ا ‪ /‬ـ جمالية التلقي لدى مدرسة كونستانس ‪:‬‬

‫سعت مدرسة كونستانس ادلثالية إىل تعزيز و تقوية دراستها حول مجالية التلقي حىت ربولت إىل‬

‫تطوير نظرية التواصل األديب و استطاعت من خبلل فاعلية الثبلثي [ ادلثلف ‪ ,‬العمل األديب ‪,‬‬

‫اجلمهور ] إىل تلك العبلقة اجلدلية اليت تتم فيها احلركة بُت اإلنتاج و التلقي بواسطة التواصل األديب ‪.‬‬

‫حيث تعترب نظرية التلقي يف ابسط تعاريفها ىي عملية مشاركة وجودية تقوم على اجلدل بُت ادلتلقي‬

‫والنص وىي مل تكن بالضد ذباه أي مقاربة من ادلقاربات النقدية احلديثة مثل الشكبلنية و البنيوية‬

‫و التفكيكية و غَتىا حيث كانت أىم نقلة قامت هبا ىي التحول من ادلثلف إىل القارئ ‪ " .‬إننا‬

‫على علم تام بأن النظريات النقدية احلديثة مشغولة يف ىذه األيام بالنص وجدلية العبلقة بينو وبُت‬
‫‪1‬‬
‫ادلثلف أو قاريو " ‪.‬‬

‫ترى نظرية التلقي أن القارئ ملزم بتوظيف قدراتو و ثقافاتو و خرباتو يف ربليل النص سعياً إىل تفكيك‬

‫شفراتو وسرب أغواره وىذا ما ػلقق ادلتعة للقارئ و ادلبدع معاً ‪.‬‬

‫احلديث عن مجالية التلقي يعود بنا إىل البدايات األوىل ادلتمثلة يف رلموعة اليت صاغها " ىانس‬

‫روبرت ياوس " الناقد األدلاٍل يف الستينات يف أحضان مدرسة كونستانس وبرلُت الشرقية ‪ .‬إن أىم ما‬

‫ؽلكن أن ؽليز ادلدرسة األدلانية ىو وجود اذباىُت متباينُت علا ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـــ ريب عبد القادر الرباعي ‪ ,‬ادلعٌت التعري و مجاليات التلقي يف الًتاث النقدي و الببلغي ‪ ,‬دار النشر و توزيع ط ‪1432 , 1‬ه‬
‫‪2011‬م ‪ ,‬ص ‪. 20‬‬
‫‪52‬‬
‫اذباه مجاعة برلُت و مجاعة كونستانس ‪ ,‬حيث قامت األوىل على مهاد نظري فلسفي يستمد تراثو‬

‫من النظريات ادلاركسية معتقدة أن التواصل الفٍت يقوم على أربعة عناصر ىي ‪ :‬ادلثلف و النص‬

‫و ادلتلقي و اجملتمع ‪ .‬و لذلك فقد أخذت ىذه اجلماعة مآخذ عديدة على مجاليات التلقي اليت‬

‫دعت ذلا مدرسة كونستانس ‪ ,‬أما مجاعة كونستانس فيعود ذلا الفضل يف وضع األسس النظرية دلا‬

‫يعرف جبماليات التلقي اليت اعادت للقارئ قيمتو احلقيقية ‪ ,‬ومل هتتم ىذه اجلماعة باجملتمع عكس‬

‫مجاعة برلُت ألهنا ترى أن اجملتمع موجود يف النص و يف القارئ و متضمن فيها ‪.1‬‬

‫إن مجالية التلقي دبفهومها احلديث يضعنا وجها لوجو أمام إصلازات الرايد الكوستانسي " ىانس‬

‫روبرت ياوس " صاحب ىذا ادلفهوم ‪ ,‬الذي ذباوز أوجو القصور اخلاصة بآراء رلموعة كبَتة من‬

‫الفبلسفة و ادلفكرين األوايل الذين ربدثوا كثَتاً عن مجالية التلقي و كانوا دبثابة اإلرىاصات األوىل يف‬

‫ىذا االذباه و إذا كانت علوم أولئك ادلرىصُت بنظرية التلقي الفلسفية يف األساس فقد كان اىتمام‬

‫ياوس يتوجو أساساً إىل تاريخ األدب والتماس بديل ذلا ‪ ,‬فانتقد ادلنهج الوضعي ألنو عا ج األعمال‬

‫األدبية على أهنا نتايج ألسباب مثكدة ‪ 2.‬كذلك انتقد ياوس مفهوم االنعكاس عند ادلاركسيُت‬

‫"جورج لوكاتش" و" لوسيان جولدمان" ‪ ,‬كما انتقص من منهج الشكبلنية الروسية لتعلقهم جبماليات‬

‫الفن للفن و عدم قدرهتم على الربط بُت التطور األديب و التطورات التارؼلية ‪ .‬أما ادلنهج اجلديد الذي‬

‫يراه ياوس مبليما لدراسة تاريخ األدب فهو الذي غلمع بُت ادلزايا ادلاركسية و الشكبلنية و قد خرج‬

‫‪ 1‬ـ ـ ينظر ‪ ,‬علي زلمد ياسُت ‪ ,‬نظرية التلقي و اطبلع دور القارئ ‪ www. annabaa.org ,‬السبت ‪ 09‬أفريل ‪2022‬م ‪.‬‬
‫شبكة نبأ ادلعلوماتية ‪,‬‬
‫‪ 2‬ـــ سامي إمساعيل ‪ ,‬مجاليات التلقي ‪ ,‬الطبعة األوىل ‪ ,‬القاىرة ‪2002 ,‬م ‪ ,‬ص‪. 44‬‬
‫‪53‬‬
‫و مجهوره ‪,‬‬ ‫ياوس من ىذه الثنايية دبا مساه مجالية التلقي ‪ ,‬واليت تركز على التفاعل بُت ادلثلف‬

‫فاألدب و الفن ػلصبلن على تاريخ لو مسة علمية وفاعلية فقد يصبح تتابع األعمال األدبية ‪ ,‬ليس‬

‫فقط عرب الذات ادلنتجة (ادلبدع ) بل أيضا عرب الذات ادلستهلكة (ادلتلقي ) أي من خبلل تفاعل‬
‫‪1‬‬
‫ادلثلف و اجلمهور‪.‬‬

‫فالتلقي ىنا دبفهومو اجلمايل ينطوي على بعدين ‪ :‬منفعل ‪ ,‬فاعل‬

‫ـ منفعل ‪ :‬األثر الذي ينتجو العمل يف القارئ ‪.‬‬

‫ـ فاعل ‪ :‬كيفية استقبال القارئ ذلذا العمل ‪.‬‬

‫ػلدث ىذا التواصل نتيجة تظافر عنصرين علا أفق التوقع و أفق التجربة فبواسطة ىذا التفاعل يتم‬

‫التبادل الدايم بُت [ ادلث ِلفُت ادلثل َفات القراء ] ‪.‬‬

‫إن كل الدراسات اليت تعرضت لنظرية التلقي إال و ترجع إىل ادلرجع األدلاٍل الذي وضع مفهوم‬

‫التلقي ‪ .‬حىت أصبح التلقي دبختلف تشبعاتو من أىم النظريات النقدية ادلعاصرة أو ما يعرف‬

‫بالتواصل األديب ادلعاصر ‪.‬‬

‫كانت غاية نظرية التلقي إعادة فهم األدب و ذلك من خبلل ذبربة ادلتلقي ‪ ,‬كما "‬

‫يظهر ياوس أن النصوص األدبية تفهم فهم ناقصاً إن ركز ادلرء على كيفية إنتاجها دون أي حساب‬

‫‪ 1‬ـــ سامي إمساعيل ‪ ,‬مجاليات التلقي ‪ ,‬الطبعة األوىل ‪ ,‬القاىرة ‪2002 ,‬م ‪ ,‬ص‪. 44‬‬
‫‪54‬‬
‫لتلقيها األصلي و يدعو إىل ظلط جديد من التاريخ األديب يتمثل يف دور الناقد يف التوسط بُت كيفية‬
‫‪1‬‬
‫إدراك النص يف ادلاضي و كيف يدرك اآلن "‪.‬‬

‫كان إسهام ياوس يف نظرية التلقي يرجع إىل اىتمامو بالعبلقة القايمة بُت األدب و التاريخ ‪ ,‬بعدىا‬

‫تغَتت نظرتو و اىتم مع " إيزر " بإعادة بناء النظرية األدبية من خبلل تركيزىا على عبلقة النص‬

‫بالقارئ ‪ ,‬ورغم ذلك إىل أنو كان نوع من االختبلف و اجلدل القايم بُت منهج كل منهما ‪ ,‬حيث‬

‫أن ياوس ربرك بصفة مبديية ضلو نظرية التلقي من خبلل اىتمامو بتاريخ األدب ‪ ,‬كما برز إيزر من‬
‫‪2‬‬
‫رلال التوجهات التفسَتية يف النقد اجلديد ‪.‬‬

‫ومن اجلدير بالذكر و ضلن يف بداية احلديث عن إسهامات ياوس يف علم اجلمال األديب و النظرية‬

‫األدبية ادلعاصرة أن نبلحظ كما يرى " بول دى مان " أن ياوس اىتم بالطبيعة ادلنهجية و الرباغماتية‬

‫دلدرسة كونستانس يف حُت أن القدامى كتبوا مذاىب ومناىج فردية مرتبطة بالتأمبلت اخلاصة‬

‫هبم ‪ ,‬كما يعترب ياوس نفسو كشريك ذلم يهتم باجلوانب احلرفية يف البنية األدبية ‪.3‬‬

‫و ػلسن النظر إىل األدب من زاوية مجالية التلقي ‪ ,‬أي سبرس القارئ بالنص و تأثَته بو ‪ ,‬وليثمن‬

‫زاوية مجالية التعاقب الزمٍت ادلفًتضة يف التأريخ التقليدي لؤلدب أو مجالية التصوير اليت يبٌت عليها‬

‫النقد الواقعي أو مجالية اإلنتاج اليت يقوم عليها النقد ا﵀ايث ‪ ,‬ونتيجة ذلذا التغيَت تصبح تارؼلية‬

‫‪ 1‬ـــ ألرود أنش ‪ ,‬جان كوىُت و آخرون ‪ ,‬نظرية األدب يف القرن ‪ , 20‬ترمجة زلمد العمري ‪ ,‬إفريقيا الشرق ‪( ,1996 ,‬د‪.‬ط) ‪,‬‬
‫ص ‪. 23‬‬
‫‪2‬‬
‫عواد ‪ ,‬مكونات التلقي األديب ‪ ,‬إطبللة جبيلية ‪ ,‬العدد الواحد و األربعون ‪ ,‬نيسان ـ ‪ 2020‬م ‪24 ,‬‬
‫ـــ ينظر ‪ ,‬عاطف محيد ّ‬
‫‪. 2012/ 05/‬‬
‫‪ 3‬ـــ ينظر ‪ ,‬ىانس روبَتت ياوس ‪ ,‬مجالية التلقي من أجل تأويل جديد للنص األديب ‪ ,‬تر و تق ‪ :‬رشيد بنحدو ‪ ,‬ص ‪45‬ـ ‪. 46‬‬
‫‪55‬‬
‫األدب مرتبطة بالعبلقة احلوارية بُت النص وادلتلقي ‪ ,‬فمهمة النقد اجلديد تقدير القيمة اجلمالية لؤلدب‬

‫وذلك بتقدير اإلثارة يف القراء ‪ .1‬و ىذا يعٍت أنو كلما زادت قوة التأثَت كلما كان النص ذو قيمة‬

‫مجالية عالية و من ىنا تقاس مجالية األدب وذلك من خبلل قياس األفق بُت النص وادلتلقي ‪.‬‬

‫كان تركيز إيزر على فعل القراءة و إجراءاهتا و عبلقة النص بالقارئ والقارئ بالنص و كيف‬

‫كانت ىذه العبلقة و قيمة التفاعل بينهما ‪ ,‬تعترب ( القراءة عملية جدلية تبادلية مستمرة ذات‬
‫‪2‬‬
‫إذباىُت من القارئ إىل النص و من النص إىل القارئ ) ‪.‬‬

‫القراءة تكسب صاحبها الذوق اجلمايل التأويلي " اخلربة اجلمالية " و ىذا من ىدف نظرية‬

‫التلقي ‪ ,‬استقبال العمل األديب غلعل القارئ ؽلتلك خربة مجالية تساعده على فك شفرات النصوص‬

‫مستقببلً ‪ ,‬أي تصبح لو مكتسبات قبلية يتمكن من توظيفها لفهم النصوص يف ادلستقبل و ىذا‬

‫حسب النوع األديب شعراً كان أو نثراً ‪.‬‬

‫يقول عبد ادللك مرتاض ( و إذا كانت القراءة ال زبرج عن كوهنا شرحاً أو تعليقاً أو تفسَتاً أو ربليبلً‬

‫أو تأويبلً أو تشرػلاً أو نقد النقد ‪ .............‬فإن ىذه ادلظاىر حبكم تعددىا و تنوعها ذبعل من‬

‫القراءة ىي أيضاً نشاطاً ذىنياً و إبداعيا متعددة األشكال )‪. 3‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ ىانس روبريت ياوس ‪ ,‬مجالية التلقي من أجل تأويل جديد للنص األديب ‪ ,‬تر و تق ‪ :‬رشيد بنحدو ‪ ,‬ص ‪. 13‬‬
‫‪ 2‬ـــ وولفغانغ إيزر ‪ ,‬فعل القراءة ‪ ,‬نظرية مجالية التجاوب ‪ ,‬تر ‪ ,‬محيد احلمية أٍل و جبليل احلدية منشورات مكتبة ادلناىل ‪ ,‬فاس ‪,‬‬
‫ادلغرب ‪ ,‬ص ‪. 29‬‬
‫‪ 3‬ـــ عبد ادللك مرتاض ‪ ,‬نظرية القراءة ‪ ,‬تأسيس للنظرية العامة للقراءة األدبية ‪ ,‬ص ‪.29‬‬
‫‪56‬‬
‫وضع إيزر رلموعة من ادلفاىيم اليت يقوم عليها أساس تلقي العمل األديب و ربقيق بناء‬

‫ادلعٌت ‪ ,‬و من بُت أىم ىذه ادلصطلحات ‪ :‬القارئ الضمٍت ‪ ,‬ملء الفجوات ‪.‬وؽلكن فهم ادلصطلحُت‬

‫من خبلل ادلخطط ‪: 1‬‬

‫المخطط رقم ‪1 :‬‬

‫القارئ الضمني‬ ‫ملء الفجوات‬

‫ىو القارئ الذي يرمسو‬ ‫فراغات ( مناطق غموض )‬


‫الكاتب يف سليلتو أثناء كتابتو‬ ‫و مجلة من التساؤالت و دور‬
‫لعملو ‪ ,‬القارئ ادلتخيل ‪ ,‬الغَت‬ ‫القارئ ملئها خللق عملية‬
‫حقيقي ‪ ,‬ادلخفي ادلضمر ‪.‬‬ ‫التفاعل بينو وبُت النص و ذلك‬
‫حسب خربة القارئ و‬
‫معطيات النص ‪.‬‬

‫سلطط توضيحي مبسط دلصطلح ملء الفجوات و القارئ الضمٍت إليزر‬


‫‪57‬‬
‫و من أىم ادلصطلحات اليت ركز عليها الناقد األدلاٍل ىانس ياوس يف طرحو ىو أفق التوقع و ادلسافة‬

‫اجلمالية ‪ ,‬وؽلكن فهم ادلصطلحُت يف ادلخطط التوضيحي رقم ‪: 2‬‬

‫المخطط رقم ‪2 :‬‬

‫ادلسافة اجلمالية‬ ‫أفق التوقعات‬

‫ىي ادلسافة اليت تفصل بُت‬ ‫وضع القارئ مجلة من‬


‫أفق النص و أفق توقعات‬ ‫التوقعات قبل تناولو للعمل‬
‫القارئ و ىي اليت ربدد‬ ‫األديب و ىذا نتيجة خربة‬
‫القيمة اجلمالية ‪.‬‬ ‫مسبقة ‪ ,‬فيحدث حوار‬
‫للمتلقي بُت اخلربة ادلسبقة‬
‫وبُت معطيات النص‬

‫أفق توقعات‬ ‫أفق توقعات‬


‫النص‬ ‫المتلقي‬

‫النتيجة‬

‫‪58‬‬
‫تطابق‬ ‫عدم‬
‫تطابق‬ ‫عدم تطابق‬

‫تغيَت ادلتلقي لؤلفق و‬


‫يًتتب عن ىذا التغيَت‬
‫ثبلث عبلقات ‪.‬‬

‫عبلقة‬ ‫عبلقة التخييب‬ ‫عبلقة‬


‫التغيَت ( بناء‬ ‫(خيبة انتظار) ‪.‬‬ ‫استجابة بُت‬
‫أفق جديد )‬ ‫أفقي النص و‬
‫ادلتعة اجلمالية‬ ‫ادلتلقي ‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫سلطط توضيحي دلصطلح أفق التوقعات و ادلسافة اجلمالية لدى‬


‫ىانز روبينت ياوس‬

‫‪59‬‬
‫‪ 1‬ـ ‪/ 2‬عالقة جمالية التلقي بالقارئ و تاريخ األدب ‪:‬‬

‫أدت نظرية التلقي إىل اعادة االعًتاف بتارؼلية األثر األديب إذ جعلت استجابة القراءة اجلمالية‬

‫جزءاً من البنية الداللية و ىذا ما أثبتو اجلانب اجلمايل و التارؼلي ادلرتبط بالقارئ و العمل األديب‬

‫معاً ‪.‬‬

‫" إن العبلقة بُت العمل و القارئ تكشف بالفعل عن جانبُت ‪ :‬مجايل و تارؼلي ‪ ,‬فاإلستقبال نفسو‬

‫الذي ػلظى بو العمل لدى قرايو األوايل يفًتض حكم قيمة مجالية مث إصدار باإلحالة على األعمال‬

‫أخرى سبقت قراءاهتا " ‪ .1‬حيث كان للقارئ الدور البارز يف إسهاماتو يف ىذه النظرية إلنعاش العمل‬

‫األديب و إعطايو حيوية من خبلل اجلدلية القايمة بينو وبُت مثلفو وقاريو ‪.‬‬

‫ذىب ادلنظر اإلسباٍل " خوسيو ماريا بوتو إيناتوكوس " يف سياق حديثو عن النظريات األدبية أن‬

‫" نظرية التلقي طريقة جديدة لدراسة اللغة األدبية ‪ ,‬و عندما يأيت الوقت الذي يتكون فيو تاريخ‬
‫‪2‬‬
‫للعبلقات بُت األدب و اجلمهور و سيموطيقا للتعاون النص و تاريخ لتصنيف اخلربة اجلمالية " ‪.‬‬

‫و ىذا ما يًتتب عن اإلدراك األويل للعمل الفٍت ‪ ,‬وبعدىا ينطوي من جيل آلخر بفضل التلقيات‬

‫ادلتتالية اليت تكون سلسلة تارؼلية للعمل األديب " و إن كان إسهام ياوس يف نظرية التلقي يرجع إىل‬

‫‪ 1‬ـــ ىانس روبَتت ياوس ‪ ,‬مجالية التلقي ( من أجل تأويل جديد للنص األديب ) تر ‪ ,‬رشيد ‪ ,‬اجمللس األعلى للثقافة ـ مصر‬
‫‪ , 2004‬القاىرة ‪ ,‬ط‪ , 1‬العدد ‪ ,484‬ص ‪. 40‬‬
‫‪ 2‬ـــ سامي إمساعيل ‪ ,‬مجاليات التلقي ‪ ,‬اجمللس األعلى للثقافة ‪2002‬م ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬ط‪ , 1‬ص ‪. 12‬‬
‫‪60‬‬
‫االىتمام بالعبلقة بُت األدب و التاريخ ‪ ,‬إال أنو اىتم ايزر بإعادة تشكيل النظرية األدبية عن طريق‬

‫صرف األنظار عن ادلثلف و النص و تركيزىا مرة أخرى على عبلقة النص بالقارئ "‪. 1‬‬

‫من ىنا تعددت اآلراء و التناقضات و تستغيث حينها كل أيدي اىتمامها بواحدة من ىثالء‬

‫ادلثلف ‪ ,‬القارئ ] إضافة إىل تارؼلية األدب ‪ ,‬لبدأ احلفر ادلعمق يف نظرية التلقي بوجودىا‬ ‫ِ‬
‫[ ادلثلف ‪َ ,‬‬
‫العام‪ .‬و ىذا كلو بصدد الوصول إىل قيمة مجالية يصدرىا ادلثول للنصوص باعتماده على ضوابط‬

‫زلكمة ألنو مفعم بدرجة كبَتة من الفهم ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ سامي إمساعيل ‪ ,‬مجاليات التلقي ‪ ,‬اجمللس األعلى للثقافة ‪2002 ,‬م ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬ط‪ ,1‬ص ‪. 11‬‬
‫‪61‬‬
‫‪ 1‬ـ ‪ / 3‬أثر نظرية التلقي في النقد العربي المعاصر‪:‬‬

‫استطاعت نظرية التلقي أن ربدث ثورة يف رلال الدراسات األدبية و النقدية يف تاريخ الفكر‬

‫األديب و خاصة النقدية ‪ ,‬حيث ربتل مكانة مرموقة بُت سلتلف ادلناىج النقدية " لقد جاءت ىذه‬

‫النظرية لتثسس بعداً مجاليا للنص يتمثل يف قراءة النص األديب من خبلل إضافة عناصر جديدة‬

‫دلكونات العملية اإلبداعية ‪ ,‬و الكشف عن أمور جوىرية عند ربليل و تأويل النص "‪ . 1‬كل ىذا‬

‫يأيت من خبلل تركيزىا على القارئ كونو ا﵀ور األساسي يف العملية اإلبداعية ‪.‬‬

‫فاحلديث عن أثر نظرية التلقي يف نقدنا احلديث " ليس هناييا إذ أن أثرىا رىُت بالتطور التارؼلي وما‬

‫ؽلكن أن ػلملو معو يف ىذا اجملال من دراسات متجددة و متطورة دبرور الزمن " ‪.2‬‬

‫ال ؽلكننا الوقوف عند كل النقد العريب احلديث من حيث األثر الذي تركتو نظرية التلقي فيو و ذلك‬

‫ألمرين اثنُت " أوذلما ‪ ,‬إ ّن الصنيع يف حاجة إىل جهود متضافرة و يف ميادين عدة ‪ ,‬و ثانيهما إن‬

‫ىذه النظرية ول ّدت دراسات كثَتة عند الغرب و العرب و ىذا ما غلعل أثرىا مستمر ويف حاجة إىل‬
‫‪3‬‬
‫متابعة ‪" .‬‬

‫و أبدى الناقد العريب بكل رغبتو و الستعداد لتجاوبو مع عملية التلقي و اليت كان القارئ ا﵀ور‬

‫األساس فيها ‪ ,‬من أجل تأويل النصوص و التفاعل معها و بشكل إغلايب ‪ " .‬إن النظرة اجلديدة يف‬

‫‪ 1‬ـــ حسنة زلمد رمحة ‪ ,‬أثر نظرية التلقي يف النقد العريب ‪ ,‬رللة الرك للفلسفة و اللسانيات والعلوم االجتماعية ‪ ,‬اجمللد (‪ )2‬العدد‬

‫(‪2011 , )41‬م ‪ ,‬ص ‪. 150‬‬

‫‪ 2‬ـــ ادلصدر نفسو ‪ ,‬ص ‪.151‬‬

‫‪ 3‬ـــ ادلصدر نفسو ‪ ,‬ص ‪. 152‬‬


‫‪62‬‬
‫التعامل مع النص األديب من منطلق القارئ ىي اليت جعلت نظرية التلقي ربتل مكانة متميزة يف‬

‫الدراسات النقدية ‪ ,‬إذ خرجت من سلطة النص و ادلثلف و أولت القارئ االىتمام األكرب حىت‬

‫عدت الظاىرة األدبية تستوي يف عبلقة النص بالقارئ "‪. 1‬‬

‫حيث شدد إيزر على تفاعل القارئ مع النص وما ػلدثو من تأثَت ‪ ,‬فاألثر اإلغلايب لنظرية التلقي‬

‫يكمن يف ‪ :‬تعزيز نظرية التلقي العبلقة بُت القارئ والنص من خبلل التفاعل ادلتبادل بُت ادلثلف‬

‫و القارئ و النص ‪ ,‬اليت ؽلكن من خبلذلا انتاج ادلوضوع اجلمايل خاصة من قبل القارئ ادلتعايل ألنو‬

‫ىو الذي يدرك ادلعاٍل ا﵀تملة للنص بشكل عام ‪ .‬و كثَتاً ما انطوى الفكر النقدي العريب قدؽلاً‬

‫و حديثاً على النص ومثلفو دون الوقوف عند القارئ ‪ ,‬فجاءت نظرية التلقي لتسلط الضوء على‬

‫القارئ كونو من يطور النظرية العامة لنقد و لؤلدب عامة ‪.‬‬

‫إن النظرة اجلديدة يف التعامل مع النص األديب من منطلق القارئ جعلت نظرية التلقي ربظى دبكانة‬

‫متميزة يف الدراسات النقدية ‪ .‬إىل جانب ىذه العناصر نذكر التأويل الذي أعطى للقارئ وجود آخر‬

‫ذو طابع مجايل كون العملية التأويلية قراءة ودود للنصوص ‪ ,‬ىذا ما أكسبها سَتورهتا ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ‪ / 4‬التأويل و أثره في عملية التلقي ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ حسنة زلمد رمحة ‪ ,‬أثر نظرية التلقي يف النقد العريب ‪ ,‬رللة الرك للفلسفة و اللسانيات و العلوم اإلجتماعية ‪ ,‬اجمللد ( ‪) 2‬‬
‫العدد ( ‪2011 , ) 41‬م ‪ ,‬ص ‪. 160‬‬
‫‪63‬‬
‫انشغل العرب و ادلسلمون بأشكال التأويل كما انشغلت قبلهم و بعدىم األمم ادلتحضرة‬

‫و البدايية ‪ ,‬كوهنا عملية ضرورية لكل كاين بشري ‪ .‬فالتأويل ىو حوار خبلق بُت النص و القارئ‬

‫يضفي حوار على النص و معٌت يشًتك فيو الطرفان ‪ ,‬ليس للنص معٌت دبعزل عن قارئ ينشطو ‪.‬‬

‫فعملية اخللق اليت تكون يف طيات التأويل تأيت أحياناً بالتضاد لتحيي شيء آخر من ىذا ادلنطلق ‪.‬‬

‫يبقى التساؤل القايم كيف يتم محاية النص يف ظل حرية القارئ يف إنتاج ادلعٌت ؟‬

‫" إن ربيزات ادلرء و مفاىيمو ادلسبقة تشكل ركناً أساسياً يف كل موقف تفسَتي ‪ ,‬و على ىذا‬

‫فإن تارؼلية ادلفسر ال تشكل حاجزاً دون الفهم ‪ .‬و التفكَت التفسَتي الصحيح ينبغي لو أن يأخذ يف‬

‫احلسبان تارؼلية خاصة و ال يكون التفسَت تفسَتاً سليماً إال عندما يبُت حقيقة فاعلية التاريخ خبلل‬
‫‪1‬‬
‫الفهم نفسو ‪ .‬و يسمي " جدامَت " ىذا النمط من التفسَت التاريخ العلمي و ىو ‪" .‬‬

‫الذي يفهم من ( غادمَت ) ىو توفر زلورين مهمُت يف عملية فهم النص و علا ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ أن يكون ادلثول مزود بتصورات وفرضيات مسبقة دبعرفة ينطلق منها لتحليل نصوصو لكون أن‬

‫الفهم ػلصل أثناء وصل ادلعرفة القبلية بادلعرفة البعدية ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ال بد أن يرى ادلثول ما طبقو على النص الذي يود فهمو يف حلظة معينة ‪ ,‬أي ربط النص بزمن‬

‫معُت و بذلك تكون قد وصلنا بُت احلاضر وادلاضي ‪ .‬فالتأويل حسب نظرية مجالية التلقي لدى‬

‫غادمَت " يفض باألحرى أن يسعى الباحث إىل السيطرة على مقاربتو الذاتية باإلقرار بأفق ا﵀دد‬

‫لوضعو التارؼلي " ‪ .‬وىذا ما وصفو غادمَت باالمتزاج األفق الفردية باألفق التارؼلية ألن كما للقارئ‬

‫‪ 1‬ـــ زىرة عز الدين ‪ ,‬مجاليات التلقي عند عبد القاىر اجلرجاٍل ‪ ( ,‬رسالة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه ‪ ,‬العلوم يف اللغة العربية و‬
‫آداهبا ‪ ,‬كلية اللغة و اآلداب العربية و الفنون ‪ ,‬جامعة باتنة ‪2017 , 1‬م ‪2018 /‬م ‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫ىويتو كذلك للنص ىويتو و عليو تتبلور اذلويتُت للوصول إىل حد أدٌل من االتفاق الذي يثدي لفهم‬

‫شامل ‪ ,‬و اتفاق األفقُت ال يكون اعتباطي تلفظي بل انو تفرضو النقاط ادلتطورة و الثانية يف ملء‬

‫أفق ‪.‬‬

‫كما نستطيع القول أن التأويل يعكس األوليات و ادلبادئ و مشاغل اجملتمعات و األفراد و ذلذا فإن‬

‫التأويل ؼلتلف من اسم إىل آخر و من فرد إىل فرد داخل األمة نفسها بل قد ؼلتلف اختبلفاً جزيياً أو‬

‫كلياً ‪ ,‬ألنو عملية تارؼلية أي أنو خاضع إلكراىات التاريخ و مستجيب ذلا أو أنو صانع لتاريخ ال‬

‫لوراء التاريخ ‪.‬‬

‫ـ المبحث الثاني ‪:‬‬

‫‪ 2‬ـ اإلبداع الفني و األسلوب الجمالي في ظل التذوق الفني ‪:‬‬

‫‪65‬‬
‫امتازت الساحة العربية خبصبة األلفاظ و ادلعاٍل ادلوجودة يف لغتهم ‪ ,‬فكانوا ؽلتلكون ألفاظ‬

‫راقية األسلوب عميقة ادلعٌت الذي زاد من ثراء إبداعاهتم دلا ربملو من قوة ضارية يف أعماق الفن‬

‫العريب ‪ ,‬الذي راح اإلنسان يطور تلك الثروة الثقافية للمبدعُت قاطبة عرب الفن الذي أوجد جسراً‬

‫آخر قد كسر تلك القيود و االنغبلق على النفس فحسب ‪ ,‬بل اضلٌت لثقافات أخرى و لبيئة سلتلفة‬

‫ليفجر مكنونات تلك اللغة بتقنيات راقية تليق هبا و دبكانتها ‪ ,‬فأصبح من قوة ىذه اللغة‬

‫االيتبلف بُت ادلختلفات و قد نلمس ذلك يف الصور البيانية [ تشبيو ‪ ,‬استعارة ‪ ,‬كناية ‪ ]......‬كل‬

‫ىذا يديره ذلك الشاعر احلادق الذي ؽلتلك تلك القدرة الذىنية البارعة ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ‪ / 1‬التصوير الفني في القرآن الكريم ‪ ( :‬جمالية الصورة )‬

‫للقرآن الكرَل سر عجيب دلا ػلملو يف طياتو من رسالة مليئة بتلك ادلفردات ادلكتفية بذاهتا‬

‫و إعجازىا الفٍت الذي ال ينافسو أي كبلم آخر إطبلقاً ‪ ,‬فاإلنسان ذو عقل و قلب فكانت تلك‬

‫ادلفردات فيها خطاب للعقل و الوجدان يف آن واحد ‪.‬‬

‫" و إذا تفيئنا ظبلل اخلطاب القرآٍل سعياً منا لتقصي حضور اجلذر االشتقاقي للصورة فيو ‪ ,‬فإننا‬

‫بإزاء ستة مواضع ربيل إىل فعل التصوير الذي نقصد "‪ 1‬ضلصرىا كاأليت ‪:‬‬

‫يم ﴾ (سورة آل عمران‬ ‫﴿ ىو الّ ِذي يص َّورُكم ِيف اْألَرح ِام َكيف ي َشاء الَ إِلَو إَِّال ىو الْع ِزيز ْ ِ‬
‫احلَك ُ‬ ‫ْ َ ْ َ َ ُ َ َُ َ ُ‬ ‫َُ َ ُ َ ُ ْ‬
‫اآلية ‪. )6‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ نور الدين دمحاٍل ‪ ,‬الوظيفة اجلمالية للصورة الفنية ( يف ضوء الفهم الًتاثي لبلستعارة ) ‪ ,‬رللة األثر ‪ ,‬جامعة اإلمام ابن باديس‬
‫‪ ,‬مستغاًل ( اجلزاير ) العدد ‪ , 22‬جوان ‪ , 2015 /‬ص ‪ 16‬ـ ‪. 17‬‬
‫‪66‬‬
‫ات ذَلِ ُك ُم اللَّوُ َربُّ ُك ْم‬
‫﴿اللَّو الَّ ِذي جعل لَ ُكم ْاألَرض قَـرارا والْ َّسماء بِنَاء وص َّورُكم ورزقَ ُكم ِمن الطَّيِّب ِ‬
‫َ َ َ ُ ْ َ َ ً َ َ َ ً َ َ َ ْ َ ََ ْ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ُت ﴾ (سورة غافر‪ ,‬اآلية ‪. ) 64‬‬ ‫فَـتَبارَك اللَّو ر ُّ ِ‬
‫ب الْ َعالَم َ‬‫ََ َُ‬

‫ض َوُى َو الْ َع ِز ُيز‬ ‫احلسٌت يسبِّح لَو ما ِيف الْ َّسماو ِ‬


‫ات َو ْاأل َْر ِ‬ ‫ََ‬ ‫َمسَاءُ ُْ ْ َ ُ َ ُ ُ َ‬
‫ص ِّوُر لَوُ ْاأل ْ‬ ‫اخلَالِ ُق الْبَا ِر ُ‬
‫ئ الْ ُم َ‬ ‫﴿ ُى َو اللَّوُ ْ‬

‫يم ﴾ (سورة احلشر‪ ,‬اآلية ‪) 24‬‬ ‫ِْ‬


‫احلَك ُ‬

‫فأسرار القرآن الكرَل كنز ال ينطفئ من بدايتو لنهايتو ‪ ,‬فاجلمالية الفنية ادلوجودة يف مفردات القرآن‬

‫الكرَل غنية كل الغٌت على أن تعرب عن مشهدية الكون برمتو فقوة إعجاز الكبلم ادلنزه ال ينافسو إال‬

‫كبلم مثلو و يف أحسن صورة ‪.‬‬

‫" و لعل ادلعٌت اإلمجايل للصورة يف ىذه السياقات القرآنية مجيعها ينحصر يف اذليئة والشكل و‬

‫اجلنس و اللون و الطول و غَتىا ‪ ,‬شلا خلق ا﵁ عز وجل عليو البشر يف األرحام ‪ ,‬و كذا ساير اخللق‬

‫دون مثال سابق "‪. 1‬‬

‫يتضح لنا من خبلل ذلك أن الصورة ذلا األثر البالغ يف كيفية عرض و تقدَل ا﵀توى يف أمسى‬

‫تصور ‪ ,‬دون تأثَت على ادلعٌت ذاتو ‪.‬‬

‫فالصورة الفنية ىي " طريقة خاصة من طرق التعبَت أو وجو من أوجو الداللة ‪ ,‬تنحصر أعليتها فيما‬

‫ربدثو معٌت من ادلعاٍل يف خصوصية و تأثَت "‪ . 2‬فكانت الصورة تقدم معٌت دلا بداخلها " تتبع أعلية‬

‫‪ 1‬ـــ ادلصدر نفسو ‪ ,‬ص ‪. 17‬‬


‫‪ 1‬ـ ـ جابر عصفور ‪ ,‬الصورة الفنية يف الًتاث النقدي و الببلغي عند العرب ‪ ,‬ادلركز الثقايف العريب ‪ ,‬بَتوت ‪ ,‬ط‪ , 1992 , 3‬ص‬
‫‪23‬‬
‫‪67‬‬
‫الصورة من طريقتها اخلاصة يف تقدَل ادلعٌت و تأثَتىا يف ادلتلقي " ‪ .1‬و ىناك وجب توظيف الصورة‬

‫بطرايق سلتلفة حىت يتسٌت للقارئ اخلوض يف أغوار ادلعاٍل الرمزية اليت ربمل فنيات راقية ‪.‬‬

‫وتبقى مفاىيم الصورة الفنية متعددة و سلتلفة ‪ ,‬فهي تأخذ ادلوضع الذي وضعت ألجلو لئلفاء بغرض‬

‫معُت ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ‪/ 2‬مشهدية القصص القرآنية و جمالية التناسق اللغوي في ظل التصوير الفني لها ‪:‬‬

‫ال شك يف أن النص القرآٍل ىو أوضح نص تتجلى فيو مظاىر التناسق اللغوي ‪ ,‬فهو ادلعجز‬

‫يف لفظو و نظمو ‪ .‬وجب التعامل معو على أنو وحدة واحدة لتصل للغاية اليت بصدد إثباهتا القرآن‬

‫الكرَل ‪ ,‬الذي صور لنا حيثيات الكون بأدق تفاصيلو ‪ .‬حيث عرف السيد قطب التصوير بأنو‬

‫"األداة ادلفضلة يف أسلوب القرآن ‪ ,‬فهو يعرب بالصورة ا﵀سة ادلتخيلة عن ادلعٌت الذىٍت و احلالة‬

‫النفسية و عن احلادث ا﵀سوس و ادلشهد ادلنظور ‪ ,‬و عن النموذج اإلنساٍل و الطبيعة البشرية "‪. 2‬‬

‫‪ 2‬ـ ‪/ 3‬جماليات التشكيل الصوتي في القرآن الكريم ‪:‬‬

‫وعن التناسق الفٍت يف القصص القرآنية يف سياق احلديث عن مجالية توظيف الكلمة و قوة‬

‫تصوير ادلشهد لغرض بعض النماذج يف القصص القرآنية ‪ ,‬على سبيل تلك الشفرات الصوتية اجلمالية‬

‫ادلوجودة يف سورة مرَل ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت ِم ْن أ َْىل َها َم َكانًا َش ْرقيِّا (‪ )16‬فَ َّازبَ َذ ْ‬
‫ت‬ ‫" قال اهلل تعالى ‪ ﴿:‬واذْ ُكر ِيف الْ ِكتَ ِ‬
‫اب َم ْرََلَ إِ ْذ انْـتَبَ َذ ْ‬ ‫َ ْ‬

‫‪ 1‬ـ ـ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪. 328‬‬


‫‪ 2‬ـ ـ سيد قطب ‪ ,‬التصوير الفٍت يف القرآن ‪ ,‬دار الشروق ‪ ,‬بَتوت ‪ ,‬القاىرة ‪ ( ,‬دن‪ ,‬ط ) ‪ ,‬ص ‪. 36‬‬
‫‪68‬‬
‫الر ْمحَ ِن ِمْن َ‬
‫ك إِ ْن‬ ‫ت إِ ٍِّل أَعُ ُذ بِ َّ‬ ‫ِمن دهنِِم ِ‬
‫َّل َذلَا بَ َشًرا َس ِويِّا (‪ )17‬قَالَ ْ‬
‫َ‬ ‫ث‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫ا‬‫ن‬
‫َ‬ ‫وح‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ـ‬‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬‫إ‬ ‫ا‬‫ن‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫َر‬
‫ْ‬ ‫أ‬‫َ‬‫ف‬ ‫ا‬‫ً‬‫اب‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ْ ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ُكْنت تَِقيِّا (‪ )18‬قَ َال إَِّظلَا أَنَا رس ُ ِ‬
‫ك ِألَىب لَ ِ‬
‫ٌَل يَ ُكو ُن ِيل غُ َبل ٌم َوَملْ‬
‫ت أ َّ‬
‫ك غُ َبل ًما َزكيِّا (‪ )19‬قَـلَ ْ‬ ‫ول َربِّ َ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫ُت َولِنَ ْج َعلَوُ آيَةً لِلن ِ‬
‫َّاس َوَر ْمحةً ِمنَّا‬ ‫ك ُى َو َعلَ َّي َى ِّ ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ؽلَْ َس ْس ٍِت بَ َشٌر َوَملْ أ َُك بَغِيِّا (‪ )20‬قَ َال َك َذل َ‬
‫ك قَ َال ربُّ ِ‬

‫َّخلَ ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضيِّا (‪ )21‬فَحملَْتو فَانْـتَب َذ ْ ِِ‬


‫وَكا َن أَمرا م ْق ِ‬
‫اض إِ َىل ج ْذ ِع الْن ْ‬
‫َجاءَ َىا الْ َم َخ ُ‬
‫ت بو َم َكانًا قَصيًا (‪ )22‬فَأ َ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫َ ًْ َ‬
‫ت قَـبل ى َذا وُكْنت نَسيا مْن ِسيِّا (‪ )23‬فَـنَ َاداىا ِمن َْربتِها أََّال َْربزٍِل قَ ْد جعل ربُّ ِ‬
‫ك َْربتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ت يَا لَْيتٍَِت م ُّ ْ َ َ َ ُ ْ ً َ‬
‫قَالَ ْ‬
‫ك ُرطَبًا َجنِيِّا (‪ )25‬فَ ُكلِي َوا ْشَرِيب َوقَـِّري َعْيـنًا فَِإ َّما‬
‫َّخلَ ِة تُساقِ ْط َعلَي ِ‬
‫ْ‬
‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫َسريَّا (‪َ )24‬وُىِّزي إلَْيك جب ْذ ِع الْن ْ َ‬
‫‪1‬‬
‫ص ْوًما فَـلَ ْن أُ َكلِّ َم الْيَـ ْوَم إِنْ ِسيِّا (‪. ﴾)26‬‬ ‫تَـريِ َّن ِمن الْبش ِر أَح ًدا فَـ ُق ِويل إِ ٍِّل نَ َذر ِ‬
‫ت ل َّلر ْمحَ ِن َ‬
‫ُْ‬ ‫َ َ ََ َ‬
‫يف اآليات الكرؽلات صلد تشكيل صويت متجانس دون استغناء لفظة عن أختها ‪ ,‬حيث صلد كل‬

‫اآليات انتهت بروي واحد و ىو حرف الياء اليت شكلت تناسق صوتياً مرموقاً وعذب " تلك النربات‬
‫‪2‬‬
‫الصوتية ادلتجانسة اليت تناسب يف رقة و عذوبة ‪ ,‬فبل غناء للفظة عن أخرى و ال آلية عن أخرى "‬

‫إن مجاليات التشكيل الصويت يف اآليات السابقة ميزت اخلطاب القرآٍل بقوة تناسق األلفاظ‬

‫و الدالالت لتفسَتىا ‪ ,‬و ىذا ما اقتضتو القصة القرآنية ؛ فكان الًتكيب الصويت عنصر أساس يف‬

‫توضيح مجاليات الكلمة و من خبلل ما سبق " نرى أن انتهاء مجيع اآليات بروي واحد ىو الياء‬

‫ادلشددة اليت يتلوىا حرف مد ىو األلف ‪ ,‬ذبانس شكبلً و تناسق لفظًا شلا شكل تناغماً و تأل ًفا‬

‫‪ 1‬ـــ سورة مرَل ‪ ,‬األيات ‪ 17‬ـ ‪. 26‬‬


‫‪ 1‬ـــ مرَل عبد ا﵁ القرشي ‪ ,‬الصورة الفنية يف القصص القرآٍل " خطاب ادلرأة ظلوذجاً " ‪ ,‬رللة البحث العلمي يف اآلداب ‪ ,‬العدد‬
‫السابع عشر ‪2018 ,‬م ‪ ,‬ج العاشر ‪ ,‬ص ‪. 279‬‬
‫‪69‬‬
‫صوتيًا يناسب ادلعٌت الذي طلبتو القصة "‪ , 1‬فكان اجلانب الببلغي و التصويري أىم زلور يف حسن‬

‫استخدام األسلوب و تزيُت العمل الفٍت يف صورة رلازية امتزجت بُت التخييل واخليال و الواقع لتنتج‬

‫صورة تليق دبا ربملو داللة ادلفردة العربية اليت تشبعت باإلعجاز القرآٍل لتصور لنا تلك ادلشهدية‬

‫الكربى يف النص القرآٍل ‪ ,‬الذي ػلوي إمكانيات متعددت قد ال تتوفر يف أي أثر فٍت آخر ‪ .‬حينها‬

‫أيدت العرب رغبتها يف كتابة الشعر بلغة القرآن ادلقعمة بقوهتا الضاربة يف أعماق اإلعجاز والببلغة ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ‪ / 4‬أراء بعض النقاد العرب لعلم الجمال ‪:‬‬

‫ال يزال الفكر العريب ادلعاصر بصلة وثيقة مع فلسفة اجلمال منذ العصر اليوناٍل إىل غاية العصر‬

‫احلديث ‪ ,‬فكان الفكر النقدي ادلعاصر ؼلوض يف فلسفة اجلمال << كانت فلسفة اجلمال تعٍت‬

‫بالبحث يف مبادئ النقد الفٍت و اإلحساس باجلمال و إبداعو و ىي على صلة وثيقة دببادئ ادلعرفة و‬

‫السلوك األخبلقي >> ‪.‬‬

‫ـ الجمال والحرية عند العقاد ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـــ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪. 280‬‬


‫‪70‬‬
‫حبث عباس زلمود العقاد يف العبلقة بُت اجلمال و الفن و احلرية و رأى بأن على قدر حب احلرية‬

‫و التعلق هبا أتى تقدير الناس للفن " و إظلا تعرف األمم احلرية حيث تأخذ يف التفضيل بُت شيء‬

‫مجيل و شيء أمجل منو و تتوق إىل التمييز بُت مطلب زلبوب و مطلب أحب و أوقع يف القلب‬

‫و أدٌل إىل إرضاء الذوق و إعجاب احلس "‪. 1‬‬

‫ػلدث ىذا حُت نتذوق اجلمال سواءً أكان منظوراً يف شكل لوحة فنية أو مسموعاً ‪ ,‬حيث ال‬

‫ػلدث يف ىذا التفضيل ميل إىل منفعة عامة أو جلبها مقابل حاجة إليها سوى البحث عن القيمة‬

‫اجلمالية ‪ .‬و العقاد ىنا ال يود القول بأن احلرية ىي التخلص من قيود و القوانُت بل و ىذا األخَت‬

‫ىو ما يعتربه زلور اختيار احلرية " و لعل أساس توحيد العقاد بُت احلرية و اجلمال مستمد من‬

‫تعلقو بعامل األحياء ‪ ,‬فما نراه متناسباً يف احلجم والشكل إظلا يكتسب صفة اجلمال ألنو أقرب‬

‫الصفات اليت تساعد الكاين أو العضو على أداء وظيفتو يف ظل ادلعيقات اليت يصطدم هبا ‪.‬‬

‫ـ الفن والجمال لدى توفيق الحكيم في ظل التعادلية المثالية األفالطونية ‪:‬‬

‫يقول احلكيم يف رده على مقال ألمحد أمُت عن غاية األدب والفن ‪ << ,‬إن اإلنسان األعلى‬
‫‪2‬‬
‫ىو الذي يصون اجلمال الفٍت عن االشتغال األرض >>‬

‫‪ 1‬ـــ أمَتة حلمى مطر ‪ ,‬فلسفة اجلمال ( أعبلمها و مذاىبها ) دار قباء للطباعة و النشر والتوزيع ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬ص ‪. 232‬‬
‫‪ 2‬ـــ أمَتة حلمى مطر ‪ ,‬فلسفة اجلمال ( أعبلمها و مذاىبها ) دار قياء للطباعة و النشر و التوزيع ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬ص ‪. 234‬‬
‫‪71‬‬
‫حيث يرى بأن اجلمال نفسو قيمة مبلزمة للفن حيث يكون ىذا األخَت تعبَتاً عن احلياة اإلنسانية ‪,‬‬

‫فنجده يثمن بالتعادلية يف فكره التأملي احليادي ‪ .‬فهو يرى بأن الفن و األدب ينبغي أن ػلقق‬

‫التعادل بُت الشكل وادلضمون هبدف ربقيق التوازن بُت ادلتعة و اجلمال ‪.‬‬

‫كان احلكيم يرى بأن الفن ىو التعبَت عن مثالية اجلمال و اليت استمدىا من مثالية أفبلطون ‪ ,‬كما‬

‫يرى بأن اجلمال ذاتو ىو قيمة مصاحبة للفن يف ظل تعبَته عن احلياة اإلنسانية ‪.‬‬

‫ـ الجمال عند عز الدين إسماعيل ‪:‬‬

‫اذبو عز الدين إىل ميدان النقد الذي كان يعتربه أشق الطرق عليو ‪ ,‬حيث استهوتو الدراسات‬

‫اجلمالية عندما ربطها بالنقد و اعتربىا انضج ا﵀اوالت اليت ظهرت يف العصر احلديث ‪ ,‬فحاول أن‬

‫يثسس ذلا يف كتابو " األسس اجلمالية يف النقد العريب ادلعاصر " و كانت الدراسة الوحيدة اليت مجعت‬

‫سلتلف ادليادين لعلم اإلستطيقا ‪ ,‬اليت تقوم عليها األحكام اجلمالية و األسس اليت يرتكز عليها‬

‫اجلمال ( ادلوضوعية و الذاتية ) ‪ " .‬عندما يعطي الناقد حكماً مجالياً اذباه فن معُت فهو بصدد أن‬

‫ؼلربنا بأنو يبُت لنا يف ىذا العمل مجاالً أو قبحاً ‪ ,‬وذلك من خبلل ادلعطيات اليت ؽلدنا هبا إما أنو‬

‫ػلدثنا عن خصايص الشيء نفسو فنرى فيها مجاالً أو قبحاً على حسب توضيحات عامة للجمال و‬

‫القبح فهنا نقول عنو ناقد موضوعي ‪ ,‬فهو ػلدثنا عن موضوعية اجلمال أو القبح ‪ ,‬و إما ػلدثنا عن‬

‫‪72‬‬
‫‪1‬‬
‫شعور إزاء ىذا العمل ‪ ,‬فيكون إحساسنا بالرضا أو عدم الرضا فنستطيع القول ىنا بأنو ناقد ذايت "‬

‫‪.‬‬

‫" فاحلكم الذايت ليس حكماً مجالياً بادلعٌت الصحيح ( أي ال ينصب على مجال موضوعي ) بقدر ما‬

‫ىو مفسر حلالة ادلتلقي ‪ ,‬و إذا توسعت الذاتية قليبلً أمكنها القول بأن مجال الشيء أو قيمتو راجع‬

‫إىل ىذه احلالة " ‪.2‬‬

‫أي أن الذاتية ليست معياراً ليحدد لنا اجلميل من القبيح بل ىو حالة نفسية ال تثبت للجمال وظيفتو‬

‫أحياناً ‪.‬‬

‫اىتم عز الدين إمساعيل يف دراستو لعلم اجلمال بالتغَتات اليت تطرأ على بنية القصيدة ؛ ركز على‬

‫اجلانب الشكلي للعمل األديب " فقد اتفق اجلميع على اجلمال احلسي الشكلي ‪ ,‬و سبثل ىذا الفهم‬

‫يف إنتاج األدباء أنفسهم حينما عنوا يف أدهبم بالقيم التعبَتية الشكلية " ‪ .3‬كما اعترب النقاد العرب‬
‫‪4‬‬
‫القدامى أن اجلمال حسي " و بناءًا على ذلك جاءت الصورة الشعرية عندىم حسية و شكلية "‬

‫و ىذا يعٍت أن عز الدين مل ػلصر اجلمال يف دايرة موضوعية بل كان اىتمامو أيضاً بالشكل و بنية‬

‫العمل األديب الفنية ‪ ,‬أي أن للجمال مستويُت موضوعي و ذايت ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ ينظر ‪ ,‬عز الدين إمساعيل ‪ ,‬األسس اجلمالية يف النقد العريب عرض تفسَت مقارنة ‪ ,‬دار الفكر العريب ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬مصر ‪ ,‬ط‪3‬‬
‫‪ , 1974 ,‬ص ‪. 67‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪. 73‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ عز الدين إمساعيل ‪ ,‬األسس اجلمالية يف النقد العريب عرض تفسَت مقارنة ‪ ,‬دار الفكر العريب ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬مصر ‪ ( ,‬د ط ) ‪,‬‬
‫‪ , 1992‬ص ‪. 252‬‬
‫‪ 4‬ـ عز الدين إمساعيل ‪ ,‬األدب وفنونو ‪ ,‬دار النشر ادلصرية ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬مصر ‪ ,‬ط‪. 1955 , 1‬‬
‫‪73‬‬
‫و ما يتعلق دبصطلح اإلستطيقا ( و يعٍت علم اجلمال ) فقد تتبع عز الدين إمساعيل يف كتابو "‬

‫األسس اجلمالية يف النقد العريب " فقال ( إن معناىا يف البداية كان علم ادلدركات احلسية ‪ ,‬مث تطور‬

‫إىل علم ادلعرفة احلسية مث إىل علم ادلعرفة احلسية الغامضة ‪ ,‬و أخَتاً إىل علم جلميل أو علم اجلمال )‬
‫‪1‬‬

‫فمفهوم اجلمال ؼلتلف من مفكر أو دارس أو ناقد إىل أخر فهو مل يضبط حلد الساعة فكل ولو نظرة‬

‫خاصة ذباه ىاذ العلم ‪.‬‬

‫أما ابن القيم اجلوزية فتحدث عن اجلمال يف كتابو اجلمال ‪ ,‬فضلو ـ حقيقتو ـ أقسامو مع أمحد بن‬

‫عبد احلليم بن تيمية احلراٍل ‪.‬‬

‫" إن اجلمال ليس شيئاً قايما بذاتو ‪ ,‬وإظلا ىو أمر قوامو يغَته فنحن نستطيع أن نراه أو ضلس بو يف‬

‫اإلنسان و يف سلوكو ‪ .....‬ويف عملو ‪ .......‬ويف األشياء ‪. 2"......‬‬

‫يرى بأن اجلمال يضبط وجوده حينما يكون التناسق بُت الظاىرة و الباطن و إذا كان اجلمال يف‬

‫الظاىر وحده فهناك يكون اجلمال تافو حسب رأيو ‪ ,‬حيث استمد مجالو من القيم الدينية ‪.‬‬

‫" فاإلنسان الذي خلقو ا﵁ و صوره ال يكون إنساناً حقاً ‪ ,‬إال حينما يستقر يف نفسو ادلنهج الذي‬
‫وضعو ا﵁ لو‪ ,‬و ٍ‬
‫حينئذ تلتقي الصورة الظاىرة مع معناىا احلقيقي ادلناسب ‪ ,‬أو يلتقي الظاىر الذي‬

‫‪ 1‬ـ ـ زلمد علي غوري ‪ ,‬مدخل إىل نظرية اجلمال يف النقد العريب القدَل ‪ ,‬رللة القسم العريب ‪ ,‬جامعة بنجاب ‪ ,‬الىور ـ باكستان‬
‫‪ ,‬العدد الثامن عشر ‪2011 ,‬م ‪ ,‬ص ‪. 134‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراٍل و ابن قيم اجلوزية ‪ ,‬اجلمال ‪ ,‬فضلو ـ حقيقتو ـ أقسامو ‪ ,‬ربقيق ‪ :‬إبراىيم بن عبد ا﵁‬
‫احلازمي ‪ ,‬دار شريف للنشر و التوزيع ‪ ,‬ط‪1413 , 1‬ه ‪ ,‬ص ‪. 40‬‬
‫‪74‬‬
‫ىو من صنع ا﵁ ‪ ,‬مع الباطن الذي سبثل منهج ا﵁ فإذا الظاىر و الباطن وحدة تامة االنسجام "‪. 1‬‬

‫و ىنا أكد على سبام اجلمال بالوحدة ادلتكاملة بُت الظاىر و الباطن حىت غلد قبول يف النفس‬

‫و ارتياح " و ذلك يف صدد حديثو عن اجلمال الظاىر ‪ ,‬حيث قال ‪ ..... :‬والقلوب كادلطبوعة على‬

‫زلبتو ‪ ,‬كما ىي مفطورة على استحسانو " ‪.2‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراٍل و ابن قيم اجلوزية ‪ ,‬اجلمال ‪ ,‬فضلو ـ حقيقتو ـ أقسامو ‪ ,‬ربقيق ‪ :‬إبراىيم بن عبد ا﵁‬
‫احلازمي ‪ ,‬دار شريف للنشر والتوزيع ‪ ,‬ط‪1413 , 1‬ه ‪ ,‬ص ‪. 42‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ادلرجع نفسو ‪ ,‬ص ‪. 43‬‬
‫‪75‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪76‬‬
‫ـ ـ الخاتمة ‪:‬‬

‫ختاماً ذلذه الدراسة اليت قادتنا إىل معرفة نظرية علم اجلمال ‪ ,‬و مفهومو و األسس اليت قام عليها‬

‫و احلكم النقدي الذي امتزج بُت األحاسيس و العواطف و الرغبة و حىت الثقافة ‪ ,‬توصلنا إىل مجلة‬

‫من النتايج صلملها فيما يلي ‪:‬‬

‫ـ لعل جذور اجلمال قد تبدو عميقة يف فكرنا العريب ‪ ,‬انطلقت من عقيدتنا فهي حباجة دلن‬

‫يثسس ذلا و ينظرىا و يثبتها ‪.‬‬

‫ــ‬ ‫ـ ـ اختلف النقاد يف ربديد اجلمال كل يراه حسب قناعتو العلمية ‪.‬‬

‫يقوم اإلحساس اجلمايل على عنصر مهم و ىو التصوير و التجسيم للفنون و كأن اإلنسان يرى ذلك‬

‫الفن رأي العُت ألن اجلمال والفن تربطهم عبلقة وطيدة يرمسها ادلتلقي يف سليلتو ليجسدىا ‪.‬‬

‫ـ ـ إدراك اجلمال من قبل ادلتلقي بتصوره احلسن و اإلغلايب يصل بصاحبو إىل االستقرار النفسي ‪.‬‬

‫و يزيد يف بناء احلس اجلمايل اخلبلق الذي يتباين مع طبقات الكبلم ‪.‬‬

‫ـ ـ اجلمال صفة جلية يف الصنعة اإلالىية ‪.‬‬

‫ـ ـ مل تقتصر النزعة اجلمالية العربية على فن معُت بعينو ‪ ,‬بل مشلت عدت ميادين من ميادين ( النشاط‬

‫الروحي و الفكري ) و ىذا ما جعلنا غَت قادرين على معرفتنا الكافية الكافية حبيثيات و دقايق الفن‬

‫العريب ادلعاصر ‪,‬كونو حبر واسع ذبنح يف ظبللو سلتلف الفنون ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫ـ ـ اجلمال ال يستغٍت عن الفن كميدان من ميادينو الفسيحة ‪ ,‬و لكن ال يستطيع أن يتخلى عن‬

‫رلاالتو األخرى كالطبيعة و اإلنسان ‪.‬‬

‫ـ ـ من خبلل القضايا النقدية اليت شهدىا نقادنا القدامى منذ بدأ النقد ‪ ,‬ؽلكننا استخبلص و الوصول‬

‫إىل نظرية لعلم اجلمال ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫ـ ـ قائمة المصادر و المراجع ـ ـ‬

‫ـ القرآن الكريم‬

‫ـ الحديث النبوي الشريف‬

‫‪ / 1‬إبراىيم طو أحمد ‪ ,‬تاريخ النقد األدبي عند العرب ‪ ,‬من العصر الجاىلي إلى القرن الرابع‬
‫ىجري ‪ ,‬بيروت ‪ ,‬المكتبة العربية ‪ ,‬د ط ‪1981 ,‬م ‪.‬‬

‫‪ / 2‬ابن خلدون ‪ ,‬المقدمة ‪ ,‬دار القلم ‪ ,‬بيروت ‪ ,‬ط‪ 1984, 5‬م ‪.‬‬

‫‪ / 3‬ابن منظور ‪ ,‬لسان العرب ‪ ,‬الجزء ‪ , 1‬دار الجيل ‪ ,‬بيروت ‪1988 ,‬م ‪.‬‬

‫‪ / 4‬آمال حليم الصراف ‪ ,‬علم الجمال فلسفة و فن ‪ ,‬دار البداية ‪ ,‬عمان ـ األردن ‪ ,‬ط‪, 1‬‬
‫‪2012‬م ‪.‬‬

‫‪ /5‬أميرة حلمى مطر ‪ ,‬فلسفة الجمال ( أعالمها و مذاىبها ) دار قباء للطباعة والنشر و‬
‫التوزيع ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬د ط ‪1998 ,‬م ‪.‬‬

‫‪ / 6‬أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني و ابن قيم الجوزية ‪ ,‬الجمال ‪ ,‬فضلو ـ حقيقتو ـ‬
‫أقسامو ‪ ,‬تحقيق ‪ :‬إبراىيم بن عبد اهلل الحازمي ‪ ,‬دار شريف للنشر و التوزيع ‪ ,‬ط‪, 1‬‬
‫‪1413‬ه ‪.‬‬

‫الصقر ‪ ,‬معنى الفن ‪.‬‬


‫‪ / 7‬إياد محمد ّ‬
‫‪ / 8‬إيمان عبد المؤمن محمد سعد الدين ‪ ,‬القيم الجمالية لدى بعض مفكري اإلسالم ‪ ,‬بكلية‬
‫الدراسات اإلسالمية و العربية للبنات باإلسكندرية ‪ ,‬جامعة األزىر ‪.‬‬

‫‪ / 9‬الجرجاني ‪ ,‬التعريفات ‪ ,‬دار الكتاب العربي ‪ ,‬الطبعة الرابعة ‪ ,‬بيروت ‪ ,‬عام ‪1998‬م ‪.‬‬

‫‪ / 10‬الخليل بن أحمد الفراىيدي ‪ ,‬كتاب العين ‪ ,‬مج ‪ , 1‬دار الكتب العلمية ‪ ,‬بيروت ـ لبنان‬
‫‪ ,‬ط‪2003 , 1‬م ‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫‪ / 11‬ألرود أنش ‪ ,‬جان كوىين و أخرون ‪ ,‬نظرية األدب في القرن ‪ , 20‬ترجمة محمد العمري‬
‫‪ ,‬إفريقيا الشرق ‪ ,‬د ط ‪1996 ,‬م ‪.‬‬

‫‪ / 12‬بدر الدحاني ‪ ,‬في فلسفة الفن وعلم الجمال ‪ ,‬مدخل وتصورات ‪ ,‬دائرة الثقافة ‪,‬‬
‫حكومة الشارقة ‪.‬‬

‫‪ / 13‬بول أرون و أخرون ‪ ,‬معجم المصطلحات األدبية ‪ ,‬ترجمة محمد حمود ‪ ,‬مجد‬
‫المؤسسة الجامعية الدراسات ‪ ,‬بيروت ـ لبنان ‪ ,‬ط‪2012 , 1‬م ‪.‬‬

‫‪ / 14‬جابر عصفور ‪ ,‬الصورة الفنية في التراث النقدي و البالغي عند العرب ‪ ,‬المركز الثقافي‬
‫العربي ‪ ,‬بيروت ‪ ,‬ط‪1992 , 3‬م ‪.‬‬

‫‪ / 15‬جان برتليمي ‪ ,‬بحث في علم الجمال ‪ ,‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪ ,‬القاىرة ‪,‬‬
‫‪, 2011‬العدد ‪. 1821‬‬

‫‪ / 16‬جيروم ستولنيتز ‪ ,‬النقد الفني ‪ ,‬دراسة جمالية ‪ ,‬تر ‪ :‬فؤاد زكريا ‪ ,‬دار الوفاء للطباعة و‬

‫النشر ‪ ,‬اإلسكندرية ‪ ,‬جمهورية مصر العربية ‪ ,‬د ط ‪. 2006 ,‬‬

‫‪ / 17‬دنيس ىويسمان ‪ ,‬علم الجمال ( االستطيقا ) ‪ ,‬تر ‪ :‬أميرة حلمى مطر ‪,‬الهيئة العامة‬
‫لدار الكتب و الوثائق اليومية ‪ ,‬إدارة الشؤون الفنية ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬د ط ‪2015 ,‬م ‪.‬‬

‫‪ / 18‬دياب قديد ‪ ,‬محاضرات علم الجمال ‪ ,‬لطلبة سنة أولى ماستر ‪ ,‬تخصص أدب قديم ‪.‬‬

‫‪ / 19‬ىادي نهر و محمد السنطي ‪ ,‬التذوق األدبي ‪ ,‬دار الورق ‪ ,‬عمان ـ األردن ‪,‬ط‪, 1‬‬
‫‪2012‬م‪.‬‬

‫‪ /20‬ىانس روبيرت ياوس ‪ ,‬جمالية التلقي من أجل تأويل جديد للنص األدبي ‪ ,‬تر ‪ .‬تو ‪:‬‬
‫رشيد بنحدو ‪ ,‬المجلس األعلى للثقافة ‪ ,‬مصر ‪ , 2004‬القاىرة ‪ ,‬ط‪ , 1‬العدد ‪. 484‬‬

‫‪ / 21‬وولفغانغ إيزر ‪ ,‬فعل القراءة ‪ ,‬نظرية جمالية التجاوب ‪ ,‬تر ‪ :‬حميد الحمية أني و جاللي‬
‫الحدية ‪ ,‬منشورات مكتبة المناىل ‪ ,‬فاس ـ المغرب ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ / 22‬زىرة عز الدين ‪ ,‬جماليات التلقي عند عبد القاىر الجرجاني ‪ ( ,‬رسالة مقدمة لنيل‬

‫شهادة دكتوراه ‪ ,‬العلوم في اللغة العربية و آدابها ‪ ,‬كلية اللغة و اآلداب العربية و الفنون ‪,‬‬

‫جامعة باتنة ‪2017 , 1‬م ‪2018/‬م ‪.‬‬

‫‪ / 23‬حسنة محمد رحمة ‪ ,‬أثر نظرية التلقي في النقد العربي ‪ ,‬مجلة الرك للفلسفة و‬

‫اللسانيات و العلوم االجتماعية ‪ ,‬المجلد (‪ )2‬العدد (‪2011 , )41‬م ‪.‬‬

‫‪ / 24‬حسين جمعة ‪ ,‬جمالية الخبر واإلنشاء ‪ ( ,‬دراسة بالغية جمالية نقدية ) اتحاد الكتاب‬

‫العرب ‪ ,‬دمشق ‪. 2005‬‬

‫‪ / 25‬مريم عبد اهلل القرشي ‪ ,‬الصورة الفنية في القصص القرآني " خطاب المرأة نموذجاً "‬

‫مجلة البحث العلمي في اآلداب ‪ ,‬العدد السابع عشر ‪2018 ,‬م ‪ ,‬ج العاشر ‪.‬‬

‫‪ / 26‬مصطفى الناشر ‪ ,‬الفلسفة التطبيقية و تطوير الدرس الفلسفي العربي ‪ ,‬د ط ‪.‬‬

‫‪ / 27‬نبيل راغب ‪ ,‬النقد الفني ‪ ,‬دار مصر للطباعة ‪ ,‬الفجالة ‪.‬‬

‫‪ / 28‬نور الدين دحماني ‪ ,‬الوظيفة الجمالية للصورة الفنية ( في ضوء الفهم التراثي لالستعارة‬

‫) ‪ ,‬مجلة األثر ‪ ,‬جامعة اإلمام ابن باديس ‪ ,‬مستغانم ( الجزائر ) العدد ‪, 22‬جوان ‪2015 /‬م‬

‫‪.‬‬

‫‪ / 29‬سائد سلوم ‪ ,‬علم الجمال ‪ ,‬من منشورات الجامعة االفتراضية العربية السورية ‪ ,‬د ط ‪,‬‬
‫‪2020‬م ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ / 30‬سامي إسماعيل ‪ ,‬جماليات التلقي ‪ ,‬الطبعة األولى ‪ ,‬القاىرة ‪2002 ,‬م ‪.‬‬

‫‪ / 31‬سمير سعيد حجازي ‪ ,‬قاموس مصطلحات النقد األدبي المعاصر ‪ ,‬دار األفاق العربية ‪,‬‬
‫نصر ‪ ,‬ط‪2001 , 1‬م ‪.‬‬

‫‪ / 32‬سيد قطب ‪ ,‬التصوير الفني في القرآن ‪ ,‬دار الشروق ‪ ,‬بيروت ـ القاىرة ‪ ,‬د ط ‪.‬‬

‫‪ / 33‬عاطف حميد عواد ‪ ,‬مكونات التلقي األدبي ‪ ,‬إطاللة جبيلية ‪ ,‬العدد الواحد و‬

‫األربعون ‪ ,‬نيسان ‪. 2012 / 5 / 24 , 2020‬‬

‫‪ / 34‬عبد الكريم شرفي ‪ ,‬من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة ‪ ,‬دراسة تحليلية نقدية في‬

‫النظريات الغربية الحديثة ‪ ,‬دار العربية للعلوم ‪ ,‬منشورات االختالف الجزائر ‪ ,‬ط‪, 2007, 1‬‬

‫‪. 1428‬‬

‫‪ / 35‬عبد الملك مرتاض ‪,‬نظرية القراءة ‪ ,‬تأسيس للنظرية العامة للقراءة األدبية ‪ ,‬دار الغرب‬
‫للنشر و التوزيع ‪.‬‬

‫‪ / 36‬عبد الرحيم عوض حسين عبد الكريم ‪ ,‬النقد الفني بين النظرية و التطبيق ‪,‬د ط ‪,‬‬
‫‪2016‬م ‪.‬‬

‫‪ / 37‬عز الدين إسماعيل ‪ ,‬الفن واإلنسان ‪ ,‬دار القلم ‪ ,‬بيروت ـ لبنان ‪ ,‬ط‪, 1‬حزيران ‪1974‬‬

‫‪ / 38‬عز الدين إسماعيل ‪ ,‬األسس الجمالية في النقد العربي ‪ ,‬عرض و تفسير و مقارنة ‪,‬‬

‫القاىرة دار الفكر العربي ‪ ,‬ط‪1974 , 3‬م ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ / 39‬عز الدين إسماعيل ‪ ,‬األسس الجمالية في النقد العربي عرض و تفسير و مقارنة ‪ ,‬دار‬

‫الفكر العربي ‪ ,‬القاىرة ‪ ,‬مصر ( د ط ) ‪. 1992 ,‬‬

‫‪ / 40‬عز الدين إسماعيل ‪ ,‬األدب و فنونو ‪ ,‬دار النشر المصرية ‪ ,‬القاىرة ـ مصر ‪ ,‬ط‪, 1‬‬
‫‪. 1955‬‬

‫‪ / 41‬عصام البغدادي ‪ ,‬مفاىيم فكرية ‪ ,‬علم الجمال ‪ ,‬ج‪ , 1‬التعريفات و االتجاىات و‬

‫التصنيف ‪ ,‬الحوار المتمدن ‪ ,‬العدد ‪. 2005 / 01 / 8 , 1072 :‬‬

‫‪ / 42‬عيد سعيد يونس ‪ ,‬التصوير الجمالي في القرآن الكريم ‪ ,‬عالم الكتب ‪ ,‬ط‪. 2006, 1‬‬

‫‪ /43‬فاطمة البريكي ‪ ,‬قضية التلقي في النقد العربي القديم ‪ ,‬دار العالم العربي للنشر و التوزيع‬
‫‪ ,‬عمان ‪ ,‬ط‪. 2006 , 1‬‬

‫‪ / 44‬صحيح المسلم ‪ ,‬تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ‪ ,‬دار الحياة التراث العربي ‪ ,‬بيروت ‪,‬‬
‫ج‪. 1‬‬

‫م‪.‬‬

‫‪ / 45‬شاكر عبد الحميد ‪ ,‬التفضيل الجمالي ‪ ,‬دراسة في سيكولوجية التذوق الفني ‪ ,‬سلسلة‬

‫عالم المعرفة ‪ ,‬عدد ‪ , 267‬مجلس الوطني للثقافة و الفنون و اآلداب ‪ ,‬الكويت ‪ ,‬مارس‬

‫‪2001‬م ‪.‬‬

‫‪ / 46‬روز غريب ‪ ,‬النقد الجمالي و أثره في النقد العربي ‪ ,‬دار العلم الماليين ‪ ,‬بيروت ‪.‬‬

‫‪ / 47‬روبرت ىولب ‪ ,‬مقدمة نقدية ‪ ,‬تر ‪ :‬عز الدين إسماعيل ‪ ,‬المكتبة األكادمية ‪ ,‬القاىرة ‪,‬‬
‫مصر ‪ ,‬ط‪. 2000 , 1‬‬
‫‪83‬‬
‫‪ / 48‬ربي عبد القادر الرباعي ‪ ,‬المعنى التعري و جماليات التلقي في التراث النقدي و‬

‫البالغي ‪ ,‬دار النشر و التوزيع ‪ ,‬ط‪1432 , 1‬ه ‪2011 ,‬م ‪.‬‬

‫‪ / 49‬رمضان البسطويسي محمد ‪ ,‬علم الجمال لدى مدرسة فرانكفورت أدرنو نموذجاً ‪,‬‬

‫مطبوعات النصوص ‪ , 90‬القاىرة ‪ ,‬ط‪ , 1‬يناير ‪1993‬م ‪.‬‬

‫‪ / 50‬غادة المقدم ع ّدره ‪ ,‬فلسفة النظريات الجمالية ‪ ,‬دار جروس بيرس ‪ ,‬ط‪ , 1‬لبنان ‪.‬‬

‫‪ / 51‬ياسر عبد الرحيم ‪ ,‬دراسات في علم الجمال ‪ ,‬جامعة حماة ‪ ,‬كلية اآلداب و العلوم‬

‫اإلنسانية ‪ ,‬قسم اللغة العربية ‪.‬‬

‫ـ المجالت ‪:‬‬

‫‪ / 52‬محمد علي غوري ( مدخل إلى نظرية الجمال في النقد العربي القديم ‪ ,‬مجلة القسم‬

‫العربي ‪ ,‬جامعة بنجاب ‪ ,‬الىور ـ باكستان ‪ ,‬العدد الثامن عشر ‪2011 ,‬م ‪.‬‬

‫‪ / 5‬عمر فارس الكفاوين ( نظرية الجمال الشعري من وجهة نظر فالسفة األندلس ) ‪ ,‬مجلة‬

‫جامعة الشارقة ‪ ,‬كلية اآلداب و الفنون ـ جامعة فالديفيا عمان ـ األردن ‪ ,‬المجلد ‪ , 15‬العدد‬

‫‪ , 1‬رمضان ‪1439‬ه ‪ /‬يونيو ‪. 2018‬‬

‫ـ مقاالت المواقع اإللكترونية ‪:‬‬

‫‪ / 54‬علي محمد ياسين ‪ ,‬نظرية التلقي و االطالع دور القارئ ‪ ,‬شبكة نبأ المعلوماتية ‪.,‬‬
‫‪www . annabaa . org‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ / 55‬روان أحمد ‪ ( ,‬ماىي النظرية ) ‪https //: E3arabi . com‬‬

‫العلوم التربوية ‪ ,‬الجمعة ‪ 27 :‬ماي ‪2022‬م‬

‫‪85‬‬
‫فهرس العناوين‬

‫شكر و عرفان‬
‫إىداء‬

‫مقدمة ‪ ...........................................................................‬أ ـ د‬

‫مدخل ‪ 12 .....................................................................‬ـ ‪26‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬المهاد المعرفي الفلسفي لنظرية علم الجمال‬

‫المبحث األول ‪ :‬تصورات نظرية لعلم الجمال ‪30 ........................................‬‬

‫‪ 1‬ـ التفكير الفلسفي لعلم الجمال ‪ 30 .............................................‬ـ ‪31‬‬

‫ـ الجمال عند أفالطون ‪ 31 .......................................................‬ـ ‪32‬‬

‫ـ الجمال عند أرسطو ‪ 32..........................................................‬ـ ‪33‬‬

‫ـ الجمال عند كانط ‪33 ................................................................‬‬

‫ـ الجمال عند ىيقل ‪ 33..........................................................‬ـ ‪34‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ 2‬ـ تطور عالقة نظرية علم الجمال بين الطبيعة والفن واإلنسان ‪ 35 ..................‬ـ ‪36‬‬

‫ـ عالقة الفن باإلنسان ‪ 36 .......................................................‬ـ ‪38‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬أسس نظرية علم الجمال في النقد العربي ‪38 .............................‬‬

‫ـ أسس نظرية علم الجمال ‪ 38 ....................................................‬ـ ‪44‬‬

‫ـ علم الجمال و الحكم النقدي في األدب ‪ 45 ......................................‬ـ ‪46‬‬

‫ـ ما العوامل المؤثرة في التذوق الجمالي و األحكام الجمالية ؟ ‪ 47 .....................‬ـ ‪48‬‬

‫ـ النقد الفني وبناء القيمة الجمالية ‪ 48 .............................................‬ـ ‪49‬‬

‫ـ مفهوم الفن في شكلو العام ‪ 49 .................................................‬ـ ‪50‬‬

‫ـ النقد الفني و ما يميز الناقد الفني ‪ 50 ............................................‬ـ ‪51‬‬

‫ـ االتجاىات المعاصرة لعلم الجمال ‪ 52 ............................................‬ـ ‪53‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬جماليات التلقي و عالقتها بالقارئ و تاريخ األدب‬

‫ـ المبحث األول ‪ :‬جمالية التلقي لدى مدرسة كونستانس ‪ 60 .......................‬ـ ‪67‬‬

‫‪ 1‬ـ عالقة جمالية التلقي بالقارئ و تاريخ األدب ‪ 68 ...............................‬ـ ‪69‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ 2‬ـ أثر نظرية التلقي في النقد العربي المعاصر ‪ 70...................................‬ـ ‪71‬‬

‫ـ التأويل و أثره في عملية التلقي ‪ 72 ..............................................‬ـ ‪73‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬اإلبداع الفني و األسلوب الجمالي في ظل التذوق الفني ‪ 74 ..........‬ـ ‪76‬‬

‫‪ 1‬ـ مشهدية القصص القرآنية و جمالية التناسق اللغوي في ظل التصوير الفني لها ‪ 76 ..‬ـ ‪78‬‬

‫‪ 2‬ـ آراء بعض النقاد العرب لعلم الجمال ‪ 79 .....................................‬ـ ‪84‬‬

‫ـ الخاتمة ‪ 85......................................................................‬ـ ‪86‬‬

‫‪88‬‬
:‫ملخص‬

‫ حيث حبثنا يف معٌت اجلمال واجلمالية اليت‬،‫تناولنا يف دراستنا نظرية علم اجلمال لدى النقاد ادلعاصرين‬

‫فتحت الطريق لتأسيس علم اجلمال بوصفو معيارا يدرس ادلبادئ العامة للجمال من منظور فلسفي‬

‫ وعبلقتو الوطيدة ذلا ووعيو بالفن واإلدراك اجلمايل‬،‫وموقف اإلنسان من سلتلف أنواع الفنون وأشكاذلا‬

‫ حيث استطاع نقادنا‬،‫ كما تناولنا التلقي العريب لعلم اجلمال‬،‫الذي أخذ يتطور منذ بدء التاريخ‬

‫ وقيمتو يف العملية‬،‫ادلعاصرون أن يشَتوا بوضوح إىل اذلدف الذي يسعى إىل ربقيقو تلك ادلتلقي‬

.‫ حيث ذبلت مبلزلهم بارزة يف عملية التلقي من خبلل اىتمامهم بادلثلف وادلثلِف‬،‫اإلبداعية‬

.‫ القارئ‬،‫ مجالية التلقي‬،‫ التلقي‬،‫ علم اجلمال‬،‫ نظرية‬:‫الكلمات المفتاحية‬

Summary:

In our study, we dealt with the theory of aesthetics among contemporary critics, where we
discussed the meaning of beauty and aesthetics, which opened the way to establish aesthetics
as a criterion that studies the general principles of beauty from a philosophical perspective
and the human attitude towards various types and forms of arts, and his close relationship to
them and his awareness of art and aesthetic perception that has been developing since The
beginning of history, as we dealt with the Arab reception of aesthetics, where our contempo-
rary critics were able to point clearly to the goal that the recipient seeks to achieve, and its
value in the creative process, as their features were prominent in the reception process through
their interest in the author and the author.

Keywords: theory, aesthetics, receiving, receiving aesthetics, the reader.

You might also like