You are on page 1of 33

‫مجل ة العل وم‬ ‫الب اردیغم في عل وم اإلعالم واالتص ال‪...

‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫أن الكتاب الذي أصدره "توماس سامویل كون" (‪1)Thomas Samuel Kuhn‬‬ ‫ك ّ‬
‫ال ش ّ‬
‫س نة ‪ 1962‬بعن وان "بنی ة الث وارت العلمی ة"(‪The structure of scientific‬‬
‫‪ ، 2)revolutions‬ق د أح دث ث ورة في مختل ف العل وم والمج االت‪ .‬س یما في العل وم‬
‫اإلنسانیة واالجتماعیة‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬یقول الباحث االنجلیزي في علم االجتماع "إیان‬
‫أن أحد أهم الكتب المؤثرة في علم االجتماع‬ ‫»إن من المفارقات ّ‬
‫كریب( "‪ّ :)Ian Craib‬‬
‫من ذ ثالثین س نة الماض یة‪ ،‬لم یكن في علم االجتم اع على اإلطالق‪ ،‬ب ل في ت اریخ العل وم‬
‫الطبیعیة‪ ،‬أقصد كتاب توماس كون " بنیة الثوارت العلمیة"«‪.3‬‬

‫یقدم "كون" نظرة مختلفة لتاریخ تطور العلوم‪ ،‬ویتیح لنا إعادة التفكیر في كیفیة ت‬
‫ّ‬
‫اركم المعرفة العلمیة‪ .‬واستخدم في شرح أفكاره مجموعة من المصطلحات أبرزها الب‬
‫اردیغمأواألنموذج اإلرشادي‪ ،‬هذا المصطلح یعد بمثابة الكلمة المفتاحیة لفهم أفكار "كون‬
‫ثم لفهم أهمیة الب اردیغم في أي مجال بحثي‪ .‬خصوصا في مجال علوم اإلعالم‬
‫‪"،‬ومن ّ‬
‫واالتصال‪.‬‬

‫إن اإلشكالیاتوالقض ایا والمواضیع الكثیرة التي یتیحه ا البحث فیمجال عل وم اإلعالم‬
‫ّ‬
‫واالتص ال‪ ،‬خصوص ا في ظ ل التط ور التكنول وجي الهائ ل‪ ،‬والتح دیات ال تي یفرض ها‪.‬‬
‫تستوقفنا عند األطر المنهجیة التي ینبغي أن نهتم بها بمقدار اهتمامنا بموضوع الد ارسة‬
‫أن الب احث ال ذي یس عى لتحقی ق أه داف مح ّددة من خالل د ارس ة موض وع‬
‫نفس ه‪ .‬حیث ّ‬
‫معین‪ ،‬ال ب ّد من أن یس لك منهج ا س لیما من ذ البدای ةحتى ال تتش تت جه وده‪ .‬من ه ذا‬
‫وموجها للباحث في مجال‬
‫ّ‬ ‫نبین أهمیة الب اردیغم باعتباره مرشدا‬
‫المنطلق سنحاول أن ّ‬
‫اإلعالم واالتصال‪.‬‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪1‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫‪ – 1‬تعريف البراديغم‬

‫‪ 1- 1‬لغة‪:‬الب اردیغم (‪ )Paradigm‬كلمة یعود أصلها إلى الكلمة الالتینیة (‬


‫‪ ،)Paradigma‬واإلغریقیة مأخوذة من األصل الیوناني ( ‪ ،)Paradeïgma‬وتعني‬
‫"مثاال" أو "نموذجا"(‪،)Pattern‬و(‪ )Paradeïgma‬یرجع بدوره إلى الفعل (‬
‫‪)Paradeiknunaï‬الذي یعني "قارن"‪.‬‬

‫ت تر ّكب كلم ة (‪)Paradeïgma‬من عنص رین(‪ )Para‬ال تي تفی د الش مول‪ ،‬و(‬
‫‪)deïgma‬التيتع ني "المث ال" أو "النم وذج‪".‬والب اردیغم یع ني "المث ال" أو "النم ط"‪ ،‬وه و‬
‫أسلوب أو طریقة‪ ،‬ط ارز‪ ،‬نوع‪ ،‬صنف‪.‬‬

‫ورد في معجم "الروس("‪»:)La Rousse‬الب اردیغم في قواع د اللغ ة التقلیدی ة‪ ،‬جمی ع‬


‫األشكال المستخرجة من كلمة واحدة‪ّ ،‬إن ه النموذج‪( .‬على سبیل المثال‪ ،‬اشتقاق اسم أو‬
‫تصریف فعل)‪.‬في اللسانیات البنیویة‪ ،‬جمیع الوحدات القابلة لالستبدال في سیاق معین‪.‬‬
‫وفي النظریة االقتصادیة‪ ،‬اختیار المشاكل التي ستدرس والتقنیات الخاصة بد ارستها«‪.4‬‬

‫وفي معجم أوكس فورد(‪» :)Oxford‬الب اردیغم ه و وجه ة نظ ر الع الم ال تي تق وم علیه ا‬
‫النظری ات‪ ،‬ومنهجی ة البحت في المی ادین العلمی ة على وج ه الخص وص‪ ،‬مثال اكتش اف‬
‫الجاذبیة الكونیة‪ ،‬أصبح ب اردیغم العلم الناجح«‪.5‬‬

‫وتتع ّدد ترجم ات مص طلح ب اردیغم بمعن اه االص طالحي ال ذي ج اء ب ه "ك ون‪ "،‬عن د‬
‫الباحثین العرب‪ ،‬بین من یستخدم مصطلحات األنموذج‪ ،‬النموذج‪ ،‬األنموذج اإلرشادي‪،‬‬
‫النموذج – الموجه‪ ،‬النموذج العلمي الموجه‪ ،‬وبین من یستخدم كلمة ب اردیغم كما هي‬
‫دون ترجمة تفادیا لتعدد الترجمات‪ ،‬واختالف التأویل‪.‬‬

‫طالحا‪:‬إن الب اردیغم أو النم وذج العلمي الموج ه‪ ،‬ه و تل ك االنج ا ازت‬
‫ّ‬ ‫‪2- 1‬اص‬
‫قوی ا لط رح المش كالت العلمی ة ول ط‬
‫معین‪ ،‬وتش ّكل أساس ا ّ‬
‫العلمی ة‪ ،‬وال تي تقب ل في زمن ّ‬
‫والتمس ك به ا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ارئ ق حله ا‪ .‬وه و ك ذلك مجموع ة القیم ال تي یش ترك الب احثون في قبوله ا‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪2‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫ألن نموذج ا علمی ا موجه ا‬


‫وتتمثّ ل ه ذهالقیم في المن اهج والمع اییر ال تي تتح ّدد وفق ا ل ه‪ّ .‬‬
‫واح دا‪ ،‬یك ون منطلق ا الكتش افات عدی دة‪ .‬من خالل أمثل ة منتق اة‪ ،‬وغ یر مكتمل ة أیض ا‪،‬‬
‫وبذلك فهو تقلید علمي خاص ومنسجم‪.6‬‬

‫یق ول "ك ون ‪»":‬ال یظه ر االكتش اف‪ ،‬وال تص یر النظری ة ب اردیغم ا‪ ،‬إال عن دما تص اغ‬
‫‪7‬‬
‫‪.‬إن األش خاص ال ذین یق وم‬ ‫التجرب ة والنظری ة المؤقت ة مع ا ص یاغة تجعلهم ا متفق تین« ّ‬
‫بحثهم على ب اردیغم ات مش تركة‪ ،‬یكون ون مل تزمین بقواع د ومع اییر الممارس ة العلمی ة‬
‫نفسها‪.‬وذلك االلت ازم وما ینجم عنه من اتفاق ظاهري‪ ،‬هما الشرطان الضروریان للعلم‬
‫العادي‪ ،‬أي لنشوء واستم ارر تقلید خاص من تقالید البحث‪ .8‬والعلم العادي ذلك البحث‬
‫الم َّؤ س س بص ورة ارس خة على واح د أو أك ثر من اإلنج ا ازت العلمی ة الس ابقة‪ ،‬وال تي‬
‫یعتبرها متّحد علمي ما‪ ،‬األساس لممارسته العلمیة الالحقة‪.9‬‬
‫لق د ك ان مفه وم التط ّور في العل وم الطبیعی ة خاض عا لتص ور آخ ر ق ائم على "الض رورة‬
‫أن االنتقال من نظریة علمیة إلى أخرى‪ ،‬یتم بالضرورة عند اكتشاف‬ ‫العقالنیة"‪ ،‬بمعنى ّ‬
‫معطی ات جدی دة‪ .‬والتط ّور العلمي من منظ ور ه ذا االتج اه‪ ،‬یق وم على فعالی ة منطقی ة‬
‫ومتعالیة غیر خاضعة للمؤث ارت السوسیولوجیة والثقافیة والمؤسسیة‪ .‬في حین ینطلق‬
‫"ك ون" من تص ور مخ الف‪ ،‬ینظ ر إلى العلم كفاعلی ة ألف ارد م ؤطّرین ض من "مؤسس ة‬
‫علمیة"‪ ،‬خاضعة اللت ازمات مذهبیة وقوانین مؤسسیة‪ ،‬تضع الشروط التي تشتغل فیها‬
‫الجماع ة العلمی ة‪ ،‬والقی ود ال تي تنظم عملی ات االس تدالل والبرهن ة‪ ،‬من حیث أدوات‬
‫التج ریب‪ٕ ،‬وٕا ج ارءات القی اس‪ ،‬وطریق ة اس تعمال اآلالت‪ ،‬وآلی ات الم ارقب ة‪،‬وتنظیم‬
‫النتائج‪...‬إلخ‪.10‬‬

‫»إن العلم العادي‪ ،‬هذا النشاط المنصب على حل األحجیات‪ ،‬هو‬ ‫یقول "كون"‪ّ :‬‬
‫مش روع ت اركمي كب یر‪ ،‬حقّ ق نجاح ا ب اراز في إص ابة هدف ه‪ ،‬ال ذي ه و توس یع م دى‬
‫المعرفة العلمیة ودقتها‪ .‬فهو من هذه النواحي ینسجم انسجاما دقیقا مع الصورة العادیة‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪3‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫أن العلم العادي ال یهدف إلى الكشف عن جدید‪ ،‬ال على مستوى‬
‫للعمل العلمي‪..،‬صحیح ّ‬
‫أن البحث العلمي طالما‬
‫الوقائع‪ ،‬وال على مستوى النظ ریة‪ ،‬حتى في حال نجاحه‪ .‬غیر ّ‬
‫وأن العلم اء ابتك روا نظری ات جدی دة‬
‫رف ع الغط اء عن ظ واهر جدی دة وغ یر متوقع ة‪ّ .‬‬
‫أن البحث في ظ ل ب اردیغم ال ب ّد أن یك ون طریق ة‬
‫جذری ة في خض ّمه‪ .‬والنتیج ة هي ّ‬
‫فعال ة إلح داث تغی یر في الب اردیغم‪ .‬وه ذا ه و بالض بط م ا یفعل ه جدی د الوق ائع‬
‫والنظریات«‪.11‬‬

‫خالص ة الق ول أن "ك ون" یع ني ب الب اردیغم مجموع ة الق وانین والتقنی ات‪ ،‬واألدوات‬
‫المرتبط ة بنظری ة علمی ة والمسترش دة به ا‪ ،‬وال تي بواس طتها یم ارس الب احثون عملهم‪،‬‬
‫ویدیرون نشاطهم ‪،‬وحالما تتأسس تتخذ اسم العلم العادي‪.12‬‬
‫‪13‬‬
‫ویعرض "كون" أربعة خصائص للب اردیغم‪:‬‬
‫یتضمن قوانین وتعریفات وتعمیمات رمزیة (‪،)Modelization‬وكلما كثر عددها‪ ،‬كان‬
‫ّ‬
‫العلم أكثر قوة‪.‬‬

‫یتضمن نماذج میتافیزیقیة واعتقادات (‪ )Beliefs‬معینة‪ ،‬تتیح للمجموعة العلمیة استلهام‬


‫‪ّ -‬‬
‫الرموز واالستعا ارت لشرح النظریة العلمیة‪.‬‬
‫‪-‬یتض ّمن قیم (‪ ،)Values‬من قبی ل تماس ك النظری ة العلمی ة‪ ،‬واتس اقها ال داخلي‪،‬‬
‫وكذاانس جامها م ع الواق ع‪ .‬والقیم تش مل أیض ا المواق ف المش تركة للعلم اء تج اه أزم ات‬
‫المجددة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العلم‪ ،‬وتجاهالنظریات‬

‫‪-‬یتض من نم اذج (‪ )Exemples‬في ش كل مع ارف ض منیة‪ ،‬تُكتس ب عن طری ق ممارس ة‬


‫العلم‪.‬‬

‫في األخ یر‪ ،‬لن نخ رج إال بنفس النتیج ة ال تي خ رج به ا " أالن ش المرز" ‪Alan F).‬‬
‫أن‬
‫‪،(Chalmers‬وه و یع رض الخط وط الك برى إلبس تمولوجیة "ك ون‪ "،‬حین الح ظ ّ‬
‫مفه وم الب اردیغم یتفلت أثن اء محاول ة تعریف ه‪ّ » :‬إنن ا لن نفهم ه إاّل من خالل وظیفت ه‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪4‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫كموج ه یوج ه الب احثین‪ ،‬وهم یش تغلون في إط ار "العلم الس ائد"«‪ .‬ولع ّل ه ذا التعری ف‬
‫ّ‬
‫یتطور إاّل‬
‫ّ‬ ‫القائلبأن النشاط العلمي ال یمكن أن‬
‫ّ‬ ‫یقربنا من تحلیل "كون"‬
‫الوظیفي‪ ،‬هو ما ّ‬
‫داخل ب اردیغم معتمد من طرف أعضاء مجموعة علمیة‪ ،‬وهم یشتغلون في إطار من‬
‫المجابهة العلمیة العاقلة‪.14‬‬

‫‪ - 2‬السیاق التاریخي لظهور الباردیغم‪:‬‬


‫لفهم السیاق التاریخي لظهور فكرة الب اردیغم في البحث العلمي‪ ،‬ال بد من الوقوف عند‬
‫أسس ت‬
‫الم دارس االبس تمولوجیة األساس یة ال تي س بقت ظه ور المدرس ة الثوری ة‪ ،‬ال تي ّ‬
‫لمفه وم الب اردیغم وأهمیت ه في البحث العلمي‪،‬وال تي تختل ف في طریق ة المالحظ ة‪،‬‬
‫والتحلی ل‪ ،‬وتأوی ل الواق ع‪.‬واالبس تمولوجیا في أبس ط تعریفاته ا هي د ارس ة العلم من‬
‫المنظ ور الفلس في‪ ،‬أي د ارس ة نقدی ة للعل وم من حیث األس س والمس لمات‪ ،‬وأهمیته ا‬
‫بالنسبة للعلم‪.‬‬

‫تقدم الم دارس االبس تمولوجیة األساسیة منظ وارت مختلف ة حول الموض وع العلمي‪،‬‬
‫ّ‬
‫فكل منها تزكي طریقتها في مالحظة وتحلیل وتفسیر الواقع‪ .‬وفیما یلي عرض مختصر‬
‫لهذه المدارس وخصائصها‪:‬‬

‫‪ 2-1‬المدرسة التجریبیة‪ :‬أبرز روادها "دافید هیوم"(‪1711-( )David Hume‬‬


‫أن المعرفة تكتسب عن طریق الممارسة‪ ،‬والدلیل یكون مقبوال‬‫‪1776‬م)‪ ،‬تؤمن بفكرة ّ‬
‫فقط إذا اعتمد على معطیات إمبریقیة قابلة للمالحظة عن طریق الحواس اإلنسانیة‪.‬‬
‫تتبنى أسلوب االستدالل االستق ارئي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 2-2‬المدرس ة الوضعیة‪ :‬أبرز رواده ا "أوغست ك ونت("‪1857()Auguste Comte‬‬
‫‪-‬‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪5‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫‪ ،)1798‬تق وم على التفك یر االس تنباطي‪ .‬وهي مدرس ة تط بیق المالحظ ة المنهجی ة‬
‫إن مالحظ ة الظ واهر تجع ل اس تخ‬
‫المنتظم ة‪ ،‬والنظری ة المح ّددة للوق ائع القابل ة لل درس‪ّ .‬‬
‫بتقدمه االجتماعي‪ ،‬أم ار ممكنا‪.‬‬
‫ارج القوانین التي تحكم العالم‪ ،‬وتسمح ّ‬
‫‪ 2-3‬المدرسة التطوریة‪ :‬أبرز روادها "تشارلز داروین"(‪-1882()Charles Darwin‬‬
‫فس ر التط ّور ال بیولوجي عن طری ق م ا أس ماه باالنتخ اب الط بیعي‪ ،‬وبن اء على‬
‫‪ّ ،)1809‬‬
‫متقدم ة‪.‬تق وم‬
‫تقس م المجتمع ات إلى متخلف ة‪ ،‬وأخ رى ّ‬ ‫أس س التط ور الثق افي واالجتم اعي‪ّ ،‬‬
‫التطوریة على استنباط المعرفة من المقارنة بین م ارحل تطور مختلف الحضا‬
‫ّ‬ ‫المدرسة‬
‫التحول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ارت‪ ،‬وبذلك یمكن استنتاج قوانین‬

‫أتاحت المدارس الثالث‪ :‬التجریبیة‪ ،‬الوضعیة‪ ،‬والتطوریة تقدیم ثالث رؤى أو مقاربات‬
‫منهجیة ونظریة في النظرة إلى العلم‪ ،‬وتزوید المشتغلین بالعلوم بمسلمات ونظریات‪ .‬في‬
‫أن المدرس ة الثوری ة مقارب ة حدیث ة لالبس تمولوجیا‪ ،‬كم ا ّأنه ا ال تعم ل على التحق ق‬
‫حین ّ‬
‫من صالحیة علم بعینه‪ ،‬بل على نقد تاریخ العلوم‪ .‬تعطي هذه المقاربة التاریخیة نظرة‬
‫جدیدة حول تطور المعرفة العلمیة عبر القرون‪.‬‬

‫تعتبر فكرة الب اردیغم أو "النموذج ‪ -‬الموجه"‪ ،‬من األفكار األساسیة في فلسفة "كون"‪،‬‬
‫متعددة‬
‫وفي تصوره االبستمولوجي لتاریخ العلم‪ .‬وقد استثمرت هذه الفكرة في مجاالت ّ‬
‫ألهمیته ا وق درتها على التفس یر والفهم‪ .‬فت اریخ العلم عند "كون" ینطل ق‬
‫ومتباین ة‪ ،‬ن ظ ار ّ‬
‫تتمی ز بتض ارب اآل ارء‪ ،‬واختالفه ا‪ ،‬وتتجلى في‬
‫من مرحل ة م ا قب ل نض ج العلم‪ ،‬حیث ّ‬
‫تخصها‪.15‬‬
‫ّ‬ ‫تعبر كل واحدة منها عن وجهة نظر‬
‫مدارس أو اتجاهات ّ‬
‫وف ق "ك ون"‪ ،‬تم ّر العل وم خالل م ارح ل تطوره ا بفت ارت أزم ات‪ ،‬ه ذه األزم ات تول د‬
‫"ثوارت علمیة"‪ ،‬والتي بدورها تك رس مجموعة جدیدة من النظریات عن طریق الغلیان‬
‫الفك ري‪ .‬ه ذه الث وارت ت ؤدي إلى م ا یس میه "ك ون"‪ :‬الب اردیغم ات‪ ،‬والب اردیغم ه و‬
‫‪.‬یحدد هذا المفهوم المشترك ترتیب االهتمامات والمسائل‬
‫ّ‬ ‫نظرة سویة ومشروعة للعالم‬
‫والنظریات والمناهج الخاصة بكل علم من العلوم‪.16‬‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪6‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫موجها لكل األبحاث الفیزیائیة‪ ،‬أساسا‬


‫فمثال قبل أن تكون الفیزیاء األرسطیة نموذجا ّ‬
‫في العص ر الوس یط‪ ،‬ك انت هن اك آ ارء مختلف ة وأس طوریة ینتجه ا س ابقوه ح ول ه ذه‬
‫الظ واهر الفیزیائی ة‪ .‬لكن حینم ا یتش كل الب اردیغم یص بح " العلم – المط ابق"‪ ،‬أي‬
‫العلمالع ادي‪ ،‬یش تغلوفقه وعلى أساس ه‪ .‬ویتجلى ذل ك من خالل مختل ف عملی ات تك وین‬
‫المتخصص ة‪ .‬حیث یق وم‬
‫ّ‬ ‫الع الم‪ .‬س واء داخاللمختب ارت‪ ،‬أو من خالل الكتب المدرس یة‬
‫الب اردیغم بتق دیم مختل ف أدوات البحث والحس اب والتق ویم‪ ،‬إذ یتك ون من فرض یات‪،‬‬
‫فتبني‬
‫ومن ق وانین وتقنی ات ض روریة لتطبیق ه من ط رف أعض اء جماع ة علمی ة معین ة‪ّ .‬‬
‫ه ذه الجماع ة العلمی ة لب اردیغم‪ ،‬عن طری ق م ا نس میه بـ "العلم المط ابق"‪ ،‬یواج ه‬
‫بص عوبات ومش اكل‪ ،‬یح اول ه ؤالء حله ا وتجاوزه ا بتوس یع الب اردیغم‪ ،‬والكش ف عن‬
‫بعض العناص ر األخ رى‪ ،‬ودمجه ا في وح دة متكامل ة‪ٕ ،‬وٕا ذا لم یتم التغلب على تل ك‬
‫الص عوبات‪ ،‬تنش أ أزم ة‪ .‬وحینم ا تنم و وتتط ّور‪ ،‬تج د حلّه ا في ب اردیغم جدی د‪ ،‬ینبث ق‬
‫ویحظى بقب ول وٕا جم اع العلم اء‪ .‬وه ذا التح ّول واالنتق ال من ب اردیغم إلى آخ ر جدی د‪،‬‬
‫یسمى بالثورة‪.17‬‬
‫هو ما ّ‬
‫‪18‬‬
‫والنموذج التالي یوضح هذه الفكرة‪:‬‬

‫ثورة ب اردیغم جدید علم مطابق‬ ‫ماقبل علم‪ -‬ناضج ب اردیغمعلم مطابق أزمة‬
‫جدید‬

‫تاریخ العلم عند كون‬

‫تمثّ ل أعم ال "ك وبرنیكس" (‪" ، )Copernics‬نی وتن" (‪ ، )Newton‬و"أینش تاین" (‬


‫‪ )Einstein‬ث وارت علمی ة ك برى في ت اریخ العل وم الفیزیائی ة‪ .‬ك ل واح دة من ه ذه‬
‫ومكرسة في وقتها‪ ،‬واستبدالها بنظریة‬
‫ّ‬ ‫الثوارت‪ ،‬تستلزم إلغاء نظریة علمیة كانت سائدة‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪7‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫ؤدي ه ذا االس تبدال إلى تح ّول في المش كالت ال تي تش غل ب ال‬


‫أخ رى معارض ة له ا‪ .‬وی ّ‬
‫یقرر العلماء‬
‫الباحثین العلمیین‪ .‬ومن هذه المشكالت الجدیدة‪ ،‬تنبع مقاییس‪ ،‬من خاللها‪ّ ،‬‬
‫تغی ر ه ذه الث وارت‬
‫م ایمكن اعتب اره مش كلة مقبول ة ‪،‬أو م ا یمكن اعتب اره حال مش روعا‪ّ .‬‬
‫‪19‬‬
‫العلم إلى درجة تغییر النظرة إلى العالم الذي تجري فیه هذه األعمال العلمیة ‪.‬‬

‫مجرد نمو طبیعي لما‬


‫إن النظریة الجدیدة التي تنبثق عن هذا التغییر الثوري‪ ،‬لم تكن أبدا ّ‬ ‫ّ‬
‫كان معروفا‪ّ ،‬إنما تتطلّب من أجل استیعابها إعادة بناء النظریة السابقة‪ ،‬بل ربما تركها‬
‫مفسرة طبقا لمقوالت النظریة‬
‫كلیة‪ ،‬وٕا عادة تقییم الوقائع والظواهر السابقة التي كانت ّ‬
‫السابقة‪.‬‬
‫یتم‬
‫أن هذه العملیة الثوریة ال تنجز من طرف عالم واحد إاّل ناد ار‪ .‬وال ّ‬ ‫ویجب أن نفهم ّ‬
‫المؤرخ ون ص عوبة في تحدی د ت واریخ دقیق ة‬
‫ّ‬ ‫ذلك بین ی وم ولیل ة‪ .‬من هن ا‪ ،‬نفهم لم اذا یج د‬
‫ألن ط ریقتهم إلد ارك التط ور العلمي‪ ،‬عن طری ق "الت اركم"‪،‬‬
‫لهذهالعملی ة الطویل ة‪ّ ،‬‬
‫تفرض علیهماعتبار هذه الثوارت حوادث معزولة‪.20‬‬

‫‪ - 3‬األهمیة المنهجیة الستخدام الباردیغم في البحوث العلمیة‪:‬‬


‫ألنه ا أك ثر نجاح ا من منافساتها في‬
‫أن الب اردیغم ات تكتس ب مرتبته ا ّ‬
‫ی رى "ك ون" ّ‬
‫حادة‪ .‬وأن یكون‬
‫حل مشكالت قلیلة انتهت مجموعة من المشتغلین إلى اإلق ارر بكونها ّ‬
‫الب اردیغم أك ثر نجاح ا من س واه‪ ،‬لیس مع نى ذل ك أن یحق ق نجاح ا ب اراز في ح ل ع دد‬
‫أكبر من المشكالت‪.21‬‬

‫الخاص ة نس بیا‪ُ ،‬یل زم الب اردیغم العلم اء‬


‫ّ‬ ‫بترك یز االنتب اه على مج ال من المش كالت‬
‫بدرس جانب من جوانب الطبیعة بتفصیل وعمق لم یكن تصور حصولهما بغیره‪ ،‬وللعلم‬
‫العادي آلیة في بنیته تخفف قساوة الحدود التي تحصر البحث‪ ،‬وذلك عندما یتوقف الب‬
‫تمدت من ه عن العم ل بكف اءة‪ ،‬حینئ ذ یب دأ العلم اء بالس لوك على نح و‬
‫اردیغم ال ذي اس ّ‬
‫تتغی ر طبیع ة مش كالت بحثهم‪ .‬في ال وقت نفس ه‪ ،‬وخالل ف ترة نج اح الب‬‫مختل ف‪ ،‬كم ا ّ‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪8‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫اردیغم‪ ،‬تك ون المهن ة ق د حلت مش كالت قلم ا خط رت في ب ال الع املین فیه ا‪ ،‬وم ا ك انوا‬
‫لینجزوه ا إطالق ا‪ ،‬من دون االلت ازم ب الب اردیغم‪ .‬وٕا ّن ج زء من ذل ك اإلنج از‪ ،‬على‬
‫األقل‪ ،‬أثبت قدرته على البقاء‪.22‬‬

‫أن العلم اء‬


‫إن الب اردیغم یق ّدم األس ئلة والحل ول في نفس ال وقت‪ ،‬وه ذا یع ني ّ‬
‫ّ‬
‫محدد سلفا‪ ،‬بفضل‬
‫یشتغلون تحت مظلته التي تقتضي جعل النظریة والتجربة في توافق ّ‬
‫الجه از المفه ومي المتمثّ ل أساس ا في المس لّمات واإلج ارءات ال تي ینخ رط في اس تیعابها‬
‫فهاالعالم أثن اء ممارس ته لنش اطه العلمي‪ ،‬فالع ِالم ال ی درك الع الَم إال من خالل الب‬
‫ِ‬ ‫وكش‬
‫اردبغم‪ .‬له ذا یعم ل ه ذا األخ یر على إقص اء ك ل الوق ائع التي ال تنس جم م ع طبیعت ه‪ .‬من‬
‫ثم ة یتخلى عنه ا الب احث‪ .‬وال یهتم إاّل بم ا یس مح ب ه الب اردیغم‪ .‬یق ول "ك ون"‪» :‬ع ادة‬
‫ّ‬
‫یك ون الب اردیغم المط ّور من أج ل مجموع ة من الظ واهر غامض ا في تطبیق ه على‬
‫ظ واهر قریب ة ج دا‪ .‬عن د ذل ك تك ون التج ارب ض روریة لالختی ار بین ال ط ارئ ق البدیل ة‬
‫لتطبیق ال اردیغم في المجال موضوع االهتمام«‪.‬‬

‫یح ّدد الب اردیغم الع الم عن د "ك ون" ال ذي یجب على الع ِالم استكش افه‪ .‬بمع نى ّأن ه‬
‫محددة لتأویله هو أیضا‪ .‬هذه الشروط هي حدود‬ ‫تأویل للعالم‪ .‬هذا التأویل یضع شروطا ّ‬
‫الب اردیغمالذي یفترض التأویل‪ ،‬تأویل المعطیات‪ ،‬بالرغم من المشاكل التي قد تطرح‬
‫بخصوص االختالفات بین العلم اء في درج ة تط بیقهم للقیم المش تركة كمح ّدد أساس ي للب‬
‫اردیغم‪ ،‬حیثكتب "ك ون"‪» :‬یمكن أن تخ دم ال ف روق الفردی ة في تط بیق القیم المش تركة‬
‫وظائف أساسیة بالنسبة للعلم«‪.23‬‬

‫ینشئ الب اردیغم قیاسا أو تسویة جدیدة في علم ما‪ ،‬ذلك بأن یضیف إلیه العناصر‬
‫المع ترف به ا في البحث العلمي‪ .‬وتتمث ل ه ذه العناص ر أساس ا في‪ :‬ق انون‪ ،‬نظری ة‪،‬‬
‫لتتولّ د عنه ا تقالی د خاص ة‬
‫وأدوات تجریبی ة‪ ،‬وهي تتهیك ل مش كلة نم اذج ُیحت ذى به ا ّ‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪9‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫إن الب اردیغم إنج از ق ادر على أن یك ون دلیال ألبح اث‬


‫ومنس جمة من البحث العلمي ‪ّ .‬‬
‫‪24‬‬

‫المجموعة ّبر ّمتها‪.‬‬

‫وفق "میلفیندیفلر" (‪ )Melvin Defleur‬و"ساند ار بول روكیتش"‪)Sandra Ball-‬‬


‫فإن االفت ارضات التي تش ّكل الب اردیغم‪ ،‬تعد بالفعل من األمور المسلم‬
‫(‪ّ ،Rokeach‬‬
‫أن االفت ارضات تتیح نقطة انطالق الستخالص تفسی ارت نظریة لجوانب‬ ‫بها ‪،‬بمعنى ّ‬
‫أكثر دقة من الظاهرة االجتماعیة والنفسیة‪ .‬هذه المسلمات في حد ذاتها لیست عرضة‬
‫لالختب ار والتمحیص‪ ،‬فلیس من الممكن جم ع المعطی ات والم ادة التجریبی ة ال تي یمكن‬
‫االس تناد إلیه ا في قب ول أو رفض االفت ارض ات المس لم به ا‪ .‬وب دال من ذل ك‪ ،‬ف إن ه ذه‬
‫المس لّمات تؤخ ذ كم ا هي ‪.‬لیس بمع نى أن ُینظ ر إلیه ا كحق ائق خال دة‪ ،‬ولكن فق ط ك افت‬
‫إن المس لمات هي بیان ات تح ّدد العالق ات والظ روف ال تي ق د‬
‫ارض ات‪ .‬بمع نى آخ ر‪ ،‬ف ّ‬
‫یختاره ا الم رء العتب ار ش يء م ا ص حیحا وحقیقی ا‪ ،‬بهدف دعم حجت ه‪ ،‬وتقوی ة أری ه‪ ،‬أو‬
‫بهدف رؤیة ما ستقود إلیه من الناحیة المنطقیة‪ .‬والتسلیم بصحة عالقة معینة‪ ،‬أو ظرف‬
‫ما هو مثل أن نقول افترض أنه صحیح أن العالقة أو الظروف تصف الحقیقة بدقة‪.25‬‬

‫في حین ی رى "روالن أومنیس"(‪ )Roland Omnis‬مؤل ف كت اب "فلسفة الك وانتم‬


‫ممی ز‪ ،‬أص بح أنموذج ا ج دی ار بالمحاك اة من ج انب‬
‫بأن ه‪» :‬إنج از علمي ّ‬
‫"الب اردیغم ّ‬
‫باحثین آخرین«‪.26‬‬

‫‪ - 4‬نماذج من الباردیغماتالسائدةفي علوم اإلعالم واالتصال‪:‬‬


‫ارتبطت نش أة وتط ور بح وث ود ارس اتاإلعالم في العش رینات من الق رن الماض ي‬
‫ب النموذجین الوض عي والس لوكي(‪ ،)positivist and behaviourist paradigm‬فق د‬
‫التخص ص الجدی د الكث یر من منطلقات ه‪ ،‬ومفاهیم ه‪ ،‬وأطرهالنظری ة والمنهجی ة من‬
‫ّ‬ ‫استمد‬
‫ّ‬
‫ه ذینالنموذجین‪ .‬في ه ذا اإلط ار‪ ،‬ر ّك زت بح وث اإلعالم ‪ -‬وم ا ت ازل ‪ -‬على ت أثیر‬
‫وس ائل اإلعالمفي الجمه ور‪ ،‬اعتم ادا على م ا ُیع رف ب د ارس ات الجمه ور‪ ،‬وأهملت إلى‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪10‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫ح ّد كب یر د ارس ة مض مون وش كل الرس الة اإلعالمی ة‪ ،‬ال تي ُیف ترض ّأنه ا تح دثالتأثیر‬
‫المرس ل أو القائم باالتصال‪ ،‬سواء كان شخصاأو‬ ‫ِ‬ ‫المطلوب أو المرغوب من وجهة نظر‬
‫مؤسسة إعالمیة‪.27‬‬

‫رغم حداث ة تخص ص اإلعالم واالتص ال‪ ،‬إال ّأن ه مج ال حی وي أنتج الب احثون فی ه‬
‫المتمیزة ‪،‬تدریجیا بدأت تظهر محاوالت لبلورة نظریات‬ ‫ّ‬ ‫الكثیر من الد ارسات اإلعالمیة‬
‫في ه ذا المج ال لت أطیر مختل ف األبح اث وال د ارس ات‪ .‬وحس ب "عب د ال رحمن ع زي"‪،‬‬
‫فالمقص ود بنظری ات اإلعالم واالتص ال هي تل ك النظری ات ال تي تتن اول عالق ة وس ائل‬
‫اإلعالم بظاهرة ما‬
‫(اإلعالم)‪ ،‬أو عالقة أف ارد المجتمع مع بعضهم البعض (االتصال)‪.28‬‬

‫إن أهم الب اردیغم ات المتاح ة لعلم اء االتص ال تش مل فئ ة مس تمدة أص ال من علم‬


‫ّ‬
‫االجتم اع‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬وعلم النفس االجتم اعي‪ ،‬وفي داخ ل ه ذه المجاالت‪ ،‬هن اك فئ ات‬
‫عدیدة من المسلمات التي تش ّكلت فیما یتعلق بطبیعة المجتمع والطبیعة اإلنسانیة‪ .‬بالنسبة‬
‫أن االفت ارض ات الثالث ة ال تي أعطت أهمی ة قص وى ل د ارس ة‬ ‫لعلم االجتم اع‪ ،‬نج د ّ‬
‫العالق ات بین وس ائل اإلعالم والمجتم ع وعملی ة اإلعالم‪ ،‬هي نفس ها ال تي تعطي دوار‬
‫‪29‬‬
‫‪-‬العملیات التي یحافظ بها المجتمع على االستق ارر االجتماعي‪.‬‬ ‫محوریا لكل من‪:‬‬

‫‪ -‬العملیات التي یتغیر بها المجتمع بمرور الزمن‪.‬‬

‫‪ -‬طبیعة ومغزى الص ارع االجتماعي‪.‬‬

‫‪ -‬أشكال التعامالت بین األشخاص‪ ،‬والتي یتم من خاللها مشاركة المعاني‪.‬‬

‫إن االصطالحات األكثر فنیة المرتبطة بهذه الب اردیغمات هي‪ :‬البنائیة الوظیفیة‪،‬‬
‫ّ‬
‫التطور االجتماعي‪ ،‬الص ارع االجتماعي‪ ،‬والتفاعلیة الرمزیة‪.‬‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪11‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫وٕا ذا كان محور االهتمام في علم االتصال هو سلوك الفرد‪ ،‬مثل االختی ار أو الفهم‬
‫أو الت أثر بالرس ائل اإلعالمی ة‪ ،‬عندئ ذ یس تخدم بوج ه ع ام أح د النم اذج النفس یة‪ ،‬وهن اك‬
‫العدی د منه ا ال تي یمكن اختیاره ا‪ ،‬تت اروح بین نظری ات التعلم الس لوكیة‪ ،‬والص یغ‬
‫فإن أكثر الص یغ التحلیلی ة النفس یة ش یوعا واس تخداما في‬
‫التحلیلی ة النفس یة‪ .‬وبوجهع ام‪ّ ،‬‬
‫أبحاث االتصال هي النموذجاإلد اركي‪ ،‬الذي یؤكد على مفاهیم مثل المواقف والمعتقدات‬
‫والمفاهیم واالحتیاجات واإلشباع‪.‬‬

‫وی ذهب الباحث ان "أالن ال ارمي"(‪)Alain Larameé‬و"برن ارد ف الي" (‪Bernard‬‬


‫‪)Vallée‬‬
‫‪ ،‬في كتابهم ا "البحث في االتص ال عناص ر منهجی ة"‪،‬إلى ذك ر أرب ع ب اردیغم ات‪،‬‬
‫باعتباره ا مهیمن ة في بح وث اإلعالم واالتص ال‪ ،‬لكنه ا لیس ت حص ریة‪ ،‬وهي ‪ :‬الب‬
‫اردیغمالسیبرنیطیقي ‪،‬الب اردیغم السلوكي‪ ،‬الب اردیغم الوظیفي‪ ،‬الب اردیغم التفسیري‪.‬‬

‫ّإنن ا ال نه دف من خالل ع رض عین ة من الب اردیغماتالمس تخدمة في عل وم اإلعالم‬


‫واالتص ال‪ ،‬إلى اعتباره ا األك ثر أهمی ة من أخ رى لم ن ذكرها‪ .‬ولكن اله دف ه و تبی ان‬
‫أهمیة الب اردیغم في البحوث اإلعالمیة‪ .‬مع توضیح ال ازویة التي یمكن من خاللها د‬
‫ارس ة ظ اهرة إعالمی ة أو اتص الیة في إط ار ب اردیغم مح ّدد‪ ،‬أو نظری ة ض من ب‬
‫اردیغمم ا‪.‬وفیم ا یلي ع رض لعین ة من الب اردیغم ات المس تخدمة في عل وم اإلعالم‬
‫واالتصال‪:‬‬

‫‪ 1- 4‬الباردیغم السلوكي‪:‬‬
‫ظه رت االتجاه ات الس لوكیة في علم النفس في الوالی ات المتح دة األمریكی ة‪ ،‬في‬
‫العقد الثاني من القرن العشرین‪ ،‬وسادت في علم النفس لمدة تزید عن ثالثین ستة تقریبا‪.‬‬
‫اهتم الس ل وكی ون األوائ ل ب د ارس ة األح داث البیئی ة كم ثی ارت في عالقته ا بالس لوك‪،‬‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪12‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫أن التعلم یك ون من خالل الخ برة المكتس بة‪ ،‬الناتج ة عن التع رض للم ثی ارت‬
‫والحظ وا ّ‬
‫البیئیةوتعزیزها‪ ،‬أكثر من تأثیر العوامل الوارثیة‪.‬‬

‫ّتركز الد ارسات السلوكیة على الظواهر السلوكیة الخارجیة التي یمكن مالحظتها‪،‬‬
‫وعلى د ارس ة المنبه ات ال تي تس تثیر أش كاال معین ة من االس تجابات ال تي تأخ ذ ش كال‬
‫صریحا یمكن مالحظته‪ .‬وبذلك‪ ،‬فهي ال تثق كثی ار بالشروح واالفت ارضات المتعلقة‬
‫بالفكر والمعتقدات ‪،‬ومختلف العملیات العقلیة الداخلیة التي ال یمكن مالحظتها‪.30‬‬

‫خضعت هذه الد ارسات للتطویر فیما بعد من خالل جهود علماء النفس وعلم النفس‬
‫االجتم اعي‪ .‬وأص بحت تع رف بنظری ات المث یر واالس تجابة أو نظری ات التعلم‪ ،‬تهتم‬
‫أن هذا السلوك‬
‫جمیعها بالسلوك الفردي في عالقته بالمثی ارت الخارجیة والتركیز على ّ‬
‫‪31‬‬
‫َّ‬
‫متعل م في البدایة‪.‬‬ ‫هو عصبي‬
‫‪32‬‬
‫ت ازمن ظهور هذه الد ارسات ببروز نظریة المجتمع الجماهیري التي تفترض‪:‬‬

‫أن األف ارد یعیشون شروط عزلة نفسیة تجاه اآلخرین‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫أن الالشخصانیة تسود العالقات المتبادلة بین هؤالء األف ارد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫تحرروا نسبیا من األواصر والواجبات االجتماعیة غیر‬
‫أن أولئك األف ارد قد ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫الشكالنیة‪ ،‬التي كانت تلزمهم وتقیدهم‪.‬‬

‫ك ان له ذا الم دخل ت أثیر واض ح في بح وث اإلعالم‪ ،‬حیث س اعد على بل ورة نظری ة‬
‫التأثیر المباشر التي سادت لفترة طویلة حتى نهایة األربعینیات من القرن الماضي تقریب ا‬
‫‪.‬‬
‫أن الرسائل اإلعالمیة مثی ارت تصدرها وسائل اإلعالم‪ ،‬ویتلقاها األف ارد‬ ‫حیثتفترض ّ‬
‫باعتب ارهم عناص ر منعزل ة وس لبیة‪ ،‬فیس تجیبون له ا بش كل ف وري‪ُ .‬ع رفت ه ذه النظری ة‬
‫باسم الطلقة السحریة أو الحقنة تحت الجلد‪.‬‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪13‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫رغم ت ارج ع اس تخدام ه ذا الب اردیغم في ال د ارس ات اإلعالمی ة الحالی ة‪ ،‬إال ّأن ه‬
‫استُخدم بشكل واسع في د ارسة الدعایة خالل الفترة ما بین الحربین الع المیتین األولى‬
‫والثانیة‪ ،‬وفترة الحرب نفسها‪ .‬فتك ارر عرض الرسائل وعزل الفرد عن التعرض ألي‬
‫ؤدي وف ق فرض یات نظری ة الت أثیر المباش ر إلى إح داث‬
‫مص ادر إعالمی ة أخ رى‪ ،‬ی ّ‬
‫االستجابة التي یرغب فیها القائم باالتصال‪.‬‬
‫نفس األمر بالنسبة للدول لسلطویة التي تسیطر بشكل تام على وسائل اإلعالم‪،‬وتمنع أي‬
‫مصادر أخرى سواء عن طریق الرقابة أو التشویش أو المنع التام‪ .‬وهو ما ینطبق على‬
‫دولة كوریا الشمالیة كمثال‪.‬‬

‫إن نظری ة الت أثیر المباش ر أو الحقن ة تحت الجل د ك انت منس جمة تمام ا م ع النظری ة‬
‫ّ‬
‫العامة سواء السوسیولوجیة أو السیكولوجیة التي تمت صاغتها آنذاك‪ .‬هذا باإلضافة إلى‬
‫أن التأثیر الهائل الذي مارسته الدعایة إبان الحرب العالمیة األولى‪ ،‬ش ّكل البرهان الك افي‬
‫ّ‬
‫لمقدرة اإلعالم الجماهیري‪ .‬وكانت هناك أیضا حقیقة أخرى غیر قابلة للنقاش ظاهریا‪،‬‬
‫أن اإلعالم یستطیع إقناع الناس بش‬
‫أن اإلعالنات الجماهیریة لذلك العصر‪ ،‬أثبتت ّ‬
‫وهي ّ‬
‫مم ا ق وى‬
‫تخیله ا في ذل ك ال وقت‪ّ .‬‬
‫ارء س لع بكمی ات ونوعی ات لم یكن أح د یق در على ّ‬
‫بأن اإلعالم الجماهیري یتمتع بمقدرة استثنائیة‪.33‬‬
‫القناعة ّ‬
‫إن بح وث اإلعالم ال تي ظه رت في تل ك الف ترة‪ ،‬والمت أثرة بنظری ة التعلم في علم‬
‫ّ‬
‫النفس‪ ،‬ونظریة المجتمع الجماهیري في علم االجتماع‪ ،‬وكذا نظریة الرصاصة السحریة‬
‫في اإلعالم‪ ،‬ر ّك زت في د ارس ة اس تجابات جمه ور وس ائل اإلعالم على الخص ائص‬
‫الموروث ة مث ل الن وع‪ ،‬وت أثیر الخب ارت المكتس بة بفض ل الس ن والتعلم والحال ة‬
‫االقتص ادیة‪ .‬وأص بحت ه ذه الخص ائص هي القاس م المش ترك في تص نیف الجمه ور في‬
‫عالقت ه ب التعرض لوس ائل اإلعالم أو ت أثّره به ا‪ .‬ه ذه الخص ائص والس مات ال تي یطل ق‬
‫علیه ا الس مات األولی ة أو الس كانیة أو العام ة‪ ،‬ی رى الب احثون ّأنه ا تس هم‪ ،‬م ع غیره ا من‬
‫السمات‪ ،‬في تشكیل خب ارت الفرد ومواقفه‪ ،‬وتؤثر في كل من بناء الشخصیة ونماذج‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪14‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫‪34‬‬
‫اكبیرابهذهالسماتالعامةفیعالقتهابأنماطالسلو‬
‫‪.‬وقدشهدتبحوثاإلعالماهتمام ً‬
‫ً‬ ‫السلوك‬
‫ی‬ ‫ائالإلعالمومحتواها‪،‬نتیجةلكونهذهالسماتتساعدعلىتفس‬ ‫كمع وس‬
‫ارلتباینفیاستخدامها ‪،‬‬
‫ةو في‬ ‫یلةمعینةوٕا لىمحتوىمعین‪،‬فیأوقاتمختلف‬ ‫وبالتالیمعرفةأنواعالجمهوارلذییمیإللىوس‬
‫أیضا بتطور د ارسات جمهور وسائل‪.35‬‬
‫مما سمح ً‬
‫وضعیات اتصالیة مختلفة‪ّ ،‬‬

‫‪ 2- 4‬الباردیغمالسیبرنیطیقي‪:‬‬
‫إن مفه وم الس یبرنطیقا(‪)Cybernetics‬یع ني التحكم والض بط‪ ،‬اس تنادا إلى‬
‫ّ‬
‫المع نى اللغ وي الالتی ني للمص طلح‪ ،‬وال ذي یع ود إلى ‪ ،))kubernetike‬وه و المص طلح‬
‫موج ه الس فینة‪ ،‬والس یبرنطیقا تق وم على التغذی ة المرت ّدة من‬
‫ال ذي أطلق ه "أفالط ون" على ّ‬
‫خالل متابعة وضع ما خالل فت ارت زمنیة معینة لتحدید الوضع الالحق‪ ،‬أي ّأنها تقوم‬
‫أساسا على المعلومة‪.36‬‬

‫أح دث ظه ور الس یبرنطیقا ث ورة علمی ة خاص ة في می دان التكنولوجی ة‪ ،‬ویع ود‬
‫الفض ل في وض ع أس س الس یبرنیطیقا إلى ع الم الریاض یات األم ریكي "ن وربرت وی نر"‬
‫‪Norbert‬‬
‫)‪ ،Wiener)) (1894 -1964‬لح ّل مشكلة عسكریة خالل الحرب العالمیة الثانیة‪.37‬‬

‫نش ر "وی نر" كتاب ه "الس یبرنیطیقا أو التحكم واالتص ال عن د الحی وان‬
‫واآلل ة"‪،‬خالل األربعینی ات من الق رن الماض ي‪ ،‬وقد ض ّم ن ه رؤیت ه لمس ألة التنظیم داخ ل‬
‫المجتمع المستقبلي‪ ،‬القائمة على مادة أولیة جیدة ستظهر قریبا وتتمثل‪ ،‬حسب أریه‪ ،‬في‬
‫"المعلومة"‪ .‬وبالرغم من أنه دع ا إلى أخلقة هذا النموذج األعلى لـ "مجتمع المعلومات"‪،‬‬
‫»إن‬
‫إال أنه حذر في نفس الوقت من مخاطر االنح ارفات التي قد یحملها‪ .‬یقول "وینر"‪ّ :‬‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪15‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫مجموع المعلومات في نظام ما‪ ،‬هو مقیاس درجة تنظیمه‪ ،‬والتدهور هو مقیاس درجة‬
‫أن كل منهما یمثل الوجه السلبي لآلخر«‪.38‬‬
‫فوضویته‪ ،‬حیث ّ‬
‫إن قی ام مجتم ع المعلوم ات مش روط بالق درة على ت دویر المعلوم ات‪ ،‬وتبادله ا‬
‫ّ‬
‫دونمعوقات‪ .‬فهي مناقضة‪ ،‬من حیث المبدأ والتعریف‪ ،‬للحصار وممارسة السریة‪ ،‬وع دم‬
‫المس اواةفي الوص ول إلى المعلوم ات‪ ،‬وتحوی ل ه ذه األخ یرة إلى س لعة‪ .‬ذل ك أن اتس اع‬
‫دائرة التدهور والت ارجع مرتبط‪ ،‬مباشرة وتناسبیا‪ ،‬بت ارجع التقدم‪ .‬ولم یتردد "وینر"‬
‫تحت ض غط الهمجی ة ال تي ش كلتها الح رب العامی ة الثانی ة‪ ،‬في فض ح مخ اطر الت دهور‪،‬‬
‫موجها نقدا اردیكالیا لـ "العوامل المناقضة لالنضباط الذاتي"‪ ،‬والمتمثلة في التحكم المفرط‬
‫في وسائل اإلعالم‪ .‬ألن هذا النظام‪ ،‬الذي یجب أن یساهم‪ ،‬أكثر من أي شيء آخر‪ ،‬في‬
‫االنض باط االجتم اعي ال ذاتي ‪،‬س قط حس ب أری ه‪ ،‬مباش رة في أی دي أولئ ك المهووس ین‬
‫بالسلطة والمال‪.39‬‬

‫م ا یطرح ه "وی نر"‪ ،‬انطالق ا من قض یة النزع ة الش مولیة‪ ،‬ه و مق دمات برن امج‬
‫بحوث أوسع حول أجهزة السلطة‪ :‬فهذه قابلة للتحلیل باصطالحات المعلومة والتواصل‬
‫ید التنظیم ات‪ ،‬والن اس م وض وع تحكم ه ذه‬ ‫والتحكم‪ َّ ،‬ألن التمثالت هي م ا ب ه َّ تش ُ‬
‫التنظیم ات‪ ،‬وتحاف ظ على نفس ها وتعی د إنت اج نفس ها‪ .‬ویع ني نهج ه أن األس س اإلعالمی ة‬
‫للنظم االجتماعیة هي قابلة للتوضیح في مستوى كاف من العمومیة لفهم العالقة الجدلیة‬
‫القائم ة بین التمث ل والتنظیم ‪،‬كم ا من ش أن تل ك األس س اإلعالمی ة تج نیب االنخ داع بم ا‬
‫یحكیه نظام ما عن نفسه‪.40‬‬

‫َّإ ن الس بب الرئیس ي (وهن اك أس باب أخ رى) "لإلبع اد" المؤسس ي للس یبرنطیقا‪،‬‬
‫یع ود قب ل ك ل ش يء إلى َّأ ن مقارب ة وی نر تفض ي بش كل ط بیعي إلى مس ألة الس لطة‪.‬‬
‫فتص وره للتحكم ل ه ش حنة سیاس یة ب ارزة‪ ،‬ویس لط الض وء جزئی ا على ع دم التك افؤ بین‬
‫"صانعي الق ارر" و"المنفذین" مستوعبا إیاه من ازویة التخصص اإلعالمي والهویاتي‪.‬‬
‫ویظهر َّأ نه نتیجة ترتیب معین لمعالجة المعلومة وَّأ نه یجب‬
‫نسب عدم التكافؤ ُ‬
‫ی ِّ ُ‬
‫وهو ُ‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪16‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫تك ییف ه ذا الجه از بنش اط لكي یبقى في ال زمن‪ .‬ویش یر إلى َّ أن ه ذا التف اوت ال یش كل‬
‫سوى شكل تنظیمي بین أشكال أخرى ممكنة‪ ،‬ومن ثمة فهو یفتح حقال جدیدا للبحث عن‬
‫بدائل تنظیمیة‪.41‬‬

‫‪ 3- 4‬الباردیغم الوظیفي‪:‬‬
‫یع د ه ذا الب اردیغم خلفی ة لكث یر من النظری ات المت ع لّق ة بالس یر الع ام للمجتم ع‪،‬‬
‫ومس لمته األساس یة هي النظ ر إلى المجتم ع على ّأن ه ك ل تنظیمي‪ َّ ،‬تفس ر مختل ف‬
‫عناص ره بالوظیف ة ال تي تؤدیه ا‪ .‬یهتم ه ذا الب اردیغم بالطریق ة ال تي ت ؤثر به ا‬
‫بعض الظواهر في سیر النظام االجتم اعي‪ .‬ویش ّكل االتصال الجماهیري إحدى الظواهر‬
‫المالئمة للتحلیل الوظیفي‪.42‬‬
‫یع رف النم وذج اإلرش ادي للبنائی ة الوظیفی ة ب النموذج المحاف ظ‪ ،‬لحرص ه على م‬
‫ارع اةالتوازن بین مكون ات النظ ام االجتم اعي ومعارض ته للتغی یر‪ .‬ویرك ز التحلی ل‬
‫الوظیفي علىتوضیح المهام التي یسعى القائم باالتصال إلى تحقیقها‪ ،‬والنتائج التي تحدث‬
‫دون أن یه دف إلیه ا‪ .‬ویس عى في المس توى األول إلى قی اس ت أثی ارت عملی ة االتص ال‬
‫بش كل ع ام كعملی ة اجتماعی ة‪ ،‬وعلى مس توى ث ان ی درس وس یلة إعالمی ة أو أك ثر‪ ،‬وفي‬
‫المس توى الث الث یق وم بتحلی ل وس یلة االتص ال كمؤسس ة‪ ،‬أم ا المس توى ال ارب ع فی درس‬
‫أوجه النشاط اإلعالمیة األساسیة التي تتم بواسطة اإلعالم‪.43‬‬

‫إن تیار الوظیفیة السوسیولوجیة‪ ،‬كان محاولة إلعادة النظر في نظریة "السویل"(‬
‫ّ‬
‫‪ ، )Lasswell‬التي تنظر إلى االتصال كنقطة بدء ونقطة نهایة‪ ،‬فرفض هذا التیار المبدأ‬
‫المكیف حسب الوضعیات‪ ،‬متوقفا عند المتغی ارت‬ ‫ّ‬ ‫اآللي حول التأثیر المباشر غیر‬
‫النهایة‪.‬إن المقاربات التي یتیحهاالب اردیغم الوظیفي‬
‫ّ‬ ‫الوسیطیة‪ ،‬بین نقطة البدء ونقطة‬
‫عدیدة ‪،‬منها‪:‬‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪17‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫‪ 4-3-1‬نظری ة االس تخدامات واإلش باعات‪ :‬تبحث في اإلش باعات ال تي تحققه ا وس ائل‬
‫أن الجمه ور ینتقي وس یلة إعالمی ة معین ة بن اء على حاج ات یری د‬
‫اإلعالم للجمه ور‪ ،‬أي ّ‬
‫إشباعها‪ .‬في هذا السیاق‪ ،‬أصبح السؤال المطروح في البحوث اإلعالمیة‪ :‬ما الذي یفعله‬
‫الجمهور بوسائل اإلعالم؟ بدل ما الذي تفعله وسائل اإلعالم بالجمهور؟ الذي كان سائدا‬
‫في نظریات التأثیر المباشر‪.‬‬

‫عم ق تی ار االس تخدامات واإلش باعات في الثمانینی ات من الق رن الماض ي‪،‬‬


‫ّ‬
‫مفهوم ه الخ اص لل ق ارءة المتف اوض علیه ا‪ :‬المع نى والت أثی ارت تول د من تفاع ل‬
‫ان ف ك الرم وز یرتب ط بمدى مش اركة‬
‫النص وص واألدوار التي یض طلع به ا الجمه ور‪ٕ .‬و ّ‬
‫الجمهور في عملیة االتصال‪.‬‬
‫وترتبط المشاركة ذاتها بالطریقة التي تبني بها مختلف الثقافات دور المتلقي‪ .‬لقد شكل‬
‫المسلسل التلفزیوني داالس ‪ Dallas‬موضوعا یسمح بالتحري عن هذه الفرضیات‪ .‬وقد‬
‫أش رف األس تاذان"تام ار لیب اس"( ‪ )Tamar Liebes‬و"إیلیهوك اتز"‪ )Katz) Elihu‬على‬
‫فریق بحث إلج ارء مجموعة من البحوث المیدانیة‪ ،‬لتحلیل القارءات المنفردة التي تقوم‬
‫به ا المجموع ات الخاص ة داخل الثقاف ات المختلفة له ذا المسلسل‪ ،‬الذي تبث ه ك ل القنوات‬
‫التلفزیونیة في العالم‪.44‬‬
‫عملی ة صناعة األخبار‪ ،‬قد‬
‫األولوی ات‪ :‬والتي مفاده ا ّأن ه أثناء ّ‬
‫‪ 2 -4-3‬نظریة ترتیب ّ‬
‫الكم الهائ ل له ا‪ ،‬في ال وقت ال ذي ال‬
‫تقوموس ائل اإلعالم باختی ار بعض القض ایا من بین ّ‬
‫تكتس يفیه أهمی ة في أذه ان الجمه ور‪ ،‬وتص بح ه ذه القض ایا م ع م رور ال وقت‪ ،‬والتوكی د‬
‫مهم ة في أذهانه‪ .45‬ه ذا م ا جع ل "ك وهین"‪ ))Cohen‬یص رح بم ا‬ ‫علیه ا‪ ،‬وت ك ارره ا‪ّ ،‬‬
‫یمكن اعتب اره أص ل الص یاغة في نظری ة األجن دة‪ ،‬دون أن یس ّمیها ب ذلك‪» :‬بینم ا وس ائل‬
‫اإلعالم ال تق ول لنا كی ف یجب أن نف ّك ر‪ ،‬فإنه ا تك ون ناجح ة بصفة مذهل ة في تحدید م ا‬
‫نفكر حوله‪ ،‬وما الذي ینبغي أن نعرفه وأن نشعر به«‪.46‬‬

‫‪ 5- 4‬الباردیغم النقدي‪:‬‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪18‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫النقدی ة في بح وث وس ائل اإلعالم إلى ألمانی ا في إط ار "‬


‫ترج ع ج ذور ال ّد ارس ات ّ‬
‫النقدیة في الثالثینیات من القرن‬
‫دش نت د ارسات االتصال ّ‬ ‫مدرسة ف ارنكفورت"‪ ،‬التي ّ‬
‫الماضي‪ ،‬والتي اكتسبت هذه التّسمیة لمعارضتها للتیار األمبریقي األمریكي‪ُُ ،‬أ ّس َست سنة‬
‫‪ 1923‬من ط رف "م اكس هوركه ایمر"(‪ ،)Max Horkheimer‬و"فری دریك بول وك"(‬
‫‪،)PollockFreidrich‬‬
‫و"تی ودور أدورن و"(‪ ،)TeodorAdorno‬و"وال تر بنج امین" ( ‪،)Walter Benjamen‬‬
‫و"هربرتم اركیوز"(‪ )Herbert Marcuse‬المتأثرینبالنظری ة الماركس یة؛ حیث ر ّك زت‬
‫ِ‬
‫تحلیالتهم على العالقة بین وسائالإلعالم والثقافة‪ ،‬من خالل مقال لـ‬
‫"هوركه ایمروأدورنو"( ‪ )Horkheimer and Adorno‬س نة ‪ 1947‬بعن وان‪":‬اإلنت اج‬
‫الصناعي للمضامین الثقافیة"‪.47‬‬

‫للنظری ات النقدیة ذات الجذور واألصول الهیغلیة فیما یتعلقبالنظرة إلى‬


‫ّ‬ ‫ُیحسب‬
‫المؤسسة لمفهوم الهیمنة في عالقتها بالثروة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وأیض ا الماركسیة‬
‫ً‬ ‫العقل ومفهوم الجدلیة‪،‬‬
‫النقدی ة‬
‫ّ‬ ‫رب ط الص لة الوثیق ة بین العل وم االجتماعی ة والفلس فة‪ ،‬وتش مل ه ذه النظری ات‬
‫اتجاهین أساسیین هما‪:‬‬
‫اتج اه مدرس ة ف ارنكفورتوالنظری ة الثقافی ة النقدی ة‪ ،‬وأیض ا اتج اه نظری ة االقتص اد‬
‫أن الخی ط المنظم له ذین االتج اهین‪ ،‬ینه ل من المنطلق ات االجتماعی ة‬
‫السیاس ي‪ ،‬م ع العلم ّ‬
‫والفلسفة نفسها ‪،‬ویستند إلى المسوغات األساسیة للنظریات النقدیة‪.48‬‬

‫لق د تعام ل رواد ف ارنكف ورت ‪" :‬هوركه ایمر" ‪ ،‬و"هابرم اس"‪ ،‬و"م اركیوز" ‪،‬‬
‫و"أودورنو ‪"،‬و"آبل"‪ ،‬و"بنیامین"‪ ،‬مع الصیغ االجتماعیة من منطلقات واحدة في التفكیر‪،‬‬
‫واختلفوا في تحدید النتائج‪ ،‬وتأتى هذا االختالف من طبیعة النهج المعرفي لكل منهم في‬
‫وضع أسباب ونتائج الوضع االجتماعي الحالي‪ ،‬فض الً عن اجتهادهم في تقدیم مقترحات‬
‫مس تقبلیة للوض عما بع د االجتم اعي‪ .‬ویمكن تحدی د أهم المعطی ات النقدی ة لمدرس ة ف‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪19‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫ارنكفورت التي استطاعوا منخاللها مجابـهة األطروحات النقدیة لما بعد البنیویة‪ ،‬وخلخلة‬
‫منظومة التفكیك‪ ،‬كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬النظری ة‬ ‫‪ -‬نظری ة الفع ل التواص لي‬ ‫نق د العق ل األداتي‬ ‫‪-‬‬


‫االجتماعیة في نقد األیدیولوجیا‬

‫أطل ق على أطروح ات مدرس ة ف ارنكف ورت ‪ :‬النظریةالنقدی ة ( ( ‪Critical‬‬


‫‪ Theory‬التي تتس م من جملة م ا تمت از ب ه ب التركیز على تش ریح األنظم ة االجتماعیة‪،‬‬
‫للتوجه االجتماعي‪ ،‬وتحدید العالقة بین االجتماعي واالقتصادي‬
‫ّ‬ ‫المكونة‬
‫وتحدید العناصر ُ‬
‫واألی دیولوجي‪ ،‬وبی ان ت ركیب المنظوم ة االجتماعی ة الم ؤثرة على س لوك الف رد وحركت ه‬
‫المه ّددة بس یادة اآلل ة على ُمجم ل‬
‫في المجتم ع‪ ،‬في ظ ل أزمات ه النفس یة‪ ،‬وآفاق ه الممت ّدة ُ‬
‫نش اط الفـرد‪ ،‬فض الً عن الكش ف عن دور األقلی ات في النش اط االقتص ادي للمجتم ع‪،‬‬
‫وأهمیة تلك األقلیات في خلق ُب ٍؤ ٍر لألزمات المتصاعدة في حركته نظ ًار لما تعانیه من‬
‫نقص تجاهها‪ ،‬محاولة تعویض ذلك النقص باألزمة‪ ،‬وهذا التوجه یفسر أهمیة كون رواد‬
‫مدرسة ف ارنكفورت جمیعهم من الیهود األلمان‪.49‬‬
‫‪50‬‬
‫ویمكن إجماالً تحدید أهم الخصائص التي امتازت بـها مدرسة ف ارنكفورت باآلتي‪:‬‬

‫توجه النظریة النقدیة سلوك اإلنسان وأفعاله‪ ،‬وترى توجهها نقداً فاحصاً ألی دیولوجیا‬ ‫‪-‬‬
‫المجتمع الغربي وتعریة لها‪.‬‬
‫تختل ف النظری ة النقدی ة عن نظری ة العل وم الطبیعی ة‪ ،‬بك ون األخ یرة ذات ص بغة‬ ‫‪-‬‬
‫‪،‬أما األولى فذات صبغة تأملیة انعكاسیة لسلوكیات المجتمع‪ ،‬وتوجهاته‪،‬‬
‫موضوعیـة ّ‬
‫والسعي نحو نقدها‪.‬‬
‫البحث عن الحقیقة عن طریق استخدام النقد‪ ،‬والحقیقة لیست سابقة على النقد‪ّ ،‬إنما‬ ‫‪-‬‬
‫هي إف ارز للنق د ذات ه‪ ،‬وح تى یتم الوص ول إلى الحقیق ة‪ ،‬على النق د أن ُیحطم أوالً‬
‫األوهام والمظاهر الخادعة‪.‬‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪20‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫ٍ‬
‫مسار وحید ه و‪ :‬نقد ُس بل‬ ‫تش ترك النظری ة النقدی ة م ع نظری ات م ا بع د الحداث ة في‬ ‫‪-‬‬
‫الحداثة في العقلنة بأشكالها‪ :‬االجتماعیة‪ ،‬والفلسفیة‪ ،‬والتحلیل الثقافي ‪ ،‬واالهتمامات‬
‫السیاسیة‪.‬‬
‫االتف اق على أهمی ة المح ور اإلنس اني في العملی ة البنائی ة التاریخی ة للمجتمع ات‬ ‫‪-‬‬
‫البشریة‪.‬‬
‫نق د الرؤی ة الهیجیلی ة والماركس یة‪ ،‬وتق دیم رؤى جدی دة تنطل ق من أطروحاتهم ا‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الس یما فيمس ألة الص ارع وال وعي الطبقي‪ ،‬إذ تؤك د النظری ة النقدی ة غی اب ال وعي‬
‫الطبقي في المجتمعاتال أرسمالیة‪.‬‬
‫رصد أزمات المجتمع ال أرسمالي‪ ،‬ومحاولة توجیه ضربات نقدیة متتابعة‪ ،‬لبیان‬ ‫‪-‬‬
‫تحی ازته وممارساته السلطویة‪.‬‬
‫ّ‬
‫لق د درس ت السوس یولوجیا الوظیفی ة وس ائل اإلعالم باعتباره ا أدوات جدی دة لل دیمق‬
‫ارطی ة الجدی دة‪ ،‬وآلی ات مركزی ة في تنظیم المجتم ع‪ .‬وأق امت في ه ذا الس یاق‪ ،‬نظری ة‬
‫ام‪ ،‬أي‬ ‫ة للنظ‬ ‫اج القیم المجتمعی‬ ‫ادة إنت‬ ‫ألة إع‬ ‫ة لمس‬ ‫تعطي األولوی‬
‫‪51‬‬
‫فإن النظریات النقدیة ت رى‬ ‫األوضاعاالجتماعیةالقائمة‪ .‬وعلى عكس هذه الرؤیة‪ّ ،‬‬
‫أ ّن وظیف ة وس ائل اإلعالم هي مس اعدة أص حاب الس لطة في المجتم ع على ف رض‬
‫نف وذهم‪ ،‬والعم ل على دعم الوض ع الق ائم‪،‬ل ذلك ك انت ;د ارس اتهم النقدی ة لألوض اع‬
‫اإلعالمی ة وانتش ار "الثقاف ة الجماهیری ة" ب دیال عن الثقاف ة "ال ارقی ة"أو"الرفیع ة" ال تي‬
‫ترتقي بأذواق الجماهیر‪ ،‬لوضع تفسی ارت خاصة بانتشار صور المحتوى الذي تنشر‬
‫هو سائل اإلعالم للترویج لمصالح الفئات أو الطبقات المسیطرة على المجتمع‪.53‬‬
‫وك انت الثقاف ة الجماهیری ة مح ل نق د في األدبی ات الغربی ة یتعل ق بعمله ا في المج االت‬
‫‪53‬‬
‫التالیة‪:‬‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪21‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫ترسیخ قیم االمتثالیة‪ ،‬إذ تعمل هذه الثقافة على إنتاج نمط من اإلنسان الذي یؤدي‬ ‫‪-‬‬
‫دوره في المجتمع بصفة ساكنة‪.‬‬
‫القضاء على التنوع الثقافي في المجتمع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إنشاء مجتمع استهالكي بترویج بضائع مرتبطة باإلنتاج االحتكاري المربح…الخ ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 4-6‬الباردیغم التفسیري‪:‬‬
‫تح اول النظری ات التفس یریة ش رح األفع ال من خالل معانیه ا‪ ،‬وتأخ ذ ه ذه النظری ات‬
‫أشكاال متنوعة‪ .‬فالكثیر من النظریات التفسیریة تهتم بالرسائل أو النصوص‪ ،‬وتحاول‬
‫بعضها تحدید ما الذي یعنیه القائمون باالتصال بأحادیثهم أو مقاالتهم‪ ،‬أو ما یقومون‬
‫به من أشكال تعبیریة‪ ،‬ومن أبرز االتجاهات الفكریة في النظری ات التفسیریة االتجاه‬
‫الظ اه ارتي ال ذي ی درس المعرف ة ال تي تنش أ وتظه ر في الخ برة الواعی ة‪ .‬واالتج اه‬
‫الت أویلي ال ذي یهتم بالتفس یر النص ي للتعب یر اإلنس اني‪ .54‬ومن أب رز نظری ات ه ذا الب‬
‫اردیغم‪:‬‬
‫‪1 -4-6‬الظاهارتیة‪ :‬الفینومینولوجیا أو الظاه ارتیةهیمدرسةفلسفیة ترتكز على الخبرة‬
‫الحدس یة للظ واهر‪ ،‬ثم االنطالق نح و تحلی ل الظ اهرة س عیاً إلى فهم أعم ق لوج ود‬
‫اإلنس انوالعالم‪ .‬ملخص أفك ار ه ذه المدرس ة هي أنه ا تهتم ب الوعي اإلنس اني باعتب اره‬
‫الطریق الموصل إلى فهم الحقائق االجتماعیة‪،‬وخاصة بالطریقة التي یفكر بها اإلنسان‬
‫في الخبرة التي یعیشها‪ ،‬أي كیف یشعر اإلنسان بوعیه‪.‬‬
‫حاولت الفینومینولوجیا التي نشأت سنة ‪ 1901‬مع هوسرل (‪ ،)Husserl‬أنتتأمل العالم‬
‫تغی ره‪ .‬لذلك‪ ،‬وبرفضها ألنساق الماضي‪ ،‬فهي تقترح إلقاء نظرة جدیدة على‬
‫قبل أن ّ‬
‫األشیاء‪ ،‬متفطن ة إلى أس لوب ظهوره ا‪ ،‬ومبدی ة عنای ة أكبر بتعددیتها‪ .‬فه ل نجحت في‬
‫مشروعها؟ یبدو أنه من المبكر الحكم على ذلك‪ .‬لكن تظل هناك قناعة أو یقین ارسخ‬
‫أن حیویة الفینومینولوجیا ال یمكن التشكیك فیها الیوم ‪.55‬‬
‫یتمثل في‪ّ :‬‬
‫إن بروز الظاه ارتیة االجتماعیة كان نت اج تقلص مصداقیة االتجاه ات التقلیدیة‪ .‬إنها‬ ‫ّ‬
‫توفر میدانا ثریا لنقد علم االجتماع الوضعي الذي یقبل بسذاجة‪ ،‬ویتخذ العلوم الطبیعیة‬
‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪22‬‬
‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫نموذج ا للعل وم اإلنس انیة‪ .‬وفي معظم الح االت‪ ،‬ف إن البحث االجتم اعي یق ام وك أن ج ل‬
‫المس ائل والمش اكل المنهجی ة األساس یة ق د تم تجاوزه ا بص فة مرض یة‪ .‬في المقاب ل‪،‬‬
‫فالظاه ارتیة تعتبر ان المنهجیة في حد ذاتها ال بد أن تعالج كإشكالیة‪.56‬‬
‫إن الفینومینولوجیا تمتلك تاریخا متشابكا یحتل فیه مؤسسها "هوسرل" مكانة مركزیة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ویعكس ص ورتها الش ائكة ال تي ترتب ط في ج زء كب یر منه ا بوجودی ة م ا بع د الح رب‬
‫العالمیة ‪.‬‬
‫لكن ومع ذلك‪ ،‬فلیست وضعیتها ال ارهنة مثالیة‪ .‬ویخطئ الفینومینولوجیون إن ظنوا‬
‫في ظ ل الغلی ان الح الي‪ ،‬أنهم ف ازوا بالمعرك ة مق دما‪ .‬هن اك العدی د من الورش ات ال تي‬
‫تحی رهم‪ :‬األس بقیة الذاتی ة للیقین‪ ،‬ع ودة المكب وت‬
‫تنتظ رهم ‪،‬وتس اؤالت كب یرة ّ‬
‫‪57‬‬
‫المیتافیزیقي‪ ،‬صعوبة بناء نظریة اجتماعیة وسیاسیة ‪.‬‬
‫‪ 2 -4-6‬التفاعلی ة الرمزی ة‪ :‬ترك ز على التفاع ل ال ذي یع ني وق وع فع ل بین ف ردین‪،‬‬
‫ومحاول ة فهم ه ذه العملی ة‪ ،‬من خالل تفس یر المع اني ال تي یعطیه ا األف ارد ألفع الهم‪.‬‬
‫ویهتم هذا النموذج باللغة والرموز والمعاني المستخدمة في عملیات التفاعل‪ ،‬ویستخدم‬
‫مجموعة من المفاهیم كالدور‪ ،‬والذات‪ ،‬والفعل االجتماعي واألنظمة االجتماعیة‪ ،‬وبناء‬
‫المعنى‪ ،‬والتفاوض بین األف ارد والجماعات المتنافسة في المجتمع لتحسین أوضاعها‬
‫‪58‬‬
‫المحص لة الذهنیة والقصد المستهدف من أي تعبیر لغوي‬
‫ّ‬ ‫یعرف المعنى على ّأن ه‬
‫‪ّ .‬‬
‫أو لفظيكم ا ق د یك ون غ یر لفظي‪ ،‬حیث ینتج عن ه دالل ة التعب یر ال تي ق د یص احبها‬
‫تلوین ات فيالص وت أو إش ا ارت أو إیم اءات‪ ،‬كم ا یتك ون مع نى الجمل ة من ت داخل‬
‫وتفاع ل مع اني مكوناته ا‪ ،‬وهن اك المع نى األول ال ذي م دلول األلف اظ والت اركیب‬
‫والمدلول الثاني خاص باإلغ ارض التي ُی َساق فیها الكالم ‪.59‬‬
‫یعب ر الف رد عم ا بداخل ه من أفك ار‬
‫ترتب ط المع اني مباش رة باللغ ة‪ ،‬ال تي من خالله ا ّ‬
‫بناء على ما یحمله من‬
‫یتصرف حیال العالم الخارجي ً‬
‫ّ‬ ‫ویزودها بمعاني ‪ ،‬وعلیه فهو‬
‫ّ‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪23‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫الداخلی ة هي المس ؤولة عن إعط اء تعریف ات لتص رفاته‬ ‫مع ٍ‬


‫ان‪ ،‬وه ذه البنی ة المعرفی ة ّ‬
‫النظری ة وظّفه ا علم اء اإلعالم في تفس یر‬
‫الخلفی ة ّ‬
‫ّ‬ ‫معین ة‪ ،‬وه ذه‬
‫وس لوكاته في مواق ف ّ‬
‫بتدخلها في ترتیب‬
‫تأثیر وسائل اإلعالم في تشكیل معتقدات الفرد عن عالمه الحقیقي‪ّ ،‬‬
‫المعاني الداخلیة له في شكل جدول أعمال للموضوعات التي یف ّك ر فیها ووضعها في‬
‫محدد‪.60‬‬
‫أهمیتها أو لهدف ّ‬
‫تسلسل هرمي حسب ّ‬
‫‪ -5‬استخدام الباردیغم في بحوث اإلعالم واالتصال‪:‬‬
‫قب ل إعط اء أمثل ة ح ول توظی ف الب اردیغم في بح وث اإلعالم واالتص ال‪ ،‬تج در‬
‫أن هناك أسباب عدیدة تقف وارء إحجام العدید من الباحثین عن تبني‬
‫اإلشارة أوال إلى ّ‬
‫الب اردیغم كموج ه لبح وثهم‪ ،‬رغم أن طبیع ة د ارس تهم تتماش ى وف ق أطروح ات‬
‫وفرض یات ب اردیغم م ا‪ ،‬ك ان یمكن بتبنی ه من البدای ة اختص ار الكث یر من ال وقت‬
‫والجهد‪.‬‬
‫إن االعتق اد بص عوبة توظی ف ب اردیغم معین أثن اء إج ارء بحث علمي س واء على‬ ‫ّ‬
‫‪61‬‬
‫مستوى الماستر أو الماجستیر أو الدكتواره‪ ،‬یعود في مجمله إلى األسباب التالیة ‪:‬‬
‫إن الفكرة السائدة لدى الكثیر من طلبة علوم اإلعالم واالتصال‪ ،‬حول هذا التخصص‪،‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫كونه تخصص تطبیقي‪ ،‬یتمحور حول تعلم كیفیة تحریر األخبار‪ ،‬وتقدیمها‪ ،‬وأسالیب‬
‫إع داد الروبورت اج‪ ،‬وطریق ة تنش یط الحص ص التلفزیونی ة…الخ‪ ،‬تجعلهم یقلل ون من‬
‫أهمیة المقاییس الفكریة التي یدرسونها‪ ،‬والتي ال یدركون أهمیتها إاّل أثناء إعداد مذك‬
‫ارت التخرج أو رسائل الماجستیر أو الدكتواره ‪.‬‬
‫‪ -‬عدم إلمام الطلبة بالمادة العلمیة المتعلّقة بالب اردیغمات‪ ،‬وقد تتوفر للطالب فكرة عن‬
‫ه ذا الب اردیغم أو ذاك‪ ،‬لكن لیس ب الكم الك افي ال ذي یس مح ل ه ب أن یتح ّكم في كیفی ة‬
‫االستفادة منه‪ ،‬وطریقة توظیفه في البحث‪.‬‬
‫ملم ا ب ه‬
‫‪-‬ع دم إد ارك الط الب لكیفی ة توظی ف الب اردیغم في بحث ه‪ ،‬رغم أن ه ق د یك ون ّ‬
‫تبن اه كموجه لد ارسته‪،‬‬‫بشكلجید‪ ،‬فنجده یشیر في بدایة الد ارسة إلى الب اردیغم الذي ّ‬
‫لكن ال نجد لهأث ار في باقي أج ازء البحث‪ ،‬أو أثناء عرض نتائج الد ارسة‪.‬‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪24‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫أن توظی ف الب اردیغم في البحث العلمي یس تهلك جه دا‬ ‫‪-‬یعتق د بعض الطلب ة ّ‬
‫أك بر ‪،‬ویحت اج إلى وقت أط ول‪ .‬فیتحجج ون بض یق ال وقت‪ ،‬واآلج ال المح ّددة إلی داع‬
‫األعمال ‪.‬‬
‫ك ل هذه األفك ار واألحك ام المس بقة‪ ،‬یمكن تجاوزها ت دریجیا‪ ،‬إذا م ا أدركن ا أهمی ة الب‬
‫اردیغم في توجیه البحث العلمي‪ ،‬والقیمة المضافة التي یضفیها على نتائج الد ارسة‪.‬‬
‫وهناك العدید من األطر النظریة التي یمكن أن یستفید منها الباحثون‪ ،‬ویستعینون بها‬
‫في شرح وتفسیر عناص ر د ارستهم اإلعالمی ة‪ .‬وفیم ا یلي أمثل ة حول توظی ف بعض‬
‫األطر النظریة في الد ارسات اإلعالمیة‪:‬‬
‫في مج ال االتص ال التنظیمي في عل وم االتص ال‪ ،‬اس تعار الب احثون من الس یبرنیطیقا‬
‫مفاهیم نظریة‪ ،‬كمفهوم مسار المعلومة ومفهوم التح ّكم‪ .‬یسمح الب اردیغمالسیبرنیطیقي‬
‫باعتب ار التنظیم كش بكة اتص ال تع بر من خالل مختل ف العق د‪ .‬فیمكن متابع ة الم رو‬
‫ارلت دریجي للمعلوم ة من خالل ه ذه العق د‪ ،‬من أج ل تق ییم كیفی ة ت أثیر الش بكة على‬
‫اإلنجازیة‪ ،‬المردودیة والرضى في الجماعة‪ .‬بهذه الطریقة تسمح المعلومة المحصلة‬
‫بتقلیص نسبة الشك‪ .‬وذلك بزیادة التحكم‪ ،‬بل وحتى المعالجة في التنظیمات‪.62‬‬
‫في حین تس محالمقاربة الوظیفی ة بفحص ال تركیب والوظیف ة الل ذین یش كالن‬
‫التنظیم ات ‪،‬وك ذلك الدینامی ة في العالق ات ال تي له ا ش كل بین أعض اء ه ذه المنظم ات‪.‬‬
‫وٕا ذا أردنا د ارسة بنى وسائل اإلعالم نعتمد الب اردیغم السائد في هذا النوع من الد‬
‫ارسات‪ ،‬ألننا حین نقوم باالتصال نقوم به بواسطة كیان منظم‪ ،‬أي له وظائف ووسائل‬
‫وأهداف‪.63‬فمثال إذا أردت د ارسة تأثیر قناة تلفزیونیة على الجمهور‪ ،‬ولتكن مثال قناة‬
‫ثم د ارس ة‬
‫الش روق اإلخباری ة‪ ،‬فهن ا أدرس بنیته ا كمؤسس ة أي مم ا تتك ون؟ ومن ّ‬
‫أهدافها ووظائفها ‪.‬‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪25‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫ولنأخ ذ مث اال آخ ر عن د ارس ة تتن اول دواف ع ق ارءة ص فحات الح وادث مثال‪ ،‬یمكن‬
‫لهذه الد ارسة أن تستعین باإلطار النظري الخاص باالستخدامات واإلشباعات‪ ،‬حیث‬
‫تتعدد الرؤى النظریة داخل هذا اإلطار التي ترصد أنواعا مختلفة من اإلشباعات منها‬
‫ّ‬
‫‪64‬‬
‫وهكذا‬ ‫المعرفیة‪ ،‬ومنها الوجدانیة‪ ،‬ومنها إشباعات خاصة بالتسلیة وتمضیة الوقت‬
‫یمكن للد ارسة أن تنطلق من هذا المدخل النظري لتفسیر السلوكیات االتصالیة ألف‬
‫ارد الجمه ور في مج ال تعرض هم لم ادة الح وادث في الص حف‪ ،‬عن طری ق رص د‬
‫اإلشباعات التي تحققها هذهالمضامین النوعیة‪.‬‬
‫إن الرسائل اإلعالمیة ال تؤثر إال إذا كان الجمهور مستقبال لها (مثال‪ :‬اإلع ارض عن‬
‫ّ‬
‫اإلعالم الرسمي‪ ،‬والتطلع على اإلعالم الخاص‪ :‬مثال متابعة أحداث الثوارت العربیة‬
‫من خالل قن اة الجزی رة أو العربی ة)‪ .‬كم ا التفت ه ذا التی ار إلى د ارس ات الجمه ور‪،‬‬
‫والتوقعاتالخاص ة بالحاج ات ال تي یص بو إلیه ا (ترك یز الرس ائل اإلعالمی ة في تناوله ا‬
‫لموضوع الثوارت العربیة على الحریات‪ ،‬حقوق االنسان‪ ،‬محاربة الفساد‪).‬‬
‫أما المدرسة النقدیة‪ ،‬فتهتم في بحوثها حول اإلعالم واالتصال ببعض التساؤالت التي‬
‫ینبغي اإلجابة عنها من أجل فهم الظاهرة االتصالیة في المجتمعات الغربیة‪ .‬وأهم هذه‬
‫‪65‬‬
‫التساؤالت‪:‬‬
‫‪ -‬لصالح من؟‬ ‫‪ -‬لماذا؟‬ ‫‪ -‬من یتحكم في االتصال؟‬
‫انطالقا من هذه التساؤالت‪ ،‬اتجهت جهود الباحثین إلى محاولة معرفة الحقائق الخفیة‬
‫وارء هذا النظام المهیمن‪ ،‬الذي یعمل ویتحرك عن طریق التستّر( ‪،)Dissimulation‬‬
‫االتصال‪..‬إن إغفال السیاق‬
‫ّ‬ ‫وهو ما جعل الباحثین یؤكدون على السیاق الذي یعمل فیه‬
‫في نظ رهم یغ یر حقیق ة العملی ة االتص الیة‪ .‬وتمت د خص ائص ه ذا المجتم ع إلى وس ائل‬
‫االتصال التي تتصف باالحتكار ونشر د ارما اتصالیة في شكل ثقافة جماهیریة تسعى‬
‫إلى توف یر القاس م المش ترك من األذواق واألفك ار وس ط واق ع شاس ع من التش تت في‬
‫مجال االتصال‪.‬‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪26‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫أن وس ائل‬
‫ٕوٕا ذا أس قطنا افت ارض ات التفاعلی ة الرمزی ة على وس ائل اإلعالم‪ ،‬نج د ّ‬
‫اإلعالم تمث ل ج زء مركزی ا من عملی ات االتص ال في المجتمع ات الحدیث ة‪ ،‬فهي تق دم‬
‫بالص ورة والكلم ة تفس ی ارت للواق ع ال ذي یض في علی ه من یتلق ون الرس الة اإلعالمی ة‬
‫ص بغة ذاتی ة‪ .‬والن اس یمكن ن تقیم أبنی ة ذاتی ة ومش تركة لمع نى الواق ع الم ادي‬
‫واالجتم اعي ال ذي یعیش ونه من خالل م ا یقرؤون ه أو یس معونه أو یش اهدونه‪ .‬من ثم‪،‬‬
‫فإن سلوكهم الشخصي واالجتماعي یمكن أن یتحدد جزئیا من خالل التفسی ارت التي‬
‫تقدمها وس ائل اإلعالم لألحداث االجتماعیة والقضایا التي ال توجد مصادر معلومات‬
‫بدیل ة عنه ا‪ .‬وه ذا ه و أح د أعق د وأهم النم اذج المس تخدمة في أبح اث االتص ال‪ .‬وه و‬
‫ض روري لفهم التأثی ارت غ یر المباشرة والبعیدة المدى لإلعالم سواء بالنسبة لألف‬
‫ارد أو المجتمع ككل‪.66‬‬
‫كذلك یمكننا أن نقدم مثاال آخر عن توظیف اإلطار النظري في د ارسات الجمهور‪،‬‬
‫أن هن اك باحث ا ی درس دور نش ارت األخب ار في التلفزی ون‪ ،‬في تعری ف‬ ‫فلنف ترض ّ‬
‫الجمه ور بقض ایا وأح داث البیئ ة المحیط ة ب ه‪ ،‬یمكن للب احث في ه ذه ال د ارس ة أن‬
‫یس تعین باإلط ار النظري الخ اص بنظری ة الفج وة المعرفی ة‪ ،‬والتي تنطل ق من فرضیة‬
‫عام ة مفاده ا أن ه م ع الت دفق الهائ ل للمع ارف والمعلوم اتفي مج ال ت دفق المعلوم ات‬
‫إن الفئ ات ذات المس توى التعلیمي األعلى‪ ،‬وذات‬
‫والمع ارف ع بر وس ائل اإلعالم‪ ،‬ف ّ‬
‫المس توى االقتص ادي واالجتم اعي األعلى ك ذلك‪ ،‬س تقوم بتحص یل المع ارف بص ورة‬
‫‪67‬‬
‫وقدم‬
‫أكبر‪ ،‬وبش كل أسرع عن غیرها‪ ،‬مم ا ی ؤدي إلى حدوث فج وات في المجتمع ‪ّ .‬‬
‫العدی د من الب احثین بع د ذل ك إض افات له ذا الم دخل النظ ري‪ ،‬تض ّمنت رص د ع دد من‬
‫العوام ل الوس یطة ال تي ح اولوا اختب ار مس ؤولیتها في إح داث الفج وات المعرفی ة بین‬
‫األف ارد‪ ،‬مثل نمط االستخدام‪ ،‬وتعامل الفرد مع وسائل اإلعالم‪ ،‬ومدى وجود دوافع‬
‫لدى الفرد للتعرض وغیر ذلك‪.‬‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪27‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫من خالل ه ذا اإلط ار النظ ري بمفاهیم ه وعناص ره‪ ،‬یمكن للب احث أن یوظف ه لتفس یر‬
‫نتائج ه المتوص ل إلیه ا في د ارس ته‪ ،‬كم ا ت تیح ل ه مجموع ة من الف روض یمكن أن‬
‫یختبره ا‪ ،‬تتعل ق ب دور وت أثیر الس مات الشخص یة للف رد وارتباطه ا بتحص یل المع ارف‬
‫من نش ارت األخبار ‪،‬وتأثیر مدى انخ ارط الفرد في أنشطة المجتمع‪ ،‬ومدى اهتمامه‬
‫بالقضایا المثارة إعالمیا‪.68‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫إن التی ا ارت ال تي ظه رت في العش رینیات والثالثینی ات واألربعینی ات من الق رن‬ ‫ّ‬
‫الماض ي في الوالی ات المتح دة األمریكی ة ال ت ازل س ائدة ح تى اآلن‪ ،‬كم ا ال ت ازل‬
‫المقارب ات المنهجی ة والنظری ة ال تي تم اس تعارتها من می ادین العل وم اإلنس انیة‬
‫واالجتماعیة‪ ،‬تلعب دوار مهما في تحدید مشكالتها البحثیة‪ ،‬لكن بدأ االعتماد على هذه‬
‫تتحدى‬
‫المقاربات التقلیدیة في الت ارجع في ظل تطور وسائل اإلعالم الجدیدة‪ ،‬والتي ّ‬
‫الد ارسات القائمة على المنظور الوظیفي الذي انتهجته هذه الد ارسات من قبل‪ .‬مع‬
‫السعي الستحداث مقارباتتنظر للموضوعات البحثیة في إطار أعم وأوسع من اإلطار‬
‫الذي یحكم بیئة العمل في وسائل اإلعالم التقلیدیة‪.69‬‬
‫إن وجود مثل هذا العدد الكبیر من النماذج النظریة التي یمكن االختیار من بینها‪ ،‬ی تیح‬
‫ّ‬
‫ممی ازت ك برى لعلم اء االتص ال‪ ،‬فك ل نم وذج یق دم مجموع ة من االفت ارض ات‬
‫األساس یة ح ول الظ روف اإلنس انیة س واء على مس توى الف رد أو المجتم ع‪ ،‬وهي تق دم‬
‫أوص افا ش املة للتنظیم واألداء‪ ،‬أو عملی ات التغی یر في المجتم ع‪ ،‬أو تح ّدد العوام ل‬
‫ك م في سلوك الفرد‪.70‬‬‫النفسیة التي تتح ّ‬
‫فإن ه ال یجب أن ننظ ر إلى حقیق ة‬
‫وحس ب "میلفین دیفلر" و"س اند ار ب ول روكیتش"‪ّ ،‬‬
‫التنافس بین بعض النماذج التي تفسر شیئا واحدا كمصدر للبلبلة والحیرة كما في حالة‬
‫الس لوكیة في موجه ة النم وذج المع رفي لتفس یر وش رح س لوك الف رد‪ .‬والم رء لیس في‬
‫حاجة إلى أن یقرر أي هذه النماذج هو الصحیح حقیقة‪ .‬فبشكل ما یمكن اعتبارها كلها‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪28‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫ص حیحة‪ ،‬أو یمكن اعتب ار أي واح د منه ا ص حیحا‪ ،‬من حیث أن ه یق دم مجموع ة من‬
‫األدوات النظریة التي یمكن من خاللها استخالص وتكیل المزید من المفاهیم المحددة‬
‫‪71‬‬
‫‪.‬إن وص ف تخص ص اإلعالم واالتص ال بملتقى‬‫لفهم وش رح ظ اهرة اتص الیة معینة ّ‬
‫وجهت‬‫جلی ة من خالل هذه الب اردیغمات األساسیة التي ّ‬
‫التخصصات‪ ،‬یبرز بصورة ّ‬
‫البحث في مج ال عل وم اإلعالم واالتص ال‪ ،‬وهي متع ددة‪ ،‬ومختلف ة من حیث الخلفی ات‬
‫والتوجهات واألهداف‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫‪1‬توماس كون ( ‪ ،)1996 -1922‬یعتبر من فالسفة العلم أو لنقل من مؤرخیه‪ ،‬سنة ‪ 1962‬تبوأ مكانا‬
‫متمی از في الس احة العلمی ة خصوص ا بع د ص دور كتاب ه "بنی ة الث وارت العلمی ة"‪ .‬بع د ذل ك عین أستاذا‬
‫بجامع ة (برینس تون) " ‪ ،"Princeton‬ثم انتق ل إلى جامع ة "بوس طن" (‪ ،)Boston‬حیث عم ل به ا ح تى‬
‫‪ .1991‬اهتم‬
‫منصبا‪ ،‬باإلضافة إلى الجانب المع رفي‪ ،‬على الجوانب‬
‫ّ‬ ‫"كون" بدینامیة الجماعات العلمیة‪ ،‬فكان تحلیله‬
‫محد دات ال مناص منها لفهم الدینامیة التي تحكم النظریات العلمیة ‪.‬‬
‫االجتماعیة والتاریخیة باعتبارها ّ‬
‫‪2‬ترجم الكتاب إلى ‪ 19‬لغة‪ ،‬وبیعت أكثر من ‪ 740000‬نسخة باللغة االنجلیزیة بین ‪1962‬و ‪.1990‬‬
‫‪3‬حسین س عد‪( ،‬البرادیغم ات المس یطرة في عل وم اإلعالم واالتص ال وٕا ش كالیاتها المعرفی ة)‪ ،‬مس اهمة في‬
‫حلقة بحثیة بعنوان " الب اردیغمات العلمیة" لطالب الدكتواره اللبنانیة‪،2011 ،‬ص ‪.03‬‬
‫‪4‬‬
‫)تاریخ الزیارة‪http://www.larousse.fr/dictionnaires/francais/paradigm e/57869 :‬‬
‫‪(2018/01/28‬‬
‫‪5‬‬
‫)تاریخ الزیارة‪https://en.oxforddictionaries.com/definition/paradigm(2018/01/28 :‬‬
‫‪6‬حس ن الحری ري‪ ،‬التأوی ل اإلبستیمولوجیالالوض عاني بین ب اردیغم توم اس ك ون وبرن امج بحث‬
‫إیمرالك اتوس‪ ،‬مؤسس ة د ارس ات وأبح اث مؤمن ون بال ح دود‪،‬الرب اط – أك دال‪ ،‬المملك ة المغربی ة‪،‬‬
‫‪ ،2016‬ص ص‪.04 - 03‬‬
‫‪7‬‬
‫توماس كون‪ ،‬بنیة الثورات العلمیة‪ ،‬ترجمة‪:‬حیدر حاج إسماعیل‪ ،‬المنظمة العربیة للترجمة‪ ،‬بیروت‪،‬‬
‫ط‪،1‬‬
‫‪ ،2007‬ص ‪.136‬‬
‫‪8‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.64‬‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪29‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫‪9‬‬
‫الحسن اللحیة‪ http://www.hassanlahia.com/2015/08/blog-:،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪( post_20.html‬مفهوم الباردیغم)‪ ،‬نقال عن موقع‪10‬‬
‫(تاریخ الزیارة‪.)10/02/2018 :‬‬
‫‪11‬‬
‫توماس كون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫‪12‬حسین سعد‪( ،‬البرادیغمات المسیطرة في علوم اإلعالم واالتصال وٕا شكالیاتها المعرفیة)‪ ،‬مرجع سبق‬
‫ذكره‪ ،‬ص ص ‪.16- 15‬‬
‫‪13‬الحسن اللحیة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪14‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫حسن الحریري‪( ،‬التأویل اإلبستیمولوجیالالوضعاني بین باردیغم توماس كون وبرنامج بحث‬
‫إیمرالكاتوس)‪ ،‬مؤسسة د ارسات وأبحاث مؤمنون بال حدود‪ ،‬الرباط – أكدال المملكة المغربیة‪،2016 ،‬‬
‫ص‪.03‬‬
‫‪16‬‬
‫أالن ال ارمي‪ ،‬برنارد فالي‪ ،‬البحث في االتصال عناصر منهجیة‪ ،‬ترجمة‪ :‬میلود سفاري وآخرون‪،‬‬
‫مخبر علم اجتماع االتصال‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطینة‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪17‬‬
‫حسن الحریري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫‪18‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‬
‫‪19‬أالن ال ارمي‪ ،‬برنارد فالي‪،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪20‬‬
‫توماس كون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.59 -58‬‬
‫‪21‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪22‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.83‬‬
‫‪23‬‬
‫حسن الحریري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫‪24‬‬
‫أالن ال ارمي‪ ،‬برنارد فالي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫‪ 25‬میلفین ل‪ .‬دیفلر‪ ،‬ساند ار بول روكیتش‪ ،‬نظریات وسائل اإلعالم‪ ،‬ترجمة‪ :‬كمال عبد الرؤوف‪ ،‬الدار‬
‫الدولیة لالستثما ارت الثقافیة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2002 ،04‬ص‪.63‬‬
‫‪ 26‬حسین سعد‪( ،‬الباردیغمات المسیطرة في علوم اإلعالم واالتصال وٕا شكالیاتها المعرفیة)‪،‬مرجع سبق‬
‫ذكره‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪ 27‬محمد شومان‪( ،‬إشكالیات تحلیل الخطاب في الدارساتاإلعالمیة العربیة‪ :‬الدراسات المصریة نموذجا)‪،‬‬
‫المجلة العلمیة لكلیة اآلداب‪ ،‬جامعةالمنیا‪ ،‬أبریل ‪.2004‬‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪30‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫‪ 28‬عبد الرحمان عزي‪( ،‬اللغة واالتصال)‪ ،‬الموسوعة العربیة للمعرفة من أجل التنمیة المستدامة‪ ،‬األكادیمیة‬
‫العربیة للعلوم‪ ،‬بیروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬المجلد الثالث‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص‪.245‬‬
‫‪29‬میلفین ل‪ .‬دیفلر‪ ،‬ساند ار بول روكیتش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫‪30‬‬
‫حمدي حسن‪ ،‬االتصال وبحوث التأثیر في دراسات االتصال الجماهیري‪ ،‬كویك حمادة الجریسي‬
‫للطباعة‪ ،‬مصر ‪ ،‬ص‪.82‬‬
‫‪31‬‬
‫محمد عبد الحمید‪،‬نظریات اإلعالم واتجاهات التأثیر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،2004 ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪32‬ف﷼ مهنا‪ ،‬علوم االتصال والمجتمعات الرقمیة‪ ،‬دار الفكر المعاصر‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2002‬ص ‪.127‬‬
‫‪33‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.142‬‬
‫‪34‬‬
‫محمد عبد الحمید‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.235‬‬
‫‪35‬‬
‫عین ة من‬
‫آلی ات التلقّي اإلعالمي ل دى جمه ور وس ائل اإلعالمدارس ة تج ریب ّی ة على ّ‬
‫نجیب بخ وش‪ّ ،‬‬
‫م ِ‬
‫شاهدي‬ ‫ُ‬
‫كلی ة عل وم اإلعالم و االتصـال‪ ،‬قس م اإلعالم‪ ،‬جامعـة‬
‫التلفزیونی ة‪ ،‬أطروح ة دكت واره‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫اإلخباری ة‬
‫ّ‬ ‫النش ارت‬
‫ّ‬
‫الج ازئـر ‪ ،3،20154/201‬ص‪.57‬‬
‫‪36‬‬
‫اردیغمینظ ر‪:‬ریمونروی ه‪،‬السیبرنتیكوأص ل اإلعالم‪ ،‬ترجم ة‪ :‬ع ادل الع وا‪ ،‬وازرة‬
‫ُ‬ ‫للمزی د ح ول ه ذا الب‬
‫الثقافة‪ ،‬دمشق‪.1971 ،‬‬
‫‪37‬كانت القوات العسكریة األمریكیة تواجه صعوبة كبیرة في إسقاط الطائ ارت األلمانیة التي كانت ت‬
‫اروغ بس رعة كب یرة‪ ،‬وأس ندت مهم ة ح ل المش كلة إلى الع الم "ن وربرت فی نر" م ع فری ق من العلم اء من‬
‫مختلف التخصصات كالطب‪ ،‬الریاضیات‪ ،‬علم النفس وغیرها‪ ،‬وتمكن "فینر" من إنشاء جهاز مكون من‬
‫مدفعیة أرضیة وآلة حاسبة‪،‬حیث یتم تزوید اآللة الحاسبة بمعلومات مستمرة حول موقع الطائرة‪ ،‬ومن ثم‬
‫یتم الكشف عن موقعها الالحق‪ ،‬وكانت هذه بدایة السیبرنیطیقا التي تقوم على رجع الصدى‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫أرمان ماتالر‪ ،‬میشال ماتالر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫‪39‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.79-78‬‬
‫‪40‬غي الكروا‪( ،‬السیبرنطیقا والمجتمع‪ :‬نوربرت فینر أو نكسات فكر متمرد)‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد أسلیـم‪ ،‬نقال‬
‫عن‬
‫موقع‪) http://www.aslim.ma/site/articles.php:‬تاریخ الزیارة‪.(2018/02/18 :‬‬
‫‪41‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪31‬‬
‫د‪/‬سعاد‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانیة‬
‫ساري‬

‫‪42‬أالن ال ارمي‪ ،‬برنارد فالي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.70‬‬


‫‪43‬‬
‫محمد شومان‪ ،‬إشكالیات قیاس الرأي العام‪ ،‬دار الكتب العلمیة للنشر والتوزیع‪ ،‬القاهرة‪ ،1999 ،‬ص‬
‫ص‬
‫‪.30- 29‬‬
‫‪44‬‬
‫أرمان ماتالر‪ ،‬میشال ماتالر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪168.-167‬‬
‫‪45‬عب د ال رحمن ع زي‪،‬الس عید بومع یزة‪ ،‬اإلعالم والمجتم ع" رؤی ة سوس یولوجیة م ع تطبیق ات على المنطق ة‬
‫العربیة واإلسالمیة"‪ ،‬الورسم للنشر والتوزیع‪ ،‬الج ازئر‪ ،2010،‬ص ‪.110‬‬
‫‪46‬بشیر العالق‪ ،‬نظریات االتصال "مدخل متكامل"‪ ،‬دار الیازوري العلمیة للنشر‪ ،‬عمان‪ ،2009 ،‬ص‪.85‬‬
‫‪47‬‬
‫‪Valérie Sacriste, Communication et médias " Sociologie de l’espace‬‬
‫‪médiatique",France, éditions Foucher ,2007,p306.‬‬
‫‪48‬‬
‫كمال‬ ‫یُنظر‪:‬‬ ‫النظریة النقدیة‬ ‫حول‬ ‫للمزید‬
‫بومنیر‪،‬النظریةالنقدیةلمدرسةفارنكفورت‪:‬‬
‫منماكسهوكهایمٕارلىآكسلهونیث‪،‬لبنان ‪-‬الج ازئر‪،‬الدا ارلعربیةللعلومناشرون‪ -‬منشوارتاالختالف‪.2010 ،‬‬
‫‪49‬رمضان بسطاویسي محمد‪ ،‬علم الجمال لدى مدرسة فارنكفورت‪ :‬أدورنو نموذج اً‪ ،‬المؤسسة الجامعیة‬
‫للد ارسات والنشر‪ ،‬بیروت‪،‬ط‪،1،1998‬ص‪.15‬‬
‫‪50‬‬
‫‪Philippe Cabinet Jean-François Dortier, La sociologie: histoire et idée, Paris,‬‬
‫‪112Sciences Humaines éditions, 2000, p.‬‬
‫‪51‬أرمان ماتالر‪ ،‬میشال ماتالر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪52‬حمد عبد الحمید‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.147‬‬
‫‪53‬‬
‫عبد الرحمان عزي‪ ،‬دراسات في نظریة االتصال نحو فكر إعالمي متمیز‪ ،‬مركز د ارسات الوحدة‬
‫العربیة‪ ،‬بیروت‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬ص‪.83‬‬
‫‪54‬حمدي حسن‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.86‬‬
‫‪ 55‬بوبكر بوخریسة‪ ،‬مذاهب الفكر األساسیة في العلوم اإلنسانیة‪ ،‬منشوارت االختالف‪ ،‬الج ازئر‪ ،‬منشوارت‬
‫ضفاف‪ ،‬بیروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2013 ،1‬ص‪.229‬‬
‫‪ 56‬عبد الرحمان عزي‪ ،‬الفكر االجتماعي المعاصر والظاهرة اإلعالمیة االتصالیة‪ ،‬بعض األبعاد الحضاریة‪،‬‬
‫دار األمة‪ ،‬الج ازئر‪،1995 ،‬ص‪. 55‬‬
‫‪57‬‬
‫بوبكر بوخریسة‪،‬م رجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.229‬‬
‫‪58‬محمد شومان‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫جامعة محمد خیضر بسكرة‪ -‬سبتمبر‬ ‫‪32‬‬


‫‪2017‬‬
‫مجلة العلوم‬ ‫الباردیغم في علوم اإلعالم واالتصال‪...‬‬
‫اإلنسانیة‬

‫‪ 59‬منیر حجاب ‪ ،‬الموسوعة اإلعالمیة‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزیع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المجلد السادس‪،‬ص ‪.2270‬‬
‫‪60‬ع امر مص باح ‪ ،‬اإلقن اع االجتم اعي " خلفیت ه النظری ة وآلیت ه العملی ة "‪،‬الج ازئ ر‪ :‬دی وان المطبوع ات‬
‫الجامعیة‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص ‪.54‬‬
‫‪61‬‬
‫تنبع هذه المالحظات أساسا من االحتكاك المباشر مع الطلبة والباحثین في مستویات مختلفة‪ :‬تدرج وما‬
‫بعد التدرج‬
‫‪62‬‬
‫أالن ال ارمي‪ ،‬برنارد فالي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫‪63‬حسین سعد‪ ،‬باردیغمات البحوث اإلعالمیة اإلبستمولوجیا – اإلشكالیات – األطروحات‪ ،‬دار المنهل‬
‫اللبناني‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2017 ،1‬ص‪.178‬‬
‫‪ 64‬شریف درویش اللبان‪ ،‬هشام عطیة مقصود‪ ،‬مقدمة في مناهج البحث العلمي‪ ،‬الدار العربیة للنشر والعلوم‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2012 ،2‬ص‪.80‬‬
‫‪ 65‬عزیز لعبان‪( ،‬الخلفیة النظریة لبحوث اإلعالم وعوامل بروزها)‪ ،‬الوسیط في الد ارسات الجامعیة‪ ،‬دار‬
‫هومة‪ ،‬الج ازئر‪ ،‬الجزء ال اربع‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪66‬میلفین ل‪ .‬دیفلر‪ ،‬ساند ار بول روكیتش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪67‬شریف درویش اللبان‪ ،‬هشام عطیة مقصود‪،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪..80‬‬
‫‪68‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪69‬‬
‫السید بخیت‪ ،‬الجدید في بحوث الصحافة‪ ،‬مدارس غربیة واسهامات عربیة‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪ ،‬العین‬
‫‪ -‬اإلما ارت العربیة المتحدة‪ ،‬ط‪ ،2011 ،1‬ص‪129‬‬
‫‪70‬میلفین ل‪ .‬دیفلر‪ ،‬ساند ار بول روكیتش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪71‬المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬

‫‪2017‬‬ ‫سبتمبر‬
‫‪33‬‬

You might also like